القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية غزالة في صحراء الذئاب الفصل الثاني والثلاثون حتى الفصل الأربعون بقلم رحمه سيد حصريه وجديده

 رواية غزالة في صحراء الذئاب الفصل الثاني والثلاثون حتى الفصل الأربعون بقلم رحمه سيد حصريه وجديده 



رواية غزالة في صحراء الذئاب الفصل الثاني والثلاثون حتى الفصل الأربعون بقلم رحمه سيد حصريه وجديده 


 حصل إية 

سألها بهلع وقد إزدادت ضـربات قلبـه الذي بدء القلق ينهش فيه دون إرادة منه !! 

وألف سؤالاً وسؤال يتزاحمـوا برأسه، وأولهم بالطبع " ماذا حدث ؟ " 

شعـور فطري بداخله يخبره أنها ليسـت بخيـر ... واخر يضاده يحثه على الإكمال فيما كان فيه !!!! 

ويتخـذ اللامبالاة طريقًا مظلمًا يسلكه !! 

وبالطـبع في هذه الحالات التي تنتهي بمحاذاة لصالح القلب تحت خانة - الاجبـاري - .. 

فنظـر لتلك التي تقف مترقبة بجواره، ليقول بصوت حاول اخراجه ثابتًا :

_ أنا هامشي دلوقتي ونبقى نتقابل بعدين

سألته بضيق يشوبه الغيظ :

_ لية يا مالك رايـح فين ؟ 

اجابها وقد بدء بالتحرك بالفعل ؛

_ واحد صاحبي اتصل بيا عاوزني ضروري 

اومـأت وهي تؤكد عليه :

_ هاشوفك تاني هه ؟ 

اومأ بسرعة وهو يكاد يركض وقال بصوت عالي يصلها :

_ ماشي يلا سلام 

وركض ركضًا يوازي دقاتـه التي كادت تتوقـف ... 

بينما تنهـدت وهي تنظر للبحر قبل أن تهمس :

_ ماشي يا مالك اما نشوف إية اخرتها معاك ومع الست شمس دي 

بينما هو اخيرًا وصل امام المنـزل، فركض مسرعًا يطـرق الباب متناسيًا أنه يحمل المفتـاح ..

فأخرجه مسرعًا ليفتح البـاب وهو يدلف مناديًا اياها ؛

_ شمس، شمس إنتِ فين ؟ 

وسمـع صوتها في المرحـاض تخـرج ما في جوفهـا وهي تصـرخ .. 

فركض لها مسرعًا ليجدها تجلس على الأرضية والدمـوع تغرق وجهها، فهبط لمستواها يمسك وجهها بين يديـه وهو يسألها متلهفًا :

_ مالك يا حبيبتي، فيكِ إية 

هبطت دموعها وهي تهمس قبل أن تفقد الوعي :

_ مش قادرة .. بطني بتتقـطع ! 

وظـل يهـزها بهـلع وهو يصيح :

_ شمس، شمس فوقي 

ولكن ما من مستجيب .. حملهـا مسرعًا ليخرج بها، ولم يشعـر لثانيـة بالتقزز من مظهرها او منها ابدًا، بل احتضنها بحنان وقلبه يكاد يختلع خوفًا !! 

وضعهـا على الأريكة ليخـرج هاتفه ليتصل بمروان بسرعة، فأتاه صوت مروان الهادئ :

_ ايووة يا مالك 

_ مروان تعالى بسرعة وهات أي دكتـور معاك 

_ لية مين تعبان ؟

_ شمس تعبانة واغمى عليها وبترجع، يلا متتأخرش 

_ متقلقش ان شاء الله هاجيبه بسرعة وأجي 

_ ماشي سلام 

_ مع السلامـة 


اغلق وهو ينظـر لشمس، فركض مسرعًا للمطبخ ليجلب زجاجـة من المـاء، وجلس بجوار شمس ليبدء بـرش قطـرات المـاء عليهـا .. ولكن لم تستجـيب في البداية، فاستمر وهو يترجاها بقلق :

_ شمس فوقي بقاا يلاا ارجووكِ 

وبعد ثواني اخرى بدءت تفتح عيناها بتثاقل، وسرعـان ما تأوهت وكادت تبكِ وهي تضـع يدها على بطنها :

_ آآه مش قادرة هموت 

واحتضنهـا هو على الفـور، وكأنه يطمأن انها اصبحت معه وله للأبد !!! 

وهمس بصوت سمعه هو فقط متوجس :

_ ياريت اللي أنا بفكر فيه مايطلعش صح يا شمس !!!!! 


                        ************


وهـل تتوقـع بعدما قدمـت له اقـوى سببًا للرفـض أن يتغاضى عنه وهو يرضـخ لرغبتها الغبية !!! 

بالطـبع لا .. والله لن يفعلها !

سببهـا ورغبتها القـوية امام نفس السبب الذي سيجعله يتمسك بالرفض !!! 

وكأنه سلاح ذو حديـن !؟ 


وأمسكهـا من ذراعها بقوة وقد عادت له قسـوته عند تلك النقطة ليسألها بحدة :

_ إنتِ قولتِ إية يا زينة ؟ 

إبتلعت ريقها وقد ادركت مدى حماقتها في اخبـاره، لتحاول الفكاك من قبصته وهي ترد متلعثمة :

_ قولت آآ قولت إية يعني يا زياد !؟ 

شدد من قبضته وهو يعيد كلامهـا الذي جعلها تود لو قطعت لسانها ذاك :

_ قولتِ إنك عاوزانا نتطلق عشان تتجـوزي تاني صح 

اومـأت مسرعة، لتحاول التبرير بسببًا اخر احمق :

_ قصدي يعني، مسيرنا هننفصل وهاتجوز تاني، فأنا قررت ننفصل من دلوقتِ 

هـز رأسه نافيًا :

_ كدابة أنا متأكد إن في حاجة تانيـة 

تأففت وهي تبتعد عنه لتزمجـر فيه بغضب حقيقي :

_ أنا حره، ملكش دعـووة بيا، وملكش حق تسأل اصلاً، ماتنساش إن دي مجرد غلطة بنصلحها ومن حقي اعيش حياتي براحتي تاني 

ولكن بالنسبة له لم تكـن مجرد - غلطة - 

بل كـانت كسلسلة أحكمـت قبضتها عليهم معًا، لتمزجهم سويًا تحت شعار الزواج !!!

هو لن يتركهـا .. 

لن يتركها بعدما ادرك أنه انجذب لها .. وهذا يكفي ليدافع عن حقه فيها !!

وامسكها بهدوء ليعيدها جالسة بجواره قبل أن يتنحنح متابعًا :

_ الاول ممكن تهدي 

رفـعت حاجبها الأيسر مستنكرة :

_ أنا اللي اهدى بردو !؟ 

وظهرت شبح ابتسامة صغيرة، ليزفـر بقوة وهو يقـول :

_ زينة أنا مانكرش إن الاول كان كل قربي منك انتقام، لكن دلوقتي لا، دلوقتي اقسملك بالله اني بخاف عليكِ اكتر من نفسي، افهميني واديني فرصة بقا، ماتخلينيش عايش طول عمري ندمان على ضياعك مني 

وبالرغم أن كلامـه مس روحها - قليلاً - إلا انها لن تستسلم له .. 

لن يكـون الاستسلام رد فعل ضعيف لها بعد كل ما حـدث !!! 

كلامـه كان كمرطب يحاول إزالة الاتربة الابدية التي شوهت صورته داخلها !!!!!

ولكنها أبت فردت ببرود :

_ أسفة وانا مش قادرة اتقبلك، لو انا نسيت الالم اللي بقا مابيسبنيش ده عمره ما هيخليني انسى يا زياد

وسألها بتوجس :

_ يعني إية ؟ 

رفعـت كتفيها تجيب بوجوم :

_ يعني كلامي واضح جدًا، هنطلق 

كـز على أسنانه بغيظ مستطردًا :

_ ولو أنا رفضـت ؟ 

مـطت شفتيها لتـرد بجمود ؛

_ تأكد إني هخرج من هنا على مالك يرفع لي قضية خلع اكيد 

وتزيـن ثغره بابتسامة عابثة وهو يسألها مقتربًا منها :

_ وافرضي انا مخرجتكيش بقاا ؟ 

نظـرت له بقوة مرددة :

_ تأكد بردو إن في حد مستنيني ولو منزلتش هيبلغ البوليس إنك خاطفني !!!!!!!!! 


                       ************


وقفت " خلود " تطالـعه بنظرات مصدومة فعليًا قبل أن تسأله بعدم فهم حقيقي :

_ يعني إية يا مراد، مش فاهمة !!؟ 


غـرز اصابـعه بين خصلات شعـره ليتنهـد تنهيدة قوية وحارة تحمل بين طياتها الكثيـر والكثير ليرد بعدها جادًا :

_ يعني اكيد لاحظتي الشبه اللي ما بينكم يا خلود 


اومـأت مؤكدة :

_ ايوة بس ده إية علاقته ؟ 

استمـر في غموضه وهو يقـول دون أن ينظر لها :

_ وشوفتِ صورة ليلى واللي هي شبهك بردو 

اومـأت بشـرود وهي تفكر قليلاً :

_ ايوة بس بردو مش فاهمة

و تحوم بعقلها فكرة تدعو الله أن لا تكـون صحيحة !!! 

علقت بين تلابيب عقلها وهي تؤكـد أنها صحيحـة .. وستدمر تلك العلاقة حتمًا !!

فسألته مصدومة :

_ قصدك إن دي آآ 

قاطعها مؤكدًا بصوت شارد :

_ ايوة .. ليلى مراتي !!!! 

وضعـت يدها على فاهها من عشقًا اعتقدته ذبل والان تراه يُعيد ترميم نفسه 

فصاحت فيه متعجبة :

_ طيب أزاي !!!؟ 

تنهـد قبل أن يجيب بحيرة :

_ والله ما عارف 

سألته مستفسرًا بحزن كسى نبرتها :

_ وعرفت منين إنها هي ؟ 

نظـر للجهة الاخرى وقال بصوته الأجش :

_ طريقة كلامها، وفي علامـة وحمة على إيدها اليمين، نفس العلامة اللي كانت في ايد ليلى 

إبتلعت ريقها بتوجس لتسأله :

_ وهي عملت إية او قالتلك اية ؟ 

رفـع كتفيه ليرد هادئًا :

_ احنا ماتكلمناش اصلاً، ومش عارف هي عايشة دور اللي ماتعرفنيش كدة لية 

جلـست على الفراش بهمدان .. وفعليًا الخلفية الوحيدة لوضعهما الان - الضياع - !!!! 

فسألته بهمس جازع :

_ وإية اللي هيحصل دلوقتي يا مراد 

جلس بجوارها ليسألها :

_ من حيث اية

ردت بجمود :

_ انا وانت .. وكل حاجة ؟ 

ومن دون تردد نظر امامه واخبرهـا بما كان يأكلها قلقًا :

_ معرفش، بس اللي اعرفه اني اكيد عمري ما هاسيبها تاني .. ابدًا !!!!! 


                           ***********


واخيرًا وصل مروان مع الطبيب الى منزلهم، وشمس لم تكف عن التأوه بألم حقيقي، وشعور بالدوران يلازمهـا، وبالطبـع مالك لم يبعدها عن احضانه لحظة وهو يحاول تهدأته .. لا يستطع فعل اكثر من ذلك !!! 

فاتجه مالك نحو الباب الذي طرق يفتحه مسرعًا بعدما تأكد أن شمس احكمت حجابها .. 

ليدلفا جميعهم، فأقترب الطبيب من شمس متساءلاً بجدية :

_ حاسه بأية يا مدام ؟ 

اجابت بصوت واهن متألم :

_ بطني .. ومعدتي مقلوبة وحاسه إني دايخة اوي 

اومـأ وهو يقترب منها ليبدء في فحصه المعتاد .. 

وربت مروان على كتف مالك مهدئًا :

_ خير ان شاء الله 

فيما كان مالك يرمقه بنظرات حانقة من ذاك القرب .. لا يدري ما الذي يحرقه داخليًا من اقتراب طبيعي وامامهم !!! 

ولكن يشعـر بفتيلاً اشتعل بداخلـه الان من مجرد اقتراب رجلاً - كبيرًا - من جنسه لها !!!!! 

وانتهى اخيرًا ليبتعد وهو يلملم اشياؤوه، فاقترب مالك منه يسأله متلهفًا :

_ خير يا دكتور مالها ؟ دور برد صح !؟ 

اجابه بابتسامة دبلوماسية مطمئنة :

_ متقلقش يا حضرت، تقريبًا كدة 85٪ المدام حامـل بس !!!!!!!!!! 


                        **********


يتبـع


غزالة في صحراء الذئاب 


الفصل الثاني والثلاثـون ( الجزء الثاني ) :


وفعليًا دقاتـه تتراقـص على جملـة الطبيب التي كانت كموسيقي سعيدة يعشقها، ولم يصدق اذنيـه .. هي تحمل طفله !!! 

تحمل بين احشاءها من سيجمعهـم للأبد برابط متين لا ينتهي !!!! 

سيصبـح ابًا لأطفالها هي .. والابتسـامة لم تنتظر الاذن لتعلو ثغـره العابـث ..

والتعليل العقلي لسعادته بداخله؛ هي لم تكـن تحاول الأنتحـار !! 

لم يكـن شكـه صحيح عندما ترجاها ألا يكون شكـه صحيح !!!! 

بينمـا هي في حالة غريبة ووحيدة من أمواج المشاعر تحـوم حول دقاتها 

الحـزن لأعتقـاد خاطئ من حزن مالك على ذلك الطفل .. والفـرح لشعور فطري من الحنان والأنتعاش نبـع بداخلها !! 

وغالبًا الفرح يفرض سيطرته بجدارة .. 

ولم تشعـر سوى بالطبيب يغادر ومروان يهنئ مالك بابتسامة :

_ عيشت وشوفت ملوكي الصايع هيبقى  أب 

ونـال زجـرة خفيفة من مالك الحانق :

_ بس ياض، هتشوه سمعتي أكتر ما هي متشوهه ! 

ضحـك مروان ليستأذن بخفـوت للمغادرة :

_ طب عايز مني حاجة، هامشي انا وهبقى اكلمك او هاجيلك في وقت تاني 

اومأ مالك بابتسامة هادئة :

_ تمام، على مكالمات 

استـدار مروان ليذهـب بهدوء خلف الطبيب، لينظـر مالك لشمـس مسرعًا وهو يجلس لجـوارها، وسرعان ما أمسك يداها يقبلهـم، لتشعر هي بشفتـاه الساختين من فرط المشاعر التي عصفت به ... 

بجـوار همسه الذي شعرت به يرفرف فوق سمـاء السعادة الحقيقية :

_ مبروووك يا شمسي، ربنا يخليكوا ليا وميحرمنيش منكم 

إبتلعـت ريقها بازدراء قبل أن تسأله بنصف عين :

_ يعني أنت مش متضايق ؟!

هـز رأسه نافيًا بلا تردد، ليحتوي وجهها بين يـداه وهو يكمـل بصوت عابث مهلل :

_ متضايق اييية بس، ده انا من كتر الفرحة حاسس إني مش هقدر اشيلها لوحدي عايز أوزع فرحة على الناس 

وشق وجهها ابتسامة سعيدة ومنكسرة في آنٍ واحد، ولكن سرعـان ما اختفت والفضل لذاكرتها التي اطرقت عليها ما حدث، لتبعد يداه عن وجهها بعبوس مرددة :

_ كداب، ويلا ابعد عني 

تنهـد بقوة قبل أن يقترب اكثر هذه المرة حتى بات ملاصقًا لها، ثم غمـز لها بطرف عيناه قائلاً :

_ لا، دي أملاك خاصة بيا، أعمل فيها اللي أنا عاوزه، إن شاء الله حتى أكلها 

وخجـلت كعادتها من مغازلتـه الواضحـة، والتي خففت ولو قليلاً من كومـة غضبها اللانهائي منه !! 

لتنهـض وهي تقول بجدية أتقنتها :

_ أنت ملكش دعوة بينا، خليك في حياتك الفاسدة 

نهض مسرعًا وهو يمسكها هاتفًا ببلاهه :

_ يعني إية ؟ 

اجابته ببرود وهي ترفـع كتفيها ثم أحاطت بطنها بامتلاك حنون :

_ يعني ده أبني لوحدي، أنت ملكش دعوة بيه، عشان كل ما أفتكـر إنه ابنك بفتكر إنه ممكن يطلع زيك بيبقى هاين عليا اقول يارب مايجيش 

بالـرغم من أن كلامهـا لمس وترًا حساسًا داخلـه، إلا انه حاول التغاضي عنه بخبثه المعتاد :

_ أبنك لوحدك ازاي يعني، امال أنا بعمل إية حضرتك، ده انا طالـع قايم شارب قاعد وإنتِ في حضني يا قمر 

وانهى جملته بغمزتـه التي اصبحت تحفظها عن ظهـر قلب .. لتتوتر من مسار خبثه الذي لا تستطع سلوكه، ثم قالت :

_ مالك لو سمحت، أنا قولتلك رغبتي وياريت تحققها 

ثم إلتفتت له زافـرة بغيظ :

_ عشان أنا بيئة وأنت ماينفعش تبقى قريب من واحدة زيي 

وأيقـن من رد فعل متوقـع، فنهض ليقف جوارها، وفجأة جذبها لأحضانـه بقوة، وكأنه يطالبه باستشفاف مدى عشقه الذي يظهر على اضطراب دقاتـه بوضوح، ليربت على شعرها الذي ظهر عندما ازال حجابها برفق، وهتف :

_ ما عاش ولا كان اللي يقول عليكِ كدة، شمس عايزك تتأكدي إني وحياة ربنا بعشقك، كل ذرة فيا بتعشقك، وإني مهما عملت بيكون عشان سبب أقوى، مش عشان أنا كداب او عندي شيزوفرينيا زي ما قولتِ، وأنا عمري ما هيملى عيني غيرك .. يا روحي 

وبالفعل كلامـه كان كأنه واقي من الحصون فاخترق قلبها بلا تـردد، ووقفت هي عالقة بين كلامه الذي يدمر ثم يعيد لها حياتها !!!

لتسأله بعدم فهم مصطنع من اعتذار توارى خلف كلماته :

_ قصدك إية وضح اكتر ؟ 

هـز رأسه نافيًا بابتسامة بسيطة وغامضة :

_ صدقيني في الوقت المناسب هاجي احكِ لك كل حاجة لوحدي 

أمسكـت يـداه لترمقه بنظرة رجاء وهي تـردف :

_ مالك لو في حاجة قولي، صدقني هفهمك 

لمس على وجنتاها بحنان ليقترب ببطئ مقبلاً جبينها بقبلة عميقة ثم أبتعد ليغادر، فسألتع هي مسرعة :

_ رايح فين ؟ 

رفـع كتفيه واجاب دون أن ينظر لها :

_ خارج 

ثم غادر دون أن ينتظر تعليقها او سؤالها القـادم، مما دفعها للتأكد من انه يعاني من مرض " الشيزوفرينيا " !!! 


                        ***********


لم تعـد حاسـة فيها تتواصل بالدنيا سوى عيناها التي كانت معلقة بعيناه ترجـوه أن ينفي ما يدور بعقلها مسرعًا !!! 

بينما هو هادئًا تمامًا وكأنه لم يفجر قنبلة مدمرة عصفت بكيانها !!! 

فأمسك " مراد " بيداهـا هاتفًا بصوته الأجش :

_ اسمعيني يا خلود، أنا ماينفعش أتخلى عن ليلى، بما انها لسة عايشة ده معناه انها مراتي لسة 

فنظرت له متساءلة بسذاجة :

_ يعني إية يا مراد ؟ 

اجابهـا برزانـة دون تردد :

_ مش هاتخلى عن ليلى بس مش بالمعنى اللي إنتِ فهمتيه، قصدي هسمع منها اللي حصل وهفهم وهساعدها لو احتاجت 

وشدد على قبضتـه بأحتواء طمئنها ليتـابـع بعشقًا لم تخفى خيوطه من جحور عيناه :

_ لكن عمرها ما هترجع زوجة وحبيبة، إنتِ الزوجة وإنتِ الحبيبة يا خلود 

وكادت تبتسم بفرح وهي تسأله بغيرة اكتسحت كلماتها :

_ امال مش هتطلقها لية !!؟ 

و رد بجديـة معهودة في تلك المواقف :

_ تقريبًا ليلى كل اللي عانيتـه كان بسببي، تتوقعي بعد ده كله أجي اقولها سوري اصلي لقيت حب حياتي الوحيد فمش هينفع أقف جمبك ويلا اخرجي من حياتي 

ثم صمت برهه واستطرد بخشونة :

_ ده مايمنعش إننا اكيد هنتطلق، بس اما افهم منها كل حاجة الاول 

فسألته مرة اخرى بتردد :

_ ولما تفهم ؟ 

اجابها بلا تردد رافعًا كتفيه :

_ اكيد ساعتها هتصرف بس بعقل 

اومـأت بهـدوء جاد :

_ وانا واثقة فيك يا مـراد، واثقة فيك جدًا

ابتسم فرح ليقول :

_ وأنا مش عاوز أكتر من الثقة دي صدقيني 

اومـأت قبل أن تسأله بقلق لا يليق سوى بعاشقة :

_ مش هاتتخلى عني ابدًا صح ؟ 

اومأ مؤكدًا :

_ عمري 

وتابعت سؤالها :

_ مش هتكرهني في يوم 

واجابته دون تردد :

_ ده انا اموت قبل ما اعملها 

وضعـت اصابعه على شفتـاه بتلقائية مرددة :

_ بعيد الشر حرام عليك ماتقولش كدة 

ابتسـم بفرحة قبل أن يسألها هو هذه المرة :

_ أنا إية بنسبالك يا خلود ؟ 

نظـرت للأرضية بخجل وهمست :

_ معرفش، أنت شايف اية ؟ 

سألها بأصرار مرة اخرى :

_ لا انا عايزك إنتِ تجاوبي 

ولم تجـد مفر من أعتراف طال انتظاره المشتاق لتقول متلعثمة : 

_ لما نروح نشوفها ونيجي هبقى أقولك 

ابتسم مداعبًا :

_ ماشي يا جميلتي، ولسة الليل ادامنا طووييييل 

ثم نهـض وهو ممسـك بيدهـا متجهيـن للخـارج، ليروا نوارة وهي .... 


                        ***********

 

وظـل " زيـاد " ينظر لها مطولاً .. وكأنه يحاول استيعاب تلك القوة التي اخترقتها فجأة لتدفعها لقول هذا !!!!

بينمـا هي فعليًا تشعر بالأرتيـاح لكونهـا استطاعت حل ما هي به ولو قليلاً .. 

ليجـذب يدهـا بقوة مرددًا بتساؤل حاد بعض الشيئ :

_ هو مين ده يا زينة ؟ 

رفعـت كتفيها وهي تجيب بتوجس :

_ مش لازم تعـرف 

هـز رأسـه نافيًا ليتـابع :

_ لا لازم، ولازم جدًا كمان 

تحدتـه وهي ترفـع حاجبها الأيسر قائلة بعناد :

_ ولو مقولتلكش هتعمل اية، ولا حاجة 

ضغط على ذراعها ليقول بعدها بجدية حادة متملكة :

_ لا يا زينة تبقي لسة متعرفنيش، لو اضطريت إني احبسك هنا عشان ماتبعديش عني هاعملها

لوت شفتيها بتهكم واضح وهمست :

_ للأسف بقيت اعرفك كويس جدًا 

وخفف من قبضتـه قليلاً وهو يقول بصوت حازم وحاد في آنٍ واحد :

_ انا هروح اتكلم مع مالك في اقرب وقت 

هـزت رأسها نافية :

_ لا مش هينفع 

ثم لانـت نبراتها بعض الشيئ وهي تردف متوسلة :

_ زياد لو سمحت، ماتخلينيش اكرهك أكتر من كدة 

جملتها اثـرت فيه بالطبـع .. احكمت كلماتها حول مقر تأثـره اللعيـن !!! 

ليرد بنفس الليـن :

_ طب إنتِ حسي بيا، اعرفي إن انا بقيت عاشق مينفعش يستغنى عن معشوقته خلاااص 

وكانت الصدمة اول من ارتسمت على ملامحها الذابـلة .. وهي تتساءل في سماء صدمتها التي يبدو انها لن تنتهي 

" اي عاشق هذا يدمر معشوقته !؟ "

فهمست ببلاهه :

_ عاشق !!! 

ورد مسرعًا بقوة :

_ ايوة يا زينة، انا حبيتك حتى من غير ما احس، حبيتك اوووي 

وهي الاخرى بنفس السرعـة ردت :

_ تبقى بتحلم لو فكـرت إني ممكن ابادلك نفس الشعور الكداب ده 

هـز رأسه نافيًا :

_ مش كداب للأسف 

نهـضت دون كلمة اخرى، لتتجه للباب، وقبل أن تفتحه قالت ساخرة :

_ انا ماشية يا زياد، ولما تطلقني ابقى قولي عشان اقول لأهلي 

ثم استدارت لها متابعة بتحذير قوي :

_ بس افتكر إني مش هاستنى كتير هه 

نهض هو الاخر مقتربًا منها ليمسكها من يدها يدفعها للداخل متساءلاً بتهكم :

_ إنتِ مين قالك إنك هتمشي اصلاً 

رفعت كتفيه مجيبة بلامبالاة :

_ انا اكيد 

هـز رأسه نافيًا وهو يوصد الباب بالمفتـاح، وكأنه تأكد من احتباسها بقفص عشقه للأبد، فعقد ذراعيه ثم قال :

_ انسي انك تمشي من هنا يا حبيبتي !!!!!!!!! 


                      ************


" والمضطـر يركب الصعب " 

جملـة شعبية ترددت بكثـرة من اجباريات تكون اسهـل واخـف من اشياء اخرى تكون كالدمار !! 

واحيانًا تُطـبق عليك فتضطر للمجازفة !!!

كـان مالك يسيـر بجـوارها، عقلـه مع تلك التي تركها وخرج، وبذرة حبهم التي تنمو بداخلها، وإنما جسـده مع تلك التي تسير بجواره ببـرود ... 

شعـور يخبـره برفـض تـام 

" لا تفعل " وبالطبع ذاك نابع من صميم القلب العاشق 

واخر يخبـره بتلك الجملة الشهيرة ليبرر 

" المضطر يركب الصعب " 

فتنهـد بقوة وهو يسمعها تقول :

_ مالك لو هسبب مشكلة خلاص 

تقـوس فمه بابتسامة ساخـرة وهو يهمـس بغيظ مكبوت :

_ إنتِ اُس المشاكل اصلاً منك لله

سألته بتركيز :

_ بتقول حاجة يا مالك ؟ 

هـز رأسه نافيًا بسرعة ليستدرك نفسـه مرتديًا قناع الود :

_ لا طبعًا، بقول حتى لو هتعملي مشكلة مش فارقة معايا اكيد 

اومـأت بابتسامة لم تختفي، وبداخلها يهتف مهللاً 

" اتمنى ذلك " !!! 

وسـرعان ما وصلوا للمنزل الذي يقطن به كلاً من " مالك " وشمس .. فابتلع مالك ريقـه قبل أن يتجه ليفتح البـاب فدلف متنحنحًا ينادي على شمس :

_ شمس، إنتِ فين !؟ 

ولم يأتيـه رد ليتجه للغرفة خاصتهـم، ليجـدها تقف بمظهرها الذي يراه بها ولأول مرة في حياتـه !!! 

ترتـدي قميص من اللون الاحمر يصل عند ما قبل ركبتيها بقليل، وذو فاتحة واسعة الى حدًا ما عند الصـدر ومطرز برقة .. 

ففغـر فاهه بصدمة هامسًا :

_ اية ده ؟! 

لتـرد هي عليه بغضب غيرة اتضحت من نبراتـها :

_ ده قميص نوم كان جديد وفي كيسه محطوط في الدولاب 

 وكاد يضعـف امام هيئتها التي كانت اول مرة يلقاها فيذهب ليعتصرها في رحلة عشق مشتاقـة .. 

ولكنه تمالك نفسه وهو يقول بصوته الاجش بجدية حاول التمسك بها :

_ البسي زي الناس بسرعة وتعالي برة هوريكِ حد لازم تشوفيه 

سألته متوجسة :

_ حد مين ؟ 

كـز على أسنانه بغيظ مرددًا :

_ يلا يا شمس وهاتشوفي 

اومـأت موافقة ليخرج هو بهدوء في حين ابدلت هي ملابسها بسرعة .. 

لتخـرج مسرعة لترى من القادم، فكانت الصدمة من نصيبها ...... !! 


                       ***********


غزالة في صحراء الذئاب 


الفصل الثالث والثلاثـون : 


وكانـت الصدمة اول من افترشت على ملامحهـا من رؤيـة " سمـر " التي كانت تقف بجوار مالك ببـرود متناهي !! 

ورغبـة جامحة تحوم بداخلهـا لضرب تلك التي تسمى سمر ... 

كـره ما تكنـه لها ؟ .. لا لا من المؤكد أنه اقوى من الكره بمراحـل عديدة !!!! 

لتقتـرب منهم وهي تشير لسمر من اعلاها الى امحص قدماها قائلة :

_ اية دي ؟! 

رفـع مالك حاجبـه الأيسر ليسألها ساخرًا :

_ إية مش شايفه ولا إية سلامة النظر 

كـزت على أسنانها بغيظ حقيقي فأردفت في محاولة للتماسك :

_ لا بصراحة مابقتش أشوف المستوايات دي 

بالرغـم من الفرحة التي أنعشـت روحـه المغتاظـة من فعل اجبـاري يهدم اشياء عانى في بناؤوها .. 

إلا انه ليكمل ذاك الدور - اللعين - الذي يقوم به قال لشمس بخشونة :

_ إية اللي إنتِ بتقوليه ده يا شمس، مينفعش كدة، إعتذري لها 

هـزت رأسها نافية بشموخ يليق بها ثم أردفـت :

_ ابدًا، ده انا اموت قبل ما اعملها، وبعدين انا ماغلطتش عشان اعتذر 

وكادت ابتسامـة سعيدة تشـق وجهه، واخيرًا استطاعت غزالته الهشة الدفاع عن نفسها وإن كان ضده !!! 

مطت شمس شفتيها بملل وقالت ؛

_ عن اذنكم بقا اصل انا مش فاضية للكلام الفاضي واللقاء ده  

أوقفتهـا لكزة سمر لمالك وهي تحثه على النطق بما يعجز عن نطقه، بقولها الجاد :

_ مالك مش هتقولها ولا إية ؟ 

تنحنح مالك بخشونة مرددًا :

_ شمس استني في حاجة لازم تعرفيهـا 

إلتفتت له تسأله بغيظ مكبـوت :

_ امممم خير حاجة إية ؟

نظـر للجهة الاخرى ليتـابع بجمود :

_ أنا وسمر اتخطبنا، عشان آآ .. 

وعجـز عن نطق تلك الكلمة التي ستُحمله عبئ لا طاقة له به .. 

فاستطردت سمر عاقدة ذراعيها ببرود :

_ هانتجوز قريب .. جدًا 

إبتلعـت شمس ريقها وحاولت التحلي ببعض الثبات الذي شعرت به هرب ادراج الرياح !!! 

فتنهـدت بقـوة تنهيدة تحمل الكثير والكثير ثم قالت ببرةد تصنعته :

_ مبروووك اوعوا تنسوا تعزموني بقا 

وبهـت وجه سمر من ذلك الرد الذي لم تتوقـعه !!!! 

بينما مالك كان ينظـر لها بضعف ولأول مرة، وقرأت بين سطور عيناه رجاءً لألتماس العذر له .. 

فاستدارت قائلة بخفـوت :

_ انجوووي بقا 

ثم غـادرت وداخلها يحترق فعليًا .. أي زواج هذا وخطبة !!!!!!؟ 

خطبة .. يعني أرتبـاط ابدي بمن عشقته مع تلك الخبيثة !! 

عشقتـه ؟! وهل اعترفت يومًا بذاك العشق !

نعم الان كل جوارحها معترفة بذاك العشق الذي كاد يزهق روحها كليًا !!! 

ولن ولم تسمـح له ان يبتعد الان ليعذبها !! 

بينما في الخـارج جلس مالك على الأريكـة بجوار سمر التي قالت بغيظ واضح :

_ عشان تعرف بس انها مش فارق معاها انك تتجوز ولا غيره

اومـأ ببساطة مجيبًا :

_ عارف، مش محتاجة توضحي 

بينما داخله يعترف وبجدارة أن ذاك لم يكن سوى قناع بارد تلبستـه !!! 

لتتمسـك بذراعـه بقوة هامسة بحماس :

_ هييييح مش مصدقة بجد يا مالك أنك وافقت علطول ولسة بتحبني زي ما انا بحبك 

اومأ بابتسامة ساخرة لم تراها :

_ اه طبعاً، انا اكتشفت اني مش هينفع احب غيرك اصلًا يا حبيبتي 

نظرت له لتتلمس لحيتـه بهيـام، ثم اقتربت منه اكثر حتى باتت ملاصقة له لتهمس بصوت مغوي :

_ انت وحشتني اوي، وحشتني لمساتك، وحشتني النومة في حضنك، كل حاجة وحشتني 

ابعـد يدها عنه وهو يقول بنزق :

_ احنا لسة ماكتبناش الكتاب يا سمر 

اومـأت متأففة :

_ ماااشي 

وغيـر مالك مجرى الحديث ليقول بهدوء مزيف :

_ تعبت النهاردة ومروان جاب لي الدكتـور 

اومـأت بخبث قائلة :

_ سلامتك ألف سلامة يا حبيبي 

نهـض وهو يمسـك يدها ليتجهوا للخارج فسألته سمر بهدوء :

_ هنروح فين ؟ 

اجابها وهو يسير :

_ هتعرفي لما نروح .. يا حبيبتي !!! 


                         ************


وظلت تحاول ظبط انفاسهـا المضطـربة من حكم ذاك العاشق الكاذب .. 

لتعقـد ذراعيها في خصرها قبل أن تقول له وهي تتمايل بحنق :

_ وأنت تحبسني بتاع إية انت، انت مجنون ولا اية ؟ 

هـز رأسه موافقًا ببرود :

_ ايوة للأسف مجنون بيكِ

ثم صمت برهه ليكمل بعدها بتصميم غريب : 

_ ومش ناوي اخف من الجنان ده ابدًا يعني 

سـارت متجهـة للبـاب وهي تقول ببعض الحدة :

_ طب اوعى بقا يا مجنون عشان هامشي يعني هامشي 

وقف امامها يهز رأسه نافيًا ببرود :

_ لا يا زوجتي العزيزة 

ولم تجـد مفرًا سوى اتخاذ - الجنان - طريقًا فركضت نحو المطبـخ مسرعة لتمسـك بالسكيـن الحاد وهي تشير لزياد مرددة :

_ ابعد وخليني امشي وإلا هاموت نفسي هنا 

رفـع حاجبه الايسر باستهانة :

_ لا والله !؟ 

اومـأت وهي تقرب السكين منها اكثر :

_ قسمًا بالله لو ما مشيت دلوقتي لهعمل في نفسي حاجة وانت عارفني مجنونة واعملها 

لم تجد ردًا فتابعت بغل :

_ ولو انت مجنون انا اجن منك بقاا 

هز رأسه نافيًا :

_ متقدريش 

كـزت على اسنانها بغيظ لتضغط بالسكين على يدها حتى كادت تنجرح 

اما هو قد بدء الخطـر يراوده بكثرة .. بالفعل هي - مجنونـة - وأن ارادت فعلتها !!! 

فأفسح لها الطريق ليقول بعدها متنهدًا بضعف :

_ امشي يا زينة، بس اتأكدي اني مش هطلقك .. ابدًا 

اومـأت بعنـاد انثى شرقية معروف :

_ هانبقى نشوف الكلام ده بعدين 

تنهـد وهو يراهـا تغادر .. ليهوي على الأريكة هامسًا بوعيد :

_ اما نشوف اخرتها يا زينـة 

بينما هي بمجرد نزولها تنفست الصعـداء، شعرت انها استطاعت الهرب من بين براثن الذئاب !!! 

تذكرت ذلك - الفيلم - الذي اصطنعته في ثواني معدودة 

ولاح في سماء عقلها الشـارد ذكرى طلب ذاك الذي يدعى يحيى 

" زينة .. طلبي الوحيد إننا نبقى اصدقاء بس، بس تدي لصداقتنا مساحة في حياتك، ماتطردنيش من حياتك بالزوق زي ما بتعملي " 

اخرجـت هاتفها مسرعة لتتصـل بمالك الذي اجابها بعد ثواني قائلاً :

_ ايووة يا زينة 

فقالت دون تردد باحتياج حقيقي ظهر في نبرتها المترجيـة لذاك الحنان الذي افتقدته كاملاً :

_ مالك انا محتاجاك اووووي !!!!! 


                        ************


كـان " حمـدي " يلهـث وهو يحاول إلتقاط انفاسه بصعوبـة، اثار العنف تضح على ملامحـه التي كادت تتشوه من كثرة الضرب الذي تلقـاه من رجاله رئيسهم في ذاك العمل المشبوه !!!! 

علامـات تركت اثرًا واضحًا لتضحيته من اجل محبوبته الصغيرة - نوارة - 

او لنقل الان - ليلى - والتي كان يعشقها ويضحي من اجلها ويكذب عليها في آنٍ واحد !!!!! 


وسمـع صوته يسأله بغضب اعمى :

_ بردو مش عايز تنطـق يا حمدي ؟ 

هـز رأسه نافيًا بضعف :

_ يا باشا انا نطقت بس انت اللي مش عايز تصدقني 

صـرخ فيه بحدة مفرطة :

_ مش عايز اصدق إية يا كداب 

اجابـه بهمس يكاد يسمـع :

_ مش عايز تصدق إن انا ماهربتش نوارة، انا اصلًا مقدرش اعملها 

كـز الاخر على اسنانه بغيظ ليهتف :

_ تقدر، لانها متقدرش تهرب لوحدها اصلًا !! 

هـز حمدي رأسه نافيًا وعاد يحاول اقناعه بالكذب :

_ يا باشا صدقني اكيد قدرت، دي بقالها معانا سنتين، وممكن يكـون حد غيري ساعدها، لكن انا لا، ده انا ايدك اليمين 

ضيـق الاخر عينيه بخبث شيطاني معروف عنه :

_ وانا ايدي اليمين لما تخوني اقطعها يا حمدي 

صرخ حمدي بنفاذ صبر :

_ يا باشا صدقني انا ماهربتهاااش، ومش هاقدر عمري اعملها 

بادله الاخر الصراخ الحاد وهو حرفيًا كاد يجن :

_ كويس إنك عارف إن البت دي بالذات لو وصلت للبوليس كلنا هنروح في داهية 

لم يـرد حمدي هذه المرة .. لقد اكتفى بالمدافعات الكاذبة التي يبدو انها لن ولم تجدي نفعًا !!! 

بينما اشار الاخر لرجاله قائلًا بصوته الأجش :

_ تعالووا يلا ابدءوا !!!!!!!!! 


                        ***********


_ عايزك بقا تحكي لي كل حاجـة حاجة يا ليلى 


سألها مراد وقد جلس وهو وخلـود بجوار تلك التي كانت وكأنها تنتظر حكم القاضي عليها، لتتسـع حدقة عيناها من تلك الكلمة التي سقطت على اذنيها كالرعد فسألته بصدمة :

_ ليلى مين حضرتك ؟ 

رفـع كتفيه يجيب ببساطة :

_ إنتِ ليلى اكيد ! 

هـزت رأسها نافيـة بسرعة وتعجب :

_ لا انا اسمي نوارة مش ليلى 

ضيـق ما بين حاجبيـه ليسألها مفكرًا :

_ مين اللي قالك كدة ؟ 

إبتلعت ريقها وهي تجيبه بحرج :

_ الناس 

سألها مرة اخـرى متعجبًا هو هذه المرة :

_ ناس مين دول ؟

تنهـدت قبل أن تردف :

_ اللي المفروض اني اتربيت وسـطهم 

اومـأ مراد بتركيـز شديد ليسألها متلهفًا لتلك الحقيقة التي كانت على حافة لسانها :

_ لا براحة كدة احكيلي كل حاجة واحدة واحدة 

نظـرت امامها بشرود، لتبدء بالسرد وهي تتذكر ما مـرت به :

_ أنا .. فقدت الذاكرة، لقتني مع حمدي اللي انت عارفه وناس كدة، قعدت اسألهم انا مين واصلي اية، قالولي إن انا متربية معاهم، وإن اهلي مش معروفين، فالبداية مصدقتهمش، فضلت مصدومة من الحقيقة دي، سألتهم يعني حتى انا مش متجوزة، قالولي لأ وطول عمري رافضة الجواز، مابقتش مصدقة ومنعزلة عن كل الناس، ومر تقريبًا سنتين ومحدش سأل عليا ولا حد وصلي، عرفت إن كلامهم صح مش كذب، وحمدي صديقي الصدوق 

وظل ينظر امامه بصدمـة ..

صدمة تجسـدت في حديـث عن تفكير شيطاني بالطبـع !! 

نعم فوالله لا يفعلها سوى خليفة - إبليس - من البشـر !!!!!!! 

كيف اقنعوه انها ماتت .. والان اقنعوها انها معهم !؟

ظـل يمسح على شعره عدة مرات، يحاول تهدأة نفسـه الثائرة ..

فسمـع نفس السؤال الذي كانت خلود تريد أن تسأله :

_ هو في إية يا حضرت الظابط ؟ 

زفـر بقوة قبل أن يقول :

_ مفيش، لازم تعـرفي إن كل كلامهم كذب، إنتِ مش معاهم خالص يعني

سألته بانتبـاه :

_ وانت مين قالك يا حضرت الظابط ؟ 

وجالت سحابة غامضة في عيناه قبل أن يقول بصوت منخفض الى حدًا ما :

_ مش مهم، المهم انك تسمعي اللي هقوله كويس وتنعنشي ذاكرتك كدة 

نظرت له باهتمام مرددة :

_ كلي اذان صاغية يا باشا ؟ 

اقترب منها قليلًا ليسـرد عليها ما اراده تحت انظار خلود الحارقة من ذاك القرب !!!!!!! 


                        ************ 


عـاد مالك إلى المنزل وهو تقريبًا متوقـع رد فعل شمس الحقيقي الذي توارى خلف ذلك القنـاع البارد .. 

وتنهـد قبل أن يتجـه لغرفتهم فلم يجدها، وقد وصله صوتها من المطبخ تدندن بأريحية وكأنها تثبت له انها بخير تمامًا !!!! 

تحاول بث شعور اللامبالاة عن طريق الاغاني التي ترددها وهي تعد الطعام !!! 

وهو متأكد أن تلك اللامبالاة لم تكن سوى خلفيـة للكذبة الجديدة التي ستخبره به .... 

وجدها تتمايل برفق وهي تدندن، ولم ينكر ان مظهرها بذاك القميص اغواه بحق، اشعل شوقه المكبوت لعدة ايام لها !! 

فاقترب منها يحيطها من الخـلف ليقبل رقبتها الظاهرة بنعومة مرددًا :

_ بتعملي اية يا شمسي 

ابتعـدت عنه مسرعًا وهي تضع يدها على صدرها شاهقة :

_ بطل تظهر فجأة كدة 

ضحك بخفوت وقال :

_ بعد كدة هبقى ادي مقدمات قبل ما ادخل حاضر 

لوت شفتيها بتهكم :

_ مطيع اوي الصراحة 

ثم ابتعدت عنه بمسافة لتقول بعدها بضيق واضح :

_ روح للسنيورة بتاعتك إية اللي جابك 

ظهرت شبح ابتسامة على الغيرة التي تنضح من عيناها، ليشاكسها بخبث :

_ لا أنا معنديش غير سنيورة واحدة وروحتلها اهوو 

نظـرت له شرزًا هاتفة :

_ بطل كذب هه، انت هاتتجوزها وجاي تقولي بكل برود 

ومن خوفـه الذي سيطر على كيانه على طفله الذي لم يولد بعد 

من الحزن الذي قد يسيطر عليها فيفقدهم نبته حبهم الوحيدة !! 

قال باستسلام :

_ هحكيلك كل حاجة يا شمس 

ونظرت له باهتمام ليبدء سرد ما حدث بالتفصيل مما جعل حدقتاها تتسع بصدمة و....... !!! 


                         **********


يتبع 

غزالة في صحراء الذئاب 


الفصل الرابــع والثلاثـون : 


ظـلت شمس تنظـر لهم بدهشـة ممزوجـة بالصدمة الحقيقية من أناس اعتقدت انهم ليس لهم وجود .. فكانوا لها اكثر الناس قربًا منها !!!! 

واستمـر مالك يشـرح لها بهدوء تام ما حدث :

_ بصي يا شمس، يوم ما سمر جات لنا، انا كنت عارف انها ماتغيرتش وانها كل اللي قالته ده كان كذب في كذب، بس مشيت معاها عادي جدًا، وبالتالي لما اخدتك وجيت على الساحل هنا كنت متأكد انها اما هتبعت حد من الرجالة ورانا، او حتى هتيجي هي عشان نبقى تحت عينيها، وكنت متأكد انها مش هتخلي بابا يجي هنا عشان اثق فيها اكتر، وبعدها لما شافتنا ف البحر وشافت ان احنا مبسوطين، ده طبعاً عمره ما يعجبها خالص، كلمتني وقال اية هي شافتنا صدفة، وطبعاً قعدت تتمحلس ومش عارف اية فاضطريت ابين اني بعاملك وحش او ان علاقتنا متوترة وانك مش زوجة ومجرد واحدة كدة عابرة في حياتي، بدءت هي تتصل اكتر وتقرب اكتر بالكلام، وانا كنت محتاج ده عشان اقدر ادمرهم خالص بغباءها


فسألته هي بهمس مصـدوم ولوم في آنٍ واحد :

_ طب ومقولتليش لية يا مالك ؟ 

تنهـد قبل أن يزيل ستـار قوتها الزائفة بقوله الحنون :

_ شمس يا حبيبتي دي شيطانة مش واحدة طبيعية، وانتِ بريئة جدًا جمبها، كنت خايف متقدريش، وكنت خايف يخدوكي نقطة ضعف 

ثم ضم يداها بين يداه الخشنة ليتـابع وعيناه فاضت عشقًا واضحًا :

_ وانا مش هستحمل اي ضرر فيكِ 

ضيقت عيناها وهي تتابـع بحزن مصطنـع :

_ عشان كدة قولت انا بيئة ومش ناقصاني صح 

قهقـه بمـرح ليقول :

_ ماعاش ولا كان اللي يقول كدة يا قمر، ده إنتِ في الحته الشمال 

لـوت شفتيها بتهكم مغمغمة :

_ بعد اية بقا ده انت حنضلتها 

إتسعت حدقتاه وهو يسألها بصدمة مصطنعة :

_ حنضلتها !! اية الالفاظ دي يابت بتجيبيها منين 

اولتـه ظهرهـا لتكمل ذاك الدور الذي اتقنتـه فقالت :

_ روح بقا وسيبني احضر الاكل عشان ابنـك جعان بصراحة 

ابتسـم بخبث ليحاوطها من الخلف مرة اخـرى قبل أن يبدء بتقبيلها بنهم مرددًا بنبرة تفهمها جيدًا :

_ طب منا جعان، يعني هو ابني ياكل لوحده !؟ 

نظـرت له من طرف عينيها لتردف بخبث مماثل :

_ طب منا بحضر اكل اهوو يا روحي 

عَلت دقاتـه وهو يسألهـا بصدمة فرح :

_ إنتِ قولتِ إية 

استدركـت نفسها سريعًا لتهمس :

_ كلمة طلعت مني تلقائية، ويلا امشي عشان احضرلك الاكل عشان انت جعان بردو هه 

وجعلها تستدير ليواجه عيناها التي كانت كسحر لا ينتهي مفعوله ابدًا !!! 

ينظـر لهيئتها التي كانت كمغناطيس قوي يجذبه لها .. 

وهيئتها التي اول مرة تظهر عليها، مرحلة تعدتها في مراحل عشقهم المتين .. الخجل !!! 

اقترب منها اكثر فأصبح لا يفصلهم شيئ، فحملها فجأة وشفتاه تحوم بشغف على وجهها، وقال :

_ لا انا جعان حاجة تانية، انا جعان منك إنتِ يا شمسي .... !! 

حاولت الأفلات منه مزمجـرة بغضب طفولي :

_ لا لا لا، نزلني، خليك جعان وانا مالي ابعد بقا 

وصل لغرفتهم فوضعها على الفراش برفق وهو يستطـرد حانقًا :

_ لا هو الحمل ده هيجي على دماغي ولا إية، الله يرحم ما كنتِ قطة مطيعة 

هـزت رأسها نافية وكادت تعترض :

_ لا انا آآ .. 

وقاطعهـا بقبلة عميقة يلتهم فيها شفتاها بنهم وشوق اوضحه لها .. 

ليغرقا معًا في عالم من العشق لا ينتهي !!!!!!! 


                        ***********


وكان الألـم من نصـيب يحيى هذه المـرة، فلم يدري ما حدث له وهو يشعر بالألم يعصـف برأسـه .. 

وظل يحك رأسه بعصبية والألم يزداد !!! 

ظل يبحث عن دواء في ارجاء المنزل ولكن لم يجد فصرخ بنفاذ صبر :

_ فيييين ام الدوااااء بقاا 

وبحث مستمر وهو يمسـك رأسه على امل ان يهدئ الألم ولو قليلاً ولكن بلا جدوى !!!

فشعر به يزداد ويزداد !! 

شعـر كما ان لو النهاية الحتمية قد اتت .. 

تقـف على حافة حياته التي لم ينجح فيها سوى بالشـر !!!! 

تذكـر الألم النفسي الذي قد يكون سببه للأخرين ... 

تذكر خالته التي لم يجعلها تذق طعم النوم براحة بسبب ابنتها التي ابتعدت بسببه !!!!! 

ودوامة من الذكريات السيئة جالت حول عقله المتألم فصرخ بجزع :

_ آآآآآه ..  

والثانية التالية كان قد سقط فاقدًا الوعي من كثرة الألم الذي شعر انه لن يزول !!!!! 


                        ***********


كانت " ليلى " تنظـر لخلود التي لم تكـن سوى مستمعة فقط، تدقق النظر لها وهي تطالب ذاكرتها بتذكر ذاك الوجه الذي طُبـع في مخيلتها !!! 

واخيرًا بعد دقائق صاحت مهللة لتذكرها :

_ ايوة افتكرت واخيرًا 

نظـر لها كلاً من مراد وخلود عاقدين جبينهم بعدم فهم !! 

فسألتها خلود بهدوء مستفسرة :

_ افتكرتِ إية يا ليلى ؟ 

تنحنحت بحـرج .. وقد شعرت انها في مأزق بين حرجًا خفيفًا وشديدًا، فاضطرت للتصريح وهي تتابــع :

_ افتكرت انا شوفتك فين يعني 

سألتـها خلود باهتمام :

_ شوفتيني فين ؟ 

اجابتها هامسة وهي تنظـر للأرض :

_ افتكرت لما كنت بخطف بنت صغيـرة، وإنتِ جيتِ لحقتيها، ساعتها انا شوفتك بس أنتِ ماشوفتنيش

إتسعـت حدقتا عينـا خلود لتسألها بنزق :

_ هو كنتِ إنتِ، يعني انتِ بالفعل اشتغلتي معاهم ف جرايمهم دي 

رفـعت كتفيها مرددة بقلة حيـلة وحسرة إرتسمت على ملامحها :

_ المضطر يركب الصعب يا مدام 

وهنـا سألتهـا خـلود مستفسـرة بتفكير :

_ هو إنتِ بطلتِ تشتغلي يا ليلى ؟ اقصد معاهم يعني 

اومـأت ليلى بتنهيدة حارة و ردت بحبور :

_ ايوة، بطلت بقالي فترة

ثم سألتها بعدم فهم :

_ لية يعني بتسألي مش فاهمة بصراحة ؟؟ 

نظـرت لمـراد هامسـة بحيرة :

_ أصلي بقالي فترة كدة ما بحلمش بالناس وكدة يا مراد، فكنت بستفسر وشاكه في حاجة 

سألها هادئًا :

_ شاكه في اية ؟ 

هـزت رأسها بلامبالاة شاردة :

_ لا انسى، ده مجرد شك بس 

نظـر مراد لليلى ثم تجلى صوته وهو يخبرهـا :

_ عايزك تعرفي حاجة مهمة دلوقتي يا ليلى 

اومـأت ناظرة له :

_ اتفضل ؟ 

واجابهـا بما زلزل كيانها فعليًا من حروفًا تشكلت على هيئة الصدمة الكبيرة في حياتها :

_ إنتِ دلوقتي مراتي، أنا كنت مفكرك ميته !!! 

وأتسعـت حدقتاها بهـلع :

_ نعم، لا لا استحالة !! 

عقد حاجبيه ببعضًا من الضيق من معشوقة اصابها الفزع عند سيرة عشقهم وقال :

_ في اية مالك، هو اية اللي مستحيل، وبعدين انا مش من مصلحتي اكذب عليكِ في حاجة زي دي، والايام هتثبت لك اني مش كداب 

ظلت ليلى تنظر له بذهول .. 

بينما شـرد هو وهو يتـابع بحزم يليق به :

_ دلوقتي أنا لازم أروح للمعادي، لشقة الراجل اللي كان متهم، يمكن ألاقي الفلاشة اللي هتجننهم هناك !!!!!!!!! 


                      ************


وصـلت زينـة الى منزلـها، سمعـت اصوات تأتي من داخل المنـزل، زفـرت بضيق حقيقي قبل أن تسـرع في خطواتها الى حدًا ما للداخل .. 

لم تدخل ذاك المنزل من يومان تقريبًا، ولم تتكلف والدتها او والدها العزيز بالسؤال عنها !!!! 

ولمَ يسألوا من الأساس وعلاقتهم كأسرة تعاني من تفكك يتردد صداه حتى الان !! 

سمعت صوت صراخ والدتهـا يأتي من الداخل فركضت مسرعة .. 

وجحظت عيناها بصدمة من هول ما رأت !!! 

والدها ينهال بالضرب المبرح على والدتها الضعيفة التي لم تفعل سوى الصراخ !! 

وبالطـبع لن يمنعه شخصًا واحدًا من الخدم يستغنى عن حياته !!!!!!

فاقتـربت منه مسرعة تحاول منعه وهي تصرخ بهلع وخوف على والدتها التي بدءت تنزف :

_ بس يا بابا حرام عليك بس كفاية 

لم يبالي لها وهو يضرب والدتها بعنف اكثر مكملاً :

_ مفكرة انك ممكن تفضحيني يا حيووووانة 

حاولت النطق بوهـن قوي رغم ان قواها قد خارت :

_ ايوى هفضحك، مش هاسيبك تأذي ابني الوحيد !! 

رمقتـها زينة بنظرات مصدومة لتقف حائل بينهم، فصرخ والدها فيها بقوة :

_ ابعدي من ادامي يا زينة 

هـزت رأسها نافية :

_ مش هابعـد يا بابا حرام عليك بقاا كفاية 

نهـضت الاخرى تستند على زينة بصعوبة مرددة :

_ متقدرش تعملي حاجة، عمر الشقي بقي يا جمال بيه، وهافضحك وهادمرك قبل ما تدمر ولادي 

ونالت منه دفعهـا قوية .. وجدًا اسقطتها بعنف على الارض ليزداد تدفق الدماء و......... 


                      ************


كانت شمس تتسطـح بجـوار مالك، تحيط صدره العاري بذراعها الابيض، والابتسامة تزين ثغر كلاهمـا ... 

ويشدد هو من ضمته لخصرها النحيف بتملك اتضح في لمساتـه !! 

ورفـع وجهها لينظـر في انعكاس صورته في عيناهـا ليهمس :

_ إنتِ حلوة كدة لية ؟ 

زمـت شفتيها بشكل طفولي ورددت :

_ وانت رخم كدة لية ! 

تصنع الصدمـة وهو يسألها :

_ انا رخم يا شمسي ؟ 

اومأت مؤكدة بعند :

_ ايوة، عشان انا كنت جعانة وأنت مخلتنيش أكل 

ضحك وهو يضمها لصـدره اكثر وقال :

_ فصلتيييني من اللحظة، انا بقولك انتِ حلوة وانتِ تجيبي سيرة الاكل ؟!!! 

وجد ابتسامتها العنيدة فأردف وهو يقترب منها بخبثه الذي باتت تعتاده :

_ ادبًا عليكِ مش هاتقومي من السرير النهاردة !!

شهقت بصدمة لتستطرد بعدها مداعبة :

_ خلاص يا ملوكي متضايقش نفسك 

سألهـا باستمتاع :

_ قولتِ اية ؟ 

فتابعت وهي تعض على شفتاها بطريقة اثارته للحظة :

_ ايوة، أنت ملوكي .. ماي هيسبند وحبيبي 

جهـر قلبه مهللاً من ذاك الاعتراف الذي رطب روحه الثائره فاقربت منه تداعب انفه بأنفه مكملة :

_ اصلي اكتشفت اني بحبك يا ملوكي، ممكن تسيبني بقااا !!!!!!!!!! 


                        ************


غزالة في صحراء الذئاب 


الفصل الخامس والثلاثــون : 


والذهـول كان خير رسمة تسيطـر على ملامحـه الخشنة، ودقاتـه تحوم حول صدى جملته التي تركت اثرًا ناعمًا وواضحًا على روحه المتلهفـة !! 

ولم يدري بنفسه سوى انه يقربها منه بشدة حتى لم يعد بينهم مسافة، فشهقت وهي تضـع يداها على صدره العاري مرددة بخفوت خجل :

_ مالك 

وقـرب وجهه منها اكثر حتى شعـرت بأنفاسه تخترق مسامهـا لتخدر روحهـا وهمس بصوت لا يليق سوى بعاشق ولهان :

_ عيون مالك 

إبتلعـت ريقها بازدراء هي تحاول دفعه مغمغمة :

_ أبعد بقا كفاية كدة 

هـز رأسه نافيًا ويـداه تحـوم بحرية على جسدهـا وتابـع همسه المشتاق :

_ هو في حد بيكتفي من القمر، ويلا قولي إنتِ قولتي إية من شوية ؟ 

ردت هامسة بعد صمت دام لثواني تسترجع كلمتها المعسولة :

_ قولت آآ 

ثم خبطت جبينها برقة وأردفت بخبث :

_ قولت إية ؟ انا مقولتش 

شـدد من قبضتـه على خصرهـا بامتلاك ليتـابع بصوته الخشن :

_ لأ قولتِ، قوليها تاني دلوقتي 

هـزت رأسها نافيـة بدلع :

_ تؤ تؤ، اما تسيبني اقوم هقولها 

وجالت شفتـاه المتلهفة وجهها كله وسط همهماتها الخفيفة لتستقر على شفتاها تأكلها بشوق، ابتعد بعد ثواني وقال بخبث :

_ لا يا حبيبتي، هتقوليها وحالًا 

اقتـربت منه هي هذه المـرة لتهمس بجـوار اذنـه بصوت اذاب الباقي من تمالكه لنفسه :

_ قولت بحـبك، بحبك وبمـوت فيك 

وبلمـح البصر كانت هي أسفله وهو فوقها يشرف عليها بقامتـه العريضة .. 

وهبـط بشفتـاه ينهل منها الشهد، يقبل كل جزء ظاهر منها حتى اخر رقبتها، فابتعد لحاجته للهواء .. 

وانظاره مثبته على لمعة عيناها التي يعشقها وتابــع :

_ وعايزاني اسيبك، ده إنتِ بتحلمي، إنتِ مش هاتقومي من السرير ده لمدة شهر على الأقل 

شهقـت بصدمة مرددة :

_ لا طبعاً أنت مجنون يا مالك 

اومـأ مؤكدًا برومانسيـة :

_ أيوة مجنون يا قلب و روح مالك 

ابعـدت شفتـاه عنهـا في محاولة بطيئة، لتستطرد عاقدة حاجبيها :

_ مالك كفاية بجد انا تعبت من الجوع، هموت من قلة الاكل 

اقتـرب منها اكثر ليرد بنفس النبرة :

_ وانا تعبت من البـعد 

ثم نظر لعيناها متابعًا بخبث :

_ ثم اني عايز اجيب عيل تانـي يا روحي 

أتسعـت حدقتاها بصدمة طفولية لتدفعه قائلة :

_ مش اما يجي الاول حتى نبقى نفكر في تاني، و ابعد بقا 

قهقـه بمرح وقال :

_ احنا لسة هنفكر، مفييش وقت يا شمسي، ويلا عشان هنسافر 

سألته بنبرة واهنة :

_ لية ؟ 

اجابها وهو يغرس رغبته بين رقبتها ويداه تنزع عنها المتبقي من ثيابها وهمس :

_ هبقى اقولك بعدييييين  

ثم انقـض عليها يشـبع جوعه و شوقه الذي بدى انه لا ينتهي !!!!! 


                       ************


ووصـل كلاً من زينـة و " جمال " الذين جلبـوا والدتها على الفور للمستشفى، كانت زينة تقريبًا في حالة هيستيرية لا تردد سوى كلمة 

" مامااا قومـي " 

ووالدها بجوارها يسير معهم ببرود وكأنه امر طبيعي يتكرر دومًا !!! 

وزينة القلق لم يتـرك ذرة واحدة منها إلا واحتلها بمهـارة ... 

دلفت والدتها مع الطبيب الى حجـرة الكشف فوقفت زينة امام والدها تسأله بجدية قويـة :

_ إية اللي حصل يا بابا 

سألها ببـرود ثلجي :

_ اية اللي حصل ازاي محصلش ! 

كـزت على أسنانها بغيظ متابعة :

_ إية اللي يخليك تعمل في ماما كدة يا بابا هه ؟ 

رفـع كتفيه وهو يـرد بلامبالاة :

_ محصلش يا زينة ماتدخليش نفسك أنتِ بس 

هـزت رأسها نافيـة بأصـرار شديد :

_ لا طبعاً لازم اعرف، دي كانت هاتموت في ايدك يا بابا 

صـرخ فيها بنفاذ صبر :

_ يوووه إنتِ هتقرفيني بقا هيبقى أنتِ وامك كمان 

واصرت على سؤالها الحاد :

_ حصل إية يا بابا ؟ 

تأفف وهو ينظـر للجهة المقابلة مجيبًا ببرود :

_ خناقة عادية من خناقات امك المعتادة 

كـزت على اسنانها بغيظ واندرج سؤالها التالي تحت جزءً اخر :

_ واية علاقة مالك وانا بالموضوع ده ؟؟؟ 

إبتـلع ريقه بصعوبـة، وقد بدء التوتر في مهمته الوحيدة وهي الوضوح على ملامحـه فقال :

_ لا كانت بتتكلم بشكل عام مش على مشكلة بذاتها يعني 

هـزت رأسها موافقـة بعدم اقتنـاع :

_ اممممم، ماشي يا بابا اما ماما تخرج هنفهم كل حاجة 

إلتـوى فمه بابتسامة ساخرة :

_ مش لما تخرج الاول، يمكن ماتخرجش وتريحنا بقا

سألتـه بصدمة حقيقية :

_ أنت بتقول إية يا بابا !!!!!؟ 

قطـع حديثهم خروج الطبيب من الغرفة لتركض زينة باتجاهه متلهفة بتوجس :

_ طمني يا دكتور ماما عاملة إية ؟

سألها بجدية مناسبة :

_ أنتٍ بنتها ؟ 

اومـأت مؤكدة فتـابـع بأسف جاد :

_ بصراحة يؤسفني اللي هقولهولكوا 

سألته زينة بتوجس :

_ قولي يا دكتور في إية لو سمحت ؟ 

تنهد وهو يجيب بدبلوماسية :

_ المدام عندها القلب !!!!!!!!! 

وإن كانت لديها رغبة واحدة لمجيئ مالك فالان ازدادت تلك الرغبة لأضعاف !!! 


                       *************


كـانت خلـود متسطحـة بجـوار مراد على الفـراش، وليلى في الغرفة المجاورة لهم، كلاهم ينظر للأعلى بشـرود تام .. 

هو تمـوج بداخله رغبة صغيرة - جدًا - للأقتراب من " ليلى " زوجته الحبيبة التي حُرم منها مسبقًا !!! 

رغبة قتلها برابـط عشقه الحقيقي والمتين لخـلود ...

خلود التي كانت اسمها يعبر عنها، هي خالدة بين جدران قلبـه للأبد !! 

نظـرت هي لـه لتجـده شارد فهمسـت برقة :

_ مراد 

نظر له وهو يجيب بهدوء :

_ إية يا حبيبتي ؟ 

وضعـت يداها على صـدره ونظرت في عينـاه مباشرةً لتستشف ما ارادتـه، ثم سألته :

_ لسة بتحبني ؟ 

نظـر لها بذهـول من ذاك السؤال الذي لم يتـوقع أنحـرافه على لسانها !!! 

فاقترب منها حد الالتـصاق متساءلاً :

_ وإية اللي يثبت لك ؟ 

إتسعت ابتسامتها مرددة بمـرح :

_ حضـن 

وبالطـبع اغتنم فرصة المـزاح ليحتضنها بقوة متشبثًا بها كطفل صغير يخشى البعد، يشدد من احتضانـه لها ليهمس بجوار اذنهـا :

_ أنا مش بحبك 

إتسعـت حدقتاها بصدمة حقيقية فتـابع بهيام :

_ انا بموووت فيكِ 

ابتسـمت بهدوء بينمـا هو انظاره كانت مثبتة على شفتاها التي كانت وكأنها تحمل دعوة صريحة للتقبيل فاستجاب الدعوة وإلتهـم شفتاها في قبلة داميـة، وبعد ثواني ابعدتـه عنها برقة هامسة :

_ مراد عاوزة أتكلم معاك 

همس وهو يقبل كل جزءً منها :

_ بعدين بعدين 

هـزت رأسها نافية بهدوء :

_ لا لازم دلوقتي يا مراد 

إحتقـن وجهه بغيظ وقال :

_ إنتِ ما بيحـلاش ليكِ الكلام غير في الأوقـات دي !! 

ضحكـت برقـة ودلال أذابت المتبقي من تماسكه فألصقها به يشعـرها بسخونـة جسده الذي كاد يشتعل من قربها .. 

فاستطردت هي بجدية هادئة :

_ لا بجد عاوزة اكلمك في حاجة 

تنهـد بحنق وهو يسألها :

_ اممم احكِ خير اللهم اجعله خير 

تنهـدت قبل أن تقول بعـزم حقيقي وقوي :

_ عاوزة أروح لأهلي 

ابتعـد عنها قليلاً مرددًا بنـزق :

_ يوووه تاني يا خلود، هو اللي هنعيده هنزيده ولا إية !!؟ 

هـزت رأسها نافية بأصرار :

_ لا بس مش معنى إني بسكت شوية ابقى نسيتهم، أنا لسة مُصـره إني اروحلهم

تنهـد تنهيدة عميقة وطويلة تحمل في طياتها الكثير والكثير .. 

وأولهم واجب المواجهـه !!!! 

نعم إن منعهـا من تلك المواجهه بقناع قلقـه الان يجب ازالتـه .. 

لابـد من ترميم ما هدمه عدوها الشقيق !!!

ملأ رئتيه بالهواء عله ينعش خلايـاه ومن ثم أردف بصوت جاد :

_ ماشي يا خلود حاضر 

هللت بفرح وهي تصفق بيدها :

_ بجد يعني أنت موافق ؟ 

اومـأ مؤكدًا بشبـح ابتسامة :

_ اه موافق 

احتضنـته بفـرحة حقيقيـة :

_ ربنا يخليك ليـا ياااااارب يا حبيبي 

ابتسـم بهدوء على تلك الطفلة التي يُسعدها أي شيئ بسيط .. 

ليسمعها تغمغم بصوت خافـت :

_ هو ينفـع طلب كمان ؟ 

اومـأ موافقًا بضيق مصطنـع :

_ قولي قولي ما احنا مش هنخلص النهاردة 

ابتسمت بخفوت قائلة :

_ عاوزة أكلم شمس صاحبتي من تليفونك

عقـد ما بين حاجبيه بتعجب قليل :

_ هو أنتِ ليكِ صاحبه ؟ 

اومأت مؤكدة باندفاع قوي :

_ ايوة هو حرام ولا إية يكون ليا صاحبه 

هـز رأسه نافيًا وراح يبرر لها بهدوء :

_ لا ابدًا بس من ساعة ما اتجوزنا عمري ما شوفـتك بتكلميها يعني 

تنهـدت وهي ترد بحزن نادم :

_ ماهو موبايلي مش معايا من ساعة ما انتم خطفتوني، واكيد هي مش عارفة توصلي وزعلانة مني عشان مش بكلمها 

اومـأ بهدوء متساءلاً :

_ إنتِ حافظة رقمها ؟ 

اومأت بتأكيد :

_ اه طبعاً 

عاد يقترب منها مرة اخرى وهو يقول بشقاوة :

_ تمام عشان تبقي تكلميها بعدين بقاا 

شهقـت وهي تحاول دفعه :

_ مراد لا اكلمها الاول 

ولكن لا حياة لمن تنادي كاد يلتهمها بشفتاه المتلهفة المشتاقة لعبيرها الخلاب ... 

وبين طيـات شوقه همسه 

" يارب تستحملي الصدمة يا خلود " !!!!! 


                        ************


كـان يحيى على فراش المستشفـى، لجوار " غريب" الذي جلبـه للمشتشفى بعد أن رآه بهذه الحالة عن طريق - الصدفة في زيارتـه له - .. 

شعـر يحيى أنه على فراش المـوت !!! 

يشعـر الموت تمثل له في هيئة ذاك الألم اللعيـن .. وبعقله خاصةً ليدس تلك الذكريات وافعاله الشنيعة امام عينيه !!

وغريب .. غريب الذي أذاه هو .. الان هو من ساعـده !!!! 

وللقدر حكمة لا تختفي ... 

نظر لغريب وهو يقول بصوت واهن :

_ أية اللي حصل يا غريب ؟ 

اجابه الاخر بهدوء :

_ ولا حاجة يا يحيى 

وسألـه مرة اخرى بصوته المُرهـق :

_ أنت اللي جبتني هنا ؟ 

اومأ غريب مؤكدًا :

_ أيـوة انا 

واستمر في سؤاله المتوجـس :

_ الدكتور قالك إية ؟ 

رفـع كتفيه وهو يرد بجدية :

_ لسة ماقالش يا يحيى، إن شاء الله خير 

اما هو فلا يعتقد - الخير - مكافأة على ما فعله طيلة حياته !!!! 

ودلف الطبيب بعد أن طرق الباب بهدوء، ليسأل يحيى بابتسامة هادئة وجادة :

_ اية الاخبار حاسس بأية دلوقتي ؟ 

هـز رأسه وهو يجـيب بوهـن :

_ احسن شوية بس حاسس الألم لسة ماراحـش 

تبـرم وجه الطبيب وهو يهتف :

_ ماهو للأسف مش هيروح بسهولة 

سأله يحيى بهلـع :

_ يعني إية يا دكتور ؟ 

اجابه بجدية أسفـة :

_ يعني للأسف عرفنا إن عندك ورم في المـخ، لازم تعمل عمليـة 

إبتلـع ريقه بمرارة وكأنه كان متوقـع ذاك الرد القاسي من الله ثم القدر على ما بدر منه !!!!

ليسأله هامسًا :

_ وإن ماعملتهاش ؟

رفـع كتفيـه مرددًا بشفقـة على ذاك الشاب الذي بدى من مظهره مسكين :

_ كنت أتمنـى لكن في خطر على حياتك مع استمرار وجود الورم 

سأله بتنهيدة حارة خرجت من اعماقه المتألمة :

_ ونسبة نجاحها كام يا دكتور ؟ 

اجابه بهدوء :

_ للأسف الشديد نجاحها مش مضـمون يعني 40٪ بس !!!!!!!!! 


                          ***********


جلسـت شمـس على الأريكـة امام التلفـاز تأكل بجـوع بادي في طريقتهـا المتلهفـة، وكأنها لم تصدق ان خرجـت من أسر ذراعيـه !! 

تقـدم مالك منها ليضحك على هيئتها تلك، سمعتـه فاستـدارت لتلاقي صدره العاري وعضلات صدره البارزة .. 

فشهقت بخفوت وهي تهمس ببعضًا من الخجل :

_ اية ده يا مالك، روح إلبس التيشرت 

هـز رأسه نافيًا وهو يجلس بجوارها .. بل ملتصق بها وكأنها مغناطيس تأثيره لا ينتهي !!!! 

وقال بخبث دفين :

_ لأ انا مرتاح كدة .. مرتاح جدًا كمان 

إبتلعـت ريقها وقد تكفلت نظـراته بإيصـال رغبتـه التي لا تنتهي منها .. بإتصالهم الحالم .. 

فابتلعت هي ريقهـا وهي تأكل الطعام بسرعة محدودة !! 

قهقـه بمرح مرددًا متعمد اغاظتها :

_ كفاية يا شمس بطلي طفاسـة بقا هاتخربي بيتي 

شهقـت وهي تضـع يدها على فاهها، لترد بعدها بحنق :

_ ما أنت السبب أنت وأبنك 

رفـع حاجبه الأيسر يسألها بابتسامة لعـوب :

_ انا وابني .. لية عملنالك اية يا مفتريـة ؟؟؟ 

تنهـدت بغيظ مكملة :

_ أنت منعتني اكل لحد ما جوعت كدة، وهو السبب اصلًا في جوعي ده 

غمـز لها بطـرف عينيه قائلاً بمكـر :

_ طب بمناسبة الجـوع، أنا لسة ... 

قاطعت اقترابـه البطيئ منها بشهقة وهي تبتعد للخلف مردفة بخجل :

_ بس اسكت خالص انت ما بتزهقش ولا بتكتفي 

اقترب اكثر يهمس امام شفتاها التي كانت تعض عليها :

_ تؤ تؤ، قولتلك مابكتفيش منك .. ابدًا 

عضـت على شفتاها السفلية اكثر وهي تعمض عيناها، ومنع اقترابه هذه المرة صوت هاتفـه الذي صـدح معلنًا عن وصول إتصال قد يكون مزعج .. 

فانهض متأففًا يجيب ببرود :

_ الووو 

وسرعـان ما تجهم وجهه وشرد .. لينطق بكلمة واحدة وجادة :

_ انا جاي 

ثم اغلق وهو يتناول التيشرت الخاص به ليرتديـه، فسألته شمس متوجسة :

_ خير يا مالك في إية ؟ 

اتجـه للخارج وهو يقول بجدية زائدة :

_ مش وقته 

ثم خـرج دون كلمة اخرى تاركًا اياها تتخبط في حيرتها من تغيره المفاجئ !!!!!!!! 


                        ***********


يتبــع


غزالة في صحراء الذئاب 


الفصل السادس والثلاثـون : 


كانت " ليلى " في الغرفـة التي خُصصت لها، تتسطـح على الفـراش وتضم صـورة " حمدي " تتعمـق الصورة بعيناهـا وكأنها تناجيها .. تسألها بصدمة " من أنا ؟!!! " 

سطـور عيناها متزاحمة بين الحزن والاشتيـاق .. والضيـاع !!! 

من هي .. أين الحقيقة .. كيف حدث ذلك ؟! 

ولكن بالطـبع ما من مجيب !! 

فجـر بوجهها قنبلته ليتركها تتلاقهـا لتحطمها اشلاءً دون تفسير واضح !؟

تلمسـت صورته لتهمس قائلة بشرود ضائـع :

_ أنا تعبت بجد تعبت، مابقتش عارفة مين الصادق ومين الكذاب !

وتلقلقـت الدمـوع في عيناهـا وهي تتـابع همسها المتألم :

_ أنت وحشتني اوي يا حمدي، كنت صديق وأخ وسند .. وحبيب !! 

وتوقفت عن مس الصورة ثم نظرت لها وكأنها تحدث شخصًا امامهـا فقالت هامسة بحرارة :

_ أنا بحبك أوووي يا حمدي، بحبك اوي اوي

وطُـرق الباب فنهضـت تمسح عبراتها المتسللة لوجنتاها .. ثم هندمت ملابسها وخصلاتها الثائـرة لتتجه نحو الباب تفتحه بترقب، فوجدت مراد ... 

تعجبت قليلاً وهي تسألـه بخفوت :

_ خير يا حضرت الظابط في حاجة ولا إية ؟ 

هـز رأسه نافيًا وهو ينظر لعيناها تمامًا متساءلاً :

_ مالك، كنتِ بتعيطي ولا إية ؟ 

هـزت رأسها نافيـة بسرعة :

_ لا مـ ماكنتش بعيط ولا حاجة 

ثم سألته هادئـة :

_ لية حضرتك قولت كدة ؟ 

أشـار لها أن تخـرج مرددًا بجدية :

_ عنيكِ بتقول كدة، وتعالي عاوزك بره 

ونظـرتها كانت عبارة عن تساؤل مبهم 

" يفسرني ويفكك ألغازي في لمح البصر " !!؟ 

تبعتـه وكأنها مُبرمجـة .. لتراه يجلس وهو يشيـر لها بالجلـوس فجلست على بعد مسافة .. فتنحنح وهو يسألها بجدية :

_ مالك ؟ 

رفعـت كتفيها تجيب بنفس الجدية :

_ مليش 

كـز على أسنانـه وهو يسألها :

_ مالك ؟؟؟ 

تنهـدت وعزمـت على الافصاح عما يجيش بصدرها من نيران مشتعلة ترغب فيمن يطفأها !! 

فردت بخفـوت حزين لاحظه :

_ حاسه إني تايهه جدًا، مش عارفة أصدق مين وأكذب مين !

تنهـد بقوة وهو يقـول :

_ تصدقيني انا لان انا اللي بقول الحقيقة 

ابتسمت بسخرية وأردفت :

_ ما هما قالوا كدة بردو، أنا عاوزة دليل ملموس يا حضرت الظابط 

سألها هادئًا :

_ وإن مفيش ؟ 

رفـعت كتفيها تجيب بلامبالاة مصطنعة :

_ يبقى طبيعي مش هاصدقـك 

ابتسـم بغموض وهو يهمس :

_ الدليل معايا 

سألته عاقدة حاجبيها :

_ إية هو ؟ 

نهـض متجهًا للداخل وهو يستطرد بخشونـة :

_ شهادة وفاتـك اللي طلعناها !! 

وبعد دقيقة كان يجلس لجوارها يمسك بتلك الورقـة بهدوء وبعد أن رأتها سألته بصدمة :

_ أزاي اقنعوك إني مُت ؟ 

نظـر امامه بشرود يتذكـر تلك الأيـام التي كان يُعانـي فيها حرفيًا .. يرى ألوانًا مختلفة للألم والحزن والأشتياق المميت !!!! 

ليهتف بعدها :

_ ورونـي جثـتك .. كنتِ مابتتنفسيش، او يمكن أنا من لخمتي فكرت كدة، بعدها لقيت ناس اصدقاء وصلوني المستشفى وأنتِ معايا، بس قالوا إنك ميتة، أنا ماقدرتش أشوفك، ماقدرتش أشوف الجثه اللي مفروض إنها إنتِ، فابالتالي روحنا دفنا الجثـه اللي كانت شبهك او يمكن ده كان ماسـك .. معرفش، اللي اعرفه إني كنا متدمر، ووالدتك ماتت من الصدمة والقهر

 

عند تلك النقطة شهقت بصدمة وهي تضع يدها على فاهها !! 

منبـع الحنان التي افتقـده كل هذه المدة الان ستفتقده للأبد !!!! 

لم تتذكـرها .. ولكنها شعرت بالحزن والكسرة للمرة التي لا تذكر عددها ! 

وسألها هو هذه المرة :

_ عايزك تحكيلي كل حاجة بالتفصيل، حتى لو وصلت لـ كلتِ إية وشربتي إية ؟ 

اومـأت بحبور مرددة :

_ بس اول عايزة أسألك هو .. هو ازاي يعني معرفتش تمسك على الناس دي حاجة وأنت ظابط يعني 

ونظراتـه كانت توحي بمدى الضيق الذي اعتراه وهو يجيبها بقلة حيلة :

_ أنا ظابط مع وقف التنفيذ يا ليلى !!!!!!!!!!!!


                       ***********


جلست " زينـة " بجـوار والدتها التي كان وجهها شاحـب، علامـات عنف والدها تبدو واضحة على وجهها، وجهها كان وكأنه - خريطة - لرسم مدى معاناتهـا التي بدت أبدية !!!!! 

أمسكـت زينة يدهـا وهي تسألها بابتسامة صفراء :

_ حاسه بأية دلوقتي يا ماما ؟ 

اجابتها بوهـن :

_ الحمدلله على كل حاجة يا حبيبتي 

زفـرت زينة قبل أن تسألها بجدية :

_ أية اللي حصل يا ماما ؟ 

تهربـت من حصار عيناها وهي تقول بتوتر :

_ مـ محصلش يا زينـة دي آآ دي مشكلة صغيرة بس 

كـزت على أسنانهـا بغيظ وهي تُصر متساءلة :

_ مشكلة صغيرة تخليه يعمل فيكِ كدة يا أمي ؟ حصل إية ؟ 

هـزت الاخرى رأسها نافية :

_ قولت مافيش يا زينة هو بالغصب ولا إية !؟ دي مشكلة عادية 

نهضـت زينة وهي تقـول بجدية قوية :

_ خلاص يبقى انا هقول لمالك هو يشوف في إية 

ثك رفعت كتفيها متابعـة :

_ واهوو بالمرة يعرف الموضوع اللي يخصـه 

هـزت والدتها رأسها نافية بسرعة :

_ أوعي يا زينة، اوعي تكوني قولتيله إني دخلت المستشفى أصلاً !!

هـزت زينة راسها نافية بهدوء قاطـع :

_ لا لإنه اساسًا جاي مش عاوزة أقلقـه بزيادة 

تنهـدت بارتيـاح هامسة وهي تضـع يدها لجوار قلبها :

_ كويس 

سألتها بأصرار قوي :

_ إحكي يا امي هاتفضلي مخبية لحد امتى يعني ؟ 

نظـرت امامـها بشـرود لتقول :

_ أبوكِ كان بيكلم حد بيقوله ابدئ التنفيذ أنا مش هاستنى عليه اكتر من كدة حتى لو بالاجبار، مش معني انه ابني هايضيع لي مصالحي ! 

فغـرت زينة فاهها بدهشـة لتسألها :

_ طب وهاتعملي إية يا ماما، إنتِ قلقتيني على مالك !! 

رفـعت كتفيها قائلة بحدة :

_ أكيد مش هاسكت يعني 

سألتهـا زينـة بتوجس :

_ هاتعملي إية يا ماما يعني مش فاهمة ؟!!

واجابتها كانت دون تردد :

_ هامنعه بأي طريقة 

وصمتت برهه تسترجع كل أفعالـه الشنيعة التي كانت كالسراب لا تنتهي .. 

ثم تابعـت بغـل :

_ حتى لو اضطريت اقتله بس ميأذيش ابني !!!!!!!!!!!!


                      ************


كانـت شمس تجـوب المنـزل بتوتـر رهيب .. تتساءل بينها وبين نفسها في كل ثانيـة 

" أين ذهب بهذه السرعة ؟! " 

ما الذي يمنعـه من البـوح .. ما الذي دفعه للإسـراع ؟! 

اسئلة .. اسئلة .. وما من مجيـب يريح بالها المحتار !! 

وقفـت امام الشرفـة علهـا تستطيـع رؤيته وهو قادم فتتنهد بأرتياح .. 

ولكن للأسف لم تـراه، شعرت بالألم يبدء يحيط بطنها من كثرة التوتر الزائد !! 

جالت عيناها في ارجاء المنزل وهي تشعر بحركة ما 

حاوطت بطنها بحركة دائرية وكأنها تحميـه من العدو المجهول !!! 

وقالت هامسة بخـوف بدء في الانتشار :

_ مين !!! 

ولكن بالطبـع ما من مجـيب .. 

ازدادت الحركة امام باب المنـزل وطرقة واحدة على البـاب ثم اختفاء الحركة !!!!

 اقتـربت من البـاب ترى من - العين السحرية - لتجد ظرف أبيض فقط امام الباب .. 

خشيت الظهور الان فانتظرت حوالي ما يقرب نصف ساعة لتفتح الباب بعدها ملتقطة الظرف بسرعة ثم اغلقت الباب مرة اخرة في اقل من الثواني ! 

وبدءت تفتـح الظـرف رويدًا رويدًا وبداخلها تدعو أن يكون خيرًا 

ولكن من أين يأتي الخير وهي وسط ذئابًا لا تعرف معنى للخير !!!!! 

وفتحتـه لتتـسع حدقتا عينيها وهي تقرأ الكلام المـدون 

" هديـة حصري وجديدة ليكِ إنتِ بس، ياريت تعجبك " !!!! 

بجوار شيئً لم يروق لها ابدًا !! 

و - أسفًا - يدفعها للتصديق !!!!!!!!!!! 


                        ************


سمعت " كريمـة " طرقـات على الباب فانهضت متلهفة على امل ان تجدها ابنتها الغائبة " شمس " 

ابنتها التي اشتاقتهـا حد الموت !!! 

ولكن خاب املها وهي تـرى رجلاً تقريبًا في الأربعون من عمـره .. ملامحه هادئة لا تنم عن شرًا إطلاقًا ... 

فسألته بهدوء مترقبـة :

_ خير يا أستاذ عايز مين ؟ 

اجابها بسؤال مماثل :

_ إنتِ الحاجة زوجة المرحوم صابر والد شمس تقريبًا ؟ 

اومـأت بتوجس متساءلة :

_ خير أن شاء الله ؟ 

نظـر للخـارج وهو يسألها بجدية لائقة :

_ طب ينفـع نتكلم جوة لو سمحتي ؟ 

ترددت قليلاً قبل أن تترك الباب مفتوحًا وهي تشير له مرددة :

_ طب اتفضل يا استاذ قول اللي عندك 

تنهـد وهو يبدء حديثه بقوله بصوته الأجش :

_ أنا معايا حاجة كانت تخص الأستاذ صابر، واعتقد دلوقتي إنها تخصكم انتم 

زفـرت بقوة وهي تسأله :

_ إية دي ؟ ياريت تتكلم على طول يا استاذ وتقولي انت مين 

اخـرج من جيبـه النوتـة الصغيرة التي كانت تخص " صابر " ليجيبها :

_ انا اسمي حسنين، كنت مع المرحوم في نفس السجن

سألته كريمة وهي تشير - للنوته - مستفسرة :

_ وإية دي يعني !؟ 

اجابها بتمهل :

_ دي نوته كانت بتاعت الاستاذ صابر، كاتب فيها حاجات كتير واعتقد انها مهمة جدًا، وانا مش ادها فجبتها لكم 

نفذ صبرها وهي تصيح فيه بقوة :

_ ماتقول يا استاذ الموضوع كله هو انت هتنقطني كلمة كلمة ولا إية ؟ 

هـز رأسه نافيًا وهو يعطيها النوته هامسًا :

_ أنا كانت مهمتي في السجن إني اشيل الزبالة وارميها واصنفها، لقيت النوته وماكنتش متبهدلة، فضولي اخدني افتحها لقيت اسم الاستاذ صابر وكاتب حكايتي وبراءتي، بدءت اقرأ واتصدمت من الكلام اللي بيحكيه بالتفصيل، فخليتها معايا وانا مش فاهم حاجة، لحد ما خرجت من السجن وبصعوبة لعرفت اجيب عنوانه وجيت على هنا علطول اسلمهالكم 


والقـلق كان ينهـش فيها .. قلق من سرًا قد يفتح جروحًا قديمة ويسبب جديدة داخلهم ؟!!! 

اضطـرب تنفسها وهي تأخذها منه بتردد لينهض هو مغادرًا بعد أن اسقطها في حفرة عميقة من الظلمات طالبًا منها ان تُنيرها هي !!!!!!!! 


                       *************


وكانت ملامـح شمس مبهمة، تنظـر امامها بشـرود تام وهي ممسكة بذاك الظرف الذي بدل حالها تمامًا !! 

وبدلاً من تزاحم التساؤلات الذي كان يعصف بكيانها .. 

اصبح تزاحم من الشكـوك تأكلها كالصدئ في الحديد !!!!!! 

تنتظـر رجـوع ذاك الذي يدعى مالك بفـارغ الصبـر ...

واخيرًا رأتـه يدلف من الباب ببرود تـام بعكس العاصفة الثائرة بداخلها !! 

وسألها ببرود يتناسب مع حاله :

_ مالك يا شمس قاعدة كدة لية ؟؟ 

نهضـت مقتربـة منه، تتفحصـه علها تكذب ما رأته، لتصدم بتواجد احمر شفاه على رقبتـه .. 

شهقـت وهي تقترب منه اكثر متساءلة باختناق :

_ إية ده يا مالك ؟ 

نظـر لمَ تنظر ليبتلـع ريقـه مجيبًا ببعضًا من التوتر :

_ ده .. آآ ده بس 

وقاطعتـه هي بحدة صارخة :

_ وإية ريحة البرفان الحريمي اللي في هدومك دي ؟؟؟؟

اغلق عيناه بضيق حقيقي ليمسـك يدها ضاغطًا عليها بقوة وهو يقول بخشونة :

_ صوتك ما يعلاش عليا، سامعة ولا لا 

ترقرت العبرات الساخنة بين عيناها لتدفـعه صارخة بصوت أعلى :

_ لاااا مش سامعة ورجعني القاهرة مع ورقتي وحالاً !!!!!!!! 


                        **************


غزالة في صحراء الذئاب 


الفصل السـابــع والثلاثـون ( الجزء الأول ) : 


" وإن كان القـدر ضدك، يدعوا من امامك للشـك، ويعاديـك، فتحاول إغتنام الفرص .. واتخاذه صديقًا ولو في الحـزن !!! " 

اقتـرب " مالك " من شمس يمسك وجههـا بين يديـه الخشنة، ليهمس بعدها بما يشبه الرجـاء :

_ ممكن تهدي يا حبيبي 

نظـرت له بغيـظ متفجر من بين لؤلؤتيها، لتصيح فيه بعدها مبتعدة :

_ يا برودك يا أخي، تعمل العملة وتقولي إهدي !!؟ 

تنهـد بقـوة قبل أن يقترب منها مرة اخرى ليمسكها ويجلسها بجواره مرددًا بحزم :

_ أهدي يا شمس عشان تعرفي تسمعيني وتفهميني

_ لاااا مش ههدى، وبطل برودك ده 

صرختها فيه بحدى مفرطـة إنفلتت منها .. 

ليحاول تمالك نفسه وهو يقول بحدة موازيـة حدتها :

_ لو مش بالزوق بالعافية هاتسمعي واسكتِ بقااا 

اومـأت وهي تحاول ربط لسانها الذي سيوديها للجحيم حتمًا لتقول بهدوء ظاهري :

_ امممم أتفضل أتفضل 

سألها بجديـة :

_ مش أنا قولتلك على سمر وقولتلك على اللي هعمله ؟ 

اومأت مؤكدة :

_ ايوة قولتلي بس أية علاقة سمر ؟ 

صمتت برهه تسترجع ما حدث لتصيح فيه بجزع :

_ يعني أنت كنت معاها !!؟ 

اومـأ موافقًا بجدية :

_ أيوة بس مش عشان السبب اللي في دماغك 

كـزت على أسنانها بغيظ قبل أن تسأله :

_ امال روحت لها لية ؟!

تنهد وقال :

_ عشان أوقعها يا شمس 

رفـعت حاجبها الأيسـر متابعـة بتهكم صريح :

_ لا والله، وكانت بتجرب لون الروچ على قميصك ولا إية؟ انا مش هبلة يا مالك 

بادلها الصراخ بنفاذ صبر :

_ لأ هبلة يا شمس، وأسرع حاجة عندك الطلاق طلاق طلاق هو لبانة في بُقـك ؟ 

هـزت رأسها نافية بجدية :

_ لأ بس البرفان والروج اللي عند رقبتك ده معناه أية ؟!! 

أخـرج هاتفـه من جيبـه بهدوء، ليفتحـه فتسمـع هي اعترافات سمر بأماكـن الأوراق التي تُمحي جمال من الدنيا !!!

فشهقـت بصدمة من خيانة هيئها لها شيطانها النفسي والبشري !!!! 

إبتلعت ريقها قبل أن تسألـه بهدوء متوجس من رد فعله المؤكد والعنيف :

_ طب إزاي ؟ 

اجابها متنهدًا بقوة وهو يتذكـر :

_ سمر هي اللي إتصلت بيا، كانت سكرانة، فضلت تخطرف بكلام كدة وقالتلي على مكانها ودي كانت فرصتي عشان أعرف منها كل حاجة وهي سكرانـة 

سألته بغيظ غيور :

_ وأزاي باستك وحضنتك بقا يا أستاذ 

نظـر لها ببعض الحدة و أردف :

_ كانت سكرانة يا شمس، وانا ساورتها عشان أأررهـا وخلاص 

تنهـدت شمش لتهمس بعدهـا :

_ أنا اسفة بس آآ 

قاطعهـا وهو ينهـض مرددًا بخشونـة :

_ خلصت يا شمس، مش من أقل مشكلة تطلبي الطلاق، ده دليل على إنك مش واثقة في حبي ليكِ ومستنيالي غلطة 

ثم أشار لها بأصبعـه مكملاً :

_ وأنا اللي يستنى فرصة عشان يبعد عني بديهالـه 

هـزت رأسها نافية بهدوء :

_ لا يا مالك أنا قولت كدة عشان آآ 

قاطعها بصرامة وهو متجهًا نحو غرفته :

_ خلصنـا يا شمس، انا مصدع وعايز انـام بقااا 

قالت بلين :

_ مالك لو سمحت 

وكالعادة قاطعها وهو يأمرها بصوته الأجش :

_ هخش انام تكوني جهزتي الشنط عشان نسافر

ثم غـادر تاركًا اياها بين طيات ندمهـا الكبير !!!!!!!! 


                        ************


نظـرت ليلى لـمراد بذهـول حقيقي، ولا تستوعـب جملتـه فسألته ببلاهـه فاغرةً فاهها :

_ إزاي يعني يا مراد ؟ 

تنهـد تنهيدة طويلة وحارة تحمل بين طياتها الكثير والكثير ليرد بعدها :

_ إتفصلت من الشغل بسبب قضية ذور يا ليلى

اومـأت وهي تنظـر له هامسة :

_ معلش الظلم كتر، ومش من حقي أتدخل في تفاصيلك 

هـز رأسه نافيًا بأصرار :

_ لأ لو من حيث الحق فأنتِ مراتي وحقك

خجلت قليلاً من إصراره، وهو نسبة لها مجرد " غريب " فقط !!! 

فتابـعت قائلة بحنيـن :

_ إحكيلي عن أهلي شوية يا مراد 

تنهـدت قبل أن يبدء السرد بابتسامـة هادئـة :

_ أهلك دول تقريبًا كانوا أطيب ناس عرفتهم بحياتي، والدك كان متوفي من بدري ومامتك توفت بعد ما اعتقدنا أنك موتي، الصدمة كانت كبيرة أوي عليها ماستحملتش فقدانك فللأسف ماتت 


اومأت بحزن حقيقي :

_ ربنا يرحمها 

ردد خلفهـا بفتور :

_ اللهم اميييين يارب العالمين 

ليسمعهـا تقول بعدهت بنبرة منكسـرة متألمة بحق :

_ عارف، أنا اللي قاهرني فعلًا إني حاسه إني تايهه، مهمومة ومش عارفة مين صاحبي ومين عدوي، بحب واحد يعتبر ضمن اللي كانوا السبب في كل اللي أنا فيه، ومش بكن مشاعر للي مفروض جوزي واللي هو اتجوز غيري


إبتلعت ريقها وهي تنتبـه لتوهـا بذاك التصريح الذي خرج منها، ليسألها مراد بهدوء تام :

_ بتحبي مين يا ليلى ؟ 

ظلـت تنظـر امامها وهي تفـرك يدها بتوتر لاحظه لتهمس :

_ أنا آآ مـا آآ .. 

وقاطعهـا بصوت هادئ وجاد :

_ قولي متخافيش، لإن أنا كمان حبيت 

تشجعت قليلًا لتقول :

_ حمدي، اللي بعتني ليك 

اومأ بهدوء :

_ إحنا الاتنين متخلقناش لبعض، راحتك مش معايا ولا راحتي معاكِ 

وشعـرت هي الدنيـا تضيق بوجههـا اكثر، زوجها اعترف لها وهي اعترفت له، لم يعد لها سوى حمدي ' الكاذب ' !!!!! 

وبدءت دموعها تلقائيًا تنزليق من بين عينيها البنيـة ... 

بينما في الداخـل كانت خلود تستيقظ لتوهـا، وشعور بالقلق توغل لخلاياها من عدم تواجد مراد بجوارهـا 

فانهضـت بهدوء متجهه للخارج ولا تدري لمَ تشعر بجمـرة تبدء بالاشتعال داخلها !!

وخرجت وهي ترتدي الروب الخاص بها لترى ما جعل روحها تشتعل بالفعل !!!!!!!!


                       ************


جلست زينـة في غرفتهـا، شاردة بتلك الهموم والمشاكل التي اصبحت لا تفارق نسمات الهواء التي يتنفسونها !! 

عقلها يأمرهـا بعدم اخبار مالك وقلبها يأمرها بالأسـراع في اخبـاره !

وبالطـبع العقل يكسب معظم الاوقات، فألتقطت هاتفها مسرعة لتتصـل بـ " زياد " 

ذاك المنتقم الذي لا يرغب في الأبتعاد عنها !!!! 

ليأتيها صوتـه بعد قليل قائلاً بلهفة :

_ الوو زينة 

_ ايوة يا زياد فاضي 

_ ولو مش فاضي افضالك يا روحي 

_ اممممم 

_ وحشتيني على فكرة 

_ ميرسي بس أحنا ملحقناش نبعد عن بعض 

_ إنتِ بتوحشيني دايمًا 

_ ماتشوفش وحش 

_ إنتِ كويسة ! فيكِ حاجة 

_ لا انا متصلة عشان أحاول معاك أخر محاولة 

_ مش فاهم 

_ يعني زي ما اتجوزنا من غير علم حد نتطلق من غير علم حد بردو 

_ زينة أنا متمسك بيكِ وجدًا كمان 

_ لكن انا لأ، ومش مستعدة أكمل الباقي من حياتي معاك 

_ ده اخر كلام عندك يا زينة ؟ 

_ أكيييييد 

_ طيب يا زينة ماشي 

_ ماشي إية ؟ 

_ هنطلق من سُكات زي مانتِ عاوزة !!!!!! 

وتهللت أساريرها بقرب تحريرها من ذاك الأسر المكـروه لها .. 

وما إن همت بالرد حتى سمعت صوتًا عاليًا يأتي من الأسفل فركضت مسرعة نحو الأسفل وهي تدعو الله ألا يكون ما يطرق بالها صحيح و................... !! 


                     ************


يتبـع


غزالة في صحراء الذئاب 


الفصل السابـع والثلاثـون ( الجزء الثاني ) :


وكالعـادة وجـدت الشجـار الناشب بين والدتهـا ووالدهـا، شجـار أصبـح شيئ طبيعي متداول بينهم يوميًا !! 

ووقـفت حائـل بينهم كما تفعـل دومًا، ولكن نسبةً لوالدهـا .. هي مجرد حائل شفاف سيحطمه إن استدعى الأمر !

نظـرت لوالدتها بأعين مضطربة، وسألتها :

_ ماما، بس لو سمحتِ، أية اللي حصل ؟ 

وهي كانت نظراتـها الكارهه مصوبـة نحو ذلك الشيطان الذي إتخذ شكل بشـري، لتصيـح بانفعال زاهـق :

_ أنا اللي بس، قولي لأبوكِ، ولا أبوكِ إية ده حرام أظلـمك وأقول أبوكِ ! 

تنهـدت بقوة وهي تعـي تمامًا ما تقولـه والدتهـا، بل وتشهد بكامل قواهـا العقلية أن والدهـا لا يُمثل لها سوى أسمًا مرتبط بها يلوث حياتهـا البريئة بذكـره !! 

ولكن على عكس تلك الحقيقة قالت :

_ ماما أهدي لو سمحتِ مينفعش كدة على فكـرة 

وهنـا نطـق والدهـا بصوتـه العالي الذي اعتادت عليه مؤخرًا :

_ لا أمك خلاص أتعودت، بقت نكدية زيادة عن اللزوم، مبتعملش حاجة في حياتها غير تقرفني وبس !!

وبغيظ حقيقي من كاذب يجهر بكذبه ردت :

_ اه بقرفك عشان مش عايزاك تأذي ولادي صح !؟ 

هـز رأسـه نافيًا، ومن ثم تابــع ببجاحة أغاظت " زيـنة " شخصيًا :

_ لأ طبعًا، ومين قالك إني عايز أأذي ولادي، إنتِ مجنونة ولا أية ؟ 

تقـوس فمها بابتسامـة ساخـرة وحانقـة في آن واحد، لتمسك أذنها مشيـرة له وهي تردف :

_ دي تاني مرة أسمعـك بوداني اللي هياكلها الدود دي !! 

وطـارت شـرارات حارقـة لو لها فعل ملمـوس لسقطـت هي محترقة أثر نظراته !!! 

ثم زمجـر فيها غاضبًا :

_ ده أنا هقطع لك ودنك دي يا كدابة، إنتِ عشان فوت لك كذبتك المرة اللي فاتت هتعديها ولا إية 

نال هزة من رأسها نفيًا تتبعها صراخها المنفعـل :

_ لأ انا مش كذابة، أنا سمعتك وشوفتك 

خبط كف بالأخرى وهو يردد متهكمًا :

_ لأ ده إنتِ بقيتي حالتك صعبة اوي، أنا كنت نايم أصلًا يا حلوة، شكلك خرفتي كمان 

أتسـعت حدقتـاها بصدمـة، أيكذبها علنًا دون خجل ؟! 

يزيـل اخر خيطًا لأحترامه لديها بيـد كذبه !! هـزت رأسها نافية بقوة وهتفت :

_ أنا هثبت حالاً إنك كداب 

ثم نادت على احدى الخدم بصوتًا عالي :

_ سمييييية تعالي بسرعة 

بينما زينـة كانت تشاهـدهم بصدمة لما آل إليه حالهـم .. 

لتلك النزاعـات التي اصبحت تغلف حياتهم البائسـة .. لأم وأب ترى الكره يتمرغ بينهم أكثر فأكثر حتى باتت ترى المسافـة بينهم  أكبر من قدرتهم على المحاولة، وقدرتها هي على الصبر !!!! 

وبالفعل في الثانيـة التالية كانت تلك التي تدعى " سميـة " تقف بينهـم 

تقف بين نيران .. الحق ونيران ذئبًا لا يعرف معنى للرحمة !! 

فنظـرت لها متساءلة بتهذيب :

_ نعم يا هانم حضرتك نادتيني صح ؟ 

اومأت مؤكـدة، وسألتها بحماس لحقيقة من المفتـرض لها الظهور :

_ ايوة، قوليلهم إن جمال كان صاحي وبيتكلم في التليفون ومش نايم زي ما بيقول دلوقتي 

وحروف الحق تاهـت من حافـة لسانها، والسبب معروف .. تهديد يضخ من نظرات ذاك الشيطـان، لتحل محلها حروف كاذبة مرتعدة وهي تجيب بتلعثم :

_ لأ، جمال بيـه كان آآ كـ كان نايم اه كان نايم يا هانم

إتسعت حدقتـا عيناها بصدمة حقيقية ! 

أتخشى بشر أكثر من الله ؟! 

ولمَ لا تتوقـع ذلك .. " نغضب الله لأنه يسامح، أما البشر نخشاه لأنه لا يسامح !! "

واقتربت منها تمسك تلابيب ملابسها صارخة بهيستريا :

_ كذاااابة أنا شوفته وسمعته بيتكلم، ماتكذبيش أتقي الله !

هـزت الأخرى رأسها نافية بخوف :

_ وأنا هاكذب عليكِ لية طب يا مدام !؟

تقدمـت زينـة تنهي ذاك الحوار الذي اصبحت نتائجه تتقدمـه .. 

لتشير لــ " سمية " قائلة بصوت آمر :

_ أمشي إنتِ خلاص يا سمية روحي شوفي شغلك 

اومأت سمية لتنصرف مسرعًا، بينما تقوس فم جمال بابتسامة شيطانية خبيثة من خطة لم يخطط لها ونجحـت !!! 

من جبروت سبقه فجعل البشر يهابونـه اكثر من اي شيئ !! 

بينما استمرت هي في صراخها الجازع :

_ لااا يا زينة انا مش مجنونة، مش بأكذب دول متفقين والله هو اللي كذاب لااااااا 

تنحنح وهو يقول بجدية مزيفـة تتوارى خلفها الألاف من الرغبـات الشيطانية :

_ لا لا دي لازم تتعالج يا زينة، أنا هاروح أطلب لها الناس من المصحة يجوا ياخدوهـا تتعالج، ولإني بحبها .. جدًا هابقى حذر إنها تتعالج كويس 

ولم يعطيهم فرصة للصدمة أو الدهشـة من إستمرار مسارات شيطانية فانصرف وهو يخرج هاتفـه من جيبه ليتصل بـ " مستشفى للأمراض العقلية " !!!!!!!!!!! 


                         ***********


وشهقـت " خلود " وهي ترى ذاك المشهد الحميمي الذي مثله لها شيطـانها !! 

مراد يحتضـن ليلى التي كانت تبكي بمرارة ؟!! 

وشيئ ما يحترق وهو يتساءل بين أعماقهـا 

" ترى هل أشتاقهـا فلم يصدق انها بين ذراعيه ؟! " 

" ترى هل يرغبها الان كما رغبها هي مسبقًا تحت قنـاع الحب ؟! " 

" ترى هل يواسيها على بُعدهم - الإجباري - ويعتذر لها الان ؟! " 

اسئلة واسئلة يزرعها ذاك الشيطـان بين حقول شكها وغيرتها الحتمية .. 

لتصيح فيهم وهي ترى مراد يبعد ليلى عنه بهدوء تام :

_ اية ده !!!!! 

سـؤال كانت اجابتـه واقعًا ملموس امام عيناها التي أصبحت حمراء ! 

لينهض مراد مقتربًا منها بهدوء زاد من إشتعالها فعليًا :

_ ليلى كانت مخنوقـة وبتعيط بس وآآ 

لم تعطيـه الفرصـة ليكمـل فقالت متهكمـة بجوار حدة صارمة :

_ لا والله، هي كانت مخنوقة فأنت ياعيني كنت بتطبطب عليها يا حنين 

كـز على أسنانه بغيظ وتناسى دور المخطئ وهو ينهرهـا بقوة :

_ خلود بلاش النبرة دي في الكلام وأعرفي لكلامك هه 

رمقتـه هو وتلك التي كانت تقف صامتة ومتوجسة خلفه وكأنها بالفعل إرتكبت جريمة منتظرة عقابها بنظرة حادة كسيفًا قاتل، لتستطرد بصوت عالي :

_ انت مجنون، هو المفروض لما أجي الاقي السنيورة في حضنـك أقولك براحتك يا حبيبي خد راحتك 

هـز رأسه نافيًا :

_ أكيد لأ، بس بردو كلامك مايبقاش سم كدة، وبعدين أحنا ماغلطناش 

رفـعت حاجبها الأيسر وبسخرية مريرة تابعـت :

_ اهو ده اللي ناقص، مغلطوش، كان ناقص إية عشان تغلطـوا ؟! 

وهنـا تدخلت ليلى لثانية تقول بخفوت حرج :

_ يا مدام أسمعي بس هو آآ 

قاطعتهـا خلود بحدة مفرطة ومهينة :

_ إنتِ تسكتِ خالص ماسمعش صوتك يا حيوانة يا بجحة 

إبتلعت تلك الإهانـة بصمت .. صمت اكتسبته من تقديرها لغيرة أنثى مثلها !!

بينمـا صاح مراد فيها بعصبية :

_ خلود إنتِ كدة تجاوزتي حدودك وأنا مش هاسكت سااامعة ؟ 

اومـأت وهي تتنـفس بصعوبـة وتحاول تهدئة إنفعالهـا الفطـري .. 

لتردف بعدهـا بغضب أعمـى :

_ اه وأنا متوقعـة إية، دي حاجة فطريـة في كل الرجالة !! 

وبالطـبع كان رد الفعل الطبيعي " صفعة "

صفعـة تركت اثرًا واضحًا على وجنتاهـا البيضـاء !! 

وبالطبـع لم يكـن اثرًا على وجنتها فقط، بل اثرًا لن يزول على قلبها الغيور !!!!! 

وعقل يتشبـع بالعند لا يعترف بالخطأ .. فصرخت فيه بنزق :

_ أنت مجنون، بتمد إيدك عليا يا مراد، بتمد ايدك عليا دي اخررررتها !!!؟؟؟؟؟

وبالطبع لم تلقى أي ندم بين جحـور عيناه .. وأي نـدم هذا وهي تطعنـه في رجولتـه بلا تردد وعلى الملأ ؟! 

فأكمـل بصوتـه الأجـش وهو يشير لـ ليلى المندهشة ؛

_ ماتنسيش إن هي مراتي قبلك يا أستاذة هه 

ابتسمت بسخريـة وألم معًا لترد بهدوء ما قبل العاصفة :

_ صح عندك حق 

ومن دون كلمة اخرى كانت تنـصرف راكضة نحو غرفتها .. 

فيما غمغمت ليلى بأسـف :

_ أنا اسفة بجد يا استاذ مراد انا مش آآ مش قصدي 

هـز رأسه نافيًا بفتـور :

_ ماتعتذريش مفيش حاجة تستدعي إنك تعتذري 

وفي قرارة نفسـه هو لا يدري كيف فعلتها وهي تبكِ .. إرتمت بحضنه دون سابق إنذار !!!!!! 

ولكن من المؤكد أنهـا كانت تبحث عن مأوى تتشبـع من الحنـان فيه !! 

وبعد قليل وجدوا خلود تخـرج وهي مرتدية ملابسهـا، فسألها مراد مستفسرًا بتوجس :

_ إنتِ رايحة فين يا خلود ؟ 

ردت ولا يوجد سوى الإصرار بعيناها :

_ رايحة لأهلى 

تنهـد وهو يشير لها مرددًا :

_ روحي يا خلود 

ولم تصـدق فانطلقت دون تردد مغادرة !!!!!!!!! 


                       ************


عـاد مالك إلى المنـزل بخطـوات بطيئة، لا يرغب في أن يرى ضعفـه معهـا !! 

ضعفه عندمـا يرغب في إمتلاكها ويرغب في معاقبتها في آنٍ واحد !!!! 

تنهـد بقوة وهو يؤكد على نفسـه وضـع سدًا من الكرامة بينهم .. 

ولأول مرة هو من يضـع ذاك السد المتين بملئ ارادتـه !!! 

تنهـد وهو يفتـح الباب بهـدوء، ليتفاجئ بجميـع الأنوار مضيئة .. 

ضيـق ما بين حاجبيـه وهو يناديهـا بصوت هادئ :

_ شمـس .. شمس إنتِ فين ؟ 

لم يجد ردًا فأغلق الباب خلفـه ومن ثم دلف الى الغرفة، ليتفاجئ بالشمـوع التي تملئ الغرفة بشكل حرف الــ M .. 

إلتمعـت عينـاه ببريـق لامـع موهـج، ليهمس مرة اخرى :

_ شمس 

وتقدمت منه وهي ترتـدي قميص من اللون الأحمر والذي يعشقه مالك، يصل لمنتصف فخذهـا وذو فاتحة واسعة عند منطقة الصدر، يحدد مفاتـن جسدهـا المبهـرة !! 

فابتسمـت وهي تقتـرب منـه هامسـة بنعومـة :

_ وحشتنـي 

ثم احتضنته بحب حقيقي استشفه من لمساتـها ... وتلقائيًا لف يده حول خصرهـا بتملك، ليهمس بعدها :

_ وأنتِ آآ .. 

وصمت ولم يستكمـل جملتـه المشتاقة الحقيقية، لجمها بلجام كرامتـه الرجولية وشخصيته الشرقية !!! 

فنظرت هي في عينـاه التي اصبحت تعشقها حرفيًا لتردف :

_ حبيبي متزعلش مني بقا بعتذر 

نظر لها بثبات ليبعد يدها عنه ببطئ وهو يستدير موليها ظهـره ليرد بخشونة :

_ أسفك مش مقبول يا مدام !!!!!!!!!!!!!! 


                          ***********


غزالة في صحراء الذئاب 


الفصل الثامـن والثلاثـون : 


ذُهـلت شمـس حرفيًا، ألا يستقبـل إعتذراهـا على خطأ - فطـري - وهي دائمًا ما كانت تستقـبل أعتذاراتـه على وتيـرة القبول ودون الرجـوع لعقلها المتمرد حتى !!! 

وبالطـبع الدمـوع كانت أسـرع ما زحـرف لعيناها كتعبير كاسر عن مدى الحزن الذي أحتل اجزاءهـا ... 

وفجأة وجـدته يلتفت بابتسامتـه المعشوقـة التي زينـت ثغره، وكان صوته الخافت كلحن مُحبب لها :

_ أسفك مش مقبول لإنك مكنش مفروض تعتذري أصلًا ! 

ظلت تنظـر له ببلاهه، متعجبة من قدرته على التغيير في ثواني معدودة !!! 

لتسأله بعدها بسذاجة طفل مندهش :

_ إزاي ؟ 

رفـع حاجبـه الأيسر يرد مستنكـرًا :

_ هو إية اللي ازاي، إنتِ كنتِ عايزاني أزعل ولا أية ؟ 

هـزت رأسها نافيـة بسرعة، وبابتسامة ناعمة قالت :

_ أكيد لأ، بس فكرتك هاتفضل زعلان ومش هاتصالحني 

إتسعت أبتسامتـه وهو يقترب منها محتضنًا إياهـا بدفئ لطالما تحلى به حضنـه العاشق !! 

ليهمس بعدها بجـوار أذنهـا، بحروفًا قادرة على أذابتها خجلاً بين يديـه :

_ أنا اصلاً مقدرش أزعل منك، ازعل منك وأبعد عنك إزاي وأنا كل ثانية ببقى هاموت عليكِ أصلاً !؟ 

ضربتـه على كتفـه برفق بقبضتها الصغيرة، لتردف بها بغيظ خفيف :

_ والله، وأنا اللي فكرت كل اللي أنا عملته ده راح هـدر ! 

ضحك بمـرح، قبل أن يعاوده ذلك الخبث الذي لا يليق سوى بعاشق متين، والذي أصبحت تترقبـه هي بأشتياق تلقائي !!! 

ليمسك يدهـا وهو يلفهـا كعرض راق كثيرًا لعينـاه المتلهفـة :

_ بمناسبة اللي إنتِ عملاه، إية القمر ده 

ثم غمـز لها بطـرف عينيه التي تلمـع ببريق خاص بها، ليتـابـع :

_ هياكل منك حته زي ما أنا هاموت وأكلك دلوقتي 

ضحكـت برقـة أذابتـه حرفيًا، ليقول بعدها بعدم تصديق مصطنـع :

_ لا لا أنا كدة هافرفر منك أنا مش ادك يا شمسي 

قهقهت وهي تمسـك يده الخشنة مرددة بدلال :

_ طب يلا بقا عشان ناكـل، الأكل زمانـه هيبرد 

أقترب منه حتى أصبـح ملاصقًا له، وبنبرة ذات مغزى أستطرد :

_ طب ما أحنا هناكل اهوو 

هـزت رأسها نفيًا بسرعـة لمَ أستقبله عقلها :

_ لأ لا مش زي كل مرة هاتضحك عليا وهاسكت، المرة دي هناكل أكل بجد 

جذبهـا له في لمـح البصر يقبض على شفتاها بقبلة داميـة ومتلهفة كعادتـه، ليبتعد بعد دقيقة تقريبًا هامسًا بأنفاسه اللاهثة :

_ طب يلا عشان مفيش وقت هانرجع القاهرة 

ضيقـت ما بين حاجبيـها، ولم يُخفى عنه صوتها المتوجس وهي تسأله :

_ طيب وباباك ؟ 

رفـع كتفيه مجيبًا بلامبالاة خبيثة :

_ مايهمنيش، أختي محتاجاني ولازم أكون جمبها، وبعدين مش هايقدر يعملي حاجة خلاص 

سألـته بأمل تقافـز من بين لؤلؤتيهـا اللامعتـان :

_ ازاي اية اللي حصل ؟ 

تنهـد وهو يـرد بابتسامـة منتصـرة :

_ لأن معايا ورق يوديـه في ستين داهية، وهو أكيد عرف ده فمش هايقدر يعملي أي حاجة 

تمتمت شمس بابتسامة هادئـة ؛

_ الحمدلله، وناوي تعمل إية بقا يا حبيبي ؟

ومجـرد كلمة تنتشلـه من جديتـه لترميـه بين طيـات من العشق الذي يأثـره !! 

كلمـة تجعله كطيرًا وجـد نصف الأخر فصار يحلق بين أفق العشق ... 

فاقترب منها يسحب يدهـا بابتسامة لعوب :

_ يلا طب ناكـل وهانبقى نتكلم في الطريق 

اومأت بابتسامـة سعيدة، يكفيهـا الجرعة التي نالتها من السعـادة والطمأنينـة !! 

إن دامـت دون طيفًا مزعجًا يتدخل !!!!!!!!


                        ************


وقفـت " زينـة " تضغط على زر هاتفها بعصبية مفرطـة، عصبية كانت أساسياتها الخوف والكـره معًا !!! 

تهتف بين كل حينٍ ومين بنفاذ صبر من مستنجد به لا يقبل إستنجادتها المتوجسة :

_ يووه رد بقا يا مالك، مش وقته مغلق ارجوووك رد ارجوووك 

ولكـن بالطـبع، كلها رجاء وأمنيـات متعلقة في سماء الواقـع المرير !!! 

وشهقـت وهي ترى تهديد والدها يتمثل أمام عيناها، الأطباء والممرضين من مستشفى الأمراض العقلية يدلفوا لمنزلهم !!!! 

وتشـابك الهلـع مع نسمـاتها التي تخرج من روحها الثائرة، فركضت نحو والدتها التي كانت تجلس - مدعية - ذلك البرود الذي تثق زينة تمام الثقة انها تفقده !!!

فنظرت لها والدتها، هاتفـه بشيئ من الجدية الظاهرية فقط :

_ إية يا زينة ؟ مالك عاملة كدة لية، مش هايقدروا يعملوا لي حاجة 

إبتلعـت ريقها بازدراء هامسة بما تتمنـاه فعليًا :

_ إن شاء الله يا ماما إن شاء الله 

وفي الدقيقة التالية كانوا امامهم وعلى رأسهم الطبيب الذي وقف بجوار شيطان الأنس - جمال - يقول بابتسامة صفراء :

_ مدام جمال السُناري، ممكن تيجي معانا ؟ 

رفـعت كتفيهـا، وبنفس القنـاع الكاذب ردت :

_ أجي معاكوا فين ولية ؟!! 

أجابهـا برسمية معتادة ، ولكن غير مُطاقة ابدًا لها :

_ جات لنا أخبار إن حضرتك تعبانة شوية، فـ حضرتك هاتيجي معانا تتعالجي وبأذن الله ترجعي تاني قريب 

ورسمـت ابتسامة متهكمة على ثغرها، تعلم عـز المعرفة أن كلامه لم يكن لو تزينًا للجريمة الأنسانية التي سيرتكبها بأمر ذاك الشيطـان !!! 

فاحتدت لهجتها وهي تردف نافية :

_ أنا سليمة الحمدلله مفياش اي حاجة تستدعي إني اروح المصحة 

وماطـل هو في كذبتـه الشنيعة بقوله :

_ بس عرفت إن إنتِ قولتي حاجة محصلتش 

هـزت رأسها نافية بسرعة، وبررت بصدق أخذه هو على محمل - الجنون - :

_ لأ هو فعلاً كان بيتكلم ماكنش نايم زي ما بيقول 

ابتسم بسماجة قائلاً وهو يشير للممرضات :

_ اهو شوفتي، حضرتك تعبانة يلا تعالي معاهم 

هزت رأسها صارخة :

_ لا طبعاً انا مش تعبانة انتوا اللي كذابين 

وإزداد صراخها المستنجد وهي تراهم يقتربوا منها ليقيدوا حركتها :

_ لااا ابعدوا عني، ابعدوا عني أنا مش مجنونة هو اللي كذاب، زينة خليهم يبعدوا عني سيبوووووني 

وبالطـبع كلفت زينة نفسها بالمحاولة، ولكن ماذا تجدي أمام ذئابًا يحاولوا اماك المرة عشرة :

_ لا سيبوا ماما هي مش مجنونة 

ولكن .. لا حياةً لمن تنادي، أمـر - جمال - كان غشاءً على سمعهم وأبصارهم !!! 

فهـز جمال رأسه مرددًا بجدية خبيثة مُهللة فرحًا :

_ سيبيهم يا زينة، أديكِ شوفتي بنفسك أمك تعبانة ازاي ولازم تتعالج ! 

هـزت رأسها نفيًا بسرعة :

_ لا يا بابا خليهم يسيبوها لو سمحت أرجوك بلاش ماما وحياتي يا بابا لو سمحت 

ولكن .. هل يجيب الشيطـان الرجاء ؟! 

ومن دون تردد بالطبــع لا !!! 

رجاءها كان امر مفروغ منه فأولاها ظهرها مشيرًا لهم أن يغادروا، ثم قال :

_ أمشوا أنتوا وأنا هاتصرف معاها 

اومأ الطبيب ليغادروا وسط صراخ كلاهما " زينة " ووالدتها المسكينة !!! 

وفي دقائق معدودة كانوا قد غادروا، وكانت الصدمة نسبةً لزينة أكثر من المحتمل، فسقطت مغشيةً عليها !!!!!!!!! 


                         **********


وصـلت " خلود " أمام منزلـها السـابق ... وهو مأواها الذي اشتاقتـه حد الجنون ، 

المنزل الذي شهد طفولتها وفرحتها وحزنهـا ... 

كان كشريطًا يسجل مراحل حياتها التي لم تنساها يومًا !!! 

ولكن أسفًا لم يُسجل أخر وأهم مرحلة بحياتها ... 

لم يسجـل مرحلة عشقهـا الوحيدة !! 

وخلفهـا كان " مراد " 

نعم .. فابالطبـع لن يتركهـا في تلك المواجهة التي تحتاجـه فيها كدرعًا قويًا لها .. 

اقتـرب منها ليهتف بجديـة مناسبة :

_ خلود أستني نطلع مع بعض 

وبسخرية إرتسمت على وجهها تحمل معنًا واحدًا 

" ومن أخبرك بالموافقة على ذلك ؟! " 

فانفضت يده كأنها وباء لترد بحـدة اعتادها منها مؤخرًا :

_ لأ طبعًا، أنا اللي عصيت أمي لوحدي وأنا اللي هاطـلع لها بردو لوحدي 

هـز رأسه نافيًا والأصرار يضخ من عينـاه، فتـابــع :

_ لأ انتِ ماعصيتيهاش لوحدك، ماتنسيش أن انا اللي هددتك يا خلود 

وبالرغم من صدق ما يعترف به إلا انها عاندت وهي تقـول عاقدة ذراعيها :

_ لأ، هاطلـع لوحدي وهواجهم لوحدي يا مراد 

هـز رأسه نافيًا، وبشيئ من العصبية زمجر فيها :

_ أفهمي بقا إنتِ مينفعش تواجهيهم لوحدك، عشان كمان ماتعرفيش الحقيقة 

تأففت وهي تصيح فيه بنفاذ صبر :

_ يادي أم الحقيقة اللي أنت مش عايز تنطقها 

أجابها بهدوء تـام تعجبته للحظة :

_ لإني خايف عليكِ من الصدمة يا خلود 

رفـعت حاجبها الأيسر بحركة مباغته، ومن ثم سألتـه متوجسة :

_ في إية يا مراد، هاتصدم من إية ؟ 

لوى فاهه بضيق مرددًا :

_ يعني إنتِ شايفه إن ده المكان المناسب لسؤالك ده 

عقـدت ساعديها مكملة بسخرية :

_ ويعني أنت شايف إن ده الوقت المناسب عشان تمنعني بأسبابك المجهولة 

هـز رأسه وهو يخبرها بما يشبه الرجاء الحار :

_ خلود لو سمحتي، يا أطلع معاكِ، يا نروح البيت أشرح لك كل حاجة الأول 

أغمضـت عيناها وفتحتها عدة مرات، تستعيد رباطة جأشـها التي هُدمت !! 

فزفـرت بقـوة وهي تشيـر للأعلى قائلة بحبور :

_ اتفضل يا مراد اطلع معايا، انا عارفة ان انت مش هاتهدى 

ضحك بخفـوت هامسًا يوازي غمزه خبيثة :

_ أحبك وأنت مطييييع يا عبسمييع 

كادت تنفلت تلك الابتسامة التي استجابت لمرحه المحاول للتخفيف من حدة الموقـف !!! 

ولكن حزمتهـا وهي تصعد امامه و - مصدراله الوش الخشب - ثم أردفـت :

_ ياريت أنت بالذات ماتجبش سيرة الحب مرة تانية 

وبسخرية مؤلمة في حقها هي قبله، تابـعت :

_ أنا مانسيتش القلم يا أستاذ

تنهـد بقوة وقد أيقن من حدسـه " تلك الصفعة تركت اثرًا واضحًا وكبيرًا على روحها المُعذبـة " !!!!! 

وبالفعل صعدوا بهدوء ودون كلمة اخرى ... 

فظهـر شقيقها " تامر " الذي كان يقف امـام المنزل يستمـع لحوارهم .. 

صدفةً وفرصة في آنٍ واحد من القدر !!! 

ليتنهـد وهو يقول في خلده :

_ اممممم بقا الموضوع كدة يا مراد باشا !!!!؟ 


                         ***********


_ يا متخلف يا حمااااااار، إزاي تعمل كدة يا بني ادم !!؟ 


قالهـا " جمال " الذي كان يـقف أمام ذاك الرجل وسمـر التي كان الحرج والقلق جزءً لت يتجزء من ملامحها الخبيثة !! 

قالها بشيئً من العصبية .. لا بل الغليـان من شخصًا أصغر منه فانتصر عليه على غـرة !!! 

أنتصر عليه ليتركه يعاني من مرارة الخسـارة .. 

بينما إبتـلع الأخر ريقـه بازداء ورد بصوت يكاد يسـمع :

_ يا باشا آآ أنا فكرت إن اللي أنا عملته ده الصـح 

وبالطبـع لم يتلقى سوى ' صفعة ' لتنفيس غضبه في ذاك الأحمق الذي هدم كل مخططاته رأسًا على عقب !!! 

فصاح فيه بصوته الاجش والعالي :

_ يا متخلف، بدل ما تروح جمب المتخلفة التانية سمر وأنت شايفه قاعد معاها، بتصورهم بس ؟ 

وبصوتًا متلعثمًا رد وهو يعود للخلف :

_ يا باشا ما أنا آآ مكنتش عايزه يشك فيها، فسبتهم براحتهم وقولت أستفاد وأكره مراته فيه 

صفق له بيـده بسخرية واضحـة، سخرية لو أخرجها في صورتها الحقيقية لكانت أحرقت كلاهما " هو وتلك التي تدعى سمر " 

ليبصق في وجهه قائلاً بخشونة :

_ لأ فالح يا عرة، فالح بجد 

تدخلت سمـر التي حاولت تخفيف الموقف غصب هي لا طاقة لها به وقالت :

_ جمال بيه لو سمحت تهدى شوية بس آآ 

قاطعهـا بحركة من يده لتأخذ نصيبها من توبيخه الحاد والمُهيـن :

_ إنتِ تخرسي خالص يا متخلفة، إزاي تسكـري وإنتِ عارفة إنك جاية هنا عشان خطة معينة، ازاي يا بهاااااايم 

وتقوس فمه بابتسامة ساخرة قبل أن يتابــع :

_ لأ وياريت بتسكر بس، دي بتعترف بكل حاجة كمـان 

إبتلـعت ريقها بازدراء هامسة :

_ أنا مكنتش عاملة حساب كل اللي حصل ده، أو إني حتى ممكن أتصل بمالك وأنا سكرانة 

أولاهـا ظهره قبل أن يستطـرد حانقًا :

_ واهو حصل، الظاهر إنه مأثر على عقلك الباطن أوي، بس دي غلطتي إني بأمن لواحدة متخلفة وكلبة زيك 

حاولت النطق بهدوء خبيث :

_ يا جمال بيه اسمعني بس انا فكرت إنه آآ 

قاطعها بصرامة لاذعـة :

_ إنتِ تسكتِ خالص، سمعتك من قبل وندمت

ثم إلتفت لهم مستطردًا بصوت أمر وخبيث :

_ من دلوقتي أنا اللي هقول وأنتم هاتنفذوا بس يا بهااايم !!!!!!!! 


                       ***********


انتهى كلاً من " مالك " و " شمس " من إعداد كل ما يخصهم بذاك المنزل الذي شهد أحلى واسمى المعاني للعشق والغزل الحقيقي والطاهر .. 

وكـان مالك يغلق البـاب بهدوء، فقالت شمس متنهدة :

_ هيييح، مش مصدقة إننا هانمشي 

ابتسم وهو يبادلها النبرة المشتاقة :

_ ولا أنا مصدق بردو 

ابتسمت متابعـة بود حقيقي حمله صوتها الهادئ :

_ بس بجد البيت ده هايوحشني لأننا قضينا فيه اجمل ايام حياتنا، حتى لو كنا متعكننة شوية لبُعدي عن ماما 

وبالطـبع يزيل طيف الحزن بخبثه العاشق، فهمس :

_ وهايوحشني كل الليالي الحلوة اللي عشناها فيه، يااااه 

ثم عض على شفتاه السفلية وهو يغمز لها :

_ بس ملحووقة في بيتنا يا قمري 

ابتسمت شمس بخجل وهي تضربه على صدره برفق مغمغمة بخفوت :

_ أنت قليل الادب، دايمًا تفكيرك منحدر كدة 

قهقه بمـرح، وقـال :

_ وهو اللي معاكِ هايعرف يفكر غير في المنحدر اصلاً 

وقطـع مزاحهم السعيد شخصًا ملثمًا ذو عضلات مفتولة يقترب منهم ببطئ و........... !


                         ***********


يتبــع


غزالة في صحراء الذئـاب 


الفصل التـاســع والثلاثـون : 


" وعندمـا تُصـدم أو يُهيئ لك الصدمة من تصـرف مُحتمـل، يتقافـز الأنتصـار أمامك، وتتهافت أنت له، وتعلن بكل سرور نهاية حرب لم تبدء بعد " !!!! 


وبحركة مباغتة من يـده التي كانت أسرع من تحـرك ليبعد شمس ويجعلها خلفـه، ويقف هو كسدًا منيعًا معروف وضعه في حياتها، فنظـر لذاك الرجل شزرًا وسأله :

_ أنت مين وعايز إية ؟ 

وبكـل بـرود أجابـه من دون تردد :

_ عايز الورق اللي أنت اخدته من جمال بيه 

وإرتسم على فاهه ابتسامة ساخرة كان مصدرهـا العلم المسبق لأمر مفروغ منه، كان كلاً منهم يترقب رده فعله، لينظـر للرجل مرة اخرى رافعًا حاجبه الأيسر :

_ اممممم، طب وياترى عايزه ورقة ورقة ولا مرة واحدة 

اجابه ببلاهه دون تردد ؛

_ أكيد مرة واحدة يعني 

وظل يسألـه :

_ طب وياترى عايزه ف شنطة ولا كيس بلاستيك ؟ 

ضيق الاخر ما بين حاجبيـه، وبداخلـه صراع حقيقي يتساءل 

" أهو خبث ام جنـون ؟! " 

الكلام يدفعـك للخبث والواقـع يدفعك للجنون بالتأكيد !!! وبين ذلك وذاك طرف خيط خفيف !! 

واثناء شروده والذي تمثل في فرصة من ذهب لن تُقـدم لمالك مرة اخرى أخرج - سلاحـه - الخاص ليوجهه نحو ذاك الرجـل، وما لبث أن رفـع الرجل انظـاره حتى أصابـه مالك في ذراعه فسقط سلاح الأخر، أشار مالك لشمس مسرعًا :

_ إركبي العربية 

وبالطـبع مع عدم وجود الحيز للتفكير أطاعت امره في سرعة مرتبكة ومرتعدة مما رأتـه .. 

لتترقبه وهو يقترب من الرجل الملقي ارضًا يتأوه من الألم ... 

وبشيئ من الشماته جلس مالك لجواره ثم بصق على وجهه وهو يسبـه :

_ أبقى قول للي باعتك إنك مش راجل كفاية عشان تواجهني لوحدك، بس تتعوض المرة الجاية ده لو جات فرصة على جمال باشا بتاعك عشان يعيدها 


ثم نهض ليترجل سيـارته مغادرًا دون الإلتفـات لمن تلقى عقابه الحتمي .. بل تفكيرًا فيمن سيتلقى عقابه المأساوي !!!! 

وصوت شمس كان مقصًا حادة لأفكاره المتدفقة :

_ مالك

نظـر لها مجيبًا بتنهيـدة حارة كبدايـة لتفسيرًا تحفظه هي عن ظهر قلب :

_ نعم يا شمس، هاتسألي طبعًا 

اومأت مؤكدة، وسألت دون تـردد عما كان يجهز هو له الٱجابة الحقيقية :

_ أنت جيبت المسدس ده منين ؟

والأجابـة كانت محفوظة بعقلـه قبل لسانه، فـرد بكل ما للهدوء معنى :

_ أنا جايبه من بدري، بخليه معايا وقت اللزوم وطلعت له تصريح 

اومأت وهي تنظـر له بطرف عينيها مغمغمة :

_ ماشي بس عايزة اسأل 

اومـأ بتنهيدة حارة خرجت من بين خلجات قلبه التي ضاقـت بكثرة :

_ اسألي يا شمس 

وسألت مسرعـة بتوجـس من خطرًا بدى مربوطًا بهم :

_ إية اللي هايحصل دلوقتي، أقصد بخصوص باباك يعني والرجالة اللي بيبعتهم واحد وراه التاني

وبلامبالاة متعمدة اجابهـا في نفس اللحظة :

_ سبق وقولتلك يا شمس إني مش فارق معايا، وهو مهما حصل مش هايوصل للورق

ثم صمت برهه، لينطق عقـله بما يشك أنه ليس ببعيـد عن شيطانًا لا يهمه سوى المال :

_ حتى لو قتلني يا شمس 

صرخت واضعة يدها على فاههـا الذي رغبت في تمزيقه بنفس اللحظة :

_ بس يا مالك بعيد الشر، ماتخطرفش وخلاص أنت متعرفش أنا بضايق اد اية من سيرة الموت 

اومأ وهو يمسـك يدها مقبلاً باطنهـا بحنان أعتادتـه منه، لينظـر فيها عيناهـا هامسًا بحرارة :

_ للأسف مفيش غيره هيفرقنـا يا شمسي 

ووجـدت نفسها تلقائيًا تقترب في ثواني لتكتم حروفه بشفتـاها .. 

ثم همسـت بعدها وهي تتنفس بشكل مضطرب :

_ بس أسكت خالص 

ولم يكن ليتركها هكذا، فأوقف السيارة، ليجذبهـا من يدها بقـوة فيجلسهـا فوق قدمـاه، ثم ومن دون مقدمات إلتهم شفتـاها، يتذوق شهدهما دون ملل، بل يزيد أشتياقه لها بكل مرة .. 

حاولت الأبتعاد ولكنه يقبض على شفتاها يأكلها بجـوع ونهم .. 

ويـداه تعرف طريقها لجسدهـا الذي اصبح يتوق للمساتـه، وتنفسها يزيد اضطرابـًا من لمساتـه الناعمة لجسدهـا ... 

فابتلعت ريقهـا وهي تدفـعه لتتنفس بصعوبة، فسمعت صوته اللاهـث يقول :

_ أنا مش عارف إنتِ بتعملي فيا إية، لا راعينا شارع ولا نيلة 

ثم جذبها له دون فرصة للرد يقبل كل إنش في وجههـا، مرورًا برقبتها التي أزاح عنها حجابهـا، وبدايـة قميصها الخفيف، شهقت وهي تشعر بيداه تتسلل لأزرارهـا، فابتعدت على الفور مرددة بصوت خافت :

_ أنت مجنون يا مالك احنا في العربية 

هـز رأسه نافيًا وهو يلصقها به مرة الاخرى :

_ الأزاز أسود من برة، يعني احنا نشوفهم لكن هما لا 

هـزت رأسها مسرعة وهي تبتعد عنه :

_ لا طبعاً مينفعش 

وقبـلة اخرى يلتهم فيها شفتاها التي كادت تصبح منتفخة قبل أن يتـابــع :

_ مش قادر، ربنا يصبرني الكام يوم الجايين اللي هنقعدهم مع امي واختي 

ضحكـت برقـة لتتلمس لحيتـه هامسة :

_ معلش يا حبيبي 

غمـز لها بطـرف عيناه مغمغمًا :

_ عايز الرقة دي في البيت مش هنا يا مدام عشان ماتهورش 

وتشابكت اصابعهم بابتسامة ناعمة وسعيدة لم تزول .. وباتحادهم معًا لن تزول بمشيئة الله !!!!!!!!!! 

                       

                     *************


أستيقـظت " زينـة " من غفـوتها القصيرة التي هربـت داخلها من عالمًا فيه العذاب كظلهـا !!! 

لا يتركهـا .. وإن تركها في إنتقـام، عاد لها على هيئـة صراعات عائليـة .... 

صراعـات يتحكم بها الشيطـان، ملكًا للعذاب النفسي البشـري !!! 

ظلـت تبكي بهيستيريـا وهي تتذكـر والدتها التي يعلم الله وحده كيف حالها الان ؟!

كيـف جعلها زوجها تُعانـي بلا تردد ! 

كيف توغل الألم مسامهـا ليسحقها في رحلة قد لا تنتهي من العذاب ..... !!!!! 


دلفـت الخادمة بهدوء لا يليق بكم الاضطراب الذي تمر هي به تسألـها :

_ إنتِ كويسة يا أنسة زينة ؟ 

هـزت رأسها نافية بهيستريـا :

_ لااا مش كويسة ومش هابقى كويسة من غير ماما، هاتولي أمي انا عايزاها 

حاولت الاخرى تهدئتهـا برقة :

_ يا هانم المدام بتتعالج بس وهاترجع 

صرخت فيها بصوتًا عاليًا مبحوح :

_ أخرررسي، أمي مش مجنونة، ابعـــــــــدي عني يا حيوانـة

تأففـت الاخرى وهي تغمغم بضيق :

_ يووه، شكلها اتجننت زي امها وهاتقرفنا بقا 

بينما نهضـت زينـة لتبدء بتحطيـم كل ما يقابلهـا، تلقيـه بجنون يوازي صراخهـا .. 

ولمَ التعجب .. لقد كادت تُحـرم من أهم شريان بحياتهـا البائسـة !!!! 

حتى سمعت هاتفـها يرن فركضـت نحوه مسرعة ظنًا انه مالك، واجابت دون ان ترى اسم المتصل :

_ الووو مالك انت فين ؟ 

ولكـن اتاهـا صوتًا اخر متهالك ومبحـوح رجولي يجيب :

_ أنا مش مالك يا زينة .. 

سألته بنفاذ صبر وكادت تغلق :

_ امال ميييين ؟ 

اجابها بنفس هدوءه المتعـب والذي اتضـح من همساته التي خرجت بصعوبة :

_ أنا يحيى، فكراني ؟ 

اومأت بالرغم من انه لا يراها، ثم قالت :

_ خير نعم، أنت دايمًا بتتصل في اوقات مش مناسبة خالص 

وانتبهت لتوها لتلك الخادمة اللعينة التي كانت تتلصص عليها فصرخت فيها بحدة :

_ غوري اطلعي برة 

واستجابت الاخرى خشيةً من تهورهـا .. 

فيما سمعت هي صوت يحيى الهاتف :

_ معلش ماشمتش على ضهر ايدي عشان اعرف مناسب ولا مش مناسب 

وسألته برغبة في إنهاء ذاك الحوار الذي لم يروق لها اطلاقًا :

_ اممممم طب خير يا يحيى اتصلت لية ؟؟

اجابها دون تردد :

_ عايز اتكلم معاكِ يا زينة، عايز اشوفك 

سألته بلهجة عدائية :

_ لية ان شاء الله ؟ وانا كنت اعرفك غير طراطيش كلام كدة مرة ولا مرتين ؟!؟

وتنهيدتـه الحارة اخترقت اذنها ليكمـل :

_ لأ، بس في كذة حاجة حاسس اني مخنوق بيها، ممكن اشوفك ولو لأخر مرة ؟ 

ولم تدري لمَ وجدت نفسها تجيب بحسم :

_ ماشي هاشوفك فين ؟ 

واجابته كانت دون تردد ايضًا :

_ عند كافتيريا " .... " اللي عند مستشفى " ... " هستناكِ 

اومأت مغمغمة :

_ ماشي مسافة الطريق، سلام 

_ مع السلامة 


اغلقت لتنهض مهندمة نفسها ثم اخذت حقيبتها وغادرت بتوتر .... !!! 


                    *************


كان الصمـت يخيم على جميـع من يقفـوا، مراد الذي كان مثل خلود تمامًا يترقـب معالم وجه والدة زوجتـه، التي كانت كالوحة بيضاء يصعب فهم خطوطهـا !!! 

نظـرت لها خلود بكل ما يحمل الرجاء من معنى، لتهمس بعدها :

_ مااااما 

وكأي رد فعل طبيعي بعد كل ما حدث،  صرخت فيـها بحـدة أفزعتها :

_ أوعي .. أوعي اسمعك بتقولي ماما دي تاني ابدًا، ابدًا !! 

وبالطـبع كانت الدموع اسرع ما تركض لساحة عيناها التي تمرغ الندم فيها، فتابـعت همسها المتألم :

_ إنتِ امي، مهما عملت ومهما حصل إنتِ امي وهاتفضلي امي 

تقـوس فاهها بابتسامة ساخـرة، قبل أن تردف حانقة :

_ وإنتِ معرفتيش إني امك لما كنت اجيلك وجوزك يهددني وإنتِ ترفضي، معرفتيش إني امك لما بقالي تقريبًا 3 شهور هاموت على بنتي ومش عارفة اوصلها، معرفتيش ان انا امك وانا كل يوم هاتقطع من الالم والامل بقول كل يوم هاتيجي، اكيد هاتيجي 

ثم هـزت رأسها نفيًا بدمـوع اتصلت ألمًا بدموع ابنتها مرددة :

_ لا اتأخرتِ اوووي يا خلود، اوي 

حاولت الأقتـراب منها قليلاً، ولكن والدتها ابتعدت للخلف .. باتت المسافة من زاوية رؤياها بعيدة جدًا ... جدًا !!!! 

فقالت خلود :

_ بس أنا جيت اهوو يا أمي لما قدرت 

وبصوتًا جامد يخلو من مشاعر الأمومة او الحنو الذي كان دائمًا يتعازف على نبرة صوتها ردت ؛

_ جيتِ متأخر اوي، جيتِ بعد ما اعتبرتك موتي، بعد ما اقتنعنت إن بنتي مش هاترجعلي تاني خلاص 

هـزت رأسها نافيـة، وبصوت باكِ إستطردت :

_ بس أنا لسة عايشة يا امي 

صرخت فيها بنفاذ صبر :

_ بس بالنسبالي موتي خلاص 

هنـا تدخـل " مراد " الذي كان يفسح المجال لخلود التي تبكي، علها تسلب شحنـات والدتها السالبة !! 

ولكن بالطبـع فشلت، فحان دوره .. الأساسي والمهم ... 

حان دور القاضي الذي حكم على تلك الأسرة مسبقًا بالفراق الاضطراري !!!!!

فنظـر لوالدتها مغمغمًا بشيئ من الأسف الحـار :

_ أنا عارف إن حضرتك مفروض ماترضيش بأي اعتذار، لكن احنا عشمانيـن في رضاكِ وعفـوك 

هـزت رأسها نافية بجمود :

_ ده كان زمان بس دلوقتي مستحيل 

كان صوت خلود يمـزق فيه، مع صدى قوي يخبره 

" ومن كان السبب غيرك أنت ؟ " 

بالطبـع لا يجد سواه الذي سقط اسيرًا تحت انتقام شقيقها الغبي!!! 

وترجتهـا خلود مرة اخرى :

_ امي ابوس ايدك سامحيني، أنا كان غصب عني، كنت مُهددة زيي زيك بالظبط والله يمكن اكتر 

هـزت رأسها صارخة بوجهها كأعصار هي من فجرته :

_ ماتقنعنيش انك مقدرتيش تهربي، إنتِ حبتيه، عشان كدة تهاونتي في حق امك بس مقدرتيش تتهاوني في حقه 

والبكـاء الحاد من خلود كان خير دليل على صحة كلامهـا المؤسف !!! 

أشـارت نحو الباب مرددة بخشونة :

_ بررررة، اطلعوا برة بيتي يلاااااااااا 

وسقطـت خلود امام قدماها تتمسك بها وهي ترجوها من وسط شلالات دموعها :

_ والنبي يا امي سامحيني، انا اسفة ابوس رجلك سامحيني ارجوووكي 

هـزت رأسها نافيًا، وكأن ذاك الجمود، وذاك الأبتعاد القهري لم يترك ذرة من الرحمة إلا وانتشلها من قلبها !!!! 

تدخل مراد مرة اخرى وهو يمسك خلود مردفًا بحزن :

_ طنط انا عمري ما هسامح نفسي لإني كنت سبب غير رئيسي للي بيحصل ده، أرجوكِ حاولي تهدي وتفهمينا 

رفعـت كتفيها قائلة بلامبالاة حقيقية :

_ مايهمنيش تسامح نفسك ولا لا، اللي اعرفه إن انا عمري ما هسامحكوا

... 

وعم الصمت الكاسر مرة اخرى يوازي نحيب خلود الذي لم يهدئ ابدًا !!!! 

ليقطـع الصمت تلك المرة صوت تامر شقيقها اللعين الذي قال :

_ لازم تسمعي الحقيقة يا امي الاول قبل ما يمشوا !!!!!!!!!!!!


                      ************


_ خلاص انا فكرت .. متحاولش 


قالهـا احدى الرجـال، والذي كان يرتدي ملابس مهندمة، زي كامل وفاخم يليق برجل اعمال ثري مثـله .. عفواً .. لنقُــــل تاجر مخدرات وأسلحة واعضاء .... إلخ !!!!

والغضـب من كان يتشبـع خلايـاه من انتظار طال عن حـده بالفعـل .. 

وظل يتنفـس بصعوبـة قبل أن يتابـع بصوت حاد :

_ أنا تعبت من الانتظـار، مش هافضـل منتظر كل يوم هل هيجوا يقبضوا عليا وبا لا ؟!!

رد عليـه الاخر بهدوء :

_ يا باشا انا بقول نستنى تاني بما ان كدة كدة هما مايعرفوش حاجة عن الفلاشة 

هـز رأسه نافيًا بسرعـة :

_ لأ، انا مش هاستنـى لما البت والواد يختفـوا تاني او يمثلوا انهم مختفين 

تنهـد الاخر متساءلاً :

_ هاتعمل اية يا باشا، واصلاً الكبير هايطق من الواد، بيقول التهديدات كترت على حياتـه 

اومأ متابعًا بجـمود :

_ تمام انا بقى هجمعهم كلهم، اهو اكسب فيهم ثواب 

سأله بفضول :

_ ازاي يعني يا باشا 

اجابه بابتسامة شيطانية خبيثة :

_ هاخطفهم كلهم مرة واحدة !!!!!!!!!!


                       ************


وصـل مالك وشمس بعدها إلى منزل مالك، كان مالك يستعـد لأقوى واكبر مواجهة بحياتـه .. مواجهة الأبيه الفاسد !!! 

أبيه !!!!! 

وهل هو ابيه بالفعل ؟! 

إن نظر للأفعـال بالطـبع لا، وإن نظر للدماء تضخ بنعم للأسف !! 

ولكـنه لن يعترف من الان وصاعدًا بتلك الكلمة التي تجعل الدماء تغلي بعروقه !!!!! ! 

شعـر بشمس التي تتشبث بيَده بقوة وكأنها تستمد الامان .. 

فضغط بيده قليلاً قبل أن يهمس لها :

_ متخافيش طول ما أنا معاكِ ! 

اومأت بابتسامة مضطربة :

_ ماشي يا حبيبي 

ودلفـوا بهدوء والخدم يحييهم، واخذ مالك نفسًا طويلاً وعميقًا استعدادًا .. وبالفعل في الدقيقة التالية كان جمال يقـف امامهم بهيئته المكروهه !!! 

فرسم ابتسامة خبيثة على ثغره المجعد وهو يقول :

_ اهلاً اهلاً بأبني البطل اللي بيعادي ابوه 

وازاه مالك في السماجة وهو يرد :

_ اهلاً بالشخص اللي مش عارف يمثل دور الأب 

سألـه بحدة تجلت في نبرته هذه المرة :

_ فين الورق يا مالك ؟ 

وهذه المرة من ابتسم مالك الذي هتف بخبث :

_ وبما إن اللعب بقا علمكشووف، مفيش ورق يا جمال بيه 

وقبل أن يصـرخ جمال تابـع مالك مشيرًا بأصبعه :

_ حابب أقولك تحذير صغير، أنا لو شعرايه صغننة وقعت من شعري هاتكون انت مرمي في السجن في اللحظة اللي بعدها علطوول 

كـز جمال على أسنانه بغيظ حقيقي :

_ والله .. هو كدة يعني متأكد 

اومأ مالك دون تردد ... 

فنقل جمال لنظره لشمس المتوجسـة، وكاد يهتف بشيئ، إلا انه وقعت عيناه على السلسلة المعلقة برقبتهـا فشهق بصوت مكتوم هامسًا :

_ مش معقوول ازااااي ؟!!!! يا محاسن الصدف !! 


                       ************


غزالة في صحراء الذئاب 


الفصل الأربعـون : 


ومن مجـرد نظـره تليـق بشيطانـه الدنيئ جعلت عرش قوتها المزيفة كاد يختل !! 

نظـرة شعرت منها أنه كاد يختلـع روحها وهو يبعد عيناه عنها !!!!! 

وزفـرة قويـة عودةً للهواء النقي الذي سلبها إياه، لتغمض عيناها متشبثه بأمانها الحتمي والأبدي ! 

وبالطـبع لم يتغاضى مالك عن سؤاله الباغض :

- نعم !! هو إية ده اللي مش معقول 

وبالطـبـع خلال ثواني معدودة تبدل التعجب لسخريـة على هيئة ابتسامة، بجوار رده اللاذع :

- حاجة ماتخصكـش 

واقتـرب منه مالك قليلاً يزمجـر فيه كأسد لا يرحـم من يختص غزالته ولو بنظـرة مُختلعة :

- لأ، أي حاجة تخص مراتي يبقى تخصني، ونظرتك دي حتى ماتهوبش نحيتها 

وبالطـبع كانت مماطلته متهكمة :

- بتغير على مراتك من أبـوك ولا إية !؟ 

ولأول مـرة يُخـرج حروفه دون المرور على منبـع الكذب، فخرجت صادقة هذه المـرة !! 

هو لا يغـار منه فقط .. 

بل يغـار من ملمس الهواء الذي يتلمس شفتاها الوردية، وهو قد لا يفعلها احيانًا !!!!! 

هو شخـص تعدى مراحـل الغيـرة، فأصبحـت هووس عاشق .. ! 

و رده لم يخلـو من شحنان غاضبه لو خرجت لأمـاتت " جمال " :

- بغير عليها من الهوا الطاير مش منك بس

وقهقـه باستفـزاز متعمـد، ليصفق بيـده مرددًا بما جعـل الدماء تفور بين أوردة " مالك " المحتقن :

-لا طلعت راجل تصدق ! 

أصبـح أمامـه تمامًا، وحتى تلك اللحظة - للأسف - تُقيـده كلمة " والده " بشهادة ميلاده اللعيـنة ! 

تقيـده ولو كـره، ويبدو أنه لن يتخلص من ذاك القيـد لطالما كان على قيـد الحياة !! 

ضغـط بقبضتـه يغلق عيناه عل إختفاء صورته عن محض عقله قليلاً تجعله يسترجع مالك المتحكم .. 

وبالفعل بعد ثواني سأله بما أذهـله:

- فين ماما و زينـة يا جمال بيه ؟ 

رفـع كتفيـه وقال ببـرود لا يتصنـعـه:

- مش عارف، وبعدين هو أنا من امتى بسأل حد أنت رايح فين وجاي منين !؟ 

كـز " مالك " على أسنانـه بغيظ للمرة التي لا يذكـر عددهـا، ثم أردف:

-اممم، بس على حد علمي ماما ماكنتش بتخرج كتير أخر فتـرة 

وإبتلـع ريقـه كحركة واضحـة جداً للتعبيـر عن التوجس الذي أحاط هالا وجهه .. 

ثم أستطـرد بثبـات ظاهري:

- مـ معرفش يا مالك أنا لسة جاي من شويـة 

وبالطـبع راوده القلق من توتره الذي كان شفافًا له، ورغم ذلك قـال بجمود :

_ ماشي 

ثم أستـدار ليمسـك يد " شمس " التي شعر ببرودتهـا، وكان خير دليل على الخوف من تواجـد الشيطـان بهيئته المستفزة امامهـا .. وهمسـة مُطمئنـة بجوار أذنها يبث فيها الهدوء والحنان منه: 

- أهدي يا شمسي 

اومأت بخفـوت، ليلقي هو نظـره أخيــرة على " جمال " الذي كان يتابعـهم بغيظ فطـن، والذي إزداد لأضعاف وهو يسمـع "مالك" يقـول ببرود ثلجي مستفـز :

- أنا طالع أوضتي أنا ومراتي، لو احتاجـت مني حاجة أبقى تعالى ماتتكسفش 

وضحك باستفزاز، ولم يمنحـه فرصة أخرى ليغادر متجهًا للأعلى !! 

فيما همـس " جمال " لنفسـه بغل حقيقي يلتمـع من عينــاه :

- بس المرة دي مش هعوز منك أنت يا مالك، لكن من زوجتك العزيزة !!!!!!!!!!! 


                        ************


وصـلت " زينـة " الكافيـة الذي سيشهـد على لقاؤوهم الغـريب، لقاؤوهم الذي حمـل رغبـات تتوارى خلف أسوار جيدتهـم المزيفـة !!! 

ولكنها رغبـات دون مصـدر !! 

وهل يُعقـل ؟!! 

زينـة التي يحسب لها أي شخص مائـة مرة، الان وبكل بساطة هي خاضعة لتصرفـات طائشـة .. ورغبات مكبوتـه !!!! 

جلسـت على احدى الطاولات منتظـرة ذاك الغريب الذي دعاها لمكـان أغرب .. ! 

وبعـد قليل كانت لها الصدمـة وهى تـرى ذاك الخبيـث أصبـح المرض من يتخابث عليه فأهلكـه !!!! 

وفغـرت فاهها وهي تلاحـظ سيـره البطيئ، والذي كان خير دليل على محاربته لفسه ليستطـع المجيئ .. 

فأبعدت له الكرسي الخشبي بهدوء هامسة : 

- أتفضل اقعد على مهلك 

اومأت مغمغمًا بوهـن في صوتـه الرجولي: 

- متشكـر جدًا 

وبمجـرد أن جلـس سألتـه بلهفـة :

_ مالك كدة في إية ؟ وشكلك مش طبيعي 

إرتسمـت ابتسامة ساخـرة مُتألمة على فاهـه موازاة لتألم ملامحـه :

- أصلي لسة خارج من عملية من يومين 

ومن دون تردد سألته باتـزان :

- لية ؟ وعملية إية دي ؟ 

وتنهيـدة سبقت اجابتـه الحزينـة :

- كنت بستأصل ورم، ونسبة النجاح ماكنتش مضمونـة 

شهقـت بصدمة وحـزن .. حزن لم يكن سوى إنسانيًا !! 

لشـاب في زهـرة شبابـه .. ولكن أي زهرة تلك، فما تـراه امامها يجعلها تقول 

" زهـرة ماتت محروقة يا حضرت ! " 

سألتـه مرة أخرى مستفسـرة :

- قصدك إنها فشلت يعني ولا إية ؟ 

هـز رأسه نافيًا بامتنـان إلهـي لمن يرجـع له الفضل بأكمـله :

- لأ، نجحت، ولحد دلوقتي مُش مصدق إنها نجحت 

ثم ابتسم متابعًا بهيستريـا سعيدة :

- مش مصدق إن بعد كل ده ربنا عطاني فرصة تانية للحيـاة !! أنا عملت كل اللي يعصيـه بس هو سامح، هو فعلاً غفور رحيم، كان زماني في القبر، والله اعلم مضلم ولا منور !!! كان زماني بتجازى على كل اللي كنت بعمله وهاعملـه 

صمت برهه ثم عاد يكمل بخوف :

- الله اعلم المصحف كان هيكون رفيقي في القبر ينورلي في ضلمتي ولا لا، الله اعلم لما الملكين يسألوني من ربك وما دينك هاقدر ارد ولا لا، الله اعلم هيكون الثعبـان الأقرع بيضربني كل اذان جامد وبتعذب ولا هكون هانئ .. بس الأكيد بكل اللي كنت بعمله في حياتي لا 

وللعجـب هي كانت كُلها أذانْ صاغية له !!!! 

تستقبـل همومـه وكلامـه الذي قد يكون غير مفهـوم على وتيرة القبول والتفهم .. 

لم تغضب ولم تتعجب من أخطـاؤوه التي لا تعلمهـا، بل كان صدرها رحب فسـاع من اخطاؤوه ما قد لا يتحمله اخر !!!!! 

ربمـا لأن هناك رابط يجعلهم متصلين ببعضهـم .. وقد يكون ذاك الرابط مصائبًا لا تنتهي !!!!!!!! 

 ولم تتكفـل سوى برد هادئ :

- جتلك فرصة تانية، أمسك فيها بأديك وسنانـك، وخلي عندك صلة دايمة بربنـا، يمكن تروح عنده في أي لحظة ! 

وتقريبًا كلامهـا كان موجـه لشخصهـا .. كلامها كان دعـوة واضحة لنفسها الثائرة لتهدئ !!!! 

دعـوة لشيطانهـا الأنسي بالرحيـل ..

و لكل فعل رد فعل .. ولكن كلاً منهم رُد عليه بفعلاً شنيعًا على أفعالهم كان بمئات الأفعال !!!!! 

فسمعـته يقـول بحبور :

- إتكلمي يا زينة، خرجي كل اللي جواكِ

ونظـرت له ببلاهه على كلامًا مكبوتًا خلف جدار روحها فكان شفافًا امامه !!! 

ولكنها لم تعاند وبالفعل سمحت له بالخروج :

- أنا تقريبًا هاعمل نفس اللي أنت هتعمله، كل واحد فينا اخد جزاؤوه في الدنيـا عشان يتعـدل، يمكن ربنا بيدينا عقابنا في الدنيا عشان نرجع له 

اومأ يحيى مؤكدًا على كلامهـا المتزن :

_ أحسن ما يكون العقـاب في الأخرة، وأحنا مش أده 

وبحركه مباغتـه مد يـده لها كدعوة صريحة لصداقة نقيـة لا يشوهها نوايا مختفية، بجوار ابتسامة لازالت متهالكـة :

_ زينـة، هنبدء من جديد .. مع بعـض 

وتقريبًا وجـدت نصفها الأخر المُشابـه  فطارت له بلا تردد تومئ بنفس الابتسامة :

_ مع بعـض !!!!!!! 


                         ***********


تنهـد " تامـر " وهو يقتـرب من والدتـه التي كانت تنظـر له بترقـب متفحص، تتلهف لشيئ يُبرئ تلك المسكينة فتركض لأحتضانهـا !!! 

نعم .. القسوة والجمود لم يكونوا سوى قنـاع مزيـف للأشتياق الهائل الذي كان يحتلها !! 

وبعد صمـت كانت قلوبهـم فيه أسيرة للأنتظـار الثقيل على قلوبهم ... 

قال بخشـونة مُحترقـة موجهًا نظره لــ خلود :

- أنا اسف يا خلود 

ضيقـت ما بين حاجبيها بعدم فهم، فهمست متساءلة ببلاهه :

- مش فاهمة ! أسف على إية يا تامر ؟ 

وداخلـه .. شيطانـه الأهـوج كان يتردد صوته مطالبًا إياه بعدم الأفصاح !!! 

ألا يستسلم فيسقط في بئـر الخائنين لا يخرج منه !! 

نظـر للأرضية هروبًا من نظراتـهم التي كادت تلقي به صريعًا، ثم تـابع :

- أنا أسف ليكم كلكم على اللي عملتـه ! 

سألته خلود بنفاذ صبـر من تلك الألغاز التي اصبحت تحاوطها من كل اتجـاه :

_ ما تقول يا تامر في إية، وبعدين أنت ماتعتذرليش خالص، أنت الكبير مهما عملت، وأنت ابويا التاني وسندي في الدنيـا 

ولم تكـن تدري أن تلك الكلمات لا تدفـعه نحو الأعتراف والتشجيـع .. 

بل تسحبـه نحو حافـة التراجـع السريع !!! 

كيف له أن يحطـم تلك الثقة المصاحبه ببريق عينيها البريئة ! 

كيف له أن يُكمل تحطيم قلب صغيرته !!

ولكنه أستطـرد بأسف حقيقي تجلى في نبراتـه :

- أسف لأني كنت سبب رئيسي في كل اللي بيحصل 

ونـال شهقة مكتومة من كلاهم، عادا مراد الذي هدئ قليلاً من حمل اعتراف قوي أنزاح من فوق كتفيه !!! 

تتبعـها صرخة خلود ووالدته المتساءليت في آنٍ واحد :

_ أنت السبب إزاي يا تامر ازاااي ؟! 

أطرق رأسـه ارضًا ليعتـرف بحـزن لم يتجزء من نبرته :

_ أنا اللي عملت كل ده، وأنا اللي خليت مراد يحتجز خلود عنده بالقوة 

سألتـه خلود بحروف ثقيلة على لسانهـا المصدوم :

-أزاي ... ولية ؟ 

اجابهـا بصوت مختنـق ؛

- كنت آآ كنت مفكر إن إنتِ فرقتينـا أنا وصافي حقد وغيظ منك بس، أنا وصافي كنا بنشوف بعض وبنتقابل، لحد ما دخلت في دماغي فكرة الأنتقـام منك، بحجة إنك إنتِ اللي اجبرتيها تبعد عني 

قاطعتـه خلود بقوة مفاجأة :

- أنا فعلاً اجبرتها تبعد عنك يا تامر 

صُدمـت والدتهم من حقيقة لم تراها يومًا في أولادها ولم تكن تتوقـع أن تراها !!! 


فتـابـع تامر بخزي :

- وأنا كنت موجـوع، قولت أزاي هونت على اختي الوحيدة، قررت أنتقم، وانا كنت مراقبك، وصدفة وقـع مراد في طريقـك، كان مفكـرك تبـع العصابة اللي انا معرفهاش حتى الان، بس أنا اوهمتـه إنك فعلاً تبـع العصابة دي برسالة مجهولة مني، بعدها مكالمات تليفون، بس بغبائي كلمته اول مرة من تليفوني ومانتبهتش إنه ظابط وطبيعي هيوصلي، المهم أنا اتهيألي ان مراد صدق عشان كدة حب ينتقم منك، وكدة هو انتقم لي انا وصافي 


وصفقـت بيدهـا بقوة وهي تضحـك ساخرة :

- لا تصدق أنا كـ بهيرة إنبهـرت 

وفجأة تحول ضحكها لصراخ متبـوع بدموع متحجرة في عينيها :

- طلعت أنت السبب، طلعت أنت السر، أنت يا أبويا بتنتقم مني !!!! أنت يا سندي بتهد فيا !!!؟ أنت يا حمايتي بترميني في النار 

وإنفجـرت دموعها كشلالات .. إن استطاعت تلك الدموع أن تعبر عن مدى احتراق روحها الان من الأساس !!! 

بالطـبع لن تعبر، أي دمـوع هذه ولا كلمات ولا صـراخ !!!!!! 

صـدى الألم يتردد بداخلها بقوة فلا يوجد له مضاد .... 

ألم يزداد ويزداد كلما أجبرتها ذاكرتها اللعينة على تذكر أن ذئابهـا لم تكن تتمثل سوى في أقرب الناس لها !! 

ثم إلتفتت لمراد تضربـه على صـدره بقوة ضعيفة واهنة، وأحبالها الصوتية اُرهقت بالفعل من كثرة الصراخ الذي ذبحها تضامنًا مع روحها المذبوحة :

_ وأنت خبيت عني ليييية ؟ سبتني أعيش ولو دقايق وأنا وخداه مثل أعلى ليا لية ؟؟ 

ثم نظـرت لأخيها الذي اصبحت تكره أن تُطلق عليه - أخ - فتُسيئ للكلمة :

_ أنت حتى ماجتش تسألني، إنتِ عملتِ كدة لية، فرقتينا لييية، أو حتى يا اخي اسألني إنتِ خااينة لييييييية !! 

ثم أبتسمت بسخرية قطعـت قلوبهم المتلهفة :

_ بس لااا، أنت ماعندكش وقت، أنت كنت القاضي والجلاد 

ثم صفقـت بيدهـا مرددة باشمئزاز :

_ بس براڤوووووو يا تامر، إنتقام تم تمام اووي اوي وماراحش تعبك أنت والحرباية بتاعنك هدر 

حاول الأقتـراب منها قليلاً، ثم همس :

_ خلود أنا عرفت غلطتي 

عادت للخلف بسرعة وكأنه ثعبانًا تخشى لدغته !!! 

ولمَ كأنه ؟! هو بالفعل ثعبان .. من تهون عليه الدماء والأيام، يصبح هكذا بلا شك !!!!!! 

فزمجـرت فيه :

_ بس، أنت عرفت غلطتك بس أنا كمان عرفت غلطتي، إني اعتبرتك في يوم شخص طبيعي 

نظـرت لوجهه بكـره لأول مرة في حياتـه يـراه يتدفق من بين عيناها، ثم قالت :

_ أنا من النهاردة مليش أخوات، بس أقولك حاجة اخيرة عشان تعرف غلطك بالمرة بقاا، أنا بعدتها عنك وهددتها عشان سمعتها بتتفق مع واحد إنها هاتتجوزك تاخد منك كل ما تملك وتهج مع الموز

وسمعت همسـه النادم :

_ ما هي هجت خلاص من البلد 

ضحكت مقهقه بسخرية واضحة ازعجته :

_ اه عشان كدة عرفت غلطك يعني، بس سوري خلاص شطبنـا 

إلتفتت لتجد مراد يحاول تهدأته مردفًا :

_ خلود حبيبتي ممكن تهدي عشان آآ 

قاطعتـه بأشارة من يدها، ومن دون مقدمات سقطت مغشية عليها بين ذراعيه !!!!!!! 


                         ***********


كانـت " شمس " تتسطـح بجـوار مالك على فراشهم الجديـد، فراش اخر ومكان اخر يشهـد على حبهـم الأفلاطـوني !! 

وكالعادة يُقيدهـا بذراعيـه وكأنه يخشى أن تفر هاربة منه فيموت زهقًا !!!! 

شدهـا نحوه ينظـر في عيناهـا .. لؤلؤتيها التي تعكس له صورته في عينيها هي ... عشقـه الأساسي والأول فيها !! 

تنهـد بقـوة قبل أن يهتـف بصوت أشبه للهمس :

_ أنا خايـف أوي يا شمس 

سألته مسرعة بتوجس ظهر بين حروفها المتلهفة :

_ خايف لية يا عيـون شمس ؟ 

قبل باطن يدهـا، وبشيئ من الخوف الذي لم تعرف شكله على مالك يومًا قال :

_ زينة كانت متصلة بيا كتير أوي، وباينها مكنش في شبكة، ودلوقتي بتصل بيها لقيتها مابتردش 

اومأت وبعقلانيـة ردت مطمأنة اياه :

_ طب يمكن مشغولة أو في الطريق وزمانها جاية وهاتفهم منها براحة 

اومأ هو متابعًا بخفوت :

_ صح، والمشكلة انها حتى يوم ما كلمتني مافهمتنيش في إية !! قالتلي إنها محتاجاني أوي 

ابتسمت زينة هامسـة بحنين ؛

_ فكرتني بـ ماما و بـ خلود صحبتي 

شدد من أحتضانهـا، ليهمس بجوار أذنها بما جعـل الفرحة تتخل خلاياها :

_ متقلقيش مهو اكيد هاخليكِ تزوري مامتك، وصحبتك كمان لو تحبي 

صفقت بسعادة مرددة :

_ ياااس، بحبك اوووي ربنا يخليك ليا 

قبل جبينها بحنـان واضح في قبلته الهادئة الرقيقة، ليستطرد :

_ بس هاتطمن وأشوف اخرة الحاج جمال، لإن الخطوة اللي انا اخدتها بأني اقعد معاه في نفس البيت، بس مضطر، وبعدها هناخد راحتنا في كل حاجة 

صما برهه ليفاجئها بقولـه الجاد :

_ أصل انا قررت أنزل اشغل املاك ماما بنفسي 

إتسعت ابتسامة مهللة بفرحة :

_ بجد يا حبيبي ؟ 

اومأ مؤكدًا :

_ أيوة لأن اصلاً إدارة الاعمال ده تخصصي بس انا كنت مستهتر زيادة عن اللزوم وبصرف من الكريدت كارت 

اومأت مؤيدة بتشجيع :

_ صح يا ملوكي، أنت كدة تمام 

وفجأة نظـر لعنقهـا يسألـها بفضـول وهو يتلمس تلك السلسلة :

_ جبتيها منين دي يا شمسي 

وابتسامة حزينة شقت وجهها الأبيض كخيطًا من الحزن وسط خيوطًا من الفرح وردت :

_ دي بتاعت بابا الله يرحمه 

اومأ بتفهم :

_ الله يرحمه، بس أصل دي اول مرة اشوفك لابساها فيه 

هـز رأسها نافية بهدوء جـاد مناسب :

_ لأ انا كنت بلبسها من يوم وفاة بابا كذكرى تفكرني بيه مع اني مش بنساه اصلاً، بس كنت بحطها تحت التيشرت، يمكن النهاردة خرجت غصب عني 

اومأ وهو يشـرد في نظـرات ابيه التي كانت تُحاصر شمس وخاصةً ناحية عنقها، وبداخله سؤال يخشى اجابته 

" هل لوالده علاقة بوالد شمس الراحل " ؟!!!!!

ولا يرغب في سماع الاجابة التي ستزيد من الفجوة !!!!!!! 


                       ***********


وصـل شخصًا ما لمكان مقابلة تلك العصابة المعتاد، الحلقة التي تضم جميع شياطين الأنس فتجمـع أفكارهم الخبيثة في دمار لشخصًا واحدًا .. او ربما الأمة كلها !!! 

وقـف ذاك الرجل يعطيهم ظهـره وهو يصيح بغضب كعادتـه :

_ كدة خلاص جه وقت التنفيذ 

سأله شخصًا اخر مستفسرًا :

_ قصدك اية بالظبط يا باشـا ؟؟ 

فانفجـر فيه مزمجرًا بغضب :

_ أنت غبي مابتفهمش امال احنا بنفكر ده كله في اية يا حمار ؟!!! 

وتهامس الاخرون بخوف :

" البووص شكله قرفان النهارد  جدًا، يا ويله اللي هيقـع تحت ايده " !!!!!! 

وسمعـوه يكمـل بجمـود ؛

_ اكتشفت إن البت اللي احنا بنراقبها ومتأملين انها عارفة مكان الفلاشة قريبة مني جدًا، يعني التنفيذ هيبقى سريع 

سأله الاخر مستفهمًا :

_ بجد يا باشا ؟  بس ازاي 

فرد الاخر عليه بسذاجـة :

_ يا غبي بما ان ابوها مات، اكيد راحت تشتغل عند الباشا خدامة 

وإستـدار الرجل لينظر له بحبال غضبه التي كانت في نظراته، والتي كانت كأنها تُميتهم حرفيًا ... 

ليظهـر أن ذاك الرجل والرئيس لتلك العصابة العالمية لم يكن سوى " جمال السُناري " والد مالك !!!!!!!!!!!


                     *************



الفصل الحادي والاربعون حتى الفصل الأخير من هنا



الفصل الأول من هنا



لاتلهكم القراءه عن الصلاه وذكر الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم 



اعلموا متابعه لصفحتي عليها الروايات الجديده كامله بدون روابط ولينكات من هنا 👇 ❤️ 👇 



روايات كامله وحديثه






تعليقات

التنقل السريع
    close