رواية ماضِ لا يٌغتفر الفصل الثالث بقلم الكاتبه ريتاج أبو زيد حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج
![]() |
رواية ماضِ لا يٌغتفر الفصل الثالث بقلم الكاتبه ريتاج أبو زيد حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج
كانت المواجهة في غاية الصعوبة ، فهما كانا صديقين منذ زمنٍ بعيد،فكانوا كالأخوة، أو هكذا كان يدعون ويظنون.
وفي الوقت الراهن كُشف الله وجههما ليرى كل منهما حقيقة الآخر.
أول من قطع الصمت كان (خالد) الذي قال بسخرية:
-يعني أنت اللي جاي تخرج رحيم وتسدد القرض والديون، طب والله حلوة، بقالي كتير مضحكتش.
رد عليه (مظهر) بثبات:
-اه أنا اللي جاي يا خالد، اتفضل قول عايز كام وقفّل المحضر وقوم روح.
فضرب (خالد)على المكتب بيديه بانفعال وهو ينهض ثم قال:
-أنت ليه هتفضل تدخل نفسك في كل حاجة،
ليه هتفضل تدمر كل اللي بعمله، كفاية بقى خراب لغاية كده.
رد عليه (مظهر) بغير اكتراث:
-انا مش بخرب دلوقتي أنا بحل، بس إنت بتأذي رحيم ورحيم ملهوش ذنب، ومتقولش حنيت له والكلام الفاضي ده، انا كل الحكاية إن جميلة كلمتني وقالتلي على إللي حصل فجيت عشان رحيم وجميله ملهمش ذنب، لو حد ليه ذنب في كل ده هيكون أدهم وأنت يا خالد.
رد عليه بانفعال وهو يستعيد الماضي الأليم الماضي الذي لا يُغتفر:
-أنت واخد بالك انت بتقول إيه،هنعيد تاني، إنت سرقت و قتلت وخربت و بوظت كل حاجة في حياتنا يا مظهر، إنت خنتني وحبستني، إنت إنسان مريض، إنت هتفوق إمتى إنت سبب كل حاجة، وجاي دلوقتي تقول رحيم وجميلة ملهمش ذنب يعني أنا وأدهم كان لينا ذنب ،وكل الناس إللي دمرت حياتهم دول ليهم ذنب، ورحيم و جميلة وهما أطفال كان ليهم ذنب؟
نظر (مظهر) إليه بابتسامة نصر و فخر في نفسه ثم قال:
أنت لسه هتعيد حاجات من سنين، انا مش فاضي، أنهي الموضوع يا خالد عايز كام.
وقبل يُجيب (خالد) أتى (الشرطي) مبتسمًا ظننًا منه أن كل شيءٍ على ما يرام، جلس على كرسي المكتب وهو لا يزال يبتسم تلك البسمة البلهاء، شخّص بصره أولاً إلى (مظهر) ثم إلى (خالد) وقال له:
-ها يا استاذ خالد حضرتك هتتنازل عن المحضر خلاص الأستاذ مظهر قال هيسدد كل حاجة وحضرتك هتاخد كل فلوسك.
أغمض (خالد) عينيه بغضب ثم أطلق تنهيدة وسيطر على غضبه وتقبل الهزيمة هذه المرة كما المرات السابقة.
تقبل ضياع حبيبة عمره للمرة التي لا يعلم عددها، تقبل الخيانة والغدر من صديقه مراتٍ لا تُحصى، كاد أن يتكلم لكن استوقفه (مظهر) عندما قال:
-الأستاذ خالد اكيد هيتنازل عن المحضر وهياخد فلوسه اللي هو عايزها.
ثم نظر إلى (خالد) بثقة وهندم ملابسه ثم غادر.
خرج من المكتب، وهو يشعر بالنصر عليه مثل كل مرةٍ، وما يفرحه أكثر إنه زرع في ذاكرته الكثير من الآلام الذي لا تُنسى، ومازال يتألم منها.
وكان بجانب المكتب تجلس (عبير) الذي كانت تشعر أن قلبها يتمزق على فلذة كبدها، وكانت تفكر هل سيتنازل (خالد)؟
هل (مظهر) سينهي الأمر أم سيعقده؟
هل (رحيم) بخير؟
و كانت الأسئلة تدور برأسها والخوف على ابنها ينهش في قلبها ، والدموع تسيل على وجهها ، دموع الحزن والخوف والقهر و الخذلان و الانكسار.
أما (جميلة) فهي على عكس أمها كانت واثقة في (مظهر) هي لم تثق فيه لذاته، ولكن كانت واثقة إنها إذا طلبت منه شئٍ سينفذ طلبها ، لأنها كما أخيها تعرف السر، كان هناك شيء ينظر للأمر بسلبية في عقلها و ينفي عكس ذلك،لكنها ظلت تقاومه.
وقف (نادر) يفكر كيف سينقذ صديقه من هذه الورطة،وأمه كانت بجانب (عبير) تواسيها..
-متخفيش يا أم رحيم، رحيم هيخرج بالسلامه أن شاء الله كلها ساعتين بس نخلص المحضر و نسدد القرض و هيرجع بيته بسلامه، روحي ارتاحي انتِ....
كان هذا قول (مظهر) عندما خرج من مكتب (الشرطي) .
صمت لبرهة ثم أردف قائلا:
-تقدري تروحي أنت وجميلة يا أم رحيم وكمان أم نادر و خلي نادر هنا عشان ياخد رحيم...
نظرت إليه (عبير) باشمئزاز ثم نظرت إلى الجهة الاخرى فهي تبغضه إلى أبعد حد و لا ُتطيق النظر إليه،كانت تشعر بأنها تريد أن تمزقه!
نعم تمزقه!!
أو على الأقل تُهشم رأسه.
نظر إليه (نادر) بعمق ، فهو كيف يأتي وينقذ (رحيم) ؟
فلماذا يأتي ويساعده لماذا لا يستغل الفرصة ويحتفل بدخول (رحيم) السجن؟
لماذا استجاب لـ(جميلة) ؟
لحظات صمت وأسئلة وتفكير لم يقطعها سوى (ليلى) عندما قالت موجهة حديثها إلى (عبير) و (جميله):
-يلا يا جميله يلا يا عبير قومي يا حبيبتي خلينا نروح، يلا عشان ترتاحي ومش ينفع تقعدي هنا أكتر من كده أنت تعبانة و إخلاص كل شوية تتصل و قلقانة،نادر هيجيب رحيم لغاية عندك بالسلامه.
بالطبع رفضت (عبير) أن تتزحزح خطوة واحدة دون ابنها.
بعد ساعتين تم الانتهاء من الإجراءات المطلوبة،خرج ذلك المظلوم من السجن.
كانت حالته سيئة وجهه شاحب وعيونه حمراء واضح فيها الحزن والقهر ثيابه غير مرتبة شعره أشعث بعض الشيء،كأنه مكث هنا شهر وليس بضع ساعات..
عندما رأت أمه شكله بكت وذهبت إليه بخطوات واسعة وضمته إليها.
ركبوا جميعا في سيارة (نادر) الذي اخذ كرسي القيادة وبجانبه (رحيم) ويمكث في الخلف النساء.
ما زال (رحيم) يتذكر السنوات الأخيرة وكيف تغير والده وكيف كان يعامل أمه، وكيف كانت أمه تُخشى أن تنام ، لأنه يعود إلى البيت مخمورًا، وكانت تخشى أن يفعل شئ فيها أو صغراها ، فكانت تظل مستيقظة، وتقفل عليه الغرفة هو وأخته ، حتى لا ينالوا من اللكمات والصفعات نصيب، فيضربها هي وتظل تصرخ و تتألم وتتحمل الالم وتحاول أن تدافع عن نفسها فيثور أكثر.
و الجيران الذين يسمعون صوت صراخها و لن يُحاول أحد قط أن يُساعدها خوفًا من توريط أنفسهم في صراعات.
ثم تذكر أيضا أن والده كان حنون عليهم جميعا، وأن هذا التغيير طرأ من فترة فقط وظل على أمل أن يعود والده كما كان حنونًا.
استفاق من الماضي عندما نادته أمه لتطمئن عليه،فطمأنها عليه بهزة من رأسه مع نصف ابتسامة باهتة وعينيه مليئة بالحزن، ثم وقفت السيارة عندما وصلوا إلى بيت خالته.
وهو كما هو صامتاً شاردًا ولم يقدر أن يتفوه بأي شيء، فهو فقط يكتفي بأن يومئ عندما يسأله احدًا اذا كان بخير .
لكنه قبل أن ينزلوا من السيارة تكلم لأول مرة منذ خروجه من السجن وقال لأمه:
-أمي لو سمحتي أنا هروح مع نادر واطلعوه أنتو.
فقالت معترضة:
-ليه يا رحيم، مش هينفع انا عايزاك تكون معايا انهاردة مش هعرف اسيبك روح يوم تاني.
-أمي أنا مش حمل كلمة واحدة من أنس مش عايز نتخانق أو يزعقلي.
فقالت (جميلة) وهي تربت على كتفه من خلف:
-إنت نسيت يا رحيم، أنس مش موجود في البيت عنده شغل وتليفونه مقفول ولسه ميعرفش حاجة لأن تليفونه هيفتح بكرة.
تذكر ان (أنس) لديه عمل في الإسكندرية،فاستجاب لهم في النهاية مقدرًا خوفهم عليه، عندما دخلوا الشقة قالت خالته بوجهه هادئ:
-ألف حمدلله على السلامة منشوفش فيك حاجة وحشة يا عيوني.
اومئ لها مجبرًا نفسه على الابتسام.
ثم قالت أمه بنبرة متحشرجة قليلًا:
-رحيم يا حبيبي يلا ادخل غير هدومك وانا هحضر لك تاكل يا حبيبي.
فرد عليها بإيجاز وهو يذهب متجهًا إلى غرفة (أنس):
-لأ يا أمي أنا داخل أنام عشان الشغل الصبح.
في صباح اليوم التالي
استيقظ (رحيم) على صوت "المنبه" الذي دق في تمام الساعة السادسة صباحًا
فقام بجسد متثاقل ومُتعَب من أثر ليلة أمس.
خرج من غرفته متوجه إلى المرحاض ليستحم، ثم خرج وتوجهه إلى المطبخ حتى يقوم بتحضير مشروبه المفضل القهوة.
رفيقة الصباح التي تنبض بالحياة، رائحتها تسكن الروح .
فهذا رأيه في القهوة.
بعد أن انتهى من ارتشاف مشروبه المفضل
احس ببعض الراحة، وتجهز إلى عمله..
نزل من المنزل متجها إلى مقر عمله كسائق في شركة (أوبر) وكان وقتها أحد العملاء طلب سيارة أوبر من منطقة الزمالك.
و لم تستغرق المسافة وقت طويل حتى وصلت السيارة إلى العميل.
كانت فتاة ذات شعر قصير.
كانت تمتلك عيون واسعة بُنيّه،وجه مستدير بالإضافة إلى غمازات على خديها، بشرتها حنطيّه، متوسطة الطول.
ركبت الفتاة السيارة بعد ما تأكدت أنها هي، كانت تلك الفتاة ذات الشعر القصير أنفاسها مضطربة وتهز قدميها بسرعة، تمسك هاتفها وتقوم بإجراء المكالمات بأحد فلا يُجيب، ثم تُعيد الأتصال مرة أخرى، دون جدوى.
و تتمتم مع نفسها بصوت منخفض.
توتر الفتاة جعل (رحيم) ينتبه لها وينظر من المرآة على انفعالاتها وتصرفاتها.
-هو حضرتك يا أنسه محتاجه حاجه، قصدي محتاجة مساعدة او حاجة؟؟
فكان هذا قوله بعد ما حمحم ونظر أمامه على الطريق بعيدا عن المرآه .
قالت له الفتاة بتوتر وقلق:
-لأ انا مش محتاجة حاجة..
-الو إيه يا بابي اخيرا رديت عليا ،المهم انا رايحه لماما في المستشفى الدكتور اتصل بيا و قال أن هي فاقت بس تعبانة أوي ،السواق مش موجود في البيت فطلبت أوبر، تعالى بسرعة.
كانت هذه الكلمات صادرة من تلك الفتاة التي هدأت بعض الشيء عندما أجاب والدها عليها.
فجاء الرد من والدها أن تهدأ و هو سيأتي إليها فوراً ، ثم أغلقت المكالمة واخذت شهيق وأخرجت زفير..
لقد وصلا إلى المكان المطلوب "المستشفى".
فقال لها (رحيم) و هو يركن السيارة:
-حمدلله على السلامة إن شاء الله ماما تكون بخير.
ردت عليه بإيجاز وهي تفتح باب السيارة وتذهب منها بسرعة:
-شكرا، الله يسلمك..
عقد (رحيم) حاجبيه و لم يصدق نفسه،هل هي تركض؟؟؟
هو ليس لديه ادنى مشكلة انها تركض أو حتى تطير لكنها لم تدفع الاجرة.
ظل (رحيم) مصدمًا حتى غابت عن عينيه.
فأخذ يفكر ماذا يفعل هل يدخل خلفها
أم يرحل، أم ينتظر حتى يأتي والدها و يقول له ان ابنته المتوترة ذات الشعر القصير لم تدفع الاجرة وركضت وخلال أقل من عشر ثوانٍ اختفت عن نظره؟
ولكن كيف سيتعرف على والدها إذا انتظره؟
أخذ (رحيم) ينتظر و يُفكر قرابة عشر دقائق حتى قطع تفكيره اهتزاز هاتفه في جيب بنطاله.
فكان المتصل هو صديقه (نادر) يريد الاطمئنان عليه ،أجاب (رحيم) على الهاتف و طمأّنه عليه وقال له انه بخير،ثم سرد عليه ما حدث قبل قليل مع الفتاة..
فجاء الرد من (نادر) ساخر:
-يا عم تلاقيها اصلا إللي بتنضف الحمامات جوه و عملت كده عشان تضحك عليك ومتدفعش.
أطلق تنهيدة بضجر ثم قال له:
-بطل سوء ظن في الناس بقى حرام عليك
بعدين هي حتى لو بتنضف حمامات تكون حراميه يعني ،إيه يعني بتنضف حمامات،
بعدين القمر دي بتنضف حمامات ازاي دي ايدها متعرفش يعني إيه فرشه تنضيف وبعدين دي بتقول بابي وساكنة في الزمالك.
فرد (نادر) ضاحكًا:
-اوبا اوبا اوبا هو إنت شوفت ايدها.
فقال له (رحيم) بإنفعال مفتعل:
-أنت عبيط يا نادر يعني إيه شفت ايدها،ما طبيعي هشوف ايدها، وعادي يعني شفت ايدها هي لابسة جوانتي يعني، إنت برأس كبش ياض؟،أخلص شوفلي حل اعمل ايه؟
فقال (نادر) مقترحًا:
-اممممم بص انت ترجع عادي شغلك و توصل الناس و كله زي الفل عادي و تعالى على أخر اليوم او في نصه كده و اسأل عليها كده و شوفها مشيت و لا لأ يمكن تلاقيها، و كمان لو ملقتهاش ابقى تعالى بكره الصبح في نفس المعاد كده و أسأل عليها حتى الأمن اللي بره لو ملقتهاش خلاص ياعم مكنتش متين جنيه.
وبالفعل نفذ (رحيم) اقتراح صديقه و عاد إلى المستشفى في منتصف النهار وسأل عنها رجل أمن المستشفى الذي نجح في التعرف عليها عندما وصفها له.
فقال :
آه انت اكيد قصدك أم شعر قصير أسود وعندها غمازات دي وجات الصبح لوالدتها، يبقا أكيد مفيش غير الآنسة نور.
صمت لبرهة ثم أكمل:
ماشي شوف حسابك كام وانا هدفع وهبقى اقول للآنسه نور.
وافق (رحيم) فهو كل ما يريده هي الأجرة ولا يهمه مِن مَن سيأخذها، فأخذ منه الاجرة و رحل يستكمل عمله.
عاد مرة ثانية إلى المستشفى لأنه كان قريب منها فذهب إليها ليرى تلك الفتاة صاحبة الشعر القصير التي علم فيما بعد أنها تُدعى (نور) إن كانت موجودة حتى يقول لها إنها نست دفع الأجرة..
أوقف السيارة أمام المستشفى لكنه رأى (نور) تبكي وسط أُناس كثيرون يبكون أيضًا.
صرخت (نور) ببكاء:
-لأ يا بابي اكيد لأ، أمي كويسة أمي هتروح معانا،انا كده مش هقدر اعيش، ده فاقت انهارده الصبح.
ثم صرخت بأعلى صوتها:
-بتسبني وتمشي ليه ، اكيد ده مش حقيقي وحلم وأنا هصحى منه دلوقتي أن شاء الله يارب.
حالة إنكار وعدم تصديق
حزن ومشاعر مضطربة
انكسار و وجع
فقدان الأم من أعمق الأحزان التي قد يختبرها القلب،لقد رحلت أمها، الحب والحنان، الحضن الدافئ،فعليها استكمال الطريق وحدها،دون أم ترعاها وتهتم بتفاصيلها وتأخذها في حضنها حيث الحنان والأمان .
كانت تبكي بحرقة وقلبها يتمزق من الألم الفراق،تبكي بقلبها قبل عيناها ،فكم ستشتاق لأمها، وكم ستشتاق لقلبها و حنينها ،وكم فراقها صعب عليها ...
ظلت تبكي حتى أحست بخفقان في قلبها، و دوار شديد ثم سقطت على الأرض من كثرة التعب والبكاء فتجمع حولها الناس وكانوا يساعدوها على النهوض من جديد، نزل في هذه اللحظة (رحيم) من السيارة و قرر مساعدتها، ساعدها أن تنهض من على الأرض وسط أقاربها ، ثم أخذها إلى سيارته، و اعطاها زجاجة المياه الصغيرة خاصته،فلم تقدر على الإمساك بالزجاجة، وظلت تبكي..
فهدئها هو بقوله الهادئ:
-بصي حاولي تتماسكي كده وتهدي شويه عشان عيلتك وعشان نفسك ، بصي انت بقيتي عامله ازاي،اهدي عشان كده حرام، وكلنا لها،وعشان هي اكيد في مكان احسن، و اظن ربنا رحمها يعني..
ثم أكمل بهدوء:
-أسأل الله العظيم رب العرش العظيم ان يرحمها بواسع رحمته ، و أن تكون خالدة في الجنة ، و أن يجمعك بها في الجنة بعد عمرٍ طويل، و أسأل الله العظيم أن يصبرك و يقويكي و يديكي القوة و يطبطب على قلبك و تقدري تتحملي فراقها..
البقاء لله يا انسه نور.
بعد قول (رحيم) لها وهدوء في المعاملة معها ودعائه لها و لامها، هدأت بعض الشيء ونظرت له في عينيه نظرة مطولة عميقة تتساءل، من أين يعرفها هذا الشاب؟
ظلت تنظر إليه بتسائل حتى جاءت إليها صديقتها وأخرجتها من السيارة.
خرج هو أيضاً من السيارة،فقالت له صديقتها و هي تدحرج عينيها بينهما:
هو حضرتك مين أنت تعرفها؟.
فقال لها (رحيم) بهدوء وأدب:
-هو انا معرفهاش يعني، بس أنا وصلتها للمستشفى الصبح أنا أوبر، و كنت معدي من هنا و لما شوفتها وقعت جبتها العربية.
فأومأت له وهي تأخذ صديقتها بعيد عنه وتهدئها.
أخذتها إلى والدها التي كان واقفا يبكي.
فقالت له صديقتها وهي تضع يديها على كتفه ويدها الثانيه على يد (نور):
-البقاء الله يا أنكل، أنا جبت لحضرتك نور أهي كانت واقفة مع الشاب إللي هناك ده لما أغمى عليها هو خدها عربيته.
فقال والدها وهو يحاول ان يتماسك و يتحدث بهدوء:
-شكرا يا مونيكا ، خلي بالك منها يا مونيكا متسبهاش ، خديها معاكي على البيت بعربيتك يلا، وعرفيهم أنك لقيتها عشان كانوا بيدوروا عليها، انا مش عارف ليه سبوها تروح مع راجل غريب.
فجاء الرد من (مونيكا) معقبًا على حديثه:
-معلش يا أنكل هما افتكروا انه حد من قرايبنا محدش واخد باله ،انا هاخدها معايا.
ثم اخذت (مونيكا) (نور) وادخلتها سيارتها،ونظرت إلى (رحيم) الذي لا يزال واقفًا أمام سيارته، ثم رحلت.
بعد ما فرغ المكان من أهل وأقارب المتوفية،
ذهب (رحيم) إلى (رجل الأمن) أعطى له الاجرة التي كان اعطها له من قبل،فقال له (رجل الأمن) وعلامات الدهشة على ملامحه:
-ليه يا باشا بترجعها تاني ما خلاص بقى، انا هخدها من الآنسة نور أو الاستاذ ضياء.
فقال له (رحيم) وهو يمد يده بالمال مُصرًا:
-أنا هاخدها منها اتفضل شكرا..
فأخذ (رجل الأمن) المال منه ،ثم استدار (رحيم) حتى يرحل، لكنه سمع اهتزاز هاتفه في جيب بنطاله للمرة الثانية، قبل أن يركب سيارته فأخرجه حتى يُجيب .
كان المتصل (صاحب محل صغير تحت منزل خالته) .
رفع حاجبيه في دهشة عندما قرأ الأسم وأحس بقلق فأجاب عليه مسرعًا.
يتبع
لاتلهكم القراءه عن الصلاه وذكر الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم


تعليقات
إرسال تعليق