الفصل الخامس
غابة الذئاب «ما بعد العهد
"الجزء الثالث من رواية صراع الذئاب"
بقلم: ولاء رفعت علي
البارت الخامس
غابة الذئاب «ما بعد العهد
الجزء الخامس
غابة الذئاب «ما بعد العهد
الحلقه الخامس
غابة الذئاب «ما بعد العهد
لا تنسوا التفاعل + كومنت+شير
و ماتنسوش تقرأوا الفصل السادس اللي بعده 😉😉
نزلت فصلين تعويضاً عن التأخير أتمني لكم قراءة ممتعة♥♥
وجدتها علي السرير، أخذتها و أخرجت منها شريط الأقراص، تناولت منه قرص في يدها و و الأخري تمسك بالشريط، بحثت عن المياه حتي وجدت براد صغير في زاوية، فتحت و تناولت زجاجة مياه غريبة الشكل، وضعت القرص في فمها، فتحت غطاء الزجاجة و كادت تشرب
"بتعملي إيه يا صبا؟"
تسمرت في مكانها كالتمثال المتحجر، يد تمسك بها الزجاجة و الأخري خلف ظهرها تخفي شريط الأقراص
كان قد خرج من المرحاض للتو، تلتف حول خصره منشفة قطنية و حول عنقه منشفة أخري، جفف بها شعره و وجهه
مازالت تقف تنظر إليه بتوجس، تخشي أن يكون قد رآها و هي تتناول القرص، وجدته يقترب منها، ابتلعت القرص علي الفور دون ماء، قلبها يخفق بقوة.
أخذ من يدها الزجاجة و سألها:
"أنتِ شربتِ منها؟".
هزت رأسها بنفي و في ذات اللحظة ألقت الشريط علي الأرض و عادت خطوة إلي الوراء و وقفت بقدمها عليه
"لاء، كنت لسه هاشرب، فيه حاجة و لا إيه؟".
ابتسم لها و قال:
"و هو كل سائل أبيض و شفاف يبقي ميه!، إيه يا قلبي مش بتعرفي تقرأي English؟ ".
تأملت الكلمات المدونة علي الزجاجة و كانت أكبر كلمة تتوسط الزجاجة"Vodka".
نست تماماً خوفها و حالة التوتر التي كانت عليها، فتحول كل هذا إلي غضب:
"ڤودكا تاني!، مش إحنا إتفقنا خلاص إنك مش هتشرب القرف ده؟".
أعاد الزجاجة داخل البراد و أغلق بابه، و أخبرها:
"أهدي يا صبا و وطي صوتك، أنتِ شوفتيني شربت؟، ده غير أنا اللي مش جبتها، بالتأكيد هما اللي حطوها في التلاجة و هتلاقي كمان عندك cans و مياه معدنية و عصاير".
حدقته بعدم تصديق قائلة بتهكم:
"اه شوفتهم يا حبيبي، و يا سبحان الله عرفوا زوقك المفضل في الخمور و حطولك ڤودكا".
جذبها من حصرها فألتصقت بصدره و قال لها:
"بقولك إيه إحنا جايين نقضي ليلة حلوة و ننبسط، ياريت ترمي أي حاجة نكد ورا ضهرك، عايز ليلة و لا ألف ليلة و لا ليلة".
حملها من خصرها بينما هي تركيزها بالكامل كان في الشريط المُلقي علي الأرض، تخشي أن يراه، أوقفته قبل أن يصل إلي الفراش:
"استني نزلني، أنت مستعجل أوي كدة ليه، أنا محضره لك مفاجأة".
أطلق تنهيدة و أخبرها:
"ناوية علي إيه؟".
"مش أنت بتقولي عايزها و لا ألف ليلة و ليلة، سيب لي أنا الطلعة دي، دقيقة و راجع لك".
و في طريقها انحنت إلي الأسفل لتلتقط الشريط و قامت بإخفاءه داخل صدريتها.
سمعت صفيراً بإعجاب و هو يراقبها من ظهرها حينما انحنت، أرتفع ثوبها القصير من الخلف و كشف إليه الكثير
"أعتبر ده إغراء؟".
وضعت يدها علي صدرها و تغمض عينيها، فهي تدرك جيداً حجم الكارثة التي تفعلها من وراءه و تعلم أيضاً إنه ليس أحمق و من الممكن قد يكون أكتشف أمرها و يتظاهر أمامها بالجهل، ألتفت إليه بزاوية وقالت بدلال:
"أنت لسه شوفت حاجة".
و غمزت بعينها و ركضت، أخذت الحقيبة المليئة بالثياب الحريرية و الشفافة و الأخري التي أوحت لها بفكرة لم تفعلها له من قبل.
و بعد مرور دقائق، صاح يسألها بضجر:
"أنا هفضل مستني كده كتير؟".
صدحت موسيقي من السماعات الموجودة في الأركان، ظهرت إليه و قد أبدلت ثوبها بثوب آخر مثل ما ترتديه الراقصات، بدأت ترقص و تتمايل بخصرها علي الموسيقي و الكلمات و تحرك شفاها و كأنها من تغنيها له:
"يا حبيبي، يا حبيبي، يا حبيبي، الليل و سماه و نجومه و قمره، قمره و سهره، و إنت و أنا يا حبيبي أنا يا حياتي أنا...
نهض و يلقي بالمنشفة التي كانت حول عنقه، جذب كرسي من حول المنضدة و جلس عليه يتأمل ما تفعله عاقداً ساعديه، و يضع ساق فوق أخري
" يا حبيبي، يا حبيبي، الليل و سماه و نجومه و قمره، قمره و سهره، و إنت و أنا يا حبيبي أنا يا حياتي أنا، كلنا، كلنا في الحب سوا، و الهوى آه منه الهوى، الهوى آه منه الهوى، آه منه الهوى، آه منه الهوى، سهران الهوى يسقينا الهنا و يقول بالهنا، و الهوى آه منه الهوى،
والهوى آه منه الهوى، سهران الهوى يسقينا الهنا و يقول بالهنا...
صعدت فوق الكرسي و منه إلي أعلي المنضدة، مازالت تردد الكلمات مع كوكب الشرق، و تحرك خصلات شعرها يميناً و يساراً ثم أشارت له بيدها مزامنة مع كلمات الأغنية:
"يا حبيبي يلا نعيش في عيون الليل، يلا نعيش في عيون الليل، و نقول للشمس تعالي، تعالي، بعد سنة، مش قبل سنة، تعالي، تعالي،
بعد سنة، مش قبل سنة، دي ليلة حب حلوة
بألف ليلة و ليلة، ألف ليلة و ليلة، ألف ليلة و ليلة، بكل العمر هو العمر إيه غير ليلة
زي الليلة".
وقف و جذبها من فوق المنضدة و حملها علي ذراعيه، تعلقت ذراعيها حول عنقه و سألته و تلتقط أنفاسها بلهاث:
"عاجبك رقصي؟".
نظر إليها بعينين تفيض بالرغبة و العشق، كالظمآن الذي يريد أن يغترف من نهر خمرها و يتجرع منه إلي حد الثمالة
"هاتعرفي دلوقتي".
وصل إلي الفراش و وضعها برفق عليه، مال عليها و يستند بيديه و هي بالمنتصف، رفعت يدها و بأطراف أناملها تلمس حروف وشم صدره
"و كأن التاريخ بيعيد نفسه، حاسة كأننا رجعنا لتسع سنين، و أول ليلة جمعتنا سوا، ده طبعاً بغض النظر عن أول أيام جوازنا و اللي عملته فيا لما كنا في الطيارة و لا لما حبستني في البدروم".
ضحك رغماً عنه و قال:
"أنتِ لسه فاكرة!".
عقدت ما بين حاجبيها بإمتعاض و أجابت:
"اه طبعاً، و دي ذكري تتنسي، ده أنت وقتها كنت بتستني لي غلطة عشان تبرر بيها اللي عملته، يا تري كنت مبسوط وقتها؟".
وقف ثم جلس بجوارها، أمسك يدها بين يديه ليخبرها بصدق مشاعره:
"بالعكس كنت بتألم أكتر منك وقتها، كنت بتعذب نفسياً لما بشوف دموع عينيكِ اللي أنا السبب فيها، بعدها وعدتك عمري ما هكرر اللي عملته غير لما تكون رغبتك أنتِ".
ابتسمت إليه و مدت يدها إلي خده تلمس شعيرات ذقنه:
"هقولك بقي علي حاجة، أنا اللي بندم علي كل لحظة ضاعت قبل ما أعرفك، علي رأي هاني شاكر، ياريتني كنت عرفتك من زمان".
تزحزح قليلاً حتي ألتصق جوارها و جعلها تتمدد علي ظهرها و فعل مثلها، لكنه تمدد علي جانبه يداعب خصلاتها:
"أنتِ بقي في قلبي و عقلي من و إحنا لسه عيال صغيرة، و كانت كل ما تمر سنة، حبي و تعلقي بيكِ يكبر أكتر، لحد ما جه الوقت اللي خلاص فاض بيا العشق و الشوق، وشمت صدري بإسمك و أقسمت لتكوني ليا حتي لو رفضتني، هخليكِ تحبيني بإرادتك، و فعلاً ده حصل و نتيجة الحب ربنا رزقنا بأحلي هدية مالك و زينب، و بإذن الله هيرزقنا بأخوات ليهم يملوا علينا القصر و يكونوا عزوة و سند لبعض".
ابتلعت لعابها، فهي مازالت لم تعدل عن قرارها و هو الإكتفاء بابنها و ابنتها فقط.
بدي التوتر علي ملامحها فسألها:
"مالك؟، لسه برضو معترضة علي قرار الحمل؟ ".
هربت من النظر إليه مباشرة و أجابت:
"مش كدة،بس...
لم تجد رداً مقنعاً، أمسك بذقنها ليجعلها تنظر إليه و يسألها:
"بس أنا عايز عيال".
أومأت إليه بإبتسامة تخفي خلفها توترها حتي لا تفسد ليلتهم و عقبت قائلة:
"هو أنا قولت لاء!، إحنا نعمل اللي علينا و الباقي علي الله، و لا إيه؟".
تقلب ليحاوطها بين ذراعيه:
"براڤو عليكِ، إحنا فعلاً لازم نعمل اللي علينا و بضمير".
أنهي حديثه و أنهال علي عنقها الطويل المرمري و أمطره بالقبلات لاسيما لدي موضع العرق النابض، يشعر بنبضات قلبها الذي يخفق بقوة أسفله، يصعد بشفتيه إلي ذقنها ثم إلي خدها المياس الوردي فأنتقل إلي موطن كلماتها، يلتهمها بقوة يتذوقها بلذة، و هنا تعانقت الألسن كما تعانق كليهما، شعرت بحرارة جسده أعلاها تتزايد، بادلته المشاعر و الهمسات و النظرات ثم اللمسات و كأنه اللقاء الأول بينهما، جعلها تحلق فوق الغيوم من فرط ما تشعر به المتعة التي لا تخلو من كلمات تهمس بها شفتاه بالقرب من أذنها، يخبرها إنها سكينة فؤاده و روحه التي يحيا به جسده، فهي الهواء الذي يستنشقه و أزهاره البنفسجية التي تفوح بعطرها و تسر بصره كلما نظر إليها.
بينما هو بالنسبة إليها الحضن و أمانها و إيمانها الراسخ، ملاذها التي تهرب إليه كلما ولت الدنيا إليها ظهرها، فارس أحلامها و واقعها الذي لم تري سواه، هو القلب الذي يغدق و يفيض عليها بحنانه، لم تعتبره زوجها فقط بل هو لها العاشق و الحبيب، الصديق الذي يستمع إليها مهما كانت أهمية حديثها، اليد الحنون التي تربت عليها في حالات حزنها و تمسح دموعها و لن يتركها ألا و هي تضحك و تبتسم.
يمر الوقت دون أن يشعر كليهما به، لم يكل منها و هي أيضاً، كلما وصل معاً إلي الذروة، يريد المزيد و المزيد، فيحلق كليهما من جديد، و عيناها الرمادية صوب عينيه التي عن النظر إليها لا تحيد.
༺༻
في غرفة مليئة بالأجهزة الرياضية يمارس تمارين رفع الأثقال و التي عملت علي نحت قوامه و جعلت جسده يتميز بمظهر رياضي جذاب
يزمجر كلما رفع الثقل بجذب الذراعين الجانبين، قطرات العرق تتكاثر علي جبهته و صدره العاري، توقف عندما رأي سيدة تدخل من الباب
"قاعد هنا و سايبني لوحدي في المصيبة اللي أبوك عاملها فينا".
نهض و تناول المنشفة القطنية ليجفف عرق جبهته و جسده قائلاً:
"و مين قالك إن أنا ساكت!، أنا هخلي الرجالة يدوروا عليها و علي ابنها في كل مكان".
عقدت ساعديها أمام صدرها و قالت:
"هيدوروا عليها إزاي و هم ما يعرفوش شكلها، إذا كان أنت نفسك ما تعرفش شكلها إيه".
قطب ما بين حاجبيه و أطلق زفرة، فسأل والدته:
"طيب هانتصرف إزاي؟".
نظرت بإبتسامة زهو و فخر علي ذكائها التي تتميز به، فهي شيريهان سيدة المجتمع المخملي و زوجة رجل الأعمال يسري الشريف صاحب سلسلة مراكز تجارية تحمل اسم العائلة، تبلغ من العمر خمسة و خمسون عاماً، ذات طابع حاد و قلب يتميز بالقسوة، و قد زرعت من شيمها تلك داخل ابنها الأكبر أحمد الذي اقترب علي إتمام سبعة و ثلاثون عاماً، فهو يشبهها كثيراً في الشكل و الخصال.
"تعالي ورايا".
أشارت إليه و ذهبت و هو يتبعها حتي وصل كليهما إلي مكتب والده، فتحت الخزنة ذات القفل الرقمي حيث قامت بالنقر علي الأرقام السرية التي تحفظها عن ظهر قلب.
فتحت باب الخزنة و تناولت ملف ورقي، وضعته علي المكتب و أخرجت منه وثيقة عقد زواج:
"ده عقد جواز حازم الله يرحمه، باباك أضطر يعمله بتاريخ قديم قبل تاريخ وفاة أخوك، و ده حصل بعد ما قابل البنت النصابة و عرف إنها كانت حامل من حازم، قالي إنه خلاها تعمل تحليل DNA و أتأكد بنفسه إن اللي في بطنها حفيده، طبعاً أنت عارف باباك الله يرحمه كان طيب و هتلاقيه و لا عمل تحليل و لا حاجة و أنا متأكدة إن البنت دي قدرت تضحك عليه زي ما ضحكت علي أخوك، و لما ولدت باباك راح سجل ابنها بإسم حمزة حازم يسري الشريف، و دي نسخة من شهادة الميلاد بتاعته، بمجرد ما أتسجل هي أختفت بعدها و معرفناش مكانها، بس إحساسي بيقولي إن والدك كان يعرف مكانها و علي تواصل معاها و خبي عليا زي ما خبي حاجات كتير".
أخرجت من الملف شهادة ميلاد، بينما أحمد كان ينظر إلي الوثيقة و التي بها صورة شقيقه و في الجهة الأخري صورة علا، أخذ يتأمل ملامحها ربما نقول يحفظها جيداً
"من غير ما تبعت رجالتك و تقلب الدنيا، ممكن تعرف مكانهم جداً عن طريق الولد".
نظر إلي والدته و يفكر في الأمر الذي فطنه و قال:
"الولد زمانه بقي عنده حوالي 7 سنين و شهور يعني دخل المدرسة".
أومأت له بابتسامة و أكملت:
" بتليفون صغير من معارف والدك في الداخلية يقدر يجيب لك الولد في مدرسة إيه و إحنا مش عايزين أكتر من كدة الولد و بس".
عاد ببصره إلي وثيقة الزواج و عينيه لا تحيد عن صورة علا قائلاً:
"اعتبريه حصل، و هي و ابنها هيكونوا عندك خلال يومين".
༺༻
في حديقة القصر، وضعت خديجة أمامها صينية يعلوها كأس عصير و كوب ماء و طبق كيك مقطع أعلي الطاولة
"عارفة بقي لو ما شربتيش العصير و لا خلصتي طبق الكيك ده كله، أنا هاكلم أخويا و أقوله تعالي خد مراتك اللي مغلباني معاها مش عايزة تاكل و عماله تعيط زي العيال الصغيرة".
توقفت الأخري عن البكاء و نظرت إليها بطيف ابتسامة رغماً عنها، أمسكت بالمحرمة الورقية، أخذت تجفف عبراتها ثم أنفها و قالت:
"آسفة يا خديجة أنا متقلة عليكِ".
حدقت إليها خديجة بغضب و أخبرتها:
"أنا لولا إن أنا مقدره حالتك النفسية يا شيماء، كان زمان هيبقي ليا معاكِ كلام تاني".
جلست بجوارها و أردفت:
"أنتِ أختي و اللي يزعلك يزعلني حتي لو كان طه أخويا، و زي ما قولت لك أنتِ مش غلطانة إنك طلبتِ تعيشي في سكن جديد و أوسع، بس غلطك هنا أسلوب طلبك منه، خليكِ ذكية لما تطلبي حاجة من جوزك خصوصاً لما تكوني عارفة أنه رافض الطلب ده، يعني دلعيه الأول زي تعملي له أكله حلوة بيحبها، أتدلعي عليه و أنتِ فهماني، هاتي له هدية زي حاجة مثلاً يكون محتاجها، لكن تقفِ قدامه و تطلبي بالأمر و تعلي صوتك كمان عليه، شئ طبيعي هيخرج عن شعوره و هتلاقي ردة فعل غير متوقعة منه، طبعاً هو غلطان و عمري ما هبرر له اللي عمله معاكِ، بس برضو لازم أنصحك عشان ما يتكررش الموقف ده تاني".
أمسكت الأخري بكوب الماء، شربت القليل منه و عقبت علي حديث صديقتها و شقيقة زوجها:
"أنا و الله عملت كل اللي قولتِ عليه ده من غير ما تقولي، بس أخوكِ حاسم الأمر، متمسك بالبيت بطريقة خلتني كرهت العيشة فيه، أنا عارفة و فاهمة سبب تعلقه بالشقة و إنها فيها ذكرياته و ريحة عم سالم الله يرحمه، بس مش ذنبي أنا و العيال يتكتب علينا نعيش فيها لحد ما البيت يقع علينا في أي وقت".
"بعد الشر عليكم، هو فعلاً البيت قديم جداً بس ما تقلقيش أساسه قوي".
قالتها خديجة، فأجابت الأخري بإيضاح:
"أساسه قوي إزاي!، أنتِ بقي لك كتير ما جتيش شوفتي البيت و هو مزنوق ما بين برجين محملين عليه من الجانبين خلوا جدرانه فيها شقوق كبيرة، يا بنتي أنا فاكرة أبويا الله يرحمه كان قايلي إن بيتكم ده أتبني من أيام ثورة ١٩ يعني بقي له فوق الميت سنة، ده كده بقي من الآثار، يارب يجي له قرار إزالة عشان أخوكِ يرتاح".
أطلقت خديجة ضحكاتها:
"اه لو طه سمعك".
أشاحت الأخري بيدها ثم انتبهت إلي خديجة التي ألتفتت عندما رأت شقيقها قادم نحوهما و قالت بصوت خافت:
"ابن الحلال علي ذِكرهُ يبان، أهو جاي لك لحد عندك عشان يصالحك، شوفتي بقي إنه ما يستحملش زعلك و بعده عنك إزاي!".
لم تعقب شيماء و نظرت إلي أسفل تتحاشي النظر إلي زوجها الذي ألقي التحية:
"السلام عليكم.".
نهضت خديجة و قامت بمصافحة شقيقها:
"و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته".
و دون أن يلاحظ شقيقها لكزت شيماء حتي تدرك ما سوف تتفوه به الآن حيث أردفت:
"عاش من شافك يا طه، دي أنا أستغربت إن شوشو جت لوحدها من غيرك و فضلت مستنياك من إمبارح، قالت لي إنك مشغول و الأولاد عندهم دروس، و جت هنا تغير جو".
رفع الأخر حاجبيه ينظر بتعجب، فهو يفهم ما تفعله شقيقته، عقب بسخرية:
"اه فعلاً كنت مشغول أوي، صح يا شيماء؟".
رفعت الأخري وجهها و حدقت إليه بتوتر دون أن تجيب، فقالت خديجة و تهم بالذهاب:
"أنا هادخل أقولهم يحضروا الغدا".
ذهبت شقيقته، بينما هو جذب كرسي و وضعه بالقرب من زوجته، جلس بجوارها:
"ينفع اللي بتعمليه ده؟".
حدقت إليه بعدم فهم مصتنع و سألته بإنكار:
"إيه اللي أنا عملته؟".
قطب ما بين حاجبيه و زفر ثم أخبرها قائلاً:
"أنتِ عارفة إن ما بحبش أي حاجة بتحصل ما بينا تخرج برة، عموماً أنا مش جاي أعاتب، أنا جاي عشان أخدك و نرجع علي بيتنا".
عقدت ساعديها أمام صدرها و نظرت في إتجاه آخر قائلة برفض تام:
"و أنا مش راجعة البيت ده تاني".
مال نحوها و قال من بين أسنانه:
"أقصرى الشر يا شيماء، و قومي يلا معايا، ما تخلنيش أعمل تصرف مش هايعجبك".
رمقته بأعين متسعة و صاحت به:
"و أنا اللي فكراك جاي عشان تعتذر، عايزني أرجع و كمان بتهددني!".
جز علي شفته السفلي بحنق قائلاً:
"وطي صوتك، عيب إحنا مش في بيتنا".
نهضت و قالت بإصرار و تحدي:
"ماشي هوطي صوتي، بس برضو مش جاية معاك ".
حدق إليها بتوعد و سألها لعل يمنحها فرصة أخيرة:
"يعني أنتِ مصممة علي رأيك".
هزت رأسها بالإيجاب و قالت له:
"أيوه، زي ما أنت مصمم برضو علي رأيك و عايز تخليني أعيش في بيتك اللي من أيام الهكسوس".
أخذ يتلفت من حوله قائلاً:
"ماشي علي راحتك، بس أنتِ اللي جبتيه لنفسك".
لم يمهلها استيعاب ما قاله، حملها علي كتفه و أسرع من خطواته مغادراً تحت صرخاتها:
"نزلني يا طه، قولت لك مش راجعة، نزلني، نزلن...
شهقت و صمتت حين صفعها أسفل ظهرها، و عندما وصل إلي الخارج فتح باب سيارته و أدخلها لتجلس و قيدها بحزام الأمان، كادت تصرخ مرة أخري، وضع كفه علي فمها و أخبرها بتهديد و نظرة تحذيرية جعلتها تخاف منه:
"مش عايز اسمع صوتك خالص، أنتِ فاهمة؟".
هزت رأسها و رأته يصفق الباب بقوة و ألتفت إلي الجهة الأخري ليجلس علي كرسي القيادة و أنطلق بسيارته.
تجلس بجواره و تنظر بخوف كلما نظرت إليه تجده مازال غاضباً، سألته بتوجس:
"إحنا مروحين علي البيت؟".
حدق إليها بتحذير مرة أخري و بصياح يأمرها:
"مش قولت مش عايز أسمع صوتك، أنا مليش كلمة عليكِ و لا إيه؟".
جاء إليه إتصال و كان من شقيقته، تذكر أمرها و إنه نسي أن يخبرها قبل أن يغادر، فأجاب عليها ليطمئنها:
"ألو، أيوه مشيت و هي معايا".
سألته خديجة بقلق:
"هو أنت فعلاً شليتها و خدتها بالعافية، أوعي يا طه تعمل فيها حاجة، شيماء غلبانة و بتحبك أوي، أنا معرفش اللي حصل ما بينكم بس فهمت إنها زعلانة منك".
أخبرها و يقود مراقباً للطريق:
"ما تقلقيش، هابقي أخليها تكلمك لما نوصل".
"طيب هستناك، خد بالك منها و ربنا يهدي سركم، مع السلامة".
رد بإقتضاب:
"الله يسلمك، سلام".
أنهي المكالمة و ألقي بالهاتف أمامه، و كان يراقب التي تجلس بجواره عبر المرآة، تلتزم الصمت و الخوف يبدو في نظرات عينيها، أشاح وجهه للجهة الأخري حتي لا تري ابتسامته.
༺༻
نزلت من سيارتها أمام المعرض الخاص بها، فهو اليوم الأول لها في العمل من بعد ما حدث، و حين ولجت إلي الداخل وجدت بدايةً من الباب الزجاجي إلي المكتب الخاص بها، توضع علي مسافة كل متر أصيص ملئ بالأزهار و تعلوه لافتة، مدون علي كل واحدة علي حده تلك الكلمات
«آسف حبيبتي، سامحيني، أنا بحبك، في بعدك مش قادر أعيش، يونس من غيرك بيموت، أفتكري لي أي حاجة حلوة، أنا مليش غيرك أرجعي ليا»
كانت تقرأ كل لافتة و يشتعل غضبها و يزداد، يبدو إنه لم يستسلم و لن يبتعد، صاحت تنادي علي مساعدتها:
"ماهي؟".
ركضت الأخري إليها و سألتها بقلق:
"إيه المفاجأة الحلوة دي، حمدالله علي السلامة يا كوكي، مالك بتصرخي كده ليه؟".
أخبرتها بأمر و تشير إلي جميع الأزهار و اللافتات:
"خليهم يشيلوا القرف ده و يرموهم في صندوق الزبالة".
"ليه حرام د...
قاطعتها كارين بغضب و بإصرار:
"اعملي اللي قولت لك عليه و أنتِ ساكتة".
أذعن عامل النظافة و حارس الأمن لأمر المساعدة، و حملوا الأزهار و ألقوها في صندوق القمامة، أمسكت كارين بالهاتف و ذهبت إلي الخارج و قامت بتصوير فيديو قصير و العامل يلقي بالأزهار في الصندوق،
قامت بإرسال هذا المقطع إلي طليقها و كتبت أسفله
«ياريت تبطل محاولاتك الفاشلة عشان أنا خلاص شيلتك من دماغي و رميتك زي ما رميت الورد بتاعك في صندوق الزبالة»
༺༻
كان علي الجانب الأخر يجلس في الشرفة المطلة علي حديقة الأزهار المحاوطة للمنزل
، ينظر إلي الورود تارة و إلي صورة حبيبته في هاتفه تارة أخري، أنتبه إلي خطوات تقترب منه، و صوت صاحبة تلك الخطوات قاطع خلوته، تضع يدها علي كتفه:
"أنا خلصت الأكل، تعالي يلا عشان تتغدي".
بدون أن يلتفت إليها قال:
"روحي أنتِ كولي، أنا مليش نفس".
أجابت بصوت حزين تتقنه جيداً و تولج به إلي ثغراته:
"أنت بقي لك كام يوم ما كلتش غير الأكل التيك واي اللي ما بيأكلش عيل صغير، أنا عامله لك كل الأكل اللي بتحبه و حلويات كمان ".
ألتفت إليها و زفر بضيق قائلاً:
"آسيل لو سمحت، أبعدي عني دلوقت، أنا لو جعان هاكل".
كادت تعود إلي أدراجها فأوقفها:
"معلش ممكن تناوليني علبة السجاير، هتلاقيها علي الكمودينو في أوضتي".
وقفت أمامه تنظر إلي أسفل، تخشي من ردة فعله حينما يعلم بما فعلت:
"بصراحة أنا رمتها في الزبالة".
عقد ما بين حاجبيه بغضب يسألها بحدة:
"رمتيها ليه؟".
ابتلعت ريقها بخوف و أجابت:
"بصراحة خايفة عليك، بقيت في اليوم بتشرب أكتر من تلات علب سجاير، و ده غلط علي صحتك".
قبل أن يتفوه بكلمة صدح هاتفه برنين رسالة واردة علي تطبيق الدردشة الشهير، خفق فؤاده حينما رأي إسمها، عندما ضغط علي الرسالة وجد محتواها كما أرسلته إليه طليقته مرفق بصورة وروده التي ألقتها في صندوق القمامة، ألقي هاتفه علي الكرسي المقابل له بغضب و ما أقترفته التي تقف أمامه جعله يجد عذراً لصب غضبه عليها
صاح بصوت وصل إلي البعيد و القريب:
"مين سمح لك ترميها، هي كانت حاجتك!، اسمعي يا بنت الناس أنا بسببك خسرت البني آدمة الوحيدة اللي أنتِ و لا مليون واحدة تانية تقدر تاخد قلبي اللي هو ملكها، انا ساعدتك و وقفت جمبك لحد ما تقومي بالسلامة و أخوكِ يرجع ياخدك، غير كده ما تتعشميش في حاجة، و لو أكتشفت إنك بتلعبي من ورايا و أنتِ اللي قولتِ لكارين عن حكاية جوازنا أقسم بالله لأخدك بنفسي بعد ما أرمي عليكِ اليمين و هارميكِ لطليقك".
لم تجد سوي سلاحها ذو التأثير القوي عليه، أجهشت في البكاء قائلة:
"و الله ما قولت لها حاجة و لا جيت جمبها، حرام عليك ما تبقاش أنت و الدنيا عليا، و شكراً علي وقفتك جمبي، أنا هسيب لك بيتك و ماشية".
همت بالذهاب فأمسك رسغها حيث شعر بالضيق من نفسه بسبب إنه أتخذها بذنب ما أرسلته إليه كارين
"اعذريني يا آسيل، أنا تعبان أوي، عارف إن أنا المسئول الأول و الأخير عن اللي حصل و عليا أتحمل كل حاجة، بس اللي مش قادر أتحمله هو بعدها عني، كارين بالنسبة لي الحياة الهوا و المياه، تخيلي لما تبعد عني أنا هاكون إيه غير واحد عايش ميت".
ولي إليها ظهره حتي لا تري دموعه علي فراق محبوبته، شعرت بالنيران تحرق قلبها و كأن عبراته كالحمض القاتل الذي يسكب علي أي شئ يذوب و يفني مثل حال فؤادها الآن.
أقتربت منه و أحتضنته من الخلف بحذر قائلة بصوت خافت:
"اه لو تحس بيا و بقلبي، لو تعرف بحبك قد أي و مستعدة أعيش معاك حتي لو متجوز واحدة تانية، المهم أكون جمبك".
أبعد يديها و ألتفت إليها مرة أخري قائلاً ليقطع أي أمل لديها:
"شكراً علي دعمك ليا و خوفك عليا، بس أنتِ عارفة إن قلبي ملكها هي و مقدرش أخونها حتي لو بمشاعري، أنا وقفت جمبك بدافع الشهامة و حق الصداقة اللي كانت ما بينا".
"بس اللي كان بينا أيام الجامعة مكنش صداقة يا يونس، إحنا كنا بنحب بعض، لولا ظروفي اللي كانت غصب عني وقتها و اضطريت أبعد عنك غصب عني، كان زماني أنا مراتك و أم عيالك".
عقب علي حديثها الذي أستشف منه محاولتها لإحياء الحب القديم فقال لها:
"كنت لسه صغير، و عيشت مشاعر كانت وهم بدليل إن نسيتك بسرعة و لما قابلت كارين حبيتها بجد، أنتِ عمرك ما هتتخيلي أنا عملت إيه عشان تكون ليا، أنا كانت حياتي في كفة و كارين في كفة، أختارتها هي و هي كمان أتحدت الظروف و سابت كل حاجة عشان تبقي معايا، أظن هو ده الحب يا آسيل، تضحي عشان تكون مع اللي بتحبه، مش تبيع اللي بتحبه مع أول تيار يقابلك!".
أدركت الصفعات التي وجهها من خلال كلماته التي ألمت روحها قبل قلبها، لم تجد سوي عليها تثأر لكرامتها التي قام بنثرها إلي فتات
"حب إيه اللي يخليك زي العبد المذلول مستني اللي قدامك يحن عليك عشان يسامحك، كانت ممكن هي تقولك تطلقني، أو تخيرك ما بينها و ما بيني، بس هي أختارت اللي يريحها هي و بس، عندها كرامتها أغلي منك يا حبيبها يا للي كنت بضحي بحياتك و أخترتها، خليك زي اللي بيجري ورا سراب، أنا ست زيها و عارفة الواحدة يوم ما بتحب ترد القلم للي جرحها بتعمل إيه، كلها تلات شهور عدة و حياتك، هتفوق علي خبر جوازها من واحد غيرك و تدوقك من نفس الكاس".
رفع أبليس لها القبعة علي حديثها الذي كان كالنيران التي أندلعت في الهشيم، جعلته بمجرد تخيل أن كارين تتزوج من أخر، هذا أحرق قلبه و جعله كالجمر المشتعل و لم ينطفيء سوي بعودتها إليه.
رفع يده في وضع الهجوم، أراد أن يقبض علي نحر تلك الأفعي التي بخت سمها الزعاف في أذنه، لكنه تراجع و كور قبضة يده ثم وضعها جانبه، ترك إليها المنزل قبل أن يرتكب جريمة قتل.
༺༻
عادت بعد أن أنهت يومها الدراسي، و جلست وحيدة داخل الغرفة، فتحت الهاتف ثم تطبيق التواصل الإجتماعي و أخذت تتصفح و تقرأ علي الصفحة الرئيسية، وقعت عينيها علي منشور قد قام صديق والدها بنشره منذ ساعة تقريباً، كان عبارة عن صورة عائلية تجمعه بزوجته و ابنه و ابنته، كُتبَ تعليق في الأعلي بالإنجليزية
"عائلتي مصدر قوتي و سعادتي"
قرأت تلك العبارة أكثر من مرة و تأملت الصورة العائلية بنظرة باردة تخفي خلفها نيران حقد و غيرة تحرق الأخضر و اليابس، صور لها عقلها الصغير بأن هذا المنشور ليس سوي رسالة مقصودة لكي تبدد وهم حبها إليه، فهو لن يحب سوي زوجته فقط.
طُرقَ الباب و دخلت علياء:
"ممكن نتكلم شوية؟".
نظرت إليها الأخري و أجابت علي مضض:
"أتفضلي".
ذهبت إليها و جلست بجوارها، نظرت إليها بابتسامة و سألتها:
"عايزة أعرف سبب تغيرك من ناحيتي، يمكن أنا عملت حاجة مش واخده بالي منها زعلتك مني، ممكن أعرفها؟".
ظلت تنظر إليها في صمت ثم قالت بنبرة هادئة:
"مفيش حاجة".
"إزاي مفيش؟، و أنا ملاحظة إنك بتقصري معايا في الكلام، بعدتي عني و ما بقتيش قريبة مني زي الأول، علي طول قافلة علي نفسك و ما بتتكلميش مع حد، ده غير اللي حصل في المدرسة و الإخصائية حكته لي عن اللي عملتيه مع صحباتك".
نظرت إليها و علي ثغرها بسمة لم تصل إلى عينيها:
"عادي يا طنط، كل الحكاية إن أنا كبرت و ليا حياتي زي ما كل واحد فيكم ليه حياته، بالنسبة للي حصل في المدرسة البنات كانوا بيضايقوني و خدوا جزاءهم".
شعرت الأخري بالقلق من تصرفات ابنة زوجها و حديثها المريب
"افترضنا أنهم ضايقوكِ فيه حاجة اسمها نظام، عندك إخصائية و مسئولين في المدرسة تقدري تشتكي لهم و هم هيجيبوا لك حقك".
ابتسمت بسخرية و عقبت:
"و أنا مش لسه في kg عشان أروح أشتكي للميس تجيب لي حقي، أنا ما بقتش صغيرة، أنا عندي ١٧ سنة".
عقبت علياء بفطنة و ذكاء:
"ما هو عشان أنتِ ما بقتيش صغيرة، هتتحاسبي علي أي تصرف هتعمليه، و المفروض بما أنك كبرتي تتصرفي بنضج و عقل ".
حدقت إليها بابتسامة صفراء و أخبرتها بتهكم:
"أوك، هابقي أخد بالي المرة الجاية".
شعرت علياء بأن وجودها غير مرحب به و تعابير وجهه لوچي لها كافية بأن تخبرها بكل وضوح دعيني و شأني.
تنهدت و نهضت قائلة:
"ماشي يا لوچي، هاسيبك علي راحتك و أنا كمان هاروح أنام، بس خدي بالك أنا دلوقتي بنصحك و واقفة جمبك، بعد كدة هايكون منك لباباكِ".
قالتها و غادرت الغرفة، أقسمت الأخري بأن سوف تجعلها تندم علي تهديدها لها عاجلاً أم آجلاً.
أنتظرت أكثر من ساعة حتي تضمن أنها قد نامت، تسللت غرفة النوم الخاصة بوالدها و زوجته، وجدتها بالفعل نائمة، بحثت عن هاتفها و أخذته و سرعان عادت إلي غرفتها.
تذكرت الرقم السري لقفل الهاتف و المكون من تاريخ زواج والدها من علياء، فتحت تطبيق الدردشة و ضغطت علي المحادثة بينها و بين آسر
" آسر عايزاك ضروري بكرة عندي في المركز"
تم الإرسال و ظهرت علامة صح المزدوجة باللون الأزرق، فقامت بحذف المحادثة كاملة بعدما تأكدت من رؤيته للرسالة
تعليقات
إرسال تعليق