القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية صعود امرأه الفصل الحادي عشر حتى الفصل السادس عشر بقلم الكاتبه آيه طه حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج


رواية صعود امرأه الفصل الحادي عشر حتى الفصل السادس عشر بقلم الكاتبه آيه طه حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج 



رواية صعود امرأه الفصل الحادي عشر حتى الفصل السادس عشر بقلم الكاتبه آيه طه حصريه وجديده 


**فيصل:** إزيك يا مهران؟ عامل إيه؟ سمعت باللي حصل؟

**مهران:** الحمد لله زي الفل. وانت عامل إيه؟ أيوه سمعت، ما أنا اللي اتصلت برئيسك بالنيابة عشان يكلم الظابط يومها، بس إيه الجديد؟ حصل حاجة تانية؟


**فيصل بدهشة:** بجد انت اللي عملت كده؟! وأنا أقول الرئيس عرف منين!! تسلم يا صاحبي، بس أنا محتاج منك خدمة...


**مهران:** إحنا إخوات يا فيصل، أنا مقدرش أنسى وقفتك معايا أيام الكلية. اعتبر اللي عملته ده دين عليا وردته. قولي بقى، عايز إيه؟


**فيصل:** إبراهيم ده قدم بلاغ فيا، بيقول إني مزور ومستغل منصبي. أنا عارف إنها اتهامات باطلة، إنما هو بيحاول يشوف هيوصل لإيه. بس أنا محتاج محامي شاطر يمسك القضية، وكمان قضية نجاة.


**مهران:** إزاي يعني يقدم بلاغ زي ده ضدك إنت؟ هو اتجنن ولا إيه؟ متقلقش، أنا هتصرف. وبالنسبة للمحامي، أنا أعرف واحد شاطر جدًا، هكلمه ونشوف هنعمل إيه.


**فيصل:** تمام، بس يا مهران ماينفعش يبقى في مجال للخطأ، فاهم؟


**مهران:** فاهمك، متقلقش.


بعد ما خلص المكالمة، دخلت عليه نجاة لابسة فستان أسود وحجاب أسود، عشان لسه في الحداد على أمها. كانت مفزوعة وهي بتقول...


**نجاة:** أبيه فيصل، إيه الناس اللي هنا من الصبح دي وبيعملوا إيه؟


فيصل يبص لها منبهر من جمالها، ويفكر إمتى كبرت البنت اللي كانت بتجري في البيت. اتفاجئ إنه مسحور بيها. يفوق على صوتها وهي بتكرر السؤال...


**فيصل:** واه واه مالك قلقانة ليه؟ دول بتوع شركة التأمين، جايين يأمنوا البيت. إنتِ عارفة أنا شغلي مش هنا ومش دايمًا موجود، فبحاول أطمن عليكم.


**نجاة بقلق:** كل ده بسبب أبوي، صح؟ والله قلت لستي إني أمشي له وأخلص بدل ما يعذبني ويعذبكم معايا... هو مش هيسيبني إلا لما يعمل اللي في دماغه.


**فيصل بيلمس كتفها برفق:** متقلقيش من حاجة، ركزي بس في دراستك. متنسيش وعدك لعمتي الله يرحمها.


**نجاة ببكاء:** هي فين عمتك دلوقتي يا أبيه؟ ياريتها كانت معايا، والله وحشتني. وجودها كان بيديني قوة...


**فيصل بحنية:** اهدي يا نجاة وادعيلها. إحنا كلنا معاكي، ومش عايز أشوف دموعك دي تاني. ركزي على مذاكرتك، امتحاناتك قربت... قوليلي عايزة تدخلي إيه؟


**نجاة بحماس:** عايزة أدخل كلية تجارة إدارة أعمال... أو طب نسا وتوليد.


**فيصل باستغراب:** دي حاجة في الغرب وحاجة في الشرق يا بنتي، إيه جاب لجاب؟


**نجاة:** أبوي عنده الأراضي، وأنا عايزة أثبتله إني أقدر أشتغل معاه، وأطور الشغل. ومن ناحية تانية، نفسي أساعد الستات في بلدنا وأوعيهم. بس كله أحلام مش هتحقق...


**فيصل:** انتِ زينة أوي يا نجاة، والحمد لله طلعت مش زيهم. حلمي زي ما هو حلمك، وأنا معاكِ لحد ما يتحقق. مش مهم أبوكي يفكر إيه، المهم انتِ تفضلي قوية.


**نجاة بخجل:** وذنبك إيه تشيل كل ده؟ ده شغل أبوي مش شغلك.


**فيصل بغضب:** واه واه! انتي اتجننتي؟ أنا راجل البيت بعد جدي، وكل حاجة عليا. إيراد الأرض من ورث أمك ليكي، وأنا من هنا ورايح هحولهولك، ومصاريفك كلها عليا، مش عايز أسمع الحكي ده تاني.


**نجاة بخوف طفيف:** حاضر يا أبيه، خلاص.


**فيصل:** مالك بتهتي كده؟ ليه عرقتي؟


**نجاة:** أصل حضرتك أول مرة تتعصب عليا، وأنا مش متعودة على كده...


**فيصل بهدوء:** مش قصدي أتعصب عليكي، بس أنا راجل البيت هنا. مش عايز أسمع حاجة عن مصاريفك تاني، مفهوم؟


**نجاة:** حاضر يا أبيه.


وبعد ما خرجت نجاة من الغرفة، فيصل وقف يفكر فيها. يسرح في ملامحها. يبتسم وهو فاكّرها، إلا إن وعد دخلت عليه بابتسامة:


**وعد:** إيه يا فيصل، سرحان في إيه؟ ولا في مين؟


**فيصل بابتسامة متوترة:** لا مفيش، كنت بفكر في حاجات.


**وعد بنظرة فاحصة:** شكلك بتفكر في نجاة، صح؟ الزمن ده مش بيفوت حاجة على حد.


البارت 12


وعد طلعت من الأوضة، سايبة فيصل في دوامة من الأفكار والمشاعر المتضاربة. مشيت ورا نجاه اللي كانت واقفة في المطبخ سرحانة في اللي حصل قبل كده...


وعد: بتعملي ايه هني يا نجاه؟

نجاه: بعمل كوبايتين شاي وشوية فايش لبيه فيصل.

وعد: غريبة، كنت لسه عنده ومطلبش مني حاجة ولا قالي حاجة.

نجاه: لا، ماهو انتي عارفة إنه بيحب يشرب الشاي وهو بيشتغل، وكمان بيحب ياكل الفايش جمبه. ومحدش يزعجه طول ماهو مقفل على نفسه في مكتبه.

وعد بابتسامة: وإيه تاني يا نجاه...

نجاه: ويحب العيلة كلها تتجمع ع السفرة، والشاي دايمًا يكون سخن و...


التفتت نجاه لوعد، والضحكة كانت عالية على وشها، لكن فجأة حست بالخجل الشديد...


نجاه: مانتي عارفة زين أخوكي. بتسأليني ليه؟

وعد: صح، فيصل أخويا، وبعرفه كويس، بس أول مرة أشوف حد حافظه كده غير أمي...


اتحرجت نجاه جامد وقالت: مش للدرجة دي، الرك ع العشرة. أنا كنت بجيكم كتير، علشان كده.

وعد: صح، العشرة هي السبب. أنا ليا الله 😂.

نجاه: إنتي مدلعة، علشان كده متعرفيش حاجة. وبعدين، خدّي انتي الشاي والفايش، أنا رايحة أذاكر.

وعد: والله ما ينفع، إنتي اللي هتوديه، وأنا هسبقك الأوضة عشان نذاكر مع بعض.


وتركتها وعد ومشت، رغم إن نجاه كانت بتنادي عليها إنها ما تمشيش. بس وعد مشيت. ونجاه فضلت واقفة، مش عارفة تعمل إيه. الخجل كان مسيطر عليها من كلام وعد ومن اللي حصل قبل كده. وبدأت تفكر: "هو يا ترى فيصل خد باله زي ما وعد لاحظت؟ ولا لأ؟"


فضلت سرحانة في أفكارها لحد ما لقت نفسها قدام باب أوضة فيصل، والشاي في إيديها بيترعش من التوتر. اتنهدت وقررت إنها تدق على الباب.


نجاه: بسم الله... (دقت على الباب بخفة)

فيصل من جوه: ادخلي يا نجاه.


دخلت نجاه بحذر وهي ماسكة الصينية، وحطتها على المكتب قدامه. فيصل كان لسه سرحان في أفكاره، لكن لما شافها، ارتسمت ابتسامة صغيرة على وشه.


فيصل: شكرًا يا نجاه.

نجاه بخجل: العفو يا بيه، لو عايز حاجة تانية قولي.


فيصل: لا، كتر خيرك. خلي الشاي سخن بس.


نجاه: حاضر، هخلي بالي.


طلعت نجاه بسرعة من الأوضة وهي حاسة بقلبها بيدق بسرعة. "إيه اللي أنا فيه ده؟" كانت بتفكر وهي ماشية في الممر. مش عارفة إذا كان اللي هي حاسة بيه ده حاجة حقيقية ولا مجرد وهم. "هو أنا ممكن أكون حبيته بجد؟" السؤال ده كان بيطاردها كل مرة تقرب من فيصل.


في نفس الوقت، فيصل كان ماسك الكوباية الشاي وبيبص فيها وكأنها هتجاوبه على أسئلته الكتيرة. هو نفسه كان محتار. "أنا ليه دايمًا حاسس بحاجة مختلفة لما نجاه تكون حوالي؟" كانت الأفكار دي بتتعبه، خصوصًا إنه مش عايز يظهر ضعيف قدام وعد أو أي حد من العيلة.


وبينما كان الاتنين في دوامة مشاعرهم وأفكارهم، وعد كانت بتراقب من بعيد وهي بتحاول تمسك نفسها من الضحك. "يستاهل اللي بيحصله"، قالت في نفسها وهي متوجهة للأوضة عشان تحضر الكتب للمذاكرة.


بعد شوية، دخلت نجاه الأوضة بتاعتها وحطت نفسها على الكرسي، وهي مش عارفة تركز في أي حاجة. حاولت تمسك الكتاب وتذاكر، بس مخها كان مشغول بفكرة واحدة: "هو فيصل حاسس بي؟"


وعد كانت مستمتعة بالموقف كله. حست إنها المرة الأولى اللي تشوف فيها نجاه وهي متلخبطة كده. كانت دايمًا شجاعة وقوية، بس دلوقتي، خجلها واضح.


وعد بابتسامة: إيه يا نجاه، مش قادرة تذاكري ولا إيه؟


نجاه: لا، لا... قادرة. بس... يمكن محتاجة شوية وقت.


وعد: شوية وقت؟ شوية وقت لإيه؟ علشان تفكري في اللي في قلبك، صح؟!


نجاه احمر وشها من الخجل وقالت بصوت واطي: يا بت ما تتكلميش كده... مفيش حاجة في قلبي!


وعد ضحكت وقالت: آه، أيوة، مفيش حاجة. بس أنا عارفة إن في حاجات كتيرة في قلبك، بس إنتي مش عايزة تعترفي بيها.


نجاه حاولت تغير الموضوع وقالت: خلاص بقى، نذاكر ولا هتفضلي تقولي كلام في الهوا؟


وعد وهي تفتح الكتاب: طيب ماشي، نذاكر... بس أنا عارفة إن اللي في قلبك مش هيسيبك في حالك.


عدت شوية وقت، وهم قاعدين يذاكروا، بس نجاه كانت كل شوية سرحانة في أفكارها.

وعد فضلت تراقب نجاه وهي بتحاول تذاكر، لكن عينها كانت بتتلمع من الحماس، عارفة إن نجاه مش قادرة تركز. بعد شوية، فجأة وعد سابت الكتاب وقالت بضحكة خفيفة:


وعد: يا بنتي، حرام عليكي! إنتي مش بتذاكري ولا حاجة، مخك كله مع فيصل. ما تخلصي وتريحي دماغك.


نجاه بتوتر: إيه يا وعد؟ إيه الكلام ده؟ مفيش حاجة زي ما بتقولي.


وعد بابتسامة مكر: أيوة، أيوة. مش أنا اللي قاعدة سرحانة طول الوقت ومش قادرة تذاكر. خدي نصيحتي: روحي كلميه. ساعات الواحد بيكون محتاج بس إنه يعبر عن اللي جواه عشان يرتاح.


نجاه حاولت تضحك ع الموضوع وقالت: يا بنتي ده أخوكي! أنا مالي وماله؟!


وعد: أيوة، هو أخويا... بس ده ما يمنعش إنك ممكن تكوني معجبة بيه. وبصراحة، شكلك مش قادرة تخبي اللي في قلبك أكتر من كده.


نجاه بصت لتحت، عارفة إن كلام وعد صحيح، بس لسه مش قادرة تعترف. الخجل كان مسيطر عليها، وكلام وعد خلّاها تحس إنها مكشوفة تمامًا. فجأة، وهي قاعدة بتفكر، صوت الموبايل قطع اللحظة. نجاه شافت الرقم ورفعت السماعة بسرعة.


نجاه: ألو... آه يا مي... أيوة، أنا كويسة... هتأخر شوية، لسه عند وعد... تمام، ما تقلقيش، سلام.


وعد باستغراب: مي بتكلمك دلوقتي ليه؟


نجاه: كانت بس بتطمن عليا. عارفة إني قاعدة هنا بذاكر.


وعد: كويس إنها بتسأل. طيب إيه رأيك بقى؟ هنكمل مذاكرة ولا نفضل نلف وندور حوالين الموضوع؟


نجاه بتنهيدة: بصراحة يا وعد، أنا... مش عارفة أقولك إيه. يمكن إنتي صح. يمكن أنا فعلاً معجبة بفيصل. بس ده مستحيل يحصل! هو أكيد مش بياخد باله من حاجة. ده حتى يمكن بيعتبرني زي أخته الصغيرة.


وعد: ومن قالك كده؟ يمكن هو كمان حاسس بحاجة، بس مش عايز يعترف. أوقات الرجال بيكونوا كده، عايزين يبانوا أقوياء ومش عايزين يظهروا أي مشاعر.


نجاه: لا، لا. ده كلامك إنتي. أنا مش مصدقة إن فيصل ممكن يحس بأي حاجة تجاهي. هو دايمًا مشغول بأشغاله ومالهوش في الكلام ده.


وعد: أنا بس بقولك تفتحي قلبك، مش أكتر. الحياة قصيرة، ومافيش داعي تضيعي وقتك في التفكير. اللي في قلبك قولي عليه، وخلّي الباقي على الله.


نجاه ابتسمت بخجل وقالت: يمكن يكون عندك حق، بس مش دلوقتي. لسه مش قادرة.


وعد: مفيش مشكلة. بس خلي بالك من حاجة... مش دايمًا الفرص بتيجي، وأوقات بتضيع من غير ما نحس. فكري كويس.


نجاه بصت لوعد وهي حاسة بامتنان كبير. كانت محتاجة تسمع الكلام ده، حتى لو كان صعب. بعد شوية، قررت إنها تحاول تركّز وتذاكر فعلًا، بس عقلها كان لسه معلق بفيصل، وفكرة إنها ممكن تكون حاسة بحاجة حقيقية تجاهه.


في نفس الوقت، فيصل كان قاعد في مكتبه، بيقلب في الورق قدامه، لكن تركيزه مكنش في اللي بيعمله. فكرة نجاه ما كانتش بتفارق ذهنه. كانت بتظهر قدامه كل ما حاول يشتغل أو يفكر في أي حاجة تانية. "ليه كل مرة أشوفها، بحس بشيء غريب؟" سأل نفسه.


الأسئلة دي بدأت تبقى مزعجة ليه. مش متعود على إنه يفكر في مشاعره بالشكل ده، ومش متعود على إنه يحس بالحيرة دي. بس حاجة واحدة كانت واضحة: نجاه بقت جزء من حياته بشكل أكبر مما كان يتوقع. فكر للحظة إنه يمكن لازم يكون صريح مع نفسه، زي ما كان دايمًا صريح مع الناس اللي حواليه.


وقتها، قرر إنه يقوم من مكتبه ويروح يشوف أخته وعد ونجاه. "يمكن الكلام مع حد يساعدني أفهم اللي بيحصل"، قال لنفسه.


خرج من الأوضة متوجه ناحية أوضة وعد. لما قرب، سمع صوت ضحكهم من جوه. وقف برا شوية، محرج إنه يقطع اللحظة، لكن في الآخر قرر يدق على الباب.


فيصل: ممكن أدخل؟


وعد وهي بتضحك: طبعًا يا فيصل، تعال.


دخل فيصل وبص لنجاه ووعد اللي كانوا قاعدين، لكن عينه راحت على نجاه، واللي فجأة قامت بسرعة كأنها مش عارفة تتصرف.


فيصل بابتسامة: كنت بقول أجي أشارككم الشاي والمذاكرة.


وعد بابتسامة مكر: أهلا وسهلا يا أخويا، بس خلي بالك، الشاي والفايش اللي بتحبهم لسه سخنين.


نجاه خجلت أكتر وقالت بسرعة: أنا هقوم أجيب حاجة من المطبخ.


لكن قبل ما تمشي، فيصل ناداها وقال بهدوء: نجاه... خليكي.


البارت 13


فيصل بصوت هادي: نجاة .. خليكي، هنادي على فاطمه تعمللي شاي وخليني أشوف بتذاكروا إيه ووصلتوا لغاية فين...

  

نجاة بتوتر: لا لا أصل أنا رايحة الدرس، مي كلّمتني ومستنياني ولازم أمشي دلوقتي... 


وتطلع من الأوضة بسرعة وخجلها كان ظاهر عليها، وفيصل واقف يهرش في آخر شعره ويبتسم على كلمة "وعد"...


وعد: إيه يا أبيه فيصل، مش هتقعد تذاكر معايا وتشوف مذاكرتي ولا خلاص عندك شغل ضروري دلوقتي؟


وتحاول تخفي ابتسامتها على مظهره وهو واقف متوتر ومش عارف يعمل إيه...


فيصل: لا مفيش شغل ولا حاجة، أنا كنت جاي أطمن على مذاكرتكم، تعالي وريني عملتي إيه في المذاكرة...


يمسك بالكتب ويقلب صفحاتها وهو مش مركز خالص وباله مشغول، ووعد تحاول تداري ضحكتها بصعوبة...


وعد: إنت كويس يا أبيه؟ شكلك مش مركز، في حاجة شغلاك أو بتفكر في حاجة، أساعدك فيها؟ ولا بتفكر في حد يعني؟


فيصل: ها؟ لا، أبداً، بس القضية اللي معايا شغلاني وعمك إبراهيم كمان وتهديداته مقلقة لي...  

إنتِ تعرفي مين مي دي اللي بتاخد عندها نجا الدرس؟


وعد: أيوة أعرفها، بس ليه؟ يعني بتسأل عليها ليه، هي على طول في بالك كدا؟


فيصل: تقصدي مين يا بت؟ وطالما تعرفيها ليه مش بتاخدي درس معاها؟


وعد تحاول تكتم ضحكتها: بقصد القضية يا أبيه، أولا مي دي صاحبة نجاة مش صاحبتي، والمستر اللي بيديهم، أنا مش بفهم منه ولا بحبه، علشان كدا مش باخد معاها الدرس ديه...


فيصل: أمال ليه نجاة بتاخد معاه وهي بتفهم منه وإنتِ لا؟ ولا يكوني بتدلعي ولا بتذكري ولا حاجة...


وعد: والله أبداً يا فيصل، نجاة اسم الله عليها مش بتحتاج شرح أوي، أما أنا عايزة حد يشرحلي كتير وبالتفصيل علشان أفهم، والبت مي دي مبحبهاش، عيلة ملزقة كدا، هي وامها وأخوها كلهم كدا ملزقين...


فيصل بعصبية: أخوها؟! هي نجا بتاخد عندها الدرس في البيت وأخوها بيكون موجود؟


وعد بتوتر: أهدى يا فيصل، هو مش دايماً بيكون موجود، وبعدين دا أصغر مننا بسنة ولا حاجة يعني، وبعدين نجاة مش تسمح لحد يتطاول عليها، وهو أصلاً زي ما قولتلك مش دايماً بيكون موجود...


فيصل: والله أنا لسه هستنى لما يتطاول عليها وهي تسمح ولا لا؟ فين بيت اللي اسمها مي دي؟... أنا غلطان إني سبتلها السايب في السايب أكديه.


وعد بخوف من عصبية أخوها: اهدى يا فيصل، مش أكديه، واعقل كدا وشوف إنت بتقول إيه وعلى مين، ها...


فيصل بعصبية زياده: بقول إيه يعني؟ وعلى مين إيه؟ مش الحقيقة الغلطة غلطي من الأول. انجزى وقولي البيت فين...


وعد بخوف: عارف بيت عمك أبو سالم؟ ...وهنا اغتاظ فيصل أكتر من سماعه الاسم فقط.. كملت وعد كلامها: هو بقى البيت اللي بعده ببيتين على الشمال...


يطلع فيصل وهو ماسك طرف جلابيته الصعيدية والعصبية زي الشرارة بتنط من عينيه، وتجرى وراه وعد وتحاول تهديه...


وعد: بالله عليك يا فيصل، اهدى... طب بقولك، استنى، أنا جايه معاك...


لكن هو مش سامع منها حاجة، وكمل وخرج من الدوار وركب عربيته وطار بيها على بيت مي. عند الوصول للبيت شاف اللى زاد عصبيته أكتر لدرجة إنه مبقاش شايف قدامه...


نجاة واقفة على باب الدوار والمدرس واقف قدامها وحاطط إيده على كتفها. لمح أخو مي وأبوها قاعدين في المندرة. نزل من العربية وجرى على نجاة...


فيصل وهو يمسك بيد نجاة بقوة: إنت واقفة أكديه ليه؟ مش الدرس خلص، مش رجعتي على البيت ليه على طول؟


وينظر للمدرس بغيظ وعصبية لدرجة إنه المدرس نفسه توتر من نظرات فيصل...


وجرّ نجاة للعربية ورماها بداخلها بقوة وساق راجع للبيت. وأول ما وصل فتحت نجا باب العربية وطلعت تجري على الدوار...


نجاة ببكاء: ستي... يا ستي.


ويدخل فيصل وراها وينادي عليها: بت يا نجاة... انتي يا بت تعالي هنا...


تستخبى نجاة ورا ستها فوزية...


فوزية: إيه؟ في إيه مالكم صوتكم عالي أكديه ليه؟ وانتي مالك بتعيطي وخايفة كدا ليه؟


فيصل: والله ما أعرف، اسأليها، شوفي الست هانم وعمايلها معانا.


فوزية: في إيه يا نجاة؟ إيه اللي حصل؟ حد فيكم يحكي وينطق.


فيصل بعصبية: الست هانم رايحة تاخد درس في بيت فيه رجالة، ومش بس كدا، لا كمان واقفة مع راجل في الشارع وحاطط إيده على كتفها وهي واقفة ساكتة... بصي يا بت، إذا كان أبوكي معودك على كدا علشان ترضي صحابه لما يجوا الدار، احنا معندناش الكلام ديه فاهمة؟ وإذا مكنتيش تعرفي الصح من الغلط، ملكيش خروج من الدوار خالص. فاهمة؟ أما توطي راسنا وتجيبلنا الكلام، اهو دا اللي مش اسمح بيه طول ما أنا عايش على وش الدنيا، سامعة؟ قولي حاضر...


فوزية بصوت عالي: اخرس! أخص عليك! إيه اللي انت بتقوله ديه؟ انت اتجننت ولا إيه؟ أنا ربيتك وعلمتك على كدا؟ يا خسارة تربيتى فيك، يا فيصل، بقى دا كلام تقوله على بنت عمتك، رباية إيدينا احنا مش أبوها! أخص، غور من وشي، مش عايزة أشوفك قدامي...


فيصل باستغراب: بتشخطي فيا أنا يا ستي علشانها؟ بتشجعيها يعني؟ ولا إيه؟ بقولك أنا شفت الرجالة اللي في الدوار بعيني دول، وشفتها وهي واقفة في الشارع والراجل حاطط إيده على كتفها! وبعدين أختي اللي تربيت إيدينا صحيح رفضت تروح للمدرس والمكان دا بسبب الرجالة اللي في البيت واحترمت نفسها، أما دي فسايقاها علينا ومش هاممها حد خالص ولا عاملة حساب لحد نهائي! وانتِ بدل ما تديها كفين على وشها يعقلوها، بتشخطي فيا أنا يا ستي؟


فوزية: واديك بالجزمة كمان لو مش احترمت نفسك. عيب اللي بتقوله ديه... هي كانت في البيت بتاخد الدرس لوحدها ولا في بنات تانية بتاخد معاها؟ وحتى لو لوحدها، متقولش عليها أكديه! خليت إيه للغريب يقوله؟! وعجبك شكلها كدا وهي بترتعش وخايفة وبتعيط؟ البت دي احنا أخدناها من أبوها وعيلته علشان اللي بتعمله دي. البت دي حرام، خلاص شبعت ضرب وخوف ورعب. أنا أخدتها علشان أعوضها ومش أخليها تعيشهم تاني، فاهم؟ وانت لو مش عاجبك الباب يفوت جمل! أما لو شفتك بتزعق فيها أكديه تاني، متلمش إلا حالك، فاهم؟ البت دي تحت وصايتي أنا، وأنا بس اللي من حقي أحاسبها، مفهوم؟ يلا غور من وشي!


نجاة من وسط بكائها: استني يا ستي، أنا عايزة أقول حاجة. أولاً، أنا مكنتش لحالي في بيت مي، بناخد درس، كان في معانا 3 بنات غيري أنا ومي، بس أنا لميت حاجتي قبليهم وخرجت وهما كانوا لسه بيلمو حاجاتهم جوه. واسألي وعد لو مش مصدقني، هي عارفة أنا باخد درس مع مين بالظبط. أما الرجالة اللي في الدوار دول، كانوا في المندرة، واحنا بناخد الدرس فوق في الشقة اللي فوق ومعانا أم مي. وهما كانوا تحت. أما الراجل اللي كان حاطط إيده على كتفي كان المدرس بتاعنا، سالنى ليه لابسه اسود فى اسود اكديه وعرف ان امى ماتت وكان بيعزينى ويواسينى وبيقولى انه ممكن يعيد شرح الدروس اللى فاتتنى واكديه وبس ياستى اللى حصل والله اما انا عارفه حدودى ومتربيه زين واذا ابويا بعمايله دى عرفت اصون شرفه وعرضه فاكيد هعمل كدا هنا كمان وانا مش بعمل حاجه غلط وفعلا انا هقعد فى اوضتى ومش خارجه منها تانى مش علشان انا غلطانه لا علشان مش اجيب لنفسي الزعيق والخناق والكلام العفش ديه من هنا لحد السنه ماتخلص هذاكر لحالى ومش عايزه دروس واصل.. 

فوزية بحنية وهي بتطبطب على كتف نجاة: اهدى يا بتّي، أنا عارفة إنك شاطرة ومش غلطانة. وبعدين إزاي يعني مش هتخرجي ولا تروحي دروسك؟ إحنا عايزينك تنجحي، دي سنة تانية ثانوي مش هزار...


نجاة بتحدي: متقلقيش يا ستي، هنجح وأجيب مجموع، مع إن السنة دي تانية عادية يعني، بس أوعدك هجيب مجموع وهذاكر لوحدي ومش هاخد دروس. أنا وعدت أمي إني إذاكر وأجيب مجموع حلو، ومش هخلي أي حاجة تكسّر الوعد ده. وعن إذنك يا ستي، أنا طالعة أغيّر هدومي...


وطلعت نجاة السلم على أوضتها وهي بتعيط بشدة، وفوزية بصّت لفيصل بخذلان، وقالت: "إنت يا فيصل تطلع منك كده؟ تقول كده؟ اخص عليك وعلى تربيتك! مبسوط إنت كده باللي حصل ديه؟"


فيصل بتردد: "ماهو يا ستي، حطي نفسك مكاني، لما أعرف إن الواد أخو البت مي عيل مش مظبوط، وكمان الدرس جنب بيت أبو سالم، وإنتِ عارفة كويس مين أبو سالم وعمل إيه قبل كده. أروح أجيبها ألاقيها واقفة كده في الشارع مع راجل غريب. أعمل إيه؟ الدم غلي في عروقي! ومن حقي يعني..."


فوزية بعصبية: "لا، مش من حقك. إنت ابن خالها وفي مقام أخوها الكبير يعني سندها! يعني لو شفتها بتعمل حاجة غلط، تكدّب عينيك كمان! إنت عايز البت تفقد الثقة فينا وتخاف مننا؟ المرة اللي فاتت هربت من أبوها وجات لنا، المرة دي هتهرب مننا تروح لمين ولا فين؟ مش كفاية اللي شافته من أبوها والعذاب اللي هناك. أنا بنت سميحة بنتي مش هتتهان تاني ولا يحصل معاها أي حاجة من اللي حصلت ديه. ولحد ما الموضوع ده يتحل، لسانك ما يخطبش لساني يا فيصل، مفهوم؟"


وسابته ومشيت، وتركته في حيرة وتضارب بين مشاعره وكلام سته، مع إنه مش عارف يعمل إيه ولا يصلح الوضع إزاي. لكن في الناحية التانية كانت نجاة في أوضتها بتبكي بشدة، ووعد كانت بتخبط على باب الأوضة وتكلمها، لكن نجاة ما ردتش عليها، مما دفع وعد بعصبية للذهاب لفيصل ودخلت عليه مكتبه فجأة...


وعد: "ممكن أفهم إيه اللي إنت عملته ده؟ وليه أصلا؟ وعجبك كده؟ البت حابسة نفسها في الأوضة بتعيط، وحتى أنا مش عايزة ترد عليا! إنت نسيت إن أمها لسه متوفية ما كملتش أسبوع؟ وأبوها والقضية اللي رفعها والمشاكل وأخوها واللي كان بيعمله فيها! تيجي إنت وتكمل عليها؟ وأنا اللي كنت مراهنة عليك إنك تعوضها! طلعت زيهم، ومش تفرق عنهم. كلكم كده عايزين تسيطروا علينا وخلاص! ولو عملنا أي حاجة نبقى غلطانين من غير حتى ما تسمعونا. إنت بتقول إنك غير عم إبراهيم وكمال؟ لا! إنت بتضحك على نفسك! إنت زيهم بالظبط بس بشكل حضاري أكتر! زي ما عمل عم إبراهيم مع عمته سميحة، جاه وهو في لبس الراجل المتعلم الجامعي، وفي الآخر طلع ميفرقش أي حاجة عن أي فلاح جاهل بيجرّ جاموسته! وعلى فكرة، أخو البت مي مش ملزق ولا بيتعرض لنا ولا حاجة! وأهل البت مفيش أحسن منهم ولا أكثر أدب. أنا قلت كده بس عشان تغير على نجاة وتفهم إنك بتحبها قبل ما تروح منك، بس إنت عملت اللي يضيّعها بإيدك! متجيش بعد كده وتندم!"


وسابت المكتب وخرجت، وفضل فيصل واقف مكانه، حاسس بصاعقة نزلت على دماغه، وتضارب مشاعره بين الغيرة والندم والعصبية، وكلام وعد فتح له حاجات كتير كان غافل عنها..


البارت 14


فضل فيصل يفكر في كلام وعد وكلام سته فوزية ويتكلم مع نفسه: "هو أنا فعلا غيران عليها؟ طب أنا غلطت برد فعلي دا؟ طب أنا ليه عملت كده؟ علشان هي زي أختي ولا حاجه تانية وكنت غيران؟ وممكن فعلا أكون زي عم إبراهيم زي ما وعد بتقول ولا لأ؟ إيه دا؟ أنا مش عارف أعمل إيه والصح فين والحقيقة فين، ومش قادر أحدد مشاعري...".


فجأة يقطعه صوت فاطمة بتنادي عليه للغدا... يطلع فيصل ويقعد على الطبلية ويلاحظ غياب نجاة.


فيصل: "هي أمي فين؟ وباقي العيلة؟".


وعد ترد بعد ما تجاهلت فوزية: "أمي بتأكل جدك جوا... وأبوك انت عارف نزل يبيع المحصول مش هيرجع قبل أسبوع...".


فيصل: "آه... صح أنا نسيت"، وعيونه تحوم حوالين الدار يفتش عن شخص معين.


وعد: "عن إذنك يا ستي، أنا قايمة...".


فوزية: "ماشي يا حبيبتي... ركزي كويس في مذاكرتك".


فيصل: "أنتِ ما كلتيش يا وعد، رايحة فين؟".


وعد: "أنا هجاوبك بس علشان عيونك اللي تعبت من كتر اللف عليها، طالعة أكل مع نجاة فوق علشان مش راضية تطلع من أوضتها".


فيصل: "عيون إيه والكلام دا اللي بتقوليه؟ دا أنا غلطان اللي سألتك! إن شاء الله عنك ما طفيتِ... لسانك بقى طويل يا وعد ودا آخر إنذار ليكي، فاهمة؟".


ويسيبهم ويروح المكتب وهو بيزعق: "عاااايز شاي حالًا...".


تطلع سعاد أم فيصل: "إيه في إيه؟ ماله فيصل ولدي بيزعق كده ليه؟".


وعد: "علشان الحقيقة بتتعب شويه، وابنك طول ما هو ما كبر دماغه كده هيفضل يتعب، والأيام مش هتسيب حاجة لحد...".


وتطلع وعد لغرفة نجاة وتحاول تخليها تاكل... إنما تحت، فيصل في المكتب وتدخل عليه فاطمة بالشاي.


فيصل: "إيه ده؟ فين الفايش اللي مع الشاي؟".


فاطمة: "حضرتك ما قلتليش يا سعادة البيه، هروح أجيبهولك على طول".


فيصل: "هو أنا لازم أقول ولا إيه؟ ما نجاة كانت تجيبه من غير ما أقولها"، وهنا الكلمة ترن في ودنه... فعلا، نجاة كانت تعرف اللي محتاجه من غير ما يقول، ودي أول حاجة لازم يعرفها...


فيصل يبلع الشاي بقرف: "إيه ده يا بنتي؟ ده منظر شاي؟ مين اللي عمل الشاي ده؟".


فاطمة: "الست هانم سعاد يا بيه...".


فيصل بزعيق وعصبية: "يا مااااا... يا مااااا...".


سعاد ملهوفة من المطبخ: "إيه في إيه يا فيصل بتزعق كده ليه؟".


فيصل: "انتِ اللي عاملة الشاي ده يا ما؟".


سعاد باستغراب: "أيوه، في إيه يا فيصل يا ولدي مالك أكده متعصب اليوم؟".


فيصل: "ده شاي يا ما؟ أنا بشربه كده؟ وبعدين فين الفايش اللي معاه؟ انتِ نسيتيني ولا إيه؟".


سعاد: "أنا يا بني أنساك؟ طب إزاي؟ انت ولدي نور عيني... بس انت اللي مش بيعجبك حاجة منا خالص، لازم الست هانم هي اللي عملاها علشان تعجبك. نعملك إيه؟ حتى انت نسيت طعم الشاي بتاع أمك".


فيصل بتردد: "تقصدِ إيه يا ما؟ خلاص يا ما، سبيني دلوكِ أخلص الشغل اللي ورايا وأنا هبقى أعمل الشاي لنفسي...".


كانت نجاة داخلة المطبخ بالصدفة وسمعت حوار فيصل، ونجاة كانت تضحك وتبكي في نفس الوقت. عملت الشاي والفايش وسبتهم لفاطمة تدخلهم لفيصل بس من غير ما تقول إنها اللي عملتهم...


فاطمة تدق على الباب...


فيصل وهو مشغول بالأوراق: "اتفضل...".


فاطمة: "اتفضل يا بيه، الست هانم باعتتلك الشاي والفايش دول وبتقولك إنها خلاص ظبطت الشاي..."، وبتطلع من المكتب.


فيصل يشرب الشاي: "استني يا فاطمة، انتِ قولتي مين اللي عمل الشاي ده؟".


فاطمة بتوتر: "الست هانم يا بيه...".


فيصل بحزم: "أنهى هانم يا فاطمة؟".


فاطمة بخوف من حزمه: "الست وعد يا بيه...".


فيصل بتريقة: "وعد هي اللي عملت الشاي ده؟"، ويرجع لحزمه: "انتِ بتكدبي يا فاطمة، وانتِ عارفة إني مبحبش أكده. اتفضلي، انقلعي من هنا، ملكيش لقمة عيش معانا...".


فاطمة ببكاء: "لا يا بيه، خلاص حقك عليا يا بيه، أنا غلبانة، وماليش غيركم، دا أنا معاكم وأنا عيلة صغيرة...".


فيصل بقوة: "إلا الكذب يا فاطمة وانتِ عارفة، وآخر مرة هسالك، مين اللي عمل الشاي ده؟".


فاطمة من وسط بكائها: "الست نجاة...".


فيصل: "ومقولتيش كده ليه من الأول؟".


فاطمة ببكاء: "والله يا بيه، هي اللي قالتلي مقولكش إنها اللي عملت الشاي، وحلفتني ووصتني بكده يا بيه...".


فيصل باستغراب: "كل ده ليه؟ ما هي متعودة تعملي الشاي، ليه تحلفك علشان ماتقوليش؟".


فاطمة: "يمكن علشان زعلانين مع بعض يا بيه، أنا أمي كده يا بيه، كانت لما تزعل من أبوي الله يرحمه، تعمل الأكل وتخليني أنا أدخله ليه أو الشاي زي دلوق، لأنها زعلانة منه، بس بتبقى عايزة تهتم بيه بردو... وأنا بس سمعت كلام الست نجاة يا بيه، بالله عليك ما تمشينيش من هنا...".


فيصل: "لا خلاص، مش هتمشي، احنا أصلاً منقدرش نستغنى عنك يا فاطمة، احنا خلاص اتعودنا عليكي، بس آخر مرة تكذبي عليا، تعالي قولي كل حاجة، وما تقلقيش، أنا مش هعرف حد إنك قولتيلي ولا حاجة...".


فاطمة تجري عليه وتحب على يده: "تشكر يا بيه، ربنا يخليك ويعلي مراتبك، قادر يا كريم...".


فيصل ينتشل يده منها: "انتِ إيه اللي بتعمليه ده؟ استغفر الله العظيم، ما تعمليش أكده تاني... ويلا روحي شوفي كنتِ بتعملي إيه...".


تخرج فاطمة فرحانة إنها مش مشيت من عندهم، فهي من عمر 7 سنين وهي بتشتغل عندهم، وحاليًا سنها 20 سنة ومحتاجة للشغل بعد وفاة أبوها... أما فيصل، فكان يفكر في كلام فاطمة إن نجاة عملت كده علشان بتهتم بيه، وحس إن راسه هتنفجر من التفكير، وأخد قرار إنه لازم يحكي مع حد، فطلع لوعد وافتكر إنها عند نجاة، فانتهزها فرصة علشان يشوفها...


فيصل على باب نجاة: "يا وعد، انتِ هنا؟".


وعد: "أيوة يا أبية، اتفضل...".


نجاة تقف وتتكلم مع وعد: "أنا نازلة الجنينه تحت أكمل مذاكرتي، ولابسة عباية واسعة والحجاب على راسي، وكمان هلبس الشال الطويل علشان عارفة إن في غفر برا، وحتى لو مفيش، أنا أكده بعمل كل مرة، قولت أقولك يا وعد علشان تبقي عارفة، ومش ألاقيكي المرة دي جايباني من شعري ولا متهماني بحاجة تانية...".


وتاخد كتبها وتخرج، ولكن...


فيصل بحزم: "تعالي هنا يا نجاة، مش شايفاني واقف ولا إيه...؟".


نجاة وهي لم تلف: "خير يا أبية فيصل، عايز حاجة تانية مني؟...".


فيصل بحزم أكثر يشدها من إيدها ويلفها ليه: "عيب لما تكلمني وانتي مدّياني ضهرك كده، وإيه أبية فيصل اللي بتقوليها دي؟ وعد مش بتقولها، انتي هتقوليها؟ وبعدين إيه عاوز مني حاجة تانية؟ أنا عاوزت أولاني أصلا؟نجاة: معلش يا أبيه فيصل، كنت عايزه أروح إذاكر مستعجله، وبعدين اتعودت أقولك يا أبيه، أصلك ماقولتليش وأنا صغيرة زي ماقولت لوعد، لاختك متقولهاش تاني، سبتي أقولها، فمتجيش دلوق بعد ما لساني أخد عليها وتقول لي بطليها. وحضرتك طلبت مني ما أطلعش من أوضتي وما أخرجش من البيت، ومطلعش من أوضتي دلوقتي إلا لشديد القوي.


فيصل بحنية: يابنتي، أنا ماقولتش الكلام ده ليكي وانتي صغيرة، أنا قولته لعمتي الله يرحمها، وستك، وهما قالولي أسيبك تقوليه عشان تهابي مني وتعملي لي حساب. وأنا مكنتش عايزك تقوليها زي وعد، لإنكم انتو الاتنين معزتكم واحدة عندي. بس عمتي وستك هما اللي أصروا. وبعدين، أنا عارف إني عصبت عليكي الصبح وقلت حاجات مش صح، بس لما أنا بتعصب، مابكونش عارف أنا بقول إيه ولا بعمل إيه. وانتي ما عشرتنيش كفاية يانجاة، لأنك مكنتيش بتشوفيني غير في فترات دراستك، ودي بتكون فترات دراستي أنا كمان، بكون مسافر، ولما برجع، بتكون امتحاناتك خلصت وروحتي. علشان كدا في حاجات فيا انتي متعرفيهاش. بس عايز أقولك إنك زيك زي وعد، ولو كانت وعد مكانك كنت هقول نفس الكلام وهتصرف نفس التصرف.


نجاة محاولة منع البكاء: ونجحوا والله. أمي وستي الحمد لله، بقيت بهابك أهو وبخاف منك، مع إني الأول كنت بحترمك وبعزك، لأن مقامك عالي عندي. كنت بسمع الكلمة علشان زعلك مابيهنش عليا وعلشان بحترمك. أما دلوق، أنا بخاف منك بجد، وهسمع الكلام بدافع الخوف زي ما بعمل مع أبوي وأخويا. وانت بتقول إني زي اختك، تمام، بس لو كانت أختك مكانى كنت هتشكك فى تربيتها كده زي ما عملت معايا فاخلاقها.


فيصل بحزن: إنتي دلوقتي بقيتي خايفة مني يا نجاة؟ ليه؟ كل المعزة وكل اللي حكيتيه دا راح في عصبية واحدة وأول مرة أتعصب عليكي فيها؟ بقيت وحش ويتخاف مني؟ طب بصي، يا بنت الناس، الله يعلم إني أنا ووعد بعاملكم إزاي، ومعزتكم عاملة إزاي عندي، وبعاملكم مش زي باقي الناس اللي بعاملهم. أنا حنيتي كلها عليكم. وحاجة تانية، يا بنت عمتي، أنا قلتلك قبل كده ما تقرنيش بيني وبين أبوكي وأخوكي تاني، مفهوم؟ خليكي يا نجاة، أنا اللي هخرج. أنا كنت جاى أطمئن على إخواتي، وخلاص، اطمنت.


نجاة بقوة وهي توقف فيصل: أنا مش أختك، أنا بنت عمتك، مفهوم؟ متقولش إني أختك دي وابقى اضحك على حالك. وقول إنك مش زي أبويا وأخويا، بس لو قعدت شويه كده وشوفت هتلاقي نفسك زيهم، ما بتفرقش عنهم حاجة.


فيصل بغضب: إنتي عايزة إيه وتقصدي إيه بكلامك ده؟ مرة اتعصبت عليكي، نسيتِ كل مرة كنت بعاملك فيها إزاي؟ من مرة واحدة؟ إنتي ليه قاسية وجاحدة كده؟ ولا نسيتِ أنا بعاملك إزاي وبشوفك إزاي؟ على العموم، مش أنا اللي لازم أقعد مع نفسي. انتي اللي لازم تعملي كده، وواجهي نفسك شويه بأفعالك.


وسابها وخرج من الأوضة، وهي وقعت على الأرض، والدموع تنهمر من عيونها كالشلالات. وتجري عليها وعد وتحتضنها وتقول...


البارت 15


وعد: "يا نجاة مالك ياختي؟ إيه اللي حوصول؟ ليه بتعيطي بالشكل ديه؟"


نجاة وهي بتبكي بحرقة: "مش قادرة خلاص يا وعد... تعبني... مش حاسة إن ليه مكان اهنيه، كل حاجة بقت غلط... حتى أبية فيصل، اللي كنت فاكرة إنه كبيرنا واللي كان على طول حنين، بقى زي باقي الرجالة... بيزعق ويشك فيا."


وعد وهي بتطبطب عليها: "اهدي يا نجاة، ديه بس سوء تفاهم، فيصل مهوش اكديه على طول، انتي خابرة زين كتر الضغط عليه هو اللي مخليه يتصرف بالشكل ديه."


نجاة وهي تدمع: "مش بس اكديه يا وعد، أنا حسيت إني فعلاً بخاف منه... مش عارفة أتعامل معاه، بقى زي كل الرجالة اللي بيحاولوا يسيطروا علينا... واحنا اللي دايماً بنسكت وبنسكت لحد ما نوصل لنقطة الغليان."


وعد بتزفر بصوت منخفض: "عارفة يا نجاة، الدنيا مش سهلة علينا، والناس بتتغير مع الوقت، بس مش معني إن فيصل غلط مرة يبقى خلاص بقي زيه زي باقي الرجالة. ادي له فرصة يفهمك، ومش لازم تفهمي إن كل كلمة أو تصرف ضدك. انتي قوية، وأنا معاكي... وبكرة هتشوفي الأمور هتتحسن إزاي."


نجاة وهي بتسمح دموعها: "مش عارفة يا وعد، كل اللي رايداه إني أكون مرتاحة، وأني أعرف أعيش بكرامة."


وعد وهي بتحاول تهدي الجو: "وهتعيشي بكرامة يا نجاة... إحنا اللي بنرسم حدودنا، محدش له علينا حاجة إلا بقدر اللي نسمحله بيه. لو فيصل غلط، هيعتذر... هو مش من النوع اللي بيضيع حق الناس، بس إنتي اللي لازم تديلو فرصة."


تقوم نجاة تمسح دموعها وتاخد نفس عميق، وبعدين تقول: "طيب يا وعد، خلينا ننزل نشوف أمورنا... وميهمكيش حد تاني."


نزلوا هما الاتنين للجنينة، والهوى العليل بيرطب الجو وبيخليهم يهدوا شوية من توترهم. نجاة ابتدت تجمع أفكارها وهي بتبص للسماء، وحست إن فيه طاقة بتغمرها... يمكن كانت محتاجة الهدوء دا من بدري.


وفجأة، نسمع صوت سعاد بتنادي من بعيد: "وعد، نجاة، تعالوا ساعدوني في ترتيب الغدا."


وعد بصوت مرح: "حاضر يا امى، جايين حالاً."


نجاة تبتسم بخفة وترد: "يلا يا وعد نساعد امى سعاد، ونخلص من دوشة الحاجات دي."


وهما في المطبخ بيشتغلوا وبيساعدوا، تحس نجاة إن الأمور بتهدي شوية، لكن جواها لسه في حاجة مضايقاها... العلاقة مع فيصل مش زي الأول، مش زي ماكانت بتتمنى.


في الليل، وبعد ما خلصت كل شغل البيت، قعدت نجاة في غرفتها وهي بتحاول ترتب أفكارها. قعدت تفكر في كل اللي حصل النهارده، وفيصل اللي فجأة بقى عصبي وشكله مش عارف يتصرف معاها صح.


وفجأة بتسمع طرق خفيف على الباب...


فيصل بصوت هادي: "نجاة... ممكن أدخل؟"


نجاة ترد وهي بتحاول تسيطر على مشاعرها: "أيوة... اتفضل."


دخل فيصل وهو متردد، بيبص ليها بحنان واهتمام، وقال بصوت هادي: "أنا خابرإني زعلتك النهارده... ورايد أقولك إن كل اللي حوصول كان غلطة مني."


نجاة ترد بقوة: "مش بس النهارده يا أبية، دا بقالنا فترة وكل حاجة بينا مش زي الأول... مش عارفة ليه كل حاجة بقت غلط؟"


فيصل يقرب منها ويقعد جنبها على الأرض: "يا نجاة، أنا فعلاً متأسف... الحياة بتاخدني في دوامات كتيرة، وبنسى إني مش لازم أتعامل معاكم كأني الراجل اللي لازم يتحكم في كل حاجة... بس صدقيني أنا مش رايدك تخافي مني."


نجاة تبص ليه بعمق: "مش رايده أخاف منك يا أبية، بس اللي حوصول خلاني أفكر في حاجات كتير... أنا مش هسمح لحد يتحكم في حياتي بالطريقة دي، مش بعد اللي شفته في الدنيا."


فيصل يهز راسه بموافقة: "معاكي حق يا نجاة، وأنا بوعدك إني مش هكرر دا تاني. انتي مهمة عندي، وعمري ما هسمح إنك تبتعدي عني أو تحسي إنك مش في مكانك الطبيعي واصل... بس أرجوكي ماتخفيش مني اكديه عاد ، أنا اهنيه علشانك."


نجاة تاخد نفس عميق وتقول: "أنا محتاجة وقت يا أبية... مش بسهولة أقدر أرجع زي ما كنت."


فيصل بابتسامة خفيفة: "وأنا هديكي كل الوقت اللي تحتاجيه... بس خليكي خابرة زين إني اهنيه وجنبك، دايماً."


الوقت عدى، والأمور بدأت تهدى شوية في البيت. وعد كانت دايماً جنب نجاة، بتحاول تهديها وتفهمها إنها لازم تعطي الدنيا فرصة إنها تتصلح. أما فيصل، فكان بيراقب من بعيد ويحاول يتغير ببطء، يدي مساحة لنجاة ويخليها تحس إنها متحكمة في حياتها.


وفي يوم، كانت العيلة كلها مجتمعة على العشا. الجو كان مريح، وكل واحد بيتكلم في موضوع مختلف. فجأة، بص فيصل لنجاة وقال بصوت هادي: "نجاة، ممكن بعد العشا نتكلم شوية؟"


نجاة ترد بدون تردد: "أيوة، طبعاً."


بعد العشا، جلسوا هما الاتنين في الجنينة، والهوى العليل بيهفهف عليهم. فيصل كان قاعد بارتياح وبيحاول يفتح كلام: "كنت بفكر في اللي قولتيهولي من فترة، عن الخوف والسيطرة... وحبيت أقولك إني بفهمك دلوق أكتر من الأول."


نجاة بتبتسم بخفة: "أنا مش رايده منك حاجة غير إنك تفهمني يا أبية... مش رايدة تحكم أو سيطرة، رايدة بس أحس إني حرة."


فيصل يهز راسه بتفهم: "وأنا بوعدك، هحترم حريتك، وهحاول أكون سند ليكي، مش مصدر خوف."


الحديث بينهما استمر، وكل واحد فيهم كان بيحاول يفتح قلبه للتاني، علشان يرجعوا علاقتهم لمكانتها الطبيعية. 


وفي يوم تاني، كانوا قاعدين في الصالة، وعد بتقول بصوت فرحان: "الجو النهارده حلو، ماتفكري يا نجاة نطلع نتمشى شوية؟"


نجاة ترد بابتسامة خفيفة: "أيوة يا وعد، فكرة حلوة... بقالنا كتير ما غيرناش جو."


طلعوا هما الاتنين يتمشوا في الحديقة الكبيرة اللي قدام البيت، وكانوا بيتكلموا في حاجات خفيفة، لحد ما وعد قالت: " بصي بقى يا نجاة، انا خابرة إنك بتحبي فيصل من زمان، بس اللي بينكوا دلوك فيه توتر... فكرتي إنكم تتكلموا بصراحة أكتر؟"


نجاة توقف لحظة وتبص لوعد: "في بيني وبين أبية فيه حاجات كتيرة، يا وعد. حاسة إني مش فاهمة كل حاجة من اللي بتوحصول حواليا. ساعات بحس إنه لسه بيحبني وساعات بحس إنه بعيد."


وعد ترد بحكمة: "الحب ساعات بيحتاج صبر وفهم. لازم تديه فرصة يثبتلك إنه فعلاً مهتم بيكي."


في اللحظة دي، وصل فيصل من بعيد، وكان سامع جزء من الكلام. دخل عليهم وهو بيحاول يظهر بمظهر هادي: "إنتي دايماً بتعرفي إزاي تشجعيها يا وعد."


نجاة تلتفت ليه بحذر، لكنه قرب منها وقال: "نجاة، رايد أقولك إني ما زلت ملتزم بالوعد اللي قولته ليكي. وهفضل جنبيكي لحد ما تحسي بالأمان مرة تانية. بس مارايدش اضغط عليكي واصل.. "


نجاة تبص ليه بعمق وتقول: "وأنا رايدة أثق فيك تاني يا أبية، بس محتاجة وقت... محتاجة أشوف إنك فعلاً بتتغير."


فيصل يهز راسه بتفاهم ويقول: "هتاخدي الوقت اللي تحتاجيه... وأنا اهنيه، مش هبعد. ومستنيكي يابنت عمتي... "


الأيام كانت بتمشي ببطء، وكل يوم كان فيه خطوة جديدة بتاخدها نجاة في رحلتها مع فيصل. كان عندها دايماً دعم من وعد وأمها، وده اللي كان بيخليها تحس إنها مش لوحدها. 


وفي يوم تاني، قررت نجاة إنها تاخد خطوة كبيرة. راحت لفيصل وقالت له: "أبية، أنا جاهزة أديك فرصة تانية... بس لازم تبقى معايا في كل خطوة، ومافيش حاجة هتتصلح إلا لو كنا مع بعض."


فيصل ابتسم وقال بحنان: "وأنا معاكي يا نجاة، دايماً. لاخر الدنيا "


البارت 16


في الليل، الجو كان ساكت إلا من صوت الريح اللي بتحرك فروع الشجر. البيت كان هادي بعد ما كل الناس نامت، ونجاة كانت قاعدة في أوضتها بتفكر في اللي حصل خلال الأسابيع اللي فاتت. مشاعرها كانت متلخبطة بين خوفها من أبوها إبراهيم اللي حاول يضغط عليها تتجوز واحد كبير في السن، وبين حيرتها في مشاعرها تجاه فيصل. كانت عارفة إن في قضايا بين أبوها وفيصل، وإن الموضوع مش هيخلص بسهولة.


فجأة، سمعت صوت خبط جامد على الباب الخارجي. قلبها اتنفض من الخضة، وقامت بسرعة من السرير. أول ما قربت من الشباك، شافت نور العربيات المصفوفة قدام البيت. وسمعت صوت راجل بينادي من برا: "يا نجاة! يا بنتي افتحي الباب... دا أنا، أبوكي."


جسمها اتجمد في مكانها، وهي بتحاول تسيطر على خوفها. أبوها إبراهيم رجع تاني، ومش جاي لوحده، جاي مع رجالة كتير. نزلت بسرعة على السلم، وسمعت صوت سعاد بتنادي من المطبخ: "فيه إيه يا نجاة؟"


نجاة ردت بسرعة: "ابويا بره ومعاه رجالة... أنا خايفة يا خالتي!"


سعاد طلعت بسرعة، وشدت نجاة من إيدها: "تعالي ورايا، ما تخافيش. هنتصرف."


في اللحظة دي، سمعوا صوت باب البيت وهو بيتفتح بالعافية. رجالة إبراهيم اقتحموا البيت، وصوتهم كان عالي وهم بيتكلموا. نجاة مسكت إيد خالتها بإيد مرتعشة، وهم بيتحركوا ناحية الجنينية الصغيرة اللي ورا البيت.  

  

وصلوا الجنينة، وسعاد حاولت تطمن نجاة: "اهدي يا بنتي، مفيش حد هيقدر يأذيكي طول ما أنا موجودة." فجأة، سمعوا صوت حد بيتحرك من الناحية التانية، وطلع فيصل من بين الأشجار. كان واقف بصلابة وبيحاول يسيطر على الوضع، وقال بصوت قوي: "إبراهيم، انت فاكر إنك هتاخدها كدا؟"


إبراهيم ضحك بسخرية: "إنت مين علشان تقف في وشي؟ دا بنتي وأنا هعمل اللي عايزه."


فيصل رد بقوة: "بنتك ليها حق تختار حياتها، وانت مفيش ليك سلطة عليها تاني... وأنا هنا علشان أحميها منك."


إبراهيم اتنرفز وزعق بصوت عالي: "إنت بتهددني يا وكيل النيابة؟ نسيت إني أنا اللي رافع عليك قضية؟!"


في اللحظة دي، خرجت نجاة من ورا سعاد وهي بتقول بصوت مرعوب لكن قوي: "أنا مش هارجع معاك يا أبويا... ولا هتخليني لعبة في إيدك تاني."


إبراهيم اتفاجئ ببنته وهي بتتكلم معاه بالأسلوب دا، لكن قبل ما يرد، خرج واحد من رجالة إبراهيم بمسدس من جيبه ووجهه ناحية فيصل. الجو كان مكهرب، وكل حاجة كانت بتتحرك بسرعة.


فيصل رفع إيده بهدوء وقال: "بلاش تعمل خطوة تندم عليها، دا مش هينتهي لصالحك."


لكن الراجل مكنش سامع، وضغط على الزناد. الطلقة انطلقت في الجو بسرعة، لكن فيصل كان أسرع، زاح نجاة وسعاد بسرعة ناحية الأرض، والطلقة عدت من جنبهم.


الجو اتقلب لحالة من الفوضى، رجالة إبراهيم هجموا على البيت، لكن فيصل كان مستعد، وخرج رجالة من ورا الشجر كانوا محضرين للمعركة. التحام سريع حصل، والأرض اتملت بصوت الضربات والصراخ.


نجاة كانت محمية ورا سعاد، بس مش قادرة تسيطر على الخوف اللي بيجري في عروقها. شافت فيصل وهو بيواجه واحد من رجالة أبوها، وبيحاول يسيطر عليه من غير ما يضره. كان واضح إن فيصل مش عايز الأمور توصل للدم.


إبراهيم كان واقف بعيد، ووشه مليان غضب، بيشوف كل اللي بيحصل وهو مش قادر يصدق إن بنته وقفت ضده بالشكل دا. حاول يتحرك ناحية نجاة، لكنه وقف مكانه لما شاف فيصل بيتحرك نحوه بعد ما خلص معركة صغيرة مع واحد من رجاله.


فيصل وقف قدام إبراهيم، وقال بصوت هادي لكنه مليان قوة: "دا آخر إنذار ليك، يا إبراهيم

في الأيام اللي تلت الليلة العصيبة دي، كانت نجاة بتحاول تلاقي لنفسها مساحة من الهدوء، لكنها كانت عارفة إن المواجهة مع أبوها إبراهيم مش هتنتهي بسهولة. إبراهيم كان معروف في البلد بسلطته وفلوسه، وده اللي كان بيخليه يقدر يضغط على أي حد علشان ياخد اللي عايزه. ومن هنا كانت معركة نجاة الحقيقية مش مجرد الهروب من جواز بالإكراه، لكن كانت معركة عشان تتحرر من سيطرة والدها بالكامل.


**في النهار اللي بعده**


قعدت نجاة في الجنينة اللي ورا البيت مع وعد وسعاد، كانت بتفكر في اللي حصل، وبتحاول تستوعب كيف إن أبوها إبراهيم كان مستعد يضحي بيها علشان مصالحه الشخصية. وعد كانت قاعدة جنبها بتتأمل السماء وهي بتحاول تهديها: "عارفة يا نجاة، ساعات الدنيا بتضغط علينا بس علشان تورينا قد إيه إحنا أقوى مما كنا فاكرين."


نجاة كانت بتبص في الأرض، لكنها رفعت راسها بعد شوية وقالت: "إنتي عارفة يا وعد، أنا عمري ما فكرت إن الأمور هتوصل لكدا. طول عمري كنت شايفة أبويا رجل قوي، لكني مكنتش أعرف إنه ممكن يستخدم قوته ضدي."


وعد بابتسامة صغيرة: "القوة مش دايماً في العضلات والسلطة يا نجاة، القوة الحقيقة في إنك تقدر تقفي على رجلك حتى لما كل الدنيا تحاول توقعك."


نجاة هزت راسها وهي بتفكر في كلام وعد، وحست إنها لازم تبدأ تواجه مشاكلها بطريقة مختلفة. لازم تبدأ تفكر في مستقبلها بعيد عن سيطرة أبوها، وعن الحياة اللي كان بيخطط لها.


**بعد مرور أسبوعين**


كانت الأمور هديت شوية في البيت، بس المشاكل القانونية كانت لسه موجودة. إبراهيم كان رفع قضية ضد فيصل واتهمه بالتزوير واستغلال منصبه كوكيل نيابة. القضايا دي كانت بتزيد الضغط على الكل، خصوصاً إن إبراهيم كان بيلعب اللعبة دي بذكاء. استخدم نفوذه وعلاقاته علشان يضيق الخناق على فيصل.


لكن فيصل، رغم الضغط، كان هادي وواثق من نفسه. كان عارف إن إبراهيم بيلعب لعبة خطيرة، لكن كان عنده إيمان قوي إن الحق هيظهر في الآخر. في يوم من الأيام، جلس فيصل مع محاميه في المكتب، وبدأوا يناقشوا التفاصيل القانونية للقضية.


المحامي قال بصوت جاد: "يا فيصل، إبراهيم عنده علاقات كتير، وبيستخدم كل وسيلة علشان يضغط عليك. لازم نكون مستعدين لأي تطورات مفاجئة."


فيصل رد بثقة: "أنا عارف يا أستاذ، بس مفيش أي دليل حقيقي على الاتهامات دي. إبراهيم بيحاول يهددني علشان يرجع بنته، ودي حرب نفسية أكتر منها قانونية."


المحامي ابتسم وقال: "الورق والقانون في صفك، لكن محتاجين نكون حذرين. إبراهيم مش سهل."


**في نفس الوقت، في بيت إبراهيم**


إبراهيم كان قاعد في مكتبه، بيشرب شايه وبصص في الأوراق قدامه. كان باين عليه الغضب من فشل خطته الأولى للسيطرة على بنته. هو كان عارف إن رجاله مقدروش يعملوا اللي هو كان عايزه، وإن الأمور خرجت من تحت سيطرته. لكن دا مكانش هيوقفه. كان مصمم يرجع بنته بأي طريقة، حتى لو اضطر يستخدم كل نفوذه علشان يأذي فيصل ويكسره.


أخذ إبراهيم نفس عميق وقرر إنه يستخدم ورقة جديدة. كان عنده خطة إنه يضغط على نجاة بطريقة تانية، مش عن طريق الرجالة أو المواجهة المباشرة، لكن عن طريق نشر إشاعات حوالين سمعتها في البلد. إبراهيم كان عارف إن الكلام ممكن يكون أقوى من أي سلاح، وإنه لو نجح في تلويث سمعتها، هتضطر ترجعله علشان تحمي نفسها من كلام الناس.


**التحرك الجديد لإبراهيم**


في خلال الأيام اللي جاية، بدأت تنتشر إشاعات غريبة في البلد حوالين نجاة. الناس بدأوا يتكلموا عنها، يقولوا إنها هربت من بيت أهلها علشان تتجوز واحد غريب عنها، وإنها مش بتحترم تقاليد العيلة. الكلام كان بيزيد يوم عن يوم، ونجاة بدأت تحس بالضغط ده. كانت كل ما تخرج تحس بنظرات الناس عليها، وتسمع الهمسات اللي بتدور حوالين شخصيتها.


في يوم، نجاة رجعت البيت وهي منهارة، ودخلت على سعاد وقالت: "خالتي، الكلام اللي بيدور حواليا مش سايبني في حالي... الناس بقت تشك فيا وبتبصلي نظرات مش قادرة أتحملها."


سعاد طبطبت عليها وقالت: "يا بنتي، الناس دايماً بتتكلم، والمهم إنتِ تكوني واثقة في نفسك، وتعرفي إن اللي بيقولوه مش هو الحقيقة. اللي يحبك بجد مش هيسمع كلام الناس."


لكن نجاة كانت متأثرة جداً بالكلام اللي بتسمعه. كانت بتفكر إنها ممكن تكون مضطرة ترجع لأبوها علشان تخلص من كل الضغوط دي. لكنها كل مرة تفتكر إزاي كان أبوها بيحاول يسيطر عليها، تفتكر إنها لازم تقف وتواجه بدل ما تهرب.


**المواجهة مع فيصل**


بعد فترة من التفكير، قررت نجاة إنها تواجه فيصل وتتكلم معاه عن اللي حصل. راحتله وهو قاعد في مكتبه في البيت، وقالت: "أبية، أنا مش عارفة أعمل إيه... الناس بتتكلم عني وكأني عملت جريمة. مش عارفة أتحمل الكلام دا."


فيصل بص ليها بحنان وقال: "أنا عارف إن الوضع صعب، لكن إحنا هنعدي المرحلة دي مع بعض. اللي حصل كان بسبب أبوكي، وهو اللي ورا الإشاعات دي. عايزك تضعفي وتستسلمي علشان ترجعي له."


نجاة بصت لفيصل بحيرة وقالت: "بس إزاي أقدر أواجه كل دا لوحدي؟"


فيصل قرب منها وقال: "إنتي مش لوحدك يا نجاة، أنا هنا جنبك، ومش هسيبك تواجهي أي حاجة لوحدك. اللي بيقولوه مش هو اللي بيعرفك، والناس هتفهم في الآخر إن كل الكلام دا مجرد كدب."


الكلمات دي كانت بمثابة دعم كبير لنجاة، لكنها كانت عارفة إن الوضع مش هيبقى سهل. إبراهيم كان مستمر في ضغطه عليها، وكانت كل يوم بتحس بثقل أكتر على قلبها.


فيصل بدأ يتحرك بطريقة قانونية للدفاع عن نفسه وعن نجاة في نفس الوقت. قدم شكوى ضد إبراهيم بتهمة نشر إشاعات كاذبة والإضرار بسمعة عائلته. الأمور بدأت تتحول من مجرد نزاع شخصي إلى قضية قانونية حقيقية بين الطرفين.


وفي نفس الوقت، نجاة قررت إنها مش هتسيب إبراهيم يسيطر عليها بأي شكل من الأشكال. راحت لواحد من المحامين وقالت له: "أنا عايزة أحمي نفسي من أبويا... هو مش هيسيبني في حالي وأنا مش عايزة أعيش في خوف."


المحامي رد عليها بابتسامة: "إحنا هنساعدك يا آنسة نجاة، بس لازم تكوني قوية وتثبتي إنك قادرة على المواجهة.

يتبع 



بداية الرواية من هنا



لاتلهكم القراءه عن الصلاه وذكر الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم 



جميع الروايات كامله من هنا 👇 ❤️ 👇 



روايات كامله وحصريه



اعلموا متابعه لصفحتي عليها الروايات الجديده كامله بدون روابط ولينكات من هنا 👇 ❤️ 👇 



روايات كامله وحديثه



❤️🌺💙🌹❤️🌺💙🌹❤️🌺💙🌹❤️🌺💙🌹❤️🌺💙🌹❤️🌺 



تعليقات

التنقل السريع
    close