أخر الاخبار

رواية بداية الرياح نسمه الفصل السادس والسابع والثامن والتاسع والعاشر بقلم شيماء سعيد

رواية بداية الرياح نسمه الفصل السادس والسابع والثامن والتاسع والعاشر بقلم شيماء سعيد 


رواية بداية الرياح نسمه الفصل السادس والسابع والثامن والتاسع والعاشر بقلم شيماء سعيد

 الفصل السادس.بداية_الرياح_نسمةحي_المغربلين الفراشة_شيماء_سعيد

جاء عابد مع عائلته الكريمة لتزيد حلاوة الأجواء، جلس على مقعد بالصالون و عينيه على باب غرفة مغلقة، قلبه على يقين أنها بداخل تلك الغرفة..


متشوق و مشتاق لرؤيتها ليريح قلبه و يطمئن عقله بوجودها بجواره، على الجانب الآخر فتحت باب الغرفة بكف يد مرتجف لتظهر رويدا رويدا.


يا الله على لذة اللحظة و دقات القلب التي تقرع مثل الطبول، جميلة لا بل هي بالحقيقة أكثر من فاتنة تقوده للهفة الغرام، أشارت إليها جليلة بالاقتراب و الجلوس بالمقعد المجاور له..


بتوتر و خجل رفعت طرف عينها لتتأمل طلته بتلك البذلة مع رفرفة رائحة عطره المميزة تدغدغ مشاعرها.


أخفضت عينيها سريعاً مع تدقيقه بأدق تفصيلة صغيرة بها، اليوم يوم عمره أخذ خاتم الخطوبة من جليلة و مد لها يده ليظهر كفها الموضوع به خاتمه الأصلي، بابتسامة مشرقة:


_ دبلتي بقت في إيدك يا فريدة الحلم ده حلمنا.


ردت إليه الإبتسامة بخجل قائلة:


_ شكلك حلو أوي في البدلة يا عابد.


خرج الجميع من الغرفة و تركوا لهما بعض المساحة، اقترب بالمقعد لها أكثر لو بيده لأخذها بأحضانه مردفا:


_ عارف إني وسيم جداً لما جيت أتقدم شكلك كان مدايق و أنا كمان مكنتش مرتاح كان فيه حاجة ناقصة يا فريدة النهاردة الدنيا كلها بين ايديا.


نطقه لحروف إسم فريدة قا*سي جداً على قلبها، لطالما تمنت هذا اليوم و تخيلت حروف إسمها من بين شفتيه، ربما يكون قلة ثقتها بنفسها السبب الأكبر بهذا يكفي حديث فريدة لها..


_ أنا عارفة كل حاجة يا فتون و عارفة إنك مفهمة عابد إنك فريدة، أنتي جميلة جداً من جوا و من برا مش محتاجة تبقي زي حد أو تبقي مكانه، لعبتك كمليها بس لو جليلة كشفتك أنا ماليش دعوة.


هدفها الوحيد الآن زرع حبه لفتون مثلما زرعت حبه لفريدة: 


_ عابد بصراحة أنا متلغبطة و في كلام كتير جوايا مش عارفة أعبر عنه بس متأكدة إن إحساسي واصل ليك كويس أوي زي ما أنا حاسة بيك.


بالخارج.


سندت جليلة رأسها علي الحائط سعيدة لأنها بدأت بتحقيق رسالتها، ربما لم تستطيع أخذ حبها كما تمنت إلا أنها أفنت حياتها مع توأم روحها.


تابعها الحاج منصور يعلم ما بها يود لو بيده القدرة على ضمها و إزالة كل ما بداخلها، حبيبته أمام عينيه و هو عاجز عن الحديث معها.


شجع نفسه و ذهب ليقف بجوارها مردفا بنبرة خشنة متوترة:


_ ألف مبروك يا ست البنات.


رأيتم من قبل أحد يخرج قلوب من عينيه يسحر بها من يحدق به، ها هي مثل مراهقة بأول حب لها مع زميلها بالمدرسة، تلون وجهها بحمرة الخجل رغم تصنعها للجمود قائلة:


_ الله يبارك فيك يا حاج عقبال مالك.


أخرج من فمه تنهيدة حارة و هو يقول بلوعة:


_ و إحنا يا جليلة هنفضل نتفرج على بعض من بعيد كدة، قلبك مش مشتاق لمنصور زي زمان ؟! 


أجابته بهدوء:


_ إحنا كبرنا يا منصور و الدنيا أخدت مننا كتير طلعني من دماغك عشان أنا مش هكون ليك و لا لغيرك... من البداية حبي ليك كان غلط كبير، كفاية كلام في الماضي أنا معنديش استعداد افتكر حصل فيه إيه.


حمقاء و ستظل الباقي من عمرها حمقاء، تحمل الذنب بمفردها رغم أنها كانت فقط فتاة صغيرة رائعة الجمال عاشقة لرجل رآها بعدها تزوج، تحدث بتعب:


_ جليلة إللي فات انتهي لحد امتا هتفضلي كدا؟!


_ مستحيل ينتهي لا أنت هتنسي مو*ت مراتك بعد ما عرفت حبنا و لا أنا هنسى أبويا.


_ ده مكنش حب يا جليلة ده كان عشق و أنتي كنتي مراتي قبل منها.


_____ شيماء سعيد _______


علم بما حدث مع صديقه المقرب ليقرر الذهاب للمشفي ليكون بجواره، تذكر أزهار و طريقتها بالحديث حركة شفتيها الغريبة تجعلها قابلة للأكل، ربما أكثر ما شد انتباهه لها تلك العباءة السوداء الملفوفة على جسدها الصغير. 


تشبه الفاكهة المحرمة رغم أنها أمامه و بينها و بينه خطوة واحدة، يريدها و سيصل إليها بأي شكل... فاروق المسيري صياد ماهر يعشق الشعور بالانتصار بعد الصبر. 


فتح له الحارس باب السيارة على باب المشفى ليغلق زر بذلته و يخرج مرتديا نظارته الشمسية.... خلفه يعتبر جيش من الحراس، دلف إلى غرفة صديقه فارس المهدي تحت أنظار الصحافة و ركضهم خلفه من أجل أخذ كلمة واحدة. 


اعتدل فارس بمكانه متوترا خصوصاً بعدما علم هوية فتاة ليلته المميزة، إقترب منه فاروق بإبتسامة مرحة قائلا :


_ يا أخي الصحافة دول عليهم كلام ما أنت أسد أهو فيك إيه يعني، بس غريبة يا فارس من امتا و أنت بيكون معاك بنات في البيت و ليه البنت دي عملت كدة؟! 


ابتلع فارس لعابه لا يعلم كيف يرفع عينه بعين صديقه و يرد عليه، أخذ نفس عميق قائلا:


_ مش فاكر حاجة إلا إني كنت مستنيك في المكان بتاعنا و معايا المخرج و صفا علام بعدين مش عارف حصل ايه؟! 


تعجب فاروق مردفا:


_ طيب و فين الحراس بتوعك و مش المفروض بنت عمك معاك في البيت؟! 


يقلقه.. يضغط عليه لأقصى درجة ممكنة، بعد ما حدث لا يستحق أي شيء فشقيقته ضاعت على يديه، جذب شعره بعصبية يحاول الهروب لا يعلم أهو يهرب من فاروق ؛ أم يهرب من نفسه و من تلك المشاعر العاصفة:


_ مش فاكر حاجة تانية يا فاروق مش.. مش حابب أتكلم في الموضوع ده تاني. 


تفهم حالته و حرك يده على كتف الآخر مردفا بقوته المعتادة:


_ خلاص و لا يهمك البنت دي في أقرب وقت هتكون تحت إيدى ارتاح أنت بس، أنا لقيت البنت اللي هتروح لفوزي الخولي. 


انتبه إليه بكل حواسه ربما تكون نهاية فوزي الخولي أوشكت على الاقتراب، سأله بجمود:


_ حلو أوي كفاية وسا*خة اللي زي ده لازم يروح في دا*هية، بس مين البنت دي بقي يا ترى؟! 


_ بنت اسمها أزهار شرسة و أنت عارف إن فوزي لازم ست قوية تقف قصاده عشان تقدر تحمي نفسها منه كويس أوي. 


______شيماء سعيد_______


بحي المغربلين شقة كارم. 


مثل عادتها تغلق عليها باب غرفتها تعيش على مواقع التواصل الاجتماعي دون حساب لربها أو زوجها، غار*قة ببحر من الحرام تتلذذ بالمال و الشهو*ة، أطلقت ضحكة رنانة مع سماعها لحديث صديقتها مع باقي الشلة.. 


منال بخبث:


_ وصلني خبر إنك كنتي إمبارح قال إيه في روم مغلق من الولد الكنج حصل ده؟! 


بضحكة رقيعة أجابتها نجوى :


_ ايوة يا حبيبتي الكنج بيطلب جوجو بالإسم أمال إنتي فاكرة الموضوع إيه؟! العبي العبي عشان أقفل التارجت ده كمان بعد ما الكنج قفل ليا اتنين. 


قطع حديثها صوت ضجة عالية بالخارج لتقوم بارتداء جلباب بيتي فوق قميص نومها و تخرج، كانت الحاجة صباح على الأرض و فوقها صينية الأطباق، وضعت نجوى يدها على صدرها شاهقة:


_ طقم الصيني بتاعي انك*سر أهو هو ده اللي باخده منك و من ابنك المشاكل بس، قومي يا اختي نضفي الأرض و من معاش جوزك يكون عندي طقم أغلى من ده، على رأي المثل رضينا بالهم و الهم مش راضي بينا. 


______شيماء سعيد______


بالولايات المتحدة الأمريكية. 


انتهت من ترتيب حقيبتها بخزانة الملابس بعقل شارد تفكر كيف يمكنها الهروب من هذا الحارس لتستطيع الذهاب إلى بناتها، خرجت من جناحها بقصر فوزي الخولي بأمريكا... الأحمق قال للحارس إنها شقيقته من الأم. 


نزلت للأسفل تبحث عن مخرج دون أن يراها أحد، أخيرا خرجت من باب المطبخ لتقف متجمدة مكانها كارم يقف أمامها بإبتسامة مستفزة.. 


يعلم من البداية أنها تريد الهروب لسبب خفي و هذا كلام ولي عمله؛ لذلك كل خطوة تفكر بها يسبقها هو قبلها، بحركة مستفزة لعب بأحد حواجبه مردفا :


_ على فين العزم يا هاجر هانم.. 


ضغطت على شفتيها بغيظ تل.عن فوزي بسرها لا يكفي هو عليها ليأتي لها بهذا الحارس، عادت خطوة للخلف قائلة ببرود:


_ و أنت مالك، خليك في شغلك و بس لما أعوزك هقولك. 


ابتسامته رجولية جذابة مختلفة جداً عن أي إبتسامة رأتها لديها سحرها الخاص، بنفس البرود أجابها بصوت أجش: 


_ إنتي شغلي و حدود عملي إنك تبقى تحت عيني في أي مكان إلا الحمام. 


اتسعت عينيها بذهول من وقا*حته ماذا يقول هذا الرجل شهقت بخجل قائلة:


_ إيه الوقاحة دي اعرف بتتكلم مع مين الأول بدل ما أقول لفوزي يعرف شغله معاك. 


هز كتفيه بلا مبالاة مردفا:


_ عادي روحي قولي عشان بالمرة يعرف أخته عايزة تهرب تروح فين، اطلعي على أوضتك من غير كلمة. 


_ و لو قولت مش طالعة؟! 


_ أطلعك أنا في خدمتك يا حلوة الحلوين. 


أنهى جملته و هو يحملها على ظهره مثل شوال البطاطا، وسط صري*خها و ذهولها من سقوط يده على خصرها بقوة:


_ آه يا قليل الأدب يا متحر*ش نزلني فوراً. 


_ هنزلك على سريرك و الأفضل ليكي تفضلي في اوضتك أنا على آخرى منك. 


_____شيماء سعيد_____


عند فاروق في الشركة. 


أخذ يتابع أعماله و بين كل دقيقة و الثانية ينظر للهاتف ينتظر قدومها و كأنه على يقين من وجودها بعد قليل، و بالفعل دق الباب و دلفت السكرتيرة قائلة بإحترام:


_ فاروق بيه في واحدة إسمها أزهار طالبة تشوف حضرتك. 


أشار إليها بإدخال الأخرى لتخطو أول خطوة إلى عرينه بقوة مثل العاصفة، غضبها واضح بعينيها الساحرة، سند بظهره على المقعد بأريحية شديدة مرحبا بها ساخرا:


_ شوكولاته هنا بنفسها سعادتي صعب وصفها، اتفضلي اقعدي. 


اقتربت من مقعده و دقات قلبها ظاهرة من ارتفاع صدرها أمام عينيه بوضوح، لع*نة المسيري حلت عليها ليخ*رب حياتها:


_ أنت مصنوع من إيه يا جدع أنت مالك و مال شغلي، أنا متأكدة إنك السبب اللي خلى الناس اللي بجيب منهم الخضار يرفضوا الشغل معايا. 


قام من مقعده مشيراً لنفسه ببراءة:


_ أنا يا شوكولاته أعمل فيكي كدة، ليه هو انتي مهمة لدرجة إني أضيع دقيقة من وقتي عشان أبوظ شغلك؟! 


رفعت حاجبها و أخرجت من بين شفتيها الفاتنة شهقة في غاية السوقية قائلة:


_ جتك ضر*بة تاخدك يا بعيد وقت إيه يا أبو وقت إذا مكنتش حر*امي و إحنا عارفين كنت قولت إيه، على العموم قصره عرضك مرفوض مش ناوية أشتغل معاك. 


في لمح البصر كانت مقيدة بين ذراعيه و صدره العريض الخبث يلمع بعينيه و هذا يخ*يفها، سحب خصلة شعرها الظاهرة من تحت الحجاب و وضعها تحت حجابها قائلا بعين مركزة على جزء معين بوجهها :


_ شعرك يظهر كله أو يبقى تحت الطرحة كله الحجاب مش لعبة إيه فايدته و أنا شايف لون شعرك و نعومته، الصبح تكوني عندي عشان نبدأ التدريب أنا واثق إنك عرفتي كل حاجة عن فوزي و عايزة تساعدي الناس ترتاح من شره، آخر حاجة بقى من أول يوم شوفتك فيه عايز أحط على الشوكولاته مكسرات و مع الوقت تعوم في العسل.. 


لم تفهم كلمة واحدة من حديثه إلا مع شعورها بسخونة شفتيه على شفتيها يتذوق بها طعم الشوكولاته المميزة بصك المكسرات خاصته لتعطي مذاق ساحر. 


ابتعد عنها بعد فترة غائب عن العالم فقط يشعر بنشوة و اكتفاء تلك القبلة، تفاجأ من رد فعلها و حذائها المرفوع أمام وجهه تحاول الوصول إليه بكل قوتها صار*خة بجنون:


_ يا ابن ***** أنت فاكر كل الطير و الا إيه رو*حك هتخرج في أيدي دلوقتي. 

استغفروا الله لعلها ساعة استجابة ♥️


الفصل السابع

#بداية_الرياح_نسمة

#حي_المغربلين

#الفراشة_شيماء_سعيد


ابتعد عنها بعد فترة غائب عن العالم فقط يشعر بنشوة و اكتفاء تلك القبلة، تفاجأ من رد فعلها و حذائها المرفوع أمام وجهه تحاول الوصول إليه بكل قوتها صار*خة بجنون:


_ يا ابن ***** أنت فاكر كل الطير و إلا إيه رو*حك هتخرج في إيدي دلوقتي. 


شرسة شهية بكل تصرف منها تقود رغبته بها إلى حد الجحيم، يده سبقتها قبل أن يسقط الحذاء على رأسه، كأنها بداخل حرب تقاوم لآخر لحظة لأخذ حق قبلة واحدة لا أكثر. 


ربما فكرة أنه الأول بكل شيء لها يجعله متحمس لتعليم هذه القطعة من الشوكلاته لذة الحياة مع فاروق المسيري، لسانها لا يمشي مع وصفه لها على الإطلاق: 


_ أبعد عني يا عرة الرجالة بتتكلم عن الدين هو أنت تعرف عنه إيه يعني يا واكل حق الولايا، سيب بقولك لو راجل سيب. 


من صغره يعرف عنه أنه ثلاجة من شدة بروده لا يعلم لما معاها بدأ يفقد أكثر ميزة يحبها بنفسه؟! بيد سيطر عليها و بالأخرى وضعها على فمها يمنعها من الحديث قائلا بغضب:


_ اخرسي شوية.. واحدة تانية كان أغمى عليها من البوسة دي أنتي إيه يا بت أنتي؟! 


حركت رأسها بقوة ليبعد يده عن فمها لتقول بشراسة:


_ يغمى عليا ليه عشان تكمل ما أنت شكلك نص كم و تعمل أبوها، و بعدين هي سم قاتل يا جدع أنت.. 


قهقه بمرح مردفا:


_ لا رومانسية يا غبية أقول إيه ما أنتي عايشة حياتك بين البتنجان و الكرنب، دلوقتي عشان أسيبك تنزلي الشبشب ده بدل ما أجيب الأمن و أقول إنك بتعرضي نفسك عليا أنا واكل حق الولايا مش هاكل حقك أنتي. 


لأول مرة تخاف فهي فتاة بسيطة مهما حدث و شرفها و سمعتها فوق كل شيء، أومأت برأسها عدة مرات ليبتعد عنها و تنزل هي الحذاء من يدها قائلة ببراءة غريبة عليها:


_ عندك حق فعلاً صنفك ده أنا عارفاه كويس، بس أقسم بالله حقي ما هسيبه و أنا و أنت و الزمن طويل، أقولك حاجة أحسن حسبي الله ونعم الوكيل فيك يا شيخ خدها من قلب حزين عمره ما فرح.


جلس على مقعده و هو يحاول البقاء جامد أمامها ثم أردف بخبث:


_ طيب تعالي اقعدي عشان نمضي عقد الشغل إللي بنا، مهو لازم أضمن وجودك من أول العملية لآخرها.... الشغل شغل يا شوكولاتة، بصي هاتي بوسة كمان و أنا أمضي بدالك على عقد يا ستي.


_____ شيماء سعيد _____


لا لن تستسلم بتلك السهولة لهذا الرجل الغريب هنا ليتحكم بها، ما يفعله أوامر من فوزي ليعلم إلى أين هي تذهب دائماً بسفرها، طاقتها على تقبل أي ذكر بحياتها تحت الصفر. 


ارتدت كاش مايوه من اللون الأسود ثم رفعت خصلاتها على شكل ذيل فرس اشتاقت إلى رفيق رحلتها الدائم البحر، تعلم كم هي امرأة جميلة و ربما أكثر شيء لا تحبذه بنفسها جمالها، لعلها لو كانت بملامح أقل من العادية لتفادت الوقوع بيد فوزي الخولي. 


بخطوات رشيقة نزلت للأسفل تحضر نفسها للسباحة، ضغطت على شفتيها بحنق كبير من هذا الأحمق الذي يجلس أمام حمام سباحة و كأنه يتوقع قدومها. 


كأنها لم تراه خلعت حذائها و رفعت الكاش مايوه لتنزل المياه انتفضت على أثر صر*يخه بخروج باقي الرجال.. مقتربا منها بنظرات متوعدة مشيراً لها:


_ إيه الزفت اللي أنتي لابساه ده عايزة تنزلي المياة و الرجالة دي كلها واقفة؟!.. 


بالحقيقة لا تعلم لما كل هذا الانفعال حركت كتفها بلا مبالاة و عدم فهم قائلة:


_ و أنت مالك روح على شغلك لما أعوزك هقولك. 


عقد ذراعيه قائلا ببرود لا يعلم لما دائماً يرتاح من أعماق قلبه على استفزازها و حر*ق أعصابها:


_ مش هقول لحضرتك كل مرة أنتي شغلي يعني أنا مفيش ورايا حاجة إلا أنتي دي أوامر فوزي بيه أخو حضرتك. 


خرجت من بين شفتيها ضحكة ساخرة... أبعد كل هذا فوزي شقيقها، عجباً لك يا زمن حتى كلمة زوجته يرفض قولها أمام الحارس، خلعت ثوبها لتبقى فقط بمايوه قطعة واحدة و نزلت بالماء البارد مردفة:


_ طيب خليك بقى اتفرج... يمكن تقول لولي نعمتك عدد أنفاسي كمان، لو بتتكسف تشوف ست عريانة عادي جداً غمض عينيك يا بيضة لحد ما أخلص. 


اللعنة عليها و على وقاحتها التي يراها لأول مرة على امرأة بحياته، بالفعل الحياء تاج لا يتحلى به إلا الأميرات بأخلاقهم، رد عليها بعين ثاقبة:. 


_ أنتي ست مش محترمة محتاجة إعادة تربية من أول و جديد و ده هيكون على إيدي أنا، اطلعي يا بت بلاش تكوني أول حرمة أمد إيدي عليها... 


لا ترى لا تسمع لا تتكلم هو بالنسبة لها غير موجود أمامها من حال الأصل، كارم رجل مختلف عنها بالثقافة و طريقة التربية و الحياة، خلع بذلته النظيفة و ألقى بنفسه داخل حمام السباحة يسحبها من ذراعها للخارج قائلا بنبرة مه*ددة:


_ كام مرة أقولك اشتري عمرك و امشي عدل بدل ما أخرج عن شعوري، أنا المغربلين يا مزة مش من التجمع يعنى ممكن أخليكي تمشي تلفي وراكي، فوزي بيه مش ولي نعمتي بس قالي إنك مش مظبوطة و محتاجة ضبط مصنع و دي مهمتي، اخفي على اوضتك يلا. 


_ و أنت بقى يا تربية الشوراع اللي هتعيد تربية هاجر هانم علوان من جديد؟! 


______شيماء سعيد_______


بحي المغربلين. 


انتهى حفل الخطوبة و هي فقط تتابع ما يحدث من بعيد، لا تعلم أهي على صواب أم على خطأ بأخذ فتون دورها إلا أنها تشعر بالقليل من الراحة على سعادة شقيقتها. 


أغلقت على نفسها باب غرفتها و فتحت هاتفها لتقلل من حدة مشاعرها، كالعادة الأخبار ليس لديهم حديث إلا على فارس المهدي و حالته الصحية، شعورها بالذنب يأكلها لا تتذكر ما عاشته معه و لا تعلم ما هو مصيرها بعدما فقدت عذريتها، فقط ضميرها يؤلمها فهي تتمنى شفائه حتى تبتعد عن الجميع و تبقى بمكان خالي من البشر تتعبد الباقي من عمرها لعل الله يسامحها. 


" تدهور حالة الفنان فارس المهدي و دخوله في غيبوبة مجهولة المدى " جملة من إعلامي هدت روحها.. أكل هذا من خبطة بسيطة؟! 


تفاجأت من عناق فتون لها قائلة بدمعات خجولة:


_ شكراً يا فريدة أنا مش عارفة اقولك ايه على اللحظات اللي عشتها بره دي. 


أبعدت فريدة شقيقتها عنها ثم اخذتها من يدها إلى الفراش مردفه بجدية شديدة:


_ مفيش بنا شكر بس في شاب روحه و قلبه في إيد واحدة باسم واحدة تانية، فتون أنتي حلوة أوي من جوا و من برا يمكن مفيش فرق بنا غير اللبس و الإسم بس اللي حصل من شوية ده إسمه تزوير... كذبة مينفعش تبني حياتك عليها، لو فضلتي باسم فريدة يوم كتب كتابك أنتي و أنا و عابد حياتنا هتكون نار، مش محتاجة اسمي عشان هو يحبك لأنه حب روحك و تصرفاتك أنتي مش فريدة فكري كويس لأنه بيحبك و الكذب هيكون نهاية العلاقة دي، جليلة ممكن من الزحمة تكون مخدتش بالها لكن بعد كده اللعبة هتكون مكشوفة، تصبحي على خير. 


تركتها تعيد حساباتها مع نفسها من جديد و خلدت للنوم تحاول إصلاح كل شي قبل أن يأتي وقت الذهاب بلا عودة. 


بالغرفة المجاورة كانت جليلة تتذكر يوم زواجها من منصور و ما حدث معها على بعض النغمات الخاصة بأم كلثوم لأغنيتها الشهيرة فات الميعاد، بالفعل فات ميعاد كل شيء بينهما من سنين زاد بها الحب و شاب بها العمر. 


فلاش باااااك. 


كانت تجلس بقمة خجلها و هي ترى منصور يمسك بإيد خالها يعقد قرانه عليها، حلم العمر الآن يصبح حقيقة ملموسة رغم نقصان سعادتها بعدم وجود ابيها و شقيقها فاروق. 


ارتفاع الأصوات مع كلمة المأذون الشهيرة "بارك الله لكما و بارك عليكما و جمع بينكما في خير "، دقائق و رحل الجميع ليبقى معها بشقته بمفردهما زوجته و على اسمه و بين أحضانه. 


جذبها ليضمها لصدره قائلا بحرارة:


_ مبروك يا حلم العمر كله، اسمك بقى على اسمي يا جليلة مفيش قوة في الأرض ممكن تفرق بنا. 


انتهت تلك الليلة بسعادة و مر على زواجها السري منه عامين لتتفاجأ بليلة غريبة أن اليوم زفاف منصور على تحية إبنة عمه، لو لكسر القلب صوت لوصل لآخر العالم، ذهبت إلى شقتها معه بنيران تأكل قلبها لا تعلم لما هي هنا.... 


دلفت للداخل لتجد العريس ترك عروسته بعد إنتهاء الزفاف و يجلس هنا، لماذا أتى الآن ليس لديها القليل من القدرة على المواجهة و تحملها، جلست على المقعد بجواره قائلة كلمة واحدة :


_ ليه؟! 


سؤال بلا جواب أو ربما الجواب أشد قسوة إلا أنه سيقوله:


_ عشان أنا إنسان ضعيف بحاول أنقذ وكالة أبويا اللي أخوه اخدها بوضع اليد بحاول أرجع حقي أو على الأقل أحافظ عليه، مش هطلب منك السماح يا جليلة بس هقولك إنك حتة مني. 


ألف آه و آه على تلك اللحظة لم تفعل للغدر حساب و هي تترك أبيها و أخيها لتكون زوجة له سرا، خطأ لا يمكن إصلاحه وقعت به و عليها تحمله لذلك أردفت بصوت مقهور:


_ مبروك يا عريس أنا فعلا حتة منك بس ممكن تعيش من غيرها زي الزايدة مثلا، تعرف يا منصور لو على حد العتاب و اللوم هيبقى على واحدة غبية زيي مش عليك. 


انتهى الفلاش باااااااك. 


_ فات الميعاد بس النار لسة نار يا منصور مش بتحرق إلا قلبي انت عشت حياتك و أنا اندفنت مع سري بالحيا.


______شيماء سعيد_______


بصباح اليوم الثاني بالمشفي المقيم بها فارس، دبر خطته و بانتظار التنفيذ خبر الغيبوبة انتشر ربما تأتي و ربما لا إلا أنه يتمنى قدومها، سهل أمر دخولها للمكان رغم صعوبة الموقف.. 


و بالفعل تم نجاح الخطة بجدارة عالية، دلفت إلى المشفى بنقاب يخفي ملامح وجهها، لماذا أتت لا تعرف إلا أنها تريد الاطمئنان عليه كي يرتاح ضميرها على الأقل. 


تعجبت من سهولة دخولها لغرفة العناية و زيارته دون حتى البطاقة الشخصية، أغلقت الباب خلفها بحذر اقتربت من فراشه بقلب يدق مثل الطبول بليلة زفاف صعيدي. 


رأسه مغلفة بالشاش و القطن يبدو عليه بعض الشحوب، اهتزت بوقفتها أهي الآن تزور رجل فقدت عذريتها على يديه و تشعر بالحزن من أجله؟! أهي حمقاء أم فقدت الشعور بكل معاني الحياة حولها؟! 


ابتلعت لعابها مردفة:


_ يمكن الغلط كله من البداية أنا السبب فيه حتى لما ضربتك و مشيت.. مكانش ينفع أتحمل ذنب روح.. كفاية الذنب اللي عليا، أنت لازم تفوق و تبقى كويس أنآ أقل من إني أقتل إنسان حتى لو أنا و هو نستحق القتل، قوم كمل حياتك أرجوك أنت ممكن تكمل عادي لكن أنا لا كل حاجة بالنسبة ليا إنتهت... 


بدأ يفتح عينيه بشكل غير واضح ليراها فقط لا أكثر إلا أنها حرمته من رؤيتها بنقاب يخفي معالم وجهها، كان بالبداية سيراها فقط إلا أنه الآن قرر كشف نفسه حتى يستطيع إطفاء شوقه لها. 


نظر إليها بإبتسامة مشتاقة و كأنه عاشق لها و يعرفها من سنوات ثم مد يده يزيل عنها هذا الحاجز قائلا بصوت أجش:


_ طول ما أنا عايش مفيش حاجة إسمها إنتهت لسة كل حاجة بتبدأ يا فريدة حتى اسمك فاكره كويس أوي بقى محفور في عقلي. 


انتفضت من مكانها تحاول الفرار... مواجهة لا تريدها إلا أنه أحكم قبضته عليها مردفا بتعب:


_ رايحة فين ده أنا ما صدقت تيجي برجلك لحد هنا يا بنت المسيري. 


ابتلعت لعابها.... على حافة الهاوية هي وصلت... احمر وجهها ثم ضغطت على شفتيها قائلة:. 


_ أبعد عني لو سمحت أنا أول مرة أشوفك يمكن دخلت أوضة غلط. 


حرك رأسه نافيا و هو يقول:


_ بس أنا شوفتك قبل كده مش بس شوفتك يا فريدة أنا ملكتك بصمتي على كل حتة فيكي لو أنتي مش فاكرة أنا فاكر، مش أول مرة تدخلي معايا أوضة غلط و وعد مني ليكي مش هتكون المرة الأخيرة. 


أغلقت عينيها ها هي تقع بورطة جديدة مع نفس الرجل و للمرة الثانية تأتي إليه بنفسها، جذبت يدها منه قائلة بنبرة جامدة:. 


_ أنا متأكدة إني عمري ما شوفتك يمكن حضرتك بتتخيل ابعد ايدك. 


رد عليها بخبث واضح من لمعة عينيه:


_ يعنى كل ده تخيل حتى الكلام اللي خرج منك من شوية كان برضو تخيل، أي علاقة زوجية ناجحة بتكون من حاجة معينة و أنا متأكد إننا هنكون أنجح زوجين. 


فهمت ما يقصده و هذا جرحها إلى أكبر حد ممكن... جزء كبير من احترامها لنفسها سقط على الأرض و لاحظ هو ذلك ليكمل حديثه بلهفة :


_ فريدة أنا مقصدش حاجة وحشة، حزنك صعب عليا جداً مقدرش أتحمله بلاش النظرة دي. 


جاءت لترد عليه إلا أنه تم فتح الباب من قبل فاروق قائلا بقلق:


_ بتعمل ايه في العناية يا فارس كل ده عشان توصل للبنت إياها دي واحدة شمال. 

استغفروا لعلها ساعة استجابة ♥️


الفصل الثامن 

#بداية_الرياح_نسمة 

#حي_المغربلين 

#الفراشة_شيماء_سعيد 


لثانية واحدة تجمد جسدها مع صوت أخيها خلفها، أكثر ما يؤلم روحها حديثه عنها دون أن يعرف من هي، تفاجأت من رد فعل فارس السريع بوضع النقاب على وجهها. 


لطالما تعاملت مع فاروق بكبرياء و كأنه لا يعني لها شى لماذا الآن تشعر أنها وصمة عار عليه؟! سيطرت على أعصابها و ارتجاف كفها الواضح ثم فرت من الغرفة دون أن ترفع عينيها بعين فاروق. 


أغلق فاروق الباب خلفها ثم غمز إلى صديقه بمكر قائلا : 


_ متجوز و بتدور على البنت بتاعت الليلة إياها.. مين المزة دي كمان؟! 


سؤال واحد يدور بعقل فارس بلا إجابة ماذا سيفعل فاروق عند معرفة الحقيقة؟! صداقة سنوات ستنتهي بلحظة واحدة الأكبر و الأكثر خطورة من ذلك أثر كلمات شقيقها الأحمق على قلبها الرقيق. 


رفع عينيه لفاروق مردفا بنبرة هادئة:


_ بلاش تتكلم عن البنت بالشكل ده يا فاروق، أنا كنت سكران آه بس متأكد إنها أول مرة تشرب أو يقرب منها راجل. 


ابتسم إليه فاروق بهدوء و جدية واضحة عليه دائماً :


_ لو كويسة زي ما بتقول هتيجي هنا عشان تشوف حل في المصيبة اللي وقعت فيها، أنا عايزك تهتم بصحتك و تقوم بسرعة عشان محتاجك معايا الفترة الجاية. 


رد عليه فارس بثبات:


_ بداية اللعب مع ابن الخولي امتى؟!


عاد فاروق بظهره للخلف واضعا ساق على الآخر و بعينيه نظرة كبرياء واضحة:


_ اللعبة هتبدأ من الليلة... البنت هتكون في بيته الليلة... 


اعتدل فارس بجلسته يبدو أن اللحظات الحاسمة على وشك الاقتراب، ربما حان الانتشاء بلذة الإنتقام من فوزي الخولي، سأله بقلق:


_ البنت دي مضمونة؟! 


ضحك فاروق على تذكره لها، شوكولاته تمكنت من أخذ حيز كبير من تفكيره، يشعر ببعض القلق عليها مع فوزي و عقله يرفض تلك الفكرة، أزهار فتاة بسيطة يريدها لسببين فقط بحياته الأول دواء الملل و الثاني القضاء على فوزي، حرك رأسه ليخرجها من عقله قائلا:


_ مضمونة جداً و حتى لو لعبت يمين أو شمال متخافش دي بنت غلبانة مالهاش أهل.. ماضية على عقد بمليون دولار و هي مش معاها ألف جنيه، أنا لازم أمشي دلوقتي عشان أقعد معاها و أفهمها مطلوب منها إيه بالظبط، همر عليك تاني الصبح سلام يا فخر السينما المصرية. 


_______شيماء سعيد______


بحي المغربلين. 


مثل كل صباح فتحت جليلة القهوة الخاصة بها المقابلة لمحل العطارة الخاص بمنصور، جلس منصور على باب المحل ثم أشار لحد العاملين لديه قائلا:


_ واد يا حسين هاتلي قهوتي من عند الست جليلة. 


رغم أنها أغلقت صفحة الماضي من سنوات إلا أنه هو من أجبرها على فتحها، رؤيتها له بعد حديثهم بخطوبة فريدة و عابد جعلت نيران من الأشواك الحادة تضرب بها من جديد، وقفت على بابها مردفة بعصبية:


_ مفيش قهوة النهاردة اليوم إجازة احنا فاتحين بس للنضافة يا حاج. 


شقية وقع بغرامها و نال منها الحب إلا أنه إلى تلك اللحظة لم يشعر بالشبع أو الاكتمال إلا أمام عينيها العاصفة به، رسم على وجهه إبتسامة ساحرة ثم أردف: 


_ و اللي ميقدرش يشرب القهوة إلا من ايدك يعمل إيه يا ست جليلة. 


أطلقت ضحكة ساخرة مجيبة عليه: 


_ يصبر لبكرة يا حاج.. الصبر دايما بيكون مفتاح الفرج.. 


منصور بنظرة عتاب خفية إلا أن صوته و نبرته وصلت إليها:


_ العمر عدى في الصبر يا جليلة. 


لماذا دائماً يذكرها أنه أكمل حياته بدونها و هي فقط من ضاع عمرها بلا هدف؟! امتعض وجهها و أجبرت حلقها على ابتلاع تلك الغصة.. رفعت أحد حاجبيها بسخرية مردفة:


_ عمر مين يا أبو عابد ربنا يديك الصحة و تشوف أحفادك، واد يا حسين ابعد عن القهوة ناويه أرش مياة ممكن تبوظ مقامك. 


ابتسم لها منصور قائلا : رش المياة عداوة يا جليلة... 


_ و احنا من امتا بنا غيرها يا حاج؟! 


______شيماء سعيد______


بالصعيد لدى بيت العمدة. 


وضعت آخر شيء بحقيبة سفرها ثم أغلقتها، هذه هي فرصتها للعودة لحياة فارس من جديد، يستحيل أن تترك مجال لفرحة لتكون زوجته بالكامل، دلف للجناح زوجها عتمان عمدة النجع. 


ألقى على صفية نظر تقييمية قبل أن يجلس على الفراش بجوارها، لا يحبها و لا تحبه هي فقط بالنسبة له صندوق من الذهب بمال عائلتها غير ذلك شابة صغيرة تعطي له بعض المتعة رغم غرورها الممل. 


حرك فمه بسخرية قبل أن يسألها :


_ على فين العزم يا مرات العمدة؟!. 


رمقته بنظرات حارقة ثم أبعدت عينيها عنه بتقزز من أي شيء يجمعها به مردفة:


_ نازلة مصر أشوف ولد عمي اللي بين الحيا و الموت فيها حاجة دي يا عتمان؟! 


أزال العمة من على رأسه الخالية من الشعر و ألقى بالعباية أرضا قبل أن يقترب منها بلمعة عين تعرفها و لا تكره غيرها قائلا :


_ طيب حيث كدة قربي شوية أشبع منك على ما ترجعي. 


أبعدته عنها بنفور صارخة به:


_ بقولك فارس بين الحيا و الموت و أنت دماغك فين، بقى فرحان إن حد من عيلتي عيان أنت عارف فارس بالنسبة ليا سند و أخ، أنا مش قاعدة فيها يا عتمان ابقى اتحاسب مع أبوي. 


أخذت حقيبتها و خرجت من المنزل بالكامل بطريقها إلى القاهرة لن تعود إلا و هي زوجته بعد طلاقها من هذا العجوز. 


_______شيماء سعيد_______


حبيسة بين أربع حوائط لا تحبذ رؤية أحد خصوصاً هذا الكارم اللعين مثل ولي نعمته، اشتاقت لبناتها و تخشى عليهم من فوزي أمنية وحيدة بسيطة بداخلها الهروب مع فلذات كبدها إلى مكان لا يعلمه أحد. 


خرجت من الغرفة تبحث عن كارم ربما تصل معه لحل وسط لتخرج دون أن يعلم فوزي، وجدته مثل العادة على باب غرفتها. 


رمقها بنظرات قوية... آخر حديث قالته له هز كرامته كرجل و هذا يستحيل أن يسمح به، أخذت نفس عميق لأول مرة تشعر بالخجل من تصرفاتها متذكرة رؤيته لها بالمايوه، تنحنحت مصطنعة القوة قائلة:. 


_ حضر نفسك عشان ورايا مشوار مهم.... 


أوما لها بكل صرامة مردفا: 


_ العربية جاهزة اتفضلي يا هانم كله تحت السيطرة.. 


عادت إلى غرفتها مرة أخرى سترى بناتها اليوم رغما عن أنف الجميع، بدلت ملابسها ثم نزلت إلى الأسفل صاعدة إلى السيارة بالمقعد الخلفي ليتولى هو أمر القيادة، دقائق و قام فوزي بالاتصال عليها انقبض قلبها و هي تردف دون وعي:


_ مهو يا ربنا ياخدك أو ياخدني أنا عشان ارتاح. 


ظلت تنظر للهاتف عدة ثواني قبل أن تقوم بالرد خائفة من رد فعله :


_ ايوة يا فوزي. 


أتى إليها رده الصارم ببعض الغضب:


_ فوزي حاف أنتي معاكي حد و الا نسيتي أنا أبقى مين؟! 


عملها الأسود هو عملها الأسود بالحياة... احمر وجهها و ارتجف كفها الحامل للهاتف، تابع كارم ما يحدث من مرايا السيارة بتعجب لما هي خائفة لتلك الدرجة؟! تظهر قوية رغم ضعف عينيها و حزنها، ابتلعت لعابها بتوتر مجيبة:


_ ايوه أنا في العربية و معايا كارم آسفة مكنتش أقصد. 


أردف الآخر بجدية:


_ مفيش مشكلة عايزك تكوني في مصر على آخر الأسبوع ده أظن كفايه راحة لحد كدة أنا زهقت. 


اللعنة ستعود إليه من جديد، ترقرقت الدموع بمقلتيها مع خروج شهقة قوية من بين شفتيها مردفة :


_ تحت أمرك اقفل و الا حضرتك تؤمر بحاجة تانية؟! 


_ اقفلي. 


يا الله كأنها أخذت حكم البراءة من معتقل ما، أخيرا سمحت لأنفاسها بالخروج من صدرها براحة حتى لو مؤقتة، رفعت عينيها لكارم وجدته ينظر أمامه بهدوء و هو يقول:


_ حضرتك كويسة يا هاجر هانم؟! 


أومأت إليه برأسها قائلا بإبتسامة لأول مرة:


_ أيوة بخير ممكن تقف عند المول اللي جاي عايزة أجيب لبس. 


دلفت للمول ثم إلى القسم الحريمي مع رفضها دخوله معاها إلى الأماكن الخاصة بالملابس النسائية المنزلية، تأكدت من وجوده بالخارج ثم فرت من الباب الآخر بكل أسف رآها و ركض خلفها، خرجت للشارع و قبل أن تتحرك وجدت من يكتم أنفاسها لتصرخ بأعلى صوتها باسمه:


_ الحقني يا كارم. 


صعدت إلى سيارة مجهولة الهوية و هو يركض بمحاولة يائسة للوصول إليها. 


_______شيماء سعيد_____


بحي المغربلين شقة كارم.. 


_ خالتي يوسف خليه معاكي على ما أروح و آجي، و ياريت الأكل يخلص أنا الصبح أخدت دورك في الجمعية عشان أجيب طقم صيني جديد بدل التاني.... 


قالت نجوى هذه الأوامر و هي تعد نفسها للخروج بارتداء عباية سمراء ضيقة من الصدر و تضع على وجهها بعض مساحيق التجميل مع حذاء من الكعب العالي. 


نظرت إليها السيدة صفية بحسرة على حال ابنها، أعطت لها حنان الأم و لم تأخذ منها إلا قسوة القلب، خرج من جوفها تنهيدة حارة قائلة:


_ مش مهم تمن الجمعية أعمل واحدة تانية أصلح بيها سناني، بس أنتي رايحة فين دلوقتي يا بنتي؟!. 


رمقتها نجوى بنظرات غاضبة ألا يكفي عليها إبنها و فقره... لتأخذها هي الأخرى تكمل عليها، تشدقت بفمها ثم أجابتها بسخرية واضحة:


_ مالكيش دعوة يا خالتي قولت لجوزي و مفيش إلا هو اللي فارق معايا، طالما هو عارف أنا فين و راضي الباقي في أقرب حيطة يسلم عليها بدماغه. 


أنهت حديثها و خرجت من المنزل صافقة الباب خلفها بقوة، أخذت السيدة صفية ابن ولدها بداخل أحضانها فهذا الطفل يعتبر يتيم الأم، أسندت رأسها على الحائط قائلة بدعاء:


_ ربنا يهديكي لنفسك يا مرات ابني نهايتك هتكون وحشة أوي. 


________شيماء سعيد_______


بصباح اليوم الثاني بقصر المسيري. 


استيقظ فاروق منذ الصباح الباكر مثل عادته لغرفة الرياضة التي يقضي بها طوال فترة وجوده بالقصر، أخذ يتمرن على كيس الملاكمة منتظر قدومها، عقله شارد بأكثر من إتجاه.... الأول هي و الثاني كيف يحصل على ما يريده منها؟!. 


هذه الفتاة مختلفة كثيراً عن باقي النساء.. غنية رغم فقرها، جميلة رغم بساطة ملامحها قوية رغم ضعف عينيها، ربما يكون أكثر رجل أناني على وجه الأرض فقط معها، فهو لم يأخذ امرأة بحياته عن طريق الخداع إلا هي.... إذا أراد الحصول عليها لابد من اللعب على أكثر وتر ضعيف لدى أي امرأة "القلب". 


تصبب جسده عرقا و هو لا يشعر فقط يحارب ضميره الذي يرفض و بشدة تلك التجربة و عقله الذي يحثه على خوضها، بكلا الأحوال سيعوضها ماديا و ستكون أزهار أخرى بعيدا عن غرفتها التي تقطن بها فوق سطوح منزله بحي المغربلين. 


دق باب الغرفة بيد مهتزة تخشى رد فعله على قطع وقته، أمر للطارق بالدخول و عينه على الباب، دلفت الخادمة برأس منخفضة مردفة :


_ الأمن بره بيقولوا البنت اللي حضرتك مستنيها بره بتنتظر على البوابة. 


_ خليها تدخل هنا. 


جملة واحدة قالها ببحة صوته الخشنة اتسعت على إثرها عين الخادمة، لا تستوعب أنه سيترك أحد يدلف لقصره و غرفة تمرينه غير الخدم، ألقى عليها نظرة مستفسرة لتخرج من الغرفة بسرعة البرق. 


أما هو وضع يده على عنقه محركا إياه يمينا و يسارا  هامسا بنبرة دافئة :


_ نورتي قصر المسيري يا شوكولاته. 


خمس دقائق و دلفت إلى المكان بعين متسعة لا تصدق ما تراه فهذا العالم جديد عليها بشكل كلي، كأنها بأحد الأفلام الأسطورية.... أكل هذا ملك لشخص واحد؟! 


ابتلعت ريقها مردفة بحسرة على حالها:


_ طول النهار أقول على الأوضة المعفنة بتاعتي أحسن من القصور، جتني خيبة لو أبويا الله يرحمه كان عايش كان فكر نفسه في ميدان التحرير، صحيح المال الحرام كتير. 


انتفض جسدها على إثر صوته الضاحك خلفها:


_ شوكولاته امسكي الخشب المكان هيقع على دماغنا. 


بحركة أكثر من عفوية بالنسبة لها بصقت على مقدمة صدرها قائلة بفزع:


_ جرا إيه يا جدع أنت مش تقول دستور و الا أي حاجة، و بعدين أمسك الخشب ليه البيت ريحته مش حلوة.. تحسه شبهك كبير و حلو بس بارد و قليل الأصل... 


اتسعت عيناه من تعبيرها عن مشاعرها و وصف ما بداخلها بكل بساطة، ربما قست عليه بالكلمات إلا أنها قالت ما يريد قوله هذا القصر بارد مثله يحتاج إلى دفء العائلة. 


أقترب خطوة واحدة للأمام مردفا بنظرات لم تفهمها:


_ مهو أنتي هنا عشان البيت يدفى... 


عاد إلى رشده.. هنا ليس المكان الذي يمرح معها به خصوصاً بوجود الخدم، أشار لها على غرفة الرياضة قائلا:


_ يلا تعالي ورايا عشان نبدأ الشغل، عايزك تاخدي بالك من خطواتك اللي جاية كويس جداً مش عايز غلطة هيكون تمنها حياتك و أنتي حياتك بالنسبة ليا أغلى من حياتي أنا شخصياً. 


لماذا دق قلبها بتلك اللحظة لا تعلم، ربما من حلاوة الجملة أو من جفافها العاطفي.. خطت أول خطوة بداخل الغرفة لتتعجب من حجمها و كم الآلات الموضوعة بها، رفعت رأسها إليه ليشير إليها بالاقتراب منه قائلاً لأول مرة بجدية معها:


_ أول حاجة لازم تعرفي مين فوزي الخولي و ازاي بيبص لأي ست عينه تقع عليها... بعد كدة هتتعلمي معايا الدفاع عن النفس بكل أشكاله عشان تقفي في وشه بكل قوتك في أي لحظة غدر لحد ما أوصلك أنا.. 


أومأت إليه ليكمل حديثه و هو يخرج أمامها على شاشة كبيرة لا تعلم من أين أتت على الحائط صورة لفوزي:


_ هو ده فوزي الخولي عشان أكون صريح معاكي بيعشق الستات و خصوصاً الست القوية عشان بعد كدة يسيطر عليها و يحس بالانتصار، دورك هو مش فوزي اد ما هو مكتب فوزي اللي في جناحه مش اللي تحت، عايز تصوير كامل للجناح و المكتب بالأوراق اللي فيه من غير ما يكون هو في القصر، إياكي يا أزهار تدخلي الجناح ده و هو فيه فاهمة؟!


حركت رأسها إليه ببعض الرهبة فهذا الرجل يبدو عليه غضب الله، شعر بها ليقول بقليل من المرح:


_ أنتي بتخافي زينا يا شوكولاته. 


_ أنا مش بخاف إلا من ربنا يا ابن الأكابر. 


بلحظة واحدة كانت تزين أحضانه ليهمس لها بمشاعر ضربت بداخلها الكثير ليرتخي جسدها بين يديه و تبدأ من هنا نسمة الرياح العاصفة:


_ شكلي وقعت في غرامك يا شوكولاته. 

أستغفروا الله لعلها تكون ساعه استجابه


الفصل التاسع.... 

#بداية_الرياح_نسمة 

#حي_المغربلين 

#الفراشة_شيماء_سعيد 


الخوف شعور اعتادت عليه من أول زوجها بفوزي الخولي، الظلم و عدم رؤيتها للمكان حولها أقل رعبا من رؤيتها لما يحدث لها و هي عاجزة عن الدفاع عن نفسها، أغلقت عينيها لا تعلم أين هي و لا تريد أن تعلم ربما تموت بعد دقائق معدودة و تنتهي معاناتها بالحياة. 


حزنها الوحيد على بناتها لا تتمنى غيرهم بتلك الحياة، كارم لماذا صرخت بإسمه و لماذا بداخلها يقين أنه لن يتركها هنا كثيراً، أسندت رأسها على الحائط خلفها بقلة حيلة من أتى بها لهنا و ماذا يريد...لا تعرف... 


فقط أخذت نفس عميق و كتمته لعدة ثواني بين حنايا صدرها كنوع من التسلية بهذا المكان، دقيقة و الثانية ثلاث ساعات تقريباً و تم فتح باب الغرفة و من هنا علمت هوية الخاطف... 


فاروق المسيري و من غيره عدو فوزي اللدود، أضاء الأنوار و جلس على مقعد فخم لا يليق على المكان، وضع ساق على الآخر مخرجا سيجاره الفاخر أخذ نفسا عميق ثم أردف ببحته الرجولية:


_ هاجر علوان بنفسها عندي تعرفي أنا جاي من مصر مخصوص عشانك؟! منورة مخزني المتواضع.. 


يسخر منها هذا واضح مثل الشمس، تحدثت عنه في برنامجها كثيراً إلا أنه لم يرد على انتقاداتها لو مرة واحدة، إبتسمت إليه بنفس سخريته قائلة:


_ المخزن نور من أول دخولك يا باشا، تعبت نفسك و خطفتني و جاي عشاني من مصر ليه كل ده كان ممكن بإتصال أكون عندك.. 


بحركة سريعة بدل اتجاه مقعده ليجلس عليه بشكل عكس الاتجاه و ألقى بسيجارته أرضا مجيبا عليها بهدوء:


_ أنتي هنا بالطريقة اللي تليق بهاجر علوان، بلاش نضيع وقت بعض خصوصا إن الحارس بتاعك بيدور عليكي زي المجنون في كل مكان... شوية صغيرة و يوصل عشان ينقذ ست الحسن، فوزي الخولي رقبته عندك غالية و الا رقبة التلات بنات أغلى... 


هنا اختفت قوتها بناتها خط أحمر و فاروق لديه بالحرب كل شيء مباح، ارتجف فكها و انهارت حصونها رفعت عينيها برجاء خائف ليقول هو بقوة:


_ بلاش النظرة دي مش فاروق المسيري اللي رجاء أول ضعف شخص يفرق معاه و بالذات أنتي يا هاجر هانم، عايز أسمع رأيك روح مين عندك أغلى؟! 


ارتفعت دقات قلبها أصبح صوت أنفاسها يصل لكل ركن بالمكان الإجابة حاسمة إلا إنها بالفعل محصورة بين وادي الذئاب، حركت شفتيها المرتجفة بصوت هامس مردفة:


_ أكيد بناتي يا ابن المسيري... 


صفق بيديه الأثنين بطريقة درامية ثم أردف :


_ يبقى تسمعي كلامي بالحرف الواحد مش مطلوب منك إلا اللي هقوله.. دي الغلطة بروح بناتك و هسيب روحك تتحسر عليهم... 


أومأت برأسها عدة مرات تستمع إليه بعيون متسعة.. أهي ستفعل كل هذا؟! انتفضت على صوته الصارم:


_ عرفتي مطلوب منك ايه؟! 


ببحة متحشرجة أجابته:


_ موافقة.. طيب و بناتي؟! 


قام من مكانه متجها للباب قائلا :


_ في حماية فاروق المسيري الباقي من عمري و أفديهم بدمي لو مطلعش منك غدر، هما في قصر المسيري هنا تقدري تشوفهم في أي وقت، الشاطر حسن بيجري ورا العربيات بتاعتنا عشان يوصل ليكي و أهو باقي خمس دقايق و يوصل، معلش هتاخدي أنتي و هو ترحيب بسيط مننا عشان فوزي مايشكش في حاجة. 


بالفعل خمس دقائق و وجدته ينط لها من سقف المخزن بوجه غارق بالدماء، شهقت برعب فهي تعيش مسلسل أكشن لا تعلم نهايته، اقترب منها محاولا أخذ أنفاسه بانتظام لتردف هي بلهفة:


_ مين اللي عمل فيك كده أنت كويس؟!


حرك يده على خصلاتها بحماية مردفا بصوت أجش :


_ متخافيش أنا كويس و هنخرج من هنا بسلام. 


سقطت دموعها لأول مرة تشعر أن حياتها مهمة لدى أحدهم، شخص خاطر بحياته فقط من أجلها.. الله على حلاوة هذا الشعور، تفاجأت من حمله لها على ظهره مكملا حديثه:.. 


_ اتحملي شوية هنط من سقف المونتال ده ممكن تتعبي شوية بس لازم نخرج قبل ما حد يدخل... 


_ ممكن تخرج لوحدك و أفضل أنا هنا.. أكيد فوزي هينقذني... 


لا تعلم لما أردفت بتلك الكلمات ربما تريد التأكد أنه هنا من أجلها فقط، اتسعت ابتسامتها بسعادة مع إجابته الحاسمة:


_ أنتي فاكرة شنبي ده على مرا و الا إيه، أنا كارم الريس هنطلع سوا يا أموت أنا و أنتي تطلعي... 


صمتت و كان الطريق سهل ففاروق سهل لهما الخروج دون مشكلات يكفي ما حدث بتدخل كارم و اشتباكه مع رجاله، مع أول تاكسي صعدوا إليه ليقول جملة واحده قبل أن يفقد الوعي:


_ قولي للسواق أقرب مستشفى يا مزة... 


________شيماء سعيد_____


بحي المغربلين شقة جليلة... 


أخذت فتون تدور حول نفسها مثل اللصة، متفقة مع عابد على اللقاء بسطح المنزل لأنه مشتاق لرؤيتها، أخذت نفس عميق أخيرا استطاعت الوصول لباب المنزل إلا أن فرحتها لم تدم طويلا لتجد يد توضع على ظهرها... 


شهقت برعب تخشى أن تكون جليلة... عقلها يأمرها بالفرار الآن، أغلقت عينيها بقوة كأن بتلك الطريقة لن تراها الأخرى... 


قهقهت فريدة بأعلى صوتها على شقيقتها الحمقاء تفعل أشياء لا يفعلها المراهقين، اقتربت أكثر من أذن فتون قائلة بفحيح:


_ على فين العزم يا سنيورة هربانة زي الحرامية كدة و رايحة فين؟! 


صرخت بقوة على دفعة فتون لها إلى الخلف و هي تحاول أخذ أنفاسها المسلوبة، نظرت لفريدة بشذر مردفة: 


_ آه يا حيوانة كان قلبي هيقف من الخوف أحسن جليلة تكون هي اللي شافتني... 


رفعت الأخرى حاحبها قائلة ببعض الكبرياء:


_ احترمي نفسك يا بت أنا أختك الكبيرة و قولي فوراً رايحة فين قبل ما أنا أقول لجليلة بنفسي... 


علت نبرة صوتها بآخر كلمة لتضع فتون كفها على فم الأخرى تمنعها من الحديث، ثم أجابتها بصوت هامس :


_ أكبر مني بخمس دقايق مش خمس سنين اسكتي، هقولك رايحة فين بس أوعي جليلة تعرف... رايحة أقابل عابد على السطح لازم يعرف الحقيقة أنا مش هفضل جوا الكذبة دي الباقي من عمري... 


توترت فريدة مع حزن و خوف شقيقتها.. الموقف ليس بتلك البساطة الخوف الأكبر من رد فعل عابد بعدما يعلم بالحقيقة، هل سيتقبل ذلك أم الأمر سيكون أقوى بكثير من أي توقع؟!


ابتعدت خطوة للوراء ثم أردفت بجدية و تشجيع: 


_ أنتي صح الكذب نهايته وحشة أوي و هو فعلاً لو بيحبك مش هيفرق معاه الإسم يا فتون لأنه حبك أنتي بشكلك و شخصيتك، و متخافيش جليلة في القهوة خرجت من ساعة و هتيجي وقت الغدا... 


_______شيماء سعيد________


على السطح كان يقف منتظرا قدومها مشتاقا لها إلى حد جنوني.... فريدة القلب و الروح هي، حب تغلغل بداخله صدفة لتبقى بعدها جزء لا يتجزأ منه، رغم أنها نسخة طبق الأصل من شقيقتها إلا أن عينيه تميزها و روحه تشعر بها قلبه يدق بقربها... 


بين كل ثانية و الأخرى ينظر إلى أسفل السلم لعل و عسى يرى طيفها يصعد إليه، اتسعت ابتسامته مع طلتها عليه برائحة الياسمين المشع بالحياة... 


جذب كفها إليه قائلا :


_ أخيرا ملكة قلبي قررت تحن عليا و تطلع تشوفني، اتأخرتي عليا أوي يا فريدة.. 


نطقه لاسم شقيقتها أذاب حلاوة اللحظة كانت تطير مع كلماته بمشاعرها إلى سماء العشق حتى سقطت إلى أسفل أرض.. 


تصنعت الإبتسامة و هي تسحب كفها من بين يديه مردفة بتوتر :


_ على ما جليلة خرجت من البيت أنت عارف إنها رفضت نتقابل برة الشقة لحد كتب الكتاب، بس أعمل إيه في قلبي جالك جري... 


جلست على مقعد قديم مركون على سطح المنزل بجوار شقة أزهار الصغيرة، جلس بجوارها قائلا ببعض الحدة:


_ يا بت بقولك كلام حلو يكون ردك دبش أعمل ايه يا ربي قلبي حب واحدة متخلفة، المفروض أقولك وحشتيني تقولي و أنا كمان بحبك و انا كمان هفضل أعلم فيكي لحد امتا؟!


ضحكت ضحكة بسيطة الدلال عنوانها ؛ ثم حركت كتفها بلا مبالاة مردفة:


_ حيلك يا عم الحاج كلام حلو و موضوع و أنا كمان ده لما تبقى جوزي مش دلوقتي خالص. 


الصغيرة تلعب بمشاعره بكل احترافية و هو الأحمق كل تفكيره مع ضحكتها التي خطفت قلبه من مكانها بأقل الجهود، اقترب منها بمسافة قليلة إلا أنها بالنسبة لها أكثر من مهلكة، تضغط على الوتر الحساس لديه و الآن دوره ليلعب معها، حدق بعينيها يسحرها بطريقته الخاصة هامسا بصوت أجش :


_ طيب بذمتك بتموتي فيا والا لأ ؟! 


بخجلها الفطري أعلن انتصاره عليها ليقول مكررا طلبه :


_ قوليها عايز أسمعها منك.. 


_ بحبك... 


آه و ألف آه على حلاوة و لذة تلك الكلمة كتم أنفاسه لعدة ثواني يستمتع بترددها داخل أذنه فقط، بنظرات تفيض بها المشاعر الملتهبة حرك شفتيه بمتعة :


_ الله على جمال الكلمة، أنا كمان بعشقك بجنون يا فريدة... 


إلى هنا عادت الحمقاء إلى أرض الواقع من جديد و سقطت معها أحلامها أرضا لتحسم أمرها قائلة بخوف :


_ عابد أنا من زمان كدبت عليك في حاجة مهمة و لازم تعرفها دلوقتي عشان نبدأ حياتنا من غير كذب... 


_ مسامحك من غير ما تقولي هي إيه لأنك لو قولتي مش ضامن هعرف أسامح و الا لا و أنا مش عايز أخسرك... 


_ و لو معرفتش أنا اللي هخسرك.... 


______شيماء سعيد______


بقصر المسيري... 


أخذت أزهار تتجول بالمكان و كأنه بالمعنى الحرفي بيت أبيها، دلفت إلى المطبخ معدتها تحارب من أجل البقاء تكاد تموت جوعا لتلقي عليها الخادمات نظرات مستفزة بالنسبة لها، حركت شفتيها لهم بطريقة أكثر استفزاز قائلة:


_ ايه اللبس ده معقول القماش زاد مش سعر الطماطم لدرجة انكم تنسوا تلبسوا بنطلون؟! 


جاءت إليها كبيرة الخدم التي كانت تتابع تصرفاتها من البداية و أشارت إليها بكبرياء قائلة:


_ أنتي يا بنت اطلعي برة مش مسموح ليكي بدخول أي مكان إلا بأمر مني أنا... 


أجابتها أزهار بدهشة كبيرة:


_ أنتي مين يا ولية أنتي... اللي أعرفه إن أمه ميتة و أكيد مش متجوز واحدة في سن جدو دورك إيه في البيت هنا... 


رفعت السيدة زينب رأسها بشموخ قائلة :


_ I'm the head of the house.. 


مرت لحظات و أزهار صامتة لا تبدي أي رد فعل لتزيد الثانية من فخرها بنفسها، المفهوم الخطأ المرتبط بالفقر هو الجهل، رفعت أزهار رأسها مردفة بقوة :


_ مديرة البيت يعنى على فكرة أنا معايا ثانوية عامة و كمان الأولى على مدرستي يا خالتي، و بعدين أنتي فخورة بنفسك كأنك شغالة في السفارة كدة ليه، أما عجايب مش أنتي زينب بنت فتحية بتاعت الفراخ؟! 


خرجت من فم المرأة شهقة قوية... هذه الفتاة فاقدة لمعنى الإحترام، اقتربت منها صارخة بوجهها:


_ أنتي واحدة قليلة الأدب بتعملي إيه هنا أصلا.. ليا كلام مع فاروق بيه لما ينزل من فوق... 


_ زينب... 


صوته القوى أربك الجميع و أخفضوا رؤوسهن إلا هي لا تعلم لما هيبته غمرت قلبها بالسعادة لأول مرة، وقف بجوارها جسده على بعد خطوة واحدة من جسدها و عينيه تقرأ أفكارها بشكل جيد ، أشار إلى السيدة زينب بالاقتراب قائلا :


_ في أقل من دقيقة تكوني اعتذرتي من أزهار هانم، مش مسموح لأي واحدة فيكم بالرد عليها أو حتى ترفع وشها فيها، و بالنسبة للهدوم أزهار هانم معاها كل القرارات في إدارة القصر يعنى الزي ده يتغير حالا و تلبسوا حاجة تخفي جسمكم.... 


هل قلبها دق الآن أم أنها تعيش بدنيا الوهم، سارت معه مغيبة يحركها كما يشاء حتى وصل بها إلى غرفة السفرة جاذبا لها المقعد المجاور له، ثم جلس على مقعده قائلاً بابتسامته المخصصة لها :


_ يا رب الشوكولاته تكون راضية عني دلوقتي؟! طلباتك أوامر... 


لم تخجل فهذا ليس من طبعها أو شخصيتها بل وضعت ساق على الآخر قائلة ببرود :


_ بقولك إيه يا عم النحنوح أنا مش زي ما دماغك عايزة توصل خالص عشان كدة بقولك اتعدل بدل ما تريح في المستشفى كام يوم أنا إيدي بتاكل فيا عشان ترن عليك... 


يصمت لها و يتقبل أفعالها بكل رحابة صدر فهذه هي متعته بالصيد الصبر و السماح للفريسة بكل الحرية كانت يشعر بزهو الإنتصار، غمز لها بعينه قائلاً :


_ ده يوم المنى يا شوكولاته لما ندخل في حرب خاصة سوا و تكون النهاية المستشفى تعالج اللي هيطلع من الليلة خسران، خافي على نفسك لأني صحة و مش أول مرة حد يدخل المستشفى على أيدي... 


شهقت من وقاحته قائلة:


_ تقصد ايه بكلامك ده؟! 


قهقه بمرح مردفا بمشاكسة:


_ بصي مش لازم تفهمي بس أنا واثق إن السمنة البلدي هتكون شديدة و مش محتاجة رعاية دكاترة...


ضربت بيدها على صدرها بعدما وصل إليها معنى حديثه، رغم أنها رسمت له صورة الشرير بقصة أحدهم إلا أنها لم تتوقع انحلال أخلاقه لتلك الدرجة، اتسعت عيناها هامسة بذهول :


_ أنت طلعت بتاع بنات يا فاروق ، و أنا أقول مشكلته إيه مع الشيكولاته بالمكسرات اتاريك بتاكل فيها طول النهار.


معها لحياته نكهة لذيذة مستمتعا بها لاقصي درجة، ضحكة عالية تخرج من أعماق قلبه لا يستطيع أحد غيرها رؤيتها، تأكد أن دواءه من الملل معها و على بعد خطوة واحدة ليصل اليه، غمز لها بلمعة عين خبيثة قائلا: 


_ و الليل.... نهار و ليل، زعلانة إني بتاع بنات؟! طيب ده حتى النوع ده شاحح الفترة دي من السوق، ما تيجي نتجوز يمكن على إيدك أتوب.


______ شيماء سعيد______


بصباح يوم جديد استعدت فريدة بكامل نشاطها ستبدأ اليوم أولى خطوات تحقيق حلمها بالإعلام، من ليلة أمس و هي تحاول إستيعاب تلك المكالمة التي أتت إليها من أشهر القنوات التلفزيونية للتقدم  لوظيفة إعلامية... 


ارتدت فستان من اللون الأسود يزينه حجاب من اللون الأحمر و بعض مساحيق التجميل البسيطة، نظرت إلى نفسها برضا تعلم أن بهذا الزمان الحجاب عائق كبير بطريقها إلا أنها ستخوض التجربة دون التخلي عن دينها.... 


خرجت من المنزل هاربة من جليلة التي لو وقعت عينيها عليها ستفعل منها قطع صغيرة.. 


بعد ساعة وصلت أخيرا إلى مقر القناة بقلب يدق مثل الطبول متوترة خائفة تخشى انهدام حلمها، صعدت إلى الطابق المراد مقتربة من السكرتير قائلة بهدوء:


_ لو سمحت فين الانترفيو بتاع البرنامج هنا؟!


حدق بها الرجل لعدة ثواني يحاول فهم عن أي برنامج تتحدث؟! آه تلك الفتاة هي التي يريد رب عمله مقابلتها ابتسم لها برسمية قائلا:


_ حضرتك آنسة فريدة الحسيني صح؟! 


أهو ضربها بكل قوته الآن دون شعور منه أما انها من قتلت نفسها؟! آنسة كلمة حرمت نفسها منها بلحظة لا تعلم لها أي معنى، كتمت دمعاتها المهددة بالسقوط ثم أومات إليه مردفة :


_ أيوة أنا يا فندم.. 


قام من مكانه مشيراً لها بالسير خلفه مردفا :


_ طيب يا فندم اتفضلي معايا الفنان مصر في إنتظار حضرتك... 


لم تسمعه بشكل جيد عقلها شارد بحقيقة تحاول نسيانها بقدر المستطاع، سارت خلفه حتى وصلت للمكتب المنشود دلفت بمفردها و ذهب الآخر إلى عمله.. 


دلفت للمكان بحماس يقل مع كل خطوة تخطوها للداخل و اختفت بشكل كامل مع رؤيتها إليه يجلس على مقعد المدير يضع ساق على الآخر. 


مبتسم إليها بوقار مشيراً لها بالجلوس إلا إنها ضربت المقعد بقدمها قائلة بغضب:


_ ايه البجاحة اللي أنت فيها دي مش قولتلك يا بني آدم أنت مش عايزة أشوف وشك تاني... 


عاد بالمقعد للخلف رافعا حاجبه لها بتعجب مردفا :


_ في إيه يا آنسة هو أنا شوفتك أو حصل بنا حاجة قبل كدة لا سمح الله؟! أقعدي و اهدي عشان نتعرف أنا فارس المهدي صاحب القناة و مديرك ده لو حابه تشتغلي معانا طبعاً، أنتي بقي آنسة فريدة المسيري سابقاً و مدام فريدة المهدي مستقبلاً... 

أستغفروا الله لعلها تكون ساعه استجابه ♥️♥️


الفصل العاشر 

#بداية_الرياح_نسمة 

#حي_المغربلين 

#الفراشة_شيماء_سعيد 


أغلقت عينيها لعدة لحظات تحاول أخذ أكبر قدر من القوة و الشجاعة لتقص عليه هويتها الحقيقية، تأملها بملامح مندهشة لماذا كفها يرتجف و أظافرها تميل إلى اللون الأزرق.. 


يده خانت عهده مع نفسه بالتحكم بعاطفته نحوها و جذب يدها يشعرها بالأمان و الدفء، صدرها يضيق بها و الكلمات خانتها و تركتها معه بمفردها شبه منهارة. 


زاد ارتجافها على أثر لمسته الحنونة لا تستحق كل هذا الحب و لتكون أكثر صدقا مع نفسها هو يحب فريدة لا فتون، عضت شفتيها بأسنانها مردفة بداخلها:


_ فتون يلا قولي الحقيقة.. وجع ساعة و الا وجع كل ساعة يعرف الحقيقة منك بدل ما يعرفها من غيرك..... 


قطع ضغطها على نفسها صوته الحنون بأنفاس ساخنة تخفف من برودة جسدها:


_ حبيبتي مش عايز أعرف حاجة أنا مسامحك ممكن تهدي جسمك بينتفض كدة ليه؟! اوعي تكوني خايفة مني... أنا عابد في حد يخاف من روحه. 


بأمل كبير و رجاء واضح رفعت وجهها إليه تتأمل تعبيراته بعينيها الذابلة قائلة بتردد هامس:


_ بجد يا عابد مهما عملت مش هتزعل مني؟! طيب طيب عايزة أسألك على حاجة مهمة. 


ابتسم إليها بجاذبية ساحرة تدلف إلى أعماق قلبها ترسخ إسمه بين ضلوعها أكثر مثل اللعنة التي يستحيل التحرر منها، تأكد من هدوئها ليبعد كفه عن كفها عنوة رغم تذمر قلبه مجيبا عليها بشخصيته الهادئة:


_ الحاجة الوحيدة اللي مستحيل أسامح فيها هي الكدب و الخيانة يا فريدة، قولي عايزة تقولي إيه و أنا سامعك متأكد إن غلطتك صغيرة بس عشان أنتي رقيقة شايفاها كبيرة... 


لماذا يصعب الأمر عليها أكثر من الصعوبة أضعاف، يراها ملاك و هي ترى نفسها حمقاء ألقت نفسها بداخل الجحيم بكل غباء، ابتلعت لعابها مغيرة مجرى الحديث لن تعترف الآن بتلك اللحظة يستحيل على قلبها تحمل خسارته، أردفت بمرح يخفي نيران مشتعلة بصدرها :


_ بس الكدب و الخيانة اتنين مش واحد يا أستاذ عابد.. 


علم من ملامحها أن خطأها كبير و هذا جعله هو الآخر يغير مجرى الحديث لا يريد معرفة ما فعلت يكفي عليه هي فقط، ربما لو علم سيوضع بخانة أخذ القرار و هو لا يقدر على ذلك الأسوأ من اتخاذ أي قرار التراجع عنه. 


ضحك إليها قائلا بنظرات ثاقبة:


_ لا يا حبيبتي الاتنين واحد خنتي يبقى لازم تكدبي عشان تخفي الخيانة، كدبتي يبقى لازم تعرفي إنه في حد ذاته أكبر خيانة. 


بأمل ضعيف سألته:


_ بس أنا متأكدة من قلبك الطيب يقدر يسامح خصوصاً لو اللي غلط حد غالي عليك... 


ابتسم لها نافياً :


_ مفيش حاجة اسمها كدة على مقدار الحب بيكون الوجع و الغفران بيكون أصعب إذا مكنش مستحيل، كفاية نكد بقى عايزين نقول كلمتين حلوين قبل ما تنزلي وحشتيني يا بت... 


غصبت وجهها على الإبتسامة قائلة بتوتر:


_ هو أنت مفيش حل فيك قولتلك نقي ألفاظك إيه بت دي... 


قرب وجهه منها قليلاً بهيام لا يهمه أي شيء إلا وجودها معه و هذا بالنسبة إليه أكثر من كافي، غمز لها مشيراً لقلبه بنبرة مستفزة :


_ أنتي عديمة الرومانسية بقولك يا بت يعني أنتي بت قلبي افهمي بقى... 


إنتهى الفلاش باك... 


عادت إلى أرض الواقع من ليلة أمس و هي فقط تعيد حديثه على سطح المنزل برأسها، انتفضت من مكانها على صوت جليلة بالخارج وضعت يدها على وجهها بتعب ها هي جليلة علمت بخروج فريدة من خلف ظهرها :


_ يا ربي على دي عيلة منكم لله كلكم ها بس كدة.. 


جليلة من خارج الغرفة:


_ أنتي يا حيوانة يا اللي اسمك فتون تعالي هنا.. 


_ حاضر يا قلب فتون جاية أهو... 


______شيماء سعيد______


_ أنت عايز مني إيه بالظبط؟! 


قالتها بنبرة خالية من الضعف رغم أنها هشة منكسرة منهارة، تائهة تعيش حالة من الصدمة و عدم الاستيعاب ترفض بشدة مجرد تخيل ما حدث معها، هي فريدة و ستظل فريدة رمز للجمال و الطهارة لم يحدث لها أي تغيير هي كاملة... 


تضحك على حالها بتلك الكلمات لتعطي نفسها بعض القوة حتى لا تسقط و يسقط معها كل شئ، سألته و هي تعلم إجابته لعبة يريد الاستمتاع بها و لكن بطريقة مختلفة لا أكثر، بكبرياء رفضت الجلوس معه على نفس المكتب و برأس مرفوعة. 


بإبتسامة باردة غير مفهومة تابع تفاصيل بسيطة تصدر منها، لن يتركها دق قلبه لها و إنتهى الأمر يريدها بكل ما بداخله من قوة، يضع ساق على الآخر و رأسه مسنودة على ظهر المقعد، رافع أحد أصابعه مشيراً لها بالجلوس قائلا بجدية:


_ أقعدي يا آنسة فريدة هكون عايز منك إيه و أنا أول مرة أشوفك؟! المكان هنا مكان شغل المهم عندي شغلي.... عايزة تشتغلي تحت التدريب فترة و بعدين هيكون ليكي برنامج تمام مش حابة الباب مفتوح تقدري تخرجي، بس خدي بالك أنا بقدم ليكي فرصة العمر... 


هل يلعب بها أكثر من دقائق و بطريقة غير صريحة يطلب منها الزواج و الآن يقدم لها العوض، زاد غضبها أضعاف غير مصدقة لتلك النقطة التي وصلت إليها، أخذت نفس عميق تخفي به وجعها قائلة:


_ بقولك إيه يا فنان إحنا ناس مش بتقبل العوض بلاش اللعبة السخيفة دي عشان أنا فاهمة دماغك كويس، أنا كنت سكرانة و أنت محدش فينا جبر التاني على حاجة كل المطلوب منك هو الخروج من حياتي تماما، لآخر مرة هقولك مش طايقة أشوفك بكل نظرة منك بنزل من نظر نفسي أكتر و أكتر.. 


اللعنة عليها ها هي أخرجت آخر قطعة من الصبر بداخله، ضرب المكتب بكل قوته مردفا بغضب أعمى:


_ إيه اللامبالاة اللي عندك دي محدش فينا أجبر التاني على حاجة بس إحنا الاتنين جوا مركب الغرق... 


أخيرا سقطت دموعها.... أخيرا ستقدر على الصريخ بوجه أحدهم دون خوف من الفضيحة أو الخذلان، حركت رأسها عدة مرات نافية ما قاله قائلة بنبرة خالية من الحياة غاضبة مقهورة:


_ أنا بس اللي بغرق لكن أنت لا، أنا بس اللي ضاع مني كل حاجة... أحلامي بأبسط الحاجات.. إني أحب و اختار فستان فرحي مع حبيبي، خسرت كل حاجة في لحظة واحدة مش فاكرة حصل فيها إيه أصلا، خسرت ديني و رضا ربي أنا خسرت شرفي، يبقى مين فينا اللي بيغرق يا فنان؟! 


قام من مكانه و بدأ يخطو إليها مقتربا منها مشفقا على حالها و حاله... هو الآخر خسر دينه و رضاء ربه...، أمام الخالق لهما نفس العقاب بعيدا عن رؤية المجتمع للرجل و الأنثى، ابتلع تلك الغصة المريرة قائلا بصرامة :


_ أنا زيي زيك و مفيش اي فرق في وجعي عن وجعك، بحاول أصلح المصيبة دي لكن أنتي بتحاولي تهربي و تحطي راسك في التراب زي النعام... 


هدرت به غاضبة بعدما كشفها و عرى سترها أمام نفسها :


_ عايز مني ايه؟! 


_ عايزك تشتغلي و تحققي حلمك بس قبل كل ده و قبل ما تعرفي أنا بعمل كده ليه فكري مع نفسك شوية، مش ممكن يكون جواكي حتة مني و أنتي مش حاسة، وقتها راسك اللي في التراب مش هتقدر تداري بطنك يا فريدة... 


_ مستحيل مستحيل مستحيل سامع بقولك مستحيل... 


_____شيماء سعيد______


بتلك اللحظة تخطو أول خطوة لها بمنزل فوزي الخولي، أزهار لا تفكر بخطورة الموقف عقلها شارد بالصباح الباكر و جلوسها مع فاروق، تخاف منه. رغم عدم خوفها من فوزي لأنها تعلم بوجود فاروق معها. 


ربما تكون معادلة صعبة إلا أنها حقيقة تغوص بها رغم أنها لا تعلم شيء عن السباحة.. إبن المسيري نجح باحتلال قلبها الخالي بكل مهارة.. وقفت على باب منزل الخولي تتذكر فاروق فقط لا غير... 


فلاش باك... 


_ الزم حدودك ياض أنت، أنا حاسك مش مظبوط.... بقى أنا أصوم أصوم و آخدك يا واكل مال الولايا... 


كلمات ضربتها خلف بعضها بلسانها السليط لعل و عسى دقات قلبها العالية لا تصل إليه، بدأت مشاعرها تذهب إليه دون رغبتها خطوة خلف الأخرى، هذا الرجل خطر كبير عليها تخشى الانزلاق بمشاعرها تجاهه أكثر... 


قرأها.. أصبحت مثل الكتاب المفتوح بالنسبة إليه تأكد الآن من شيء واحد فقط أنه على بعد خطوة واحدة من متعته معها، إبتسم لها بتلاعب قائلا:


_ طيب و إيه ذنب قلبي الغلبان اللي اتسحر بيكي يا شوكولاتة... 


رفعت حاجبها إليه.. سؤال واحد تود سماع إجابته منه، حركت شفتيها قائلة :


_ و أنت بقى عايز تفهمني إن مفيش ست شوفتها في جمالي.. أنا و أنت عارفين كويس أوي إني مش حلوة أوي... 


بحركة جريئة جذب مقعدها يلصقه بمقعده عينه تتجول على تفاصيل وجهها بنظرات ملتهبة، حمقاء فهي رائعة الجمال مميزة بسحر خاص بها وحدها بنكهة الشوكلاته الغنية باللذة. 


عض بأسنانه جزء من شفتيه قائلاً بهمس ساخن:


_ أنتي فعلاً مش حلوة أوي إنتي جمالك صعب يتقال فيه وصف لأن أي حاجة هتكون قليلة جداً عليه، هتبقى مراتي يا شوكولاتة بعد شهر واحد من دلوقتي أديني قلبك و صدقيني هيكون في أمان... 


يكذب نعم يكذب إلا أن الغاية تبرر الوسيلة، رأسها يابس لا ينفع معها المال إذن الحل الوحيد أمامه هو الحب، بالفعل ظهر بعينيها السوداء غيم لطيف يثبت أنها سقطت، أبتسم بداخله بفخر.. من تلك التي لا تسقط بحب فاروق المسيري!!!... 


ابتلعت لعابها هامسة بنبرة صوت متهدجة:


_ و أنا أضمنك منين.. اللي زيك مستحيل يكون عنده قلب أصلا أنا مش عبيطة ده أنا أزهار... 


رفع وجهها إليه بأحد أصابعه الموضوعة أسفل ذقنها قائلا بثقة فاروق المسيري و سحر عيون الصياد قبل الهجوم على فريسته: 


_ أكبر إثبات هو إني بطلب منك الجواز الرسمي يا شوكولاتة. 


تلبكت... ضاع صوتها العالي و توقفت نبضات قلبها لعدة لحظات عن العمل، للمرة الثالثة يطلب منها الزواج بنفس الوقت، تشعر أنها لأول مرة تحلق بسماء لا تعلم ما هي، أعصابها تخلت عنها لتشعر بارتخاء كام بأنحاء جسدها... 


عيناها مترسخة عليه.. على عينيه تبحث بداخلهما عن الصدق أو حتى الكذب إلا أنه غامض يستحيل الوصول إلى مراده... 


أخذت نفس عميق لتسيطر على نفسها و سحبت مقعدها إلى مكانه مردفة بكلمة واحدة :


_ لا.. 


هب وافقا بغضب :


_ لأ.. يعني ايه لأ ؟! 


_ يعنى نجوم السما أقرب ليك من إني أكون مراتك أنت يا سايح لم نفسك شوية و اختشي رجالة آخر زمان... 


إنتهى الفلاش باك... 


ضغطت على ثوبها ها هي تقف مع كبيرة الخدم لتقييمها قبل أن تقبلها بالعمل.. 


كبيرة الخدم :


_ تمام من النهاردة هتكوني معانا بس القرار الأول و الأخير لفوزي باشا، خليكي مكانك لحد ما أطلب منك تدخلي المكتب... 


أومأت إليها بصمت.. هذا المنزل مريب برائحة كريهة كأنها من الجحيم، بدأت تتجول بالمكان دون اكتراث بكلمة المرأة، ترى كيف يعيش اللصوص الكبار و كيف تعيش هي... 


أزهار بذهول:


_ بقى العجل ده عايش هنا و أنا شوكولاتة عايش فوق السطوح، يا سلام يا ولاد الله يرحمك يابا كنت دايما تقولي أنتي بومة يا بت يا أزهار... 


كثيرة الكلام غير منتبهة إلى أين وصلت و كيف لصقت فجأة بهذا الحائط دون سابق إنذار، وضعت يدها على رأسها بألم قائلة:


_ مش تاخد بالك و أنت ماشي يا جحش أنت... 


_ مين اللي دخلت قصر فوزي الخولي من غير إذنه.... 


أستغفروا الله لعلها تكون ساعه استجابه ♥️


بداية الروايه من أولها هنا


تابعوا صفحتي ملك الروايات للتكمله 



تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
CLOSE ADS
CLOSE ADS
close