القائمة الرئيسية

الصفحات

الفصل الحادي عشر حتي الفصل السادس عشر جبر السلسبيل2.. ✍️نسمة مالك✍️.. كامله على مدونة النجم المتوهج للروايات



 الفصل الحادي عشر حتي الفصل السادس عشر 

جبر السلسبيل2..

✍️نسمة مالك✍️..

كامله على مدونة النجم المتوهج للروايات 

.. بسم الله الرحمن الرحيم.. لا حول ولا قوة إلا بالله..


"بعد مرور 6 أشهر كاملة"..


وقت كان بالقدر الكافي لتغير كل شيء، هدنه للجميع ليتمكنوا من التفكير و إتخاذ القرار الصحيح.. 


داخل مبنى عملاق حديث الطراز يتكون من خمسة طوابق مصممة بعناية و دقة فائقة، بكل طابق مجموعة كبيرة من أكفأ العاملين و المتخصصين بمجال الدعاية و الإعلان، الكل يعمل على قدمًا و ساق ، خاصةً حين علموا بوصول مديرتهم شديدة الطباع .. 


تأهب جميع العاملين، و انتصبوا واقفين في إنتظار دخولها من باب المبنى الرئيسي الذي توقف أمامه سرب من السيارات جميعهم من أحدث و أغلى الموديلات العالمية، 


هبطوا طاقم الحراسة و حاوطوا السيارة بحماية، تلك السيارة التي تجلس بداخلها المدير العام لهذا المبنى الفخم، هرول قائد الحرس نحو الباب و فتحه لتهبط منه إمرأة في غاية الأناقة بثيابها التي تقوم بتصميمها هي بنفسها، كانت ترتدي فستان أسود طويل منقوش بفرشات من اللون الأبيض يظهر قوامها الممشوق و بروز بطنها التي بدأت في الظهور رغم أنها أوشكت على إنهاء شهرها السابع،  چاكت قصير من نفس لو الفراشات و حجاب من اللون الأسود، زينتهم بحذاء رياضي و حقيبة يد صغيرة كلهما من اللون الأبيض، تخفي عينيها الجميلة بنظارة شمسية من أشهر الماركات.. 


أسرع إحدي أفراد الأمن بحمل حقيبة اللاب توب الخاص بها، بينما سارت هي بين طاقم الحرس بخطي واثقة، رافعة رأسها بشموخ يليق بها كثيرًا.. 


 هذا المكان الذي زاع صيته خلال فترة قصيرة يقع تحت إدارة الديزينر المحترفة "سلسبيل القناوي" رغم حداثة سنها و خبرتها القليلة إلا أنها استطاعت أن تثبت براعتها و تفوقها في مجال الدعاية و الإعلان، فهي تقوم برسم جميع التصميمات بيدها مستغلة موهبتها الفريدة من نوعها.. 


"صباح الخير".. 

قالتها "سلسبيل" و هي تمر من أمامهم متجهه نحو المصعد المؤدي لمكتبها.. 

"صباح الخير يا فندم".. 

نطق بها جميع العاملين بنفس واحد.. 


خلعت نظارتها قبل أن تدلف لداخل المصعد لتتمكن من قراءة اليافتة المفضلة بالنسبة لها، و التي لا و لن تمل من قرائتها أبدًا.. 

 شركة "السلسبيل" للدعاية و الإعلان..


" جابر وصل؟"..


أجابتها "صفا" سكرتيرتها الخاصة و التي أصبحت صديقتها المقربة أيضًا قائلة بعملية.. 

"جابر بيه بلغني أنه هيوصل على ميعاد الإجتماع يا سلسبيل هانم".. 


جلست "سلسبيل" على مقعدها الجلدي بأريحية، و انتظرت حتى انصرف الجميع بعدما وضعوا الكثير من الملفات أمامها على المكتب يردون توقعيها عليهم، و ظلت هي و "صفا" بمفردهما.. 


لتهرول الأخيرة تجاه ثلاجة موضوعه بإحدى الجوانب، و فتحتها على عجل أخذت منها طبق من الفاكهة الطازجة  و زجاجة من الماء و أخرى من العصير و ذهبت بهم نحو المكتب، أزاحت الملفات برفق و وضعتهم أمام "سلسبيل" التي تتابع ما تفعله بملامح جامدة، تغيرت شخصيتها تغير جذري، حتى أن ابتسامتها الرقيقة قد أختفت تمامًا و أصبحت شفتيها للحديث فقط..

"اممم.. أسيب ماما عفاف في البيت أجي هنا القيكي يا صفا؟!.. أنتي و هي مش وراكم أي حاجة غير أنكم تأكلوني ولا أيه!!".. 


بدأت "صفا" في تقطيع ثمرة من التفاح ، و سكبت كوب كبير من عصير المانجو و أعطتهم لها و هي تقول.. 

"ماما عفاف قالتلي إنك مرضتيش تاكلي أي أكل في البيت عشان كده جبتلك شوية فاكهة و عصير فرش".. 


ظهر التوتر على ملامح" سلسبيل "، و أبت أن تتذوق أي شيء مغمغمة بأسف.. 

" أنا مش هقدر أكل و لا أشرب أي حاجة طول ما أنا قلقانه .. فمتغصبيش عليا علشان متعبش و أنتي عارفة إن أجتماع انهاردة مهم أوي و مش هينفع أعتذر عنه خالص ".. 


تنهدت" صفا" بقلة حيلة فهي على يقين بأن "سلسبيل" لن تتراجع بكلمة تفوهت بها.. 

"يا سلسبيل أنا عارفة إن التيم اللي هيحضر إجتماع انهارده يبقوا أهم وكلاء لأكبر شركات في الشرق الأوسط و بدعيلك من قلبي والله ربنا يوفقك و شغلك يعجبهم عشان لو ده حصل هنبقي كسبنا أقوى صفقة في تاريخ الشركة خلال وقت قياسي بس كل ده مش هيبقي أغلى عندك من اللي في بطنك!! ".. 


مسدت" سلسبيل " على بطنها بكلتا يديها تتحسس حركة جنينها بلهفة و هي تقول .. 

" مافيش في الدنيا كلها أغلى من اللي في بطني.. أنا كل اللي بعمله ده بعمله عشانه هو و بس"..


صوت طرقات على الباب جعلت" سلسبيل " تتأفف بضيق..

" صفا مش عايزة أشوف حد دلوقتي..مدخليش أي حد عندي لغاية معاد الإجتماع.. عايزة ألحق أراجع على التصميمات مراجعة أخيرة قبل وصول العملاء"..

غمغمت بها و هي ترتدي نظارتها الطبية التي زادتها وقار و هيبة، مدت يدها نحو حقيبة اللاب توب و تناولته و بدأت تتصفحه باهتمام و ملامح جادة، صارمة جديدة عليها كليًا..


انصرفت" صفا" من أمامها في الحال غالقة الباب خلفها، لتسند" سلسبيل " بظهرها على المقعد، و تطلعت حولها تتأمل مكانها المفضل، انتصبت واقفه و سارت تجاه النافذة الزجاجية الفاصلة بينها و بين العاملين تحت يدها، فور رؤيتهم لها، تأهب الجميع و ظهر الخوف عليهم و بدأو يعملون بجهد تجنبًا لنوبة غضبها المدمر.. 


كانت تطلع لهم بملامح خالية من المشاعر، فقط البرود، البرود التام أصبحت تتحلى به في الفترة الأخيرة، بينما بداخلها جمرات صغيرة من نيران حارقة خامدة أسفل الرماد.. 


كانت يدها تمسد بمنتهي الرفق على بطنها، و قلبها يتراقص فرحًا كلما شعرت بركلة من صغيرها،لفت زراعيها حول نفسها، و كأنها تحتضن طفلها بحنان العالم أجمع مرددة بفرحة غامرة.. 

"يا روح و قلب و حياة سلسبيل ".. 


............................... سبحان الله وبحمده...... 


.. بمنزل عبد الجبار.. 


الأجواء أسوء ما تكون، تبدل حال "عبد الجبار" للنقيض،  كأن روحه تركت جسده بعد فراقه عن من ملكت قلبه، رغم أنه بارع في التحكم و السيطرة على مشاعره، إلا أن لسانه ينطق دائمًا بما يشغل عقله و قلبه دون أدنى إرادة منه، و هذا يثير جنون "خضرا" كثيرًا، خاصةً بعد هجره لها منذ ما يقارب السبعة أشهر.. 


اليوم قررت أن تكسر الحاجز الذي بناه بينه و بينها، و وقفت تنتظره على باب الحمام المواجهه للغرفة التي كانت تمكث بها غريمتها و التي أصبحت غرفة "عبد الجبار".. 


فُتح باب الحمام و خرج هو بثيابه الداخليه، ممسكًا بيده منشفه قطنيه يجفف بها خصلات شعره الفاحم.. 

"خير؟واقفالي كيف الغفير ليه أكده عاد!!".. 

قالها متعمد عدم نطق إسمها، فكلما نادي لأحد، لأي شخص كان لا ينطق لسانه سوي إسم ابنة قلبه "سلسبيل".. 


مر من أمامها دلف لداخل غرفته، لتهرول "خضرا" خلفه مسرعة غالقة الباب خلفها، و دون سابق إنظار كانت ألقت نفسها داخل حضنه مرددة ببكاء.. 

"بكفياك.. بحلفك بالله بكفياك جفا و بعد لحد أكده يا عبد الچبار".. 


قبلت كتفه مرات متتاليه صعودًا لعنقه مكملة بتوسل.. 

"كفاياك زعل مني يا خوي"..


كان "عبد الجبار" يقف كالصنم ، ينظر للفراغ بشرود، 

فأنهت "خضرا" حديثها و أطبقت بشفتيها على شفتيه مستغله شروده هذا، في باديء الأمر كان لا يبادلها قبلتها هذه، و لكن بعد وقت ليس بقليل إنهال عليها فجأة بقبلة جامحة غالقًا عينيه، و يده تجذبها نحو الفراش، لحظات من الحميمية مّرت عليهما، كانت "خضرا" تظن أنها قد استرجعت رجلها أخيرًا.. 


لكن بكل آسف حتى بغيابها ستظل هي الحاضرة، رائحتها تملئ رئتيه، أنفاسها الساخنه تلفح بشرته تزيد لهيب عشقه و جنونه بها، خصلات شعرها الحريرية الطويلة تداعب وجهه تُرغم  شفتيه على غمرها بسيل من القبلات المتلهفه، ملمس بشرتها الناعمة أسفل أنامله الخشنه تُطير اللُب من عقله تجعله يهمس أسمها بتنهيده حاره دون أدنى أراده منه، و كأنه فقد الكلام بأكمله و لا يتذكر منه سوي حروف اسم "سلسبيل!!!" فقط..


"أني خضرا جولتلك مليون مرة أني خضرا مش سلسبيل".. نطقت بها "خضرا" التي انتفضت مبتعده عنه بعنف ساحبه الغطاء عليها، تطلعت له لبرهةً بأعين جاحظة و ملامح يملؤها الوجع و الحسرة، بينما هو كانت ملامحه جامدة غير مبالي كعادته معاها مؤخرًا،


 كان غضب "خضرا" آخذًا في التفاقم أساسًا منذ مدة، حتى فقدت السيطرة الآن فجأة فصرخت قائله بغصة يملؤها الأسى..

"طلقني.. طلقني يا عبد الچبار!!!!"..


و كأنه أستوعب للتو أن حبيبته ليست هنا، فنتفض هو الأخر كمن لدغه عقرب مبتعدًا عن الفراش بأكمله، لتطلع له "خضرا" بأعين تذرف الدمع مرددة بإصرار..

"طلقني يا عبد الچبار"..


نظر لها نظرة طويلة، و من ثم قال بهدوء يُحسد عليه..

"مصاريفك و مصاريف بناتي و كل حاچة تحتاچوها هتكون عنِدكم قبل حتى ما تطلبوها، و أنتي و البنته هتفضلوا أهنه في بيتكم ، و أني هاخد أمى و نمشي"..


صمت لبرهةً و تابع بصوته الأجش..

"أنتي طالق يا خضرا "..


يتبع......

واستغفروا لعلها ساعة استجابة..

الفصل ال12..

جبر السلسبيل2..

✍️نسمة مالك✍️..


.. بسم الله الرحمن الرحيم.. لا حول ولا قوة إلا بالله..


من هنا بداية كل شيء، داخل منزل "سلسبيل" الثاني بمحافظة القاهرة الذي أهداه إليها طليقها "عبد الجبار"، تقف "عفاف" المرأة التي أرسلها الله لتكون السند و الداعم القوي ل "سلسبيل"، ممسكة بيدها دفتر المواعيد الخاصة بمن أتخاذتها أبنه لها..


تنظم لها يومها بالدقيقة و الثانية بدقة متناهيه، تُدير لها مواعيدها كاملة داخل و خارج المنزل، جميع العاملين بالمنزل يأخذون الأوامر منها هي، بسبب انشغال "سلسبيل" الدائم بأخذ الكثير من الكورسات الخاصة باللغة العربية و الإنجليزية، كورس تصميم لتنمية مهاراتها في الرسم، و حتي أنها تتعلم أصول الاتيكيت أيضًا ..


"عايزه الكل يركز معايا لأن انهاردة يوم مهم بالنسبة ل سلسبيل هانم و إحتمال تتأخر في الشغل عشان كده كورس الانجليزي هيتأجل لبكرة و هيكون في نفس معاده الساعة 8 أصبح و هيخلص 9 و نص ، و طبعًا عارفين إن الهانم بتصحي 6 بالدقيقة بتخلص تمارينها 6 ونص، 7 إلا ربع يكون الفطار جاهز لأنها كده هتروح تطمن على الشغل بعد ما تخلص فطار و ترجع على معاد الكورس"..


صمتت لبرهةً و نظرت للدفتر بيدها مكملة ..

" متنسوش كمان انهارده معاد كورس الرسم هيكون الساعة 6 مساءً و هيخلص الساعة 8 يكون العشا جاهز لأن الهانم بتكون 8 ونص في السرير ده ميعاد نومها المعتاد"..


أبتسمت لهم وتابعت بود..

" أنا بفكركم كل يوم بمواعيد مدام سلسبيل عشان تثبت في دماغكم و محدش منكم ينساها.. و دلوقتي تقدروا تتفضلوا على شغلكم "..


أنهت حديثها، و أمسكت هاتفها طلبت إحدي الأرقام، و رفعت الهاتف على أذنها تنتظر الرد..

" صباح الخير يا دكتورة ..أنا عفاف والدة سلسبيل القناوي.. طمنيني يا دكتورة سلسبيل عاملة أيه معاكي؟ "..


" اهلاً وسهلاً يا مدام عفاف.. مش عارفه أقول لحضرتك أيه بس لازم أكون صريحة معاكي.. الحالة النفسية ل سلسبيل هانم سيئة جدًا بل من أسوء الحالات اللي مرت عليا، و برغم أنها دلوقتي بتمثل القوة لكنها أضعف مما هي نفسها تتخيل، عشان كده لازم يكون في رقابة عليها طول الوقت لأن جدار القوة المزيف اللي رسماه على شخصيتها ده ممكن ينهار في أي لحظة عشان كده أنا كنت برجح تفضل في المصحة على الأقل شهر تحت الملاحظة "..


ترقرقت العبرات بأعين" عفاف" و تحدثت بصوتٍ تحشرج بالبكاء قائلة..

" معقولة يا دكتورة حالتها متحسنتش خالص.. دي بقالها أكتر من 5 شهور متابعة معاكي و مفوتتش ولا جلسة واحدة! "..


" للأسف العلاج النفسي بياخد وقت و مجهود من المريض و من الطبيب المعالج كمان.. و حالة مدام سلسبيل عانت من الظلم و العنف لسنين طويلة مش هتتعافي من كل اللي عاشته ده في شهور قليلة"..


تنهدت" عفاف" بحزن و هي تقول..

" بس سلسبيل مستحيل توافق أنها تدخل مصحة نفسية خصوصًا بعد ارتباطها الشديد بشغلها "..


" يا مدام عفاف المصحة عندنا ليها فروع في كذا مكان جوه و برة مصر و مدام سلسبيل لو وافقت أنا هحجزلها في فرع المالديف أو في تايلند .. تعتبر نفسها في فترة استجمام، و هيكون عندها وقت كافي تستغل موهبتها في رسم المناظر الطبيعية الخلابة اللي هتكون حواليها و اللي هتساعدها كتير و تصفي ذهنها قبل ما تدخل في شهور الحمل الأخيرة "..


.............................. سبحان الله وبحمده...........


" عبد الجبار "..


ترك كل شيء حتى ثيابه تركها و أكتفي بأرتداء جلبابه، هذا الجلباب الذي كانت تختبئ بداخله" سلسبيل "من ينبض قلبه بأسمها، غادر الغرفة دون النظر ل" خضرا " التي لم تكف عينيها عن البكاء، تسيل عبراتها على وجنتيها بغزارة، و ما أصعب دموع الحسرة، تعرضت لأبشع موقف لا يمكن أن تتحمله أي أنثى..


"قومي معايا يا أمه خلينا نمشي من أهنه"..

قالها و هو يناولها عكازها يحثها على النهوض..


تطلعت له "بخيتة" بأعين متسعة على أخرها، لتنصدم بنظرة الضياع و الانكسار الطاهرين على وجهه الحزين..

"نمشي من أهنه نروح فين؟!.. أيه اللي حُصل.. مالك يا ولدي؟!"..


أطلق "عبد الجبار " زفرة نزقة من صدره و هو يقول "هقولك بعدين يا أمه.. بس أحب على يدك خلينا نمشي دلوجيت .. مطيقش أفضل أهنه".. 


أطبق جفنيه و اصطك على أسنانه بقوة كاد أن يهشمها حين وصل لسمعه صوت ابنتيه الباكي.. 

"هتهملنا لحالنا و تمشي يا أبوي!!"..

جملتهما كانت كالسكين الحاد انغرس بمنتصف صدره، ركضا اثنانتهما نحوه و أرتموا داخل حضنه يبكيان بنجيب..

"أمي مهتزعلكش تاني واصل بس متهملناش يا بوي"..


"ما تفهمني أيه اللي حُصل يا عبد الچبار؟!"..

صاحت بها "بخيتة" و هي تضرب بعكازها على الأرض بغضب..


" أني هقولك يا أمه و متعشمة فيكِ تساعديني لخاطر البنته الصغيرين المعلقين بأبوهم و إني خابرة زين إنك تطيقي العما و لا تطقيني".. قالتها "خضرا" التي هبطت الدرج للتو، و وقفت أمامها تحاول السيطرة على حدة بكائها مكملة بغصة مريرة يملؤها الأسى..

" عبد الچبار طلقني"..


زادت حدة بكاء الصغيرتان، و تمسكوا بثياب والدهما بكل قوتهما، شعر" عبد الجبار " بالندم الشديد حين رأي مدى الخوف الظاهر بأعينهما..


"متهملناش يا عبد الچبار و إني أوعدك هنفذ اللي قولت لي عليه قبل سابق.. هعيش لبناتي بس سيبني على ذمتك عشان خاطرهم"..

أردفت بها "خضرا" بجمود مفاجيء ظهر على ملامحها المتألمة، بعدما توقفت عن البكاء بشق الأنفس..


"كلامها صُح ياولدي.. ردها على ذمتك لخاطر لحمنا يتربوا في حماك".. قالتها" بخيتة " رغم نظرات الغيظ و الكرهه التي ترمق بها" خضرا "..


رفع" عبد الجبار " يده و مسد على جبهته صعودًا لخصلات شعره الفاحم كاد أن يقتلعه من جذوره بسبب غضبه العارم ود لو أنفجر في "خضرا" و والدته بأنهما سبب أساسي لما وصل إليه الآن ، نظرته لهما كانت كفيله بأن يتفهموا ما يريد أخبارهما به، لكنه تمالك أعصابه لخاطر أبنتيه حتى لا يزيد خوفهما أكثر..


"بكفياكم بكى عاد.. أني عندي شغل مهم هخلصه و هعاود طوالي".. قالها و هو يزيح دموعهم بأنامله، و مال عليهما طبع قبله على وجنتهما مكملاً..

"أني مقدرش استغني عنك يا فاطمة و لا أقدر أعيش يوم واحد من غيرك يا حياة"..

ضمهما لصدره من جديد، لتهمس ابنته "فاطمة" داخل أذنه بتقطع من بين شهقاتها..

" يعني هتخلص شغل و تعاود طوالي صُح يا بوي؟ "..


ربت على ظهرهما بحنان و هو يقول.. 

"هعاود.. أطمني هعاود يا فاطمة"..

ظل محتويهما بين ذراعيه حتى هدأت نوبة بكائهما تمامًا، و من ثم بعدهما عنه برفق، و رمق" خضرا " و بخيتة" بنظرة أخيرة قبل أن يغادر المنزل بأكمله بخطي واسعة.


هرول إحدي حراسه بفتح باب السيارة الخلفي له، لكنه صعد بمقعد السائق مغمغمًا بأمر..

"معوزش حد معايا.. خليكم أهنه و فتحوا عنيكم زين، لو حُصل أي حاچة حدتني طوالي"..

لم ينتظر سماع رد على حديثه هذا، انفجر هدير محرك السيارة عاكسًا غضبه عليها، ليطير الغبار من الخلف بقوة لحظة إنطلاقها..


يسير بلا هوادة لا يعلم أين يذهب، يشعر لأول مرة بحياته بمعني كلمة الضياع، عاجز عن إتخاذ قرار صحيح منذ ابتعاد" سلسبيل " عنه، حياته بأكملها انقلبت رأسًا على عقب، لم و لن يستطع التأقلم مع غيابها..


يقر و يعترف أنه الآن أصبح ظالم، ظلم الجميع و أولهم نفسه.. 


و مع كل ما يمر به إلا أنه يشعر بالاشتياق الشديد لها، مهوس بها و بعشقها الذي استحوذ على قلبه، مال على ياقته و أخذ نفس عميق يمليء رئتيه بعبقها، فجلبابه مازالت معبأة بعطرها، المرأة الوحيدة التي حاكت من غضبه هدوء، ومن صخب شرقيته عزفت لحنًا حنون..


شوقه لها كالشمعة تذوب حتي تحولت لجمر شظاياه تجن كل مساء، بقي حديثها القليل معه عالقًا بروحه، أنفاسها تقيد نبضه، أما هو حزنه المهذب خلف ابتسامته يخجله، كم كان رجلًا يتباهى ولا يبالي،  بذاك المساء الكئيب سكب الماء براحتيَّها، ضممته هي بقوة كي لا يضيع، و حين رفعت رأسها كانت كل أحلامها التي لم تقبض عليها يومًا ظنًا منها أنها لن تغيب ...تسربت، اختفت بعدما اتهامها بأن مشاعرها تجاهه لم تكن حُب من الأساس ،  و أنه لن يردها لعصمته حتى بعد علمه بحملها، فعلته هذه كانت القشة التي قسمت ظهر البعير..


لن ينسى نظرتها له التي كانت تملؤها الخيبة، خيبة أملها فيه، تركته هذه المرة يواجه غروره بيدين خاويتين، يا متاهته لم تتركه هنا رجلًا يملك العالم كما كان معاها، بل تركته فأرًا يقضم الحيرة بمتاهة الشوق اللعين، يعاد بذهنه سؤال واحد يتردد بلا توقف، كيف يمضى الى حال سبيله و قدميه عالقة بأرضها؟..

فهو على يقين أنّ حتى لو اعتذرت الرياح، الغصن سيبقى مكسوراً.. 


أخرج هاتفها من جيبه، و ظل يتأمل صورتها به بأعين هائمة و قلبًا تحرقه نار الإشتياق ..

"اتوحشتك.. اتوحشتك قوي قوي يا سلسبيل يا بنت جلبي"..


صدح صوت رنين هاتفه، برقم شخص ينطبق عليه مثل ما محبه إلا بعد عداوة..

"أيوه يا چابر"..


أتاه صوت الأخر يقول بغيظ مصطنع..

"وآخرتها أيه يا عبد الجبار في عمايلك دي يعني؟!"..


"اممم.. أكده تبجي عرفت"..دمدم بها و هو يضحك باستفزاز مثير للأعصاب، استشاط" جابر"غيظًا و صاح به قائلاً..

"يعني فعلاً أنت شريك أساسي في كل الشركات اللي سلسبيل اتعاقدت معاهم من أول ما فتحنا الشركة؟!"..


أجابه" عبد الجبار "ببرود قائلاً.. 

"و الشركتين اللي هيحضروا الاچتماع معاكم انهاردة كمان"..


"كده بقى هتتكشف يا حلو لأن سلسبيل هتحضر إجتماع انهارده و مش هقولك هي بقت ذكية و لماحة إزاي الفترة اللي فاتت دي.. و مش بعيد أبدًا ترفض التعاقد مع العملاء بتوعك".. أردف بها" جابر " بثقة..


ضيق "عبد الجبار " عينيه و هو مازال يتطلع لصورتها عبر الهاتف، و تحدث بخبث قائلاً..

" حيث أكده يبجي اچي أحضر معاكم الاچتماع بنفسي لاچل ما أسمع وأشوف رفضها بعيني"..


....................................سبحان الله العظيم....


" سلسبيل"..


قضت وقتًا ليس بقليل منهمكة في مراجعة تصميماتها، طرقات على باب مكتبها يليها دخول "صفا" بخطي مهرولة، وقفت أمامها تفرك يديها ببعضهما..

" خير يا صفا.. و ايه الدوشة اللي بره دي؟! "..

قالتها "سلسبيل" دون النظر لها، ظلت تتابع شغلها بتركيز كبير ..


أجابتها "صفا" بأسف.. "في واحد برة مصمم يقابلك دلوقتي حالاً يا سلسبيل، و الإجتماع فاضل عليه ربع ساعة بس.. يعني العملاء على وصول"..


"اعتذريلوا و بلغيه ياخد معاد يجي فيه "..

قالتها" سلسبيل " و هي تعتدل بجلستها، و تخلع نظارتها الطبية، ليزداد صوت الشجار بالخارج أكثر، و بلحظة كان الباب انفتح عليهما و اقتحم المكتب أخر شخص تريد رؤيته الآن..

" مش هتحرك من أهنه المرادي قبل ما أشوف بنتي".. 

كان هذا صوت" قناوي" الذي دب الرعب بأوصالها "سلسبيل "..


يتبع...

واستغفروا لعلها ساعة استجابة..

الفصل ال13..

جبر السلسبيل2..

✍️نسمة مالك✍️..


.. بسم الله الرحمن الرحيم.. لا حول ولا قوة إلا بالله..


"عبد الجبار"..


مّر بطريقه على متجر من أشهر المتاجر المخصصة ببيع جميع الأغراض الرجالي،خلال دقائق معدودة كان انتقي قميص أبيض اللون، سروال من الجينز الغامق، حذاء رياضي من اللون الأسود، نظارة شمسية سوداء من الماركة الشهيرة Tom Ford Ace ،ساعة حول معصمة من Tag Heuer،

ارتداهم على عجل، و من ثم نثر عطره المفضل Dior Sauvage بغزارة و غادر على الفور غير عابيء لدفع تمن ما أخذه، فهذا المكان من ضمن ممتلكاته الخاصة..


صدح صوت هاتفه برقم رئيس الحرس الخاص بمعذبة فؤاده "سلسبيل"، خفق قلبه بشدة و هو يضغط على زر الفتح قائلاً بلهفة..

"أيه الأخبار عندك؟!"..


أتاه صوت الأخر يتحدث بأسف..

"عبد الجبار باشا.. محمد القناوي والد سلسبيل هانم وصل هنا في الشركة و صمم يقابل الهانم و هو فوق عندها في المكتب دلوقتي"..


"چابر وصل عندك و لا لاء؟ ".. قالها و هو يقفز داخل سيارته، و قادها بأقصى سرعة ممكنة..


" لا يا باشا مش هنا و أنا لسه مبلغتهوش، بلغت سيادتك الأول "..


زمجر " عبد الجبار " بصوتٍ مخيف يدل على غضبه العارم، و قد شعر بالذعر على صغيرته و جنينه من بطش والدها الظالم..

" اسمعني زين..لو قناوي مَس شعره منِها طُخه بالنار.. و اللي خلق الخلق لو حاچة حُصلت للهانم مهيكفنيش رقباتكم كلكم"..


أنهى حديثه و ألقى الهاتف من يده، و ذاد من سرعته أكثر يتمني لو يستطيع التحليق و مسابقة الرياح حتى يصل إليها..


ليرن الهاتف من جديد هذه المرة برقم" جابر"..

" أنت فين يا بني آدم أنت؟! "..

قالها" عبد الجبار "بعدما لكم الهاتف بكف يده لكمه كادت أن تهشمه لاشلاء من قوتها..


أجابه "جابر" بأنفاس لاهثه.. "أنا داخل الشركة أهو"..


أردف "عبد الجبار" بلهجة جادة.. 

"بلغ قناوي أني چاي في الطريق، و لو لقيته عندك هضربه بالنار.. سامعني يا چابر.. هضربه بالنار"..


................................. سبحان الله العظيم..... 


" سلسبيل "..


مع مرور الوقت كل شيء يتحول إلى ماضي إلا اللحظة التي ينكسر بها قلبك تبقى حاضرة إلى الأبد، و الآن يقف أمامها أول شخص كسرها و خذلها طيلة حياتها.. 


تلك المقابلة كانت تتهيأ لها منذ خمسة أشهر، وافقت "عفاف" حين اقترحت عليها الذهاب إلى دكتورة نفسية حتى تتمكن من التغلب على جميع مخاوفها، و أولهم خوفها الأكبر من المسمى بوالدها..


كان "قناوي" في قمة غضبه، مما جعله يهجم عليها دون سابق إنظار مغمغمًا بوحشية..

"أطلقتي يا هملة.. عملتي اللي على كيفك و أطلقتي من غير علمي يا واكله ناسك؟! "..

كاد أن يصفعها على وجنتيها بمنتهي القسوة ، لكنها كانت أسرع منه و قامت بنثر رزاز على وجهه عبر بخاخة صغيرة، شوشت رؤيته و سببت له دوار قوي للغاية كاد أن يسقط أرضًا بسببه، أجبره على الجلوس على أقرب مقعد ممسكًا رأسه بكف يده ..


"مرحب يا بوي!! ".. 

تفوهت بها" سلسبيل " ببرود ثلجي تُحسد عليه، لم تتحرك من مكانها ولو انش واحد، ظلت جالسة على مقعدها خلف مكتبها، و أشارت لجميع الواقفين من الحرس بالانصراف مرددة..

"أخرجوا و اقفلوا الباب وراكم و محدش يدخل عندي هنا دلوقتي خالص"..


نفذ الجميع أوامرها في الحال، و خرجوا واحد تلو الأخر حتى بقت هي ووالدها بمفردهما،  تراخي جسد "قناوي" على المقعد، و شعر بالدنيا تومض من حوله، فرمقها بنظرة زائغة، و همس بصوتٍ مرتجف قائلاً..

"أنتي عملتي فيا أيه يا بت المركوب القديم؟! "..


أبتسمت له إبتسامة مصطنعه، بدت مخيفة أثارت الريبه بنفس "قناوي"، و تحدثت بهدوء ما قبل العاصفة قائلة..

"دفعت عن نفسي من ظلمك لأول مرة في عمري.. أصل اللي قعدة قدامك دي سلسبيل تانية غير اللي كنت أنت بتضربها بالكرباچ"..


" ااه مقدرش. مقدرش أقوم على حيلي واصل.. انطقي عملتي فيا أيه يا بت الك**"..

قالها بصعوبة وحين شعر بثقل لسانه الشديد..


"أنا معملتش فيك أي حاجة.. من يوم ما شوفتك و عرفت إنك أبويا وأنت اللي بتعمل فيا حاجات"..


رفعت يدها، و بدأت تعد على أصابع يدها..

" ذلتني.. كسرتني.. هنتني.. ضربتني.. غصبتني على الجواز.. ورتني العذاب على كل شكل و لون، و جاي دلوقتي فاكر إنك هتقدر تضربني تاني.. فاكرني هفضل ضعيفة و مدفعش عن نفسي؟! "..


نظر لها بأعين شبه مغلقة و قال بضعف..

" أنى عملت فيكِ أكده لاچل ما اربيكي زين.. كيف ما أهلنا علمونا و تقاليدنا بتقول أكسر للبنتة ضلع يطلع لها أربعة و عشرين"..


" و أنت مش بس كسرت ضلوعي كلهاااا.. لا أنت قتلتني بالحيا.. دمرتني و كرهتني في نفسي و في الدنيا كلهاااا "..

قالتها بصراخ مقهور دون بكاء، كانت متماسكة لأقصى درجة، أخذت نفس عميق زفرته على مهلٍ قبل أن تتابع..

"أرجع البلد يا بوي وقول للناس بنتي سلسبيل ماتت و خد عزايا لأني مش هعمل اللي في دماغك و أرجع ل عبد الجبار.. طلاقي منه اللي مزعلك أوي ده أحسن حاجة حصلت لي لحد دلوقتي.. هو السبب و صاحب الفضل أني أقوى بالشكل ده و أحقق هدفي و حلمي اللي عمري ما تخيلت إني أحققه"..


صمتت لبرهةً و أكملت بغصة يملؤها الأسى..

" و لازم تبقي عارف كمان أني عمري ما هسامحك على اللي عملته في أمي و فيا.. عمري ما هسامحك يا بوي".. 

كانت أخر جملة وصلت لسمع" قناوي " زلزلت قلبه قبل أن يغلق عينيه و غرق في نومًا عميق..


تطلعت له قليلاً بأعين تحجرت بها العبرات، و من ثم ضغطت على زر بجواره، فهرولوا رجال الأمن إليها مسرعين..

" شيلوه من هنا و أخرجوا بيه من باب الشركة الخلفي و بلغوا حد من السواقين يوديه الصعيد ، و لما يفوق في أي وقت ابقوا طمنوني "..


حملوه في التو و اللحظة، و ساروا به لخارج المكتب تزامنًا مع دخول "جابر" مندفعًا، ليتسمر مكانه بصدمة حين وقعت عينيه على "قناوي" المحمول على أيدي أفراد الأمن، يبدو أنه فاقد الوعي تمامًا..


بقي مكانه للحظات، يقف بصمت يتنقل بعينيه بين"سلسبيل " و والدها حتى أختفي من أمامهم..

"اممم.. فاضل على الإجتماع 3 دقايق.. كويس إنك متأخرش يا جابر"..دمدمت بها "سلسبيل" و هي تنهض بتمهل من مقعدها و سارت بخطي جاهدت حتى تجعلها متزنة..


"أيه اللي حصل يا سلسبيل؟!"..تساءل "جابر" بقلقٍ جم..


تنهدت "سلسبيل" و هي تجيبه بجمود..

"مش وقته من فضلك يا جابر.. العملاء على وصول و لازم نكون في استقبالهم بنفس!.. "..

قطعت حديثها فجأة حين داعبت حواسها رائحة عطر تحفظها عن ظهر قلب..


رباه!!!.. من المؤكد أنه هنا، تشعر بأنفاسه تحاوطها، دقات قلبه يصل صدي صوتها إلى أذنها، تلاحقت أنفاسها، و انتفض بدنها كله دفعة واحدة حين سمعت صوته المُدمر ينطق إسمها بلهفة من بين أنفاسه المتقطعة..

"سلسبيل!!!"..


 كتمت أنفاسها قبل أن تستدير ببطء، و تقابلت أعينهما بعد فراق دام لشهور، حينها شعرت بنصهارها كالشمعة من شدة إشتياقها له،يقف أمامها بطوله المُهيب، جذبيته الساحرة، هيبته، و وقاره كان مثالاً حي للأغواء و الفتنة.. 


"أهلاً مستر عبد الجبار"..

نطقت بها "سلسبيل" بعملية باحته، و ملامح نجحت في إخفاء مشاعرها تجاهه ببراعة، لكن قلبها خذلها و لم يتوقف عن الأرتجاف بين ضلوعها،


بينما وقف "عبد الجبار" مشدوهًا، يتطلع لها بصدمة من تغيرها الذي أذهله مرردًا بتعجب و هو يتنقل بعينيه بينها و بين" جابر "الذي لم يستطيع السيطرة على ضحكاته..

"مستر!! بجي أنا يتقالي مستر عبد الچبار؟! "..


"الصراحة مستر و عبد الچبار مش لايقين علي  بعض خالص".. قالها "جابر " و هو يقهقه بصوتٍ عالِ، جعل "عبد الجبار" يرمقه بنظرة سامة..


"اتفضلوا على قاعة الاجتماعات".. قالتها" سلسبيل" مقاطعة إياهم بلهجة صارمة و هي تشير لهما على غرفة مقابل مكتبها..


كان" عبد الجبار " يتطلع لها بفم مفتوح على وسعه من شدة ذهوله من طريقتها الجديدة  عليه و عليها كليًا، و تحدث مستفسرًا..

" وانتي عرفتي كيف أني چاي أحضر الاچتماع وياكم؟! "..


" و هو في شريك أساسي يملك أكتر من نص أسهم الشركة ميحضرش اجتماع مهم زي ده ؟! ".. قالتها دون النظر له، مثلت انشغالها بالنظر في ملف موضوع أمامها على المكتب، ومن ثم رفعت رأسها و أبتسمت له إبتسامة خبيثه مكملة..

"نورت شركتك يا عبد الجبار باشا!!! "..


يتبع.....

واستغفروا لعلها ساعة استجابة..

شهقت بصوتٍ خفيض حين جثي فجأة على ركبتيه أرضًا أمامها، و جذبها بمقعدها عليه حاصرها بجسده، شعرت بمدى ضئلتها بين ذراعيه الضخمه،


 لم يعطيها الفرصة حتى للاعتراض و مد يده حاوط بطنها الصغيرة بكفيه يتحسس حركة طفله بلهفة شديدة..

"من حجي أطمن على ولدي اللي في بطنك"..

قالها بابتسامة لعوب و هو يتفرس ملامحها بافتنان لا يخلو من الإشتياق..


تنحنحت "سلسبيل" كمحاولة منها لإيجاد صوتها، و رفعت يدها دفعته بكتفه تبعده عنها بعنف لكنه كالصخر لم يتزحزح من مكانه و لو أنش واحد، بل ألتصق بها أكثر..


" و أنت مين قالك إن اللي في بطني ولد أصلًا؟!"..


تطلع لها بفرحة غامرة حقيقية و هو يقول بتساءل..

"بنت؟ حامل في بنت يا سلسبيل؟"..


رمقته بنظرة يتطاير منها الشرر و صاحت في وجهه بغضب قائلة..

"و لا بنت"..


نظر لها بحاجب مرفوع، و مال بوجهه على وجهها حتى تلامست أنفهما مغمغمًا بحرارة..

" يعني لا واد و لا بت!! أمال حامل في أيه عاد؟"..

خطف قبلة من أرنبة أنفها مكملاً ..

" نوع الكائن اللي عمال يخبط شمال و يمين و بيچري تحت يدي ده أيه؟!" 


اقتباس من حلقة بكره بإذن الله تعالى ♥️..

كونوا دومًا بالقرب.. 

واستغفروا لعلها ساعة استجابة..

الفصل ال14..

جبر السلسبيل2..

✍️نسمة مالك✍️..


.. بسم الله الرحمن الرحيم.. لا حول ولا قوة إلا بالله..


داخل غرفة الاجتماعات انقضي وقت طويل كان الجميع منهمكين بالعمل بكل ما يملكون من تركيز، لكنهم لم يستطيعوا الوصول لإحترافية "عبد الجبار" التي ادهشتهم و أبهارتهم في آنٍ واحد فتمكنه في مجال إدارة الأعمال فاق الحدود..


كل منهم يحاول إظهار أفضل ما عنده حتى ينال إعجابه، خاصةً "سلسبيل"، عرضت تصميمتها التي قامت برسمهم بدقة و إتقان شديد، و مع مرور الوقت بدأت تشعر بالإرهاق، و الجوع معًا، فمسدت على بروز بطنها بكف يدها بمنتهي الرفق،  أطلقت آهه خافتة لم تصل لسمع أحدًا سواه فتفهم على الفور ما تشعر به رغم أنه لم ينظر لها و لو لمرة واحدة..


بينما هي استغلت انشغاله بفحص الملفات المقدمة له، و ظلت تتأمل كل أنش فيه بملامح جامدة عكس الإشتياق و اللهفة اللتان يملئان قلبها المُتيم به، تحفر بداخلها ملامحه و قسمات وجهه الوسيم بأعين يتطاير منها الفرحة الغامرة بوجوده هنا معاها،لتداهمها ذكرى يوم طلاقها منه، و حديثه معاها أثناء طريقهم نحو منزلها في الإسكندرية..


.. فلاش باااااااااااك..


"اسمعي حديتي و أفهميه زين يا سلسبيل"..

نظرت له باهتمام تنتظر سماع باقي حديثه بنفاذ صبر..

أخذ "عبد الجبار" نفس عميق زفره على مهلٍ مغمغمًا..

"أني طلقتك مش عشان قولتيلي يا أنا يا أم بناتك لع، أنا خابر زين إنك قولتي أكده و صممتي على الطلاق من خوفك عليا من تهديد خضرا اللي قالتلك هتقتلني لو فضلتي على ذمتي"..


رباه!!!


أنه على علم بكل شيء حدث بينها و بين ضرتها! ، كيف علم، من أخبره، و لما طلقها إذن؟!، دارت هذه الأسئلة برأسها لكنها لم تستطع النطق بحرف واحد، بقت تطلع له بأعين جاحظة، منذهلة..


تنحنحت كمحاولة منها لإيجاد صوتها الذي خرج مرتعش و هي تقول مستفسرة..

" أنت عرفت كل ده إزاي؟ و لما عرفت طلقتني أنا ليه و سبت على ذمتك اللي عايزة تقتلك؟!"..


أجابها "عبد الجبار" بملامح حزينة يملؤها الأسف الشديد..

"عرفت من بتي فاطمة.. شافت أمها و هي بتحط منوم ليكم في الوكل.. عملت أنها كلت و نامت زي أختها و أمي بس هي كانت صاحية و سمعت كل حديتها وياكِ و قالتلي على كل اللي حُصل بعد ما وعدتها مأذيش أمها "..

صمت لبرهةً يلتقط أنفاسه و نظر لها بعينيه التي تذوب بتفاصيلها مكملاً بصوته الأجش ..

" و سبت اللي عايزة تطلقني على ذمتي لخاطر بناتي، وطلقتك أنتي يا سلسبيل عشان ده الصُح اللي كان لازم أعمله من الأول.. أنتي ضحية لينا كلنا.. أبوكي،  أمي، أخوي الله يرحمه و يسامحه، خضرا، و إني كمان صممت اتچوزك و أني خابر إنك مبتحبنيش و مچبورة على چوازك مني"..


"و مين بس قالك إني مبحبكش؟! ".. أردفت بها و هي ترفع يدها و تضم وجهه بين كفيها الصغيران، و أصابعها تتحسس لحيته بشغف مكملة بعشق..

" ده أنا اعترفلك إنك كنت حلم بالنسبالي، و أمنيتي اللي مكنتش أتوقع أنها تتحقق.. أنا مش بس بحبك.. أنا بعشقك يا عبد الجبار "..

ختمت حديثها و مالت برأسها على صدره بعدما توقت عنقه بذراعيها..


"عشقك ليا ده وهم و هيجي عليكي الوقت و توفقي منه، و وقتها هتكرهيني و تكرهي اليوم اللي شوفتيني فيه، و أني الموت أهون عندي من نظرة كرهه ألمحها في عيونك يا بت جلبي، عشان أكده بحرم روحي منك دلوقتي قبل ما يچي الوقت اللي تحرميني أنتي فيه منك للأبد، لأني واثق إنك لما تفكري في حديتي ده زين هتلاقي عندي حق، وقتها هتحترميني و مش هتقطعي الوصل بنتنا، لكن لو لقيتي قلبك و عقلك متعلقين بيا كيف ما أني متعلق بيكي، و رايداني أردك على ذمتي مرة تانية لازم تكون بأرادك الكاملة ، من غير ضغط و إچبار من أي مخلوق يا سلسبيل"..


ابتعدت عنه و تطلعت له بأعين دامعة، و بهمس عاتبته قائلة..

" بعد كل اللي عشناه سوا، بتشكك في حبي ليك يا عبد الجبار؟!"..


حرك رأسه لها بالنفي سريعًا، و جذبها من خصرها داخل حضنه بلهفة..

" أني واثق من حبي ليكي.. لكن اللي جواكي من ناحيتي مجرد احتياج و بس مش حب، و أنا وفرتلك كل سُبل الحماية و الأمان اللي أنتي محتاجهم، لما تتعودي عليهم هتقدري ساعتها تعرفي إحساسك من چهتي أيه بالظبط، و أي إن كان قرارك أني هحترمه و هقدر يا سلسبيل "..


.. نهاية الفلاش باااااااااااك..


فاقت من تلك الذكرى على صوته ينادي عليها بقلق حين لمح العبرات تترقرق بعينيها الفاتنة التي تسحره بجمالها..

" سلسبيل أنتي زينة؟! "..


" اه كويسة.. كملوا شغل".. قالتها بأقتضاب و هي تنظر لملف موضوع أمامها، فرحتها الغامرة بحضوره التي تزين ملامحها أصبحت ممزوجة بالغضب و الغيظ أخفي فرحتها هذه حين تذكرت رفضه القاطع بردها على ذمته بعد علمه بأنها حامل منه لا يريد أن يكون بينهما رابط يجبرهما على العودة لبعضهما، يريدها كما قال بكامل إرادتها، حتى وصل به الأمر يطلب منها تقولها له صريحة، تخبره بكل ما تملك من جرئة أنها تريده زوجًا لها و هذا لا و لن تسمح لها كرامتها و لا كبريائها بفعله.. 


كل هذا تحت نظرات "جابر" الذي يتابعها بصمتٍ، و إبتسامة دافئة..


لا يريد أي شيء أخر غير أن يراها قوية، و تحيا حياة سعيدة حتى لو كانت سعادتها هذه مع غيره، منذ اللحظة التي أخبرته فيها بحملها و هو أيقن أنهما لن يتقابلان على طريق الحب أبدًا، و رغم هذا تعهد بحمايتها و دعمها لأنها ستظل صغيرته "سلسبيل"..


"خلينا ناخد ساعة راحة، و نعاود للشغل مرة تانية"..

قالها "عبد الجبار" و هو يرفع رأسه أخيرًا و ينظر تجاه معذبته التي ابتعدت مسرعة بعينيها عنه و مثلت إنشغالها بالأوراق أمامها..


نهض جميع الحضور من بينهم "جابر" الذي تحدث بعملية و هو يتنقل بين "سلسبيل " و" عبد الجبار "قائلاً..

"مدام الشغل مطول كده يبقي نطلب غدا.. تحبوا تاكلوا حاجة معينة ؟ "..


" عايزة بيتزا ميكس جبن يا جابر لو سمحت"..

قالتها "سلسبيل" بصوتها الهامس الرقيق، و هي تعتدل على مقعدها بوضع أكثر راحة، و رمقة "عبد الجبار" بنظرة خاطفة مكملة بابتسامة مصطنعة..

" و وصل مستر عبد الجبار لمكتبه الجديد اللي صممت كل ديكوره بنفسي"..

ذادت ابتسامتها اتساع، و تطلعت له بنظرة بدت باردة و تابعت بثقة..

"تصميمه مش هيعجبك.. بس هو عاجبني أنا و ده المهم"..


كتم "جابر" ابتسامته على طريقتها التي تثير جنون ذلك العاشق الملتزم بالصمت ، لم يتفوه بكلمة واحدة، أكتفي بالنظر للعاملين المرافقين لهم نظرة يخبرهم بها أن يتركوهم بمفردهم، و بالفعل بدأ الجميع يغادرون المكان واحد تلو الأخر..

"طيب يلا بينا يا عبد الجبار أوصلك لمكتبك و بعدها هطلب الأكل.. أطلب لك بيتزا أنت كمان و لا تقضيها سندوتشات زيي؟ ".. قالها" جابر" الذي نهض من مكانه و سار تجاه الباب..


"أطلب أي وكل مش هيفرق"..

نطق بها "عبد الجبار" و هو ينهض أيضًا، سار خلفه بخطوات هادئة أثارت الريبة بقلب تلك الجالسة جعل قلبها ينتفض أكثر بين ضلوعها خاصةً حين وجدته يغلق الباب عليهما بعدما خرج"جابر" مباشرةً..

" و ده إسمه أيه ده إن شاء الله يا مستر؟!".

قالتها بثبات تُحسد عليه عكس انصهارها و ذوبان عظامها..


"أني طلقت خضرا يا سلسبيل"..

قالها بغصة مريرة يملؤها الوجع، جملته هذه هزت كيانها كله، و أصابتها بصدمة للحظات قليلة، رسمت بعدها الجمود  على محياها و هي تقول بلامبالاة..

" طلاقك لأبلة خضرا ميخصنيش.. دي حياتك و أنت حر فيها"..


قطع المسافة بينه و بينها في خطوتان فقط، حتى توقف أمامها مباشرةً المسافة بينهما لا تُذكر لكنهما لا يتلامسان.. 

"اتوحشتك قوي قوي يا حبة القلب"..

قالها و هو يرمقها بنظراته التي يشتعل بها نيران شوقه إليها..


أنهارت كل قوتها المزيفة بلمح البصر، توردت وجنتيها بحمرة الخجل، و نظرت له نظره يملؤها الحب مرددة بتنهيدة كالمغيبة.. 

"و أنت؟!"..

لم تُكمل حديثها، و كأنها أستعادة وعيها سريعًا..

"وأنت لا.. موحشتنيش خالص يا عبد الجبار ".. 


رفع حاجبيه معًا و تطلع لها بابتسامة عابثة، و من ثم رفع أكمام قميصه عن معصميه، و فتح أول أزراره ليظهر بداية صدره العريض أمام عينيها المُتيمة به، حينها تردد بقلبها سؤال واحد فقط..

كيف حال الدفء على صدره؟!..


شهقت بصوتٍ خفيض حين جثي فجأة على ركبتيه أرضًا أمامها، و جذبها بمقعدها عليه حاصرها بجسده، شعرت بمدى ضئلتها بين ذراعيه الضخمه،


 لم يعطيها الفرصة حتى للاعتراض و مد يده حاوط بطنها الصغيرة بكفيه يتحسس حركة طفله بلهفة شديدة..

"من حجي أطمن على ولدي اللي في بطنك"..

قالها بابتسامة لعوب و هو يتفرس ملامحها بافتنان لا يخلو من الإشتياق..


تنحنحت "سلسبيل" كمحاولة منها لإيجاد صوتها، و رفعت يدها دفعته بكتفه تبعده عنها بعنف لكنه كالصخر لم يتزحزح من مكانه و لو أنش واحد، بل ألتصق بها أكثر..


" و أنت مين قالك إن اللي في بطني ولد أصلًا؟!"..


تطلع لها بفرحة غامرة حقيقية و هو يقول بتساءل..

"بنت؟ حامل في بنت يا سلسبيل؟"..


رمقته بنظرة يتطاير منها الشرر و صاحت في وجهه بغضب قائلة..

"و لا بنت"..


نظر لها بحاجب مرفوع، و مال بوجهه على وجهها حتى تلامست أنفهما مغمغمًا بحرارة..

" يعني لا واد و لا بت!! أمال حامل في أيه عاد؟"..

خطف قبلة من أرنبة أنفها مكملاً ..

" نوع الكائن اللي عمال يخبط شمال و يمين و بيچري تحت يدي ده أيه؟!".. 


"ملكش فيه.. لما أولد إن شاء الله أكيد هتعرف وقتها اللي بيجري ده نوعه أيه ".. أردفت بها و هي تكافح بضراوة لتتخلص من حصاره هذا..


كانت عينيه مثبته على شفتيها، و هم بغمرها بقبلة جامحة، 

 ضيقت عينيها و قد تفهمت ما يدور بذهنه، فضحكت بصوتها كله و هي تقول..

"أنت فاكر إني كنت رافضة أرجعلك بسبب أبلة خضرا ، و دلوقتي ممكن نرجع عشان طلاقتها؟!.. اللي بتفكر فيه ده مستحيل يحصل لأن أنت كنت على حق في كل كلمة قولتها ليا، و أنا اللي غلطانه.. شعوري نحيتك كان مجرد احتياج للحماية فعلاً..مش حب و لا عشق زي ما خيالي المريض صورلي"..

نظرت داخل عينيه بعمق و تابعت بقسوة نابعة من جروحها التي مازالت تنزف..

" يعني أنا مبحبكش ياريت تفهم ده كويس، و بما إني اتعلمت احمي نفسي بنفسي و الفضل في ده يرجع ليك الحقيقة فأنا بعترفلك أني مديونة ليك بالشكر لأنك صممت على انفصلنا يا عبد الجبار، و أنت كنت قولتلي إنك هتحترم قراري"..


كلماتها أصابته بمقتل، شعرت بتصلب جسده حولها، أيقنت الآن أنها خسرته للأبد من نظرته لها المملؤه بالحسرة و الوجع،طعنته في قلبه بسكينٍ بارد، أبتعد عنها ببطء و انتصب واقفًا بطوله المُهيب وتحدث بصلابة قائلاً ..

" و أني عند كلامي.. قرارك هنفذه و مش هردك لعصمتي و من انهاردة اللي بنا هيكون اللي في بطنك سواء بنت أو ولد، و الشغل و بس يا سلسبيل هانم"..


....................................... سبحان الله وبحمده......


بالخارج..

وقف "جابر" مستند بكفيه على مكتب" صفا" يتأملها بشغف،تلك الفتاة الخلوقة، وصية والدته التي أكتشف أنها يتيمة الأبوين و أن زوج والدته يكون صديق والدها الذي لم يُرزق بأطفال فتخذها ابنة له بعد وفاة والدها و والدتها في حادث أليم نجت هي منه بمعجزة إلهية،


ابتلعت لعابها بصعوبة من نظراته الجديدة كليًا عليها، يتطلع لها بابتسامة دافئة لا تخلو من الإعجاب مردفًا..

" أطلب لي بيتزا معاكِ "..


" بيتزا!!.. بس أنت قولت قبل كده إنك مبتحبهاش؟"..

همست بها "صفا" بستحياء متجنبة النظر له، ليميل هو برأسه قليلاً عليها، فنظرت له بأعين متسعة على أخرها من تغيره المفاجئ معاها، ليزيد هو من دهشتها حين قال..

"أصلي المرادي واثق إني هحبها زي ما هي بتحبني و أكتر كمان"..


رمشت بأهدابها مرات متتالية مدمدمة ببلاهة..

"هي مين دي اللي بتحبك؟!"..


نظر لها نظرة مصطنع البراءة و هو يجيبها.. 

"البيتزا يا صفا.. هيكون أنتي مثلاً اللي بتحبيني؟! و مش بس كده ده أنا كمان هطلب ايديها للجواز انهاردة..بس تفتكري هي هتوافق على طلبي ده؟ "..


تجمعت الدموع بعينيها جاهدت للسيطرة عليهم تمنعهم من الهبوط، و تحدثت بابتسامة متألمة قائلة..

"لو عليها هي أكيد هتوافق على طلبك يا جابر بس معتقدتش إن أنت اللي هتوافق عليها لو عرفت أن؟! "..

صمتت لوهلة، و اعتدلت بمقعدها أظهرت إحدي قدميها، رفعت ثوبها بضعة أنشات لتظهر أمام عينيه طرف صناعي ترتديه بقدمها اليمني..

"رجلها مبتورة"..


"بس أنا عارف يا صفا.. عرفت عنك كل حاجة و بتمني توافقي على طلبي"..


هنا انهمرت عبراتها على وجنتيها بغزارة، و حركت رأسها بالنفي مرددة بأسف..

"أنا سمعت الكلام ده قبل كده من خطيبي الأولاني، و في الأخر سبني قبل الفرح بأسبوع.. و أنا معنديش إستعداد يحصل فيا كده تاني يا جابر"..

مسحت دموعها بعنف، و نهضت من مكانها مكملة بأسف قبل أن تسير من أمامه بخطي شبة راكضة..

"طلبك مرفوض"..


................................. سبحان الله العظيم..........


" خضرا"..

بعد أن تأخر" عبد الجبار " للعودة إلى المنزل عدة ساعات طويلة، كانت تظن أنه لن يتردد في ردها كل هذا الوقت، لكن من الواضح أنه لن يتراجع عن يمينه، هداها تفكيرها إلى لملمت ما تبقى من كرامتها،قررت أن تعود للصعيد، بدأت تجمع ثيابها و ثياب ابنتيها..


" أنتي بتعملي أيه يا أماي ؟! "..

قالتها "فاطمة" بتساءل و هي تتنقل بنظرها لحقائب الثياب الكثيرة من حوالها..

"هنمشي من أهنة يا فاطمة.. خلاص لحد أكده.. أبوكي طلقني و مبقاش رايداني"..


بكت "فاطمة" و هي تقول..

"لا يا أماي أحب على يدك خلينا أهنة في دار أبوي و هو هيعاود.. مش هيعوق علينا هو واعدني أنه هيسامحك و مهيأذكيش واصل"..


نظرت لها "خضرا" بلهفة، و تحدثت مستفسرة..

"وعدك أمتي و وعدك ليه؟! "..


ظهر الخوف على ملامح الصغيرة، لتطمئنها" خضرا" و تربت على ظهرها بحنو قائلة..

" في أيه يا بتي.. في حاچة مخبيها عليا؟ "..


حركت" فاطمة" رأسها بالإيجاب، و تحدثت بصوتٍ مرتجف قائلة..

" أني شوفتك يا أماي.. شوفتك و أنتي بتحطي حاچة في الوكل لچدتي و خيتي وبعد ما أكلوا ناموا طوالي..عملت حالي نمت أني كمان و سمعت حديتك عن قتل أبوي اللي قولتيه لسلسبيل.. خوفت تعملي أكده في أبوي فقولتله لأچل ما يدافع عن نفسه و لما قولتله أكده قالي أمك عمرها ما هتعمل فيا أكده و طمني و وعدني أنه مش هيأذيكي و لا هيهملك تأذيه"..


أجهشت " خضرا " في نوبة بكاء مرير، تذرف دموع الندم، نادمة على ما أوصلت نفسها إليه، كانت حياتها مثالية قبل أن تُشجع زوجها على الزواج من امراءة غيرها، من المفترض كانت رفضت الفكرة من بادئ الأمر و أغلقت باب تلك الرياح القوية التي هدمت حياتها، بموافقتها على فكرة الزواج من الأساس شجعت زوجها على أتفاقه مع الطبيب ليتمكن من أقناعها أكثر..


"هنمشي يا أماي؟!"..


أطبقت "خضرا" جفنيها بعنف، و بتنهيدة متألمة قالت..

"أيوه يا فاطمة.. هنمشي! "..


قطعت حديثها و شهقت بذعر حين استمعت لصوت رجل يتحدث بفحيح كفحيح الأفاعي قائلاً.. 

"هتمشي يا خضرا بس هتمشي من الدنيا كلها يا وش الخراب"..


استدارت على الفور تنظر تجاه مصدر الصوت، لتجحظ عينيها بصدمة حين وجدت "حسان" يدلف داخل الغرفة ممسك بيده أبنتها" حياة" كاتم فمها بكف يده، و يده الأخرى واضعًا سلاحه الناري على رأسها..


انقطعت أنفاسها، و كاد أن يتوقف قلبها المرتعد من شدة الخوف، و هرولت بإخفاء ابنتها "فاطمة" خلف ظهرها، و تطلعت له بأعين زائغة مرددة بذهول..

"حسان!!.. أنت دخلت أهنه كيف؟!"..


"وه نسيتي إياك إني كنت حارس البيت أهنه و خابر زين كل شبر فيه قبل ما أطرد منه بسببك و اتشرد بالشوارع ملقيش شغل واصل بعد ما الكل خد صف الكبير و رفضوا يشغلوني عندهم، هملني و مقتلنيش عشان خابر أني هموت بالحيا من الجوع و قلة الفلوس"..

قالها" حسان"بغضب عارم، و حقد دفين ظاهر على قسماته المتوحشة..


بينما" فاطمة" استغلت اختفائها خلف والدتها، و أخرجت هاتفها من جيب منامتها، و طلبت رقم والدها الذي أجابها في الحال..

" فاطمة.. في حاچة يا بتي؟! "..

أتاه همسها الباكي تقول بصوتٍ مكتوم..

" إلحقنا يا بوي هيموتنا"..


برغم أن جملتها كانت غير واضحة، إلا أنه انتفض من مكانه فجأة و ركض بكل ما يملك من سرعة حين وصل لسمعه صوت "خضرا" تقول ببكاء و توسل..

"همل حياة يا حسان.. البنتة ملهاش صالح.. أقتلني أني و همل بناتي أحب على چزمتك..."..


يتبع......

واستغفروا لعلها ساعة استجابة..

الفصل ال15..

جبر السلسبيل2..

✍️نسمة مالك✍️..


.. بسم الله الرحمن الرحيم.. لا حول ولا قوة إلا بالله...


"سلسبيل"..


بعد حديثها الحاد المغلف بالقسوة مع "عبد الجبار" ظنت أنه سيغادر الشركة، لكنه أدهشها حين بقي و تابع عمله معاها ، كانت تتابعه طيلة الوقت بأعين متلهفة و قلب ينفطر من أجله، تشعر بمدى ألمه التي تسببت هي فيه،على علم بأن كلماتها كانت جارحة لأقصى حد، و هذا ما كانت تريده من الأساس، أرادت أن يشعر بوجعها منه حين تركها و هي في أشد الحاجة إليه..


أقسمت بداخلها لولا وجود العاملين من حولها، لكانت عانقته الآن و غمرته بقبلة عاشقة لن تنتهي إلا بعدما تعود بها زوجته على ذمته مرة أخرى..


هيئت نفسها لفعلها فور إنتهاء هذا الإجتماع اللعين، لن تدعه يذهب هذه المرة، نيران الفرق تحرق فؤادهما معًا، تعترف أن عشقها له انتصر على قوتها الزائفة التي تتحلى بها، تريده هو فقط و لا شيء أخر في هذه الحياة بأكملها غيره..


ليأتيه هذا الإتصال الذي جعله ينتفض من مقعده مسرعًا، و  سار من أمام عينيها بخطوات راكضة.

"رايح فين يا عبد الجبار؟!"..

قالتها "سلسبيل" بقلق و هي تنهض و تُسرع خلفه، ليوقفها مكانها بنظره عاتبه من عينيه التي تتسع بخطورة حبست أنفاسها، جمدتها محلها تطلع له بأعين غامت بهما سحابة تهدد بتساقط دموعها على هيئة أمطار غزيرة..


ظلت عينيه عليها حتى أختفي من أمامها لتهرول هي نحو النافذة فرأته يقفز داخل سيارته و قادها بسرعة عالية، و خلفه "جابر" يلحق به بسيارته.. 


ظلت واقفة مكانها تتابع قلبها و هو يفارقها و يذهب معه، حاولت السيطرة على نفسها قدر أستطاعتها حتى لا تنفجر في نوبة بكاء مرير، أطلقت أنفاسها المحبوسة و رفعت يدها زالت تلك العبرات العالقة بأهدابها قبل أن تستدير متوجهه نحو مكتبها و هي تقول..

"تقدروا تتفضلوا على مكتبكم و الملفات اللي اختارها عبد الجبار باشا تكون جاهزة على مكتبي بكرة أصبح قبل الساعة تسعة"..


خطفت حقيبتها ، و ارتدت نظارتها الشمسية تخفي بها عينيها الحمراء، و غادرت الشركة بخطي غاضبة،مرت بضعة دقائق و صف السائق السيارة الخاصة بها داخل حديقة منزلها..


اندفعت هي منها لداخل المنزل راكضة بوهن، لتقابلها"عفاف" فاتحة ذراعيها لها بعدما هاتفتها" صفا" و اخبرتها بأن حالتها لا تُبشر بالخير أبدًا بسبب اليوم العصيب التي مرت به..

"سلسبيل.. يا حبيبتي يا بنتي تعالي في حضني"..

أردفت بها "عفاف" بصوتٍ تحشرج بالبكاء، لترتمي "سلسبيل" داخل حضنها، و أجهشت ببكاء حاد مرددة بتقطع من بين شهقاتها..

"جرحته زي ما جرحني يا ماما عفاف.. قولتله كل الكلام اللي فضلت شهور برتب فيه عشان لما اقابله أوجعه بيه يمكن يحس بيا ويعرف هو وجع قلبي إزاي.. حتي أبويا كمان وقفت قدامه و دافعت عن نفسي لأول مرة من ظلمه.. أنا انهاردة قولت كل حاجة جوايا كان نفسي أقولها ل عبد الجبار و ل أبويا.. كنت مفكرة هرتاح بعد ما أوجعهم زي ما وجعوني بس أنا مش مرتاحة.. مش مرتاحة خالص.. جرحت قلب عبد الجبار بكلامي اللي زي الخناجر بس قلبي أنا اللي بينزف يا ماما "..


ابتعدت عنها و ضربت بكف يدها على موضع قلبها بقوة، لتسرع"عفاف" بإيقافها، و وضعت كف يدها على قلبها و أردفت ببكاء على بكائها..

" بسم الله على قلبك يا بنتي"..

لتصرخ" سلسبيل " صراخ مقهور..

"ااااه قلبي أنا اللي ذاد وجع على وجعه.. و اللي قهرني أني بعدته عني لما حاول يحضني..مشي و سابني قبل ما ياخدني في حضنه.. كان جبرني على حضنه..كان جبرني على رجوعي ليه..أنا موافقة أنه يجبرني عليه.. إزاي بس مش فاهم أنه جبر السلسبيل.. إزاي مش فاهم أني عايزاه و محتجاله يا ماما.. إزاي صدقني لما قولتله إني مبحبوش و هو عارف إني بعشقه..إزاااااااي!!! "..


" أهدي يا بنتي.. بحلفك بالله العظيم تهدي عشان خاطر اللي في بطنك "..


جلست على الأرض محتضنة بطنها بلهفة، و ظلت تبكي و تأن بضعف و هي تقول ..

" اللي في بطني؟!.. حتى لما سألني عليه مرضتش أقوله ولد و لا بنت.. مرضتش أريحه و في الحقيقة محدش تعبان غيري أنا "..


جلست" عفاف" أرضًا بجانبها، تربت على ظهرها بحنان بالغ، لينتفض قلبها حين رأتها تتوقف فجأة عن البكاء، مسحت دموعها بعنف، و قد تحولت ملامحها لأخرى مخيفة،  تحاملت على نفسها و انتصبت واقفة و هرولت لخارج المنزل مرددة بنفاذ صبر ..

" أنا هروحلوا.. هروحلوا و أقوله كفايا فراق لحد كده"..


................................ سبحان الله وبحمده.........


"عبد الجبار"..


كان يضع الهاتف على أذنه أثناء قيادته، يسابق الزمن و الرياح حتى يصل إلى ابنتيه اللتان يصرخان بأسمه صرخات تشق قلبه شقًا، و أخيرًا وصل أمام باب منزله المغلق، ليقتحمه على الفور كسر الباب بأكمله، ليتأهب جميع الحرس رافعين سلاحهم تجاهه، إلا أنهم اخفضوا سريعًا حين لمحوه هو..


اندفع خارج السيارة راكضًا لداخل المنزل بعدما خطف سلاح ناري من يد إحدي الواقفين..

"فااااطمة.. يا أمه.. يا حيااااة"..

صدح بها بصوتٍ جوهري، لينصدم بوالدته تجلس في ردهة المنزل تتناول كوب من الشاي بتلذذ، و تطلع له ببرود قائلة..

"خير يا ولدي.. مالك چاي على ملا وشك ليه أكده؟!"..


دار بعينيه المذعورة في المكان من حوله مغمغمًا..

"بناتي و أمهم فين يا أمه؟! "..


" كانوا أهنة من هبابه.. هتلاقيهم فوق في أواضهم"..


ركض هو بأنفاس متقطعة على الدرج المؤدي للطابق الثاني، لتبتسم "بخيتة" بخبث، فقد رأت" حسان" و هو يدلف لداخل المنزل، و تركته حين استمعت لحديثه و أيقنت أنه أتى لقتل "خضرا"..


"يله خلص يا حسان على بت المركوب القديم و خلصنا منها".. تمتمت بها بسرها، و ظلت مكانها تنتظر سماع الطلق الناري الذي بالتأكيد سيُصيب من تطيق العمى و لا تطيق وجودها..


"يا مُرحب بالكبير.. أني مستنيك من ياما"..

نطق بها "حسان" حين وقعت عينيه على "عبد الجبار" الذي صوب تجاهه السلاح، ليضغط" حسان" على رقبة أبنته" حياة"، و رمقه بنظرة محذرة أجبره على إلقاء سلاحه في الحال..

"همل حياة يا حسان.. البنتة الصغيرة ملهاش صالح بلي بيحصل بنتنا"..


تطلع له" حسان" بملامح كساها الحزن  ، و تحدث بندم حقيقي قائلاً..

"أني عمري ما كنت هخونك يا كبير.. لولا الشيطانة اللي دخلت بنتنا. هي السبب يا كبير.. هي اللي فتحت باب الشر من الأول"..

كان يتحدث و عينيه مثبته على" خضرا " التي تحاوط أبنتها" فاطمة" بحماية، و تبكي بصمت، لقم سلاحه و وجهه نحوها و قد عماه غضبه و قرر ينهي حياتها، شعرت بالموت يحوم حولها فرفعت عينيها الغارقة بالدموع و نظرت ل" عبد الجبار" و همست بصعوبة بالغة..

" سامحني يا عبد الچبار.. سامحني يا خوي! آ ااه"..

قطعت حديثها و صرخت بعويل حين صدح صوت الطلق الناري.. 

.............................................سبحان الله العظيم...... 


"سلسبيل"..


وصلت للتو إلى منزل "عبد الجبار" لتجد بابه مفتوح على مصراعيه و لا يوجد أي أحد من الأمن، خطت للداخل بخطي مرتجفة و أعين مترقبة، و قلب تسارعت دقاته حين لمحت "خضرا" تسير بخطي مريبة كما لو كانت تحولت لإنسان ألي،حامله بيدها شيء تخفيه خلف ظهرها حتى توقفت أمام مكتب "عبد الجبار" الموضوع عليه كأس من العصير، تطلعت حولها تتأكد من عدم وجود أحدًا، و للعجب لم ترى "سلسبيل" التي تتابعها بأعين جاحظة، و قامت بإظهار زجاجة صغيرة، سكبت منها القليل على كأس العصير و اخفتها من جديد..


تفاجأت "سلسبيل" ب "عبد الجبار" حين لف بالمقعد الجلدي الموضوع خلف المكتب، مد يده و أخذ كأس العصير و تناوله دفعة واحدة بصمت.. 


رأت الكأس سقط أرضًا من بين أصابع يده، تهشم و تناثرت القطع الزجاجية بالمكان، تطلعت لزوجها بأعين متسعة، مذعورة لتجد وجهه شاحب للغاية يظهر عليه الألم الشديد،


ألم لم يستطيع تحمله، جعل عينيه زائغه، و جسده يترنجح بوضوح كلما حاول النهوض حتى أوشك على السقوط من فوق مقعده، هنا صرخت بأسمه صرخة مدوية هزت القلوب و جدران المنزل معًا، هرولت تجاهه راكضه بخطي مرتجفة متعثرة ..


"عبد الجباااااااار...."..


كان صراخها بإسمه أخر شيء استمع إليه من بين شفتيها قبل أن يغلق عينيه و يغيب عن الوعي أو ربما عن الحياة بأكملها..


"سلسبيل أصحى يا بنتي.. فوقي يا حبيبتي"..

هكذا أيقظتها "عفاف" بعدما غرقت في نومًا متعب بعد جملة "محدش تعبان غيري" أجهشت بعدها في وصلة بكاء دامت لوقتٍ طويل ، لتفتح "سلسبيل" عينيها بذعر و لم تتوقف عن الصراخ بأسم من ينبض قلبها بأسمه..

" عبد الجباااار.. عبد الجبار يا ماما عفاف.. حصله حاجة.. في حاجة.. وديني عنده يا ماما عفاف أبوس إيدك"..


كانت "عفاف" يظهر عليها الخوف و الحزن الشديد، و عينيها حمراء و منتفخة للغاية،لكنها تحدثت بهدوء عكس هيئتها..

"طيب بطلي صريخ يا سلسبيل و قومي غيري هدومك و  أنا هوديكي عنده"..


نهضت" سلسبيل " من الفراش بجسد يرتعش بوضوح، و صرخاتها أصبحت غير إراديه لا تستطيع السيطرة عليها تصرخ بلا توقف مرددة بقلب ملتاع..

"عبد الجباااار فيك أيه يا قلب و روح سلسبيل"..


................................ لا إله إلا الله وحده لا شريك له...........


" جابر"..


وصل أمام منزل "عبد الجبار" تزامنًا مع صوت إطلاق النار، ترك سيارته بمنتصف الطريق غير عابئ بمصيرها و ركض بكل سرعته خلف أفراد الأمن لداخل المنزل، مروا من أمام "بخيتة" التي تجلس بأريحية و إبتسامة متسعة على وجهها، و قد ظنت أن مرادها تحقق، و تخلصت من طليقة إبنها للأبد، ليتخشب جسدها، و شعرت بالدنيا تومض من حولها حين وصل لسمعها صوت صرخات "خضرا" و أبنتيها معًا يرددون بنواح..

"عبد الچبااااااااار.. أبوااااااااي"..


حاولت النهوض بشق الأنفس و سارت بخطي بطيئة متثاقلة تدفع بعكازها كل من يعوق طريقها حتى وصلت إلى الغرفة الصادر منها صوت الصرخات المرعبة، ليسقط عكازها من يدها حين لمحت جسد وحيدها ممد على الأرض، قميصه الأبيض غارقًا بدمائه..


كانت" خضرا" و ابنتيه يجلسون حوله، و "جابر" أيضًا يجلس بجواره واضعًا رأسه على قدمه..


"جابر".. حرك "عبد الجبار" شفتيه بها دون إصدار صوت، ليلبي "جابر" ندائه، و مال عليه ليتمكن من سماعه، كان "عبد الجبار" يجاهد ليفتح عينيه، نظر له بأعين ألتمعت بها الدموع، و همس بصوتٍ لاهث قائلاً..

"أمي و بناتي و!! "..


صمت لوهلة لتهبط دمعة حارقة على خديه مكملاً بمنتهي الصعوبة..

"سلسبيل في أمانتك.. سلسبيل "..

كانت هذه أخر كلمة قالها قبل أن يغلق عينيه و يستسلم لقدره وسط صرخات أبنتيه التي تشق القلوب..


"مش هتموت يا عبد الجبار.. فااااهم مش هتموت"..

قالها" جابر " الذي استجمع شتات نفسه و نهض مسرعًا، حمله على كتفه و هرول به لأقرب مستشفى..


يتبع....... 

واستغفروا لعلها ساعة استجابة..

حالة من الهرج و المرج داخل المستشفى المتواجد بها "عبد الجبار" جميع العاملين بها بلا استثناء يعملون على قدم وساق ليتمكنوا من إنقاذه، لتلجمهم جميعًا الصدمة حين حددو مكان الرصاصة التي تقع بجوار القلب مباشرةً و إذا تحركت أنش واحد ستُسبب جرح بعضلة القلب نفسها..


"إحنا بنعتذر محدش هيقدر يجازف و يعمل العملية ل عبد الجبار باشا لأن فيها خطورة كبيرة على حياته"..

قالها مدير المستشفى بنفسه صدم بها "سلسبيل" التي سقطت على ركبتيها أرضًا، و إثار غضب "جابر" الذي قبض على عنقه بقبضته الفولاذية مغمغمًا.

"يعني ايييه محدش هيجازف.. يعني هتسبوه لغاية ما يموت يا ولاد ال***؟!"..


" مافيش غير جراح واحد في مصر هو اللي هيقدر يعمله العملية دي".. قالها المدير بأنفاس مقطوعة، ليخفف "جابر" قبضته قليلاً حول عنقه، و صرخ في وجهه بنفاذ صبر قائلاً..

"ميييين هو أنطق؟"..


"جراح القلب الدكتور أيوب زيدان........ "..

و استغفروا لعلها ساعة استجابة..


الفصل ال16..

جبر السلسبيل2..

✍️نسمة مالك✍️..


.. بسم الله الرحمن الرحيم.. لا حول ولا قوة إلا بالله..


"خبر عااااجل"..


إصابة رجل الأعمال "عبد الجبار المنياوي" بطلق ناري داخل منزله و تم نقله لإحدى المستشفيات الخاصة في حالة حرجة للغاية...


"عودة لتلك اللحظة الحاسمة"..


بعد كل ما فعلته" خضرا" بحق نفسها و بحق زوجها و أبنتيها من خطأ فادح حين لجأت لرجل غريب و فتحت له بنفسها باب حياتها دخل منه بكل جرائة حتى وصل به الأمر إلى وقوفه هنا بغرفة نومها ممسك سلاح ناري يهدد به حياتها و حياة عائلتها بأكملها، وقف" عبد الجبار " على أتم إستعداد ليضحي بنفسه و لا يرى مكروه في فلذات أكباده..


نظر ل "خضرا" نظرة مليئة بالحب و العرفان كم اشتاقت لها، يخبرها بعينيه أن كل ما فعلته ما هو إلا رد فعل ناتج عن أفعاله معاها..


كان "حسان" موجهه فواهة المسدس تجاه "خضرا" شد أجزاءه يستعد لاطلاق الرصاص عليها، و ضغط الزناد لتخرج منه طلقة كانت سرعتها أقل من "عبد الجبار " الذي تناول سلاحه الملقى بجوار قدمه ، و أطلاق النار على "حسان" أصابه بمنتصف رأسه فسقط قتيلاً في الحل، و وقف أمامها كالسد المنيع مستقبلاً الطلقة بصدره بدلاً عنها، كل هذا حدث في لمح البصر..


قوة الطلقة جعلته يتراجع بجزءه العلوي للخلف فلتقطته "خضرا" محاوطة خصره بذراعيه، وقف مكانه للحظات يتطلع لها من فوق كتفه مغمغمًا بأنفاس متهدجة.. 

"سامحيني أنتي يا خضرا.. أنا رديتك أنتي و سلسبيل لعصمتي وخابر زين إنك مش هتأذيها لا هي و لا اللي في بطنها"..

خارت قواه فهبط على ركبتيه، و عينيه تتنقل بين ابنتيه بابتسامة يحاول يدخل بها الطمأنينة على قلوبهما..


"ياااا أخوي.. لاااا يا عبد الچبار.. متسبناش يا أخوي.. أحب على يدك متعملش فيا أكده".. 

صرخت بها" خضرا" بجنون و هي تراه يميل بجسده على الأرض و دمائه تدفق على صدره بغزاره..


حتى وصل "جابر" و من بعد "بخيته" التي سقط منها عكازها، و من ثم سقطت هي بجانبه داخل الحفرة التي ظنت بأنها حفرتها ل" خضرا" لتسقط هي فيها و تقع بشر أعمالها بعدما فقدت القدرة على تحريك جميع أطرافها، بطرفة عين أصبحت لا تقوى على شيء سوي النظر حاجظة العينين تردد بهذيان..

"عبد الچبار يا ولدي.. سندي.. ظهري.. راچلي"..


...................................لا إله إلا الله وحده لا شريك له.......


أنتشر خبر إصابة "عبد الجبار" بسرعة البرق بكل القنوات الإخبارية، و على صفحات الجرائد و المجلات، و حتي مواقع التواصل الإجتماعي، من هنا وصل الخبر ل "عفاف" التي صُعقت من قوة الصدمة، لم تستطيع إخبار" سلسبيل " بهذا الخبر الحزين، بل المميت، فضلت الصمت و منعت عنها أي وسيلة ممكن أن تنقل لها الخبر و أولهم هاتفها ..


أخذتها بسيارتها و قادت بنفسها قاصدة عنوان المستشفى الذي أرسله لها "جابر"،  هناك ستكون تحت رعاية الأطباء إذا حدث لها أي شيء لقدر الله..


تطلعت" سلسبيل" للطريق من حولها، و أردفت بثبات مريب قائلة.. 

"إحنا رايحين المستشفى؟ يبقي أحساسي صح يا ماما عفاف و عبد الجبار جراله حاجة !".. 


ظلت "عفاف" ملتزمة الصمت، تُمثل انشغالها بالقيادة، بينما "سلسبيل" رغم ثباتها إلا أنها تحولت للنقيض تمامًا، تملكت منها قوة غريبة أرغمتها على الهدوء، هدوء مخيف يُهدد بعاصفة شديدة ربما تدمر الأخضر و اليابس ، نظرت للسماء من نافذة السيارة بأعين مستجدية و ملامح شاحبة بعدما أنسحبت الدماء من عروقها، متمتمة بأنفاس منقطعة ..

" يارب.. أجبر قلبي و احفظهولي يارب "..

بقت على هذا الحال طول الطريق، لا تتفوه إلا بتلك الجملة مرارًا و تكرارًا بلا توقف..


حتى صفت "عفاف" سيارتها أمام باب المستشفى أخيرًا، هبطت "سلسبيل" تجر قدميها جرًا نحو الدخل، لا ترى أمامها من شدة أنفعالاتها المتضاربة، تترنجح يمينًا و شمالاً كالمخمورة،أنفاسها تتلاشى شيئًا فشيئًا، تشعر بجسدها ثقيل كما لو كانت تغرق بأعماق بحر مظلم، لوهلة ظنت أنها تحيا إحدي كوابيسها البشعة،تسير بجوارها "عفاف" ممسكة بيدها، لتشهق فجأة شهقة قوية حين استنشقت رائحة عبق حبيب روحها، استجمعت شتات نفسها و قادها قلبها نحو مكانه..


كان الجميع يقف أمام باب العمليات إلا "بخيتة" التي دخلت للعناية المركزة لصعوبة حالتها الصحية، لمحتها "خضرا" فهرولت نحوها بخطوات متعثرة حتى وقفت أمامها مباشرةً، تطلعت لها "سلسبيل" بملامح بدت جامدة، رغم أنها تأثرت و شعرت بالشفقة عليها بسبب حالتها المزرية، نظرت لها نظرة طويلة و دموعها تسيل على وجنتيها الملتهبة أثر لطم خديها و تحدثت بصوتٍ مبحوح للغاية بعد وصلة صراخ كادت أن يمزق أحبالها الصوتية..

"حقك عليا يا خيتي.. أني غلط في حقك.. سامحيني يا سلسبيل"..


ختمت حديثها و عانقتها و اجهشت بنوبة بكاء مرير مرددة بنواح..

. عبد الچبار فداني بعد كل اللي عملته و خد الطلقة مكاني.. اااه يا حرقة جلبي عليك يا راچلي"..


ابتعدت عنها قليلاً و نظرت لها بشبه إبتسامة مكملة..

"رچلنا يا سلسبيل.. عبد الچبار قالي أنه ردك يا خيتي "..


تسمرت "سلسبيل" محلها لبرهةً، و من ثم بادلتها عناقها هذا، يدها تربت على ظهرها و ها قد أجتمعوا أخيرًا على حب رجل واحد، مدمدمة بثقة عمياء..

"أهدي يا أبلة خضرا و بطلي عياط.. عبد الجبار هيقوم منها و هيبقي كويس"..


هدوئها الغير لائق بالمرة على هيئتها المتألمة جعل الجميع ينظرون لها بترقب ينتظرون إنهيارها بأي لحظة، 

لكنها خلفت ظنونهم و بقت هادئة، مسالمة عكس ما بداخلها من صخب و ألالام تفوق التحمل تكاد أن تزهق روحها..


كانت هناك حالة من الهرج و المرج داخل المستشفى المتواجد بها "عبد الجبار" جميع العاملين بها بلا استثناء يعملون على قدم وساق ليتمكنوا من إنقاذه، لتلجمهم جميعًا الصدمة حين حددو مكان الرصاصة التي تقع بجوار القلب مباشرةً و إذا تحركت أنش واحد ستُسبب جرح بعضلة القلب نفسها..


"إحنا بنعتذر محدش هيقدر يجازف و يعمل العملية ل عبد الجبار باشا لأن فيها خطورة كبيرة على حياته"..

قالها مدير المستشفى بنفسه صدم بها "سلسبيل" التي سقطت على ركبتيها أرضًا، و إثار غضب "جابر" الذي قبض على عنقه بقبضته الفولاذية مغمغمًا.

"يعني ايييه محدش هيجازف.. يعني هتسبوه لغاية ما يموت يا ولاد ال***؟!"..


" مافيش غير جراح واحد في مصر هو اللي هيقدر يعمله العملية دي".. قالها المدير بأنفاس مقطوعة، ليخفف "جابر" قبضته قليلاً حول عنقه، و صرخ في وجهه بنفاذ صبر قائلاً..

"ميييين هو أنطق؟"..


"جراح القلب الدكتور أيوب زيدان...إحنا حاولنا نتصل بيه بس تليفونه مقفول، كلمنا المستشفى اللي هو مديرها بلغونا إن انهارده أجازته، هكتبلك عنوان بيته و روح هاته بنفسك لأن مافيش قدامنا وقت"..


بالفعل تركه "جابر" على مضض، فأخرج ورقة و قلم من جيب البالطو الخاص به و دون بها عناوين دكتور" أيوب " خطفها منه" جابر " و استدار يستعد للذهاب، ليجد"سلسبيل " جالسة أرضًا بجوارها" عفاف" و" خضرا" يحاولان مساعدتها على النهوض، لكنها أبت و ظلت على وضعها محتضنة بطنها بذراعيها في حالة ذعر شديد و مع ذلك لا تبكي متماسكة لأقصى حد،


هرول نحوها وجثي أمامها على ركبتيه، و جذبها بمنتهي الرفق من معصميها أرغمها على الوقوف، و دفعها بخفه لأقرب مقعد أجلسها عليه مغمغمًا..

"متخفيش يا سلسبيل إن شاء الله عبد الجبار هيقوم منها .. ادعيلوا أنتي بس و فوضي أمرك لله "..

أنهى جملته و أختفي من أمامها كالزئبق، ركض بكل ما يملك من سرعة حتى يحضر الطبيب لينقذ حياة الشخص الذي أصبح أعز صديق بالنسبة له..


................................... يا حي يا قيوم برحمتك استغيث....


حالة من الذهول أصابت" جابر " حين وصل بسيارته لعنوان الطبيب "أيوب"، تطلع حوله للمنطقة الشعبية شديدة البساطة التي لا تتماشى مع كونه مدير أشهر المستشفيات في مصر!!


صف سيارته و هبط منها يدور بعينيه يبحث عن منزله، ليلمح يافته كبيرة مدون عليها إسمه بالطابق الأخير لمنزل قديم تم ترميمه حديثًا، اندفع نحو الداخل راكضًا على الدرج حتى وصل لتلك الشقة التي يخرج منها صوت ضحكات  لتجمع عائلي تسر القلوب..


أخذ نفس عميق يلتقط به أنفاسه اللاهثه، و ضغط على الجرس عدة مرات حتى فُتح الباب و خرجت منه امراءة بشوشة الوجهه، أبتسمت له بوداعة و هي تقول..

"خير يا ابني!" ..هم "جابر" بفتح فمه لتستطرد "زينب" بفخر و فرحة دون أن تمنحه فرصة للرد..

"عايز ابني الدكتور أيوب مش كده؟ "..


أجابها "جابر" بلهفة قائلاً.. 

"أيوه يا أمي.. عايزه ضروري جداً في مسألة حياة أو موت"..


تطلعت له "زينب" بشفقة و من ثم لفت وجهها و نادت بصوتها الحنون المليء بالحب.. 

"أيوب.. يا دكتور أيوب يا نن عين أمك.. تعالي يا ضنايا "..


"اؤمريني يا أمه "..

هكذا لبى ندائها على الفور كعادته معاها، و أتى إليها مهرولاً بهيبته و هيئته التي تخطف القلب،

وقف بجوارها و حاوط كتفيها بذراعه لتُشير له "زينب" على" جابر" الواقف بعيدًا عن وجهة الباب..

"وفي واحد عايزك ضروري يا حبيبي"..


نظر" أيوب " تجاهه و تحدث بترحاب قائلاً..

" أهلاً و سهلاً.. اتفضل"..


"دكتور أيوب أنا آسف إني جاي لحضرتك من غير ميعاد بس في واحد واخد رصاصة في صدره و حالته خطيرة أوي و كل الدكاترة اللي كشفوا عليه رافضين يجازفوا و يعملوه العملية و قالوا محدش غيرك بعد ربنا اللي يقدر ينقذه "..

أردف بها" جابر "مرة واحدة دون أن يدع فرصة ليلتقط بها نفسه..


" أنا جاي معاك".. قالها" أيوب " دون تفكير، فهو لن يغلق بابه أبدًا بوجهه أحد لجأ إليه، قبل يد و رأس" زينب" مغمغمًا ..

" ادعيلي يا أمي "..


ربتت" زينب" على صدره بكف يدها بحنان بالغ و هي تقول.. 

" دعيالك يا قلب أمك.. تربح و تكسب و يجعلك في كل خطوة خير وسلامة يا أيوب يا ابن زينب".. 


كل ما يحدث كانت تتابعه "حبيبة" زوجته التي تحدثت بلهفة قائلة..

"هتنزل من غير ما تاكل و لا حتى تغير هدومك يا أيوب؟!"..


ارتدي "أيوب" حذاءه الرياضي على عجل، أقترب منها و نظر لها نظرته العاشقة التي يخصها هي وحدها بها مدمدمًا..

" لما الأكل يجهز كلميني هبعتلك عربية تجيبك عندي"..

طبع قبلة عميقة على رأسها، و هرول للخارج مسرعًا، انطلق برفقة" جابر" نحو المستشفى.. 


لم يمر سوي عدة دقائق حتى وصلوا إلى المستشفى بفضل سرعة "جابر" العالية، انقلبت المستشفى رأسًا على عقب فور علمهم بوصول الجراح الشهير" أيوب زيدان" تأهب الجميع لاستقباله، مجهزين له كافة شيء، ليتوجهه "أيوب" نحو غرفة التعقيم مباشرةً ..


كانوا الجميع بانتظاره أمام غرفة العمليات، خرج هو عليهم و تطلع حوله، ينظرون له و كأنه طوق النجاة الوحيد الذي سينقذهم بانقاذه لرجلهم، فابتسم لهم ابتسامته الجذابة التي تطمئن القلب و هو يقول بكل ما يملك من رحمة و رأفة بحالته..

" اطمنوا يا جماعة..خير بإذن الله"..


سارت نحوه "سلسبيل" بخطوات متعثرة، فحالتها إذدادت سوء بسبب ألالام مبرحة تدهمها تحاول هي قدر الإمكان تحملها، و قد بهت لونها و تناثرت حبيبات العرق على جبينها، و الهالات السوداء ظهرت فجأة أسفل عينيها التي يملؤها الحزن، و أردفت بنبرة جادة لا تقبل الجدال قائلة..

"همضي إقرار على نفسي أني هتبرعلوا بقلبي و تاخد قلبي تدهوله يا دكتور بس يعيش"..


رباااه.. جملتها هذه زلزلت قلوبهم جميعًا، تطلع لها "أيوب" بنظرة متفحصة، و من ثم وجه نظره لإحدى الأطباء المساعدين و تحدث بأمر قائلاً..

"ابعت لأخصائي نساء و توليد خليه يجي حالاً "..

سار نحو غرفة العمليات و أشار بعينه على" سلسبيل " قبل أن يدلف للداخل مكملاً ..

" المدام بتولد..."..


يتبع..

واستغفروا لعلها ساعة استجابة..

صدمة شلت الجميع حين توقف قلب "عبد الجبار" عن النبض رغم النجاح الكبير للعملية التي قام بها "أيوب" ببراعة و إتقان شديد،


هرول مسرعًا نحو الجهاز الخاص بإنعاش القلب، و صعقه به مرات متتالية، يكرر المحاولة مرارًا و تكرارًا دون يأس و هو يقول بغضب عارم..

"رافض الحيااااة لييييييييييييه"..


على الجانب الأخر بالغرفة التي تلد بها "سلسبيل" كانت الفرحة تعم المكان حين قالت الطبيبة التي تولدها بسعادة بالغة..

"ولدين.. جالك ولدين زي القمر يا سلسبيل"..


كان صوت بكاء الصغيران يجعل القلوب تتراقص فرحًا، فرحة غامرة تدمع لها العين إلى أن توقف أحدهما فجأة عن البكاء، و تباطأت أنفاسه و حتي نبضات قلبه..


ظهر الذعر على وجهه الطبيب المشرف على حالة الصغيران، و أسرع بإنقاذ الصغير بشتى الطرق أمام نظرات"سلسبيل " الزائغة، لكن في خلال لحظات فقط قد نفذ أمر الله و توقف نبض الصغير تزامنًا مع عودة النبض لقلب والده،


حينها شعر قلبها بفقدان إحدي صغارها فهبطت عبراتها ببطء على وجنتيها، أبتسمت إبتسامة يملؤها الرضى مرددة بصوتٍ ضعيف مرتجف ..

"إبني فدى أبوه.. عبد الجبار هيعيش.. إبني فداه"..


اقتباس من حلقة بكره بإذن الله هتبقي حلوه جددداااااا و فيها مفاجأت كتير 😍♥️..

و استغفروا لعلها ساعة استجابة..

تعليقات

التنقل السريع
    close