' حارة تـايسـون '
الفصل الاول ..
بظلمات الليل ، شارع نائي بشوارع مدينة القاهرة ، به عدة مباني غير مسكونة ، يعمه الهدوء والسكينة ، سكينة مرعبة ليست بالتي تدفئ القلب بالاطمئنان بل ترهبه اكثر ، يجعلك عندما تدخل اوله تهرول لتغادره ..
باحدي جانبي الطريق وقفت سيارة تضم ثلاثة رجال ، طوال القامة ، اقوياء الجسد تبدو علي ملامحهم علامات الاجرام ، يمتلكك شعور بعدم الراحة منهم والخوف عند النظر إليهم ، نظر اولهم لـ باقيتهم وهو يردف بقلق غريب علي واحد مثله يملك تلك القامة وهذا الجسد ! :-
_الليل ليل علينا ولدلوقتي مجبناش المطلوب لـ البية
اردف الثاني وهو يمشط الشارع بعينيه:-
_نستني في الشارع دا شوية لو لقينا حد معدي يبقي دا قدره ، ملقناش يبقي نروحله فاضيين وامرنا لله
صاح ثلاثهم بزعر:-
_عايزين تروحوا فاضيين روحوا ، لكن انا مهرجعش غير بطلبه ياما مش هتشوفوا وشي تاني
نظر له الاول بسخرية وكاد يتحدث ، لكن توقفت الكلمات بحلقه وهو يري فتاة تأتي من بعيد ، راكبة دراجة نارية تقودها ببطء شديد يدل علي خوفها وقلقها الواضح من المكان ، ابتسم بـ شر وعينيه مرتكزة عليهم ، قائلا لهم:-
_العروسة وصلت ..
نظرا لحيث ينظر فتوسعت عيونهم وهي تتقدم بالدراجة منهم ، حيث وضحت الرؤية ورأوا فتاة جميلة بملابس جريئة تتقدم منهم ، لم يسمحا لنظرهم ان يتفحصها بكل تعمق بل فقط راوا ما ارادوا وهو انها ضعيفة الجسد وهذا المطلوب .. ليسهل مهمتهم !
كان ما يفصل بينهم مترا ، قطعوه هما عندما توجوا نحوها بخطوات قوية لمحتها فتوقفت بدراجتها بقلق ، ارعبها مظهرهم ولم تعرف ماذا عليها ان تفعل
كادت تتوجه بدراجتها لناحية العودة مرة اخري ، لكن احدهم سبقها ووقف علي نهاية الدراجة واخر بأولها والثاني وقف جوارها تماما
نظرت لثلاثتهم برعب ناطقة:-
_انتوا مين وعاوزين مني اية ؟
قال واحد منهم بصرامة يأمرها:-
_تمشي معانا
صرخت بوجل وهي تستعد لترك دراجتها:-
_امشي معاكوا فين ، انتوا مجانين ولا اية ؟
لم تكمل عبارتها ووجدت واحد منهم ترك مكانه ووقف خلفها مباشرتا ، صرخت برعب وهي تنظر له ، لم تعرف ماذا تفعل كل ما جاء علي افكارها انها تركض ولكن قبل ان تفعل كبل وثائق يدها الرجل وجاءا الاثنين الاخرين وساعدوه بتحكيم تكبيله حولها ، ظلت تتحرك بين ايديهم في محاولة منها لـ الهرب .. لكن لم تستطيع ، هتفت بضعف:-
_سيبوني وهديكم اللي انتوا عايزينه ، سيبوني والنبي
لكن واحد منهم رد بأسف:-
_للاسف البية مش عايز فلوس ، البية عايز واحدة نسوان وحظك وقعك في ايدينا
لم تفهم عبارته حاولت ان تتحدث لتفهم ، ان تصرخ لعل احدا يسمعها ، لكنه اغلق فمها بلاصق اخرجه من جيب بنطاله بلحظة سريعة وهو يردد:-
_شكلها فارعة وصوتها فيه الروح وانا معنديش خلق لـ كهن البنات دا
ومن كثرة حركتها وصراخها خمدت قواها بعد دقائق وغابت عن الوعي ... !
. . .
حملوها الثلاثة من داخل السيارة واخرجوها منها ، بعدما وصلوا لـ المكان المنشود ، منزل عبارة عن طابقين مساحته ليست بهينة ، له طلة حجرية تعطيك اشارة عن كونه منزل ذات اثاث قديم اثري فخم !
ترك احدهم جسدها بيد الاثنان الاخرين وتوجه لـ الباب طارقا عليه ، لحظات وطلت الخادمة " ام السعد " لم تكاد تتحدث ولمحت الفتاة رمقتها بعدم فهم وقلق ونظرت لـ الطارق الذي ما كان سوي " جعفر " بنظرات مستفهمة الا انه تلاشاها وكأنه لم يفهمها هاتفا:-
_البية جوه ؟
ردت مختصرة:-
_مستنيك من زمان في اوضة المكتب
اشار لـ الاثنين الاخرين ان يتبعوه وهي نائمة بين ايديهم ، هتف واحدا منهم وهو يرمق الفتاة التي بين ذراعيه:-
_الباشا هيفرح اوي بالعروسة
نظر لها الاخر بعيون وقحة مرددا:-
_البت الحقيقة وتكة اوي
طرق جعفر علي باب غرفة المكتب ثم دخل بعدما اذن له سيده بذلك ، قبل ان يدخل اشار لهم ان يقفا امام الباب ولا يدخلا الا اذا نداهم ، قطع الخطوات الفاصلة بين الباب ومكتب السيد حتي وقف امامه
نظر لسيده فوجده يطالعه بنظراته التي تشعرك بالتعرية امامه ، يشعرك كأنه يقرأ دواخلك
جعفر وقد رجفت جفونه:-
_تايسون بية ....
قال اسمه وتوقفت الكلمات بحلقه ، فهو اتي بالمطلوب ولكنه ليس واثقا اذا كان محققا لشروط السيد تايسون ام لا !
_امـم
هكذا كان رده ، وتابع:-
_جبت اللي عايزه ؟
جعفر بيمأه براسه:-
_ايوة ياباشا
ودون ان يترك مجالا لـ القلق ليراوده نادي الرجلين الواقفين امام الباب بالخارج ليدخلا لهم ، لحظات وكانا يدخلا وهي بيدهم ، تعلقت عيون تايسون بها وهي بين ذراعيهم ، اشار لهم ان يضعاها علي الاريكة الموجودة بغرفة المكتب ، وضعاها .. فأشار لهم بالمغادرة
نطق جعفر:-
_امشي انا كمان ؟
اشار له بنعم ، فغادر مع الاخرين وهو يتنفس الصعداء اخيرا ..
وعاد هو بنظراته نحوها جال ببصره عليها من اول خصلات شعرها البنية الحريرية القصيرة التي تصل بالكاد لمنتصف عنقها لحتي عنقها المرمري الابيض ، لكنزتها القصيرة ذات الاكتاف المعراه ، مرتديه عليه بنطال قصير " شورت " يصل لقبل الرقبة بقليل وحذاء رياضي ، كانت طلة جريئة رياضية ، اعجبته الطلة وبالتالي صاحبتها اعجبته ، حيث عاد بنظره لوجهها مرة اخري يتفحصه تلك المرة بكل تركيز ..
عيونها واسعة ظهر هذا رغم جفونها المغمضة ، رموشها كثيرة وكثيفة ، انفها رفيعة منحوتة ، شفتيها ... اها من شفتيها لم يستطيع ان يمررها مرور الكرام بلونها الاحمر الطبيعي وصغرها .. كانت صغيرة لكنها مكتنزة
لم يفكر كثيرا ، بل هبط بوجهه نحوها عارفا ما سيفعله ، سيقبلها .. سيقبلها
كادت ان تصل شفتيه لـ خاصتها لكنها فتحت عيونها فجأة بتلك اللحظة
فأبتعد وانتفضت هي جالسة في مكانها خائفة ، نظرت لـ المكان حوله وله بعيون مرتعبة صائحة:-
_انا فين وانتوا عايزين مني اية ؟
كانت خائفة ولها الحق فهي غابت فجاة عن جنة الحياة لتستيقظ في جهنمها !
لم يرد ، كان يراقبها بعيون لا تحتوي علي اي تعابير ، ووجهه جامد كذلك ، حاولت ان تنهض عن مكانها لكن يده منعتها نظرت له بغضب صائحة:-
_انت مين ؟ وعاوز مني اية ؟ ومين جابني هنا ؟
اجابها بـ برود بعد صمت دام لـ لحظات:-
_مين جابك ؟ رجالتي ، انا مين ؟ تايسون ، عايز منك اية ؟ ولد مني صلبي ..
هي هنا لـ امرا ما ، هل ستستطيع تنفيذه ؟ هل ستوافق عليه من الاساس ؟
ام ستفعل المستحيل لتهرب من براثنه !
. . .
نقلت ابصارها من علي باب المنزل لزوجها الجالس بقلق يحاول اخفاءه .. عيونها كانت دامعة وهي تنطق بحزن:-
_نصري
نظر لها مستفهما ، فتابعت بقلب ام تشعر بخطر علي فتاتها:-
_حاسه انها مش بخير
نفس احساسه ، بل تفكيره كان يتخيل الاعظم وما يوجعه فكرة انه من الممكن ان يكون السبب ، عمله ك ضابط رَبي له كثيرا من الاعداء ، فهل من الممكن ان يكون احدهم ينتقم منه في ابنته ؟!
كأنه كان ينتظر كلماتها حيث نهض وهو يردف:-
_انا استنيت بما فيه الكفاية لكن فعلا دلوقتي معدش عندي صبر ، الساعة عدت اتنين الفجر والبنت لسة مفيش عنها خبر ..
كان مازال مرتديا ملابس الشرطة فعندما جاء اخبرته زوجته بتاخير ابنته فجلس من وقتها ينتظرها ، توجه لباب المنزل وقبل ان يغادر اوقفه صوت زوجته " نشوي " الباكي:-
_نصري متجيش من غير بنتي
نظر لها بعيون حانية محاولا ان يطمنها بنظراته و:-
_متخفيش ، ان شاء الله هرجع بيها
وهل سيفعل ؟ هل سيعود بها ؟
هل سيجدها من الاساس ؟
. . .
عودة لـ حارة تايسون ..
كلماته اوقفت عقلها عن التفكير لـ لحظات ، ظلت تنظر له بصدمة دون حراك ودون رد فعل ، بقي هو يراقبها بلا تعابير تُعتبر ! اخيرا فاقت من صدمتها فصاحت بدهشة ممزوجة بعدم فهم:-
_وانا مالي بأبنك ؟
ابتسم مجيبا بثقة غريبة بكلمات ينطقها بكل بطء:-
_ما انا عايزه منك انتي
اؤمات بالنفي عدة مرات كأنها تحاول ان تدخل حديثه لعقلها او تطرده منه ، حركاتها الطفولية بالنسبة له .. مسلية ، تحوذ علي اعجابه وتقطع ملله ، لقد احسنوا رجاله في اختيارهم ، لاول مرة يقوموا بعملا يطلبه منهم بكل هذا الاتقان والتفوق ..
رددت بغضب:-
_انا عايزة امشي ، انت شكلك مجنون او شارب حاجة ، الكلام اللي بتقوله دا مستحيل يكون طبيعي او خارج من حد عاقل
ابتسم بسمة مخيفة وهو يقترب منها ، قاطعا ما بينهم من خطوات قليلة حتي صار جسده وجسدها يفصل بينهم فقط عدة سنتيمترات قليلة لا تحتسب ، لفحت انفاسه الساخنة بشرتها فـ بلا شعور رجف قلبها خوفا منه وزاد الخوف وتحول الي رعب عندما استمعت لكلماته:-
_اللي بيدخل حارة تايسون مبيخرجش منها غير علي كفنه .. شوفي بقي اللي بيدخل بيته ؟ باقي كلامك مش هحاسبك عليه لانك لسة معرفتنيش لكن بعد ما تعرفيني لو لسانك طول ...
ترك حديثه معلقا وقد اصطدمت عيونه السوداء الكحيلة بنظراتها المخيفة التي تبث بالقلب الرعب بعيونها العسلية المنزوجة بالاخضرار المرتعبة وتابع:-
_هقصه ، وصدقيني الكلمة اللي بقولها .. بنفذها من غير ما يرجف ليا جفن
ودون شعور منها رجف جفنها هي ..
بأي جحيم بالله دخلت هي ؟!
بأي نار القت نفسها فيها هي ؟
بـ نار تايسون ياعزيزتي ، بجحيم تايسون ياعزيزتي
ها هي الاجابة قد وصلت لكي ...........!!!!
. . . .
توقعاتكم اية اللي هيحصل ؟!!!
' حارة تـايسـون '
الفصل الثاني ..
بعد صراخ طويل منها لم يجدي نفعه وارهاق ازهق روحها سقطت في النوم اخيرا علي اريكته بغرفة المكتب ، كانت الساعة تصل لـ الثالثة فجرا ولان لا نوم بحارة تايسون خرج من المكتب وصرخ عاليا:-
_ام السعد
لم تفوت لحظات وكانت ام السعد تأتي راكضة نحوه ، قال امرا اياها:-
_اطلبيلي جعفر
_حاضر ياتايسون بية
اختفت من امام ناظريه لعشر دقائق تقريبا ، اثناءهم توجه هو لـ فرندة المنزل الموجودة بالطابق الاول المطلة علي حديقته كان يجول بعقله كثيرا من الافكار كلها تتمحور حول تلك النائمة بالداخل ، لكن جعفر لم يجعل تفكيره يطول حيث جاء صوته اخيرا:-
_امرك يابية
تايسون بينما مازال ينظر لحديقته بعيون شاردة:-
_احكيلي جبتوها كيف ؟
لم يكاد ينهي جملته وكان جعفر يحكي له كل شئ من اول ما قابل الفتاة حتي اتي بها الي هنا ، واخيرا انتهي فجاءه صوت تايسون الهادئ والهدوء دوما في قاموس تايسون يعني ان بعده ستكون هناك عاصفة ترابية لن يطول احدا النور بعدها:-
_طالب واحدة لا ليها اهل ولا صاحب علشان اعرف اطلب واؤمر براحتي تروح تجبلي واحدة لبسها يوكلك انت واهلك شهر !
صمت وتابع بنبرة متضايقة:-
_زمان الدنيا مقلوبة عليها دلوقتي
التف بجسده فجأة ناحية جعفر فارتعش الاخر بتوتر بيّن وقلق ، فتابع تايسون:-
_لو كانت واحدة غيرها كان احتمال يكون انهاردة اخر يوم في عمرك ، لكن من حُسن حظك ان البنت دخلت دماغي
بعدما كاد ان يقع من فرط خوفه ، سكن فجاة بعد اخر عبارة والتي كانت ك طوق النجاة له
اكمل تايسون بتخطيط:-
_تروح دلوقتي تجيب الموتسيكل وتخفيه خالص
اؤما بحسنا عدة مرات وهو يردد:-
_امرك ياباشا
تايسون:-
_فين حاجتها ؟
_كان فيه شنطة معاها كانت في العربية
نطق بكلمة واحدة يأمره:-
_جيبهالي حالا ..
بعد قليل ، كان يجلس علي مقعد مكتبه وعلي سطح المكتب بقيت محتويات حقيبتها جميعها عليه ، نظر لها وهي نائمة امامه نظرة سريعة ثم عاد ينظر لمحتوياتها ، مغلف زجاجي من عطر انثوي له ريحة مثيرة ، انعشته وتمني ان يشتمه من علي جسدها هي ، بعض الادوات التجميلية التي لا تتخلي عنها اي انثي ، حافظة اموال وردية اللون تحوي علي عدة وريقات كثيرة من فئة المئتين مما يدل علي مـدي ثراءها ، بطاقة تعريفية عنها مدون فيها اسمها " وعد نصري خالد " ، طال تطلعه لـ الاسم كثيرا ، يرمقه باهتمام جلي ، ما كاد يبعد انظاره عنه حتي ارتفع رنين هاتفها ، ما ان امسكه حتي انتهي الرنين فوجد عدة رنات من ارقام كثيرة " MaMy , DaDy " واخيرا المتصل الاخير كان مدون بـ " HaPiPy "
وعند كلمة ' حبيبي ' تركز بصره ، كان يطالع الاسم بدون تعابير علي وجهه تُذكر ، لكن بداخله .. كانت هناك نيرانا مشتعلة ان خرجت ستحرق الجميع بلا شـك !
لم يفكر كثيرا بل لحظات وكان يغلق الهاتف نهائيا ، ليكون غير متاحا لوالدها ووالدتها وذلك الذي يُدعي حبيبها ..
. . .
انتهي الليل بين عدة مشاعر مختلطة ، حزن ، خوف ، قلق من مجهول محتوم ، معلق بأيد الله والذي سينفذ علي ايـد تايسون ..
لم تترك نشوي الهاتف لحظة مازالت كل ربع ساعة تقريبا تهاتف زوجها الذي كانت توتره تلك الاتصالات لكنه لم يستطع ان يفعل شيئا ، فهو خير عليم بحاله زوجته التي قاربت علي الانهيار بالفعل وهي تهمس بقلق داخلي
" فينك يابنتي ؟! "
لكن .. لا يوجد جديد ، تحريات بلا هدف !
عَلي رنين المنزل بتمام الساعة السابعة صباحا ، توجهت نشوي نحو الباب بلهفة وفتحته لكن خابت امالها عندما رأت الطارق والذي لم يكن سوي " رامز " خطيب ابنتها المختفية والمفترض بأنه حبيبها ..
هتفت باسمه بحزن:-
_رامز
هتف بتسأل قلق وهو يمشط المنزل الظاهر خلفها بعينيه:-
_طنط .. فين وعد ، من امبارح برن عليها ومبتردش
وعندما جاءت سيرتها تجمعت الدموع بعيونها ، قلبها يؤلمها علي صغيرتها المختفية تشعر وكأنها ستسقط باي لحظة وبالفعل كادت ان تسقط لولا انه مسكها من اكتافها هاتفا بقلق:-
_طنط ..
اسندها حتي ادخلها واراحها علي الاريكة ، حاولت ان تتماسك وهي تجيبه بدموع:-
_وعد مختفية من امبارح يارامز
انصدم عندما استمع لتلك الحقيقة ، توقف عقله عن العمل وفقط ظلت كلمة واحدة تتردد داخل ثنايا العقل
" وعد مختفية .. وعد مختفية "
اين انتي ياوعد ؟ في اي اراضي العالم تسكنين ؟
. . .
تأوهت بآلم وهي تتحرك علي تلك الاريكة ، فتحت عيونها بضيق من اشعة الشمس المتوجهة علي عيونها ، لكن الرؤية لم تُوضح ، فتحتها عدة مرات واغلقتها حتي استطاعت ان تضبط الوضع ، ففتحتها اخيرا علي وسعها فوقعت علي الجالس امامها علي مقعد وضعه امام الاريكة تماما ، اعتدلت في جلستها سريعا تنظر له بقلق
اذن هي لم تكن تحلم ، بالفعل تم اختطافها بالامس !
هتف ببسمة مستفزة بعدما طال تبصرها له:-
_صحي النوم ياعروسة
قالت وهي تستعد لتنهض من مكانها:-
_انا عايزة اروح
جاء ليتحدث فقاطعته بحدة:-
_ومتفتحش حوارات مفيش مشيان والكلام الاهبل دا ، انا همشي يعني همشي
حرك كتفيه بلامبالاة ناطقا:-
_انا كنت ممكن امشيكي في حالة واحدة وهي لو انك معجبتنيش
مشط جسدها بعيون وقحة ماكرة متابعا:-
_لكن للاسف انتي عجبتيني واوي كمان ، فمش هتمشي من هنا حتي لو هتجيبيلي وجع راس وصداع
كانت كلماته مدروسة ، يعرف ما سيقوله وواثقا بحروفه كذلك ، وعرفت ان اسلوب العند لن يجدي نفعا .. اذن فلتجرب اسلوب المحايلة
_طيب عايز مني اية ؟ عايز فلوس انا عندي استعداد اعطيك اللي عايزه
اؤما بالنفي هاتفا بتلذذ واضح:-
_الفلوس متهمنيش ، اللي عايزه ميتقدرش بتمن وانتي عرفتيه كويس
قالت برجفة:-
_بس انا مقدرش اعمل كدا ، اولا انا مخطوبة و....
لم تكمل حديثها وكان قد نهض عن مجلسه ووقف امامه ، امسك يدها التي تحمل الدبلة التي تربطها بخطيبها ونزع الخاتم منها
وضع حلقة الخاتم امام عيونها و:-
_لو علي الخطوبة فالخاتم مش في ايدك ، يعني مفيش رابط يجمعك بيه
قالها بسهولة شديدة ! كأنه سيرغمها علي تناول وجبة لا تحبها ! ليس يغرمها علي امر سيعود عليها بكل الخسائر ، وجودها معه الان اساسا يعد اول تلك الخسائر !
حسنا .. ستكمل الحوار لحتي نهايته لذا .. تابعت بهدوء:-
_من كلامك ومن طريقة مجيبتكم ليا انك عايز اي حد والسلام تجيب منه طفل ، مش هامك مين هو بالتالي مش هتتجوزه ، انا مقدرش علي كدا
كأنه فهم ما تحاول فعله واي سياسة ستتخذها معه في الحوار ، وكأنه جهز لكل شئيا مسبقا وعلم بكل الاسئلة التي ممكن ان تطرحها عليه فجهز لها الاجابة
لذلك قال:-
_هنتجوز علي سنة الله ورسوله
نظرت له بذهول فتابع هو:-
_انا مكنتش ناوي ابدا علي الجواز بس انتي عجبتيني واللي يعجبني لازم اريحه علشان يريحني
قالها وهو يغمز لها فصرخت بغضب من حديثه ومن الحال كله:-
_انت شكلك اتجننت
وبالحقيقة .. تايسون لديه استعداد ان يتحدث معك مـدي اليوم وطوال الحياة لكن بصوتا منخفض ، اذا ارتفع فقط الي حد لا يستطيع تحمله ، ستري منه ما لا تستطيع ان تتحمله انت ايضا
ولذا عندما ارتفع صوتها امامه احكم قبضة يده حول ذراعها ليقربها نحوه جاعلا وجهه يقابل وجهها وعينيه تتواصل مع عيونها ، وهو يردف بتحذير:-
_نصيحة رقم واحد .. في حضرة تايسون صوتك ميعلاش علشان ميخفهوش من وش الدنيا خالص وانتي معاه كمان
اجفلت من حديثه ورغم قوتها التي ظهرت رغم قليل دمعت عيونها ، وظهر فيهم حيرتها من الامر الذي تعيشه لاول مرة ولم تتوقع يوما انها ستحي فيه ولا حتي بأحلامها واسواء كوابيسها .. لم يعطيها مجالا لـ التفكير او الرد وهو يقول:-
_مفيش مهرب مني ، دخلتي الحارة فملكيش طلوع ولو طلعتي يبقي لازم تدفعي قبل ما تطلعي تمن حريتك دي
صمت لـ لحظة وتابع بقسوة:-
_والتمن هو طفل منك يكون من صلبي ..
وثم .. لا حديث اخر قيل بعد الذي قاله !
ابتعد عنها كما اقترب فجأة مرددا:-
_هسيبك انهاردة تفكري واتمني مسمعش غير اللي عايزه لانه كدا كدا هيحصل سوا وافقتي او رفضتي ، الفرق انه هيحصل بالغصب يا...
ابتسم هاتفا بأستفزاز:-
_عروسة
. . .
ما حدث بعد ذلك لم تفقه هي ، حيث جاءت لها سيدة كبيرة بالعمر اخذتها من يدها وصعدت بها لـ الطابق العلوي ادخلتها لغرفة موضبة بأثاث عصري عكس الطابق السفلي ذو الاثاث الاثري ، وجدت علي الفراش منامة حريرية ذات ماركة مشهورة بـ بنطال طويل وكنزة طويلة بأكمال لونها ازرق ، نظرت لها بتعجب فقالت ام السعد:-
_الباشا جابهالك هي وكام طقم في الدولاب
واشارت لـ خزانة الملابس الموضوعة بإحدي اركان الغرفة متابعة حديثها:-
_علشان تتشطفي وعقبال ما تخلصي هجهزلك الفطار
لم ترد ولم تنتظر ام السعد الرد فلا يهمها ما ستقوله ، الاهم هو تنفيذ اوامر تايسون وفقط ، بعدما كادت تخرج وقفت عند الباب وكأنها تذكرت شيئا يجب ان يُقال ، حيث ضربت بيدها علي جبهتها وهي تردف بتذكر:-
_الباشا بيقولك متنسيش تفكري في اللي قالهولك
ثم خرجت واغلقت الباب ، ما ان خرجت حتي توجهت هي نحو شرفة الغرفة ، مشطت المكان حولها وجدت هناك رجلين يقفا عند بوابة المنزل الخارجي واثنين عند الداخلي ، كانت الشرفة كبيرة تطل علي المنزل من الامام وباقيتها تطل علي الجانب الاخر من المنزل ، من الجانب الاخر استطاعت ان تري الجانب الخلفي لـ المنزل ايضا ، وهناك كان يوجد بابا ايضا لكنه بلا حراس !
اذن .. ما جال بخاطرها تنفيذه سيكون سهلا جدا ...
ستهرب منه ، ستهرب من ذلك التايسون باسرع وقت واقرب فرصة ، لن تجعله ينال منها فليست هي من تستسلم لقدرا ظالما سيبوء عليها بالمصائب ..
ستهرب من ذلك الرجل مهما كلفها ذلك من جهد وتعب ، وان لم تفلح تلك المرة ستظل تحارب الي ابـد الدهر حتي تهرب من براثنه .........!!!!
تعليقات
إرسال تعليق