القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية الم بدون صوت البارت الثاني عشر حتى البارت التاسع عشر بقلم خديجه احمد حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج


رواية الم بدون صوت البارت الثاني عشر حتى البارت التاسع عشر بقلم خديجه احمد حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج 



رواية الم بدون صوت البارت الثاني عشر حتى البارت التاسع عشر بقلم خديجه احمد حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج 


نور

كنت مركّزة قوي، قلبي بيخبط…

مستنية كلمة واحدة تطمني، أو حتى تصدمني.

هو رفع عينه ليا، وشه كان شاحب، وصوته متقطع وهو بيقول:

"للأسف… طلع عندِك سكر فعلًا."


ماحستش بنفسي…

دموعي نزلت قبل حتى ما أستوعب الكلمة.

حسّيت إن روحي اتفقعت…

فوق كل اللي بيحصلي، ييجيلي سكر كمان؟


سارة حاوطتني بحنان،

وقالت وهي صوتها بيترعش حزن:

"نور… دي مشيئة ربنا. احمدي ربنا على كل حال يا روحي."


طلعت صوت متقطع وأنا ببكي وبشّهق:

__الحمدلله… الحمدلله على كل شيء يا رب… أنا مش معترضة.


يوسف كان واقف قدامي…

كان واضح إنه متأثر،

كأنه عايز يقول كلام كتير…

بس خايف يزيد عليا.


عدّى الوقت، وقدرت أخرج من المستشفى.

سارة ويوسف ماسابونيش لحظة،

وطنط – مامت سارة – جت وطمنت عليا.

حسّيت بدفا… بأمان… بحضن مش من حقي يمكن،

بس كان نفسي أعيش في المكان ده طول عمري.


وإحنا في العربية…

أنا قاعدة ورا، وسارة ويوسف قدّام،

بعد ما أصرّيت إن سارة ماتقعدش ورا معايا.


يوسف كان مصرّ إني ماارجعيش لبيت بابا،

وقال لي بصوت حاسم إنه لو روّحت…

هو هيتصرف، وهيعمل المحضر اللي هدّد بيه.


عارفة إنه خايف عليا…

بس هو مش فاهم.

مش فاهم إن قلبي… بالرغم من كل اللي حصلي،

لسه بيحب بابا.

بحبه رغم وجعي، ورغم إني عمري ماكنتش بنام من غير ما أحط مراهم على جسمي.

ده بابايا…

وليّه حق عليا حتى لو هو عمره ما أدّى حقّي.

وكفايه عندي… إني قدام ربنا،

أنا ما سيبتوش ولا يوم.


وصلنا تحت بيت ساره

بصيتلي نظره اخيره وابتسمتلي

بادلتها الابتسامه وطلعت 


بعد وقت

وصلنا قدّام العمارة، يوسف ركن العربية ومسح على وشه كأنه بياخد نفس قبل ما يتكلم.


قال بنبرة فيها حذر:

__بُصي… أنا مش عايز أعقّد عليكي الموضوع. هنروح لباباكي زي ما هو عايز، وهقول إنّي جاهز أجيلكم رسمي… بس من غير ضغوط. أول ما ظروفك تتحسن أو الأمور تهدى… نبقى نشوف هنتصرف ازاي.


كلمته كانت مريحة، يمكن لأول مرة من فترة حسّيتي إن حد فاهم إني مش قادرة ادخل أي علاقة دلوقت.


قلت بهدوء وانا بحضر نفسي عشان انزل من العربيه:

__مش عايزه اكون ف ضغط.


هز راسه بسرعة وكأنه بيطمني:

__ولا حتى هفكّر أضغط عليكي. كل حاجة هتبقى تحت سيطرتك.


نزل وفتحلي باب العربيه

طلع معايه ، وقبل ما اقفل باب الشقه سمعته بيقول:

__ اتطمني.


كأنها كلمة صغيرة، بس ريّحتني أكتر من اللي كنت متوقعة.


دخلت وقررت أنام،

لكن قاطعني صوت الموبايل وهو بيرن.

بصّيت… رقم أول مرة أشوفه.

ترددت لحظة… وبعدين رديت.

وساعتها سمعت صوت ما تخيلتش يوم يرجعلي تاني.

صوت مازن!.

مازن اللي سافر من سنين… ورجع دلوقتي، فجأة، كأنه ولا يوم عدى!!


_____________


سارة


قعدت في الأوضة لوحدي، ومش قادرة أنام من كتر التفكير… فكرة إن ممكن يكون بين يوسف ونور حاجة كانت بتخنقني.

قعدت كتير، وعيطت أكتر…

مش عارفة حتى بعيط على إيه.

يمكن خايفة يروح مني.

يمكن خايفة أكون مش في باله زي ما هو في بالي.


قررت أتصل بيه… مش عارفة ليه ولا علشان إيه.

بس كنت محتاجة أسمع صوته… محتاجة أطمن.


اتصلت.

جه صوته هادي كالعادة.

قلتله بصوت مبحوح من أثر البُكا:

__أنا بحب نور على فكرة، وبتمنالها كل خير… أنا بس متعودة إن هي بترجع، وهو بيسيبها ترجع… محطتش في دماغي إنه يعمل فيها كده.


رد بهدوء:

__حصل خير يا نور.


اتصدمت.

كملت وأنا حاسة إنه مش عايز يتكلم:

__عايزة أقولك حاجة… بيني وبينك.


قال بتركيز:

__سامعِك.


تنفست بصعوبة ودموعي نازلة:

__لو أنا بحب حد… وهو مش شايفني… المفروض أعمل إيه؟


سكت ثواني، كأنه بيحاول يفهم القصد، وبعدين قال بهدوء:

__مفروض ما تعمليش حاجة. ده نصيب يا نور… ولو هو من نصيبك هيجيلِك من غير أي مجهود.


الغصة زادت.

هو بيقول نور بدل سارة.

لحد دلوقتي هي شاغلة باله لدرجة إنه يتلغبط في اسمي؟


سألت وأنا بحاول أثبت نفسي:

__يعني… ماعترفش إني بحبه؟.


قال بحزم هادي:

__أوعي. ساعتها هتقلّلي من نفسك… وهترخصيها.

سارة… أنا واثق فيك. وعارف إنك عمرك ما هتعملي حاجة غلط.


ردّيت بضعف:

__أكيد يا يوسف… شكراً إنك

 سمعتني.


ضحك بخفة وقال:

__أنا هنا دايمًا لو احتاجتيني.


قفلت معاه…

وحسّه لسه في وداني.

في إحساس دفا بيغطي جزء من خوفي…

بس وجعي لسه موجود.

ولسه بفكر…

هل ممكن في يوم… يبقى ليّ؟

ولا هافضل خايفة إنه يبعد… أو يخسرني وأنا أصلاً مش ملكاه؟

_____________


يوسف


فريد صاحبي كلّمني لما ملاقانيش روحت الشغل.

ردّيت وأنا باخد نفس طويل:

__كان عندي ظرف… ومعرفتش أجي.


قاللي بسرعة وبنبرة استفزاز معروفه عنه:

__ظرف؟ قولّي بقى… ظرف إيه دا؟.


قلتله بنفس الضيق الهادي:

__يا فريد… بقولك ظرف. لو كنت عايز أقولك حصل إيه، كنت حكيتلك من غير ما تسأل.


سكت لحظة وبعدين ردّ مستغرب:

__يعني… مش هتقولي؟


اتسمت غصب عني، وطلعت النبرة السِمجة اللي دايمًا بتطلّع منه الشر:

__لا يا خفيف.


قال بضيق مصطنع:

__حلو أوي… تمام يا يوسف.


ضحكت وأنا بحاول أقفل المكالمة:

__سلام بقى… عايز أنام. وبكرة في الشغل هحكيلك كل حاجة.


ردّ وهو واضح إنه راضي إنه اضطر يستنى:

__اشطا عليك.


قفلت.

فريد…

أقرب صاحب ليا، رغم إنه رخم وفضولي وبيتدخل في كل كبيرة وصغيرة…

بس والله على قلبي زي العسل.


صحيت تاني يوم، جهّزت ولبست بدلتي،

وقررت أخبط على نور… أتأكد إنها في الشقة.

خبطت… لكن محدش فتح.

الدم غلي في عروقي، قلبي خفق بسرعة.


اتصلت كالعاده بسارة… يمكن راحوا الجامعة سوا.

بس سارة مردتش.

اتعصبت أكتر… كنت هاين عليا لما أشوفها… أكلها علقه من اللي هي بتعمله.


قررت أروح لباباها… يمكن تكون هناك.

وبدعي ربنا إنه ميكونش عمل فيها حاجة.

________________


نور


خرجت بدري، قلبي بيترن من التوتر… مازن قال إنه عايز يقابلني.

كنت مصدومة… إيه اللي رجعه من تاني؟

وطبعًا، لما يعرف إني سيبت البيت هيبهدل الدنيا… دا لو مكنش عرف لحد دلوقتي.

كل خطوة وأنا داخل الكافيه كانت تقيلة على قلبي، وحاسة إن الدنيا ضاقت حواليّا.


لقيته قاعد بعيد على طرابيزه لوحده، ماسك الفون.

قربت بهدوء، نفسي بيترعش من التوتر، وقعدت.

ولأول ما قعدت قال باستغراب، بنظرة فيها شك:

— مين حضرتك؟


رديت بصوت متردد، قلبي بيخفق بسرعة:

__أنا نور… يا مازن.


اتعدل في قعدته، وعينيه ركزت في ملامحي. كان فيه دهشة :

— اتغيرتي أوي.


رديت بسخرية خفية:

— يمكن من الهم.


كمل وكأن ذكرياته رجعت فجأة، صوته صار أثقل:

— سيبتي البيت ليه؟


تنفست ببطء وحاولت أمسك أعصابي، ورجعت أتني شويه على الكرسي:

— واللي قالك إني سيبت البيت، ما قالكش سيبته ليه؟


مازن رد بحزم، عيناه فيها صرامة ونبرة صوته تقطع الهواء:

— عايز أسمع منك أنتي.


رجعت أقرب شويه، قلبي بيرتعش من التوتر والغضب والمرارة كلها، وقولت:

— معنديش كلام أقوله غير إنكم ظلمتوني… وبدفع تمن سفركم.


رد وهو زهقان، وعينيه فيها إحباط:

— هو كل شويه هتقولي نفس الأسطوانه؟


قولت بصوت مخنوق:

__مازن… أنا مش جايه أعيد نفس الكلام، أنا بس محتاجة تفهم إني اتأذت بجد. مش عايزة أصنع مشاكل، بس اللي حصل أثر عليا جامد. كل اللي أنا عايزاه دلوقتي إنك تسمعني وتفهم شعوري مش تحكم عليا.


لكن فجأه!!


تفتكروا مين مازن دا؟


#الم_بدون_صوت 


البارت الاربعتاشر


Esraa Absee 

Waled Mohamed 


شكرا ع الناس اللي جاوبت صح ف السؤال اللي فات😍♥️


بعد كدا اي حد هيجاوب صح هعمله منشن

وكمان هاخد اسمه اكتبه من أسماء الشخصيات ف الروايه♥️


نور


فجأة قام واقف، وخبّط بإيده على الترابيزة بقوة كفاية تخوّفني.

وقال بصوت عالي:

__ارجعي البيت يا نور… والأحسن ترجعي ومعاكي الصايع اللي ماشيه معاه!.


جسمي كله اترعش.

بصيت حواليّ… الناس كانت بتبصلنا باستغراب.


قلتله بصوت متقطع:

__مازن… الناس بتبص علينا.


رفع صوته أكتر، وصار نظره ثابت عليّا:

__وطالما بتخافي من الناس بالشكل ده… بتعملي كده ليه من الأساس؟!.


قلت وأنا صوتي بيتعالى غصب عني:

__عملت إيه؟! أنا… أنا ماعملتش حاجة! لو بس تسمعني—..


قاطعني بقسوة في صوته:

__مش محتاج أسمع… انتي تعملي اللي بقولك عليه وخلاص. فاهمة؟


وفجأة… قطع كلامه صوت موبايلي وهو بيرن.

بصيت… يوسف.


مازن بص للموبايل وقال بسخرية تقيلة:

__هو دا؟ ردي. يلا.


قلت بخوف:

__ماز .....


لكن قطعني بصوته العالي:

__قلتلك ردي.


بلعت ريقي… وإيديا بترتعش وأنا بمسك الموبايل وبرد.


يوسف قال أول ما سمع صوتي، وصوته فيه قلق واضح:

__إنتي فين؟

ما تقوليش إنك رجعتي له؟.


قلت وأنا بحاول أتنفس:

__لا… لا مروحتش.


ردّ عليا بقلق أكبر، ونبرته أقرب للرجاء:

__نور… انتي فين؟


بصيت لمازن…

ما قالش ولا كلمة، بس أشار بيده إنّي أقول ليوسف ييجي.


كنت عايزة أعترض…

بس نظرته ضيقت صدري.


قلت بصوت واطي:

__أنا في كافيه ****.


رد يوسف بهدوء مش طبيعي:

__تمام… خليكي مكانك. أنا جايّلك.

_________________


يوسف


قفلت المكالمة…

وحسّيت قلبي بيخبط في صدري.

صوتها ماكانش طبيعي… مخنوق، ومرعوب، ومش هي نور اللي أعرفها.


طلعت من البيت بسرعة، ولا كنت شايف الطريق قدامي.

نفسي بيتسارع، وإيديا بتتلج من التوتر.

كل خطوة باخدها ناحية الكافيه كانت تقيلة…

وكأن رجلي بتجري قبلي.


ليه قالت المكان وكأن حد سامعها؟

ليه صوتها مهزوز بالشكل ده؟

ولو هي مش عنده… إيه اللي ضغطها كده؟


قولت إني أول ما أوصل هعرف كل حاجة…

الدقايق كانت بتمشي كأنها بتعاندني، وكل ثانية بترسم ألف سيناريو فخيالي.


وصلت الكافيه.

دخلت…

ولقيت المشهد اللي عمره ما جه فبالي.


كانت قاعدة قدّامه…

وهو ماسك إيديها بشدة، وملامحه كلها غضب!

قلبي اتقلب، ومن غير ما أفكر لقيت نفسي بجري ناحيتهم.


مسكت ياقة قميصه وحدّة صوتي خرجت لوحدها:

__إنت مين… وعشان إيه ماسك إيديها كده؟!.


شد نفسه منّي وقال بسخرية مستفزة:

__انت بقى العريس اللي جاي فجأة؟.


بصيت له من غير ما أفهم قصده…

ورجعت لها بسرعة، صوتي هادي بس مليان قلق:

__مين ده؟.


هو ما استناش ردّها، ورفع صوته وهو باصصلي بحدّة:

__ما تسألهاش… اسألني أنا!.


بصيت له باستفزاز:

__تمام.


التوتر عليّ وعليه كان واضح، وبدأت شدّ وجذب بينا بين ضرب وخناق وصوت عالي…

الناس كانت واقفة تتفرج، بس محدش بيقرب أو يحاول يهديّ.


وسط كل ده…

كنت سامع نور بتقول بصوت مرتعش:

__خلاص… خلاص سيبه!.


كل ما تقول كده… الغضب جوايا يعلى أكتر.

هو مين عشان هي اللي تدافع عنه؟


وفجأة…

صوتها اتكسر وهي بتصرخ:

__يوسف! دا أخويا!.


وقفت.

حرفيا اتجمّدت.


عيني اتسعت، وإيدي وِقّفت لوحدها.

بصيت له…

وبعدين رجعت ببصري ليها، وقلبي وقع حرفيًا من الصدمة.


بدأ يهز هدومه بأعصابه قدامي،

وبصلي بنظرة ضاغطة مليانة تحذير وقال:

__إحنا لسه هنتكلم… وهوريك نتيجه غلطك فيا.


وبص لنور آخر بصّة قبل ما يمشي،

نبرة صوته تقيلة:

__لو متقدّمش النهارده… تبقيّ انتي وهو تتحمّلوا اللي هيحصل يا نور.


ومشي.


نور وقفت مكانها…

إيديها بترتعش، وعيونها مليانة دموع…

وأنا واقف مش عارف أكلّمها من الصدمة.


جوايا صوت بيقول:

يمكن اتسرّعت… تصرفت غلط من غير ما أفهم…

بس برضه…

هي عمرها ما قالت إنها عندها إخوات، وسارة عمرها ما لمّحت.


بصّتلها وصوتي مخنوق بجد:

__والله… والله ماكنتش أعرف إنه أخوكي.

بس متقلقيش…

أنا هاجي النهارده.

هتقدّم… وهطلب إيدك.


بصّت لي كام ثانية…

وبعدين هزّت راسها بهدوء، وهي بتحاول تمسح دموعها.


قالت بصوت واطي:

__أنا عندي أربع إخوات.


اتصدمت… قلبي فعليًا وقف لحظة.


كملت وهي بتبص للأرض:

__بنت… وتلات ولاد.

سافروا كلهم بعد ما ماما ماتت…

وسابوني لوحدي معاه…

علشان أخد بالي منه.


بصّيت لنور…

كانت واقفة قدامي بتترعش، مش من الخوف بس…

من الحمل اللي شايفه فجأة على كتافها.


قولتلها بهدوء وأنا بحاول أستوعب:

__ليه… ليه ماقولتيش؟

ليه شايلة كل ده لوحدِك؟..


رفعت عينيها ليا…

نظرة مكسورة، بس فيها قوة غريبة.

وقالت بصوت مجروح:

__مكنتش عايزه حد يشيل همّي.

مش ناقصة حد يبصلي بشفقة.


الجملة دي جرّحتني.

هي فاكرة إنّي ممكن أبصلها بشفقة؟

دي نور…

اللي طول الوقت واقفة على رجليها، حتى وهي بتقع.


قربت منها خطوة…

وأنا بكلمها بوضوح:

__أنا مش هبصلك بشفقة…

أنا هبصلك باحترام.

انتي شيلتي مسؤولية مكانش مفروض تشيليها لوحدك.


عيونها لمعت دموع أكتر،

وأنا حسّيت قلبي بيوجعني عليها.


كملت وأنا بحاول أطمنها:

__وبالنسبة لأخوكي…

أنا هاجي النهارده.

وهكلم الراجل زي الناس.

ومش هسيبك تواجهِيه لوحدِك تاني.


كانت واقفة ساكته،

بس ملامحها قالت كل حاجة…

ارتياح… خوف… توتر…

بس كمان حاجة جديدة…

ثقة صغيرة بتتفتح.


مدّت إيديها تمسح دموعها وقالت:

__يوسف…

أنا مش عايزاك تعمل كده….ولا تتجبر عليا..


ردّيت بسرعة من غير تردد:

__أنا بعمل كده… عشانك انتي.

__________


  نور


ابتسامة خفيفة طلعت غصب عني… ابتسامة كانت طالعة من بين الدموع.

قد إيه يوسف شخص كويس… ومتعوّد يحسس اللي قدامه بالأمان، ومتربي عشر مرات.


قال بصوته الدافي اللي بيهدي الدنيا:

__يلا، عشان أوصلك الجامعة.


وبالفعل… وصلني.

طول الطريق كنت ساكتة، وهو سايبني على راحتي.


وصلت الجامعة.

محاضرات كتير ملحقتش أحضرها، بس كنت مطمنة إن سارة حضرت وهتشرحلي.


أول ما قابلتها، حكيت لها كل اللي حصل.

وشها اتغير فجأة… ملامحها اتسحبت، كأن حد صدمها.


قالت بعيون واسعة:

__يعني يوسف… هيتقدملك؟


هزّيت راسي، وأنا حاسة بخليط غريب جوايا.

بس اللي لفت نظري إن لونها اتغير… ودموعها واقفة على طرف عينها.


بصيت لها باستغراب:

__سارة… انتي بتحبي يوسف؟


اتخضت!

ردت بسرعة لدرجة فضحتها:

__يوسف؟! لأ طبعًا! إنتي بتقولي إيه!.


ضيّقت عيني وأنا ببصلها بشك:

__بس وشك اتخطف فجأة…


بلعت ريقها وقالت وهي بتحاول تهدي موقفها:

__لا لا… قصدي… عشان انتي مش عايزة تدخلي في علاقة وكدا.


تنهدت وقلت:

__ايوه… هتبقى صورية بس لحد ما أشوف حل.


سارة سكتت شوية… وبعدين قالت بصوت واطي:

__أنا تعبانة شوية… مش هقدر أكمل باقي المحاضرات.


قلبي وقع.

__مالك؟.


قالت وهي بتهرب بعينيها:

__مرهقة… هروح أرتاح.


قلت بسرعة:

__طب أجي معاكي، الطريق ممكن يتعبك.


هزت راسها باستعجال:

__لأ… انتي كَمّلي وسَجّلي المحاضرات. أنا تمام.


قلت بهدوء:

__خدي بالك من نفسك… وطمنيني أول ما توصلي.


هزت راسها ومشيت.

كانت ماشية بسرعة… أسرع من الطبيعي.

وقفت أبصّ وراها لحد ما اختفت عن عيني.


والشك لسه ماسكني.

في حاجة غلط.

وسارة مش بتقول كل اللي جواها.


__________________


ساره


من أول لحظة نور قالت فيها: __يوسف هيتقدملي… حسّيت الدنيا وقفت.

مش لأنها غلطانة… لأ.

عشان أنا كنت خايفه من اللحظة دي من شهور… اللحظة اللي كل حاجة جوايا تنهار فيها.


وشي اتسحب، وقلبي وقع، بس حاولت أضحك… أبتسم… أعمل أي حاجة تبين إني عادي.

بس مفيش حاجة كانت عادية.


ليه هو؟ ليه دلوقتي؟


يوسف…

اللي عمره ما أخد باله مني…

واللي كنت بستخبى من نفسي عشان ماحسّش بحاجة ناحيته.

واللي كنت كل مرة أشوفه، احس بدقات قلبي بتعلى


لكن النهارده اتغير كل شئ


نور بتبصلي

بتسألني:

__سارة انتي بتحبي يوسف؟.


قلبي اتكشف.

حسّيت إني اتعريت قدامها.

اللي في قلبي مكنش مفروض يطلع… لا دلوقتي ولا بعدين.


رديت بسرعة، بسرعة زيادة عن الطبيعي:

__يوسف؟ لأ طبعًا!.


كذبة…

بس كان لازم أقولها.

أنا أصلاً ماليش حق أحس كدا…

ما بيني وما بينه أي حاجة؟


ولما قالت إنها هتوافق "صورية"… حسّيت إني بوقع أكتر.

حتى لو صورية… برضه وجعت.


جسمي كله بقى تقيل، ودماغي دوّخت.

قولت إني تعبانة…

بس الحقيقة؟

كنت عايزة أهرب…

أهرب من السؤال… ومن الإجابة… ومن إحساسي.


وإني مش قادرة أشوفها وهي بتتكلم عنه كإنه شيء بسيط.

يوسف عمره ما كان بسيط بالنسبالي.


مشيت بسرعة…

كانت رجليا بتجري من غير ما أفكر.

عايزة أستخبى…

عايزة أتنفس…

عايزة أبطل أحب حد مش ليا.


بس وأنا ماشية… سؤال واحد كان بيرن في دماغي:

__لو كانت نور عرفِت… كانت هتعمِل إيه؟


____________


يوسف 


حضرت نفسي قبل ما أخرج…

قلبي مليان فرحة وتوتر في نفس الوقت.

عارف إن مفيش أي مشاعر من ناحيتها دلوقتي…

بس قلبي  بيقوللي… يمكن يوم تحس بحاجة.


جهزت واتجهت لشقتها.

نور كانت رجعت من المحاضرات… لابسة فستان رقيق، ووشها مليان قلق وخوف.

قلبي اتقبض شوية وأنا ببص لها…

حاولت أهدّيها بكلامي:

__متخافيش… كل حاجة هتبقى تمام.


هزت راسها بحذر… ومشيت قدامي.

ركبنا العربية… والطريق كله كان مليان صمت مش طبيعي.

حسيت بقلبها بينبض بسرعة… وكل خطوة كانت بتدي إحساس إن الخوف شايلها من جوة.

حاولت أطمنها… بس مفيش فايدة… مجرد نظرة قصيرة بينا كانت كفاية.


وصلنا تحت البيت…

خرجنا من العربية… نور ماشية وجسمها كله بيرتعش من التوتر والخوف.

وصلنا قدام الشقة…

خبطت أنا وهي… وورانا فتح لنا أخوها، مازن، وبص لنا من فوق لتحت.

الجو كله اتشحن فجأة…

وبدخولنا… قلبي كان مليان قلق وحذر.


قعدت جمبها…

نور كانت عيونها على الأرض، بتحاول تهدي نفسها… وكل جسدها مش قادر يثبت.

حسيت بحاجة قوية جوايا… الرغبة إني أحميها، وأخلي كل حاجة تمام.

قلت وأنا بحمحم:

__أنا جيت زي ما قولت.


طلعت من جيبي العلبة، وقلت بصوت ثابت وهادئ:

__هنتخطب… وهتجوزها أول ما أكون جاهز.


بصلي أبو نور شوية… ونبرة صوته كانت فيها سخرية:

__بس في اللي جاهز.


قلبي اتقلب… مش فاهم قصدهم.

رديت بعدم فهم وحيرة:

__يعني إيه؟


دخل مازن وقال بنبرة استهزاء:

__يعني في حد ناوي يخلص ويتجوزها على طول.


صوتي ارتفع بالغضب…

مش غضب على نور بس… لكن كمان على الطريقة اللي بيتعاملوا بيها

__إنت بتقول إيه يا يجدع؟


وقف مازن… وصوته كله تحدي وقال:

__يعني شرفتنا… نور مش هتتجوزك… هتتجوز واحد تاني!


اتصدمت…

قلبي اتقل… حسيت بغصة كبيرة في صدري.

بس حاولت أسيطر على نفسي…

بصيت لنور، وشفت عيونها مليانة خوف…!!

في شخص هيظهر جديد

اقترحوا عليا اسم للشخص دا

أكتر اسم هيتكرر هو اللي هيبقى اسم الشخص♥️♥️


#الم_بدون_صوت 


البارت الخمستاشر


الاسم اللي اتكرر مرتين هو يونس

ف دا اللي هيبقى اسم الشخص الجديد

ومحدش يزعل لو الاسم اللي اقترحه متكتبش ي حبايبي♥️

لسه في شخصيات جديده هتظهر تانيه❤️


يوسف


ردّيت بصوت غاضب الغضب بيغلي جوا صدري لدرجة إن نفسي بقى تقيل:

__يعني إيه الكلام ده؟ هو اتفاق عيال ولا إيه؟.


مازن رد ببرود مستفز… برود مقصود، كأنه عايز يولعني أكتر:

__أه… هو ده اللي عندي.


كلامه دخل قلبي زي شرارة نار.

بس اللي وجعني أكتر…

إن نور كانت قاعدة، دموعها نازلة على خدها، ومش قادرة تنطق.

كانت منهارة… وحاسة إنها محاصرة.


بصيت لها لحظة…

رجعت بصيتلهم وأنا ماسك غضبي بالعافيه:

__مش إنتوا اللي تقرروا…

نور هي اللي ليها الحق تقرر مصيرها.


أبوها نقل نظره بيني وبينها وقال بحزم بارد:

__نور مش هتسمع كلام حد غير أبوها…

صح يا نور؟.


هي بصت في الأرض…

كتّفت صوابعها…

وكأن صوتها اتسحب جواها ومش راضي يطلع.

ما نطقتش.


اتحركت ناحيتها، قلبي بيخبط في صدري وأنا بقول:

__نور… تيجي معايا؟ ولا هتفضّلي معاهم؟.


رفعت عينيها ليا…

كان في دمعة نازلة وفي ارتباك وخوف…

وبعدين، من غير ولا كلمة…

قامت ومشيت بسرعة، ودخلت الأوضة وقفلت الباب وراها.


اتصدمت.

حتى نفسي وقف لحظة.


اختارتهم.

اختارت الناس اللي وجّعوها عمرها كله…

الناس اللي كانت سبب في كل اللي جابها للحظة دي.


مازن وأبوها كانوا واقفين،

نظرتهم مليانة سخرية… وكأنهم كسبوا الجولة.


بصيتلهم من غير ما أقول ولا كلمة…

وقمت ومشيت.


مشيت وأنا مش فاهم.

مشيت وأنا صدري مولّع.

مشيت وأنا حاسس إني اتغرست بخنجر مش غضب…

خنجر خيبة.


هي بتفكر إزاي؟

إزاي تختار الألم على أي فرصة إنقاذ؟

إزاي حد يفضل عند ناس بتأذيه… بدل ما يروح للي واقف جنبه؟


سقت العربية والغضب مالي ملامحي…

النار كانت طالعة من عيني حرفيًا.

كنت بتمنى…

بتمنى إن كل اللي حصل ده يبقى كابوس.

وإن أول ما أغمض عيني دقيقتين…

أصحى ألاقي الدنيا مش بالشكل ده.


ووصلت الشغل…

وأنا قلبي لسه في الشقة.

ولسه مش قادر أنسى شكل نور وهي بتهرب مني.


_______________


ساره


صحيت على صوت ماما…

كان صوتها مليان خوف حقيقي، خوف يوجع:

__ساره يا حبيبتي… فوقتي أخيرًا؟


فتحت عيني بصعوبة…

كل حاجة كانت مغبشة قدامي، وماما واقفة جنبي عينيها محمرة من القلق.

قومت بالعافية، وبصيت حواليّ…

لقيت نفسي في السرير، وفي إيدي محلول متعلق، وقلبي وقع من المنظر.


بصيت لماما بقلق وقلت:

__إيه اللي حصل؟


ردّت وهي بتحاول تخبي رعشة صوتها…

__لقيتك واقعة في أوضتك… ما بتحركيش.

أم محمد لما سمعتني بزّعق جت على طول، وكشفت عليكي…

قالتلي إن ضغطك كان واطي قوي وركّبت لك محلول.


عينيها كانت بتلّمع…

واضح إنها اتخضّت جدًا.


ابتسمت لها ابتسامة ضعيفة، ابتسامة مش من القلب قد ما هي محاولة تهديها:

__متقلقيش يا ماما… أنا كويسة.


بس الحقيقة…

قلبي كان بيخبط جامد وأنا فاكرة آخر لحظة قبل ما أوعى.

فاكرة إني كنت مضغوطة… كاتمة كل حاجة جوايا…

وفاكرة قد إيه دماغي كانت بتلف بسبب اللي حصل بين نور ويوسف.


وماما لسه واقفة قدامي…

نظرتها مش مصدقة إني "كويسة" زي ما بقول.

ومع كل ده…

أنا نفسي كنت عارفه إن من جوايا مش كويسه


سابتني وقالت إنها هتحضّر أكل عشان أتغدّى.


أول ما خرجت…

الإبتسامة اللي كنت حاطاها بالعافية بدت تقع من على وشي واحدة واحدة،

وكإن روحي كانت مستنّية اللحظة دي عشان تنهار.


حسّيت قلبي بينقبض…

الهدوء اللي في الأوضة كان صعب، صعب لدرجة إنه بيخنق.

دموعي بدأت تجمع في عنيّا من غير ما أرمش حتى،

وبعدين نزلوا مرة واحدة… سخنين… متلاحقين…

كإن حد فتح جرح قديم كنت فاكراه قفل.


مددت إيدي للفون بإيد مرتعشة،

وفتحته.

دخلت على الألبوم اللي مخبيه فيه صور يوسف…

الألبوم اللي مافتحهوش غير لما أكون على آخر حيلتي.


كل صورة كانت بتغيّر نبض قلبي،

تسرّعه… تبطّطه…

تفكرني قد إيه كنت شايلة حاجات جوايا ومقلتش عنها ولا كلمة.


حسّيت نفسي بتكسّر من جوا.

أصابعى كانت بتتزحلق من الدموع وأنا بقلب في الصور،

لحد ما مخي موصلش يتحمّل…

ورميت الموبايل بعيد، رمية يأس مش غضب.


غطّيت وشي بالبطانية بعفوية،

مش علشان أبطل عياط…

لأ… علشان صوتي يفضل جوايا وماما ما تحسّش حاجة.

كنت بحاول أفضل “قوية” حتى وأنا منهارة.


الدموع مبطّلتش…

كتفي بيتهز…

وصوت أنفاسي متقطع،

وجوايا ألف كلمة مش لاقية مخرج.


مش فاكرة عدّى قد إيه عليّ…

لكن في لحظة، التعب غلبني،

والدموع سخنت مخدتي،

وعنيا تقفلت لوحدها.


نمت…

يمكن هروب…

او يمكن لأن الوجع كان أكبر من طاقتي.


______________


نور


قعدت في أوضتي… جسمي كله كان بيتنفض،

ومخي مش راضي يثبت على فكرة واحدة.

أنا نفسي مش فاهمة… ليه مروحتش مع يوسف؟

ليه رجلي اتثبتت في الأرض؟

يمكن علشان رغم كل الوجع… لسه متعلقـة بالبيت.

متعلقة ببابا… حتى لو كل ذكرياتي معاه وجع فوق وجع.

بس المكان… ريحته… تفاصيله…

مرتبط بيّ بطريقة غريبة، مؤذية، بس موجودة.


وأقعد أكلم نفسي:

يمكن الجواز دا يغيّر حياتي…

يمكن الراجل اللي هتجوزه يكون كويس…

يمكن يطلع باب جديد للخلاص.

لكن أول ما عرفت هو مين…

الدنيا اسودّت قدّامي.


يونس؟

يونس جارنا  اللي طول عمره كلامه تقيل وحركاته تخنق؟

يونس اللي كنت بتهرب من نظرته؟

يونس اللي عمري ما ارتحتله؟


الصدمه خلت صوتي يتهز وأنا بقول لمازن:

__يونس؟… أنا مش بطيقه يا مازن.


مازن شد إيدي بشدة… شدّة وجعتني قبل حتى ما تخضّني،

وقال بغِلّ:

__هتعملي إيه يعني؟ دا اللي وافق بعد الفضيحه دي.


سحبت إيدي منه بقوة،

حسّيت إني لو ما بعدتش هصرخ.

وقولتله وقلبي بيولّع:

__فضيحة إيه؟ أنا كنت في بيت سارة… صاحبتي!

لا روّحت لحد… ولا عملت حاجة غلط!.


بصلي بنظرة كلها إهانة… نظرة تقلّل من وجودي كله:

__آه… حلو السيناريو دا. بس تضحكي بيه على حد غيري.

وبمنتهى البرود كمل:

__يونس شافك وشاف الاستاذ لما كان بيجي الشقه ومعاه صور بالكلام دا.


هنا…

هنا قلبي وقع في الأرض.

استوعبت فجأة مين اللي قال لبابا ع مكاني يومها .

مين اللي كان بيراقبني ويقلب الحق باطل.


قلت بسرعة، وصوتي كان بيرتجف من الغضب:

__يوسف ضابط، وكان جاي يساعدني…

لما عرف اللي بيحصلي عند أبويا. 

كان هيرفع بلاغ ضده !

ولو كنت وافقت كان زمان أبوك مرمي في السجن…

بس أنا اللي رفضت!.


مازن ضحك…

ضحكة جارحة، بتقطع الروح :

__فيلم هندي… برافو يا نور.


بصيتله بيأس…

عارفة إن مهما قلت،

مش هيسمع…

مش هيحاول حتى يفهم.


قلتله وأنا بترجّاه، مش ضعف… لكن وجع:

__ترضى بنتك يحصل فيها كدا؟

ترضى تتجوز واحد غصب عنها؟.


بصلي بنظرة…

كانت قاسية لدرجة إنها وجعتني أكتر من الكلام:

__بنتي؟ بنتي متربية…

مش زيّك.


الكلمة جرحتني…

مش لأنها جديدة…

لكن لأنها جت من حدّ…

كنت فاكرة إن في يوم من الأيام كان ممكن يبقى سند.


ردّيت بكل الغُلب اللي متخزن جوايا، وصوتي كان ثابت  مليان وجع:

__وأنا لو آخر راجل في الدنيا… مش هتجوزه يا مازن.

أنا مش لعبة في إيد حد.

أنا بني آدمه… وليّا حق أختار حياتي وشريكها.

واللي مستحيل يكون يونس.


وقف لحظة، وبصلي بنظرة فيها تحدّي واضح، وكأنه متأكد إنه الأقوى… وقال بهدوء مستفز:

__هنشوف… كلام مين اللي هيمشي في الآخر.


________________


يوسف


وصلت الشغل…

بس ولا شغل في دماغي.

المكتب قدامي، الناس رايحه جاية،

وأنا… واقف، تايه،

عمال ألف في المكان كأني بدوّر على نفسي.


إيديا في شعري،

وعقلي بيعيد نفس الجملة:

**"ليه؟ ليه عملت كدا؟

ليه مجتش معايا؟

معقولة… تكون خايفة مني؟"**


الكلمة الأخيرة وجعتني…

حسيت بيها بتخبط جوّا صدري.


فريد كان قاعد على الكرسي…

مِسَنّد راسه على ضهر الكرسي وبيتابعني بنظرة زهقانة،

لحد ما نفَس جامد خرج منه وقال:

__ما انت لو بس تفهّمني…

إنت بتتكلم عن مين،

هساعدك.


بصّيت له…

وبصوت مخنوق ما بين غضب ووجع قلت:

__نور.


فريد رفع حاجبه وقال:

__نور مين؟


قعدت قدّامه وأنا مش عارف أبدأ منين…

مسكت إيديا ببعض، وبصوت مخنوق قولت:

__نور… بنت كنت رايح أتقدم لها.


عين فريد فتحت على الآخر:

__إيه دا؟ من إمتى وإنت داخل في حوارات جواز وازاي مقولتش ليا؟!


زفرت وقلت:

__الموضوع جه فجأة… بس هي كانت محتاجه حد يقف جنبها.

أبوها وأخوها عاملين عليها حصار…

وبيجبروها تتجوز واحد ماينفعش… 


فريد قرب بكرسيه وقال:

__وهي بتحبك؟


هزّيت راسي:

__مش عارف…بس كل اللي اعرفه… انها كانت عايزه تهرب من اللي هي فيه، وأنا…

أنا كان نفسي أساعدها.


سكت شويه، وابتسامة صغيرة اتكوّنت على وشه وهو بيقول:

__طب فهمني بالتفصيل اي اللي حصل


نزلت نظري للأرض:

__روّحنا… باباها وأخوها قلبوا الدنيا.

قالولي إن في حد تاني جاهز يتجوزها فورًا.

وهي… سكتت.

صوتي اتكسر وأنا بكمل:

__سكتت يا فريد…

وقامت دخلت الأوضة…

وسابتني واقف زي الغريب.


فريد شهق بخفة:

__يعني اختارتهم؟.


غمضت عيني بقهر:

__معرفش… بس اللي شوفته بعنيا قال كده.


فريد مسك كوباية القهوة وقال بصوت هادي:

__واضح إن البنت مش بخير… ومش بتتصرف من عقلها يمكن متلغبطه.


بصيت له وأنا مش فاهم قلبي:

__أنا مش قادر أفهمها يا فريد…

مش قادر أفهم هي بتخاف منّي…

ولا منّهم…

ولا من الدنيا كلها.

_______________


ساره


وقفت وأنا ماسكة الموبايل بإيد مرتعشة…

القهر اللي في قلبي عامل دوشة جوا وداني، بس كان لازم أعرف.

كان لازم أسمع منه… حتى لو الكلام هقطعني نصين.

اتصلت…

والرنّة كانت بطيييئة… كل ثانية بتزود دقات قلبي واحدة.

لحد ما جه صوته…

هادئ… بس فيه حاجة مكسورة.

__أهلاً ساره…

بلعت ريقي وانا بحاول أثبّت صوتي:

__ها… نور عملت ايه؟ رُحتوا؟… الموضوع خلص؟

جوايا كنت بدعي…

بدعي إن الإجابة تكون لأ.

بدعي إن نور تفضل لسه… مش لحد.


صوته اتغير فجأة، غُصة واضحة فيه:

__لا… كل حاجة اتشقلبت يا ساره.


ساعتها قلبي وقع.

وقع وفرح… ووجع… واتلخبط بشكل بشع:

__إزاي يعني؟

سألت وأنا عارفة إني بخاف من الإجابة زي خوفي من ضياع نور.

وابتدى يحكي…

حكى اللي حصل عندهم…

حكى عن أبوها… ومازن… وصوت نور وهي ساكتة…

حكى ازاي قامت ودخلت الأوضة…

وسابته واقف لوحده.

وأنا كنت بسمع…

ودموعي بتنزل من غير ما أحس.

مش علشانه…

ولا علشان الكلام.

علشان نور.

نور اللي هتترمي في حضن واحد متعرفوش… 

نور اللي كل يوم بتتوجع في بيت محدش شايف فيه إنها إنسانة.

نور اللي أنا مش قادرة أعمل لها حاجة… غير إني أدعي.

وسط دموعي…

وسط الوجع اللي مالي قلبي عليها…

كان فيه نغزة صغيرة جوايا…

نغزة خوف وفرح في نفس اللحظة إن يوسف… لسه مش ليها.

مسحت دموعي بسرعة…

وفضلت ساكتة ثواني قبل ما أقول بصوت مكسور:

__يوسف… أنا خايفة عليها أوي.


سكتّ لحظة…

كأن الكلام وقف في حلقه، لحد ما صوته رجع يكسر الصمت بتنهيدة تقيلة…

تنهيدة كلها تعب وخوف وحرقة:

__مش أكتر مني يا ساره


قالها بصوت واطي، بس مليان وجع…

وجع راجل كان نفسه يحمي حد ومقدّرش.


حسّيت قلبي بينكمش أكتر.

أنا عارفاه… يوسف مش من النوع اللي ينهزم بسهولة.

بس المره دي…

كان باين عليه مكسور.


وبعد لحظة سمعته بيكمل:

__اتصلي بيها يا ساره… هي أكيد محتاجالك دلوقتي.


كلامه دخل قلبي زي سهم.

عارفة إنه صح…

نور دلوقتي لوحدها، مرعوبة، مش لاقية حد يسندها.

ومهما حاولت أدفن خوف في قلبي عليها…

هو بيكبر.


مسكت الموبايل بإيد بتترعش…

وبصوت مخنوق قولتله:

__هتصل… أكيد هتصل. ومش هسيبها لوحدها.


وقفلنا…

وأنا قلبي بيدق بسرعة… ودموعي محبوسة بالعافية.


اتصلت بيها وانا مستنيه ع أعصابي ترد.


ردّت… وصوتها كان مرعووش وهي بتنطق اسمي:

__ساره…


جسمي كلّه اتشل لحظه.

قولت بقلق وخوف:

__نور… اي اللي حصل؟ وليه عملتي كده؟


سمعتها بتنهار وبتقول وسط بكاها:

__عايزين يجوزوني يونس يا ساره… يونس!!


إيدي اتجمدت على التليفون، وقلبي وقع ف رجلي.

طلعت الكلمة مني متلخبطة:

__يونس مين…؟


قالت وهي بتقاوم البكا:

__يونس اللي حكيتلك عليه… الواد الملزق اللي كان بيضايقني ف كل حتة!


حطيت إيدي على راسي، ووشي سخن من الصدمة.

قد إيه كانت بتكرهه… وقد إيه كانت بتقرف منه.


ردّيت بوجع وغيظ:

__ليه يا نور؟ ليه مردتيش تروحي مع يوسف؟ ليه اخترتي تفضّلي تحت رحمتهم؟


جاء صوتها مكسور، متقطع:

__كنت فاكرة اللي هتجوزه دا يمكن يساعدني… يمكن يطلع حد كويس…

بس لما عرفت إنه يونس… فهمت إنه وجع جديد.


وبعدين قالت الكلمة اللي جرحت قلبي:

__ساره… ساعديني… أنا مش عايزة… مش عايزة أتجوزه.


قولتلها وأنا بحاول أهديها، صوتي هادي بس باين فيه القلق:

__متخافيش… أنا في ضهرك. أنا ويوسف مش هنسيبك، وهنساعدك تخرجي من اللي انتي فيه.


سمعت نفسها وهي بتتنفس بسرعة، وصوتها كان متقطع:

__هتعملوا… إيه؟.


تنهدت وأنا بحاول أطمنها أكتر:

__إحنا هنتصرف. المهم… أول ما أتصل بيكي في أي وقت، تردي عليا على طول. عشان نكسب وقت… تمام؟.


ردّت وهي صوتها متلخبط و مش فاهمة حاجة:

__تمام…

_______________


نور


قفلت مع سارة، وفضلت واقفة مكان ما أنا… حاسة إني تايهة.

الدنيا عاملة زي دوّامة… كل ما أحاول أتنفّس، ترجع تلف بيا أقوى.

كان نفسي للحظة واحدة بس أحسّ إني عايشة في أمان، من غير خوف… من غير حد يفرض عليا حياتي.


وف وسط تفكيري…

دخل بابا عليّا.

ملامحه كانت قاسية بطريقة وجعت قلبي قبل ما توجعني أنا.


قال بصوت عالي ومليان غضب:

__بقى انتي تقولي لأخوك إنك مش هتتجوزي يونس؟


بلعت ريقي، وحاولت أثبّت صوتي:

__عشان… عشان أنا مش بحبه.


قرب مني… وصوته اتغيّر:

__مش بتحبيه؟ بتحبي يوسف، صح؟


هزّيت راسي بسرعة… حاولت أوصلله إني مش قصدي حاجة، إني مخنوقة مش أكتر.

بس هو مكانش سامع… كان شايف اللي في دماغه بس.


 قرب مني

بدأ يضربني جامد

جسمي كله بيتكسر بين ايده

زي ما يكون الحِمل اللي عليّا زاد فجأة…

زي ما يكون الدنيا كلها اتحولت لضغط واحد…

وهو كل اللي بيقوله بكلمة واحدة وسط ضربه ليا قصرت الدنيا كلها:

__هتتجوزيه… غصب عنك.

    


حسّيت روحي بتتسحب مني…

الكلمة اللي قالها كانت تقيلة لدرجة خلت الأرض تهتز تحتيا.


خرج من الأوضة وهو سايبني منهارة على الأرض،

مش قادرة أستوعب اللي بيحصل…

الجوايا كان وجع أكبر من أي وجع في جسمي.


نفَسي كان متلخبط،

وقلبي بيدق بسرعة كأني بهرب من شيء مش شايفاه.


اتجمّعت على نفسي بالعافية،

وقومت بخطوات مهزوزة

نمت على السرير بهدوء، كأني بدور على أي زاوية أستخبى فيها من الدنيا.


وشي كان محمّر من كتر البكا،

والدموع نازلة من غير توقف…

مش عشان ضعيفة،

عشان مخنوقة… ومقفولة عليا كل الأبواب.


ومع كل ده…

كان في حاجة واحدة ماسكاني،

حاجة صغيرة بس قوية…

وعد سارة.


وعدها إنها مش هتسيبني،

وإنها هتساعدني أطلع من السجن اللي أنا فيه.


المره الجايه هنعرف إزاي هينقذوا نور من اللي هي فيه


في شخص هيظهر قريب ف اقترحوا اسم ليه زي المره اللي فاتت♥️


#الم_بدون_صوت


البارت الستاشر


ساره


قفلت مع نور

وما إن سمعت صوت المكالمة بيقفِل

حسّيت قلبي بينزل لتحت…

كنت مرعوبه عليها، صوتها كان بيرجف لدرجة خلّت جسمي أنا شخصيًا يترعش.


ما استنتش ثواني…

على طول رجعت اتصل بيـــوسف.

وهو ردّ أول ما الموبايل رن،

صوته كان متوتر وبيسأل قبل حتى ما أتكلم:

__نور كويسة؟


بلعت ريقي وبدأت أحكي…

حكيتله كل كلمة قالتها

وإنها منهارة ومش عايزة تتجوز

وإن أهلها مستعجلين جدًا،

وإنّي وعدتها إن إحنا مش هانسيبها.


كنت بتكلم بسرعة من كتر القلق،

وصوتي كان بيتهز،

وحسّيت إني محتاجة حد يشيل معايا الهم دا.


رد يوسف بعد سكوت بسيط

وصوته كان ثابت بس باين عليه التوتر:

__مش هينفع نتكلم في التليفون…

أنا جايلِك دلوقتي.

لازم نقعد ونعرف هنعمل إيه.


أول ما خلّص جملته…

قفل.


وقفت بالموبايل في إيدي وأنا حاسة الدنيا بتلّف.

قعدت أستناه__

أستناه ييجي ونفهم

إزاي هننقذ نور قبل ما يفرضوا عليها جواز غصب.

_____________


يوسف


لبست جاكت الشغل على السريع،

وأنا قلبي بيدق أسرع من خطواتي…

كنت حرفيًا هطير لحد العربية.


فريد قام من على الكرسي، صوته كان مليان قلق وهو بيقول:

__رايح فين كدا ومستعجل؟


مسكت مفتاح العربية من الترابيزة وأنا برد بسرعة:

__البنت اللي حكيتلك عنها… نور…

محتاجاني. واقعه في مشكله .


وقبل ما ألحق أفتح الباب،

سمعته ورايا بيقول بنبرة ما بين الجد والهزار:

__استنى… أنا هاجي معاك.

مش هسيبك تروح لوحدك.


بس أنا موقفتش.

نزلت أجري على العربية،

وأول ما فتحت الباب… لقيته ورايا بيجري هو كمان!


ركب الكرسي اللي جنبي وهو بيلقط أنفاسه.

بصيتله بغيظ خفيف ممزوج بتوتر، وقلت:

__إيه يا ابني اللي جابك!

خليك، عندك شغل.


رد عليا وهو قاعد بيربط الحزام،

عامل نفسه هادي بس عينه بتقول إنه قلقان:

__لأ… رجلي على رجلك.

وبصراحة… محتاج شوية سسبنس في حياتي.


غمضت عيني ثواني من التوتر…

وبعدين ضحكة طلعت غصب عني.

ضحكة خفّفت اللي في قلبي لحظة واحدة.


دورت العربية،

والدنيا كانت بتنور قدامي بنور الشارع على قد ما كانت بتعتم جوا دماغي.

ضغطت بنزين…

وأنا سايق، بدأت أحكيله فوَري كدا كل اللي حصل…

من أول ما رحت لبيت نور لحد ما عرفت إنهم عايزين يجوزوها بالعافية.


فريد سكت ثواني وبصلي بقلق وقال:

__طيب ان شاء الله هتلحقها قبل م يجوزوها ..... 


هزّيت راسي، ودست بنزين أكتر.

العربية جريت قدّام…

وأنا كل تفكيري في نور وخوفي نوصل متأخر.


بعد وقت…

وقت عدى عليّا كإنه سنة كاملة، وأعصابي كانت مشدودة على الآخر.


وأخيرًا وصلنا لبيت مرات عمي.

خبطت على الباب، فتحتلي ساره بسرعة… شكلها كان باين عليه إنها مرعوبة على نور.

دخلتني، وفريد ورايا.


قعدنا في الصالة، ومرات عمي رحبت بينا بحنان وقالت:

__اقعدوا يا ولاد، هعملكوا حاجة تشربوها.

وراحت على المطبخ.


كنت قاعد قدّام ساره وفريد…

بس دماغي كلها عند نور اللي مش معانا، ومحبوسة في بيت مليان تهديد.


ساره رفعت عينيها وقالت بصوت قلِق:

__يوسف… ها، إيه الخطة؟ لازم نلحقها قبل ما يجبرُوها على الجواز.


فريد—كالعادة—قرر يعمل نفسه مركز الكون وهو مقطع تفاحة:

__اسأليني أنا الأول… أنا بتاع الخطط.

قالها وهو رافع التفاحة كإنها ميكروفون.


ساره بصّتله بنفَس مخنوق:

_إنت اخرس.

وبصتلي وقالت:

__يوسف… قول.


اتنفست بعمق…

وحسيت بثقل القرار قبل ما أنطق.

قلت:

__بصّوا… احنا هنتفق مع نور إنها تجهّز نفسها في هدوء.

وتستنى لحد ما كله ينام.

أول ما تدينا الإشارة… نيجي ونخرجها.


ساره قفشت الكلام بسرعة:

__طب وبعد كده؟

أبوها ممكن يوصلها عادي زي م وصلها وهي عندي وساعتها هياخدها ويقفل عليها ومش هنعرف نعمل حاجه.


الكلمة ضربتني…

بس كانت صح.


اتنهّدت… واستجمعت كل الشجاعة اللي جوايا.

وبصوت واضح مالوش تراجع قلت:

__مفيش غير حل واحد.


ساره وفريد ركّزوا عليّا بنفس الوقت.

وقولت:

__إني… اتجوزها.


ساره اتسعت عينيها فجأة، وفريد وقع التفاحة من إيده.

وبصوت واحد، بنفس الصدمة:

__نــعـــم؟!

_________________


ساره


الكلمة اللي قالها يوسف وقفت في حلقي.

بعد ما فشلت خطوبتهم، وبعد ما عرفنا إنهم مش هيبقوا مع بعض…

دلوقتي ييجي يقولي: "اتجوزها"؟!

دا… دا اتجنن خااالص!


رديت عليه بصوت فيه غضب متحكّم:

__هو إيه دا… لا طبعا!


بصّلي فريد وضيق عينيه، وقال:

__وانتِ مالك اتضايقتي كدا ليه؟


حمحمت وأنا بحاول أخفي كل المشاعر اللي جوايا…

وقولت بصوت منخفض لكن فيه ألم:

__ا… أكيد يعني نور مش هتقبل بكده.


يوسف بص عليا بجدّية وقال:

__معندناش حل غير دا.

لما اتجوزتها… ساعتها، حتى لو أبوها حاول يوصلها، مش هيقدر يجبرها تتجوز غصب لانها هتكون ع ذمتي.

وهي أكيد لما تعرف إن دا الحل الوحيد… هتوافق عليه.


قلبي اتجمد، دموعي قريبة تنزل، وأنا حاسة كل حاجة جوايا بتتمزق…


مقدرتش أنطق ولا اعترض، ولما لاحظ إن في حاجة غلط، قولت له بصوت هادي:

__خلاص… مدام دا الحل الوحيد، ف هنعمله.


هزّ راسه وابتسم ......

هو مكنش يعرف الوجع الحقيقي اللي كان بيعضّ قلبي ساعتها.


وفعلاً…


فريد جاب المأذون.

ويوسف خرج يجهّز العربية.

وأنا مسكت الموبايل واتصلت بيها.


ردّت بصوت مليان قلق:

__يعني إيه؟ همشي؟ ومش هرجع هنا تاني؟


قولتلها بنفاد صبر:

__أمال هتفضلي هناك؟ هتفضلي في الوجع دا؟! هتتجوزي واحد مش بتحبيه؟


سمعت تنفستها الطويلة… حسّيت إنها استسلمت، واقتنعت.

قفلت عشان تجهّز شنطتها.


وأنا…

وقفت شوية في الصمت.

كل اللي في دماغي كان مشهد واحد…

المفاجأة اللي مستنياها أول ما ناخدها .....

واللي هتكسّرني من جوّا ......


____________ 


نور


جهّزت شنطتي.

كل حاجة كانت بتتحرك جوايا بسرعة… خصوصًا بعد ما عرفوني إن يونس هييجي بكرة يتقدّم لي.

وأنا؟

أنا دلوقتي باهرب.


مش عارفة جالي الجُرأة دي منين،

ولا حتى متخيّلة إني فعلاً هعملها،

بس كل اللي كنت متأكدة منه…

إنّي مش هفضل يوم واحد كمان في السجن اللي محبوسة فيه.


الساعة كانت اتنين بليل،

والبيت كله نايم.

بابا لسه مرجعش.

لكن اللي كان مقلقني بجد… هو مازن.


كان بايت عندنا،

مع إنه المفروض يبقى مع مراته وبنته…

بس لأ، قرّر يبات النهارده هنا بالتحديد.

وده كان مقلقني جدًا…

لأن لو صحي في أي لحظة وشافني وأنا بخرج…

مش هيرحمني!.....


 الوقت عدى ببطئ لغايه 

 م ساره اتصلت بيا .....

 عشان انزل

 كان قلبي بيدق 

ووشي شاحب 

 كأني بعمل جريمه !.....

نزلت وكانوا واقفين بالعربيه ع اخر الشارع

عشان صوت العربيه ومحدش يحس بيهم

مشيت وانا بجر الشنطه اللي كانت تقيله نوعا ما....

لغايه م ظهر ف وشي يونس!

عيوني وسعت واتخضيت ....

 وهو بيقولي بسخريه: 

__رايحه ع فين ي حلوه؟


 رديت عليه بوجع وقهر: 

__انت دمرتلي حياتي ......

انت غبي وبوظت كل حاجه بسبب خيالك المريض, .....عايز اي مني تاني؟

رد عليا بهدوء وهو بيحاول يبرر اللي عمله:

__ انا عملت كل دا عشان بحبك ومش عايز تكوني لحد غيري ....


رديت عليه وأنا متأكده انه بني آدم مش طبيعي:

__ مريض ......والله مريض


رد عليا يونس وهو بيقول بوجع مصدقتوش: 

__مريض عشان بحبك؟


رديت عليه بغضب وأنا بقول: 

__هو دا حب؟ انك تبوظ سمعتي قدام اهلي دا حب؟ .....

انك تقول كلام محصلش لمجرد إني مكونش لغيرك دا حب؟، .....يؤسفني اقولك  يا يونس ان دا مش حب دا انانيه ومرض .....


الكلام دخل جواه،

وشه اتغيّر…

مدّ إيده فجأة ومسكني بعنف:

— مش هتروحي في حتة.


كنت واقفة مصدومة…

اتسمرت مكاني.

نفَسي اتقطع.


وفجأة…

إيده اتفلتت.

حد شدّه بعيد عني بعنف.


يوسف!

كان وشه مليان غضب…

واضح إنه قلق لما اتأخرت وجري على طول.

وورا يوسف كان واقف شاب تاني…

أول مرة أشوفه.

بس عرفت مين لما يوسف صرخ:

— خدها يا فريد على العربية!


هزّ فريد راسه،

وقالي أجري.

جريت وراه وهو ماشي قدامي بسرعة،

لحد ما وصلنا للعربية،

وإيدي كانت بتترعش…

بس وصلت.


دخلت للعربية ولقيت سارة قاعدة، عيونها مليانة دموع، وشكلها كانت خلاص على وشك الانهيار.

اقترّبت منها وضمّنتها بصوت هادي:

— متخافيش… أنا بخير.


بصيت لفريد اللي كان قاعد عليه علامات القلق واضحة، وسألته بصوت متوتر:

— يوسف؟ هيجي امتى؟


بص ف ساعته وقال:

— المفروض دلوقتي… قبل ما حد يلاحظ أي حاجة غريبة.


مرت لحظات كأنها سنين…

وفجأة، شفت يوسف جاي.

وشه مضروب، وملامحه كلها غضب وتوتر.

كان واضح إنه اتخانق جامد مع يونس…

واللي شفته خلّى قلبي يدق بسرعة… بين خوف وفرحة إنه وصل بالسلامة.


ركبت العربية بسرعة، وسمعت يوسف بيصرخ:

— يلا… سوق بسرعة يا فريد!


كنت شايفة مازن ويونس ورا العربية…

صدمتي كانت كبيرة…

مازن عرف إني هربت!


قلبي بدأ يدق جامد،

كنت حاسة إنه هيتوقف من كتر الخوف والضغط اللي جوّايا.


سارة ماسكة إيدي، وبتحاول تطمّني، بطبطب عليا بخفة:

— كل حاجة هتبقى تمام… متخافيش.


بس كل اللي كنت حاسة بيه…

خوف، توتر، وصدمة…

وعارفه إنهم ممكن يلحقونا أي لحظة.


وبالفعل… العربية اتحركت بسرعة.

سمعت صراخ مازن من ورا:

— والله مش هرحمك يا نور!


غمّضت عيني جامد، ودموعي نزلت بحرق…

قلبي كان بيدق بسرعة مش طبيعية،

وإحساسي بالضغط والخوف كان واخد كل جسمي.


سارة كانت لسه ماسكة إيدي، بتحاول تطمّني، بس أنا كنت غارقة في الخوف…

حاسّة إني على حافة الانهيار، وكل ثانية بعيدة عنهم كانت بتعدّي ببطء لا يُحتمل.


وغمرتني لحظة غريبة…

لأول مرة من سنين حاسّة إني حرة!

حاسّة بالهواء حواليا، بالليل حوالي، وبكل خطوة بعيدة عنهم…

قلبِي بدأ يهدأ شويه، رغم إن أثر الرعب لسه موجود،

بس… دلوقتي، أنا ملك نفسي، وما حدش يقدر يسيطر عليا تاني.


#الم_بدون_صوت 


البارت السبعتاشر


نور


وصلنا تحت الشقّة، وقلبي كان بيخبط بشكل مش طبيعي.

أنا نفسي مكنتش عارفة هعمل إيه بعد كده… يوسف طول عمره هو اللي بيدفع الإيجار، دايمًا يقول "ده شغلي"، وأنا كنت سايبة الموضوع يعدّي.

بس دلوقتي؟

لأ… أنا خلاص بقيت في أمان، ومش هسيبه يفضّل يدفع ولا يفضل ماسك عليّ حاجة.


نزلت من العربية، وسارة نزلت معايا.

كنت ماشيه ودماغي فاضية… مش عارفة إحنا رايحين على فين، ولا المفروض نعمل إيه.

كل خطوة كنت باخدها كان إحساس جوايا بيعلى… إحساس إن في حاجة مش طبيعية.


طلعنا فوق، وأنا حاسة إن في غلط… غلط كبير.

وبمجرد ما الباب اتفتح…


دخلوني شقّة يوسف.

ولقيت المأذون قاعد!


وقفِت مكاني… حرفيًا اتجمّدت.

رجليّا بقت تلخبط في الأرض وأنا ببص على الشقّة…

دي شقّة يوسف…

وساره ماسكه إيدي ومش عارفه تبصلي في عيني.


والمأذون؟

قاعد… قدّامنا…

والورق مفتوح…

والجو كأن في حد شد الهوا من المكان.


اتسعت عيوني وقلبي بدأ يخبّط في صدري جامد،

إحساس غريب بين الخوف والصدمة…

وبصوت شبه مكسور خرج مني:

— إيه… إيه اللي بيحصل؟


بصلي يوسف بثبات…

ثبات غريب وسط كل اللي حصل،

ووشه لسه متضروب ومجروح من خناقته مع يونس…

بس عيونه كانت واضحة…

كان بيحاول يطمنّي من غير ما يتكلم كتير.


قرب خطوتين وقال بهدوء:

— نور… دا الحل الوحيد إنك تبقي في أمان.

لو اتجوزتك… باباكي ملهوش سلطان عليك.

ومحدش يقدر يجبرك تعملي حاجة.


حسّيت صدري بيضيق…

مش من خوف…

من ثِقَل اللحظة.


ساره كانت واقفة جنبي،

بودانها محمرّة وملامحها مش مفهومة،

وكإنها بتحارب جواها حاجة مش قادرة تقولها.


بصيت لهم كلهم…

ولوهلة حسّيت إني بين نارين:

نار أهلي…

ونار القرار…


بس صوتي خرج واهزاهز وأنا بقول:

— طب… طب وهعمل إيه بعد كده؟


يوسف ردّ من غير ما يدوّر:

— هتبقي بأمان… والباقي هنتصرف فيه سوا.


ولأول مرة حسّيت إن حياتي بتتشقلب…

بس مش بسبب خوف…

المرة دي بسبب خطوة مصيرية…

مفيهاش رجوع.


وقفت… جسمي اتجمد.

عينيا لفت على المأذون… وعلى يوسف… وعلى سارة اللي كانت بتبصلي وعيونها بتقول كلام كتير...


حسيت الدنيا بتلف.

أنا خرجت من السجن اللي كنت فيه… بس واضح إن مفيش حرية بجد.

واضح إن أي قرار في حياتي لازم يبقى هروب… مش اختيار.


وقفت ثواني، قلبي بيخبط في صدري…

فكرت:

لو رجعت… مازن هيقتلني.

ولو مشيت… مش هيبقى عندي مكان.

ولو رفضت… مش هعرف أعيش يوم واحد برا من غير ما يلاقوني.


مكنش قدامي غير طريق واحد… حتى لو مش طريقي.


بلعت ريقي بصعوبة، وإيديا بتترعش…

وبصوت واطي قوي قولت:

__…تمام.


كلمة واحدة… بس حسيت كأنها كانت بتسحب جزء من روحي.

أنا ماكنتش موافقة… أنا كنت مضطرة.

بس ساعات المضطر بيعمل اللي يقدر يحافظ بيه على نفسه… حتى لو هيدفع تمنه بعدين.


المأذون بدأ يفتح الورق… وأنا واقفة مش مصدقة إني هنا.


مكنتش قادرة أعمل حاجة…

ودموعي كانت بتنزل لوحدها،

مش خوف…

قد ما هو إحساس إن حياتي اتشقلبت في يوم واحد،

وإن الخيار الوحيد اللي قدامي دلوقتي… هو إني أكمل.


المأذون بصلي بقلق، وقال بصوت ابوي كد:

__انتي موافقة يا بنتي؟.


حسيت الكلمة تقيلة…

مش عشان مش عايزة،

لكن عشان الطريق دا هو الوحيد اللي يطلعني من اللي كنت فيه.

أنا اللي اخترت أهرب…

وأنا اللي وصلت لحد هنا…

وأنا اللي واقفة دلوقتي قدام قرار لازم يتاخد.


قبل ما أتكلم، فريد ضحك ضحكة خفيفة وقال:

__دي بتعيط من الفرحه بس يا شيخنا… عروسه بقى


مكنتش قادرة حتى أرد عليه…

دموعي كانت مشهد قدام الكل، بس جوايا كنت عارفة الحقيقة:

أنا موافقة…

لإني لو رجعت ورا هضيع.

ولأن الطريق دا، مهما كان مخيف…

أرحم مليون مرة من اللي كنت فيه.


المأذون رفع إيده، وصوته كان ثابت:

__بارك لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير.


الكلمة خبطت في قلبي…

 إحساس إن خطوة اتاخدت خلاص.

إن حياتي القديمة قفلت…

وبدأت صفحة جديدة، حتى لو لسه مش عارفة هتبقى شكلها إيه.


يوسف بصلي…

نظرة فيها قلق،

وفيها وعد…

ويمكن خوف أكتر مني.


وأنا…

وقفت ساكتة،

ودموعي بتحكي عن اللي حاسه بيه ...


بعد ما المأذون قام،

ولف أوراقه بهدوء،

وقال "مبروك" ومشي…

وبعدين فريد قال إنه هينزل يوصل سارة…

فضلت واقفة في نص الصالة،

شايلة شنطتي…

والشقة كلها حسّيتها كبيرة أوي عليا فجأة.


الباب قفل،

وصوت القفلة كان عامل زي نقطة رجوع اتقفلت ورايا.


اتنفست…

ولا حتى عارفة النفس طالع ولا نازل.


يوسف كان واقف مش بعيد…

مش بيتحرك،

ولا حتى بيقرب.

كأنه هو كمان مش فاهم المفروض يعمل اي.


لما بصيتله،

لقيت وشه مشوش…

مش فرحان…

ومش مضايق…

بس فيه نظرة غريبة،

نظرة حد شايل مسؤولية تقيلة مش كان مخطط لها.


مسح على جبينه بإيده وقال بصوت واطي جدًا:

__نور… انتي تعبانة؟


كنت عايزة أرد…

بس مكنتش قادرة ألاقِي كلمة مناسبة.

ولا حتى حجة أقولها.

أنا فعليًا مرهقة…

مرعوبة…

ومش مستوعبة لسه اللي حصل.


فقط قلت همس:

__أنا… مش مصدقة اللي حصل.


هز راسه بلُطف…

وجاب كرسي وقعد قدامي مش قريب…

ومش بعيد…

مجرد مسافة آمنة.


وقال:

__بصي… أنا عارف إن اللي حصل كتير.

ومش هضغط عليكي ولا هقول كلام كبير.

انتي هنا دلوقتي… أمان.

ده أهم حاجة.

والباقي… هنفكر فيه براحتنا.


الكلمة الأخيرة لمست قلبي…

“براحتنا”.

يمكن لأول مرة حد يقوللي إن عندي "راحة".


غمضت عيني ثانية واحدة…

وحسّيت دمعة نزلت،

مش دمعة خوف…

دمعة إن الضغط اللي كان خنقاني طول عمري

اتفتح منه جزء صغير.


يوسف وقف،

وبصوت خافت قال:

__لو عايزة تنامي… الأوضة دي ليكي.

وحطي شنطتك… وأنا هسيبك ترتاحي.


وبص للباب…

واضح أنه ناوي يخرج من الأوضة ويسيبلي مساحتي.


وأنا،

لأول مرة،

حسّيت إن اللي قدامي مش مجرد “حل”،

ده بني آدم…

فاهم…

ومش مستعجل…

وكأنه هو كمان تايه في نفس الدوامة اللي أنا فيها.

(الشقه التانيه الإيجار اللي المفروض نور كانت هتقعد فيها.... بعد اما العقد اللي كانت مدته شهر تقريب خلص

المؤجر رفض يجدده عشان في حد هيأجر ومستعد يدفع اكتر)

______________


يوسف


خرجت من الأوضة وأنا بتنهد، حاسس بثقل على قلبي. في الأول كنت فرحان إني هتجوز نور، لكن لما شوفت دموعها… ولحظتها حسيت إن الفرحة اختفت، والقهر مكانها.

كنت حاسس بالوجع جوايا، بالذات إني عارف انها مجبرة على القرار دا…

اتنهدت تاني، ودخلت الأوضة التانية، فردت جسمي على السرير من تعب اليوم، وحاولت أهدّي نفسي وأمسك أعصابي، بس إحساس الظلم اللي عليها كان ماسكني جامد.

________________


ساره


كنت قاعدة جنب فريد في العربية، والدنيا حواليّا ساكتة بس قلبي كان عامل دوشة لوحده.

ببص من الشباك، بحاول أتحجّج بأي منظر عشان أمسك دموعي…

بس دمعه خانتني ونزلت، مسحتها بسرعة وبصيت لفريد ......

اتنفست براحة لما لقيته مش واخد باله.

رجعت أبص للطريق تاني لحد ما صوته قطع عليّ اللحظة:

– بتحبيه؟


اتجمدت، قلبي دق جامد، وحاولت أتصنّع الغباء:

– مين دا؟


ضحك ضحكة خفيفة كأنه اصطادني:

– يوسف… نظراتك كانت بتقول كده.


اتوترت… حسيت إن الأرض بتسحب من تحت رجلي.


قلت بسرعة وأنا بحاول أثبت صوتي:

– يوسف زي أخويا.


فريد بصلي كأنه بيقول “انسي”، ورد:

– لو زي أخوكي… كنتي هتعيّطي ليه لما اتجوز؟

وبالمرة… أه، شوفت دمعتك.

وانتي بتبصي عليّا عشان تتأكدي شفتها ولا لأ؟

شفتها.


قلبي وقع.

اتوتّرت أكتر، بدأت ألفّ في إيديا وأنا بدوّر على أي مخرج، أي رد، أي حاجة تنقذني.


لكنه فجأة قالها بهدوء غريب… هدوء بيكشفني أكتر:

– على فكرة… مش عيب إننا نحب.


الكلمة جرحتني…

لأن العيب مش الحب.

العيب إن اللي بتحبيه… اختار حد تاني.


حسّيت الكلمة بتطلع من قلبي مش من لساني…

ولما قلتها، دموعي نزلت من تاني من غير إذن.


قلت بصوت مكسور، ضعيف، كأن كل اللي مخبيّاه وقع فجأة:

__ إحساس إنك تحبّ حد… وهو مش شايفك أصلاً…

إحساس وحش قوي.


وصوتي اتخنق آخر الجملة كأني باعتذر إني اعترفت.


فريد بصلي ساعتها، وبصراحة…

مبقاش فيّ قوة أبصّ له.


أنا كنت بتكلم عن يوسف،

بس وجع الاعتراف نفسه كان أكبر من وجع الحب.

_______________


نور


فضلت أتقلب لساعات طويلة

مش قادرة أنام

البيت جديد عليّا

واللي حصل في يوم واحد كان أكبر من طاقتي


قمت من على السرير

لبست طرحتـي بسرعة

وخرجت عشان أشرب حاجة تهديني


فتحت التلاجة وطلعت ميّة

وبمجرد ما قفلت الباب ولفّيت…

اتجمدت في مكاني!


يوسف كان واقف قدامي فجأة

قريب… وقريب قوي لدرجة حسيت بدقات قلبي بتعلى


اتخضّيت

عينه كانت نص مقفولة

وبوشه ملامح مش مفهومة

مش شكل حد صاحي… ولا نايم


رجعت خطوة لورا من الخضة، والكوباية اللي في إيدي كانت هتقع.

قلبي كان بيدق بسرعة وأنا بقول بخوف مكتوم:

– يوسف…؟


ما ردش.

كان واقف ثابت، وعينه نص مفتوحة كأنه شايف ومش شايف في نفس الوقت.


مد إيده قدّامه كأنه بيدوّر على حاجة، وصوته طلع واطي ومتهدّج:

– إنتي… هنا؟


اتصدمت أكتر.

دا مش صوت حد صاحي… دا حد مش واعي خالص.


قرب خطوة…

وأنا اتحبست في مكاني.

– يوسف؟ انت كويس؟


بصلي بنظرة تايهة، وبعدها فجأة قال:

– إنتي… ماتروحيش…


الكلمة كانت خارجة منه ببطء، بنبرة حد نايم وبيحلم.


قلتلــه بسرعة، وقلبي بيرتعش:

– أنا مش رايحة مكان… اقعد بس، شكلك مش صاحي.


قعد على أقرب كرسي كأنه وقع مش قعد…

ومال راسه لجنب.


وهنا فهمت…

هو كان بيمشي وهو نايم.


وقفت جنبه متجمدة، مش عارفة أعمل إيه…

أسيبه؟

ولا أصحيه؟

ولا أنادي حد؟


وقفت لحظة مترددة… وبعدين قررت أهوّزه عشان أصحيه.

– يوسف… يوسف… اصحى.


هزّيته شوية.

وفجأة فتح عينه بالكامل واتنفض كأنه فاق من كابوس.


بصلي ثواني…

وبعدين لقى نفسه واقف في نص الصالة.

– أنا… إزاي جيت هنا؟


ضحكت غصب عني:


– أنا نفسي مش عارفة.


رفع حاجبه وسألني بنص ابتسامه:

– وبتضحكي على إيه؟


اتكسفت، عدلت حجابي ، وقلت:

– ولا حاجة.


لمحت الكدمات اللي كانت باينة أكتر تحت نور الصالة…

علامات ضرب واضحة.


قلبي وجعني من المنظر.


سألت بسرعة:

– عندك شنطة إسعافات؟


رد ببساطة:

– أه… في الدرج اللي في أوضتك.


دخلت أوضتي بهدوء… فتحت الدرج وطلّعت شنطة الإسعافات.

قلبي كان بيدق وانا راجعة… مش عارفة ده من الخضة ولا من اللي حصل ولا منه هو.


لما رجعت لقّيته واقف في نفس مكانه…

تعبان… ووشه باين عليه الوجع بس بيحاول يخبيه.


قربت خطوة…

وهو بَصلي، النظرة اللي فيها كل حاجة ومفيهاش ولا كلمة.


مددت إيدي بالشنطة وقولت:

— اقعد… خليني أعالجها.


اتردد لحظة…

وبعدين قال بصوت واطي:

— مش لازم… أنا كويس.


قربت أكتر، المسافة بقت قليلة…

وبصوت ثابت قولت:

— يوسف… لو كنت كويس مكنش وشك هيبقى كدا


سكت.

وبعدين جلس على الكرسي اللي وراه، وأنا وقفت قدّامه بعنايه بتلف على الكدمة اللي سببها يونس.


فتحت الشنطة…

ولما قربت منه أكتر عشان أحط المطهّر، حسيت نفسه يتقلّ قليلاً…

مش من الوجع… من الموقف.


قال بهدوء، وكأنه بيحاول يطمنّي بدل ما أنا أطبّب له:

— متقلقيش… أنا بخير.


رديت وأنا بحط القطن على أثر الضربة:

— كان ممكن يحصل لك حاجة بسببي....


رفع عينه عليّا…

نظرة صريحة قوي…

— كان .....المهم إنك تبقي بخير… بس.


جسمى اتكهرب.

اتوترت فجأة…

وبعدت إيدي بسرعة من غير ما أقصد، والمطهر وقع من إيدي على الأرض.


اتخض هو وقال:

— في حاجه؟


هزيت راسي بسرعة، صوتي خرج متقطع:

— ل… لا، لا… مفيش… أنا بس… اتخضّيت.


حسيت إن قلبي بيجري جري جوا صدري.

مش من يوسف…

من الموقف نفسه…

من إن كل ده حصل بسرعة، ومن إن حياتي اتشقلبت في يوم واحد.


انحنيت بسرعة عشان أجيب المطهّر من الأرض…

بس إيدي كانت بترتعش.


ولما وقفت، لقيته بيبصلي بتركيز…

مش بنفسه…

بالتوتر اللي أنا مش قادرة أخبيه.


ساعتها قلت أول حاجة لقيتها تهربني من اللحظة:

— خلاص… أظن الكدمة مش محتاجة أكتر من كده.


ورجعت لورا…

كتير…

كأن المسافة دي كانت أكتر حاجة محتاجاها دلوقتي.


هو لاحظ…

بس ما قالش حاجة.


#الم_بدون_صوت 


البارت التمنتاشر


صحيت تاني يوم على صوت حركة في المطبخ.

قمت وأنا مش مستريّحة…

الشقة حسّيتها مش شقتي، والجوّ نفسه غريب.

ولمّا خرجت… لقيت يوسف واقف بيحضّر الفطار كأن وجودي هنا شيء طبيعي.


هو لفّ أول ما حس بيا…

ابتسم ابتسامة خفيفة وقال:

– صباح الخير.


ردّيت بابتسامة باهتة:

– صباح النور.


قعدت قدّامه، وحسّ التوتر اللي راكبني…

كنت لابسة الطرحة من بدري، ومش مرتاحة إن فيه حد شايفني طول الوقت.

والفكرة دي لوحدها كانت مخلّيا قلبي يقبض.


أخدت نفس وقلتله:

– أنا هانزل الشغل بكرة والجامعة كمان… لازم أكمّل. ما ينفعش أقعد.


بصلي باستغراب كأنه مش مستوعب:

– شغل؟ ليه؟ أنا مكلفتش حد بحاجة… وأنا أقدر أتكفل بكل مصاريفك.


هزّيت راسي:

– يوسف… احنا اتجوزنا عشان نحلّ مشكلة، مش عشان نعتمد على بعض.

وانت مش مجبَر تصرف عليّا.

وأنا مش هبقى مرتاحة لو فضلت قاعدة من غير شغل.


كان واضح إنه معترض…

فتح بقه يتكلم، بس أنا قطعت كلامه بهدوء:

– دا قراري ومش هرجع فيه.


ساعتها اتنهد…

وبان عليه إنه اتضايق مش عشان العند، لكن عشان مش عارف يرضيني ولا يريحني.

خرج من المطبخ وقال بنبرة زهقانة بس مش جارحة:

– براحتك يا نور.


وسابني واقفة…

مش عارفة إذا كنت عملت الصح،

ولا زوّدت المسافة اللي أصلاً بينّا واسعة.


بعد ما اليوم خلص وفضلت لوحدي، قررت أتصل بسارة…

يمكن تكون قلقانة، زعلانة، أي حاجة.

بس كل مرة كنت برن… مكنتش بترد.

في الآخر اتنهدت ودخلت الأوضة وقضيت باقي اليوم فيها.

مش قادرة أحدّد إحساسي…

زعلانة؟ ولا تايهة؟ ولا خايفة من اللي جاي؟


تاني يوم…

صحيت بدري، لبست ووقفت قدام المراية أحاول أهيّئ نفسي لروتين عادي…

بس مفيش حاجة كانت عادية.


خرجت لقيت يوسف واقف في الصالة، جاهز للشغل.

كان بيعدل ساعته، ورفع عينه عليّا أول ما شافني:

– استني… هوصلك في طريقي.


هزّيت راسي بسرعة، وقلت:

– لأ بلاش، أنا بروّح مع سارة كل يوم… مش لازم تتعب نفسك.


وقفت ثواني…

وبعدين كملت بصوت أوطى شوية:

– بس هي من امبارح بتصل بيها ومبتردش.


يوسف وقف وهو بيلبس الكوتشي، وبصلي باستغراب بسيط:

– مش عارف…

إحنا وإحنا رايحين هنبقى نعدّي عليها، نشوفها وناخدها معانا.


هزّيت راسي من غير ما أعلق…

بس جوايا كان فيه حاجة بتخبط:

ليه مابتردش؟


ركبت العربية جنب يوسف،

بس تركيزي كله كان عند سارة اللي لسه مش بترد عليّا.


لحد ما وصلنا تحت البيت.

نزلنا سوا، أنا ويوسف،

وطلّعنا على شقتها.


فتحتلنا طنط، مامت سارة،

ودخلتنا جوه.


قالت وهي بتسند الباب:

__والله يا بنتي دي نايمة من امبارح…

وقالت إنها مش هتروح الجامعة النهارده.


قلبي وقع.

ردّيت بسرعة:

__ليه؟ مالها كده؟


سكتت مامتها لحظة،

سِكوت غريب…

كإنها مش عارفة تقول ولا عارفة تخبي.


وقولت وأنا واقفة أنا ويوسف:

__طيب… خليها لما تصحى تكلمني وتطمني عليها.


هزّت راسها وقالت بابتسامة هادية:

__حاضر يا بنتي.


نزلت السلالم مع يوسف،

بس دماغي كانت لسه فوق… عند سارة.

كل خطوة كنت باخدها حاسة إن في حاجة غلط،

بس مش قادرة أحدد هي إيه.


أول ما خرجنا للشارع،

يوسف بصّلي من غير ما يتكلم.

كان واضح عليه إنه واخد باله من توتري.


قال بهدوء وهو بيفتح باب العربية:

__ماتشيليش هم. يمكن بس تعبانة.


هزّيت راسي…

بس جوايا صوت عالي بيقول إن الموضوع أكبر من "تعبانة".


ركبت العربية،

وقعدت أبص من الشباك…

مش شايفة الناس ولا الطريق،

شايفة بس شكل سارة وهي آخر مرة كانت بتضحك،

وسؤال واحد مش راضي يسيبني:

ليه مختفية كده من غير سبب؟


قطع شرودي صوت يوسف وهو بيقول:

__نور… لو انتي قلقانة قوي، نعدّي عليها تاني بعد الشغل.


رديت بهدوء، وأنا مش عايزة أبين قد إيه قلبي واجعني:

__نشوف… المهم إنها بس تبقى بخير.


وبقيت ساكتة طول الطريق…

ومكنتش عارفة إن اللحظة دي

هتكون بداية كل اللي جاي.


وصلت الجامعة.

اليوم كله قضيته لوحدي…

سارة مش موجودة، ومخلياني طول الوقت قلقة.


خلصت محاضراتي، وكنت ماشية رايحة الشغل،

وفجأة لقيت يوسف واقف قدام باب الجامعة.


بصّيت له بتوتر وأنا بقول:

"إنت هنا بتعمل إيه؟"


رد ببساطة من شباك العربية:

"جاي آخدك أوديكي الشغل."


لقيت نفسي بابتسم تلقائيًا…

وركبت جنبه.


كان إحساس غريب وحلو…

إن حد يفكّر فيك ويعمل حاجة مخصوص علشانك،

حتى لو بسيطة.


قعدت وربطت الحزام،

وبصيت قدامي وأنا بقول:

__مكنش ليه لازمة تتعب نفسك، أنا كنت هروح على الشغل لوحدي.


رد وهو سايق:

__مفيش تعب ولا حاجه. وبعدين مش لازم تفضلي لوحدك طول اليوم..

سكتّ.

مع إني كان نفسي أرد…

بس الكلام وقف في زوري.

خصوصًا إن جزء مني كان متلخبط،

وجزء تاني مبسوط…

و جزء أكبر لسه قلقان على سارة.


فضلت أبص من الشباك،

لحد ما فجأة سألني بصوت هادي:

__مالك يا نور؟ شكلك مش مرتاحة او حاجه شاغله بالك.


اتجمدت ثواني…

مش عارفة أقوله إني حاسة إن صديقتي مخبية عني حاجة،

ولا أقوله إنّي من امبارح مش بنام.

ولا أقوله إني مش عارفة أعيش طبيعي بعد الجوازة اللي حصلت فجأة.


رديت أخيرًا وأنا بتهرب:

__مفيش… بس سارة قلقاني.


هز راسه بتفهم،

وسابني ف سكوتي…

وأنا كنت عارفة إن السكوت ده

أريح من ألف كلام.


وصلنا قدام المكان اللي بشتغل فيه،

وبص لي قبل ما أنزل وقال:

__لو احتجتي أي حاجة… كلميني.


هزيت راسي،

ونزلت،

بس فكرة واحدة فضلت بتلفّ في دماغي:

ليه حسيت بالراحة من كلمته…

وإحنا أصلاً متجوزين لأسباب مش طبيعية؟


نفضت الفكرة من دماغي فورًا.

مش عايزة أحس ناحيته بأي حاجة…

ولا حتى ألمح لنفسي إن الإحساس ده ممكن يكبر.


مش عارفة ليه،

بس يمكن الخوف بقى جزء مني…

خوف مسيطر على قلبي وعقلي،

وبيخليني أبعد عن أي حاجة ممكن تهزني

أو ترجعني لأي وجع قديم.


وصلت الشغل ونزلت من السيارة .....

 قلبي مليان تعب من اليومين اللي فاتوا. أول ما دخلت، شفت سهيله مبتسمة مستنياني .....

 ابتسامتها حاولت تخفف عني التعب، لكن أنا حسيت إنها لسة شايفة القلق في عيني.

قالتلي بعتاب: 

__كدا بقالك يومين مجتيش.


 رديت بابتسامة باهتة:

__ والله كان عندي شوية مشاكل كدا… بس الحمدلله ربنا حلها يعني.


ابتسمت وهي بطبطب عليا: __الحمدلله يا روحي.


وبعدين، فجأة، تذكرت: 

__اه، في حد جه سأل عليكي النهارده.


قفلت عيني شوية أحاول أستجمع ذاكرتي… مين؟!

قالت الاسم وهي بتفتكر: "امم…ا أدهم.

اتجمّد قلبي للحظة .....

 أدهم؟ فجأة كل شيء اتضح

 ......، كل الصور والذكريات عدّت

 قدامي… أدهم… أخويا!


حسيت قلبي بيندهش ومليان فرحة ودهشة، وابتسامة صغيرة طلعت من جوّا مش قادرة أخفيها. الدنيا حواليّا كأنها اتوقفت لحظة، وكل حاجة بقت أوضح… هو سأل عني. أدهم… هو فكر فيا.


بس قلبي ما ارتاحش على طول… افتكرت إن ممكن يكون مش هو فعلاً.

طلعت فوني بسرعة، وقلبي بيدق بسرعة من التوتر والفضول، فتحت صورته اللي طول عمره ما فارقتني، وقلبي كله حيرة: 

__هو دا؟


سهيله قربت مني وبصت للصورة وهي بتكبر فيها عينيها، بصوتها الهادي قالت: 

__ايواا… هو بعينه.


الفرحه غمرتني…

إحساس دافئ، حنين، ووجع قديم بيرجع تاني.

أخويا…

أول حد من دمي أعرف إنه بيدور عليّا!


بس وسط الفرحة دي، كان فيه سؤال مزعج قاعد يخبط في دماغي بإلحاح:

هو عرف مكان شغلي إزاي؟


وقفت ثواني، قلبي بيرتجف من التفكير.

كنت بين شعورين:

فرحة إني مش لوحدي… وإن فيه حد من أهلي بيدوّر عليّا.

وخوف… خوف كبير إن الموضوع يكون فيه حاجة مش مفهومة.


هل مازن قاله؟

ولا يونس؟

ولا أدهم عرف لوحده؟


السؤال نفسه بقى تقيل، كأنه حجر واقع على صدري.

الفرحة موجودة… بس محوّطة بقلق وخوف من اللي جاي.


خلصت الشغل وخرجت،

ولقيت يوسف واقف مستنيني تاني…

نفس المكان، نفس الوقفة، ونفس النظرة اللي بتحسسني إن في حد شايل همّي من غير ما أتكلم.

ركبت العربيّة من غير ولا كلمة.

كنت تايهة، ومشاعري متلخبطة، ودماغي مليانة أسئلة.


بصّ عليّا بسرعة وقال بنبرة فيها قلق واضح:

__انتي كويسة؟

مقدرتش أجاوب…

ولا كنت قادرة أحكي له اللي حصل…

فاكتفيت إني أهز راسي بس


هو استوعب إن في حاجة غلط،

بس محترم سكوتي، فكمّل وهو بيركّب الحزام:

__ع العموم… متقلقيش. إحنا هنروح دلوقتي نطمن على سارة.


طلعت مني ابتسامة باهتة…

ابتسامة مجاملة، مش طالعة من القلب،

ورجعت أبص من الشباك تاني،

كأني بحاول أهرب من كل حاجة بتحصل جوايا.

_______________

 ساره


من يوم ما اتجوزوا…

وأنا حابسة نفسي في الأوضة.

مش قادرة أواجه الواقع،

ولا قادرة أشوفهم…

ولا حتى أسمع صوتهم.


مش عايزة أشوفهم مع بعض.

مش عايزة أحس بالوجع…

مع إنّي حاسة بيه غصب عني،

عايش جوا صدري من غير ما أسمح له،

بس لو شفتهم؟

الوجع هيبقى أضعاف… أضعاف.


إحساس إن حد بتحبيه…

يبقى لحد تاني،

إحساس بيمزّقك من جوا،

بيشد روحك على حتت،

وبيسيبك واقفة لوحدِك قدّام حُكم اتفرض عليك.


لكن كل حاجة جوايا انفجرت لحظة ما ماما دخلت عليّا…

وقفت قدّام الباب، وبهدوء غريب قالت:

__سارة… نور ويوسف برا.


برا؟

الكلمة نزلت على قلبي زي حجر.

حاسّة نبضاتي بتتباطأ…

بتتكسر…

وبتتفتّت واحدة ورا التانية.


مقدرتش أستحمل…

صرخت بكل وجعي، بكل قهري:

__مش عايزة أشوف حدّدد!!!


صرخة طالعة من وحدة،

مش من غضب…

من كسرة.


دخلت نور على صوت الخناقة اللي مالي الأوضة،

وصوتها كان مترع بالقلق وهي بتقول:

__ساره… انتي كويسه؟


بصّتلها… بكل الغضب اللي كنت بكتمه بقاله سنين.

كنت مخنوقة… حرفيًا مخنوقة.

حاسّة إن صدري مش قادر يشيل ولا كلمة كمان.


عين ماما كانت عليّا،

نظرتها كلها رجاء…

كأنها بتترجّاني "اوعي تتكلمي".

بس لساني خلاص… اتقل من الصمت.

اتقل لدرجة الوجع.


فانفجرت…

قلت بكل القهر اللي كان محبوس جوايا:

__أنا… من بعد جوازكوا… مبقتش كويسه!


الكلمة وقعت في الهوا زي حجر كبير.

الهدوء ساعتها كان مرعب… كأن الزمن وقف.


نور اتلخبطت، لمحت ارتجافة في صوتها وهي تقول:

__يعني إيه؟


بلعت ريقي…

وكملت وأنا مش قادرة أمنع نفسي ولا أكتم اللي بيولّع في قلبي:

__يعني… انتي خدتّي أحلى حاجة كانت في حياتي يا نور.

رفعت عيني عليها

وقولت بصوت مكسور:

__أنا… بحب يوسف.


#الم_بدون_صوت 


البارت التسعتاشر


نور


اتصدمت من كلمتها

ساره بتحب يوسف؟

إمتى وفين؟

وازاي مقالتش ليا؟

هي كانت لسه واقفه قدامي بتراقب رده فعلي!

وأنا انا مشيت وسبتها واقفه!

مقدرتش أتكلم

ولا افتح بقي

إحساس غريب غمرني لما قالت إنها بتحبه 

ولغاية دلوقتي انا مش فاهمه الإحساس

دا 

هل غيرانه؟ ولا مصدومه؟ ولا اي بظبط .....

يوسف كان نزل مش عارفه شكله

سمع ف نزل عشان الإحراج

نزلت لقيته واقف ساند ع العربيه

ومستنيني

سألته بتوتر: انت سمعت اللي هي قالته؟

رد عليا بتردد وهز راسه

سألته وقولت:

__ بتحبها؟


رد عليا وهو بيتنهد: 

__ساره زي اختي

وعمري م شفتها غير كدة


بصراحه مش هخبي عليكوا

انا حسيت بفرحه لما سمعته قال كدا

لكن اتبدلت الفرحه دي لحزن

لاني مش عارفه هعمل اي مع ساره

ولا هعرف اكلمها إزاي وأنا عارفه إنها

بتحب جوزي؟

ع الرغم اني متجوزاه لسبب معين

الا انه هيفضل برضه جوزي!


سندت ع العربيه جمبه وقولت: 

__أنا عارفه ان جوازنا جه فجأه عشان كدا

انا مش هعتب عليك ولا هتضايق لو يعني عايز تكلم بنت او....

وقبل م كمل قاطعني  


صوته كان ثابت بس فيه نبرة استغراب وزعل:

__نور… إيه اللي بتقولي ده؟

إنتي فاكرة إني بعد الجواز هبص لحد تاني؟.


اتجمدت.

مستوعبتش كلامه بسهولة.

هو ليه بيقول كده؟

هو مش المفروض… يبقى بارد؟

متفقين؟

متجوزين بالعقل مش بالقلب؟


كملت بصوت واطي:

__أنا بس… مكنتش عايزاك تحس إنك مربوط، أو… مُلزم بحاجة.


بص لي بنظرة عمري ما شفتها منه قبل كده.

فيها احترام… وشيء يشبه الغيرة الخفيفة:

__نور… طالما احنا اتجوزنا حتى لو لسبب

فإنتي مراتي.

ومش من حقي ولا من طريقتي إني أدور على حد تاني.

ومش عايزك تفكري كده عني تاني.


الكلام دخل قلبي بهدوء…

كأنه ريّح جزء جوايا كان مضغوط من غير ما آخد بالي.

بس في نفس الوقت… حسيت بتقل.

تقل المسئولية.

تقل إن في حد بقى شايفني مراته… رسمي.


غمضت عيني للحظة، وبصيت له:

__طب… وسارة؟


تنهد، وبان عليه إنه مش عايز يدخل في وجع الموضوع:

__هنتعامل.

بس دلوقتي… انتي الأول.

إحنا الأول.


الكلمة وجعتني وراحت مني.

إحنا.

عمري ما كنت متخيلة إني هسمعها…

ولا إنّي هرتبك بالشكل ده لما تتقال.


سكتّ.

مقدرتش أرد.

ركبت العربية، وقلبى لسه بيدق بسرعة.

مش من خوف…

من ارتباك.


أنا اللي كنت فاكرة الجوازة دي مجرد ورق.

بس واضح إنها مش ماشية زي ما في دماغي.


_______________


ســـاره


بعد ما مشيوا… كنت منهارة.

جسمي كله بيرتعش من الحزن والوجع.

مصدوومة إني قلت الكلام ده…

بس هو الإنسان كده، يعمل حاجة بلحظة وجع،

وبعدين يرجع يندم عليها نفس اللحظة اللي بعدها.


إزاي سابتني ومشيت؟

من غير ولا كلمة؟

ولا حتى حاولت تفهمني؟

هو مش فارق معاها إحساسي؟

مش فارق إن قلبي اتفتح قدامها لأول مرة؟


كنت مخنوقة…

مش قادرة أتنفس…

قمت وخرجت من الأوضة، لقيت ماما قاعدة في الصالة،

وشها شاحب، نظرتها كلها قلق وخوف عليا.


قربت منها وقلت بهدوء مصطنع:

__هخرج أتمشى شوية.


ردت بسرعة بصوت فيه حزم:

__انتي مش هتخرجي لوحدك وانتي بالحالة دي يا سارة.


تنهدت… معنديش طاقة أجادل:

__يا ماما سيبيني على راحتي.


قالت بصوت أقوى:

__أنا قولت اللي عندي.


سكت… مش قادرة أفتح موضوع.

لكن هي اللي كملت، بنبرة مترددة بس معناها واضح:

__لو عايزة تروحي مكان… اتصلي بفريد يوصلك.

مننا وعلينا.


بصيتلها… فاهمة قوي هي تقصد إيه،

وقولت بجمود:

__ماما… اللي في دماغك ده مش هيحصل.

أنا وفريد مش شبه بعض.


ردت وهي بترفع حواجبها:

__أنا مجبتش سيرة اللي في دماغك…

انتي اللي قولتي من نفسك.


حسيت دماغي هتنفجر، رديت بنفَس مقطوع:

__تمام يا ماما.


دخلت أوضتي، وبعد وقت طويل طلعت وقلت:

__فريد تحت.


ماما بصتلي وابتسمت كأنها انتصرت في معركة،

وقالت وهي بتسلم ضهرها للكنبة:

__خدي بالك على نفسك يا حبيبتي.


نزلت السلالم وأنا لسه حاسة الرجفة في ركبي.

الهواء كان بارد…

ولا برد الشتا قد برودة اللي جوا قلبي.


أول ما خرجت، لقيت فريد واقف جمب عربيته،

إيده في جيبه،

وعينه أول ما شافتني… اتبدلت بقلق واضح.


قرب مني خطوتين وقال بصوت هادي،

اللي غير العاده مضايقنيش:

__انتي كويسة؟


مقدرتش أبصله…

عيني نزلت ع الأرض وأنا بقول:

__ماما قالتلي اخدك معايه… عشان مخرجش لوحدي....


هز راسه كأنه فاهم كل حاجة من غير كلام.

فتحلي باب العربية وقال:

__اتفضلي.


ركبت…

وقعد هو جمبّي من الناحية التانية،

بس قبل ما يشغل العربية…

فضل ساكت.

وبعدين قال جملة كسرت آخر حتة كنت مسكاها:

__انتي مكسورة يا سارة… ومش لازم تقوليلي ليه.


قلبي اتحرك…

بس مش بالراحة،

بالوجع.


ما اتعلمتش أتكلم لما أكون موجوعة…

ففضلت ساكتة.

بص للشارع قدامه وقال:

__لو عايزة نمشي من غير ما تتكلمي… ماشي.

ولو عايزة تهربي من كل اللي حصل… برضه ماشي.

بس… بلاش تكسّري نفسك زيادة.


الكلام لمسني…

مكنتش مستوعبة قد إيه محتاجة حد يسمعني

من غير ما يحكم…

ولا يلوم…

ولا يقول لي: غلطتي.


همست وأنا ببص من الشباك:

__خدني أي مكان… مش مهم فين.


شغّل العربية…

وبدأنا نتحرك،

والمدينة بتعدّي من جمبنا

زي ما تكون بعيدة… أو أنا البعيدة عنها.


نزلت من العربية وأنا حاسة برجليّ تقيلة…

الهوا ع الكورنيش كان بيشد شعري لورا،

وفي لحظة حسّيت إن الدنيا كلها ساكته…

إلا قلبي.


فريد رجع بعد دقايق بكوبايتين عصير،

مدهالي وقعد جمبي على السور،

وقال بصوته الهادي اللي بيحرّك الكلام ببطء:

__ديما لما أحس إني متضايق أو مخنوق…

باجي هنا.

بس أول مرة يبقى معايا حد.


بصيتله بابتسامة باهتة،

مش قادرة أدي أكتر من كده.

هو كمل بنفس الهدوء:

__أنا عارف إنك لسه متأثرة من جواز نور ويوسف…

بس أقولك؟

الدنيا مش هتقف عند حاجة، صدّقيني.


الكلمة اصطدمت بيا…

زي موجة بتخبط ف صخرة.

وشي اتبدل…

جوايا وجع ما لحقش يهدأ من الأساس.


ودموعي بدأت تتملي،

من غير ما أنطق ولا أشرح.


فريد لاحظ،

ضحك ضحكة خفيفة جدًا كأنه بيهزر بس مش عايز يجرحني:

__إي إي… أنا كنت بنصحك بس.

لو نصيحتي هتعيّطك… خلاص متاخديش بيها.


ضحكته الخفيفة كسرت آخر حاجة جوايا،

حسيت نفسي بتنهار.

شهقة خرجت غصب عني،

وقولت بصوت مكسور:

__أنا…

أنا قلت لنور النهارده…

إني بحب يوسف!"


الكلمة خرجت وراها ريحة وجع كبير،

زي اعتراف كنت شايلاه ومفيش مكان يستخبى فيه.


وشهقي عليت،

وعيني نزلت دموع من غير توقف.


فريد سكت…


سكت شوية…

كان شايف دموعي بتنزل من غير توقّف،

وشايف قلبي بيتكسر قدّامه،

بس اللي ميّزه إنه مكنش من النوع اللي يرمي كلام وخلاص.

ع رغم من هزاره الدايم

ورخامته

الا انه وقت الجد

بيبقى راجل بجد .... 

كان بيفكّر…

بيركّب الجملة قبل ما يقولها…

عشان متكسرنيش أكتر.

مسح على دقنه بتفكير،

وبعدين قال بصوت هادي قوي،

الصوت اللي تحسي إنه خارج من حد كبير عن سنه:

__ساره…

اللي انتي فيه مش بسيط.

وانتي مش غلطانة إنك حبّيتي حد.

ولا غلطانة إنك اتوجعتي.

بصيتله ودموعي نازلة،

مش عارفة أرد ولا أكمل.

كمل:

__بس عارفة فين الغلط الحقيقي؟

إنك تعيشي حياتك كلها مستنية حد…

مش هيبصلك بالطريقة اللي انتي بتحلمي بيها.

قلبي وجعني أكتر…

بس كلامه حسّيته صريح، حقيقي.

__يوسف…

مش شايفك كده،

ومش هيشوفك.

مش عشان فيكي حاجة وحشة،

لأ…

عشان قلبه متقفل على شكل تاني من الارتباط.

وإنتي عمرك ما هتقدري تقفي قدّام الظروف دي.

حاول يخفف نبرة الكلام،

فكمل وهو بيبص للبحر:

__وأنا مش بقولك انسَي في يوم وليلة…

محدش بيعمل كده.

بس بقولك حاجة واحدة:

لو فضلتي ماسكة في حب من طرف واحد…

عمرك ما هتشوفي اللي يستاهلك.

اتسعت عيني شوية…

مش من الصدمة،

من إن الكلام لمس مكان جوايا مكنتش عايزة حد يقربه.

وهو كمل:

__انتي بنت قلبها أبيض…

وعقلك كبير…

ومستحيل ربنا يكتبلك وجع على طول.

هيجي يوم…

وهتضحكي على اليوم اللي كنتي فاكرة إن نهايتك فيه.

كان بيحاول يطبطب بالكلام،

من غير ما يدّيني أمل كداب،

ولا يحسسني إني غلطانة في مشاعري.

رجّع نظره عليا:

__بس أهم حاجة…

أهم حاجة يا ساره…

إنك متخليش حبك لحد

يمسحك…

أو يضيّعك…

أو يمنعك تشوفي قيمتك.

الحزن ف عنيا ما راحش…

بس لأول مرة من بدري…

قلبي هدي سنة.

__________


نور


كنت قاعده في أوضتي،

الدنيا هاديه…

وكل حاجة جوايا مش هاديه خالص.

الفون رن…

رسالة من رقم مش مسجلاه.

فتحتها بلا اهتمام…

ومكنتش متوقعة ألاقي كلمة واحدة بس

تدوّخني كدا:

__وحشتيني.

قعدت أبص للكلمة شوية…

دماغي تحلل وتشك وتتخض وتستغرب

وكل دا في ثانية.

مين دا؟

رقم غلط؟

حد بيهزر؟

ولا… حد فاكر نفسه لسه ليه مكان؟

هزّيت راسي

وقولت لنفسي:

__مليش دعوه… مش وقت الكلام دا.


قفلت الفون

وحطيته بعيد

كأني بكدا بقفل باب في وشي.

خرجت من الأوضة

وكالعادة…

لقيت يوسف ماشي في الطرقة

وهو نايم.

بقت عادة يومية،

وبقت حاجة غصب عني بخاف عليه فيها

وبشفق عليه قوي.

مسكت كتفه بهدوء

ووجّهته ناحية أوضته،

كان عيونه نص مقفولة

وكلامه مش مفهوم

زي كل مرة.

غطيته كويس

وسبت نور خفيفة في الأوضة

ورجعت أنا لأوضتي.

بس وانا قاعدة…

كلمة الرسالة

فضلت بتزن في ودني:

__وحشتيني.

ومع إن عقلي رافض يفكّر…

قلبي كان بيسأل:

مين اللي لسه شايف إني أوحشه؟


وبعدها بدقايق…

نفس الرقم رن.

الموبايل كان بيرج فوق السطر اللي قلبي واقف عليه.

ردّيت وأنا لسه مش مستوعبة:

– مين؟


لحظة صمت…

وحسّيت إن وداني بتسجل كل نَفَس على الطرف التاني.


وبعدين جه الصوت…

الصوت اللي عمري ما نسيت نبرته، حتى لو الدنيا لفّت بيا ألف لفة:

– مش فاكْراني يا نور؟


اتجمدت.

الصوت دا…

مش غريب.

مش بعيد.

مش منسي.

بس كان عامل زي صورة قديمة اتعفّر منها لونها… ولسه ملامحها موجودة.


حاولت أتكلم، بس لساني اتربط…

قام هو كمل، وبنبرة هادية بس داخلايا عملت دوشة:

– أنا أدهم.


أول ما قال اسمه…

كأن حد فتح جوايا باب كنت قافلاه بإيدي وساتر عليه بقلبي.

كل الذكريات اللي كنت حافّة حوالينها خطوط حمراء… كسرت الخطوط ورجعت تجري ناحيتي.


إيدي اللي ماسكة الموبايل بقيت سقعة…

ومشاعري؟

مش مرتّبة.

لا فرح… ولا خوف… حاجة في النص، حاجة بين الاتنين…

زي لما النور يولع فجأة في أوضة ضلمة.


دموعي نزلت قبل ما حتى أفكر أمسحها.


رجع… أدهم رجع مصر.

الكلمة خبطت في قلبي زي مطراقة.

رجع… يعني كل اللي هربت منه ممكن يقف قدامي تاني.

رجع… يعني يمكن يكون جاي يعيدني لنفس البيت… نفس القهر… نفس الضرب اللي عمري ما نسيت ريحته ولا وجعه.


سمعت نفسي بقول بصوت واطي، متلخبط، ومش ثابت:

–… أدهم؟ إنت؟

عرفت مكان شغلي ورقمي ازاي؟


رد عليّا بنفس الهدوء اللي خلاني أتجمد أكتر:

– مكان شغلك لقيته من كارت كان واقع من حاجتك… ورقمك خدته من بابا.


حاولت أتكلم، لساني ماكنش بيسمع الكلام.

صوتي خرج متكسّر، مهزوز:

– أنت… رجعت؟ بجد؟


هو رد بهدوء… الهدوء اللي ساعات بيخوف أكتر من الصوت العالي:

– أيوه يا نور. كنت لازم أرجع.


اتنفست بصعوبة، كأن الهوا تقيل.

الشك مسيطر عليّ…

هل هو معايا؟

ولا واقف في صفهم؟

ولا جاي يكمل اللي ابتدى زمان؟


بعدين قال الجملة اللي زوّدت الرعشة اللي في جسمي:

– لازم أقابلك. انتي وحشتيني أوي يا نور.


كنت على وشّ إني أنهار.

مش فاهمة…

مش قادرة أصدق…

هو بيقول "وحشتيني"؟

بعد كل السنين دي؟

بعد اللي حصل؟

بعد اليوم اللي سبت البيت فيه وأنا بترعش؟

بعد ما اتمنيت محدش 

 يعرف أنا عايشة فين ولا بشتغل فين؟


قفلت معاه واتفقنا إننا هنتقابل.


صحيت الصبح بدري قبل يوسف،

حضرت حاجتي بسرعة وقلبي بيخفق من التوتر،

عشان أروح المحاضرات من غير ما يوصلني.


وصلت الجامعة،

شفت ساره من بعيد داخلة.

قلبي اتجمد، عيني جت ف عينيها!

لكن هي هي متكلمتش،

ولا قالت حرف.

حسيت بغصة في صدري،

عدت من جنبي كأنها متعرفنيش، وكأن كل المشاعر اللي بينا اختفت فجأة.


خلصت محاضراتي،

وخرجت…

وصدمه غمرتني لما لقيت!

مازن قدامي!

قلبي دق بسرعة، إحساسي كله توتر وخوف.

مش قادرة أتحرك، ومش عارفة أعمل إيه…


كنت هَجري…

قلبي كان بيخبط في صدري، نفسي اتقطع، وكل اللي جوايا بيصرخ "ابعدي عنه!"


لكن فجأة…

مسكني من إيدي جامد،

شدّة وجع، شدّة خوف، شدّة رجوع لأسوأ لحظات حياتي.


صرخ في وشي بصوت عالي:

– هربتي من البيت يا نور؟ عملتي اللي ف دماغك؟

وياترى بعد دا كله… اتجوزك في الآخر؟


كلماته كانت زي السكاكين،

بترجعني لكل ذكريات الذل اللي كنت بهرب منها.


صرخت وأنا بحاول أخلص إيدي من قبضته:

– سيبني! سيبنييي!


لكن هو زاد عنف وقال بصوت أعلى:

– انتي هترجعي معايا حالاً!


الدنيا اتشوشت حواليّا،

جسمي كله بيرتعش،

نفَسي اتقطع،

عيوني اتملت دموع،

وصوتي اتكتم من الخضة والخوف.


كنت منهارة…

وما حسّيتش بنفسي غير وأنا بِقَع مغمى عليّا في نص الجامعة،

والدنيا كلها بقت صوت بعيد…

وضلمة.


_________________


يوسف


أول ما الموبايل رن وشفت اسم سارة…

قلبي اتقبض.

ما بينّا مشاكل ومش بنتكلم،

بس صوتها كان مترعش… وكلمة واحدة كسرت كل المسافات:

– نور… وقعت في الجامعة واغم عليها.


ما سألتش حتى "ازاي" ولا "ليه".

قفلت وجريت.

روحت الجامعة بأسرع ما أقدر،

عينيا بتلف يمين وشمال أدور عليها…

بس سارة كانت اختفت.

واضح إنها مش قادرة تشوفني بعد اللي حصل ....


لقيت نور مرمية على الأرض،

وشها شاحب…

أنفاسها ضعيفة…

وإيديها متلجة.


قلبي اتخبط في صدري لحظة شُفتها كدا.

نسيت كل حاجة…

نسيت إني وهي متجوزين بس “بالاسم”،

ونسيت إن حياتنا معقدة،

ونسيت كل الدنيا....


كل اللي كان في دماغي: أنقذها… دلوقتي.


شلتها في حضني من غير ما أفكر،

وبخطوات سريعة خرجت بيها برا الزحمة.

حتى الناس اللي بتتفرج مبقتش شايفهم.


ركّبتها في العربية،

وهي مرمية على الكرسي وراسها ميلة عليا،

وأنا بإيدي التانية بحاول أصحيها:

– نور… اسمعيني.

– نور افتحي عينيكي.


صوتي كان بيتهز…

وأنا حتى مش قادر أخبيه عن نفسي.


سُقت على المستشفى بأقصى سرعة،

وقلبي بيحارب الوقت.


وصلت ودخلت بيها على المستشفى،

وأول كلمة قلتها للدكتور:


– الحقوها… دي فقدت الوعي فجأة.


وقفت برا أوضة الكشف،

وصوتي متكتم وأنا بضغط على إيديا جامد…

قلق، توتر، غضب…

كل المشاعر كانت بتتخانق جوايا وأنا مستني الدكتور يخرج.


الدقايق كانت بتمشي ببطء قاتل،

ولما باب الأوضة اتفتح… قلبي وقع.


الدكتور خرج وهو ماسك الروشتة،

وبصلي بنظرة فيها هدوء شوية وقال:

– بسبب التوتر الشديد… السكر عندها علي.

– وبما إنها مريضة سكر، إحنا أديناها جرعة إنسولين توازن الوضع.

– إن شاء الله شوية وهتفوق… متقلقش.


حسيت روحي بترجع لجسمي،

بس في نفس الوقت…

الغضب اتحول لبركان جوايا.


تعبت للدرجة دي؟

وفين؟ في الجامعة؟

وبسبب مين؟

وكل دا وهي لوحدها؟


مسكت نفسي بالعافية عشان ما أصرخش،

وملامح وشي اتشدت من القلق أكتر.


وف وسط كل الهم اللي كان جوايا…

خرجت الممرضة فجأة،

ودتني شنطة نور وتليفونها.


اخدتهم منها وأنا مركز معاها…

لكن قبل ما أفتح الشنطة حتى،

التليفون نور… رن برسالة.


النغمة قطعت صمتي.

قلبي شد…

نظرت للشاشة.


كانت الرسالة باينة من برّه:

"مجيتيش ليه؟"


اتجمدت لحظة.

مين دا اللي مستعجل يشوفها؟

فتحت الموبايل — مش من حب استطلاع…

من خوف.

من قلق.

من إحساس إن في حاجه أكبر من اللي أنا شايفه.


ولقيت رقم مش متسجل باعتلها:

__وحشتيني!

__مجيتيش ليه؟


حسيت الدم بيجري في وشي بسرعة.

وشي احمر…

ودرعي شد.

والدم اللي في صدري غلي.

__مين دا اللي بيقولها  وحشتيني؟؟؟


رجعت بصيتلها من الإزاز وهي نايمة…

حسيت بغضب مش مفهوم.

مش مفروض أحس كدا.

بس حسّيته.


مين الراجل دا؟

وليه بيقولها كدا؟

وهي… ليه سايبه حد يكلمها بالشكل دا؟

يتبع


أنت الان في اول موضوع

تعليقات

التنقل السريع
    close