Main menu

Pages

رواية ومقبل ع الصعيد الفصل الخامس عشر والسادس عشر بقلم رانيا الخولي

رواية ومقبل ع الصعيد الفصل الخامس عشر والسادس عشر بقلم رانيا الخولي 


 15 =الفصل الخامس عشر

اجتمع الجميع على مائدة الإفطار بسعادة بالغة بوجود مصطفى

كان عمران ينظر إليهم بسعادة غامرة وشعر باكتمال أسرته، ورويدًا رويدًا سيعود كل شئٍ لما كان عليه من قبل.

لكن ذلك المحتج له رأيٌ آخر عندما تحدث بتبرم

_ وانت چاي عشان تاخد أختك ولا چاي زيارة؟

بوغت مصطفى بسؤاله وكذلك سارة التي تبدلت ملامحها للخوف فتنظر إلى أخيها بتوجس تنتظر رده

_ بصراحة بابا كان بعتني الأول عشان أجيبها

أنقبض قلبها خوفًا ونظرت إلى جاسر تستنجد به لكنه لم يبالي بها وأردف مصطفى

_ بس بابا لما لاحظ فرحتي وأد أيه أنا عايز أشوفكم وأتعرف عليكم، فاجئني وانا جاي بأني أقعد معاكم زي ماأنا عايز

تراقص الأمل بداخل جليلة بعودته مرة أخرى وسألته بلهفة

_ مجالكش انه هياچي

أخفض مصطفى عينيه وبهت آثر سؤالها ورد بهدوء

_ أكيد طبعًا بس هو مشغول آوي الفترة دي وأكيد بعد ما يخلص شغله هييجي.

هزت جليلة رأسها بعدم تصديق فيرفع جمال ذلك الإحراج عن الجميع قائلاً برباطة جأش

_ بكرة ليلى بنتي چاية هى ومعتز وحازم وإن شاء الله هنخليه أحتفال بوچودكم معانا.

لم يجد مصطفى الكلمات التي تصف مدى امتنانه لهم وخاصةً عندما ربت جمال على يده وهو يقول بترحاب

_ نورت الدار والبلد كلياتها.

ابتسم بحب

_ منوره بيكم ياعمي.

أنتهى دوامها وقررت العودة إلى المنزل كي تستعد للسفر

حملت حقيبتها وهمت بالذهاب لكن حنينها هزمها تلك المرة لتقرر الذهاب إليه كي تودعه قبل رحيلها وكأنها سترحل دون عودة.

طرقت الباب قبل دخولها لتتفاجئ بالغرفة فارغة

فينقبض قلبها خوفًا عليه، أسرعت بالخروج وسؤال إحدى الممرضات فأخبرتها أنه في قسم الأشعة

أغمضت عينيها بألم تحاول تهدئة أعصابها التي أنهارت إثر تلك الصدمة.

ذهبت  إلى قسم الأشعة لتجده مستلقيًا على سرير الأشعة يكاد لا يشعر بشئٍ من  حوله، تسارعت وتيرة تنفسها وهي تراه بتلك الحالة نظرت إلى عصام الذي يباشر  الأشعة مع الطبيب المختص بها وسألته بقلق

_ دكتور عصام أيه اللى حصل؟

هز عصام رأسه بقلق

_ للأسف الحالة مبقتش مستحملة أكتر من كده، كل مدى الحالة بتسوء أكتر.

إزاد انقباض قلبها خوفًا وسألته بريبة

_ وبعدين؟

_ هيفضل في العناية لحد ما نشوف حل.

أنتهى الطبيب من عمله وأسرعوا للعودة إلى غرفة العناية

قاموا بوضعه مره أخرى على الأجهزة لتجد أن مؤشرات القلب عنده اصبحت بالفعل بطيئة وهذا لا يبشر بالخير مطلقًا

عاتبت نفسها على صدها له في الصباح، وندمت أشد ندم على فعلتها، ما كان عليها أن تصدمه بتلك الحدة

رن هاتفها فعلمت بهويته الذي لم يكن أحدًا سوى حازم الذي أصبح جاف التعامل معها منذ أن أعترفت له

خرجت من الغرفة لتجيب بثبات زائف

_ أيوة ياحازم

رد حازم من الجانب الآخر

_ هتاچي ولا هنعدي عليكي في المستشفى؟

مسحت دمعه تدحرجت على وجنتها وردت بهدوء

_ لأ سافروا أنتوا أنا مش هسافر

أندهش حازم وسألها بجدية

_ يعني أيه الكلام ده؟ واللي مستنيينك هناك دول أجولهم أيه؟

أخذت نفس عميق تهدئ به حزنها وأجابت بإصرار

_ مش هينفع أرجع معاكم، في حالات هنا مش هينفع اسيبها.

سألها حازم بشدة

_ مين هما بجى الحالات دي؟

نظرت ليلى إلى الممرضة التي خرجت من الغرفة وقالت

_ حالات تعبانه ياحازم.

إزداد الشك بداخله وقال بهدة

_أجولك أنا هچيكي بنفسي أشوف الحالات دي.

اغلق الهاتف قبل أن تعارضه مما جعلها تغمض عينيها بريبة خشيةً من عناده

عادت إلى الداخل لتجد عصام ممسكًا بهاتفه يشير لها بالبقاء معه وخرج من الغرفة.

تقدمت منه وهى تتحلى بقوة زائفة لكن ما أن جلست بجواره حتى تلاشت قوتها وانهارت في البكاء.

وتساءلت إلى متى ستظل بذلك العذاب؟

❈-❈-❈

هم حازم بالخروج من المنزل بعد أن أغلق هاتفه لكن معتز منعه بحده

_ أنت في أيه؟ أيه حكايتك بالظبط معاها؟ من وقت ما صرحتنا بموضعها وأنت واقفل لها على الغلطة، أيه اللي في دماغك بالظبط.

تهرب حازم من الإجابة وهو يهاجمه بالرد

_ انت اللي يومين جضتهم أهنه خلوك تنسى عوايدنا وإننا صعايدة ومينفعش نسكت على اللي بيحصل ده.

تحدث معتز بإنفعال

_ هى معملتش حاچة تتعدى عوايدنا عشان تعاملها بالشكل ده، هى بتتعامل معاه كمريض وأظن واحد في حالته مش هيكون واعي لعشج وغيره

أختنا وخبرينها زين وعارفين تربيتها عمرها ما هتكون موضع شك.

رد حازم بوجل وهو يجلس على المقعد

_ مهما كان ثقتنا فيها بس ده ميخلناش نوافج على اللي بتعمله ده.

أرتبك وهو يضيف

_ وكمان أني خايف عليها تتعلج بيه أكتر من أكده والآخر تتعذب بفراجه

علم معتز سبب تعنده معها والذي أيقن بأنه نابع من خوفه عليها كي لا تمر بما مر به هو وسأله بتعاطف

_ انت لساتك بتفكر فيها

نفى حازم بحدة

_ انا مـ بفكرش بحدا.

جلس معتز قبالته وقال بجدية

_ لأ لساتك بتفكر فيها وبلاش عناد جصادي انا بالذات لإنك لو داريت عن الدنيا كلها مستحيل تخيل عليا.

تنهد حازم بأسى وقال

_ مش هينفع نتكلموا في حاچة منتهي أمرها

نهض من مقعده وهو يتابع بإصرار

_ اني رايح أجيب أختك جبل مـ العشج يتملك منيها وتعيش عمرها كله في عذاب

لم يمنعه معتز علمًا بحالته وتركه يغادر

❈-❈-❈

في منزل عاصم

لم  تصدق زينا ما تسمعه أذنها عندما أخبرتها والدتها بما حدث، هل حقًا انحل  ذلك الحبل الذي كان ملتفًا حول عنقهم، وأصبح كل واحدٍ منهم على سجيته؟

هى تعلم علم اليقين بأنه لا يكترث لها.

لكن ذلك أيضًا لن يقرب المسافات الطويلة التي كتبت عليهم

وسيظل  جاسر بينهم ولن يستطيع أحد فعل شئ، فليصبروا قليلًا لربما تتبدل الأحوال  بينهم ويستطيعوا حينها الإقتراب وعودة الأمور لما كانت عليه قبل أن يفاجئها  زوج عمتها بذلك الطلب.

❈-❈-❈

في غرفة ليلى

جلس مصطفى بجوارها وسألها بعتاب

_ ايه ياليلى اللي خلاكي عملتي كده وجيتى لوحدك؟

ياستي على الأقل كنتي عرفيني يمكن كنت أتجننت أنا كمان وروحت معاكي.

لا  تعرف ليلى بماذا تخبره، هو حقًا شقيقها ومنبع أسرارها لكن تعلم أيضًا بأنه  لن يقبل بما حدث ولن يمر الأمر مرور الكرام وربما يتصدى لذلك الشخص ويدمر  مستقبله.

رسمت ابتسامه لم تصل لعينيها وردت بهدوء

_ خفت لبابا يعرف زي المرة اللي فاتت فقلت افاجئهم أحسن واحطهم ادام الأمر الواقع

_ طيب والمحاضرات اللي سبتها دي؟

ساد الصمت قليلًا حتى تحدثت

_ تعرف أيه أكتر حاجه بندم عليها؟

ضيق عينيه متسائلًا لتجيبه بألم

_ اني معملتش كده من زمان

تنهدت بألم وأردفت

_للأسف ماما ضحكت علينا لما فهمتنا أنهم ظلموا بابا وأخدوا حقه، والحقيقة أنها العكس تمامًا.

عقد حاجبيه مندهشًا وتساءل

_ إزاي؟

قصة  عليه كل ما حدث منذ أن وطئت قدماها داخل المنزل حتى تلك اللحظة، وكأن  مصطفى أصيب بالصدمة مما سمعه الآن وقد اظهرت حقائق عجيبة لم يكن يتخيلها

_ إنتي بتقولي أيه ياليلى؟

ردت بتأكيد

_ للأسف دي الحقيقة ولحد النهارده بيكمل خيانته ليهم، وده خلاني أتمسك بيهم أكتر وأصر إني أفضل هنا

_ ودراستك؟!

ردت بلهجة لا تقبل نقاش

_ هنقل هنا في الجامعة ومش هرجع تاني

خفضت عينيها وهى تكمل

_ وفي حاجه بردوا، إن جاسر أتقدملي وأنا وافقت

انصدم مصطفى مما قالت لكنه تحدث برجاحة وهو يسألها

_ إزاي مش فاهم.

يعني إيه هتكملى هنا؟ وأيه اللي يخليكي ترتبطي بواحد لسه شيفاه من أسبوعين وأقل كمان

حاولت الثبات وألا تظهر التعاسة التي عرفت طريقها إلى قلبها وأجابت بصدق

_ يمكن جاسر باين عليه أنه شديد وعصبي بس صدقني النوع اللي زي ده بيداري حنانه وطيبة عشان مينجرحش زي ما أبوه أنجرح

لأن اللي شافه عمك محدش أبدًا يقدر يتحمله

عارض مصطفى حديثها

_ بس مش معنى كده إنك ترتبطي بيه، أنا شايف أن الجوازة دي متنفعش خالص ده غير طبعًا رأي ماما في الموضوع ده، مستحيل توافق

نعم محق في كل كلمة نطق بها لكن عليها أن ترضى بواقعها الذي فرضه القدر عليها لتقول بإصرار

_ أنا خلاص عرفتهم إني موافقة ومش هتراجع.

شعر مصطفى ان هناك سببًا آخر وراء ذلك لكنه لم يريد الضغط عليها الآن فحالتها لا تسمح بالأستفسار عن أى شئ.

❈-❈-❈

في غرفة أمجد

ظلت ليلى قابعة بجواره لا تستطيع مفارقته لحظة واحدة

تخشى إذا تركته تعود ولا تجده كما حدث اليوم

حتى عندما سمعت الآذان قررت الصلاة في الغرفة كي تظل قريبة منه.

انهت صلاتها وانتبهت على صوت همهمه تصدر منه

نهضت وأسرعت إليه بلهفة وشوق وهى تسأله

_ أمجد أنت سامعني؟

لم تجد منه ردًا سوى تلك الهمهمة الخافته

قامت بجس نبضه والنظر للمؤشر لتجد الحالة كما هى.

فتعاود سؤاله بلوعة

_ أمجد لو سمعني حرك إيديك

ولم يمضي ثانية واحدة حتى وجدت يده تتحرك ببطئ على الفراش

ابتسمت بسعادة كبيرة لكن ساعدتها تلاشت عندما طرق الباب ووجدت الممرضة تدلف قائله

_ دكتورة ليلى، اخوا حضرتك بره وعايزك ضروري

أومأت برأسها وهى تقول

_ طيب روحي قوليله إني جايه.

قامت بوضع بعض الأدوية داخل المحلول

همت بالذهاب لكن يده أمسكت يدها بضعف تمنعها من المغادرة، أو ربما تكون لمست رجاء بألا تتركه لتعود ابتسامتها مرة اخرى وهي تقول

_ متقلقش هرجع تاني

تراخت يده عنها وتخرج من الغرفة متجهه إلى مكتبها حيث ينتظرها حازم

وعندما رآها تحدث بجدية

_ يالا يا ليلى لأن القطر بقيله ساعة ويطلع

ردت ليلى بثقة

_ أنا كلمت بابا وعرفته إني مش هقدر انزل الأجازة دي

رد حازم باحتجاج

_ وعرفته السبب الحقيقي ولا أعرفه أنا؟

رد ليلى بهدوء

_ لأ ياحازم مقولتش ولو عايز تقول أنا مش همنعك، بس خليك واثق وقتها إني عمري ما هسامحك

زم حازم فمه بغيظ وشعر بأنه أصبح مكبل بسبب تهديدها له وقال بتبرم

_ ده تهديد ولا ايه مش فاهم.

تقدمت منه ليلى وقالت برباطة جأش

_  اطمن ياحازم أنت عارفني كويس وواثق إني عمري ما هعمل حاجه تغضب ربنا ولا  تزعل بابا مني، بالنسبة لأمجد أنا فعلًا حبيته وهو كمان بس محدش من صرح  للتاني بمشاعره، وعشان تكون عارف أنا مش هتنازل عن الحب ده لأى سبب من  الأسباب، ومش هتخلى عنه وهفضل سند ليه لحد ما يقف على رجليه من تانى.

قربت منه أكثر لتردف بألم

_  أرجوك ياحازم خليك أنت كمان سند ليا لحد ما نلاقي المتبرع وصدقني وقتها  هبعد مجبره لأن دوري إني أوقفه على رجليه من تانى، وبعدها مش هيكون في سبب  لتواجدي معاه، وبالنسبه لخطواته هو اللي هيخطيها لوحده.

لم يستطيع حازم الوقف أمام ذلك العشق الذي أعترف به بكل وضوح وقال بمثابرة

_ حاضر ياليلى هسكت وهسيبك وهديكي ثقة أكبر بس لو رجعتي موجوعه مش هقدر أعملك حاجة

اومأت بعينيها ثم تركها وغادر

عادت ليلى إليه لتجده قد عاد لسباته تقدمت منه بشغف وجلست على المقعد بجواره وقالت بهيام

_ إن شاء الله مفيش حاجة هتقدر تبعدني عنك غير الموت، حتى الموت هفضل أحارب معاك لحد ما تتغلب عليه بإذن الله

❈-❈-❈

في منزل منصور

دلف منصور مكتبه بعد أن تأكد من نومها وقام بإخراج الملف من مكتبة وابتسم بتشفي وهو يرى امضتهم على أوراق التنازل

امسكت هاتفه وأتصل على المحامي الذي ما إن أجابه حتى تحدث بقوة

_ الصبح الأوراق هتكون عندك عايزك تخلص الأجراءات بأسرع وقت

_ تمام يافندم

أغلق الهاتف وإبتسامة نصر مرتسمة على فمه وهو يقول بتوعد

_ إن مـ رجعتكم للشحاته تاني مبقاش أنا منصور عمران.

❈-❈-❈

دلفت ساندي غرفة أخيها لتجده يغلق حقيبته ويستعد للذهاب فقالت بإمتعاض

_ بردوا هتسافر من غير ما تعرف البنت راحت فين؟

رد وائل بإستهزاء

_ هتكون راحت فين يعني، أكيد عند حد من قرايبها، بس المهم اول ما تشوفيها تكلميني فورًا.

ردت ساندي بقلق

_ أنا خايفة الموضوع ده يتعرف ووقتها مش هيرحمونا.

أجابها بثقة وهو يحمل حقيبته يستعد للذهاب

_ قُلتلك متقلقيش هترجع هترجع مـ عندهاش حل تاني.

يالا خلي بالك من نفسك وسلمي على عمتي.

_ الله يسلمك ياحبيبي.

خرج وائل وأغلقت هى الباب خلفه وعادت إلى الداخل تجلس على الاريكة وتمسك بهاتفها وابتسامة سعادة مرتسمة على وجهها عندما أجابها

_ حبيبة قلبي وحشتيني موت

ردت ساندي بدلال

_ لو كنت وحشتك بصحيح مكنتش فضلت المدة دي كلها متكلمنيش

_ مكنش ينفع طول مـ وائل هنا وخلاص وائل مشي وكده ولا كده انا فضيلك ياجميل

تحولته لهجته بخبث وهو يتابع

_ مش ناوية بقى تيجي عندي الشقة؟

ردت ساندي بجدية

_ لأ طبعًا انت عارف رأيي في الموضوع ده

ترجع مسرعًا

_ خلاص ياستي انا بقول هنبقى براحتنا وبعدين انتي هتروحي عند عمتك ومش هنعرف نتكلم براحتنا

ايدت ساندي رأيه وهى تقول بحيرة

_ عندك حق بس متقلقش انا هحاول أكلمك وانا في الجامعة

تظل تتحدث معه حتى شعرت بتأخر الوقت وقالت

_ أقفل بقى عشان أخرت آوى على عمتي.

_ ماشي ياحبيبتى بس لو اخرتي عليا ومعرفتيش تكلميني يبقى لازم نتقابل

_ هشوف الاول يالا باى

اغلقت الهاتف وقامت بتبديل ملابسها وخرجت هى الأخرى.

❈-❈-❈

في غرفة جمال

خرج من المرحاض ليجدها جالسة على الفراش ومازالت على وجومها منذ أن علمت بعدم مجيئ ليلى

تنهد بحيرة

ماذا يفعل أمام هذين الأثنين الذي يبقى مسلوب الإرادة أمامهم، هى ترجته أن يتركها لأجل عملها

وهى تعاقبه أشد عقاب على موافقته لها بتجاهله

وآااه من ذلك التجاهل الذي يجعله بسهولة يرضخ لكل ما تريد

ابتسم وهو يتقدم منها ليجلس بجوارها وقبل رأسها بحب وهو يقول

_ لساتك زعلانه؟

نظرت إليه بعتاب وهمت بالإبتعاد لكن نظرات العشق التي يرمقها بها جعلتها تظل مكانها وخاصةً ابتسامته التي تضئ ظلمتها وأردف قائلاً

_ إنتي خابرة زين إنك لما بتزعلي الدنيا كلها بضيق عليا

ردت وسيلة بعتاب

_ اضحك عليا زي عوايدك

ضحك جمال وهو يقربها منه ويأكد بحب

_ ولو مضحكتش عليكي انتي اضحك على مين؟

وبعدين إنتي بتسمي حبي ليك ده ضحك؟

ده عشج متملك من الجلب وخلاه مش شايف غيرك

وعشان إكده مش بجدر على زعلك واصل.

إزداد عتابها أكثر

_ وعشان إكده راضتها هى ومهمكش زعلي

هز جمال رأسه بتعب من الجدال معها في هذا الأمر وقال بجدية

_ ياوسيلة بنتك بقيت دكتورة ومهنتها هى اللي بتحكمها، بلاش نضغط عليها ونسيبها بحريتها.

تحدثت وسيلة بقلق

_ بس ياجمال البنت بجد وحشتني وجلبي جلجان عليها، ديمًا بحلم أنها مهمومة وفـ ضيق.

احتواها جمال بين ذراعيه وقال يطمئنها

_ متجلجيش، ليلى من يومها ميتخافش عليها

وهى  طمنتني وجالت إن اليومين دول هتقضيهم في المستشفى وأني كلمت الدكتور عصام  وهو واخد باله منيها، اطمني بجى وخليكي مع أبوها اللي زعلتيه دلوجت

ابتسمت له بحب لتضع رأسها على صدره العريض وقالت بولع

_ لا عشت ولا كنت عشان ازعل حبيب الجلب مني

بس غصب عني، ده من خوفي على بنتنا.

تحولت نظراته لمكر وسألها بولع

_ لساتك بتعشجيني كيف لول

بعدت رأسها عنه قليلًا كي تنظر إلى عينيه التي تهيم بها عشقًا وأجابت بعشق

_ وكيف محبكش وأنت مالك الجلب والروح، كل مدى حبك في جلبي بيزيد وبحس إنك كيف الهوا اللي بتنفسه لو أتمنع أموت.

_ بعد الشر عنيكي من الموت

قرب وجهه منها كي يقبل ثغرها الذي دائمًا يسعى للأرتواء منه حد الشبع لكنه لم يشبع يومًا ويظل دائمًا متلهف للإرتواء منه.

أما هى فمستسلمه لغزوه بكل ترحاب وكأنها تريد أيضًا الأرتواء من عشقه حتى التشبع.

❈-❈-❈

رفع أمجد جفنيه بصعوبة شديدة وقد شعر بثقل يجثم على صدره جعل تنفسه شديد الصعوبة

حرك يده كي يزيل جهاز التنفس لكن يد حانيه منعته من ذلك وصوتها الذي يبث الأطمئنان بداخله يمنعه من ذلك

وأعادت يده إلى موضعها

تمكن أخيرًا من رفع جفنه كي ينظر إليها ويرى وجهها الذي يعشقه

لكن التنفس أصبح أصعب بكثير، حاول التحدث لكن  العائق يمنعه من ذلك

حرك عينيه بصعوبة تجاهها فيجد ابتسامتها التى تنير ظلمته مرتسمة على محياها

فتحدث بوهن

_ لسه معايا؟

اومأت برأسها وهى تقول بتأكيد

_ هفضل معاك العمر كله، بس انت قاوم.

ابتسم بحزن وهى يسألها

_ هو فين العمر ده؟

أجابته بأمل وهى تحثه على المقاومة

_ موجود وإن شاء الله هتلاقي المتبرع وهتعمل العملية وتبقى أحسن من الأول.

هز رأسه بنفي وأردف

_ انا بسمع الكلام ده بقالي اكتر من ست شهور فخلاص مبقاش بيديني أمل زي الأول

حاولت كبت عبراتها من النزول وقالت بروية

_ صدقني انا متباشرة وظني في الله خير وهنلاقي المتبرع بأقصى سرعة، وهتشوف.

إزدرأ ريقه بصعوبة وشعر بجفاف حاد في جوفه فشعرت هى بذلك وقامت بملئ الكوب ومساعدته على الارتواء

اكتفت برشفه قليلة وأعادت الكوب إلى موضعه وقالت

_ كفاية كده.

نظر إليها طويلًا ثم سألها

_ طلعتيلي مني، أنا كنت صابر وراضي بقدري جيتي إنتي ضيعتي الرضا ده وخلتيني أتمسك بالحياة اللي مش مكتوبالي

رغم الحزن بداخلها إنها تحدثت بمرح

_ كنت داخله أشوف الحرامي اللي دخل بيت عمران المنشاوي، ومش عارفه لحد النهارده أنا كنت داخله أعمله أيه؟

ابتسم أمجد واجاب بمزاح

_ كنتي داخله عشان تخطفي قلبي مش تنقذيه.

رغم الحياء الذي شعرت به جراء كلماته إلا إنها أجابت بصدق

_ بالعكس انا دخلت عشان تخطف أنت قلبي وتهد الجدار اللي بنيته حوالين قلبي بنظرة واحدة.

نظر إليها أمجد مطولًا وكأنه يعاتبها على ظهورها في حياته التي لا أمل منها وقال بكمد

_  الكلام لو سمعته في وضع غير اللي أنا فيه ده كان زماني أسعد واحد في  الدنيا، بس للأسف بسمعه وأنا بتألم إني معنديش العمر اللي أقدر أسعدك فيه

أكدت بحب

_ خلي ظنك بالله خير، هو قال " أنا عند حسن ظن عبدي بي" وإن شاء الله هتخف وتبقى أحسن من الأول.

شعر بالتعب من التحدث

ولاحظت هى ذلك

فقالت بثبات

_ كفاية كلام لحد كده وأرتاح

_ متسبنيش

أومأت بحب

_ عمري مـ هسيبك.

اغمض عينيه وعاد لسباته وعادت هى لأحزانها.


16=الفصل السادس عشر

في الصباح

في منزل عمران

كان جاسر يستعد للخروج من الغرفة عندما طرق الباب فقام بفتحه ليجد أمامه مصطفى الذي وقف ينظر إليه بملامح مبهمه لا تعبر بشئ وقال

_ ممكن لو وقتك يسمح نتكلم مع بعض شويه؟

رغم الضيق الذي شعر به إلا إنه تحدث بهدوء

_ أتفضل

دلف مصطفى وأغلق جاسر الباب خلفه فيجلس كلاهما على الأريكة وتحدث مصطفى بجدية

_ سارة كلمتنى امبارح في موضوع جوازكم وأنا جاي أسألك أنت عايز أيه من أختي

بغت  بسؤاله وفكر في تلك اللحظة أن يقص عليه ما حدث لكنه تراجع ليس خوفًا عليها  إنما خشيةً من رد فعله مما قد يؤدي إلى وصول الخبر لجده.

فرد السؤال بآخر

_ بعد مـ تجولي أنت كمان عايز أيه من چدي.

تبادل كلاهما النظرات؛ أحدهم بتحدي والآخر يطلب منه أبعادها عن الأمر فقال بجدية

_ أنا مش هلومك وبلتمسلك العذر على أسلوبك الجاف معانا بعد اللي عرفته بس أحب أقولك إن أنا وأختي ملناش ذنب في اللي حصل زمان

للأسف  أحنا عرفنا كل حاجة متأخر وكانت صدمتنا كبيرة، بس صدقني كنا بنحاول أنا  وأختي نوصلكم من زمان وتقدر تسأل بنفسك دكتور خالد وهو هيأكدلك.

سأله جاسر بسخرية

_  أيه هو بقى اللي عرفته؟

شعر مصطفى بالضيق من أسلوبه من السخرية التي يتحدث بها وتحدث جاسر تلك المرة بجدية

_ أحب أجولك إنك متعرفش حاچة واصل لإن اللي حصل أصعب من إكده بكثير، تحب تعرفها؟

أجابه بإيماءه من رأسه ليتابع جاسر

_ أبوك لما أخد الفلوس وسافر ومهموش أيه اللي ممكن يحصل لأهله وهو سايبهم في الظروف دي

مع  إن لو كان وقف جانبهم ورچع الفلوس كانت هتحل مشكلة كبيرة جوي ومكنوش داجوا  الجوع ولا جدي فضل في فرشته سنه كامله وهو مش جادر يجف على رجله من الصدمة  اللي أخدها من أبوك.

عمك كان بيفضل بالتلات ليالي  ميشوفش فيهم النوم ويشجى ليل ونهار عشان يسد الديون والحمد لله قدر بعد تعب  سنين طويلة يجف على رجله من تاني وبعد كل ده چاي يجول عايز ورثي، يعني  عايز كمان ياخد ورثه وأبوه لساته عايش

كان أبوك عايش في رفاهية وبيتمتع في الفلوس اللي أبوي وچدي تعبوا فيها وهما أهنه بيدوجوا طعم الجوع وهو ولا على باله.

وده جزء بسيط من الحجيجة.

لم يجد مصطفى الكلمات التي تصف مدى الخزي الذي يشعر به تجاه والديه، كيف أستطاعوا تزييف الحقائق ويظهر كلاهما بدور المظلوم.

فيردف جاسر كي يخرجه من شروده

_ أنا رايد أختك بعيد عن أى حاچة وعايزك تساعدني

سأله بشك

_ وأيه اللي يأكدلي إنك مش بتعمل كده عشان تنتقم من أبويا

أجابه جاسر بحنق

_ مش اني اللي أنتقم من حرمه، لأن أنا جاسر جمال عمران راچل من ضهر راچل، وعمري مـ ادخل الحريم في مشاكلنا.

وبعدين إحنا معدش فيه بناتنا حاچة عشان ننتقم منيها، أنا فعلًا رايد اختك وهى كمان مش عايزه تفارج اهلها وعزوتها، هتساعدني ولا لأ؟

رغم الحيرة التي اصابته إلا إنه ترك الأمر بيد والديه علمًا بأنهم لن يوافق أحدهم على ذلك الزواج.

_  على العموم أنا هكلم بابا النهاردة واشوف رايه في الموضوع ده بس اللي انا  واثق منه أنه مستحيل يوافق؛ مش عشان حاجة لأ عشان مش هيقدر يقف أدام ابوه  وعمي بعد اللي حصل ده.

نهض من مقعده وأردف

_ بس بردوا هكلموا وحاول أقنعه.

نهض جاسر بدوره وهو يقول بثبات

_ هنشوف.

الثقة  التي يتحدث جاسر بها تقلقه لكن ما يطمئنه هو وجودها بين عائلتهم ومع عمه  جمال الذي يعاملهم بكل الحب الذي يكمن بداخله منذ أن رآهم

اوما برأسه ونزلوا إلى الأسفل ليجدوا توأم عمه بجوارة على طاولة الأفطار يواصلون مرحهم مع سارة التي استمتعت كثيرًا بمزاحهم.

لكنها اندهشت عندما كفوا عن المزاح ما إن رأوه ليقتربوا منه ويصافحوه بإحترام

ثم نظروا إلى مصطفى تحدث معتز بابتسامه

_ أنت طبعًا مصطفى ولد عمي، نورتنا.

صافحه مصطفى وهو يبادله الابتسامه

_ منوره بأهلها.

صافح حازم أيضًا وأجتمعوا جميعًا حول المائدة ووسيلة تنظر إلى مكان ابنتها الفارغ باشتياق

ليشعر بها جمال الذي ربت على يدها بحنو فتبتسم بثبات وتتداخل معهم.

خرج مصطفى إلى حديقة المنزل كي يجيب على الهاتف وهو يحاول بصعوبة جعل صوته ثابتًا كي لا تشك بشئ

_ صباح الخير ياماما

أجابت سمر وهى تنظر إلى منصور النائم على الفراش بجوارها

_ صباح النور ياحبيبي عامل ايه؟

رد بهدوء

_ بخير الحمد الله، بابا راح الشركة ولا لسه؟

تنهدت بحيرة وهي تنظر إليه

_ لأ لسه المهم اختك فين خليني أكلمها

_ هى جوا مع جدي أول مـ أدخل اخليها تكلمك لإني برة في الجنينة

علمت انها تتهرب منها فقالت باحتدام

_ سيبك من الحجج الفارغة دي وخليها تكلمني يا إما

تجيبها وترجع سواء برضاها أو غصب عنها فاهم؟

أستيقظ منصور على صوتها وهو يسألها بنعاس

_ في أيه بتزعقي ليه؟

تابعت حديثها مع أبنها

_ زي ما قلتلك يا إما أنا بنفسي اللي هاجي أخدكم.

أخذ منصور الهاتف منها عندما علم انه تحدث أبنه وقال بتثاءب

_ ازيك يامصطفى عامل ايه؟

رد بهدوء

_ الحمد لله كويس بس أنا كنت عايز حضرتك في موضوع مهم

نهض منصور وقد شعر بالقلق من حديث أبنه وقال بجدية

_ خير في حاجه حصلت؟ أختك كويسة؟

_ اه يابابا كويسة متقلقش.

ازداد قلقه من أن يكون والده أخبرهم كل شئ فتابع مصطفى بتمالك

_ أصل جاسر ابن عمي عايز يتقدم لـ ليلى وهى موافقة، وعمي عايز يفاتحك في الموضوع.

ألجمته الصدمة قليلًا لكنه تمالك نفسه كي لا تشعر سمر بشئ وقال بمثابرة

_ تمام يبقى نتكلم بعدين.

أغلق الهاتف ومازال على إندهاشه فتسأله سمر بتوجس

_ في حاجه حصلت؟

أنتبه منصور لها وقال بجدية

_ مفيش هما بس عايزين يقعدوا أسبوع هناك وانا قُلتلهم هشوف.

لم تقتنع بحديثه وشعرت بوجود خطب ما

_ يعني مش مخبيين عليا حاجة؟

رد بثبات وهو يدلف للمرحاض

_ لأ مفيش، ولو فيه أنا مش هكون هادي كده.

أغلق منصور الباب خلفه وقام بالوقوف أسفل المياة وهو لا يعرف ماذا يفعل

ساوره الشك ان يكون جاسر يأخذها للأنتقام

لكنه يعرف أخيه جيدًا لن يقبل بالظلم مطلقًا

إذًا ماذا يحدث

لن يقتنع بأن أبنته أحبت في تلك الفترة الوجيزة

قد يكون تعلقها بهم سبب من ضمن الأسباب لكنه يشعر بأن هناك شئٍ آخر وعليه معرفته.

❈-❈-❈

في المشفى

أستيقظ أمجد ليجد نفسه مازال داخل تلك الغرفة التي يبغضها وذلك الطنين الذي يصدر من الأجهزة المحيطة به من كل جانب تزعجه

بحث  بعينيه عنها ليجدها نائمة على المقعد كعادته بها، ابتسم بحب وظل يتأمل  ملامحها التي حفرت بداخله منذ أن رآها أول مرةٍ في حديقة منزلهم.

ليدق قلبه بعنف وكأنه يخبره بأنه وجد ضالته أخيرًا

والأهم من كل ذلك أنها أيضًا بادلته نفس المشاعر

لن يصدها بعد الآن؛ وليستسلم كلاهما لذلك الشقاء الذي كتب عليهم.

ومن يدري؛ ربما يكون للعمر بقية وحينها لن يفرقهم شيئًا

تململت ليلى في نومتها وقد شعرت بتيبس عضلاتها من تلك النومة

انتبهت على صوت أمجد الذي تحدث بهدوء

_ صباح الخير

نظرت ليلى إليه بلهفة وقالت بابتسامه أرهقت قلبه

_ صباح النور

تقدمت منه كي تلقى نظرة على الأجهزة وأردفت

_ الحمد لله بقينا أحسن بكتير

ابتسم بحزن لعلمه جيدًا بحالته ويعلم أيضًا أنها تقول ذلك كي توهم نفسها قبل أن توهمه، فتحدث بيأس

_ أحسن دي تقوليها لحد مش عارف حالته كويس إنما أنا لأ

ألمها نبرة اليأس التي يتحدث بها وقالت بحب

_ خلي أملك في ربنا كبير.

رد بصدق

_ ونعم بالله، بس أنا بحب الوضوح والصراحة أكتر

مش بحب تزييف الواقع، وأنا شايف إن الأمل في حالتي كل مدى مـ بيضعف

لم تريد التطرق في ذلك الأمر أكثر من ذلك وغيرت مجرى الحديث قائله بمرح

_ على فكرة أنا جعانه آوي أيه رأيك لو اخلي سهى تجيب لنا فطار

أومأ  لها مبتسمًا كي يتركها تترك العنان لدموعها التي تجمعت داخل مقلتيها،  فتخرج مسرعة من الغرفة وتستند بظهرها على الباب لتحرر تلك العبرات التي  تدفقت بغزارة داخل عينيها

فمؤشراته لا تبشر بخير مطلقًا.

وقد أصبح الأمل ضعيف.

كل ذلك يحدث وهو يشعر بها خارج الغرفة تزرف دموعها بغزارة

ليته يستطيع النهوض والذهاب إليها كي يأخذها داخل أحضانه ويهون كلاهما على الآخر

لكن يعلم جيدًا بأنه لن يستطيع الوقوف على قدميه مرة أخرى

وظل مكانه ينظر إلى الباب الذي يحجبها عنه بقلب ملتاع، يلعن حظه العسر الذي وضعه في ذلك الموقف.

عادت بعد قليل وهى ترسم ابتسامة لم تصل لعينيها التي احمرت من شدة البكاء وقالت بحب وهى تجلس على المقعد بجواره

_ معلش أخرت عليك بس كنت في الكافتيريا بوصي على الفطار.

يعلم جيدًا بأنها لم تتزحزح من أمام الغرفة وأنها طلبت الفطار بالهاتف، فأراد أن تكون أكثر صراحة معه

فتحدث بوهن من شدة الألم الذي يشعر به

_ مفيش داعي إنك تكدبي عليا، أنا عارف إنك متنقلتيش من أدام الأوضة، وكنت حاسس بدموعك بتقطع في قلبي

همت بالمعارضة لكنه منعها قائلًا

_ متحاوليش لإني واثق من اللي بقوله

خفضت عينيها بألم ليتابع هو

_ أنا مش زعلان، كل الحكاية إني حسيت بالعجز وأنا مش قادر اقوم من مكاني عشان اهون عليكي

إزدرء ريقة بصعوبة وهو يحاول تلاشي الآلم الذي يزداد وأردف بوهن

_ عايزك لما تعيطي تعيطي وأنتي جنبي عشان أنا اللي أديكي الأمل مش أنتي.

اخذت نفس عميق تهدئ به من لوعتها وقالت بشجن

_ الأمل الوحيد اللي عايزاة من الدنيا هو إنك تخف وصدقني مش طالبه منها حاجة تاني.

ليته يستطيع امساك يدها التي تضغط عليها بمحاولة فاشلة منها على الصمود وألا تعاود البكاء مرة أخرى

وقال بغصة

_ نفس إحساسي ورغبتي في الحياة، واللي عايز أتمسك بيها لأول مرة في حياتي

وجودك فرق كتير أوى وأتمنيت أني اقابلك في ظروف أفضل من كدة

إزدراءت تلك الغصة التي وقفت في حلقها وتحدثت بحب

_  المهم إننا إتقابلنا، ودا غير كتير آوى في حياتي، أمجد أنا قبل مااعرفك  كانت الحياة بالنسبالي هي المذاكرة وبس انت خلتني أشوفها بمنظور تاني خالص،  لأول مرة بعرف يعني أيه حب والقلب اللي بيدق كل ما بيسمع أسم اللي بيحبه  ولا حتى اسم مشابه لاسمه.

لما بتشوفه ولو حتى من بعيد  تحس إن الحياة هى اللحظات اللي بتشوفه فيها ولما بيفارقك الأشتياق  بيقـ.ـتلك ونفسك تهرب معاه من الدنيا كلها

كان يستمع لكلماتها بابتسامه شغف وولع لتلك التي أطربته بأجمل الكلمات التي تصف مدى تعلقها به فأيدها قائلاً بتوق

_  كل الكلام ده حسيت بيه من وقت مـ شفتك بتذاكري في الجنينه، خطفتي قلبي من  وقتها وكل ما أخزي الشيطان وابعد عينيه عنك ألاقيها بتروح ناحيتك من تاني

ضيقتك ليلى عينيها وهى تقول بغيظ

_ أمم يعني كنت بتبص عليا وانا بذاكر

رفعت اصبعها في وجهه وهي تتحدث بلهجتها الصعيدي بتحذير مرح

_ أنت خابر لو كان جاسر ولد الحاچ جمال شافك كان هيعمل فيك ايه؟

رفع حاجبه متسائلًا لتجيبه بحدة

_ هيجتلك من غير مـ يرفله جفن

ضحك كلاهما ليطرق الباب وتدلف سهى تحمل الإفطار وهى تقول

_ أحلى فطار زي ما وصيتي يادكتورة ليلي.

شكرتها ليلى وهمت سهى بتحضيرة على الطاولة لكنها منعتها

_ لأ روحي أنتي ياسهى وأنا هفتحه

اومأت وخرجت من الغرفة

فقامت ليلى بوضع الطعام على الطاولة وقربته من الفراش بعد ان قامت برفعه حتى يستطيع تناوله بأريحية، لكنه نظر لها بخبث وهو يقول

_ بس انا هاكل إزاي بالأجهزة اللي في إيدي دي كلها.

نظرت ليلى إلى يديه وقالت بحيرة

_ اه صحيح

إزداد خبثه وهو يقترح

_ خلاص أكليني أنتي

اتسعت عيناها ذهولًا مما نطق به وقالت بحدة صعيدية

_ أنت بتجول أيه؟

تراجع بمرح وهو يقلد لهجتها قائلاً

_ بجول إنك تبعتي لسهى هى اللي توكلني

نشبت الغيرة بداخلها وقامت بإزالة المحلول من يده وتعليقه حتى ينهي طعامه وقالت باستنكار

_ كده مش محتاج حد.

تابع مكره

_ بس أنا فعلاً تعبان مش قادر أرفع إيدي.

زمت شفتيها بغيظ

_ لما تاكل هتقدر

استسلم امجد في النهاية وبدا بتناول طعامه وهو يبعد عينيه عنها بصعوبة كي لا تحرج منه

أما هى فكانت مندهشة من تلك الجرئة التي أصبحت عليها

تركت نفسها لتغرق اكثر في بحر عشقة دون أن تبحث عن البر

ربما لأنها تعلم جيدًا أن لا بر لها معه، ربما تكون عودة لكن تخرج منها ضائعة

أو تعود معه لبر الأمان بأحلام وردية

لا تبالي بشئ

كل ما يهم الان انها تأخذه ملجئ لها كما أخذها هو ملجئ له ويستند كلا منهم على الاخر باسم الحب

فقد أصبحت مثل خيلٍ حبيس أطلق سراحه فرفرف عاليًا فرحًا بحريته التي لم يعلم بأنها الخطوة الأولى نحو آلامه

كانت تختطف النظرات إليه بحسرة على ذلك العشق الذي حكم عليه بالموت وهو مازال وليدًا.

تدحرجت دمعه حاره على وجنتيها مسحتهم بظهر يدها قبل أن يلاحظها ذلك المعشوق

وهى تتساءل كيف تكون حياتها بدونه

انتبهت لصوته الذي يسألها

_ سرحتي في أيه؟

ابتسمت ليلى وهي تقول باعتراض لما تفعله

_ مش عارفه إن كنت هتفهمني ولا لأ، بس بما إنك صعيدي أكيد هتفهمني

حرك رأسه مستفسرًا لتتابع هى بوجل

_ أنا حاسة نفسي بعمل حاجة غلط؛ وأولهم إن تعاملي معاك مش تعامل مع مريض لأ ده حاجة تانية خالص

نظرت إليه لتجد وجوم على ملامحه وتابعت

_لأول مرة بعمل حاجة من ورا أهلي

صحيح أنا عرفت حازم ومعتز ومغلطني جدًا بس ده بردوا ميدنيش الحق إني أخون ثقتهم فيا

قاطعها أمجد بجدية

_ بس انتي معملتيش حاجة غلط عشان تخوني ثقتهم

سألته بحيرة

_ أومال تسمي أيه اللي بعمله ده؟ تفتكر أنت كنت هتقبلها على أختك

ساد الصمت قليلًا ليتحدث بعدها بصدق

_ لو بينهم الحب اللي بينا ده أكيد كنت هقبل.

همت بالمعارضة لكنه قاطعها بجدية

_  ليلى أنا بحالتي دي مقدرش أوعدك بحاجة بس اللي واثق منه إني لو في ظروف  غير دي مكنتش حاجة هتمنعني اني اتجوزك حتى لو العالم وقف قصادي

إنما حاليًا أنا معنديش عُمر اوعدك بيه.

حاولت تنظيم أنفاسها التي هدرت بقوة حزنًا وألمًا من كلماته التي تمزق قلبها بغير رحمة

وهذا ما لاحظة أمجد

فيشعر بالألم يعاوده فأراد تغيير مجرى الحديث وسألها

_ بابا وفارس مسألوش عليا؟

ردت بتأكيد وهى تحاول بصعوبة الثبات أمامه

_ لا طبعًا محدش منهم بيسيبك بس دكتور عصام مانع الزيارة عشان حالة باباك.

أومأ برأسه وشعر بالتعب يزداد فقامت ليلى بإضافة بعض الأدوية وقالت

_ كفاية كلام لحد كدة وأرتاح شوية

اغمض أمجد عينيه بإرهاق وقال بألم

_ متسيبنيش

أكدت بألم مماثل

_ مش هسيبك.

❈-❈-❈

في مكتب منصور

دلف خالد المكتب ليصافح منصور هو يقول بغيظ

_ في إيه تاني؟ جايبني على ملى وشي ليه؟

أشار له منصور بالجلوس

_ تشرب أيه الأول.

_ ولا حاجة قول بسرعة في أيه؟

تنهد منصور وعاد بظهره للوراء وهو يقول

_ جاسر ابن جمال عايز يتجوز سارة.

تحدث خالد بدهشة

_ جمال أخوك

اومأ بصمت ليقول خالد بجدية

_ وأيه اللي فيها، جاسر أنا عارفه كويس إنسان محترم جدًا ورجل يعتمد عليه ميتخيرش عن جمال اخوك، انا لو مكانك مترددش لحظة واحدة

زم شفتيه بحيرة ثم تحدث بقلق

_ أنا معاك في كل ده بس اللي انا مستغرب له إزاي

لحق يحبها ويقرر يرتبط بيها في المدة البسيطة دي؟

أجاب خالد ببساطة

_  وايه المشكلة؟! بتحصل كتير جاسر أبن ناس ومتعلم ووسيم وفيه صفات كتير حلوة  أى واحدة تتمناه، وكفاية انك هتنام وانت مطمن عليها وسط أهلها بدل مـ ييجي  ولد من بتوع اليومين دول يكون طمعان فيها.

تحدث منصور بتهكم

_ يعني ابن جمال هو اللي مش هيكون طمعان فيها؟ ولا يمكن يقول ……

قاطعه خالد بنفي

_  مستحيل جاسر يعمل كده وأنا واثق فيه زي ما أنا واثق إنك انت اللي قاعد  أدامي دلوقتي، وبعدين جمال اللهم بارك بقى عنده اد اللي عندك واكتر كمان.

وافق يامنصور وقرب المسافات بينك وبين أهلك، يا سيدي دا حتى المثل بيقول أهلك لتهلك.

فكر في أبوك فكر في أمك اللي ملهاش ذنب في كل ده، أرجع وأعتذر وانا واثق أنهم هيسامحوا.

مراتك دي اللي مش قادرة تتحمل فراق ولادها من أسبوعين شوف أنت بقى ولدتك اللي بقالها أكتر من خمسة وعشرين سنه مشفتش أبنها.

تنهد خالد بتعب عندما لم يرى بادرة أمل للأستجابة وأردف

_ أنا الكلام معاك بيتعبني وأنا أصلًا تعبان لوحدي

عايز نصيحتي وافق وأبعد بنتك عن الحرب اللي هتقوم الفترة الجاية دي مع مراتك

رد منصور بارتباك

_ بس أنا مش هقدر أروح هناك واتكلم في جواز وغيره وكأن شيئًا لم يكن

_ صدقني وقت مـ تدخل عليهم كل حاجه هتتنسي وكأن فعلًا شيئًا لم يكن.


تكملة الرواية من هنا


بداية الروايه من هنا


لعيونكم متابعيني ادخلوا بسرعه


👇👇👇👇👇


جميع الروايات الكامله من هنا

Comments