القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية شباك الحب الفصل الثاني بقلم ناهد خالد

 رواية شباك الحب

 الفصل الثاني بقلم ناهد خالد 




رواية شباك الحب

 البارت الثاني بقلم ناهد خالد 


أنت لسه مش بتفكر في الجواز ؟ , أنت وعدتني إن بعد سنة هتتقدملي وعدت سنة ونص , جاي تقولي أنك برضو مش بتفكر في الجواز !...طب وأنا الي استنيتك كل ده ! , مقولتليش ليه من الأول أنك مش في دماغك تتجوزني أصلاً ..


استمعت لزفرة هادئة صدرت منه وتبعها قوله :


-أنا مقولتش إني مش ناوي أتجوزك , بس أنتِ مستعجلة على ايه مش عارف ..


-مستعجلة ! 


رددتها باستهجان وهي تستمع لحديثه الفظ , المثير لأعصابها بشكل يشبه غليان القدر على النار , وأكملت بحدة به لمحة ندم :


-تصدق أنا الي غلطانه , غلطانه عشان قبلت أكمل معاك في علاقة مدارية محدش يعرف عنها حاجة , عشان يوصل بيا الحال أبقى قاعده وأمك بتظبطلك عروسة , دي غلطتي أني موقفتش المهزلة دي من يوم ماقولتلي أنك مش عاوز تتقدملي دلوقتي .. 


صمتت قليلاً تلتقط أنفاسها وتتذكر ما مرَ عليهما في السنوات السابقة ...تسع سنوات منذُ بدأت علاقتهما , وبعد كل هذا يأتي هو بكل بساطة ويقول أنه ليس جاهزًا بعد ولا يفكر في الزواج حاليًا , هل لها أن تنتظر تسع سنوات آخرين كي تتزوجه ! , تهدجت أنفاسها وهي تكمل بصوت مختنق ودموع تهاوت تجري على وجنتيها رغمًا عنها :


-اسمع يا عُدي , لو مجتش تتقدملي لحد آخر الأسبوع ...


صمتت تلتقط أنفاسها وهي تشعر بصعوبة ما ستقوله عليها كحِمل الجبال , أغمضت عيناها بقوة تضغط على جفنيها تعتصرهما وشفتيها تنطق :


-يبقى تنسى كل الي بينا , ومتتعاملش معايا غير إنك ابن صاحبة ماما وبس ...


أغلقت الهاتف فور أنهت حديثها مجهشة في بكاء مرير , لم تستطع التوقف ولا منع شهقاتها من الإرتفاع , وعقلها يتسائل إن لم يكن ينوي الزواج بها لِمَ علقَ قلبها بهِ سرابًا !؟ , شعرت بيد تُوضع فوق كتفها لتحاول توقيف بكاءها وهي تلتفت لوالدتها التي طالعتها بحنان موصوم بالشفقة , وهي تقول :


-محدش يستاهل تعيطي عشانه .


نفت برأسها بتوتر وهي تجيبها :


-مبعيطش عشان حد ... أنا بس ..


جلست " سوسن " أمامها وهي تقول بهدوء :


-متكدبيش يا ريماس , أنا عارفة وفاهمة أنك بتحبي عُدي ومن زمان كمان , بس هو يا حبيبتي عمره ما لمح ليكِ بحاجة , ودي غلطتك أنك علقتي نفسك بيه من غير حتى ما تتأكدي من مشاعره ناحيتك ..


-مشاعره ناحيتي ؟!


تسائلت بها بذهول فقد ظنت أن والدتها كشفت أمرها وأمر علاقتهما لكن يبدو أنها تظن أن تلك العلاقة من طرفها هي فقط , وهذا أفضل على أي حال فإن علمت والدتها بعلاقتهما بالطبع ردة فعلها لن يُحمد عقباه وسيكون حقها ... تنفست الصعداء وهي تستمع لرد والدتها التالي والتي قالت :


-ايوه , عُدي بيعاملك أنك أخته أو صاحبته بحكم الصحوبية الي بيني وبين مامته وعلاقتنا ببعض , لكن عمري ما شوفته بيبصلك بصة تانية ولا صدر منه فعل يقول أنه بيحبك .


لو تعلم والدتها كم تقهر قلبها بحديثها هذا بالطبع لِمَ نطقته , يبدو أن الجميع يرى الحقيقة التي اختفت عنها , الجميع يدرك أنه لا يكن لها أية مشاعر وهي وحدها التي تظن عكس هذا ... ويبقى السؤال أين الحقيقة ؟ , هل يحبها أم لا ؟ .


-بصي يا حبيبتي صحيح قلبنا مش بإيدنا بس بإيدنا نقرر مين يمشينا ... قلبنا الي يسحبنا ويمشينا ولا عقلنا .. لو قلبنا الي مشانا هنتنازل عن حاجات كتير , كرامتنا و مبادئنا وشوية شوية هنخسر نفسنا , ولو عقلنا مشانا يبقى هنبقى زي الإنسان الآلى , من غير مشاعر ومن غير إنسانية , عشان كدة لازم توازن بين الإتنين , وعشان التوازن صعب ولازم حاجة منهم تطغى عن التانية , يبقى مفيش مانع العقل يطغي ولو بنسبة قليله على القلب ..


تنهدت بعمق قبل أن تهتف بسؤال مفاجئ :


-هو الحب حرام ؟ يعني هل ربنا بيعاقبنا على حبنا عشان كده بيوجع قلبنا ويفرقنا عن الي بنحبه ؟ هل ده عقاب على حبنا من الأول ؟


ربطت " سوسن " على يدها وهي تقول :


-الحب عمره ماكان حرام والي يقول كده يبقى مبيفهمش حاجه , لكن الي بييجي بعد الحب هو الي حرام , بصي يا ريماس , أنك تحبي حد ده ربنا محللة بس بشروط والتزامات , أولهم أنك تغضي بصرك عنه , مش معنى أنك بتحبيه أنك تبيحي لنفسك النظر له زي ما تحبي وتفضل عينك متبعاه , وكمان مينفعش تتكلموا مع بعض أو أنك تعترفيله أو يعترفلك بحبه , حبيه في قلبك وبس وادعي ربنا يرزقك حبه لو كان خير ليكِ ومتعمليش اكتر من كده , لكن بقى أنكوا تتكلموا وتقعدوا تحبوا في بعض من غير أي رابط بينكوا ده الحرام الي بييجي بعد الحب الي أقصده , في ناس بتتجاوز حدودها يا ريماس من خروجات ومسك أيد وكلام في المشاعر بيتعاملوا وكأنهم متجوزين , مش هقولك مخطوبين لأن الخطوبة مش معناها ابدًا أن كل ده مُباح فيها , يعني حتى لو مخطوبين مينفعش يلمسك بأي شكل , مينفعش يقول كلام يتجاوز بيه حدوده , تتكلموا وتتقابلوا عشان تعرفوا بعض بس كله بحدود , تعرفي إن معظم الجوازات بتفشل بسبب ذنوب الخطوبة , بيبقوا بيحبوا بعض اوي وبعد الجواز تحصل مشاكل كتير وينفصلوا , الذنوب الي بيعملوها سواء قبل الخطوبه أو أثناء الخطوبة هي الي بتبقى السبب أن حياتهم مفيهاش بركة , وبيكونوا خلصوا كل مشاعرهم أصلاً فضل ايه بقى للجواز !.


ولأول مرة تشعر بحديث والدتها يدلف لأعماقها , لأول مرة تقتنع اقتناعًا تامً بما تسمعه , كانت كالمغيبة لفترة طويلة وأخيرًا استفاقت من غيبتها , أخيرًا أدركت أن كل ما فعلته كان خطأ , لم تراه من قبل بهذا الشكل , فجميع من تعرفهم مرتبطون مثلها لذا لم تجد خطأ في الأمر , وكان يغيب عنها أنه ليس بالضرورة أن يكون الشئ مباح لمجرد أن الجميع يفعله ...


نظرت لوالدتها بعتاب خفي بعيناها وهي تردد :


-ليه مقولتليش الكلام ده من زمان ؟ 


-أنا كنت بقول أن دي مشاعر مراهقه أنتِ عيشاها زيك زي كل البنات وشوية وهتفوقي منها , لكن لما لاقيت الموضوع مكمل معاكِ قلت أفوقك .


أومأت برأسها عدة مرات وهي تهمس بخفوت :


-وفوقتيني يا ماما ...


-------------


في اليوم الثالث ...كانت قد انتهت للتو من أعمال المنزل بعدما ذهبت والدتها لخالتها , انتبهت على رنين جرس الباب , فاتجهت له لترى الطارق وقد توقعت أنها والدتها وقد عادت , فتحت الباب لتتصنم لبرهة وهي ترى عدي أمامها يطالعها بهدوء , كانت قد قوت نفسها في الأيام الماضيه من أجل مقابلة كهذة , لكن أين ذهبت قوتها الآن , لا تنكر أنها ظاهريًا تبدو غير مبالية بهِ , ولكن داخليًا مشاعرها تشتعل وتثور عليها رافضة الوضع الذي أصبحا فيهِ .. ولكنها قررت أنه " تبًا " لمشاعرها فلتذهب للجحيم , وستثبت على موقفها مهما كلفها الأمر ...


-ازيك يا عدي ؟


رددتها بهدوء تام أثار دهشته لكنه رد بجبين مقطب:


-كويس ... أنتِ لسة واخده موقف ؟ 


رفعت حاجبها باستهجان مرددة :


-موقف ! , لأ هو مش موقف هو قرار , ومش لكام يوم ده قرار نهائي ...مفيش حاجه هتجمع بنا تاني لو متقدمتليش يا عُدي .


حاول إقناعها بالعزوف عن موقفها فقال :


-حبيبتي افهمني أنا...


قاطعته بحده وهي تردد بوجه جامد :


-مش هفهم , ومتقوليش حبيبتي دي تاني , مفيش حاجة بينا تسمحلك أنك تقولهالي .


رفع حاجبه بتعجب وهو يستمع لحديثها الغريب عليهِ لكنه فسر هذا بأنها غاضبة منهِ , زفر أنفاسه بهدوء وكاد يتحدث ليقاطعه صوت " سوسن " الذى أتى من خلفهِ وهي تقول بترحيب :


-أهلاً يا عدي ازيك ؟ 


التف مبتسمًا وقال :


-الحمد لله يا خالتي أنتِ عاملة ايه ؟


-بخير يا حبيبي , غريبه تيجي زيارتين ورا بعض كده ده أنت عمرك ما عملتها .


توترت ملامحه وهو يستمع لسؤالها خاصًة مع نظرتها المشككة التي رمقتهِ بها , فقال بتبرير كاذب :


-أبدًا كنت في مشوار قريب وقلت أعدي .


-طيب , تعالى ادخل يلا ..


دلف للداخل وجلسا لنصف ساعه تقريبًا يتحدثان حتى دلفت " ريماس " تحمل أكواب العصير وهي تستمع لأحاديثهم الغير مهمة , جلست بجوار والدتها ملتزمة الصمت , تشعر أن وجوده يضغط على أعصابها بشكل كبير وهي بالأساس تتماسك بوهن ..


انتبهت ليد والدتها التي وُضعت على فخذها وهي تقول :


-بصي بقى في حاجه مهمة عاوزة اقولك عليها , وبما إن عدي مش غريب هقول قدامه .. خالتك كلمتني وعاوزاكِ لمعتز .


تسائلت بارتجاف وهي ترى تحقيق ما توقعته سلفًا :


-يعني ايه عاوزاني له ؟


ضحكت " سوسن " بمرح وهي تقول :


-اما سؤال غريب يا ريماس ... أنا أقصد أنها عاوزه تخطبك لمعتز .


صممت " ريماس " وتلقائيًا حولت نظرها ل " عدي " لتجده جامد الملامح كالكرسي الذي يجلس عليهِ ورغم جمود ملامحه ظهر عليها بعض الوجوم ..


عادت بنظرها لوالدتها وكادت تتحدث ليقاطعها سؤاله الجامد :


-وده رغبة معتز ولا رغبة والدته ؟


ردت " سوسن " بهدوء :


-معتز من زمان وهو بيلمح برغبته في الإرتباط بريماس , وأكيد كلم أمه عشان كده كلمتني .


ابتسم بهدوء جامد مرددًا كلمه واحده :


-تمام ...


تمام ! ماذا تعني هذه الكلمه بحق الله ! , أهذا كل ما لديه ليقوله , ومع صدمتها من رده وقهرتها من جموده وجدت نفسها تقول سريعًا دون تفكير :


-وأنا موافقة على معتز يا ماما ...


يتبع



تعليقات

التنقل السريع
    close