![]() |
حصونه المهلكه
من الفصل الحادي عشر حتي الفصل الخامس عشر
بقلم شيماء الجندي
"عوده"
جلست علي طرف الكرسي بحركه استعداديه للهروب من امامه في اي لحظه ان استشعرت خطر منه وضعت يدها الصغيره فوق ذراعها الايسر بتوتر واضح علي قسمات وجهها وكل لحظه تنظر ناحيه اخيها من خلف الزجاج حيث يتابع اعماله مع ابن العم ،وقد اصابها الحرج ان تصر علي تواجده معها يكفيه ماخسره لاجلها هل تتسبب بخسارته عمله أيضاً !!
دار عقلها الصغير بعده اتجاهات مختلفه مابين اخيها وتركه لها لاول مره مع ذاك الطبيب الغريب عنها بالطبع لاتتذكر صلته العائليه بهم .. ومابين خشيتها منه واستعدادها لاقل تصرف اوحركه تصدر عنه ...
صدرت عنها تنهيده خافته تسللت الي اذن ذلك الجالس بصمت مقابلا لها تفصل بينهم منضده صغيره وُضِع فوقها اكواب العصير الطازج ، اعتدل يزيد بجزعه العلوي وهو يرمقها بنظراته الهادئه اللذيذه ثم مد ذراعه الي الطاوله ثم التقط كوبها اولا يناولها اياه وقد انشق ثغره الدقيق بابتسامه لطيفه للغايه اجبرتها علي الانصياع لامره اللطيف المهذب والتقاط الكوب منه ...
رفعت اهدابها الكثيفه تنظر اليه لحظات وراح عقلها يستعيد لقطات من زياراته المتكرره لها ،وكيف كانت تخشاه للغايه باول يوم له معها افاقت علي صوته الهادئ فور ارتشافه من الكوب الخاص به جرعه صغيره ...
- تحبي نقول لتيم يجي يقعد معانا ويسيب شغله دلوقت !
نعم هي تود للغايه ان يحضر معها ولا يتركها .. لكنه عمله وهي ليست انانيه لتلك الدرجه ... هزت رأسها رافضه عرضه المُغري .. وبدأت نسمات الهواء تشتد من حولها لتطير خصلاتها بتناغم ناعم مع نظراته لها ، اخفض رأسه يستجمع كلماته وافكاره نحو علاجهاا .. علاجها فقط !!
امسك دفتر صغير قليلا باللون الوردي المشابه لفستانها الجميل .. ثم دفعه اليها برويه وهو يردف بصوت رخيم
- شوفي يأسيف ، انا كل مره باجي هنا انا اللي بقعد اتكلم معاكي وبصراحه الموضوع كده مش نافع انا حابب ندردش سوا فجبتلك وانا جاي الصبح النوت ده .. ده مصدر الحكاوي بينا ، ده لو تسمحي طبعا ؟!
توترت نظراتها وابتلعت رمقها وهي تخشي القبول فيسألها شيئ يخصها .. وتخشي الرفض فتنهي علاجها ، هي قطعت وعد انها سوف تطيع اخيها بالعلاج ليعودا الس حياتهم اليوميه مره اخري ، عضت علي شفتها بتوتر واتجهت عينيها الي الزجاج ترمق اخيها المنتظر بعيد بنظرات حائره لتفيق علي صوته الهادئ بعد ان انهي دراسه نظراتها
- وتقدري ترفضي او تقبلي الدردشه ، مش شرط تجاوبي ابداا .. وتقدري تسأليني كمان عشان تبقي دردشه مظبوطه !!
تلك الابتسامه الرزينه المتعقله التي تزين ثغره الوسيم تجبر اي احد علي قبول جميع عروضه ، وهي لن ترفض ان كانت لها فرصه رفض او اعتراض علي اجابه ما !!
امسكت الدفتر باناملها الرقيقه ليناولها قلم وهو يقول
- القلم ده غالي عليا جدا ، ده هديه مني ليكي واتمني مترفضيش ...
تناولته وهو تومئ له وعقلها متوتر من تلك المحادثه ليُكمل حديثه مُتسائلا
-انتي عارفه ان عيلتي وعيلتك اصدقاء قدام جدا ؟!
هزت رأسها بالايجاب الصامت ليبتسم مُكملا
- تعرفي اني فقدت بصري فتره وعملت كذا عمليه عشان يرجع !
بدأ يلفت انتباهها حيث رفعت انظارها الي واعينها ترمقه بنظرات مندهشه متسائله !!
فاستجاب الي تساؤلها الصامت واردفت بهدوء
- وخطيبتي سابتني بسبب الموضوع ده ..
عقدت حاجبيها بحزن وراح عقلها يدور بالاشخاص السيئون امثال خطيبته والتي تعرفهم عن ظهر قلب لينتشلها من افكارها السوداء صوته الهادئ يقول
- كان نفسي يكون عندي اخت صغيره زيك كده .. لميس كانت من اب مصري زينا وام بريطانيه .. اتعرفنا علي بعض في الجامعه ومع الوقت اتعلقت بيها جدا وانا كنت بشاركها كل حاجه تخصني ، وكانت امنيتي يكون عندي اخت متسألنيش ليه ، بس ده اتجدد لما شوفت علاقه تيم معاكٍ ، المهم قعدنا سنتين نحب بعض واتخطبنا كمان ، بس للاسف بعد مافقدت بصري ومع اول لحظه فوقت من مخدر العمليه صوتها كان في ودني ، بتقولي مش هتقدر تكمل ، واختفت بعدها ...
ظهرت ملامح التأثر علي ملامحها الجميله وقد بدأت تندمج مع قصته متناسيه وجعها بل اوجاعها ليتدراك نفسه وحمحم يقول بصوت رخيم
- بس الحقيقه بعد كام يوم نسيتها او بمعني افضل اقنعت نفسي اني اتناساها وابدأ استجيب لمحاولات اهلي في العلاج ، عارفه ليه يأسيف !
نظرت له باندهاش وتساؤل ليبتسم لها قائلا
- اكتبي توقعك !!
ابتلعت رمقها ودارت عينيها لحظات بعده اماكن لتبدأ بعدها بفتح الدفتر وراحت تخط بالقلم كلمات ثم وجهته اليه وكان محواها "عشان تنتقم "
ضيق عينيه وهو يحاول تجميع افكاره عن جملتها لكن استجابتها تلك رائعه ليرفع رأسه وهو يعيد الدفتر اليها ضاحكا بوجه بشوش
- ابدااا انا قولتلك نسيتها ، الحقيقه ومخبيش عليكِ كان عندي رغبه جوايا انها تشوفني لما اخف وبرفضها كمان .. لكن الرغبه الاكبر نفسي ، مستقبلي ياأسيف ، هستفاد ايه لما اعاند اهلي عشان واحده سابتني فاهم وقت ليا ؟! هل هما يستحقوا ده مني؟!
رمقته بنظرات متحيره صامته وابعدت رماديتيها عنه تحدق بعيدا بحزن لضعفها كما لقبوها ليتها بقوته تلك ، افاقت علي صوته قائلا لها
- انتِ عارفه ان قراري ده كان صعب جداا خصوصا ان والدي كان شايفني ضعيف الشخصيه معاها جدا ..
نجح للمره التي لاتعلم عددها بلفت انتباهها .. ان حالته كانت مثلها !!!!!
علي الجانب الآخر
حيث يجلس تيم مدعيا انشغاله مع ابن العم وعينيه عليها دون ان تلاحظ راقب حركاتها واستجابتها لحديث "يزيد" الذي ارسله الله اليه من السماء ، اندهش حين كتبت شيئ بالدفتر الصغير ودفعته الي "يزيد" المترقب لحركاتها هو الاخر ليفيق علي صوت "نائل" المتأفف
- ياااعم تيم ارحمني بقا وركز معايا شويه خلينا نراجع الورقتين ده انت كنت قعدت معاهم اسهل ..
زمجر "تيم " بغضب وهو يقول بصوت اجش حاد
- بقولك ايه يازفت انت اهدي بقي ،كفايه اللي انا فيه !
اندهش "نائل " رافعا حاجبيه وهو يردف
- ايه اللي انت فيه يابني !! اختك لازم تقعد مع دكتورها لوحدها عشان ترجع تتكلم فين مشكلتك !!
تأفف " تيم" وهو يعتدل اليه بجسده قائلا
- المشكله ان أسيف مضطره تقعد معاه وحدها انت مشوفتش بصت ازاي لما عرفت اني مش هحضر معاها !
هز " نائل " رأسه يردف بجديه تامه
-بقولك ايه ياتيم طبيعي أسيف تتعلق بيك من خوفها واللي حصل لكن اللي مش طبيعي اسلوبك ده يااخي ، انا شايفها مستجيبه ليزيد وبتحاول مع نفسها جامد وانت دورك تساعدها وتسمع كلام يزيد منغير قلق كده ماحنا في وشها اهوه لو خايفه هتيجي جري عليك متقلقش بقاا!!
ابن العم محق عليه تركها تتعالج وتعود الي احضانه الاخويه سالمه غانمه وذلك لن يحدث بدون مساعدة "يزيد" وتركها تجرب الدرب بمفردها تلك المره لكنه سيظل خلفها يراقب طريقها ويسندها ان تعثرت !!!!
🔥🔥🔥🔥🔥
انتهت جلستهم سويا وشعرت اسيف ببعض الخفه حين بدأت تكتب مايجيش بافكارها له ،واحيانا اخري كانت تفضل الصمت التام وعدم الرد والذي قابله "يزيد" منها بابتسامه مرحه جميله وصدر رحب ، لاحظت انه لايضغط عليها لذلك اعجبتها الجلسه قليلا ونست انها داخل جلسه علاجيه وبدأت تخط باناملها الرقيقه علي الورق بعض الرسومات الشارده حين كان يتركها "يزيد" تستريح ويعبث بهاتفه وانظاره تراقبها .. افاقت من شرودها علي اصابعه تطرقع امام عينيها مع حفاظه علي مسافه كبيره نسبيا عنها حتي لا يتسبب بذعرها .. صدح صوته الاجش ينهي جلستهم وهو يطلب بأدب
- أسيف ممكن تنادي تيم ليا ؟!
وقفت بهدوء تومئ بالايجاب وهي تتجه الي اخيها كطفل صغير ذاهب الي ولي امره .. ليبتسم "يزيد" بهدوء ويصرف انظاره عنها بصعوبه والتقط دفترها الصغير يراقب صنيع يديها باعين متسعه مصدومه "أسيف" تُجيد الرسم بل بارعه به ... لكن ما تلك الاشكال التي خطتها بشرود !؟! رغم صِغر الورقه لكن ذلك لم يمنعها من خط بخطوط صغيره شكل فهد مفترس بانياب مرعبه تسيل من فمه الكبير المفتوح ومن بين انيابه قطرات .. من الواضح انها دماء !!
عقد حاجبيه وافاق علي صوت "تيم" يردف بجديه
- في حاجه حصلت !
نظر "يزيد" للداخل يراقب "أسيف" الجالسه فوق الكرسي تنظر للارضيه بشرود وصمت تام .. ثم قال وهو يشير برأسه ناحيتها
- أسيف محتاجه تخرج من هنا ياتيم ،الحبسه دي غلط ابذل كل جهدك وخرجها تتمشوا سوا حتي ، الوضع ده هيعطل مفعول الجلسات ..
ثم رفع اليه الدفتر الصغير ليضيق تيم عينيه يحاول استيعاب تلك الصوره الوحشيه المخيفه ، لحظات ليُدرك معناها ويغمض عينيه جازا علي اسنانه بعنف ليردف "يزيد" بهدوء
- تيم عصبيتك دي مش حل هتخوف اسيف منك انت كمان ، أسيف فقدت النطق من خوفها لخروج مشاعرها وانها مش قادره تعبر عن كميه المشاعر اللي بتحاربها ، سواء خوف ..زعل .. حزن .. كل ده ضغط عليها وسببلها انهيار عصبي احنا دورنا نعالج مش نزود ياتيم ...
زفر انفاسه ثم اعتدل واقفا يقول يهدوء
- احنا هنبص للجانب الإيجابي ،انت ليه مقولتليش ان أسيف بتعرف ترسم ،عارف ده هيساعدني قد ايه في علاجها !
عقد تيم حاجبيه باندهاش ثم اعاد انظاره الي الورق مره اخري واردف مضيقا عينيه
- انت عاوز تستغل رسم أسيف فانها تخرج اللي جواها ؟! زي الرسمه دي مش كده !
اومأ الأخير يالايجاب وهو يقول بصوت رخيم
- بالظبط رسمها هيساعدني جداا خصوصا ان هي نفسها عندها استعداد لده وخرجت اللي جواها او جزء منه عن طريق ورقه وقلم انا كنت متخيل الكتابه هتنفعها لكن الرسم افضل كتير في استغلاله ...
تنهد "تيم" وهو يعيد انظاره الي شقيقته متأملا حالها الصامت الساكن ، أسيف التي كانت تكره الصمت والروتين اصبحت تجلس بالساعات الجلسه ذاتها تحدق بالفراغ صامته شارده حزينه !!!
🔥🔥🔥🔥
امسك تلك التُحفه المُقلده بين اصابعه يعبث بها اثناء القاؤه الكلمات الشارده بماضي اليم علي أذن الطبيب الصامت المُنصت باهتمام يُدون بعض الملاحظات بين حين وآخر .. علت انفاسه قليلا وهو يردف
- كنت بخاف أنام بليل لان الكوابيس بشكل امي مكنتش بتفارقني .. كنت بروح انام جنبها واحضنها واسمعها وهي بتتألم لما احط ايدي بالغلط علي جرح في جسمها ،بس هي رغم ده كان بتفضل ماسكه فيا ساكته ايديها بتتحرك علي شعري وانا بسألها مالها وبابا بيعمل كده ليه ، وهي تقولي كلمه واحده "معلش" كنت متخيل ان كل الابهات كده .. لحد ما في يوم ماستحملتش في أيده ...
قطع كلماته وهو يدس احدي يديه بخصلاته ويحبس دموعه وقد بدأت شفتيه ترتعش وهو يجز علي اسنانه بقوه جاذبا خصلاته للخلف واعينيه تلتهب باحمرار شديد قلق الطبيب من حالته واردف بهدوء
- تقدر توقف لحد هنا ..
لم يجيبه بدل اندفعت كلماته من شفتيه كالحمحم البركانيه حين تنفجر تصحبها دموعه وهو يقول بصوت باكي كالاطفال
- ماتت بعد ما شوه جسمها بايديه ، اخر حاجه شوفتها منها دموعها ، اللي غرقت وشها وهي يتوصيني علي اختي اللي لسه عيله صغيره ، غمضت عينيهاوانا فاكرها شويه وهتقوم زي كل مره ، نمت وانا حاضنها وبعيط ،وفوقت علي ايدين بتشدني بعيد وبيغطوها لحد رأسها ....
مسح دموعه بغضب واكمل وقد تبدل حاله حين شعر بالدماء تندفع الي رأسه وهي تغلي وتفور
- في نفس اليوم لقيت ابويا قاعد يبكي وماسك صورها وهو بيقولي كلمه واحده .. "عمك السبب" ... كلمه سمعتها منه 8 سنين بيحكيلي قد ايه اتعذب منه وكان عاوز ياخد امي ليه عشيقه ، كنت بروح القصر معاه اشوفهم مبسوطين وبيلعبوا وانا بتفرج ، خايف اقرب منهم ،بكره صوت ضحكهم وانا مش قادر ابقي مع امي زيهم ، وان ابوهم السبب وعايش حياته معاهم عاادي ...
اختنق صوته وبدأ يدس يديه بخصلاته بحركه عنيفه عشوائيه ليقف الطبيب مسرعا وهو يدور حول مكتبا يصب المياه بالكأس ثم ناوله اياه وهو يقول
- كفايه كده النهارده ،اي ضغط تاني مش في مصلحتك نهاائي ...
رفع عينيه الحزينه وهو يؤمي بالايجاب يلملم متعلقاته الشخصيه بهدوء .. زافرا انفاسه الحارقه واقفا يتجه الي الباب ونظرات الطبيب المُسن الخبير تلاحقه ليقف فجأه مستديرا بجسده يسأله عاقدا حاجبيه
- هي أسيف ممكن تسامحني في يوم من الايام !
تنهد الطبيب وهو يجيب بهدوء
- انت لسه محكتليش قصتك مع أسيف شكلها ايه بالظبط .. هي كانت بتحبك ؟!
ابتسم بسخريه وهو يجيبه باعين دامعه
- أسيف مكنتش بتعرف تكره حد ، بس انا علمتها ده !!!!
🔥🔥🔥🔥
جلست الجده امام ابنتها وقد تركت الخادمه اكواب القهوه الساخنه خاصتهم ثم انصرفت تُباشر اعمالها ...
تعلقت انظار "سمر" بالاكواب بشرود وهي تردف واعينها ذابله من الحزن
- وبعدين ياماما الولاد دخلوا في شهرين ومفيش عنهم خبر واحد ، ده فهد قرب يتم علاجه وانا معرفش أسيف عامله ايه حتي !!
تنهدت الجده بحزن وسالت دموع الندم علي خديها وهي تشعر بالاشتياق يصول ويجول بثنايا قلبها المُسن لتقول بصوت مبحوح
- مش عارفه يابنتي لسه مراد كان بيقولي الصبح انه لحد دلوقت سايب معارفه يدوروا عليهم ، أسيف وحشتني اوووي يااسمر ...
تنهدت "سمر" وسالت دموعها وهي تقول بابتسامه حزينه
- مكنتش تستاهل اللي حصلها ياماما ، مفيش بنت تستحمله .. تخيلي بقي ملاك زي اسيف عامله زي البييي بالظبط ..
ابتسمت الجده وهي تقول بحزن
- ابن اخوكي دمرها ياسمر البنت كانت مرعوبه حتي تقعد معانا لوحدها مش كفايه اللي حصلها وهي لسه عيله وابوها وامها لسه ميتين ؟!
عقدت "سمر "حاجبيها وهي تذهب بعقلها الي تلك الذكري لتقول بغضب
- مافكرنيش بالسواق القذر ده ، لولا نائل سمع صرخاتها صدفه وجيه بلغنا كانت ضاعت علي ايد المُدمن النجس ده ....
ايدت الجده الحديث وتمتمت بيعض السُباب علي امثال ذلك المُدنس .. وقد غفلتا السيدتين عن ذلك الواقف باعين جاحظه وعقله يفسر ماحدث بالايام الخوالي والليله المشؤمه ... ليدب القهر قلبه بمطرقه من حديد وتسيل دموع الندم وهو يفر مسرعا كالاطفال تائها يهيم علي وجهه بلا هدف او سبيل !!!!!!!
🔥🔥🔥
جلست أسيف باحضان اخيها يحدقان بأمواج البحر التي تتلاطم امامهم بهدوء ثم تميل علي الشاطئ الرملي تسرق حباته داخلها وتداعب أناملهم بنعومه ثم تنسحب لتأتي اخري تقوم بدورها وأسيف تبتسم بهدوء تعبث باصابعها ثم نظرت الي اخيها المحيط لها وهمست بهدوء
- هتاخدني الكورس امتي ؟!
قبل خصلاتها ثم ابتسم يحدق بها وهو يزيح خصلاتها بهدوء
- من بكره ياقلب اخوكي والعربيه جاهزه ومستنيه الاميره تخلص كورسها وتاخدها ...
اعتدلت تحيط عنقه محتضنه اياه بقوه وهو تقول بصوتها الهادئ
-انا بحبك اوي ياتيم ...
شدد من احتضانه لها وهو يبتسم رابتا علي ظهرها بهدوء يقول
- وانا بموت فيكي ومليش غيرك ياقلب تيم ...
ثم اخرجها من احضانها يشير محذرا .. بس هوصلك الجلسه الاول تخلصي واخدك نطلع علي كورس السواقه اتقفنااا ياأسيف ..
تنهدت وهي تعتدل قائله بتذمر هادئ
- ياتيم مانا رجعت اتكلم اهوه ويزيد بيتابع معايا .. انا برتاح في الكلام مع يزيد وهستني يرجع من المؤتمر
اتسعت اعينه وهو يردف بجديه
- أسيف انتي عارفه انك لسه محتاجه شويه جلسات ياحبيبتي ويزيد معاه فتره عشان يرجع يبقي نتابع مع الدكتور زي ما كنا لحد مايزيد يرجع ..
عقدت حاجبيها من اصرار اخيها فبعد مرور ثلاثه اشهر علي تحسنها وعوده نطقها منذ اسبوعين لازال يُصر علي انتظامها مع ذلك الطبيب المُسن ذو الطبع الرتيب للغايه ،لقد اعتادت علي أسلوب "يزيد"المرح الرزين بآن واحد حيث يضج عقله بالافكار الجديده دوما ويقودها اليها بصبر تام .. عضت علي شفتيها وهي تقول بخجل وقد اشتعلت وجنتيها بحُمره لطيفه ...
-يزيد معاه لاخر الاسبوع بس وهينزل ...
رفع "تيم" احدي حاجبيه وهو يقول بجديه
- انتي بتتواصلي مع يزيد من ورايا !!
هزت رأسها مسرعه بالسلب وارتفعت عينيها الجميله البريئه تنفي اتهامه وهي تقول مسرعه
- لا لا ده هو كلمني سوشيال لما كنت مع نائل في النادي بعد التدريب وكان بيكلمه ... وقالي بحضر الجلسات ولا لا وانا قولتله ان الدكتور ده وحش ...
ابتسم مع كلماتها البريئه ونفيها الخائف من غضبه .. دوما يرق قلبه لتلك البريئه التي بدت عليها بوادر الاختلاف بشخصيتها لكن تلك البراءه التي تحقنه اياها لن تتغير ابداا ...احتضنها بقوه وهو يحمد ربه الف مره بعودتها للحياه والأحاديث معه التي لن يمل منها مهما حدث ،تكفي ابتسامتها تلك ولا يريد شيئ آخر منها .....
صرخت نبضات قلبه التي تدق بحنانه الاخوي المميز ..عوده حميده ايتها الغاليه !!!!!!
الفصل الثاني عشر "صدمه !"
بتلك العياده النسائيه التي يرتادها الأشراف دفعت "ندي" جسدها الصغير تلتصق بكرسيها وهي تحيط باطنها واعينها تحابب االدموع وهي تنظر حولها باعين ملتهبه من شده الغضب الذي يحرق احشائها الآن ..
وقفت بهدوء واتجهت الي الحمام ودلفت داخله وعقلها لا يستعب الي الآن انها هنا بمفردها بعد ان فشلت جميع محاولاتها بالتواصل مع زوجها وابتعدت عن اخيها تماما فور موقفها الخائن له تكفي نظرات الاشمئزاز منها داخل مقلتيه كلما رآها صدفه بارجاء القصر ...
خانتها الدموع وسقطت ومشهد الرجال بالخارج يداعبن زوجاتهن بالكلمات والاحاديث اللطيفه التي تجعل ثغرهن دائم التبسم .. تكاد تقتلهااا وهي تقارن حالها بهن !! انها "ندي البراري" لطالما كانت مميزه بين النسوه ومن الكرام .. يأتي اليوم وتري نظراتهن اليها وهي وحيده هكذا !!!
فتحت الصنبور وهي تميل بجسدها تغسل وجهها بعنف وقد بدأت شهقاتها بالتعالي وهي لاتصدق انها هنا بمفردها بدون زوجها ؟!!ان كانت تمقت اسيف قليلا بالسابق .. هي الآن لا تريد سوي قتلها !!!!
جففت وجهها ورقبتها بالمحارم الورقيه واندفعت اناملها تعبث بمحتويات حقيبتها الصغيره علها تجد ماتداري به ذلك الشحوب المُخجل ....
تفقدت وجهها برضا فور انتهائها ثم عادت الي جلستها تحيط باطنها البارزه قليلا بذراعيها وهو تحاول تجنب النظر باي اتجاه حتي ينتهي كشفها الروتيني وتطمئن علي صحتها وصغيرها بداخلها ،ثم تبدأ مهمتها الجديدة بالعثور علي زوجهااااا .....
♥️♥️♥️♥️♥️
وقفت "أسيف" بالشرفه تحدق بشرود بالسيارات والحركه المستمره بالاسفل وهي تُمسك بيدها قدحا ساخنا من المشروب المفضل لديها "الكاكاو" ويدها الاخري تعبث بالهاتف وكأنها تنتظر رساله احدهم !!!!
اغلق " تيم " باب الشقه بعد ان دلفها باستخدام مفتاحه الخاص وهو ينادي عليها بصوت واضح .. لكنها شارده لدرجه اقلقته وظنها فقدت النطق حين وجد ظهرها موجه اليه ولا تجيب ، اسرع اليها يُمسك ذراعها يدير جسدها الصغير اليه باعين متسعه ووجه شاحب ، فتخت عينيها وشهقت بصدمه حين وجدته يطالعها هكذا وهي لم تشعر بعودته بللت شفتيها تعض عليها بخجل وهي تردف بخفوت
- اسفه شكلي خضيتك ، انا قولت اغير جو الاوضه واقعد اشتغل هنا شويه ..
نظر باعينه حيث اشارت الي تلك الادوات الخاصه بها والتي تستخدمها بلوحاتها المميزه ،تنهد بهدوء واعينه تعود اليها وقد خفت قبضته عن ذراعها وراح يربت علي خصلاتها بيد ويده الاخري تسحب مشروبها الساخن منها يتذوقه وهو يردف بصوت رخيم
- عندك معرض قريب ولازم تخلصي دول ولا بتسلي وقتك ؟!
عقدت حاجبيها بلطف من سؤاله ورفعت كتفيها تنظر ناحيه اللوحات ثم اليه واجابته بتساؤل
- ليه ؟! انا بتسلي فعلا مستنيه مكالمه يزيد بس هو اخر النهارده ...
انهت كلماتها وهي تزم شفتيها الصغيره بحزن وتحدق به بهدوء ليعقد هو الآخر حاجبيه ويردف بمرح
- هبدأ اغير من يزيد اللي واخد معظم الوقت معاكي وخلاني مش عارف اشوفك ...
ارتفعت ابتسامتها البريئه فوق شفتيها وبدون تردد دفعت جسدها الصغير داخل احضانه الحانيه الواسعه تحيط خصره وتستند برأسها اعلي صدره القوي ليحيط جسدها وهي يبتسم واضعا قبلات صغيره اعلي خصلاتها يسمعها تردف بصوتها
- انت محدش ممكن ياخدني منك ياتيم .. انا مليش غيرك !
اتسعت ابتسامته حين اعادت على مسامعه جملته المطمئنه التي طالما قالها لها وهي باسوأ حالاتها ليشعرها بمدي اهميتها في حياته ، ثم اردف بجديه قليله وهو يشدد من احتضانه لها
-يزيد المره اللي فاتت قال انك كده تمام ومش محتاجه جلسات مستنيه مكالمه ليه بقي !!!
عضت علي شفتيها وهي ترفع رأسها بهدوء تحدق به بابتسامه بلهاء
- اصله جاي معايا تدريب التنس مكان نائل ..
ضيق عينيه لحظات ثم رفع احدي حاجبيه وهو يردف بغضب طفيف
- رايح فين فيين .. سمعيني كده ؟؟!!!!
ابتعلت رمقها وهو يعدلها لتقابله بنظراتها المتوتره قليلا ووجنتيها الحمراء لتهمس له بخفوت
- انا نسيت اقولك امبارح ان نائل مش هيروح النهارده ولما قولت ليزيد عرض عليا يجي معايا يسليني ...
اردف باستنكار وهو يعقد حاجبيه
- يسليني !!!! يسليكي ازاي ياأسيف يعني ! أسيف انا مش حابب اضايقك بس انتي شايفه ان ده تصرف صح ؟!
زمت شفتيها ولمعت عينيها وهي تردد بدفاع حزين
- فيها ايه بس ياتيم ، يزيد مش غريب ..
قكع كلماتها وهو يردف بغلظه وحنق
- لا غريب ياأسيف ده دكتور معالج وخلص شغلته معاكي اقدر افهم ايه سر الخروجات اللي من النوع ده ؟! مش واخده بالك انك مُطلقه ياأسيف !!
عقد ملامحها بحزن وهي تحاول الابتعاد عنه والعوده الي الداخل بعيدا عن كلماته الصائبه التي اشعرتها بخجلها من فعلتها الحمقاء ، لكنه تنهد يستجمع رزانته وهو يجذبها لاحضانه ظنا منه انها حزنت من نعته لها ب" المطلقه " وهمس باعتذار باذنها
- متزعليش ياحبيبتي بس انا خايف عليكي ياقلب اخوكي ماينفعش خروج مع يزيد وانتي عارفه ده صح !!
هزت رأسها بالايجاب وهي تدفن رأسها الصغير داخل احضانه بخجل ليبتسم لفعلتها وقطع تواصلهم الاخوي رنين هاتفها الذي ارتفع لتسرع اليه خارجه من احضانه وتجيب بلهفه خجله
- ايوه ياايزيد !!
رفع تيم احدي حاجبيه وجز علي اسنانه بغضب تلاشي حين سمعها تقول بهدوء
- بصراحه ياايزيد تيم قالي ماينفعش ..
ابتسم حين استمع لذلك لكن اعينه اتسعت حين اكملت
- هروح لوحدي واشوفك هناك بقي ، نقعد في الكافيه شويه !!
كادت ان تصيبه بنوبه قلبيه اهذا ما فهمته من حديثه لها !!! ام انها تتصنع عدم الفهم كعادتها حين تأتي سيره "يزيد" !!
اغلقت تبتسم اليه ببراءه وتردف بحماس
- شوفت يزيد متضايقش وقالي تيم عنده حق هنتقابل في النادي بقي ..
اغمض عينيه وهو يجز علي اسنانه بغضب وبدأ شفتيه المغلقه ترتعش ليفتحها قائلا بسخريه
- اه لو هتتقابلوا في الكافيه مفيش مشكله ياقلب اخوكي
اتسعت ابتسامتها وهي تخطف متعلقاتها مسرعه ثم طبعت قبله حماسيه اعلي وجنته تصيح بحماس
- بجد ! كنت عااارفه انك هتقول كده ... هجري البس عشان الحق التدريب بقي ...
حدق بأثرها وهي تركض امامه مسرعه وهو لا يعلم ماعليه فعله الآن بالتحديد !؟ هل يقتل يزيد ؟! ام يشكره لعوده تلك الحماسه لشقيقته بل لعوده شقيقته مفطوره القلب للحياه مره اخري !!!
فرك جيينه بهدوء وهو يفكر باشياء مختلفه وبد اهتدي بوسيله ما مع شقيقته .. وماذا عن مطلقته ، التي علم منذ ساعات بحملها !! حين زارته بمحل عمله فور عودته وكأن اخدهم ابلغها انه اول يوم له يباشر به عمله من مكتبه ؟!!!
عاد من شروده وهو يهرع الي صوت شقيقته الصارخ باسمه ووقفت علي عتبه غرفتها يحدق بها بصدمه وهو تُمسك الهاتف ويدها ترتعش والاخري تغطي فمها تكتم شهقاتها والدموع تنهمر ناظره اليه بصدمه ، دلف اليه وهو يسألها باندهاش
- في ايه يأسيف مالك ياحبيبتي !!
رفعت الهاتف الي وجهه وهي تنتفض ليُمسك يدها مثبتا الهاتف يقرأ سطور نعي وفاه جدتهم باعين مصدومه وقلب ينتفض ... انها الجده الحنون انتقلت الي الرفيق الاعلي بدون سابق انذار .. دون ان يكونا بجانبها هو وشقيقته التي تنتفض الآن !! نفض رأسه وهو يرتعب ان تنتكس مره اخري وجذبها لاحضانه وهو يحبس دموعه بقوه شديده يربت علي خصلاتها وهي تتمسك بجسده ودموعها بللت سترته ، عجزت عن تفسير اي شيئ من حولها وقد احتلت الصدمه جميع مشاعرها الآن ، الجده الطيبه تتركها وترحل ،الام الثانيه والحضن الدافئ يغادرهم بلاشفقه علي حالتهم المبعثره ........
♥️♥️♥️♥️♥️
ارتصت السيارات امام القصر الحزين وقد يدأ الناس بالتوافد من احل العزاء المُقام للسيده المُسنه المحبوبه ، ترجلا تيم وأسيف من السياره و هما يسيرا الي القصر ياعين حزينه واوجه شاحبه أحاط كتفيها يسندها الي صدره وهما يدلفا امام جميع الاعين التي اتسعت بصدمه واخري هادئه ساكنه حزينه تتفقد الموقف بصمت وقفت "سمر" الباكيه واسرعت الي ابنه اخيها تحتضنها وجسدها ينتفض تبكي بشقهات وهي تتشح بالسواد كحال جميع النسوه التي جلسن ينظرن باندهاش الي ابنه الاخ التي من المفترض انها تعيش معهم هي وشقيقها ، كيف تأتي كزائره !!
كانت القلوب المكلومه ابعد ما يكون عن مداره خبايا القصر امام الاغراب وراحت "سمر " تهمس لهم بكلمات معبره عن مدي اشتياق الجده ورغبتها الاخيره برؤيتهم والتي لم تتحق لاختفائهم وسفر نائل المفاجئ ومعرفته بالامر من ابيه بعد الوفاه ليحجز رحله عودته مسرعا الي البلاد ، لتبكي أسيف حين سقطت الكلمات علي مسامعها هي تحب الجده للغايه وكانا يرتبا لعودتهم اليها لكنه القدر ....
كادت أسيف ان تسقط اثناء احتضان العمه التي اختل توازنها وسقطت مغشيه عليها باحضانها .. صرخت باخيها الذي كاد يربت علي كتف عمه ... بعيدا بشكل نسبي لكنه كان يراقبها باعينه المتربصه لاقل حركه منها ولاحظ تراخي جسد عمته ليندفع اليها ورغم هلعها من سقوط العمه ومحاوله التماسك بثقل عمتها لحين يصل الاخ من الردهه الفسيحه الا انها فور شعرت بملمس يده فوق يدها وهو يحيط عمته ويحملها انتفضت لكن ليس برعب كحالها بل ياشمئزاز ونظرات احتقار ادمت قلبه واعينه التي لازالت لا تصدق عودتها الي الآن !!!!!
نظرت اليه باعينها المنتفخه من شده البكاء ونظراتها تطعنه لم يتبدل حاله ابدااا .. لازال يختفظ ببنيته التي زادت قوه اسفل تلك الستره السوداء الانيقه ،ملامحه لازالت تتسم بالمكر والدهاء والتصرفات المبهمه ، اعينه لازالت وقحه تسير علي جسدها الآن بلا خجل ، بالطبع لما ينهار وهو يعامل البشر كالدميه بين يديه القته بنظره اخيره مستحقره ثم عادت خطوه للخلف تتقدم من اخيها الذي يتجه اليها واعينه تقدح بالشر لذلك المُجرم الدامي الذي استباح جسد غاليته واهانها اشد اهانه ...
ربتت اسيف علي كتف شقيقها ليأتي الجد ويدفن جسد الحفيده باشتياق واضح وهو يهمس لها بنبره متحشرجه بندم واعتذار متناسيا هيبته امام الاعين التي لطالما تكن له الاجلال والاحترام لقوته وصلابته ،لم يتخيل احد رؤيته منهارا هكذا .. حتي أسيف رقت لحاله وراحت يديها تربت علي ظهره بحنان وحزن وهي بحاله صدمه كليه من انهيار جدها القوي ذو الهيبه والكبرياء ..
اسند " تيم " الجد وهو يربت علي كتفه ويفصله عن شقيقته ليعود لجلسته ويستريح واحتل "مراد" مكان الجد وهو يحتضن ابنه اخيه العائده اليهم بقوه واضحه للاعين لاحظتها تلك التي جلسه فوق الاريكه تبكي وتنتحب بصمت واعينها تتفقد ذلك الواقف يتابع شقيقته باعينه وأحاط جسدها المرتعش من نوبه بكائها بسبب ذلك اللقاء الغير متوقع ابداا ...
ابتعد بها تيم قليلا وجلسا فوق اريكه بعيده تسيبا يدسها باحضانه ويربت عليها ثم افسح مجالا بجانبه ل "نائل" الذي اتي بوجهه الحزين يحادثه بامر ما و"تيم" يهز رأسه بالسلب وهو يمسح دموع شقيقته بهدوء ...
تفقدتهم باعين ملتهبه حاميه تكاد تقتل ابنه العم بنظراتها لكنها ليست بذلك الجنون لتضرها امام الاعين وباحضان حبيبها ....
هبطت يديها الي باطنها تمسح عليها بلطف وتلك السيده الراقيه صديقه العائله تربت علي كتفها بهدوء لتستمع الي همهات السيدات من حولها حيث قالت احداهن
- ايه ده هي أسيف مكنتش قاعده هنا ولا ايه ؟!
والاخري تُجيبها
- معرفش بس شكلها هي وتيم راجعين من سفر ممكن واحنا منعرفش ؟؟!!
هزت السيده رأسها تؤيد كلامها قائله بنبره مخمليه
- طول عمري بحب اوي علاقه تيم بأسيف ...
تلك الأحاديث المعتاده بين النسوه الغير مراعيه لحاله البيت المنكوب اشعلت قلبها اكثر وهي تداري حزنها الطاغي لم يكن عليهن قول ذلك بجانبها هي ابدااا !!!!
...
وقفت أسيف بمرحاض جناح عمتها تجفف وجهها ثم نظرت الي المرآه لحظات تراقب علامات الشحوب الجليه علي وجهها الجميل ،تنهدت وهي تلفظ انفاسها بارهاق واضح ثم فتحت الباب تخطو الي فراش عمتها بهدوء ....
وقفت تقول برفق وصوت حانٍ
- عمتو ماينفعش كده لازم تاكلي ،ده مش هيفيدها بحاجه ...
واشارت باناملها حيث وُضِع الطعام الشهي ، لكن ليس لتلك الحزينه الملكلومه علي فقدان امها الحبيبه الحنون ، ومواقفهما سويا تمر امام عينيها بتتابع مُميز من نوعه ، ارتفعت شهقات "سمر " ووضعت رأسها بالوساده تدفن تلك الشهقات التي كادت تقضي علي انفاسها وتلك الذكريات الحلوه بينها وبين امها لم تترك مخيلتها ابداااا ...
جلست "أسيف" اعلي الفراش ثم وضعت يدها اعلي كتف عمتها بحنو .. هي جربت .. تجرعت مراره ذلك الكأس حين فقدت ابويها الحبيبين انها اشد الاوجاع ، وطالما اغرقتهم الجده بالامومه والحنان الناعم ،هطلت دموعها هي الاخري وهي تحاول مجاراه تلك الليله الصاخبه الحافله بالاوجاع ، الا يكفيها وفاه الجده بل دفعها القدر الي مقابله ذاك الوحش المُدمر براءتها بنفس اليوم لتتوالي الصدمات عليها وتبدأ الايادي تعبث بوجعها وقلبها المكلوم ......
افاقت العمه قليلا حين استمعت شهقات "أسيف" لتتذكر سوء حالتها وعدم تحملها تلك الموقف اعتدلت تربت علي جسدها تعتذر بقلب ام موجوع ، لحظات مرت عليهم لتتدارك "أسيف" نفسها وتبدأ باقناع العمه بالطعام مره اخري لتستجيب لها تلك المره حتي لا تتدهور حالتها هي الاخري ....
………………………...… ………………
اغلقت "أسيف" باب الجناح بهدوء وهي تتجه عابثه بهاتفها باناملها هي الآن بحاجه شديده الي "يزيد" ليعاونها كعادته بهدوءه وفطنته ، لكن اعينها اتسعت حين كانت علي وشك التصادم بحائط بشري ، نعم ... انه هو "فهد" السيئ اللعين المرعب ، هل ينظر اليها باعين معتذره ام ان اشتعال روحها الآن هيئ لها ذلك !! كم تمقته وتكره تواجده اسفل نفس السقف معها لكنها مُجبره ، كيف توقف تلك الذكريات التي تندلع بعقلها بلا رحمه او شفقه ! كيف تنسي يديه التي لُطخت يوما ما بدماء برائتها واناتها والاهات التي كانت تخرج من شفتيها لتجعله يتبسم ضاحكا ، كيف تنسي صغعاته التي طالما كانت تتلقها بسبب وبدون ، كيف وكيف ؟!!
ارتفع الاحتقار والاشمئزاز ليظهر بوضوح علي وجهها منه ، كادت تتخطاه وتُكمل طريقها لكن يده التي اسرعت وكادت تحط علي جسدها جعلتها تتراجع صافعه يده بقوه عنها تُردعه بغضب ، لتكُن الدهشه من نصيبه هو تلك المره طالما ادهشها بحقده وغضبه لتُدهِشه هي تلك المره بتخليها عن هشاشتها وضعفها ، لاعنه براءتها التي تعبث بعلقها للهروب الي جناح عمتها مره اخري ...
ضيقت عينيها حين رفع يديه بحركه استسلاميه وهو يحاول السيطره علي نبرته المبحوحه
- أسيف .. اهدي ...
تهدأ أيأمرها الوقح بالهدوء !!!! الم تكن تتوسل هدوءه منذ اشهر ليرحمها !!! ايها الوقح المنحط كيف له ان يثق هكذا بنفسه ويقف امامها ...
خرجت الكلمات المصحوبه بغضبها من شفتيها الجميله لتصيح بعنف لاول مره يراه منها !!!
- اخرس خااالص وايااااك حاول توقفني بالشكل ده تاااني واسمي مايجيش علي لسااانك عشان بقرف ...
كلمه لطالما طعنها بها باساليبه المختلفه ثبتت بعقلها الصغير البرئ وهاهي تردها اليه .. تلك النظرات المحتقره التي صرخت بها عينيها المنتفخه من اثر حزنها وهيئتها العنيفه وصدرها الذي يعلو ويهبط بغضب .. جعلته يتراجع خطوات مفسحا لها الطريق لتخطو من امامه علي الفور بخطوات غاضبه منفعله وكلماتها بعقله تصفعه اشد الصفعات ليتجه الي جناح العمه بهدوء وعقله يصول ويجول خلف تلك الفاتنه التي ترد اليه الكلمات بقوه اعجبته علها تشفي غليلها منه هكذا ، غافلا عن ان السبب بتغيراتها ليس فقط ما فعله .. انما اصابع امتدت لتنتشلها من وجع القاه بهاا بلا لحظه تردد منه .......
الفصل اتكتب بمعاناااه المره دي رأيكم ع الاحداث متنسوش ♥️♥️🙈
الفصل الثالث عشر "الجزاء من جنس العمل "
"إلا الإهانات الجسديه ، تعلق بالأذهان ولا تُنسي "
جلست أسيف فوق فراشها الوثير وهي تدفع خصلاتها الناعمه بيديها الصغيره جاذبه إياها بغضب طفيف وهي تحاول السيطره علي دموعها التي تهطل بغزاره منذ هرولت من أمامه و التجأت إلي جدران جناحها تحتمي به من أعينه المتربصه بها اغلب اليوم إلي أن أعلن بوقاحته عن مواجهته لها بالردهه منذ قليل ، بمجرد ان نظرت الي عينيه الثاقبتين القاسيتين تجرعت كأس الألم مره أخري وكان جروحها لازالت داميه تنزف الي الآن ، تذكرت جسده وهو يرتجف بعنف أثناء ضرباته المؤلمه لها وكأنها رجل شديد البنيه أمامه وليست امرأه ضعيفه وديعه ...
وقفت مسرعه وهي تتجه إلي المرحاض ومنه إلي كابينه الاستحمام بعد ان تخلت عن ملابسها ، وقفت أسفل المياه و تستشعر اختلاط المياه بدموعها هربت قطرات المياه لتغطي جسدها بالكامل وكأنها تُزيل أثر عنفه عنها ....
مكثت فتره بالداخل اندهش لها "تيم" الجالس فوق الأريكة ينتظر عودتها و ها هي تُعلن عن إنهائها جلسه الاستحمام بإغلاقها صوت المياه ، خرجت وهي تُمسك المنشفه الصغيره بين يديها تُجفف بها خصلاتها وهي تسير بشرود حتي انها لم تلحظ تواجد شقيقها .....
شهقت بعنف وطالعته بأعين متسعه مصدومه حين أمسك مرفقها بلين يوقف سيرها ،تبدلت علي الفور ملامح "تيم" من الاندهاش إلي الغضب حين سارت عينيه علي وجهها الشاحب وعينيها الحمراوتين من فرط البكاء !!!!
كور وجهها الصغير بين يديه وهو يهتف بقلق واضح :
-أسيف حبيبتي في حاجه حصلت ؟!
للحظه عجزت عن الرد وتفسير حالتها له لكنه "تيم" الأخ الحاني والسند الأقوي بحياتها تنهدت بهدوء ثم تركت منشفتها جانباً ودست جسدها الصغير داخل أحضانه وكأنها تختبئ !!!
حاوطها "تيم" بتفهم كبير فهي بفترتها الأخيرة أصبحت هكذا تبكي وحين تراه تندس بأحضانه بصمت تام ليُقدر هو صمتها كعادته معها هو علي يقين أنها يصعُب عليها ان تروي قصتها مع ذلك المُدنس أمامه كما فضلت أن تحتفظ بها لنفسها ول "يزيد" طبيبها .....
زفر انفاسه التي ثقلت عليه واتجه بها وهي داخل أحضانه الهادئه إلي الفراش يتمدد فوقه وهي لازالت كما هي يربت علي ظهرها وخصلاتها برفق عله يصل شعوره إليها انه معها يشعر بوجعها الصامت ،لتشدد "أسيف"من ذراعها حول خصره وتنتقل الي عالمها الهادئ تناشد الراحه التي فقدتها منذ أشهر وكادت تنعم بها بفترتها الأخيرة لكن كان لموت الجده رأي آخر !!!!!
***
وقف بشرفته وهو يُطلق دخان سيجاره من أنفه وفمه معاً يتنهد بهدوء وهو يطالع شرفتها المغلقه بصمت مُغمضا عينيه وهو يحاول ان يلقي هيئتها المُلطخه بالدماء خارج عقله وتفكيره ، كم هو طامع أناني !! أيطمع أن تسامحه واغفر له أشد الزلات والأخطاء ، إذ كان هو لم ينسَ كيف لها هي ان تعفو وتغفر ، دارت بعقله تلك الكلمات الصغيره التي خرجت من شفتيها اثناء صفعاته لها ذات مره "بكرهك،مش مسمحاك" كلمات بسيطه تركت اثرها بعقله ولياليه ليعاني الويلات بكوابيسه الليليه وكأنها أقسمت ألا تُذيقه طعم الراحة أبدا ليفني جسده ولتتعفن روحه ويديه تحمل آثار ظلمه وجبروته عليها !!!!!
حبس الدموع بعينيه وهو يستقيم واقفاً ولحظات وقفتها أمامه وكلماتها البسيطه الصغيره تدق بعقله بقوه ، ابتسم علي هيئتها اللطيفه وهي تضبط زي الشجاعه علي ملامحها رغم فرارها من أمامه مسرعه لكنها هكذا افضل من صمتها طوال اليوم ونظراتها المستحقره الصامته أمام الجميع ،كيف لها أن تُعذبه بصمتها عن حديثها ؟!! كيف لها ان تتمسك برداء براءتها الذي حاول عده مرات خلعه عنها وإخراج اسوأ ما فيها لكنها كما هي ، حتي بغضبها كما هي !!!
تنهد بهدوء وهو يزفر انفاسه بقوه ثم أطفأ سيجارته بهدوء واستقام بوقفته يتجه خارج الجناح بخطوات هادئه متجها إلي شقيقته التي ترفض لقاؤه دوماً بالرغم من اخطائها ألا انه يريد أن تتحسن خاصه وهي تحمل ذاك الجنين البرئ بأحشائها ، لا يمكن أن يأتي وأمه علي تلك الشاكله ، وإلا سوف يُعيد مأساته مره أخرى بجيل جديد !!
طرق الباب بلطف يحاول الاعتياد عليه منذ أشهر ، ليستمع إلي صوتها الرافض مقابلته وصرختها الغاضبه كالعاده ، لكن تلك المره لن يتركها لقد بدأت باطنها بالبروز عليه أن يردعها وتتلقي علاجها اجباراً ، وهو تخصص إجبار لتذهب وتسأل تلك البريئة التي لطخها بجبروته المواري عن الأنظار ، هل يأتي الي من تستحق الردع ويقف مكتوف الأيدي يضع لها مبررات واهيه لحالتها اللعينه !!
ادار المقبض ودلف الي الجناح وأعينه تبحث عنها ليجدها تجلس فوق الأريكه تحدق به بغضب اغمض عينيه وهو يحرك رقبته يميناً ويساراً بحركه مائله يستعيد بعض هدوءه ليحادثها بلين ويواجه فظاظتها المعتادة !!!
جلس علي طرف الكرسي يستند بمرفقيه علي ركبتيه يطالعها بنظرات صامته لحظات لتصرخ به غاضبه
- أنت جاي تتفرج عليااااا ، اخلص وقول عا..آآ
قاطع سيل فظاظتها حين جذبها بلحظه من ذراعها يطبق علي فمها بيده ناظرا اليها نظرات مشتعله ناريه ،لتتطلع إليه بهلع وهي تُحيط باطنها بحركه دفاعيه منها ، ذكرته بها وبخوفها لكن شقيقته تستحق الخوف لقد طاحت بالجميع وهو علي عهده لن يخرج من غرفتها إلا حين يردعها !!!!
تحدث من بين أسنانه وهو ينظر إلي عينيها المرتعبه منه هامسا لها :
هتفضلي كده لأمتي ياندي ! محدش بقا طايق أسلوبك ، فاكره انك كده هترجعي تيم ليكِ !! عمره ما هيرجعلك بالشكل ده ...
ألقي كلماته الأخيرة بنبره مؤكده غاضبه قابلتها شقيقته بنظرات استهزائيه ورفعت يدها تُزيح قبضته بغضب ليطاوعها ويفلتها بهدوء لتعود إلي مكانها وهي تقول ببرود
- متقلقش أنا عارفه ازاي هرجع تيم لمراته وابنه ..
ثم أحاطت باطنها بابتسامه شيطانيه علي الفور ذكرته بأبيه !!! ضيق عينيه وهو يسألها بهدوء
- وهترجعيه ازاي ياندي ؟!
وقفت بهدوء وسارت مبتعدة عنه وهي تقول أثناء لعبها بأظافرها
-ازاي دي تخصني يافهد ! لكن ممكن اقولك مين اللي معطلني لحد دلوقت يمكن تساعدني ..
ادارت جسدها وهي تبتسم برعونه وخبث ليجز علي أسنانه بقوة وهو يحاول تكذيب ماتسمعه أذنيه من شقيقته الصُغري وقد فهم علي الفور ماترمي إليه ليعود بجسده واضعا ساق فوق الأخري وهو يردف ببرود يعاكس غضبه من المشتعل بثنايا جسده وعقله وأن يقف الآن ويصفعها عده مرات كعهده السابق علها تعود لرُشدها ..
- أسيف مش كده !!
اعتلت ثغرها ابتسامه ماكره وعادت إليه تجلس بالقرب منه أعلي الأريكة تردف بلهفه واضحه
- أنت عاوز ترجعها ليك انا متأكده وانا عاوزه تيم معايا تاني ومع ابنه ..
ثم ادمعت عينيها وهي تضع يديها فوق ركبته تستجدي عواطفه مُكمله بترجي تتوسله
- ارجوك يافهد أنا هموت منغير تيم انا .. انا كل يوم بستني يرجعلي .. حتي لما عرف أني حامل مرضيش يرجع معايا وطردني وجري عليهاااا ..
عقد حاجبيه بصدمه من بُغض شقيقته لتصيح به بجنون حين وجدت ملامحه مندهشه لا تُنبئ عن معاونته لها
- بتبص كده ليييييه ؟!!! ايه الغريب هاااا انا عايزه جوزي انااا اللي فضلت سنين احب فيييه ... انا اللي حاولت بكل الطرق لحد ماخليت اخته تساعدني اوصله .. انا اللي استاهل اكون معاااه مش هيااااااا !!!
وقف "فهد" وهو يجذب ذراعيه بقوة أجبرتها علي الوقوف يصرخ بها بغضب
- أنتي بتتكلمي عنها كأنها ضرتك انتي اتجننتي يااااندي دي أخته !! فرحااااانه إنك انسانه استغلاليه وقحه استغليتي براءتها !!!
ارتفعت ضحكاتها وهي تحاول التملص من قبضته العنيفه لتصرخ به حين فشلت وهي تُمسك تلابيب قميصه
- مين اللي بيتكلم عن الاستغلال هاااااا ، محدش فينا احسن من التاني ياااافهد ، اطلع من الشويتين دول انت آخر انسان تيجي تحاسبني ،اوعي تكون فاكر علاجك زي المجانين ده حل لااااا ، انا وانت عارفين ان أسيف عمرها ما هتسامحك وتنسالك هتفضل ايديك معلمه علي جسمها وفي عقلها ، وده اكبر عقاب ليهااا هي تستاهل ده بس اجدع مني وعارفه تشد اخوها ليها بدمعتين لكن اناااا لاااا ، احنا نسخه من ابونا يااافهد انا وانتتتت شبه بعض ياااابرو ....
صرخت بكلمته الأخيرة تستخدم لفظها الأجنبي التحببي بسخرية ليقبض علي يديها بقوه صارخا بها بعنف وهو يلوي ذراعها
- لاااا احنا مش زي بعض ياااندي ، انا عارف كويس غلطت في ايه وهفضل لآخر نفس فيا مش مسامح نفسي غير لما أسيف تسامحني وعلاج المجانين بتاعي انا فخور بيه انا فعلا كنت مجنون لما مديت ايدي عليها مكنتش في وعيي و هفضل فخور باني واجهت نفسي واتعالجت، لكن انتِ ... انتِ كنتِ بتقولي علي أسيف ضعيفه ،احب اقولك بقي انها اقوي منك مليووون مره ،اللي شافته علي أيدي يموت اقوي راجل ، لكن هي استحملت عاارفه ليه ؟! مش عشاني ولا عشانك ، عشااان اخوها ، عشان عرفت انها لو استسلمت هأذيه .. أسيف اقوي مني ومنك ودافعت عن اخوها منغير ماااتطلع كل القرف اللي احنا طلعناه ، كانت بتحميه مني وانا اصلا سايبه عشان خاطرك ، أسيف تستاهل ان اخوها يحميها مننا ويضربك بالنار عشانها مش بس يطلقككك ، تعرفي انا كنت مستغرب تيم رفض يرجعك رغم انك حامل بس فهمت هو ليه عمل كده فعلااا ، تيم بيتمني الموت لابنه ولا انه يجي منك انتِ ياندي مش عاوز ابنه بتربي علي إيد واحده كارهه كل الناس حتي اخوها، انا اللي مش فاهمه انتي ازاااي طلعتي كده رغم انك اتوفرت ليكِ حياه كامله هنا ، ابوها وامها ربوكِ معاها ايه يخليكِ بالقرف ده مع بنتهم معقوله مصعبتش عليكِ للدرجه دي انتِ انانيه !!!
اتسعت اعينها مع كلمات اخيها الغاضبه الغير مباليه وصراخه العنيف ومشاعره المختلطه التي قرأتها بأعينه اللاهبه وصرخت به غاضبه متألمه من قبضته واعينها تذرف دموع لاتعرف سببها :
-مصعبتشششش علياااا لااااا ولا هتصعب يااافهد ، هي ابوها وامها كانوا معاها ربوني شفقه منهم علياااا صحيح ماتوا بعدها ومكملوش لكن حتي جدتي كانت علي طول شايفاها ضعيفه وتستحق نصايح ومحبه عني !!! كلهممم حبوهاااا وكلهممم فضلوها علياااا من ساعه السواق ماحاول يعتدي عليها هي رغم اني كنت ع طول معاهاااا طيب تعرف انااا كنت موجوده ساااعتهااا وشوفته وهو بيسحبهااا الاوضه دي وسكتتتت عاارف ليه كنت فاكرااه هيموتهاااا ويخلصني منهاااااااااا !!
صدمته كُبري الآن شقيقته ألعن من أبيه لم يخفي عليه ادعائها الكاذب انه لا يزورها ولا يهتم بها لقد ابلغته عمته لكن حقدها الدفين تربي معها منذ صغرها علي ابنه العم لقد حقدت علي اغرب شيئ عند ابنه عمهاا شبئ فطري لم تتصنعه ابدااا " براءتها " لقد حقدت علي براءه ابنه عمها وتركتها بالمآزق بمحض إرادتها !!!!!!
خرجت الكلمات التلقائيه من فمه بآليه تامه وهمس لها بذهول :
-انا هتصل بالدكتور الصبح يحجزلك اوضه في المصحه النفسيه بتاعته وهتروحي معايا عشان الحق اعالجك قبل ماتموتي ابنك بايديكي مفيش غيره باقي يتأذي منك !!!!!
غيمه من التشتت غطت عينيها وهي تريد الفتك بتلك الفتاه التي جذبت اخيهااا هي ايضا لهااا لقد سيطرت علي الجميع لقد تحول الجميع عبيد الأسيف تلك !!!!! وتحولت هي الي مجنونه يزج بها بالمصحه النفسيه !!!!
تركها شقيقها بحرص حتي لايتأذي جنينها وهو يردف بصرامة وقوة مشيراً بإصبعه بتحذير :
-فكري في كلامي لحد الصبح لأني هنفذ اللي عاوزه المره دي ياندي ،مقدرش اسيبك تضيعي نفسك اكتر من كده !!
خرج صافقا الباب بعنف خلفه لتتحول عينيها الي اللون القاتم وتجلس أعلي الأريكة بهدوء تهمس :
-مسبتوش ليااا حلول تااني !!!
أمسكت هاتفها تعبث به لحظات ثم رفعته إلي أذنها تقول ببرود :
-هدير ! عاوزه العنوان اللي قولتيلي عليه .. لا هروح بنفسي لازم أاكد علي اللي عاوزاه بنفسي !!!
***
صباح جديد علي قصر "آل البراري" صباح يحمل بطياته العديد من المفاجآت وكانت اولها حين دلف فهد الي جناح شقيقته بعد وصله طرقات لم تجبيها بالطبع .. تجول بالجناح بخطوات واسعه سريعه ولم يعثر عليها !!
اتسعت اعينه ولازالت الساعه الثامنه صباحاً !!! أين ذهبت وهي لا تستيقظ من الأساس بذلك التوقيت الباكر !!!
اسرع إلي الأسفل وهو يسأل جميع الخدم عنها ولكن لم يرَها أحد !!
قابلته عمته أثناء سيره نحو الحديقه يعبث بهاتفه وهمست له بهدوء وهي توقفه من ذراعه :
- رايح فين ياحبيبي بدري كده ؟!!
ربت علي يدها بلطف وهو يقول بإيجاز يريد متابعه طريقه
- مش رايح مكان ياعمتي ،بدور علي ندي بس !!
عقدت حاجبيها تقول بإندهاش :
ندي !!! هو مش انت طلبت منها حاجه ضروري وخرجت تجيبهالك !!
اتسعت أعينه بصدمه يُشير لنفسه باستنكار هامسا لها :
-انا طلبت من ندي حاجه ، لحظه لحظه هي ندي خرجت !!!
اغمض عينيه بغضب يحاول تفسير فعله شقيقته الغريبه ليفتحها بصدمه وهو يُسرع إلي الأعلى مره أخري وقد ظنها هربت وعمته خلفه تصيح باستنكار تريد فهم ما يحدث للابناء .... بدأ آل القصر يتجمع علي صوت فهد الغاضب الصارخ بالحراسة بهاتفه ، وهو يتابع محاوله الاتصال بشقيقته التي فرت واغلقت هاتفها تاركه ثيابها كما هي !!!!
وقفت "أسيف" تفرك عينيها تُزيل أثر النعاس تحاول استيعاب ما يحدث ودلف "نائل" يهتف بضيق ونبره متحشرجه بحادث ابنه عمه :
- في ايه علي الصبح هو القصر ده ما بيهمدش ابدااا ،ربنا ياخدكم !!
اتسعت أعين "أسيف" من حديثه المتذمر ولكزته تهتف بهدوء وقد بدأت تفيق :
- بس خلينا نفهم ايه اللي حصل !!
همس لها وهو يميل علي اذنها وأعينه تتفقد الوضع من حوله :
- هيكون ايه يعني كارثه زي كل يوم ،انا مبقتش اندهش من القصر ده بصراحه !!
صمتا حين اتاهم صوت فهد الصارخ الغاضب بالهاتف :
- مش فااااهم قافله الزفتتت ده لييييه !!
اتجه إليه عمه يردف بهدوء :
- اهدي يابني وفهمنا ايه خلاها تعمل كده انت كلمتها بليل ؟!
صمت فهد وهو يجذب خصلاته بعنف جازا علي اسنانه بغضب وهو يتذكر محادثته لها التي من الواضح انها أتت بأثر عكسي !!!!!!!
***
ترجلت "ندي" من سيارتها وهي تعبث بهاتفها وفتحته اخيرا تبتسم ببرود وهي تطلب رقم صديقتها التي اجابتها علي الفور لتضحك ندي هامسه لها :
-متبقيش جبانه كده انا وصلت اصلا قوليلي بقي البيت رقم كام عشان نسيت والمكان هنا مقرف الارقام مش باينه حتي !!!
استمعت "ندي" لردها وهي تدور باعينها باحتقار علي تلك البيوت الصغيره والتي معظمها علي وشك السقوط وتلك العربات التي اترصت بعشوائية مبالغ بها بكل ضاحيه ونظرات الاشمئزاز دفعت تلك النسوه التي وقفت بركن بعيد نسبياً تتفقدن بأعينهن تلك الفاتنه ذات الملابس الراقيه والفاضحه نسبه إليهن تدور بجسدها بخيلاء واحتقار واضح وخطوات حذره بحارتهن لتقول إحداهن بفضول ولمعه طامعه داخل عينيها :
-ايوووه .. البت دي شكلها نضيفه اوووي ومش وش حواري ماتجيوا نشوف عاوزه ايه يمكن نساعدها ونطلع بقرشين حلوين !!
رفعت احداهن حاجبيها تهتف بسخط :
- نساعد مين ،انتِ مش شايفه ياختي بصااتها دي انا لو روحتلها هطلع شعرها في ايديا ولاد ال ×××× اللي معاهم قرشين ومش شايفيناا منهم !!!!
ابتسمت الثالثه تردف بهدوء :
بقولكم اييه احنا نروح يمكن نطلع بقرشين فعلاا ، مطلعناش احنا مخسرنااش !!!!
وافقتها الأخرتين الرأي واتجها إلي "ندي" التي طالعت يد المرأة باشمئزاز حبن امتدت الي كتفها تقول لها بجمود :
- أومري ياابله عاوزه ايه واحنا ندلك !!!
نظرت لها ندي باحتقار ودفعت يدها عنها بعنف تردف بغضب :
-اوعي ايدك دي ،وانتِ مالك كان حد طلب مساعدتك ، خدي بعضك انتِ والبتاعتين دول وابعدوا عن وشي !!
اتسعت أعين السيدات الشعبيات من حديثها العنيف وكلماتها الفظه وصرخت احداهن بها وهي تطلق عدد لا مهول من الشتائم القذره لتتسع أعين "ندي" من تلك النعوت وتصرخ بها بغضب :
- انتِ ازاي تقوليلي كده ياجربوعه انتِ ،انتِ عارفه بتكلمي ميييين !!!!
استفزتهن برعونتها لتبدأ السيده التي كانت تدفع صديقتها وتحجز بينهن بالغضب عليها والتفتت لها تصيح بها
- تصدقي انك بت قليله ربااايه ،امشي غوري من المكان دي بدل ما ندفنوكي هناااا ومتطلعش عليكي شمسس !!
استمعت "ندي" إلي صراخ صديقتها التي لازالت علي الهاتف تقول :
-ندي لمي الموضوع وارجعي بسرعه ارجوكِ !!
صرخت "ندي" بغضب
- الم ايه وانا هخاف من شويه الجرابيع دول انا مش همشب قبل مااخد اللي انا عاوزااه !!!
صرخت ندي بعنف حين امتدت ايدي احدي النسوه لهاا تجذب خصلاتها بعنف ضاري والاخري تكيل لها الصفعات المُهينه والضرباات الغاضبه والثالثه هبطت علي جسدها الصغير بثقلها تدفعها ارضا وهي تكيل لها السُباب اللاذع والإهانات المفرطه وصرخات "ندي" المستغيثه تدوي بالاجواء بين الاهالي التي تابعت ما يحدث بصمت مُخزي كعادتهم لم تهرع واحده لاغاثتها لتتساقط الدموع من عينيها ولم يأتي امامها سوي صوره "أسيف" وهي تستغيث بها بضعف لتردها بجحود ومع دمعاتها السائله شعرت بسيل دافئ بين ساقيها لتُدرك انها فقدت جنينها وفقدت معه وعيها مستسلمه لأول مره بحياتها ، التي تلك الايدي التي استباحت جسدها واهانتها أشد اهانه "إلا الإهانات الجسديه ، تعلق بالأذهان ولا تُنسي" وكان الجزاء من جنس العمل يااااساده ......
الفصل الرابع عشر "اعتراف!"
اجتماع "آل البراري" بعد تلك الليله المشؤمه كان مستحيلا لكن اختفاء الحفيده المفاجئ جعله أمرا ضرورياً ،وقفت "أسيف" بجانب "نائل" يتطلعان إلي باقي الأفراد أثناء محاولاتهم الفاشله بالوصول لأحد من أصدقاء الابنه الشارده عن قصرهم المنيف ...
عقدت "أسيف" ذراعيها أسفل صدرها وهي تراقبهم بتوتر طفيف حيث بدأ "تيم" أيضا بالغضب حين استمع إلي كلمات فهد المقتضبه وعرضه علي شقيقته بنقلها إلي مشفي الأمراض العقلية ، حيث صاح بنفاذ صبر مع نفاذ محاولاتهم ...
- ماهو مفيش حد في الدنيا يقول لاخته هرميكي في مستشفي ابداا طبيعي تطفش منككك انت انسان لا تُحتمل ..
اغمض "فهد" عينيه بقوه وفتحها عده مرات يحاول كبح جماح غضبه وهو يدس بديه في خصلاته قائلا بصوت رزين :
-انا عارف قولت ايه كويس انت مكنتش معانا ومتقدرش تحكم علي حالتها وبعدين مين قال اني كنت هرميها هاا !!!
كاد "تيم" ان يجيبه لكن ارتفاع صوت هاتف "أسيف" اجفلهم جميعا حيث نظرت الي الشاشه لحظات دون اجابه ليتصاعد صوت "سمر" بلهفه :
-رقم غريب ؟!! ردي ياأسيف !!!
هزت رأسها بالسلب وهي تقول بهدوء :
- لا ياعمتو دي واحده صاحبتي من زمان هرد عليها بعدين!!
اتسعت أعينها حين وجدته علي بعد انشات منها يسألها بنبره قلقه
- صاحبتك دي تعرف ندي برضه ؟!!
أقترب "تيم" بدوره والباقي يتبعه ينظرون إليها بتلهف وهي تحاول إزاحة مقلتيها عنه بشتي الطرق ثم ارتدت خطوه إلي الخلف برفض واضح لاقترابه الوشيك منها وهمست بصوت مسموع وقد بدأ الهاتف يصدر صوته مره اخري :
- اه احنا نعرفها من النادي اصلا !!
اتسعت أعينه يردف بصرامة :
- ومستنيه ايه ردي عليها جايز تعرف حاجه دي تاني مره تتصل !!
رفعت احدي حاجبيها ثم حدقت به بنظرات غاضبه وصاحت به :
-متكلمنيش كده ،انا هرد فعلا عشان اساعد مش اكتر ولا اقل رغم انكم ماتستاهلوش مساعدات ....
لم تتزحزح عينيه القاتمه عن عينيها الغاضبه المتحديه له والتي امتلأت ايضا بنظرات اعتاد عليها منذ أمس الكراهية والبغضاء، والاحتقار لقد أصبحت عينيها لاهبه تموج بمشاعر النفور تجاهه بعد أن كانت تتسم بالبراءه ، ابتسم بسخرية وهو يعلم دوره جيداً بتغيرها انه هو قاتل تلك البراءه لما العجب الآن فتح عينيه مره اخري علي صوتها المتعجب تقول
- هدير انا مش فاهمه حاجه بطلي عياط صوتك مش واضح !!
اتسعت اعين الجميع بقلق وبدأت لغه الأشاره بين الأخت وشقيقها يطالبها ان تفتح المكبر إن كان الأمر يخصهم ، وقد كااان !!!!
***
لا تعلم العائله كيف وصلت إلي تلك المشفي الصغيره بذلك المكان الشعبي لكن ماعلمه ساكني الحي أنه بالتأكيد حدث عظيم ليزورهم أشراف الإسكندرية ذوي الطبقات المرموقه بيوم واحد ...
أما داخل تلك المشفي نجحت عائله البراري بجذب الانظار ولفت الإنتباه من تلك الطبقه ، الا و قد علا القلق والتوتر أوجه الحاضرين خاصه "فهد" و"تيم" جاورت العمه ابن اخيها تربت علي كتفه وقامت أسيف بنفس الدور مع شقيقها تحاول تهدئته بينما العم وابنه يقفان بالقرب يراقبان الأجواء بصمت تام ...
تصاعد صوت "فهد" الغاضب وهو يمسك بأحد الممرضين من ذراعه اثناء عبوره مسرعا من امام وصاح بعنف أجفل الجميع :
-ايه الحكاايه حد يفهمني بتعملوا ايه في اختي جواااا كل ده ؟؟!!!
صاح الشاب به بغضب هو الآخر يقول بنبره مسترجله خشنه :
- بقولك ايه انا مش فاضيلك شغل الهمج ده مابياكلش معانا بنشوفه كل يوم ...
لم يعلم المسكين مدي سوء ذلك الهمجي ولكنه علي الاغلب فهم قليلا حين طاحت قبضه "فهد" بأنفه وكادت تتسبب بكسره وهو يصرخ بغضب :
- مين دااا اللي همج ياااا××××× ، ده انا هطلع ××× واقفلك الخرابه دي النهارده ؟!!!!!
اسرع كلا من نائل الي الفتي يسنده ويحاول إقصائه عن انظار "فهد" ... اما تيم لاول مره يساند ابن عمه دفعه للخلف يحاول السيطرة علي حركاته الغاضبه وهو يهدر بعنف :
-مينفعش كده ياااافهد اللي بتعمله ده مش هيخرجها من جوااا ..
ثم مال علي أذنه يهمس
-هي تحت ايديهم ومنعرفش حالتها اهدي !!!!
لم تهدأ أنفاس ذلك الفهد او نظراته القاسيه إلا حين قبض غلي نظراتها المشمئزه منه ثم اشاحتها بوجهها عنه ،لا يعلم متي هدأت أنفاسه بل وتوتر أيضا وكأنها أمه وهو طفلها الذي فعل الخطأ لتستنكر فعلته اندهش نائل من ثورته التي خمدت علي الفور ولمح اتجاه نظراته إلي ابنه العم التي تنظر إلي الجهه الاخري وتتبدل بوقفتها علي ساقيها بغضب واضح .... ليترك الفتي بعد ان صرفه وأرضاه ببعض المال وبضعه كلمات ،واتجه إليها يجاورها ويهمس لها ..
-تصدقي شكلي هحتاجك بعد كده لما اعصب صاحبنا ..
اعتدلت تنظر له باندهاش ليشير بعينيه إلي "فهد" الذي يسير بالردهه الصغيره بغضب واضح ،لم تستطع أسيف فهم كلماته إذ خرج أخيرا الطبيب واسرع الجميع إليه ليقول بنبره عمليه فاتره وهو يتأمل هيئتهم ذات الثراء الفاحش بتعجب لتواجدهم بذاك المكان ..
- اخنا سيطرنا علي النزيف بصعوبه ونصيحه مني تنقلوها من هنا الرعاية الصحية هنا مش عاليه لدرجه وغرف العنايه كلها مشغوله ..
قاطعه "تيم"بنفاذ صبر :
- احنا فعلا طلبنا إسعاف مستشفي خاص ينقلها من هنا ، اقدر تطمني علي الجنين ؟!!!
عقد الطبيب حاجبيه وهو يحدثه باندهاش
- يااستاذ جنين ايه الجنين اكيد اتوفي ومكناش قادرين نوقف نزيف الأم لأنها كانت في شهرها الرابع وكان خطر جامد علي حياتها ولسه محتاجه رعاية خاصه خصوصا بسبب باقي الكسور والكدمات اللي في جسمها ...
راقبت "أسيف" ملامح أخيها الشاحبه بحزن بالغ لقد حتي وان كان جنين لم يرَه لكنه ابنه ،رفعت يديها وأحاطت ذراعه تجذبه تتشبث به وهي تربت علي ظهره ودموعها بدأت بالتجمع داخل مقلتيها أنه شعور سيئ للغايه رغم ما فعلته ابنه العم معها لكنها كانت تحمل طفل أخيها باحشائها وفقدته بابشع الطرق الغير آدميه ويبقي سؤال واحد كيف وصلت الي تلك الحاله فلم تعطٍهم تلك المشفي الصغيره سوي معلومات ضئيله وان ابناء الحي نقلوا تلك الفتاه إلي هنا فقط !!!!
جلس "تيم"بصمت أعلي الكرسي الصغير وجاورته أسيف تلف ذراعيها حول كتفيه ويدها ترتفع لتسير برفق علي خصلاته ،قد أصابه الجمود لايعلم الخطأ من الصواب الآن لايعلم سوي ان طفله قد مات ليه قبل أن يتمكن من رؤيته .....
اكمل "فهد" الحديث المقتضب مع الطبيب ثم انصرف الأخر يباشر أعماله وسلط "فهد" نظراته عليها بتابع برماديتيه حركاتها الهادئه اللطيفه ويديها التي تتبدل علي خصلات شقيقها وخدها الذي تسنده فوق رأسه أحياناً وتعتدل أحيانا اخري تدس شفتيها الجميله بين خصلاته لقد نجحت بتشتيت جميع افكاره وكأنها ألقت بلعنه عليه وعلي شقيقته ليبتسم داخله بسخرية هامسا :
-دعواتك استجابت يااأسيف !!
ليستمع إلي همس عمته الباكيه وهي تربت علي كتفه :
- دي مش دعوات أسيف يافهد اللي عملته في البنت اترد في اختك يابني هي كده ربنا قسمها كده واحنا اللي بننسي ده دان تُدان يابني !!!!
خرقت كلمات عمته أذنيه وتردد صداها داخل ثنايا عقله وهو يغمض عينيه ويفتحها يراقبها هي فقط وهو عاجز عن التفكير بالقادم ثم اتجه الي حيث ترقد شقيقته يتفقد تلك الأسِره بعيناه حتي وصل إليها جسد هامد فوق فراش صغير وقف يطل عليها بجسده الضخم نسبياً يحدق بتلك الكدمات التي انتشرت علي أنحاء متفرقه من جسدها والخدوش أعلي رقبتها وماظهر من كتفيها لم يتخيل ان يري شقيقته الصغيره بتلك الهيئه ابداا !!
هبطت دمعات خائنه من عينيه ثم هبط بشفتيه بقلل عينيها المغلقه بهدوء وهو يربت علي خصلاتها برفق لحظات وكان الرجال المسعفين خلفه بجانب ابن عمه ليتم نقلها إلي مشفي آخر .....
***
وقف "يزيد" خارج الغرفه بالمشفي الخاص ينتظر عوده "أسيف" التي لازمت شقيقها لإحضار مشروبات ساخنه للجميع فقد كان حادث غريب واهتم به العم والجد بالتواصل مع الجهات في المختصه وكان الأمر مجهول لعدم معرفه سبب تواجد الابنه هناك وأنها لم تفيق من تأثير المخدر لتُجيب علي اسئلتهم !!!
نادت "أسيف بصوت واضح علي "يزيد" وقد اعتلي ثغرها ابتسامه صغيره ليعتدل الآخر بوقفته ويبادلها الابتسامات اندهش الجد والعم والعمه من علاقتهم وهم علي يقين ان "أسيف"يصعب عليها تذكره !!
وقفت "أسيف" علي مقربه منه بزاويه بعيده نسليا تقص عليه أحداث مختصره وقد وقف كلا من "تيم"و"نائل" يتناقشا سويا ،وغاب عنهم "فهد"بقسم الماليه !!!
تنهدت "أسيف"وهي تزيح خصلاتها وتردف بحزن :
- انا بجد زعلت عليها يايزيد وحاسه ان مفيش اي تغيير كده ،المفروض مازعلش بعد اللي عملته انا ايوه مش موضحه ده بس حقيقي مش مستحمله منظرها وتيم كمان ابنه مات قبل ما يشوفه ومش عارفه اهون عليه انا لسه محتاجه علاج صح!!!
ابتسم "يزيد" إليها بعد ان حدق بحديثها اللطيف البرئ واردف بهدوء وصوت اجش :
- ده اللي اتفقنا عليه ياأسيف !! احنا مش قولنا خلاص مرحله العلاج خلصت وبعدين انتِ مكنتيش مربضه انتِ كنتِ محتاجه هدوء وسلام نفسي واتوفرلك فتره محدده عشان تقدري تمارسي حياتك عادي ، اما فكره زعلك علي ندي دي لو محصلتش انا اللي هقلق واقول انك اتغيرتي للأسوأ ، أسيف انتِ قويه وكل الحكايه انك كنتِ بتظهري زعلك وتعاطفك دايما معاها ومشاعرك مكشوفه ،لكن بعد علاجك زي مل بتقولي بقيتي بتعرفي امتي تظهري مشاعرك وامتي تخفيها وتداريها وده الصح انا كده مطمن عليكِ ، قوليلي بقي ناويه تعملي ايه مع تيم اظن هو اللي محتاجك دلوقت !!
ابتسمت ممتنه لكلماته التي هدأت من روعها وكأنها بلسم يُلطف الجروح ثم نظرت ناحيه أخيها الواقف بعيد نسبيا يتحدث إلي ابن عمها بهدوء واعتدلت تواجه "يزيد" المراقب لها بصمت هامسه :
-مش عارفه بجد يايزيد لكن اكيد هيبقي كل تركيزي معاه تيم بالنسبالي كل حاجه ومقدرش اشوفه زعلان انت عارف لكن المشكله انه بيداري زعله مني انا كمان !!
حدق بها بشرود وصمت وهو يبتسم لها ثم عقد ذراعيه أمام صدره وقال بهدوء :
-اقولك سر !
فتحت عينيها الجميله علي مصرعيها تحدق به بحماس لطيف وابتسامه جميله شغوفه لاسلوبه اللطيف وهزت رأسها بالإيجاب علي الفور ليضحك برزانته المعتاده ويقول بلطف وهو يحمحم :
-انا مبسوط انك مفقدتيش براءتك ياأسيف كنت خايف تتغيري ،بس خليكِ كده جميله علي طول !
توترت ملامحها وعضت علي شفتيها بخجل طفيف واشتعلت وجنتيها وهي تنكس رأسها بهدوء و"يزيد" يتابع توترها اللطيف المحبب إليه بهدوء وشغف تام ،وصل الفهد لتوه وألتقطت عينيه ذلك المشهد فور ان اقترب منهما ورأي هيئتها الخجله التي يعرفها جيدااا وذلك الرجل الغير متبين ملامحه يقف قبالتها يحدق بها وعينيه تكاد تأكلها !!!
توترت انفاسه وجز علي أسنانه بغضب لايعلم ماهيته لكن ما يعلمه جيداً أن "أسيف" تغيرت كثيراً منذ أمس وهو مذهول من تحولها الغريب لكنها الآن تُعلن عن الأسباب وشقيقها يقف بعيداً تاركاً اياها تفعل مايحلو لها !!!
طارت محاولاته اللطيفه ادراج الرياح وفي خطوتين كان أمامها يجاور ذاك الغريب عليه نسبياً ينظر لها بغضب ونظرات لائمه !!
رفعت رأسها حين لمحته وكادت تنصرف عنه بعيدا باشمئزاز هي وضيفها لكت لفت انتباهها اعينه الحمراء من شده البكاء لقد رأت تلك الهيئه مراراً حين كان يواجه كابوسا ما لكن لما ينظر إليها بلوم وعتاب ؟!!
ضيقت عينيها مندهشه من نظراته الغريبه وكأنها هي من اخطأت بحقه ،عرفه يزيد علي الفور وابتسم بتهذيب يمد يديه إليه بدعوه تصافح وهو يقول بنبره مواسيه :
- ألف سلامه علي ندي ربنا يشفيها !!
رفع "فهد" احدي حاجبيه وهو ينظر إليه باستنكار لأسلوبه التحببي وكأنه أحد أفراد العائلة ،لتنظر "أسيف" إليه ثم إلي يد "يزيد" الممتده بالهواء وتعض علي شفتيها وهي تتلفت برأسها تبحث عن نجدتها وها هي قد أتت بصوره ابن عمها اللطيف يحدق بهم واردف بابتسامه مزيفه لابن عمه :
-يزيد صاحبي من زمان وعيلته وعيلتنا صحاب جداا من زمان يافهد وكمان يبقي دكتور أسيف !!
عقد "فهد" حاجبيه بغضب واخيرا مد يده وهو يصافحه ضاغطاً بغضب علي اصابعه وقال بهدوء زائف
- دكتور أسيف ازاي يعني !!
اخيرا خرج صوتها الحانق الغاضب تقول وقد شعرت بسخافه تواجده بينهما :
- ايه هو اللي ازاي مشوفتش قبل كده اخصائي نفسي ؟!
اغضبته نبرتها الحانقه عليه أمام الأعين الغريبه والفضوليه وحدق بها بغضب لتبادله بتحدي سافر لم يعتاده منها شعر كأنها تستمد قوتها من ذلك الغريب الأخرق ،لايعلم لما تصاعدت النيران بصدره بغضب وشعر كأنه يري بأُم عينيه عائق مسامحتها له وغفرانها ، ليُغمض عينيه قاطعا تواصلها البصري وتنهد قائلا بلطف :
-لا شوفت ياأسيف ..
خرحت كلماتها تلقائياً بلا شعور تقول بغضب :
- قولتلك متقولش اسمي تااااني ،انت ايه اصلا اللي موقفك هنا ؟!!!
اتسعت أعين "نائل" وتطلع "فهد"إليها بغضب لإهانتها تلك له ما تلك الطريقه التي تحادثه أمام ذلك الرجل الذي ادار وجهه بعيدا بحرج وتظاهر بالعبث بهاتفه ، عجز "فهد" عن الرد وظل يحدق بها بصدمه شعرت بتوتر طفيف حين لكزها "نائل" بخفه لكن ماذا تفعل رؤيته تُشعرها بالنفور والغضب والكراهيه مشاعر سيئه مختلطه لا تريد ان تراه ابداااا !!!
وصلت مشاعرها إليه ليهز رأسه بالإيجاب ضاما شفتيه بغضب وهو يشد علي قبضتبه بقوه وقد برزت عروق رقبته من شده غضبه وسحب جسده بغضب بعيدا عنهم وهو يحدق بذلك الرجل بعداء غريب وكراهيه ليرافقه "نائل" وهو يقول لتلطيف الأجواء وقد شعر بالحرج لابن عمه الذي لأول مره يصمت هكذا :
-الدكتور كان لسه بيقول أن ندي معاها شويه وتفوق ،تعالي شوف تيم بقي هو اللي فهم منه كل حاجه ...
ثم ربت علي كتفه يبتسم إلي بزيد بهدوء وهو يقول :
-بعد إذنكم ...
هز "يزيد" رأسه بهدوء وهو ينظر إلي "أسيف" التي تبدلت حالتها للحزن والغضب هامسا لها لتغيير يلفت انتباهها مره اخري :
-عرفتوا ندي كانت بتعمل ايه في المكان ده ؟!!
انتبهت له بعد ان كانت تحدق بأثرهم بصمت وقالت بهدوء :
- لا هدير حلفت أنها متعرفش حاجه غير إنها كانت واخده عنوان واحده هناك ورايحه تقابلها ومش راضيه بس انا حاسه هدير تعرف اكتر من كده لانها رفضت تقولي العنوان وقالت معرفش بس لما كانت بتعيط قالت ان ندي صرخت وهي متصله بيها تقولها العنوان ..
هز رأسه بتفهم وهو يبتسم لها بهدوء ويقول :
-دلوقت تفوق والتحقيقات تظهر كل ده ،انتِ زي مااتقفنا ركزي مع تيم وانا هبقي علي تواصل معاكِ علي طول ...
هزت رأسها وعادت الابتسامه إليها من جديد ...
علي الجانب الآخر
وقف "فهد" وعينيه تراقبهم بغضب ناري يكاد ينقض عليهم ويفترسهم واحدي قبضتيه تطرق الحائط بوتيره غاضبه فلم يعد لديه قوه التحكم بنظراته الواضحة ناحيتهم والتي لاحظها الجميع ..
نظر "تيم" حيث يحدق "فهد" بغضب ليعقد حاجبيه من فتره الأحاديث بين شقيقته وطبيبها الذي أتي بشكل مُفاجئ فور ان علم بتواجدهم هنا، استقام "تيم"بوقفته واتجه ناحيتهم بهدوء واردف فور أن وصل إليهم
-أسيف عمتو عاوزاكي ياحبيبتي !!
ابتسمت له بهدوء وانصرفت إلي عمتها ليتابعها "تيم" ويردف فور انصرافها وهو يحدق ب "يزيد" بنظرات غاضبه :
-شوف يايزيد انت صاحبي ومفيش زعل بينا وانا وعدتك اني مش هتدخل في علاجك لأسيف لكن اظن فترة العلاج خلصت وأسيف مُطلقه ومعنديش استعداد اسمع أي كلمه تسيئ ليها وانت ميرضيكش ده اظن ،انا وانت عارفين مدي براءه أسيف وانها بدأت تستوعب الناس حوالينا بالعافيه واكيد مش هتفهم مني اللي انت فهمته دلوقت مش كده ؟!!!
نكس "يزيد" رأسه بهدوء ثم ضغط علي شفتيه يفكر لحظات قبل ان يقول بنبره هادئه :
- كده ياتيم وعندك حق أنا فعلا خلصت علاجي مع أسيف وكنت محتاج اتكلم معاك في ده بس حصل موضوع وفاه جدتكم وحادثه ندي وملحقتش أنا عارف انه مش مكانه ولا وقته بس أنا مش حابب تشوفني بصوره مش تمام ومش ممكن اقبل اي كلام علي أسيف ، أنا عاوز اطلب ايد أسيف منك انا مشدود ليها بشكل مش طبيعي ولدرجه غريبه ..
اتسعت اعين "تيم" وكاد يجيبه ولكن رفع "يزيد" يديه امامه يقول مسرعا :
- اناا عارف انه مش وقته بس حبيت اوضح نيتي وانها خير مش قصدي حاجه وعلي العموم انا همشي دلوقت وهجدد طلبي في وقت مناسب للكل ، بعد اذنك وشد حيلك ...
ربت علي كتفيه بقوه طفيفه ثم ولي متجها الي طريقه دون اضافه كلمه اخري ...
حدق "تيم" في اثره بذهول وهو لايقوي علي الحديث لقد تعددت صدماته اليوم ،هل يطلب طبيب شقيقته يدها !!!!
اتجهت انظارها الي "أسيف"المقبله عليه بابتسامه هادئه تعقد حاجبيها بلطف قائله يتساؤل :
-هو يزيد مشي ؟!!
هز رأسه بالايجاب وهو يحيط كتفيها عائدا بها الي مجلس العائله بصمت تام وذهول ادهش "أسيف" واقلق ذاك المتابع بصمت منذ بدايه حديثه مع يزيد لا يعلم لما ينتابه شعور القلق الآن تحديداً !!!!!
***
مرت السااعات بصعوبه علي الجميع واخيرا افاقت "ندي" وهي لاتفعل شيئ سوي البكاء باحضان اخيها رافضه الحديث مع الجميع إلا حين دلفت "أسيف" اتجهت انظارها إليها وحدقت بها بصمت دام لدقائق اقلق الجميع ثم خرجت من احضان اخيها تحاول الخروج من الفراش والجميع يترقب حركتها اتجه "تيم" إلي شقيقته يحيط كتفيها وهو يحدق بتلك الطائشه التي تحاول ان تتسند وتصل إليهم واخيرا وصلت إلي ابنه عمها وفجأة امسكت طرف ستره "أسيف" تصرخ بها :
- ربنا جابلك حقككككك ابني مااات ياااااأسيف ،كنت رااااايحه عشان اخلص منككككك بس ابني رااااح فيهاااا ،انا مستاااااهلش ده يااااأسيف انا حبيت اخوووكي وكنت هجيب بيبي منه بس ملحقتتتتتتتش !!
اتجه فهد مسرعا ناحيتها يرفع جسدها المتشنج ع الارضيه وهو يحيط خصرها يبعدها عن "أسيف" المذهوله هل كانت تحاول قتلها !!! كانت هناك لتتخلص منها !!!!
اتسعت أعين الجميع مع ذلك الاعتراف وظلت صارخات ندي تتعالي وهي تنتفض وجسدها يتشنج لتردف وهي تحاول مقاومه اخيها بجنون :
- رجعولي ابنييييي ، انااااا عاوزه ابنييييي حرااااام ياخد حقها من طفلللللل حرااااااام ، اختككككك قتلتتتت ابنك يااااتيم ، ساااامحيني ياأسييييف ورجعيه ارجوووووكي !!!
اندفع الفريق الطبي إلي الغرفه وبعده عده محاولات بالسيطره عليها نجح الطبيب اخيرا بحقنها بالمخدر لتهدأ تدريجياً بأحضان اخيها وهي تستقبل تلك السحابه السوداء برحابه صدر متمنيه ان تكون آخر لحظاتها بالحياه علها تُريح الجميع !!!!!!
جميعنا نفعل الأخطاء لكن هناك فرق بين من يفعلها برضا تام ومن يفعلها دون درايه او شعور ، فالأول فقد جميع فرصه بالنجاه اما الآخر فباب التوبه لم يُغلق بعد ، ظنت ندي أنها سوف تفلت من الحكمه الإلهية و عداله السماء وكانت صفعه القدر لها أقوي رادع ، فطره خلقنا الله عليها نُخطئ ونصيب ولكن العفو دوماً لمن يُخطئ ثم يتوب ، حتي توبتنا تحتاج إلي قوه لم تملكها تلك الضعيفه ....
الفصل الخامس عشر "إخوة"
واقف أمام باب الجناح الخاص بها منذ أكثر من عشر دقائق كلما هَم بطرق الباب تراجع ،مرت لحظات ليحزم بها أمره ويرفع يده يطرقه بتهذيب ووقف يتنفس بتمهل منتظرا إجابتها وهو ينظر بساعته متحرجا من ذلك الوقت الباكر ..
انفتح الباب وهي تفرك عينيها الناعسه وتهمس بحنق وصوت متحشرج يحمل آثار نومها :
-لسه بدري ياتيم علي المقابله احفظ المواعيد بقي ..
لم تتلقي اجابه لتفتح عينيها جيداً وتتطلع به بأعين متسعه إليه ثم إلي اتجاه عينيه علي جسدها الفاتن بتلك المنامه الورديه الغير مهندمه بالمره ...
صفعت الباب مسرعه بوجهه ليكتم ضحكاته بصعوبه ويطرف الباب مره اخري برفق قائلاً بصوت رخيم متعقل بعد ان تحكم بنبرته بصعوبه حتي لا يحمل أثر ضحكته المكتومه :
-انا كنت جاي اتكلم معاكِ في حاجه ضرورية ، تخص ندي ؟!!
قال باقي جملته بصوت خفيض بعض الشيئ فهو علي علم بمدي بغضها له ولشقيقته التي خضعت للعلاج النفسي منذ أكثر من شهر وهو يتابعها ويبيت معها أحياناً بالمشفي بعد أن رفضت العوده الي القصر وأصرت علي مكوثها هناك وحدها ..
فتحت الباب وأمارات الغضب ترتسم ببراعه علي وجهها الصغير لتعقد حاجبيها وتردف بنبره لاذعه بعد ان تمكنت من ضبط هيئة ملابسها و اخفاء جسدها جيداً :
-تخص ندي ، حاجه معاياا انااا وتخص اختك مفيش أي كلام بيني وبينك لا عنها ولا عن غيرها ولا انتوا الاتنين تهموني أصلا !!!!
كادت تصفع الباب مره اخري بعد أن افضت ما في جعبتها من كره وبغض بوجهه كعادته معه حين تتلقي اقل كلمات منه ...
رفع يده وأمسك الباب وهو يقول بهدوء مانعاً إغلاقها اياه :
-انا عارف كل ده ياأسيف بس الدكتور هو اللي طلب م...
قطعت كلماته تصرخ به بعنف ادهشه واجفله :
- قولتلك متقولش اسمي علي لسااانك ميت مره !!!
اشعلت فتل غضبه ونفذ في صبره من تلك الكلمات التي حفظها وطرق بقبضته اعلي الباب بعنف فشل ان يتحكم به معنفا إياها بصوت صارم :
- عااايزاااني اقولك ايييه يعني مش ده اسمك ؟!!
انتفضت من فعلته وحدقت به بأعين قلقه حين بدأ يستخدم قوته الجسمانية معها وخرجت من الجناح تقف بالردهه أمامه بحركه استعداديه للإستغاثه ، فهم علي الفور مدي خوفها ليشعر بمدي خِسته حين امتدت يده إليها بسوء لايكفيه شعوره القاتل بالذنب والندم لتأتي وتُكمل عليه بأقل ايماءه منها !!!
عاد خطوه للخلف ثم قال محاولا استحضار هدوء معها :
-طيب انا جاي وعاوز مساعده منك في علاج ندي ..
ضيقت عينيها تطالعه بغضب ليُكمل وهو يفرك خصلاته وقد بدأ شعور القلق ينتابه حيال رفضها :
-انا عارف أنك بتكرهينا ومش طايقانا بس أنتِ مش زينا يااأ .. يابنت عمي !
تعمد ان يتلاشي ذكر اسمها حتي لايثير حنقها ويذكرها بصله القرابه بينهم علها ترأف بشقيقته نظرت في إليه لحظات بملامح جامده ثم دارت بعينيها باتجاهات مختلفه وحمحمت بتوتر طفيف وقد تغلبت براءتها وهمست :
-مساعده من اي نوع يعني !!
تحكم بابتسامته لبراءتها الجميله بصعوبه واردف وهو يتنهد بهدوء :
- الدكتور عاوز يتكلم معاكِ شويه عشان يعرف تفاصيل عنها اكتر لانها مش مستجيبه لاي تواصل ..
عضت علي شفتيها واردفت بحزن وهي تزيح خصلاتها المبعثره باهمال خلف اذنها :
-شهر كامل ولسه مااتكلمتش معاكم ! طيب وانا اقدر اساعده في ايه !! انا اخر واحده ممكن تعرف ندي...
فهم كلماتها الحزينه علي الفور واردف باعتذار وهو يفرك خصلاته :
-انا كنت متردد جدا اجيلك ولحد دلوقت حاسس اني مليش حق اطلب منك ده دكتور ندي قالي انه هيسألك شويه اسئله مش اكتر وانك اخر امل لينا لانك كنتي قريبه منها وعارفه طفولتها عني ، اناا ... انا مليش حق اطلب اي حاجه منك بس انتِ اخر امل ليا في علاج اختي هستني تحت لو هتوافقي تقدمي مساعده لينا طبعا ...
ثم ولي عنها بهدوء تاركاً اياها بصراعها الحاد مع نفسها قد عاهدت نفسها أن تطوي صفحتهم إلي الأبد ،تحاول ان تتجنبهم ، تحاول ان تبدأ من جديد حياه سويه كما عاهدت شقيقها ويزيد .. ااه من يزيد واختفاؤه الغريب عليها منذ لقاء المشفي ومراسلته لها علي احدي مواقع التواصل انه سوف يذهب بمؤتمر للخارج ولم يحادثها منذ ذاك الحين !!نفضت رأسها من افكارها وهي تلعن صله القرابه والدم فيما بينهم هي تبتعد وتنأي عنهم بكل الطرق لكنهم لم ولن يتركوها ابدااا ....
***
-صباح ايه وزفت ايه انتوا خليتوا فيها صباح في القصر الهباب علي دماغكوا ده حتي انتِ ياملاااك بتعملي زيهم !!!
صرخ بها "نائل" فور ان فتح باب جناحه بعد طرقاتها العديده الصاخبه واصرارها علي ايقاظه لتبتسم فور ان فتح الباب بسخافه وتلقي تحيه الصباح مستنده إلي إطار الباب تستمع إلي سيل كلماته الغاضبه ثم تنهدت تقول بهدوء :
- البس بسرعه رايحين المستشفي ..
اتسعت عيناها وامسك كتفيها يصرخ بها :
- جدك مات !!
هزت رأسها بالسلب توبخه بعنف :
- ايه يابني ادم انت لا جدو بخير وبيفطر تحت ..
هزها واكمل :
- يبقي عمتك !!! لا لا ابوياااا انا كنت حااسس من نظراته ليا امبارح بليل !!
ضربت يديه عنها وامسكت تلابيب تيشيرته تقول بغضب:
- ناااااائل اصحاااا ياباابااا متعصبنيش بقولك جدك بيفطر تقولي ابوك وعمتك ماتوا انت اهبل !!!
رفع إحدي حاجبيه واردف باندهاش :
-امال مين دخل المستشفى !!
تأففت بغضب وقلبت عينيها وقالت بهدوء :
- رايحين لندي يانائل اخلص بقااا البس وانا مستنياك عند تيم ..
تركته بحيرته واندهاشه وسارت الي غرفه اخيها تقص عليه ماتنوي فعله وتستمع إلي رأيه فهو لا يحادثها ابدااا بأمر ندي منذ ان مات الجنين ...
جلست أعلي الأريكة تنتظر رده فعله علي ماالقته علي مسامعه للتو ليزفر انفاسه بارهاق ويرفع يديه الاثنين يفرك وجهه بارهاق وهو يقول :
-انا مش عارف أقول ايه ياأسيف انا منكرش اني خايف عليكِ جدا لكن أنا مربتكيش أنك ترفضي مساعده حتي لو شخص مايستاهلش ، انتِ بتتصرفي صح ياقلب اخوكي بس خلي بالك من نفسك اتقفنا ؟!!
بللت شفتيها وهي تهمس له بتوتر :
- تيم عاوزه اسألك سؤال ومش هتزعل مني !!
اتجه إليها يجلس بجانبها محيطا كتفيها هو يقبل خصلاتها برفق هامسا لها بلطف اخوي محبب لقلبها:
-وانا من امتي بزعل منك ياأسيف ،انا ازعل من الدنيا كلها إلا انتِ ..
ابتسمت له وقالت وهي تنتقي كلماتها بحذر :
هو أنت مش هتروح لندي خالص !! يعني مش حاسس انك عاوزه تشوفها ؟!
عقد حاجبيه وتوترت ملامحه وبدأت وتيره انفاسه الهادئه بالاضطراب لقد اصبحت مشاعره ناحيتها مختلطه للغايه أردف بخشونه وغضب طفيف وهو يضغط علي كتفيها لاشعوريا :
-هو انا مطلوب مني احبها بعد كل اللي حصل ياأسيف وبعد ماعرفت انها حاولت تقتلك !!
جز علي اسنانه وقال من بينها بعنف وهو ينظر داخل عيني شقيقته قائلا :
-انا لولا حالتها حقيقي كنت دفنتها علي اللي كانت ناويه تعمله ...
اتسعت أعينها وهي تري وجه شديد الغضب لأخيها عاجزه عن مشاركته مشاعره لأول مره وهمست بلا شعور :
- للدرجه دي بقيت تكرهها ؟!!
وقف مبتعدا عنها بخطوات غاضبه وجسد متشنج يُعطيها ظهره قائلا بعنف :
- مين يقدر يحب اللي بيأذيه ياأسيف ،تعرفي اني كنت محتار هعمل ايه في ابني منها وكنت بتمني يموت قبل مايجي ويبقي نسخه منهم واقتله بايدي !!!
شهقت بصدمه من افكار اخيها واتسعت عينيها ليلتفت لها ويتجه إليها مره اخري بخطوات واسعه وكأنه كان ينتظر تلك الكلمات ويهدر وهو يُمسك كتفيها ..
- غصب عنيييي ... غضب عنيييي ياأسيف انتِ اغلي من أي حد عندي انا مربيكي بنفسي انتِ بنتي عارفه يعني ايه اب يشوف بنته بتموت قصاد عينيه وبتروح منه !!! عارفه ايه احساسي وانتي جسمك غرقان دم وبتقفلي عينيكي بتودعيني بيهم !!! عارفه انا كنت بموت كام مره وحاسس اني مش راجل واستغليتك ؟!!! انا اكتر واحد كنت استاهل عقاب ياأسيف انا اللي فرطت فيكِ وبنيت سعادتي علي حساب حيااااتك !!!
بدأت الدموع تنسل من مُقلتيه وهي سبقته بذلك لحالته الغريبه عليها الحزينه اعينه الشارده الدامعه انكساره الذي رأته لأول مره بذلك الرجل القوي ذلك الأب الرائع والاخ الحنون .... اكمل وقد بدأ صوته يخالطه بكاء
- انا كنت بحاول مع نفسي ياأسيف ،كنت بقول دي ندي اللي انت حبيتها سنين واتجوزتها، كنا بخرج لها اعذار كل يوم واقول عشان اتربت منغير اب وام وحتي اخوها كان بعيد عنها ، كنت بقول حرام عاملها زي أسيف لو أسيف مكانها هترضي تفضل تعيط علي واحد بتحبه كده !! كل يوم كنت بغكر في كل ده ، كنت بقول هربيها فتره واردها ،وبعدها اقول هتكررها وخاف علي اختك منها ، وبعدها اقول اتعلمت درسها ..
ترك شقيقته والقي بثقله فوق الاريكه يصرخ بها وهو يدس يديه بخصلاته ضاغطاً علي رأسه بعنف :
- اناااا مغفل يااأسيف انا كنت بمووت وانا بفتكر انها بتتفق مع اخوها وتيجي تنام في حضني اخر الليل ، انا مش راااجل بالنسبه ليها لو كانت خافت مني زعلي حتي مكنتش عملت كده ، انا بالنسبه لندي كنت لعبه عجبتها وحبت تأخذها ليهاا لوحدها ، انا ابني مااات بسبب انانيه امه ياأسيف مكنتش عااايزه يموت كنت بفكر في كل الحلول قولت هااخد حضانته واضمه ليا ، قولت هربيه انا وانتِ بعيد عنها ،قولت وقولتتتت بس انا مش بنفذ ومليش قرار هي اللي قررت وقتلته وقتلت اي ذره ندم جوايا ..
رفع اعينه الحمراء الباكيه يقول بنشيج باكي :
- انا مش بكرهها ياأسيف ،انا بكره نفسي وخايف تكرهيني انتِ كمان ..
هبطت بجسدها تجلس فوق يد الأريكة واحتضنت رأسه علي الفور تُقبل خصلاته عده مرات متتالية وهي تبكي معه ولأجله تتبدل يديها الصغيره علي كتفه ورأسه وهي تهمس له :
- مقدرش اكرهك ياقلب أسيف ،حقك علياا أنا اسفه ....
شددت من احتضانها لرأسه ليحيط جسدها ويدفن رأسه بعنف وهو يبزيد من وتيره بكائه باحضانها البريئه مشددا من يديه حول جسدها وهي تفعل المثل وعقلها يعمل بغكره واحده كيف تنزع ذلك الحزن من قلبه ، لقد عاني اخيها لأشهر بصمت تام لأجلها وها هو المسكين يجني ثمار صمته بانهياره داخل احضان تلك الحانيه البريئه ظلا هكذا بعض الوقت هو يبكي بدموع مع الوقت اصبحت صامته وهي تربت علي جسده وتقبله تُهون عليه بكلمات بريئه مثلها تماماً ، ثم اغمضت عينيها وهي تكاد تجزم داخلها ان اخيها قد بني حصونه المنيعه ناحيه ابن العم وانتهي الأمر ، ولكنها ليست حصون عاديه ،بل حصون مُهلكه لأي دخيل !!!!!!
سحب نائل جسده وهو يزيل دموعه بحرج بعد ان رأي انهيار صديقه الحميم وابن العم باحضان شقيقته ،لم يتدخل تاركا مساحه من الخصوصيه لهم وانتظر بعيداً حتي يتمكن من استجماع نفسه مره اخري والذهاب لمرافقه ابنه عمه بتلك الزياره الكريهه التي اصبحت الآن أشد بغضا إليه وهو يبتسم سرا لقوه ابنه عمه التي ظنها الجميع هشه ضعيفه ها هي تثبت قوتها بأفعال ليست أقوال مثل تلك المريضه ....
***
جلست ندي فوق الفراش ودموعها خير رفيق لها منذ شهر كامل ،حاله من الجمود سيطرت عليها بعد تعرضها لذلك التعنيف الجسدي من تلك النسوه اللاتي تسببن بخسارتها الفادحه ،لقد فقدت روحها ، فقدت صغيرها الذي كانت تشعر به داخل احشائها كم هو مؤلم ذاك الشعور ،من يشفي لهيب قلبها الآن !!!!
ذاك التعويض عن ابيه قد كانت تنتظره بفارغ الصبر تُمني نفسها بأيام قادمه معه ومع ابيه !!! واااه من ابيه الهائن للمحبه طاعن قلبها ،قاسي القلب المُتجبر ، اين وعوده بالمحبه والبقاء ،اين هو !! لقد طال انتظارها لسراب ووهم ...
تنهد الطبيب المُكلف بحالتها وهمس لأسيف التي جاورته تراقبها من الزجاج بحزن :
-ايه رأيك ! هتساعديني !!
اغمضت عينيها بهدوء وهزت رأسها بالايجاب وهي تهمس :
- مطلوب ايه مني مش فاهمه ؟!!
تحرك الطبيب وهو يشير إليهم بتهذيب للدخول مكتبه وقال بنبره هادئه :
- شوفي يامدام أسيف ، انا مش محتاج منك كتير بس عاوز اعرف ايه سر العداوه بينكم المفاجأة دي بعد ماكنتم صحاب جدا وتفاصيل معامله ندي وامتي اتغيرت معاكِ واخوكي جوزها ليه مازارهاش ابداا ، انا عرفت ان بينهم مشاكل لكن معقول القسوه توصل للدرجه دي !!
عقدت أسيف حاجبيها ونظرت له بغضب ليعالج نائل الكلمات مسرعا وهو يردف بنبره تحذيريه للطبيب :
-دكتور من فضلك المشاكل بينهم صعبه شويه ،تيم ابعد ما يكون عن القسوه وصدقني لو عرف انك هتحتاجه في علاجها مش هيتأخر ...
هز الطبيب رأسه بتفهم وهو يبتسم بتحرج الي تلك الجميله الجالسه تحدق به بنظرات شبه مشتعله وكأنه اخطأ بأحد الأولياء الصالحين ...
همس بتكلف وهو يقول
- تمام هسألك كام سؤال النهارده بس مجرد ما يحصل تطور ف الحاله وده اللي انا معتقده بنسبه كبيره هضطر اطلب مساعدتك تاني ..
تنهدت بهدوء وهي تعدل خصلاتها تهز رأسها بالإيجاب بهدوء تاام ....
***
جلس بالسيارة يتملل كل لحظه ناظرا إلي المشفي منتظراً خروجها بأي لحظه وها هي تطل عليه هي وابن عمهم السخيف الذي اصر علي مرافقتهم وهي استقبلت ذلك بصدر رحب بل من الواضح انه باتفاق مُسبق معهاا ..
ترجل من السياره يتقدم نحوهم وهو يقول بهدوء محادثا إياها :
- خلاص كده ؟!! محصلش حاجه !!
رد عليه "نائل" باندهاش :
- وانت مستني ايه يحصل يعالجها قصادنا يعني ، سأل كام سؤال وخد اجابه وخلاص !!
نظر إليه "فهد" شزرا ثم كاد يوبخه علي تدخله السخيف لكن ارتفع رنين هاتف "أسيف" لتُجيب بلهفه ادهشته ..
- يزيد !!! انت رجعتتت !!!!
نبرتها الحماسيه جعلته يعقد حاجبيه بغضب وقد بدأ فتيل غضبه الغير مبرر يشتعل داخله ليسمعها تردف بصوت واضح وحماس شديد :
-يااريت يايزيد انا ساعه بالظبط وابقي في القصر هستناك !!
حمد ربه انه يرتدي نظارته الشمسيه القاتمه والا كان افتضح امر نظراته الغاضبه المحتقره لذلك الشخص الذي يمثل الكوارث الكونيه لديه تواجده بأي مكان يُقلقه للغايه ، لكن لم يخفي ذلك عن نائل الذي طالع الامر بابتسامه ملتويه واردف بحماس مماثل لها فور ان انهت المكالمه :
- يزيد ده اللي جاي معقوله ! ده كان لسه امبارح بيكلمني من برا !!
ضحكت وهي تردف بأعين تشع بهجه :
-اه هو اصلا لسه راجع من المطار قالي هياخد شاور وينزل علي طول يجيلي ، يلا يلااا واكملك في الطريق احنا مأخرين اصلاا !!!
حدق بهم باشتعال واضح واردف بسخط :
- هو ايه ده اللي يجي القصر ده ميعاد زياره ده وبعدين بيعزم نفسه عندنا ازاي !!
رفعت "أسيف" إحدي حاجبيها وزمت شفتيها ليُغمض "نائل" عينيه ناظرا ويشيح بوجهه عنه مستنكرا تسرعه بالحديث ثم جز علي اسنانه قبل ان تندفع "أسيف" بكلمات غاضبه نحوه وقال مسرعا :
- يزيد مش غريب يافهد انت بس متعرفوش اوي ده صاحبنا انا واتيم من زمان اصلا وشبه متربي معانا وكده وجدو كمان بيحب زياراته ... يلا يلا عشان منتأخرش عليه ...
ضم قبضتيه بعنف وهو يحدق بها وبنظراتها الغاضبه المستنكره كلماته عن ذاك التافه شبيه الأطباء ثم تركها تعبر من أمامه مسرعه وهي تُكمل حديثها الحماسي إلي نائل عن بطولات "يزيد " التي يختصها هي بالتحديد ليعرضها لها وطوال الطريق تجلس بالأريكة الخلفيه وتثرثر عنه مع ذاك الغبي الجالس بجانبه مشاركا حماستها متابعا اتفاقاتهم معا عن يومهم الذي اقسم داخله انه سوف يحوله يوم أسود علي الجميع .....
رأيكممممم وريفيوهااااتكم 🙈🔥😌♥️♥️
تعليقات
إرسال تعليق