الفصل السابع من حين_تنفس_القلب شارع_خطاب_الجزء_الثاني الجزء الأول كان بعنوان "عذرا لقد نفذ رصيدكم"بقلم fatma_taha_sultan حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج
![]() |
الفصل السابع من حين_تنفس_القلب شارع_خطاب_الجزء_الثاني الجزء الأول كان بعنوان "عذرا لقد نفذ رصيدكم"بقلم fatma_taha_sultan حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج
اذكروا الله.
دعواتكم لأهلكم في فلسطين والسودان وسوريا ولبنان وجميع البلاد العربية.
____________
"أُحبّك بما لا يُفسَّر
كما تُحبّ الأرواح
أصلها الأول."
#مقتبسة
لَعجبُ لَو تَعلمين كيف لكِ أن تكوني
الأمنية التي تَمنيتها في كل حين !
و كيفَ لكَ أن تكونَ بِهذا اللين
و الدفئِ و الحَنين ؟
#مقتبسة
قد ينسى الإنسان أنه حي في بعض
فترات حياته حتى تلمسه يدا تحبه.
#مقتبسة
يَا ليتَ هَذا الشّوقَ يَبردُ حرّهُ
أوْ ليتَنَا نَعودُ مَعاً ونَسْلَمُ ..
#مقتبسة
__________
ما الذي لا يعرفه؟
كان هذا السؤال يثقل قلبه…
يخشى الإجابة لأنها قد توقف قلبه، أو تشعل النار في رأسه، أو قد تغضبه وتجعله يفقد صوابه ورُبما يجن جنونه، لكنه وجد الإجابة مختلفة.........
مختلفة تمامًا، جعلت قلبه يعتصر قلقًا، فصعد مع ابنته إلى حجرتها......
جلس على طرف الفراش وهي مستلقية أمامه، وجلست هي أيضًا في نصف جلسة، وكأنها تحاول حجز مسافة بينهما......
أخبرته الصغيرة بأن والدتها كانت مريضة جدًا وأن ليلة أمس، ارتفعت درجة حرارتها لدرجة أن محمد "والد ريناد" أخذها إلى المستشفى....
كانت ليان تجلس بجوار ريناد على الفراش، مما جعل ريناد تهتف بنبرة هادئة:
-مش قولتلك خليكي تحت يا ليان علشان متتعديش مني لغايت ما أكون كويسة.
ردت ليان بابتسامة طفولية:
-أنا كُنت تحت بس قولت أطلع مع بابي...
ابتلعت ريناد ضيقها وقالت:
-ماشي ممكن تنزلي تقوليلهم يحضروا الغداء بقا، واقعدي مع بابا تحت، وأنا هبقى انزل اتغدى معاكي..
فهم دياب الرسالة فورًا…
كانت تُخرجه من الغرفة بطريقة لطيفة أمام ابنته حتى لا تشعر بشيء، فهي لم تكن تعلم بأن الأطفال يفهمون ويشعرون بكل شيء مهما حاولت جاهدة أن تفعل العكس.....
ومع ذلك لم يغضب دياب، بل انحنى قليلًا إلى مستوى ابنتهما وقال بحنان:
-أنزلي أنتِ يا حبيبتي علشان متتعديش وأنا هنزل وراكي علطول....
هزت الصغيرة رأسها موافقة ثم رحلت وبمجرد أن أُغلقت الباب خلفها، انكشفت حدة العتاب خلف ملامح ريناد المرهقة:
-أنتَ إيه اللي طلعك هنا؟..
ضحك دياب بمرارة قصيرة ثم قال بسخرية من حاله بس منها:
-تفتكري إيه اللي طلعني هنا؟ طالع اتشمس..
ثم تابع بنبرة جادة، تحمل القلق الصامت:
-طالع أطمن عليكي طبعا، أول ما ليان قالتلي، ليه محدش فيكم قالي إنك تعبانة من امبارح؟..
ردت بجمودٍ وصرامة تخفي وراءهما ارتعاشة:
-وأقولك ليه؟؟ بابا وداني المستشفى وخلاص....
تجاهل فظاظتها ولم يلتفت إلى حدتها، فكانت ضعيفة جدًا، وصوته كان أهدى مما توقعته وهو يقول:
-قالك إيه؟ طمنيني طيب..
تنهدت ريناد ثم أجابت عليه:
-نازلة معوية وبرد مع بعض وأنا خايفة على ليان تتعدي علشان كده من امبارح بليل في الاوضة وبحاول أبعدها عني...
ارتسم القلق على وجه دياب، ورفع يده على جبهتها ليطمئن على حراراتها، في حركة تلقائية منه:
-ألف سلامة عليكي، جسمك دافي شوية بس مش أوي...
-الله يسلمك، كده أحسن كتير امبارح كنت سخنة أكتر، بس بأخد العلاج...
ثم رمشت بعينيها، وبدل أن تشكره أو تُبعد يده قالت بجفاء أكثر مما تنوي:
-ممكن تمشي بقا، أنا مش طايقة أشوفك.
كانت تكذب.
تعرف أنها تكذب كما يعرف هو......
كانت تعرف يقينًا أنها اشتاقت إليه أكثر مما يجب أكثر مما يحق لها بعد كل ما حدث وما اقترفه بحقها...
لكن دياب لم يغضب....
لم يرفع صوته....
بل نظر إليها نظرة رجل خائف من خسارة لا يستطيع تحملها ثم قال بنبرة جادة:
-ريناد أنا شوفت الصور وبحاول أفكر واتصرف ازاي عرفت تتصور في العربية وامته، وهثبتلك أن ده محصلش...
رفعت رأسها قليلًا، عيناها كانتا مرهقتين من المرض ومنه:
-ولا حصل مش فارقة صدقني، مش هي دي المشكلة وبس، مشكلتي بدأت لما رديت عليها وفضلت تسمعها وهي بتحب فيك يا دياب....
أغمض عينيه كما لو أن الكلام صفعة منها ثم غمغم:
-أنا غلطان ومش بنكر إني غلطان؛ عارف إني غلطان والله العظيم، أنا بحبك يا ريناد ومبحبش غيرك دي الحاجة الوحيدة اللي لازم تكوني متأكدة منها....
تنفست بعمق، ثم قالت بوجع لا تخفيه:
-واسمي بإيه حنينك للماضي؟!..
-مفيش حاجة اسمها كده، هي كانت صعبانة عليا مش أكتر و...
قاطعته ريناد بسخرية:
-معنديش استعداد ولا مرارة ولا طاقة أقعد اسمع عن مشاعرك ولا اللي بتحسه ليها، الموضوع منتهي ولا أنا هسامحك ولا أنتَ هتسامحني..
قال دياب بجدية، صوته يرتجف قليلًا:
-ممكن منتخانقش؛ ممكن تخلينا نهدى شوية وتسبيني اثبتلك أن في حاجات كتير أنتِ فهمتيها غلط، والله العظيم أنا حتى دلوقتي ولا بتكلم معاها وبلكتها من كل حتة من ساعة ما سيبتي البيت، وأنتِ عارفة إني مش بحلف كدب مهما حصل...
نظرت إليه…
نظرة مُنهكة، حزينة وتائهة كأنها تبحث في عينيه عن سبب واحد يجعلها تتوقف أو يخفف من ألامها.....
هي تحبه وهو نقطة ضعفها....
ابتلع ريقه، وقال بصوت مملوء بالصدق:
-مش لو أنا عندي حنين الماضي ولا بحبها زي ما بتقولي كان زماني لما صدقت أننا سيبنا بعض وبكلمها؟! وفي النهاية محدش بيفتش ورايا.
تنهدت وهي تنظر إلى داخل عيناه تحاول قرأتها....
فهي منذ أشهر حياتها متوقفة...
لا تذهب ولا تخرج من المنزل إلا للمشاوير الخاصة بابنتها وكأنها تعاقب نفسها على ردة فعلها تجاهه حتى ولو كانت مجرد رد فعل على فعلته لكنها لم تحب ما فعلت ولا تعلم ما الذي كان ينتباها في لحظتها.....
كان ما يحركها هو الانتقام فقط...
قالت أخيرًا بصوت خافت، متعب وحزين:
-طيب يا دياب مش هتخانق معاك دلوقتي لاني مش قادرة أصلا وتعبانة جدًا، ممكن تنزل تقعد مع ليان شوية بما إني مش قادرة ومش عايزاها تكون لوحدها، وتسيبني أنام؟.
-ماشي.
اقترب منها، وترك قبلة خفيفة على رأسها، ثم ابتعد متجهًا نحو باب الغرفة، مغمغمًا:
-ممكن لو اتصلت بيكي تردي؟..
اكتفت بهزة رأس صغيرة إشارة لا تعني شيئًا، لكنها أراحته وأرهقتها......
غادر…
وترك الباب خلفه، وتركها وحدها مع وجعٍ لم يهدأ… وحنين لا ينتهي.....
____________
-ازاي محدش يقولي أنه حصل كده؟ يعني لولا إني اتصلت إني عايز اشوفه مكنش حد هيقول ولا حد فيكم هيفكر يعرفني حاجة؟!
كان حمزة يتحدث بانفعال شديد عقر الهاتف الذي كان ملتصق بأذن زهران، بينما يده الأخرى تمسك خرطوم الأرجيلة وهو يجلس على المقعد بجوار جزارة خطاب
كان أخر ما ينقصه أبوة حمزة التي تذكرها ويريد أن يعيشها...
أردف زهران بانفعال حقيقي:
-بقولك إيه أنا على أخري منك متقعدش توش ليا، واه مش علشان شوفت الواد مرة واحدة تفتكر نفسك ليك لازمة عندنا، ومش المرة دي اللي هتخلينا نقولك كل كبيرة وصغيرة لازم أنتَ اللي تسأل علشان تعرف...
تمتم حمزة وقد نفد صبره:
-طب أنا جاي علشان اشوفه ومتقوليش مش هينفع اجي البيت، لأني جاي يعني جاي..
بعد عشر دقائق....
فتح زهران باب الشقة ودخل، فكان ولده غالي جالسًا مع ريان يشاهدان التلفاز، بينما خرجت سامية من غرفتها فور سماعها صوت الباب:
-اهلا يا عمو، طلعت بدري يعني؟، ماما لسه مخلصتش الغداء..
أجابها زهران بهدوء:
-لا أنا مش طالع علشان الغداء طالع علشان اتكلم معاكي، تعالي نتكلم جوا شوية.....
دخلت خلفه إلى غرفته..
فأغلق زهران الباب، ثم قال بصوت مضطرب قليلًا كأنه يتحمل كلامًا لا يريد أن يقوله:
-حمزة جاي يشوف ريان...
أتسعت عينا سامية وتابع زهران مفسرًا الأمر:
-هو اتصل علشان كان عايز يشوفه وطبعا قولتله لا علشان اللي حصل فهو جاي يشوفه....
انفجرت سامية بغضب مكبوت:
-ازاي تسمحله يجي ويدخل بيتنا؟..
رد عليها زهران بوضوح لم يرفع صوته، لكنه كان واضحًا وصريحًا لدرجة أوجعتها:
-علشان ابنه وسطنا وتعبان وهو عايز يشوفه، مينفعش أقوله لا، هو أنتِ ليه محسساني بجد كأني بحبه ولا طايق اللي خلفوه؟؟؟ بس في حاجات الواحد مينفعش يقول لا عليها، روحي شغلك ومكانك واحنا موجودين هيجي يشوفه ويمشي علطول ولا احنا طايقينه ولا هو طايقنا.....
لم ترد...
خرجت من الغرفة قبل أن يفلت غضبها أكثر، وبمجرد أن فتحت الباب، وجدت سلمى أمامها، نظرتها متسائلة فعلى ما يبدو أتت أثناء حديثهما.......
-مالك يا سامية؟.
قالت سلمى هذا حينما لاحظت وجهها..
خرج زهران خلفها متحدثًا:
-حمزة جاي يشوف ريان، لو جوزك جاي خليه ميجيش دلوقتي.....
جاءت انتصار من المطبخ متمتمة بقلق كونها لا تفهم ما يحدث فكانت غارقة في المطبخ برفقة ماجدة:
-في حاجة ولا إيه؟ ليه عايز نضال ميجيش؟؟...
لكن زهران اكتفى بنظرة ضيقة، توحي بأن الوقت ليس مناسبًا لأي شيء آخر.
...بعد مرور ساعة....
كان حمزة قد وصل إلى منزل عائلة خطاب ولم يكن في استقباله إلا زهران وماجدة العاملة في المنزل، أما انتصار في الحجرة برفقة ابنتها تحاول تهدئتها فهي لم تذهب إلى مكان عملها كما أراد زهران..
كان معهما غالي الصغير الذي يتساءل عن هوية والد ريان، فكان هو في عالم ووالدته وشقيقته في عالم أخر.....
في الصالة...
جلس حمزة أمام ريان، مد يده بحنان مرتجف، يمرر أصابعه على خد ابنه الصغيرة وكل كلمة فيه تنطق بالاشتياق:
-ألف سلامة عليك يا حبيبي، سلامتك حصل ازاي ده؟.
رد عليه ريان بهدوء وبساطة:
-كنت بلعب مع ياسين ووقعت بس، ومستر كريم اخدني للمستشفى مع ميس ياسمين وميس نيرة....
-ألف سلامة عليك يا حبيبي.
فرد الصغير ببراءة لا تعرف التوتر الذي يحيط بالمكان:
-الله يسلمك.
تنحنح زهران، لكن الصوت الذي خرج منه لم يكن يشبهه، كان ترحابًا مصطنعًا، مغطّى بابتسامة لا تصل عينيه:
-تشرب إيه يا حمزة؟.
-ملهوش لزوم..
تحولت ملامح زهران إلى جدية مباغتة، نبرته خرجت قاطعة، كأن الرفض أزعجه أكثر مما يجب:
-لا طبعًا لازم تشرب حاجة مينفعش تدخل بيتنا ومتشربش حاجة.
أردف حمزة بهدوء:
-خلاص قهوة ممكن....
لكن قبل أن يكمل جملته، كان زهران قد التفت نحو المطبخ ورفع صوته، أعلى مما يستدعي الموقف:
-اتنين شاي معاكي يا ماجدة..
____________
تجلس العائلة أمام التلفاز...
كان كريم منشغل بهاتفه..
لا يشارك في أي حديث...
وبعد دقائق، نهض دون أن ينطق كلمة، واتجه إلى حجرته...
أما والده لم يأتِ حتى الآن...
كانت نورا تتصفح الصور الفوتوغرافية التي أرسلها لها المصوّر بجودة عالية، جلست بجوارها هالة، تتأمل الصور التي تظهر فيها، ثم عقبت بانزعاج واضح:
-بجد شكلي كان وحش أوي والميكب كان زي الزفت بجد كل حاجة في اليوم كانت ماشية زي الفل وحلوة إلا اختيارك للي اسمها سامية دي..
ردت عليها نورا بعفوية:
-الميكب كان تحفة، ده كل صحابي وحتى أهل العريس سألوني مين اللي عاملة ليا الميكب ولغايت ما رجعنا مفيش حاجة اتحركت من مكانها..
تمتمت هالة بامتعاض:
-يمكن اهتمت بيكي أنتِ علشان العروسة لكن أنا مش راضية عن نفسي خالص وبجد كل ما بشوف الصور بضايق...
قالت نورا وهي مازالت متمسكة بهدوئها:
-أنا شايفة الميكب كان حلو وهي عملت نفس الميكب اللي كنتي مصممة عليه في الصورة لا أكتر ولا أقل وطلعته زيه بالظبط وحاولت تخليكي تعملي حاجة تانية بس كنتي رافضة..
قاطعتها هالة بحدة غير مبررة:
-أنتِ بدافعي عنها ليه بالشكل ده؟ ولا كأنها من بقية أهلنا، أنا حرة في رأيي الميكب بتاعها يقرف..
تدخلت صباح في الحوار حينما لاحظت ما يحدث:
-خلاص يا بنات اهو يوم وعدى وكنتم قمرات ومش الميكب اللي هيخليكم حلوين أنتم اصلا قمرات وحلوين من غير حاجة، والقالب غالب...
في هذه اللحظة خرج كريم من الرواق، يحمل حقيبة سفر صغيرة، حقيبة فيها بعض متعلقاته الضرورية فقط، ووضع الهاتف في جيبه، واتجه مباشرة إلى باب الشقة.......
تمتمت صباح بدهشة:
-رايح فين يا ابني بالشنطة دي؟..
رد عليها كريم بهدوء جاف:
-طالع شقتي يلا تصبحوا على خير...
فتح الباب، ثم خرج..
وصباح لحقته، تغلق الباب خلفها بسرعة وهي تنادي:
-كريم استنى عندك...
وقف على الدرج فوضع الحقيبة أرضًا، والتفت إليها بلا انفعال:
-خير يا ماما؟.
-أنتَ واخد الشنطة دي وطالع على شقتك ليه؟ إيه اللي بتعمله ده؟ وبعدين شقتك العفش اللي فيها قديم اللي جيبناه من الفيوم وأكيد متربة هتعمل إيه فوق...
تحدث كريم بوضوح لا يحتمل جدال:
-هنام فوق واعملوا حسابكم على كده ممكن تطلعوا تنضفوها بكرا وأنا هحاول برضو فيها دلوقتي، هأكل معاكم بس، وهقعد فوق وهنام فوق بعد كده لغايت ما بنت اختك اللي أنتِ جبتيها ومقعداها بالعافية تمشي...
تمتمت صباح بنبرة نارية ومنفعلة إلى أقصى حد:
-مقعداها بالعافية إيه؟ ما قولنا فيه بينها وبين مرات ابوها مشاكل، وبعدين يعني هي قاعدة على رأسك؟ معرفش ليه بتعامل البت وحش كده؟.
قال كريم ببساطة شديدة وهو يشرح لها:
-والله لو بعاملها وحش فده بسببك، بسبب اللي بتحطيه في دماغها واجيبهالك على بلاطة أنا مش هتجوز هالة، لو بقت قدامي عشر سنين مش كام أسبوع، أنا مش هتجوز غير واحدة أكون بحبها، الحركات دي بضايقني خصوصًا أنك عماله توعديها....
تحولت ملامح صباح لكتلة غضب مكتوم، لكنها حاولت السيطرة على صوتها:
-وطي صوتك علشان متسمعكش البت وتزعل، وبعدين أنتَ أصلا متلاقيش ضفر هالة ولا تطول تتجوز واحدة زي هالة..
ابتسم كريم ابتسامة قصيرة، لكنها كانت تحمل قسوة الواقع:
-الحمدلله.
استشاطت غضبًا وهي تخبره:
-ماشي براحتك يا كريم، براحتك خالص...
أخذ حقيبته وصعد دون أن يلتفت بينما وقفت هي مكانها، تتنفس بغضبٍ جريح، وكلام كثير لم تعد قادرة على قوله......
____________
بعدما أخبرها زهران بخبر مجيء حمزة، لم تجد سلمى سوى الاتصال بنضال...
سألته بهدوء عن مكانه، فأخبرها أنه في أحد الفروع، وقتها لم تطِل الحديث معه فقط قالت له أنها ستأتي لتجلس معه وتتغدى معه، وكانت أسبابها أنها لم تطهُ شيئًا وتشعر بالضيق......
ورغم أنّها نادرًا ما تأتي إليه في عمله، وخصوصًا دون تمهيد، إلا أن نضال جلس ينتظرها بشيء من الدهشة، وكثير من الشوق......
جاءت وجلست أمامه وسألها ماذا تريد أن تأكل لكنها أخبرته بأن تشرب مشروبها المفضل وهي القهوة المثلجة..........
طلبها لها، وجلس يتأملها وهي تحتسي مشروبها.
ثم علق بابتسامة نصف مستغربة ونصف قلقة:
-غريبة يعني مش عادتك تيجي هنا...
رفعت عينيها له، ثم قالت بجدية فيها خفة ظل ظاهرة:
-عادي حبيت أعمل كبسة عليك وافتش شوية مش يمكن يطلع وراك حاجة؟.
ضحك نضال بهدوء، ضحكة قصيرة لكنها صادقة:
-وأنا يعني لما اعمل حاجة هعملها في شغلي؟ كده هكون غبي يعني...
استقامت على مقعدها قليلًا وقالت:
-اه يعني أنتَ بتفكر على كده بقا والموضوع في بالك؟.
رفع حاجبه باستغراب هادئ:
-اه، أنا فهمت أنتِ جاية على خناق ولا إيه؟ شكلك مش جاية تقعدي معايا ولا تتغدي زي ما بتقولي..
تنهدت ثم شبكت يديها أمامها وقالت:
-بصراحة ولا ده ولا ده.
قال نضال باهتمام:
-أومال إيه؟.
نظرت له ولم تجد سبيل أخر...
يبدو أن وجود حمزة ليس مجرد ظهور عابر فقط قد يتكرر، وقد يتقاطع مع نضال دون قصد..
وهي تعرف من هو حمزة بالنسبة إلى نضال....
لم يكن لدى سلمى أي شك في نضال..
أو غيرة تجاة سامية...
أو احتمال أن يكون مازال هناك مشاعر بينهما...
لقد تخطت تلك المرحلة مع نضال منذ مدة طويلة وتثق في حبه لها والأهم احترامه لها وإلى كيانها....
قالت بهدوء:
-بصراحة حمزة طليق سامية جه البيت علشان يشوف ريان لما عرف أن دماغه اتفتحت...
تغيّرت ملامح نضال، والغضب لم يكن صاخبًا، كان ساكنًا، وعميقًا لكنه مفهوم:
-هو كمان جه البيت؟ مش كفايا أنه الواد قابله؟..
ضيقت سلمى عيناها تسأله بعدم فهم:
-وأنتَ عرفت منين أنه شافه وقابله؟.
أجابها وهو يسند ذراعه على الطاولة، يميل نحوها قليلًا:
-ريان قالي، كان لابس سويتشرت عادي فقولتله حلو وكان باين أنه فرحان وقعد يقوله أن أبوه اللي جايبه وقالي أنه قابله..
يبدو أن الجميع التزم الصمت حتى يخفي الأمر إلا أن الطفل لم يستطع كتمانه..
أكمل نضال بصوت منخفض لكنه ثابت:
-بس مكنتش متخيل أن البجاحة هتوصل للدرجة دي وازاي ابويا أصلا يدخله؟!.
وضعت سلمى يدها على يده، بحركة هادئة، متفهمة:
-ميقدرش ميدخلهوش يا نضال؛ سامية هتفضل مرتبطة بالراجل ده لغايت أخر يوم في عمرها وعمره مدام في بينهم طفل، ويمكن فعلا يكون هو اتغير وعايز يكون أب كويس..
هزّ رأسه بلا اقتناع، لكن دون انفجار:
-معتقدش واحد زي ده ممكن يتغير؛ ده بني أدم مش طبيعي، ده واحد كان ماسك صور على أخته اللي من لحمه ودمه وبيهددها، وعمل اللي عمله في سامية يتغير إيه بس؟؟
ابتسمت ابتسامة خفيفة:
-الله أعلم..
ابتلعت ريقها ثم تابعت حديثها:
-قوم بقا نخرج سوا ونروح أي حتة بما أن بقالنا كتير مشغولين في الجيم ومواضيع الدكاترة ودي بقت خروجاتنا...
تمتم نضال بنبرة هادئة:
-طب نأكل الأول...
ردت عليه سلمى:
-أصلا مش جعانة دلوقتي لو أنتَ جعان كل....
-مش جعان لسه واكل من شوية كده لما دياب كان هنا، طب حابة تروحي حتة معينة؟..
تمتمت سلمى بنبرة عادية:
-عادي أي حتة، خلينا نروح نقعد في أي حتة على النيل....
صمت نضال لثواني ثم سألها:
-تعالي نروح اسكندرية و...
قاطعته سلمى بإرهاق:
-لا خليها مرة تانية..
ضحك نضال بخفة:
-شوفتي بقعد مع دياب ليه؟ بيشجعني على أي فكرة مجنونة وليدة اللحظة بس كان زمان مش دلوقتي...
تمتمت سلمى بجدية:
-ضرتي دياب ده..
ابتسمت ثم تابعت:
-ممكن نخليها أخر الاسبوع كده نروح؛ النهاردة أنا صاحية من بدري وكان عندي مشاوير كتير وحاسة إني مش قادرة اصلا..
مرر نضال إبهامه فوق ظهر يدها بحنان لا يقصد استعراضه إنما طبيعة فيه معها:
-خلاص تمام هخش كده خمساية اشوف الدنيا ونمشي.....
__________
في المساء...
لم يستطع أن يعود إلى منزله مباشرة، شيء ما في ملامحها في الصباح ظلّ يطارده طوال اليوم…..
ذلك الإرهاق الحاد الذي ظهر على وجهها...
اتصل بها كثيرًا، ولم تجب....
ثم أغلقت هاتفها، كعادتها ولم تفِ بعهدها، أما هو لم يستطع قلبه أن يتركها هكذا، لذلك أتخذ القرار أن يذهب بنفسه، مهما كان الوقت متأخرًا.....
دخل إلى الفيلا..
اصطف بسيارته ثم سار بضعة خطوات على أقدامه حتى يصل إلى الباب الداخلي....
كان مفتوحًا ومحمد "والد زوجته" يقف في استقباله فقد أخبره الحارس عن إتيانه في هذا الوقت....
مد دياب يده مصافحًا:
-ازي حضرتك عامل إيه؟؟
رد عليه محمد بهدوء بعدما صافحه:
-الحمدلله أنا كويس، خير جاي دلوقتي ليه؟..
تنحنح دياب، محاولًا أن يخفف من حرج وجوده:
-لما الصبح جيت أشوف ليان، عرفت أن ريناد تعبانة فجاي اطمن عليها...
قال محمد بجدية بسيطة لا تحمل لا رفضًا ولا ترحيبًا حارًا:
-الاتنين ناموا، ليان نامت وريناد كمان...
-ممكن أشوفها طيب؟.
نظر له محمد بثبات:
-أنا مش بمنعك أنك تشوفها لكن هي نامت بجد خدت علاجها ونامت، تعالى نشرب قهوة ونتكلم شوية مع بعض، بما أنك جيت وأنا موجود وبقالي فترة مشوفتكش....
لم يجد دياب مهربًا، فاتّبع خطاه إلى المكتب، وطلب محمد القهوة، ثم بدأ يسأله بهدوئه المعتاد عن أحواله.........
تحدث دياب عن شقته التي أنهى تشطيبها أخيرًا…
وعن أخر التطورات في عمله..
ثم دون مقدمات، سأله محمد بنبرة مباشرة:
-وناوي تعمل إيه مع مراتك؟ بقالكم ست شهور على الحال ده....
كاد دياب أن يرد عليه تلك الردود التي حفظها محمد جيدًا على مدار ستة أشهر لذلك تابع حديثه ولم يمنحه فرصة للرد:
-النهاردة مش هتمشي من هنا غير لما تقول إيه اللي حصل بينك وبين بنتي؟! يخليها تسيب بيتها بعد ما كانت مجنونة بيك وفي أسعد أيام حياتها، اللي عدى مش أيام ولا أسابيع ده ست شهور وأنتَ سايبها قاعدة وده وضع مش هيناسبني أكتر من كده.، خصوصًا أنكم مش عارفين تحلوا الوضع...
كلماته كانت واضحة….....
قوية…
لكنها بلا صراخ أو شجار..............
لم يجد دياب في داخله أي قدرة على الاختباء بل هو يرغب في البوح ولا يهمه النتائج، أخبره بما فعله من دون أن ينقص حرف كما أخبره ما فعلته ريناد أيضًا، لم يحاول يجمل حتى أفعاله...
استمع محمد له كأنه يتابع حكاية لا تخصه ولا تخص ابنته، لا حركة زائدة، ولا مقاطعة، ولا حتى علامة غضب.....
هدوء غريب ومُريب…
لكنه يشبهه....
يناسب شخصيته وعمره.....
صمته جعل دياب يتحدث مندهشًا:
-حضرتك ساكت يعني، مش ناوي تقول أي حاجة؟.
رفع محمد نظره إليه وقال بثبات:
-مهما كان الخلاف ومهما كان الغلط اعتقد أنه عدت فترة مناسبة كل واحد فيكم يقرر هو عايز يكمل مع التاني ولا لا ومسامح ولا لا؟، لكن أن كل واحد قاعد في مكان بعيد عن التاني واسمكم لسه متجوزين ده مينفعش من وجهه نظري...
تردد دياب قليلًا ثم قال:
-ريناد فاكرة إني لسه بحبها ليه وده والله ما حقيقي أصلا، أنا مبحبش إلا ريناد وغلطت لما رديت عليها، والصور دي أنا هعرف اتاخدت ازاي ومش هسكت..
أجابه محمد بنبرة هادئة، لكنها كانت أشبه بسكين يدخل ببطء في جسده:
-أي واحدة مكانها هتأخد نفس الموقف لما الراجل اللي بتحبه واتحدت الكل بيه، ووقفت جنبه لغايت ما يكبر ويحقق حاجات كتير، يروح عامل كده ويرجع يكلم واحدة كانت في حياته زمان طبيعي تفكر كده، الستات مش زي الرجالة، وبرضو أنا مبقولش أن بنتي مغلطتش لا غلطت برضو.
صمت لحظة..
وكل كلمة منه كانت أثقل من السابقة.....
ثم أنهى حديثه:
-القرار ليكم مش ليا..
تنفس دياب بعمق وقال بصوت منخفض:
-أنا بحب ريناد، ومش عايز أطلقها...
أغلق محمد يديه أمامه وقال بهدوء قاطع:
-الكلام ده تقوله ليها وتثبته ليها هي، متقولهوش ليا أنا ويا هي تقبل بيه يا متقبلش، هي حرة؛ لكن الوضع ده لازم يتحط له حل....
ساد الصمت بينهما لثوانٍ طويلة…
صمت لم يكن فيه أي توتر، بل امتلأ بثقل الحقيقة التي وُضعت أخيرًا على الطاولة بعد شهور من الهروب والمراوغة.............
___________
...في منتصف الليل...
كانت صباح تجلس على طرف الفراش، ظهرها مستند إلى الوسادة، بينما كان عزت نصف مستلقٍ يدخن سيجارته بملامح مرهقة. تحكي له بامتعاض لا تخفيه ما فعله كريم وكيف جرح بذلك "هالة" وجعلها تبكي وتدخل في غرفتها ولا تتحدث مع أي شخص بعد رحيلة؛ كانت تخبر زوجها وتنتظر دعم منه، وتأييد....
لكنه رد عليها بإرهاق حقيقي:
-خلاص يا صباح اعمله إيه يعني؟ اطلع اجيبهولك من قفاه يعني هو بالعافية؟..
نظرت له صباح بحدة متضايقة:
-يعني هو ده اللي قدرت عليه؟.
سحب عزت نفسًا ثقيلًا من سيجارته، وقال بنبرة واقعية لا تحتمل جدالًا:
-بيني وبينك كده ابنك عمل الصح مش من الأصول أصلا يفضل قاعد في البيت وهي موجودة، وأبوها لما صدق يريح دماغه من المشاكل شوية..
رمقته صباح بنظرة مشتعلة:
-يبقى ابنك دماغه ناشفة بسببك أنتَ اللي مشجعه، مهوا لو هي بنت اختك انت مكنتش عملت كده..
أدار عزت رأسه نحوها بحدة مفاجئة، وهو يخفض صوته حتى لا يسمع أحد:
-صباح هي مش ناقصة كلام ملهوش لازمة في أخر الليل أنا طول اليوم طالع عيني، وبعدين أنا بحب هالة زي بنتي ربنا يعلم، بس الجواز مش بالعافية يا صباح، لو الواد مشفهاش بصورة مختلفة وواحدة ينفع يتجوزها يبقى كل اللي بتعمليه ده ملهوش لازمة.
انخفضت نبرة صباح، وظهر في صوتها حزن حقيقي:
-وهو يلاقي زي هالة فين أصلا؟.
لين عزت قليلًا، واقترب منها، منزلًا السيجارة من بين أصابعه وهو يشرح:
-مقولناش حاجة ياستي هي ألف واحد يتمناها بس ساعات الزن بيجيب نتيجة عكسية مع الراجل، سبيه يعمل اللي هو عايزه ومين عارف؟ مش يمكن لما تبطلي زن هو يفكر من نفسه، لكن كلامك ده هيخليه يعند وابنك، عِندي...
سكت لحظة ثم أضاف بواقعية:
-وبعدين بطلي تعشمي البت شوية.....
وضعت صباح يدها على رأسها في إرهاق...
لا تعرف هل غضبها من ابنها أم خوفها على هالة ومشاعرها لأنها تعرف بانها تحبه؟
أم من خيبات الواقع التي لا تُشبه أحلام الأمهات...
______________
كانت جالسة في الشرفة في هذا المساء البارد، بعدما خلد طفلها إلى النوم، والجميع تقريبًا سكنت حركته حتى وفاء، التي عادت من العمل مرهقة، جلست معها طويلًا، تواسيها رغم أنها هي نفسها داخليًا تهتز من خبر عودته........
تدثرت "سامية" بوشاح سميك، وغطت رأسها بقبعة صوفية، وأمسكت شطيرة بسيطة أعدتها لنفسها، كانت تأكل لا جوعًا، بل محاولة يائسة لإسكات عقلها، وكأن مضغ الطعام هو الطريقة الوحيدة لوقف الدوائر التي تدور بلا نهاية داخل رأسها.....
كان يجافيها النوم...
كانت تفكر في كل شيء.
في ما مرّ...
في ما ضاع....
في ما دفعته من أثمان، وما مازالت تدفعه.
هل ستظل تكفر عن اختيارها الخاطئ طول العمر؟
هل لن تتخلص منه أبدًا؟
هل كانت عقوبتها على تمردها في وقت من الأوقات أن تعيش العمر كله ضحية رجل رفضه الجميع إلا هي؟!!!...
متى سوف تنتهي تلك المعاناة؟!!!!
لا تعرف..
زفرت تنهيدة طويلة…
ثم نهضت ببطء، واقتربت من سور الشرفة....
أسندت كفيها عليه، وأغمضت عينيها قليلًا عندما لامست نسمة الهواء البارد وجنتيها......
ابتسمت رغماً عنها ابتسامة صغيرة، خاطفة، لكن حقيقية...
أحبت هذا الطقس في كبرها…
بينما في صغرها كانت تكرهه، تبكي كل صباح لأنها لا تريد النهوض للمدرسة في الجو البارد، تلك ذكرى بلا قيمة، بلا معنى وعبثية تمامًا.......
لكن النفس تعود أحيانًا لتلك اللحظات العابرة…
لتخفف وطأة ومرارة الواقع، فقط قليلًا.....
وبعد لحظات، قررت أن تلجأ إلى النوم، الوقت تأخر، وقلبها مُنهك، وذهنها لا يحتمل المزيد من الأفكار السوداوية حول تعلق طفلها به.....
أطفأت المصباح الصغير، و جمعت وشاحها حولها ثم غادرت الشرفة…..
غافلة تمامًا عمن كان يراقبها من بعيد.....
______________
بعد مرور يومين...
تقف "حور" أمام البقالة بعدما وضعت الأكياس أرضًا...
اليوم يوم العزيمة التي خرجت بها والدتها مرة واحدة رغم منطقية الأمر إلا أنها لم تتوقعه من حماقتها!!
وكأنها لن ترى طارق يومًا!!
قررت أن تتصل بـصديقها العزيز...
جواد....
لعله ينصحها كيف تتصرف أو على الأقل يجد لها مخرجًا من هذا الأمر، الكارثة بأنها لا تجد حجة مناسبة تجعلها لا تكن في استقبال صديقتها!!!!.
بل أعز صديقاتها....
في هذه اللحظة لم تجد شخص قد تستطيع استشارته سوى جواد..
لأنها بالطبع لن تخبر هدير بأنها تكن حتى لو مجرد إعجاب إلى شقيقها، كما أنها لن تتصل بوفاء لأنها في المرة الأخيرة جعلتها تشعر بالقلق حيال مشاعرها.....
ولم تكن في حالة مناسبة حتى تسمع تحذيرات من إيناس ودروس ونصائح عديدة.......
لم يكن هناك أنسب من جواد لذلك قررت أن تتصل به وتتمنى أن يجب عليها في النهاية هو ليس متفرغًا طوال الوقت.......
اتصلت المرة الأولى لم يجب...
في الثانية كان يأتيها صوته..
-الو، ازيك يا حور؟..
ردت حور بقلق:
-الحمدلله يا دكتور وحضرتك عامل إيه؟.
-الحمدلله.
سألته حور بتردد:
-مشغول؟.
-لا لسه خارج من البيت ورايح المستشفى، في حاجة ولا إيه؟..
قالت حور بحرج:
-يعني عندك وقت تسمعني، مش حاجة مهمة أوي بس محتاجة اتكلم وأخد رأيك...
في المساء...
جاء طارق برفقة هدير واستقبلتهما العائلة بترحاب كبير من الجميع، وايناس أخبرتهما بأنها ستأتي لكن متأخرة بسبب التمرين الخاص بابنتها.......
أما حور كانت نادرًا ما تتفوه بحرف واحد كانت في الغالب على غير العادة تتخذ وضعية المستمع....
لم تستطع تنفيذ نصائح جواد وهي أن تتعامل بطريقة طبيعية ولا تضخم الأمر، بل حاول أن يفسر لها الأمر بأنها رُبما تخاف من دياب بسبب مشاعرها تجاه صديق له، وبأن الأمر لا يحتاج هذا كله...
مجرد إعجاب وأنها ستجد نفسها تتصرف بطريقة طبيعية وسوف يكون هذا مجرد أوهام...
لكنها لم تستطع أن تكون طبيعية أبدًا...
ما بينها وبين طارق حتى تشعر بهذا التوتر؟
الحقيقة لا شيء.....
هي تشعر بالقلق والارتباك التي لم تشعر به أي شخص آخر حتى ذلك الطالب الذي اعترف لها بحبه في الجامعة لم يُحرك داخلها ربع ما تشعر به الآن......
طارق، من جهته، كان طبيعيًا إلى حد أزعجها...
يحتسي قهوته بتأنٍ، ينصت لحديث هدير ووالدتهما، ويلقي نظرة عابرة كل فترة اتجاهها نظرة قصيرة، لكنها كافية لتجعلها تشعر بأن قلبها على وشك أن يخطئ في عدّ نبضاته........
أما دياب في الشرفة يتحدث مع ابنته ويطمأن من خلالها على صحة ريناد التي أصبحت أفضل بكثير، بينما طارق يتناول قهوته بعدما تناول الطعام الذي ذكره بطعام والدته، كأن مذاقهما واحدًا..د.
وكأنه مازال يتذكر مذاق الطعام التي كانت تعده والدته جيدًا رغم مرور السنوات وهذا الشيء أثر به كثيرًا.............
منذ مدة لم يجلس على طاولة واحدة مع عائلة حقيقية، افتقد هذا الشعور وأعاد له اليوم، مذاق طعام الأمهات يختلف تمامًا عما يصنعه الشخص لنفسه....
كأنه يتشابه بشكل غريب...
قالت حُسنية باهتمام:
-ربنا يتمم ليكي على خير يا هدير ويجعله الزوج الصالح ليكي يا حبيبتي ويوفقك في حياتك، خلي بالك من نفسك بس علشان هتكوني لوحدك هناك...
ابتسمت هدير بحرج:
-يارب، متقلقيش أحمد حد كويس جدًا.
ثم بدأت تتحدث بحماس عن زيارتهم القادمة، وعن رغبتها أن يكون الجميع موجودين معها:
-وأكيد لما يجوا هتكونوا معايا في البيت، يمكن المرة اللي فاتت لما جم يتقدموا ليا هناك مكنش في غيري أنا وطارق ومحستش بأي احتفال هناك أو أنها مناسبة، لكن المرة دي أنا متحمسة كأنهم جايين أول مرة وإني هكون حاسة اني بتجوز بجد ولازم تكوني موجودة حضرتك وحور وايناس كمان لو كانت ظروفها تسمح..
قالت حُسنية بحنان:
-نيجي طبعا أحنا عنينا ليكي يا بنتي ومش محتاجين عزومة، هو أحنا هنلاقي أعز منك نروحله؟ هنكون موجودين طبعًا، وهو احنا عندنا كام هدير يعني؟ ربنا يتمم فرحتنا بيكي على خير يا حبييتي..
تمتمت هدير بامتنان حقيقي:
-يارب تسلميلي..
ثم التفتت لحور التي كانت منعزلة تمامًا، وكأنها تجلس في عالم آخر غير الموجود حولها:
-وعقبال حور ان شاء الله...
أردفت حسنية بتمني:
-ان شاء الله...
لاحظت هدير بأن حور مندمجة مع الهاتف أكثر مما يجب، ولم تلاحظ حتى فيما تتحدث مع والدتها فقالت بنبرة مرتفعة قليلة جذبت انتباه الجميع ماعدا دياب لأنه في الشرفة لا اكثر ومنشغل بالحديث مع ابنته:
-حور هو انتِ ساكتة ليه كده ما تشاركينا الحوار...
رفعت حور رأسها باضطراب خفيف لكن قبل أن تتمكن من الرد، جاء تعليق طارق كالسهم:
-بدأت أشك أنك كنتي السنين دي كلها بتكلمي حد غيرها، من ساعة ما جينا ومتكلمتش كلمتين على بعض وأنتم كنتم بتتكلموا أساسا ثمانية وأربعين ساعة في الأربعة وعشرين ساعة..
كانت الكلمات عادية وعفوية…
لكنه في تلك اللحظة صب عليها دلوًا من الماء المثلج، فشعرت بأن الجميع ينظر إليها، وبأن صوت قلبها أعلى من صوتهم جميعًا.
تزامن تعليق طارق مع دخول دياب من الشرفة، فقامت حور مغمغمة:
-هعملكم عصير برتقال..
تمتم طارق بنبرة هادئة:
-ملهوش لزوم تتعبي نفسك..
ثم وجه حديثه صوب دياب:
- احنا ننزل نقعد على القهوة بقا ونسيبهم هما براحتهم...
قالت حُسنية معترضة:
-ما تخليك يا ابني أحنا ملحقناش نقعد كعاك وبعدين مزهقتوش من قعدة القهوة دي؟.
ضحك طارق ثم رد عليها بأدبٍ:
-أنا لسه جاي للقهوة بعد السنين دي كلها فأنا لسه مزهقتش محدش يقدر يحاسبني..
ضحكت حُسنية ثم قالت:
-لا خلاص علشان خاطرك معاك حق انزلوا..
وقبل أن يغادر، اقترب طارق قليلًا من هدير وهمس:
-لما أرن عليكي تنزلي ولو خلصتي اتصلي بيا برضو نمشي ماشي؟..
ردت عليه هدير بهدوء:
-ماشي.
غادر طارق ودياب وهنا تحدثت هدير بجدية:
-حور أنتِ عاملة دايت عن الأكل والكلام ولا إيه؟ في الأكل مكلتيش وساكتة كده، في حاجة ولا ايه؟....
ابتسمت حور ثم تحدثت بطريقة طبيعية نوعًا ما حينما غادر طارق:
-مفيش حاجة، ما أنتِ عارفة لما الامتحانات بتقرب بكون قلقانة، قومي نعمل عصير برتقال لينا احنا مدام هما نزلوا.....
_____________
عاد "حمزة المغربي" من السفر ذلك اليوم وقد تداخلت مشاعره بطريقة أربكته، رحلته لم تكن طويلة لكنها أعادت إليه كل ما حاول دفنه لسنوات، ذكريات ظل يخاف الاقتراب منها، لأنها كلما لامسها…
نزفت جروحه......
تلك الذكريات التي جعله يحفر أخر وشم على جسده....
باللغة العربية منذ ست سنوات...
"غبت وبقى قلبي يحلق"...
أزاح الغطاء الموجود فوق اللوحة الذي يظهر تلك الأعين التي رسمها حديثًا، فهو منذ سنوات لم يرسم ملامح واضحة لأشخاص بعينهم لكن هذا كان استثناء........
كان يرسمها هي من قبل كثيرًا كلما سنحت له الفرصة...
ومن بعدها قرر أن يتوقف عن رسم أشخاص بملامح واضحة لكن الأمر لم يكن بيده...
مجرد استثناء رُبما....
تذكر تلك الذكرى المؤلمة..
......قبل ست سنوات تقريبًا.......
كان يقف يعد العشاء لهما في الشقة الخاصة به في الولايات المتحدة والتي كانت أحيانًا تشاركه بها...
كانت تراقبه بملامح مُرهقة قد أنهكها المرض وهو يحاول التخفيف عنها قدر المستطاع...
يقوم بتقليب الطعام في الطنجرة وفي الخلفية هناك موسيقى ناعمة وهادئة تخرج من الحاسوب المحمول الخاص به...
وفجأة قطعت سارة ذلك الجو الحميمي بصوت منخفض لكنه ثابت:
-قبل ما تسمع من بابا، أنا محبتش أسافر مرة واحدة من غير ما أعرفك، حسيت أنه مينفعش أعمل فيك كده من غير ما أودعك، أنا قدمت طلب MAiD.
"Medical Assistance in Dying (MAiD)"
"المساعدة الطبية على الموت"
هي عملية يُساعد فيها طبيب أو ممرض ممارس شخصًا مُؤهلًا ومُوافقًا على إنهاء حياته من خلال توفير الأدوية، غالبًا لتخفيف معاناته من حالات طبية خطيرة لا علاج لها.......
"سارة"
فتاة تحمل الجنسية الكندية، من أب كندي وأم مصرية توفت منذ ثلاث سنوات...
تبلغ من العمر ثمانية وعشرين عامًا، تعرف عليها حمزة في شرم الشيخ حينما كانت تقضي إجازة صيفية مع عائلتها، وقتها أراد السفر من أجلها رغم أنه كان مازال في السابعة عشر من عمره...
لكنه أراد أن يعيش معها في الولايات المتحدة حيث كانت تقييم في تلك الفترة حسب عمل والدها....
كان حبًا من النظرة الأولى..
وهي الحب الأول في حياته..
حب غريب عكس التيار...
فأحبها حمزة وأحبته..
علاقتهما استمرت لسنوات عديدة..
كانت سارة تتبنى بعض الأفكار الجديدة عليه والتي كان دومًا والده لا يرضى عن علاقته بها كونها في الأساس فتاة غير مسلمة؛ ولم يكن حتى يجدها في بعض الأحيان لا تتبع ديانة معينة...
ورغم أن "حمزة" كان يشعر في داخله دائمًا أن علاقته بها ليست صحيحة، لا دينيًا ولا اجتماعيًا لكنه لم يستطع الابتعاد عنها....
كان لها فكر ومنطق مختلف...
لم يكن حمزة يوافق عليه كليًا ولكن بعض الأفكار تروق له والأهم أنه كان يحبها رغم الاختلافات الضخمة بينهما وهذا ما جعله يفضل الحب عن العادات والتقاليد، لكن سارة كانت أيضًا العلاقة الوحيدة التي جعلته يشعر بأنه حي ووافقت على رغبته في التمرد...
كانت لا ترغب في الزواج وكانت لها تبريرات واهية في ذلك الأمر ولكنها تتشبث بمعتقدات غير مقبولة دون أسس واضحة...
كانت تعاني في هذا المشهد من سرطان في المخ اكتشفته مؤخرًا في مرحلة متقدمة؛ ولم تحاول أن تبدأ العلاج الذي تعلم جيدًا بأنه لن ينفعها واحتمالات الشفاء الضعيفة لم ترضيها........
عرضت على حمزة أمر رغبتها في استخدام تلك الصلاحية وهي الموت الرحيم حينما علمت بأنه يناسب حالتها لكنه ثار عليها، جن جنونه وقام بتكسير المنزل بأكمله رافضًا فكرة أن تقضى على حياتها تحت أي مسمى ودومًا كان لديه أمل وإيمان بأنها تستطع الشفاء منه......
حينها أعتذرت منه وحاولت تهدئته منذ أسابيع حتى ظن بأنها لن تفكر في الأمر مرة أخرى...
لكنها تفاجئه الآن!!
أستدار حمزة قائلا:
-أنتِ بتقولي إيه؟!!!!..
حاولت وقتها التحدث بطريقة جادة وهي تخبره بما فعلت ولأنها تجد دومًا الإنجليزية التعبير فيها أسهل عن ذاتها، رغم أنها تتقن العربية جيدًا وتفهمها:
" I know we talked about this before, and you hoped I’d change my mind, but I went ahead and applied for MAiD."
"أنا عارفة إننا اتكلمنا في الموضوع قبل كده، وكنت متأمل إني أغير رأيي، بس أنا خدت قراري ومشيت قدام وقدمت طلب MAiD."
رد عليها حمزة بجنون:
-لا استحالة تعملي كده، ازاي تروحي تموتي نفسك؟..
حاولت سارة أن تخاطبة ببساطة وكأن الأمر بسيطًا حقًا:
-دي حياتي وأنا حرة هعيشها ازاي وامته هنهيها...
وكان رده عليها حزينًا ومكسورًا...
"How can you ask me to accept you doing
this to yourself?"
"ازاي تطلبي مني أقبل اللي عايزة تعمليه في نفسك ده".
ابتلعت ريقها وقالت وهي تشيح بنظرها عنه:
-أنا خلاص حجزت وقدمت و All Done، هسافر، ومش هكون أنانية وأطلب منك تسافر معايا و مش هطلب منك تيجي على نفسك وتشوفني في المرحلة دي.
تقدّم نحوها بلهفة بعدما أغلق الموقد ووضع يديه حول وجهها، عيناه تلمعان برجاء حقيقي:
"Don’t do this… please, sara"
تجمدت لوهلة ثم قالت بنبرة قاطعة:
"It’s done. My mind’s made up".
"خلاص أنا اخدت قراري"
ثم أضافت بجدية، كأنها تُنهي شيئًا داخلها أيضًا:
-لو بتحبني هتقبل أني معديش بكل المراحل الجاية اللي هتكون صعبة جدًا....
........عودة إلى الوقت الحاضر.......
مسح حمزة دمعة فرت من عينه!!
لم يوافق أبدًا كما لم تفعل هي ما تريده...
بعد هذا الحوار بثلاثة أيام فقط كانت رحلت.
رحلت دون أن تذهب لطلبها....
حينها جاء اتصال من والدها يخبره بأن سارة حصلت على ما تريد دون أن يتدخل أحد...
لم تنهي "سارة" حياتها التي ظنت بأنها ملكها كما تريد أو بمساعدة شخص أخر....
لم تكن حياتها أو جسدها ملكها...
بل ملك الخالق...
وموتها لم يكن سوى الميعاد المحدد موتها فيه...
﴿فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ﴾
كان موتها درسًا عظيمًا ومؤلمًا له هو...
وصدمة هزت حياته بأكملها...
فـسارة لم تكن شخص عابر في حياته..
بل هي من أمنت بموهبته رافقت وعاصرت فترات نجاحه وهي كانت مصدر إلهامه وطموحه...
و من لونت حياته...
وشاهد من خلال عيناها الدنيا كلها...
حيث سافر معها العديد من البلدان...
والآن، وبعد رحيلها ورحيل والده يمسك بآلام كثيرة أثقلت قلبه، كما ندم على أشياء كثيرة منها الوشم الذي حفره، على اختياراته، على كسره لقوانين وقواعد يعرفها جيدًا...
نادن على حبّه الذي تجاوز حدوده........
نظر ناحية اللوحة وبداخله سؤال...
هل قلبه مازال يحلق؟؟
أم استقر على الأرض؟؟؟؟...
_____________
في اليوم التالي....
جلس زهران في الصالة يتناول الشاي الخاص به، وقد ترك أرجيلته في الشرفة.....
كانت أماكن التدخين في المنزل محدودة حفاظًا على صحة الأطفال؛ إما غرفة نومه أو الشرفة فقط......
كان الطفلان في الغرفة مع ماجدة التي تجلس معهما وتساعد انتصار في الأمور الخاصة بالمنزل...
أما سامية ووفاء كلاهما في العمل...
والأولى لن تتأخر فهي تذهب من أجل الحجوزات التي تتواجد معها وتنتهي من العروس التي تضع على وجهها الزينة ثم تعود إلى المنزل فورًا حتى تكون مع صغيرها الذي تعرض لحادث في مدرسته....
كان زهران يتحدث في الهاتف مع صديق عمره "جابر" تخطت المكالمة ساعة تقريبًا وانتصار تراقبه بصمت وهي تقطع الخضروات وحينما انتهت، ذهبت حتى تطمئن على الصغار وبعدها توجهت صوب المطبخ وعادت مرة أخرى لتجده مازال يتحدث في الهاتف وحينما جلست على الأريكة بجواره أنهى زهران الحديث متمتمًا...
-خلاص يا صاحب عمري متزعلش نفسك، أحنا نتقابل ونفك عنك، هما كده العيال دي متربتش أحنا معرفناش نربي....
قال له صديقه شيئًا فأجاب هة:
-خلاص ماشي، نظبطها ونتقابل، مع السلامة...
هكذا انتهت المكالمة مما جعل انتصار تعقب باستغراب:
-أنتَ بترغي في إيه ده كله؟.
تمتم زهران بسخرية واستتكار:
-الواد ابن جابر، صابر ده، خلف ومسماش ابنه جابر وصاحب عمري زعلان، قليل الاصل زي الواد سلامة، عيال ناكرة للجميل، يلا هنقول إيه؟ ما أنا ابني راح سمى زهران من غير النون...
سألته انتصار بفضول وتلقائية:
-أومال سماه إيه؟
صحيح ما الاسم الذي أطلقه على ابنه؟
لم يسأل زهران كما لم يخبره جابر..
رد عليها ساخرًا:
-يعني أنا مالي يسميه إيه؟ يعني صاحب عمري مضايق ومخنوق المفروض أقعد اسأله سماه إيه واضايقه أكتر؟.
قالت انتصار بنبرة جادة:
-أنتَ وصاحبك في عالم تاني لوحدكم...
كاد أن يرد عليها ولكنها تابعت حديثها:
-عايزين نعزم طارق، أنا سمعت أن أم دياب عزمته لازم أحنا كمان نعزمه، أنا بحب الواد ده وبحب البت هدير والله اتعلقت بيها برضو رغم أن المدة اللي قعدتها في بيتنا مش كتير..
تمتم زهران بجدية:
-أنا كمان كنت بفكر في كده برضو أفكارنا واحدة يا حب عمري؛ هبقى أقول للواد نضال ونظبطها كده قبل ما عريس هدير يجي من السفر وينشغلوا أنا معرفش هو جاي امته؟...
نهضت انتصار قائلة بغضب غريب:
-بلاش حب عمري دي...
ثم سارت متوجهة صوب المطبخ فنهض خلفها قائلا بجدية لا تناسبه:
-وهي حب عمري تزعلك في إيه بس؟ ده أنتِ أخدتي أكثر لقب جوازة عمرت معايا....
_____________
خلعت "وفاء" الروب الطبي بخفة، ثم علقته على المِعلاق المخصص له.......
أرجعت المقعد الهيدروليكي إلى وضعه المستقيم، ثك أغلقت جهاز التعقيم، وبدأت تُرتب أدواتها المعقمة داخل الصوان المخصص لها.....
كان دوامها قد انتهى رسميًا، وبدأ الإرهاق يُلّوح على ملامحها، لكنها كانت ملتزمة أن تترك غرفتها كما اعتادت دائمًا....
تقدّمت نحو الطاولة الصغيرة لتعدل حجابها أمام المرآة المُثبتة، ثم مدت يدها إلى حقيبتها الجلدية الموضوعة بجانب الخزانة، مستعدة للمغادرة......
لكن…
طرقة خفيفة على الباب جعلتها تتوقف في منتصف الحركة.......
بمجرد أن ولجت الفتاة سألتها وفاء باهتمام:
-في حاجة ولا إيه؟.
ردت عليها الفتاة بلهجة عملية:
-في patient جه يا دكتورة، لو حضرتك خلاص خلصتي، ممكن نقوله يستنى دكتور أحمد لما يوصل..........
تجمدت حركة وفاء لثوانٍ…
فكرت......
اليوم كان طويلًا بما يكفي، لكنها أيضًا لم تُعرف يومًا بأنها تترك مريضًا ينتظر بلا داعٍ....
فهي تعرف جيدًا كم تلك الحركة مؤلمة على المريض مهما كان المرض الذي يعاني منه، وتعلمت هذا مع والدتها أثناء مرضها حينما كان الأطباء يجعلوها تنتظر ونادرًا ما قد تجد طبيب ملتزم بموعدها......
-خلاص دخليه، هو نزل على السيستم ولا لسه؟.
-اتسجل يا دكتورة، هنزله على الscreen عند حضرتك أول ما أخرج.....
أومأت وفاء دون كلام.....
غادرت المُساعدة، فعادت وفاء بخطوات رتيبة إلى وحدة العمل.........
وقامت بالتحضيرات اللازمة قبل دخوله...
بعدها جلست أمام الحاسوب، تنفست ببطء، وفتحت ملف المرضى المحدث.....
ظهرت إضافة جديدة منذ ثوانٍ فقط.
قرأت الاسم بهدوء:
"حمزة مصطفى المغربي".
______يتبع______
لو وصلتم لحد هنا دمتم بألف خير...
نتقابل في فصل جديد ان شاء الله....
متنسوش الفوت والكومنت...
بوتو يحبكم❤️❤️🫂
لاتلهكم القراءه عن الصلاه وذكر الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
جميع الروايات كامله من هنا 👇 ❤️ 👇
اعلموا متابعه لصفحتي عليها الروايات الجديده كامله بدون روابط ولينكات من هنا 👇 ❤️ 👇
❤️🌺💙🌹❤️🌺💙🌹❤️🌺💙🌹❤️🌺💙🌹❤️🌺💙🌹❤️🌺


تعليقات
إرسال تعليق