![]() |
حبه عنيف
الفصل_السادس والسابع
🌺🌸🌺🌸🌺🌸🌺🌸🌺🌸🌺
صمت سليم لعدة لحظات بعد تصريح ضرغام المُقلق ثم قال بهدوء:
- بس إنت قولت إنها هترفضك لو إتقدمتلها.
أجابه ضرغام:
- و مغيرتش رأيي.
ثم أكمل بحنق بالغ:
- بس عم محمد ما شاء الله مش مخلي عن جهده جهد.
أجاب سليم بجدية:
- شئ بديهي...أومال إنت كنت مفكر إية؟...لما يعرف إنك عايز تتجوز بنته هيقولك خود أهي.
صمت عندما رأى حنق ضرغام يزداد ثم قال:
- طب هتعمل إية لو رفضتك؟
- هتجوزها يا سليم...قبلت بقى ولا رفضت..مش فارقة كتير.
قالها بإصرار و نبرة لا تقبل النقاش فقال سليم باستنكار:
- يا بني هتتجوزها غصب عنها؟
أجابه و قد بدت عليه بوادر العصبية:
- لو إضطريت هعملها يا سليم...مش هسيبها أنا تروح تتجوز واحد تاني...تبقى بتحلم.
صمت سليم بقلة حيلة...يا لعنف حب ضرغام.
●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●
في اليوم التالي.
كان ضرغام يجلس خلف مكتبه في شركته و رأسه يعمل بتفكير...هو لن يتوقف..و من المؤكد أن محمد ينتظر ردة فعله الآن.
لن يقلقه أكثر سيتقدم بطلب يد ابنته و سيكف عن تلك المراوغات.
نظر إلى ساعة معصمه محددًا وقتًا معينًا للذهاب و لكن عليه أن يبلغه أولًا.
و في السابعة و النصف مساءًا خرج ضرغام من مبنى الشركة راكبًا سيارته و لكن قبل أن يتحرك أخرج هاتفه متصلًا بمن يرجو أن يكون والد زوجته.
أجاب محمد بالسلام كما هي عادته التي علَّمها لابنتيه فرد له ضرغام السلام ثم قال بصوت جاد للغاية ليشعر محمد بجدية الأمر:
- عم محمد..أنا جايلك في السكة...في موضوع مهم عايز أتكلم معاك فيه.
أتاه صوت محمد يشوبه القلق:
- خير يا بني..في إية؟
فأجابه ضرغام:
- هتعرف لما أوصل يا عم محمد...سلام.
أنهى المكالمة ما إن سمع رده بالإجاب ثم إلقاء السلام متجهًا إلى منزل ياسمين بسرعة.
●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●
أنزل محمد الهاتف الذي كان إلى جوار أذنه حد الإلتصاق بها و رأسه يعمل بجنون.
ما الذي يدفع بضرغام أن يأتي إلى منزله؟
ترى ما طبيعة ذلك الأمر الهام الذي يريد أن يحدثه به؟
هناك أمر واحد فقط هو من خطر بباله بذلك الوقت.
يتمنى ألا يكون الأمر كذلك...لن يعطيه ابنته.
كانت ياسمين ترى آثار أفكار والدها جلية على وجهه.
لماذا يبدو قلقًا إلى هذا الحد؟...هل أتته ردة فعل ضرغام يا ترى؟
اقتربت جالسة إلى جواره بتنهيدة حاملة للهم لم يلحظها محمد لشروده...لكنه لاحظ وجود ياسمين على الأقل فقال بقلق و هو مازال ينظر أمامه بشرود:
- جاي.
قالت ياسمين بقلق من حالة والدها:
- هو مين إللي جاي؟
قال بعصبية طفيفة سببها توتره:
- هيكون مين يعني يا ياسمين؟...ضرغام...قالي عايز يتكلم معايا في موضوع مهم.
قالت محاولة تبسيط الأمور لتكبح توتره:
- طيب إية إللي موترك أوي كدا يا بابا؟...ما يمكن حاجة في الشغل متستناش لحد الصبح و مينفعش الكلام في التيليفون.
انتفض محمد واقفًا قائلًا بعصبية و لكن بصوت خفيض حتى لا تسمع زوجته و ابنته الأخرى:
- إنتي عارفة ضرغام آخر مرة دخل البيت دا كانت إمتى؟...كان وقتها طفل...حصلت مشاكل كبيرة كتير في الشغل قبل كدا بس عمره ما جالي البيت لموضوع ضروري.
أشاح عينيه عنها قائلًا بقلق يتفاقم بمرور الوقت:
- أنا راجل زيه و أفهمه...هو كدا جاب أخره و هيلعب بآخر كارت.
قال بشرود و صوت خفيض و هو يفكر بما قد يفعله ضرغام لنيل ابنته:
- أو جايز يكون مش الأخير...محدش بيعرف يتوقع دماغه فيها إية.
نهضت ياسمين مقتربة منه بهدوء رابتة على كتفه قائلة:
- بابا..ممكن تهدا شوية؟
التفت لها والدها قائلًا:
- روحي قولي لأمك و أختك إن في ضيف جاي.
أومأت قائلة لتهدئه و من داخلها تضج بالقلق:
- حاضر...بس أرجوك إهدا شوية كل مشكلة و ليها حل.
بعد عدة دقائق كان جرس الباب يعلن عن وصول من أصبح كابوس محمد في الفترة الأخيرة.
فتح الباب بوجه مكفهر...طوال سنوات عمره السادسة و الخمسون لم يستقبل ضيفًا بمثل هذا الوجه أبدًا...و لكن الوضع الآن مختلف...فذلك الرجل الواقف أمامه الآن مُصر أن يورط ابنته بحبه الأهوج...لكم يتمنى أن يكون مجرد إعجاب يزول مع مرور الوقت!...و لكن هناك صوت داخله يصيح أن ذلك ليس مجرد إعجاب فحسب.
ابتسم بصعوبة مرحبًا به...دلفا إلى غرفة استقبال الضيوف و بدأت منيرة تعد القهوة الذي أخبرها عنها زوجها و حثها على إعدادها بنفسها فور وصول الضيف..فلا ياسمين و لا ريم ستخرج من غرفتها قبل انصرافه...هكذا حث منيرة التي اندهشت من تشدده على غير العادة.
ذهب محمد ثم عاد بعد لحظات بالقهوة التي وضعها على الطاولة و جلس منتظرًا سماع ما سيقوله ضرغام.
نظر ضرغام إليه قائلًا بجدية و دون قول حرف كمقدمة أو تمهيد:
- أنا جاي طالب إيد الدكتورة ياسمين يا عم محمد.
و اتبع محمد نهجه قائلًا:
- طلبك مرفوض.
حسنًا...ضرغام كان يعلم جيدًا أنه سيتلقى الرفض و لكنه لم يتخيل أن يأتيه بتلك السرعة و لا أن يُقذف في وجهه بتلك الطريقة.
قال ضرغام محاولًا التحكم بأعصابه قدر المستطاع:
- معرفتكش متسرع قبل كدا.
- و أنا معرفتكش غبي قبل كدا.
قالها محمد بهجوم بحت ثم قال و هو يراقب تغير ملامح ضرغام التي بدت عليها بوادر العصبية:
- إنت عارف إني عارف بكل إللي إنت عملته.
حاول ضرغام تجاهل ما قال:
- أنا عايز بنتك في الحلال و على سنة الله و ر.....
قاطعه محمد بعصبية:
- بنتي لأ...معنديش بنات للجواز.
ثم أكمل من بين أسنانه التي يضغط عليها بعنف:
- بنتي تستاهل واحد أحسن منك و من عينتك كلها...متخرجنيش عن شعوري يا ابن فؤاد.
لا يدري كيف استرخت ملامح ضرغام ببرود تام و قد ذهبت عنه عصبيته تمامًا.
نهض ضرغام بملامح مسترخية و قال ببرود:
- بنتك مش هتتجوز غيري.
اتجه ناحية باب الشقة ليخرج و لكن أوقفه قول محمد:
- إحلم براحتك...الأحلام مش حرام.
فتح ضرغام الباب و قال و هو يخرج:
- إفتكر إن إنت إللي رفضت.
أصابت محمد حالة من الهلع على ابيته و صاح بأعلى نبرة صوت يمتلكها أرعبت ياسمين و كل من في المنزل:
- لو بنتي إتأذت منها شعرة مش هسيبك يا ضرغام..سامع؟...و الله ما هسيبك.
لم تهتز لضرغام شعرة فقط أغلق الباب بهدوء نازلًا إلى الأسفل بغضب غير ظاهر للعيان.
محمد لا يدري أنه قد أخرج شيطانه...سيتحمل ما سيحدث نتيجة أفعاله الآن.
خرجت ياسمين من الغرفة بقلق عارم بعد أن سمعت صوت إغلاق الباب.
وجدت أباها يلهث من شدة العصبية..لكن هذه المرة لا يبدو على وجهه القلق بل هذا خوف خالص.
أجلسته سريعًا و أحضرت دواء ضغط الدم و سرعان ما خرجت منيرة و ريم بقلق أيضًا.
تناول محمد دواءه بينما قالت منيرة بقلق:
- في إية يا محمد؟...كنت بتزعق كدا لية؟
قال و قد هدأ أخيرًا:
- مفيش يا منيرة...دا واحد كان بيتقدم لياسمين...قال كلام عصبني.
قالت و قد تفاقم قلقها من تذكر عبارته التي شقت الجدران:
- مفيش إزاي؟...أنا سمعاك بتقول لو شعرة من بنتي إتأذت مش هسيبك...هو عايز يئذيها لية بس؟
قالت ياسمين تدفع عن والدها ضغط أسئلة والدتها:
- ماما لو سمحتي..بابا تعبان دلوقتي سيبي الأسئلة دي لبعدين.
صمتت منيرة بينما أغلق محمد عينيه بإرهاق و قد تأكد أن أبنته بورطة حقيقية.
ضرغام يحب بابنته...إنه غارق بحبها حد العشق...عشق تغلغل داخله حتى النخاع...هذا ما أدركه بعد تلك المواجهة الحامية.
أدخلته ياسمين إلى غرفته بصحبة ريم التي لم تتمكن مشاكساتها من تهدأة الوضع هذه المرة.
تركوه جميعًا ليرتاح و لكن من أين تأتيه الراحة قد علم للتو ما حجم الورطة التي وقعت بها ابنته دون شعور منها.
يشعر و كأنه قد دُفن حيًا...أي أنه يشعر بالعجز الخالص و ذلك الشعور ينحره بغير رحمة أو شفقة.
يعلم أنه ليس لديه القوة الكافية ليقف بوجه شخص كضرغام و لكن فليكن...هل سيتخلى عن ابنته مثلًا؟
سيحارب لآخر نفس يخرج من صدره إذا تطلب الأمر.
لن يترك ابنته لهذا الضرغام المتربص بها مهما كلفه الأمر...لن يتركها أبدًا.
●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●
مر أسبوعان كاملان و لا يوجد ردة فعل من ضرغام...و لكن مهلًا...إنه يحب التمهل دائمًا.
كانت حال ضرغام ليست طبيعية أبدًا مما أثار توجس سليم الذي لم يفلح أبدًا بجعل ضرغام يخبره بما ينتوي أن يفعل بعد أن علم بأنه تم رفضه من قِبل محمد...و ربما ياسمين أيضًا...على الأغلب الأمر كذلك.
يرى نظرة الشر الخالصة التي لم تفارق عينيه مما جعله يكاد يجذم أن ضرغام ينوي على كارثة.
و لكن لحظة...لماذا تغير و خرج الشيطان الكامن بداخله بهذا الشكل؟...ألم يكن يعلم أنه أباها سيرفضه؟...فلما ينظر إلى مكانها الفارغ عبر الحائط الزجاجي بهذه النظرة المتوعدة الآن؟
في العادة يلجأ ضرغام للخمر عندما يريد الهرب من شئ ما...عندما يريد النسيان..لكنه لم يلجأ له أبدًا هذه المرة.
للأسف هذا أسوء بكثير...هذا يعني أن ضرغام لا يريد الثمالة لأنه يخطط لشئ ما...يريد البقاء واعيًا و هذا سيأزم الوضع أكثر.
راقبه سليم بملل و هو واقف أمام الحائط الزجاجي يطالع اللا شئ.
قال بحنق و عدم فهم:
- ضرغام إنت بتبص على إية؟
لم يجبه صرغام و لكن رأى سليم بوضوح ملامحه التي تخلت عن جمودها حتى توحشت بشكل مخيف.
- ضرغام أيًا كانت المصيبة إللي إنت ناوي عليها شيلها من دماغك...الراجل مغلطش.
قالها سليم بجدية و قد تفاقم قلقه من حالة ضرغام.
هو يحفظ صديقه عن ظهر قلب لكنه مازال يصيبه العجز عندما يحاول معرفة ما يدور بتلك الرأس الفولاذية...لكن ليس من الصعب عليه معرفة أنه يخطط لكارثة.
نهض سليم واقفًا إلى جواره و هو يقول:
- إنت بقالك أسبوعين على الحال دا..و مش مهتم بالشغل يا ضرغام...الوفد الألماني جاي بكرة..يا ريت معلش تيجي على نفسك و تقابلهم معايا يا ضرغام بيه.
ارتسمت ابتسامة شيطانية على وجه ضرغام مما أرعب سليم...لقد انتهى من التخطيط و لم يبقى سوى التنفيذ...هذا ما أخبرته إياه تلك الابتسامة.
- هقابل الوفد الألماني بكرة..متقلقش.
قالها ضرغام بينما لاتزال تلك الابتسامة مرتسمة على وجهه.
تحرك خارجًا من غرفة المكتب بينما تبعه سليم يقول بهلع:
- ضرغام...إرجع عن إللي في دماغك أيًا كان...متكرهش البنت فيك.
لم يجبه ضرغام..فقط خرج من الغرفة بهدوء بينما ارتمى سليم على الأريكة السوداء التي بالحجرة يمسح على وجهه بحنق و يفكر كيف يمكنه منع ضرغام من فعل ما ينتوي عليه.
لم تخطر على باله فكرة واحدة حتى فتنهد بقلة حيلة عازمًا على أن يحدثه بالأمر مجددًا عله يقتنع.
●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●
ابتسم محمد قائلًا:
- مش مصدق إن في واحد عدل إتقدملك أخيرًا يا ياسمين.
نظر إلى ابنته التي لم يصدر منها رد فعل قائلًا:
- مالك ساكتة كدا لية؟
نظرت إليه و قالت تصارحه بقلقها:
- بابا..العريس دا إتقدم من أسبوع و حضرتك بلغته الموافقة إمبارح.
ثم أكملت بحيرة:
- معقول كل دا و ضرغام ميعرفش؟...لو عرف ممكن...
قاطعها والدها و قد انتقل قلقها إليه:
- و هو هيعرف منين بس؟
أجابته بحيرة:
- مش عارفة.
صمت قليلًا ثم قال:
- ياسمين..إنتي لازم تتجوزي بسرعة...أو نكتب الكتاب على الأقل...ضرغام مش هيسكت يا بنتي..أنا خايف عليكي منه.
قالت بسخرية:
- كوني واحدة متجوزة مش هيفرق معاه يا بابا.
أجابها بتفكير:
- لا هيفرق...ضرغام مش وحش للدرجة دي.
ربت على ظهرها بحان قائلًا:
- عارف إنك مكونتيش عايزة كتب الكتاب يكون بسرعة كدا...بس معلش..دي ظروف خاصة.
قالت مبتسمة:
- مفيش مشكلة يا بابا..."و عسى أن تكرهوا شيئًا و هو خير لكم".
●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●
في صباح اليوم التالي.
في منزل ياسمين.
خرج محمد من منزله ذاهبًا إلى عمله بينما تنهدت ياسمين بملل فمنذ أن استقالت و هي تشعر بفراغ كبير.
خرجت ريم من غرفتها مرتدية ملابس للخروج فقالت ياسمين:
- رايحة فين؟
أجابتها أختها:
- هجيب لماما حاجات و جاية.
نهضت ياسمين سريعًا قائلة بلهفة:
- خوديني معاكي...عايزة أخرج أوي.
- طيب يلا...إجهزي بسرعة.
ذهبت ياسمين إلى غرفتها لتبدل ملابسها سريعًا ثم خرجت قائلة لوالدتها:
- ماما..أنا هنزل مع ريم.
قالت والدتها بحنق:
- من غير فطار يا ياسمين؟
قالت ياسمين بينما هي تخرج لتهرب من والدتها التي تريد إطعامها عنوة:
- خلاص بقى يا ماما..مليش نفس.
خرجت ياسمين من المنزل سريعًا و تبعتها ريم نازلتان إلى الأسفل.
و ما كادتا أن يمشيا بعض الخطوات حتى قالت ريم:
- هو الشارع فاضي كدا لية؟
- علشان إحنا لسة الصبح بدري...كان بيبقى كدا على طول لما كنت بروح الشغل الصبح.
قالت ريم متذكرة أمر استقالتها:
- أموت و أعرف إية إللي خلاكي تستقيلي...مش داخلة دماغي أنا إنه من موضوع الملف إللي إتسرق دا و إنك خايفة على مجهودك...بس ماشي هعديها بمزاجي لحد ما تيجي تحكيلي إنتي على كل حاجة.
خرجتا إلى شارع عمومي بدا خالي من الناس بشكل مريب..فقط كل عدة دقائق تمر سيارة أو شخص ما من المارة لكن ياسمين معتادة على ذلك.
فجأة ظهرت سيارة ذات دفع رباعي اعترضت طريقمها.
توجست ياسمين و ازداد خوفها عندما ترجل من السيارة امرأتان مخيفتان و رجال من ذوي الأجساد الضخمة.
أزاحت ياسمين ريم خلفها رغم أن ريم هي الأشرس..و لكن ياسمين هي الأكبر سنًا و بالتأكيد تقع عليها المسؤلية.
اقتربت المرأتان و هما ينظران إلى ياسمين بتمعن فقالت بصوت حاولت ألا يخرج رقيقًا كما يخرج دائمًا:
- إنتوا عايزين إية؟
جذبت إحدى المرأتان ياسمين من ذراعها بينما وضعت الأخرى قماشة بها مخدر على أنفها.
تلوت ياسمين بعنف محاولة الفرار منهما بينما استشرست ملامح ريم متجهة نحوهما بشر و لكن كبلها رجل من ذوي الأجساد الضخمة من الخلف.
صرخت بأعلى صوتها مراقبة تلوي أختها:
- ياسمين.
و فجأة ضربت الرجل الذي يكبلها بمرفقها في بطنه على حين غرة.
انحنى الرجل إلى الأمام بتألم فصدمته ريم بمؤخرة رأسها في أنفه بعنف فترنح الرجل و قد تركها تمامًا بينما بدأت أنفه في النزيف.
تقدمت من أختها التي فقدت الوعي خطوتين بهلع و لكن كبلها رجل آخر.
طحنت ريم قدم الرجل الذي يكبلها بكعب حذائها العالي و هي تطالع المرأتان التان تحملان ياسمين متجهتان بها إلى السيارة.
تراجع الرجل بصراخ مكتوم من ألم قدمه بينما صرخت ريم بذعر:
- ياسمين...سيبوها...ياسمين.
كتم رجل آخر فمها حتى لا تلفت الأنظار إليهم بصراخها.
تهاوت دموعها و هي تطالع المرأتان قد وضعتا أختها بالسيارة و من ثم ركبا معها.
عضت يد الرجل الكاتمة لفمها بعنف فأبعد يده سريعًا متأوهًا بألم.
ركب الرجل السيارة بسرعة مع البقية الذين سبقوه بالركوب و بدأت السيارة تتحرك بالفعل.
ركضت ريم تجاه السيارة صارخة ببكاء:
- ياسمين...سيبوها..عايزين منها إية؟...ياسمين.
ازدادت سرعة السيارة بينما ريم مستمرة بالركض ورائها و هي تصرخ:
- ياسمين...لا..ياسمين.
ابتعدت السيارة كثيرًا بينما سقطت ريم على ركبتيها صارخة بأعلى ما لديها من صوت:
- ياسمييييييييين
متابعه لصفحتى الشخصيه اوارسال طلب صداقه ليصلك اشعار عند النشر مباشر دمتم في رعايه الله وامنه
#حبه_عنيف
#الفصل_الثامن والتاسع
🌠🌠🌠🌠🌠🌠🌠🌠🌠
تقدمت حنان من ضرغام الذي لعن حظه العثر من بين أسنانه قائلة باشتياق و هي تحتضنه:
- عامل إية يا حبيبي؟...وحشتني.
ربت على ظهرها قائلًا بشرود:
- الحمد لله يا أمي أنا بخير.
ضمت وجهه بيديها قائلة بعتاب:
- لو مكونتش باجي كان زماني مبشوفكش خالص...لولا إن عارفة ضغط الشغل إللي عليك كنت زعلت منك بجد.
ابتسم لها مجاملًا إياها و هو يفكر بحل لتلك الورطة التي وقع بها.
نظرت حنان حولها قائلة:
- أومال فين صفية؟
نادى ضرغام على إحدى الخادمات لتخبر صفية بوجود حنان ثم التفت إلى أمه قائلًا:
- خالتي عاملة إية دلوقتي؟
أجابته بحزن على أختها:
- حالتها وحشة يا بني و لازم أفضل معاها.
أومأ لها متمنيًا أن يجد حلًا سريعًا حتى لا تعلم أمه بأمر اختطافه لياسمين...يعلم أنها ستعترض خاصة أنها تعرف محمد الذي كان صديق زوجها المتوفى.
- إتعشيت؟
سألته مبتسمة فأجابها:
- لا لسة.
- كويس..عايزة أتعشى معاك مرة.
توجهت إلى صفية التي أتت توًا فرحبت بها صفية و هي تنظر إلى ضرغام بقلق.
استغل ضرغام انشغال والدته و صعد إلى غرفة ياسمين.
طرق الباب برفق ثم فتحه فوجدها نائمة بكامل ملابسها و حجابها بعد أن بكت كثيرًا بحضن صفية بسبب وجع بطنها من كثرة ما أكلت.
أغلق الباب متنهدًا بعمق...على الأقل لن تعلم والدته اليوم و لكن عليه أن يجد حلًا حتى لا تعلم.
●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●
- هاتلي بنتي يا محمد..أنا عايزة ياسمين.
صاحت بها منيرة ببكاء شديد و قلبها مفطور على ابنتها البكرية التي اختطفت من أحضانها عنوة.
لم يجب محمد و الشعور العجز يكبله...قلبه يؤلمه بشدة.
ياسمين ابنته البكرية و أول فرحته اختطفت ولا أحد يعلم كيف هو حالها الآن.
نظر إلى ريم التي انسابت دموعها على وجنتيها قائلًا:
- ملمحتيش رقم العربية يا ريم؟
أومأت نافية بصمت فقال بتركيز عسى أن يجد طرف خيط في الأمر:
- طيب هم لية أخدوا ياسمين بالذات؟
رفعت رأسها المنكس قليلًا قائلة بخفوت:
- قدروا يسيطروا على ياسمين بسهولة..و خدروخا و أخدوها..بس أنا كنت بضرب فيهم على قد ما أقدر علشان أهرب منهم..بس معرفتش ألحق ياسمين علشان أخدوها على العربية بسرعة و أنا كنت كل ما أفلت من واحد التاني يكتفني.
قطبت جبينها ثم أكملت:
- ممكن مخطفونيش أنا كمان علشان كان في عربية جاية و إضطروا يمشوا بسرعة.
يا إلهي...حديث ريم جعله يتخبط أكثر...من الممكن أن يكونوا الخاطفين قد فروا بسرعة قبل مجيئ تلك السيارة كما تقول ريم و لكن ذلك لا ينفي اختطاف ياسمين لشخصها...و بالطبع إذا كان الأمر هكذا فالمتهم الأول هو ضرغام!
و لكن مازال لا يملك أي دليل يدينه.
●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●
في فيلا ضرغام.
الساعة الثانية بعد منتصف الليل.
فتحت ياسمين باب غرفتها بحذر تنظر إلى الخارج لترى إن كان هناك أحد.
خرجت تنزل الدرج بحذر شديد خشية أن يشعر أحد بوجودها خارج غرفتها.
ضرغام ليس موجودًا..يجب أن تستغل الفرصة لتفر هاربة من منزله اللعين.
لم تستطع النوم كثيرًا فهي بغير مكانها المعتاد مما دفعها للتجول بالغرفة ذهابًا و إيابًا بملل و حنق.
سمعته عندما كانت قريبة من الشرفة يحادث أحدًا ما يخبره بأنه قادم.
أنها بكامل طاقتها الآن بسبب ذلك الطعام الذي أكلته بالإكراه...يجب أن تستغل الفرصة فهي لن تأكل مجددًا بهذا المنزل.
فتحت باب الفيلا و هي تنظر حولها بخوف ثم خرجت ناظرة إلى الحديقة ثم اقتربت بحذر من السور لتتسلقه.
حمدت ربها أنها لا ترتدي فستان طويل كما هي معظم ملابسها و إلا لَمَا كانت ستستطيع تسلق السور كما تظن.
نظرت بإحباط إلى سور الحديقة الشاهق...يبدو أن الأمر لن يكون سهلًا على الإطلاق.
وقفت أعلى صخرة كبيرة كانت إلى جانب السور ثم بدأت محاولة التسلق.
سقطت أرضًا بعدما تخللها الأمل عندما وصلت يدها إلى حافة السور.
تأوهت بخفوت متألمة و لكنها اختبأت خلف شجرة كبيرة وارت جسدها الصغير تمامًا عندما شعرت أن أحد ما يقترب.
نظر حسان إلى الحديقة بتمعن و لكنه لم يجد الدخيل الذي رآه من بعيد و قد بدا كالشبح في هذا الظلام...لكنه متأكد من وجوده.
جذب مسدسه و جهزه للإطلاق ثم أطلق رصاصة بالهواء فانطلقت صرخة نسائية عن قُرب.
ابتسم بانتصار...هذا هو ما أراده..كان يشك بياسمين بالأساس.
تحرك نحو الاتجاه الذي أتت منه الصرخة فوجدها تقف خلف شجرة كبيرة واضعة يدها على فمها و مغلقة عينيها بخوف و قد وارت الشجرة جسدها خلفها تمامًا.
فتحت عينيها بخوف فرأته يقف أمامها عابس الوجه و قبل أن تستطيع الاستعاب كان المكان قد امتلأ بالحراس الذين جاءوا عندما سمعوا صوت الرصاصة المنطلقة تشق سكون الليل.
نظرت حولها بخوف للحراس ضخام الجثة و هي لا تعلم كيف ستتصرف الآن.
نظر حسان إلى الحارس الذي يجاوره فاتبعت ياسمين نظراته بخوف استوطن قلبها.
كان ذلك الحارس ينظر إليها بشفقة واضحة حتى ظنت أنه لربما لديه قلب كما البشر!
- عصام..بلغ الباشا إن المدام حاولت تهرب.
قالها حسان ببرود للحارس الذي يجاوره بينما هتفت ياسمين بعدائية:
- أنا مش مدام.
ذهب عصام ينفذ أمر حسان بعد أن رشقها بنظرة شفقة بدت واضحة لها بينما أرجع حسان نظراته لياسمين قائلًا ببروده المعتاد:
- إهدي يا مدام علشان نعدي الليلة دي على خير.
اشتعلت عينيها صائحة بغضب:
- قولتلك أنا مش مدام.
لم تهتز له شعرة و لم يصدر عنه أي استجابه حتى ظنت أنه لم يسمع صياحها به و لكن زالت شكوكها عندما قال:
- باعتبار ما سيكون.
- في أحلامك و أحلامه.
قالتها بعدائية تغلغل بها الدهشة من ذلك الرجل المريب...تكاد تقسم أن ساعة واحدة يقضيها الشخص معه كافية لإتلاف أعصابه بالكامل.
مسكينة...لا تعلم أن حسان يتعامل معها بلين حتى لا يغضب ضرغام.
عاد عصام ترافقه نظراته المشفقة عليها...نظر إليه حسان منتظرًا ما سيقول فقال عابس الوجه:
- قال محدش يجي جنبها...هو على وصول لما يجي هيتصرف.
انهارت ياسمين تبكي بعنف و قد سقطت على ركبتيها قائلة بتوسل باكي:
- أرجوك خليني أمشي من هنا.
اقتربت حنان تتبعها صفية بخطوات سريعة.
قالت حنان لحسان بقلق:
- في إية يا حسان؟...إية ضرب النار إللي سمعناه دا؟
تقدم منها حسان قبل أن تقترب أكثر حتى لا ترى ياسمين.
قال محاولًا جعلها تعود أدراجها إلى الداخل:
- مفيش حاجة يا هانم...حضرتك تقدري تروحي تنامي و متقلقيش من حاجة.
نظرت لتلك البقعة التي يتجمع الحراس حول ياسمين بها حتى لا تحاول الهرب مجددًا قائلة بشك:
- و لما هو مفيش حاجة..رجالتك واقفين كدا لية؟
صمتت لبرهة ثم قالت بدهشة:
- و إية صوت العياط دا؟
كادت أن تعبر من جانبه و لكنه أعاق طريقها بجسده قائلًا:
- أيًا كانت المسألة...أنا هحلها..مفيش داعي لوجود حضرتك هنا في الوقت دا.
قالت صفية موجهة حديثها إلى حنان:
- خلاص يا حنان...تعالي ندخل جوا.
دفعته عابرة من جواره و تبعتها صفية التي امتقع وجهها ما إن رأت ياسمين المنهارة أرضًا تبكي كما لم تبكي من قبل.
نظرت إلى ياسمين بدهشة و وجهت حديثها إلى حسان قائلة:
- مين دي؟...و بتعيط كدا لية؟..و بتعمل إية هنا أصلًا؟
لم تتلقى من حسان سوى الصمت فصاحت به:
- حسان...أنا بكلمك.
قال ببرود تالف للأعصاب:
- الباشا هيجاوبك.
صاحت به بعصبية:
- حسان..بلاش طريقتك دي معايا...أنا بسألك إنت.
- و أنا جاوبت.
قالت و هي تزفر بعنف حانقة منه:
- أوف...بكلم حيطة.
حاولت صفية الاقتراب من ياسمين لتهدئها و لكن منعها الحراس.
نظرت إلى حسان برجاء صامت فقابل نظراتها بجمود نظراته التي تعلم معناها جيدًا.
قالت حنان بغضب:
- كمان مش عايزها تهدي البنت...إنت مش شايف حالتها عاملة إزاي؟
زفر حسان بحنق بينما دخلت سيارة ضرغام المسرعة من البوابة و وتوقفت بعشوائية.
ترجل منها مسرعًا متجهًا نحو ياسمين الجالسة أرضًا و صوت نحيبها يملأ المكان.
أمسك ذراعها جاذبًا إياها برفق لتقف و لكنها نفضت يده عنها صائحة به:
- إبعد عني...متلمسنيش.
قال محاولًا تهدئتها:
- إهدي طيب.
نهضت واقفة و دفعت إياه بصدره قائلة ببكاء:
- مش ههدى...أنا عايزة أروح عند بابا و ماما و ريم.
دفعته مجددًا قائلة:
- إنت بني آدم معدوم الضمير.
أمسك بذارعها مجددًا قائلًا:
- طيب تعالي نتكلم جوا.
خرجت منها صرخة مدوية أفزعت الجميع ثم صاحت بأعلى صوت لديها:
- قولتلك متلمسنيش..إبعد إيدك دي عني...أنا مش داخلة في حتة..أنا عايزة ماما.
أدرك أن ثورتها لن تهدأ فحملها دون سابق إنذار متجهًا إلى داخل الفيلا.
تلوت محاولة الفرار منه و لكمته بصدره قائلة:
- نزلني...نزلني بقولك.
لم تتلقى منه استجابة فخدشت وجهه و شدت شعره ثم غرزت أسنانها بكتفه كمحاولة أخيرة لجعله يتألم.
كان قد وصل لغرفتها فوضعها على الفراش متحسسًا موضع عضتها بألم طفيف.
نهضت عن الفراش سريعًا قائلة بسخرية:
- واو...طلع عندك إحساس زينا.
نظرت لهيئته بتمعن لأول مرة...لم تشعر بضخامته من قبل و لكنها أحست نفسها كالعصفور عندما حملها صاعدًا بها الدرج بكل سهولة.
ابتسمت بسخرية...بالطبع ستبدو كالعصفور بين يديه فهو لديه طول فارع و كتلة عضلية ربما تمكنه من حمل وزن يضاعف وزنها ثلاث مرات.
- ياسمين...مش عايز أقفل عليكي الأوضة...مش كل شوية تحاولي تهربي.
قالها ضرغام بتحذير فأجابته بعند:
- هفضل أحاول لحد ما أنجح.
دلفتا حنان و صغية إلى داخل الغرفة و قد بدا على وجه حنان الغضب.
قالت حنان بحزم:
- ضرغام..عايزاك في حاجة مهمة.
تنهد ضرغام بسؤم ثم خرج بصحبة والدته بينما هدَّأت صفية ياسمين و جعلتها تبدل ملابسها التي اتسخت مما حدث في الحديقة.
●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●
- مين دي يا ضرغام؟
زفر بعنف و هو يجيب والدته التي تصر على نيل الإجابة:
- دي ياسمين...و هتبقى مراتي.
اتسعت عينيها بدهشة قائلة:
- إية؟...هتبقى مراتك إزاي يعني؟...دي مش طيقاك ولا طايقة حد خالص.
قال سريعًا قبل أن يخرج من غرفتها:
- أمي..أنا تعبان و عايز أنام دلوقتي...بعدين نتكلم في كل حاجة.
خرج ذاهبًا لغرفته تاركًا إياها بدهشتها.
ضرغام سيتزوج...اليوم الذي انتظرته كثيرًا بات قريبًا الآن.
و لكن هناك شئ ما مريب بالأمر...لماذا ياسمين هنا؟...و لماذا لا تطيقه هكذا؟
●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●
في الصباح الباكر.
في فيلا ضرغام.
دلفت حنان إلى غرفة ياسمين خلسة حتى لا يشعر بها أحد.
وجدتها نائمة بالفراش بكامل ملابسها و حجابها و يبدو الإرهاق جليًا عليها.
اقتربت جالسة إلى جوارها فشعرت ياسمين بها و استيقظت فَزِعة خشية أن يكون ضرغام.
ربتت حنان على كتفها مهدئة إياها قائلة:
- متخافيش.
نظرت إليها بتمعن قائلة:
- أنا والدة ضرغام...هو قالي إنه هيتجوزك.
رشقتها ياسمين بنظرات مشتعلة غضبًا فقالت حنان:
- واضح طبعًا إنك رافضة...هو إية القصة بالظبط؟
تقوس فم ياسمين إلى الأسفل و تجمعت الدموع بعينيها قائلة:
- هو خطفني علشان يتجوزني غصب عني.
شهقت حنان بصدمة قائلة:
- لا مش معقول...ضرغام يعمل كدا؟
أومأت لها ياسمين ببكاء قائلة:
- أرجوكي خليه يسيبني.
احتضنتها حنان رابتة على ظهرها قائلة لها:
- متخافيش يا حبيبتي...هقوله يسيبك.
خرجت من غرفة ياسمين مصدومة بأفعال ابنها...ذهبت إلى غرفته مباشرة ثم جلست على الفراش منتظرة إياه حيث أنه كان بالمرحاض.
خرج يرتدي بنطالًا فقط كما هي عادته فرأت ذلك الوشم بوضوح.
- كمان واشم إسمها على صدرك!
ألقى المنشفة التي كان يجفف بها شعره جانبًا قائلًا:
- كان نفسك أتجوز...غيرتي رأيك دلوقتي؟!
أجابت بعصبية:
- مغيرتش رأيي...بس تخطف البنت و تتجوزها غصب عنها لأ يا ضرغام.
قال باقتضاب:
- هتجوزها بأي طريقة.
انتفضت واقفة صاحئحة بعصبية:
- مينفعش بأي طريقة...بالطريقة دي هتكرهها فيك.
- حتى لو كرهتني مش مهم...لما نتجوز هخليها تحبني.
قالت باستنكار:
- يا سلام...بالسهولة دي؟
ارتسمت ابتسامة جانبية على شفتيه قائلًا بثقة:
- عيب...دا أنا ضرغام الفؤاد.
اسمه ضرغام فواد و لكن أطلقت عليه الفتيات الهائمات به ضرغام الفؤاد و بالطبع لم تضيع الصحافة الفرصة و نشرت الاسم ببزخ و لكنه كالعادة لم يهتم بمثل تلك الأمور.
أومأت نافية برأسها قائلة:
- البنت مش طايقاك يا ضرغام...هتخليها تحبك إزاي؟
- بطرقتي.
قالت بحزم:
- البنت دي ترجع لأهلها.
ثم أحاطت وجهه بيديها و قالت و قد لانت نبرتها:
- إنت مجرب يا ضرغام و عارف أهلها حاسين بإية دلوقتي...بلاش تعمل كدا.
أغمض عينيه منزعجًا من تلك الذكرى السيئة...لقد اختطفت أخته الصغرى عندما كان بالمرحلة الثانوية.
لم ينسَ يومًا كم الرعب و الذعر الذي عاشه مع أمه و أبيه الذي كان على أتم الإستعداد أن يدفع ذلك المبلغ الطائل الذي جمعه بصعوبة بالغة كفدية لابنته لولا أن تم القبض على الخاطفين من قِبل الشرطة.
قالت حنان و هي تطالع تعابير وجهه:
- شوف إتضايقت إزاي علشان إفتكرت بس...رجع البنت لأهلها يا بني...إعمل معروف.
قال بوجه عابس:
- أبوها رفضني لما إتقدمت...و لما خطفتها كانوا هم بلغوا عريس كان متقدم بموافقتهم.
- حقهم يقبلوا أو يرفضوا يا بني.
قال بغضب أججته غيرته:
- أنا مش هسيبها تتجوز واحد غيري.
قالت بعتاب:
- تقوم تخطفها؟
- مكانش قدامي حل تاني.
بدأ يرتدي قميصه قائلًا:
- لو سمحتي يا أمي..مش عايز الموضوع دا يتفتح تاني.
زفرت بيأس ثم خرجت من الغرفة تاركة إياه يتلظى بنياران حب ياسمين بعجز.
●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●
خرج ضرغام من الفيلا ذاهبًا لشركة الأدوية التي أهملها مؤخرًا كما أخبره سليم.
وجد ياسمين تجلس على أحد المقاعد بالحديقة تنظر حولها بتفحص.
ذهب تجاهها قائلًا بريبة من جلوسها هنا:
- أتمنى متكونيش بتخططي تهربي تاني...الحرس حواليكي من كل حتة يا ياسمين.
عقدت ذراعيها أمام صدرها قائلة بحنق:
- عايز إية؟...ما أنا قاعدة كافية خيري شري أهو.
أومأ لها بعدم ارتياح ثم ذهب.
راقبت ذهابه بلهفة و انتظرت قليلًا بمكانها ثم تحركت تجاه ذلك الحارس الذي كان ينظر إليها بشفقة البارحة.
ما إن اقتربت حتى قال عصام:
- أؤمري يا هانم.
- أنا مش هانم ولا مدام...قولي يا دكتورة.
أومأ قائلًا:
- كنتي عايزة حاجة يا دكتورة؟
أومأت قائلة دون مقدمات:
- عايزاك تساعدني أهرب.
اعتلت معالم الصدمة وجهه و نظر حوله بخوف أن يسمعها أحد و لكن لم يكن هناك أحد قريبًا من مكانهما فعصام هو المسؤل عن حراسة هذا المكان..فقد نشر حسان رجاله في الحديقة بالكامل بعد محاولة هرب ياسمين بالأمس.
قالت و قد التمعت الدموع بعينيها:
- ضرغام خاطفني و عايز يتجوزوي غصب عني...أرجوك ساعدني..أنا خايفة أوي.
تنهد بحيرة..لا يدري ما الذي عليه فعله.
يشعر بالشفقة عليها و لكن ما تطلبه خطير للغاية..قد يكلفه روحه و يكلفها عقاب شديد من ضرغام إن تم كشفهما.
أومأ نافيًا بعنف و قد انتابه الخوف من تلك الأفكار قائلًا:
- مش هينفع أساعدك...مش هقدر.
فرت دموعها من عينيها و هي تتوسله بعجز:
- أرجوك ساعدني...إنت عارف مخارج الفيلا و مداخيلها...قولي بس أهرب إزاي..أنا خايفة ضرغام يعمل فيا حاجة.
نظر إليها بحيرة..لا يدري أيقبل أم لا.
إنه أصعب ما طُلب منه على الإطلاق.
ياريت تفاعل وارسلو طلب صداقه لدعم الصفحه ولوصولك للمنشور بسرعه شكراا
#تحياتي ادمن/محمداحمد
#حبه_عنيف
#الفصل_التاسع
♡♕♡♕♡♕♡♕♡♕♡♕
إنه أصعب ما طُلب منه على الإطلاق.
تردد و غرق في الحيرة حتى أذنيه...تنهد بثقل و هو ينظر إلى عينيها التي تتوسله بنظراتها فقال بتردد:
- موافق.
ابتسمت باتساع و لكن سرعان ما أكمل بتحذير:
- إوعي تفتكري إن الموضوع هيكون سهل علشان في حد هيساعدك...دا غير إن إحنا لو إتكشفنا روحي هتكون التمن و إنتي هيكون حسابك عسير.
ظهر الخوف جليًا على وجهها قبل أن يحل محله الدهشة عندما نظر إليعا بجانب عينيه قائلًا:
- إلا إذا كان ليكي تأثير قوي على ضرغام باشا...ساعتها ممكن تنفدي بجلدك.
نظر حوله قائلًا بحذر:
- إسمعي...الحديقة الخلفية هي بس إللي ممكن تهربي منها.
قطبت جبينها بتركيز بينما أكمل هو:
- الحديقة الخلفية دي خاصة بضرغام باشا و محدش بيدخلها غير حسان بس علشان الحراسة...بس حظك إن ضرغام باشا كان بيعمل فيها تعديلات اليومين إللي فاتو دول بس وقفها مؤقتًا...غالبًا كدا علشان متعمليش شوشرة و العمال موجودين.
نظر حوله مجددًا و قال سريعًا:
- المعدات لسة موجودة في الحديقة..لازم هتلاقي فيها سلم..هيساعدك تنطي من فوق السور علشان السور في الحديقة الخلفية أعلى من السور إللي هنا...إوعي تحاولي تهربي غير في الوقت إللي هقولك عليه...مفهوم؟
أومأت سريعًا قائلة:
- حاضر.
نظر حوله ثم قال لها:
- إمشي من هنا بسرعة.
ما إن أنهى جملته حتى ذهبت و لكن بسرعة عادية حتى لا تلفت الأنظار إليها.
تظاهرت بالتجول في الحديقة حتى وجدت صفية تناديها تطلب منها الدخول إلى الفيلا.
اقتربت منها ياسمين قائلة بضجر:
- لية يا دادة؟...أنا هدخل أعمل إية يعني؟
أجابتها بابتسامة:
- ضرغام إتصل و سأل عليكي و لما قولتله إنك لسة في الحديقة قالي أخليكي تدخلي جوا.
قالت بحنق:
- و الله لو مش عجبه يرجعني لأهلي.
- يا هبلة...بوصي حواليكي...الحرس في كل حتة و عنيهم عليكي علشان طول ما إنتي في الحديقة لازم يراقبوكي.
وكزتها برفق قائلة بمكر:
- دا غيران و شايط من الغيرة يا هبلة.
جلست ياسمين على أحد المقاعد قائلة:
- و الله دا إللي عندي و هفضل قاعدة هنا...محدش قاله يخطفني و يخليني تحت عيون رجالته.
قالت صفية بابتسامة ماكرة متصنعة الاستسلام:
- براحتك...شوية و هتلاقيه واقف على دماغك لما يعرف إنك مدخلتيش و هتبقي إنتي إللي جبتيه.
ذهبت صفية بينما توترت ملامح ياسمين نظرت حولها إلى الحديقة بتمعن.
في كل مكان يوجد حارس يُبقي عينيه الحادة عليها كي لا تهرب.
هي لا تريد أن تبقى جالسة بالمنطقة التي يحرسها عصام كي لا تثير الشكوك.
من الأفضل أن تدلف إلى الداخل..هي لا تريد أن يأتي ضرغام الآن.
نهضت ضاربة الأرض تحت قدميها بحنق ثم دلفت إلى الداخل و هي تتمتم بكلام حانق و غير مفهوم.
●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●
- يعني إية مفيش أي جديد يا حضرة الظابط؟...أنا بنتي مخطوفة من أكتر من ٢٤ ساعة..مش عارفين تجيبوا عنها معلومة؟
صاح بها محمد بغضب بينما ارتفع صوت الضابط المسؤل عن القضية قائلًا:
- أستاذ محمد...إنت مش هتعرفني شغلي...إحنا..
قاطعه محمد قائلًا بعصبية:
- لا أعرفك شغلك و لا تعرفني شغلي...أنا عايز بنتي ترجع سليمة و بس.
- إحنا مش قاعدين حاطين إيدينا على خدنا يا أستاذ محمد...إحنا بنعمل إللي علينا و إن شاء الله بنتك هترجع بخير...المسألة مسألة وقت.
اندفع بعصبية نحو الباب فاتحًا إياه ثم خرج بخطوات غاضبة و وجه محتقن.
كلما أتى إلى قسم الشرطة ليستفسر عن أي جديد بالقضية يصيبه إحباط شديد...لديه شعور لا يزول بأن الشرطة لن تستطيع العثور على ابنته المُخْتَطَفَة.
لقد اختطفت ابنته الضعيفة الرقيقة ولا يعلم عنها شئ...ليت ريم من اختطفت فهي شرسة تستطيع الدفاع عن نفسها أكثر من ياسمين على الأقل!
نفض تلك الأفكار السوداء عن عقله المشوش سريعًا.
هما ابنتاه لا فرق بينما عنده...و لكن لطالما كان يقلق على ياسمين أكثر من أختها على الرغم من أنها هي الكبرى و الأرجح عقلًا..و لكن القوة مطلوبة..و ياسمين تفتقر إليها.
خرج من قسم الشرطة يرتب بعقله الكلمات التي سيطمئن بها تلك الأم الملتاعة على ابنتها إلى حين ظهور أي معلومة عنها...و إن كانت الكلمات لا تنفع!
●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●
استغلت ياسمين انشغال الجميع و تسللت إلى تلك الغرفة التي علمت حديثًا أنها لضرغام.
أغلقت الباب بحذر كي لا يصدر أي صوت يدل على ما تنتوي فعله.
التفتت ناظرة إلى حجم الغرفة بإحباط...إنها تقارب حجم شقة متوسطة...من أين تبدأ البحث الآن؟!
لفت نظرها الستار الذي يتطاير بفعل الرياح القادمة من الشرفة.
تقدمت منه بحذر ناظرة من خلفه لترى حديقة غير تلك التي كانت بها في الصباح.
يبدو أنها الحديقة الخلفية التي حدثها عنها عصام.
نظرت بتفحص فرأت المعدات التي حدثها عنها أيضًا و ارتسمت ابتسامة واسعة على شفتيها ما إن رأت ذلك السلم الذي يجاور السور مباشرة.
تراجعت إلى الوراء و قد امتلأ قلبها بالأمل ثم تقدمت من الأدراج الخاصة بضرغام.
فتحت الدُرج الأول ثم نظرت إلى الأعلى قائلة برجاء:
- سامحني يا رب...أنا مضطرة.
بدأت البحث عن هاتفها بجميع أغراض ضرغام دون أن تفسد نظام الغرفة.
كانت ياسمين منهمكة تمامًا بالبحث عندما فتح ضرغام الباب بهدوء.
نظر إليها مبتسمًا و لم تلاحظ وجوده من شدة انشغالها بالبحث...لقد توقع فعلتها تلك.
دلف إلى الداخل ثم أغلق الباب خلفه متقدمًا منها بهدوء و ابتسامة عابثة على شفتيه.
أغلقت الدُرج بعصبية و أسرعت بفتح الذي يليه و لكنها توقفت ما إن شعرت بشئ غريب...كأن هناك أنفاس تشاركها هواء الغرفة.
استدارت بخوف لترى ضرغام واقفًا خلفها مباشرة.
خرجت منها شهقة مذعورة محاولة أن تتوقع ردة فعله بعد إمساكه بها بالجُرم المشهود.
تحركت حدقتيها بخوف نحو باب الغرفة و ازدادت رعبًا عندما رأته مغلقًا.
اندفعت تجاه الباب راكضة محاولة الفرار و لكنه أحكم ذراعيه على خصرها قائلًا:
- رايحة فين؟...إنتي تعملي العملة و تجري؟
انتفضت و تلوت برعب بين ذراعيه ذكرها برعب الدجاجة عندما تصرخ بيد مربيها عندما يمسكها ليقوم بذبحها...لطالما أشفقت على تلك الدجاجة المسكينة.
انسابت دموعها عندما لم تستطيع الفرار منه...لقد دخلت عرين الأسد بقدميها و كامل إرادتها.
قالت بتوسل:
- سيبني...أنا آسفة..مش هعمل كدا تاني و الله.
قطب جبينه متعجبًا من خوفها منه إلى هذا الحد و قد ارتفع صوت شهقات بكاءها.
قال بحنان لا يظهر إلا لها:
- متخافيش يا ياسمين...أنا مش هعملك حاجة.
تلقى ضربة من مرفقها الصغير إلى بطنه المشدود عضلاته...لقد توقع هذا منها أيضًا.
أعادت الكرة مجددًا و هي لا ترى أي تأثير على الرغم أن ذلك الرجل الذي ضربته ريم تلك الضربة يوم اختطافها قد تأثر بشدة...لقد رأت ذلك قبل تخدرها بالكامل و فقدانها الوعي.
تسلل صوته الهامس إلى أذنيها قائلًا:
- متحاوليش...أنا شادد بطني.
بكت أكثر بعجز و تلوت بشدة قائلة بتوسل:
- سيبني بقى...أنا كنت بدور على موبايلي بس..آسفة و الله ما هعمل كدا تاني.
فُتح الباب لتدخل حنان التي كانت تبحث عن ياسمين التي اختفت فجأة و سمعت صوتها الباكي بينما تمر من أمام غرفة ضرغام.
اعترى القلق ملامحها عندما رأت وضعهما و قالت لضرغام:
- سيبها يا بني...حرام عليك.
نظر إلى أمه بوجه قد احتقن...لماذا تظن أنه سيأذيها؟!
قال محاولًا تهدأة نفسه:
- أنا مش هعملها حاجة يا أمي.
ثم ترك ياسمين التي فرت هاربة من الغرفة و هي مازالت تبكي و قد ازداد إصرارها أكثر على الهرب من جحيم ضرغام.
اقتربت والدته قائلة معاتبة إياه:
- كدا يا ضرغام؟...تعمل في البنت كدا؟
أجاب محاولًا كبت عصبيته:
- أنا معملتلهاش حاجة يا أمي...و لا كنت هعملها حاجة.
قالت بعدم اقتناع:
- أومال كانت بتعمل إية في أوضتك؟...و كنت ماسكها كدا لية؟
ابتسم بسخرية قائلًا:
- كانت بتدور على موبايلها يا أمي.
ثم أكمل بجدية و حزم:
- أنا لا يمكن أئذي ياسمين..إنتو لية مش مستوعبين دا؟
صاحت به بانفعال:
- رجع البنت لأهلها يا ضرغام و كفاية أوي لحد كدا.
أجابها من بين أسنانه بغضب:
- ياسمين مش هترجع لإن هنا بيتها..أنا هتجوزها في أسرع وقت و مش هستنى أكتر من كدا.
و قبل أن تعترض كان قد خرج من الغرفة بغضب.
تنهدت بثقل غير راضية عن أفعال ابنها و الأسوء أنها ستضطر للذهاب إلى أختها المريضة مجددًا في أسرع وقت.
●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●
في المساء طرق محمد باب غرفة ريم.
فتحت الباب فدلف والدها مغلقًا الباب خلفه...لا يريد لمنيرة أن تسمع حديثهما فستتجدد لوعتها التي لم تنتهي بعد..و لن تنتهي إلا بعودة ياسمين بالأساس.
التفت إلى ابنته قائلًا:
- عايزك تحكيلي تاني إللي حصل يوم خطف ياسمين من الألف للياء...جايز أوصل لطرف خيط.
أومأت له إيجابًا و بدأت تقص عليه ما حدث بالتفصيل حتى انتهت فقال بتركيز:
- يعني هم في الأول خالص خدروا ياسمين و كانوا بيمنعوكي إنك تفلتي منهم بس و محاولوش يخدروكي خالص.
أومأت إليه إيجابًا فاشتعلت عينيه بغضب شديد.
لقد اُخْتُطِفَت ياسمين لشخصها...بالطبع المتهم الأول هو ضرغام.
لازال لا يملك دليلًا ضده و لكن على الأقل ليواجهه.
لو كان ضرغام شخصًا عاديًا لكان أبلغ الشرطة على الفور و لكنه ليس بالشخص العادي على الإطلاق...لا يستطيع اتهام شخص بنفوذ ضرغام دون دليل.
خرج من غرفة ريم ناظرًا إلى ساعة الحائط التي أخبرته أن الوقت متأخرًا كثيرًا ليواجه ضرغام به...بالطبع الشركة فارغة تمامًا الآن و لا يعلم عنوان منزله.
تنهد بأسى فهو قد اطمئن على ياسمين لأنه يعلم جيدًا أن ضرغام لن يؤذيها و لكن لم يتمنى أن يكون ابن صديقه خاطفًا أبدًا.
سيواجهه غدًا...إن كان هو الخاطف حقًا فلن ينكر فطباعه لن تسمح له.
و إن لم يكن هو الخاطف فتلك ورطة أخرى فالله وحده يعلم هل سيؤذيها ذلك الخاطف أم لا.
حاول تهدئة نفسه حتى لا تشعر منيرة بتغير حاله إلى أن يتأكد إن كان ضرغام هو من اختطف ابنتهما.
●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●
كانت ياسمين جالسة بشرفة غرفتها تتفقد الحديقة عندما أشار لها عصام بإشارة قد اتفقا عليها مسبقًا.
لم تبدي ردة فعل لكي لا تُلفت الأنظار.
دلفت إلى الداخل و أغلقت الشرفة ثم أطفأت أنوار الغرفة بإشارة واضحة موجَهة لضرغام و صفية أنها قد نامت!
انتظرت حتى هدأ المنزل بالكامل ثم تسللت إلى خارج غرفتها بحذر متوجهة إلى الطابق السفلي.
نزلت الدَرج سريعًا دون إصدار أي صوت.
نظرت حولها لتتأكد أن لم يراها أحد ثم تسللت إلى غرفة موجودة بالطابق السفلي ليست لأحد و أغلقت الباب خلفها بهدوء.
اتجهت إلى النافذة التي تطل على الحديقة الخلفية...نعم فهي لم تتجول بالفيلا عبثًا.
فتحت النافذة ثم أخرجت جسدها الصغير عبرها فأصبحت بالحديقة الخلفية.
ابتسمت باتساع قبل أن تتجه إلى السلم الذي يجاور السور.
كادت أن تصل إليه لولا أن أحاطها ضرغام بذراعيه ليكبل حركتها قائلًا بهمس غاضب:
- رايحة فين؟
اتسعت عينيها بصدمة من تحطم مخططها بالكامل متذكرة حديث عصام عن عقابهما الوخيم إن كُشف أمرهما.
و بينما هي تحاول الإفلات منه اتسعت عينيها عندما رأت عصام يتقدم من الحديقة الخلفية و هو يتلفَّت حوله بحذر.
- دا غير إن إحنا لو إتكشفنا روحي هتكون التمن.
رنت تلك الجملة بأذنيها بصخب و هي تنعي حظهما العثر فهي لم تُكشف فقط بل و أتى عصام إلى هنا لسبب ما لا تعلمه...فهما لم يتفقا على ذلك.
و قبل أن تستوعب حضوره حتى جذب ضرغام سلاحه مطلقًا رصاصة اخترقت ساق عصام الذي صرخ بألم ثم تهاوى أرضًا.
صرخت بفزع من صوت الرصاصة قبل أن تستوعب أنها قد استقرت به!
لا...لن تدعه يقتله فهو لا ذنب له...هي من استغلته عندما رأت شفقته عليها و ترجته أن يساعدها.
جاء حسان راكضًا مع بعض من الحراس عندما سمعوا صوت الرصاص فقال ضرغام ما إن رأى حسان:
- رجالتك بقوا بيخونوا يا حسان.
- مين دا إللي خان و أنا أقتله بإيدي؟
ذُعرت ياسمين بعد جملة حسان الأخيرة...ألا يكفي أن هناك من يريد قتله بالفعل حتى يتطوع حسان أيضًا؟
نظر حسان إلى عصام المسجى أرضًا قائلًا بصدمة:
- مستحيل.
أجابه ضرغام بنبرة تحمل الكثير من السخرية:
- مستحيل؟!...تفسر بإية وجوده في الحديقة الخلفية دلوقتي و محدش بيدخلها غيرك؟...تفسر بإية إن المدام كانت عايزة تهرب من الحديقة الخلفية بالذات و هي معندهاش عنها أي معلومات إلا لو حد ساعدها؟
بُهت وجه حسان ناظرًا إلى عصام بخزي بينما أكمل ضرغام بحدة:
- أفسرلك أنا...هو بكل بساطة قالها على موضوع الجنينة الخلفية و الظاهر كدا إنها كانت هتهرب دلوقتي بس لما إنت رجعت تاني بعد ما مشيت هو جيه يحذرها أو يتأكد إنها هربت خلاص...دا إللي إحنا هنعرفه منه.
ثم أكمل و قد ازدادت حدة نبرته:
- لولا إني كنت قاعد في البلكونة و شوفتها و هي بتنط من شباك الأوضة كان زمانها هربت.
- أنا إللي إتحايلت عليه علشان يهربني...أنا إستغلينه لما لقيتني صعبانة عليه...هو ملوش ذنب...بالله عليك متخليهوش يقتله.
صاحت بها ياسمين ببكاء بينما نظر إليها ضرغام قائلًا:
- متخافيش..مش هخليه يقتله.
و ما كادت ملامحها أن تأخذ وضع الراحة حتى تصلبت بخوف مرة أخرى و هي تسمعه يقول:
- أنا إللي هقتله بإيدي.
و أتبع جملته برصاصة اخترقت ذراعه أتبعها صرخة عاجزة خرجت من عصام ثم تثاقلت أنفاسه بضعف.
اتسعت عينيها الباكية مما آلت إليه الأمور و اندفع الأدرينالين بدمها فمكنها من التخلص من قبضة ضرغام و الفرار منه متجهة نحو عصام المتمدد أرضًا في عجز تام.
جذبت وشاحها الملتف حول عنقها مكتفية بحجاب شعرها ثم شقته لنصفين بقدرة فريدة بالنسبة إليها أعطاها إياها هرمون الأدرينالين.
ضغطت بنصف الوشاح على جُرح ساقه و بالنصف الآخر على جُرح ذراعه محاولة أن توقف النزيف و هي تبكي بقوة...كل هذا بسبب استغلالها له.
ازداد ضرغام غضبًا و هو يراقب محاولتها لإنقاذه بغيرة.
تردد هذا السؤال بعقله...ترى لو كان في مثل وضع عصام هل كانت لتبكي من أجله؟...هل كانت ستحاول إنقاذه؟
ابتسم بسخرية و هو يجيب نفسه بالنفي فهو يعلم قدره بقلب ياسمين جيدًا...إنه يحظى بكره منها لربما لم يحظى به أحدًا غيره طوال عمرها على الإطلاق...بينما هو يحبها حد الجنون!
أغمض عينيه بعصبية و غضب و هو يستمع إلى توسلاتها مجددًا ليترك عصام وشأنه محدثًا نفسه أنها تفعل ذلك فقط لأنها تشعر بالذنب تجاهه...بل و أنها مقتنعة تمامًا أنها استغلته...لا يريد لرأسه أن تفكر بغير هذا حتى لا تثور ثائرته.
ضغطت مجددًا على جُرحيه بوشاحها الذي مزقته لجزءين و هي تبكي بعنف بينما هو يتنفس بصعوبة.
قال ضرغام بغضب أعمى:
- للأسف يا ياسمين...البني آدم عنده إيدين إتنين بس هتكتمي مكان الرصاصة التالتة إزاي دلوقتي؟
و قبل أن تستوعب كانت قد انطلقت رصاصة من سلاح ضرغام مخترقة فخذه ليصرخ بتألم قبل أن يغيب عن الوعي تدريجيًا.
بكت ياسمين أكثر قائلة برجاء:
- أرجوك كفاية...إنقله المستشفى أرجوك...هيموت.
لم تتغير تعابير وجه ضرغام الجامدة بغضب أهوج بينما تركت ياسمين جُرحيه مضطرة قبل أن تطالع جُرحه الثالث الحديث ببكاء و ندم.
ضربت على وجهه برفق قائلة:
- متنامش...فتح عينيك.
و لكنه لم يستجب لها فقد غاب عن الوعي تمامًا.
انتفضت واقفة و تقدمت من ضرغام قائلة بتوسل باكي:
- أرجوك أطلب الإسعاف أو إنقله المستشفى...هو نزف كتير..كدا هيموت.
قال ببرود رغم غضبه:
- معنديش سبب يخليني أعمل كدا...بالعكس دا أنا عندي سبب يخليني أقتله بدل المرة مية.
ابتعدت عنه راكضة لذلك الذي صار كالجثة الهامدة و قامت بربط وشاحها حول جُرحيه و لكن بقى الجرح الثالث ينزف بغزارة.
نظرت إليه بعينيها الباكية ثم أومأت نفيًا بانهيار.
ركضت إلى ضرغام قائلة تستخدم كارتها الأخير:
- موافقة أتجوزك بس تنقله المستشفى و يبقى كويس.
نظر إليها بدهشة و عدم تصديق فقالت سريعًا:
- يلا بسرعة بقى..أرجوك.
- حسان..إنقله المستشفى بتاعتي و قولهم الحساب عليا.
ما إن أنهى جملته حتى سارع حسان بنقله إلى إحدى السيارات بمساعدة رجاله بينما لم تتوقف ياسمين عن البكاء حتى أصبحت عينيها يشوبها الحُمرة.
تقدم ضرغام منها مقتربًا منها أكثر ف اكثر قائلًا:
- كتب الكتاب بكرة.
نظرت إليه بفزع قائلة:
- بسرعة كدا؟
رفع أحد حاجبيه قائلًا:
- لو مكوناش بالليل متأخر كنت جيبت المأذون دلوقتي.
متابعه أو طلب صداقه لدعم الصفحه ووصولك للمنشور بسرعه عند نشره
مع_تحياتي
محمداحمد
التالت والرابع والخامس 👇👇👇👇