القائمة الرئيسية

الصفحات

الفصل السادس والسابع رواية "رُد قلبي" الجزءالاول بقلم وسام اسامه كامله على مدونة النجم المتوهج للروايات


 الفصل السادس والسابع

رواية "رُد قلبي"

الجزءالاول 

بقلم وسام اسامه

كامله على مدونة النجم المتوهج للروايات 

.................................

جلست أمنية جوار رُقية زوجة شقيق ناجي..قائلة بود..

-والله يا روكا ببقا عايزة اجيلك ونقضي اليوم سوا بعيد عن العيلة..لكن انتي عارفة ناجي مبيرضاش اروح في حتة وهو مش معايا


-وهو اي حاجة يقولها ناجي تسمعيها..مش لازم يبقالك رأي بردو ياأمنية..انتي كدا محبوسة في البيت ديما


ضحكت أمنية بإستسلام قائلة..

-يعني بعد السنين دي كلها هقوله لا يارُقية

ماخلاص انا اتعودت اسمع كلامة واتأقلمت ياحبيبتي1


تنهدت رُقية بتردد وعقلها يهتف بها ان تُخبرها بما يفعله ناجي خلف ظهرها..ولكن جلال أقسم عليها أن لا تخبر احد وخاصة أمنية..لتقول رُقية بإبتسامة كاذبة..

-ربنا يخليكوا لبعض ياحبيبتي..وبعدين ايه الحلاوة دي

اللون دا لايق عليكي اوي..روحتي الكوافير امتا


ابتهجت أمنية وهي تُمسك خصلاتها المصبوغة باللون البُني كالون القهوة..وتتخلله خُصل ذهبية مما أبرز لون وجهها الأبيض البهيي...

-بجد ياروكا حلو !

انا لسة عملاه امبارح..بعت رامي يجبلي الصبغات وعملتها بنفسي..في بنت علي النت شوفتها بتعمله ازاي..ولاقيتة سهل خالص بس بياخد وقت


-اه والله حلو اوي ماشاء الله..اكيد عجب ناجي

الرجاله بتحب التغيير بردو


بهتت إبتسامة أمنية وهي تتذكر ردة فعله عندما نظر اليها

وهي واقفة أمامه تسأله بحماس وخجل..

-اية رأيك في اللون دا !


نظر لشعرها دقائق قصيرة ليقول بملامح واجمة..

-حلو


جملة من ثلاث أحرف فقط..ألقاها وتركها وخرج

لتجلس بمحلها بإنكسار رغم كل شيئ..شعرت انها تحولت لإمرأة قبيحة لا تجذب نظرات زوجها مهما فعلت

إستفاقت علي ربتة رُقية التي تحدثت بقلق..

-مالك ياأمنية..انتي هتعيطي ولا أيه !


هزت أمنية رأسها بنفي قائلة بصوت متحشرج..

-لالا..هعيط ايه..مفيش حاجة


في تلك اللحظة فُتح باب الغرفة ودلفت سارة إبنة رُقية

التي هتفت بحنق...

-قولتلك مية مرة ياماما انا مبحبش أجي معاكي لتجمع العيلة دا..ودي آخر مره هسمع كلامك ..انا هروح دلوقتي وابقي قولي لبابا اي حاجة


-حصل اية ياسارة..رجاء وهالة ضايقوكي تاني !


ضحكت سارة ساخرة لترفع أصابعها وتعُد..

-رجاء وهالة وفاتح وخالد ورامي


شهقت امنية هاتفة..

-رامي ضايقك في اي ياحبيبتي..تعالي ياسارة اقعدي جنبي وقوليلي عملولك اية


جلست سارة جوار أمنية..تلك المرأة الحنون التي تشعر بصدق مشاعرها نحو الجميع..ولا تنفك عن مدحها رغم ءم الآخرين..لم تستطع تحمل الضغط النفسي الذي تعرضت له من شباب العائلة لتبكي بإختناق..لتشهق امنية ورُقية التي هتفت...

-يابنتي استهدي بالله وقوليلي في ايه

بدل مااطلع اتخانق معاهم

نظرت لها أمنية قائلة..

-اهدي بس يارقية وروحي هاتيلنا كوباية عصير

يلا يابنتي اخلصي


خرجت رقية واغلقت الباب خلفها..لتُمسك امنية يدها تربت عليها بحنان قائلة..

-مالك ياسوسو عملولك ايه العيال دي

وانا هجيبلك حقك


مسحت سارة دموعها هاتفة بضعف..

-رجاء وهالة بيتريقو علي شكلي..واني شبه الولاد بقصة الشعر دي..وان البنت الي شعرها طويل هي البنت بجد

وخالد اتدخل وقال ان كلامهم صح ...وفاتح اتدخل فجأة وقال ان لبسي كمان وحش..ومُتشبهة بالرجالة وفضل ينتقدني وفاتح اصلا مش سايبني في حالي


مسدت امنية علي خصلاتها لتقول..

-طب والله قصة شعرك جميلة..دا حتي قبل كتفك بحاجة بسيطة ليه بقا شبه الولاد!

ورامي عمل ايه

-رامي فضل يأيد كلام هالة عشان الجو بتاعة

اكنهم استلموني وكل واحد بيحلو للتاني علي حسابي


عانقتها امنية ضاحكة..

-يعني كل واحد فيهم ليه جو..وانتي ملكيش

لا ملهومش حق..انا هروح اهزأهم وخصوصا فاتح العاقل

دا مفروض اكبر منكم كلكم وميعملش كدا


هتفت سارة بإنزعاج..

-فاتح سوية ويروح يقول لبابا يؤدني أحسن

في كل مرة باجي التجمع العائلي دا ينتقدني او يكسفني

ويشمت رجاء فيا


عقدت الحجاب علي رأسها وحادثت سارة..

-تعالي معايا اتفرجي وانا بهزأهم وباخدلك حقك ولا تزعلي


اخذتها امنية واتجهت الي احد الغرف التي يتجمع بها شباب العائلة..لتدخل قائلة..

-ازيكو ياشباب


حياها الجميع لتقول لرجاء وهالة..

-حبايبي انتو كُبار كفاية وكل واحدة فيكو بتعمل الي هي عايزاه من غير ماحد يقولها حاجه..فا مينفعش تنتقدو الي اصغر منكم وتكرهوه في شكله او حاجه هو عاملها

وكمان الدين مبيقولش كدا..ولا اية يارجاء


نظرت امنية لفتاة  في سن الواحد والعشرون او اكثر..لتقول رجاء..

-طبعا ياطنط الدين بينهانا عن كدا


ثم نظرت لفتاة تجاورها وتتابع..

-وانتي ياهالة عارفة ان كل واحد حر في شكلة ونفسه

صح !


ردت هالة بحنق وقد فهمت تلك المقدمة..

-صح ياطنط


-طب طالما هو صح متقولوش بديهيات الي قدامك عارفها

سارة عارفة ان شعرها قصير..ولما جت قصته عارفه ان دا هيكون شكلها..مفيش داعي لكلام انك شبه الولد والكلام الي يزعل دا


تحدث فاتح وهو اكبرهم ويبلغ خمس وعشرون عامًا..

-وهي سارة زعلت واتقمصت من الكلام

مش مفروض ان بقا عندها ١٨سنة وكبرت علي الشكوي


ضغطت سارة علي كف أمنية جوارها وبدأت تدمع من جديد لتنظر له أمنية بعتب..

-اسكت انتا يافاتح عشان بلوم عليك

انتا الكبير فيهم..مينفعش تزعل حد منهم حتي لو اصغر فرد وسطكم


ثم نظرت لرامي هاتفة..

-وانتا يانحنوح متدخلش في الي يخص البنات

وانتا كمان ياخالد بطل تضايق سارة دي اختكم الصغيرة


سخر خالد ليهتف ضاحكا..

-قولي اخوكم الصغير يامرات عمي


ضحك الجميع فيما عدا أمنية وفاتح..وخرجت سارة سريعا من الغرفة تركض نحو الخارج..لتهتف أمنية بحدة..

-اما انكو عيال ومبتحترموش حد


ثم خرجت ليقف رامي ويتجه للخارج ليلحق بسارة

بينما ظل فاتح جالس في محلة بملامح باردة

دون اي ردة فعل عما حدث

لتقول رجاء ساخرة..

-ماهو بردو الحق عليها طالما هي بتقفش وبتزعل من اقل حاجة قاعدة مع الاكبر منها ليه..أما تافهة بصحيح


هتف فاتح..

-ماخلاص يارجاء اقفلوا السيرة


صمتت رجاء تماما وعين فاتح مُسلطة علي الخارج..ينتظر رجوع رامي او سارة..ومن دون ان يشعر كان يضغط علي أناملة بغضب مكتوم..لا سبب له !


بينما ركض رامي خلف سارة هاتفا...

-ياسارة اقفي بقا قطعتي نفسي..ابوكي لو عرف انك خرجتي هيزعقلك


وقفت سارة اخيرًا ومسحت عيناها الباكية وهي تشيح وجهها جانبا..ليقف رامي جواراها هامسا...

-انا اسف والله بس احنا كنا بنهزر معاكي

وانتي الي بتزعلي بسرعة


هتفت سارة بحدة رغم بكائها..

-لا انتوا مبتهزروش..وحتي لو بتهزروا انتوا مبتهزروش معايا..لا بتهزروا عليا


جعت رامي جبينة وبدأ ضميرة يؤنبه ليقول..

-خلاص بقا ياسوسو متزعليش..قلبك ابيض

وبعدين بالعقل كدا..دا شكل ولد..دا انتي زي القمر

انتي احلي من كل بنات العيلة


غمغمت..

-هالة لو سمعتك هتموتك


ضحك رامي ليقول..

-لا ما انتي تاني احلي بنت في العيلة بعد هالة

والله بجد يابنتي انتي زي القمر وشعرك حلو


اتم جملته وهو يضع غرتها خلف اذنها..لتخجل وتغمغم..

-طب خلاص حصل خير يلا نرجع


اوقفها رامي مشاكسا..

-صافي يالبن يعني


ابتسمت لتقول..

حليب ياقشطا


ضحك رامي واتجه بها الي بيت العائلة من جديد

بينما فاتح يقف بالشرفة ينظر لهم بجمود..وقد تجمع حنق العالم بأسرة في نفسة من جديد

                                ***

استيقظ عُبيدة باكرا في حدود الساعة السابعة صباحًا

تأفأف من إستيقاظة  في هذا الوقت الباكر..رغم انه يوم إجازتة..خرج الي الصالة الخارجية ليجد صديقة مُسطح علي الأريكة ويصدر شخيراً جعله يضحك قائلا..

-يانهار اسود...الله يكون في عون الي هتتحوزك

محتاجة كاتم بشري يفصل صوت شخيرك عنها1


ثم اتجه الي المرحاض ليغسل أسنانة ووجهه

ليتجه الي المطبخ يجهز كوب شاي ساخن..ومن ثم اتجه الي الشرفة..يستقبل هواء الشتاء العليل..أنه شهر يناير

بداية هواء الشتاء وهوائه وأمطاره الرائعه


وفي وسط شروده رأي عربة السيد كامل تقترب من البناية

ألم يكن مُسافر أمس !

عاد بتلك السرعة


رأي ريشة تهبط من السيارة..وكذالك حفيدته غزال

ليجد ريشة تستند علي غزال..والسيد كامل يسير خلفهم حاملا حقائبهم

ترك عُبيدة كوب الشاي جانبًا واتجه اليه يساعده علي الفور

وفي هبوطة علي الدرج سمع غزال تقول لريشة بخفوت..

-اوعي يكون عملك حاجة ياريشة..اوعي يكون لمسك


لتجيبها ريشة بنحيب مكتوم..

-الجيران لحقوني..انا مش مصدقة ياست غزال انه عمل كدا..هونت علية..اكمني مليش حد يُقفله


عنفتها غزال بحدة..

-واحنا فين يابت انتي..طب والله اخلي بابا يسلط رجالته يدوه علقة موت لما يخرج..ولو كان لمسك مكناش هنسكت ياريشة قال ملكيش حد قال


التفتت لها ريشه لتعانقها وتبكي

حاول عُبيدة ان يحمحم ليلحظوا وجوده

ولكن ردة فعل غزال جعلته يعقد حاجبيه..وهو يري حيرتها عندما رفعت يدها في الهواء وعانقتها بتردد..وكأنها تحارب شيئ ما داخلها


حزم موقفة حين حمحم قائلا..

-السلام عليكم


انتبهوا له وابتعدت ريشه عن غزال..ودلف السيد كامل في نفس اللحظة ليقول عُبيدة...

-صباح الخير


رد كامل وريشه تحيتة..بينما غزال تجاهلت تحيتة ونظرت لكفها المُصاب..ليقول عُبيدة بقلق..

-مالك ياريشة شكلك تعبانه


همهم كامل بإيجاب..

-ايوة يابني تعبت عند اهلها شوية..وكمان غزال ايديها اتعورت..مش عارف ايه صايبهم


نظر عُبيدة لغزال ولأول مرة يلحظ ردائها الغريب

ترتدي فُستان مليئ بالورود الزرقاء والحمراء والصفراء..وكأنها ترتدي بُستان..ولكن ليس منفر بل لطيف

والي الوشاح التي تضعه علي رأسها..وشعرها يتدلي علي الجانبين..وكذالك الوشاح..لا هي اطلقت خصلاتها ولا هي اخفتهم...تبدو كالغجر !2


تعجب من هيئتها الغير مألوفة ولكن تغاضي عنها واتجه الي السيد كامل وحمل عنه الحقائب مُتمتما...

-سلامتهم ألف سلامة..عنك ياحج كامل


شكره كامل بينما صعدت ريشة وغزال الي الشقة

لتفتحها غزال وتدلف..خلعت الوشاح والقته جانبا ...وكذالك حذائها ذو الكعب العال..وسارت الي داخل الشقة لا تدري..هل سيدخل..أم سيصعد الي شقته


بينما ريشة اتجهت لغرفتها وأغلقت بابها

سمعت غزال صوت كامل يدعوا عُبيدة للدخول والأخر يرفض بتهذيب..ليقول كامل ..

-طب ادخل بس عشان عايز منك خدمة


دلف عُبيدة خلف كامل ليجد غزال تجلس علي أحد المقاعد وتحرك ساقها برتابة..ومع كل حركة يصدر خلخالها صوت رنات متناغمه..وحين نظرت له..اوقفت حركة ساقها

ليجلس كامل وعُبيدة كذالك..ليقول كامل..

-غزال ايديها اتعورت ومحتاجة تغير عليها..معلش لو هنتعبك تغيرلها عليها لأني جاي سفر من الفجر ومش قادر اوديها المستشفي


اجاب عُبيدة علي مطلبه برحابة صدر..

-ولا يهمك ياحج..عايز شاش وقطن وبيتادين

واغير علي الجرح دلوقتي


وقفت غزال لتجلب ما طلب بصمت ولكن كامل هتف..

-لا ياحبيبتي خليكي قاعده ارتاحي انا هجيبهم


همهمت قائلة..

-هتلاقيهم علي الترابيزه يابابا


ذهب كامل سريعا ليجلب ماقاله..ولازال عُبيدة يحدق في أثره بدهشة..لِما يدللها كل هذا الدلال!

الا يخاف افسادها


ثم رفع عيناه لغزال ليقول بعد صمت..

-انتي كويسة دلوقتي


لم تحدق به بنظراتها الغريبة..ولم تبتسم تلك الإبتسامة الواسعة حين تراه..بل اجابته بخفوت وهي تنظر لكفها..

-اه كويسة


همهم ليدلف كامل قائلا..

-خد يابني الحاجة اهي..انا هدخل اكلم جدة ريشه ياغزال


أخذها من يدة وجلس قُرب غزال ليقول بعملية..

-افردي ايدك


فردت كفها امامه ليبدأ بفك الشاش الذي لفه علي كفها أمس..وبدأ بتعقيم جرحها ..وهنا بدأ العذاب لكليهما

هي تتأوه من ألم المُطهر علي جرحها..وهو مُتماسك أمام مايصدر منها


رفع عيناه لوجهها ليجدها تحدق به بنفس النظرات السابقة

من اي شيئ صُنعت هذة الفتاة..لما تتصرف وكأنها ...وكأنها...وقفت الكلمة بعقله..لا يعلم كيف يصف نظراتها الوقحة...صدقًا لا يدري


كان عقله يعمل دون توقف ويكتم أنفاسة بصعوبه

بينما هي تراقبه..تراقب خصلاته السوداء..جبهتة

وعيناه المُسدله..تراقب ءاق الثُقب في ذقنة..طابع الحُسن الذي انغرس في في ذقنة ليعطيه هيئة مليحه

قلبها ينبض بجنون ...هذا الرجل يجعلها ترغب في القاء نفسها بين ذراعية وتُمرغ وجهها في كتفه


كلما نظرت اليه تشعر بدفعة دموع طفيفة لتعطيها لمعة

هل يدري تأثيرة الغريب عليها..ايدري !

إن اقسمت لأي شخص انها لم تشعر بهذا الكم الغريب من المشاعر نحو صمتة فقط..ماذا ستشعر إن تحدث


لم تنتبه أنها لازالت تتأملة رغم إنهائه لِما يفعلة..ليهمس لها بضيق مكتوم..

-انسه غزال والدك بينادي عليكي


همست بنعومه..

-ها

وقف كالملدوغ يتجه لخارج الشقة دون حديث

وكأن ثُعبان يركض ورائة..


لتنظر الي كفها تقبض عليها بصمت..ليخرج كامل اليها قائلا...

-أمال عُبيدة فين !


وقفت بشرود هامسه..

-مشي..انا هروح انام


تركته ودلفت لغرفتها ارتمت علي الفراش وضمت يدها الي صدرها..واغمضت عيناها تسترجع هيأته أمامه..إمساكه لكفها..شعرت مع كل لحظة ان قلبها ينبض أكثر

قلبها ينبض بقوة لعُبيده...بينما هو ساكن تماما..

                       

بينما عُبيده صعد الي شقته سريعا..يهرب من تلك المغوية

يهرب من نظراتها التي تبتلعه..يبتعد عن هيأتها العشوائية التي تجل دمائة حارة..وضيقه يزداد

يود صفعها عل تلك النظرات تنقشع..لو كان رجل أخر كان رحب بأفعالها..ولكنه يملك شقيقتان في الغُربة..يصون النساء ليصون الناس اخواته


ولكن غزال تحاول اصطيادة

منذ متي والغُزلان تحاول الصيد..!


لن يسمح لها ان يكون صيد لفتاة مثلها..سيتجاهلها

سيشغل وقتة بأي شيئ غير التفكير بتصرفاتها

اعاد صنع كوب شاي ساخن بدلاً من تلك التي بردت

وجلب "اللاب توب" واتجه الي الشُرفة ليجلس علي مقعد ويضع جهازه علي مقعد اخر امامة


همهم وهو يختار أغنية تناسب صباحة وميزاجة

وفتح أحد المسودات يحاول كتابة أي شيئ يعبر به عما يجول بخاطرة


لتعم الأجواء موسيقي غريبة..

"أسمع علي هذا الولد علاجة عند شيخ البلد

شيخ حكيم ومتقي يقرأ علية سورة الفلق

قوله ياشيخ سيد الشباب بيقول

آمان ..آمان ..آمان

ايدوايلنا ها الولد..من الجن من كل الحسد

آمان...آمان ..آمان

ياشيخ ادعي بجاه الإله وكل مافي العلالي

آمان...آمان ...آمان"1


ظلت الأغنية تتردد بنغمات مختلفة وغريبة عن ذوقه وإختياره المعتاد..ولكن حازت علي إعجابة

ولكن فجأة ظهر صديقة يقف أمامه..عابس الوجه منكوش الشعر..


لينتفض عُبيدة بفزع ..

-اعوذ بالله من الشيطان الرجيم..ايه ياجدع دا فزعتني1


اغلق وائل اللاب توب بقوة علي يد عُبيدة ليقول بوجوم..

-ابقا ابن كلب لو نمت عندك تاني..وعارف انا داخل انام تاني..لو سمعت صوت عالي مش هجيب شيخ البلد يقرأ عليك سورة الفلق...تؤتؤ لا..هنقرأ علي روحك الفاتحة2


وبنفس الهدوء دلف الي احد الغرف وأغلق الباب بقوة

بينما لازال عُبيدة ساهم في أثرة ليقول بخفوت..

-هو دا بيتي ولا بيته !


ثوان واطلق ضحكه مكتوم كي لا يقرأ وائل علي روحة سورة الفاتحة..

                               ***

رواية "رُد قلبي"

الفصل السابع" ما في منك"

....................................

جلس شَريف علي سَطح تلك البناية الشعبية التي يقطن بها..أخرج سيجارة من تلك العُلبة المُلقاه جوارة

وأشعلها ليأخذ شهيق منها..ثم زفير مُحمل بدخانها الضبابي..ليلوح أمام زرقة السماء أمامه ...ليبتسم حين تذكر ذُعر والدتة حينما اكتشفت أنه بدأ تدخين

كم ثارت وبكت وترجته أن يُقلع عنها...كان يضمها ويؤيد حديثها لعلمه أنه إن رفض ستبكي أكثر


لطالما كانت والدتة بكائه..تبكي من اقل شيئ ..ليفعل كما والده تماما يضمها مواسيا ويعدها أنه سينفذ ماتريد

وعلي ذكر والده انكمشت ملامحه بألم حقيقي

أدم الصياد...نعم الزوج لوالدتة ونعم الأب لأخواتة

أما هو..فيصب علية كامل الغضب واللعنات...يعامله وكأنه إبن رجُل آخر...والدة يغار منه علي والدته واخواتة

وفي غُمرة غيرته ابتعد عنه ونبذة


بل ويتحكم بكل شيئ بحياتة

إلي أن ثار شَريف وأعلن بكل حزم إنفصاله عن العائلة

وفي المقابل سحب أدم كل ارصدته في البنك وسيارتة

وأي شيئ مادي اعطاه إياه...ورغم ذالك شَريف لم يغضب

بل رحب بتلك الخطوة..وبدأ في تأسيس نفسة

لن ينتظر شيئ من أحد..ورغم ذالك يُحب أباه

لا يملك سوا أن يحبه


فتح هاتفة أخيرا بعد إغلاقة ليومين مُتتاليين عله يجد رسالة أو مكالمة من حبيبتة ولكن لا..صدق حدسة

‏وصدقت في تهديدها حينما قالت

‏"شريف لو مش هترجع لأهلك وتراضي باباك وترجع مستواك الإجتماعي..يبقا مفيش داعي نكمل"

تهديد صريح لم يُبالِ به..ورغم ذالك تألم لتركها له في تلك الحالة...ولكن لا بأس


قطع شرودة إتصال والدتة المُستمر ليُجيب باسما...

-تُقايا...وحشتيني

-‏

قابلة صوتها اللائم المُتألم...

-وحشاك..! قدرت علي نبذك ليا

قدرت متكلمنيش كل دا يا شَريف

هونت عليك


-عمرك ماتهوني علي ياماما..كنت محتاج أفصل من كل حاجة وكمان دول مش ايام دول يومين بس

متزعليش بقا


ابتسمت تقي بحنان لتقول راجية..

-مقدرش أزعل منك..بس وحياتي عندك ترجع البيت

تعالي دلوقتي نتعشي سوا..ونسهر مع بعض

هعملك كل الأكل الي بتحبة...وهخلي جودي تعملك البان كيك الي بتحبه منها...وسيدرا هتساهدني

كلنا مستنينك


-وأدم بيه !

هتف ساخرا لتُجيب بلهفة..

-ادم دا ابوك حبيبك ياشَريف..دا هو الي قالي كلمية عشان يجي ابوك من ساعة ما مشيت وهو عايز يكلمك و..


قاطعها شَريف بسخرية...

-ماما..الكلام دا مش عليا..بابا ميهموش لو انا مشيت او جيت..بابا ميهموش إلا انتي وسيدرا وجودي

إنما انا وجودي زي عدمه ...وبعدين انا مش هاجي البيت تاني غير لما اهدي..انا استقريت خلاص ومرتاح كدا


هتفت تقي بصوت مُرهق ...

-ياحبيبي ماانا مش هقدر اقعد من غيرك

بلاش تعاقبني انا كمان يا شَريف..بلاش تاخدوني في الرجلين انتا وابوك


همهم شَريف بهدوء رغم حزنة علي حزنها..

-معلش ياماما..بابا لازم يفهم ان ليا حريتي الكاملة

ليا اختار الي انا عايزه مش الي هو عايزه

بابا مبيعاملش سيدرا وجودي كدا..مع انهم بنات وبيجي عليا انا


انتحبت تقي بنشيج خافت هامسة...

-طب مش انا بعاملك كويس..مش انا بقف في وشه لما بيجي عليك..رغم ان ابوك بيحبك ولما بيعمل حاجه يبقا عشان مصلحتك..عشان خاطري ياشَريف ارجع

والله ماقادرة استحمل البيت وانتا مش فيه


قاطع كلماتها صوت قصف في أذنيهما...

-انتي بتعيطي ليه..مش قولتلك براحته رجع او لا

مايتفلق هو والي جابه ايه فايدة بُكاكي دلوقتي


كتم شَريف غضبة من كلمات والده الجارحة التي قصفت في أذنه..ليقول بهدوء..

-هكلمك بعدين ياأمي لما تفضي كلميني..

-‏

علي الطرف الآخر سحب أدم الهاتف من يد زوجتة الباكية ليقول موبخا بصرامة..

-بقولك ايه..لو هتكلمها تعيطها كل شويه

يبقا متكلمهاش انتا سامع


-مش هتحدد في دي كمان اكلم أمي ولا مكلمهاش

زي ماهي مراتك هي أمي بلاش الي بتعمله دا


زاد غضب أدم من نبرة ولده الحادة ليصيح بغضب ...

-انتا متكلمنيش كدا يلا احسنلك..وقسما بالله لو حطيتك في دماغي انك متقربلهاش هعملها


هتفت تقي صارخة...

-ادم كفاية دا ابني..كفاية بقا انا تعبت

والله تعبت ربنا ياخدني بقا واخلص


اغلق أدم الهاتف وبطول يده هشمه في الحائط ونظر بزوجتة التي تبكي وتصرخ دون توقف...لتأتي شابة سريعا علي صوت صراخ والدتها قائلة بقلق ...

-ماما مالها يابابا

-‏

كتف أدم يده ولم يُجيب لتقترب الفتاة من والدتها وتعانقها مواسية لتقول..

-اهدي بس ياماما في اية !

-‏

وضعت تقي يدها علي وجهها وزاد بُكائها الهستيري لتهتف جودي بفزع...

-سيدراااا..هاتي كوباية مية بسرعه لماما

دقائق وجائت فتاة تكبرها بعامين أو اكثر بكوب ماء


واقتربت من والدتها هامسه..

-اهدي بس ياماما

-‏

ولكن لم تتوقف تقي عن البُكاء لتهمس مُلتاعة..

-دا ابني..حتة مني عايز تبعدني عنه

بأي حق تعمل فيا كدا..دا ابنك ضناك


همسها المُتألم ألم قلبة في المُقابل

وتلك الهيئة الجامدة تبدلت وهو يهتف لبناتة..

-اطلعوا برة واقفلوا الباب

-‏

نظرت له جودي وسيدرا بقلق..ليهتف

-برة

خرجت جودي بحنق لتقترب سيدرا من والدها تُقبلة علي وجنتة هامسة بخفوت...

-براحة عليها يادومي..دي الغَالية

أبتسم أدم لأحب فتاة الي قلبة بعد زوجتة ليهمس..

-هصالحها متقلقيش


خرجت وأغلقت الباب..ليجلس أدم جوار زوجتة الباكية

سحبها لأحضانة بصمت وربت علي ظهرها

كما إعتاد وكما إعتادت...يكون سببًا في بُكائها..ولكن دقائق ويربت علي أحزنها...والآن وحتي عندما خط الشيب خصلاته وتحول لونها للرمادي وتجعد جبينه

لا يستطيع تركها تبكي..لا يستطيع

لم يملك سوا أن همس بخفوت...

-اهدي..كله هيبقا تمام

-‏

رفعت وجهها عن صدره هامسة بعذاب..

-امتا ياأدم..انتا مسيطر علي الولاد..مسيطر علي حياتهم

حتي سيدرا الي بتموت فيها وصلت لسابعة وعشرين سنه ورافض تجوزها..والبنت ماشية علي هواك

ولا جودي الي بتتحايل عليك تقابل رئيسها الي طالب إيديها وانتا بتأجل من غير تبرير ولا سبب يتعقل

ولا شَريف الي سحبت منه كل حاجة عشان قالك لا

الولد بقا مُقتنع انك بتكرهه..ايه الي هيبقا تمام!


رغم علمه أنه علي خطأ ولكنه هتف...

-تقي انا عارف مصلحة عيالي..سيدرا لسه مجاش الي يقدرها ويشيلها في عينية...وسيدرا انا مش مرتاح للي عايز يخطبها دا..وشَريف مُتمرد انتي مدلعاه

بقا بعد كل دا مش عايز يمسك شغلي ويقولي دي حريتي !


وقفت تقي وشاحت بوجهها عنه..

-ادم شَريف لو مرجعش البيت انا هروح اقعد معاه

هتفت بتلك الكلمة بإندفاع ليُصدم هو ويقول بدهشة..

-وتسيبيني !

-‏

لم تُجيب ..ليجرج من الغرفة سريعا صافعا الباب خلفه

لتجلس تقي وتبكي بحرقة من جديد

تريدة ان يستفيق من سيطرتة ولكن دون ان يتألم

او يتألم أحد من اولادها ...لتشعر بذراعين جودي تحاوطها هامسة..

-اهدي ياماما والنبي

-‏

بينما علي الطرف الأخر كان شَريف يتطلع الي الهاتف بغضب علي بُكاء والدتة..يتألم لفراقها كما تتألم

هو فتاها المُدلل..وهي والدتة الحبيبة


ولكن لن يعود حتي يُثبت لوالدة أنه يستطيع بدونه

يستطيع أن يختار مايريد..يثبت له أنه صار رجل يبلغ

أربع وعشرون عام وليس عشرة..يستطيع أن يكون مثلة

وأفضل...يُثبت أنه بقادر علي جعل حياتة أفضل


ادخل يدة لجيب بنطالة وأخرج سيجارة محشوة

نظر لها لثوان قبل أن يُشعلها ويبدأ بتدخينها وعيناه مُغمضة...وضحك لثوان حين تخيل ردة فعل والدتة عندما تعلم أنه دخن للتو سيجارة "حشيش"..!

ولكن شيئ داخلة يقول..لا تأبه..وتمرد

                               ***

كانت بين يداه..ناعمة..مغوية ورائعة

كانت كالقطة الوديعة التي تتمسح بصاحبها بكل رقة ودلال

ليقول بصوت متأثر عاشق..

-غزال..انتي هنا2


اتسعت بسمتها وهي تعانقة بنعومة وبُطئ..

-غزالتك ياعُبيدة..غزالتك انتا بس


ثم قرنت كلامها بقبلة بنعومتها ولازال هو ذائب بين يداها وليس العكس..كانت مستحوذة علي عقلة وقلبة

ومع همستها بتأكيد ملكيتها له شعر بموجة حارة جعلتة ينتفض بقوة بين يداها


ولكن في الواقع هو لم ينتفض بين يداها

هو انتفض علي فراشة بفزع..ولازال جسدة حار ينتفض بقوة..وذكري عناق غزال له كامشهد يُعاد ويتكرر داخله


إستعاذ من الشيطان وهو يمسح علي وجهة

ولو كان بيدة لاستعاذ من غزال نفسها..تلك اللعنة التي تكاد تصيبة وتخترق احلامة بوقاحة


استفاق تماما من نومتة واتفق مع وائل علي الخروج الي اي مكان بدلا من اجواء المنزل..ورحب وائل بالفكرة


أنهي عُبيدة إرتداء ملابسة المكونة من قميص أزرق وبنطال أسود وحذاء باللون الأسود

لينظر لوائل الذي يعبث بهاتفة بتركيز..

-قوم يابني بقا دا انا جهزت من بدري وانتا لسة

-‏

القي وائل هاتفة جانبًا ليقول..

-علي أساس الدنيا هتطير..وعمتا انا هلبس الكوتش بس

وبعدين اية الشياكة دي ياعبودة


لوي عُبيدة شفتيه بحنق قائلا...

-عبودة! امشي ياوائل خلص

-‏

أنهي عُبيدة جملتة لسمع صوت صراخ صدر من الطابق السُفلي..ليخرج سريعا وخلفة وائل ليجد

ريشة تصرخ جوار جسد كامل المُمدد أرضا..ليتجه الشابين وبعض السكان إليها ليُساعدوها ويحملوا جسد السيد كامل

ليقول عُبيدة

-مالة ايه الي حصل


لتهتف ريشة بذعر..

-الحقني يااستاذ عُبيدة الحج كامل وقع من طولة ونفسة ضعيف اوي..كنت بديلة مُفتاحة فجأة وقع

خرجت غزال هي الأخري علي الصراخ لتجد كامل مُمد ارضا..لتصرخ وتهبط الدرج سريعا هاتفة...

-بابا...مااالك يابابا

حمله وائل بسهولة لشدة بنيتة وصعد الدرج المؤدي لشقة السيد كامل وتبعة بعض الجيران ..ولازالت غزال مُسمرة بمحلها تبكي بخوف..ليقول عُبيدة بحدة..

-انسة غزال اتحركي لبسك مش مناسب..الناس بتبص عليكي


أتجهت لها ريشة باكية لتقول...

-لا هي جسمها بيتشدد لما بيحصل حاجة

ومبتتحركش حوالي خمس دقايق كدا

تذكر عُبيدة بأول لقاء لهم حينما دلف مع كامل

كانت مُسمرة أيضا بصمت...ليتنهد وهو يمسح علي وجهه ليقول...

-طب ياريشة اطلعي بسرعه هاتي حاجة تحطها عليها

انطلقت ريشة سريعا..ولازالت غزال تقف في مدخل البناية

بفستانها المنزلي الذي يحدد تفاصيل جسدها الأنوثي الفج

ليقف عُبيدة أمامها ليحجب الأنظار عنها..وليغض بصرة عنها..رغم أن شيطانة جعل جسدة يتعرق


ورقبتة تكاد تلتفت لتنظر لها يود لو ينظر لها ويتأكد انها هي من كانت في حلمة تعانقة وتُقبلة هامسة انها غزالتة وحده..


ومازاد الطين بِلة بكائها الناعم..التفت لها ناظرا لوجهها المحتقن وجسدها المُتشنج ليهمس بلين..

-هيبقا كويس..اهدي بس عشان نطلع نطمن علية


رفعت عيناها الباكية إليه هامسة بخفوت..

-مليش غيرة


لان قلبة لها ليقول مواسيًا..

-متقلقيش هيبقا زي الفل


لم تُجيب بل شهقت باكية لتأتي ريشة بوشاح كبير قائلة..

-صاحبك عرف يفوق الحج كامل


وضعت ريشة الوشاح حول اكتاف الأخري

ليقول وهو يصعد الدرجات...

-طب يلا اطلعوا..وادخلوا اوضة علي ما الجيران يمشوا

تحركت غزال مع ريشة ولازالت تبكي


ولكن حين دلفت الي الشقة اتجهت الي كامل والقت نفسها علي صدرة تبكي بحرقة..ليهمهم بعض الجيران بمواساة

بينما وائل جذب عُبيدة هامسا له...

-مين الحتة البلدي القمر دي

زمجر عُبيدة بحدة..

-وائل


-يابن المحظوظة ياعُبيدة..دي البت ولا هيفاء وهبي

ياديني وانتا قاعد تولول علي الدكتورة بتاعتك


هنا هتف عُبيدة بحدة لغزال...

-انسة غزال روحي مع ريشة جهزوا حاجة للحج كامل

نظرت له غزال برفض ليقابلها بنظر حادة


ومازاد نيران نظراته حينما همس وائل..

-اقسم بالله غزال فعلا

وقفت غزال ودلفت مع ريشة ليبدأ عُبيدة بفحص كامل ليقول...

-ياحج ضغطك واطي اوي لية كدا..ظبط ضغطك مش عايزين الهُبوط دا يحصل تاني


همهم كامل دون ان يجيب..همهم بخفوت ووهن جعل وائل يقول عندما خرج من غرفة كامل ...

-الراجل دا شكله هيموت ياعُبيدة1


نهرة عُبيدة قائلا..

-بس ياوائل ربنا يحمية لبنتة

-هي البنت دي بنتة !


اقتربت غزال منهم لتقول بصوت مبحوح أثر البُكاء..

-بابا ماله


كاد عُبيدة إن يتحدث ليقول وائل سريعا..

-ابوكي زي الفل وميت حصان كمان..خدي بالك انتي منه بس ياا انسة...


تجاهلتة غزال تماما لتقول لعُبيدة..

-وقع كدا من ايه ياسي عبودة1


همهم عُبيدة وهو يتجه للخارج..

-متقلقيش هو ضغطة وطي شوية بس

خليه يرتاح وهو هيبقا زي الفل

هتفت خلفة ...

-تسلم لينا ياسي عبودة

-‏

التفت لها باسما ليري إلتماع عيناها بتلك النظرة مرة اخري

نظرة وكأنها تراه بطل خارق نادر وجوده..ليلكزة وائل قائلا بخبث..

-يلا ياسي عبودة اتأخرنا

-‏

خرج عُبيدة ووائل واتجهوا المقهي المُعتاد لهم

ليقول وائل بعد صمت...


-البت دي عينها منك ياعُبيدة

حاول عُبيدة تصنع الجهل..

-بت مين

-الغزالة الي فوق دي..مشوفتهاش كانت بتبصلك إزاي

دي ولا كإنها شيفاني وانا حلو عنك اهو

ضحك عُبيدة ليقول..

-ماشي ياحلو

-بكلمك بجد والله..البت عينها منك بالجامد اوي


همهم عُبيدة وقد انقشعت بسمته

-وانا عيني مش منها ياوائل..ومش في دماغي اصلا

الي زي غزال دي متدخلش قلبي ولا عقلي فا بطل تلميحاتك دي

إبتسم وائل ليقول..

-الي بنقول عليهم عمرنا مانبصلهم وآخر ناس ممكن نبصلهم بنقع فيهم في الآخر ...اول ماتُقع في البت دي هقولك الكلمتين دول


-بنت عمك مش راضية ترجعلك بردو!

تسائل عُبيدة بشفقة علي حال وائل ليقول الأخر بحدة

-انشالله عنها مارجعت..تخبط دماغها في ألف حيط

دي كانت تتمني بس اني احبها


-وهو انتا محبتهاش !


صمت وائل لثوان قبل ان يقول بجمود..

-لا محبتهاش يا عُبيدة وأقفل السيرة دي


ورغم ان عُبيدة أغلق الحوار إلا أنهم بمجرد دخولهم الي المقهي جلسوا علي إحدي الطاولات ولكن ضحكات عالية من مجموعة شباب جعلت عيونهم تلتفت لهم


إلتمعت عينا وائل بنيران وهو يري ليلة تجلس مع مجموعة من الفتيات والشباب..ليتجه لها دون تفكير ويجذب يدها لخارج المقهي

‏ليظهر انعكاسهم في المرآة..ورغم مشهدهم الغريب إلا أن اصدقائها صمتوا لعلمهم أنه زوجها


بينما وائل هتف بها بغضب..

-مقولتليش لية انك خارجة..ومش قولتلك ملكيش دعوة بالشباب دول تاني وقولتي حاضر


كتفت ليلة يدها بهدوء قائلة..

-وائل احنا مفروض هنتطلق بكرة..يعني ملكش دعوة اعمل اية ومعملش اية..كان مكتوب كتابنا وبكرة هيكون ولا كأنة حصل حاجة


ازداد غضب وائل ليصرخ بها..

-ليييلة..


لم تنفعل أو تُبدي أي ردة فعل لتقول بنفس الهدوء الغريب...

-اتمني تسيبني اقعد مع صحابي من غير مشاكل

-‏وتفتكر انك دلوقتي إبن عمي وبس وإنك مبقاش ليك اي حق فيا ياوائل....ليلة خلاص مبقتش اللعبة بتاعتك ولا البت الهبلة المرمية عليك


وبنفس الهدوء تركته ودلفت لتُكمل جلستها مع أصدقائها

بينما وائل يقف بمحله ينظر لها بغضب وعجز

وهو يعلم ان تلك هي ليلة إبنة عمة الهائمة به

هي نفسها التي طلبت فسخ العقد بينهم بعدما سمعت بحديثة الأخرق


دلف للمقهي وجلب أشيائة وخرج سريعا ليتبعة عُبيدة قائلا...

-ياأخي استني..طب اقولك..تعالي نمشي علي الكورنيش شوية...خلينا ننسي كل صنف حوا


رغم تكشيرة وائل إلا أنه همس..

-يلا ياسي عبودة..دا انتا معاك واحدة تحل من علي حبل المشنقة وانتا تقول تنسي صنف حوا


همهم عُبيدة بقلة حيلة...

-والله مافي فايدة فيك


جلسوا علي الكورنيش وأمامهم عربة "حُمص الشام"

والمذياع يزيع دندنات جعلت كل منهم يشرد في عالم آخر

"لفيت الكون مافي منك ولا حدا زيك انتِ زي الفل احلي من الفل..عشانك بصير شو مابدك..خليني احبك.. راح احبك حب..ياما علي الحب.."


راحت النغمات تتعالي بينما صدحت جملة

"مافي منك" بعقل عُبيدة..وقُرنت بغزال تلقائيا

فتاة غريبة بكل مابها..لا يدري هي سيئة أم جيدة

ضعيفة ام قوية..بريئة ام مغوية

هي النقيض والنقيض هي...


ورغما عنه يسترجع ذاك الحلم الوقح

ويسترجع همسها الناعم انها غزالتة..هو فقط


تكملة الرواية من هنا

                           

تعليقات

التنقل السريع
    close