القائمة الرئيسية

الصفحات

رجز قلب.. للكاتبة منى أحمد حافظ كامله على مدونة النجم المتوهج للروايات

رجز قلب.. للكاتبة  منى أحمد حافظ 

 كامله على مدونة النجم المتوهج للروايات 

كم هو قاسٍ على النفس أن تُقر في النهاية أنها الوحيدة المذنبة، وأن كامل الخطأ يقع على عاتقها، كم هو مؤلم أن يتبخر الحب على مَوقد الحياة يترسب عنه بقاع القلب مُرٌ لا يُنسى، ويبقى طعم الحنظل يُذكرنا بزيف أخترناه بأنفسنا لنُلبس الكذب ثوب الصدق لتمضي بنا الحياة...

 

وبجلستها التي اعتادت عليها خاضت حديثها المنفرد كحالها كل يوم، باغتها عقلها تلك المرة مُتسائلًا إلى متى ستتحمل وترتضي على نفسها تلك الحياة؟

زفرت بانكسار ومحت دمعتها الشاردة ليصفعها عقلها مرة أخرى بصياحٍ غاضب:

- حقيقي أنا مش عارف أنتِ لأمته هتفضلي مستمرة فالوضع المُنفر دا؟ ولأمته هتفضلي قابلة وراضية بأفعاله المُشينة اللي من أول يوم وأنتِ بتكذبي على نفسك وتقولي هيتغير بس المهم أن محدش يعرف بيها فبقيتي تخبيها حتى عن نفسك وتغمضي عينيك عنها؟ فهميني لأمته هتفضلي سلبية ولا أنتِ خلاص بقيتي راضية على وقوفك كل يوم والتاني بهيئتك المُذرية دي ومش قادرة تتكلمي؟

"يا الله" بجد أنا مش قادر أستوعب لحد اللحظة أني وافقتك على أنك تربطي حياتك وعمرك بالإنسان دا، قوليلي أزاي قبلت أنك ترمي بنفسك في التهلكة؟ أكيد أكيد أنا كنت فغيبوبة ومعمي عن رؤية حقيقته، لأني مستحيل أقبل وأنا بكامل قوايا وحكمتي أني أسيبك تسقطي السقطة دي، بالله عليكِ فهميني أنتِ عملتي أيه علشان تعمي عيني عن أنانيته، دا بني آدم مثال حي للـ لامبالاة وعدم تحمل المسئولية، بني آدم بغيض عايش لنفسه وبس أتسبب فأنك تخسري أهلك ونفسك، أنا حقيقي غضبان من نفسي وناقم على كل حكمة نصحت بيها غيري لإني للأسف عملت عكس ما كنت بنصح الناس.

 

أعادها صوت الآذان إلى واقعها المرير فكفكت دموعها وزفرت بحزن وهمست:

- يا رب إليك أشكو ضعفي وانكساري وذلتي وأرجوك أن تشد من أزري وعزيمتي يارب قويني على نفسـ....

 

بتر دُعاها صوت ولوجه بصخبٍ مزعج كعادته يترنح يمينًا ويسارًا فاقد الحس بكل شيءٍ إلا بنفسه فقط، تفوح منه رائحة المعصية والذنوب، أغمضت شمس عينيها عنه وهمست بدموعٍ مُنكسرة:

- يارب سامحني وأغفر لي أني ظلمت نفسي بنفسي.

 

حاول مؤيد أن يتمالك نفسه فتمسك بإطار باب الغرفة وحدق به لثانية ورفع إبهامه نحو شفتيه وقال:

- هشش وطي صوتك لتصحى وتسمعك وبعدها مش هنخلص من كلامها.

 

ربت إطار الباب وابتسم واتجه مُترنحًا نحو الأريكة وجلس فوقها ليرى إحداهن تقترب منه، فحاول أن يتبين ملامحها وسط ضباب تلك أبخرة ما احتساه بالملهى ليناديها ضاحكًا:

- أنتِ يا !

 

سكن لثوان ووقف بترنح ومال نحوها يتمعن بوجهها يحاول تذكر هويتها ليرمي بثقل جسده فوق جسدها الضعيف فتلقفته وهي تستغفر الله على ما فعله بنفسه فاخترقت كلماته أذنها لتجعل عيناها تتسع بصدمة وهو يقول:

- تعرفي أنك حلوة ودخلتي مزاجي بصي أنا عندي ليكِ عرض هيعجبك بس قربي مني كدا علشان مراتي متسمعنيش وتصحى وتضيع مننا الفرصة، وأنتِ عجبتيني فأيه رأيك لو تقضي معايا الساعتين دول هظبطك ومتخافيش أنا هدفعلك على قد ما هتبسطيني.

 

جذبها نحوه ودفن وجهه بعنقها وهذى ببعض الكلمات جعلت عيناها تتسع بصدمة فدفعته بعيدا عنها فكاد يسقط بعدما سقط تمامًا من عيناها ولكنها عادت من جديد ومدت له يدها ليستند إليها فحدق بها بتقطيبة وجه كريهة وأردف بقوله:

- يا ربي هي أنتِ دي طيب ليه كده وأنا اللي كنت فاكر أني هقضي ليلة حلوة، يلا الظاهر أن ماليش نصيب غير فيكِ أنتِ.

 

ربت وجنتها وزفر بوجهها فأشاحت بوجهها وقد مُلئت نفسها بالسقم والاشمئزاز لرائحة الخمر التي فاحت منه، فقبلها عنوة وأردف أمام رفضها:

- وديني أوضتي خليني أنام أصل يا حبيبتي النوم هو الحاجة التانية بعد الخمرا اللي بيريحني من أني أشوف وشك المكشر أربعة وعشرين ساعة وبيرحمني من أني أسمع صوتك.

 

ساعدته حتى ولجت به غرفة نومه وهي تكتم أنفاسها حتى لا تشتم رائحة الخمر وأجلسته على طرف فراشه وأردفت وهي تقف أمامه وتحدق به بإشمئزاز:

- أنا مش عارفة أنت هتفضل لحد أمته ترجع الفجر سكران يا أخي حرام عليك الناس بتشتكي منك ليل نهار وبتتكلم علينا، دي وصلت أنهم عايزينا نمشي ونسيب العمارة علشان مبقوش طايقين وجودك هنا.

 

زم شفتيه بحنق وصاح بصوتٍ مذبذب:

- أنا راجل حر ومحدش فيهم بيدفع لي تمن كاسي ومش همشي من هنا واللي مش عاجبه هو اللي يمشي ودا آخر كلام عندي.

 

هزت رأسها بأسف واولته ظهرها وقالت:

- طب ولما فلوسك تخلص وقتها هتجيب حق الكاس اللي بتشربه دا منين ممكن أعرف ناوي تعمل أيه لو ربنا نزل غضبه عليك والفلوس اللي فاكر أنها هتدوم لك راحت منك، يا مؤيد أرحم نفسك وصحتك قبل ما الفرصة تروح منك وتندم بعد فوات الآوان، صدقني أنا خايفة عليك من حساب ربنا.

 

انتفض غاضبًا واندفع صوبها وقبض على كتفها بقوة وضغط فوقه ليؤلمها وأدارها لتواجهه وهتف برعونة:

- أنتِ بتدعي عليا يا شمس بقى دا جزاتي بعد ما عيشتك ملكة، دا أنتِ عايشة فـ شقة محدش فـ عيلتك اللي ما صدقت ورميتك برا ساكن حتى فأوضة منها، دا أنا جبت لك شبكة ألماظ وراضيتك ولففتك العالم دلوقتي بقيت مش عاجبك، طب أيه رأيك بقى أني من بكرة هخلي الشلة بتاعتي كلها تيجي تسهر هنا وأنتِ اللي هتخدمي علينا علشان تبقي تدعي عليا حلو.

 

هزت رأسها بحزن وعيناها تبكي حزنًا وحسرة على محبتها له وهتفت بجزع:

- عايز تقلب بيتك مخور وعايز مراتك تخدم عليك أنت وصحابك، بقى هي دي الرجولة فنظرك يا مؤيد تكشف عرضك وشرفك لعيون السكارى، يا مؤيد دا أنت من دقيقة مكنتش عارف أني مراتك وعرضت عليا عرض أخجل حتى أني أفكر فيه، تقوم عايز تخليني أتكشف على الغُرب عمومًا لو أنت هتقبل على رجولتك دا ومش هتغير على عرضك وهتساويني بكاس خمرا فأنت حر، إنما أنا  فمستحيل أقبل حاجة زي دي غيرة على ديني وعلى حُرمة نفسي وغيرة على رجولتك اللي عينيك أتعمت عنها.

 

لم تكد تنتهى من قولها حتى فاجأها بصفعة كادت تُسقطها أرضًا، وجذبها من خصلات شعرها مُقربًا جسدها منه وضغط بكفه فوق فكها بقسوة وأردف:

- أنا راجل غصب عنك بس الظاهر أنك أنتِ اللي نسيتي نفسك وأفتكرتي أن ليكِ قيمة.

 

لمس جسدها برغبة ولكنه عاد ودفعها لتسقط أمامه راكِلًا إياها بقدمه قائلًا:

- غوري من وشي علشان أنا مبقتش طايق أشوفك غوري يلا برا.

 

استندت شمس حتى اعتدلت وغادرت وهي تبكي ذلتها، فصفع مؤيد باب الغرفة بقوة لترتمي شمس فوق أول مقعد صادفها تشتكي إلى الله وتقول:

- يا رب دبرني وأرحمني يارب أهديه وأهدي بصيرته لطريقك وأرحمه من سوء نفسه وصحبة السوء.

 

أنذوت شمس على مقعد بعيد تضم ركبتيها وغفت بمكانها، لتوقظها لمسات مُترددة تربت كتفها رافقها صوتِ مهتز يقول:

- شمس حبيبتي أنا أنا أسـ....

 

ابتلع كلماته حين رفعت شمس وجهها المكدوم، فحدقت به بتيه ليسخر منها عقلها قائلًا:

- رجعت ريما لعادتها القديمة ومؤيد دلوقتي يعيط ويبوس أيدك ورجلك ويقولك سامحيني مكنش قصدي والخمرا هي اللي خلتني أتصرف معاكِ بالشكل دا وأنتِ طبعًا هيصعب عليكِ وهتنسى الإهانة زي كل مرة وتقبلي اعتذاره وندمه وهتصدقي وعده ليكِ أنها المرة الأخيرة.

 

حارت شمس بين صوت عقلها وتلك النغزات التي توالت على قلبها ليرجوها بألم قائلًا:

- اديله فرصة كمان يا شمس يمكن المرة دي فعلًا تكون الأخيرة ويكون ندمه حقيقي و.

 

قاطع كلمات قلبها صوت العقل بصيحة وعيد ناهرًا إياها بقوله:

- لو صدقتي كلام قلبك هتبقي بتكذبي على نفسك للمرة المليون وهتبقي شريكة لمؤيد فكل اللي بيعمله، أنتِ لازم تاخدي موقف حازم لازم تخليه يصدق أنه هيخسرك لكن لو سامحتي من غير ردة فعل يبقى هتفضلي لأخر عمرك عايشة فنفس الحال، ومش بعيد بالليل تلاقيه جاي ومعاه أصحابه علشان تخدمي عليهم زي ما قالك.

 

آن قلبها فهو الذى أحبه وهواه ولا يستطيع الاستغناء عنه فقال:

- شمس متسمعيش كلامه دا مندفع وعايز يضغط عليكِ، بصي أنا عارف أن مؤيد بيغلط بس أنتِ لازم تديله فرصة.

 

ود عقلها لو يخرس صوت قلبها فهو المتسبب الوحيد في خسارتها لنفسها وضعفها ذاك فأراد أن يوضح لهما سويًا أن مؤيد لن يتغير فأردف بصوتٍ صارم:

- تمام أنا هسمع لصوت قلبك المرة دي وهقولك زيه اديله فرصة بس اشترطي عليه أنه لو رجع لعادته يبقى هيخسرك، بس قبل ما تقوليله أنك هتديله الفرصة عيزك تبصي عليه وتشوفي ملامحه بصي لعيونه ودوري على نفسك جواه، واسألي نفسك يا ترى مؤيد لسه بيحبك أزاي وهو كل يوم بينام مع واحدة غيرك، وفين حبه ليكِ وهو عارف أنك بتموتي كل لحظة وهو عايش فـ مجونة وشهواته وناسيكِ.

 

صمت ساد داخلها فتركت مقعدها ووقفت أمام زوجها تحدق بملامح وجهه تبكي بصمت وأمعنت النظر إليه ليفاجئها مؤيد بتشبثه بها وركوعه أمامها ليخبرها بصوتٍ كسير:

- أنا مش لاقي سبب لتصرفاتي يا شمس ومش عارف ليه بتعمل كده، مش لاقي تفسير لنزولي كل يوم علشان أروح أسكر، صدقيني أنا بكره نفسي وضعفي اللي بيسرق حياتي مني ومخليني أظهر فأسوأ صورة أدامك، أنا عارف أني حرقت كل مراكبي معاكِ وأنك بتحاولي تدوري جواكِ على حاجة واحدة تتحمليني علشانها ومش لاقية.

 

سالت دموع شمس بصمت واغمضت عينيها عنه فوقف مؤيد وأحاط وجهها بين كفيه وأردف:

- تعرفي أني كل يوم بخاف أفتح عيني وبفضل اسأل نفسي ياترى لو فتحت عيني هلاقي شمس أدامي زي كل يوم ولا هلاقيها سابتني ومشيت، لكن لما بفتح والأقيكِ بحمد ربنا أنك لسه معايا، شمس أرجوكِ خليكِ معايا وساعديني أني الاقي نفسي مدي لي أيدك زي ما عودتيني وخليني أبعد عن الخمرا وانضف نفسي من القذارة اللي عشت فيها، رجعيني بني آدم من تاني يا شمس ومتتخليش عني.

 

مشلولة الفكر لا تقوى على أتخاذ قرار يكاد عقلها يجن من تيه أفكارها التى تتقاذفها كأمواج بحر عاصف فهمست بوجه عقلها لتُصمت حيرته:

- أنا بحبه وبكرهه فنفس الوقت وحقيقي مش عارفة أعمل أيه وخايفة أول مرة أخاف بالشكل دا، خايفة أبعد وأسيبه يضيع ويبقى ذنبه فرقبتي، ومرعوبة أصدق كلامه أخسر نفسي أكتر من كدا.

 

أخترق صوته عقلها وسمعت كلماته المعذبه تقول:

- ملامحك وسكوتك قالوا اللي أنتِ خايفة تقوليه يا شمس، عذابك وكسرتك بسببي واضحين للأعمى والظاهر أني بقيت أعمى ومشفتش الحالة اللي وصلتك ليها، بس رغم كدا أنا مش عايزك تسكتي فاتكلمي يا شمس اتكلمي وقولي كل اللي جواكِ زعقي واشتميني بس بلاش تقفي مهزومة بالشكل دا.  

تنهدات ملتهبة غادرت أعماقها دلت على جحيمها المشتعل بداخلها بسبب أفعاله معها، فشخصت بعيناها إليه وقالت بأنكسار معذب:

- بلاش تطلب مني أتكلم لإنك مش هتتحمل تسمع كلامي ليك، مش هتستحمل أقولك كام مرة أنت ضربتني وأنت سكران، ولا هتقدر تسمع الكلام اللي أنت كنت بتقوله ليا وبتهيني بيه لما أرفض أي تصرف أو طلب مخجل ليك، فخليني ساكتة يا مؤيد وبلاش أوجعك لأنك مش هتقدر تتحمل وجعي، وكل اللي أقدر أقوله أني فعلًا مهزومة وقلبي اللي حارب علشانك عجز وشاخ بسببك، ونفسي اللي كانت روحها فيك هلكت بسبب حبها ليك واتكسرت من كتر ضربك فيا، وبعد كلامك ليا الفجر أنا بقيت خايفة على نفسك معاك.

 

صمتت وأغمضت عيناها وهى تتنفس بقوة وأمام نظراته وما تُعانيه أردفت:

- أنت مش محتاج لي علشان تنقذ نفسك أنت محتاج تخلص نيتك لله وتلجأ له وتوب إليه وتطلب منه أنه يسامحك ويغفر لك اللي عملته، ربنا مش محتاج وساطة يا مؤيد علشان تلحق حياتك من ضياعها، فلو أنت صادق فنيتك وعايز ترجع عن الطريق اللي أنت ماشي فيه وعايز تنضف نفسك من القذارة اللي ملت حياتك روح لربنا يا مؤيد وأطلب منه العفو.

 

حدقت به لترى نظراته المُبهمة إليها فزفرت بحزن وقالت تنهر قلبها قبل أن تنهره:

- أنت لازم توقف نفسك بنفسك يا مؤيد علشان أنا خلاص مبقاش عندي أي طاقة أنت للأسف طفيتني لدرجة أني بقيت محتاجة فرصة علشان الاقي نفسي اللي ضاعت بسببك.

 

أسرع يجيبها بعدما لاحظ صراع عذاباتها التي تجسدت فوق صفحة وجهها البرىء وقال:

- طيب خلينا نساعد سوا بعض ونلاقي بعض وأنا أوعدك أني هبطل وأتغير علشان حياتي معاكِ ترجع أحسن من الأول بس خليكِ معايا.

 

أومأت بالنفي وهي تحدجه بنظرات آسفة وأخبرته وقد ارتسمت على شفتيها شبح ابتسامة هزيلة:

- واضح أنك مسمعتش كلامي ليك يا مؤيد لأنك لسه زي ما أنت عايز وبس، تعرف أنت لو كنت قولت لي الكلام دا من كام شهر فات كنت هبقى فرحانة وسعيدة، لأن وقتها كان لسه جوايا أمل فيك وكنت لسه عندي القدرة أني أغمض عيني عن وجعك ليا وأتنازل علشانك، وأقول وماله أديله الفرصة علشان أنتِ بتحبيه، بس للأسف بعد ما وقفت أدامي وقارنت بيني وبين بالستات اللي بتقعد تسكر معاهم في حاجة جوايا ضاعت، حاجة مش هتقدر ترجعها تاني وبعدين بذمتك أزاي واحد مش لاقي نفسه هيعرف يلاقي اللي ضيعه منه، يا مؤيد روح دور على نفسك الأول.

 

شحب وجهه حين استدارت عنه واتخذت خطواتها نحو غرفتها، فاسرع مؤيد خلفها وتبع خطواتها ولكنه لم يقوى على ولوج غرفتها، وراقبها وهي تجمع ثيابها فازدرد لعابه بخوف وناداها باستحياء همسًا، فالتفتت نحوه وأردفت:

- أظن بعد كلامنا معدش في أي داعي لوجودي معاك.

 

عقب على قولها ونظراته ترجوها البقاء:

- طيب أنتِ هتسبيني وتروحي فين يا شمس ما أنتِ عارفة والدك مش هيقبـــ....

 

زفرت بحزن وخفضت رأسها وأجابته بندم:

- متشغلش تفكيرك بوالدي لأنها مشكلتي أنا، وزي ما غلطت وأتحديت أهلي واخترت أتجوزك وخسرتهم عقابًا ليا، فأنا هرجع لهم وأنا عندي يقين أن بابا عمره ما هيقفل بابه فوشي وهيقبل بيا ومع الوقت هيسامحني وهيغفر لي غلطتي بحقه، وصدقني يا مؤيد حتى لو بابا عاملني بأسوأ طريقة فأنا هقبل وهرضى واعتبره تكفير عن ذنب جوازي منك وهحاول أرجع حياتي للحظة اللي قبل ما أشوفك فيها وأنسى أني كنت عايشة ميتة مع ظل بني آدم أختار يعيش سكران مش فوعيه، وهكمل طريقي اللي غيرته علشانك هكمل دراستي وأشوف هوصل لأيه، وأنت زي ما قولت لك لو عايز تلاقي نفسك بجد وندمان وعايز تتغير فأمشي بطريق رجوعك لربنا وحارب ضعفك بنفسك، أما لو شيطانك غلبك وفاز فكمل طريقك وبأيدك كاسك وألمس بغفلة أي واحدة وعيش بفلوسك من غير ما تشيل أي مسؤولية، وألغي من تفكيرك أن  في لحظة فارقة هتقف فيها بشكل أجباري لحظة هتتحاسب فيها على كل رجز ارتكبته.

 

وغادرت شمس وعلى وجهها ابتسامة شاحبة، ابتسامة أمل لتلاشي غمامة الغفلة من أمام بصيرتها وبصيرته، وبداخلها يقين بأنها حتما ستفوز في النهاية بحربها التي ستخوضها لتستعيد ما فقدته بعدما أدركت أن الحياة لا تساوي لحظة تجمعها وأبويها. 

وهكذا لملمت شمس جراحها التي كانت لها اليد العليا بإصابتها بها وعادت إلى منزل أبويها تتلمس رضاء والدها وتبكي ندمًا على رعونتها التي سببت لها الألم، وقفت أمامه بقلبٍ واجف ونفسٍ مضطربة تخشى الرفض، ليُدير والدها وجهه عنه ولكنه يُفسح لها الطريق فطريقه دومًا مفتوح لها ولن يغلق بابه بوجهها قط، فهي منه وله ولن يتخلى ما حيا عنها، وبابتسامة ندم مالت شمس بوجهها وقبلت يد والدها وبجواره وقفت والدتها تُكفكف دموعها سعادتها بإستعادتها أسرتها من جديد.

منى أحمد حافظ

تعليقات

التنقل السريع
    close