expr:class='data:blog.languageDirection' expr:data-id='data:blog.blogId'>

أنا بكماء صوتي الوحيد هو الكتابه

أحيانا كنت أتسلل من العمل لرؤيتها و هي عائدة من الجامعة ، فأسأل نفسي هل ستوافق فتاة متعلمة مثلها على الارتباط بشخص معدم بائس مثلي ، لقد رفضتني الكثير من الفتيات لأن عملي بسيط و متواضع في حرفة البناء ، لكن الفقر لم يمنعني يوما من التقدم في الحياة و الحلم بإنشاء أسرة بسيطة ، لقد جمعت مالا وفيرا بعرق جبيني ، لم أسرق يوما أو أقحمت نفسي في المشاكل كباقي أصدقائي ، لكنهم كانوا دوما الأوفر حظا في العثور على فتيات أحلامهم ، في العام الماضي ذهبت أمي إلى القرية كي تبحث عن زوجة بسيطة لي ، و بعد بحث طويل إقترحت علي الزواج من ابنة خالتي التي تقطن هناك ، ركبت الحافلة و ذهبت لرؤية العروس المحتملة و التحدث إليها و لكي تتعرف علي أيضا ، رغم أننا من نفس العائلة لم نرى بعضنا سوى مرات قليلة في الطفولة ، سألتني ابنة خالتي عن عملي فأجبتها بأنني عامل بناء لكنني أحمل شهادة المستوى الإعدادي ، ثم قالت لي بصراحة أنا لا احب حياة المدينة و لا أستطيع تقبل فكرة العيش هناك ، أنا أيضا كنت انتظر الفرصة للهروب. لأن طريقة كلامها مزعجة و رأيت الغضب ينطق من عينيها ، أخبرتها أن حياة القرية جميلة لكنني أعتدت السكن في المكان الذي أؤمن به القوت اليومي ، ثم حملت خيبتي إلى المدينة القاسية على البسطاء أمثالي..


كنت اشتغل في بناء بيت قريب من الجامعة ، كانت تمر من أمامي كل يوم و هي تحمل أوراقا و كتبا ، صورة طبق الأصل الفتاة التي أردتها منذ زمن طويل جدا ، تخيلت نفسي و أنا طالب أنيق يمر فيسقط كتبها عن قصد و بدون قصد حتى أساعدها و أنظر إلى عينيها فقط، ك لقطات الأفلام الرومانسية الرائعة ، كانت تمشي دوما وحيدة بدون رفقة ، و مع ذلك لم أمتلك الشجاعة كي أمشي نحوها و أخبرها أنها جميلة و انني معجب حقيقي و لست شخصا يحب اللهو و المعاكسة ، ظللت على حالي لفترة طويلة ، و بعد حرب نفسية بين الروح و القلب و العقل قررت الوقوف و محادثتها وجها لوجه ، شعرت بالسذاجة و الغباء و أنا واقف أمامها و أخبرها بخجل انني لا اريد إيذائها أو مضايقتها ، بل طلبت منها بلطف أن تمسك رسالتي و تقرأها متى ارادت و لن ازعجها مرة أخرى ، كنت انتظر ان تصرخ في وجهي و تخبرني أنني تافه و مثير للشفقة ، كنت أنتظر ردة فعلها و انا أشعر بأن فؤادي كاد أن يتوقف ، إبتسمت ابتسامة خجولة ثم أمسكت الورقة و غادرت دون أن تنطق بحرف واحد ، و ظللت جالسا في مكاني كالأبله ، لم أصدق نفسي أبدا ، لقد صرخت بقوة أمام المارة : لقد فعلتها !! ...تبا لقد فعلتها .

ليلتها كنت أسعد إنسان على وجه الأرض ، لقد ذهبت إلى المقهى و دفعت ثمن المشروبات لبعض الأصدقاء ، مجرد التفكير في أنها وافقت على قبول رسالتي و كأنه إنجاز تاريخي بالنسبة لي ، بفرط سعادتي اردت الذهاب إلى غرفة أمي و أخبرها انني عثرت على زوجة رائعة و عليها الإستعداد للآتي قريبا ، لكنني استيقظت بسرعة من احلامي الوردية ثم تذكرت ان من الممكن انها لم ترد إحراجي ، او ربما سترمي بتلك الورقة في سلة المهملات ، أفكار سوداوية كثيرة قتلت الفرحة التي ملأت قلبي ، ثم استسلمت للواقع و دخلت الى غرفتي كي انام و احلم بغد غير محبط و مدمر .


استيقظت مبكرا كالعادة و ذهبت إلى العمل ، لقد انتظرت مرورها طويلا لعلها تأتي و تخبرني بأنها موافقة على طلب الحضور مع أهلي لرؤية أسرتها ، مجرد التفكير في أنها سترفضني كان يجعلني ضئيلا جدا أمام نفسي ، في الساعة الثانية ظهرا شاهدت خيالها من بعيد ، كنت متيقنا من أنها هي ، تركت الرمل و الإسمنت ثم مشيت في بطئ اتجاهها ، كان قلبي يجري بسرعة !! لكنني حاولت قدر الإمكان من أن احافظ على رباطة جأشي و ثقتي بنفسي ، كانت تبتسم و كأنها سعيدة لأنني أسير نحوها ، زادت عزيمتي حين وقفت أمامها ، ألقيت التحية لكنها لم ترد ، وجنتيها كانتا متوردتين من شدة الخجل ، سألتها هل موافقة على إحضار أهلي إلى منزلها فأومأت بحياء أن لا مانع لديها ، كنت سعيدا جدا و هي الأخرى أظنها كانت سعيدة حقا ، لقد ذهبت مجددا دون أن تنطق بأي كلمة ، لكن صمتها الجميل و ابتسامتها العذبة كانتا تجيبان على كل الأسئلة التي أريدها ..


في المساء و قبل انتهائي من العمل ، رأيت طفلا صغيرا يجري نحوي و هو يبتسم ، قدم لي ظرفا أبيضا جميلا ثم ركض مسرعا كالريح ، إستغربت للأمر ثم فتحت الرسالة المجهولة لأجد ورقة مكتوبة بخط رقيق ناعم :


اهلا ؛

إسمي : ناريمان و عمري عشرين سنة ، و أنا بكماء ، صوتي الوحيد هو الكتابة ، أتمنى أن لا يحزنك الخبر أو تظن أنني خدعتك ، أظنك شخصا طيبا و تستحق حياة سعيدة

 

تعليقات



CLOSE ADS
CLOSE ADS
close