أخر الاخبار

رواية شظايا قسوتـه الفصل السابع والثامن بقلم رحمه سيد رواية شظايا قسوتـه البارت السابع والثامن بقلم رحمه سيد رواية شظايا قسوتـه الجزء السابع والثامن بقلم رحمه سيد

 رواية شظايا قسوتـه الفصل السابع والثامن بقلم رحمه سيد 

رواية شظايا قسوتـه البارت السابع والثامن بقلم رحمه سيد 

رواية شظايا قسوتـه الجزء السابع والثامن بقلم رحمه سيد 

رواية شظايا قسوتـه الفصل السابع والثامن بقلم رحمه سيد 

الفصل الســابــع 

نظـرت له بعدم فهم لتلك النبـرة التي سمعتهـا، هي لم تخطئ، ام ان اذنيهـا هيئـت له نبرته الهادئـة و.. الحنونـة عطفًا عليها من سلبيات تتوغلها لتخنقهـا !!!! 

تنظر في عينـاه علها تستطـيع قراءة سطـور عينـاه .. 

ولكن كلما دققـت النظر وفشـلت، شعـرت انها فاشلـة .. بفـك رمـوز عيناه الغامضة !!

وكالعـادة في هذه المواقف تظهر البلاهة فتقـول :

_ نعم ! 

رفـع حاجبـه الأيسـر ليهتف بتهكـم صريح :

_ إية اول مرة تسمعي عن القـدر ولا أية ؟

هـزت رأسها نافية لتمسـح دموعهـا قائلة :

_ لا بس اول مرة اسمع إن الصقر مؤمن بالقـدر 

سمعته يتابـع :

_ خيره وشـره !! 

إرتسـم على فاههـا ابتسامة ساخـرة، لتستطرد مستنكـرة :

_ ماشاء الله اللهم بارك، وده من امتى !!! 

رفـع إصبعه في وجهه ليحتد قائلاً :

_ إلزمـي حدودك ياريت، وماتتجاوزيش الكلام معايا مرة تانية عشان هيبقى ليا تصـرف مش هيعجبـك إطلاقــــًا !

إلتمـعت الدموع في عينـاها 

دمـوع حُبسـت للمرة الثانيـة خلف غلاف القــوة !!! 

لتسمـع قوله القاسي :

_ لا لا مبحبش دموع التماسيح دي، أنشفي كدة وبطلي دلـع مش كل ما حد هيكلمك هتعمليله كدة !! 

صرخـت فيه بحـدة وكأنها اكتسبتها من كثرة الاهانـات :

_ ملكش دعوة أنا مخدتش رأيك، أنت حيـوان مابتحسش زي بقيت الرجالة وبقيت الناس عمومًا، ده مش ذنبـي !! 

ولم تشعـر إلا بصفعة تسقط من يده على وجنتاهـا التي إلتهـبت بحمرة ازدادت !!! 

لم تصـدق عيناهـا !!!! 

جوابـه كان صفعـة .. صفعة قاسيـة جعلت الحروف تُلجـم بلجـام قسوته المعهودة، والتي كان يحاول التحكم بها لتصبح " شظايا قسوتـه " ولكنها ... 

داعبـت تلك القسوة بقوة بكلماتهـا المزينـة بإهانـة لرجل شرقي - صعيـدي - لا يقبل الإهانـة .. 

فانفجـرت تلك القسوة لتخرسهـا هي !!!!! 

وهو .. عقلـه القاسـي يؤيده وبشـدة، ويقـدم له المبـررات !

وقلبه العطـوف يلومـه على ضـرب الأنثى التي كان يدافـع عنها مسبقًا فانقلبت القاعدة التي أرساها .. ليسقط هو ندمًا قبلها !!!! 

ولكنه أصبح في مرحلة، لا يجدي الندم فيها نفعًا ! 

وتحـكم عقله بتصرفاتـه ازداد حد التنفيذ فقـال بحـدة :

_ مع إني عمـري ما فكرت أمد ايدي على واحدة، بس إنتِ تستاهليه عشان تتحكمـي في لسانك وماتغلطيش فـ راجل تاني، لأ ومش اي راجل، ده راجل صعيـدي

ثم صـرخ فيها زاعقًا :

_ ساااامعـة 

حاولت فتح الباب وهي تبكِ قائلة بهيستريـا :

_ لأاااا مش سامعـة، مش سااامعة ومش هسمع، إفتح لي الباب ده عايزة انزل 

هـز رأسـه نافيًا ليمسكهـا من ذراعهـا يشدها نحـوه قبل أن يردف بصوت جاد :

_ إنتِ مجنونة، إحنا بقينا بليل، انزلك فين، إنتِ هتشتغلي زي ما كنتِ، خدامـة !! 

بـدءت تبكِ بهيستريـا .. تبعده عنهـا وهي منهـارة تمامًا !!! لم يكـن يتخيل أنها ستنهار بهذا الشكل .. 

لم يكن يتخيل أن ذلك الضعف يتوارى خلف القوة والعنـاد المزيـف !!! 

أن صفعـة متهورة لأول مرة تعرفه معنى التهور في حياته ستقلب صفحات حياتها الجامدة هكذا !؟ 

وحلاً متهورًا طار في أفـق عقله، ليمسكهـا يشدهـا نحوه فجأة .. 

ويلتهم شفتاهـا بنهـم في قبلة داميـة.. قبلة هادئة وحنونة عصفت بكيانهـا لتهزه !!! 

هدفهـا ان يلهيهـا عن الانهيـار وينتشلها من ضعفهـا !! 

يتذوق شفتاهـا وهو مغمض عينـاه يسرق تلك اللحظات التي ربما سيقتل عقله لومًا عليه فيما بعد !! 

دفعتـه عنهـا وهي تمسـح شفتاها التي كادت تدمي دمًا من إلتهامـه، لتهمس مصدومة بعنف :

_ أنت زيههم، زي كل الرجالة، مجرد واحد بيمشي ورا رغباته بس

_ اخرررسي، ماسمعش صوتك لحد ما نوصل فاهمة 

ضغـط على يـده بقوة يحاول التحكم في غضبـه حتى لا يضطر لفعل ما فعل مرة اخرى فيصبح النـدم الضعف !!! 

وللحـق .. هو نفسـه لا يفهم كيف فعلها ! 

كيف فعلها وهو يمطرهـا من سماء قسوته دائمًا ولا يأبه بها !!!!؟ 


                           **********


جلـس ياسيـن ليلاً في إحـدى المطاعـم الشهيـرة، وامـام النهــر تحديدًا ليشكيـه همـه، يشكيه هم عشـق كُبل به .. 

وفعليًا هو حاول تقبلـه، ولكن ماذا يفعل في قلب لا يُظهـر سوى النفـور لها !! 

لتلك التي تُدعـى خطيبتـه !؟ 

كان ينتظرهـا بعدما اخبرها بتلك المقابلة - الجبريـة - لترتدي ملابسها وتسرع إليه .. 

وصلـت فتقدمـت منه بأناقتهـا المعتادة، وشعرهـا المنسدل على ظهرهـا يحيط بملامحهـا الهادئـة بينه .. 

هو لا ينكـر جمالها، ولكن .. كم جمالها الهائـل لا يكتـم خانـة العشق فيملأهـا !!! 

جلسـت أمامـه على الكرسي الخشبـي وامامهم منضدة صغيرة تفصلهمـا .. 

إبتسمـت بفرح لتقول بعدها :

_ لما كلمتنـي مصدقتـش إنك فعلاً عاوزنـا نتقابل وجتلك جري رغم اني زعلانة منك

غامـت عينـاه ببـرود حقيقي لم يخفـى عنهـا ليهمس :

_ معلش بقا 

اومـأت متحمـسة، غير مباليـة ..وكأن ما رأتـه لم يكـن سوى شريـط سينمائـي لم يعجبهـا فمزقتـه .. وألقت به في جوف عدم مبالاتهـا !!!! 

وقالـت بابتسامـة شقـت وجههـا :

_ يلا بقا نفكـر في الڤيلا اللي بقالنا كتير ماشوفناش العمال بيعملوا فيها إية

 وتتكـدس المشكلة في كل مرة عن ذي قبل !!!! 

بكل مرة يزداد توهـج عيناها وهي تتحدث عن زواجهـم !!!

يصعب عليه أن يطفأه بنفـوره الأبدي منها !!!! 

وما يصعب الأمـر اكثر تلك التضحية الضعيفة التي تسكـن مقلتيها ! 

افـاق على همسهـا المتساءل :

_ ياسين روحت فين 

اجاب بابتسامة صفراء :

_ لا معاكِ اهو، المهم تشربي أية ؟ 

بادلتـه الابتسامـة - الحنونـة - لترد بهدوء :

_ أي حاجة، ولا أقولك .. اطلب لي زي ما انت هتشـرب 

اومـأ ليشيـر للنـادل وبجدية :

_ اتنين برتقـال لو سمحـت 

نظـر لـ ماهيـتاب مرة اخـرى لتقـول هي بجديـة متحمسـة :

_ يلا نشوف الموديلز على الانترنت ونختار 

وكـانت اجابتـه معتـذرة متلعثمة بعض الشيئ :

_ ماهي إحنا لازم نتكلـم في حاجة 

 سألتـه متلهفـة بابتسامة :

_ نتكـلم في إية ؟ 

يخبـرهـا ويحطمهـا وينتهي الأمـر !!!! 

أم ينتظـر حتى يزداد توغـل العشق فيهـا فيصبـح يسري معها كنسمـات الهواء الطـلق !؟ 

والأختيـار يصعـب كلمـا فكـر فيه يشعـر به يتلفت منـه فيخنقه التفكير أكثر ! 

حسـم الأمـر وقال بجدية :

_ ماهي انا مش عاوز أظلمك معايا 

سألته بتوجس وقد زالت ابتسامتها :

_ قصدك إية يا ياسين، أنت مش ظالمني ابدًا 

وأخـذ نفسًا عميقًا يستعـد به لملاقـاة دفاعتهـا القوية وسألهـا :

_ إنتِ مبسوطة معايا يا ماهي ؟ 

اومـأت مؤكدة بلا تردد :

_ طبعًا يا ياسين، أنا عمري ما كنت مبسوطة زي دلوقتِ 

فاجئهـا بجملتـه المغيمـة بالضيق :

_ بس أنا حاسس إني مخنوق 

وسؤالها المصدوم كان رد فعل طبيعي :

_ يعني إية ؟ 

رفـع كتفيه وأجاب ببراءة صادقة :

_ يعني انا كل مرة بقنع نفسي إني هأحبك مع الوقت، لكن كل ما فترة تمـر بأحس إني شعوري مابيتغيـرش 

هـزت رأسها نافيـة وبررت :

_ إنت ملحقتش تدي نفسك فرصة يا ياسين صدقني 

أستطـرد متنهـدًا بهدوء حـازم :

_ أديـت، متهيألي 4 شهـور فرصة كويس لنفسي اللي هي مش عاوزة تحب، أنا أسف يا ماهيتـاب 

برقـت عيناهـا من رفـض غير متوقـع ابدًا !!! .. رفـض أقسمت انه لن يأتي يومًا ربما لأنه مقيدًا بالمصالح المشتركة بين والديهـم ؟!

وسألته هذه المرة بسذاجة :

_ لا لا مستحيل، إنت متأكد من اللي إنت بتقوله ده يا ياسيـن 

اومـأ مؤكدًا :

_ أول مرة أكون متأكد كدة 

زمجـرت بغضـب عمى عيناها عما تقوله :

_ اه قول كدة بقا، كل ده عشان الحيوانة المجنونة اللي كنت حاضنهـا في المستشفى صح ؟ 

إتسعـت حدقتـا عينـاه السوداء 

رأتــه !!! 

رأتـه بالفعـل وتغاضـت عن هذه !!!

تغاضت عن جزءً منها .. ألا وهو الغيرة الفطريـة ؟! 

 ولكـن اجابتـه كانت بغضب مماثل :

_ ياريت تعرفي كلامك كويس، ثم أني مش شغال في السرايا الصفرا، أنا شغال في دار للأيتام، والبنت اللي إنتِ بتقولي عليها حيوانة ومجنونـة دي ممكن تكون أحسن منك، " إن الله لا ينظـر إلي صوركم وأموالكم، ولكن ينظـر إلى قولبكم واعمالكم " اما اني حضنتها ف ده شيئ مايخصكيش يا أنسة ماهيتاب 

نهـض وهو يخـرج الأموال ليضعها على المنضدة ويسير هاتفًا في حنق :

_ عكننتِ مزاجي الله يسامحك 

غادر لتكـز هي على أسنانهـا بغيظ، وخرج همسها متوعدًا بشراسـة :

_ مش هاسيبها لك يا ياسين صدقني !!!! 


                              ********


جـلست " رقيـة " في غرفتهـا، تلك الغرفة التي شهـدت حالاتهـا المتغيـرة ... 

تحديدًا على فراشهـا الكبيـر، امام الكمديـن الذي يحمـل سـرًا مغلف بقدرتـه الجبارة على تدميـر حياتها مع " مجدي " 

أخرجـت الدواء من الدرج، لتنظـر له .. 

وعيناهـا تنطـق بما على طـرف لسانهـا 

" أخد منع الحمل زي ما انا ولا لا " 

" مبقتش عارفة محتارة أوي " 

" لا بس مجـدي اتغيـر فعلاً، وبطل المخدرات خالص !! " 

" وافرض رجعلها في أي وقـت ؟! " 

تأففـت وهي تكاد تضـعـه في الدرج مرة اخـرى بغيـظ .. 

وانتهـت تلك الأمـواج المتلاطمة داخلها باصطدام في صخرة الواقـع 

ألا وهي " مجدي لا يستحـق ما تفعله !!! "

وفجأة فُتـح البـاب ودلفت ابنة خالتهـا " أمنيـة " دون أن تطرقـه .. 

فشهقت رقية وهي تقول :

_ في إية يا امنية خضتينـي 

غامـت عيناها بخبـث تحفظه رقية عنها، وسألتـها مباشرةً :

_ لية إنتِ كنتِ بتعملي حاجة ولا إية ؟ 

هـزت رقية رأسها نافيـة بارتبـاك وتلعثمت وهي تجـيب :

_ لأ طبعًا، هــ هكـون بأعمل إية يعني !؟ 

اومـأت أمنيـة، وإلتزمـت الجدية وهي تخبرهـا :

_ طيب، على العموم حماتك جات تحت، عايزة تشوفـك 

سألتهـا عاقدة حاجبيها :

_ إنتِ جاية معاها ولا إية ؟ 

هـزت رأسها نافيةً بسرعة :

_ أكيد لأ، أنا كنت جاية لك عادي، قابلتها تحت شكلها هي كمان لسة جاية وقال إية جاية تسلم عليكِ 

زمـت رقية شفتاها ساخرة :

_ كتر خيرها بصراحة

نهضـت بهدوء لتغلق الدرج متجهه للخارج، واغلقت الباب خلفها ثم نزلت امام أمنية التي ابتسمت وهمست بخبث :

_ هبلة، مفكراني مشوفتش الدواء اللي  كانت بتخبيـه !!!!! 

... 

ابتسمـت رقية ابتسامة صفـراء أرهقتهـا لأخراجهـا في وجه تلك السيـدة الخبيثة المكروهه، والتي لا تدعـو ملامحها الي الابتسام امامها ابدًا !! 

فيما هتفت الاخرى بفـرح لا تتدعيـه :

_ اهلاً اهلاً بمرات أبني الغاليـة 

جلست بجوارهـا وهي تبادلها الابتسامة متمتمة :

_ نورتي يا طنط 

ربتت على كتفهـا وقالت بتلقائيـة :

_ بنورك يا حبيبتي 

ثم سألتـها بهدوء يمـوج به الخبث :

_ عاملة إية يا روكا  

_ الحمدلله تمام اهوو

قالتهـا وهي تنظـر امامها تعبث بأظافرهـا، كـزت الاخرى على أسنانهـا بغيـظ، وقد قررت بث بعضًا منه لها بكلامها فقالت بحزن مصطنـع :

_ معلش يا حبيبتي أنا عارفة أنها صعبة 

نظـرت لها رقيـة، وضيقت ما بين حاجبيها وهي تسألها :

_ هي إية دي اللي صعبة يا طنط ؟ 

وضعـت يدها على فاهها بصدمـة إرتسمـت على محياها بمهـارة في الاصطناع وأردفت :

_ لا مش معقـول متعرفيش إن صباحيـة أبني مجدي النهاردة 

وعندمـا تجـد الغيـظ هو فقط امامـك .. 

والغضب يتهافـت من عينـاك 

فاتخـذ الانفجـار طريقًا لك !!!!

وبالفعـل صرخت فيها باهتيـاج :

_ إنتِ مجنونة ياست إنتِ

نهضت الاخر تصيح فيها بحدة :

_ لا ماسمحلكيش، كل ده عشان قولتلك صباحية إبني 

ضغطـت على يدهـا بقوة وتابعـت مزمجرة :

_ صباحية إية ونيلة اية يا ولية إنتِ 

 سـارت متجهة للأمام بنفـور وقالت :

_ لا ده إنتِ بقيتي بيئة اووي يا رقية، انا ماشية ولما تعرفي تتكلمي نبقى نشوف 

أوقفتهـا رقية بقولها الجامد :

_ إستني هنا 

سألتهـا بسخرية :

_ ها في إهانة تاني ولا إية ؟ 

عقـدت ساعديها وهي تقول بصوت خالٍ من أي موجات عطوفة :

_ قوليله يبعتلي ورقة طلاقـي !!!!!! 


                          *********


وصـل " سليـم " امام إحـدى المحلات  التجارية للملابـس، نظـرة خاطفة نحو " المحـل " لتسأله بجدية غير معهودة منها :

_ إية ده إنت جايبني هنا لية ؟ 

نظـر لها بطرف عينيـه واجابته كانت باردة ملغمة بالتهكم الصريح :

_ هما بيعملوا إية في محلات الهدوم يا أنسة ؟ 

تأففت قبل أن تتابـع مستنكـرة :

_ بيشتروا هدوم بس إنت مين قالك إني عاوزة أشتري هدوم يعني !!؟ 

أشـار لعقلـه وقال :

_ ده، ويلا مش عاوز رغي كتير هه 

ترجـل من السيارة بهدوءه ورزانتـه المعتـادة ليتجـه نحوهـا، نظـر لها مضيقًا عيناه وسألها :

_ ما تنزلي مستنية إية حضرتك ؟ 

وكـأنها عاد لها قنـاعها المعتاد، ذو الكبرياء اللانهـائي كجبلاً لا يعـد ولا يحصى من الرمـال !!!

فنظـرت له نظرة ذات مغزى وأردفت :

_ مش لما تفتح لي الباب ؟ 

كـز على أسنانـه بغيظ حقيقي وكاد يفتك بها وهو يفتح الباب ليقول :

_ أنا مش الشوفير بتاع أبوكِ عاد يا أنسة 

نظـرت له من أعلاه إلى أمحص قدميه وهتفت :

_ ملكش دعوة بـ بابا لو سمحـت 

بالرغـم من عدم مبالاتـه .. من عدم حبـه لها اطلاقـــًا !!! 

إلا انها لن تلـوث تلك العلاقـة الأبوية من الطرفيـن !! 

دلفـوا إلى احدى المتجر .. تحديدًا إلى قسم السيـدات، في حين لم تتوقـف هي عن قول :

_ قولت مش عاوزة هدوم مش عاوزة زفـت 

وقسـوة تلقائيـة تمسـكت بخيوط رده اللاذع ليصرخ فيها :

_ معنديش خدم يلبسوا هلاهيـل، إنتِ هتشتغلي في بيت الصقر يا أنسة 

بدءت تشعـر أن كلامهـا ماهو سوى مغناطيـس للإهانـة !!! 

كلما حدثتـه بشيئ تلقت إهانـة تلقائـية تتلبس كلماتـه السامة !! 

وكالعادة سارت وشفتاها التي ترتعـش كانت خير دليل على محاولتها لكتم دموعهـا ... 

كانت صامتـة تمامًا في حين كان هو يختار لها الملابـس .. 

ملابـس مهندمـة تليق بتلك الطبقـة العاليـة، وكأن هو من سيرتدي تلك الملابـس وليست هي !!! 

استقـر على فستانًا طويلاً خاص بالمحجـبات، ضيق من الأعلى وواسع الى حدًا ما من الاسفل، تربطـه " فراشـة " عند الخصـر .. 

نظـر لها وهو يعطيها الفستـان وقال بخشونة :

_ خشي قيسي ده 

لم تتكـلف سوى بنظـرة باردة فقط، فكرر جملته الملحة :

_ بقولك خشي قيسي ده يلا 

عقـدت ذراعيهـا، واخرجـت حروفهـا مزخـرفة بالحدة الملاصقـة :

_ لأ، ماقبلش إن حد يصرف عليا 

ألقـى به عليها وقـال بجمود :

_ ده هيبقى من مرتبك يا انسة مش مجاملة لجمال عيونك 

تأففت وهي تستديـر لترتدي ذاك الفستان بغـل .. 

فيما كـانت فتـاة، شعـرها الأصفر يغطي جزءً كبيرًا من ملامحها الخبيثة البيضـاء، اقتـربت من سليـم بخطـوات مغزاهـا إظهـار جسدهـا المرسـوم !!! 

وضيقت عيناها الزرقاء وهي تسأله بنعومـة :

_ تؤمر بحاجة ؟ 

هـز رأسه نافيًا ولم يخـفى عليه خيـوط أنثى خبيثة ترغب الايقـاع به فيها، فابتسم بخبث متبادل ورد :

_ ميرسي لذوقك، لما احتاجك .. اكيد هقولك 

وبالداخـل إنتهـت سيلا، فنظـرت لنفسهـا بالمرآة .. وكان مظهرهـا كالأميرات في حفل زفافهـم ! 

ابتسمـت وخرجت بهدوء، لتصـدم بما أزال الابتسامة من على ثغرهـا في ثوانٍ معدودة !!!! 


                            *********


شظايا قسوته 


الفصل الثامـن : 


صُعقـت حرفيًا .. وتجسـدت الصدمة امامهـا  وهي تـرى " سليم " والفتـاة امامـه شفتاها تكاد تلامـس شفتـاه !!!! 

اقتـراب من مجرد رؤيتـه فقط خجلـت وغضبـت في آن واحـد !! 

اقتـراب !!!

حروف لم تتمناها يومًا، دائمًا كانت عليها أتربـة الخطر فتتجنبهـا .. وخاصةً مع ذاك الصقر !! 

اقتـربت منهم ومن ثم صاحت بغضب واضـح :

_ إنتـم اية اللي عامليـنه ده ؟؟؟ 

ابتعـدت الفتـاة بتوتـر، فيما رفـع سليـم حاجبه والأيسر ورد ببرود :

_ إية نظرك بقا ضعيف ولا إية يا أنسة 

وإتسعـت حدقتـا عيناها من بـرود لم تتوقـع ظهـوره في موقف كهذا ؟!!!! 

يجعـل البـرود خلفيـة لوضعه - المخجل - الان بدلاً من الاعتـذار ؟؟!!!!! 

هـزت رأسها نافيـة وقالت بحدة :

_ لا نظري مش ضعيف، إنتم اللي احترامكم لذاتكم قبل اي حد بقا ضعيف أوي كمان 

كلماتهـا كـانت محقـة .. مصوبـة في الاتجـاه الصحيح ... 

ولكنه .. لن يسمـح لها بتخطي حدودًا رسمها لأي انثى !! 

نظـر لها مضيقًا عينـاه وهتف بجمود :

_ حاجة ماتخصكيش 

وجهت سيلا نظراتها القاتلـة نحـو تلك الفتـاة اللعينـة لتزمجـر فيها :

_ وإنتِ يا حيوانة إية قليلة حيااا، انا هطلب لك بوليس الاداب حالاً، واقول شوفتهم في وضع مُخـل، وتتطردي إنتِ من الشغل اللي إنتِ مش مقدرة قيمتـه ده 

جحـظت عينا الفتاة ولمعت بخـوف حقيقي .. 

اما سليـم فقد كان يرمـق سيلا بنظرات لم تروق لها ابدًا !!

نظرات تختـرقها بحثًا عن غيـرة فطرية في بحـر عيناها العسلية !!!! 

غيرة !!!! 

نعم .. لم يكـن سليم بشخـص ساذج حتى يغفـل عن خيوطًا واضحة من الغيـرة انسدلت من كلماتهـا !!!! 

ليشيـر للفتـاة بصوت آمـر قائلاً :

_ روحي إنتِ شوفي شغلك 

نظـرت له الفترة بقلق وتساءلت :

_ طـب آآ هي 

قاطعهـا بصوت اكثر خشونة :

_ قولت روحـي 

اومـأت وهي تسير متجهه للخـارج .. 

تاركـة القطـة الشرسـة تحاول خدش الصقر !! 

واقتـرب سليـم من سيلا، اقتـراب جعل انفاسهـا تتضطـرب .... 

ظل يقتـرب وهي تعـود للخـلف حتى إلتصقـت بالحائـط خلفهـا، إلتصقت به اكثر وهي ترى اقتراب سليم يزداد !!! 

يزداد ليحيط بها كهالـة تخنقهـا قاصـدة ذاك التوتر الممتع بالنسبة له !! 

همست بصوت قد يكون ثابت الي حدًا ما :

_ إبعد ماتقربش اكتر من كدة 

هـز رأسـه نافيًا وهو يقترب اكثـر ملتهمًا تلك المسافة بينهـم وهمس بجوار اذنيها :

_ متقدريش تعملي لها حاجة، إنتِ خدامة عندي، مش مراتي !!!

نظـرت له متسعـة حدقتاهـا !! 

فاقتـرب مرة اخرى يكمل همسـه العابث :

_ غيرانة لية، ولا دي غيرة طبيعية يعني كمن إنتِ فكرتِ إني مهتم بيكِ 

دفعتـه بيدها وهي تسارع مبررة :

_ لا طبعًا غيرة إية أنت مجنون !!؟

سألها بخبث :

_ تفسري بأية إنفعالك ده ؟ 

رفـعت كتفيـها لتقول بلامبالاة مصطنعة :

_ كل المشكلـة يعني إني شوفت سفالة مفروض متحصلش في مكان عام كدة، إية مش خايف حد يشوفك

وبغـرور لا يصطنعـه قال :

_ أنا الصقر، مابخافش غير من اللي خلقني يا أنسـة  

وملاحظـة خاطفة طـارت فـوق سمـاء صدمتهـا من جبروتـه 

" لا ينطـق أسمهـا ابدًا !!!! " 

وكأن تلك الحـروف كانت وبـاء يخشى على نفسه نطقهـا ؟! 

بدلها بحـروف مرصعـة بالحـدة والجدية الزائـدة " أنسـة " !!! 

لوت شفتاهـا بتهكم وقالت :

_ طب ابعد يا صقر عشان مابحبش الحيوانـات الجارحة 

إحتـدت عينـاه .. ومن نيـران تتقافـز بين عيناهـا، لمستـه بغضبًا جم في روحه هو !!!

فأمسك فكهـا يضغط عليه بقوة محذرًا :

_ للمرة الأخيرة بقولك خدي بالك من كلامك لاني هاجي في مرة هقطـع لك لسانك ده

إبتلعـت ريقهـا بازدراء، وخوف داعبهـا من إهانة وسخرية خرجت زائـدة بين حروفهـا .. 

وربمـا ستضطر للتراجع عنها على حساب كرامتها التي اوشكت على النفاذ امام ذاك الصقـر !!!! 

ابتعـد عنهـا وهو يأمرهـا مشيرًا للفستان :

_ خشي غيري هدومك وفي ثواني ألاقيكِ ادامـي سامعـة 

غمغمت بضيق وهي تدلف :

_ سااامعة خلاص اسكـت 

ودلفت مسرعة مرة اخـرى، بينمـا اتجـه هو للفتـاة مـرة اخـرى !!!! 

وبعد دقائق انتهت سيلا وخرجـت وهي تزم شفتاها بضيق اجتاحهـا ويسيطر عليها منذ مقابلتها لهذا الصقـر ! 

وكان ينتظرها هو في الخـارج وبيده الملابس التي اشتراها لها .. 

وما إن خرجـت سيلا ورأتـه مرة اخرى حتى صُدمت من الفتاة التي كانت تقف بجواره ... 

تنهـدت وهي تُقسـم أن شحنـات الغضب في العالم كله اختزنت بداخلها هي لتفرغها اليوم !!! 

وصلت امامهم فاستطردت ساخرة :

_ إية جاية عاوزة تتهزقي تاني ولا أية ؟ 

اجاب سليم بدلاً منها بصلابة :

_ لا جاية عشان تعتذري لها علي اللي قولتيه جوة 

رمقتـه بنظرات غاضبة .. حزينـة .. مترجيـة .. نظرات كانت كالسلاسل تحاول تقييده بها عن ذاك الاعتذار المخجل ولتلك الفتاة تحديدًا !!!! 

ولكنه لم يأبه وهو يشدد على حروفه قائلاً :

_ يلا ياريت بسرعة عشان تشوف شغلها اللي هي عارفة قيمتـه كويس 

اغمضـت سيلا عيناها عن تلك النظرات المنتصرة بعين تلك الفتاة لتهمس :

_ سوري 

ثم استدارت لتركـب السيارة مسرعـة، وكأنها تختبئ من عـار اوصمه هو عليها بكلمة واحدة !!! 

ولكن كلمة لم تنطق بها يومًا لأي شخص سوى جدهـا فقط !! 

ولكن فجأة اغلقت البـاب لتركـض مسرعـة كالقطـة التي فـرت من براثن - صقر جارح - و...... !!!!!!!!! 


                          *********


جلست " أمنيـة " بجـوار رقيـة، في غرفتهـا، منذ مغادرة تلك السيـدة ورقية لم تكف عن السب واللعن فيها ... 

تخـرج غيظها على هيئـة صراخ وكلمـات سامة !!! 

بينمـا أمنية لم تكـف عن القول بذهول :

_ سيبتيـه يتجـوز يا هبلة يابنت الهبلة 

وصرخت فيها رقية بنفاذ صبر :

_ امنية، اطلعي من دماغي دلوقتِ أنا عفاريت الدنيا بتتنطط أدامي 

عقـدت امنيـة ساعديهـا، ولم تجد سوى التهكم تصرح به :

_ تقتل القتيل وتمشي في جنازته صحيح، مش إنتِ اللي خلتيه يتجوز ياختي 

نهضـت رقية وهي تكـز على أسنانـه .. 

وكانت ذكـرى ليلتهم معًا شريـط ملعون يتراقص بين جنبـات عقلهـا !!! 

ليجعلها تلعن نفسها قبله على تهاونهـا معه !! 

هتفت بغـل ظهر في نبرتها :

_ أنا السبب اللي خليته يتجوز ماشي، إنمـا ما قولتلهوش روح أدخل عليها وقوم من حضني عشانها 

_ عبيطـة 

قالتها وهي تنهـض لتقـف بجوارهـا ثم تابـعت تبث الكلمـات التي تريدها هي في عقلها :

_ منا بقالي اد اية بقولك اسمعي كلامي، وإنتِ مش راضية 

هـزت رأسها وبأصرار حتمي استطردت :

_ ايوة، مش هعمل كدة يا امنية انسي الموضوع ده 

رفعـت كتفيهـا تقول بلامبالاة مصطنعة :

_ براحتك 

زفـرت رقيـة بقوة وهمست بشراسة :

_ بس ورحمة أمي ما هسكت وهوريهم النجوم في عز الضهر زي ما بيقولوا 

سألتهـا أمنية مستفسرة :

_ أوعي تكوني هتطلقي فعلاً زي ما قولتي للولية الأرشانة دي ؟ 

اومـأت مؤكدة :

_ ايوة هتطلق، استحالة افضل على زمته يوم واحد تاني 

نهـرتها الاخرى وهي تلكزها في كتفـها محذرة بخبث :

_ هبلة وعبيطة ومتخلفة كمان 

نظـرت لها رقية بحدة وسألتهت متهكمة :

_ لية بقا، لتكوني عاوزاني افضل معاه بعد ما اتجوز وسابني عشان يروح لها كمـان ؟ 

أشـارت لها مهدئة بيدها وأكملت :

_ يابت أفهمي، إنتِ كدة بتفضيلها الساحة، وبتقوليلها خدي جوزي على طبق من دهب اهوو

هـز رأسها نافية :

_ مش هقدر صدقيني اشوفه بيروحلها كل شوية وانا عارفة اية اللي بيحصل بينهم، انا مهما كنت ست بردو وبغير يا أمنية

 اقتربت منها أمنية تسألها مرة اخرى :

_ إنتِ عايزة ترجعي جوزك ليكِ ولا لا 

والاجابة كانت امرًا مفروغ منه ...

شيئ يتضـح في عيناهـا التي تنضـح بعشق ابدي قبل تصرفاتهـا التي نبعـت من تلقائية انثى تغـار !!! 

واومـأت مؤكدة :

_ اكيد طبعًا

نظرت لها بطرف عينيها وأردفت :

_ يبقى هتسمعي اللي هقولك عليه 

مطـت شفتاها وقالت بجدية :

_ على حسب اللي هتقوليه 

قهقت واجابت :

_ لا متقلقيش مش هتعترضي عليه أوي يعني 

سألتها رقية بفضـول شابه بعض الحمـاس لتلك العـودة القوية :

_ ها قولي يا مصيبة 

اقتربت منها لتبـدء الهمس في اذنهـا ما يجب أن تفعله .. 

تعلمهـا حرفًا حرفًا بالأبجديـة في عُرف الأنثـى الشرسة !!!!!! 


                         **********


وصـل ياسيـن الي منـزله، كـان مُـرهق فعليًا من كثـرة التفكيـر فيما حدث .. وما سيحدث !! 

عندما دلـف الي المنزل شعر وكأنه فأر يدلف الي منزل القـط وبقدمـيه !!! 

وتوقـع ثبت صحته حرفيًا عندما وجد والده ووالدتـه في بهو المنزل وبالطبـع في إنتظـاره .. 

لم تكـن " ماهيتـاب " إن لم تخبرهـم بما حدث !! 

لمَا لا وهي تتحكـم كأنه عرائـس اللهو تحركهم كيفما شائـت .. وكان أبيهـا وتعاوناتـه سدًا منيعًا خلفها !!!!! 

بمجرد أن رأه والده قال بجدية متهكمة :

_ شرفت يا سبـعي .. نورت البيت اللي أنت هاتخربه 

تنهـد ياسيـن بقوة، كأستعداد وتهيئة نفسية لأستقبـال - المرشـح الممل - القـادم 

ثم سأله بكل هـدوء :

_ هخربه لية يا بابا 

نهـض حسن متساءلاً بعصبية :

_ يعني أنت مش عارف لية ؟ 

اومـأ ياسين فصاح والده فيه بحدة :

_ إنت إزاي تفسخ خطوبتك بماهيتاب، ومن غير ما تاخد رأي اي حد فينا، ولا احنا ملناش لازمة في حياتك ؟ 

هـز رأسه نافيًا :

_ ابدًا يا بابا ماعاش ولا كان اللي يقول كدة 

اقتـرب منه يسأله بنفس الصـوت العالـي، وكأنه يستخدمـه كأداة لرهبة ياسين الذي لم تهتـز له شعره واحدة :

_ اومال إزاي حضرتك تعمل كدة، مش أنت اللي وافقت من البداية تخطبها 

اومـأ موافقًا بتنهيـدة :

_ عشان أنتم كنتم مُصريـن أوي عليها وانا عملت كدة عشان اريحكم، واهو اجرب 

ابتسم والده ابتسامة ساخرة وقال :

_ لا والله هي فردة جزمة بتجربها جنابك ولا إية، أنت مش واعي للمصالح اللي بينا وبين أبوها ؟ 

نظـر نحو والدتـه الصامتـة تمامًا، وكأنهم تعطيهم الساحة لجدال هي متيقنة أنه لن يجـدي نفعًا وخاصةً مع ياسيـن واردف :

_ لا مش فردة جزمة ولا حاجة، كل الموضوع إن الجواز ده نصيب، وأنا نصيبي مش مع ماهيتاب، أما الموافقة فهي عشان المصالح اللي حضرتك بتقول عليها 

مسـح والـده على خصلات شعره البيضـاء بغضب مكتـوم ... 

رغبـته في عدم اجـبار إبنه على أي شيئ امام قلقـه من فـض الشراكـات بين والد ماهيتـاب !!!! 

والغايـة تبرر الوسيلـة .. مهمـا كـانت في عُرفـه !! 

واخيرًا صدح صوت والدته الهادئ وهي تقول :

_ روح يا حبيبي خد دش وغير وأرتـاح شويـة 

اومـأ وهو يصعـد بهدوء مُرهـق ... 

وجلس والده بجوار والدتـه، بغضـب لم يكن منصهـر .. ولم يكـن بارد قليلاً .. بل كان خبيثًا يوازي إصرار ياسيـن !!!

فنظـر لها وقال :

_ قبل ما تتكلمي، مش هينفع أسيبه يدمـر كل حاجة عشان تفاهه اسمها حب !!!!!! 

بينمـا في الأعـلى انتهـى ياسين من الاغتسـال .. 

وخرج من المرحاض ليلقي بنفسه على الفـراش ..

تنهـد تنهيدة طويلة حارة تحمل بطياتها الكثير والكثير !! 

نظـر للأعلى بشـرود ... شعـور غريـب بدء في إحتلال ارضـه الخالية !!! 

ولكنه لم يستطـع تفسيره .. ولا يريد أن يفسره من الأسـاس !!!! ربما يكون إعجاب !!!؟ 

تذكـر ما حـدث بعد إستيقاظ ناديـن وكأن ذاكرتـه تؤكد له سبب ذاك الشعور الغريـب 

فلاش بــاك 

ظـلت ناديـن تهـزي وتصرخ بهيستريا :

_ شياطين، كلكوووا شياطيـن ! 

حاول الإمساك بيدها وهو يسألها :

_ نادين اهدي، إهدي 

لم ترد عليه واستمـرت على ما هي عليه، ليسأله مستفسرًا في محاولة للهدوء :

_ طب مين ده اللي شيطان ؟ 

لم تـرد عليـه .. خُيـل لها أنهم امامـها، وكان الذعـر أول مم إرتسم على محياهـا، لتعود للخلف تتكور في وضع الجنين .. 

وهي تضع يدها على اذنها صارخة ببكاء :

_ لا ابعدوا عني لااااا 

حاول ياسين احتضانهـا ولكن بالطبـع لم ترضى ولم تهدئ !!! 

ثورتهـا الان اكبر من مجرد احتضان - أخـوي - هادئ يمكن ان يهدئ من روعها !!

دلفت الممرضة في تلك اللحظة ممسكنة بــ - حقنـة المخـدر - وقالت :

_ سيبها يا دكتور ياسين، انا هديها الحقنى وهتنام 

هـز رأسه نافيًا بأصرار :

_ لأ، انا ههديها من غير حقن، هي لازم تبقى واعية وتواجه شوية 

كادت تعترض بتوجس :

_ بس دي مش هتهدى يا دكتور وآآ 

قاطعهـا بخشونـة وقد علمت من نبرته أن - لا مجال للتراجـع -

_ قولت لا خلصنا 

 فاستسلمت وعادت من حيث أتــت ... 

فيمـا أقترب ياسين من نادين ببطئ وهو يقول بصوت هامس :

_ إهدى يا نادين، أنا ياسيـن .. ياسين مش حد تاني 

اصبـح امامهـا تمامًا، ومن دون تردد هي من احتضنتـه !!! 

تشبثت به كطفلة تخشى من شيئ فتختبئ في حضن والدهـا الحنـون !! 

واخيرًا حدثتـه بصوت يكاد يسمـع :

_ ماتسبنيييش .. ياسين 

ابتسـم بسعـادة .. تحـدثت .. ونطقت بأسمـه !!! 

استطـاع التأثيـر عليها ولو لوهلـة !؟ 

حروف اسمـه خرجت من بين شفتاها بشكلاً غريب اثار تعجبه إلي حدًا ما !!! 

وكأن اسمه ما هو إلا طـوق نجاة بالنسبة لها فقط !!!! 


بـــاك ... 

_ مش هاسيبـك يا ناديـن 

قالها وهو يبتسـم لتلك الذكرى الهادئـة، ثم اغمـض عيناها بهدوء، لتبقى تلك الذكرى اخـر صورة يحتفـظ بها جفنــاه !! 


                        ***********


جـلست " جميلة " في حديقـة المنـزل، تلك الحديقة المزينـة بالزهور الطبيعية .. تضيئها الأنـوار الزهيـة حولها بشكل دائـري، وهي تجس بالوسط كأنها مـحط لفت الانتبـاه وهي تنظـر امامها بشـرود ... 

ما حدث عند الطـبيب وما أكد لهـا ان سيلا لم تفقد الذاكـرة يومًا كان كالزهـور القوية الملتفـة بين جنبـات عقلهـا !!! 

تذكـرت ما فعلتـه هناك ... 

فلاش بــاك .. 

دلفت للطبيب في مكتبـه الخـاص، بهيئتهـا الجادة والعالية المعروفـة 

لينهـض الطبيب محييًا اياها بترحاب شديد :

_ اهلاً اهلاً يا مدام جميلة منوراني 

ابتسمت مجيبة بحبور :

_ شكراً يا دكتور ده زوقك 

سألها بجدية مناسبة :

_ خير يا مدام جميلة، الاشعة لسة خلصانة وكنت جاي لكم بيها 

اومـأت موافقة وسألته :

_ والنتيجة اية ؟ 

اجاب بلا تردد :

_ البنت كذابة، مش فاقدة الذاكرة ولا حاجة، العقل سليم ميه في الميه

تنهـدت وإرتسـم على فاهها ابتسامة ثقـة... 

ابتسامـة كان مصـدرها ثقتهـا بكذب سيـلا !!! 

وهتفت بلا تردد :

_ مش عايزاك تقول لسليم يا دكتور 

جحظـت عينـاه بصدمـة، ليسألها بعدم فهم :

_ ازاي يعني يا مدام جميلة مقولوش، انتِ عارفة اني ماقدرش اخبي على سليم حاجة زي دي 

تنهـدت وهي تشرح له بغموض :

_ دي حاجة عائلية يا دكتور، وانا مش واحدة غريبة يعني، إنت عارف انا مين في حياة سليم ومش اول مرة اتعاما معاك، وإنت اكيد عارف إني يستحيل أأذي سليم 

اومأ مؤكدًا :

_ محدش يقدر يشك فيكِ يا مدام جميلة 

_ تمام، ياريت تنفذ طلبي يا دكتور ده اول طلب، ولولا انها حاجة عائلية كنت شرحت لك السبب بالتفصيل 

قالتهـا وهي تنهـض فيما اومأ هو بابتسامة مترددة :

_ بأذن الله، نورتينا يا هانم 

ابتسمت بهدوء :

_ شكراً بنورك 

ثم استـدارت وغادرت بهدوء تــام يجتاحهـا !!! 

بـــاك 

تأكـدت .. وبعدما تأكدت وقد علمـت سبب مجيئ سيـلا، فـلن تسمـح لها بالمغادرة 

إلا بعدما تؤدي ما أرادتـه .. 

مهما كلفها الثمـن، وإصرارهـا امام رغبـة سيلا في الفرار 

كان كنقطـة بيضاء وسط محيـط واسع من السـواد !!!!!! 


                           *********


ظـل " سليم " يركـض خلف " سيلا " التي لم تتوقف لحظة عن الركـض .. 

تفـر ويعاونهـا نحافة جسدهـا، تفـر وكل جزءً منها وكأنه يفـر من الإهانـات التي تحيط به من كل مكان !!! 

وتبكِ ... 

نعم تبكِ علها تخـرج شحناتها الغاضبـة !!! 

كلها تهدئ خلايـاها الثائـرة بداخلها !! 

ظل يناديهـا بصوتًا عالي :

_ سيلااااااا، إنتِ يابت اقفي يخربيتك 

بالطبـع لن تعيـره اهتمام ... 

اذنيها صُبغـت بصمـت - كعقـاب - فرض له !! ونادى مرة اخرى بحدة :

_ يا زفتة أقفي بقااا 

وطابـع الصقر بداخله دفعه للإسراع اكثر فأمسك بها اخيرًا وهو يلتقط انفاسـه، لتنظـر له بغضب محاولة الفرار منه، ولكنه كان الاقوى وهو يهزهـا مزمجرًا بوجهها :

_ إنتِ مجنونة بتجري كدة لية ؟ 

لم ترد فاستطرد بخشونة معهودة منه :

_ أفهم من كدة إنك زعلتي يعني ولا إية 

نظرت للجهة الاخرى فتابع بغضب مصطنـع - لأول مرة - :

_ لما أكلمك تردي عليا هه ؟ 

لم ترد ايضًا، فحذرها بوعيد ؛

_ هتردي عليا ولا .. ؟ 

هـزت رأسهـا نافية ومن ثم رمقتـه بنظرة متساءلة .. نظرة ملتقطة تهديده القادم بلامبالاة فأكمل ؛

_ ولا اعمل كدة 

وإلتقـط شفتاهـا في قبلة عميقـة، يلتهم فيها شفتاها بنهم مقيدًا خصرها بذراعيـه .. 

دفعتـه هي بقـوة .. 

وهتفت بغضب جم :

_ إنت قليل الأدب 

وفجأة رفعت يدها بكامل قوتهـا لتحاول صفعـه !!!! 

تصفـع الصقـر !!! 

لم تعـرف من أين اخترقتهـا القوة لتحاول فعلها .؟؟!!!! 

ربمـا أخلاقهـا من وخزتها لفعلها حتى لا يتكرر ذاك مرة اخرى !!!! 

ولكن .. فلتقابل العقاب اذًا بنفس القوة إن استطاعت !! 

وعند وصول عقلها لهذه النقطة ركضت مرة اخرى مستغلة صدمته القصيـرة التي انتهـت لتصبـح بقعة واسعة من الصدمة وهو يراركض وهي تنظر عليه وفي المقابل سيارة سريعـة متجهه نحوها و.............. !!!! 


                        ***********


تكملة الرواية من هنا


بداية الروايه من هنا



تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
CLOSE ADS
CLOSE ADS
close