القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية رُد قلبي نهاية الجزءالاول الفصل الواحد والثلاثون حتي الفصل الخامس والثلاثون والاخير بقلم وسام اسامه كامله على مدونة النجم المتوهج للروايات


 رواية رُد قلبي
نهاية الجزءالاول 
الفصل الواحد والثلاثون حتي الفصل الخامس والثلاثون والاخير
بقلم وسام اسامه
كامله على مدونة النجم المتوهج للروايات 

الجزء الأول " تراكمات نفسية "

............................................

الحب والكُره وجهان لُعملة واحدة تُسمى القلب

ولكن ماذا إن تداخلت الوجوه..وتبدلت القلوب

ولم يعد هناك مجال للتفرقة بين الحب والكره

ليضيع القلب بين غياهب الفراق

فهل تصرخ الروح راجية بإنكسار

"رُد قلبي !"

كان يتأمل صورها في هاتفة..تلك الصور التي التقطاها سويًا في الأيام الماضية، صورة وهي تضح بشقاوة وتميل وأصابعها تُشكل علامة النظر جوار رأسها


وصورة أخرى وهي تحاوط ذراعه وتبتسم للكاميرا جوار وجهه المُبتسم بتحفظ..ولكن هي كانت إبتسامتها صادقة ومُميزة..ومُحبة


اهتزت عيناه لثوان وهو يُدرك أن سارة تحبه..كانت تنظر له نظرة تفضح مافي قلبها وخاطرها..وهو كان يتأمل حُبها بصمت تام..دون تعقيب او تساؤل رغم إدراكه بإستحالة العلاقة بينهم لإختلاف شخصياتهم..ولكن حينما صرخت بوجهه تطلب الطلاق..مع إجبار عمه وتأنيب والده

شعر بغضب انها تتسرب من بين أصابعه


ليتمرد على طلبها ويلجأ لصديقة المُحامي ويُخبره برغبته في طلبها ببيت الطاعة..ليحبطه صديقة أن قانون بيت الطاعة تم إلغائه منذ زمنٍ بعيد وينصحه بطلاقها بالمعروف

ولكنه حاول التمسك بها وإقناع عمه بالتراجع عن الطلاق ليخبره عمه مهددًا إن لم يطلقها سيلجأ للقضاء وتندلع النيران في العائلة بسببه..وستتم قطيعة بينه وبين أخاه


ليرسخ لطلبهم ويُطلقها رغمًا عنه...ورغم أن طلاقهم هو الأصح..ولكن يشعر بغصة في حلقة كلما سمع اسمها بين الذاكرين..بل ويرتجف قلبه بلوعة الفراق..ليُدرك أخيرًا أنه أحب سارة..أحبها رغم إختلافها عنه

ولكن حديث العقل والمنطق أقوى من حديث القلب

هو وسارة ماء ونار..تمرد وسكون..جنون وعقل

لا يتناسبان بأي شكل من الأشكال


لذا عليه التخطي والنسيان ولا خيارًا اخر

وصله للتو إشعار بنشرها شيئ ما على مدونتها الشخصية..ليضغط على الإشعار سريعًا ليرى مانشرته


ليجد مقطع مصور..وهي جالسة على مقعد خشبي

وجوارها شاب يُمسك بأله موسيقية..ليصدح صوتها الناعم بكلمات أغنية جعلت وجهه يختلج وهو يلتقط رسالتها له عبر كلمات الأغنية


هي تُغني وكفها الصغير يتحرك مع ترنيمتها الناعمة

وذاك الشاب يعزف بإندماج مع صوتها


لو فيي انا ..انا لو فيي

انساك وعيش بحرية

لو فيي رجع ماضي

ايام اللعبة المنسية

قِلك فيي بس لو فيي

شيلك من قلبي وعينيي


كانت تميل برأسها وتُتابع مُغردة بشجن وصوتها يحكي شعورها الحزين خلف تلك الأغنية


شو هوي اللي خلاني ليلة إتلاقى فيك

إنسى الكل وتنساني دنية وإقعد حاكيك

شو هوي اللي خلاني ليلة إتلاقى فيك

إنسى الكل وتنساني دنية وإقعد حاكيك

يمكن مش ذنبك ولا ذنبي

يمكن نحنا مثل اللعبة

قصتنا على إسم الغربة

كانت مكتوبة ومطوية

قلك فيي آه لو فيي

شيلك من قلبي وعينيي

رواية رُد قلبي
نهاية الجزءالاول 
الفصل الواحد والثلاثون حتي الفصل الخامس والثلاثون والاخير

تأوه خافت خرج من شفتيه من تلك اللمعة الحزينة بعيناها ليُلقي الهاتف من يده سريعًا ويسند رأسها على عجلة القيادة..وشعور حارق بقلبه..لا يعلم هل غضب عندما رأها رجعت الى تلك الفرقة الغنائية

وعادت لجنونها وتصرفاتها التي يرفضها


خاصة وأنها مُنذ كُتبت على اسمه ومنعها من التواصل مع كل رفقائها وحضور الحفلات الغنائية او حتى نشر مقاطع غنائية لها على مدونتها الشخصية

ورغم تمردها في البداية إلا أنها رضخت له ولم تعد تفعل أيًا مما كان يرفضه


وعادت لكل هذا الآن..وكأنها تقول له ماعدت لك وتخبره بطريقة مباشرة انها ستمارس حياتها القديمة وكأنه لم يكن..وكأنه مجرد طيف مُزعج عبر حياتها وانتهى..لذا أكملت حياتها بالشكل الذي ترتضيه

وإن كان لا يُرضيه


تسربت من بين أصابعه في غمضة عين

عند ذاك الخاطر أمسك هاتفه بغضب وألغي مُتابعة مدونتها نهائيًا كي لا يتلقى إشعار لأي شيئ تنشره

من الآن لا سارة ولا وجود لها بحياته


زاغت عيناه ونبض قلبه بقوة وكأنه يقول كاذب..

لتنشب داخله معركة قاسية بين عقله وقلبه

بينما عقله يهتف بإصرار وعزيمة أن سارة مجرد طفلة بلهاء لا تُناسبه بأي حال..لذا من الواجب نسيانها

ليغمض عيناه لثوان..ويُعطي عقله زمام الأمور

كما كان دائما عقله هو المتحكم..ليُعلن اخيرّا بفوز العقل في المعركة الحالية

وخسارته في معركة الحب..1


فهل هناك مجالاً لتتراجع ..!

***

خرجت أمنية من عيادة الطبيبة النفسية بعدما سمعت كلماتها الصادمة..او بمعني أوضح المواجهه لكل الخوف داخلها..رغم صمتها وقلة حديثها مع الطبيبة خاصة بعدما استفزتها الطبيبة لتُخرج كل في قلبها..لتصرخ أمنية بإنهيار لحقته الطبيبة بمادة مُهدئة كي تهدئ تمامًا ولا تُصاب من إنفعالها


حاولت الطبيبة ألا تضغط عليها كي لا تنهار من جديد

وحاولت إتباع طُرق جديدة في العلاج..لتسألها بحزم وهي تُحرك القلم بين يداها برتابة...

-مدام أمنية..انتي حابة تتعالجي ولا لأ


رفعت أمنية نظراتها الذابلة لها لتقول..

-وهي هتفرق عايزة او لأ

رواية رُد قلبي
نهاية الجزءالاول 
الفصل الواحد والثلاثون حتي الفصل الخامس والثلاثون والاخير

اكدت الطبيبة يُسر قائلة..

-طبعا هتفرق..رغبتك في العلاج ربع الشفاء بحد ذاته

انما طول ماانتي مش مُتقبلة العلاج يبقا احنا بنضيع وقت بعض..وخصوصًا انتي بتضيعي وقت وفلوس كمان


لم تُصدم أمنية من صراحة يُسر..بل أمالت رأسها بصمت دون حديث..لتتنهد يُسر قائلة بنبرة لينة..

-مدام أمنية..انتي الوحيدة الي قادرة تساعدي نفسك

ومش نفسك وبس..دا ابنك كمان انتي الي هتساعديه

لازم تحددي انتي عايزة تفضلي في الحالة دي ولا عايزة تطلعي منها


صمتت يُسر للحظات قبل أن تُتابع..

-ومش هتطلعي من الحالة دي إلا لو اتخلصتي من الهاجس الي مبوظ حياتك..من بدر


شحب وجه أمنية وهي تهمس..

-بدر عمري ماهخلص منها..مش هترتاح إلا لو خدت كل ناسي مني وتخليني وحيدة


-وهما ناسك فعلا !


-قصدك ايه

تركت يُسر قلمها لتقول بنبرة تقريرية..

-الي فهمته من رامي..انه مش ابنك

رامي ابن بدر، وحتى جوزك كان جوزها هي الأول

يعني هي مابتاخدهمش منك..يمكن انتي الي خدتيهم منها وهي عايزة ترجع عيلتها


نجحت يُسر في مقصدها لتجد أمنية تهتف بحدة وبدأت عيناها تدمع بضعف..

-انا مخدتش منها حاجة..انا كان زماني مراته الأولى

كان زماني مكاني ورامي ابني انا..بس هي الي سرقتهم مني..سرقتهم مني لذنب مش ذنبي


-سرقتهم منك ازاي وهي الي كانت مرات ناجي الأولى..وانتي التانية..يعني الأقدميه ليها..يعني لو حد حياته اتدمرت يبقا هي


زمجرت أمنية باكية بغضب لتهتف من جديد..

-لا ملهاش الأقدميه..انا أول واحدة حبيت ناجي

هو مكانش في دماغها عشان اسرقه منها وأدمر حياتها..ناجي كان مجرد سكينة الي استعملته ودبت السكينة دي في قلبي انا


همهمت يُسر بعملية..

-تمام بما انك اتكلمتي دلوقتي..يبقا انتي حابة تساعدي نفسك وابنك..احكيلي التفاصيل واثبتيلي انك مسرقتيش منها عيلتها


صمتت أمنية لثوان قبل أن تسرد بشرود والدموع الباردة تهبط على وجنتيها ببطئ وضعف..

-كنا عيال وبنحب نقعد على السلم..انا وبدر ورقية مرات أخو ناجي دلوقتي..رقية وبدر أكبر مني بخمس سنين وبدر تبقا بنت عم ناجي..وناجي كان اكبر منهم بخمس سنين وأكبر مني بعشرة..كان عندي اتناشر سنة وهما كان عندهم سبعتاشر..كنت اسمع بدر بتحكي لرقية انها بتحب واحد في شارعنا..وان ناجي بيجري وراها وهي مش معبراه ..انا كنت مجرد عيلة مش فاهمة حاجة


وكنت بحب ناجي اوي..وفعلا شايفاه ميال لبدر

روحت قولتله الي سمعته..وانا بدر هتروح تقابل الشاب دا..ساعتها لاقيت ناجي اتعصب وجري من قدامي راح لعمه يحكيله الي حصل..وابو بدر كان راجل صعب وقاسي جدا..سمعنا انه حلق لها شعرها

وفضل يضرب فيها ومنعها تنزل من البيت شهور طويلة..وبعدها سفرها البلد لاعمامها..والي عرفته من ناجي بعدها ان اعمامها الي في البلد ناس صعبة


ولما رجعت من البلد وبقينا نشوفها كانت اتغيرت تماما..بقا عندها 20 سنة..يعني عدا تلات سنين على اليوم دا

بقت مؤذية اوي..كانت بتتعمد تضايقني وتتريق عليا

وتتعمد تجرحني بالكلام او بالفعل..ساعتها عرفت انها عرفت ان انا قولت لناجي..وفي التلات سنين دول انا كان ضميري بيقتلني رغم ان انا كنت عيلة صغيرة


في الوقت دا كنت بحب ناجي اوي..وحبه كبر معايا

وكان ابوه دايما يهزر معايا بكلمة

هجوزك ناجي..بس..بس ناجي مكانش قلبه معايا


قاطعتها يُسر مُكملة حديثها..

-كان قلبه لسه مع بدر طبعا


حركت رأسها بإيجاب وتابعت بعيون دامعة..

-بالظبط..ناجي كان بيعشقها عشق..وانا كنت بجري وراه بأمل انه يحبني انا..زي مابحبه بس هو عمره مابصلي غير اني عيلة صغيرة..وفي الوقت دا بدر عرفت اني بحب ناجي..وكان بردو في نفس الوقت الي ناجي اتقدملها فيه


قاطعتها يُسر بدهاء..

-وطبعا بدر وافقت عليه عشان تنتقم منك بسبب الي حصل من سنين وان بسببك اتعذبت واتفرقت عن الي بتحبه


شحب وجهها لتقول بشفاة جافة..

-بدر اسوء من انها تنتقم بموافقتها وبس..بدر كانت بتبعتلي الجوابات الي ناجي بيكتبهالها..عارفة يعني ايه تقري كلام غزال وغرام حبيبك كاتبه لواحدة تانية!..كنت عيلة بنت خمستاشر سنة..بس قلبي جواه حب الدنيا والآخرة ليه

رواية رُد قلبي
نهاية الجزءالاول 
الفصل الواحد والثلاثون حتي الفصل الخامس والثلاثون والاخير

ساعتها مستحملتش وجريت على محل العطارة

وقولتله اني بحبه..و


قطعت حديثها بألم وغصة تجتمع بحلقها لتُشجعها يـُسر قائلة..

-حلو وبعدها حصل ايه


شردت أمنية في تلك الذكرى المُره

كانت تلك الفتاة الخجولة التي تعشق الشاب الذي يكبرها بأعوام..ذالك الفتى الذي تعشقة كل فتيات الحي

ناجي..حُب الطفولة والشباب..ومن صارحها أنه يحبها هو الآخر منذ الصِغر..تذكرت عندما علمت أنه تقدم لخطبة بدر وتم تحديد الخطبة


ذهبت لمحل والدة بمنتهي الحزم وطلبت منه الحديث..تتذكر نظرة التعجب التي إرتسمت على وجهه ليقول بقلق وقد وقفوا جانبًا..

-ايه ياأمنية عمي حسين حصله حاجة


هزت رأسها بنفي وظهرت الدموع بعيناها لتقول..

-صحيح ياناجي هتخطب بدر..وانتا عارف إني بحبك

هتتجوزها ياناجي


إرتبكت نظرة ناجي وزجرها بحدة...

-عيب ياأمنية الكلام دا..انتي لسه صغيرة كل الي عندك خمستاشر سنة..ايه الي تعرفية انتي عن الحب والكلام الفارغ دا


انتحبت وهي تنظر إلية بضعف..

-صغيرة ! ..


هتف بها بحدة وهو يضغط علي مرفقها..

-أه عيلة صغيرة..وهتلمي نفسك ومسمعش كلامك دا تاني أبدا..وتركزي في مذاكرتك..وإلا اقسم بيمين ربنا لاقول لعم حسين يعرفك شغلك..يلا يابت انجري على البيت


تتذكر جيدا كم الألم الذي شعرت به بوقتها

كم بكت وتألمت من حديثه..ولكن حين تمت خطبته وزواجهه علي بدر إبنة عمه..حينها أدركت أن لا ألم يوازي ماشعرت به حينما أخذته غيرها..أو ذهب هو لها

وفي الحالين يزيد الألم ويكثر البُكاء


تذكرت حينما ذهبت له للمرة الثانية قبل زواجه بـ ليلة واحدة..ذهبت له في محل العِطارة قبل إغلاقة

وقفت أمامة باكية كاطفلة أُخذت حلواها وعُنفت..

-أهون عليك ياناجي..تتجوز وتسيبني


حينها إنتفض كالملسوع واقفا ليقول بغضب..

-تاني ياأمنية الكلام دا تاني...عايزاني أقول لابوكي

عشان يديكي علقة موت


إنفجرت باكية ووضعت يدها علي وجهها مُتمتمة..

-ماانتا قولتلة لما جيتلك قبل خطوبتك..وضربني وقتها

وهتقوله تاني عشان بلومك ويضربني تاني..انت مبتحبنيش ياناجي


كانت كلماتها غير مُترابطة..ولا وصل بينهم ولكن تتذكر حينما رقت نبرته وهو يواسيها..

-انا مقولتلوش ياأمنية ابويا سمعك وقاله عشان خايف عليكي..انتي لسة صغيرة..عندك خمستاشر سنة

وانا عندي خمسة وعشرين يعني قد اخوكي الكبير..يصح تقولي لأخوكي الكبير كدا


انزلت يدها من علي وجهها ونظرت له نظرة جعلته يرتبك ويشيح عيناه عنها..لتهمس بإستسلام...

-عندك حق..مبروك ياأبيه ناجي

......

لاحظت يُسر أن امنية بدأت ترتجف بشدة ودموعها تزداد..لتقطع حديثها قائلة

-كفاية كدا انهاردة..قومي روحي وهسألك سؤال عايزاكي تقوليلي إجابته المره الي جايه


صمتت أمنية وهي تمسح دموعها بأنامل مرتجفة

لتُتابع يُسر بحزم قائلة...

-مين الي دمر حياة التاني فيكم..انتي ولا بدر !

وخصوصًا اننا لحد دلوقتي منعرفش بدر حصلها ايه في البلد عشان ترجع عدائية وكارهاكي كدا


لم تستوعب أمنية سؤال يُسر سوا بعد دقيقة أو أكثر

خاصة عندما تذكرت سبب من أسباب طلاق ناجي وبدر..لتتسع عيناها بفزع وقد شحب وجهها وهي تُفكر في الطرق البدائية لعقاب الفتيات في البلدة

وخاصة إن كانت الفتاة على علاقة بشاب ...!


نظرت للطبيبة بفزع وقد ادركت ان يُسر قد توصلت لما توصلت اليه...لتُدرك أن بدر تعرضت لعذابٍ أشد

لتتذكر تلك الجملة التي قالتها لها بدر حينما حبستها داخل منزلهم عقب زواج بدر وناجي


صرخت بدر في وجهها بجنون وهي تُمسك بالسكين

"تعرفي انا كنت كارهاكِ اوي لما رجعت من البلد..عارفة حصلي ايه هناك ياأمنية جرحو كرامتي كابنت..بس انا قولت مجرد عقاب ووجعوا راح حتى لو مش هنساه..بس بعد مااتجوزت..عرفت ان اثره مش هيروح ابدا..اتاريهم ساعتها جرحوا كرامتي وانا بنت..ونهوا مستقبلي وانا ست..تحبي اعمل فيكي زي الي عملوه فيا واخليكي زيي !"


صرخت أمنية بفزع عندما استفاقت من تلك الذكرى لتضع يدها على فمها بفزع..لتتنهد يُسر بخيبة وقد أدركت ان تلك العلاقة شائكة..وكل أطرافها مشوهيين للغاية...!

***

رواية رُد قلبي

الفصل الثاني والثلاثون الجزء الأول " غضب الشتاء "

...................................

كانت نائمة على فراشها بجسد يرتعش مع صوت الرعد والمطر..الغطاء السميك الذي يُغطيها لم يقيها من فزعها أثر نوبات غضب الشتاء

رواية رُد قلبي
نهاية الجزءالاول 
الفصل الواحد والثلاثون حتي الفصل الخامس والثلاثون والاخير

وعقلها النائم يعيد ذكريات الماضي حينما تصرخ بفزع وهي تسمع خبطات المطر على زجاج النوافذ

لتركض مختبئة بين أحضان جدها باكية بفزع

ليحتويها كامل بين ذراعيها وينفث في كفيها الهواء الدافئ ويُتمتم بكلمات لطيفة تُنسيها خوفها


ولكن مع صوت الرعد وهو يضرب السكون بعنف لتعاود البكاء بشدة وهي تُخبئ وجهها في صدره هاتفة...

-بابا انا بكره الصوت دا اوي


كان يبتسم مُعاتبًا ويقول..

-حد يكره رحمة ربنا بردو ياحبيبتي

دا صوت المطر جميل


نظرت لعيناه بعدم فهم لتُردد بعبوس..

-يعني ايه رحمة


عقد كامل حاجبيه وقد عجز عن تفسير معاني تلك الكلمة العظيمة..لطفلة لم تبلغ الثمانِ سنوات ليتنهد قبل ان يتحدث بهدوء ويُسر..

-بصي ياغزالتي الرحمة دي يعني الرقة أو الرفق

يعني مثلا انتي لو شوفتي قطة ضعيفة محتاجة عطفك ورقتك..هتعطفي عليها ولا هتسيبيها


ردت مُجيبة..

-هعطف عليها واديلها الحليب تشربه بدالي


همهم كامل باسمًا ليقول..

-طب ولو القطة دي متمردة وشريرة وبتتشاقى بس بردو محتاجة عطفك..هتعطفي عليها ولا لا


عقدت حاجبيها بتفكير لثوان ثم هتفت..

-لا عشان هي شريرة مش هعطف عليها


-طب ولو واحدة صاحبتك عرفتي انها بتعمل حاجة غلط..والبنت دي مبتسمعش كلامك ومبتعملش الواجب وبتضرب زمايلها ساعتها هتقولي للمدرسة على الحاجة الغلط ولا هتداري عليها


-لا هقول للميس عشان تعاقبها وتضربها وهقول لصحابي انها وحشة


عقد كامل حاجبيه بضيق ولكن تابع..

-بس دا غلط ياغزال..مفروض الرحمة انك تعطفي على الي محتاجك وهو غلبان..والي محتاجك وهو قوي..مفروض تعطفي على القطة حتى لو شقية

ومفروض ترحمي صاحبتك ومتفضحيهاش قدام زمايلها وتقولي انها وحشة..زي ماربنا بيرحمنا رغم اننا اوقات مبنصليش في وقت الصلاة..او بنتكلم على حد..او بنزعل حد مننا3


رغم كل دا ربنا بيرحمنا وبيعطف علينا

وبيدينا هوا نتنفسه وبيدينا مطر يكبر زرعنا

وبيدينا شمس تدفينا ..وبيدينا أكل وشرب وفلوس وبيت وبيدينا ناس بيحبونا..اخوات واصحاب وجيران..هي دي الرحمة ياحبيبتي


همهمت غزال بفهم قبل أن تقول بخفوت..

-طب هو ربنا زعلان مني


-لا طبعا ياحبيبتي ليه بتقولي كدا


لعبت بأصابعها لتقول..

-عشان ربنا مدانيش بابا وماما


دمعت عين كامل بحزن وضمها الي صدره مواسيًا قبل أن يقول بلطف..

-لا ياحبيبتي..ربنا رحم ماما وبابا وخدهم فوق في جنته..ورحمني واداني انتي ياغزالتي

كنت وحيد وحزين فـ بعتك ليا عشان اكون مبسوط


بتهجت ملامحها لتقول...

-انت مبسوط بيا كتير !+


همهم باسمًا وهو يُقبل وجنتها بقوة..

-دا انا مبسوط بيكِ قد البحر


ليصدح صوت الرعد بقوة من جديد لتنتفض بفزع وتختبئ في صدره ليضحك وهو يربت على رأسها..

-متخافيش الشتا غضبان دلوقتي بس هيبقا كويس الصبح


همهم وهي تسرق من دفئ عناقه الحنون وتغمض عيناها براحة وتنام قريرة العين

ولكن الآن..لا تشعر سوى بالصقيع وصورتها مع جدها تتلاشى وتتبخر من أمام عيناها المُغلقة


لتصرخ بقوة وتنتفض حينما صدح الرعد بقسوة

جعلتها ترتجف بردًا ورعبًا

نظرت حولها سريعًا تتأمل ظُلمة غرفتها بخوف..لتقف سريعًا من الفراش وتسير متخبطة في ظلام الغرفة..لتصل لزر الكهرباء الرئيسي وتضغط عليه لينتشر النور حولها


سارت لغرفة كامل سريعًا لتختبئ في صدره خوفًا من غضب الشتاء..ولكن ظلمة غرفته جعلتها تشهق خوفًا..لتُنير الغرفة وتنظر لفراشة الخالي بخواء

وهب تقول لنفسها بأسى..طالت سفرته تلك المره

طالت وطال غيابه عنها


دمعت عيناها وتمنت الآن لو تكون ريشة جوارها

تشاطرها غضب الشتاء وظُلمة الليل..جلست على فراش كامل وتكورت في نفسها لتعطي جسدها بعض الدفئ.. وعيناها تذرف دمع الوحدة والخوف1


عُبيده

قفز اسمه لعقلها لتنتفض سريعًا وتخرج من الغرفة لتصل لباب الشقة بعد ركض قصير..تجاهلت النظر للساعة التي تُشير للثانية صباحًا لتفتح الباب وتخرج وتغلق خلفها..ثم صعدت الدرج بسرعة مماثلة لتصدر ضجيجًا عال وسط سكون البناية


وقفت أمام شقته وضغطت زر الجرس مطولًا مرة وأخرى..ليفتح عُبيده أخيرًا بملامح ناعسة قلقة ليقول سريعًا..

-مالك ياغزال في ايه

رواية رُد قلبي
نهاية الجزءالاول 
الفصل الواحد والثلاثون حتي الفصل الخامس والثلاثون والاخير

تحدثت بإرتجاف وصوت المطر يصدح تزامنًا مع صوت الرعد لتقول بخفوت..

-الدنيا بتشتي وانا خايفة اوي


فُتحت عيناه لآخرها وهو يسمع كلماتها الغريبة

ليقول بعدم استيعاب..

-انتي طالعة الساعة 2بليل عشان تقوليلي ان الدنيا بتشتي ياغزال !


حركت رأسها بإيجاب لتقول بخوف صادق..

-انا متعودتش اقعد لوحدي وجدو مسافر..وريشة مشيت..والست ام عماد دي راحت بيتها

وانا خايفة اوي


تأملها للحظات واستوعب وقوفهم على الدرج بمنامتها الشتوية التي تلتصق بجسدها كحال كل ثيابها..في تلك الساعة المتأخرة

صمت لثوان قبل أن يقول..

-طب انزلي ياغزال وانا هتصل بيكِ واكلمك لحد ماتنامي..تعالى ننزل وادخلي اوضتك اول ماتمسكي الموبيل هتلاقيني بكلمك للصبح لحد ماتنامي


همهمت بضيق واتجهت لتهبط الدرج..ليتجده خلفها يهبط الدرج معها ليقفوا أمام باب المنزل ويقول..

-يلا افتحي وادخلي


عبست لثوان قبل أن تشهق قائلة..

-انا قفلت الباب ومعيش المفتاح


حدق بوجهها لثوان ولم يستوعب ايضًا كلماتها وكأنه أُصيب بالغباء فجأة ليقول...

-يعني انتي خرجتي من الشقة من غير ماتاخدي المفتاح وقفلتي الباب ياغزال !


حركت رأسها كاطفلة مُذنبة ليكتم تأوه عنيف

وهو يكاد يوبخها على غبائها وتهورها ولكن صمت لتقول بخفوت...

-طب هنعمل ايه


حاول عُبيده ان يخرج نبرته هادئة..

-هنحاول نتصل بأم عماد لو تبعت حد من ولاد اختها بالمفتاح عشان تعرفي تدخلي


صدح صوت الرعد من جديد لتنافض جواره بخوف وتُمسك بيده بقوة ليتنهد عُبيده وهو يقول لنفسه..

-ماهو اكيد محدش هيعرف يجي في الجو دا


تنهد ليقول..

-تعالي ياغزال تعالي


صعد الدرج ولازالت تُمسك بيده ..ليفتح شقته ويدلف..وتدلف معه دون تردد ..ليغلق الباب ويُشغل الأنوار لينتشر الضوء في أرجاء الشقة

ليتنهد قائلا بضيق..

-ادخلي نامي في اوضتي جوا..وانا هنام على الكنبة هنا..ولا اقولك استني ادخل اجيب مخده ولحاف


سارت غزال خلفه للغرفة..لترى تلك الغرفة الأنيقة والمُرتبة بعناية بإستثناء فراشه المُجعد أثر نومه

لتراه يُمسك بوسادة..ويفتح الخزانة ويخرج شرشف ثقيل ووضعهم أرضًا..ثم رتب فراشه لتنام عليه بعده


حمل أغراضه والتفت ليراها واقفة خلفه تنظر لغرفته  نظرة مطولة..ليرتبك من وجودها ويقول وهو يشيح بعيناه عنها..

-تقدري تنامي وتقفلي عليكِ الباب بالمفتاح..ولو عوزتي اي حاجة البيت قدامك اعملي الي انتِ عايزاه


كاد يخرج ليجدها تُمسك يده قائلة..

-هتعرف تنام على الكنبة


نظر لها وكأنها كائن غريب..وصوتٍ ساخر داخله هتف

"ولو مش هعرف انام عليها يعني اييه هنام جنبك مثلا ! "


تجاهل الصوت الساخر ورد بإقتضاب..

-اه هعرف نامي انتِ بس وارتاحي والصبح تكون أم عماد وصلت على خير


كاد يخرج مره اخرى لتهتف خلفه برقة..

-تصبح على خير ياعبوده


ارتعش جسده من تلك النبرة الناعمة مع دلالها لإسمه

ليُدرك أنهم ماعدوا إثنين في الغرفة..وأن الشيطان بدء بحشر أنفه بينهم ليتجسد في صوتها الناعم


كتم تأوهًا متأثر منه ليقول بصوتٍ بارد..

-وانتِ من اهله


خرج من الغرفة سريعًا وأغلق الباب خلفه وهو يطلق زفير عالي من صدره..ويتجه الى الأريكة ويُلقي الوسادة عليها ويرتمي متلحفًا بالشرشف وضربات قلبه العالية تصم اذنه ليُغمض عيناه بقوة ويحاول تشتيت ذهنه عن وجودها في الغرفة أمامه

                              ***

كان صالح جالس في غرفته..شارد الذهن واجم الوجه..عيناه مُسلطة على نقطة وهمية..وقلبه مُعلق بليلة غائمة..ليلة برقت ورعدت وأمطرت في قلبه ثم غادرت..ليلة لا تُنسى ولن تُنسى ابدًا1

رواية رُد قلبي
نهاية الجزءالاول 
الفصل الواحد والثلاثون حتي الفصل الخامس والثلاثون والاخير

اغمض عيناه بقوة وهو يحاول استرجاع هيئتها أمامه عندما رأها أول أمس في أحد المولات كان يتنزه مع جودي وقد اصطحبها للغداء في أحد المطاعم وشراء بعض الهدايا لأولاد شقيقته


ليراها أمامه تسير جوار والدها..مُبتسمة لحديثه

تبتسم بطريقة جعلت قلبه يقفز كالطفل الصغير الذي أمسك عصفورة ملونة جميلة1


ولكنها لم تكن عصفورة ملونة..بل كانت حمامة بيضاء تتشح بسواد حزنها..الذي انعكس على بنطالها الأسود وكنزتها السوداء كذالك..ولكن مع كل هذا السواد وتلك الكآبة..كان وجهها كهالة النور التي تُضيئ ليلته المُعتمة


بلع رمقه عندما نظرت له صدفة وتعلقت عيناها الجميلة بعيناه التائهة..تلك العينان التي تستجديها الإقتراب..والإندماج معه..عيناه تطلب قربها

تُرى لِمَ يطلب قُربها وهو يسير جوار زوجة المستقبل1


وقف والدها أمام أحد المحلات وحدق بالمعروضات

لتقطع تواصل العيون وتنظر الى ماينظر له والدها

ليشد صالح على يد جودي قائلا بلهفة..

-تعالى

نظرت له جودي بدهشة لتلك اللهفة التي تُناقض هدوئة وطبيعته الباردة..لتراه يتجه الى فتاة ورجل خمسيني..حدقت بالفتاة لتجدها ليلة التي كانت تعمل معهم بالمكتب


ليقف صالح أمامهم ويحمحم لينظر له والد ليلة ويهتف مُرحبًا بحفاوة..ليبادله صالح الترحيب..وعيناه مُعلقة على وجه ليلة التي هربت بعيناها عنه

وتشاغلت بالسلام على جودي


ثم نظرت ليده التي امتدت للسلام عليها..نظرت ليده للحظات ثم لوجهه وعيناه التي تلمع بطريقة تجعلها ترتبك..لتضح يدها في يده بعد تردد ليقبض على يدها بقوة وحنين غريب يضرب وجهه قبل قلبه

ليقول بصوتٍ أجش مُحمل بنبرة مُثقلة بالإشتياق...

-ازيك ياليلة1


سحبت يدها من يده بصعوبة لتهتف بإرتباك وهى تنظر لجودي التى تحدق بها باسمة..

-امم الحمدلله..حضرتك عامل ايه


لا يعلم كيف خرجت منه كالقذيفة التي كادت تفجر أحشائة لو لم يقُلها...

-بقيت كويس1


شخصت عيناها بقوة وتوردت وجنتيها لتشيح عيناها ليتمالك نفسه سريعًا ويقول ناظرًا لأباها..

-بقيت كويس لما شوفتكم والله1


همهم والدها باسمًا وانتهى اللقاء السريع بعدما اعتذرت ليلة عن رغبتهم للذهاب وإنجاز بعض المهام

وبعد الكثير من عبارات الوداع


رحلت ليلة مع اباها..ومعها قلبه كاكل مره تأتي وترحل ومعها جزءًا منه ..ليشرد بعدها وهو يعاود تكرار رؤيتها في عقله مرارًا وتكرار..يُشبع قلبه المتعب بطيفها الهارب..وفي كل يوم يشعر وكأن هناك قيد جديد إلتف حول قلبه ليُكبله جيدًا بـ ليلة1


تنهد وفتح عيناه ليقابلة وجه والدته التي كانت تحدق به من مدة وتهتف بإسمه لينتفض بتفاجؤ ويعتدل في فراشه قائلا...

-ايه الي مصحيكي دلوقتي ياماما


لم تجب والدته فورًا تمهلت قبل أن تقول...

-انا الي بقالي وقت بكلمك وبسألك السؤال دا ياصالح

مالك يابني في ايه


تنهد صالح وابتسم ليقول..

-انا زي الفل ياامي مالي بس


صمتت والدته وأعادت صياغة سؤالها لتقول..

-طب خطيبتك مالها..كلمتها امبارح وانهاردة وصوتها مش ولابد .مره تقولي انها صاحية من النوم ومره تقولي برد..انت مزعلها ياصالح !


جودي !

مابها..حادثها منذ ساعات وكانت تتحدث بطريقة معتادة..لم تتحدث بتلقائية كعادتها..ولكن لم يُفكر مرتين في هذا الأمر..ولم تتصل بكثرة في اليومين

ولكن أيضا اودع ذالك لإنشغالها في العمل وانشغالها في اي شيئ أخر..مابها جودي !2


من عقدة حاجبيه فهمت والدته أن لاشيئ حدث بينهم لتقول بعد صمت...

-انت بتحبها يابني


تلقائيًا ترائت صورة ليلة أمامه

ليلة مُرتبطة في عقله بكلمة حُب !

هل يحب ليلة !1


ليهتف بشرود...

-معقول بحبها !


إبتسمت والدته لتقول..

-ومش معقول ليه..دي حتى بنت جميلة وطيبة واهلها ناس كويسين رغم اني محبش ان عيلتها تكون أكبر من عيلتك عشان متحسش انك قليل وسطهم..بس الحق لله الناس كويسة

عبس وجه صالح ليقول..

-اها جودي كويسة


ليهتف صوت داخلة بحنق

"كويسة..بس انا عايز ليلة"1


-طب كشرت كدا ليه..انا قلبي مش متطمن ياصالح


حدق صالح بوجه والدته الحنون وهو يُدرك أن حدثها صحيح..وان آخر طريقة العثر صدمة له..صدمة حينما يعلم أن تعلقة بليلة تعلق ميؤس منه وأن مصيرة الأخير لجودي..وأما ليلة سينعم بها ساهرًا أخر


ليهتف بلوعة عند الخاطر الأخير..

-ولا انا قلبي مش متطمن


-طب قولي يابني لو في حاجة اتدخل واصلح بينكم

جودي صوتها زعلان اوي

رواية رُد قلبي
نهاية الجزءالاول 
الفصل الواحد والثلاثون حتي الفصل الخامس والثلاثون والاخير

-ياأمي والله مافي حاجة..بس انا هكلمها الصبح واشوف مالها متقلقيش..ولو في حاجة هراضيها

انشرح وجهها لتقول داعية...

-يارب يصلح حالكم ويبعد عنكم اي شر

ولو ليكم خير في بعض يقربكم ولو شر يبعدكم يارب


هتف قلبه قبل لسانه...

-يااااارب ياأمي يااارب

                                ***


رواية رُد قلبي

الحلقة الثانية والثلاثون الجزء الثاني"غضب الشتاء"

.......................................

فتحت أم عماد الباب ودلفت داخل الشقة بعدما خلعت جزمتها خارجها لكسافة طين الشتاء حولها

اغلقت الباب وهي تضع حقيبتها جانبًا..واتجهت للمطبخ لتضع أكياس الخضراوات الطازجة


تأوهت وهي تنظر لصورة الحاج كامل رحمه الله لتهمس بصوتٍ حزين...

-الله يرحمك ويحسن اليه ويجعل مأواه الجنة يارب

ااااخ ياحج كامل البيت من غيرك ولا ليه لازمة


مسحت عبارتها التي هبطت حزنًا على المتوفي ثم اتجهت لغرفة غزال لتوقظها..ولكن وجدت الغرفة خالية..رفعت حاجبيها بدهشة لتتجه لغرفة كامل لتجد الضوء يعم الغرفة ولكن لا أثر لغزال ايضا


اتجهت لباقي غرف الشقة لتجدها خالية ايضا !

انسحبت انفاسها بخوف وهي تنظر لساعة الحائط التي تُشير للتاسعة صباحًا..اين ذهبت تلك الفتاة !


امسكت هاتفها ودقت على رقمها بقلق لتجد صوت الهاتف ينبعث من غرفتها،لتشهق بفزع...

-يالهوي البت راحت فين..دي عقلها طاير وممكن يكون حصلها حاجة


سارعت بالخروج من الشقة واتجهت سريعًا لأسفل البناية حيث حارس العقار لتقول بقلق..

-راضي..ياااراضي


خرج راضي من شقته الصغيرة الجانبية ليقول..

-خير ياست ام عماد في حاجة..الأسانسير عِطل تاني !


-اسانسير ايه بس..فين غزال مشوفتهاش نازلة!


نفى راضي قائلا...

-لا الست غزال منزلتش تقريبا..البوابة متفتحتش من الصبح الا لما انتي دخلتي..محدش من السكان نزل عشان الشوارع غرقانة مطر والكل خايف من الجو

أصل الأرصاد الجوية قالت إن


قاطعته ام عماد بخوف...

-امال راحت فين..نزلت امبارح يعني !

يانهار اسود


-مايمكن عند حد من الجيران طيب

يمكن عند الست امنية اصل المحروس رامي ابنها قال ان امه تعبانة شوية..واغلب السكان بيزوروها بقالهم كام يوم..يمكن الست غزال راحتلها


قاطعته ام عماد متجاهلة ثرثرته التي لا تتوقف..

-ساكنة فين ام رامي دي


-في الدور الرابع الشقة الي على اليمين أصل جوزها الاستاذ ناجي


تجاهلته ودلفت المصعد وضغطت على الدور الرابع واغلقت الباب ليصعد بها حيث أرادت..لتجد هاتفها يدق برقم خالد..ذاك الشاب الذي أمسك بكل أعمال كامل بعد وفاته..وصار يتصل بها بإستمرار ليعلم كيف حالة غزال وإن كانوا يُردن شيئ..أجابت على إتصاله سريعًا لتقول..

-ايوة يااستاذ خالد..كنت لسه هكلمك انت او الاستاذ عبيده..انا روحت امبارح ابات مع ابني واختي عشان ابني تعبان..رجعت دلوقتي لاقيت البيت فاضي والست غزال مش جوة


إنتفض خالد على الطرف الأخر ليقول..

-مش في البيت يعني ايه..راحت فين يعنيفي الجو دا!

-والاه مااعرف..انا نزلت للبواب اسأله لاقيته بيقولي محدش نزل من الصبح..يبقى نزلت بليل، وموبيلها كان في اوضتها..انا طالعة اسأل عليها الجيران


-انا جاي حالا ياام عماد

أغلق خالد وقلبه ينتفض خوفا على أمانة كامل

وحبيبة مراهقته وشبابه..كيف يصيبها سوء في وجوده..هل تثاقلت عليه الأعمال وأهمل وصية كامل

صار يلوم نفسه وقلبه يدعو الله أن تكون غزال بخير

رواية رُد قلبي
نهاية الجزءالاول 
الفصل الواحد والثلاثون حتي الفصل الخامس والثلاثون والاخير

بينما ام عماد طرقت على باب أمنية..ليفتح لها بعد دقائق شاب تحدث لها بتهذيب..

-اي خدمة يامدام !


تحدثت بقلق تقول..

-مش دي شقة الست ام رامي


-ايوة هي..وانا رامي اي خدمة


-طب غزال بنت الحج كامل الله يرحمه مطلعتلكوش

اصل البواب قالي ان والدتك تعبانة والجيران بيزورها..فا بسأل لو مشوفتوش الست غزال انهاردة


نفى رامي قائلا...

-لا خالص محدش طلع انهاردة..وبعدين الساعة دلوقتي 9 الصبح مظنش انها ممكن تطلع دلوقتي


لطمت ام عماد على صدرها بلوعة قائلة..

-طب راحت فين دي ياحبة عيني دماغها مهفوفة من ساعة ماالحج مات


-متقلقيش ثواني انا هلبس وانزل ادور معاكي وممكن تكون عند حد تاني من الجيران2


توقف المصعد ليخرج منه راضي قائلا..

-مراتي راحت تخبط على الجيران وتسألهم عليها

ملقتيهاش عند ام رامي


من وجهها الباكي علم انها لم تجد غزال ليقول...

-طب انا هنزل اخبط على الاستاذ عبيده خطيبها يمكن يعرف راحت فين


اتجه راضي وام عماد لشقة عُبيده بينما رامي دلف يرادي ملابسه ويبحث عنها معهم..وانضمت زوجة راضي لهم حينما طرقوا باب عُبيده عدة مرات


استفاق عُبيده على صوت الطرقات العالية ليقف بنعاس من الأريكة التي الحقت الضرر بظهره وعظامه

ليفتح الباب ولازال النعاس يسيطر عليه

ليرى ام عماد وراضي البواب وزوجته ليقول..

-ايوه


هتفت أم عماد بقلق وعيون دامعة..

-الحقني يااستاذ عُبيده وصلت من شوية ملقيتش غزال تحت وراضي بيقول محدش خرج وهي مش عند حد من الجيران


تعالت دقات عُبيده وقد استفاق تمامًا ليحاول التماسك قائلا..

-ثواني اغير هدومي واطلعلك ياام عماد

انزلي الشقة ودوري عليها كويس..وانت ياراضي انزل واحنا هنتصرف


همهم راضي بضيق وقد أراد العلم أين غزال ليأخذ زوجته وغادروا من أمام شقته..وكذالك ام عماد التي هبطت هي ايضا بعدما حركت رأسها بإيجاب


ليدخل عُبيده ويغلق الباب سريعًا وهو يمسح على وجهه..التفت ليتجه لغرفته ويطرق الباب قائلا بصوت منخفض...

-غزال..غزال اصحي..غزال


لم يتلقى اي إجابة..ليفتح الباب الذي ظنه مُقفل من الداخل..ولكنه فُتح ليطالع تلك النائمة على فراشة وتدفئ بين اغطيته وتحتضن وسادة بين يداها


ضربات قلبه العالية عادت تضرب اذنه ورأسه من جديد ليبتلع رمقه ويقترب من الفراش ليوقظها

وقف أمامها ليجلي صوته قائلا...

-غزال..غزال


ايضا لم تستيقظ من نومها العميق..ليجلس جوارها يتأمل وجهها الأبيض مطولاً وخصلاتها التي تسعثت خلفها من نومتها المُتقلبه...ملامحها المشدودة أثناء نومتها وكأنها ترى حلم سيئ للغاية


وشفتيها التي افترقتا بفُتحة صغيرة كالأطفال في نومهم...كانت فاتنة للحد الذي يجعله يود لو ينظر لها دائما دون ملل..ولكن عقلها الصدئ يجعله ينفر منها دائما، غزال جميلة للغاية حينما تكون صامتة


ولكن حينما تتحدث بتلك العجرفة تجعله يود لو يصفعها لتُدرك أن الناس سواسية وأنها ليست أفضل الناس لتتكبر وتتجبر كما تفعل مع ريشة


وللحقيقة أيضا..غزال تكون أجمل وهي نائمة

وجهها خالي من أي اصباغ وأي تدخلات خارجية منها..تظهر الآن بنقاء يفقده صوابه..يجعل يود لو يقترب منها..مثلما إقترب الآن


يود لو يُقبل عيناها النائمة بعمق..ويتلمس بشرة وجهها الناعمة ويُمسد شعرها بتلك الرقة كما الآن

او مثلا لو يقترب من ثغرها اللاذع ويختبر مدى طراوته كما يبدو الآن


كاد يستسلم لشيطانة ويفعل ما سولت به نفسه ولكنه لآخر لحظة أغمض عيناه بقوة وتراجع مجاهدًا نفسه بقوة ألا يغتصب ماليس له الآن


كاد يغتصب شفتيها بقبلة محرمة..كاد يستغل نومها بفعل شنيع ولكن إستفاق قبل أن يفعلها ويخسر اولىٰ مبادئه...وقف سريعًا يلتفت بعيدا ويقول لنفسه

هو بشر..والبشر يضعف ويُخطئ ويتوب..من الجيد انه لم يُكمل طيشة


ليسمع غزال وهي تقول بصوت متحشرج من أثر النوم...

-عبوده


أغمض عيناه يعتصرها بقوة..جهاد النفس صعب للغاية..محاربة نفسه أن يأخذها بين أحضانة ويُعانقها بقوة ويقبلها أصعب شيئ قد يقابله في جهاد نفسه في تلك اللحظة..خاصه بهذا الصوت وتلك العينين الناعستين...ليقول بثقل...

-قومي ياغزال بسرعة..ام عماد جت وملقتكيش ولمت الجيران وبتدور عليكي..


إعتدلت في الفراش لتقول وهي تتمطئ..

-طب وانا هعمل ايه ولا انزل ازاي بلبسي دا


تأوه عُبيده وشعر بحجم الورطة التي وقع بها ليقول..

-ياربي طب وبعدين


-انت خايف من ايه..انت خطيبي

رواية رُد قلبي
نهاية الجزءالاول 
الفصل الواحد والثلاثون حتي الفصل الخامس والثلاثون والاخير

عاد ضيقه منها يظهر ليقول بحده..

-وجودك هنا دلوقتي غلط..وملوش اي مبرر انك تكوني مع راجل عازب في شقته..متخيله السكان هيبصولك ازاي !


عاندت غزال لتقول...

-بس بردو محدش ليه عندي حاجه والي هيتكلم كلمة بابا هيقفله ويطرده من العمارة


هز عُبيده برأسه بأن لا فائدة في تفكيرها المحدود وعقلها الصدئ لا فائدة

وقف يُفكر ثوان قبل أن يُدرك بأن واحدة فقط القادرة على إجراجهم من ذاك المأزق..وهي ريشة


***

وقفت في المطبخ ليلًا تُعد اي شيئ يؤكل في منتصف الليل..كاعادة قديمة لها في منزل كامل رحمه الله

حين يشتد بها الحزن والتفكير..تضور معدتها جوعًا بإلحاح..خاصة عندما انفصلت عن غرفة شَريف واتخذت غرفة جانبية لها..والمُريح ان شَريف لم يُعلق وكذالك أخواته..في منزل الصياد..كُلا يفعل مايحلو له


أمسكت صحن الجُبن "التُركي" وأخرجت عُلبة القشطة

لتفتحها وتبدء في وضع الجُبن بالخبز وفوقه القشطة البيضاء..انتهت من إعداد بعض الشطائر لترجع العُلب الي الثلاجة الضخمة والحديثة في مطبخ آل صياد


أمسكت أحد الشطائر وقضمتها وهي تنظر للثلاجة بتفكير

نظرت لسطح الثلاجة لتجد لوحة لمس لتضغط على أحد الأزار المرسومة..لتعرض الثلاجة بعض الصور لأدم وتقى وأولادهم فتحت فمها بإنبهار وتمتمت...

-تلاجة تاتش..بتعرض صور !


اتجهت بإصبعها الي زر أخر لتصدح موسيقى عالية جعلتها تشهق بذعر وهي نحاول ايقافها لتتوقف بالفعل بعد ثوان

تنهدت بإرتياح وهي تضع يدها على صدرها هامسة..

-التكنولوجيا دي فضيحة


ثم عادت تحدق في الصور المعروضة

لتحدق في وجه شَريف لثوان تتأمل خصلاته الناعمة والتي ورثها من أباه وامه..ووجهه المنحوت بطريقة رائعة

لا تُنكر أن شَريف وسيم للغاية..يُذكرها بأبطال ذاك المُسلسل الإيطالي التي كانت تتابعه منذ عام


يُشبه الإيطاليين الأقوياء..نسخة عن أدم الصياد

هل تلك العائلة في عروقها أحد إيطالي قام بتحسين النسل ليأتي الرجال وسيمين وأقوياء !


صوت أجش ضاحك جاء خلفها يقول..

-اه تقريبا جدتي اتجوزت ايطالي فا خدنا منهم شوية


شهقت ريشة بفزع وهي تنظر خلفها وتقبض على الشطيرة بيدها بقوة عنيفة من الخوف ...والإحراج !

كان شَريف يقف أمامها يرتدي كنزة رمادية ثقيلة وبنطال أسود..ويعقد يداه أمام صدره ويحدق بوجهها بتسلية


تورد وجهها من الخجل وأشاحت وجهها وهي تؤنب نفسها على تفكيرها بصوتٍ عال..بينما هو يحدق بهيئتها الطفولية مطولاً..ريشة فتاة صغيرة لم تُتم عامها الواحد والعشرون بعد..كيف يُقحم فتاة صغيرة بكل تلك الطرقات المتشابكة


حدق في وجهها وعنقها ثم انحدر بعيناه لكتفها الذي ظهر من أسفل منامتها الشتوية..عقد حاجبيه للحظات قبل أن يمد يده لكتفها يمسد جلد بشرتها الدافئ ويقول بدهشة ...

-ايه دا


انتفضت تبتعد عنه ونظرت للشامة البُنية أعلى كتفها..والتي تُشبه النمش الصغير لتُغطيها سريعًا هامسة بإرتباك..

-وحمة..ماما اتوحمت على تُراب زراعي


-تراب !


لم تكن تريد ان يطول الحديث بينهم لتتحرك للخارج وخاصة وجسدها يرتجف أثر لمسته لكتفها لتقول..

-بعد اذنك


أمسك شَريف يدها يوقفها لتلتفت له بنظرات تلتمع خوفًا غريبا..ربما لوقوفهم في المطبخ السبة مُظلم ليلا..او ربما لملامسته بأصابعه الباردة على جلدها الدافئ..او ربما لتلك النظرة الغريبة التي تلتمع في عين شَريف..نظرة وكأنه يود لو ....يلتهمها !


أمسك يدها بصمت وعيناه مُسلطة على وجهها المُرتبك

لتجده يتنزع شطيرتها من يدها..ويرفعها لفمه ويقضم منه وقد تحولت نظرته لنظرة متسلية..ليزيد إرتجافها وتفر من أمامه وكأنه عفريت..عفريت وسيم بعرق إيطالي يُدعى شَريف بفتح الشين وليس كسرها..


إبتسم شَريف على نظراتها المندهشة والخائفة قبل ان تفر من أمامه...ريشة كالزجاج..إن كُسرت ستجرح من أمامها بقوة..


خرج من المطبخ ولحق بالشرفة الخارجية للقصر

وتطلع حوله بصمت..لأول مره يشعر بإشتياق غريب للقصر..لأول مره وشعور غريب يكبر داخلة يطالبة بالقاء في المنزل وسط العائلة


صوت ساخر هتف داخله

"دا على اساس ان عندك رفاهية الرجوع..أدم بيه مضاك على ورق وإتفاق ..لو فكرت ترجع لورا مش هتقرب تاني"

رواية رُد قلبي
نهاية الجزءالاول 
الفصل الواحد والثلاثون حتي الفصل الخامس والثلاثون والاخير

عاد صوت التمرد الكاذب يصرخ بأذنه..ستعيش وتموت على إسم الصياد..ستبقى صورة باهتة خلف أدم..تختبئ خلف اسمه ونجاحاته ولن تحقق اي شيئ

الصوت الخبيث جعله يطبق فمه بعصبية..وهو يلوم نفسه على رجوعه مرة اخرى وورط معه فتاة لا ذنب لها بأي شيئ..تراه لما تزوجها


مالذي أراد إن يوصله لأدم بزواجه بفتاة صغيرة فقيرة..كان ينتظر أن يثور ويكتم غيظة ويشعر بتمرده عليه..


يال السخرية

أدم لم يفعل كل هذا..بل عامل ريشة وكأنها إبنته

لا يحتقرها أو يقلل من شأنها..بل يبدو راضٍ كل الرضا عن تلك الزيجة..إذا لما تزوجها هو !

هو الخاسر الوحيد في كل شيئ وكالعادة ربح أدم..في كل شيئ


قطع تفكيره صوت بُكاء مكتوم..بكاء ناعم يعرف صاحبته جيدًا..رفع رأسه لمصدر الصوت ليجده قادم من شُرفة..جودي !


سريعًا خرج من الشرفة واتجه لغرفتها ليطرق الباب قبل أن يدلف سريعًا..ليرى الشرفة مفتوحة وقد اختفى صوت البكاء..ليهتف بقلق..

-جودي

إقترب من الشرفة لتخرج جودي أمامه وعلامات البُكاء واضحة للغاية على وجهها لتقول بصوت مبحوح..

-في حاجة ياشريف !


أمسك شَريف يدها ليقول..

-مالك ياجودي بتعيطي ليه

حركت رأسها نافية لتقول بصوت ضعيف..

-مفيش بابا وماما وحشوني..وكلمتهم من شوية قالوا انهم مسافرين روما الصبح


حدق بها شَريف بشك ولم يقتنع بعذرها ليقول...

-صالح زعلك ياجودي


إبتسامة مريرة إرتسمت على وجهها وكادت تهتف

صالح يُحزنها!

صالح طيب القلب الهادئ الرزين !

صالح صاحب الخُلق والصبر !

صالح الراقي الذي يعاملها بإحترام وتقدير !

صالح ال...خائن !


صالح الذي يُقدم لها كل شيئ..المعاملة الحسنة والرُقي..يعاملها بحذر وكأنها جوهرة يخشى خدشها

قدم لها كل شيئ..عدا شيئٍ واحد..قلبه


-جودي

إنتبهت لوجه شَريف القلِق..لتبلع رمقها قائلة بهدوء..

-لا صالح كويس معايا..انا بس الي بقالي كام يوم متوترة من جو البيت..وغياب بابا وماما مش مساعدني ،متقلقش انا كويسة


لم يقتنع بأسبابها الغريبة التي لا تُقنع طفل صغير حتى..ولكن حرك رأسه بإيجاب وقال...

-تمام في اي حاجة قوليلي ياجودي


كاد يخرج ليستوقفه صوت جودي المتحشرج..

-متظلمش ريشة ياشريف..لو مش هتسعدها سيبها للي يسعدها..أمنلها حياتها وسيبها5


التفتت له واشتد وجهه ليُدرك أن ريشة قصت على شقيقته كل شيئ ليتنهد ويخرج من الغرفة ويغلق الباب خلفه..بينما جودي تحركت لفراشها وجلست عليه باكية من جديد..وهي تتذكر نظرات صالح لليلة


نظرت تملئها اللهفة والشوق..وكأنه يود لو تصير جزء منه..يحدقها برغبة مجنونة إنكشفت أمام عيون جودي بسهولة

ولأول مره ترى صالح مُندفع..خارج عن طور الهدوء والرزانة ويحركة الجنون...تتذكر حينما كانوا يسيرون ليجذبها من يدها سريعًا ويتجه لليلة


ثم مصافحتهم وإحتفاظه بيدها داخل يده بوقت كبير وحرج ليلة من نظراته..صالح يُحب أخرى

وهي باتت تُحب صالح..اي عذابٍ هذا !


توقفت عن البكاء للحظة وهي تُحدق في الفراغ

لتُمسك هاتفها سريعًا وتتصل بمريانا إبنة جواد

دقيقة ثم إثنتين لترد مريانا بمرح كعادتها ولكن تحدثت جودي بصوتٍ مرتجف..

-مريانا هبعتلك صورة بنت..وتقوليلي هي دي الي شوفتي صالح بيحضنها ولا لأ


صمتت مريانا للحظات قبل أن تقول..

-oky


اغلقت جودي معها وفتحت موقع التواصل الإجتماعي فيسبوك..وبحثت عن حساب ليلة

لتجدها صديقة مشتركة عند أحد زملائها بالعمل

لتفتح صفحتها الشخصية وتأخذ صورة واضحة لها


ثم اتجهت لمحادثة مريانا وأرسلتها بقلب يخفق بعنف ولسان حالها يقول ..

"أرجوك خيب ظني ياصالح..ارجوك"


ولكن وصلتها رسالة جعلت وجهها يشحب أكتر وشفتيها ترتعش بألم..لتقرأ كلمات مريانا

" نعم هى تلك الفتاة التي رأيته يعانقها ليلة خطبتهم..وكانت متفاجئة..لتدفعه وتركض بعيدًا بعدما أفلتها "

رواية رُد قلبي

الحلقة الثالثة والثلاثون " نتيجة لتجربة فاشلة"

...................................

كانت الأعمال المتراكمة أمامها سببًا واضح في وجومها

خاصة وأن أرق الليلة الماضية رسم خطوطة على ملامحها المتعبة..نظرت للساعة الموضوعة أمامها على المكتب لتجدها تُشير للثانية ظهرًا..إذًا جاء وقت الراحة أخيرًا

تنهدت وهي ترفع سماعتها وتطلب كوب قهوة سوداء بسكر زائد..لتستطيع شحن طاقتها ومتابعة العمل للسابعة ليلاً


أمسكت هاتفها وفتحت محادثة والدها والذي أرسل لها صباحًا بعض الصور له ولوالدتها..فتحت أحد الصور لتجد والدها يحاوط خصر تقى ويداها تلتف حول رقبته بتلقائية

إبتسمت وهى تراهم كاشابين في مقتبل عمرهم يترجعوا الحب من منبعة الأصلي


امعنت النظر في وجه والدها لتجده مرتاح البال..مطمئن القلب..وقد نال أخيرا إهتمام الواقفة جواره تعانقة بإبتسامة صادقة مثل قلبها الأبيض...رباااه هي تحب والدتها للغاية حتى ولو ظهر للجميع أن والدها هو المفضل لها..ولكن والدتها لها جزءًا كبير للغاية في قلبها

امها الحنونة والحازمة..تلك التي كبرت ورأت مدى عشقها لوالدها وصبرها على أي ضرر تسببه جدتهم لها

رواية رُد قلبي
نهاية الجزءالاول 
الفصل الواحد والثلاثون حتي الفصل الخامس والثلاثون والاخير

وصل عامل المقهى ووضع القهوة السوداء أمامها واستئذن ورحل من أمامها بعدما شكرته بهدوء

ارتشفت قهوتها الساخنة وهي تُفكر..تُرى ستجد من يحبها كما حب والدها لوالدتها..يعشقها وكأنها آخر نساء الأرض..!


رفعت وجهها عندما شعرت بوقوف أحدهم أمامها..لتجده موسى يطالعها بنظرات غريبة

ليُشير للقهوة التي أمامها قائلا.ً..

-ميعاد الغدا بتشربي فيه قهوة


ردها اللاذع حضر فورًا لتقول..

-المفروض اشرب ايه شربات !


إبتسم موسى بعكس رغبته في الضحك ليقول..

-انا مش بتخانق معاكي ياسيدرا براحة


سيدرا..!

يقول إسمها مجرد من أي ألقاب

ويبتسم بتلك الطريقة الجذابة

ويتكلم بذوق وهدوء !

مابال موسى أصبح يتمتع بذوق عالِ ويعاملها برفق

تراه يود أن يشرب كوب قهوة ويُمهد !

أم سيكلفها بأعمال تجعلها تدعو عليه طيلة اليوم ويخشى دعاء المظلوم..ام تراه ي..


قاطع تفكيرها وهو يقول ناظرًا في ساعة معصمه..

-تقريبًا قدامنا ساعة إلا ربع والبريك يخلص..وانا زهقت من أكل مطعم الشركة..هروح اتغدا في مطعم بره تيجي معايا !


ملامح الإستنكار ارتسمت على وجهها وكان الرفض واضح في عيناها وكادت تنطق به بلسانها ليُكمل..

-وبالمره نتكلم في تفاصيل الشغل الي هنفذه بكره


لانت ملامحها ولكن لازال رفضها موجود لتقول أخيرًا بحزم...

-لا اعذرني..نتكلم في الشغل لما ترجع

وانا هكمل شغلي على ما حضرتك ترجع


همهم موسى بإيجاب لتظهر صديقتها المقربة أمام بابا مكتبها قائلة..

-مساء الخير ازيك يامستر موسى

هاااي سيدا


بادلها موسى التحية وردد بدهشة..

-سِيدا !


ضحكت رُوڤان عندما لاحظت ملامح الإمتعاض على وجه سيدرا لتقول..

-اه اصلي دا دلع سيدرا


إبتسم موسى وضيق عيناه ليقول..

-مش لايق عليها خالص..تحسيه اسم بناتي اوي


رفعت سيدرا رأسها بحدة بينما كتمت روڤان ضحكتها  لتقول سيدرا موجهه حديثها لصديقتها..

-خير سايبة قِسمك وجاية هنا ليه


لم يظهر على روڤان اي ضيق من صلافة سيدرا لتقول الأخرى بتسامح..

-دا وقت البريك..قولت اجي اخدك واخليكي تجربي المطعم الجديد الي فتح قريب من هنا


رفعت سيدرا كوب قهوتها الي فمها لترتشف منه وتقول ...

-لا خليها وقت تاني عشان عندي شغل كتير..او روحي مع استاذ موسى كان لسه عايز يتغدا في مطعم


نظرت روڤان لموسى لتقول..

-لو ميضايقش حضرتك تيجي تجربه معايا عشان

انا لو اتحايلت عليها للصبح مش هتوافق


إبتسم موسى معتذرًا وقال...

-معلش اعذريني انا كمان..انا هطلب من مطعم الشركة وخلاص


تقبلت رڤان إعتذاره بصدرٍ رحب وخرجت من المكتب

لتعقد سيدرا حاجبيها وتقول..

-مروحتش معاها ليه !


أنكمش وجهه ببرود ليقول..

-ملكيش دعوة وخليكي في شغلك..ياسيد5


ثم تركها ودلف لمكتبه وصفع الباب خلفه بينما بهت وجه سيدرا لتهتف بعنف..

-سيد !


ليفتح باب مكتبه مره اخرى ويقول بجمود...

-وعايز فنجان قهوة مظبوط يجيلي وتجيبي الورق الي عندك عشان نكمل شغل طالما مش هتتغدي


ورجع وصفع الباب مره اخرى بينما سيدرا تحدق في الفراغ بدهشة..هل فقد عقله اين ذهبت نبرته الهادئة وذوقه الكاذب !

منذ دقائق فقط كان يحادثها بهدوء ودعاها للطعام في الخارج..بل ومازحها ايضًا2


رفعت الهاتف تحادث مقهى الشركة لتقول بحدة

-كوباية سم هاري مظبوط للأستاذ موسى زي مابيطفحها6


كتم العامل ضحكته وهو يقول..

-حاضر يافندم هتكون عند حضرتك بعد دقايق


اغلقت الهاتف بقوة وهي تتنهد وتهيئ نفسها لميزاجية ذاك المتقلب

                            ***

تنفست زينة بحنق وهي تطرق باب الكوخ على ذاك الغريب..ولكن لا رد يأتيها..لتنفخ خديها وتعاود الطرق بالقوة هاتفة...

-افتح ياأخينا خلصني


استيقظ وائل من نومته على طرقات الباب وصوتها المنزعج..ليقف ويفتح الباب قائلا بملاح عابسة..

-نعم عايزة ايه


لوت شفتيها ساخرة وهي تضع يدها حول خصرها..

-وانا هعوز منك ايه يعني..انت الي عايز

اطلع بره انضفلك الكوخ


إلتفت وائل الي الكوخ خلفه ينظر له مليًا ليقول..

-لا مش محتاج تنضيف انا نضفته لنفسي

شوفيلي حل في الماية الي بتنزل هناك دي


أشار لنقطة مافي سقف الكوخ لتجد نقاط الماء تهبط ببطئ في أحد أركان الكوخ أثر الماء المتجمع فوقه

لتقول بوجوم...

-ودي اشوفلك ليها حل ازاي ان شاء الله

اطلعلك فوق الكوخ وازيح الماية..ولا اشتغلك سدادة واسدهالك من جوا


تجعد وجه وائل بضيق ليقول...

-بت انتي اجري من هنا مستغنين عن خدماتك

ومتخليش رضوان يبعتك تاني


ضحكت هازئة وهي توليه ظهرها قائلة..

-حوش حوش انا الي هموت واجيلك وهقطع نفسي عشان اخدمك برموش عنيا


أغلق وائل الباب بعنف خلفها ليسمع صوتها..

- قليل الذوق صحيح..والله لاوريك يارضوان لو فكرت تبعتني ليه تاني


همس وائل بضيق وهو يرتمي على الفراش الصغير..

-عيلة لسانها أطول منها اعوذ بالله


شرد بعيدًا تماما عنها وعن بلدتها الغريبة

وذهب عقله لبيته ووالديه وشقيقاته..كما اشتاق لهم

كم اشتاق لعمله ورفقائه..واشتاق لعبيده ايضًا..ولكن مايمنعه عن التحدث إليه خشيته من أن يضعف ويصغط عليه ليعلم أين هو الآن..وهو لا يملك الجرأة بعد ليعود اليهم


ربما استطاع لو نسيان ماحدث ربما..ربما عاد لهم من جديد..ولكن في الوقت الحالي لن يستطيع وضع عيناه في وجه اي فرد من عائلته..وخاصة ليلة


أغمض عيناه بحسرة...آاااه ياليلة

ليتك لم تحبيني..ليتك لم تركضي خلفي كاطفلة باكية ترتجي حبي..ليتك لم ترمي بذنبي في وجهي

وتتركيني أحارب شيطاني..ليتك لم تتبعيني او تسامحيني..


ألف ليت وألف تمني..والنتيجة واحدة..كاد يغتصبها ثم هرب بعيدًا عنهم..هرب بندمه وضعف نفسه

كانت علاقتهم خاطئة من البداية..لذا نتيجتها ليست صادمة...فراقهم ليس صادم


ولكن ماكاد يفعله كان أكبر صدمه له ولعائلته

ولكن شيطانه يخبره أنها لم تكن صادمة بالنسبة له

علاقاته النسائية الكثيرة كانت دليل على سوء خلقه

كانت علاقاته تبدأ بضحكة وعشاء فاخر ثم ينتهي به الحال في الفراش مع إمرأة غريبة


وكان فخور للغاية بذاك الأمر رغم تحذير عُبيده له في كل مره يراه مع إمرأة في مكان ما يقول..

"الي انت بتعمله دا غلط ياوائل إفتكر اخواتك وخطيبتك..وبلاش تسعى انك تدوق من نفس الكاس"


ليرد عليه بسخرية ويقول..

"متشكرين لنصايحك ياشيخ عُبيده"


لم يكن يتخيل انه سيتذوق الكأس في نفسه وخطيبته..ياالله..كاد يهتك عرضه بنفسه

لولا ذاك الشاب الذي أبرحه ضربًا لكان إرتكب جريمة لن تُمحى أثرها ولو بكى دمًا


طرقات خافتة على الباب جعلته يفتح عيناه الحمراء ويطالع الفراغ أمامه بصمت..في هذة اللحظة لن يستطيع تحمل كلمة واحدة من سليطة اللسان

سينتقم من نفسه فيها ويصفعها على وجهها الوقح


وقف ببطئ وفتح باب الكوخ ليرى وجه الصغير شقيقها وهو يُمسك صحن كبير يفوقه حجمًا يحمله بصعوبة ...ليحمله عنه سريعًا ليتنهد الطفل بإرتياح قائلا...

-اللهي تزور الحج دا انا كنت هقع بيه وكانت ام رجل مسلوخة هتاكلني


إبتسم وائل ووضع الصحن أرضًا وأدخله الكوخ قائلا..

-مين ام رجل مسلوخة دي


عقد ناصر حاجبيه ليقول بحسرة طفولية..

-هو في ام رجل مسلوخة في البلد غير زينه

دي بتخوف ولا البُعبع..ياسيدنا دي بتضربني بالشبشب ابو وردة


ضحك وائل وهو ينظر للصغير ليقول..

-بطل تزعلها وهي تبطل تضربك


زم ناصر شفتيه بعبوس..

-ماهي دايما زعلانة..ومعني كدا يبقا مش هتبطل تضربني ابدا


صمت وائل ونظر للصحن الكبير قائلاً..

-ايه دا ياناصر


-دي شوربة عدس وعيش مقمر وبصل أخضر وشوربة فراخ ونايب كبير اكبر من نايب ام رجل مسلوخة


ضحك وائل من جديد ليقول..

-طب وجايب الأكل دا ليه


-راضوان قال لام رجل مسلوخة تجيبلك الأكل بس هي شيلتني الصحن فوق راسي وقالتلي روح اديه الطفح دا


تجهم وجه وائل ليقول بضيق..

-قالت اديه الطفح !


همهم ناصر قائلاً بتنهيدة لا تناسب عمره..

-اكمنها متربتش فـ بتقول كلام عِفش زي وشها

متزعلش من ام رجل مسلوخة2


انخرط وائل في موجة ضحك خرجت من أعماقه لخفة ظل الصغير وتلك الطريقة التي يتحدث بها

ليسمع صوت زينة العالِ من على بُعد...

-انت يامفعوص ايه أخرك عندك


تحرك الصغير للخارج قائلاً...

-انا همشي بقا عشان اروح آكل نايبي قبل ماتاكله الغولة دي


تحرك وائل خلفه باسمًا..

-الغولة ولا ام رجل مسلوخة


نظر ناصر لشقيقته الواجمة بعيدًا ثم نظر له قائلا بشقاوة...

-نبقا نفكرلها في إسم مع بعض بقا

لا افوتك بالعافية ياسيدنا


ركض ناصر لشقيقته بينم إبتسم وائل ولوح له ثم أغلق باب الكوخ ونظر لصحن الطعام هامسًا...

-طب والواحد هياكل ازاي بعد كلمة طفح دي

صدقت والله ياناصر غولة فعلا


جذب الطعام أمامه وبدأ في تناوله وهو مستمتع بطعامه لأقصى درجة ولكن حينما تذكر حديث والده

" أكل الأرياف دا مفيش أطعم منه..بتحس انك بتاكل كل حاجة من أصلها "


على ذكر والده غص بطعامه وتركه جانبًا

وعاد لتفكيره فيما مضى مره أخرى..وعاد الإشتياق لعائلته يوخزة من جديد..وعادت كلمة ياليت يؤنبه من جديد..لا مفر من عذاب الضمير لت مفر

                               ***

قال جاني بعد يومين يبكيلي بدمع العين

يشكي من حب جديد يحكي وانا ناري تقيد

وسمعته وفكري شريد..وسكت وقلبي شهيد


وانا الي كنت فاكره انه هيشتكي من بُعدي

فاجئني بقصة تانية ضيعلي الحلم الوردي

وانا الي كنت فاكره اني وحدي الي في قلبه


أتاري واحدة تانية جت في ثانية شغلت قلبه أوام

معرفتش ايه أقوله هرب كلامي مني..

سيبته ومشيت لوحدي والخطوة غصب عني


وكأني في دنيا تانية مذهولة ومش في وعيي

لكن بعد الي جاني قولت تاني منه للأيام

جالس في مكتبة ينظر للفراغ وعقله كالعادة شارد مع ليلة..كما حالة منذ شهور يشرد بها ويبتسم لها في خياله ..يؤلمه خيانته لجودي بتفكيره وحبه لأخرى

ولكن ماباليد حيلة..ولا سلطة تعلو سلطة القلب


آه من ليلة

وآهٍ على جودي..وبين قلبه وعقله يكاد يهرب منهم

يهرب من التفكير او الإختيار..يهرب من شعور قلبه

وتأنيب عقله..لو كان يستطيع الحكم على قلبه لأحب جودي..وهام بها عشقًا


ولكن لقلبه رأي آخر إختار ليلة وفقط

إنتبه الي طرقات الباب ثم دخول جودي..اغمض عيناه وعاد عقله يؤنبه ولكن هيئ تلك الإبتسامة اللطيفة على شفتيه..تلك الإبتسامة هي الشيئ الوحيد التي يستطيع تقديمها لها..عوضًا عن قلبه التي إمتلكته ليلة


جلست أمامه بصمت..بملامح شاحبة واثار الإرهاق بادية على وجهها..وعيون دامعة لتقول..

-ازيك ياصالح


حدق بوجهها بقلق ليقول..

-انا تمام..بس انتِ مالك شكلك تعبان


همهمت مُبررة بإبتسامة لم تصل لعيناها..

-لا منمتش كويس..بس تمام هخلص الموضوع الي جيالك عشانه واروح ارتاح


-موضوع ايه !


همهمت قبل أن تقول باسمة بهدوء..

-طبعا انت عارف مراد إبن عمي جواد..كان طالب منك خدمة انت الي هتعرف تساعده فيها


إبتسم صالح بلطف...

-طبعا لو أقدر هساعده..كفاية انه إبن عمك


اطرقت رأسها أرضًا مع إبتسامة متحسرة

ثم نظرت له من جديد بإبتسامة باهتة..

-وانا بردو قولتله كدا..قولتله انك مش هتبخل عليه بالمساعدة


-أكيد..قوليلي عايز ايه


تحدثت ببساطة وهي تحدق به..

-يوم خطوبتنا مراد شاف واحدة وعجبته جدا

وعايز يتجوزها وياخدها ويسافر..ومن الواضح انه اعجب بيها جدا..هي هنا معانا في الشغل

ممكن لو انت الي كلمتهاله توافق

اتسعت بسمته قائلاً...

-يابخت من وفق راسين في الحلال..مين سعيدة الحظ


ابتسمت جودى لتقول بعد صمت...

-ليلة..الي كانت معانا


إختفت إبتسامته وشحب وجهه ليقول بحدة..

-ليلة !


ثاقلت أنفاسها وهى ترى ردة فعله لتقول بصوت باهت...

- اه ليلة..لو مش هتعرف تكلمها أكلمها انا


حارت الدماء في عروقه ليقول بحدة..

-لا ليلة لأ


-ليلة لأ ليه الي اعرفه انها مش مرتبطة


أشاح صالح وجهه وتحولت ملامحه لغضب مجنون ليقول بصوت مكتوم...

-لأ وخلاص ياجودي


صمتت وتطلعت في وجهه مطولاً لتقول بغصة بكاء..

- لأ عشان بتحبها ياصالح !


صُدم من كلماتها لينظر للدموع التي ظهرت في عيناها وإمتنع عن الإجابة لتقول..

-وهي الي حضنتها يوم خطوبتنا


لم تجد منه رد وإنما أشاح بوجهه عنها

لتقول بعد أن تنهدت بقوة لتطرد الدموع من عيناها..

-طب بلاش كل دا..هسألك سؤال واحد

طالما بتحبها خطبتني انا ليه !


نظر لها بحزن ليقول بعجز وأسف...

-جودي انا أسف..بس فعلا مكانش قصدي احطك ابدا في الشعور


قاطعته بهدوء رقيق كاشخصيتها...

-صالح انا مش جاية أعاتبك..بس معرفتش أنام طول

من السؤال دا ومن حقي تجوابني عليه صح !


إبتلع رمقه بصعوبة ليقول...

-انا معرفتش اني بحبها إلا قبل خطوبتنا بكام يوم

ومكانس ينفع اتراجع انتِ ملكيش ذنب في الشعور دا قررت اني انسى بس


همهمت وأكملت حديثه..

-بس مقدرتش تنساها بيا

صمت وصمتت ليراها تفتح حقيبتها وتخرج خاتم خطبتهم وتضعه أمامه برفق..ياالله هو حتى لم ينتبه إن كانت ترتديه ام لا


لتقف وهي تجاهد لإمساك دموعها لتقول بصوت خرج مرتجف..

-بس انا استحق شخص مينساش حد بيا ياصالح

انا مستحقش أكون في خانة الإلهاء ابدا..ومش كدا وبس لا انا كمان معرفتش اللهيك عنها..متخيل كم الإهانة الي خليتني احس بيها !


وقف صالح وحاول أن يعتذر لتقاطعة بهدوء وقوة..

-متعتذرش ياصالح..اعتذارك مش هيغير أي حاجة

انت مدين ليا بتعويض على الشعور الي حسيته من تجربة فاشلة انت الي فرضتها عليا


رأت ملامحه تتلوى بين العذاب والذنب ليقول..

-أقدر اعوضك ازاي ياجودي..رغم ان مفيش حاجة تعوضك ابدا


إبتسمت رغم شحوبها لتقول..

-اولاً هتستحمل الي هيحصل من ادم الصياد

هتتحمل نتيجة غلطك...ثانيًا متعملش كدا تاني ،قلوب بنات الناس مش لعبة ابدًا


إستعت عيناه بصدمة لتحرك كتفيها لتمحو صدمته..

-ايوه زي مافهمت كدا..المشكله اني حبيتك ياصالح

بس انت كسرت قلبي..وادم الصياد مش هيسكت ابدا لما يعرف


زاد ألمه من إعترافها انها تحبه ليقول بصدق..

-وانا جاهز اتحمل نتيجة غلطي ياجودي

ومش هكون زعلان منك ابدًا


رفعت حاجبيها بقوة لتقول..

-مش هيكون ليك الخيار اصلا ياصالح

مع السلامة


غادرت جودي من أمامه..لم يأبه بتهديدها ..لعلمه انها يستحق ماسيراه من والدها..ولكن ألمها يؤلمه

ظلمها بطريقة تجعل عقله وضميره يثوران عليه

ليُمسك الخاتم ويحدق به للحظات قبل أن يتأوه ويغمض عيناه بتشتت وقلبه يدعو لها أن تجد من يعوضها ظلمه ويُنسيها شعورها الآن..

                             ***

رواية رُد قلبي

الحلقة الرابع والثلاثون " مواجهة قاسية "

...................................

جلست على الفراش بعنف تنظر لريشة بحدة..ووجهها الأبيض قد توهج إحمرارً بينما ريشة عقدت يداها أمام صدرها ونظرت لغزال بصمت ...لتقول غزال بعنف..

-هتفضلي بصالي كدا كتير ..مش خلاص جيتي وحليتي الموضوع مستنية ايه بقا..مستنية اقولك شكرًا واسقفلك !!


أشاحت ريشة بوجهها نحو النافذة تحاول تمالك نفسها أثر عدائية غزال ثم نظرت لها لتقول بخفوت..

-لا مش مستنية تسقفيلي..مستنية اقولك ان الي عملتيه غلط..ولولا ستر ربنا كان زمان سيرتك على كل لسان


زاد غضب غزال لتقف وتواجه ريشة صارخة..

-قطع لسانك ولسان اي حد يجيب سيرتي بكلمة واحدة

الحق مش عليكي الحق على بابا الي دلعك وقواكي عشان تقفي قدامي وتعلميني الصح من الغلط


دمعت عين ريشة حزنًا على غزال..هي الى الآن لا تستوعب أن كامل قد توفى ورحل الي السابقون

لم تستطيع تقبل خسارتها والإستسلام للقضاء والقدر

إقتربت ريشة منها مهاودة ايها..

-عندك حق انا اسفة..بس تفتكري ايه ردة فعل الحج كامل لما يعرف انك نمتي ليلة في شقة راجل غريب عنك


دفعتها ريشة بقوة وتهجمت عليها قائلة بعصبية..

-وانتي مالك انتي ايه هتبقي القاضي والجلاد عليا

فوقي لنفسك ياريشة انتي مجرد خدامة..ملكيش اي حق انك تدخلي في الي ملكيش فيه..الراجل الغريب دا يبقا خطيبي2


أنهت هجومها لتجد الباب يُفتح وتطل منه أم عماد..التي نظرت لها بجمود واقتربت منها لتقول بخفوت..

-كنتِ عند عُبيده في شقتة والعمارة كلها بتدور عليكي !

انتي بجد مخوفتيش لحد يشوفك وسمعتك تبقا لبانة في لسان الي يسوا والي ميسواش !


ارتبكت غزال لثوان قبل أن تدير دفة هجومها نحو ام عماد قائلة بصلافة...

-وانتي مالك انتي كمان..انا اعمل الي انا عايزاه

محدش عينك وصية عليا


دمعت عين ام عماد بغضب وتحدثت بصوت مرتجف..

-الحج كامل لو كان عايش كان قطم رقبتك ولا انك تلطخي سمعتك وسمعته


شحب وجه غزال لتقول بعصبية..

-ايه لو كان عايش دي..بابا عايش واول مايرجع هخليه يرميكي في الشارع..مبقاش فاضل الا الخدامين يعلموني الصح والغلط


صفعة قاسية وثقيلة هبطت على وجنة غزال..صفعة اسقطتها أرضًا وجعلت ريشة تشهق بفزع وام عماد تضع يدها على فمها سريعًا وتحدق بغزال برهبة


رفعت غزال عيناها لصاحب الصفعة لتجده هو..حبيبها وفارسها المغوار..عُبيده

حبيبها !

هو حقًا حبيبها ..إذا لِمَ يحدق بها بتلك القسوة وتلك الملامح المتشنجة !

لِمَ يده الحبيبة صفعت وجهها بتلك القوة والحدة

هل صفعها حقًا أمام ريشة وام عماد


هل نالت منه صفعة حقًا !

كانت تحدق به بذهول ودموعها تجري على وجهها المصدوم..تجلس أرضًا عند أقدامهم بعد صفعته

ماالذي يحدث !


صقيع يضرب جسدها بلا رحمة..ودموعها تهبط بصدمة

وجف حلقها..وعيناها لازالت متعلقة بوجه ذاك الواقف أمامها الذي يحدق بها بحقد الذي هتف..

-الحج كامل لو كان عايش كان اتبرى منك..انتي مفيش فايدة فيكي هتفضلي زي ماانتي راسك فوق وشايفة نفسك فوق البشر رغم كل عيوبك وسوادك


الحج كامل ربنا رحمه بموته وإلا كام في يوم اتحسر من ورا تصرفاتك..انتي انهاردة كان ممكن تفضحي نفسك وتفضحيني من حركة غبية عملتيها امبارح

ولولا ريشة وام عماد كان زمانك خارجة من شقتي زي الحرامية او بفضيحة...دلعك وطيشك خلوني مش قادر اصبر عليكي اكتر..انا عمري مااحتقرت واحدة ولا مديت ايدي على واحدة..انتي قادرة تطلعي اسوء مافي الإنسان..بتعاملي الناس كإنهم عبيد عنك1


انا مش خطيبك ولا هكون جوزك..مستحيل تكوني زوجة وتبقي مسؤولة عن بيت مستحيل تكوني ام وقدوة لأطفال

انتي فشلتي انك تكوني إبنة كويسة او حتى بني ادمة..انتي اسوء واحدة عرفتها ياشروق


كان يُلقي بكلماته وكأنها أسهم من نيران ..نيران تلهب فيها دون رحمة او شفقة بحالها..بينما هي كانت تطالعه بعيون تائهة دموعها لم تتوقف...وكذالك شفتيها لم تتوقف عن الإرتجاف...جسدها الواهن لم يساعدها أن تقف وتواجه غلظة كلماته

بينما هو كان صدره يعلو ويهبط بإنفعال وقد انتفخت أوداجه..واشتد فكه وعيناه تطالعها بغضب عظيم

وقد ارتاح قلبه قليلًا بعدما واجهها بحقيقتها البشعة

هبطت ريشة تمد يدها لتساعدها..ليزجرها عُبيده قائلا..

-بس ياريشة دي متستاهلش المساعدة


صفعة أخرى معنوية نالها قلبها أثر كلمته..بينما زمجرت ريشة بعدما القت نظرة حادة عليه لتقول..

-انتا ملكش دعوة..مش انتا ضربتها وقولت الي عندك

كفاية كدا اوى


صُدم عُبيده من نبرة ريشة الجافة ..لينظر لأم عماد التي كانت تطالعه بحزن وعدم رضا..كانت تلومه بعيناها..كيف يُلام وقد قال الحقيقة لا غير !


وقفت غزال بعدم إتزان ..لم تنظر لهم بل اشاحت وجهها لتظهر أصابعه بوضوح على وجهها..جذبت يدها من يد ريشة وسارت نحو غرفة كامل

واغلقت الباب..بصمت..لا غير


ولكن قبل أن تغلق الباب نظرت لعبيده نظرة مُنكسرة

نظرة جعلته يُشيح عيناه عنها دون كلمة

لتقوم ام عماد بقلق وهي تنظر لريشة..

-طب دي كدا عرفت ان الحج كامل مات..مش دا غلط عليها والدكتور قال ان ممكن حالتها تبقا وحشة لو اتصدمت بالحقيقة دي دلوقتي


شحب وجه ريشة ونظرت للغرفة ثم لعبيده الذي طرفت بإستيعاب..وقد ادرك للتو إنفجاره القاسي بوجهها..وصار يفكر بعواقبه..سار نحو الغرفة ليطرق الباب عليها..ولكن اوقفته ريشة بحزم...

-اظن كفاية كدا يااستاذ عبيده..وجودك هنا غلط

ولو انتا فعلا مبقتش خطيب غزال يبقا وجودك في حياتها ملوش اي داعي..هي بنت ولازم تحافظ على سمعتها وتبدء تبعد عن حياتها


ألقت ريشة كلماتها ثم اتجهت نحو باب الشقة وفتحته..ثم عقدت يداها أمام صدره منتظرة منه أن يفهم إشارتها له بذهابه..جعد عُبيده وجهه وسار للخارج وقد إنتابه الحرج..وشعور أخر يؤلم بين جنبات صدره


وحالما خرج من الشقة أغلقت ريشة الباب فورًا

كاد يصعد شقته..ولكن وجد خالد جالس على الدرج..ومن الواضح انه سمع كل حرف تفوهوا به بالداخل..رفع خالد نظراته له ليقول بعد صمت...

-كدا خلاص..ملكش علاقة بغزال تاني


اشتد فك عُبيده ليقول بهدوء كان يدعيه..

-مظنش انها حاجة تخصك..


وقف خالد بطوله الفارع ليقول بجمود...

-لا للأسف انتا غلطان..انا مسؤول عن غزال

مسؤول احميها من اي حد يئذيها..حتى لو نفسها

الحج كامل موصيني عليها مش على مالها بس

يعني غزال تخصني


لوى عُبيده شفتيه ساخرًا..

-عشان موصيك عليها ولا عشان بتحبها


إبتسم خالد بجمود ليقول..

-اه بحبها..وكنت هحميها حتى لو موصنيش عليها

انتا دلوقتي ملكش مكان في حياتها الخطوبة وانتا بنفسك فكيتها..يبقا تنسى انك في يوم عرفتها

ولو شوفتها صدفة متبصلهاش حتى


انسحبت أنفاس عُبيده بغضب وتابع طريقة لشقته ليوقفه خالد من جديد قائلا بنبرة متحسرة..

-من ساعة ماالحج كامل مات وانا وعدت نفسي اني احميها من الهوا وامنع عنها اي حزن او حسرة

بس مقدرتش امنعك وانتا بتكلمها وبتجرحها بكلامك

عارف ليه !


لم يلتفت عُبيده له ولكن قبض يده بعنف بعدما سمع كلماته الحاسمة...

-كان لازم غزال تفوق وتعرف انتا شايفها ازاي

كان لازم تكرهك وتفضل فكراك بكلامك ليها


شحب وجه عُبيده وانسحبت الدماء من وجهه وألتفت لخالد الذي تابع بثقة..

-بس اقولك..انا مش هخليها تفتكرك اصلا

وفي حاجة انتا اديتهالها انا مقبلتش بيها ولا هسكت عليها


إقترب خالد منه وصفعة بقوة شابهت اللكمة ليرتد وجه عُبيده أثر تلك الصفعة..لينشب بينهم عِراك بالإيدي لتصدر صجة عالية بينهم وتجمع الجيران حولهم كي يفضوا الشجار..وانضمت لهم ريشة وام عماد


بينما غزال في غرفة كامل تُمسك سترتة وتعانقها وهب نائمة على وسادته ودموعها تتوافد دون توقف

وعقلها يردد.." بابا مات "

"بابا مات ..بابا مات..بابا مات "


كانت الأصوات الخارجية مع صوت عُبيده في عقلها وهو يردد بقسوة

-"الحج كامل ربنا رحمه بموته وإلا كام في يوم اتحسر من ورا تصرفاتك..انتي انهاردة كان ممكن تفضحي نفسك وتفضحيني من حركة غبية عملتيها امبارح

ولولا ريشة وام عماد كان زمانك خارجة من شقتي زي الحرامية او بفضيحة...دلعك وطيشك خلوني مش قادر اصبر عليكي اكتر..انا عمري مااحتقرت واحدة ولا مديت ايدي على واحدة..انتي قادرة تطلعي اسوء مافي الإنسان"


تعالت أنفاسها واعتدلت في الفراش وهي تنظر حولها دايخة وعقلها يردد " بابا مات ! "

وأصوات العراك تتعالى من جديد..وقفت سريعًا وفتحت الباب واتجهت نحو غرفتها تجذب ملابس ترتديها فوق منامتها ثم وشاح


وخرجت من الشقة بخطوات مرتعشة وأصوات الجيران تظهر بشكل أوضح..فتحت الباب ..لترى على بُعد خطوات تشابك خالد مع عُبيده والجميع حولهم يحاولون الفصل بينهم ومنهم ريشة وام عماد


لتهبطت خطوات الدرج سريعًا كي تخرج من البناية..ليصادفها راضي البواب على الدرج ويقول...

-ايه صوت العراك دا ياست هانم


لم تجب غزال وتابعت هبوطها وخروجها سريعًا من البناية ليعقد راضي حاجبيه ويقول بخفوت..

-هو ايه الي جرا وايه الي بيحصل !


ليصعد راضي الى صوت العراك ليرى هيئة خالد وعُبيده المهترئة أثر العراك وبعض الجيران قد اتجهوا لخالد وآخرين لعُبيده

ليقف راضي أمام ام عماد قائلا بفضول..

-امال في ايه يام عماد ليه العركة والهوليلة دي


اشاحت ام عماد وجهها ولم تُجيب لينظر لريشة قائلا بعبوس..

-الله هو انا كل مااكلم حد ميردش عليا

حتى  غزال وهي نازلة سألتها مرديتش عليا

وكانت بتعيط..ألا هو سر ولا ايه


شخصت عين ريشة لتقول بإنتباه..

-غزال نزلت !


إنتبهت ام عماد لتدخل سريعًا للشقة تبحث عنها وتتبعها ريشة..ولكن لم تجد لها أثر..لتصفع ام عماد وجهها باكية...

-يانهار اسود البت نزلت بحالتها دي..


ركضت ريشة للخارج واتجهت لخالد الذي ابتعد عن التجمع ورحل بعض الجيران لتقول له...

-خالد غزال نزلت

لم ينتظر أن يسمع المزيد وهبط الدرج سريعًا ليلحق بها..بينما عُبيده على بُعد مسافة يسمع بذهابها وداخله ينتفض خوفًا...وربما ندم !

                          ***

عقدت ليلة حاجبيها عندما سمعت للمرة الثالثة سؤال والدها وهو يقول لها بوجوم..

-في حاجة بينك انتي وصالح !


تأفأفت سرًا لتنظر له بصدق قائلة...

-يابابا والله العظيم مافي حاجة..صالح كان مجرد مديري في الشغل..وهيكون في بيني وبينه ازاي وهو خاطب


تنهد أباها حينما صدقها أخيرًا ليقول..

-كان بيبصلك بطريقة خلتني اشك ان في بينكم حاجة..كدا واضح ان في من طرفه هو


عقدت حاجبيها لتقول..

-كان بيبصلي ازاي !


صمت الرجل لثوان قبل أن يقول بهدوء..

-زي ماببص لمامتك ياليلة..بيبصلك بصة انك انتي الي خطيبتة مش الي كانت واقفة جنبه


إرتبكت ليلة وزاغت عيناها لتقول..

-لا طبعا يابابا يمكن فهمت غلط..الي عرفته انه بيحب خطيبته جدا..ربنا يخليهم لبعض


همهم أباها ليقف قائلا...

-طيب تمام..لو شوفتيه تاني صدفة متقفيش معاه ولا تكلميه ياليلة..تمام !


-حاضر يابابا..بابا بقولك انا هسافر دبي بعد بكرة

انا كنت عاملة حسابي اقعد كام يوم وانتا قعدتني اسبوع..وانا التزمت بشغل هناك ومينفعش كدا


أشاح وجهه عنها ليقول بضيق...

-ايه لازمة سفرك ياليلة..وائل هربان ولو رجع انا هجيبلك حقك وهحبسه وخلاص الموضوع


قاطعته ليلة وقد غص حلقها على ذكر وائل

جرحها القديم الذي لم يبرأ..قاتلها الذي تفنن في تعذيبها حُبًا وكُره...

-بابا انا مش مسافرة عشان حد..انا مش عايزة اعيش هنا انا مرتاحة هناك


صمت والدها ليقول بعدما تنهد وهو يسيطر على نفسه كي لا يضغط عليها..

-طيب شوفي مسافرة امتى وانا هسافر معاكي المرادي


-بابا ملوش داعي انا..


قاطعها بحزم...

-طالما مش عايزة تقعدي هنا يبقا هفضل رايح جاي بين دبي ومصر لحد ماتقرري ترجعي وتستقري معانا


إبتسمت بحنان لتقف وتعانقه قائلة بخفوت..

-بابا انا بحبك جدا..انتا أماني الحقيقي

انا محظوظة بيك ،وهفضل اشكر ربنا على وجودك معايا..انتا أحسن اب في الدنيا


بادلها العناق وهو يحاول إسكات الحزن الذي نشب داخله انه لم يستطع حمايتها في الماضي من إبن أخاه..حزين على ألمها وذبولها أمامه..كيف تقول انه أفضل أب في العالم وهو لم يستطع حمايتها !


ربت على ظهرها بصمت ولم يُفصح عن ما يعتمل في صدره واكتفى بقول..

-طول ماانتي واخواتك كويسين وبخير يبقا انا فعلا احسن اب..ربنا يحفظكم ليا


إبتعد عنها وخرج من الغرفة بينما هي جلست وهي تُفكر في حديثه عن صالح وعن نظراته لها

هي تعلم انه ينظر لها بطريقة غير عادية

وضربتها ذكرى عناقه لها يوم خطبته


وكأن تلك كانت بداية لرؤية جانب جديد منه

هي لا تفهم سبب نظراته ..ولا تفهم سبب عناقه

تظن انه يتلاعب بها بعدما شعر انها اصبحت مُستهلكة بعد قصة محاولة إغتصاب وائل لها


ولكن استبعدت تلك النقطة..صالح ليس بتلك القذارة

هو شخص جيد وعلى خُلق وهادئ ورزين..تستبعد انه يُفكر بها بطريقة سيئة


إرتجفت أوصالها عندما تذكرت ذاك العناق

راحت ذاكرتها لذاك اليوم حينما اخبرها انه لا يود أن يراها ولو حتى صدفة..


إبتلعت ليلة كبريائها وشمخت برأسها هاتفة بغضب..

-وانا كمان مش عايزه اشوفك..وندمانة اني جيت

ارجع لخطيبتك


وإلتفتت لتُغادر..ولكنه جذبها ليعانقها بقوة جعلتها تشهق بصدمة وتيبس جسدها المضموم لجسده

بينما صالح يحاوطها بقوة غريبة ووجهه مدفون في كتفها ويغمض عيناه بقوة..يعلم انه يُخطئ..ولكن ليكون العناق الأول والأخير لليلته


ولكن همستها المصدومة المتقطعة جعلته يُفلتها سريعا كالملسوع...

-ص..صالح


عاد لتعقله وثقل تنفسه ليمسح علي وجهه هاتفا بحدة وهو يدور حول نفسه..

-انا ايه الي بعمله دا

لينظر لتلك المشدوهة التي تنظر له بعدم استيعاب ليقول محاولا الهدوء

-امشي ياليلة امشي حالا


كانت مصدومة ومتوترة ولا تفهم اي شيئ

لا تفهم نظرته الغريبة او عناقه لها..كيف يجرؤ علي لمسها من الأساس لتهتف بحدة...

-انتا ازاي ت..


هتف بها بقوة اجفلتها وهو يدفعها لتبتعد...

-امشي ياليييلة امشي


إستفافت من تلك الذكرى الغريبة وهو تتنهد بحرارة

بحرارة..وسؤال يلح في عقلها بعد حديث والدها

مالذي يريده صالح منها !


                            ***

رواية رُد قلبي

الحلقة الخامس والثلاثون والأخير " إرادة على النسيان "

الجزء الأول من الحلقة الأخيرة

...................................

أنفاسها العالية..وركضها المُستمر،دموعها التي تهبط كأمطار ليلة أمس..شهقات متقطعة..وكلمات قاسية تضرب عقلها

لِمَ تبكي !


هل لأنها تذكرت موت جدها

آخر عائلتها الصغيرة..الرجل الذي رعاها وكان لها أب وأم

كان لها كل عائلتها..اعطاها حنانه ووقته وماله

بل وكرس نفسه لها فقط..وهي !


هي بكل بساطة لم تستغل حنانة لآخر قطرة..بل أهدرته بجفائها وبعدها منذ ظهور ذاك الحبيب الجافي

ربااااه..هي لم تقسو على كامل إلا بعد ظهور عُبيده..انجذبت له كالمسحورة..رأته حبيبها وفارسها البسيط..القى عُبيده تعويذة جبارة عليها..لترتمي تحت قدميه ترتجي حبه وتتمناه..وألقت خلفها كل شيئ


القت خلفها جدها الحبيب

آااااه متألمة خرجت من حلقها وهي تتمنى ولو ترى ظله

لو ترتمي بين ذراعية وتمرغ أنفها بكتفه وتبكي ..تبكي إلا أن تنام كما في طفولتها..أي ألم ستشعر به بعد هذا الوجع والمرارة !


يُتمت للمرة الثالثة..مات ابويها وتركاها صغيرة لا تدري معنى الفقد..ولكن الآن لا..ينتفض قلبها ألم ولوعة

قد مات كامل..ماات وتركها

لن تسمع صوت ضحكاته العالية وهو يربت على خصلاتها

لن يعانقها بمحبة ويدللها وكأنها آخر فتاة على وجه كوكب لا يحمل سوى الذكور


سمعت صوت ينتشلها من دموعها وعقلها الشارد

أهو عُبيده..يسير خلفها ويناديها بعدما ألقاها بأقسى الحديث..وهو يبصق الكلمات في وجهها بلا رحمة

لِمَ يتبعها !


إلتفتت ولكن كُسر شيئ في عيناها الباكية

طعنة جديدة واجهتها ..لم يكن عُبيده الذي كان يلحق بها

بل خالد..يتبعها وعيناه تصرخ قلق وألم


هزت رأسها  يمينًا ويسار والدموع تزيد أكثر والألم يعتصر قلبها...عادت تركض من جديد تحاول الفرار من أمامه

سيقول لها ان كامل سيغضب عليها لفعلها المشين

سيقول لها انها اسوء فتاة في العالم وأنها طائشة لا يتحملها بشر وأن كامل كان سيتبرأ منها بلا شك


سيعطيها الكثير والكثير من السُم الذي تجرعته منذ دقائق على يد عُبيده..سيلومها كاريشة..ويوبخها كأم عماد

سينبذها كما الجميع ولن....


طار جسدها فجأة نتيجة إستصدامها بسيارة..سيارة ضربت خاصرتها لتُلقيها على جانب الطريق


طنين حاد سيطر على حواسها..ثم ظلام حاوطها

وصُراخ يتداخل مع الطنين..وخيوط ساخنة تهبط على جبينها ثم فقدت الشعور بكل شيئ حولها..وانتهى الأمر

.....

بعد مرور اسبوع على الأحداث السابقة


انا هويت وانتهيت..وليه بقا لوم العزول

يحب اني اقول ياريت الحب دا عني يزول


مادمت انا بهجرة ارتضيت..خلي بقا

الي يقول يقول..انا وحبيبي في الغرام

مفيش كدا ولا في المنام ..احبه حتى

في الخصام وبعده عني ياناس حرام


مادمت انا بهجرة ارتضيت

مني على الدنيا السلام


ترك كوب الشاي الساخن من يده ليمسح وجهه بقوة

هل تنبئ سيد درويش بما يشعر به الآن

او شعر كاشعوره تجاه ليلة !


اكان يملك سيد درويش ليلة خاصته ليغني تلك الأغنية بكل هذا الإحساس والصدق..أو أن الشاعر يوسف القاضي تلوى بنار احد الليلات ليؤلفها لسيد درويش ويغنيها !


إبتسامة متحسرة إرتسمت على شفتيه

هو في طريقة لفقد عقله..كما فقد وظيفته أمس

نفذت جودي وعيدها بأسرع وقت..وأيام قليلة وفجأة صدر قرار حاسم بوقفه عن العمل..لإسباب واهية لا يقتنع بها طفل صغير..يعلم ان خلف تلك الخسارة هو أدم الصياد

يُدرك انه حزن لحزن إبنته..ورغم تقديره لهذا الحزن إلا أن قرار وقفه عن العمل كان ظالم1


تنهد وهو يُتمتم بيقين..

-الحمدلله


ربتت والدته على كتفه قبل أن تجلس أمامه قائلة بحزن...

-متزعلش ياحبيبي عين وصابتك..بقا دا يرضي ربنا ياعالم

تسيب خطيبتك وشغلك في نفس الإسبوع


تنهد صالح وهو يُمسك كوب الشاي من جديد..

-الحمدلله على كل حال ياامي دا نصيب بردو


اطرقت والدته رأسها ودمعت عيناها لتقول..

-طب الشغل ومحلول امره..ممكن تقدم ورقك في اي مكان وتتقبل..او تاخد فلوسي وفلوسك من البنك وتفتح مكتبك الخاص وربنا هيوفقك..انما جودي البنت الجميلة دي هتتعوض ازاي بس


اشاح وجهه سريعًا كي لا تلحظ والدته تلك الراحة الغريبة التي استوطنت قلبه وظهرت على وجهه بوضوح..راحة انه ترك جودي لمن يستحقها وزال عنه تأنيب الضمير..وترك لقلبه وعقله العنان في حب ليلة


لتقول والدته مره أخرى بأمل...

-طب قولي ياحبيبي المشكلة فين وانا اكلمها واصالحكوا على بعض..وهي اكيد مش هتزعلني و..


قاطعها صالح بحزم..

-ماما موضوعنا إنتهى..ربنا يعوضها بشخص احسن مني

مفيش حاجة تقدري تقدميها


زمت شفتيها بضيق لتقول...

-يا صالح انا حبيت البنت دي..متتعوضش في رقتها ولا طيبة قلبها وأدبها..بنت حسب ونسب وكويسة


وقف صالح بعدما افرغ كوب الشاي..ليمسكه ويتجه للمطبخ كي ينظفه ويجففه ثم يضعه في موضعه

وتبعته والدته تقول بإصرار...

-ياصالح البنت شكلها بتحبك و..


إلتفت صالح بإنفعال طفيف..

-ماما ارجوكِ تقبلي انفصالنا جودي تستاهل حد احسن مني

ادعيلها وادعيلي وبس


انفعلت والدته كذالك وهتفت...

-وانت وحش يعني ماانت راجل زي الفل الف واحدة تتمناك ..وجودي فعلا تتمناك وبتحبك


قاطعها بقوة...

-ياامي انا مبحبهاش انا مبحبش جودي

ومش هقدر اكمل معاها طول مابالي مع واحدة تانية


صمت خيم عليهم و وجهها المصدوم يحدق به لتقول..

-بالك مع واحدة تانية !

بالك مع مين ياصالح غير خطيبتك

أشاح صالح وجهه ليقول..

-مش مهم مين..المهم حضرتك تتقبلي قرارنا

-ادعيلها ربنا يعوضها بشخص يقدرها ويحبها


تبعته والدته لتقول بحدة وعتب..

-ومتحبهاش هي ليه..دي جميلة ومؤدبة وبتحبك و..


إلتفت صالح لها من جديد وتمالك أعصابه ليقول..

-وهو الواحد ليه سلطة على قلبه ياأمي !


صمتت واطرقت رأسها كإشارة على الإستسلام

وهي تُدرك أن لا سلطان على القلب..ولا طريق محدد للحب..يأتي الحب ويختار طريقه دون إرشادات او أوامر..ليته إستطاع توجيه حُبه لجودي..ليته

فكرت والدته بحسرة قبل ان تُغمغم بإقتضاب...

-الي انت شايفه..تصبح على خير


ثم تركته واتجهت لغرفته وأغلقته بقوة

بينما هو يقف في المنتصف وهو يتسائل..متى تنتهى سلسلة الخسارة في سبيلك ياليلة !


منذ رأها وهو يخسر كل يوم شيئ

خسر قلبه أمامها في مقامرة فاشلة

ثم إنتباهه الذي سرقته ببراعة وخفة

ثم عقله..وعمله وعلاقات تربطه بالآخرين


متى يكسبها هي ويعوض كل الخسارة التي ابتلعها بطيب خاطر...سيصبح يومًا ما شهيد ليلة بلا شك

سار نحو الشرفة ليجلس على المقعد الداخلي2


لم يأبه بتلك البرودة التي تضرب جسدة

ولا حتى بالإمطار الصعيفة التي تتساقط وتصتدم بالأرض وتصدر صوت المطر والمُسمى  بالجلجل


تنفس الصعداء وهو يدخل رئتيه رائحة المطر الممزوج برائحة الطين..رائحة تداعب قلبه قبل رئتيه

أخرج هاتفه من جيب بنطاله المنزلي


وتفحص حسابها الخاص يبحث عن أي تدوينه جديدة لها...ليُصدم بأحد المنشورات لها والتي يعلوها جملة "مسافرة الى دُبي "

سافرت مره أخرى !


عبس وجهه من فكرة إبتعادها عنه..بينهم بلاد في هذة اللحظة..هي تتواجد في بلد وهو في اخرى

اااه ياليلة..كيف يمكنني تحمل إبتعاد قلبك وجسدك في آنٍ واحد !


فتح صندوق رسائلها ليكتب بشجاعة لحظية

"سأبكي على ما فات مني صبابة ، وأندب أيام السرور الذواهب وأمنع عيني أن تلذ بغيركم ، وإنِّي وإنْ جَانَبْتُ غَيْرُ مُجانِبِ وقالوا لو تشاء سلوت عنها ، فقلتُ لهمْ فانِّي لا أشَاءُ وكيف وحبُّها عَلِقٌ بقلْبي ، كما عَلِقَتْ بِأرْشِيَة ٍ دِلاءُ "


ثم ضغط زر الإرسال وتنهد وأغلق هاتفه دون إنتظار

علها تُدرك أنه الآن أهداها من أشعار قيس لليلاه

علها تُدرك انه قيسها كما هي ليلاه..أتقبل أن يكون قيسها...أم أن ليلة وجدت قيسًا آخر !


                             ***

جلس أدم على فراشه وقد علىَ وجهه الضيق

لتجلس جواره تقى وهي تربت على ظهره برفق...

-ياحبيبي مينفعش تفضل مكشر كدا..جودي محتاجة ندعمها مش نحزن جنبها


جز أدم على أسنانه قائلا...

-مقهور ياتقى..حاسس ان في حجر على قلبي

بنتي دبلت..بدل ماتكون مبسوطة ومرتاحة اتبدل حالها..هاين عليا أروح اقتله


إبتسمت تقى برقة لتقول..

-ماهو ياحبيبي لو كل أب راح اقتل الي كان خاطب بنته كان زمان الرجاله خلصت..دا نصيب

والحمدلله انهم متجوزوش طالما قلبه مع واحدة تانية


همس أدم بإختناق وهو يمسد حاجبه بعصبية..

-مش قادر انسى شكل جودي وهي بتتكلم ببساطة إنهم انفصلوا عشان بيحب واحدة تانية..كان وشها أصفر وعينيها مدمعة..البنت شكلها بتحبه


تنهدت تقى لتقول بثبات...

-ادم لازم تفهم ان دا نصيب..وإن نصيبها مش مع الشخص دا..بنتك تستحق حد يحبها زي مابتحبهم وبتحبني كدا..تستاهل حد ميشوفش غيرها

وبعدين بلاش تكلمه ولا توجهله كلمة حتى


-اوجهله كلمة !

دا انا مش مكفيني انه اتطرد من شغله دا انا ه..


شهقة عالية صدرت من تقى لتقول..

-انت بتقول ايه ياأدم..وهو دا يصح بردو !

ازاي تعمل كدا..دا نصيب في الأول والأخر

وجودي لو عرفت هتضايق خصوصا انها نبهتك انك متاخدش موقف عدائي منه ولا تعمل حاجه


-امال مين هيتحمل مسؤولية حزن بنتي !


صمتت تقى وتنهدت بلا فائدة

أدم أغبى واقسى شخص حينما يتعلق الأمر بأولاده

يصبح أدم المتسلط صاحب النفوذ والقوة

يتبخر تفهمه وينام هدوئة وتتولى السيطرة كامل القيادة..وهذا مايحدث الآن


قطع صمتهم طرقات ريشة على باب وهي تقول بتوتر..

- ممكن أدخل


لتقول تقى بإيجاب..

-اتفضلى ياريشة


دلفت ريشة على إستحياء وقالت بهدوء..

-معلش لو ازعجتكم بس انا بتصل بشريف موبيله مقفول..ومجاش من امبارح من بعد رجوعكم من السفر


نظرت تقى لأدم بدهشة ليبادلها بوجوم..لتقول تقى برفق..

-حبيبتي انتي متعرفيش ان شَريف سافر عشان يتابع سير المصنع في لندن !


شعرت بصقيع يضرب جسدها وكأن دلو ماء مثلج سقط على جسدها وزاغت عيناها قائلة..

-لا مقاليش..طب هيقعد قد ايه !


هتف أدم بملامح مقتضبة..

-هيقعد هناك اسبوعين..لو عايزة تروحيله حضري باسبورك وتروحيله


همهمت وهي تتراجع للخلف...

-لا انا مش معايا باسبور..مش مشكلة لما تكلموه طمنوني عليه..تصبحو على خير


خرجت وأغلقت الباب خلفها سريعًا لينظر أدم لتقى ويقول بعصبية مكتومة...

-تسمي الي ابنك بيعمله بإيه !

ازاي ميقولش لمراته انه مسافر

زاغت عيون تقى لتقول بمهادنة...

-معلش يمكن مجتش فرصة..اكيد حصل حاجة ومعرفش يبلغها و..


قاطعها بحدة قائلا...

-وبردو حصلت حاجة خلت كل واحد فيهم ينام في أوضة..وحصلت حاجة تخليهم إتنين أغراب

وحصلت حاجة تخليه ميلمسهاش لحد دلوقتي !


شحب وجه تقى لتقول بإنتباه..

-ايه الي بتقوله دا ياأدم..انت عرفت منين الكلام دا


وقف أدم بعصبية ليقول..

-مش مهم عرفت منين..المهم ابنك لو فضل على الحال دا انا هتصرف معاه بطريقتي وساعتها هو الي هيزعل اوي...الي مرضاهوش على بناتي مرضاهوش على بنات الناس1


همهمت تقى بإيجاب لأول مره تقول موافقة حديثة..

-استنى ياأدم يرجع من السفر وانا هتكلم معاه

اكيد الي بيحصل لريشة دا ميرضينيش


لم يُجيبها بأي كلمة وخرج من الغرفة واتجه لغرفة جودي..طرق بابها ليسمع صوتها المتحشرج تأذن بدخوله...دلف واجمًا ولكن ماأن وقعت عيناه على وجهها الشاحب تلون وجهه بحنان العالم


جلس جوارها واحتضن يدها قائلاً برفق...

- فاكرة اتفقنا على ايه !


إبتسامة باهتة ارتسمت على ثغرها لتقول بخفوت..

-اتفقنا إن بنات الصياد أقوى من اي حزن

وإن الألماس موجود عشان يلمع وميتكسرش


همهم وهو يشير لوجهها...

-طب والألماس باهت وبقا اصفر ليه


-بيمر بفترة نضج وهيرجع ألمع من الأول

متقلقش يابابا سحابة صفره وتعدي


ألقت دعابتها بلا مرح..ليبتسم قائلاً...

-المهم السحابة دي ومتقعدش كتير

الشمس لازم تطلع عشان ادم المسكين ميقدرش يعيش من غيرها


دمعت عيناها بضعف وانقشع قناع القوة..لترتمي بين يداه قائلة بخفوت...

-هو انا ماتحبش يابابا !


حاول أدم أن يتمالك أعصابه أمام سؤالها ليقول بلطف...

-طب لو انتي ماتتحبيش مين يتحب !

مينفعش تسألي سؤال غبي زي دا

ياهناه الي هتكوني ليه وقلبك هيحبه


همهمت تمسح دموعها وتقول بشقاوة تغلبت على حزنها...

-يعني انا لو كنت على ايامك انت وماما كنت هتحبني انا بدالها


توتر وجه أدم ليقول بإرتباك مصطنع..

-ينفع استعين بصديق !


ضحكت جودي وأمالت رأسها على كتفه لتسمع صوته العميق يقول بروية...

-احنا اتخلقنا عشان نجرب..لازم تجربي الحزن والفرح..والصبر والضيق..حتى الحب لازم تجربيه

بس احيانًا الحب بيخدعك..بيجيلك شعور تحسيه تجاه شخص وتتخيلي انك بتحبيه..بس لو ركزتي هتلاقيه يمكن إنجذاب..او إعجاب ..او إنبهار

التلاتة دول بيلبسوا قناع الحب عشان يخدعوكي لحد ماتيجي تجربة الحب الحقيقة

فهماني !


همهمت جودي بإيجاب لتقول...

-فهماك يابابا


قبل وجنتها قائلاً...

-يلا قومي كُلي حاجة وروحي لماما عشان عايزاكي


همهمت جودي وهي تمسح دموعها قائلة..

-حاضر يابابا


وقف أدم واتجه الي غرفة إبنته الأخرى..طرق الباب عدة مرات ولكن لا رد..فتح الباب ببطئ ليجدها كما توقع نائمة بعمق وجوارها أوراق العمل


شعر بالشفقة على صغيرته التي لا تفكر سوى بالعمل فقط..ليلاً ونهار تعما بلا توقف..فتاة في عمرها أهدرت سنواتها في العمل والجدية ...ونادرًا ماتفكر في الترفيه أو التاريخ


جلس امامها وقبل رأسها بعمق وربت على خصلاتها

ثم أمسك القلم من يدها ووضعه جانبًا وجمع أوراقها

التي تجعد بعضها أثر تقلبها عليها..ولكن حدق للأوراق لبرهة..وتأمل ذاك الإسم الذي خُط بطُرق مختلفة...تارة بالعربية وتارة بالأجنبية

جعد حاجبيه وهو ينظر لسيدرا ثم للإسم الذي تواجد بإلحاح على أوراق إبنته والذي كان بخط يدها

" مــُوســـى"


وضع الأوراق بمكانها ووقف ليغادر غرفتها

وهو يحاول تصفية فكره وعدم الوقوع في الظن السيئ..فا بالتأكيد إبنته لم تقع في حب رجل يملك زوجة وثلاثة أطفال !4


إرتعد قلبه خوفًا من تلك الفكرة السيئة

لِمَ حظ أولاده عثر في أمور الحب !

نفض الفكرة عن رأسه..وللإحتياط..بدء من صباح الغد..سيعود موسى الي منصبه في الفرع الأخر للشركة..وستتولى سيدرا المنصب دون نقاش او تفكير


                                 ***

رواية رد قلبي

الحلقة الأخيرة..." كُسرت أظافرها الناعمة"

.............................

انت نقطة ضعفي ولا القوة

انت اكتر حدا جواتي بحبه بقوة


رايح وكلمة ياليت..مابتدرك لو فليت

رووح يلا روح..اوعدني ماتعرفني لو فيك التقيت


اسمي على شفافك شلت

خبرني انت كيف قدرت


لما وقفت حدي وقلت تحمل جروح

هلأ خلاص الله معك..مافيني امنعك


غمرني عبالي ودعك قبل ماتروح

قبل متروح


تنهيده حارة خرجت من جوفه وهو يرى سارة جالسة على أحد الموائد في كافيتيريا الجامعة مع رفقائها

كانت مبتسمة صامتة...تتابع أحاديثم بصمت وعيون شاردة...اخبرته شقيقته ان سارة لم تعد كالسابق ابدا

ابتعدت فجأة عنها وصارت تعاملها بجمود غريب


ولم تعد تحضر اي تجمع عائلي..في الحقيقة كذالك عمه وزوجته ابتعدوا عن العائلة وسادت القطيعة بينهم..إبتعادهم كان ملحوظ وخاصة سارة لم تظهر في اي مناسبات

وصارت بعيدة عن الأنظار مُنشغلة في حياتها الخاصة

بين الجامعة وحفلات الموسيقى التي تركض خلفها بإلحاح


انطفأت سارة ولم تعد مُتوهجة

انطفأت عيناها اللامعة..وهرب مرحها وتركها شاردة واجمة..او تبتسم بتكلف !

سارة التي لا تعلم للإصطناع طريق باتت متكلفة تحسب حساب لكل حرف يخرج منها


إستفاق على يد شقيقته وهي تقول..

-فاتح انت روحت فين..بقالي ساعة بكلمك


إلتفت فاتح لها وعيناه تحكي عذابه..بُعد سارة مؤلم

ورؤيتها مؤلمة..اسمها يجعل خفقاته تتسارع بحماقة

رحلت سارة وتركت علاماتها على قلبه وعقله

هتف بخشونة وهو يحاول التركيز بعيدًا عنها...

-مفيش..المهم بلاش تتأخري وعموما خلاص اعتقد إن العميد هيوافق على نقلك


همهمت لتقول وهي تنظر لسارة..

-اممم سارة هنا !

كالعادة عبدالرحمن لازق فيها رغم ان كل دا مش لونه


نظر لها فاتح بإستفهام لتوضح بهدوء..

-عبدالرحمن اسماعيل..دا اتخرج من الكلية من سنتين تقريبا..واتعين مُعيد وبيحضر دكتوراه..شكله معجب بسارة والكل ملاحظ كدا


إشتد فك فاتح ليقول بغضب مكتوم...

-واشمعنى سارة ماالكلية مليانة بنات حلوة

ايه خلاص سارة بقت مطمع للكل !


عقدت حاجبيها لتقول بعد صمت...

-بس دا مش رأيه..سارة جميلة ومختلفة

هو جد زيك وذوق ولطيف..بس تقريبا معجب بسارة بسبب جنانها واختلافها


توهج وجهه بإنفعال وهو يحول وجهه لعبدالرحمن..وتأمله قليلا..وجده شاب مقبول الهيئة بجسد معتدل ووجه للأسف قد يجذب بعض الفتيات لملامحه الرجولية وذقنه الخفيفة وكذالك شاربه..ونظاراته العصرية..عبدالرحمن كان قادر على جذب إنتباه سارة بهيئته


القى نظرة غاضبة على سارة التي أمالت رأسها على يدها تستند اليها..وخصلاتها القصبرة قد إستطالت ووصلت لأسفل كتفيها..وكانت تسمع للحديث الدائر بين استاذها عبدالرحمن..ورفقائها

ندفعت الدماء الى رأسه عندما رأى عبدالرحمن يُبعد غرة سارة عن وجهها..ليسير بخطوات واسعة نحوهم ويجذب سارة من يدها بحدة صارخًا...

-قومي معايا حالا


صُدمت سارة من ظهوره فجأة لتقول...

-فاتح..في ايه بتشدني كدا ليه


وقف الجميع يتابعون مايحدث ليتدخل عبدالرحمن بجدية وهو يجذب يد سارة من يده قائلا..

-استاذ فاتح اظن في طريقة تانية تكلمها بيها أحسن من دي


ضحك فاتح ساخرًا ليقول..

-لا واضح انك عارفني بقا


خجلت سارة من العيون التي تراقبهم لتقول بخفوت..

-فاتح انت بتعمل ايه هنا


نظر لها فاتح بغضب ووبخها قائلا..

-جاي اشوف خطيبتي وواحد بيحسس على شعرها وقاعدة عادي ولا كإن في حاجة


من جديد تدخل عبدالرحمن ولكن تحدث بحدة..

-اولاً كانت خطيبتك سابقًا..ومينفعش تقول حاجة زي دي عليها لاني ملمستهاش..ثانيًا حتى لو لمستها مشكلتك ايه


توترت سارة لتقول بإرتجاف وهي تُمسك يد عبدالرحمن..

-عبدالرحمن خلاص الناس بتتفرج علينا


جذبها فاتح بقوة صارخًا..

-سيبي ايده انتي اتجننتي ولا ايه


جذبها عبدالرحمن نحوه ليقول بحدة اكبر..

-اظن ان تدخلك بين واحد وخطيبته مش كويس ابدا

وبما اني متشرفتش بيك قبل كدا ولا في خطوبتي انا وسارة فا احب اعرفك بنفسي..انا خطيب سارة


بُهت وجه فاتح ليقول..

-ايه !


عقد عبدالرحمن وهو يرى شحوبه ليقول..

-زي ماحضرتك سمعت سارة خطيبتي وأقل من سنة وتكون مراتي..فا من البواخة انك تكلمها بلإسلوب دا

نظر فاتح لوجه سارة بصدمة وحزن..لتُشيح وجهها عنه مانعة دموعها من الهطول..لتهمس بصوت متحشرج..

-عبدالرحمن عايزة امشي


همهم عبدالرحمن وهو يُمسك يدها ويغادر الكافيتريا ولازال فاتح ينظر لسارة بقهر عظيم..يحبها..أدركت انه يحبها..ولكن فات الأوان..فاتح صفحة اغلقتها بكامل إرادتها..لا لم تغلقها بل أحرقتها نهائيًا ولا رجعة


بينما ربتت شقيقته على كتفه قائلة بخفوت..

-فاتح يلا نمشي..


إلتفت لها ليسير وأنفاسه تضمحل داخله ..سارة خُطبت لغيره..تلك التي كانت على اسمه بيومٍ من الأيام..كانت زوجته..أُخذت بعدما أحبها !


كيف !

تساؤلات تدور وتدور في عقله الى أن سمع شقيقته تقول بشرود...

-سارة منزلتش على الفيس انها اتخطبت..ولا عمو ولا طنط قالوا لحد...معقول اتخطبت

طب ازاي


صعد فاتح سيارته وجوارته الأخرى ليُمسك هاتفه ويتصفح صفحتها الشخصية..ليجد كلمة " عزباء "

لم تُغيرها ..فتح صورتها الشخصية وبحث في التعليقات والإعجاب على الصورة ليجد اسم عبدالرحمن


ضغط على الإسم وتصفح مدونته ليجد كلمة "خاطب"


رفع حاجبيه بدهشة..لا يدري هل يصدق ذاك الأحمق انه خطب سارة..ام يصدق العكس بدليل أنه لم يسمع بخطبتها او يرى على صفحتها الشخصية

ليقول فجأة...

-انتي شوفتي دبلة في إيد سارة


عقدت حاجبيها بتفكير قبل ان تقول..

-لا خالص مكانتش لابسة دبلة..انت بتفكر في ايه !


همهم ليقول بحزم...

-بفكر ارجعها..انا مش هصدق المسرحية البايخة الي حصلت دي


-وترجعها ليه..وطالما هي قررت تبعد عننا نصدق او منصدقش ليه !


صمت فاتح وشرد بحنين لتلك العفريته ليقول..

-انا بحب سارة بحبها اوي..بحبها وهرجعها وهغيرها

مش هسيبها لحد1


نطق لكلماته بحزم وقد قرر انه سيرجعها حدث

رغم عنها وعن أنفها المغرور..ورغمًا عن ذاك الأحمق

ستعود له ويخبرها انه يحبها ولا داعي لتلك اللأعيب كي تُثير غيرته..وله فرصة اخرى معها


انطلق حيث منزلهم ليوصل شقيقته التي نزلت من السيارة بصمت وهي تنظر له نظراته مُندهشة

لتخنفض على نافذة السيارة قائلة...

-اقول لبابا وماما على الي حصل ولا مش لازم


-مش لازم متحكيش حاجة


حركت رأسها بإيجاب وغادرت لينطلق هو بسيارته

وأمسك هاتفه وصغط على زر الإتصال..ليسمع صوت الجرس ويده تتحرك على عجلة القيادة..مره عقب أخرى


بينما على الطرف الأخر كانت سارة تجلس في سيارة عبدالرحمن تقبض على هاتفها بقوة بعدما رأت اسم فاتح يتصل..اشاحت عيونها الدامعة للنافذة..تود لو تشهق بقوة وتبكي..تود لو تصرخ لتخرج ذاك الألم من قلبها..رؤيتها لفاتح أرجعتها لنقطة الصفر..رجعت الي محطة حبه التي ظنت انها غادرتها بلا رجعة


ولكن رؤيتها له أعادت ثوب حبها المُرقع بحب فاتح

ذاك الرجل الذي دهس قلبها ألف مره ولم يتوقف

ليتها لم تراه..ليتها لم تأتي الجامعة اليوم


لاحظ عبدالرحمن وجهها المختنق وعيونها الدامعة ليقول بهدوء...

-سارة انتي كويسة !


همهمت دون رد..لينظر ليدها التي تقبض على الهاتف الذي يتحرك بإهتزاز..ليقول..

-موبيلك بيرن


همست بصوت متحشرج..

-دا فاتح


إبتسم بلا مرح ليقول...

-ابن عمك مبيفهمش في الأصول خالص ياسارة


عضت شفتيها بقوة واعتصرت عيناها الذابلة..لتسمع صوته من جديد يقول..

-عايزة تردي !


تحدثت بقوة كاذبة وهي تشيح وجهها....

-لا


-كدابة


نظرت له وقد توسعت عيناها لتقول بإندفاع..

-انا مش كدابة مسمحلكش تقول كدا


تنهد عبدالرحمن وأوقف سيارته ليقول بهدوء رغم جمود نظراته...

-انزلي ياسارة..ادخلي خدي حمام دافي وارتاحي

وانا هرجع الكلية عشان عندي سكاشن انهاردة

سلميلي على عمي وطنط


حدقت في وجهه بتيهه ودموعها تتكاثر في عيناها

لتسمعه يقول بلطف...

-انزلي ياسارة انتي محتاحة ترتاحي

ولما تصحي ابعتيلي رسالة وانا هكلمك بين السكاشن


حركت رأسها بصمت وخرجت من السيارة

واتجهت للمنزل..بينما هو حدق بأثرها ثم عاد للجامعة كي يشرح لطلابه


بينما هاتفها لا يتوقف عن الرنين بإلحاح..متى كان لحوح بهذا الشكل..متى اتصل بها أكثر من مره !

أجابت على الهاتف بصوت هادئ عكس الدموع التي تسيل على خديها...

-نعم يافاتح


-انا برن عليكي مبترديش ليه ياسارة


جزت أسنانها قبل أن تقول..

-انا مس مجبرة أرد على اتصالك من الاساس يافاتح

خصوصا بعد الي حصل منك من شوية..انت عايز مني ايه !


تحدث بجدية...

-انتي فين..لازم اشوفك ونتكلم


-مفيش كلام بينا..او بمعنى أصح كلامنا خلص


-لا لسه في كلام بينا كتير ياسارة..احنا محصلش بينا كلام عشان تقولي انه خلص، لازم اشوفك

هستناكي في الكافية الي كنا بنقعد فيه..لو مجيتيش هجيلك الكلية بكره ونقعد نتكلم


تحدثت أخيرًا بحفاء...

-انا جاية سلام


أغلقت الهاتف وهي تتنهد بقوة..وتمسح عيناها الدامعة..لابد أن تقابلة لتعلم ماهية الحديث الذي يخبرها بوجوب رؤيتها لإجله وإلا جاء للجامعة


خرجت من المنزل وذهبت سريعًا للمقهى الذي ينتظرها به..صوت صدح بعقلها..

"طب وعبدالرحمن ! "


طمأنت نفسها بتوتر..

-مش هيعرف..او انا هبقا اقوله بعد مااشوف فاتح عايز ايه..دي صفحة لازم تتقفل


ذهبت ولم تدري أن فاتح يود أن يكتب صفحات جديدة في دفترهم الخاص ...يود إرجاعها له من جديد..والبدء معًا بطريقة صحيحة بدايتها إعتراف بالحب..!


وصلت الى المقهى بعد دقائق..ووجدته جالس على طاولة جانبيه..اتجهت له وجلست بهدوء قائلة...

-خير !


-سارة ايه الي حصل في الجامعة دا

ازاي تكدبي كدبة زي دي بين زمايلك

وازاي تكدبي اصلا


عقدت حاجبيها لتقول بجمود...

-اكدب ! كدبت في ايه بالظبط

تنهد فاتح بضيق قائلا...

-كدبتي بإنك مخطوبة..سارة انتي مش مجبرة تكدبي عشان تندميني او تخليني غيران

ان عارف ان دا مش خطيبك..محدش في العيلة يعرف..وانتي مش كاتبة على الواتساب...ولا حتى لابسة دبلة..سارة انتي هخليتي شكلك وشكلي وحش قدام الكل بسبب تفكير تافه


كانت تُتابعه بصمت وإبتسامة ساخرة مرتسمة على شفتيها...حقًا يظنها تكذب وتُحيك الألاعيب كي يغار عليها...يالها من مُخيله خصبه...تابع بهدوء بعدما ضبط إنفعاله...

-سارة تعالي نبدء من جديد هاجي لعمي وهتكلم معاه..هعتذرله واطلب ايدك تاني..ها قولتي ايه


حركت رأسها وهي تضحك ساخرة والدموع ملتمعة بعيناها....

-اممم يعني انت فاهم اني بكدب عليك واني عاملة لعبة إني انا وعبدالرحمن مش مخطوبين ..وكل دا عشان أخليك تغير...خيالك واااسع اوي ياباشمهندس


كان ينظر لها بغضب مكتوم قائلا...

-سارة كفاية كدب


عضت على شفتيها لتقول...

-عايز اثبات !


أمسكت هاتفها واتصلت على أحد الأرقام وفتحت مُكبى الصوت..ليصلهم صوت والدها لتقول بإبتسامة ساخرة....

-ازيك يابابا عامل ايه


-الحمدلله ياحبيبتي انا كويس..رجعتي من الكلية !


-اه يابابا تعبت شوية وعبدالرحمن وصلني

وقالي انه احتمال يجي انهاردة هو ومامته

وهيتصل بيك تقريبا


-يشرفونا ياسارة..بس غريبة إسماعيل مقاليش رغم انه جالي المحل انهاردة


أمالت سارة رأسها بشماتة وهي ترى شحوب فاتح لتقول بهدوء...

-تمام..فهمت عمو اسماعيل اني عندي حساسية من الدهب ومش عارفة ألبس حاجة منه


ضحك والدها ليقول...

-اه قولتله امبارح...الراجل المجنون عايز يجيبلك خاتم ألماس...فاكر نفسه إبن سويرس


همهمت سارة لتقول وهي تغلق الهاتف...

-طيب يابابا هقفل معاك بقا عشان الحق انام شوية


-ماشي ياحبيبتي سلام


أغلقت الهاتف لتحرج كتفيها...

-ايه رأيك في كل دا...لسه فاكر نفسك محور الكون بردو واني بخطط وبجري وراك..فوق يافاتح..انت غلطة انا غلطتها


كادت تقف ولكن أمسك بيدها ليقول برجاء غريب على طباعه الحادة...

-يارة انتي مبتحبهوش..سيبيه انتي بتحبيني انا


رفعت حاجبيها وجلست لتقول ساخرة...

-اممم بحبك انت..طب طالما عارف اني بحبك انت مدافعتش عني ليه قدام رجاء..اهنتني ليه طول خطوبتنا..ليه كنت بتحسسني اني فاجرة وان كل بنات العيلة أحسن مني...ليه طلقتني


أنهت كلماتها بصوت متحشرج..وهي تنظر لعيناه المُعذبه..لتقول بعد صمت...

-اظن مبقاش ينفع وكل دا متأخر

فاتح انا مبقتش باقية عليك..خلاص انا اختارت طريقي وشريك حياتي


ثم وقفت وغادرت سريعًا..بينما هو جالس مكانه..يطالع أثرها بوجه محتقن..وصوت ساخر داخله يضحك ويخبره...أن الصغيرة كبرت

وردت صفعته لها في الماضي..صفعات


كُسرت أظافرها الناعمة..ونمت مخالب قاسية

وأخذت قلبه وغادرت...وصوت مسكين داخله يهتف بلوعة.. رُدي لي قلبي10


                                ***

وقفت سيدرا أمامه وهي تراه يجع الأوراق جانبًا..ويعطيها الملاحظات الواجبه لتوليها ذاك المنصب الهام..ويذكرها بكل ما علمها إياه قائلا...

-زي ماقولتلك مينفعش تاخدي أي قرار من غير استشارة مجلس الإدارة عشان تعرفي توصلي للمفيد لصالح الشركة


كانت سيدرا تسمع لكلماته ووجهها قد بهت لونه

وعيناها تنظر له بتشتت..لا تستوعب مغادرته الآن

صُدمت عندما سمعت قرار والدها صباحًا بإرجاعة الى فرع القاهرة.. هتفت وقتها بصدمة...

-بس انا لسه في حجات معرفتهاش و..


قاطعها والدها بنظرة ذات مغزي وحروف مشددة..

-لا كفاية كدا خليه يروح لمراته وولاده..بقاله هنا يجي شهرين..كفاية كدا


اطبقت فمها وضُربت في مقتل..نعم صحيح من المؤكد أن موسى متزوج ويملك أطفال..عمره الذي تجاوز السابعة والثلاثون يؤكد زواجه

نعم موسى متزوج..لا بأس..مجرد شعور بسيط بالألم في صدرها سيذهب..لن يدوم ذاك الألم..أيام معدودة ويرجع كل شيئ الى نصابه الصحيح...سيعود لعائلته..وهي ستعود لعملها وعزلتها..وينتهي كل شيئ نعم سينتهي كل شيئ


قطع شرودها قوله الحاد...

-سيدرا انا بكلمك..سرحانة في ايه


نظرت له بوجه متجمد رغم الدموع اللامعة في عيناها لتقول بجفاء...

-لا مش سرحانة..متقلقش هعرف ادير الإدارة كويس

معلش عطلناك عن شغلك في القاهرة..واولادك ..ومراتك


همهم موسى مبتسمًا ...

-لا خالص انا كنت بسافرلهم يوم الخميس بليل وبرجع السبت الصبح..مكنتش بسيبهم


لم تبتسم وقالت بنفس الهدوء..

-ربنا يخليك ليهم..وانت اهو راجعلهم بشكل نهائي مش مضطر تسافر وترجع بعد يوم...زمانهم فرحانين..هما ومامتهم


كانت تذكر زوجته في كل جملة كي تُذكر نفسها أن ذاك الرجل الواقف أمامها متزوج ..هناك إمرأة بحياته

وأولاد من صلبه بحملون ملامحه الخشنة وطيبة قلبه...وعنجهيته في بعض الأوقات


تحدث ضاحكًا وهو يجلس على مقعده..

-لا هما طايرين من الفرحة..عشان وعدتهم اني هاخد أجازة لما أرجع ونسافر كلنا عشان يغيروا جو


جعدت جبينها وهي تتنهد بقلة صبر..

-ربنا يخليك ليهم..زمان مامتهم زهقت من تحمل المسؤولية لوحدها لمدة شهرين..مظنش إن كان لازم تقبل تدريبك ليا لشهرين وتسيبها هي مع أطفالك..دا ظلم ليها.. تلاقيها مسكينة سايبة نفسها من غير شغل ومتحملة غيابك لأنها بتحبك ومعندهاش مشكله تشيل مسؤولية أطفالك..مكانش لازم تيجي من الأساس..انا مش صغيرة انا كنت اقدر ادير الإدارة من غير تدريب

وخصوصا ان نص تدريبك ليا كنت بعمل قهوة أكتر مابشتغل..


صُدم من هجومها وعقد حاجبيه بهدوء وهو يسمع كلامها الى أن رأها تتنفس بحدة بعد حديثها المتتابع

ليقول أخيرًا بهدوء...

-انتي بتلوميني على ايه ياسيدرا !


نظرت له ولعيناه التي تحدق بها بصمت

على ما تلومه !..على مجيئه وتعليمه لها قواعد العمل !

تلومه على تركه لإطفاله وإبتعاده عنهم لمدة ستون يومًا !


أم تلومه على مجيئه وتعلقها به !

على ما تلومه بالضبط !


وقفت عن مقعدها مُعتذرة...

-لا مبلومش حضرتك..اعذرني لكلامي البايخ انا...


قاطعها بنفس هدوئه...

-ولا يهمك ياآنسة سيدرا...اكيد انتي متقصديش تلوميني على حاجة انتي متعرفيهاش


كادت تخرج مم المكتب ليقول بجدية..

-يمكن لو كان عندي زوجة بتحبني ومتحمله أطفالي عشان خاطري..كان ممكن ألوم نفسي معاكي واقول قد ايه أنا شخص متواكل...بس انا الي شايل مسؤولية ولادي كاملة...اسف لتحطيم الصورة الحقيرة الي انتي رسمتيهالي في خيالك


إلتفتت له بدهشة وكادت تتحدث ليقاطعها بحدة...

-اتفضلي ياأنسة وهفضيلك مكتبك خلال نص ساعة


خرجت سيدرا من مكتبه وهي لا تدري..هل موسى متزوج او لا..مالذي كان يقصده بأنه من يتحمل مسؤولية أولاده كاملة..مالذي كان يقصده بحق الله


وانتم أصدقائي فكروا معها الى أن نلتقي في الجزء الثاني من رواية رُد قلبي

موسى متزوج ...ام لا !7

تمت

تابعو الجزء التاني

                                 

تعليقات

التنقل السريع
    close