روايه عشق ودموع (مابين عشق قلبين من سينصر) الفصل الثاني بقلم الكاتبه سهر احمد حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج
روايه عشق ودموع (مابين عشق قلبين من سينصر) الفصل الثاني بقلم الكاتبه سهر احمد حصريه وجديده
حين يصبح الأمان سؤالًا
لم يكن عقد القِران يومًا صاخبًا كما تصوّرته مريم في خيالها القديم.
لا زغاريط عالية، ولا دموع فرح غامرة، ولا ذلك الخفقان الذي كانت تسمع عنه في حكايات غيرها. كان اليوم هادئًا… هدوءًا مفرطًا، كأن الجميع اتفق دون وعي على ألا يوقظ شيئًا نائمًا داخلها.
جلست إلى جوار يوسف، تستمع إلى الكلمات الشرعية تُقال، تردّد خلف المأذون ما يُطلب منها بصوت ثابت، بينما عقلها يراقب المشهد من الخارج. حين نُطق اسمها كاملًا مقرونًا باسمه، شعرت بشيء خفيف يعبر صدرها… ليس خوفًا، بل دهشة صامتة:
هكذا إذن تبدأ الحياة الجديدة… بهذه البساطة؟
التفت يوسف إليها بعد انتهاء العقد، ابتسم ابتسامة هادئة، لم تكن متكلفة ولا مندفعه، وقال بصوت منخفض لا يسمعه سواها:
— «أتمنى أكون على قد الثقة دي.»
نظرت إليه، أومأت برأسها فقط، ولم تجد كلمات تليق بالموقف. كانت الثقة كلمة أكبر من إحساسها في تلك اللحظة.
مرت الأيام الأولى بعد الزواج ببطء محسوب.
يوسف لم يضغط، لم يطالب، لم يتعجل القرب. كان يحترم المسافة كما يحترم وجودها، يتعامل معها ككيان كامل، لا كدور مفروض عليها. يترك لها وقتها، يسألها عن يومها، يستمع أكثر مما يتكلم. وكل ذلك كان يجعل مريم تشعر بالراحة… وبالذنب في آنٍ واحد.
الراحة لأنها لم تُجبر على شيء.
والذنب لأنها لا تستطيع أن تمنحه أكثر من هذا الهدوء.
كيف يخلع ساعته ويضعها بعناية،
كيف يغلق باب الشرفة قبل النوم،
كيف يتأكد أن الضوء لا يزعجها.
تصرفات رجل مسؤول، يصلح لأن يكون زوجًا… بل أبًا… وسندًا.
لكن القلب؟
كان واقفًا في الخلف، مترددًا، يراقب دون مشاركة.
يوسف لم يكن غافلًا.
كان يشعر بذلك الفراغ الصامت بينهما، لكنه اختار ألا يواجهه. كان يؤمن أن الوقت كفيل بترتيب المشاعر، وأن الأمان حين يترسخ، سيجلب الحب معه دون استئذان. قال لنفسه أكثر من مرة:
«مش مهم تحبني دلوقتي… المهم متتأذيش.»
أما مريم، فكانت في صراع خفي.
لم تكن تعيسة، لكنها لم تكن سعيدة أيضًا. كانت تؤدي دور الزوجة باحترام، لا بتلقائية. تضحك حين يجب أن تضحك، تصمت حين تشعر أن الصمت أنسب. وكل ليلة، قبل أن تنام، كانت تسأل نفسها السؤال نفسه:
هو ده اللي اسمه راحة؟ ولا ده بس غياب الألم؟
في أحد الأيام، وبينما كانت ترتب بعض الأوراق القديمة، سقط من بين الكتب اسم لم تتوقعه.
اسم على ملف عمل…
آدم عمر المحمدي.
توقفت يدها لحظة.
لم يكن الاسم مألوفًا عاطفيًا، لكنها شعرت بوخزة غريبة، كأن شيئًا ما تحرك في داخلها دون سبب واضح. أعادت الملف مكانه سريعًا، ووبّخت نفسها:
أكيد إرهاق… مفيش معنى.
لم تكن تعلم أن هذا الاسم، الذي مرّ عابرًا اليوم،
سيعود لاحقًا…
بقوة لا تشبه المرور.
وفي الجهة الأخرى من المدينة، كان آدم يوقّع على شراكة جديدة، اسمه يُذكر، ونجاحه يتضاعف، لكن داخله لا يعرف السكون. كان يشعر أن حياته تمشي بسرعة أكبر من قلبه، وأنه يحقق كل شيء… عدا نفسه.
لم يكن يعلم أن امرأة هادئة، متزوجة، لم تره بعد،
ستكون يومًا الاختبار الأصعب في حياته.
أما مريم، فكانت تقف كل مساء أمام المرآة، ترى زوجة محترمة، حياة مستقرة، ومستقبلًا آمنًا على الورق.
لكنها كانت تشعر، دون أن تفهم لماذا،
أن الأمان حين لا يصاحبه دفء،
قد يتحول مع الوقت إلى سؤال مؤلم.
مرت الشهور الأولى دون أحداث تُذكر.
لا شجار، لا صدام، لا مواقف حادة.
حياة منظمة أكثر مما ينبغي.
يوسف يخرج إلى عمله في مواعيده الدقيقة، يعود محمّلًا بالهدوء نفسه، يسألها عن يومها، يستمع، يعلّق بتعقل، ثم يترك لها مساحتها. كان يتعامل مع الزواج كمسؤولية تُؤدى بإخلاص، لا كمغامرة تُعاش بشغف.
ومريم…
كانت تشعر أحيانًا أنها ضيفة دائمة في حياة رجل كريم.
لم يكن يوسف باردًا، بل دافئًا بطريقة عقلانية.
لم يكن قاسيًا، بل متزنًا إلى حد أربكها.
كانت تنتظر — دون أن تعترف — لحظة ضعف منه، كلمة ناقصة، انفعال مفاجئ، أي شيء يُشعرها أنه بشر يخطئ، لا نموذج مثالي يصعب الوصول إليه.
في إحدى الليالي، عادت متأخرة من زيارة لأهلها.
وجدته جالسًا في الصالة، يقرأ.
رفع عينيه، ابتسم وقال:
— «اتأخرتي.»
قالتها ببساطة:
— «قعدت شوية مع ماما.»
أومأ، لم يسأل أكثر.
وهنا، شعرت مريم بوخزة غريبة.
كانت تتمنى لو سأل…
ليس بدافع السيطرة، بل بدافع الاهتمام الزائد عن الحد المعقول.
دخلت غرفتها، أغلقت الباب، وأسندت ظهرها إليه.
همست لنفسها:
هو أنا ليه مستنية حاجة غلط؟
لكن القلب لا يشرح رغباته… هو فقط يشعر.
في صباح آخر، كانت تعدّ الفطور حين قال يوسف فجأة:
— «مريم… لو في أي حاجة مضايقاك، قولي.»
توقفت يدها عن الحركة.
نظرت إليه، حاولت أن تجد شيئًا تقوله.
لكن ماذا تقول؟
أنا متضايقة لأني مش متضايقة؟
ابتسمت ابتسامة صغيرة وقالت:
— «لا… كله تمام.»
اكتفى بذلك، ولم يضغط.
وكان هذا بالضبط ما جعلها تشعر بثقل أكبر.
كانت تعلم، في أعماقها، أن يوسف يمنحها كل ما تمنى به عقلها يومًا.
احترام، أمان، استقرار، مستقبل واضح.
لكن القلب…
لم يُوقّع العقد بعد.
وفي أحد الأيام، طُلب منها في العمل تجهيز ملف جديد لتعاون خارجي.
وحين فتحت البريد، قرأت الاسم مرة أخرى.
آدم عمر المحمدي.
هذه المرة، لم يكن مجرد ملف قديم.
كان اسمًا حاضرًا، مرتبطًا باجتماع قريب.
تسارعت دقات قلبها دون سبب منطقي.
وبّخت نفسها مرة أخرى، لكن الإحساس لم يختفِ.
لماذا هذا الاضطراب؟
هو مجرد اسم…
رجل لا تعرفه…
وحياة مستقرة تنتظرها في البيت.
حاولت أن تُغرق نفسها في التفاصيل.
أوراق، مواعيد، تحضيرات.
لكن الاسم ظل يظهر أمامها، كعلامة استفهام لا تريد الإجابة عنها.
وفي المقابل، كان آدم يستعد للعودة المؤقتة إلى البلد بعد سنوات من العمل الخارجي.
نجاحه المهني كان في أوجه، لكن داخله كان خاليًا على نحو مزعج.
علاقات سريعة، قرارات حادة، حياة لا تسمح بالتوقف.
كان يعتقد أن الاستقرار فخ…
وأن الهدوء نوع من الهزيمة.
لم يكن يعلم أن لقاءً قادمًا، في قاعة رسمية،
سيُربك كل هذه القناعات.
أما مريم، فكانت في تلك المرحلة تُدرك شيئًا خطيرًا:
أن الزواج لا يفشل دائمًا بسبب القسوة،
أحيانًا يفشل لأن كل شيء فيه صحيح زيادة عن اللزوم.
جلست ذات مساء إلى جوار يوسف يشاهدان التلفاز في صمت.
قال فجأة، دون أن ينظر إليها:
— «حاسس إنك بعيدة شوية.»
نظرت إليه، قلبها انقبض.
قالت بصدق خافت:
— «مش قصدي… بس يمكن لسه بتعوّد.»
ابتسم، وقال بهدوء:
— «خدي وقتك… أنا موجود.»
كلماته كانت صادقة.
لكنها شعرت، للمرة الأولى، بالخوف.
الخوف من أن يأتي يوم،
تكتشف فيه أنها أخذت وقتًا أطول مما ينبغي…
وأن القلب تعلّم الصمت أكثر مما تعلّم الحب.
وفي تلك الليلة، وقفت أمام المرآة مرة أخرى.
نظرت إلى نفسها طويلًا.
امرأة متزوجة، محترمة، آمنة.
لكن عينيها كانتا تسألان سؤالًا لا تريد سماعه:
هل يكفي الأمان… حين لا يوقظ القلب؟
سؤالها ظل معلقًا في الهواء، بلا إجابة، كأن المرآة نفسها عجزت عن الرد.
أدارت وجهها مبتعدة، أطفأت الضوء، واستلقت إلى جوار يوسف الذي كان قد غفا بهدوئه المعتاد. راقبته في الظلام، أنفاسه المنتظمة، ملامحه المستكينة، وشعرت بوخز مؤلم في صدرها.
كيف يمكن لشيء آمن إلى هذا الحد… أن يكون مُربكًا؟
في الأيام التالية، حاولت أن تكون أقرب.
لا بدافع الحب، بل بدافع الواجب، وربما بدافع الخوف من هذا الفراغ الذي يكبر بصمت. شاركته تفاصيل يومها أكثر، جلست بجواره أطول، ضحكت حين قال نكتة خفيفة، ولم تهرب سريعًا إلى غرفتها كما اعتادت. يوسف لاحظ ذلك، ابتسم في داخله، ظنّ أن الوقت بدأ يؤتي ثماره. لم يعرف أن ما تفعله مريم لم يكن اقترابًا حقيقيًا، بل محاولة أخيرة لإقناع قلبها.
وذات مساء، وبينما كانا يتناولان العشاء، قال يوسف فجأة، بنبرة هادئة لكنها مباشرة: — «مريم… إنتِ شايفاني اختيار صح؟»
تجمّدت يدها فوق الطبق.
رفعت عينيها إليه، لم تجد في ملامحه اتهامًا، بل قلقًا خافتًا، رجل يخشى أن يكون آمنًا أكثر من اللازم.
ابتلعت ريقها وقالت بصدق حذر: — «إنت راجل كويس… ومفيش حاجة أقدر أشتكي منها.»
ابتسامة خفيفة مرّت على وجهه، لكنها لم تصل إلى عينيه.
قال بهدوء: — «أنا مسألتش إذا كنتِ بتشتكي… أنا بسأل إذا كنتِ حاسة إنك في مكانك.»
لم تُجب.
الصمت بينهما كان أثقل من أي شجار.
وبعد لحظة، نهض يوسف، جمع الأطباق، وكأن الحديث انتهى دون أن يُغلق. أما مريم، فبقيت مكانها، تشعر للمرة الأولى أن هدوء هذا الزواج بدأ يتشقق… ليس بعنف، بل بأسئلة لا تجد مهربًا منها.
في اليوم التالي، ذهبت إلى عملها وهي أكثر توترًا من المعتاد. حاولت أن تُركّز، لكن عقلها كان مشغولًا بحديث الأمس. وبينما كانت تراجع جدول الاجتماعات، توقفت عيناها عند بند واحد: اجتماع تعريفي – وفد الشراكة الخارجية – حضور: آدم عمر المحمدي.
هذه المرة، لم يكن مجرد اسم.
كان موعدًا. تاريخًا. ساعة محددة.
شعرت بانقباض مفاجئ في صدرها. أغلقت الملف بسرعة، وكأنها أغلقت بابًا لا تريد فتحه. همست لنفسها: مافيش داعي للتوتر… ده شغل وبس.لكن جسدها لم يقتنع.
وفي الجانب الآخر من المدينة، كان آدم يهبط من سيارته أمام الفندق الذي سيقيم فيه. نظر حوله، تنفّس بعمق، وقال لنفسه بابتسامة ساخرة: — «رجعنا تاني… وكأن البلد دي لسه ليها حساب معايا.»لم يكن يتوقع شيئًا.
لم يكن ينتظر أحدًا.
لكن داخله كان في حالة استعداد غريبة، كأن شيئًا ما على وشك أن يخرج عن السيطرة.
أما مريم، فعادت إلى بيتها مساءً محمّلة بتعب لا علاقة له بالعمل. استقبلها يوسف بابتسامته المعتادة، سألها عن يومها، أجابت بإجابات مختصرة. جلست إلى جواره، لكن عقلها كان في مكان آخر.
في الغرفة، قبل النوم، أخرجت ثوبًا بسيطًا، ثم توقفت فجأة. نظرت إلى نفسها، إلى انعكاسها المرتبك، وسألت بصوت خافت: ليه حاسة إن بكرة مش عادي؟
لم تنم بسهولة تلك الليلة.
كانت الأفكار تتزاحم، والاسم يتردد في رأسها دون مبرر.
وحين أغمضت عينيها أخيرًا، لم تعرف أن الغد سيحمل أول شرخ حقيقي… ليس في زواجها فقط، بل في قناعاتها كلها.
في الصباح، وقفت أمام باب البيت، يوسف يودّعها كعادته: — «خلي بالك من نفسك.»
ابتسمت له، ابتسامة صادقة وموجعة في آنٍ واحد، ثم خرجت.
خطت أولى درجات السلم، وشعور غامض يرافقها…
كأنها لا تتجه إلى عملها فقط، بل إلى بداية طريق جديد،طريق لم تختره،لكنه اختارها.
بسؤال لم يُجب، وباسم لم يُقابل بعد،وبقلب يقف على الحافة،ينتظر لحظة واحدة…
قد تغيّر كل شيء
…
ليس بخطأ واضح، ولا بذنب معلن، بل بتراكم هادئ لفراغ لا يُرى، وفراغ كهذا…حين يمتلئ فجأة،قد يغيّر كل شيء.
استوب لحد هنا
وهكذا انتهى الفصل الثاني…
تفاعل_وكومنتات بليز
انتظروني غدا الفصل الثالث
حين يبدأ الوجع بالصمت
لاتلهكم القراءه عن الصلاه وذكر الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
جميع الروايات كامله من هنا 👇 ❤️ 👇
اعلموا متابعه لصفحتي عليها الروايات الجديده كامله بدون روابط ولينكات من هنا 👇 ❤️ 👇
❤️🌺💙🌹❤️🌺💙🌹❤️🌺💙🌹❤️🌺💙🌹❤️🌺💙🌹❤️🌺


تعليقات
إرسال تعليق