"رُد قلبي"
الحلقه الثالثه عشر و الرابعة عشر والخامسة عشر
بقلم وسام اسامه
كامله على مدونة النجم المتوهج للروايات
الحلقة الرابع عشر.." لا تتوسليني"
.........................................
كل شيئ حوله كان هادئ ولا يدعوا للإشتعال..فيما عدا تفكيره بسارة والتي سيطبق علي عنقها مُنتقمًا من أفعالها السوداء كما يراها..لذا إتجه الي منزل عمه "ناجي" وهو يضبط أعصابه بكل مقدرته
قرع جرس الباب بشيئ الحدة وهو يتنهد هامسًا..
-اهدي يافاتح..سارة لسه صغيرة وطايشة اهدي خالص
فتحت الخالة أمنية الباب باسمه ببشاشة كما إعتاد منها ليلمح سارة من خلفها ترتدي ملابس بيتية مكونة من بنطال وردي واسع..وكنزة بيتية لا تصل لمرفقها..ومايزيد الطين بِله ان الملابس واسعة نوعًا ما..حيث تتحرك معها وتصف جسدها الأنوثي رغم صغر سنها..كانت تضحك وتركض
استفاق فاتح علي ترحيب أمنية به قائلة بعتب مُشيره للأغراض بيده..
-وهو انتا جاي بيت غريب يافاتح..أدخل انتا حلال فيك أسيب سارة عليك
-
ليهمس بنفسه بجنون..
-دا أنتوا الي تسيبوني عليها ,أدخل أموتها ولا اعمل فيها ايه
دلف ليجد رامي يركض ورائها بالوسادة كي يضربها بها وهي تصرخ عاليًا وتضحك بجنون هاتفة...
-راااامي بس بقا قطعت نفسي
صدح صوت فاتح من خلفها...
-قطع نفسك ليه يامدام..أمال انا هعمل ايه بقا
شحب وجه سارة وتصنمت بمحلها..بينما اتجه له رامي مُعنقًا اياه هاتفا بإبتسامة...
-ياااراجل هو لازم سارة تيجي عشان تجيلنا يعني
خلاص هنبقا نجيب سارة كل يوم
"رُد قلبي"
الحلقه الرابعة عشر والخامسة عشر
لم يستطع فاتح أن يبتسم حتي وهو يحدجها بنظرات حادة..
-لو كانت قالتلي انها جاية كنت جيت معاها
إنما انا خطيبتي بتحب تعمل الحاجة سرقة
توترت الأجواء عقب كلماته الحادة..لتقول أمنية بإبتسامة..
-تعالي يارامي ساعدني..وانتا يافاتح أقعد مع سارة شوف ايديها محتاجة خياطة ولا لأ..عشان اتعورت وهي بتقطع البصل
إرتعشت سارة وهتفت سريعًا...
-لأ..انا هاجي اساعدك ورامي ي..
قاطعها فاتح بحدة..
-ماشي يامرات عمي..ادخلوا وانا هشوف ايديها
حركت أمنية رأسها بإيجاب وجذبت رامي الذي وجم وجهه وهو يشعر أن سارة سينصب عليها الغضب من فاتح
والمعروف عنه العصبية وسرعة الحنق
ليتجه مع والدته ونظرات سارة تتوسله بالبقاء
بينما فاتح جلس وهو يمسح علي وجهه بحدة ليشير لها أن تجلس جواره بصمت ودون حديث..رغم تمردها الدائم إلا أنها ولأول مره تُطيعه وبالفعل الحرفي ترتجف داخليا
فاتح قد يصل غضبه لمرحلة الجنون وعدم التفهم
وكل الحدة التي تلقتها منه في السابق كانت حدة خفيفة ينتج عنها صفع من والدها..او توبيخ أو مُعاقبة بعدم الذهاب للجامعة..ولكن الآن..وقد أستحالت بشرته السمراء الي حمراء من كثرة الغضب..وعيناه التي تطلق شرارات الغضب
وفمه الذي يأكل شفتيه بعصبية..ربااه..وكفاه اللذان يطبقان بغل..كل هذا ينبأها أن اليوم لم يمر مرور الكرام
أمسك يدها بقوة يتفحصها..حتي رأي الجرح السطحي في كفها..ليبتسم ساخرًا..ويضع اصبعه عليه برقه يتحسسه
ورغم رقة إصبعه إلا أن الجرح يؤلمها..ولكن زاد الألم وهي تشعر به يضغط علي الجرح بقوه..لترفع عيناها له لتجده نظراته الغاضبة تكاد تقتلها..كتمت تأوه متألم وظهرت الدموع بعيناها..لتسمع كلماته الحادة..
ضغطة إيدي بتوجعك
غضبت داخلها لتحرك رأسها بعناد قائلة بصوت مهتز..
-لأ
ليزيد ضغطه أكثر حتي بدأت قطرات الدماء بالخروج من الجرح..ليقول..
-ها حاسه بإيه دلوقتي
حاولت جذب يدها منه بألم وعيناها بدأت بذرف الدموع
والحدة تملكت منها لتهمس..
-سيب ايدي يافاتح
زاد ضغطه أكثر لتكتم صرخة متألمة واضعه كفها علي فمها وبدأ البكاء يزيد مع زيادة الألم..ليقول بحدة..
-أهو انا بقا كرامتي بتوجعني كدا لما عيلة صغيرة تلعب بيا الكورة..كرامتي وجعتني لما قفلتي في وشي زي الحيوانات الي مبتفهمش في الذوق ولا الأدب
زاد ضغطه أكثر وهو يري ألمها ليُكمل ساخرًا..
"رُد قلبي"
الحلقه الرابعة عشر والخامسة عشر
-ولما عرفت انك كدابة ومخرجتيش مع صحبتك
وجيتي هنا من غير إذني
حاولت سحب يدها بألم وبدأت شهقاتها تعلو ليهتف بحدة..
-اخرسي ومسمعش نفسك..وايه الي انتي لابساه دا
وبتهزري بالإيد مع رامي..وكأنك متجوز واحدة صاحبتك
ليجذبها بعنف من يدها وبدأ صوته يعلو..
-انتي مش شيفاني راجل صح..ماهو لو شيفاني راجل مكنتيش عملتي عمايلك دي..طب انا ورقة ملهاش لازمه
ماتردي يامدام ساكته ليه
في تلك اللحظة خرجت امنية سريعًا وتبعها رامي ليجدو سارة تبكي وتضع يدها علي فمها لتكتم شهقاتها الباكية..وفاتح يجذبها بقوة تؤلم..لتشهق أمنية هاتفة..
-اخص عليك يافاتح انتا بتعمل ايه2
تركها فاتح لتحاوطها أمنية ..بينما سارة لازالت تكتم فمها بكفها وتخفي وجهها في أمنية كي لا يراها رامي في تلك الحالة البائسة..ليهتف فاتح بحدة..
-قومي البسي هدومك عشان اروحك..يلا
نظرت له أمنية بحده..
-فاااتح انتا بتكلمها كدا ليه..عيب تقلل منها قدامنا
طالما مبتحبهاش اتجوزتها ليه
خرجت الجملة الأخيرة من أمنية بحرقة..وهي تراه في تلك اللحظة يتهيأ بصورة ناجي زوجها..لأن فاتح له صفات مشتركة مع ناجي بكل شيئ وكأنه إبنه لا رامي
ليهتف فاتح بجمود..
-بعد إذنك يامرات عمي..انا عارف بعمل ايه كويس
وسيبيها عشان تغير هدومها لأن التأخير مش في صالحها
غضب رامي من أسلوبه الجاف مع سارة ومع والدته ليهتف بحدة..
-فاتح في ايه مالك..ايا كان عملت ايه..ليه توصلها للدرجة دي من العياط..سارة مبقتش صغيرة انك تعنفها كدا
زمجر فاتح وهو ينظر له بغضب..
-ملكش دعوة يارامي..دي مراتي وأعمل معاها ما بدالي
في تلك اللحظة دلف ناجي وقد جاء توًا من الخارج ليلقي السلام..ليلاحظ التوتر الذي يسود المكان لينظر لأمنية قائلا..
-في ايه ياأمنية
نظرت لفاتح بطرف عينها بحنق لتقول..
-مفيش حاجة ياناجي..سارة اتعورت في ايديها
وفاتح مُصر يمشي وياخدها قبل الغدا
إتجه ناجي الي سارة التي تريح رأسها علي صدر امنية ليربت علي رأسها بحنان أبوي..خاصة وأن سارة تُذكره بحبيبتة بدر..في تمردها وجرأتها..ورغما عنه قال..
-سلامتك يابدور
"رُد قلبي"
الحلقه الرابعة عشر والخامسة عشر
لاحقته النظرات وخاصه تلك النظرة المجروحة بعين زوجتة..ليحمحم قائلا سريعا وقد استوعب ما قاله ليُمسك يد سارة وهو يري جرح يدها..
-دا خفيف ياحبيبتي..امنية تحطلك حاجة للجروح وهتبقي كويسة
همهم ناجي ليربت علي ظهر فاتح..
-لا هتتغدوا معانا يافاتح وأمنية هتشوف ايدها مالها
تعالي ياشباب علي ماالغدا يجهز اقعدو استنوني علي مااغير هدومي ونقعد نلعب دورين طاولة
أراد فاتح الإعتراض ولكن رق قلبه ليهئة سارة التي انكمشت في أحضان أمنية تُخفي ببكائها عنهم..ليتنفس بحدة قبل أن يقول..
-تمام ياعمي..عايز سارة في حاجة بس
زجرته أمنية بنظرات قاسية وجديدة علي شخصها..ليقول فاتح بخفوت وهو ينخفض ليجذب سارة منها..
-بعد إذنك يامرات عمي
طاوعته سارة بصمت يكفيها فضيحة بكائها أمامهم لن تُكمل العرض المهين وتطاوعه عسي أن يمر اليوم علي خير..جذبها فاتح واستأذن ودلف بها أحد الغرف وأغلق الباب..ليلتفت لها ويري وجهها الأحمر من أثر البكاء
تنهد بلين وهو يرفع كفه يهندم خصلاتها الكثيفة والقصيرة بلونها البُني المصبوغ عن لون الأسود..رجعت الي الخلف قبل أن تصل كفه لخصلاتها..ليكور يده بحدة ويتنهد مستغفرًا..ليقول بهدوء..
-عجبك الي حصل دا..وفرجة الناس علينا !
رفعت سارة وجهها له وهي تُمسك نفسها عن البكاء لتهتف بصوت خفيض كاره...
-انا بكرهك يافاتح..بكرهك وبكره ابويا وبكرهكو كلكم
بكرهك قد ماتكرهني مليون مرة..ومش هبطل ازهقك مني عشان تطلقني
تغضن جبينة وقست شفتاة ليقول بجمود..
-ومين قالك اني بكرهك ياسارة
انا بكره أفعالك وكلامك الي مش محسوب
وطالما انتي بتكرهيني يبقا كل الي احنا في غلط
الفترة دي تعدي وتخلصي السنة دي وكل واحد يروح لحالة...انا مش نافعني حياتك دي ياسارة
انتي لسه صغيرة وطايشة..وانا راجل قربت علي التلاتين
اتقبلت الخطوبة دي عشان خاطر عمي..مش عشان اطنطت وراكي في كل مكان زي العيل الصغير
كل الي طالبة منك تحاولي تحترمي كلمتي الفترة دي
وبعدها كل واحد يروح لحاله..ممكن ياسارة
غص حلقها وهي تسمع كلماتة الهادئة والرقيقة بآن واحد
لا تدري لما حزنت رغم انها تكره ذاك الإرتباط وتكره تحكمه بها..تعلم مدي عصبيتة وللأسف هي من تقوده إليها
إذا لما هي حزينة الآن من كلماتة !
حركت رأسها بإيجاب لتقول بتهور..
-وبعد ماتسيبني هتروح تخطب رجاء !
حدق بها لثوان..قبل أن يرفع كفه ويساوي خصلاتها خلف أذنها ويربت علي رأسها بثبات ليقول..
-رجاء او غيرها ياسارة..المهم اني هتجوز واحدة ارتاح واتفاهم معاها ومحسش ديما إني في حرب
انتي لسه صغيرة ومش هتفهمي مضمون كلمة تفاهم وراحة..ولما تفهمي معني الكلمتين دول هتعرفي قصدي
ربتته علي رأسها وكفه التي عبثت في خصلاتها جعلت النيران تنشب داخلها ومعدتها تتلوي بتوتر..خاصه وأن هذا أول تقارب بينها وبينه..ولكن ثوان وسُكب الماء البارد علي تلك النيران بكلماته ..كلماته التي تضمن أنها ليست المُناسبة له أبدا
"رُد قلبي"
الحلقه الرابعة عشر والخامسة عشر
ليبتسم لها إبتسامة مُتكلفة قائلا..
-يلا روحي اغسلي وشك وساعدي مرات عمك..عشان تأخيرنا دا هيخليهم هيفهمونا غلط..يلا ياسرور
تمتمت بنبرة تائهة من إبتسامتة وهدوئه المُفاجئ..
-سرور !
-اسمك سارة ومن معانيه السرور..فا يلا ياسرور مش وقت اسأله..روحي ساعدي مرات خالك وانا هقعد مع الرجالة
بس الأول غيري هدومك دي ماشي !
وللدهشة حركت رأسها بطاعة..وكادت تخرج ليُتمتم مُتذكرًا..
-صح هاتي ايدك
إلتفتت له وأعطته يدها بتردد خوفا أن يؤلمها من جديد
ولكن جذبها لتجلس علي الفراش وجلس أمامها واخرج منديلاً من جيبة..وتبعها بزجاجة عطر من محفظتة السوداء الكبيرة
ورش من العطر علي كفها المجروح لتكتم انفاسها من الألم
حينما مسد بالمنديل علي الجرح جيدًا ليقول..
-خلاص كدا..مرات عمي تحطلك مرهم جروح وتبقي تمام
خدي بالك المره الي جاية
ثم تركها وخرج من الغرفة..تركها تائهة مُشتتة بعكس دخولها لها..ولكن الرابط الوحيد بين دخولها وخروجها
الرغبة بالبكاء..ان تبكي كما لم تبكِ من قبل
***
لم يقتنع بذاك السبب الواهي الذي أخبرته اياه غزال أنه هو من اغلق باب الشقة عليهم حينما جُرحت يدها سابقًا
لتقنعه أنها هي من أغلقت الباب
إكتفت بذاك التبرير واجمة أعقبتها بعبارة حادة..
-بقا انتا كدا من الصبح عشان ترضي فضولك
عقد حاجبيه بدهشة ليبتسم من تفكيرها ويجيب ببساطة..
-لو عايزاني ارجع غير كدا ماشي
عبس وجهها أكثر لتقول بخفوت..
-لا خليك كدا..نرمي الأسباب ونركز في النتايج
ضحك بمرح وهو يرفع إبهامه لها في علامة لتشجيع
لتضحك هي الأخري وتنسي أساليبه الملتوية وتركز علي إشراقته معها..فهي لا تضمن أن يكون هكذا دائما
ظلت تتجول معه في المشفي وتري صداقته مع الجميع وإبتساماته السخية معهم..إذا لما هو شحيح البسمه معها !
إنقضت الساعات سريعًا ورجع كامل الي بيته بمساعدة خالد وعُبيده
وإبتعدت غزال عنه تماما لا تنوي أن يؤلمها برفضة وجموده لذا قررت أن تحادثه في المنزل أفضل
بعيدا عن العيون التي تلاحقهم
وبالفعل إرتاح كامل علي فراشة أخيرا ولازالت ملامحة جامدة ليستأذن عُبيده قائلا..
-معلش ياحج كامل استأذن بقا عشان عندي شغل
حرك كامل رأسه بإيجاب قائلا...
-شكرا علي تعبك معانا..عطلتك الفتره الي فاتت
اعذرني ياعُبيده
لامه عبيده قائلا..
-ودا كلام بردو ياحج..ايه الي بتقوله دا
انا في الخدمة دايما..في أي حاجة ابعتلي مع ريشة
أو..غزال
أتم جملته وهو وهو ينظر لخالد الذي يشيعه بنظرات كارهه وغاضبة لأبعد حد..ليقول كامل..
-ماشي يابني ربنا معاك
خرج عُبيده من الغرفة ليقابل وجه غزال وهي تقف امامه مباشرة..ليبتعد خطوة يبتسم قائلا..
-بتطلعي زي العفريت فجأة كدا..مفيش مره ظهرتيلي بشكل طبيعي
"رُد قلبي"
الحلقه الرابعة عشر والخامسة عشر
ضحكت غزال وهي تميل برأسها قائلة..
-طب تعالي معايا عايزة أسألك علي حاجة
واحمد ربنا اني بظهرلك أصلا..غيرك يتمنوا
تبعها عُبيده قائلا..
-نيالي ياستي..ها خير
إتجهت للشرفة وكان يتبعها لتخرج له من حقيبتها سماعة طبيه وتعطيها له !
تطلع الي السماعة للحظات بدهشة ليقول..
-مالها السماعة !
ضحكت وهي تضعها بحقيبة أنيقة وتعطيها قائلة..
-السماعة ملهاش..دي ليك خدها
أمسك الحقيبة من يدها قائلا..
-ايوة ةبعد مااخدها أعمل بيها ايه ياغزال !
رفرفت برموشها بسعادة من نطقه المتكرر بإسمها
لتقول وهي تفرك كفيها بتوتر..
-امم ما دي هدية ليك
-اييه هدية ليا..طب أعمل بيها ايه
وبعدين اشترتيها منين دي
نطق بتلك الكلمات بدهشة
ولكن ثوان وأستوعب فكرة السماعة ليكتم ضحكة عالية كادت تفلت منه..ليقول..
-غزال أنا مُمرض مش دكتور..مستوعبة دا !
عقدت حاجبيها بعدم فهم لتقول..
-يعني مبتحتاجش دي في شغلك..انتا بتضحك ليه
هو انا شكلي بيضحك
توقف عن الضحك وتأملها لثوان قبل أن يشيح عيناه عن وجهها البهيي..ليقول بصوت عميق..
-مبحتحهاش..لكن كفاية انك جبتيلي حاجة ياغزال
رغم اني مبقبلش الهدايا...لكن هدية مقبولة
إتسعت بسمها لتظهر نغزة وجنتها بوضوح لتقول بنعومة..
-المرة الي جاية هجيب حاجة تحتاجها
اطلق تنهيدة مكتومة وهي يستدير ويشيح بعيناه عنها قائلا..
-سلام عليكم ياغزال..انا ماشي
سارت خلفه مُتمتمة بصوت وصله..
-في آمان الله وفي حفظة ديما ياسي عبوده
ليخرج ويغلق الباب خلفه بعدما إبتسم لها برفق
وما أن استدار حتي وجد صديقة وائل يقف علي الدرج بوجهه المكدوم بكل معني للكلمة
ليهتف عُبيده بصدمة...
-ايه الي عمل فيك كدا
في نفس اللحظة التي نطق بها خالد للسيد كامل..
-حج كامل..انا بجدد طلبي انا عايز أتجوز غزال
انا بحبها من زما وأولي بيها من الغريب
***
عناق حار ودافي إستقبلت به تقي لصغيرها شَريف كما تلقبه..وبادلها العناق ضاحكا علي دموعها السخية
بينما أدم انسحب الي غرفة مكتبه بصمت..ودون حديث
لتلحق سيدرا به بعدما رحبت بشقيقها
"رُد قلبي"
الحلقه الرابعة عشر والخامسة عشر
جلس أدم علي مقعده وأرجع رأسه للخلف..وعقله يسترجع العشرون سنة الماضية بحياتة..كانوا أجمل سنين قد حظي بها مع تقي وأولادة..رغم الخلافات وكل ماهو مؤلم إلا أنه سعيد بما مر معها ومعهم
ورغم سعادته بما مضي إلا ان خوفة من القادم أكثر وأكبر
وخاصة مع كلمات شريف التي تجلده كلما شرد بها
شعر بيد سيدرا توضع علي كتفه هامسة..
-بابا انتا كويس !
فتح عيناه وطالعها لثوان ليجد نظرتها اللينة مع قوتها التي ورثتها منه..كانت جميلة تجمع بين ملامحه وملامح تقي..ولكنها أخذت الجميل منهما..وأخذت قوته كاملة دون نقصان ..قوة تغطي قشرتها الأنوثية الرقيقة
تنهد وهو يمسد جبينه..
-انا كويس يابابا..متقلقيش
همهمت لتقول بتقرير..
-اتخانقت مع شريف وغلط في الكلام وعصبك صح
لم يتفاجئ بمعرفتها بما دار فهي سريعة البديهة ومنذ دخولهم لاحظت الوجوم علي وجه الجميع فيما عدا جودي
ليومئ برأسه ولازال صامت
لتُمسك كفة برقة قائلة..
-مش مهم هو قال ايه..المهم انه بيحبك ومهما قال اكيد كل كلامة كلام غضب ملوش اي لازمة..احنا كلنا عارفين انك بتختار الي في صالحنا يابابا
إبتهج قلبه لكلام سيدرا وإبتسم إبتسامة صغيرة وهو يفتح ذراعيه لها..لتعانقة بقوة هي الأخري ..تستمد منه الأمان والقوة كما اعتادت منذ صغرها
ليهمس أدم باسمًا...
-بيلوموني اني مبوافقش علي الي بيتقدمولك
طب استغني عنك ازاي يانجمة بابا
الاقي واحد يستاهل انه ياخد أعظم نجمة في حياتي!
تنهدت بحزن خفي لتقول..
-نجمة بابا ملقتش حد يقدرها وبتلومش بابا علي حاجة
انتا عارف فين الصح ليا...انا واثقة فيك يابابا
قطع كلماتهم دخول تقي وهي تعانق خصر شَريف والبهجة مرتسمة علي وجهها بطفولة لا تمحيها السنوات..لتقول وهي تلكز شَريف...
-أدم ..شَريف عايز يقول مفاجأة ..قالي منها حاجة صغنونه خااالص..وقال هيقول التفاصيل قدامك
"رُد قلبي"
الحلقه الرابعة عشر والخامسة عشر
ضحك شَريف وهو يقبل جبهتها ثم نظر لأدم الجالس علي كرسية بغرور فطري ..وسيدرا تجلس جوارة مُمسكه بكفه ونظراتها قوية مُحذرة..ليبتسم شَريف ببرود قائلا..
-انا قررت أتجوز زي ماقولت لماما..بس الي مقولتوش ليكي ياماما أنها مش في الوسط بتاعنا خااالص
لينظر الي أدم بتحدي قائلا..
-بس انتا عارفها يابابا وبعت الحُراس يمشو وراها
وتقريبا عرفت سجلها كله..يعني مش هتتفاجئ
إبتسامة قاسية إرتسمت علي شفتي أدم مُتمتما...
-الخدامة قصدك
علت الشهقات من جودي وتقي..بينما سيدرا كانت علي علم مُسبقا بذاك الحديث..ليقول شَريف ببساطة مُبطنة بالتصميم...
-لا يابابا ..مينفعش تشاورلها بإسم شغلها
دي خلاص هتبقا ريشة..ريشة الصياد
تحدثت تقي بتشتت وهي توزع نظرها بينهم..
-انتوا بتتكلموا علي مين..هو انتا مش هتخطب مريانا بنت عمك جواد ياشَريف زي ماقولتلك
ربت شَريف علي ظهرها قائلا..
-لا ياماما انا في بنت عجبتني وعايز اتجوزها
هي بنت طيبة وغلبانة هتحبيها...ولا إيه ياأدم باشا
همهم أدم بإيجاب ليقول بجمود..
-لكل حاجة تمن..وفي تمن اني اوافق عليها واخليها تشيل إسم عيلة الصياد وتدخل بينا..ولو مش هتدفع التمن دا
ييقا روح إتجوز في الشارع وملكش أهل بعد كدا
صرخت تقي بفزع وهي تُمسك مرفق شريف..
-أدم انتا بتقول ايه..تمن ايه !
ربت شَريف علي يد والدته ليقول بحدة..
-تمن الي هو ايه!
إبتسم أدم بدهاء قائلا...
-هتمسك كل شراكتنا الي في مصر..وكلها يعني كلها
وسيدرا هتساعدك في فروع القاهرة واسكندرية بس
وكلامنها هيبقا موثق بالأوراق..يعني مفيهاش لعب عيال
إشتد وجه شَريف بغضب وكور يده بجنون ليُتابع أدم بهدوء ..
-وهترجع تعيش هنا وهيتم جوازك هنا وهتسكن هنا
مش هتفارق أمك واخواتك..دا غير ان الي عايز تتجوزها دي هتتحط تحت المراقبة عشان نشوف هتأثر علي عيلتنا بالسلب ولا لأ
هتف شَريف بصوت مكتوم..
-خلاص كدا ..دي شروطك
حرك أدم رأسه سلبًا ليقول..
-لأ..لسه في شرط..هتسيب الداخلية..نهائي
توسلت تقي بدموع وهي تري غضب ولدها..
-أدم متعملش كدا..عشان خاطري متبعدوش عني بشروطك دي..هيرفض وسيبني تاني
تنهد أدم بتعب وهو يرجوها بعيناه ويهتف بقلبة
لا تتوسليني أعلم ماافعله جيدا..لا تُزدي الألم بدموعك
ليهتف شَريف بغضب..
-موافق علي كل شروطك وعندي شرط..ان بعد ماانفذلك كل دا متدخلش في حياتي تاني
"رُد قلبي"
الحلقه الرابعة عشر والخامسة عشر
هتفت سيدرا بحدة..
-شَريف..حاسب علي كلامك..متكلمش بابا بالإسلوب دا
هتف أدم قاطعًا للحديث..
-موافق..معنديش مشكلة
ليُكمل وهو ينظر لجودي..
-وانتي ياجودي..هاتي رقم مديرك احدد معاه ميعاد يجي يتقدملك..وأختك هتجيبلي سيرته من بدايته للنهاردة
خجلت جودي لتحرك سيدرا رأسها بطاعة
بينما هللت تقي بسعادة وهي تعانق جودي
وشَريف ينظر لأدم وبغضب وسخرية..وأدم بعالم آخر
وقد قادة شرودة لأبعد نقطة عنهم..كما عادته
***
"رُد قلبي"
الحلقة الخامس عشر.." بطاقة تمرد"
.........................................
تربعت أرضا ببرج الحمام وهي تُريح عيناها مع طيران الطيور وتحليقها عاليًا..وجزء طفولي داخلها تمني لو كانت طير..لو كانت حمامة بيضاء تحط أينما شائت..تطير وتطير الي أن تتعب من الحرية
ولكنها لا تأمن لحظها العثر فربما كانت حمامة مكسورة الأجنحة أيضًا !
كما هي مكسورة الخاطر والفؤاد الآن
وضعت يدها علي عيناها تحاول حجبها عن الذكريات الأليمة..عن موت والدها وهي في بطن أمها اثر حادث مروع..لتتجه والدتها المسكينة لتعمل مُساعدة في البيوت
لطالما قالت له والدتها أنها تكره كلمة خادمة
وتُحبذ كلمة مُساعدة..لأنها تُساعد الناس لتكون حياتهم أسهل..ومليئة بالنظافة والراحة
حتي ترسخت جُملة مساعدة في عقل ريشة
لتتوفي والدتها وهي في سن العاشرة..وبدأت رحلة الشقاء بالنسبة لها..حيث كانت غزال في الثالث عشر من عمرها
وهي كانت في العاشره..فجأة وجدت نفسها مسؤله عن نظافة منزل كامل وطهو الطعام وكي الملابس وغسلها
وكان كامل خير مُعين لها..رغم مقدرته علي الإتيان بمساعدة أخري ولكن فضل أن يكفلها وتكون فردًا منهم
وألقتها جدتها لهم بمقابل مادي بخس..ليحتضنها كامل ويعاملها بضمير ورفق..ولكن غزال لا
كانت تعاملها بتكبر رغم الصغر..تارة تكون لطيفة..وتارة تكون لا تُطاق..حتي تأقلمت علي تلك الحياة
ولكن كلمة خادمة كانت تطعنها بقوة..تشعرها أنها قليلة لا قيمة لها..برغم من أن خادم القوم سيدهم..إلا أن غزال تشعرها بالدونية...لا تنكر أن داخلها غيرة من جمالها وحياتها المستقرة المليئة بالدلال والترف
لكنها إستطاعت الفصل بين الغيرة والمحبة لها
بل والرضي عن وضعها والتفاؤل بالمستقبل
بل وشعرت بالحب..لأول مره..تشعر أن قلبها الصغير من حقوقه عليها حق الحب...ولكن الخذلان جاء سريعًا
أن عدت سنوات عمرها ستحدهم تسعة عشر خيبة وخذلان
تنهدت وهي تمسح دموعها بشرود..ولم تنتبه للجالس وجوارها يطالعها بصمت..ولم يكن سوا شَريف..الذي تحدث بهدوء..
-تقريبًا انتي معندكيش قنوات دموع..عندك خزانات..عارفا الخزانات
شهقت بفزع وهي تنظر له بذعر..متي أتي ذاك
لتنظر ليده التي فُتحت لوسعيها وهو يصف "الخزانات" علي حد قوله..لتقول بفزع..
-بسم الله الرحمن الرحيم
ضحك وأمال رأسه مع ضحكته قائلا وسط ضحكاتة..
-طب جامليني وقولي بسم الله ماشاء الله
علي الأقل هحس اني مش وحش زي العفاريت
أشاحت وجهها عنه بحنق وهي تضع يدها علي قلبها الذي يقرع كاطبول الحرب..ليقول بضيق وقد توقفت ضحكاتة..
-بقالك كام يوم مبتجيش ليه !
عضت شفتيها بتوتر
مالذي ستقوله له..أتقول أن ضميرها وعقلها كادا يقتلانها من ذاك العناق وظلت تعنف نفسها طوال الوقت
بالتأكيد لن يفهم كلماتها..لأنه هو من إستغل ضعفها وعانقها
ليُغمغم...
-عملية تغييرك صعبة اوي ياريشة
هتتعبيني معاكي في التدريب
عقدت حاجبيها لتقول..
-تغيير ايه وتدريب ايه !
نظر لها متنهدا..
-تدريبك انك تناسبي عيلة الصياد وتناسبي عادتهم وروتينهم..صحيح..لأننا خطوبتنا آخر الإسبوع
حضري نفسك خطوبتنا آخر الإسبوع..شوفي محتاجة ايه
شهقت بحدة وهي تسمع كلماته الغريبة..ظلت تطالعه لثوان
وهي لا تدري مالذي يتفوه به..هل جُن تمامًا..أم أن جنون العظمة تملك منه وهو يخبرها بهدوء.."حضري نفسك خطوبتنا آخر الإسبوع..شوفي محتاجة ايه "
هتف شَريف وهو يحرك يده في الهواء أمام وجهها ليقول ضاحكًا..
-خبر جوازنا ياإما فرحك لدرجة بطي الإستيعاب
او زعلك لدرجة الصدمة..وفي الحالة دي هفقد ثقتي في نفسي ياريشة
"رُد قلبي"
الحلقه الرابعة عشر والخامسة عشر
هزت رأسها بصدمة ووقفت بحدة هاتفة..
-انتا بتسرح بيا ياجدع انتا ولا ايه
يعني اي هتتجوزني وخطوبتنا..وهقعد في بيت اهلك
وهتدرب علي حجات..ايه الجنون دا..جايب الكلام دا منين
هز كتفيه ببساطة وهو يتحدث بهدوء..
-لا جنون ولا حاجه..عجبتيني قررت أتجوزك
هو مش عشان أقدر أقرب ليكي لازم يكون حلال
ولا انتي من مُشجعي علاقات الأوبن مايند !
إحمر وجهها بغضب وجزت أسنانها..
-بقولك ايه..حياتي مفيهاش خرم إبرة للإستهبال أو الهزار البايخ دا..وكلمة بقولهالك..أبعد عن طريقي..ورجلك متخطيش برج الحمام دا تاني
هب شَريف واقفًا ليهتف بها بحدة وهو يُمسك بمرفقها..
- انتي اتجننتي ولا ايه..اتكلمي عدل ووطي صوتك
بوقك دا يتفتح بالنضافة والكلام العدل..غير كدا متلوميش غير نفسك فاهمة
غشاوة دموع طفت علي عيناها ورغم خوفها من غضبه ذاك..لم تمنع نفسها من جذب يدها والهتاف بغضب..
-اتكلم عدل لو قدامي شخص محترم مش عايز يسرح بيا ويستغلني في قرف في دماغه..وربنا المعبود ماتطول مني شعرة..انل كنت عارفة انك هتتمادي لما شدتني وحضنتني بالعافية كان لازم اعملك فضيحة وأفرج عليك أمة لا إله إلا الله..لا ومستقوي بعضلاتك عليا و...
جذبها شَريف ليُكمم فمها الذي لم يتوقف عن إلقاء الكلمات السامه ليهدر بقوة..
-وحياة أمي لو ما سكتي لهوريكي هعمل فيكي ايه
حاولت التحرر من وثاقه ليهتف بحدة..
-توطي صوتك وتتكلمي عدل..وتسمعي الأول
مسمعش حرف إلا لما اكون خلصت كلامي تمام
هزت رأسها بإيجاب وقد تملكها الخوف..ولما لا تخاف وأمامها شاب فَتي رزقه الله الصحة والوافرة والجسد الضخم..إن تحدثت من الممكن ان يستخدم قوته البدنية
وينفرد بها علي ذاك البرج وو
إنعكست أفكارها علي ملامحها التي فزعت وعيناها التي إتسعت بذعر حقيقي..ليقول سريعًا بغضب..
-وأكيد مش هعمل القذارة الي جت في عقلك..متبقيش ساذجة كمان غبية
هزت رأسها بإيجاب ليتركها بحذر..رفعت إصبها السبابة رغبة في الحديث ليتنهد بضجر قائلا..
-اتكلمي
حمحمت لتقول وعيناها تحوم حوله..
-أنت..انتا..ق قولت
قاطعها بغضب من تعلثمها وكأنه وحش سيفتك بها
ليقول وهو يمسح علي وجهه..
-بتأتأي ليه..اتكلمي براحة مش هاكلك
تنهدت بقوة لتقول بعد أن استجمعت نفسها..
-أنتا..ق..قولت وحيااة أمي..ومن حلف بغير الله فقد أشرك
بهت وجهه من ملاحظتها تلك..وعقله أعلن التوقف لثوان وطالعها وهو يحاول الهدوء وتمالك نفسه وهو يسأل نفسه
هل ريشة تصلح أن تكون حَليف له أمام أدم الصياد
هل أخطئ حينما إختارها أن تكون بطاقة تمرده أمام والده !
لتقول بعد فترة من الصمت..
-ليه!
فهم إشارتها في تساؤلها لِما هي
ولكن لم يستطع إخبارها ..كيف يخبرها أنها اسوء من أن يقبل بها أدم الصياد زوجة لإبنه..ليست سيئة لشخصها..ولكن لوضعها حتي هيأتها العادية
كيف يخبرها أنها مجرد بطاقة تمرد بوجه والده
الذي يود أن يزوجه بماريانا إبنة عمه جواد
وكان رافض للفتاة التي أختارها شَريف رغم أنها من وسطهم الإجتماعي..وللحق شَريف لم يكن متمسك بها القدر الكافي..لذا سيكسر قاعدة إختيارات والده له..ويختار هو بنفسه1
تنهد وصمت قليلا ليقول بخفوت..
-يمكن نرتاح لبعض..مع بعض
لم تعطيه رد..بل وقفت بصمت وتركت برج الحمام بأكمله..بينما هو يطالع أثرها بصمت وشرود
وداخله لا يدري لِما إختار ريشة
لِما هي..لِما تلك الباكية !
***
انكمشت ليلة حول نفسها أكثر ولازالت دموعها تنهمر
كلما تذكرت محاولة إغتصابها من وائل جزء من قلبها يموت ويندثر تحت التراب
كرامتها تصرخ بها مُعنفه.. وعقلها يقسو عليها.. ودموعها تغلبها.. صراع يدور داخلها وحولها.. لا تدري أين المفر!
انحسرت شهقاتها أكثر وهي تتذكر نظرة صالح لها حينما قالت أنها لن تُبلغ عنه الشرطة.. نظر لها بإشمئزاز وتحقير قاسيان علي قلبها وكرامتها.. بالطبع تذكر انها مُحبة للذل والعذاب.. لن يتفهم أن فِعلة وائل ستدمر عائلة سعيدة
لن يتفهم أبدا
"رُد قلبي"
الحلقه الرابعة عشر والخامسة عشر
مسحت دموعها ووقفت من فراشها بهوان وإرتجاف
لتري نفسها في إنعكاس المرآه.. صُدمت وبهتت أكثر
وجهها الأصفر الخالي من الدماء او الحياة
والخطوط السوداء الواسعة أسفل عيناها ويتخللها بقع زرقاء.. او خصلاتها المُشعثة.. وشفتيها الشاحبة المرتجفة
كان إنعكاس لفتاة لا تعرفها بالمرة
فتاة ضعيفة منهزمة فاقدة لإنفاسها الأخيرة
وليست ليلة اليافعة الجميلة للغاية ويتغني بحسنها الجميع
فجأة تحولت لنسخة باهتة لا تعرفها
تحسست وجهها بحسرة والدموع تسقط بغزارة
وبدأت الحسرة تولد الحقد علي وائل.. الحقد علي صالح وعمها ونفسها.. الحقد علي الجميع
كانت عيناها تقسو وتقسو حتي أطلقت صيحة قاسية من حنجرتها المجروحة... وقد تحولت لفُتات إمرأة لا تصلح للعيش او الحب..لا تصلح لأي شيئ ابدا
صدح صوت هاتفها بإلحاح خلفها كالعادة
وبالطبع تعلم أن المتصل صالح.. الذي لا ينفك عن الإتصال بها بعد كلماته اللاذعة في اخر مكالمة لهم وقد قابل إنهيارها بقسوة مؤلمة.. كسرت مابقي من قلبها الحزين
تذكرت كلماته السامه حينما بكت قائلة..
-مش مصدقة أنه عمل معايا كدا.. انه فكر فيا بالطريقة دي وسمح لنفسه يجيبني الشقة كأني..
قطعت كلماتها باكية بإنهيار لتسمع زفيرة الحاد...
-كنتي مستنية ايه لما روحتيله الشقه دي
اكيد مكنتيش مستنية يطبطب عليكي ويصلي بيكي الضهر.. سمح لنفسه بكدا عشان انتي سمحتيله.. انتي كنتي أول خطوة في الموضوع دا1
شهقت بحدة ولازال بكائها مستمر أثر ماحدث وأثر كلماته لتهمس بصوت مجروح يطالب بالمواساة..
-ص.. صالح
هتف صالح بحدة..
-ايه مش عايزة تسمعي الحقيقة يعني
انك السبب في اي تصرف جريئ له.. وانك لولا جريك عليه بعد مااتصل بيكي مكانش دا حصل.. انك بتهيني نفسك وبتحقري منها عشان الحب والتفاهات دي
متستنيش مواساة او شفقة من حد عشان انتي مشفقتيش علي نفسك في البداية
هتفت بإنهيار وأنفاس متقطعة..
-متقولش كدا..متعملش فيا كدا
إزداد غضبة عليها ليهتف..
-انتي الي عملتي في نفسك وخليتي نفسك مجرد واحدة مستنية تسمع كلمتين شفقة..مجرد واحدة ضعيفة أهملت شغلها وكرامتها وحياتها ومتكومة في بيتها مستنيه البديل الي يخرجها من حالة الإنكسار دي3
أغلق الهاتف بوجهها ولازالت تبكي الدماء من كلماته
والصدمه تبتلعها والعار يلاحقها.. وكأنها هي السبب الوحيد لقذارة وائل
إستفاقت علي دموعها الساخنة لتمسحها بعنف وتضغط علي زر الرفض بعنف وتلقي الهاتف بقوة.. وهي تتنفس بحدة وعقلها يهتف بها بقسوة.. تماسكي.. لا تتهاوني
شدي زمامك وإمضي دون إلتفات
سمعت طرقات علي باب غرفتها وتبعها دخول والدها وهو يتطلع لهيأتها بغضب حزين.. يعلم انها تحب وائل وتقتل نفسها ببطئ لأجله.. ولكن لن يسمح لها ان تنكسر من أجل اي رجل خُلق... ليست إبنته من تنكسر لإجل أحدهم
خُلقت غالية وستبقي غالية
لذا جلس أمامها ورفع يده يمررها علي وجهها الشاحب ليقول بهدوء..
-مش كفاية كدا!
إلتقطت إشارتة لحزنها لتحرك رأسها بإيجاب وهي تُمسك عيناها عن الدموع.. ليقول بنفس الهدوء..
-مش هنغير الي فات.. بس نقدر نغير الي جاي
مش بنتي ليلة الي تكون مكسورة
حركت رأسها بإيجاب لتهمس بصوت متحشرج..
-بابا محتاجة اسافر.. أروح شقتنا في دبي
هقعد هناك شوية لحد مانفسيتي ترتاح
هتف والدها بحدة..
-لوحدك لأ
مسحت دموعها لتقول بتصميم..
-يبقا أجيب خالتو هديل تقعد معايا.. كدا كدا هي عايزة ترجع هي كمان
ظهر التردد علي وجه والدها لثوان قبل أن يكون..
-مش هتطولي هناك... بيتك وعيشتك هنا
مش هتقدري ولت هنقظر نعيش بعيد عنك
روحي واهدي لكن متغيبيش عننا
هتفت بشحوب...
-وماما..أكيد هتعترض واخواتي
-انا هتكلم معاهم متقلقيش كلنا عايزين مصلحتك ياحبيبتي..المهم تكوني كويسة ومتكمليش حزنك هناك
هزت رأسها ببطئ هامسة..
-أكيد هرجع يابابا... بس أكون هديت ونسيت
ومتقلقش عليا
ربت والدها علي رأسها وهمهم بقبول وقبل رأسها مطولا ليقول..
-ربنا يصلح حالك ياحبيبتي ويريح قلبك يارب
لهث قلبها قبل لسانها..
-يااااارب
لتهبط دموعها من جديد.. وهي تخبر نفسها أن تبكي الآن كما أرادت.. لأن عندما تترك تلك البلاد.. لا مجال للدموع أو التذكر.. لا مجال للعودة أبدا..لا مجال لألم والإنكسار..حان وقت النسيان والمضي قدما للأمام
حسمت أمرها.. وفي الخلف هاتفها يضيئ برقم صالح
ولكن قد قررت من الآن لا وائل ولا صالح ولا مصر ستكون ضمن مستقبلها من الآن..وللأبد
***
تنهدت غزال بحالمية وهي تنظر في هاتفها تري صورة عُبيده للذي احتوذ علي قلبها بسهوله وسلاسه غريبة..ورغم كل تلك الصراعات حولها إلا انها تتمني وصاله ونظرة من عيناه.. قلبها يود هذا الرجل بأي ثمن.. رغم كل شيئ تحبه وتنتظرة
وبالفعل بادر عُبيده بأفعاله التي تأسر قلبها دون مجهود.. تكفيها إبتسامتة الصباحية حينما تفتح الباب وهو يقول بنبرته الهادئة...
-صباح الخير ياغزال
وقتها تشعر وكأنها فراشة تحط علي الزهور متي شائت.. تشعر وكأن الألعاب النارية تفرقع فوق رأسها بإحتفال لتخونها نبرتها الحالمة وتقول..
-صباحك فل ياسي عبوده
حتي يضحك ويتجه لعمله ويتركها في حالة الخدر التي تبتعلها بنعومة وكأنها رمال متحركة.. تسحبها بنعومة وبطئ.. بل وزاد الأمر معها حينما وقف أمامها يخبرها أنه سيجلس علي سطح البناية اليوم.. إن كانت تحب أن تشاركة الهواء النظيف
ضحكت ورقصت وقفزت فرحا عندما غادر
بل وكادت تسجد سجدة شكر لله
وبأسرع وقت جهزت نفسها لتكون بأبهي صورة لتظهر أمامه بكامل حُسنها ورقتها..وكما ارادت رأت لمعة الإعجاب ظاهره بعيناه...واخيرا وصلت اليه
وربما وصلت لقلبة من يعلم
طمئنت نفسها بتلك الكلمات وهي تطلي أظافره باللون الزهري الناعم..وقطع تفكيرها إتصال رغدة صديقتها..لتمسك الهاتف وترد بمرح...
-واخيرا افتكرتيني ياهانم..لا هوزع شربات بجد
ضحكت رغدة لتقول ممازحة..
-وهو انتي فضيالي ياختي..ماهي بقت ماشية معاكي حلاوة والتمرجي بتاعك عبرك
هتفت غزال بخشونة..
-تمرجي في عينك..وبعدين ايه عبرني دي
شكلي كنت في عقله من زمان
ضحكت رغدة بقوة قائلة..
-يابنتي انا قولتلك سيبك من جو الخطط والأفلام دا والدنيا هتبقا حلوة وهيحبك..انما انتي كنتي هبلة
انطلقت ضحكة عالية من غزال وهي تعبث بخصلاتها..
-لا كدا انتي الي هبلة يارغدة..مفيش حاجة بالصدفة
ولو كنت خدت بنصحيتك كان زماني قاعدة بشتكيلك من تجاهله ليا
"رُد قلبي"
الحلقه الرابعة عشر والخامسة عشر
صمتت رغدو لثوان قبل ان تقول..
-لا فهميني كدا عشان انا بدأت اشك فيكي
ضحكت غزال وبدأت تسرد ماحدث بالتفصيل
ولم تدري أن ريشة تقف خلف الباب لتطرق عليها
ولكن غزال لم تنتبه..لتكرر ريشة المحاولة ثم فتحت ودلفت..لتُصدم من كلمات غزال
وانتقلت الصدمة لغزال عندما إلتفتت ورأت وجه ريشة المنصدم..لتترك غزال الهاتف سريعا صارخة بغضب بعدما تخلت عن صدمتها...
-ايه قلة الأدب دي..مش تخبطي علي الباب ولا تعملي اي صوت..واقفه تتصنتي عليا كمان
تمالكت ريشة غضبها وهتفت بحدة...
-انا مش قليلة الأدب..انا خبطت كتير انتي الي مسمعتيش
هتفت غزال بإستنكار...
-انتي! لا دا انتي اتجننتي كمان بقا
انتي كنتي واقفة تتصنتي عليا انا عارفة الحركات الخبيثة دي
زمت ريشة شفتيها وردت بقوة..
-متتكلميش معايا كدا..انا قولتلك اني خبطت كتير
انا لا قليلة الأدب ولا خبيثة
ردت غزال بغضب ناري..
-لا انتي قليلة الأدب وخبيثة ونسيتي أصلك
وانا هوريكي ازاي تتكلمي معايا كدا
خرجت غزال من الغرفة بسرعة وصدمتها بكتفها
لتقف أمام كامل قائلة بجنون..
-كفاية لحد كدا..لو البت دي هتقعد هنا
اهي كبرت وتقدر تغور تروح لأهلها بعيد عننا1
هتف كامل بخشونة...
-ايه الكلام الفارغ دا
هتفت غزال بقوة...
-لا مش فارغ..ولو انتا شايفة فارغ يبقا هلم حاجتي واسافر لأهل ماما..وخليلك الخدامة تفكرك با أبويا وامي...لكن مستحيل أقعد معاها في مكان واحد
ياانا ياهي
ظهر التردد علي وجه كامل..لتقول ريشة الصامتة..
-انا ماشية ياحج كامل أصلا..جيت اقولك ان في ناس عايزين يقبلوك يطلبوني..بس لامؤاخذة ياحج بس انا هخليهم يطلبوني من بيت ستي..علي راسي مجيتك وعلي راسي رأيك
ظهر ت الصدمة علي وجهيهم..لتكمل ريشة بغصة مؤلمة...
-وكتر خيرك كل السنين دي..عمري ماهنسي تربيتك ليا..
ثم نظرت لغزال الواجمة..نظرت لعيناها مباشرة بإبتسامة باهته وعيوم تلمع بغضب..
-مش هتباركيلي ياست غزال زي ماهنباركلك قريب كدا
ارتجفت عيون غزال لثوان قبل ان تشيحها سريعا
ليقول كامل بصوت حنون..
-مين العريس دا ياريشة
جمدت عيناها لتقول..
-اسمه شَريف..شريف الصياد
يتبع
تعليقات
إرسال تعليق