رواية العسقله الماكره الفصل التاسع والعاشر بقلم الكاتبه إيمان كمال حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج
![]() |
رواية العسقله الماكره الفصل التاسع والعاشر بقلم الكاتبه إيمان كمال حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج
وقفت قدام باب مكتبه، لسه هتخبط، لاقت الباب اتفتح، واول ما اتفتح لاقت سليم واقف بهيبته وعيونه بتلمع في نظرة شوق ولهفة ملهاش وصف، واتصدمت من اللي عمله....
فجأه وبسرعة البرق شدها بدون اي مقدمات وضمها لصدره، حضنها بكل شوق وحرمان السنين اللي فاتت، ضمها ومعملش حساب لا للمكان ولا للتقاليد ولا إلاصول، ولا اي حاجه؛ غير بس انه يحس انها رجعتله.. يحس انه في اللحظة دي فعلا ردتله روحه من تاني، شعور غريب اتملك شادية، حاولت تخرج من قبضة تملك ايده، معرفتش، كان متملك كأنه وجد اخيرا ملاذه، جسمها اتخشب للحظات، لكن مع شدة ضمه ليها، مقدرتش تقاوم وخارت كل قواها وبادلته ضمته وحاوطت اديها حوالين ظهره، بمجرد بس ما استنشقت عبير عطره؛ اللي كان بمثابة المخدر لكل حواسها وفقدها وعيها، سكت الكلام وصوت انفاسهم ودقات قلوبهم هي اللي كان أعلى، مرت دقايق مسروقة من الزمن، اخيرا عرف فيها سليم يخرجها من حضنه وهمس قالها باعتذار: آسف.. بجد متأسف مش عارف عملت كده ازاي؟ مقدرتش اقاوم شوق السنين اللي فاتت ومقربش ياشادية... انتي متعرفيش انا اتعذبت اد اية؟ ولسه لحد دلوقتي مستمره في عذابي.
شادية وهي بتعدل في هدومها، اتحركت وقعدت على الكرسي وقالت بوجع: مش لوحدك اللي اتعذبت ياسليم، انا عذابي كان اضعافك بكتير، تفتكر كان سهل عليا طول السنين دي تبقى عارف اني اتخليت عنك، واني خونت عهدي معاك واتجوزت غيرك؟
سليم قعد قصادها وقال وهو ماسك اديها: احكيلي كل حاجة، ومتخبيش عني اي حاجة؟ ليه عملتي كده؟ ومين اللي كان معاكي وبيقولك ماما؟ احكي ياشادية وبردي نار جهنم اللي جوايا ومش عايزة تنطفي من سنين؟!
شادية بابتسامه قالت: هحكيلك كل حاجة، بس اديني الحقنه وتعالى نروح في اي مكان نتكلم.
سليم: حاضر، ثواني هنادي على المساعده تجهزها.
طلب ليلى المساعده وجهزتها بعد دقايق وجبتها وهو ادهالها بنفسه، وقالها تلغي كل الحجوزات لانه خارج، واخد شادية وخرج، ركب العربيه وكان عايز يخطفها لابعد مكان مفهوش حد غيرهم، لانه بالفعل مش عايز مخلوق على الارض غير حببته اللي اترجاها من الدنيا، ومع كل اسف القدر حرمه منها سنين كتير، بعد طول طريق وصل لكافيه هادي، دخلوا وقعدها على تربيزة بعيده عن الأنظار، واستنى انها تتكلم، جه الجرسون وطلب منه اتنين قهوة، وراح يجبهم، كل ده وعيون شادية باصه لسليم بتشبع منه، محتسش غير لما الجرسون جاب القهوة وحطهم قدامهم، واول ما مشي سليم قال: هتفضلي ساكته كتير؟
شادية وهي لسه عينيها في عينه بتحاول تشبع منهم ردت: اوقات السكوت بيكون افضل من الكلام.
سليم وهو حاطط ايده على اديها يطمنها عشان تخرج كل اللي جواها: بس ده ميمنعش اننا لما نتكلم ونخرج كل اللي جوانا مهما كان ايه هو بنرتاح والهم اللي شايلينه بيقل ولا اية؟
شادية بحيرة: تفتكر؟!
سليم بتأكيد شاور بعينه، انتهدت وسألتة: تحب ابدأ منين؟!
سليم بلهفه لمعرفة كل الحكاية قال: من اخر مرة كنا مع بعض واتفقنا انك هتيجي ونسافر سوا.
اخدت شادية نفس عميق وخرجته بهدوء وخرجت معاه كل وجع الماضي، ورجعت بذاكرتها لليوم المشئوم، بلعت ريقها لقته ناشف اوي، شربت شوية ميه وقالت: يومها جهزت شنطتي ولسه هفتح الباب عشان اهرب من سجني اللي كنت محبوسه فيه؛ لقيت ابويا بيفتح الباب واول ما شافني، عينك ما تشوف الا النور وفين يوجعك، كل ضربه منه وكانت بتنزل على قلبي مش جسمي، حسيت ان خلاص نهايتي في اللحظة دي، واللي كان وجعني اني مش هقدر اودعك ولا اشوفك، فضل يضرب فيا لحد ما تعب، ولا حد قدر يقرب ينجدني منه، مكنتش سامعه شتمته ولا سبه ليا، كنت في دنيا تانيه، صورتك هي اللي قصاد عيني بتديني القوة اني اتحمل كل الضرب اللي بينهال على جسمي، مفقتش غير لما قالي انه هيحسرني عليك وينتقم منك ويوجع قلبي عليك، هنا دبت فيا الروح ورجعت ارض الواقع، وسحفت تحت رجله ابوسها واترجاه انه يرحمك، واني هنفذ كل اللي هو عايزاه، وهنا لمعت عينه بشر وقال انه هيجوزني لطارق العياط، ووافقت عشان انجدك من بطشه.
سكتت واخدت انفاسها، ومسحت دموع الألم اللي عاشتها، كان سليم بيسمعها وقلبه وروحه بتبكي على كل كلامها، ومش عارف يبقى فرحان على حبها ولا يحزن على كل العذاب اللي بتحكيه، فضل ساكت وهي كملت وقالت: حاولت اقوم من مكاني مقدرتش، اخدت منه ضربه بقوة من رجله وسابني ومشي، وفضلت مكاني فتره طويلة ابكي بحرقة على ضياعك مني، خصوصا لما سمعت صوت صفارة القطر وساعتها اتقطعت كل خيوط الامل اللي بينا، قومت اخيرا ودخلت اوضتي وفضلت ابكي بحرقة وادعي ربنا ان تحصل معجزة تنجيني من الجوازة.
سليم وهو بيتفتكر اليوم الفجيع ده قالها: في الوقت ده بقى جت الدادا وقالتلي انك هتتجوزية وبتنهي كل ما بينا.
شادية بوجع: دلوقتي عرفت ترجمة نظرات الدادا ليا طول السنين دي سببها اية، وليه قبل ما تموت طلبت مني اسامحها، عمري ما تخيلت ابدا تعمل فيا كده، وتشوفني بتعذب ولا قالتلي على السر ده.
سليم بتبرير: اكيد ابوكي غصب عليها تعمل كده، بس اية المعجزة اللي حصلت؟
شادية وهي بتاخد نفسها بألم، وتأنيب ضمير بيلاحقها دايما قالت: فضلت كام يوم في اوضتي لحد ما خفيت، وكل يوم طوال ليلي ادعي ربنا لحد يوم الحنة، وانا ثقتي في ربنا وإيماني بيه مقلش، اخويا سافر يجيب مراته من بيت اهلها وهو راجع عمل حادثه كبيرة اوي وماتوا الاثنين، اول ما الخبر نزل على بابا متحملش، جاتله سكته ومات، واتقلب الفرح لميتم، واترحمت من الجوازه، اللي طبعا بعدها صممت اني مش هتجوز ابدا، ومفضلش ليا في الدنيا كلها غير ياسر ابن اخويا، اللي من حسن حظة مكنش معاهم في العربيه، وكان بايت معايا، ومن يومها واحنا ملناش غير بعض، انا كل دنيته، وهو مالي حياتي، ولحد النهارده بلوم نفسي اني دعيت ربنا، عمري ما اتمنيت تكون دي نهايتهم ابدا، مهما شوفت منهم قسوة وعنف، لكن ربنا كتب ليهم المصير ده وكنت السبب في اللي حصلهم.
سليم بنفي: استغفر الله العظيم، متقوليش كده ياشادية، انتي طلبتي من ربنا معجزة، وهو ده عمرهم انتي مدعتيش عليهم، ربنا يرحمهم ويسامح ابوكي على العذاب اللي عيشنا فيه طول السنين دي.
شادية وهي بتشرب قهوتها اللي بردت: يارب، وانت عملت ايه اتجوزت ؟!
سليم ابتسم لسخرية القدر: يعني انتي ربنا نجاكي بمعجزة ومتجوزتيش، برغم اني كنت فاكر انك اتجوزتي طارق، وعقلي كل يوم يرسم الف سيناريو ليكي، ويتخيل حياتك معاه شكلها اية... بيعاملك ازاي؟ واسأل نفسي في كل لحظة، هل بيحبك زي؟ طب هل بيقولك كلمه حلوه خارجة من جوة قلبه زي؟ ولا بيعاملك بقسوة وبيمد ايده عليكي؟ ولا اوقات عقلي بيتجنن ويتخيل لحظاتك معاه، ببقى زي المجنون ساعتها، بحس اني مجروح، مطعون في قلبي وبنزف ومش قادر اقول اه، ياما مرت عليا ايام اسود من الليل وانا بتخيلك معاه كنت في الليل انزل زي المجنون الف في الشوارع عشان اتعب واروح انام محسش. عقلي ياشادية عمره ما بطل يوم يفكر ويقف عن ملايين من الاسئلة، يوم بيوم، وشهر بشهر، وسنه تعدي وراها سنين وهو كل اللي اعمله اسأل واكتب في جوابات وابعتها، وعمري ما جالي رد، ومع كل ده ميأستش ابدا، كنت بشتغل طول النهار مش بضيع وقت عشان اول ما اروح اترمي زي الطوبه انام محسش، لكن اول ما احط راسي على المخدة تهجم عليا الذكريات كأنهم وحوش مفترسه وتنهش فيا وتقلب عليا كل المواجع، عشت كل السنين دي احاول الاقي بديل لروحي، ملقتش ست زيك تردلي روحي، مفيش غيرك انتي ياروح الروح.. انتي بس اللي رديتي فيا روحي لحظة ما دخلتي عليا.. وقتها كأن الزمان رجع من تاني، وانا واقف مستنيكي ورجعتي ليا ياحب عمري كله.
شادية قلبها بيتعصر من الوجع عليه، كان كل اللي في خيالها انها هي بس اللي عاشت وداقت طعم العذاب، وتخيلت انه في غربته هيلاقي اللي تنسيه حبه، لكن فاق تصورها انه مر وحس اضعاف ما شعرت بيه، دموعها سالت على الخدين وبكل بحب قالت: انت يا سليم اللي رديت فيا عمري، انا جواباتك اللي كنت بتكتبها ليا قبل ما نفترق هي اللي صبرتني، كل يوم أقرأها عشان اخد منها العزم والقوة، لكن الجوابات التانية دي عمري ما استلمت منها جواب واحد، ده انا كان نفسي بس في جواب واحد اعرف عنوانك واراسلك عشان اجيلك ونعيش سوا، حتى الامل ده حرموني منه، بس انا لازم اعرف اية الحكاية؟
سليم بقلة حيلة: وهيفيد بأية لما تعرفي؟! هيرجع سنين عمرنا اللي راحت؟! ولا هتعرفي تحاسبي اللي عمل كده؟ ده قدرنا وشربنا كاس العذاب كله، ومحدش دفع فاتورة الألم غيرنا إحنا وبس.
شادية بتأكيد: عندك حق، القدر حكم وحبك حبكته بأيد اقرب ما لينا، ربنا يسامحهم.
سليم بنبرة تفاءل: طب الباقي من عمرنا هنضيعه هو كمان؟ ولا هنلحق الباقي ونعيشه ونتهنى؟
تنحت شادية من سؤاله، ومعرفتش تجاوب تقول اية؟ ولا تشرحله مدى تعلق ياسر بيها ازاي؟ شافت في عيونه نظرات ترجي، حب، شوق ولهفة انهم يعوضوا اللي ضاع منهم، لسه هتجاوب، لمحت الجرسون اللي نجدها بيشيل فناجين القهوة، وطلب سليم عصير مانجو، واستنى انها ترد.
* * * * * * * * * * * * * * * * * *
في الاثناء دي كان ياسر قاعد مع مجدي وهو بيدرب مرزوقة، جسد بس لكن فكره وذهنه مع شادية، كل شوية يبص في الساعة وقلقان عليها، لفت انتباه مجدي اللي سأله وقالة: مالك يا ياسر انت مش معانا خالص ولا بتقول رأيك في اداء مرزوقة ؟
انتبه ياسر لكلامه ورد: معلش يا مجدي مش مركز اصل ماما اتاخرت أوي وانا قلقان عليها.
كشر بين حاجبه بستغراب وقال: هي مدام شادية صغيرة عشان تقلق عليها يابني؟
ياسر بقلق زايد: انا ماما مش متعوده تخرج لوحدها وانا اللي بوصلها في اي مكان، مكنش مفروض اسبها ابدا تروح لوحدها، عن اذنك يا مجدي هروح اتصل عليها اشوف اتأخرت ليه؟
شاور مجدي له بعينه، وقام ياسر يتصل بيها كتير وهي مردتش عليه، وده زود قلقه وخوفة عليها.
راح للمطبخ يقول لهنية تعملهم قهوة وتجيبها المكتب، ولع سيجارة وفضل ينفخ دخانها بعصبيه وراح للمكتب واول ما دخل لاحظ نظرات مجدي لمرزوقة مش بريئة، كلها مكر وهو كراجل فهمها كويس، حاول يسيطر على اعصابه ويركز معاه لعله يحس بوجوده ويغض بصره شوية.
دقايق وجابت هنية القهوة وحطتها ومشيت من سكات، مد الكل وشربها، وبعدين كملت مرزوقة تمثيل المشهد.
* * * * * * * * * * * * * * * * * *
استنى سليم انها ترد، ولما طال صمتها سألها تاني وردت عليه بكل آسى: ياريت يا سليم... انا نفسي نتجمع في اللحظة حالا ومنفوتش دقيقة واحده تانيه.
قاطعها بستفهام: واية اللي يمنع يا روح قلبي، احنا قدرنا بقى بأدينا دلوقتي ومحدش مسئول عن اختيارنا ولا يبعدنا عن بعض تاني؟
شادية بنبره ألم باينة في عيونها قالت: ده اللي انت شايفه من منظورك يا سليم، لكن واقعي مش كده، ياسر مستحيل هيتقبل شريك يشاركه في قلبي، ولا يتخلى عني بسهوله.
سكتت ومقدرتش تكمل لمجرد الفكره انه بس يعرف، وهنا لاقت رد عنيف وقوي من سليم لاول مره تشوفه منه، بس عشان هي عارفاه عذرته والتمست له الف عذر وعذر لما قال: والله ده ظلم، وربنا ميقبلش بالظلم يا شادية، زمان ابوكي فرقنا عن بعض وكل واحد فينا عاش سنين في عذاب، ولما القدر جمعنا تاني تقولي ياسر مش هيقبل؟ هو مين عشان يتحكم فينا؟ انا مستحيل هقبل مهما يكون مين يبعدني عنك، انتي فاهمه؟
شادية بتحاول تبرر قالت: ياسر برغم انه كبير، لكن انت مش قادر تفهم انا ايه بالنسباله؛ انا دنيته كلها، ده مش عايز يتجوز ويعيش حياته عشان ميسبنيش، انا مهما اوصفلك تعلقه بيا ازاي، مش هتقدر تستوعب، حبه بيزيد كل ما يكبر، مش بيقل بيزيد وتملكه بيزيد معاه، احنا صبرنا كتير، سبني اجبهاله تدريجيا وانا حاسه اني هعرف اقنعه، ويمكن قلبه يرق ويلاقي بنت الحلال اللي تستهله.
سليم بغضب: لو انتي كل دنيته، فأنتي عمري كله يا شادية، اللي راح زمان واللي جاي، هنعمل ايه لو ملقهاش افضل انا تحت الأنتظار، حرام عليكي ياشادية، هو انا مش في حسبانك، مش بتفكري غير في ياسر وبس؟ مش كفاية عليه اخد سنين عمرك اللي كانت من حقي انا؛ يسيب بقى السنين اللي جاية الحق اعشها معاكي واعوض اللي فاتنا.
شادية وهي ماسكه ايديه ونظره عينها بتترجاه قالت: معلش ياعمري، وحياتي عندك استحملني، وادعي ربنا يقرب البعيد.
سليم وهو بيضم اديها ويقبلها بحب: حاضر يا شادية عشان خاطرك هستحمل، وربنا يصبرني.
ابتسمت له بحب وشربت العصير، ومره واحده قالتلة: انا عايزة اسافر البلد ياسليم؟
سليم بتعجب: ليه ياحبيبتي؟
شادية وهي ماسكه شنطتها وبتستعد عشان تقوم: عشان استرد الضايع مني.
نظرات سليم بتدل انه مش فاهم حاجة، فوضحت قصدها في استرداد جواباته، وتعرف اية الحكاية، برغم اعتراضه في الاول، لكن تحت ضغطها وافق، دفع الحساب وركبوا العربيه وسافر للبلد، اتصلت بياسر لاقته متصل بيها كتير اوي، اول ما رنت عليه رد بسرعه وقال بلهفه: انتي فين ياماما، معقول كل ده تأخير، مردتيش عليا ليه؟ انا هموت من القلق عليكي.
شادية باعتذار: معلش ياحبيبي مسمعتش الفون، وبتصل بيك عشان بس اقولك اني هروح مشوار مهم جدا وبطمنك انا كويسه ومتقلقش عليا، اول ما اخلص هجي على طول.
ياسر: يا ماما فهميني بس، قوليلي انتي فين واجيلك؟
شادية بتوتر: لا يا حبيبي مش هينفع، لازم المشوار ده اعمله انا لوحدي، يالا سلام دلوقتي.
قفلت معاه وهي حاسة بقلقه وخوفه اللي باين في صوته، سرحت ازاي هتواجه اسئلته لما ترجع، كل ده وسليم مراقبها وساكت ومقدر حيرتها وخوفها من المواجهه، طول الطريق ساكتين، كل ما المسافة بتقرب ذكرياتها اللي سابتها وهربت منها بتطاردها كأن كل السنين اللي فاتت يوم او يومين بالكتير، كل الاوجاع حستها، وصلت اخيرا واول رجليها ما خطت باب السرايا بتاعتهم اتردد في ودنها اغنيه كانت بتحبها اوي سمعت صداها من بعيد وعيشتها من تاني..
دار يا دار يا دار
يا دار قوليلي يا دار
دار يا دار يا دار
يا دار قوليلي يا دار
راحوا فين حبايب الدار؟
فين؟ فين؟
فين؟ فين؟ قولي يا دار
دخلت وفتحت الباب وعيونها بتلف كل ركن، وبتفتكر كل ذكرى حلوه مرت عليها..
لياليك كانت نور
يسبح في ضيه بحور
صرخة صدى مهجور
مرسوم في كل جدار
راحوا فين حبايب الدار؟
فين؟ فين؟
فين؟ فين؟ قولي يا دار
افتكرت والدتها وقعدتها دايما على الكرسي اللي مركون في ركن بعيد، وتخيلت شكلها وهي ماسكة في اديها ابرة التريكو بتشتغله عشان تعملها فستان يفرحها من صنع اديها، وفرحتها لما تخلصه، دمعه نزلت من عيونها مقدرتش تحوشها..
داري الدمع يا عين
داري داري داري
داري الدمع يا عين
ما تزّوديش الغيم
داري الدمع يا عين
داري داري داري
داري الدمع يا عين
ما تزّوديش الغيم
حاولت تداري الدمع اللي نازل من غير ما قادرة تسيطر عليه، خصوصا لما افتكرت ظلم والدها وقسوته عليها، وكل اللي عمله فيها.
فيه رب اسمه كريم
ساعة المحن ستّار
فيه رب اسمه كريم
ساعة المحن ستّار
راحوا فين حبايب الدار؟
فين؟ فين؟
فين؟ فين؟ قولي يا دار
اتنهدت ودعت ربنا يصلح حالها، نادت على عم سيد الطباخ، وسعيد الجنايني، جه من جوة عم سيد اللي فرك بيده عينه عشان يتأكد من اللي واقفه قدامه، وهي ابتسمت وقالتلة: اية يا راجل ياطيب مش فاكرني ولا اية؟ انا شادية.
عم سيد وهو بيحاول يمد في خطوته اللي ضعفت من اثر الكبر وانحناء ظهره، لما وصل ليها وبص يتأكد قال بفرحه: يااه ياست شادية فينك يابنتي، اية كل الغيبه دي؟ بقالك سنين غايبه ومش بتيجي يابنتي؟
شادية غمضت عينها وردت: اجي لمين ياعم سيد، كل الحبايب راحوا والدار بقى خالية من اي ناس وحب.
عم سيد بآسف: ربنا يرحمهم ويغفر لهم والبركة فيكي وفي سي ياسر، هو فينه مش باين من ساعة ماجه اخد ايراد الأرض.
شادية: مشغول في شغله، المهم تعالي اقعد عشان عايزاك في حاجة مهمه ومحدش هيريحني غيرك انت.
عم سيد وهو بيقعد وعلامه الاستفهام على وشه سأل: خير ياست شادية انا تحت امرك... ؟!
شادية بترجي: خير ياعم سيد، هو انا كان بيجيلي جوابات هنا زمان، ومحدش بيورهاني؟
عم سيد حط عينة في الارض بيهرب منها، وده خلاها تتأكد من كلام سليم، فقالتلة: قول ياعم سيد ارجوك ايه اللي حصل زمان؟
عم سيد قال: بصي يابنتي انا هحكيلك اللي شوفته زمان، لما كنتي تعبانه وقبل اللي يحصل لاخوكي، جه عامل البريد ومعاه جواب ليكي ونادى على اسمك، ولسوء الحظ كان والدك ربنا يرحمه كان في الجنينة واخد منه الجواب، وقاله لو في جوابات تانيه جبها على عنوان شركتي، واداله العنوان، وفلوس كمان.
شادية قاطعته: وبعدين ياعم سيد، بعد بابا ما توفى الامر اتغير؟
عم سيد وهو بيفتكر: فضل الوضع ده كتير كده، لكن بعد فترة اتغير العامل وبقى يجي كل شوية، ويحط الجواب في الصندوق اللي بره، هو اه كان بيغيب شوية لكن لحد فترة بسيطة بيجيب جوابات، بس انقطعت خالص.
شادية بلوم وعتاب: ليه مقلتليش ياعم سيد؟ ليه سكت، يمكن لو كنت قولت كانت حاجات كتير اوي اتغيرت في حياتي؟
عم سيد بحزن: والدك حظرني وهددني اني ابلغك حاجة، وانا يابنتي راجل غلبان وخوفت على اكل عيشي، ولما والدك اتوفى كانت الجوابات انقطعت، ونسيت الموضوع خالص، وبعد ما السنين عدت ورجعت تاني كنتي سبتي هنا، والدنيا خدتني وقولت الموضوع مات من زمان مفيش داعي اقول واعيد.
شادية بصتله بألم على سوء قراره وتفكيره، لكنه صعب عليها، طلعت فلوس وادتهاله، وهو شكرها اوي، وقامت عشان تشوف صندوق البريد اللي مليان من حبها وعذابها كتير، فتحته بإدين مرتعشه واتفاجئت بكم هائل من الجوابات، اللي من كترهم وقعوا على الأرض، بصت ليهم ومصدقتش نفسها ان حبيب عمرها عمره مانساها ولا يأس من عدم ردها، وقالت لنفسها إذا كان دي كل الكم ده هنا، امال في الشركة بتاعت والدها في اد اية؟
لمت الجوابات في شنطة ومشيت راحت عند سليم اللي كان منتظرها في العربية لحد ما ترجع، واول ما عينه جت عليها وشاف دموعها اللي نازله اتخض عليها وقالها: مالك في اية اللي حصل مخليكي تبكي بالشكل ده؟
شادية قعدت جنبه على الكرسي، ومدت اديها بالجوابات وقالته: معقول يا سليم كل دي رسايل بعتهالي، واتحرمت منهم، حرموني منك ومن اي تواصل بينا، يمكن لو كنت اخدت جواب واحد بس في ايدي كنت سافرتلك وعشت معاك وحياتي كلها اتغيرت... ليه ظلومونا كده؟ ليه هونا عليهم بالشكل ده؟ وهان عليهم نزيف قلوبنا؟
قالت كل كلامها بين شهقتها، اخدها سليم وضمها لكتفه بحنان وطبطب على كتفها يواسيها، وقال: اهدي ياحبيبتي، ده كله مقدر ومكتوب، وربنا لو كان رايد اننا نتجمع زمان مكنش حد عرف يقف قصادنا، لكن كل شيء مكتوب، والوقت دلوقتي بقى في ادينا اوعدني نتحدى اي صعب ونتجمع مع تاني ياشادية، اوعديني !!
خرجت شادية من حضنه وبصتله بكل حب وثقه قالت: اوعدك ياحب عمري ما هسمح للظروف تاني تفرقنا، اوعدك الف وعد وعد اننا هنتجمع من تاني، بس اهيأ الظروف واقنع ياسو.
* * * * * * * * * * * * * * * * * *
ياسر جاله مكالمه فخرج يرد عليها بره عشان ميشدش انتباهم ويخرجهم من المود، اداء مرزوقة للمشهد معجبش مجدي، قام ووقف قصادها مسكها يظبط زاوية وقوفها بطريقة معينه، وكرر الكلام اللي هتقوله، مرزوقة اتوترت وهو بيقرب منها بطريقة معجبتهاش، حاولت تبعد وترجع لورا هو مسكها من وسطها بطريقة وقحه كان بيمر بيده حوالين ظهرها ويحسس عليها، محستش مرزوقة بنفسها غير وهي بتزقه وكفها نزل على وشه كف ثلاثي الأبعاد، كل ده على دخلة ياسر اللي اتصدم هو ومجدي من رد فعلها...
وإلى هنا تنتهي احداثها عند هذا الحد لنتعرف اية اللي عملته مرزوقة في مجدي؟ واية رد فعله بعد ما اخد الصفعه منها بالشكل ده؟ وموقف ياسر منها هيكون اية؟
والاقوى هيعمل اية مع اللي هيعرفة من شادية، هل هيتقبله بسهوله ولا هيكون رده اية؟
كل ده واكتر في احداث شيقه مليانه غموض وتشويق من روايتي الجديدة المتواضعة
#العسقلة_الماكرة
بقلمـ إيمان كمال ✍️
#إيمووو
الفصل العاشر
مرزوقة اتوترت وهو بيقرب منها بطريقة معجبتهاش، حاولت تبعد وترجع لورا هو مسكها من وسطها بطريقة وقحه كان بيمر بيده حوالين ظهرها، محستش مرزوقة بنفسها غير وهي بتزقه وكفها نزل على وشه كف ثلاثي الأبعاد، كل ده على دخلة ياسر اللي اتصدم هو ومجدي من رد فعلها،
واللي صدمهم اكتر صوتها اللي ارتفع واتحولت لمرزوقة وسمعتهم قصيدة من السباب والردح منقطع النظير، لما حطت صوبعها السبابه على جبهتها ومالت بوسطها لورا، ورفعت شفتها السفليه لفوق وقالت: لا ياعنيا اتعدل كده واتظبط، مش كل الطير اللي يتاكل لحمه، ده انا لحمي مر اوي، وناشف يقف في زورك يجيب اجلك في لحظها، من ساعة ماجيت وانا شايفة عينك اللي هطلع من محجرهم وقول يابت عادي، فوتي، لكن ايديك اللي عايزة كسرها تتمد على جسمي ورب الكعبه اكسرهالك، ولا هيهمني انت مين ولا عاش وكان اللي يلمس فيا حتة، انتو اللي عايزني واتحايلتوا عليا، يبقى نشتغل بالاصول والادب، مش عاجبكوا ارجع اشتغل خدامه بشرفي ولا حد يستجرأ يمد ايده عليا، انا لما واقفت اشتغل وادخل المولد ده، هفضل مرزوقة زي ما انا بأخلاقها واللي اتعلمته، ومش هقبل بأي تنازل ولا مشهد امثله واخجل منه.
الكل سامعاها ومجدي نظرات التحقير والغضب بيوصلها، لانها الست الوحيده اللي قدرت تعمل معاه كده، قرب منها ومسكها من اديها بقوة، وجعتها بس مبينتش وقال بغضب من تحت سنانه: عمرك يا هتتغيري بفكرك وتفكيرك ده، انسانه متخلفه صحيح وجاية من ورا الجاموسه فعلا.
ازاحت مرزوقة اديها بعنف وبصتله بقوة متعرفش جابتها منين وردت عليه بحده: اه جاية من ورا الجاموسه، وليا الشرف اني كده، وعشان انا مؤدبة وبفهم في الاصول كويس، كنت قولتلك الجاموسة دي تبقى مين؟ لكن انا مش هقولك هسيبك تعرفها بنفسك يا متعلم يابتاع المدارس.
هنا ياسر حس ان الدنيا هتولع بينهم، خصوصا لما فهم قصدها اية، ادخل فورا ومسك مجدي وقاله: تعالى معايا يا مجدي نخرج بره نشم هوا.
بص مجدي له وقال: انا ماشي يا ياسر، واعمل حسابك لو عايزني اكمل الفيلم المخلوقة دي مش هتشتغل معايا ابدا، مستحيل اتعامل معاها تاني، ياتشوف غيرها، ياتشوف مخرج غيري يخرج الفيلم، فكر وقولي قرارك.
سابه ومشي من غير ما يستنى منه اي رد، قعد ياسر على الكرسي وفضل باصص لمرزوقة ونظراته مفهمتش منهم يقصد اية؟ هل عتاب على اللي عملته، ولا سعيد بموقفها؟ اتنحنحت وقعدت جنبه وقالت بنبره هادية: انا آسفه يا استاذ ياسر على طريقتي معاه، بس حضرتك مشفتش عمل اية؟
ياسر ابتسم ليها وقال: انا شوفت كل حاجة ولسه كنت هدخل لاقيت رد فعلك لجمي، هو اه صدمني بس منكرش انك جدعه يامرزوقة، عجبتيني انك محتفظة بأصولك وعاداتك، الوسط ده مليان بممثلات ممكن تعمل اي حاجة عشان توصل، وتتنازل عن كل شيء في سبيل انها تاخد فرصة.
قاطعه مرزوقة بحده وقالت: تغور فرص الدنيا كلها لو الانسان خسر نفسه، انا عمري ما هعمل مشهد واحد او البس حاجة تخليني اخجل من نفسي او عيالي يخجلوا في يوم وهما بيشوفه، انا حبيت العالم اللي دخلتني فيه، وعشانه بحاول اتعلم واتغير عشان اكون قده، لكن من غير تنازل ولا تضحية، انت فهمني يا استاذ ياسر؟
ياسر باعجاب شديد لعقلها البسيط، هز جفونه وقال: فاهمك جدا، وهساعدك يامرزوقة، ومتقلقيش مفيش حد هيعمل الدور غيرك انتي، لانك ببساطة كل يوم بيمر بتزودي ايماني فيكي اكتر وبتبهريني ببساطتك يامرزوقة، هنسيب مجدي يومين كده عقبال مايروق، وبعدين هصالحكوا على بعض، وتمارين التمثيل هدربك عليها انا، هنبدأ من بكرة نقرأ في الرواية وندرب على اداء الشخصية وندرس تحولها هيكون ازاي، ودلوقتي اطلعي استريحي وكفاية لحد كده النهاردة، ولما ترجع ماما هناديكي عشان نتغدى.
مرزوقة قامت وشكرته على تفهمه وطلعت اوضة شادية بعد ما اتفقت معاها تبات معاها وتطلع حاجاتها عندها، وتسيب اوضتها لهنية، فضلت مرزوقة دمها محروق من مجدي ومن اللي عمله، كان الود ودها مش تديله بالقلم بس، لا كانت عايزة تكسر اديه اللي مدها على جسمها، لكن اللي هداها وطمنها تفهم ياسر اللي خافت من رد فعلها انه يزعق عشان صاحبه، اعجبت برجولته وشهامته، مسكت تليفونها تتصل بشادية اللي كانت قربت انها توصل، ردت عليها واول ماسمعت صوتها مرزوقة قالت: انتي فين يا حبيبتي ؟اتاخرتي اوي، الدنيا كانت مولعه هنا.
شادية برعب بان على وشها سألتها: حصل ايه يامرزوقة انطقي ياسر جراله حاجة؟
مرزوقة بنفي: لا استاذ ياسر زي الفل، ده انا اللي ولعت الدنيا.
شادية بتنهيده حطت اديها على قلبها تهديه واخدت نفس وخرجته بهدوء وسالتها: عملتي اية يا مصيبة؟
مروزقة عقدت على السرير وربعت رجليها وحكت لها كل حاجة، كانت عايزة تفضفض وما صدقت ردت عليها، وبعد ما خلصت كلام، زعقت شادية بحده وقالت: هو مجدي اتجنن ازاي يتصرف كده، عمره ما هيبطل حركاته القذرة دي، هو فاكرك من العينة اللي بتمثل معاه، طب يا مجدي لما اجي ليا تصرف تاني معاه، وكويس ان ياسر اتصرف ولم الموضوع، مضايقيش نفسك انتي اتصرفتي صح واياك القلم اللي اخده منك يفوقه ويعرفه ان مش كل الستات نفس النوع اللي بيتعامل معاهم، برافووو عليكي يامرزوقة، انا قربت اجي.
مرزوقة بستفسار: لما تيجي هتحكيلي كنتي مختفيه فين طول النهار اتفقنا؟
شادية ضحكت على فضولها وقالت: يانهاري عليكي وعلى فضولك القاتل ده، لما اجي ربنا يسهلها يامرزوقة، يالا سلام.
قفلت معاها وسليم عيونه كانت بتسألها وحكتله كلامها، اللي اعجب بيها جدا وحياها على تصرفها بشده، وهي اكدت صحة كلامه.
* * * * * * * * * * * * * * * * * *
عماد بيشتغل وكل شوية يقرأ رسالة شروق ومش عارف يرد عليها ومتردد، يلين ويتصل ولا يستمر في زعله، انتبه لدخول صاحبه خيري اللي لاحظ من وقت ما رجع شغله وهو مهموم وساكت فسأله: مالك يا عماد شكلك ليه مهموم وزعلان كده، والدتك بخير؟
عماد بتوهان: اه الحمدلله كويسه.
خيري: امال في ايه؟ ماتقول ياراجل مش احنا اصحاب احكيلي يمكن افيدك، ده انا خبره برضو.
عماد اخد نفس عميق وخرجة مره مره، طلع منه نار مولع استغرب خيري، لكن سكت لما عماد اتكلم وقاله على سبب ضيقه وعدم سماع ردها وكل محاولاتها انها تتواصل معاه، سمع منه كل كلامه ولما خلص قاله: انا صح ياعماد، الستات متجيش غير كده اسألني انا، لازم تشكمها من الاول عشان مدلدلش رجليها عليك وتعمل راسها براسك في كل شيء، وتقولك تسمع كلمتي، خليك حمش كده زي سي السيد، اللي لما كانت ست امينة تشوفه هالل عليها ترتجف من الخوف، الكلمه كلمته والشورى شورته، انما لو نخيت يا نحنوح انسى انك تعرف تعمل فرامل وتشد تاني.
عماد بانصات شديد قال: يعني انت شايف كده يا خيري، متصلش واستني هي تكلمني تاني، ولما تتصل اقولها انها لازم تسمع كلامي وتنفذ رغبتي من سكات، بس افرض مرضيتش؟
خيري بنشوة وسعادة انه عرف يسيطر عليه قال: ايوة طبعا متتصلش، مش انت مكنتش بترد على اتصالها، لو رنت افتح عليها وبين انك زعلان اوي، وصمم على كلامك، ولو بتحبك هتوافق ورجلها فوق رقبتها، يابني متبقاش طيب وخرع كده معاها، واتقل وانشف وخد قرار ومترجعش فيه ابدا.
عماد بحب: انا بحبها اوي ياخيري، ومقدرش استغني عنها.
خيري بضيق وغضب: اوعى يا زميلي تخلي الحب يكون نقطة ضعفك، الحب بيكسر الراجل، اياك تخليه يهزمك، انت الراجل اللي مفروض تقود كل حاجة في حياتك معاها، هي تسمع كلامك وبس، وتربي العيال زي ما انت شايف، انت فاهمني ولا هتنيل الدنيا يا زميلي ومتعرفش تسيطر.
عماد بحماس: لا عيب عليك ده انا هسيطر جدا فوق ما تتخيل.
خيري ببتسامه نصر: ايوة كده خليك سيدي السيد في زمانه، اللي النحنحه منه كانت بترعب البيت كله، ستاته وشبابه، مش تقولي بحبها ومقدرش استغنى عنها، لو حست كده هتحطك تحت خاتم في صوباعها ويارحمن يارحيم عليك.
بخ خيري سمه في ودان عماد وخرج، وبعد ما سابه فكر في كل كلمه واقتنع جدا بكل كلمه، وقرر انه يغير سياسته مع شروق وينشف شوية ويقسي قلبه عليها، عشان يكون ماسك بكل زمام الأمور في حياتهم.
عينة مش مفارقة شاشة الفون، جواه مشاعر ثايره ومتضاربه، خايف ينخ زي صاحبه ما بيقول وفي نفس الوقت خايف يزعلها وتسيطر عليه بعد كده مسك تليفونه كتير وسابه لانه مكنش عنده الشجاعة يتصل، وفجأة سمع رنتها رد بسرعه واول ماسمعت نفسه قالت شروق بزعل: اخس عليك ياعماد، هونت عليك بالشكل ده، تزعل وتغضب من غير حتى ما تسمعني ولا تعرف وجهة نظري اية؟! لا وكمان مترضاش ترد على كل اتصالاتي ورسايلي، ليه كل ده؟ حصل اية عشان يوصل زعلك بالطريقة دي؟
ده انا حتى منطقتش وكنت لسه هتكلم لاقيتك قومت ولا عبرتني بسلام، مكنش العشم ابدا يابن خالتي.
كان بيسمعها وساكت لحد ما تخلص كل كلامها، واول ماقالت في الاخر ابن خالتي، اتأكد انها زعلانه اوي، عشان مش بتقوله كده غير لو واخده على خاطرها منه، جمع حروفه ولسه هيرد بحنيه ويصالحها، رن في ودنه كل كلام خيري واتحول في لحظة وقال بحده: ايه انتي متصله تصلحي اللي حصل ولا تفتحي قذيفه عتاب ولوم، انتي اللي غلطانه من الاول، وسبتك عشان تعرفي سبب غلطتك، بس من الواضح انك معرفتيش وبدل ما تصلحي بتعكي اكتر في الكلام.
شروق بحده وانفعال اكتر منه ردت: غلط اية اللي ارتكبته من وجة نظرك يا استاذ؟ الغلط الوحيد اللي اعرفه في عدم اسلوب حوارك معايا من الاول، قولت رأيك ومفروض عليا في لحظتها اول آمين وراك من غير ما افكر، ومن غير حتى ما ادرس الرأي ده واشوفه واحكم هل مناسب معايا ولا هيتعبني، اسلوب حوارك الغلط هو اللي وصلنا لكده ياعماد، لكن انا مغلطتش.
عماد بغضب: ومادام مغلطتيش وانا اللي غلطان اتصلتي بيا ليه؟
شروق بألم من طريقته: عشان لسه باقية عليك، وبحاول اوصل لنقطة تلاقي بينا.
عماد مدعي البرود: وانا معنديش حل تاني، ولازم تسمعي كل كلامي، واي كلمه اقولها تقولي امين من غير مناقشة، ده لو بتحبيني زي ما بتقولي.
شروق بأعتراض: لا طبعا مستحيل الكلام ده يحصل، انا ليا شخصيتي، ومفيش حاجة اسمها لازم اسمع كلامك واقول آمين من غير مناقشة، ده اللي هو ازاي معلش !!
ليه معنديش رأي وشخصيه احكم بيها الامور ده النبي صلى الله عليه وسلم كان بياخد رأي الصحابه "وامرهم شورى بينهم" وربنا قاله في كتابه الحكيم؛ بسم الله الرحمن الرحيم
{وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ}
شوف ربنا بيعلمنا ازاي، ان مهما كبر حجم علمك ومعرفتك، انك تتشاور وتسمع لرأي حد غيرك، واعتقد ان مكنش في حكمة حضرة النبي، لكن ربنا حب يعلمنا الدرس، ومع ذلك كان سيدنا النبي في كتير من الامور بياخد برأي الصحابه، لان رأيهم بيكون اصوب، جاي انت بكل بساطة عايز تلغي شخصيتي ورأي، آسفه يا عماد مش هقدر اكون كده، ومش هقبل تكون عايش دور سي السيد، وانا ست أمينة.
عماد كان بيسمعها وخجلان من نفسه، لان حجتها كانت قوية، لكن كبر النفس مقدرش يبين انه مهزوم قدامها، ورد بقوة وقال: وانا كده ومش هتغير يا شروق، ومش هكون غير سي السيد في بيتي؛ واللي بيحب حد يستحمل طباعة.
شروق بآسف في نبرة صوتها على طبع حاولت تغيره كتير وفشلت، فردت بوجع منه وقالت: يا ريته كان طبع هين وسهل كنت استحملته، لكن ده اسلوب حياة هتكون مابينا، وانا مع كل آسف مش هقدر اتحمله.
لكن اللي مستغرباله انت مكنتش كده، اية اللي غيرك وحولك بالشكل ده، طول عمرنا متفاهمين ومش بنختلف على حاجة، ايه اللي جد ياعماد؟ من يوم ما اتنقلت وانت حالك اتشقلب وكنت بكدب نفسي، لكن يوصل الامر لكده صعب اني اتحمله.
عماد بضيق وبتبرير غير مقنع رد: انا كده متغيرتش، بس انتي اللي مكنتيش واخده بالك، اتقبليني زي ما انا لو عايزاني.
شروق ببرود غير اللي جواها قالت: وانت متتقبلنيش زي ما انا ليه؟
انسي حكاية سي السيد دي، وعيش زمانا، لا انت هتكون زية ولا انا هبقى امينة ولا روقة، عيش الواقع يا عماد، انا ممكن اكون في حالة واحده بس زي امينة؛ في حبها لزوجها وعيالها، لكن مش عدم شخصيتها، حاول تفهمني.
عماد بعصبية: عشان انا الراجل، ومش هتنازل عن رأي.
شروق بحده: وعشان انت الراجل تدوس عليا وتلغي وجودي !!
لا معلش ياعماد سوري يابن خالتي انت كده غلط في العنوان وجبت اخرها، واللي بينا دم وصلة رحم مش اكتر، ومن اللحظة دي انت بالنسبة ليا ابن خالتي وبس.
عماد بقلب بيرتعش من الخوف قال: يعني اية؟! بتهدي كل اللي بينا عشان مش عايزة تسمعي كلامي؟
شروق بتبرير : لا مش عشان كده، انا اسمع كلامك في الصح بعد ما نتشاور ونحل اي مشكلة مع بعض بهدوء، مش انت اللي تاخد القرار وانا انفذ عمياني، هو ده اللي مش هقبله، وخلص الكلام لحد هنا.
وقفلت معاه من غير ما تستنى منه اي رد، لان مهما يقول هيكسر جواها حاجات حلوة كانت شيلاها من ناحيته، وحبت تحتفظ بصورته القديمة في قلبها لاخر وقت، بصت على صورتهم على حطاها خلفية لتليفونها وبكت بحسرة شديدة على حب سنين حكم عليه بالفشل عشان معتقدات خاطئة في راسه محتفظ بيها ومش عايز يغيرها، مسحت الصورة زي ما قررت تمسحه من قلبها، لانها مقتنعه ان الحب وحده مش كفاية عشان يبني اسرة سعيدة، مهما كان الحب كبير فيتحول بعد الجواز لحب عشرة، وبيبقى التفاهم والمشورى بينهم في حل اي عقبات تقابلهم، وهو ده اللي محتاجاة منه التفاهم وعدم استبداد الرأي. فضلت تبكي في صمت.
* * * * * * * * * * * * * * * * * *
وبعد طول انتظار وصلت اخيرا شادية، وملامح وشها غنية عن اي كلام، اول ما حس بيها ياسر جري عليها بلهفه وخوف وسألها: مش ممكن ياماما كل ده تأخير، قلقتيني عليكي اوي ياحبيبتي، كنتي فين طول النهار كده؟
شادية بتاخد نفسها وبتقعد على اقرب كرسي، والاجهاد باين جدا عليها، بصتله وقالت بتوتر: روحت البلد.
اندهش ياسر واتعجب جدا وسألها عن السبب وردت وهي بتحاول بتقوم عشان تهرب من اجابته وقالت: اشتقت للبيت القديم وقولت اروح اشوفة، وكان في حاجة عايزاها من اوضتي القديمة وجبتها، انا هطلع استريح واخد شور عشان تعبانة جدا.
سابته من غير ما يرد، ولما لفت لمح في اديها شنطة مليانه ورق معرفش يحدد شكلها، والهواجس والفكر ابتدى يشغل باله وعقله، دخل مكتبه وفضل يدخن سجاير يخرج فيها ضيقته.
طلعت شادية اوضتها واول ما فتحتها، خدتها مرزوقة بالحضن وقعدتها جنبها وفضلت تسأل فيها واتقررها كانت فين، لحد ما استسلمت شادية وقالتلها: خلاص هحكيلك بس ادخل اخد شور سريع عشان افوق ونحكي.
مرزوقة بحماس شديد: بس بسرعة متتأخريش عليا ياشوشو، لحسن الفضول قاتلني وانتي عارفة.
شادية وهي بتبسم ليها: عارفة وبس ده انا متأكدة، تصدقي يامرزوقة انتي اول حد يكون قريب ليا اوي بالشكل ده، وافتحله قلبي واحكي معاه، طول عمري مليش اصحاب زي باقي الناس صديقة تحكلها وقت ضيقتك وتفهمك، طول عمري لوحدي، واتحملت مسئولية ياسر كلها لوحدي وبطولي، وبعدت عن كل ذكرياتي المؤلمه وسكنت بعيد عشان ابدأ حياة جديدة ومع كل ده برضو ملاقتش صديقة قريبه مني، بس لما دخلتي حياتي حبيتك ودخلتي قلبي، وبقيتي مش بس صاحبتي؛ لا كمان بحس انك زي بنتي.
وقفت مرزوقة وقربت منها والدموع بتغرغر وبتهدد بالسقوط قالت بنبره حب كلها دفى: وانا معاكي حسيت بطيبة قلبك، ومع الوقت لاقيت فيكي الام اللي كنت بتمنى اعيش معاها، والصديقة والاخت، انا بحبك اوي اوي يامدام شادية.
قالت كلامها وفردت شادية اديها ودخلت في حضنها، ودي كانت موافقه لدموعها انها تنزل بدون توقف، شددت شادية في ضمها عشان تحسسها بالامان والحنان، قبلتها بحب مرزوقة وقالت: ربنا ميحرمنيش منك ابدا يا أحلى شوشو عرفتها.
شادية بحب: ودي اول مره اسمع دلعي حلو كده من بقك العسل ده ياجوجو، ولا اخليها مرزوقة احسن، ومن هنا ورايح مفيش مدام دي تاني، اسمي شوشو وبس.
ضحكت مرزوقة بسعادة، وانتظرتها تنتهي من الشور عشان تحكي معاها.
فضلت تقلب في رواية كانت بتقرأها ومنسجمه فيها اوي، محستش انها خرجت، وقعدت جنبها وسألتها: مشغوله في اية كده؟
مرزوقة سابت الكتاب وردت: مفيش اندمجت شوية في الرواية دي، صعبت عليها البطلة اوي، عاشت طول الرواية في دور الضحية، اللي ضحت بسعادتها عشان الكل، ولما جه الوقت انها مسموح ليها تعيش زيهم؛ الكل استخسر فيها انها تعيش حياتها زيهم، زي ما يكون مش من حقها تلحق اللي باقي من عمرها وتعيش زيهم.
شادية كانت بسمعها ومستغربة ان كل اللي بتقوله منطبق عليها وسرحت في حالها وخافت يكون ياسر بنفس تفكير الناس اللي بتحكي عليهم، انتهدت بألم وقالت: الروايات دي ماهي الا قصص حقيقية من الواقع اللي بنعيشه، وانا قصتي متفرقش كتير اوي عنها، بل يمكن تكون مشابهه جدا ليها.
مرزوقة بفضول: ازاي احكيلي من غير تشويق والنبي.
ارتاحت شادية وسندت راسها على شباك السرير، وسردت قصتها مع سليم كلها، ومدى العذاب اللي عاشوا فيه، وان الفرصة جت لحد عندهم عشان تمد اديها ليهم وتعوضهم بالسعادة اللي اتحرموا منها، لكنها خايفة تكسر بقلب ياسر، ويرفض الفكره من اساسه.
فضلت تسمعها وكل ما تغوص في وصف العذاب اللي عاشوه؛ دموع مرزوقة تنزل اكتر من غير ما تقدر تتحكم فيها، واول ما انتهت بصت ليها ولسة هتتكلم وترد بكل الوجع اللي حسته، اتصدموا لما الباب انفتح وياسر واقف قدامهم ووشه احمر زي التنين بيطلع نار، بصوا الاثنين لبعض، وسكتوا منتظرين رد فعل ياسر هيكون اية؟
وإلى هنا تنتهي احداثنا عند هذا الحد لنتعرف بكره هتقول ليها اية، وهل ياسر سمع كلامهم؟ ولو سمع ياترى رد فعله هيكون اية؟
وهل خلاص حكاية شروق خلصت مع عماد، ولا هيحس بالندم ويتغير؟
وهل شروق محقة في رأيها ولا غلطانة؟
توقعاتكم واجابتكم هتسعدني جدا، واللي مش هيعرف يتوقع يتابعي مع باقي الاحداث الجاية وتعرف ايه اللي هيحصل، ومازال للاحداث بقية سترويها الأيام القادمة كل هذا في روايتي الجديدة المتواضعة
العسقلة_الماكرة
بقلمـ إيمان كمال ✍️
إيمووو


تعليقات
إرسال تعليق