أخر الاخبار

سلسلة_عواصف_الغموض_والحب الجزء_الأول_بعنوان ظلام_الذئاب بقلم_سلمى_خالد الفصل_الواحد_والعشرون والثاني والعشرون نهاية الجزء الاول

 بسم الله الرحمن الرحيم

سلسلة_عواصف_الغموض_والحب

الجزء_الأول_بعنوان

ظلام_الذئاب

بقلم_سلمى_خالد

الفصل_الواحد_والعشرون والثاني والعشرون

نهاية الجزء الاول 

***********

مد يده للمتشبثة بظهره يخفيها خلفه، ينظر للرجال المافيا وهما يحاوطه من كل جانب، صك على أسنانه بعنف يفكر ماذا سيفعل مع ليان وكيف سيأمن خروجها من هذا المكان أو بمعنى صحيح من هذا المستنقع، في حين هي تقف والرعب يتطير من عينيها، كأنها فريسه وسط وكر من الذئاب سينقدون عليها ليمزقوها، فلم تشعر سوى بأنفاسها المتهدجة من الخوف الذي انتشر بجسدها، ويدها المرتعشة من نظرات هؤلاء الوحوش، كأنهم يرسلون شعاع يخترق جسدها فيجعله يرتجف رعباً، نظرت لهم ثم نظرت إلى زياد وهي لا تعلم ماذا سيحدث؟!!

قاطع تلك اللحظة دخول مايكل وابتسامة الشر لم تعلم طريق سواه، ينظر بشرسة لهم ويطفو الجنون فوق ملامحه، رغبته الجامحة في قتل زياد وتلك الفتاة، أصبحت أقوى ما يتمنى، هتف بصوت ماكر يعلو ثغره ابتسامة شرسة:

_ وأخيراً وصلت إليكم، أتعلم لم أرغب بأن أجعل رجالي ان يقتلوكم، وقررت أن تحصلا أنتما الأثنان على شرف قتلي لكم!!!

ارتجفت هي بشدة من كلماته اللذعة، ونظرت لزياد ويدها تزداد ارتجافه، بينما شعر برجفته الملتاعة وحاوطها بيده فأصبح يقف أمامها كواقي يحميها، ويقبض بيده الأخرى على نفسها بعنف حتى برزت عروق منها، ردد بصوتٍ هادئ يريد أن يستغل بعض الوقت:

_ وكيف علمت بمكان وجودنا؟!!

ابتسم بجنون وردد بصوتٍ غريب كأنه فقد عقله يشير على ليان المختبئ خلف زياد:

_ هي من كشفتك عندما سارت وسط الأشجار ولم تلاحظ أن غصن الشجرة قد مزق جزءاً من ردائها.

باغته زياد بسؤالٍ آخر ونبرته الهادئة قد بدأت تشوش على تفكير ليان بعدما لاحظت هدوئه الغريب، والذي لا يناسب هذا الموقف ولا يفصل بينهما وبين الموت سوى خطوة واحدة:

_ لو وجدت تلك القماشة الصغيرة بالمكان الذي كنا فيه فلن تستطيع الوصول إلينا لأننا سيرنا بجهة العكسية والتي لن يشك أحد بأننا عدنا إليها.

تحرك مايكل من أمامه يسير بخطواتٍ صغيرة تحفر أسفلها بصمات الشر، وكأنها تطبع تعويذة لتقتلهما:

_ وربما لو أنني شككت بك وعلمت أنك ستفعل تلك الحركة وقررت أن أرسل رجالي هناك ووجد دليل الذي أوقعك مع هذه الفتاة.

رفع يده بالقماشة الصغيرة وهو يحركها باستفزاز ويشير بيده الآخر عليه، يصاحبها ابتسامة خبيثة، تصلبت عضلات زياد فلم يلاحظ تصلب عضلاته سوى ليان التي تتشبث بظهره من الخلف، ونظرت له بحيرة عندما نظر لها وابتسم بخفة.

تحرك مايكل ليقف بمواجهة زياد ثم رفع مسدسة وردد بلهجة شرسة.. عنيفة:

_ إلى اللقاء عزيزي.

وبلحظة صدع صوت طلقة مصوبة برأس مايكل الذي افترش الأرض غارقاً في دمائه، بينما حملقت ليان به وتجمدت الدماء في عروقها، أخرج زياد مسدسه وبدأ يطلق النيران على رجال المافيا متخذاً الحائط ساتر له وتقف خلفه ليان ثم ابتسم بغموض للملثم الذي ظهر من النافذة يطلق معه النيران بحرافية بالغة.

أدركت ليان ماذا يحدث حولها، وعندما رأت زياد يطلق النيران على رجال المافيا ويقعون واحد تلو الآخر، صرخت بشدة وبدأت تردد برعب:

_ لا متقتلش حد!!!

مد زياد يده وهو ووضعها أسفل رأسها من الخلف ثم دفن وجهها بصدره قائلاً بغيظ:

_ مش وقتك هو.

ظلت تتحرك بعشوائية بعدما شعرت بالاختناق وعدم قدرتها على ممارسة عملية التنفس بشكل طبيعي، بينما أنشغل زياد بضرب النيران على رجال المافيا ولكن شعر بحركتها فأبعدها سريعاً يدع لها فرصة لتنفس، فهتفت بأنفاسٍ متهدجة يتخللها بعض الغيظ:

_ قطعت نفسي بعضلاتك دي.. روح الله يسامحك.

نظر لها بجانب عينيه وعاد ينظر أمامه يطلق النيران مردداً بصوتٍ ساخر:

_ قطعت نفسك، وبنسبة لحضرتك وغبائك اللي هيموتنا أحنا الأتنين و موته محصلتش موتت صرصار حتى دي يبقى إيه!!

كادت أن تتحدث ولكن استمع لصوت صراخها خلفه، استدار سريعاً فوجد أحد رجال المافيا يمسك بذرعها ويشير بمسدسه عليها ، فلم يبقى سواه بعدما قضى زياد على الجميع بحرافية ومعه هذا الملثم الغريب، بينما كانت تقف وقد امتلأت أهدابها بالدموع، أشار له هذا الرجل بأن يضع مسدسة على الأرض، وبالفعل امتثل لرغبته وهبط في مستوى الأرض ووضع مسدسه وعاد يستقيم بجزعه، ولكن بحركة سريعه أخرج مسدس آخر وأطلق الرصاصة بجوار ليان لتنتفض بين يد هذا الرجل في رعب وسرعان ما فقدت وعيها، حاول هذا الرجل أن يمسك بليان فهي وسيلة نجاته ولكن كان قد نفذ الأمر وأطلق زياد عليه الرصاص، حمل زياد مسدسه وأسرع إلى ليان يحاول أفقتها وما أن فتحت مقلتيها حتى بدأت بالبكاء تردد بخوف:

_ أنا تعبت من الخوف والرعب دا، أنا نفسي أرتاح.

مد يديه يزيل تلك الدموع بحنو وهتف في هدوء، يعلم جيداً أنها ترغب بالعودة لمصر، ومدى الألم الذي تشعر به:

_ عارف أنك تعبتي لكن لزماً نستحمل يا ليان خلاص هانت وهترجعي مصر تاني

نظرت له بألم، مُرددة بنبرة أخرجت ما تكنَّه بقلبها:

_ هو انا فعلاً هرجع مصر، هرجع أشوف ولدي اللي لما عرفت أنه راح من الدنيا مرجعتش علطول!!

نظر لها قليلاً وعلم أنها تتأوه بصمتٍ دون أن يشعر بها أحد، فهمس بصوت هادئة يثنيه عشقه لها:

_ آه هترجعي مصر، وهتروحي لوالدك عشان تشوفيه وتدعيله، عشان تقولي ليه سبتني في الدنيا، بس روحك لسه جوايا، زي ما روحك بقت جوايا، كل إنسان عنده اللي فرقه وسابه بس ربنا بيعوض بانسان تاني، بيمحي أي وجع عاشه قبل كده، وأنتِ الوحيدة اللي دويتي ألم الماضي وفراقه.

حدقت به قليلاً فمنذ الأمس وهو يعاملها بهدوء ويخبره بصراحه عن حبه، وما مكنون بجوف قلبه، ابتسمت له برقة ورددت بكلماتٍ ذات معنى:

_ معاك حق ربنا بيبعت اللي بيداوي زعلنا وبيقوينا، والحمدلله أنك معايا.

نظر لها قليلاً، ثم ألتمع الخبث بعينيه وردد بمكر، سار يظهر مع من سلبت فؤاده وقد عاد كما كان سابقاً قبل حادث شقيقته:

_ نمشي دلوقتي ولا نعيد اللي حصل أمبارح!!

توردت وجنتيها بالحمرة الشديدة فلم تعلم بماذا ستجيب، فأصبحت مقيدة أمامه بمكره الدائم معها، ليردد زياد وهو ينهض ويمد يده لها يساعدها على النهوض ولكن صوته الرجولي يصدع بالضحك:

_ أنا بقول نمشي بدل ما المافيا تعمل معانا كلاكيت تاني مرة وأنا كتفي مش مستحمل!!!

****************

ابتسمت بحزن وهي لا تعلم أين صديقتها، فقد مر شهر لا تعلم أين هي؟ أوكيف ستصل إليها؟، جلست على المقعد الموجود بجانب الطريق تنظر للسماء وسحابها الذي يغطي النجوم المرسومة بها، فمحى جمال تلك الرسمة وأظهر بشعتها، اوضح هذا الوحش المخيف، فما كان عليه أن يظهر إلا ليضمر حياتنا في أسى وقهر، يعذب قلوبنا باجتياح الألم لها، يمزق روحنا لأشلاء صرخت ألماً وهي تتعذب، تخللت الهشاش عظامنا فأصبحنا مضمورين بقاع هذا الظلام الموحش، انسحب هذا الظلام بسرعة وكأنه حيوان مخيف يقترب من فريسته ليسحبها بسرعة معه لقاع قبو مظلم، ولكنه خشى أن يقتله هذا الدخيل ممزقنا أفكارها التي كانت ستقتلها، رفعت مريم رأسها تنظر لظل الذي أمامها ولكن كانت الصدمة كفيلة بأن توقف الزمن من حولها، تنفست في سرعة غريبة مرددة بتوتر مصحوب بخوف:

_ ماذا تفعل هنا يا مارو؟!

حدقها بنظرات تفيض بالحب وكأن النساء العالم قد اختفوا فلم يبقى سواها، اجابها بصوتٍ رخيم:

_ جاءت لأراكِ مريم، ربما لا تعلمين أنني أرقبك كل يوم وعندما وجدتك هكذا قررت ان أراكي.

ازدردت ريقها بخوف منه فهي الآن بمفردها، ونهضت عن مكانها ثم هتفت بصوت ظاهرياً جاد:

_ أبتعد عني مارو قولت لك لا أصلح إليك.

سارت مبتعدة عنه ولكن قبضه عنيفة منعتها من السير، استدارت بسرعة ثم نظرت ليده القابض على يدها وكأنها أصفاد تسجنها، فتزيد من رجفة جسدها، ولكن ازداد ألم يدها عندما همس مارو بعنف يثنيه بعض الشرسة:

_ إذا لم تصلُحي لي لن تصلُحي لغيري، أنتِ مِلكٌ لي.

نفضت يدها عنه وركضت سريعاً بطريق الفارغ أمامها، ولكن امتلأ الرعب بقلبها وهي تستمع لصوت خطواته الركضة خلفها، نظرت خلفها بسرعة ترى كم يبعدها من مسافة، وعادت تنظر للإمام، وفجأة شع نور حاد أمامها ، ثم اصدمت بالسيارة الأتية لتصرخ أثر وقوعها على الأرض، اقترب منها مارو فوجدها قد فقدت الوعي تماماً و اختفت السيارة التي اصدمت بها، هبطت دمعة ساخنة من عينيه وهو يرى رأسها يسير عليها خيط من الدماء، وجهها الذي بدأ بالتحول لزرقة، شعر وكأن شخص امسك بروحه وعلقها على مشنقه لتنفى من هذا العالم، فتضيع بين ظلمات العذاب غير متبقي منها شيء، تهدجت أنفاسه في سرعة شعر فيه بان قلبه كاد ان يصرخ بشدة أرد أن يخبرها ان تتماسك قليلاً حتى لا تصبح نهاية الطريق، اخرج هاتفه في عجلة ويده غير قادرة على تثبيت الهاتف في محاولة طلب الأسعاف!!!!

**************

سار بطريق المؤدي لغرفتها، وكأنه يسير بطريق ماضيه، لا يرى فيه سوى كومة من الأشلاء الصارخة تتأوه من ألم الغدر والخيانة، فبقدر خيانتها له لم تكتفي بهذا و دمرت عائلتها عندما أصبحت جاسوسه عليهم، قرر أن يعود ويتأمل ملامح وجهها البريئة..أو كما يعتقد الجميع، فأصبحوا مخدوعين بملامحها، كممثل يبكي امام الناس ليكسب عطفوهم، فيخضعون لأوامره في عمى، مد يديه يفتح مقبض الباب وما أن دخل حتى وجد ملثم بالغرفة يقترب من ندى وبيده حقنة تمتلئ بالهواء، ادرك الملثم دخول وليد فألقى الحقنة بسرعة وركض باتجاه النافذة يحاول الهروب من برثن وليد الألفي، ولكن لحق وليد به ومد ذراعه ليمسك به فلم يزيل إلا اللثام وفشل باللحاق به عندما قفز هذا الغريبة من النافذة وأخفى وجهه عنه قبل ان يرى ملامحه، نظر وليد للغطاء الموجود بين راحة يده فوجد خصلات من الشعر بين يديه، القها بعيداً وادار رأسه ينظر لها بكره، ينفر شكلها بشدة ثم اقترب منها وهمس بفحيح:

_ عملتي إيه تاني مخليه الكل بيكرهك كده يا قطرة العذاب والندم.

أرجع رأسه للخلف ونظر لها مرة أخرى وللجهاز الموصولة به، ثم ابتسم شامتاً، تبوح عيناه بما يكنّه خلف ضلوعه، يخبرها بان حياتك لن تستمر لو أُزيل هذا الجهاز، حتماً ستموتين، اقترب من المقعد بجوار السرير، ونظر لها ثم عاد برأسه للخلف وعادت معه ذكريات ماضيه عندما شهد غدرها وانها كانت السبب بالأزمة الأول التي مرت بها شركتهم، لم يشعر بتلك اللحظة سوى بتمزق روحه المنثورة وسط ندوبه الدامية، قلبه الذي سُمم بخيانتها فلم يبقى ينبض بالحياة بل بالكره والشر، حرقت ضلوعه الثابتة بنيران القهر فاصبحت رماد يتطاير في ثنايا الرياح.

***

عاد بظهره للخلف يأن بألم من اجهد نفسه بالعمل، رفع سبابته يدلك رقبته وقد تشنجت قسمات وجهه، فهمس بصوتٍ يغلب عليه الخمول:

_ انا كده مش هنجز الشغل، هطلب قهوة واقوم اشم هوا وأرجع اكمل.

نهض من مقعده، بعدما طلب القهوة وسار باتجاه النافذة المُطلة على الجهة الخلفية للشركة ولكن قطب جبينه عندما وجد ندى تلتفت من الحين للأخر خلفها، وما هي دقائق حتى جحظت عيناه في صدمة عندما وجدها تعطي بعض الأوراق لشخصٍ ما يخفى ملامح وجهه، فما أمرّ الواقع عندما نقع من سماء الخيال، ظن إن منعها من الخروج سيستطيع السيطرة عليها ولكنها أتت بهذا القذر للشركة للمكان الوحيد الذي لن تخرج عنه قرر أن يعطيها فرصة ربما تعود بريئة وتسير الحياة على وتيرة هادئة ولكن حطمته للمرة الثالثة، شعر بانفاسه تكاد تنقطع، ابتعد عن النافذة عندما رأها تعود لمبنى الشركة ، ثم اقترب من الباب وعندما استمع لخطواتها أمسك بذراعها وادخلها مكتبه سريعاً، ينظر لها بغضب مكنون وردد بهمس شرس:

_ كنتِ واقفة مع مين يا مدام؟!!

رمقته بنظرات غاضبة، تنفض يده عنها بعنف مرددة بصوتٍ اشتعلت فيه الكراهية:

_ وأنت مالك، مش كفاية منع أي حاجة بحبها، ورفضت تخرجني من البيت غير للشركة عشان محدش يحس بحاجة.. عايز مني أيه؟!!!

امسك بذراعها في عنف شديد جعلها تصدر تتأوه بشدة منه وهتف بغضب جامح:

_ لاء مالي، أنا جوزك يا شريفة يا محترمة ومش مسموح ليكِ تقبلي حد.

ابتسمت في شر وهي تشهد شكله الغاضب، تعلم أنها أصبحت من أعدائه وليست زوجته كما يعتقد الجميع، فغمغمت بشرسة واضحة لا تظهر حقيقتها إلا معه، فأصبح الانتقام أصفاد تُكبل عقولهم :

_ شريفة ولا خاينة، لسه هتشوف يا وليد الخيانة على أصولها...

بُترت كلماتها عندما أمسك بفكيها في العنف، وزمجرها بقسوة، وقد اخرجت أخر ذرة بعقله :

_ قسماً بربي يا ندى لو ما اتلمتى لهقتلك، ومش هاخد فيكي يوم واحد سجن، ومحدش هيعرف انك اتقتلتي على أيدي.

دفعته بكرهية شديدة، تبغض ان تراه وكأنه مسخ أمامها وهمست بشرسة:

_ مش هتقدر تعملي حاجة يا وليد مش هتقدر.

تركت المكتب بعد ان أشعلت براكين من الغضب بداخل صدره، بينما ضرب وليد بيده في الحائط، ينظر لسرابها بأعين سوداء كاسواد الليل، يقبض على يده بقوة لتبرز عروقه وكانه في حلبة مصارعه، ثم ردد بشر استطعت هي وحدها ان تخرجه:

_ صدقيني يا ندى هتموتي على إيدي وهعرف انتقم منك!!!!

***

فتح عيناه بسرعة يستنشق نفساً عميقا، وكأنه غطس بقاع البحر وظل به حتى كادت أنفاسه أن تنقطع، نظر لها باشمئزاز، يود أن يتخلص منها ولكن ليس بالوقت المناسب، نهض من مقعده وسار للخارج متوجهاً لغرفة مدير المشفى ولكن شعر بضعف جسده كأنه غادر لعالم ياخذ من طاقته لينهك جسده من التعب، اقتحم غرفة المدير الذي تبدلت ملامحه للرعب، وارتجفت خلايا جسده بخوف، ينظر لملامحه التي لا تبشر بالخير، تقدم وليد بخطواتٍ انهاها وهو يمسك مدير المشفى من ملابسه، ينظر له بعين ليست بشرية، بل كوحش ظلام أسود، يقتل من يقترب منه بشرسة، همس في أذنيه بلهجة غريبة شرسة منغمسة في قاع بئر مملؤ بالشر:

_ لو مشفتش شغلك تاني وركزت في أمن المستشفى، اعتبر نفسك اخدت مسافر وعزرائيل اللي مسفرك، النهاردة ندى الألفي كانت هتموت بسبب دي.

رفع يده بالحقنة الملئية بالهواء، وألقاه عليه وكانه يلقى نُفَية بسلة الخاصة بها، استدار برأسه مغادراً الغرفة وردد بصوتٍ قاسي:

_ لو حصل أي حاجة في المستشفى والأمن باظ فيها مش هتشوف غير عزرائيل بيقبض روحك بس قبل كل دا تخيل وليد الألفي هيعمل فيك إيه!

اختفى من أمامه تاركاً هذا المسكين يرتجف برعب مما يتخيل، فقد طغت تعويذة وليد عليه ونجح بالوقوع في بركة الكوابيس!!!!

************

بمشفى اليوسف،،،،،،

وقف وعيناه تكاد تدمعان خوفاً من فُقدان صغيرته الوحيدة، انتظرها بعد ظمأ طال لسنوات، كان يشعر فيها بان قلبه صحراء قاحلة، تهب بها رياح لتحرك رملها الصفراء وتغطي أشلاء قلبه المتألم، شعر بأحدٍ يقف خلفه فاستدار سريعاً ليجد شاباً ذو عينان سودتان، ملامحه غريبة شعر وكأن قلبه يضمر به الشر ويخفيه خلف قناع بشري بريئة، ردد يوسف بتسائل:

_ من تكون؟!!

نظر له مارو بكل ثقة واجابه بهدوء:

_ مارو... اسمي هو مارو وانا من طلبت لها الاسعاف.

ادمعت عين يوسف بألم وعاد ينظر للباب المقفل على ابنته، فبدا القلق يحاربه ليكسر من ضلوعه ويهشمها، همس بباطنه وقد بدأت حدقتيه تفيض بالدموع وكأنها فيضان عاصف ارد أن يغرق وجهه في بحور الآلام:

_ يارب انا مليش غيرها، دي بنتي الوحيدة ومش هقدر استغني عنها، قومها ليا بالسلامة، انا مش حاسس غير أن روحي بتتسحب مني، متوجعنيش فيها يارب، هو ذنب واحد ارتكبته وهكفر عنه يارب بس قومها ليا بالسلامة.

اجش في البكاء وهو يرى فلذ كبده بين الحياة والموت، ولا يعلم ماذا يحدث معها، تقدم على المقعد الموجود بجوار الباب الخاص بغرفة العمليات، وجلس فوقه يدعو الله بألم ان يرد لها حياتها من جديد، حتى استمع لصوت الباب وكأنه صوت الصفارة الحكم يعلن عن نتيجة مبارة لم تكن سوى مع الموت، نهض عن مقعده بسرعة وتقدم للطبيب ليسأله بقلق:

_ ماذا حدث، هل هي بخير؟ اجابني؟!!

ربت الطبيب على كتفه وردد بهدوء مجبياً عليه:

_ اهدي دكتور يوسف، هي بخير وستفيق غداً من المخدر، لم يحدث سوى كسر في يدها اليمنى، وارتجاج بسيط فى الرأس وسنرى بالفحوصات مدى تأثيره.

شعر وكأن الألم حيوان يقبض على قلبه بأنيابه، عند سماعه لما قاله الطبيب، حرك رأسه بهدوء وسار مبتعداً عنه ينظر باتجاه الباب وكان الغموض يحاوط عينيه فاصبح غَيَم تحاوط تفكيره، رفع يوسف هاتفه وقام باتصال سريع لم ينطق سوى بجملة واحدة:

_ استعد علينا القيام بما اتفقنا عليه!!!!

***********

مر يومان تحسنت مريم جيداً فلم يفارقها والدها وكان يدللها كالطفلة الصغيرة، بينما يقف مارو يتابع ما يحدث معها من الخارج وعندما تغفو يقترب منها ليختلس بعض النظرات السريعة.

**********

ضم عالم العشق اثنان من جديد، تتميز حياتهم بالحب ويغمره بعض المشاكسة الصغيرة المحاوطة بمكره، ظلت تختلس النظر له وهو يقرأ بكتابه الخاص جالساً على الأريكة، بعدما أخذ زياد شقة جديدة بعيدة عن الولاية التي كانا فيها، منع بسمته بصعوبة بأن تظهر وهو يلاحظ اختلسها لبعض النظرات تعتقد فيها أنه مندمج بالكتاب، أغلق الكتاب فجأة عندما وجدها تقف أمامه تنظر له ببراءة وتمد كف يدها تبسطه أمام وجهه، رفع زياد حاجبه في تعجب منها وردد مشيراً باصبعه على يدها:

_ إيه دا؟!!

توترت ليان بعض الشيء ثم اجابت بصوتٍ تلاعب الارتباك فيه:

_ عايزة عشرة جنية.

تمالك نفسه بصعوبة من ان تنفلت ضحكته عليها وخاصة وهو يعلم لما تريدها، فتمتم في استفزاز:

_ عارفة يا ليان ناقصك جلبية مقطعة، وشوية مسكنة كده وتبقي اجدع شحاته في الحسن والحسين.

صدع صوت ضحكته وكأنه لم يضحك منذ سنوات بينما وقفت ليان مصدومة مما قاله، ثم تلون وجهها بالغضب الشديدة وبدأ يشع بالإحمرار، وقالت بعدما أعادة يديها مرة أخرى بغيظ مكتوم:

_ ماشي يا زياد ماشي.

تركته مغادرة الردهة، لتسير باتجاه غرفتهما تقتحمها بعنف من شدة انفعالها، جلست على السرير وقد تسارعت وتيرة أنفاسها في غضب، تحرك قدمها بعصبية وكأنها على وشك أن تقتل أحد ما، استمعت لصوت خطواته الواقفة أمامها، لترفع رأسها تحدقه بالغضب مُرددة وهي ترفع احد حاجبيه بغيظ:

_ هتقعد مع شحاته في الحسن و الحسين!!

كتم بسمته وطمسها بسرعة قبل أن تظهر وجلس جوارها، يربت على ظهرها بهدوء:

_ هقعد مع مراتي.. حبيبتي.. وبنتي.. وحياتي.

لم تنظر له تشعر بسعادة من كلماته ولكنها لم ترغب بظهور ابتسامتها، ليبتسم زياد بمكر واضح مردداً بخبث:

_ شكلك كده لسه زعلان يا لينو وشكلي كده..

بتر جملته عندما رفعت يديها تضعها على فمه تهتف بفزع:

_ اسكت طالما قولت شكلي وعينك بقت ماكره كده هتخليني هقلب نعامة دلوقتي.

ضحك زياد على جملتها وامسك يدها يبعدها عن فمه، ثم قال بهدوء يحمل بطايته الحنان:

_ خلاص يا ليان بعيداً عن الهزار، زعلانة؟!!

ابتسمت له وهي تحدقه بنظرات اشتبعت به هامسة بصوتٍ خافت:

_ لا يا زياد اكيد مزعلتش من هزار ممكن اكون بس منفعلة لكن مش هزعل منك في حاجة صغيرة كده، ثم اللي بيحب بيسامح.

رمقها بنظرة ماكرة اصبحت تتعرف عليها بسرعة وردد زياد بخبث:

_ أممم يعني بتحبيني طالما سامحتني!!!

ابتسمت ليان ببعض الخجل، ثم همست بحياء وقد توردت وجنتيها فهي لازالت تخجل منه بشدة، تشعر انها لاتزال عروس في ليلة زفافها:

_ بص مش هداري المرادي بما أني مراتك وأنت جوزي على سنة الله و محمد صل الله عليه وسلم، وفي النهاية حلالي أقول أي حاجة والحمدلله مش هشيل فيها ذنب والحمدلله برضو أنه ثبتني أني مقولش لحد غير لحلالي كلمة بحبك، ايوة يا زياد حبيتك بعد ما اتجوزنا بفترة، كنت الأول حساك صعب وقررت أرجع مصر بس لما لقيتك مُصِر وتقريباً كده مش هينفع ارجع سألت بابا ولأول مرة افتكر إن كلام بابا غلط وأنه أخد قرار غلط، لكن وافقته وطاعته لأن دا حقه عليا أني اطيعه مهما كان اللي بيقوله، وفي النهاية أتجوزنا، حسيت بخوف لكن بشعور غريب مكنتش مفسراه وقتها، بس في النهاية كان حبي ليك المختفي، وبدأت اتأكد إنك انسان يتحب زي أي حد مش وحش ولا حاجة.. لما شوفت حنيتك، ساعته قولت انك شوفت في حياتك كتير عشان كده أسلوبك اتغير، و بما أني مراتك قولت مفيش مانع أني اخوض التجربة دي واني اعرفك أكتر، واديني مندمتش وحبيتك بجد.

ظل يتأملها بهدوء لم يرغب مقاطعتها، يشعر بمتعة غريبة وهو يستمع لكلماتها الصغيرة، تحاول أن تظهر مدى اهتمامها به، فلم تمنع كلماتها بأن تحارب جمود شفتيه، وقد طافت الابتسامة فوق ثغره، ردد ببسمة تحمل من عاصفة حبها الكثير:

_ يمكن أنتِ العوض اللي دفي وجعي في عز وجود برد الألم،

أكمل متسائلاً بحيرة زائفة:

_ كنت عايزة إيه برة وخلاكِ تمدي إيدك زي...

رمقته بنظرة محتقنة، فضحك زياد بمتعة قائلاً بثبات زائف:

_ خلاص مدتي أيدك عادي حلو كده؟؟!!

نظرت له مبتسمة، ثم مدت يدها وحملت الصندوق الخاص بها وهمست بسعادة:

_ عندي ذكرى من كل الناس اللي بحبها، بس أنت الوحيد اللي مش معايا ليك أي ذكرى!!

منحها ابتسامة صغيرة وهمس بعشق لم يعلم أنه سيقع أسير لها وسيقيض الذي بين ضلوعه بأصفاد حبها:

_ عمري ما في يوم تخيلت إني هقع يا ليان وعلى أيدك.

ابتسمت بخجل ممزوجة بسعادة ولكن قطبت جبينها عندما رأته يخرج علبة صغيرة، وسرعان ما تحولات عيناه من نظرات حيرة لذهول، ردد بنبرات ثابته المحمول بثناياها حبه لها:

_ بقيتي مراتي ومينفعش متشليش اللي هيربط ما بينا.

أمسك بيديها ثم قام بوضع الخاتم محفور بداخله اسمهما، هذا الرابط الصغيرة الذي يلحم بين جسور عشقهما، فيصبح صلباً يصعب الفصل بينه، ادمعت عين ليان من فرطت السعادة تشعر أن البهجة قررت فتح أبوبها لها، ابتسمت بحب والدموع تقطرت من حدقتيها متمتمة برضا:

_ الحمدلله على عوضك يارب الحمدلله عوضك جميل، ربنا عوضني بيك يا زياد.

ازال دموعها، ثم همس بصوتٍ أجش:

_ العوض لينا احنا الاتنين، تعالي يلى نصلي ركعتين شكر لله.

قطبت جبينها بتعجب لاحظه زياد وفطن ما تفكر به ولكن تركها تسأل بما تريد، فرددت بنبرة مرتبكة:

_ هو..هو أنت بتصلي أصل مش بشوفك بتصلي خالص وكنت عايزة اقولك على الموضوع دا.

حدق بها قليلاً، ثم امسك يدها وهتف بهدوء مبتسماً:

_ طب تعالي نصلي الأول وبعدها نشوف ازي أنا مش بصلي.

حركت رأسها في إيجابية، وذهبا الأثنان ليصليا بخشوع لله كلاً منهم يدعو الله ويشكره على ما عوضهم به، فهي كانت دواء جروحه المشروخة، وهو كان عوضه بعدما فقدت والدها وشعرت بضيق الحلقة الحياة عليها، فرغم ذبلان الورد القديمة إلا أن الله يُنبت زهور جديدة تبعث السعادة لقلوبنا.

أنهي زياد وليان الصلاة، فنظر لها وردد بهدوء مبتسماً:

_ تحبي تسمعي قصة يا لينو.

لاحظ عيناها التي ألتمعتا بلهفة غريبة عند سمعها لتلك الجملة، تحرك رأسها في سرعة؛ لرغبته بسماع تلك القصة التي سيرويها ذئب الظلام ، شعر هو كونه والدها وهي صغيرته التي تدلل عليه، فنهضا سوياً وجلس على الفراش، استرسل باقي حديثه يبدأ بروي احدث قصته ويده تداعب خصلات شعرها:

_ زمان كان في واحد بيروح الخمارة عشان يشتري خمر، وبعدها يروح لسوق اللي بيبيعوا فيه الجواري الحريم ويشترى اكبر قد منهم... المهم الناس بقت تكره الرجل دا وهو كان متجوز ومراته في البيت والكل عارف انها عارفة ومستغربين هي ليه مسبتهوش

احتقن وجه ليان بالغضب من هذا الرجل وزوجته الحمقاء، فابتسم زياد لها لم يشعر سوى أنها ابنته بطفولتها البريئة التي لم تتلوث بخبث الحياة، واستطرد باقي حديثه في هدوء:

_ المهم في يوم الرجل دا مات في الطريق ومحدش من أهل القبيلة بتاعته راضي يقرب منه ولا حتى يدفنه والكل يبص عليه بأرف ويسيبه ويمشي... في اليوم دا الملك قرر ينزل في القبيلة دي وهو ماشي شاف الرجل دا ميت استغرب ليه الناس سايبه كده، وقرر ياخده لبيته وسأل الناس عن طريق بيته... الملك وصل للبيت ولما مراته فتحت اتفجئت بالملك ولكن اتصدمت بموت جوزها طبعاً الملك عرف من الناس اللي كان بيسألها عن بيت الرجل دا ان سمعته مش طيبة وانه فاسد وأكيد مراته هتفرح انه مات، بس أتفاجئ لما لقى مراته بتبكي عليه وتقول ربنا يرحمه، سبحان الله، سبحان الله.... هنا الملك استغرب جداً لدرجة أنه سألها أنتِ ازي بتدعي ليه وهو كان بيجيب جواري ويعمل محرمات ربنا نهى عنها.... الست دي مسحت دموعها وردت عليه بهدوء... دا اللي شاع عنه لما الناس تشوفه بليل بيشتري خمرة ولكن هو مكنش بيشربها دا كان بيفرغها عشان محدش يشتريها ويشربها ، كان بيشتري الجواري بس مش عشان يعمل معهم الفاحشة كان بيعطيهم فلوس عشان يشتغل شغل حلال ويعيشوا محترمين... الناس شافته بس وطلعت عليه الاشاعة لكن محدش شافه بيعمل كده... شافوا الظاهر ومشفوش الباطن.... كانت كل يوم أحذره وأقوله بلاش تعمل كده الناس هتكرهك ومحدش هيرضى يدفنك، كان يرد عليها ويقول الملك هو اللي هيدفني... الملك هنا لما سمع الجملة دي عرف أن الظاهر شيء والباطن شيء لا يعلمه سوى الله، وساعتها الملك عمل ليه مقبرة كبيرة عشان يدفن فيها وهو اللي دفنه... هنا يا ليان عايزة اعرفك انك متخديش بالظاهر طالما مكنتش مرافقة الشخص دا وقته كله ومسبتهوش دقيقة... وعلى فكرة كنت بصلي بس مش ضروري اعلن للناس أني بصلي، خضوعي وخشوعي لله واحده.

نظرت له ليان باعجاب شديد فهي بالفعل كانت تاخذ بالمظاهر ولم تتخيل أن هذا الرجل يفعل الخير والجميع يراه فاحشة، فربما الزهور جميلة ولكن خلف جمالها أشواك حادة تجرح من يقترب منها، همست باقتناع تام:

_ فهمت المغزى من القصة يا زياد، وهعمل اللي اقدر عليه في أني منفرش أي حد كده إلا لما اتعامل معاه.

ربت على ظهره بحنو، لتكمل هي بتثاؤب:

_ عايزة انام قوي، تعالى ننام!!

مسح زياد على رأسه برقة وهمس بهدوء:

_ لا نامي أنتِ انا هخرج اتابع الدنيا برة عشان محدش من المافيا يقدر يوصلنا.

حركت رأسها ثم استقامت على السرير وسرعان ما غفت، بينما نهض زياد من مكانه ثم غادر الغرفة مغلقاً الباب خلفه، ثم اخرج هاتفه ليتحدث به في غموض وبعض الكلمات المشفرة!!!!

*************

ظلامٌ كاحل يُغرق الغرفة، باحدي زوايا الغرفة يجلس متطلعاً امامه في شرود فعاد يقع ببئر افكار يعلن الظلام الملتف حول رقبته كالحية عن غرقه في بركة سوداء، بدأ يذكر ما حدث قبل الحادث المشؤوم بيومين...

***

:_ عشان خاطري يا إياد وافق.. انا هقنع جدو بالاجازة وتعالي نروح مرسى مطروح نقضي يومين حلوين.

حرك رأسه بالرفض وهتف بصوتٍ جاد:

_ يا أسيل افهمي أنا مقدرش أسيب الشركة كده وخصوصاً بعد ما الصفقة الأخيرة اللي سببت لينا ازمة مالية وراحت من أيدينا.

ظهر العبوس على ملامحها والتمعت حدقتيها بحزن دافين وهمست بصوت اشبه ببكاء:

_ يعني مينفعش يوم واحد نقضيه بعيد عن القصر وبحرية بدل ما البيت كله بقى كئيب.

نظر لها بهدوء ولاحظ عيونها الملتمعة بالدموع، تنهد بصوتٍ مسموع وهتف بيأس:

_ خلاص يا أسيل، روحي اتفقي مع جدي هو مش هيرفض طلبك ونطلع أنا وأنتِ وبابا.

صفقة أسيل بيديه تقفز بسعادة وتمتمت بصوتٍ يشع بالبهجة:

_ ثواني وقرر السفر يحضر يا إيادي.

ابتسم لها بحب وهو يرى سعادتها المنعشة، فتنعش قلبه وتعيده للحياة، بعدما تغرب عنه شمس الفرحة، فمن سواها يخفف ألمه من خسارتهم لتلك الصفقة الكبيرة، وكأنها احمل ثقيل تخففها بسحر ابتسامتها الرقيقة.

***

أغمض عينه بألم، فهبطت دمعة صغيرة من عينيه و يعذب نفسه بأنه سبب وفاتها لو لم يوافق لربما أصبحت على قيد الحياة!!!

**************

بشقة زياد،،،،،

لم يشعر بانقضاء خمس ساعات، يجلس ويفكر أين تخبئ الميكرو فيلم، كان منغمس في شرودها وكأنه بواحة محفور له خصيصاً ليقع بها ويغرق مع أفكاره، تمزقت افكاره حينما رأها تقف أمامه، ابتسم لها وهتف بنبرته الرجولية الجذابة:

_ مكملتيش نوم ليه؟!!

منحته ابتسامة صافية وسارت لتجلس جواره، تجيبه في سعادة:

_ لاء ما أنا مقدرتش أكمل نوم وقولت أجي أقعد معاك شويا.

حرك رأسه يرفع جاحبيه ببعض السعادة مردداً في هدوء معتاد يرغب في معرفة تفكيرها:

_ اممم طيب، قولي كده إيه تخطيطك للمستقبل بمعني ايه هو حلمك؟!!

سحابة حزينة ظهرت بمقلتيها عندما تذكرت والدها وهمست بصوتٍ خافت يأن بالألم:

_ كان حلمي أنا وبابا وماما إننا نبني المستشفى خاص بينا ونسميها ابتسامة حياة، بس لا ماما فضلت ولا حتى بابا عشان نبني المستشفى سوا زي ما حلمنا سوا!!

تأمل حزنها بصمت يشعر بألمها، ثم تمتم بسؤال حماسي يعلم ماذا يتفعل بعدها:

_ حلمكوا جميل، وممعكيش شكل للمستشفي دي ولا حطه شكل معين في دماغك؟!!

بالفعل التمع الحماس بحدقتيها وهتفت في سرعة:

_ أستني معايا شكل ليها، هروح اجيب الصندوق هو فيه، ويبقى حلمي وحلم بابا وماما وأنت!!

نهضت في عجلة لتحضر الصندوق بينما ابتسم زياد وهو يراها تتعجل في خُطاها لتحضر هذا الصندوق الذي اودعت فيه حياتها، ولكن تخلل تفكيره صوت السيد احمد عندما اخبره انه سيعشق ابنته ولن يتركها وانه سيشعر بالألفة معاها وستدفئ قلبه المتألم، عادت ليان تحمل هذا الصندوق وجلست جواره ثم همست بصوتٍ تحذري:

_ بص المكان دا محدش يعرف عنه حاجة غير ماما وبابا، دا سهام صحبتي متعرفش مكانه، بس أنت هتعرفه.

قطب جبينه وردد متسائلاً:

_ هو مش في الصندوق؟!!

ابتسمت ليان ثم افرغت محتويات الصندوق واشارت باناملها على الخيط الموجود بالداخل:

_ شايف الخيط دا هتشده براحة لفوق، هيظهر طبقة تانية من الصندوق محدش هيشوفها زي ما نقول كده مكان سري وهي دي اللي بشيل فيها اهم حاجة في حياتي.

رفعت ليان ذلك الخيط لترتفع خشبة التي تغطي قاعة الصندوق، فظهرت صورة صغيرة للمشفى مكتوب عليها بخط اليد "مستشفى الدكتورة ليان أحمد «ابتسامة حياة»"، هتفت بصوتٍ يتلهف لتشيدها:

_ دي صورة المستشفى اللي بنحلم بيها، ودا خط بابا عليها.

ابتسم زياد لها، ثم رفع حاجبه في دهشة عندما رأى سلسلة صغيرة بهذا المكان فهتف بشك بدأ يحاوط تفكيره:

_ هي إيه السلسة دي يا ليان؟!!

نظرت ليان للصندوق لتجد سلسلة "عليّ" فهتفت بصوت حزين متذكرة هذا اليوم:

_ دا اصعب يوم في حياتي، لأن وأنا في الكافيتريا لقيت واحد اضرب عليه نار، روحت عشان الحقه لأنه نزف جامد فلقيته بيديني دي بيقولي احفظ عليها ليوم الدين ولو قبلت حد أسمه الألفي ادهاله، حسيتها مهمة اوي وهو مات فقررت احتفظ بيها في المخبئ دا!!!

يتبع.

بسم الله الرحمن الرحيم

#سلسلة_عواصف_الغموض_والحب

#الجزء_الأول_بعنوان

#ظلام_الذئاب

#بقلم_سلمى_خالد_إبراهيم

#الفصل_الثاني_والعشرون

*****************

مُقتطفاتٌ سريعة ظهرت أمام عينيه لصديقه الراحل "عليّ"، وأخيراً أنهى مهمته وسيعود لمصر مع زوجته، لم يعلم ما هذا الشعور الذي اخترق صدره، وكأنه طاف بين ثنايا البهجة يداعب سحابها ببسمته، نظر لها بهدوء ولكن قبل أن يتحدث هتفت ليان بحب، تمسك يده برقة، تضع بها الصورة والقلادة:

_ أنت دلوقتي أخدت قلبي وكنت وعدت نفسي اللي هيقدر يخد قلبي، هيخد أغلى شيء عندي وكانت المستشفى، والسلسلة دي.. أعتقد أن مفيش أمان غيرك... خدها وخليهم معاك بس حافظ عليهم زي ما أنا فضلت محافظة عليهم.

نظر لها قليلاً ووجود بعينيه كلمات كثيرة لم يستطع لسانها البوح عنها، لتثور عيناها وتبوح عما كانت تكنَّه بجوف قلبها، قبض بيده على الصورة والقلادة وهمس بكلماتٍ مطمئنة، وابتسامة تطفو على شفتيه:

_ متقلقيش أمنتك محفوظة.

ابتسمت ببعض السعادة، ثم رفعت قدميها لتربعهما، تسند بكوعيها على قدمها وتضع رأسها فوق راحتي يديها، ثم ترددت بتساؤل:

_ قولي بقى يا زياد... في يوم قولت ليا أن أنا في نعمة عشان موقفتش عاجزة قدم والدي... ايه اللي حصل معاك خلاك تقولي كده؟!!

نظر لها ثم حاول النهوض، لتمسك ليان بيديه تحاول منعه بسرعة وبالفعل نجحت، و جلس مكانه مرة أخرى، حدق بها وهو يرفع أحد حاجبيه مما تفعله، لتهتف هي برجاء:

_ عشان خاطري احكي ليا... أنا معرفش عنك حاجة غير اسمك زياد وبس... وأنت مش بتحكي ليا أي حاجة... نفسي أعرف عنك كل حاجة عايزة أحس إني جزء منك مش مراتك بالاسم يعني عيلتك... وعندك كم...

بُترت كلماتها عندما هتف بهدوء مغمضاً عيناه بألم:

_ كنت صغير في سن 14 سنة أو أقل وراجع مع أبويا في العربية... كنا بنضحك عادي والدنيا كانت أجمل ما تشوفيه... لحد ما طلعت علينا عربيات سودا... وبدأت تضرب علينا نار....ساعتها والدي وقف العربية... عشان يحميني وخرجنا منها وحضني عشان يكون حماية ليا... كان بظبط واقي الرصاص اللي بنلبسه... خد الطلق مكاني بس لما مستحملش قالي اجري بسرعة ومتبصش وراك وانا جريت بس معتقد أنه ورايا ولما بصيت لقيت واحد ملامحه محفورة في راسي لنهاردة ضرب عليه رصاص وقتله... اختفوا في ثانية وأنا رجعت لبابا بس كان مات وسط بركة دم... وقتها أغمى عليا ودخلت في غيبوبة شهر... ولما صحيت قررت أبقى زيه بس عشان أخد حقه تاني.

ادمعت عيناها بشدة وبل بالكاد بدأت تزرف الدموع بغزارة... تتخيل هذا المشهد المؤلم... انفطر قلبها لأجله... تحملت الكثير والكل لايراك سوى انسان تجمدت مشاعره.... ولكن الواقع أنك تمزقت بشدة وأصبح الألم يلزمك حتى أصبحت ترتدي قناع البرود ربما يحميك من سيل الآلام المتقطر عليك.

نهض زياد من مكانه متجهاً للشرفة، يستنشق بعض الهواء بعدما شعر بانخفاضه في ردهة، ينظر للسماء فيرى بركة الدماء التي غرق بها مع والده، كانت بركة ظلام دامس طُمس فيه بقسوة، وكان الحياة راغبة بأن تعطيه نصيباً من صفعاتها المؤلمة الجافة من الرحمة، ازدادت نيرانه المتأجج بصدره فشعر ببراكين من الأوجاع تنفجر بين ضلوعه، نظر خلفه عندما شعر بيدها الناعمة على كتفه ولكن تعجبت نظراته وهو يرى ابتسامتها الصافية.. نابعة من قلبها البريء، همست ليان بنبراتها الهادئة كأنها تنشد لحن هادئ يهدئ من هذه النيران:

_ مش هقولك غير أنك أكتر راجل ممكن يملى قلبي وعقلي وعينيا... هو راح وربنا ليه حكمة في كده أحنا أكيد مش عارفينها بس في النهاية ساب أبن صالح يدعيله يعمله الخير.

امسكت بكف يده عندما لاحظت أن حديثها مبهم بنسبة له، وهمست ببسمة طفيفة ولكنها اسكنت قلبه الملتهب بالألم:

_ تسمحلي أنا بقي اللي أحكيلك قصة صغيرة جداً.

منحها ابتسامة كانت دليل موافقته، سارت أمامه حاملة كف يده الخشنة، ينظر لها بتأمل غريب، فما أرحمك يا الله خلقت حواء لتريح ألم آدم ويسكن بداخلها فيجد الراحة المحروم منها!، وها هي حبيبته وصاحبته تريح صدره المسموم من الآلام، جلس الأثنان على السرير كما فعل زياد ومدت ليان يدها تداعب خصلات شعره، ثم بدأت تهمس بصوتٍ رقيق بعث الراحة للذي بين ضلوعه:

_ القصة بدأت بأن أب مات وابنه حزن عليه جداً.... وعشان الأب دا كان حنين وأب صالح وربا ابنه تربيه صحيحة.... الأبن كان يدعي لوالده بالخير دايماً ويعمل صدقات كتير على روحه، المهم الأب دا يلقي نفسه عِلِي درجة في الجنة ويتعجب ويحتار ازي اترفع درجة دي في الجنة ويسأل ازي؟؟!!.. كانت الأجابة واضحة دعاء ابنه ليه... ولداً صالح يدعو له... ويقول النبي عليه الصلاة والسلام..( إنَّ اللهَ ليرفعُ الدرجةَ للعبدِ الصالحِ في الجنةِ، فيقولُ: يا ربِّ من أينَ لي هذا؟! فيقولُ: باستغفارِ ولدِكَ لكَ") ، المهم الأبن مات بعد ما الأب عالي درجات بالجنة، والأبن دا وصل لوالده ولدرجة اللي وصل ليها ابوه من الدعاء اللي كان بيدعيه ليه كما في الأية الكريمة بسم الله الرحمن الرحيم ( " وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ.." سورة الطور أية 21.) والله اعلم، اللي عايزة أقوله يا زياد إنك لزماً تدعي لوالدك... خليك الأبن الصالح اللي بيدعيله، صدقني دا أنفع ليه، ساعتها لا أنت هتحس إنك سبته أو فقدته وهو إن شاء الله يرتاح، وربنا يرحمه.

كان الصمت عنوان لتلك اللحظة، صوت أنفاس ليان الهادئة، وصوت أنفاسه التي هدئت بعض الشيء، تخلل صدره شعور بالراحة، كانت كلماتها منغمسة ببلسم ناعمة تخفي أحدى ندوبة المحفورة بداخله، تطاير الألم من عيناه وكأنه رماد أخذتها نسمات الهواء، لتنعم تلك اللحظة بكلمات هذا الذئب العاشق، مغمورين بعالم صنعته مشاعر رقيقة، مُتَوجه بالحلال الذي انزله الله و أخبرنا به رسوله، فما أجمل العشق عندما ترتشف منه بعالم الحلال!!!

*************

طوق السعادة أصبح مصنوع لها، تسير مع والدها ببهجة أغرقت قلبها، وكأنها عسل نحل يغذي روحها بإكسيلٍ من الطاقة، ارتسمت ابتسامة صغيرة على ثغرها وهي تراه مقبلاً عليها وعلى والدها، ليهتف السيد رأفت ببسمة بشوشة:

_ ازيك يا جاسر.

حرك رأسه مرافقاً معها ابتسامة هادئة، مردداً بترحيب:

_ أهلاً بيك يا عمي، تعالوا اتفضلوا في العربية خلينا نلحق السهرة من اولها ونتعشا سوا، دا أنا لما صدقت إن عمي وافق.

ضحك رأفت بخفة بعدما استمع لجملته الأخيرة، فقد جاهد بشدة ليحصل على موافقته، وحرك رأسه بيأس ثم هتف محركاً يديه للأمام:

_ يلى يا بني، بس آخر مرة دي.

ابتسم له جاسر وفتح الباب الخاص بسيارته، ليجلس كلاً من سهام ورأفت بالسيارة بينما تحرك جاسر ليقود السيارة، يمنح سهام ابتسامات هادئة، ولكن داعب قلبه حياءها وتورد وجنتبها اللذان قيد قلبه بأصفاد العشق.

************

يسير بالقلم على ورقة بيضاء، فيخطط بما ضُمر به عقله، وجعله بهذا المستنقع البأس الأسود، يصتنع الابتسامة.. كالذئب ماكر يخدع بها الأخرين، ولكن يُحفر قلبه بالشر والانتقام، بدأ القلم يتحرك وكأنه يرسم تعويذة مخيفة، مرت الدقائق كان الألحان الشر تلتف حوله، ألقى بقلمه بعيداً، ثم رفع تلك الورقة فلم يكُن فيها سوى.." الانتقام خالفه الموت"، سارت ابتسامة غريبة على ثغره متذكراً مراقبته لها وهي تحاول إيقاف سيارتها، شعر بلذة وهو ينتقم من عذاب خيانتها له، روحه التي لم تمتلئ بالحب كما ظن الجميع بل بالندوب الشرسة لم يتطلع عليها أحد سواها.. فهي من حفرته به!!

****

راقب اطارات السيارة التي اصابها الجنون، تنحرف بعنف وكأن السيارة ليس بها عجلة قيادة، كانت دقات الساعة تمر فتصدع صوتاً ينشد ترنيمة الموت، اوقف سيارته وهو ينظر لسيارتها التي انقلبت عدة مرات حتى استوت على الارض، أخذ نفساً عميقاً ينظر للسيارة يتخيل أن يرى جثتها المحطمة، فترجل من السيارة الخاصة به، وبدأ يسير خطوة تلو الأخرى، تتسارع وتيرة انفاسه، فأصبحت متهدجة يتخللها التوتر غريب، ازدرد ريقه وقد تعجب من نفسه فتلك اللحظة انتظرها منذ سنوات لما تتهدج أنفاسه الآن، يبتلع هذا الشعور الغريب الذي اجتاح صدره، مغمضاً عيناه يحاول الاستعداد ليراها، وما أن فتح عيناه حتى وجدها تجلس على مقعد القيادة، وجهها الملطخ بالدماء، ولكن ما زاد دهشته عندما صدع صوتها يأن بألم حاد وتهمس بصوتٍ يكاد يكون مسموع:

_ ألحقني!!

ابتسم بسخرية واضح حتى الموت اشمئز من الإقتراب منها، فنحنى بجزعه العلوي، وهمس جوار اذنها:

_ لاء... هسيبك تموتي زي ما سبتني أموت بخيانتك ليا، كنتِ كل يوم بتقتلني وبدم بارد، زمان كنت فعلاً بخونك مع بنات بس قبل ما اتجوزك لكن أنا توبت وبعدها اتجوزتك وأنتِ دمرتني بخيانتك ليا يا ندى!!

تشنجت تعبيرات وجهها وقد ازداد الألم عليها، تنظر له برجاء قبل أن تفقد وعيها كاملاً، ولكن قُضيت على قوتها عندما استمعت لجملته الأخيرة:

_ مش قولتلك هتموتي وعلى أيدي، واديكي بين الحياة والموت.

اقترب منها أكثر ونظر بعينين امتلأت بالظلامٍ أسود نابع من قلبه المذبوح:

_ وهسيبك مع الموت يا ندى!!!!

عاد مكانه عندما رأى دمعتها المتألمة تهبط من عينيها، ثم وقعت على المقعد الذي بجانبه فاقدة للوعي تماماً، استدار وليد تاركاً إياها بقلبٍ انعدمت منه الرحمة، ولكن كيف انعدمت منه الرحمة وقد غاص بقاع بحر العذاب، صُنع خصيصاً له، تائه بين غياهب الظلام، مضمور به بقسوة، يصدر عنه أنين موجوعاً، مغمور بأحزانه، ولا يستمع لأنينه أحد.

****

أعاد هذه الورقة الملطخة بكلمات الانتقام، منثور عليها حبات الخيانة القاتلة، التي طوقت حياته بأحبالٍ متينة صُنعت من كلمة واحدة " العذاب"، نهض من مقعده والتقت سترته مغادراً المكان، يسير بسرعة وكأن وحشاً من وحوش الظلام يلحق به ليمسكه بمخلاب يده السوداء، ويعيده لقاع تلك البركة المصنوع من ألوان العذاب، قاد سيارته سريعاً ولكن بدلاً من أن ينحرف بطريق العودة، انحرف بالطريق الحادث، لم يعلم بماذا يشعر ولكن تسارعت دقات قلبه وكأنه بامتحان صعب ينتظر نتيجته، ثم توقفت السيارة وتوقفت معها عقارب الساعة نظر لبقعة الحادث فظهرت أمامه ومضات خافته، لانحرفات سريعة، ثم اصتدم عنيف، مسح وليد وجهه بكفه ثم اسند برأسه على عجلة القيادة، يهمس بأنين مُعذب، دوائر الماضي تحاوطه وتلتف حوله دوامة لا نهاية لها:

_ ليه يا ندى بتعذب بعد ما انتقمت وقبل ما انتقم ليه؟!!، أنا عارف أني خونتك ودا قبل ما ارتبط بيكِ بس ليه تعملي فيا كده، تخونيني ليه، دمرتني وقتلتي قلبي معاكي، لا أنا عارف اقتلك ولا عارف اسامحك على اللي عملتيه فيا!!!

تسربت دمعة صغيرة من عينيه، تصرخ باستغاثة أنها تعذبت بداخل جوفه المحترق من براكين العذاب، فلا يعلم ما نهاية هذا الطريق!!!!!

*************

بمقابر عائلة الألفي،،،،،،

لحت ابتسامة متألمة على ثغره، ينظر لأسمها المحفور على تلك الرُخام المعلقة على قبرها، مد يديه يمسح على أسمها بنعومة، يهمس بأسمها بين شفتيه، ولكن علق بجوفه غصة أليمة وكأن شوكة عالقة بحلقه تمنعه من التنفس وتعيق حياته التي أصبحت غابة احرقها الظلام بكل شرسة، وقع ببئر أفكاره مرة أخرى، متذكراً هذا الحادث الذي لم يختفي من حياته بل أصبح كابوسه المرعب الذي يُحيي ضميره فيجلده بقسوة، وقد اختفت كلمة رحمة بمعانيها!!

****

داعبت الابتسامة شفتيه كقطرات الندى التي تداعب اوراق الشجر محتضنه إياها، يرى حماسها وهي تجلس جواره تتحدث مع والده عما ستفعل هناك، ولكن تفاجأ بقولها أنها تنوي بناء قصر بالرمال، فهتف بدهشة واضحة:

_ أنتِ بتهزري يا أسيل عايزة تبني قصر بالرمل.. أنتِ هبلة يا حبيبتي!!

عبست ملامح وجهها ونظرت لوالده عماد الألفي مرددة بصوتٍ محتقن:

_ بص يا عمو ابنك بيقول إيه؟!!!

كبح ضحكته وهتف بصوتٍ أشبه بالضحك لم يستطع السيطرة عليه:

_ الصراحة معاه حق يا حبيبتي أنتِ قربتي تتمي السابعة وعشرين سنة وعايزة تبني قصر بالرملة، دا العيال الصغيرة معملتهاش.

انفلتت تلك الضحكة المتعلقة بجوفه، لتزداد أسيل بالغضب تنظر له بغيظٍ شديد فتغمغم بغضب:

_ ماشي يا عمي، أنا هعمل عليكم مقالب تخليكم تحرموا تقولولي كده!!

ما أن استمع الأثنان لتلك الجملة حتى توترت ملامحهم يشعورن أنهم سيخضون مرحلة صعبة بحياتهم، فردد عماد بصوتٍ مستعطف:

_ كده يا بنتي عايزة تعملي مقلب فيا، وأنا زي أبوكي، هو أنا بس حمل مقلب واحد.

نظرت له بغضب وهمست ببعض المكر:

_ ما حضرتك اللي بتقول هبلة زي واحد هنا عارف المقالب بتاعتي شكلها ازي.

رفع عماد حاجبيه بدهشة مصطنعة وهتف بتعجب زائف:

_ أنا يا بنتي، دي عمرها ما تحصل، احنا عندنا كام أسيل الألفي في العيلة، ثم أنتِ اللي منورة عيلتنا، و من غيرك جدو وجيه هيقتلنا كلنا!!

ضحكت أسيل عقب جملته وهي تعلم جيداً أن هي وندي المدللتنا لديه ولا يستطيع أحد أن يقترب منهما إلا بإذنه، تمتمت بعدما تخلصت من شوائب الضحك العالقة بجوفها:

_ لا خلاص يا عمو، فاضل واحد هنا ياخد نصيبه من المقالب!!

ابتسم إياد بمكر ثم ردد بصوتٍ خبيث:

_ انا برضو يا سيلا، اهون عليكِ، طب دا الكل عارف عن اسطورة عشقي ليكِ هتخدي على ساعة سهو كده ولا تحبي اصلحك زي ما عملت أول امبارح!!

تلون وجهها بالحمرة الشديدة، بينما قطب عماد حاجبيه متعجباً مما يهتف به فتسأل بحيرة:

_ هو أنتو اتخنقتوا مع بعض واتصالحتوا من غير ما نعرف وهو حصل إيه؟!!

صدع صوت ضحكت إياد وهتف بمكر:

_ تحبي احكيله ولا تحكي أنتِ شوفي أنا ديمقراطي ازي؟!!

نظرت له بغضب ممزوج ببعض الخجل، وهتفت بصوتٍ متقطع يحمل بطياته الحياء:

_ اسكت يا إياد، محصلش يا عمي دا جبلي هدية صغيرة.

تعالت ضحكت إياد بينما تعجب والده بضحكته الغريبة، والغموض الموجود بحديثهم، ولكن بلحظة اتسعت عين أسيل بفزع خالفها عماد عندما صرخت بفزع:

_ حاسب يا إياد العربية.... آآآآآه.

اصتدمت السيارتان بعنف، حتى وقعت سيارة إياد بجانب الطريق، استمع لصوت أناس كثير ولكن لم يهمس سوى بأسم شخص واحد قبل أن يغادر في عالمه المظلم لا تظهر فيه سوى مقتطفات صغيرة من ذكرياته مع زوجته:

_ أسيل!!!!

صوت ضحكتها يصدع بجوار أذنه ليبتسم بفرحة عندما وجدها أمامه، ردد بسعادة بالغة وهو ينظر لها محاولاً الاقتراب منها:

_ أسيل... أنتِ كويسة.. أنا كنت قلقان عليكِ!!

ظل صوت ضحكتها يصدع حتى تحول صوتها من رنة ضحكتها التي كانت كبلبل ينشد لحن صغير إلى صوت جهاز الموصول به، فتح عيناه بألم يهمس بصوتٍ يكاد يكون مسموع:

_ أسيل.. هي فين أسيل.. وبابا!!!

نهضت فريدة في سرعة تنظر له بحنان مرددة بكلماتٍ هادئة:

_ اهدي يا حبيبي جسمك تعبان من الازاز اللي دخل فيه والكسور ... ريح شويا...

قاطعها وهو يكرر باصرار غريب:

_ فين أسيل و بابا و أنتِ لبسه اسود ليه؟!!

نظرت له بألم، ثم أغمضت عيناها تهتف بصوتٍ متحشرج:

_ باباك تعيش أنت، وأسيل جدك وعمك زيدان سفروها برة عشان يعلجوا التشوهات اللي فيها لأن الأزاز دخل فيها وسبب تشوه قوي فيها بس..

ادمعت عيناه برجاء أن تخبره بشيء آخر غير ما خطر بخاطره، فهمس بنبرة تحمل الرجاء:

_ بس إيه؟ هي كويسة صح؟

ادمعت عيناها بحزن دافين وتمتمت بصوتٍ يملؤه الألم:

_ بس قبل ما تدخل او يبدأوا العملية ماتت وجدك جابها على مصر ودفنها، وأنت جسمك كله كان متكسر وتعبان والأزاز اللي دخل في جسمك عمل جروح عميقة بجسمك فبدؤوا يدوك مسكن ومنوم عشان متحسش بألم ودا اليوم الخمستاشر ليك.

حرك رأسه بعدم تصديق، ينظر لها بألم تكاد تكون الرؤية مشوشة من الدموع التي أغرق عيناه، يتنفس بصعوبة بالغة لا يردد سوى:

_ لاء أسيل عايشة هي اللي هتساعدني أقوم من اللي انا فيه... وبابا قالي أنه راضي عاني، وكان عايز نسافر أنا وأسيل عشان خاطر نكمل علاج ونجيب الحفيد اللي بيحلم بيه، آآآآآه يارب مش قادر..

وضعت فريدة يدها على فمها تمنع شهقاتها المتألمة من شكل إياد المنهار، بينما دخل مجموعة من الأطباء ثم قاموا بتثبيت إياد واعطاؤه حقنة مهدئة، لتمر دقائق يصبح غائب عن الواقع، يقه بين غياهب الآلام، تضمر روحه بين ذكريات أصبحت منفية من حياته، لم يتخيل يوماً أن أسطورة عشقهما ستنتهي بتلك السرعة، وبهذه الطريقة المؤلمة، فقد أغلى ما يمتلكه الأنسان زوجته ووالده، كانا جزءاً من قلبه المحطم بقسوة منثور شظاياه على أرض مغمورة بالظلام، نجمتان تُضيء بسماء عندما يحتلها ظُلمة الليل فأصبحا مخطوطة تساعد البَحْار للوصول إلى الجزيرة السعادة ولكن تغلب الظلام عليهم واختفيا من الحياة!!

***

عاد لأرض الواقع تتهدج أنفاسه بشدة، وكأنه دخل بدوامة تلتف حوله في سرعة، فتحطم باقي قوته الزائف أمام الجميع، نهض من مكانه وهمس بكلماتٍ تأن بالألم، تصرخ من شدة العذاب، تثور بعنف من البراكين المتألمة بداخله، فأصبح داخله هشَّاً يتطاير مع نسمات خفيفة من العذاب.

**************

بمشفى عائلة الألفي،،،،،،

تقدمت بخطواتها الثقيلة وهي تنظر لصغيرتها المنغمسة بعالم لم يدخله أحد سواها، تدمع عيناها أسفل تلك النظارة السوداء التي ترتديها، ترسم على وجنتيها معاني الألم المكنونة بصدرها ولم تستطع البوح عنها لأحد، وكأنها سجين لهذا الصمت القاسي، جلست على المقعد بقرب من الفراش ابنتها وأزلت تلك النظارة التي تمنع فيضان مشاعرها من أن تخرج، مدت أنامل يدها المرتعشة تلامس بشرة ابنتها الباهتة من سكونها لخمس سنوات، صامته.. غائبة عن الواقع، لا يعلم أحد بماذا تشعر أو ماذا فيها، بدأت الدموع تسيل على وجنتي فريدة حتى شعَّ وجهها بالحمرة، تهمس بأنين تمرد من البقاء بجوف قلبها المعذاب من وحش الفراق:

_ وحشتني يا ندى... مش عايزة تقومي بقى.. عيونك وحشوني يا بنتي.... شقوتك ولعبك وهزارك وضحكت وحشوني.... أنا بموت كل يوم وأنا شايفكي كده... نار قيد جوايا ومحدش حاسس بيها، اخوكي مسافر ومعرفش هيرجع امتى ... ونفسي اسمع صوته يطمني عليه.... كنتِ أنتِ الدافع ليه عشان يرن... نفسي ترجعي تاني يابنتي...

صمتت تكتم شهقاتها التي بدأت تعلو شيئاً فشيء، ثم استرسلت بنبرة متألمة:

_ لحد النهاردة فاكرة اليوم اللي قالولي فيه أنك عملتي حادثة على الطريق، ونقلوكي المستشفى، واللي زود وجعي بعد موت بنت عمك وعمك مع بعض

ثم أكملت بتضرع :

_ يارب قومهلي بسلامة، قلبي مش قادر يستحمل يشوفها كده.

اجشت في البكاء تضع وجهها بين راحتي يدها، تغرق الدموع ما يقف بطريقها، وكأنها فيضان قرر أن يقضي على ما أمامه معتقداً بذالك أنه يريح نفسه.

***********

بإحدى المطاعم الشهيرة،،،،،

تنظر لهم وتتعجب مما تراه، ترى والدها أثنان وجاسر اثنان وتتضاعف أعدادهم، وضعت يدها فوق رأسها تحاول أن تتحكم بهذا الصداع الذي داهمها، ولكن لم يكُن هنا فائدة، انزلت أصابعها وامسكت بالملعقة تضغط عليه بقوة لعلها تتخلص من هذا الألم العنيف الذي بدأ يزداد شيئاً فشيء ولا تعلم سببه، وكأنه ظلام دامس أراد أن يضمرها بجوف أعماقه، بينما انشغل والد سهام بالحديث مع جاسر وبعض الموضوعات التي اثارت اعجابه ولم ينكر بداخله أنه لمح ذكائه، نهضت سهام من مقعدها ورددت بصوتٍ متعب بعدما رمقها الأثنان بنظرة متعجبة:

_ انا هروح الحمام بس وراجعة.

تحركت خطواتان، ثم وقعت على الأرض غائبة عن الواقع لم تعلم ماذا يحدث حولها، شعرت وكأنه أخذت لمكان جديد تسمع همهمات والدها الملتاع عليها، وخطيبها جاسر الذي اخبره بأن يحملها سريعاً متوجهين للمشفى، انقطعت الهمهمات فجأة ولم تدرك ماذا يحدث بعد ذلك!!!

**************

بشركات الألفي جروب،،،،،،،

نهض الامبرطور من مكانه بعدما أنهي اعماله جميعها، بدأ يسير بخطواتٍ بطيئة، ينظر للمكتب الذي بجوار مكتبه، ثم مد يده وأخذ المفتاح من جيب سرواله، وقام بفتح باب الخاص بأبنه عماد الألفي، سار ينظر لمحتويات المكتب بألم، قلبه المنفطر وهو يرى ابنه رحل بحادث غريب وأخذ معه زوجة ابنه أسيل، مد "وجيه" يديه يفتح هذا الدرج بمكتب ابنه، ثم سحب صورة لابنه وإياد وزوجته أسيل، وردد بلهجة غريبة من يستمع لعبراته لا يصدق أن هذا القاسي سيخرج تلك الكلمات:

_ شوفت يا عماد ابنك عامل ازي؟!! بقى تايه ازي يجي يخلص شغله ودا عشان شديت عليه ويمشي يعدي على قبر أسيل، ابنك تعبان من غيركوا يا عماد، بيصحى كل يوم مفزوع من النوم والمشهد الحادثة بيتكرر في أحلامه، عارف عرفت ازي... كنت كل يوم ادخل اوضة بتاعته عشان اطمن عليه... وكنت بلقيه بيردد اللي حصل في الحادثة، أنا بموت وأنا شايفه كده عايش ومش عايش معنا، نفسي احفادي يرجعوا زي ما كانوا نفسي يتخطوا اللي هما فيه، نفسي لما أموت أبقى مطمن عليهم!!!

أنهى جملته واضعاً تلك الصورة بمكانها، ثم استدار عائداً للقصر يستعيد قناع القسوة المحفور بملامح وجهه، اتخذه جانباً معتقداً بذلك أنه سيحمي احفاده الباقية.

*************

بشقة زياد،،،،،

جلست تتابع التلفاز باهتمام شديد، تتناول حبات الفشار باستمتع وانهيام، إلى أن تبدلت قسمات وجهه بانزعاج عندما اطفأه زياد فجأة، نظرت بغضب مرددة بغيظ مكبوت:

_ قفلته ليه؟!!

ابتسم بخبث وسار ليجلس جوارها، ثم همس بمكره المعتاد:

_ قفلته عشان تقومي تحضري شنطتك هنسافر.

انغمست بالقلق في ثوانٍ وهمست ببعض الخوف:

_ هما الناس دي وصلت لينا؟!!

مد يده ليدها المرتجفة وربت عليها بدفئ أطمن قلبها المرتعد وهتف بنبرة هادئة:

_ اهدي مفيش حاجة، أنتِ بس هتقومي تلبسي وتحضري فعلاً الشنط بس المرادي هنرجع مصر، وهتلبسي عشان نتعشى برة.

رمشت بعينيه في عدم تصديق، ورددت بنبرة تحمل بطياتها الحنين لوطنها وأرضها الغالية، ولكن تقطعت من تهدج انفاسها:

_ هنرجع مصر بجد!! هنرجع مصر وأشوف أرض مصر تاني!!

ابتسم بهدوء محمل بالعشق، وهمس بنبرة خاصة لذئب عاشق:

_ هترجعي مصر وهتعيشي هناك تاني وهخلي حد يعينك في مستشفى الألفي اللي كانت من ضمن احلامك.

لم تعلم بماذا تجيب ولكن ابتسمت وعيناها تدمعان من الفرحة، تردد بحب وسعادة:_

_ بحبك اوي يا زياد، ربنا ميحرمنش منك ابداً.

نهض من مكانه وهتف في هدوء عاشق:

_ قومي البسي عشان نخرج مع بعض.

صفقت بيديها سريعاً وتوجهت في سرعة لترتدي ملابسها، بينما وقف زياد يتأمل شكلها بنظراتٍ تحمل من العشق جانباً لم يحمله عاشق من قبل، ينبض قلبه لأجلها، اعادت حياته فأصبحت منقذته، تحملت الكثير، ولم تشكو لأحد، كانت هي الزوجة التي لم يتخيل يوماً أنه سيقع بين براثن عشقها.

*********

تتعلق بذراعه في سعادة، تشعر بنوعٍ غريب من الفرحة التي داهمتها وكأن البهجة أخبرتها بكل ما تتمنى وأنها ستحصل على القليل منها وترتشف منه رحيقها، سارت جواره حتى وصلا للمكان المخصص لهما بالمطعم، فنظرت له بحب وهمست ببعض الخجل:

_ أنا مش عارفة اوصف ليك شعوري عامل ازي يا زياد.

ابتسم لها، ثم ردد والمكر عاد يحاوط ليان ليزيد من تورد وجنتيها:

_ أممم لما نروح نشوف الموضوع دا، وأنا هعرف اخليكي توصفي شعورك عملي!!

قطبت جبينها ببدأ الأمر ولكن سرعان ما تحول وجهها للون الأحمر، تمتلئ عيناها بخجل شديد ورددت بتوتر واضح:

_ زياد هقولك على حاجة بس متزعلش ماشي.

رفع حاجبه وعلى ثغره ابتسامة ماكرة يعلم ماذا ستخبره، لتغمغم ليان بخجل ممزوج بغيظ:

_ انت قليل الأدب خالص، هو أنت دخلت كلية شرطة قسم آداب!!

صدعت ضحكته بالمكان لتهتز بعدها قلب ليان وهي ترى ابتسامتها التي اخرجتها، لتتحرك شفتيها ترسم ابتسامة رقيقة، فأذبت الخجل واحتلت السعادة مكانها، تمتمت ببسمة صافية نابعة من قلبها:

_ عارف لما بكون السبب في خروج أي ضحكة ليك بحس بفرحة غريبة جوايا مش عارفة ليه بس دا احساسي كل مرة بتضحك فيها.

تناغمت ألحن العشق حولهم، فكلاً منهم أخرج ما كان يكنَّه بصدره، وثورة مشاعره التي أغرقت قلوبهم عسل العشق، فأصبحت هي مالكة قلبه، وأصبح هو عاشقها الوحيد.

بقرب منهما،،،،،

ينظر لهما بأعين ماكرة وقد تعلقت عيناه بتلك القلادة التي يرتديها زياد، فهي القلادة التي أخذها "عليّ" منهم، وأخذتها تلك الفتاة التي يجلس معهم، امسك هذا الغامض هاتفه وهتف لسيده ببسمة خبيثة:

_ القلادة الآن مع الشاب... حسناً سأنهي تلك المهمة سريعاً!!!!

************

مر يوميان تحسنت فيه عافية سهام بعدما وصلت للمشفى وقام جاسر بكافة التحاليل اللزمة والتي توضح نقص غذائها، بينما اعدت ليان نفسها جيداً لرحلتها وهي العودة لأرض الوطن.

**********

وصلت سيارة زياد للمطار، وترجلت منها ليان من السيارة، تترجى أن تمر الساعات بسرعة لتخطو قدميها على مصر الحبيب، الأرض العظيم، فمن يدخلها لا يستطيع أن يتخيل جمالها المكنون بداخلها، وآثارها الجميلة التي تركها الفراعنة، تخليد لذكراهم، خرج زياد من السيارة ووقف بالقرب من ليان بجوار السيارة، فنظرت ليان إلى زوجها ومن أصبح قرة عينيها، مرددة ببسمة غريبة:

_ عارف عندي احساس غريب، حاسه إن في حاجة هتحصل!!

قطب جبينه بتعجب مما تتفوه به، بينما على بُعد منهما يقف هذا القناص ويرفع سلاحه بإتجاه ليان وزياد يستعد لإطلاق النيران، وما أن حصل على الإشارة من السيارة التي تنتظر بالأسفل حتى أنطلاقت رصاصة اخترقت صدر!!!

يُتبع!!

إلى اللقاء بالجزء الثاني بعنوان "ليُطفِئ ظلامك بسمتي" من سلسلة عواصف الغموض والحب

بقلم سلمى خالد إبراهيم" سماسيموو"

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
CLOSE ADS
CLOSE ADS