الفصل السادس من حين_تنفس_القلب شارع_خطاب_الجزء_الثاني الجزء الأول كان بعنوان "عذرا لقد نفذ رصيدكم"بقلم fatma_taha_sultan حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج
الفصل السادس من حين_تنفس_القلب شارع_خطاب_الجزء_الثاني الجزء الأول كان بعنوان "عذرا لقد نفذ رصيدكم"بقلم fatma_taha_sultan حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج
لكل مشوار نهاية...
وبعد الاشياق لقاء..
اذكروا الله.
دعواتكم لأهلكم في فلسطين والسودان وسوريا ولبنان وجميع البلاد العربية.
____________
"لا زلتُ أبحثُ عن طريقةٍ أقول بها أنّ وجودك هو الشّيء الوحيد الذي يُبقيني بهذه البهجةِ وهذا الاطمئنان بشكلٍ لا تبدو فيه الكلمات مُبتذلة"
مقتبسة
في وسط الأحبّة والأهل، يظلّ حبّي لك حاضرًا،
وأنتظرك شوقًا لا يخبو.
مقتبسة
في أدب الاعتذار الرقيق يقول عبدالعظيم فنجان :
أنا الذي حين جرحتكِ، تدفقت من عينيّ دموعكِ.
مقتبسة
«تتعدد تعريفات الحُب، ولا أعرف معنى آخر له سوى أن نكون سويًا، مُتعبين لكننا سويًا، صامتين أو مهزومين .. لكننا سويًا»
مقتبسة
___________
في اليوم التالي.....
تتصل للمرة التي لا تعرف عددها!!
كما أرسلت له العديد من الرسائل على أمل أن يكون قد ألغى حظرها، لكن كلها كانت محاولات يائسة، فظل الهاتف صامتًا...
تمامًا كما هو صامت منذ أشهر؛ منذ اليوم الذي عاد فيه إلى أهله وانفصل عن ريناد، لم تكن تلك الفرصة التي كان يجب أن يغتمها بل الأمر الذي أخبره بأن حياته التي كان يبنيها معها بالحب هُدم....
ففعل دياب ما لم يفعله من البداية وهو غلق باب لم يكن عليه أن يفتحه أبدًا...
جلست ليلى فوق الفراش، ترتجف من كثرة البكاء، والهاتف ملتصق بأذنها وكأنها تستجدي صوته كلمة واحدة فقط أي شيء، لكن اللاشيء كان أصدق رد................
فُتح باب الغرفة، ودخلت والدتها منه تنظر إليها نظرة ساخرة لا تخلو من اللوم:
-لسه زي ما أنتِ يا موكوسة مش بيرد عليكي برضو؟..
ازدادت دموع ليلى، بعدما أبعدت الهاتف عن أذنها ووضعته بجوارها على الفراش كأنها تُسقط آخر قطعة أمل معها......
صاحت والدتها مستنكرة:
-ما تردي عليا يابت اتخرستي ولا إيه، هو أنا بكلم نفسي؟.
مسحت ليلى دموعها بظهر كفها، وهمست بصوتٍ محطم:
-علشان كل شوية بتسألي نفس السؤال اللي أنتِ عارفة أجابته كويس أوي، دياب مبلكني بقاله كتير أوي، والمفروض على كلامك وكلام الجيران هو سايب بيته وقاعد مع أهله من شهور بس برضو مش بيكلمني.
قالت والدتها بلومٍ واضح وسخطٍ:
-علشان خايبة، علشان مش عارفة تبلفي الراجل، ولا عارفة تجننيه عليكي، يا عبيطة جاتلك فرصة من دهب أنك تسيطري عليه، دلوقتي سايب بيته ومراته مش فوق دماغه وبرضو مش عارفة تعملي حاجة هتفضلي خايبة طول عمرك والله..
رفعت ليلى رأسها بعصبية وقد كان الألم ينهش صوتها:
-اعمل إيه يعني؟ أعمل ايه؟ المفروض اروحله بيت أهله، ولا اروحله في الشغل؟ مستنية مني أعمل إيه؟ ما أنا بكلمه ومش بيرد؛ مبلكني من كل حتة؛ حتى لما عملت اكونتات جديدة وكلمته منها بلكني مدانيش فرصة اتكلم.
قالت والدتها بتهكم واضح:
-اعملي أي حاجة ممكن تعمليها، حتى لو هتروحيله شغله لازم يعرف أن الحكاية مش بالساهل يخلص منك، ومش بالساهل يفضل يتكلم معاكي وبعدين يقطع مرة واحدة، وبعدين اطمني مفيش راجل بينسى حبه الأول مهما حاول يبين عكس كده...
ضحكت ليلى بسخرية مُرّة:
-اروحله شغله افضح نفسي قدام الناس؟ أنتِ عايزة مني إيه؟ أنا عارفة كويس أن كل اللي بتفكري فيه فلوسه مش أكتر وأنه بقى مستواه كويس جدًا ومبقاش دياب بتاع زمان سواق التوكتوك اللي خلتيني اسيبه علشان ملهوش مستقبل وهيقعدني جنبه وغصبتيني اتجوز راجل مش بحبه كل يوم كان يضرب ويهين فيا؛ أنا بحب دياب وبحبه بجد وأنتِ عارفة كده كويس.....
شهقت أمها بحنق، محاولة الدفاع عن نفسها:
-والله أنتِ قليلة الأدب ولسانك طويل طول عمرك وناكرة للجميل مفيش فايدة فيكي، وبعدين يعني أنا كنت كل مرة بقولك حاجة كنت بقولها ليكي ولمصلحتك يعني أنا اعرف منين أن دياب حاله هينصلح كده؟ ويتشقلب مرة واحدة...
انفجرت ليلى باكية لكن صوتها كان واضحًا وصادقًا:
-دياب راجل تتمناه أي ست سواء معاه فلوس أو معهوش وأنا محبتش غيره ومش هحب غيره، وأنا كلمته علشان فعلا بحبه وعايزة أكون معاه مش علشان فلوسه ولا حاجة من اللي في دماغك أنتِ، بس الظاهر مفيش أمل...
اقتربت الأم وجلست على طرف السرير، وصوتها هذه المرة حمل خبثًا أكثر من حنان:
-مفيش حاجة اسمها مفيش أمل، مفيش أسهل من الضحك على الرجالة هو هتلاقي بس أنه حاسس بالذنب علشان مراته سابت البيت لا أكتر ولا أقل ويمكن خايف يكلمك يضعف أكتر، هنلاقي حل زي ما عرفنا نتصرف في الصور ونبعتها ليها ونعرفها بكلامكم هنعرف برضو نخليه يرجع يكلمك تاني أمك مش هتسكت يا ليلى...
قالت ليلى بيأسٍ ووجع:
-دياب شكله مبقاش يحبني...
ردت عليها والدتها بابتسامة لعوب وغمزت لها بثقة:
-مفيش حاجة اسمها كده يا عبيطة لو مكنش بيحبك أو لسه في حتة في قلبه شايلك فيها مكنش رد عليكي من الأول، خلينا نفكر ازاي نخليه يرجع يكلمك من تاني، ولازم تخليه يكلمك وتفوقي كده وتشوفي البنات بتعمل إيه علشان تجيب الراجل على بوزه....
كانت يائسة وترغب في أن تعود كما كانت مع دياب في السابق تحت أي ظرف، لذلك لم يكن لديها من البداية سوى خطط أمها!!
حتى ولو لم تكن صائبة..
ولديها هدف أخر...
لكنها كانت كالغريق الذي يتعلق بأخر قشة لديه....
حتى ولو لم تحصل على وعد منه..
___________
-يعني إيه متصورة في عربيتك؟..
قال نضال الجملة بدهشة صافية، فجاءه صوت دياب ساخرًا وهو ينفث دخان سيجارته، بينما كان طارق غائبًا لشراء الأدوية من الصيدلية القريبة من الموقف واحتياجات البيت بشكل مؤقت:
-يعني هو أنا لو أعرف يا نضال هقعد قدامك كده؟ ما أنا مش عارف ازاي؟ والصور شكلها حقيقية يعني مش ملعوب فيها.
تمتم نضال وهو يحاول استيعاب الأمر:
-حاجة غريبة أوي بصراحة، والله يا دياب أنتَ غلطت من الأول أنك فتحت على نفسك باب زي ده، كان المفروض تبلكها وخلاص ومكنش حصل ده كله ولا حطيت نفسك في الوضع ده..
أطلق دياب زفيرًا غاضبًا:
-خلاص يا نضال عارف إني متنيل على عين أهلي غلطان مش لازم تقعد تجلد فيا، عندك حل أو اقتراح قوله، معندكش نقطني بسكاتك علشان أنا على أخرى أصلا بعتلها ألف مرة علشان تبعت الصور بتشوف الرسائل ومش بترد عليا..
نظر له نضال مطولًا ثم سأله بنبرة جادة:
-أنتَ لسه بتحب ليلى يا دياب؟.
رد عليه دياب بلا تردد كما لم يستغرق حتى دقيقة واحدة للتفكير:
-لا طبعًا..
رفع نضال حاجبه:
-رديت عليها ليه طيب؟.
تمتم دياب بعدم فهم ومشاعر غريبة ومختلطة داخلة لكنها أبعد ما يكون عن حب:
-كنت عايز أطمن عليها، يمكن كان في شيء جوايا محسسني إني كنت وحش معاها وجيت عليها، خصوصًا أنه مكنش ليها ذنب في أي حاجة حصلت، محبتش أكون وحش أكتر معاها لما قالتلي أنها بس عايزة تطمن عليا؛ أنا مش راجل عايز يتسلى مع واحدة، ولا لسه بحبها زي ما ريناد مفكرة ايوة مدرك إني غلطان بس أنا مشاعري مع ليلى غير...
ابتلع ريقه ثم أكمل حديثه موضحًا:
-هي كانت كويسة معايا بس أمها السبب، أنا بحب ريناد ومبحبش حد غيرها وربنا يعلم ده، كل الحكاية إني لما رديت على ليلى علشان كان في بينا عيش وملح وهي صعبانة عليا أن حياتها مدمرة..
أخذ يتابع حديثه بانزعاج وحرج واضح:
أنا مش ببرر لنفسي اللي عملته أنا عارف والله العظيم إني غلطان تحت اي ظرف...أنا مش عارف هببت إيه يمكن كانت لحظة شيطان إني رديت عليها أو يمكن زي ما قولتلك..بس في كل الأحوال مينفعش تسافر بالشكل ده لمجرد أنها تعند فيا.
بدأ نضال يتفهم موقفه نوعًا ما...
في النهاية هو صديقه ورجل مثله سوف يلتمس له العذر تحديدًا لأن من أمامه يقر بذنبه ولا ينكره...
وليس هو الطرف الذي تم خذلانه في النهاية!!!!
حتى لا يتفهم!!.
رُبما علاقة دياب وليلى كعلاقات كثيرة...
طرف بها قد يعلن بأن الحب قد انتهى لكن لأن نهايته كانت مفتوحة أو بقرار من طرف أخر فبقى غصة بداخل الشخص جعلت الأمر معقدًا..
أما الطرف الآخر..
قد يظل يحب أو يتوهم بأنه يحب لأنه لم يحصل على النهاية المرجوة وهي الزواج...
وكانت هذه العلاقة تشبه علاقات كثيرة بقيت مفتوحة لأنها لم تنتهي بقرار شخصي منهما وعن اقتناع...
تمتم نضال بنبرة جادة أخيرًا:
-المهم دلوقتي احنا محتاجين نعرف هي ازاي أتصورت في العربية كده، أنتَ كنت بتسيب المفتاح مع حد؟...
كاد دياب أن يرد عليه لولا أن أتى طارق وهو يحمل بعض الأكياس البلاستيكية.....
فذهب اليوم إلى المركز التي تعمله فيه "وفاء" برفقة نضال وقامت بخلع ضرسه هناك......
تمتم طارق وهو يسحب مقعد ويجلس بجوارهم بعدما وضع الأكياس أرضًا:
-الدنيا اتغيرت أوي...
رد عليه نضال بهدوء:
-ما قولتلك يا ابني كنا جيبنا العلاج واحنا جاييين أحسن..
ابتسم له طارق ثم أجاب ببساطة:
-لا، أنا مش عايز انزل قدام الصيدلية واركب العربية واجي، كنت محتاج اتمشى شوية واصفي دماغي، واشوف الدنيا مع نفسي كده وكنت عايز اجيب طلبات للبيت كمان...
تمتم دياب بحماس:
-عايزين نوريك أول فرع النهاردة بليل...
رد طارق بتعب:
-استنى لما موضوع ضرسي يخف شوية كده وهروح معاكم اشوف فرع فرع..
هز دياب رأسه موافقًا ثم قال:
-ماشي ولما تخلص من موضوع ضرسك ده أعمل حسابك أن ماما عايزة تعزمك ومحلفاني إني منساش وأقولك..
ابتسم له طارق ثم غمغم بحرج:
-ربنا يخليها ملهوش لزوم تتعب نفسها والله..
قاطعه دياب ساخرًا:
-بلاش عبط تعب إيه بس؟؟ خلص بس حوار ضرسك ده علشان تبدأ تنطلق بقا...
وضع طارق يده على خدّه وهو يئن متحدثًا بصوتٍ متعب وبالكاد يخرج منه:
-والله ياريت مش قادر من الوجع أصلا المسكن مش عامل حاجة..
جاء زهران وظهر من العدم مرة واحدة كعادته من دون مقدمات وهو يقول:
-كويس إني لقيتك هنا يا واد يا طارق...
ثم تابع حديثه وهو يضع يده على كتفه بانفعال فهو قد رأه في الصباح ورحب به قبل أن يذهب مع نضال إلى العيادة فلم يكن هذا هو أول لقاء بينهما:
-بقا أنتَ بتقول على بنتي، الدكتورة وفاء زهران خطاب ان ايديها تقيلة؟؟؟..
ضيق طارق عينه وهو ينظر له:
-وأنتَ عرفت منين يا عم زهران؟..
رد عليه زهران بسخرية:
-بنتي الدكتورة مش بتخبي عني حاجة ياخويا، كنت بكلمها اطمن عليها وكانت بتقولي أنك قولت عليها ايديها تقيلة فجيت اتصرف معاك بقا...
كانت وفاء تتحدث بطريقة مرحة مع والدها وهي تخبره بما حدث حينما سألها عن حالة طارق...
لم تكن تدرك بأن والدها سوف يذهب له ويقول هذا أمامه.....
قال دياب بنبرة متهكمة:
-إيه يا عم زهران الطب اللي بالتهديد ده؟، يعني المريض عبر عن وجهه نظره هتيجي تثبته على القهوة يعني؟؟ هو المريض مينفعش يقول رأيه ولا أيه؟.
تحدث زهران بنبرة مماثلة له:
-وأنتَ مالك أنتَ يا صايع؟ بتدخل ليه؟ وبعدين اه مدام المريض ده عند الدكتورة وفاء زهران خطاب يبقى ميقولش كده على بنتي، احسن دكتورة سنان في مصر كلها، دي ايديها خفيفة خُف الريشة مرة خلعت ليا ضرس من غير ما احس ومن ساعة ما بقت بنتي دكتورة وأنا بقيت احب اهتم بسناني قبلها مكنش في دكاترة عدلة...
ربت نضال على ذراع والده يمنع ضحكة على وشك الظهور:
-خلاص يا بابا أعصابك، فكرك يعني أنا سكتله؟ بهدلته طبعًا اقعد كده نطلبلك حجر ولا حاجة...
سحب طارق مقعد له فجلس زهران ثم غمغم بعنجهية:
-ماشي، بس كريمة في الحوش عندنا روح هاتها وتعالى، وسيبني مع الواد طارق شوية...
رحل بالفعل نضال وذهب معه دياب بينما زهران جلس يتحدث مع طارق إلى أن وصل الأمر بهما إلى تلك النقطة:
-وناوي تعمل إيه بعد ما اختك تتجوز وتسافر مع عريسها؟.
-هشوف واحدة بنت حلال اخطبها، واجهز الشقة اللي باقي فيها حاجات مش كتير وكام شهر ونتجوز اعتقد كفايا كده ضاع من العمر سنين طويلة...
حدّق فيه زهران بجدية مباغتة:
-اوعى ياض تكون كنت بتعك برا؟..
تجهم طارق مندهشًا من السؤال:
-إيه يا عم زهران الاسئلة الغريبة دي؟؟.
هتف زهران بصرامة:
-لا دي الاسئلة المهمة بتاعت المعلم زهران، مدام متجوزتش واحدة من هناك أكيد كنت بتعك، وأنا موتي وسمي الراجل العكاك، الراجل مينفعش يعرف سكة تانية غير الجواز وطبعًا كنت قاعد أنتَ في السلطة كلها..
-لا يا عم زهران متقلقش أنا عارف ربنا كويس، ولو كنت عايز اتجوز كانت في كذا فرصة بس أنا مكنتش حابب كده وكان كل شوية في مصيبة هنا المفروض أحلها فمكنش في وقت افكر في الجواز....
قال زهران عند اقتراب دياب الذي يحمل الأرجيلة ونضال يسير بجواره يتحدث في الهاتف:
-ربنا يرزقك ببنت الحلال قريب ان شاء الله اللي تعوضك عن كل اللي فات يا ابني وتنور دنيتك، ما هي الست كده، يا تيجي تفتح نفسك وتحلي حياتك يا تيجي تكحلها...
___________
جلست على الأريكة، ممسكة بهاتفها وتتحدث مع صديقتها هدير، على الرغم من أنها لم ترها قط بعد، فكانت لديها محاضرة هامة جدًا، مرتبطة بالكثير من المهام والأبحاث التي عليها تسليمها، لذلك لم تتمكن من الانضمام إلى دياب في المطار....
أما هدير، فقد جلست في المنزل تستريح بعد السفر.....
كان هناك سبب أخر في نفس حور، سبب منعها من الذهاب إلى المطار رغم أنه لم يكن الأساسي أو الوحيد.....
هو أنها تشعر بالرهبة من رؤية طارق، على عكس المعتاد حينما تشعر بإعجاب نحو شخص لم تكن تخشى رؤيته لكنها تشعر بأن تلك المرة الأمر غريبًا، غريبًا على نحو لم تعرف تفسيره......
هل هذا لأنه صديق شقيقها؟؟.
لا تعلم ما السبب سوى بأنها تخشى رؤيته...
هناك رهبة بداخلها لا تستطع تفسيرها أبدًا...
قالت حور بهدوء وهي تضع الهاتف على أذنها:
-لسه مرتاحتيش من السفر؟ عايزة اشوفك ونخرج مع بعض بقا..
جاءها صوت هدير مرحًا رغم الأفكار التي تتواجد فيه:
-هو أنا لحقت؟ وبعدين اديني برتاح شوية بس وهننزل نتقابل بعدين أصلا أنا حاسة اني هتهلك الفترة الجاية في أوراق كتير محتاجة اعملها، وطارق عايز يظبط البيت أكتر علشان ناقصه حاجات علشان أهل أحمد لما يجوا، وكده كده هنزل يوميا تقريبًا وهقابلك افضيلي أنتِ بس وجهزي نفسك ليا..
ابتسمت حور وقالت:
-خلصانة اديني مستنية، عمومًا متشوقة اشوف أحمد اللي مش بفهم كلامه علميني كام كلمة مغربي اقولهم علشان إبان مثقفة مع الراجل..
ضحكت هدير ثم ردت بنبرة مرحة:
- يا شيخة اتنيلي مش لما اتعلم أنا الأول....
قالت حور بثقة وغرور يليق بها:
-أنا ذكية عنك هتعلم اسرع طبعًا...
ثم تغيرت نبرتها فجأة، وأضيفت كلماتها بنبرة متأثرة:
-أنا مش عارفة احنا كبرنا كده ليه فجأة، احنا صغيرين لسه، جواز إيه ده؟.
ضحكت هدير مغمغمة:
-مش أنتِ اللي كنتي بتشجعيني اوافق.
قالت حور بتردد:
-أيوة بس شكلي برجع في كلامي، افرضي اتجوزتي والواد ده خدك مني وفضلتيه عليا ما هو هيكون جوزك بقا.
ردت هدير:
-حلوة الواد ده، يلا يا حور فوقي من تقمص الدور ده، أنا هروح احضر الغداء وهرجع أكلمك تاني ان شاء الله..
ابتسمت حور ثم أنهت المكالمة ببساطة:
-ماشي مستنياكي..
جاءت حُسنية "والدتها" من الداخل مغمغمة بسؤال تقليدي:
- بتكلمي مين؟.
ردت عليها حور:
-كنت بكلم هدير علشان وحشتني وعايزة اشوفها، وهي قاعدة في البيت.
تمتمت حسنية بهدوء:
-هتشوفيها، أنا اصلا قولت للواد دياب يعزم طارق وهدير في يوم كده يكونوا فاضيين فيه ان شاء الله.
ارتبكت حور واعترضت بطريقة أثارت دهشة والدتها:
-ليه يعني إيه فايدة العزومة دي؟.
قالت حسنية باستغراب:
-هيكون فايدتها إيه يا بغلة أنتِ؟ لازم نعزمهم طبعًا، العيال دي غلابة وملهمش أهل واحنا نعتبر أهلهم لازم نرحب بيهم بعد الغياب ده كله، أنا حتى هقول لايناس لو ساعتها فاضية تيجي...
قالت حور مترددة:
-ما كانت كفاية هدير وخلاص نعزمها...
ردت والدتها بنبرة حازمة:
-وطارق ابن البطة السوداء يعني؟؟ وبعدين هدير تيجي في أي وقت يعجبها والبيت بيتها، بس دي عزومة وتختلف ترحيب بيهم، وبعدين أنتِ مالك نعزمهم ولا لا معترضة ليه؟ هي هدير دي مش صاحبتك اللي بتكلميها يابت اربعة وعشرين ساعة يا هي يا وفاء؟..
قالت حور بلا مبالاة:
-صاحبتي يا ماما هو أنا قولت ايه يعني؟ اعملي اللي حضرتك عايزاه، أنا هقوم ألبس علشان رايحة اقعد مع وفاء...
___________
تقف سامية في صالون التجميل الخاص بها بعد أن أنهت الحجوزات المقررة لليوم، كانت على وشك المغادرة، تاركة للفتيات مهمة إغلاق المكان بعد انتهاء مواعيد العمل، فهي لا تبقى حتى آخر اليوم إلا إذا اضطرت أو أرادت تفقد شيء ما.....
اقتربت إحدى العاملات منها وهي تحمل باقة زهور أنيقة للغاية، ثم قالت بخفوت:
-في حد سابها لحضرتك...
تمتمت سامية بدهشة واستغراب:
-ومسألتيش ليه مين اللي باعته؟ مش أي حد يسيب حاجة كده ليا تأخديها وخلاص المفروض تبلغيني الأول.....
ردت الفتاة بتردد واضح:
-أسفة مكنتش اعرف أن فيها مشكلة يعني أنا...
قاطعتها سامية بانزعاج مكبوت:
-خلاص اللي حصل حصل سبيها عندك، وروحي كملي شغلك وبعد كده محدش يستلم أي حاجة ليا من غير ما يبلغني مهما كانت إيه هي وبلغي الكل بكده...
-حاضر.
نظرت سامية إلى الباقة بعد أن غادرت الفتاة، وبحثت فيها عن أي بطاقة أو علامة تكشف صاحبها، لكن دون جدوى......
قررت أن ترحل لولا هاتفها الذي يعلن عن اتصال من رقم غريب، ولم يكن هذا شيء نادر الحدوث، بل طبيعيًا جدًا فأصبح رقمها مع الكثير من الفتيات التي قد تعاملت معها أو أي أمور تخص الدعاية على صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي فأجابت:
-الو..
جاءها صوت أخر شخص ترغب في سماع صوته:
-ايوة يا سامية...
قالت سامية بضيقٍ:
-هو مفيش فايدة فيك؟..
رد عليها حمزة بثقة مألوفة إلى حد الاشمئزاز:
-لسه بتعرفيني من صوتي..
قاطعته سامية بغضب كبير:
-محدش بينسى أكتر صوت بيكرهه في الدنيا وأكتر صوت بيخليه يقرف من حياته ومن نفسه أنه دخله يوم في حياته، عرفت بعرفك من صوتك ليه؟؟..
جاءها صوته هذه المرة أكثر هدوءًا:
-أنا مش متصل علشان اضايقك والله أنا متصل بس علشان أقولك كل سنة وأنتِ طيبة بكرا عيد ميلادك، وحبيت أكون أول واحد يقولك كل سنة وأنتِ طيبة، وياريت الورد يكون عجبك..
هدرت سامية بانفعال حقيقي:
-هو انتَ عايز مني إيه بجد؟ عيد ميلاد إيه وهباب إيه اللي بتتكلم فيه؟ أنا مشوفتش في بجاحتك مش عارفة عايز إيه مني؟ عايز أهلي يقتلوك؟ مهوا مفيش احتمال تاني لو فضلت سايق في الهبل اللي أنتَ فيه ده، مهوا اكيد مش متوقع أني عبيطة لدرجة إني ممكن يكون في بيني وبينك حاجة من تاني...
قال حمزة بهدوء يائس:
-أنا والله ما عايز مشاكل ولا عايز أعمل حاجة، كل الحكاية إني بس عايز اثبتلك إني لسه بحبك، وإني ندمان على كل حاجة عملتها وإني لسه عايزك وعلشان خاطر ابننا...
قاطعته سامية بنبرة حاسمة لا تقبل النقاش:
-لو لسه عايز تشوفه تاني ولسه يهمك ملكش دعوة بيا يا حمزة لأني مش هرجعلك ولا على موتي شوفلك صيدة تانية أو حاجة تسليك، علشان شكلك فاضي، سامية اللي كنت تعرفها ماتت والبركة فيك، علشان كده لو حابب تكون أب لابنك تحت عنينا أهلا وسهلا مش هتبطل الحوارات بتاعتك دي انسى..
ثم أنهت المكالمة في وجهه بلا تردد، وحظرت رقمه فورًا، بعدها حملت حقيبتها، تناولت باقة الزهور باشمئزاز، وألقت بها في سلة القمامة.......
كما ألقت بداخلها كل شيء يخصه منذ زمن....
منذ تلك اللحظة التي دخلت فيها قسم الشرطة من أجل البلاغ عنه.....
___________
في بيت عائلة خطاب، كانت حور تجلس على طرف الفراش بجانب وفاء، فقد جاءت فور معرفتها بموعد عودتها من العمل، وكأنها تحسب اللحظات لتجلس معها......
ابتسمت وفاء وهي تمازحها بخفة:
-اصيلة أنك رغم الفضول القاتل اللي عندك متصلتيش ولا مرة وخلتيني اشوف شغلي واستنيتي لغايت ما ارجع البيت.
رمشت حور بعينين متوتّرتين، وقالت بكذبة رقيقة كشفها وجهها قبل صوتها:
-أنا اصلا مرضتش اكلمك وقولت أني هاجي اشوفك واطمن عليكي مش أكتر، فضول إيه اللي هيكون عندي بس؟..
ضحكت وفاء وهي تشير إليها بإصبعها:
-حد قبل كده قالك أنك مبتعرفيش تكدبي يا حور؟ يابت بطلي استعباط..
اقتربت حور منها أكثر ثم قالت بلهفة طفولية:
-طب قوليلي يا دكتورة سنان الكراش عاملة ايه؟ ياترى الحالة كويسة؟ طمنيني عنه هدير كانت بتقول وضعه صعب خالص حتى دياب كان بيقول لماما أن ضرسه تاعبه جدًا...
أجابت وفاء بنبرة عملية هادئة:
-خلعتهوله وان شاء الله هيكون كويس وهيجي مرة تانية نعمل تنظيف وكذا حاجة ان شاء الله؛ بس هو كويس يعني وهيكون احسن كمان...
تنفست حور الصعداء لأنها كانت قلقة بالفعل:
-الحمدلله طمنتيني كنت هتكسف أسال هدير لو هي مقالتش من نفسها.
سألتها وفاء بفضول عابر:
-شوفتيه ولا لسه؟.
أجابت حور بسرعة، وكأنها تفتح موضوعًا كانت تهرب منه طويلًا:
-مشوفتهوش معرفتش اروح المطار كان عندي محاضرة مهمة، ومكنش ينفع اسيبها وكمان كنت خايفة اروح اشوفه فمازالت معرفش إلا صور فوتوغرافية يا دكتورة وفاء، أنتِ اللي شوفتي الأصل مش أنا طمنيني بقا....
-اطمنك على إيه يعني؟ ..
قالت حور بنبرة صغيرة، صادقة بزيف واضح:
-على أي حاجة، راعي إني مشوفتهوش لغايت دلوقتي ومعرفش ليه متوترة إني اشوفه ودي أول مرة تحصل معايا...قوليلي إيه انطباعك الأول عنه؟.
ردت عليها وفاء بعفوية:
-عموما حساه شبه نضال في طريقة كلامه وحاجات كتير فيهم من بعض يعني مش أكتر ده انطباعي الأول عنه.
ثم نظرت إليها بنظرة خبيرة، وقالت بسخرية لطيفة:
-وبعدين تعالى هنا يا بت هو إيه اللي خايفة تشوفيه ده؟ هو الموضوع هيقلب بجد يا حور ولا إيه؟ أنتِ بتحبيه..
تجمدت حور.....
لأول مرة لم تجد ردًا حاضرًا.....
صمتها كان من السهل أن تترجمه وفاء.....
فحاولت أن تنتشل نفسها بكلمات مرتبكة:
-لا هحبه ليه؟ أنا أصلا معرفش يعني إيه حب، عادي يمكن معجبة بيه مش أكتر علشان مواقفه الكويسة مع أهله وحاجات كتير مش أكتر من كده يعني أنتِ قلبتي الموضوع دراما ليه؟.
راقبتها وفاء بعين امرأة جُرحت مرتين وتخاف على قلب صغير لم يتعلم بعد كيف ينجو، حور بالنسبة لها فتاة يافعة وساذجة بعض الشيء...
عفوية ونقية لم تمر بتجارب حتى لذلك تخشى أن تكون تجربتها الأولى في الحب مؤلمة:
-مفيش دراما ولا حاجة، بس أنتِ لسه صغيرة يا حور وأنا مش عايزة قلبك ينكسر لأي سبب من الأسباب...لأن ممكن يكون هو راسم حاجة تانية لنفسه، لأن طبعًا كل ده في حالك أنتِ، فمش عايزاكي تعلقي نفسك بحبال دايبة زي ما بيقولوا.
ارتجف قلب حور وشعرت بالقلق يتسلل إلى داخلها رغما عنها....
فقالت بنبرة خفيفة تحاول بها إخفاء خوفها:
-مفيش حاجة لكل ده وبكرا ياستي أول ما اصحى من النجمة هشوفلي كراش جديد..
ابتسمت وفاء بملامح دافئة وهي تقول لها:
-ربنا يرزقك بالخير وبحد يستاهل قلبك يا حور..
قالت حور بابتسامة باهتة فكلمات وفاء أصابتها بالقلق رغمًا عن أنفها:
-يارب ويحبني علشان أنا محتاجة اعيش قصة حب..
ضحكت وفاء، واستمر الحديث بينهما في مواضيع أخرى، حتى غادرت حور عائدة إلى منزلها....
لكن طوال الطريق…
كان سؤال واحد يطرق رأسها بلا توقف...
هل تحب طارق فعلًا؟
أم أنه مجرد إعجاب عابر؟
___________
في اليوم التالي...
أخذت سامية عمها وتوجهت على الفور نحو المستشفى، بعد أن تلقت اتصالًا من المدرسة يخبرها بأنه تم نقل طفلها إلى هناك.....
لحسن الحظ، كانت والدتها لا تزال نائمة حتى لا تقلق، بينما كان زهران مستيقظًا وقد تلقى الخبر معها، فذهبت فورًا برفقته........
دخلت الحجرة التي كان فيها طفلها، مستلقيًا على الفراش، ملابسه العلوية فوقها آثار دماء، وكان برفقته مشرفتان من المدرسة.....
دخلت سامية بلهفة واحتضنت صغيرها فورًا:
-حبيبي، مالك يا ريان حصل إيه بس، حصلك إيه؟؟..
أخذ ريان يطمأنها ببساطة وذكاء أو رُبما يردد كلمات قالها أحد له:
-أنا كويس يا ماما متخافيش، أنا كويس ووجعاني بس بسيط، متخافيش مش وجعاني كتير..
دخل زهران إلى الحجرة أيضًا فهو كان يركض حتى يلحق بابنه شقيقه التي كانت تركض كالمجنونة في المستشفى ولا يستطيع اللحاق بها....
كانت سامية تراقب طفلها بعينين دامعتين ثم غمغمت:
-الحمدلله يا حبيبي أنك بخير، الحمدلله..
تمتم زهران بلهفة هو الأخر وهو ينظر إلى الصغير:
-إيه يا ريان يا حبيبي عامل إيه؟.
أجاب ريان بهدوء:
-أنا كويس يا جدو..
ثم وجه حديثه نحو سامية وهو ينظر لها:
-متعيطيش يا ماما..
تنحنت أحد المشرفات مبتسمة بطمأنينة ثم غمغمت:
-متقلقيش هو كويس، الحمدلله الجرح كان سطحي والدكتور قال مفيش حاجة تستدعي القلق.
سأل زهران بصلابة:
-وهو حصل ازاي ده أصلا؟..
أوضحت المشرفة، وهي تحاول تهدئة الأجواء:
-كانوا بيلعبوا… واحد فيهم خبط فيه بالغلط، وقع على الأرض ورأسه اتخبطت في الرصيف، أول ما شفته بينزف، شيلته وجينا على المستشفى فورًا، الحمدلله مافقدش الوعي خالص، والدكتور طمنا وقال إنه هيرجع كمان شوية يشوفه مرة تانية....
سامية لم تبتعد عن الصغير ظلت تسأله عما يؤلمه وما حدث معه وهي تراقب بحذر وألم رأس صغيرها الملفوف بعناية، بينما همس زهران بهدوء:
-الحمدلله أنها جت على قد كده...سلامتك يا حبيب جدك...
ابتسم ريان وقال:
-الله يسلمك يا جدو...
سمع الجميع صوت رجولي يأتي من عند الباب..
"السلام عليكم".
التفت زهران له وكذلك سامية، وقد كان أمامهما كريم عزت موسى........
رد عليه الجميع تقريبًا في نفس واحد:
-وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
قالت الفتاة الأخرى:
-مستر كريم عزت مدرس دراسات عندنا، عرف الخبر في المدرسة وجه معانا وهو اللي جابنا بعربيته..
علق كريم على حديثها:
-مش محتاجة تعرفينا على بعض أحنا جيران..
ثم مد يده نحو زهران الواقف يشعر بالصدمة من رؤيته هنا فعلى ما يبدو هو لن يتخلص من ابن عزت بسهولة:
-ازيك يا أبو غالي...
صافحه زهران على مضض وقال:
-الحمدلله.
تمتم كريم بنبرة هادئة:
-أنا شغال في المدرسة وشوفت ريان كذا مرة هناك ولما عرفت أنه حصل معاه كده أصريت اجي معاهم حتى كنت لسه هتصل بـ نضال بس قالولي أن المدرسة بلغتكم.
قال زهران بفظاظة طفيفة:
-اه ما هي لازم تبلغنا طبعًا، مكنش له لزوم تتعب نفسك...
تمتم كريم بهدوء وكانت سامية في عالم أخر تتحدث مع طفلها وتطمئن على أحواله بنبرة لا يسمعها سواه:
-مفيش تعب ولا حاجة، وبعدين مش عايزكم تقلقوا خالص الدكتور طمنا وهيجي يشوفه تاني.
بعد قليل..
جاء الطبيب واطمأن على ريان، وسمح له بالعودة للمنزل بعد أن أعطى سامية تعليمات دقيقة للعناية بالجرح، في هذه الأثناء، ذهب زهران لشراء ملابس جديدة للصغير من أقرب مكان من المستشفى......
حتى يبدل ملابسه الملطخة بالدماء......
خرجت سامية من الغرفة ممسكة يد طفلها، متجهة نحو كريم، الذي يقف في ناحية وزهران يقف في الناحية المقابلة مغمغمة:
-شكرًا بجد مش عارفة اقولك إيه؟! ريان قالي عملت إيه معاه وأنك كنت معاه وقت الخياطة وأنه مخافش بسببك...
رد كريم بجدية:
-مفيش داعي للشكر ولا حاجة...
هتفت سامية بامتنان حقيقي:
-لا شكرًا طبعًا كفايا أنك سيبت شغلك وجيت، وريان نفسه عايز يشكرك..
تحدث ريان بنبرة جادة، وكأنه يشارك في التعبير عن امتنانه وهو يرفع رأسه حتى ينظر له بسبب فارق الطول:
-شكرًا يا عمو..
ابتسم له كريم ثم غمغم بابتسامة خفيفة:
-العفو يا حبيبي، أهم حاجة تاخد بالك من نفسك بعد كده وأنتَ بتلعب مع صحابك زي ما وعدتني..
قاطع هذا الحديث صوت زهران:
-يلا يا سامية أحنا اتأخرنا وامك عماله ترن علشان متقلقش أكتر من كده...
كان بعيدًا عنهما بمسافة مناسبة فتركت سامية الصغير يتحدث مع كريم ثم اقتربت من عمها مغمغمة:
-إيه اللي بتعمله ده يا عمي؟ عيب والله أنتَ أكتر واحد بتفهم في الأصول..
ضيق زهران عينه متحدثًا بنبرة خافتة مثلها:
-عملت إيه أنا يعني؟.
قالت سامية بنبرة حازمة:
-يعني الراجل ساب شغله وحاجة مش مضطر يعملها أصلا لمجرد أنه شغال في المدرسة وعرف اللي حصل لريان، وجه علشان ميكنش لوحده مع المشرفين، وريان قالي حاجات كتير عملها معاه قبل ما نيجي..
-كتر خيره يعني اعمل لروح أمه إيه؟ اشيلة فوق دماغي وألف بيه؟ ولا اعمله مقام؟.
تمتمت سامية ببساطة:
-تقوله شكرًا زي ما علمتنا، لما حد يعمل معانا واجب نقوله شكرًا على الأقل، ده أنتَ شكرت البنات اللي كانت موجودة رغم أن ده شغلهم وهما المشرفين بتوع ريان ومشكرتهوش هو اللي جاي من نفسه وجابهم بعربيته كمان...
كز زهران على أسنانه، ثم ابتعد نحو كريم وريان، مغمغمًا:
-شكرًا يا كريم على كل اللي عملته ابن أصول والله، الحاج عزت عرف يربى..
رد عليه كريم ببساطة رغم أنه يمنع ضحكة بصعوبة كانت على وشك الانفلات، من أمامه ليس رجلًا يشكره بل على وشك قتله دون سبب حقيقي:
-ده واجب يا معلم زهران احنا واحد..
_____________
كان أشرف يجلس في الشقة التي استأجرها نضال ودياب من أجل طارق في الحي الذي يتواجد فيه شارع خطاب....
المكان بدا مرتبًا على عجل، لكن بلمسات تكشف حرصهما على أن يجد صديقهما مساحة آمنة إلى أن يستقر ويرتب قراراته القادمة فيها...
جلس أشرف على الأريكة، بينما جلس طارق في المقعد المقابل، وهدير وضعت كوب الشاي أمامهما ثم حيّته وغادرت الغرفة بلا كلمة إضافية....
فهي لا تسامح بحقها مثل طارق....
الغفران ليست كلمة في قاموسها ولكنها تحاول التعايش...
من دون مسامحة أحلام ولا أشرف....
فما حدث بها بسببها ليس شيئًا قد تسامحه ولا تظن بأنه سيأتي يوم وقد يجعلها تنسى ما حدث...
أخبر طارق "أشرف" بأمر أحمد "خطيب هدير السابق" والذي يرغب في العودة لها تلك المرة متأخذين خطوة الزواج فورًا. ....
رفع أشرف حاجبيه معترضًا وقد ظهر الغضب على محياه:
-هو الموضوع ده مش خلاص كان اتقفل؟ والحمدلله أنه اتقفل، إيه اللي يخليها تتجوز راجل مش مصري وغريب عننا ولا نفهمه ولا نعرف أراضيه وحتى أنتَ مش هترجع تاني وتكون جنبها دي هتكون في حتة واحنا في حتة لو حصلت معاها حاجة مين يقف جنبها؟.
ضحك طارق بسخرية مُرة وقال:
-لولا أن لسه الذاكرة الحمدلله لسه كويسة كنت افتكرت أنك فعلا اخوها اللي بيخاف عليها، شكلك نسيت عملت فيها إيه يا دلدول مراتك بعد ما اختك سافرت...
اشتعلت نظرات أشرف، وكاد يرد بعنف، لكن طارق أسرع يكمل حتى لا ينفلت النقاش من يده:
- أنا مليش غرض نفتح في اللي فات، الموضوع منتهي، الواد وابوه هيجوا بعد اسبوع ان شاء الله بيظبطوا ورقهم وجايين هنقعد قعدة هنا عائلية نتكلم فيها وتتعرف عليهم وهنتمم إجراءات الجواز، اختك بتحبه وعايزاه، وهو شخص كويس، واعتقد هدير وصلت لمرحلة كافية بسبب كل حاجة مرت بيها أنها تقدر تعتمد على نفسها وأنا من وقت للتاني ان شاء الله هسافر ليها...
ثم أضاف بنبرة جادة:
-معرفش حد تاني من أهله هيجي ولا لا، اللي متأكد منه بس أنه جاي هو وابوه، الناس دي متعرفش أي حاجة عن هدير ولا تعرف سافرت ليه تكمل دراستها أو السبب الحقيقي، فاكرين أنه عادي هي جت علشان تدرس برا وتكون معايا علشان كده لما يجوا بلاش تلغبط بالكلام وخلي كلامك قليل..
لوى أشرف شفتيه بتهكم مغمغمًا:
-وإيه كمان؟ أي أوامر تانية..
رد عليه طارق بهدوء:
-لا مفيش أوامر تانية ولا حاجة ولما يبقى فيه هقولك.
سأله اشرف باهتمام رُبما قد أدرك خطئه في كرارة نفسه ولكنه لا يود الاعتراف بها بطريقة صريحة:
-وفي أخبار جديدة عن أحلام؟.
كانت العلاقة بين طارق وأحلام غريبة!!
لم تعد علاقة بين شقيق وشقيقته...
ولا يوجد أي رابط بينهما!!
لكنه لم يحظرها من أي مكان خلال تلك السنوات، كانت هي ترسل له الرسائل ويقرأها هو في صمت من دون إجابة لكنه فقط يطمأن من خلالها بأنها بخير...
وأخر شيء أرسلته له منذ عام تقريبًا بأنها سوف تتزوج من شاب مصري يعمل معها هناك، وأنها ترغب في أن تبدأ صفحة جديدة وعبرت عن ندمها وتمنت أن يسامحها...
وقتها أرسل رسالة تهنئة خالية من المشاعر لا أكثر فأرسلت له صور بسيطة من زواجها الذي لم يكن حفل بقدر ما هو إجراءات قامت بها وأرسلت له رقم زوجها وحساباته على مواقع التواصل الاجتماعي كأنها ترغب في مشاركته ولم تتوقع أن يتخذ ردة فعل!!
فلم تصدق وقتها أحلام بأن طارق قد تحدث مع زوجها واتصل به، وكانت مكالمة طبيعية وكأن عدم وجود عائلتها معها فقط هو أسباب البعد والظروف الخاصة بالسفر والعمل...
أراد طارق أن يجعله يشعر بأن العلاقة بينهما طبيعية، شكرته أحلام كثيرًا بعدها لم تصدق بأنه قد يفعل هذا المعروف معها بعد كل ما اقترفته بحقه لم يرد بأن تكون أمام رجل غريب أمرأة بلا أهل!!.
لم يكن لها عين أن تخبره أو تطلب منه ما تريده حقًا ولكنه فعله من دون أن تتكلم...
وهكذا كانت العلاقة بينهما خلال السنوات.....
عبارة عن رسائل باردة...
تخبره فيها عن أحوالها بين الحين والآخر...
رد طارق على سؤال شقيقه بجمود:
-لا مفيش جديد من ساعة ما قولتلك أنها اتجوزت بتبعت من فترة للتانية أنها كويسة وبس..
نفخ أشرف بضيق:
-احسن ايكش ينقطع خبرها و...
قاطعه طارق بعصبية مفاجئة:
-أشرف انتَ جاي تشوفني وتشوف اختك بعد السنين دي كلها ولا جاي تحرق دمي؟؟؟ وبعدين أي حاجة عملتها أحلام انتَ ليك يد فيها لو كنت طول الوقت مع اخواتك وحواليهم مكنش حصل كده من البداية، كله غِلط؛ بلاش نفتح في اللي فات وده لمصلحة الكل....
ساد الصمت بينهما.....
كأن الكلمات سقطت فوق رأس أشرف فأيقظت بداخله شيئًا حاول طويلًا تجاهل وجوده.....
______________
تجلس " ريناد" في النادي تُراقب ابنتها وهي تؤدي تمرينها مع المدرب الخاص بها…...
عينها على الصغيرة باهتمام وتركيز شديد بسبب الحوادث التي تحدث مؤخرًا....
ففي الفترة الأخيرة، العمل نادرًا ما تذهب له، حياتها باتت محصورة بين ابنتها والمنزل لا شيء آخر....
انتشلها من شرودها رنين هاتفها...
نظرت إلى الشاشة فرأت الاسم، فكان المتصل هو "حُسنية" والدة زوجها...
أجابت بعد أن سحبت نفسًا عميقًا:
-الو...
جاء صوت حُسنية دافئًا وحنونًا:
-ايوة يا ريناد يا بنتي؛ عاملة إيه يا حبيبتي؟.
قالت ريناد بترحاب واضح رغم إرهاقها وانخفاض معنوياتها:
-الحمدلله يا طنط، حضرتك عاملة إيه؟ ازيك وازي صحتك؟.
جاءها صوت حُسنية هادئًا:
-الحمدلله بخير يا حبيبتي، مش ناوية تيجي ونشوفك بقا؟ أنتِ عارفة مشوارك صعب عليا، حتى لو متخانقة مع دياب بلاش تقطعي بينا أنتِ من ريحة الغالية يا بنتي...
ارتخت ملامح ريناد وبان الحزن في نبرتها حينما تذكرت بهية:
-ربنا يرحمها.
-يارب يا بنتي..
صمتت لحظة ثم تابعت:
-يا ريناد أنا زي والدتك يا حبيبتي عرفيني إيه اللي بينك وبين جوزك، والله دياب من ساعة ما سيبتوا بعض وهو حالته وحشة جدا، دياب بيحبك؛ ريحيني وقوليلي حصل إيه؟ متخبيس عليا أنا امه وأنتِ بنتي برضو، هتحكي لمين لو محكتيش ليا؟، أنا عارفة ان دياب غشيم شوية وممكن يكون زعلك من غير ما يقصد بس مفيش حاجة ملهاش حل...
رددت ريناد كلماتها بلا وعي:
-مفيش حاجة ملهاش حل فعلا؟..
قالت حُسنية بتأكيد:
-ايوة يا بنتي، كل حاجة وليها حل مدام جوزك بيحبك وأنتِ بتحبيه لازم تحافظي علي بيتك وأنتم الاتنين تقعدوا مع بعض وتتفاهموا يا بنتي، أنتم كنتم زي العسل، إيه اللي حصل بس؟ أكيد عين وصابتكم..مش بعد كل اللي اتحملتوه علشان تكونوا بعض تعملوا كده.
أردفت ريناد بيأسٍ:
-بس في حاجات مينفعش تتصلح يا طنط مهما عملنا...
قالت حُسنية بجدية وقد مست الجرح دون أن تدري:
-لا في، لما يكونوا اتنين بيحبوا بعض يبقى كل حاجة ممكن تتصلح، وبعدين لازم تتكلمي يا ريناد، هتفضلي ساكتة زيه لغايت امته؟ قولي ابني غلط في إيه وانا اتكلم معاه؛ لازم ترجعي بيتك يا حبيبتي وتنوريه من تاني...
ثم تابعت حديثها بحسرة على حالهما:
-وشقة دياب خلصت شقاه السنين اللي فاتت كلها وأنتِ كنتي معاه في كل خطوة علشان تروحوا تقعدوا فيها، بعد كل ده تهدوا اللي ما بينكم؟ مين اللي يستاهل وعلشان إيه؟؟؟؟........
بعد مكالمة بينهما استمرت على هذا النهج وكانت ابنتها مازالت في التدريب الخاص بها....
فتحت ريناد "معرض الصور".
تحديدًا ذلك الالبوم الذي يتواجد فيه تلك الصور التي أرسلتها لها تلك المرأة يومًا، والتي طلب دياب منذ مدة أن ترسلها له ولم تفعل....
الآن...
حدّدتها كلها وأرسلتها له دون كلمة واحدة أو تعليق بعدها......
ثم أغلقت الهاتف، وأسندت رأسها إلى المقعد.....
كانت تفكر
هل كانت هذه خطوة تنازل؟!!!
أم أنها خطوة كان يجب أن تتخذها منذ زمن؟!!
سرت رعشة خفيفة في جسدها بسبب الأجواء الباردة......
____________
جاءت سلمى من الخارج بخطوات سريعة، رغم أنها كانت قبل لحظات فقط في صالة الألعاب الرياضية الخاصة بها تتابع بعض الأمور....
لكنها ما إن علمت بحالة ريان حتى تركت كل شيء وجاءت، لتجلس إلى جواره وتطبع قبلة دافئة على وجنته:
-ألف سلامة عليك يا ريان....
فتح ريان عينيه نصف فتحة، صوته ناعس من أثر قيلولته الصغيرة بعد المدرسة:
-الله يسلمك، أنا كويس على فكرة..
كان يؤكد للجميع فكرة أنه بخير تلقائيًا...
مما جعل سلمى تبتسم له وتترك قُبلة على جبهته وسامية تقف عند الباب:
-يارب دايما تكون كويس يا حبيبي...
ثم تابعت سلمى حديثها:
-بعد كده تخلي بالك وأنتَ بتلعب مع صحابك تخاف على نفسك وعليهم ومحدش يزق التاني ...
قاطعها ريان ببراءة وهو يرفع حاجبيه:
- بس أنا وياسين كنا بنلعب عادي..
قالت سلمى بهدوء:
-حتى لو كنتم بتلعبوا يا حبيبي خلي بالك..
هز ريان رأسه موافقًا ثم غمغم بحماس صغير:
-أنا لما جيت نمت، وحلمت بيكي..
جلست سامية بجوار الفراش، وسألته سلمى باهتمام وفضول لن تنكره:
-حلمت بإيه بقا؟.
أجاب ببساطة تصيب القلب:
-حلمت أن معاكي بيبي بس شكلك كان خايف او زعلان مش عارف بقا....
لسبب لم تفهمه شعرت سلمى بوخزة قلق واضحة....
الكلمات ساذجة وبريئة، لكنها أصابتها في منطقة حساسة....
بادرت سامية لتهدئة الجو وتلطيفه:
-ان شاء الله ربنا هيرزقها قريب بيبي صغير بس مش هتكون زعلانة بإذن الله هنفرح كلنا..
قاطع حديثهما صوت انتصار الحنون من الخارج:
-يلا يا ولاد الأكل على السفرة..
في الثالثة صباحًا.....
كانت سلمى جالسة بين ذراعي نضال في فراشهما، لكن لمعة الحيرة في عينيها لم تفارقهما طيلة اليوم فلم تكن كلمات ريان عابرة على أذنيها رغم بساطتها وبرائتها وعدم خبثها في النهاية هو طفل صغير لا يدرك جيدًا أثر ما يقوله.....
تمتم نضال بصوتٍ منخفض وهو ينظر لها:
-هو أنا ليه من ساعة ما جيت وأنتِ في وادي وأنا في وادي وفاصلة مني....
ابتعدت عنه قليلا ثم التقطت هاتفها الموضوع على الكوميدنو لتنظر على الساعة ثم عادت مرة أخرى تستقر بين ذراعيه التي دومًا كانت مكان لها وحدها يسع لها في كل الأوقات الجيدة والسيئة:
-ما أنا قولتلك اللي مضايقني...
قال نضال بعدم اقتناع:
-يا سلمى مش معقول هتفضلي متنحة علشان الحلم بالشكل ده؟ ده عيل صغير دماغه اتفتحت نام شوية وأحلام العصر زارته وخلاص....
تمتمت سلمى بتردد ومشاعر سلبية لا تستطيع تفسيرها:
-معرفش يا نضال يمكن أنتَ شايف الموضوع عادي بس أنا من ساعتها قلبي مقبوض ومش مرتاحة....
ضحك بخفة وهو يقرّب وجهه منها:
-ياستي هو السيد البدوي؟ ده ريان عادي...
ثم تابع حديثه:
-وحتى لو السيد البدوي عادي برضو، بلاش تضايقي نفسك وتعكنني على نفسك يا سلمى من لا شيء...
ثم ترك قُبلة على رأسها اتبعها بوجنتيها، ثم ثغرها فردت عليه حينما ابتعد عنها بمسافة مناسبة:
-مش بمزاجي يا نضال أنا من ساعة ما قالي ....
قاطعها:
-لا غيري السيرة يا سلمى ده مجرد حلم عيل صغير، بلاش تقعدي توهمي نفسك على الفاضي بإذن الله ربنا هيرزقنا وهنفرح بيه....
لمعت عيناها في تلك اللحظة ثم قالت برغبة حقيقية:
-يارب يا نضال، يارب...
أنهت حديثها وابتعدت عنه مرة واحدة مما جعل ملامحه تمتزج بين الدهشة والاعتراض:
-في إيه القلبة دي؟.
تدثرت بالغطاء وهي تستلقى على الطرف الآخر مبتعدة عنه قائلة:
-أنا معرفش أنتَ بتأخد وتدي معايا في الكلام ليه؟ ده أنتَ واحد راجع ليا الساعة واحدة..
-مش مهم عدد الساعات اللي بقعدها معاكي المهم الكيفية مش الكم.
أستدارت له ونظرت له مستنكرة لا تفهم ما يقوله أو على الأقل ما علاقتهما به....
عادت مرة أخرى على موضعها فحاول إبعاد الغطاء لكنه وجدها متمسكة به بإحكام لا يفهم سببه:
-احنا لسه بنتكلم..
-لا أنا صاحية أنا من بدري وخلصت كلام خلاص، نام بقا علشان تلحق مكانك في القهوة من بدري.....
أقترب منها واستند بذقنه على كتفها وهي توليه ظهرها:
-والله يا سلمى أنتِ ظلماني أنا مش طول اليوم في القهوة ما أنا بيكون عندي شغل...
تمتمت سلمى وهي مغلقة الأعين:
-بس بترجع على القهوة مش عليا...
-كله علشانك، تعرفي بقعد على القهوة قبل ما اطلعلك ليه؟ مسألتيش نفسك في السنين دي كلها؟.
أستدارت له سلمى حتى تصبح في مواجهته مغمغمة بسخرية:
-ليه يا نضال، قول .
حاوط نضال خصرها متحدثًا بنبرة جادة إلى الحد الذي جعلها ترغب في الضحك:
-علشان لما ارجع قرفان ومخنوق في حاجة معصباني مطلعش عليكي علطول أفك بعدين اطلعلك، اومال أنتِ فاكرة بعمل كده ليه؟؟ مش علشاني ده علشانك أنتِ ياست الكل..
شهقت بتمثيل:
-صدق اقتنعت...
ابتسم نضال بثقة مرحة:
-رهيب في الاقناع بقولك..
____________
في اليوم التالي....
كان دياب يجلس في حديقة المنزل، وليان بجواره تشرح له ألعابها للمرة الألف، وهو ينصت بشغفٍ كأنه يسمعها لأول مرة، كان صوته يلين تلقائيًا كلما تحدثت، وملامحه ترتاح فقط حين يراها تتحمس لكلماتها الصغيرة.......
وفجأة، توقفت ليان عن الشرح، وأسندت ذقنها على ركبتها بملل طفولي وهي تقول بنبرة متقطعة:
-هو احنا مش هنرجع للبيت، أساسًا جدو بيسافر كتير ويرجع ومش دايما بنكون معاه علشان ميقعدش لوحدوا...
ابتلع دياب ريقه…
وانتزعت كلماتها شيئًا في صدره......
خرج منه الوعد دون أن يخطط له، دون أن يقيس ثقله:
-ان شاء الله قريب هنرجع...
هنا اطمأنت ليان....
وسكنت ملامحها....
وكأنه ضغط زرًا خفيًا…
هدأت الصغيرة، وهبطت كتفاها القلقتان، وسكنت ملامحها، كأن جملة واحدة أعادت لها عالمها كله.....
تنحنح دياب ثم حاول كعادته أن يسألها عن ريناد فهي المصدر الاساسي للاطمئنان عليها:
-أومال ماما فين؟ في الشغل ولا إيه..
كان يعلم بأنها لا تذهب للعمل تقريبًا...
لكنه حاول أن يتجاذب أطراف الحديث بأي شكل تحديدًا أنه اتصل بها كثيرًا منذ إرسالها الصور له ولا تجب؛ وأرسل لها العديد من الرسائل وتلك المرة لم تكلف خاطرها لقرائتها دون رد..
رفعت ليان رأسها نحوه بعيون متسعة، وفتحت فمها بصدمة حقيقية، كأنها تفاجأت بسؤاله حدّ الذهول، ثم شهقت قائلة:
-هو أنتَ متعرفش؟!
سكتت....
وكأن الهواء نفسه توقف بينهما....
ما الذي لا يعرفه؟!...
_______يتبع_______
لاتلهكم القراءه عن الصلاه وذكر الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
جميع الروايات كامله من هنا 👇 ❤️ 👇
اعلموا متابعه لصفحتي عليها الروايات الجديده كامله بدون روابط ولينكات من هنا 👇 ❤️ 👇
❤️🌺💙🌹❤️🌺💙🌹❤️🌺💙🌹❤️🌺💙🌹❤️🌺💙🌹❤️🌺


تعليقات
إرسال تعليق