القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية"رُد قلبي" الفصل العاشر والحادي عشر والثاني عشر بقلم وسام اسامه كامله على مدونة النجم المتوهج للروايات



 رواية"رُد قلبي"

الفصل العاشر والحادي عشر والثاني عشر 

بقلم وسام اسامه

كامله على مدونة النجم المتوهج للروايات 

الفصل العاشر " الثور"

...........................................

تأفأف شَريف بحنق وهو يسمع صوت لعنات شريكة الجديد في الشقة..ذاك الشاب الذي لا ينفك عن الإزعاج والصُراخ علي الهاتف..وضرب أساس الشقة غاضبًا

وضع شَريف الوسادة علي رأسه وهو يلوم نفسه علي جلب أحدهم إلي شقتة...هو لا يحتاج لإيجار ذاك الشريك

ولا يحتاج لمن يُعيله علي المعيشة..ولكن يحتاج الي وَنس


كم تخنقه أجوائها الصامتة حينما يرجع من عملة ليلاً

كم تجعله يشعر بالوحشة وهو الذي إعتاد علي صرخات شقيقاتة المُدللات...وشَريف لم يكن من المُحبين للعزلة والصمت..كان يشبه والدتة في خصال عديدة..ويُخالف والده في الصمت والجدية الشديدة

وانعكس ذالك علي حياتة الصاخبة..كون العديد من الصداقات في كافة المجالات..بل وكان أكثر نشاطًا علي مواقع التواصل...دائما يحب التواصل والتعرف علي الناس


ولكن الآن ندم علي موافقته أن يُشاركة هذا الثور في شقتة الغالية..الآن وفجأة أحب العزلة وأشتاق الوحدة

تذكر صديقة وهو يخبرة عن صاحبة الذي غضب مع عائلتة وترك المنزل ويسكن أحد الفنادق...ليخبره شَريف أنه يقبل مشاركة شقته معه..بشرط ألا يكون فوضاوي وغير آمين


ولم يكتفي شَريف بهذا بل كلف أحد أصدقائة في الشرطة يكشف عن شخصيتة..ليتأكد أنه نظيف تماما بل وشاب من عائلة غنية مثله..ويستطيع أن يشتري شقة خاصة إن شاء..ولكن يبدو أن الآخر يكره الوحدة ايضًا


سمع شَريف صوت تحطيم المزهرية ليقف سريعًا متجهًا غرفة الثور وإمارات الغضب ظهرت بوضوح علي وجهه

ليري شريكة يلهث بعنف وهو يفرك وجهه بقوة

ليقول شَريف بحدة...

-مش هعرف أنام انا من شتايمك وزعيقك

وكمان بتكسر حاجة شقتي..ايه اتجننت ولا اية !


نظر له الشاب بغيظ وغضب كبيران ليهتف بغضب هو الآخر...

-شقتك هاا..ماشي سايبلك شقتك تشبع بيها


ليتجه الي الخزانة يخرج منها ملابسة بعصبية

بينما شَريف كتف يداه وحدجة بنظرة هادئة ليقول..

-الي عاملة فيك كدا ست تقريبا..مخليك شبة التور


إلتفت له الشاب قائلا بحدة..

-ابعد عني انا مش طايق دبان وشي

وبدل مااكسرلك شقتك هكسرك انتا شخصيا


صوت ساخر خرج من شَريف ليقول وهو يترك ذراعية جانبا...

-تعال كسرني كدا ووريني !


وكأن شَريف حرك قطعة حمراء أمام وجهه ليقترب منه سريعًا يلكمة بكل قوتة ولازال يلهث بعنف..ليستقبل شَريف اللكمة بهدوء..ولكن حينما رفع وجهه له كان أشد غضبًا..وقوة،وبُغض..لينقض عليه يسدظ لكمات متتالية

ولم يكن الشاب الآخر ضعيف ليستقبل لكماتة ويصمت

بل صار أشد شراسة وحقد..بل وكُره..لتتلاحم أجسادهم في صراع من يشوه الآخر أكثر


ليبتعد وائل ويُمسك مزهرية ويحاول ضربها في رأس شَريف ولكن الآخر تفادها لتصتدم بالحائط ليهمس شَريف بغضب...

-ياابن الحزمة يالي هتكسرلي شقتي

ايييه انتا تخصص فازات ولا اييه


يعاجلة وائل بلكمة أشد قوة قائلا..

-وبني آدمين كمان ياروح امك


تحفز جسد شَريف وأرتفعت الدماء الي وجهة ليهتف بشراسة...

-جبتلي سيرة الغالية..تعلالي1


صار شَريف يضربة بعنفوان شديد والآخر يصد بعد ضرباتة الطائشة حتي أنتهي بشَريف الحال وهو يلقية جانبا ولازالت أنفاسة عالية..مُنتهية أثر الشجار..ليقول بحدة..

-تلم هدومك وتغور في داهية عشان مش طايق أبص في وشك..اما تور فعلا


ارتمي وائل أرضا بتعب وقد أنهكة شَريف ليأخذ أنفاسة بصعوبة وهو يجز علي أسنانة بعنف ويغمض عيناة هامسا...

-ليييلة


بينما شَريف إتجه الي غرفتة وجلس علي الفراش يمسح الدماء التي هبطت من أنفه بغزارة ليضغط علي فكه بعصبية..وهو يُدرك مالذي ورثة من آدم الصياد..ورث غضبة وعنفة ولكن يستطيع التحكم به بعكس أباه

غمغم شَريف وهو يلقي منديله المُلطخ بالدماء في سلة المُهملات...

-كانت نقصاك انتا كمان ياتور


ومضت الدقائق ولازال السكون يُغلف الأجواء..حتي سمع شَريف صوت رسالة تصل لهاتفة..ليمسك الهاتف وتطلع اليه بوجوم..ولكن ثوان وانفرج ثغرة بإبتسامة صغيرة

حينما قرأ

"تقريبا هقضي باقي حياتي الصدف تخليك تصادفني وانا بعيط "

ثم قرأ الرسالة التي تليها والتي محت بسمتة أيضا..

"مش عارفة ايه مخليك حاطتني في دماغك..لكن احب اقولك اني مش هروح برج الحمام تاني..ولا هقابلك..ولو صادفتك في شارع همشي من شارع تاني..ابعد عني

انتا لو عرفت انا مين من نفسك هتبعد"


لا يعلم لما شعر بمرارتها في أخر كلماتها..ليسأل نفسه..من هي..إبنة من لتقول إن علم من هي سيبعد..ليكتب سريعا بسخرية

"وانتِ مين بقا ياريشة عشان ابعد عنك بدل ماتحذريني"


مرت دقيقة وقد إستلمت رسالتة ومضت دقيقة أخري عندما أستلم رسالتها المكونة من تسع كلمات فقط

"انا ريشة الخدامة بنت الخدامين..اتمني تكون ارتحت...وتبعد"


دُهش بالفعل..بل وزاغت نظراته حوله دون تصديق

توقع أنها من عائلة فقيرة عندما رأها في قسم الشرطة في أحد المناطق الشعبية..ولكن حين رأها في ذاك الحي الراقي بملابسها المُعتدلة..لم يشك بأنها من اسرة ميسورة الحال...في أبعد خياله لم يظنها خادمة


نظر لرسالتها مطولا ولت يدري ماذا يقول..أيواسيها !

هل يخبرها ان العمل ليس عيبًا او حرام!

تتبع ببساطتة حينما كتب لها

"متزعليش ياريشة"..فقط دون المزيد...وبإختصار

ليصدق حدثة عندما وجدها إستلمت الرسالة دون رد


بعث بعلامة إستفهام..ولكن لا رد..دقيقة إثنتين ثلاث عشر

ولم يجد رد..ليتنهد وهو يضرب علي رقم هاتفها

ولكنه دُهش حينما سمع صوت الصفارة..ليتأكد انها وضعت رقمة علي قائمة الحظر..!


تنهد بقوة والقي هاتفة ليقف متجها لغرفة الثور

ليجده جالس علي الفراش واضعًا رأسه بين يداه بهم..ليقول شَريف بجفاف...

-قوم نضف الي انتا بهدلته..مفيش مانع تفضل قاعد..بإحترامك


ثم تركه وغادر..بينما وائل لا يملك طاقة ليخوض معه صراع مرة أخري..واكتفي بالشرود بما حدث له بسبب ليلة

غضب عائلتة منه..طرد والده اياه..بل وفصلة من عمله

الجميع يتحاهلة لإجل ليلة...الولهانة بظله


تذكر صراخ والده به مُتهما اياه بأنه سيفسد علاقته مع أخيه الوحيد بسبب طيشة وقل إحترامه..يتذكر ذاك الشجران الذي نشب بينه وبين والده ليصرخ به. بعنف أنه لا يحب إبنة شقيقتة وقد تزوجها بناءا علي قرارهم ورغبتها..أما الحب لا دخل لهم به.. ولا ذنب له إن كانت ليلة رخصت نفسها وألقت بنفسها وحبها علي كاهلة

لينال صفعة قاسية هبطت علي كرامته قبل وحنتهة


ليطرده والده من المنزل نهائيًا..تحت نواح والدتة وشقيقاته..كل هذا العداء لأجل ليلة وهوسها به

لوي شفتيه بسخرية وهو يتوعد لها..أن يرد لها كل مايحدث له أضعاف مُضاعفة..سيسرق السعادة والراحة من حياتها كما فعلت ...سيغرقها أكثر وأكثر في عشقه حتي تفقد عقلها تماما وتهذي بإسمه ليلا ونهارًا


ليمسح الدم المُتجمد من جانب شفتيه لاعنًا شريف وقبضتة القوية ..ذاك الهادئ الذي تحول الي شيطان رجيم لإجل مزهرية تافهة..أمسك هاتفه وأتصل علي أحد الأرقام

ليتنهد بإعياء هامسا...

-ليلة..الحقيني بموت


ليأتيه صوتها كما تعود..مُلتهف خائف مغمور به حد اللعنة

ليبتسم ساخر وهو يكمل ما أرادة..بدقة وحذر

                                ***

جعد صالح جبينه وهو يتطلع الي تصميماتها..لقد ظن أنه حين يضغط عليها بأعباء العمل ستخرج أفضل ماعندها

وتُثبت أنها قادرة علي عبور محنتها وإثبات جدارتها بالعمل

ولكن علي العكس تماما..العمل الذي كلفها به..بعضه غير مكتمل..والبعض الأخر خاطئ بشكل مُريع


تنهد صالح وهو يضرب الورقات أمامه بعنف وهو يود لو يفصلها ويُريح رأسه منها ومن دموعها وأزمتها وكل شيئ

هذا العمل لا يقبل الصدمات النفسية..العمل شيئ والحياة الخاصة شيئ آخر


نظر الي الشاشة أمامه ليراها جالسة كالعادة تُمسك القلم

ولكن ملامح وجهها تشي أن عقلها في عالم آخر

ليفرك بين عيناه وقد حسم قرارة..لقد أعطاها كل الوقت كي تتحسن..ولكنها مُصرة علي ان تخسر عملها بكل بساطة

رفع الهاتف ليقول...

-آنسة ليلة تعالي حالاً لو سمحتي


سمع همهمتها الخافتة..

-حاضر


أغلق الهاتف وهو يطرق بإصبعة علي المكتب ..طرقات رتيبة،شاردة..ليرفع عينه عندما سمع الطرقات التي تتبعها دلوفها..وكعادتها مُنذ إنهيارها أمامه..صامتة خجلة..حزينة

في الواقع كانت أكثر من حزينة

ليقول بعد أن تنحنح...

-أنسة ليلة اتفضلي أقعدي


جلست ليلة بصمتٍ تام..تنتظر مهامها الجديدة لترجع الي مكتبها تنكب عليه لترتاح من خجلها أمامه..في الواقع هي ليست خجلة فقط..بل تشعر بالعار من إنهيارها الشنيع أمامه..ولكنه لم يُلمح إليه أبدًا..من الجديد أن مُديرها الصارم يُراعي حالتها النفسية..إنشلها من شرودها حينما هتف...

-أستاذة ليلة انت محتاجة ترتاحي في البيت شوية

ممكن أمضيلك علي إجازة بس بدون مرتب..لأن انتي عارفة قوانين الشركة..وللأسف هي مش شركة ابويا عشان اتحمل كم الأخطاء في شغلك..ولو انتي لسه حابة الرفد أنا ممكن آ..


قطع كلماتة حينما رأي الدموع تهبط علي وجنتيها بسخاء وفيض كبيران..لِما البُكاء..هل تلك المرأة خُلقت من الدموع!


أغمض عيناه لثوان يتحلي بالصبر..صدقًا هي أكثر إمرأة تقوده نحو الجنون وقلة الصبر..لذا عليه أن يهدأ

ما تمر به ليس بهين أبدا..ليفتح عيناه ويقول بلين رغم ملامحة الساخطة..

-أستاذة ليلة ممكن أفهم انتي عايزة ايه

عايزة تسيبي الشغل ولا تكملي..عايزة ايه بالظبط لأن تشتُتك دا عايد علي الشُغل بالسلب


شهقت باكية أكثر دون أن تُجيب..حتي كاد يضرب رأسه في المكتب بعنف..ليهتف بحدة...

-لييييلة...صبري قليل ومعنديش خُلق للعياط والمناحة

لو سمحتي رُدي..انتي مش طفلة في مدرسة ولا أنا ناظر


كتمت شهقاتها بقوة ورفعت نظرها إليه..لتجده كما إعتادت..ملامحة مشدودة وقلة الصبر واضحة عليه

عُقدة جبينه التي لا تنفك..صدره الذي يرتفع ويهبط عندنا بهدر بعنف..لتضع عيناها بعيناه أخيرا..لتجد ما تفتقر إليه

القوة التي تُخالف ضعفها المقيت..ضعفها الذي تسبب به وائل..


لتسمع صوته يخرج هادئا ولكن حاد ايضا..

-انتي مُدركة كم الأخطاء  الي في شغلك !

سرحانك لوحدة ممكن يوقع تصميم الأرض

ودا مينفعش ..عندك تفسير لدا !


أمسكت منديلها تمسح عيناها برقة لم تغيب عنه..لتهتف بصوت مبحوح أثر البُكاد..

-انا براجع علي الشُغل مرة وإتنين ومفيش أخطاء


همهم وهو يسحب أحد الأوراق ليقول..

-يعني مش شايفة في الصميم دا اي غلط


صمتت وهي تطلع الي التصميم مطولاً ليُمسك قلم رصاص ويبدأ برسم الدوائر علي الأخطاء الموجودة وهو يوضح أين الخطأ فيه..بينما هي صامتة تعض علي شفتيها بإحراج وغضب..ليقول..

-أستاذة ليلة دا آخر تحذير ليكي..يا تنتبهي لشغلك..ياهعتمد رفدك..والخيار التالت أني هحاول أجبلك أجازة بدون راتب..ودا خيار ضعيف


هزت رأسها بإيجاب هاتفه بتماسك..

-آخر مره ياأستاذ صالح ..وهعيد كل الشغل الي فيه أخطاء


هز رأسه بإيجاب ولكن صدح هاتفها في جيب بنطالها برنين مُستمر..لتخرج الهاتف وهي تقف لتسأذن ولكن وثبت بمحلها وهي تطلع الي إسم المُتصل بشحوب..وألم

كل مشاعرها نضحت علي ملامحها..لترفع أنظارها الي صالح برجاء..لا تعلم لِما نظرت له بتوسل وعجز


بينما هو عقد حاجبيه من نظرتها وصدمتها ليقول..

-مين !


همست بصوت خرج كأنين الطيور المذبوحة..

-وائل


صمت صالح يُراقب ردة فعلها بجمود..ينتظر ماستفعله

لتخرج سريعًا من المكتب مُتجهه الي مكتبها..لتُجيب بصوت خرج مُتألم مُلتهف...وكأنها لم تكن نفسها التي توعدت له وبكت وأقسمت..لتقول بصوت مُرتعش

-وائل


وصلها صوته الواهن حينما قال

-ليلة..الحقيني بموت


لتقول بفزع ولهفة..

-مالك..فيك ايه ..انتا فين


أملاها عنوانه لتأخذ حقيبتها وتخرج من المكتب مُصتدمة بزميل لها..ولكنها تجاهلت الإعتذار وخرجت سريعًا من ممر العمل..ليرفع صالح رأسه للأعلي يطلق زفير حاد عبر عن نفاذ صبره...وقد رأها وهي تخرج من العمل دون الرجوع الي مديرها المُباشر أو له


ليرفع هاتفة ويضرب أحد الأرقام قائلا بحزم..

-اعذرني ياأستاذ عادل..بنتك غير مسؤولة..وعشان كدا انا اتصلت أقولك اني هفصلها بعتذرلك مرة تانية..انتا والد عزيز..لكن الشغل مينفعش فيه مُلابسات أكتر من كدا


                                ***

وضع خالد المال أمام كمال ليقول بجدية..

-دي حق فلوس العربية الكيا...ولسه الڤيرنا صاحبها قال هيخلص فيها علي بكره..


همهم كامل بإيجاب وهو يضع المال جانبًا قائلا..

-تمام أطلع علي البنك حطهم في حساب غزال ...وهاتلي كشف حساب بحسابها في البنك


حرك خالد رأسه بإيجاب ليقول بهدوء..

-عملت ايه مع الواد المُمرض دا ياحج كامل

قولتله يبعد عن غزال


حدجه كامل بنظرة ساخطة ليُبرر خالد علي الفور...

-بسأل من خوفي عليها ياحج..انتا مشوفتش كان بيبصلها ازاي ولا كإنه هياكلها بعينيه


إشتد وجه كامل ليقول بجمود..

-انا عارف هتصرف معاه ازاي ياخالد


تحدث خالد بعصبية من لا مُبالاة كامل ...

-ياحج سيبني انا عليه هربية أنه ميرفعش عينه فيها وو


قاطعه كامل بحدة وهو يضرب بعصاه أرضا..

-خااالد..قولتلك هتصرف معاه..مش عايز كلام كتير

هنحكي في الكلام كام مره


طأطأ خالد رأسه بإحترام قائلا..

-الي انتا عايزه ياحج..مفيش كلمة بعد كلمتك

انا بس كنت بقول عشان غزال..


قطع حديثة بعجز..ليَلين قلب كامل قائلا بهدوء..

-قسمة ونصيب ياخالد..ربنا كاتبلك الخير والسعادة مع بنت الحلال الي معاك..غزال زي اختك دلوقتي

يلا روح البنك حط الفلوس وأطلع علي غانم..تمم علي الشقة بتاعة السابع


وقف خالد وهز رأسه بإيجاب ووجهه محتقن ألما وغضب

وعقله يسأله..هل هُناك سعادة مع إمرأة غير غزال

هل من الممكن أن يعتبرها شقيقتة بعدما كانت المرأة التي يحلم بها ليلاً ونهار..بل وينتظرها تكبر أمام عيناه..ليقطفها أخيرا ويضعها في قلبه وبيته..ولكن تنهد بحسرة شديدة

حسرة علي إمرأة أنتظرها سنوات وحين شاء وصلها وأن تكون زوجتة..رفضت رفض قاطع..مان خنجرًا في قلبه


بينما رفع كامل هاتفه ليُحادث ريشة قائلا..

-قوليلي ياريشة عاملين ايه


وصلته همهمة ريشة التي قالت..

-بخير ياحج كامل كويسين..


-طب مش محتاجين أي حاجة ابعتلكم حد يجبلكوا الي انتو عايزينه..قولي يابت متسكتيش


قابلت ريشة نبرته الودودة بجفاء غريب لتقول..

-تسلم ياحج..هتتغدا في البيت احضرلك الأكل ولا زي حال اليومين دول محدش هياكل !


عقد كامل حاجبيه قائلا...

-هي غزال مكلتش ياريشة


أجابته بهدوء..

-لا فطرت ولا اتغدت..ونفس الحال أمبارح لا فطرت ولا اتغدت ولا اتعشت..ودخلتلها بالأكل من شويه قالت مش عايزه


تغضن جبين كامل ليقف بقلق قائلا..

-معقول ياريشة ومش جايه تقولي إلا دلوقتي

ماانتي عارفاها


صمتت ريشة ليقول..

-اقفلي ياربشة أنا جاي..وانتي حضري الأكل علي مااجي

يلا سلام


اغلق كامل الهاتف وهو يستغفر بضيق

كما تفعل منذ صغرها عندما تغضب منه تُضرب عن الطعام

وعن الحديث معه ولكن الآن طالت مُدة عقابها له قبل نفسها ليومين كاملين ..تنهد بتعب وحاله يهتف

الي متي سيظل قلق علي غزال وحزنها !

وصل الي المنزل لتفتح له ريشة بوجهها الواجم كما حال اليومين الماضيين..ليقول..

-حضري الغدا علي ماادخلها


حركت رأسها بإيجاب واتجهت الي المطبخ..بينما اتجه هو الي غرفة غزال..ليطرقها قائلا...

-ادخل ياغزالتي !


أجابت غزال علي سؤاله بخفوت..

-ادخل


دلف الي الغرفة مبتسمًا بحنانه الكبير الذي يغمرها به مُنذ الصغر..ولكن قابلته هي بوجوم وصمت..ليجلس جوارها قائلا..

-لسه زعلانه مني ياغزال..أهون عليكي قلبك يشيل مني كل دا


ردت عليه بقوة..

-زي ماهونت عليك تضربني كدا


عبس وجه كامل ليقول..

-ضربتك عشان رفعتي صوتك عليا عشان واحد

مش مفروض أول مااقولك حاجة تسمعي الكلام!

مش انا ابوكي حبيبك


زمت غزال شفتيها بهدوء لتلتف له قائلة بتبجح..

-انتا جدي حبيبي..وهو الراجل الي حبيته

والي مش هقبل حد ىيتكلم عليه او معاه بطريقة وحشه


صفعة أخري هبطت علي وجنتها...ولكن تلك المره كمال غير نادم بالمره...

    رواية "رُد قلبي"

الحلقة الحادية عشر "لِما !"

.......................................

تأفأفت سارة بحنق وهي تنتظره كما أمرها حرفيًا

ألقي أمر بأن تنتظره في مقهي جوار الحامعة ولا تُخبر نورا بهذا اللقاء مبدئيا..طرق قلبها بقوة وهي تخبر نفسها لا داعي للغضب المُعتاد في وجوده..فاتح إبن عمها الكبير والذي لطالما يشهد الجميع بحُسن خُلقة..لاداعي لتلك الطاقة العدائية التي تتفجر داخلها حين تراه


أخذت شهيق وأطلقت زفير ليساعدها علي التخلص من حنقها من شخصه..ما يهمها الآن مالذي يريده منها..بعيدا عن العائلة وكذالك بعيدا عن نورا..إنتبهت حين دلف الي المقهي..تمعنت به وكأنها تراه أول مره

فاتح الوسيم كما كل شباب عائلتها..ولكن للغرابة وسامتهم لم تؤثر بها يوما..بسبب إستخفافهم بها دائما أنها أصغر فتاة في العائلة..حتي نورا تكبرها بعامين كاملين

ولكن لظروف ألمت بنورا جعلتها بنفس العام الدراسي مع سارة..ولذالك كنت محط سخريتهم حينما تحاول مشاركتهم المُزاح او الحديث


وكان فاتح من الساخرين الأساسيين ايضا

حين تتحدث عن الحب يسخر ويعنفها أنها لازالت صغيرة علي ان تدخل بهذا الحديث

حين تتحدث عن الدين يُفجعها بردودة القاسية أنها لا تلتزم بأبسط تعاليم الدين


حين تتحدث في الفن والموسيقي يخبرها انا سطحية بلهاء ليضحك باقي الشباب..ورغم سخريتة تلك لم تراه يضحك علي أي شيئ يخصها


رغم أنها تحترمه ولا توجه له أي حديث

حتي إسمه حين تنطقة يكون مصحوب ب " أبيه"

لفارق العمر الكبير بينهم..ورغم ذاك الإحترام لا يحترمها


إستفاقت حينما طرق الطاولة قائلا..

-كفاية نظراتك دي.. عيب


هزت رأسها بعدم فهم ليلوي فمه متهكمًا..ليعود غضبها منه دفعة واحدة من جديد..جزت أسنانها بحنق..وحركت شعرها القصير الي الجهة الجانبية كاعادة منها حين تتوتر او تغضب..لتتعلق عينيه بخصلاتها المتدرجة التي تصل لكتفيها بصعوبة..وتلك التمويجات التي تفردت بها دونا عن باقي فتيات العائلة صاحبات الشعر الناعم للغاية

ليزفر وهو يشيح عيناه ويتحدث فورًا..

-طبعًا انتي عارفة إن نورا أهم عندي من اي حد

واني محبش انها تنتكس من جديد..ولا تتعرض للحزن

لا بسببي ولا بسبب غيري صح !


عقدت حاجبيها بعدم فهم لتقول..

-صح..بس ليه بتقول كدا


تنهد وهو يطرق علي الطاولة الخشبية طرقات رتيبة ليقول بوجه جامد لا مجال للمزاح معه...

-انتي عارفة إني رافض اسلوب حياتك وتصرفاتك

ورافضك شخصيًا ياسارة..والرفض دا سببه عمايلك السودا الي مبتخلصش..ومشاكلك مع عمي خير دليل أن مش انا بس الي رافض اسلوبك


إبتلعت إهانتة بصعوبة وتجمدت ملامحها رغم الإحمرار الذي كساها لتقول ببرود..

-حياتي متخصكش..ولا يخصك اسلوبي ولا مشاكلي


حرك رأسه بتفهم ليقول..

-بس نورا تخصني..والي مش عايزها تبقا زيك ولا تبهتي عليها بتصرفاتك ولبسك وطريقتك وحياتك..اختي رقيقة وهادية ومُلتزمة مش عايز اصحي في يوم الاقي اختي..رابر مثلا

نهي كلماته بإبتسامة تهكمية..لتقول بحدة وقد بسطت راحة يدها علي الطاولة تستمد منها برودة تنافي غليانها..

-قصدك أبعد عن بنت عمي وصحبتي!


-أه عايز كدا ..عايز تكون بنت عمك وبس زي ما ياسمين وهالة ورجاء وعُلا بنات اعمامك من بعيد..لا بتتعاملي معاهم ولا مصحباهم..دا بغض النظر ان مين الي بيبعد عن مين


دمعت عيناها من إهاناته التي لا تنتهي وأرتعش ثغرها لثوان..ليقول بجدية مشوبة ببعض اللين..

-سارة انتي لسه صغيرة مسيرك تعقلي وتبقي زي باقي بنات العي..


قاطعتة بغل وألم تزاحم داخلها..

-بنات العيلة..قصدك هالة الي بتكلم رامي وبتخرج معاه والكل عارف انهم بيحبو بعض مع ان دا عيب

ولا قصدك علي عُلا الي بتحب خالد وبتجري وراه

ولا رجاء الي انت بتكلمها وبينكو كلام حب وانتو مفيش رابط شرعي الي الدين بيأمرنا بيه..الدين الي كل مااتكلم عليه تقول اني مبنفذوش لمجرد اني متجبتش ولبسي مختلف عن لبس رجاء بتاعتك..انا احسن منكو كلكو


علي الأقل انا مش في سوادكم وقرفكم دا

انا لا عايزة اعرفك ولا اعرف اختك...لأنك شخص مُتخلف

جلف وانا زهقت من تصرفاتك معايا..اتفقلوا كلكو مع بعض


لتسحب حقيبتها سريعًا وتخرج من المقهي..وهي تمسح دموعها بحدة...لتتفاجئ به يُمسك رسغها بقوة ويسير جانبًا في مكان معزول عن الأنظار ويقول بغضب أعمي...

-انا متخلف وجلف..وانتي أحسن بنت في العيلة

أمال مين الي سابت رامي يحسس ويلمس عليها ياهانم

مين الي ملمومة علي شوية عيال ملهومش لازمة ومسمية نفسها رابر..مين الي بتجري للحفلات هنا وهنا ومش باصه لحد..حتي عمي ضربه ليكي محوقش..عارفة مبيحوقش ليه..عشان مفيش حد بيتربي علي كَبر


بأقوي ماعندها وضرب قدمها بساقه بجنون ليتأوه بقوهة أثر ضربتها المفاجئة..لتقول بغضب رغم الدموع...

-وعشان كدا انتا مش متربي أنت كمان..ودي حاجة بسيطة علي كلمة يحسس ويلمس..ولسه هتشوف انا هقول لكل العيلة إن فاتح كبير الشباب بيعمل ايه وبيقول ايه..مخدوعين فيك وفاكرينك ملاك وعاقل


تجاهل ألم ساقه وجذبها بحدة ضاغطًا علي رسغها بعنف وانحني ليكون أمام وجهها تماما لا يفصل بينهم سوا مسافة قصيرة..ورغم ذالك طغي الغضب عليه..ليقول بصوت حاد منخفض..

-تربية عمي مش مأثرة فيكي..وانا الي هربيكي ياسارة

هأدبك من جديد..قسمابالله ماحد عادلك غيري


رغم نظرات الكُره المُنبعثة من عيناهم إلا أن من يراهم من بعيد يظن أنه مشهد رومانسي فج..وهذا ما ظنته رجاء حينما رأتهم واقتربت بملامح مصدومة ومعها صديقتها..

-ايه الي بيحصل هنا


أنتفضت سارة تدفعه بقوة..بينما نظر فاتح الي رجاء بحدة..

-ايه الي جايبك هنا


شهقت رجاء بحدة لتقول بصوت مرتفع غاضب..

-ايه الي جابني ايييه..انتو كنتو بتعملوا ايه

ايه الي بيحصل دا يافاتح..وانتي يابجحه انتي ايه الي حدفك علي فاتح..واقفه ومقربة منه كدا ليه


زاد الأمر عليها لتنظر سارة بحدة وقد عجزت عن وصفهم لتقول وقد اقتربت منها وهمست بنبرة شامتة خبيثة..

-كنت بغرية ياابلة رجاء..أصل ابيه فاتح..اهه..قصدي فاتح شكله مُعجب بيا وجابني الكافية دا عشان يقولي إعجابة

وانتي عارفة ان فاتح مفيش بنت تعرفة إلا وتحبه..فا انا كمان حبيته


بهتت رجاء وشخصت عيناها بصدمة..بينما فاتح يقف يكتم غضبه ولا يدري مالذي قالته سارة لتشحب رجاء هكذا ...لتعتدل سارة حقيبتها علي كتفها قائلة بإبتسامة مستفزة ...

-يلا باي ياابلة رجاء..ويااا فاتح


ثم إبتعدت عنهم وتبددت ملامحها المستفزة الي ملامح حزينة غاضبة..وقد غصتها الدموع..لتتجه الي منزلها وهي تنوي ان تشتكي فاتح الي والدها..ولكن صمتت تُفكر

كالعادة والدها سيضع الحق علي كاهلها ويلومها..إذا لا داعي..هي أخذت حقها وأكثر حينما ضربته وشتمته..وهمست لرجاء بتلك الكلمات الخبيثة


لتمسح دموعها بعنف هاتفة بغضب...

-انا هوريكو العَيلة دي هتعمل ايه


ألقت نفسها علي الفراش تغمض عيناها بقوة علها تنام سريعًا وتنسي أحداث هذا اليوم المشؤم..امتدت يدها لهاتفها تسمع أحد اغانيها المُفضلة..لتضحك ساخرة بعدها

إن علم فاتح أن بعد كل مايحدث تسمع أغنية من النوع الذي يكرهه ويسخر منه سيصاب بذبحة صدرية


بدأت الأغنية بلحن غريب حتي اندمجت سارة وبدأت تهمس مع الكلمات بخفوت وشرود..حتي ذهبت في سُبات عميق نزع منها كل التفكير والغضب..فقط اسدلت عيناها وإنتهي الأمر


ولكن إستيقظت فزعة علي دخول والدها بغضب وهو يحذبها من خصلاتها بقوة ويصرخ بها شاتمًا

وهي في حالة الاوعي..لا استوعب أي شيئ..

تري والدتها تحاول فكها منه..وعمها يجذب والدها بصعوبة

و..فاتح يحاول تهدئة الوضع


إستفاقت علي صفعة والدها التي حطت علي وجنتها بقوة قائلا...

-عايزة تموتيني..حاطة عينك علي ابن عمك وبنحاولي تغوية..انا بنتي تطلع ***..بنتي تجري ورا ابن عمها الي الكل عارف انه هيخطب رجاء..عايزة تفضحيني


شهقت بصدمة وتوالت الدموع علي وجهها..لتنظر لفاتح سريعًا الذي حدجها بنظرة حادة ليقول بقوة..

-مين قال اني كنت هخطب رجاء ياعمي..انا مفاتح بابا من فترة اني عايز اخطب سارة بس عارف انك هترفض لانها بسه مخلصتش الكلية..ولا ايه يابابا


نظر فاتح لوالدة مطولاً ليقول والده مؤكدًا..

-حصل ياخويا وانا قولتله يستني


بهتت سارة أكثر وهي تطالعه بتشتت..بينما نظر له والدهت قائلا بغضب ...

-متحاولش تداري عليها يافاتح..رجاء حكتلي كل حاجة

وانتا نفسك قولت ان انتا الي كنت واقف معاها


همهم فاتح قائلا..

-ياعمي رجاء فهمت غلط..احنا اخوات

وانا الي غلطان في الموضوع دا..انا الي أصريت اقابلها واخد رأيها عشان افاتحك بقلب جامد..غلطي اني مجتش لحضرتك الأول..


جلس والدها بتهالك علي الفراش وهو يسمع بكاء وحيدته سارة..فتاتة المتمردة التي ألمت قلبه بتمردها وخروجها عن أوامرة..وأمامه فاتح..إبن اخيه وأكبر شاب بالعائلة

فاتح من أفضل الشباب علمًا وخُلقا..كم تمناه يصبح ولده هو ..او يصير له ولد كافاتح..ولكن شاء الله أن يرزقه بسارة..لا يدري أيكذب رجاء ودموعها..ام يُصدق فاتح الذي لا يكذب


نظر لسارة قائلا بحدة..

-الكلام دا حصل


كانت سارة مكورة في أحضان والدتها..لم تجيب وظلت تشهق باكية ليصرخ بها بحدة..

-بقولك حصل ولا لا


إنتفضت تهز رأسها بإيجاب..ليقول جلال شقيقه..

-خلاص بقا يامحمد متفزعش البنت

اهدي ياحبيبتي متخافيش


همهم محمد بحدة وهو ينظر لفاتح..

-انا موافق يافاتح..بس مش هتكون خطوبة..هيكون كتب كتاب ..ولو كتبت عليها مش هقبل أنك تطلقها..ياكدا

يابلاها يابني


شهقت رقية وسارة سويا

بينما جعد فاتح جبينه..لا يدري مالذي أوقعه في هذا الموقف..رجاء وغبائها..ام إندفاعة وحظ سارة العثر !

                               ***


صفعة أخري هبطت علي وجنتها...ولكن تلك المره كمال غير نادم بالمره.. ليلتف وجه غزال الي الجهة الأخري وصمتت وكأنها توقعت تلك الصفعة..ليصدح صوت كمال...

-انتي اتجننتي..ايه الي بتقوليه دا ياقليلة الحيا

الحيوان دا قدر يلهف عقلك ياهانم


رفعت غزال وجهها وقد تخضب بحمرة قانية لتقول بصوت مهتز باكيًا...

-بتضربني عشان بقولك الحقيقة..ايه العيب اني أحب حد

هو انا عملت حاجة غلط..بتضربني عشان بقول الحقيقة


زمجر كمال بغضب وهو يمسك رسغها..

-انتي تنسي الكلام الفارغ دا..مفيش حاجة اسمها بحبه

دي بجاحة وقلة أدب..وانا هربي الكلب دا وهوديه في ستين داهية انه فكر يبصلك


وقف كمال متجهًا لتصرخ بحدة باكية..

-لو عملتله حاجة هموت نفسي واقهرك عليا..انا بحب عبيده ومش من حق حد يمنعني


بُهت كمال وهو يسمع كلماتها المجنونة..ليصرخ بقوة..

-رييييشة..تعالي عقليها عشان مموتهاش

غزال اتجننت وانا عارف هعقلها ازاي


ثم خرج من الغرفة سريعًا لتدلف ريشة تتابع بُكاء غزال الحاد..لا تدري هل تحب عُبيده حقا..أم انه إمتلاك فقط

كما إعتادت غزال أن تحصل علي كل ماتريده


رفعت غزال وجهها لريشة الصامتة..لازالت تقف علي الباب تحدق بها بصمت لم تواسيها..تحدق بها بملامح جامدة

لتقول غزال باكية...

-ايه ياريشة..انتي كمان شايفة ان حبي ليه عيب

شايفة اني بجحة


لم تتحدث ريشة فورًا لتقول بعد ثوان..

-رأيي مش مهم اوي كدا..انا خدامة مليش حق اني اقول رأيي..في في الحقيقي انا ميهمنيش اصلا


جزت غزال علي أسنانها بقوة لتصرخ بحدة..

-اطلعي برة اطلعيييييي


هزت ريشة كتفيها بصمت وخرجت..وداخلها لا تدري من أين لها كل هذا الجمود تجاه كل شيئ..من أين لها ذاك البرود الذي غلف قلبها..لتتنهد وجلست علي فراشها لتسمع صوت كامل الذي صدح بعنف


إنتفضت غزال أيضا علي صوته لتضع شال علي كتفها وتصعد للطابق العلوي

بينما كمال هتف بقوة...

-انتا لو قربت من غزال مش هسيبك واندمك أنك قربتلها

كنت فاكرك محترم طلعت عينك فارغة


صاح كمال بحدة وهو يضرب الباب...

-يعني ايه بتكلم علي ايه..بقولك أبعد عن حفيدتي

ايه الي في كلامي مش مفهوم


فقد عُبيده أعصابة تماما ليهتف بحدة مُماثلة..

-كلامك كله علي بعضة مش مفهوم..انا مالي بحفيدتك

أبعد عنها ازاي وانا مقربتش منها أصلا..اسألها كدا لو انا عملتلها حاجة ابقا هددني


جز كمال علي أسنانة بقوة وكاد يدفعة بقوة إلا أن وجود غزال في هذه اللحظة جعله ينظر لها قائلا بغضب..

-انتي ايه الي طلعك هنا..إنزلي


احمرار وجهها بشدة أنبأهم أنها ستنفجر باكية في أي لحظة..ولكن تماسكت بصعوبة هاتفة..

-عُبيده ملهوش دعوة بحاجة ياجدي..ملوش لازمه كلامك معاه..الراجل معملش حاجة


نبرتها المُهتزة أضعفت من قوة وغضب كمال الذي صاح..

-معملش حاجة إزاي وكلامك معايا تحت..يبقا هو الي غواكي وو


قاطعته بقوة وقد نزلت أول دمعاتها ونظراتها المتوسلة جعلته يصمت جانب كلماتها المُتألمة..

-كلامي تحت كان قصدي بيه أنا ياجدي

هو ملوش دعوة أنا الي ..


صمتت شاهقة ببكاء كتمته سريعا وهي تخرج من المنزل متجهة الي طابقهم بينما شحب وجه كامل

وأرتجف أطرافة لثوان وهو يفكر..مالذي تقوله حفيدتة

لم يعد يفهم أي شيئ


بينما عُبيده يتابع مايحدث بصمت..ولم يُدرك أن خلف كل هذا الحوار..إعتراف صريح أنها تحبه!

ليهتف بخشونة غير مُبال بتشتت كمال..

-أقدر افهم في ايه..وايه جاب سيرتي وسط مواضيعكم العائلية


نظر له كمال لثوان قبل ان يُغمغم...

-مفيش..متأخذنيش..سلامو عليكم


وسار بغير هُدي خارج الشقة..بينما عبيده ذم شفتيه بحده..وهو يشعر أن الأمر تخطي حدود أمر عائلي

وطال حياتة الشخصية..وإلا ماهدده كمال بصريح العبارة


جلس عُبيده بحدة علي المقعد وهو يتنهد بضيق

ماله بغزال ومالهُ بما يحدث..ومالذي يخصها فقط

وماذا قصدت بكلمة "قصدي بيه انا ياجدي"


أمسك هاتفه وأتصل برقم ريشة والذي أخذه منها منذ فترة طويلة..ثوان قصيرة حتي أجابت...

-ايوه ياأستاذ عُبيده


مسح وجهه محاولا الهدوء ليقول..

-ايوه يا ريشة..ازيك عاملة ايه


ردت بإختصار..

-تمام الحمدلله


لم يمنع نفسه من التساؤل بحدة...

-ريشة هو في ايه..ايه الي بيحصل عندك


أجابت بجمود غريب إستشعره في صوتها..

-لا مفيش حاجة يااستاذ عُبيده...وبعدين دي اسرار بيوت ماانتا عارف بردو


قضم شفته السفلية بقوة ليقول..

-تمام ياريشة سلام


ليغلق بعدها ويلقي الهاتف بقوة..وقف متجهًا الي حمامه

واضعًا رأسه تحت صنبور المياه ليقلل حدة غليان رأسه

ولا لا فائدة..الغليان يزيد وصورة غزال وهي تبكي لا تبرح خياله

                                ***

طرقت علي الباب بخوف ولازال الهاتف بيدها تتصل به

وبالفعل ثوان قصيرة وفتح الباب ناظرا لها بوهن

وعلامات ضرب شَريف واضحة علي وجهه

لتهتف بخوف وعيون دامعة...

-واائل مالك مين عمل فيك


أشار لها أن تدخل ولبت إشارتة ودلفت تنظر للشقة بغرابة لتقول...

-شقة مين دي يا..


قاطعها وهو يحاصرها ويعانق خصرها بحميمية جعلتها تنتفض بفزع..لتزمجر قائلة..

-وائل انتا بتعمل ايه


همس وهو يميل علي وجهها هامسًا...

-موحشتكيش..خلاص نسيتي وائل

نسيتيني يا ليلة..نسيتي حبيبك


إرتبكت أكثر وزاغت عيناها وهي تحاول تبعدة عنها..

-وائل ابعد..احنا اتطلقنا مينفعش كدا


شدد علي خصرها بحدة قائلا..

-ومش انتي الي أصريتي نطلق..مش انتي الي عملتي مشاكل في العيلة وخليتي الكل يبصلي علي اني قاسي الخاين الغشاش !


زادت مقاومتها لتنفك عنه هاتفة بحدة وتوتر..

-انتا خونتني واتكلمت عليا وكان..كان لازم نتطلق..أبعد عني بقا ياوائل انتا بتعمل ايييه


زاد خوفها حينما لمس خصلاتها الناعمة ليقول بخفوت..

-بحب شعرك..ناعم ورقيق زيك..ولما بيبقا علي جبينك مش راضي يرجع ورا بيفكرني بيكي لما مكنتيش بترضي تسيبيني


شعرت بيده تحوم علي جسدها بطريقة حعلتها تطلق صرخه خائفة لتقول بحدة..

-وااائل شيل ايدك عني وسيبني


كان يُكتفها بجسده جيدًا كي لا تحاول الفرار ليقول بغضب ظهر علي عيناه...

-مش كنتي عايزه تتجوزيني وبتحبيني..ايه عايزه تثبتيلي أنك خلاص مبقتش فارق معاكِ مبقتيش تحبيني


كانت يده حولها كاطوق الجمر حولها دمعت عيناها وصرخت بقوة وخوف...

-وائل انتا اتجننت أبعد عني وسيبني...وائل متعملش كدا


أمسك يديها الإثنتين بقضبة حادة وبدأت يده تعبث في مقدمة كنزتها ليقول بإبتسامة غاضبة..

-ايه ياحبيبتي خايفة مني..انا وائل حبيبك

الي حفيتي وراه سنتين ولما زهقتي منه قلبتي الدنيا عليه


ألقاها علي الأريكه ومال عليها لتقاومة وهي تضرب بقدمها بفزع لينتابه الجنون أكثر والذي شجعة أكثر دموعها وفزعها..أعطاه قوة مُضاعفة ليكتف قدمها بقدة ويميل الي الي عنقها يُقبلها بقوة وعنف جعلها تزيد صراخها وفزعها


كان كالجبل فوق جسدها يعيق اي محاولة للفكاك..كانت دموعها تزيد وصرخاتها تعلو مصحوبة برجاء تارة وسُباب تارة..ليكتب فمها بيده بقوة..وباليد الأخري بدأ بحل أزرار كنزتها..هنا شعرت ان روحها بدأت تُسحب بقوة...والخوف واليأس قاتلاها بقوة..يلقيان باللوم عليها..شخصت عيناها وهي تشعر به جد جردها من كنزتها بقوة


صوت صدح من غيابة عقلها..هل تستسلمي !

هل سينتهي الأمر هنا..هل ستتركة يقتل جسدها وروحها سابقًا..سينتهي الأمر هنا


أطلقت صرخة عالية مصحوبة ببكاء مكتوم وهي علي شفا الإغتصاب الجسدي...كما اغتصبها نفسيًا وقتلها

فجأة سقطت رأسه علي صدرها فاقدا لوعية


ليظهر رأس احد خلفة..ملامحه واجمة والغضب ينطلق من عيناه بجنون..ليجذبه من فوقها ويلقيه أرضا..لتعتدل وتستر نفسها سريعا ولازال بُكائها يصُم الآذان ليقول..

-قومي اعدلي لبسك..ويلا تعالي نعمل محضر تعدي


همست بصوت منتهي ولازالت شهقاتها تعلو..

-ع..عايزة تي شيرت البسه..قطع بلوزتي


همهم شَريف سريعًا واتجه ليجلب لها ماترتدية علي نصفها العلوي فا ذاك الحقير مزق كنزتها أثناء محاولته لإغتصابها

ليجلب لها سترة قطنية ثقيلة اخذتها سريعا والتحفت بها ليري نظراتها الباكية والخائفة نحو وائل..ليقول بحدة..

-متخافيش الضربة كانت جامدة ..مش هيفوق دلوقتي


أخذت حقيبتها ولازالت ترتجف وتبكي والخوف يلفها من كل إتجاه...كانت علي شفا الموت..كانت سَتُنتهك علي يد إبن عمها..كان سينهي حياتها بتلك الفعله..ولكن الله نجاها

بوجود ذاك الشاب1


هبطت البناية سريعا وهي ترتعش بإنهيار..لتُمسك هاتفها تطلب أحد الأرقام وكان بعقلها أن تُحادث أخاها أو شقيقها

ولكن سيقتل أحدهم وائل ..ستُدمر عائلتها إن علموا

ماذا ستقول..أتقول أن إبن عمها حاول إغتصابها لولا وجود شاب أنقذها..ستقول أنه استدرجها مستغلا حُبها له !


أغمضت عيناها ولازالت خائفة ترتجف وقلبها يتألم قبل جسدها..وشعور الإشمئزاز يضرب معدتها لتشعر بنوبة قيئ تهاجمها...لتقف جانبا وبدأت تتقيئ بقوة وألم..حتي جذبت أنظار بعض المارة...مسحت فمها مرتعشة ولا تدري مالذي تفعله..لا تدري


لم تجد من تلجئ إليه سواه..طلب رقمه وهتفت بإنهيار

-ص..صالح الحقني

  رواية "رُد قلبي"

الحلقة الثاني عشر

...............................

العناد لم يعد يُجدي مع والدها..هكذا فكرت غزال وهي تسمع صياحة من الخارج لإجل إضرابها عن الطعام بعناد البغال

ليدلف لغرفتها صائحًا..

-هتطلعي دلوقتي تاكلي معانا ورجلك فوق رقبتك

واقسم بالله ياشروق لو رديتي كلمتي لا ه..


قطعت حديثة وهي تقف قائلة بخفوت حزين..

-خلاص يابابا انا طالعة معاك اهو


هدأت ثورة كمال وهو يراها جالسة معهم علي المائدة تتناول الطعام..رغمة قلة تناولها وكأنها هرة صغيرة تأكل..ولكن وجودها أمامه يكفيه ..رغم حزنة وسخطه عليها لحديثها بأنها تحب عبيده..ولكن فكر أن هذا حب مرهقة..لن يدوم بعقلها..ستنساه فور أن تنضج ويكتمل عقلها


نظر لريشة بحسره ..يحسد أبويها علي عقلها

رغم أنهم ماتوا وهي صغيرة إلا انها ناضجة وذكية وصبورة..ويعتمد عليها


وزع نظره لغزال ليتنهد وعقله يصورها بريئة وصغيرة..ومُدللة حد الفساد ...لن تصمد في هذه الدنيا بدونه..ربااه إنها تضرب عن الطعام إن صاح بوجهها..فكيف وهي في بيت وأسرة وأولاد


إكتفي من الطعام الذي لم يمسسه..وهمهم بإختناق..

-بعد ماتخلصي أكل اعمليلي شاي ياريشة وهاتيلي الدوا بتاعي


همهمت ريشة بإيجاب وهي تقف متجهة الي المطبخ لتحضر له ما طلبه ...بينما غزال جالسة بمحلها تتابع مايحدث بصمت وتفكير..لا تدري ماهي المرحلة التالية...ولا تعلم إن كان كمال تقبل مشاعرها تجاه عُبيده


رفعت أصابعها لتعد عليها بترقب وتفكير وهي تعد

واحد،إثنان،ثلاث،أربعة،خمسة ،ستة ،سبعة ،ثمانية،تسعة،عشرة....ثم حمحمت وهي تقف متجهة الي غرفته

لم تطرق الباب كعادتها ودلفت


لتسمعه يحادث أحدهم هاتفًا بعصبية..

-اسمع الي بقولك عليه..ملكش دعوة

وقسمًا بالله لو فتحت الموضوع دا تاني ياخالد ماهعديلك الموضوع انا عارف أربي حفيدتي ازاي

وملكش دعوة بعُبيده


إحمر وجهها بعصبية وتخصرت هاتفة بحدة...

-ااااه...بقا هو الي ورا الموضيع دي كلها وهو الي قالك


أغلق كمال الهاتف وألقاه جواره هاتفًا بحدة..

-انتي تسكتي خالص مش عايز أسمع صوتك..مش كفاية انك رايحة جاية بتقولي للناس انك بتحبي واحد ..عايزه تفضحيني وتطلعيني بدلدلك راسي ياشروق..دي آخرة صبري عليكي


شهقت باكية لتقول بغضب وعناد..

-انا مقولتش لحد غيرك أصلا..ومعرفش خالد دا داخله ايه بيا ولا ببحب مين ولا بكره مين

وبعدين الحب مش عيب


هب كمال من الفراش رغب تعبه الظاهر وكاد يقترب يضربها لتهتف بإندفاع...

-والله لو مديت ايدك عليا هسيبك واروح اعيش ما أهل ماما..علي الأقل مش هيضربوني ولا يخلو حد يجيب سيرتي حتي


شحب وجه كمال وسقطت يده ليهتف بدهشه وألم..

-ايه..انتي بتقولي ايه يابنتي


زادت دموعها لتهتف بضعف..

-متقولش بنتك...انتا بتعامل الخدامة أحسن مني

ومستكتر عليا أحب حد..ومقفل عليا من كله

النفس معدود عليا..وفي الآخر جاي تلومني وتضربني عشان صارحتك اني بحب عُبيده..مبصيتش إني وحيدة ويتيمة

مبصيتش اني مبطلبش اسافر ولا اروح ولا اجي

مبصيتش اني رافضة اتجوز عشان اكون جنبك ومسيبكش..ويوم ماجربت أحب حد..بأنانيتك بتحاول تبعدني عنه...ومانعني اطلع البلكونة حتي

يبقا أهل ماما اولي بيا1


دقيقة او إثنين وعليٌ صراخها حينما فقد وعية عقب شحوب لونه..وشفتية كانتا زرقاويتين

وصل الصراخ لعُبيده ليتجه لهم سريعًا..وأخذه الي المشفي بمساعدة أحد الجيران


...............

شهقت غزال بحدة ولازالت دموعها تنهمر دون توقف..وعبيده يقف بتوتر وعصبية..لا يدري كيف يتصرف بتلك الكارثة الذي أوقعه بها الخبيث خالد

نظر لغزال قائلا بلين...

-اهدي بس..إن شاء الله هيكون كويس متعيطيش

كل حاجة هتتصلح


نظرت له غزال بعيناها الواسعتين تطالعة ببكاء..نظرتها الراجية حعلته يتأوه داخليًا بعجز ليجلس جوارها قائلا بثبات رغم قلقة..

-غزال اسمعيني..احنا لازم نجمد ونفضل كويسين عشان خاطره..عياطك مش هينفعه خالص..انا جنبك وإن شاء الله مش هيحصل إلا الخير


ألقت نفسها بين يداه تُمسك بسترتة بقوة وبكاؤها يزداد بحدة..بينما ارتعد جسد عُبيده من ذاك التلامس..الذي جعل جسده يقشعر رغمًا عنه..وهو الذي لم يُجرب لمس فتاة من قبل..ولكن غزال كسرت تلك القاعدة وتعانقه في تلك اللحظة بجرأه غريبة رغم بكائها


حمحم عبيده وهو يحاول أن يربت علي ظهرها بحنو

ولكن كافح شيطانة بصعوبة وهو يُتمتم مستغفرًا ويبعدها عنه برفق قائلا بهدوء وكأنه يحادث طفلة..

-غزال بصي..كفاية عياط شكلك بقا..


قطع حديثة وعيناه تجري علي ملامحها الباكية وشيئ ما يتحرك داخلة..خفقة خائنة تعالت بقلبة وهو يركز بصرة علي وجهها الأبيض المشوب بإحمرار البُكاء..وعيناها النجلاويتين اللتان رغم البكاء جميلة..بأهدابها الطويلة


وخصلاتها التي التصقت بمقدمة جبهتها أثر التعرق

وباقي الخصلات حرة علي كتفها..جميلة..كانت جميلة حد الحزن والعجز..ورغم ذالك لم تمنع ذاك التساؤل المُلتهف والمُرتجف وتحدثت..

-شكلي بقا ايه..وحش صح


زاد اضطرابة..وهو يلحظ تأثير نبرتها الباكية عليه..زاد فزعة من ذاك الحنان الذي اندلع داخلة كافيضان..وذاك الغزل الذي حضر علي لسانه..وكاد يهتف.

"الوحشة تبكي فرحًا إن وصفت بكِ...ولكن الجمال يلائمك"

ليستغفر ويغمض عيناه مطولاً ليقول بعد ثوان..

-لا مش وحش..بس شكلك مُرهق


أشاحت وجهها جانبًا ومسحت دمعها بظهر كفها

بينما عُبيده غض طرفة عنها وألم الرأس يكاد يفتك به

ومشاعر مُشتتة مُبعثرة..لا يدري أي مشاعر تلك التي بدأت تتلاعب به..كورقات الخريف


قطع تأمله لها قدوم خالد نحوهم بعينان تشع غضبًا وحقدًا

لترتعش غزال وتُمسك يد عُبيده سريعًا..ليجذب يده منها

ويقف ينظر له بحدة..ليقف خالد أمام غزال يجذب يدها ليجذبها إليه..لتشهق بقوة..ليمسك عُبيده يده بقوة كي يمنع يده عن إمساك يد غزال..ليهتف خالد بغضب وصوت مرتفع...

-اوعي ياجع انتا..وإياك تدخل في الي ملكش فيه


لينظر لغزال بحدة قائلا..

-تعالي معايا ياغزال


هزت غزال رأسها برفض والدموع تنهمر بقوة بعيدًا عن عنجهيتها المُعتادة..ليجن جنونه وهو يجذبها بقوة قائلا..

-بقولك تعالي معايا حالا


دفعه عُبيده بغضب وقد تطاير هدوئه أدراج الرياح ليهتف وهو يجز علي أسنانه بقوة...

-سيب ايديها..ولا الراجل الي واقف جنبها مش مالي عينك

غزال مش هتروح في حتة لحد ماالحج كامل يفوق

وهتروح وتيجي معايا..وانتا هتبعد عنها وإلا مش هيحصلك خير


جز خالد علي أسنانه بغل وتوحشت هيأتة الضخمة ليقول بغضب أسود لا يأبه بتحذير عُبيده...

-غزال هتيجي معايا انا..لحد ماالحج يفوق ويستلم أمانته

مش هسيبهالك..غزال دي تخصني..انت واحد غريب

ومش راضي أكلمك عشان خاطر الحج..انما تقرب من غزال تاني وعزة الله ماهسيبك..هندمك علي شبابك


إبتسامة ساخرة ارتسمت علي وجه عُبيده ليُهمم..

-تخصك..اممم تقريبًا الي اعرفة انك راجل متجوز..يعني مش خطيبها وكمان انتا بتشتغل عند الحج..مش قريبه

ولو دورنا علي غزال تخص مين


ليقترب منه هامسًا بصوت مُحذر لا يُبشر بأي خير..

-هنلاقي انها تخصني..هنبقا علي اسمي

غزال هتبقا مراتي

3

                                  ***

جالسة داخل سيارته تبكي وتبكي الي أن انتهي صوتها..لا تدري مالذي تقولة..كل ماتُدركة الآن أن صالح مديرها يجلس جوارها يحدق بها بصبر ينتظر أن تُخبره سبب بكائها الهستيري..ليقول صالح برفق..

-حد زعلك..حصل ايه


لم تتحدث وشهقاتها تعذبة دون هوادة..ليلحظ علامات حمراء علي رقبتها وأخري زرقاء..جالت نظراته عليها ليجد كفيها مكدومين بعلامات زرقاء..ناهيك عن وجهها الأحمر بشدة


وتلك السترته الرجالية لم تترك العمل صباحًا بها

هناك خطب ما..هناك شيئ خاطئ..ودموعها وانهيارها ذاك لا يبشر بأي خير..وصمتها يقتله

هتف بصبر نافذ..

-ليييلة في ايه .وايه العلامات دي مااالك


أرتعدت لتهمس بصوت متقطع من البُكاء..

-و..وائل حاول ي..


وقطعت حديثها ولازالت تبكي بقوة

بينما ذُهل صالح بل إرتفعت الدماء الي رأسه وهو يُتمتم ويدة تضرب عجلة القيادة بقوة....

-الواطي..الحقير


كان شحوبها يزداد والرجفة تسيطر علي بدنها..ليمد صالح يدة بقنينة عصير ولازالت ملامحة واجمة وعيناه قاسيتان للغاية..وكأنه يؤنبها علي سذاجتها..لتلتقط منه بصمت وإرتجاف ليقول بحدة

-هتقدمي بلاغ !


توالت دموعها بعجز وهي تحرك رأسها يمينًا ويسار..دلالة علي الرفض..ليلوي شفتيه بتهكم قائلا..

-امم يعني عادي الي كان هيحصلك..شيفاه بسيط اوي كدا!


زاد ألمها وأغمضت عيناها تشهق باكية..لتزداد عصبيته ليهتف بحدة..

-لو الي كان هيعمله معاكِ عادي..فا هو مش عادي لأي بنت ممكن يعمل فيها كدا..لأنه لو متحاسبش هيبقا الموضوع عادي يعمله مع اي واحدة تانية


حركت رأسها بعذاب هاتفة..

-مش هقدر..مش هقدر أعمل كدا..


إتسعت عيناه بقوة..ليمسح وجهه بعنف ليسخر مُعلقًا..

-هتلعقي غلطة علي شماعة الحب..هتتجاهلي إنه كان هيغتصبك لمجرد إنك بتحبية !


صرخت بإنهيار..

-افهمني مش هقدر اشتت عيلتنا بسبب غبائه

لا بابا ولا عمي هيقدروا يستحملوا الي حصل...ملهومش ذنب في العلاقة الفاشلة دي..وانا ..مش هقدر


أنهت كلماتها وهي تدفن وجهها بيدها وصالح يتابعها بجمود..ليقول..

-امسحي دموعك وخدي حقك طالما مش عايزة تبلغي عنه

متبقيش ضعيفة ياااا...ليلة


ثم دار بعجلة القيادة ليوصلها الي منزلها وهو يتوعد لوائل بأغلظ الأيمان أن يذيقة تمن نذالته معها

                                ***

"اليوم شوفت واحدة بتشهبك..بس بالمرة مابتشبهك انا خليتها هيك خليتها بتشبهك..كأني اشتقتلك وخايف انسي شكلك..بدي أرجع أشوفك لابطل مشتاقلك"


كان شَريف يسمع الأغنية بإستمتاع وهو يدخن سيجارتة بشرود ...وعقلة يسترجع ماحدث في شقتة أمس..حينما وجد شريكه يحاول التعدي علي فتاة..جُن جنونة بعدما سمح للفتاة بالمغادرة


إستفاق وائل وهو يغمض عيناه بألم ويده تمسد رأسه الدامي..ليفتح عيناه وينظر للدماء علي يده..رفع عيناه ليجد شَريف يجلس أمامه علي الأريكة يضع ساقًا فوق أخري ويدخن السجائر بوجوم

ليشحب وجه وائل وهو يستوعب ماكان سيفعله لليلة

إبنة عمه وخطيبته السابقة..ليحاول أن يعتدل ليسمع صوت شَريف وهو يهتف بخشونة..

-خليك مكانك لحد ما حد يجي ياخدك


تأوه وائل وهو يقول بصوت متألم...

-حد مين


هتف شَريف ببرود..

-البوليس..خليك مكانك بقا زي الشاطر أحسن مااقوم واكتفك شكلك هيبقا وحش ساعتها


أسود وجه وائل ليقول بحدة من إسلوب شَريف..

-بوليس ليه وتكتفني ليه ايه الجنون دا


إبتسم شَريف بغضب ظهر بعيناه العسلية ليقول..

-وهو مش جنون إنك تغتصب واحدة امم لا لا مش جنون

هو تقريبا قذارة..قلة أصل ورجولة..


هدر وائل بغضب..

-ما إغتصبتهاش ..وحتي لو..دي مراتي وبنت عمي

يعني ملكش فيه ولا دخل أي حد


صحصح له شَريف وهو يطفئ سيجارته بقوة..

-كانت..كانت مراتك..دخل بقا أو مش دخل

ف ليلة الي هتحدد..مش إسمها ليلة بردو !


وقف وائل بصعوبة وهو يتجه له بجنون هاتفًا..

-ملكش دعوه ياإبن..


قاطعة شَريف بصفعة قاسية سقطت علي وجه وائل بقوة

ليقول شَريف بصوت خرج قويا صارمًا ..

-إغلط عشان هوديك في ستين داهية..إترمي مكانك

لحد مااشوف هتبلغ عنك ولا لأ..وقسمًا بالله لو ماسكتت

لا هتشوف أسود يوم في عمرك كله1


زاد الجنون بعين وائل لينقض علي شريف يضربه بعنفوان كبير..ولكن إنتهي به المطاف وشَريف يحكم وثاقة جيدًا

ويلقيه بقوة قائلا..

-اهو شوفت زعلتني ازاي وخليتني أربطك

ليه تطلع روح أدم الصياد الي جوايا..ماانا كنت حلو معاك وهادي وبكلمك بذوق..لازم يعني اوريك لما بتعصب بيبقا شكلي ايه3


أنهي شَريف كلماتة بمرح غريب..ليعقد وائل حاجبة بغضب مكتوم وهو يقسم أن هذا الشاب يسكنه شيطان..لا بل شياطين..قرأ شَريف ملامحة..ليضحك وهو يهز رأسه

ليلتقط مفاتيحه ويخرج ويغلق علي وائل


إستفاق من شرودة بألم بسبب إنتهاء السيجارة ووصول النار الي اصابعه..ليلقيها وهو يتنهد مطولا ..ويُتابع الحمام الذي يحوم حوله ببهاء..ليبتسم وهو يراها تدلف الي برج الحمام بشرود..تطالع الحمام بصمت غريب


ووجهها شاحب فاقد للحياة..ليُتمتم..

-ريشة


إنتبهت لوجودة..نظرت له لتجده جالس علي الأرض باسط قداماه أمامه ويكتف يداه...وهناك كدمه علي وجهه المليح

أشاحت عيناها عنه..واقتربت منه لتجلس جواره بصمت استغربه في البداية..ولكن تخطاه حين همس..

-ازيك


تجاهلت تحيته وظلت شاخصة البصر أمامها دون إجابة

ليعقد حاجبيه بضيق قائلا..

-بقولك ازيك


تنهدت بقوة لتنظر له ببرود قائلة..

-انتا عايزني اقوم امشي !


هز كتفيه نافيًا..

-لا مش عايزك تمشي..ايه دخل دا في كلمة ازيك !


رمشت لثوان قبل ان تقول بخفوت..

-دخله اني مش عايزة أتكلم..ولا عايزة سلامات

انا باجي هنا أسكت وبس..لكن انتا لو هتتكلم او تحاول تخليني اتكلم يبقا امشي أحسن


لم يجيبها وهو يخرج سيجارة من علبة سجائرة ويدخنها بصمت..لتستوعب أنه فهم كلماتها ونفذها دون جدال

ران الصمت بينهم عدا صوت الحمام الذي يحوم حولهم بوتيرة هادئة ورائعة..وهم صامتين..لم يُبادر بالحديث

ولم تهتم هي


بل راح عقلها يتذكر مع حدث مع السيد كامل وتلك الوعكة الصحية الذي وقع بها من خلف غزال ودلالها الفج

ورغما عنها تذكرت الحبيب الغادر..الذي تراه كلما ذهبت او اتت..ويتابعها هو بنظراته الراجية..لا تعلم لِما يرجوها


مالذي يريده منها إن كان قد إرتبط بأخري..لم كان يلح بإتصالاته المُلحة ورسائلة الراجية أن ترد عليه كي يُبررلها ماحدث..وكأنه حادث..وليس زواج علي وشك أن يتم


إنتهت الأغنية وصدح صوت فتاة ناعم للغاية من هاتفة

تغني أحد الاغاني الهادئة التي جعلت أذنيهما ترهف السمع

"قوم نحرق هالمدينة..ونعمر واحدة أشرف..قوم ننسي هالزمان..ونحلم بزمن ألطف..مازالك بلا شيئ..مافيك تخسر شي وانا مليت من عشرة نفسي..قول أني منيح"


إن كانت في الماضي كانت ستفكر كم مُبالغ به وصف تلك الأغنية..كم كان العجز والفقر والوحدة كان مُبالغ به وحزين للغاية ولكن الآن تُدرك أنها وصلت لذاك الحد من العجز والوحدة..والألم


صدح صوت الفتاة وهي تتغني من جديد..

-كان بدي غير العالم..مش عارف كيف العالم غيرني

كان بدي أحمل السما وهلأ امجئ حامل نفسي..قول أني منيح..قول اني منيح


أطلقت تنهيدة عالية جذبت إنتباه شَريف..ليبتسم وهو يتذكر كلمات والدته حينما كانت تُطلق تنهيدة قوية تعبيرًا عن غضبها من زوجها..كان يهتف أدم بضيق..

-بتنفخيلي ياتقي


كانت تبتسم بصبر هاتفة..

-لا ياحبيبي أنا بنفخ الزعل من جوايا عشان ميتقلش علي قلبي واموت منك


كان أدم يلين فورًا وهو يضمها بقوة قائلا..

-إن شالله أنا ياحورية..خلاص طلعي الزعل من جواكي وانا بردو هعمل كدا عشان ميتقلش علي قلبي واموت منك ومن عيالك


كان شَريف يضحك هو وأخواته وهم يرون هذا المشهد المُتكرر لهم..ولحبهم المُعقد والغريب..ليقول دون شعور..

-خرجي الزعل من جواكي..عشان ميتقلش علي قلبك


إنتبهت ريشة لكلماته لتهز رأسها بعدم فهم..ليطلق زفير

ثم يقول موضحًا..

-لما بتاخدي نفس طويل كدا وبتخرجية..كدا بتخرجي الزعل من جواكي عشان ميتقلش علي قلبك


عقدت حاجبيها بدهشة قائلة..

-دا بجد !


همهم بإيجاب وهو يهز رأسه بقوة كي تصدقة

في تلك اللحظة لم تراه رجل يثير الذعر في نفسها

بل طفل..طفل صغير يحاول إقناعها بخُرافة قديمة والحماس يكاد يقتلة من فرط شدته


ليبتسم ثغرها الشاحب..لتنظر أمامها وتطلق تنهيدة عالية

واحدة وإثنين وثلاثة إلي أن تعبت..لتسمعه يقول..

-الزعل راح !


سمعت سؤاله الفضولي..لتدمع عيناها..وهي تشعر بأن الألم لازال يقبع في قلبها لا عليه..الألم كبير ولا يسهل التخلص منه من مجرد زفير..لتسقط دمعة علي وجنتها

وتنظر له بضعف هامسه بصوت مرتجف..

-لأ


كلمة صغيرة جعلته يعقد حاجبية وهو يري حزنها الظاهر للغاية..وعقلة يسأل..لِما لم يذهب حزنها كما ذهب حزن والدته في كل مره تفعلها..ليتيقن أن الشفاء ليس في الزفير الطويل...بل في العناق الذي يلية..في الشخص الذي يحتوي الجسد بعدها ويجعل الحزن يركض هاربًا


مد يده لها يجذبها له ليعانقها بقوة..لا يدري من أين أتته الجرأة..وهي كذالك لا تدري كيف تجرأ واحتواها بتلك الطريقة..ولكنه حزمه حينما أحكم ذراعية حولها

جعل دموعها تخرج وتخرج..وشهقاتها تعلو وجسدها يهتز بعنف


تخلخل صوت الموسيقي والأغنية تُعاد بصوت منخفض..

-قوم نحرق هالمدينة ونعمر واحدة ألطف.

كانت تبكي كل شيئ..تبكي موت والديها..تبكي غدر أقاربها

تبكي إقتران حبيبها بأخري..تبكي حياتها البائسة

كان هناك سببًا قويًا يدفعها لتخرج تلك الطاقة من داخلها

وتُذيب جمودها ليظهر معدنها الضيعف..تظهر هشاشتها

وكأنها ريشة خفيفة مُعرضة للكسر والحزن في أي لحظة


ريشة في مهب الريح..

توقف بُكائها ليفك وثاقة عنها وهو يستعد لنوبة التوبيخ الذي سيتلاقاها..ولكن لم توبخة..لم تفتح فمها

بل رفعت يدها وصفعته صفعة لم تكن قوية لتؤلم وجهه

كانت صفعة زاجرة خفيفة..وشاكرة

وقفت لتبتعد وهي تمسح وجهها..ليقول خلفها

-هستناكي هنا بكرة..متتأخريش عليا


تجاهلت كلماته وخرجت سريعًا..ولازال دفئ جسده ضد جسدها مُلتصق بها..لازال أثر كفه الذي ربت علي ظهرها كما هو..والخدر الذي سار بجسدها وجسده يجعلهما ساكنين..ولكن كان خدرها مؤلم ومُشبع بتأنيب الضمير من ذاك العناق


بينما هو كان مأخوذ بذاك العناق الدافئ

شعر فجأة وكأنه كان بحاجة هذا العناق..وهذا الأثر


ولازالت دموعها عالقة بسترتة..الذي نظر لها مطولاً وعقله لا يستوعب ذاك الحزن الغريب الذي يغلف تلك الفتاة

بشكل او بآخر ريشة تُذكره بطفلة صغيرة ضائعة في أروقة الدنيا..بساطتها تقودها للهلاك..وقوتها هي النصر الوحيد الذي حققته في ذاك العالم القاسي1


ظل يُتابع أثرها..بشرود..حتي ظهر شخصًا أخر لا يود أن يخوض معه حرب بعد عناقه لها الذي كان بمثابة مُخدر لكليمها..في تلك اللحظة..لا يود أن يخوض حربا مع الواقف أمامه..آدم الصياد

                            *************************

 يتبع                              

                      

تعليقات

التنقل السريع
    close