القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية لحظات منسيه الفصل الاول حتى الفصل العاشر بقلم رشا روميه قوت القلوب حصريه وجديده


رواية لحظات منسيه الفصل الاول حتى الفصل العاشر بقلم رشا روميه قوت القلوب حصريه وجديده 


المدرسة 

إرتفعت أصوات ضجيج الأطفال الكثيف يتضاحكون ويمرحون فى الفناء وآخرون يلعبون ويتدافعون فى سعادة بيوم تقليدي معتاد بمدرستهم الإبتدائية ...


جلس المعلمون بغرفهم كوقت مستقطع لراحتهم وسط هذا اليوم الدراسي ....


توسطت غرفة المعلمين منضدة خشبية طويلة وعليها العديد من الدفاتر والأقلام بعضها موضوع بترتيب وأخرى موضوعة بعشوائية ....


أقبلت إحداهن وهى تضع بعض الدفاتر على المنضدة بإرهاق ....

سعاد: أوووف توب علينا بقى يا رب من الشغلانه دى ... الواحد قرف ...


لترد الأخرى بنفس الملل ..

نهله: بهدلة وقرف ومبقالناش إسبوعين فى الدراسة ...


سعاد بسخرية ناظرة نحو إحدى المقاعد الشاغرة ....

سعاد: أُمال فين الأُختين الحلوين النهاردة مجوش ولا إيه ...؟؟


زمت نهله فمها بإستياء قبل أن تجيبها ...

نهله: جم يا أختى واحدة فيهم كانت قاعدة ولسه قايمه أهى ومش عارفة التانية فين من الصبح ...


قَلَبَت سعاد ملامحها بنفور وهى تَدفع بكَفِها فى الهواء ضجراً ...

سعاد: يا أختى ... خليهم بعيد عننا أنا ساعة ما بشوفهم بيركبنى العصبي ..



نهله : أنتِ بتقولى فيها خصوصاً إللى إسمها هيام دى مش طايقاها من ساعة ما رفضت محمود أخويا ...


سعاد : والله هى الخسرانة هى حـ تلاقي زيه فين .. بكرة تقعد من غير جواز وحـ تشوفى .... دى بترفض كل العرسان إللى بيتقدموا لها ...


بضحكة قصيرة مستهزئة عَقبّت نهله بذات الإشمئزاز البادى بملامحها الممتعضة ...

نهله : قال يعنى ....!!!! ... ما هى شايفه نفسها حبتين بس على مين أنا حافظة الأشكال دى ...


لكزتها سعاد وهى تشير بعينيها نحو باب الغرفه بنبرة خفيضه لتنبيه رفيقتها وهى تُبدل ملامحها الممتعضه لإبتسامه واسعه ..


سعاد: طب بس بس أحسن نورا صاحبتها جت أهى ...


أقبلت نحوهم فتاه بيضاء متوسطة الطول تميل للقصر ذات وجه بشوش مستدير وشعر بنى يتعدى كتفيها بقليل لها طابع إجتماعى مرح و ودود للغاية حتى أن إبتسامتها لا تغيب عن وجهها إطلاقًا ...


دلفت إلى داخل غرفة المعلمات يشق وجهها إبتسامتها المعهودة لتنظر نحو إحدى المقاعد الشاغرة بتساؤل قبل أن تعيد نظرها نحو سعاد ونهله بإنتظار الإجابة عن تساؤلها ....

نورا: إيه دة مش معقول هى هيام لسه مجتش لحد دلوقتِ ...؟!!


بود مصطنع ونبره حنونه للغايه أجابتها سعاد ...

سعاد: تلاقيها إتأخرت مع الأولاد فى الحصة كالعادة ..


وضعت نورا بعض الدفاتر عن يدها لتستدير بخطوات متعجلة لكنها مازالت تُجرى حوارها معهم أثناء خروجها ...

نورا: طيب حـ أروح أشوفها إتأخرت ليه .. متعرفوش كان عندها حصة فى فصل إيه ...؟؟


سعاد: باين فى آخر فصل ...


نورا: شكراً يا أبله سعاد حـ أروح أشوفها ...


تحركت نورا بخطواتها المتعجلة فتلك طريقة سيرها المميزة ، خفيفة متعجلة مبتسمة إجتماعية للغاية ، إتجهت للبحث عن صديقتها هيام بآخر الرواق أثناء تواجدها بالصف ..


همت نهله بعد أن تأكدت من إبتعاد نورا بالسخريه من هيام كما تعتاد فهذه طبيعتها أن تتحدث عن الآخرين فإما على سبيل قضاء الوقت أو كرهًا لها ....


نهله بسخرية: بِتدّى الحصه بذِمة أوى .. دة إنجليزي فى الآخر أُمال لو بتدى حاجة صعبة شوية ...!!!!


مصمصت سعاد شفتيها وهى تجاريها بنفس نميمتها ....

سعاد: مش عارفة عامله فى نفسها ليه كدة ، دى مَدرسة حكومة فى الآخر يعنى ..


نهله: على رأيك ... بس تقولى إيه عايزة تِعمل نفسها مُهمه ....


وصلت نورا لنهاية الرواق لتجد صديقتها هيام مازالت تجلس بداخل الصف لم يبقى سواها تجلس إلى جوار فتاه صغيرة من تلميذاتها لتعيد إيضاح بعض النقاط التى لم تفهمها جيدًا خلال شرحها للدرس ....


عقدت نورا ذراعيها وهى تتجهم بصورة مضحكة تحاول إصطناع الجدية التى لا تليق بشخصيتها البشوشة ...

نورا: إنتِ فين يا هيام الفسحه قربت تخلص ....!!


إلتفت تلك الفتاة القمحية الفاتنة لتتجلى ملامحها الآخاذه التى تسترق العيون لحظة رؤيتها تتمتع بأنوثة طاغية ، طويله ذات عيون سوداء براقة ذات شخصية قوية يحبها الجميع لأخلاقها العالية ، تتمتع ببحة صوت شجية وهدوء ورزانة بالحديث تجذب السامعين لها بدون توقف ..."


بإعتذار عن تأخرها أجابت هيام ...

هيام: معلش يا نورا كنت بشرح الدرس دة تانى لـ رؤى مكنتش فاهماه ..


نورا: طيب يا ستى .. و أَديكِ ضيعتي الفسحه كلها .. 


حَلت نورا عقده يديها مؤكدة على هيام ...

نورا: المهم متنسيش حـ تيجى معايا النهاردة زى ما إتفقنا ...


هيام: والله يا نورا حـ آجى معاكِ .. إنتِ بتفكرينى كل خمس دقائق إنتِ قلتيلى النهاردة ولا خمسين سِتين مرة ..


إتسعت إبتسامه نورا لتردف مازحه ..

نورا: مش مهم خليهم واحد وسِتين ... حـ أستناكى فى المِرواح نمشى سوا ...


هيام: حاضر ... هو أنا ليا غيرك يا دوشه دماغى إنتِ ...


نورا بحب: حبيبتى ..


أرسلت لها نورا قُبله بالهواء منصرفه عنها بعدما سمعت صوت الجرس معلناً بدايه الحصه لتتوجه هى الأخرى للصف لتبدأ عملها ...


=====


علت أصوات الضجيج بسماع صوت جرس إنتهاء الحصه الأخيرة و إنتهاء اليوم الدراسى ...


تحرك التلاميذ فى إندفاع وسرور إلى خارج أسوار المدرسه منصرفين إلى بيوتهم ...


حملت نورا حقيبتها لمقابله هيام التى لم تنتبه لها لتركض بضع خطوات ممسكه بذراع هيام من الخلف لتنتفض هيام بتوتر من حركتها المفاجئة دون الإنتباه لها ...

هيام: حرام عليكِ يا نورا مِسِيرك حـ تموتينى بحركاتِك دى ...


ضَحِكت نورا عالياً مستنكره فزع هيام ...

نورا : يا خَوافه .. إتخضيتى لما مسكت إيدك !!!! .. أُمال شخصيه قويه إيه ....؟!!! وحركات عاملاها لنا ..


بالفعل لها شخصيه قويه مستقله لكنها تفزع من تلك الحركات المفاجئه التى لا تنفك نورا عن القيام بها ...

هيام: لا يا أختى الشخصيه ملهاش علاقه بالخضه ... إنتِ بتيجى مرة واحدة زى الحراميه كدة بتخضينى ...


نورا: طب يلا نروّح وبعدين تعدّى عليا زى ما إتفقنا ماشى ..؟؟!!


أجابتها هيام ممازحه ...

هيام :حاضر يا نورا ... أنا مالى بس يا ربى ومال المجنونه دى ... الله يكون فى عوُنه يا شيخه ...


بخيلاء وطرافه أعدَلت نورا كتفيها بكفيها قائله ...

نورا:هو حـ يلاقى زيي دة أنا عسل ..


هيام بضحك : إنتِ حـ تقوليلى .. يلا قدامى ...


خرجتا من البوابه الرئيسيه للمدرسه وسط التلاميذ المحيطه بهم متوجهتان نحو إحدى محطات إنتظار الحافلات وسط الزحام الشديد بمنتصف هذا اليوم ...


إستقلتا إحدى الحافلات للعودة إلى منازلهن بعد إنتهاء يوم عملهم بالمدرسه ...


=====


فى أحد الأحياء القديمه ...

إقتربت هيام نحو بيت بسيط من طابقين الطابق السفلى عبارة عن مخزن قديم متهالك مغلق بقفل كبير فقد بائت كل محاولات إستئجاره بالفشل فهو يحتاج إلى تنظيف وإعادة ترميم مكلفه للغايه ليتهرب الجميع من طلب إستئجاره منذ سنوات طويله ... يلاصق لهذا المخزن الكبير بوابه حديدية رئيسيه لبيتهم المتواضع ..


خطواتها الرزينه كانت سمه لها دائماً والتى صعدت بها هذا السلم القديم لتصل للدور العلوي حيث تسكن مع عائلتها ...


أخرجت مفتاحها من داخل حقيبتها لتظهر الشقه الواسعه بأثاثها القديم بداية بصاله متوسطه بها أريكة ومقعدان على أحد الجوانب ومنصدة خشبيه على الجانب الآخر موضوع عليها بعنايه جهاز التلفاز ...


شقه خاليه تماماً من أى مظهر من مظاهر البذخ أو الثراء ، جميع الغرف تطل على هذه الصاله فى تصميم قديم لهذا المنزل البالى ....


ألقت هيام السلام عليهم جميعاً ليرددوا التحيه بترحيب بها حيث جلس الحاج سعيد والد هيام ذو الخمس والسبعون عاماً متوسطاً إبنتيه سميرة و هبه أشقاء هيام الصغريات ...


رُزق الحاج سعيد ببناته الثلاث فى سن متأخرة للغايه فقد حُرم لسنوات من هذه النعمه لكن شاء الله أن يَرزُقه بهؤلاء الفتيات البارين به وبأمهم فاطمه ذات الستون عاماً ...


تعلقت بثغرها بسمه حنونه وهى تتسائل عن حالهم اليوم 

هيام : أخباركم إيه النهاردة ..؟؟


ام هيام: الحمد لله يا بنتى .. أقعدى أحضر لك لقمه تاكليها قبل ماتنزلى ..


بإمتنان لتلك السيدة التى تدرك تماماً عناء ما تتكبده إبنتها أومأت هيام وهى تجلس بالمقعد المجاور لوالدها ...

هيام : أه والله يا ماما أحسن أنا كمان حـ أنزل بدرى شويه عشان حـ أعدى على نورا ..


ام هيام: ثوانِ يا بنتى ...


هتف صوت أنثوى ذو نبرة مرحه للغايه من خلفها ....

سميرة : إستنى يا حاجه .... آجى أساعدك بدل العَطَلَه إللى الواحد فيها دى ...


تطلعت هيام نحو أختها سميرة الأخت الوسطى لثلاث فتيات أكبرهن هى هيام ، تتمتع سميرة بوجه ملائكي مستدير تميل ملامحها لأختها الكبرى هيام لكنها تميل إلى الطفوله قليلاً ..

تتمتع بالجرأه وحب للإستكشاف دفعها للدراسه بكليه العلوم والتى تخرجت منها منذ نحو عام لكنها لم تجد وظيفه حتى الآن ومازالت تبحث عن عمل مناسب ... لكنها تتقبل الأمور دوماً بمزاح وفكاهه ولا تخلو حياتها من العديد من المقالب والشقاوة ...


رسمت هيام إبتسامه خفيفه فوق ثغرها ، فهى تعلم ضيقه أختها من عدم عملها حتى الآن لكنها تأخذ الأمور دوماً بشكل ساخر مازح حتى لا تُثقل والديها بما يضايقها ...


تسائلت هيام عن آخر أخبار بحثها عن عمل ....

هيام : لسه بردة محدش رد عليكِ ...؟؟


رفعت سميرة حاجبيها وأهدلتهما بسرعه وهى تردف بنبرتها المتعجله بعكس هيام الهادئه ...

سميرة : لسه .. بس هم الخسرانين على فكرة ..


أومات هيام بتفهم لتنهض من خلفهم حتى لا تتكاسل ..

هيام :حـ أقوم أنا أصلى الأول قبل ما ناكل ..


الحاج سعيد: ربنا يراضيكى يا بنتى ...


صوت أكثر طفوليه ردد ...

هبه: وأنا كمان حـ أقوم أساعد ماما وسميره فى المطبخ ...


نهضت هبه الإبنه الصغرى والتى تشابه أختيها بشكل ملحوظ ، تدرس هبه هذا العام بالصف الثالث الثانوى وتجتهد للغايه فى دراستها لتدرس كما تأمل بكليه الطب لتساعد عائلتها هى الأخرى بدلاً من إلقاء الحمل كله على كتف هيام فقط ....


====


بعيداً عن القاهرة وما يحدث فيها وخاصه بـ إنجلترا هذه البلدة العريقه التى تتمتع بالرقى والإنتظام والجمود فى نفس الوقت ...


وسط أجوائها الباردة ورياحها المتوسطه القوة فى هذا الوقت من العام خاصه بمدينه لندن ..


أقبل أحد الشباب ينظر بتفحص حوله بداخل إحدى الشقق السكنيه وكأنه يبحث عن أحد ما ، كرم شاب ثلاثينى وسيم الطلعه عيناه تشع بريقًا مختلطًا بسحرٍ وغموض شعره الطويل المتناثر الخصلات أعطاه سِحر من نوع خاص ، ذو ملامح مكسيكيه جذابه جداً ...


وقف كرم يتفكر للحظات قبل أن يتوجه إلى الشقه المقابله له مباشرة ..


إبتسم إبتسامه جانبيه عاقداً ذراعاه أمام صدره قائلاً ...

كرم: بقى إنتَ هنا وأنا بدور عليك فى كل حِته ..؟!!


رفع ياسر رأسه النحيل تجاه صديقه مردفاً بإرهاق ...

ياسر: أعمل إيه بس .. بجهز الشقه زى ما إنتَ شايف الأيام بتجرى ..


ياسر صديق كرم منذ ما يقرب من عام يُقيمان معاً بإحدى الشقق بلندن حيث تعرفا عن طريق الصُدفه حين تلاقىٰ ياسر مع كرم تائهًا بأحد شوارع لندن العريقه فقد كان حديث العهد بهذه المدينه فقد وصلها للبعثه قبلها بأيام قليلة ، وإستطاع كرم مساعدته وإرشاده بتلك المدينه الغريبه ، ومنذ ذلك الحين تقربا من بعضهما البعض للغايه وإزادت أوتار الصداقه بينهما خاصه بعدما أقاما سويا بشقه كرم ..


هز كرم رأسه بإستحسان وهو يضم شفتيه ثم أردف ...

كرم: لا ... بس ذوقك إتحسِن خالص أهو .. خلاص بقى مش محتاج مساعدتى دلوقتى ...


قالها يخف عن نفسه ضغط صديقه عليه بمساعدته بإختيار أثاث مناسب لتلك الشقه ...


إستقام ياسر بوقفته ليخرج نظارته الطبيه ليرتديها مجيباً صديقه بنهج من دفع تلك القطعه الثقيله من الأثاث ساخراً ...

ياسر : وإنتَ تعرف عنى كدة !!!!! ... أنا قلت أجرب يمكن كدة تنفع ويبقى شكلها عِدل ..


بعتاب أردف كرم من غموض ياسر مع خطيبته ...

كرم: مش ناوى تقول لخطيبتك برضه إنك ناوى تجيبها معاك هنا بعد الفرح ..؟؟!


بقلة حيله أعاد ياسر إيضاح الأمر لـ كرم عله يفهم طبيعتها الغريبه ....

ياسر: هى رافضه خالص موضوع السفر مرتبطه بأهلها وأصحابها هناك .. ما إنتَ متعرفهاش دى حِشريه جدااا ...


كرم:يا أخى حَسِن ملافظك إسمها إجتماعيه مش حِشريه ...!!


ياسر بضحك: بكرة تشوفها وتفهم قصدى ...


زم كرم شفتيه وهو يدفع ياسر بأصابع يده الطويله ينحيه جانباً متهكماً من ترتيبه الغريب لتلك الغرفه ...

كرم: طب وسع كدة وإنتَ مبوظ الدنيا خلينى أساعدك نظبط اللخبطه إللى إنتَ عاملها دى ...


ياسر: أه بالله عليك .. دة خلاص مش باقى غير أسبوعين على الفرح ...


كرم: أهو ناخد فيكم ثواب .. أنا عارف بس خليتك تُسكُن فى وشى ليه ....؟؟


قالها كرم ممازحاً صديقه فيما أردف الأخير بمزاح مماثل ....

ياسر: من حُبك فيا ...


كرم: لا وإنتَ الصادق من بَختِى المنيل ... إخلص وشِيل معايا ...


ياسر: حاضر يا بيه ...


رغم بساطه ياسر وهدوء طبعه إلا أنه لا يتمتع بحس فنى على الإطلاق فدوماً تكون إختياراته بذوق سئ جداً ..


ولأن كرم أظهر تمتعه بذوق راقى فى إختيار الأثاث وتناسق الألوان أخذ يساعد ياسر فى شراء الأثاث المناسب لتأثيث هذه الشقه بما يناسب ألوانها ...


حيث إستأجر صديقه ياسر هذه الشقه حديثا للإقامة بها حينما تحين عودته مرة أخرى مع زوجته بعد زفافهم ...


فقد جهز ياسر جميع الأوراق لمرافقه زوجته له فى البعثه بعد عقد قرانهما مباشرة منذ فترة طويله دون إخبارها فهى ترفض تماماً فكرة السفر من الأساس ....



#لحظات_منسية #الفصل_الثاني #رشا_روميه #قوت_القلوب 


الفصل الثاني

•• حب مرفوض ...••


كانت تلك الدقائق هى وقت راحتها المستقطع خلال النهار لتسرع بتبديل ملابسها بعد تناولها للطعام إستعدادًا لإستكمال عملها الإضافى ...


تجهزت هيام مرتدية ملابسها الفضفاضة التى تتقصد إختيارها بهذا الشكل حتى لا تجذب الأنظار إليها خاصةً أنظار الطامعين فيها ، رفعت شعرها الأسود الناعم للأعلى لتعقصه بقوة دون ترك أىّ من خصلاته هاربه من موضعها لتظهر بشكل جدى تماماً حتى ملامحها الرزينه لا توحى بغير ذلك ...


إتجهت نحو منزل نورا القريب فقد وعَدتها بمرافقتها اليوم للتسوق رغم إنشغالها لكنها لن ترفض طلب صديقتها الذى ألحت كثيرًا عليه ، فهى تستعين بها لثقتها فى ذوقها الراقى الذى تتمتع به على الرغم من حالتها الماديه البسيطه ...


=====


بيت نورا ..

بهدوء كطبعها طرقت هيام الباب لتعود وتتطلع نحو تلك الحديقه الصغيرة أمام المنزل تنتظر ريثما يفتح الصغير عمرو الباب لها ، فهو دائماً ما يستقبل الطارقين أولاً ...


وكعادة هذا الصغير أيضًا فور رؤيته لـ هيام أسرع راكضًا نحو الداخل متجهًا نحو غرفه نورا وهو يناديها بصوته الطفولى العالِ ...


إستطاع بسهوله رسم إبتسامه فوق ثغرها وهى تحرك رأسها يمينًا ويسارًا بخفه من  تصرفات هذا الصغير لتدلف بخطواتها المتباطئه نحو الداخل مغلقة الباب من خلفها فذلك التصرف إعتادت عليه مع تلك العائلة التى يعتبرونها أختاً لـ نورا ...


جلست بهدوء فوق أحد مقاعد غرفه الإستقبال المفتوحة بمقدمة المنزل فى إنتظار نورا المتأخره دائمًا ...


أثناء ركض عمرو بإتجاه غرفه نورا إصطدم فجأةً بشخص ما بقوة من شدة إندفاعه دون أن ينتبه ليرفع رأسه الصغير يطالع أخيه الأكبر أمجد ...


أمجد هو الأخ الأكبر لـ نورا شاب قوى البنيه يشبه أخته إلى حد كبير ، يعمل محاسبًا بإحدى الشركات الجديدة التى أثبت فيها قدرته ومهاراته فى العمل ، لكنه لم يتحقق أو حتى يقترب من حلمه الوحيد بخطوةٍ واحدة ، فكل أحلامه تتخلص فى إسم واحد (هيام) ....


أمسك أمجد بالصغير من كتفيه يوقفه عن هذا الإندفاع القوى ليضيق حاجبيه بقوة مستنكراً ...

امجد: وبعدين بقى يا عمرو ....!!!! .. هو كل شويه تجرى كدة .. بالراحه شويه ...


إندهش عمرو لتواجد أمجد بهذا الموعد بالبيت فهو لا يتواجد بمثل هذا الميعاد من قبل ...

عمرو: أمجد ...!! إنتَ جيت منين ...؟!!!  ... وسَع كدة دلوقتى أنا مِستعجِل ...

  

أمجد مندهشا : مِستعجِل ....!!  مِستعجِل على إيه إن شاء الله !!!! ... إيه اللي حصل فى الدنيا يعنى ..؟؟


عمرو: رايح لـ نورا ...


عقص أمجد أنفه مستهزئًا بأخيه المتعجل بخطواته ...

امجد: و إيه اللي حصل مهم أوى كدة عشان تروح لـ نورا ....؟؟


بتلقائيه طفوليه أجابه عمرو وهو يتحرك تجاه غرفة أخته الكبرى ...

عمرو: هيام صاحبتها مستنياها تحت وهى قالتلى أول ما تيجى أقول لها على طول ..


عبارة كانت كفيله بتسارع دقات قلبه بعنف فقط لمجرد سماعه لإسمها الغالى ، إرتخت ملامحه وجهه الممتعضه لتتجَلى بَسمة سعيدة أشرقَ لها وجهه العريض فقد أتت مهجه فؤاده ليهمس بوله ...

أمجد : هيام ... هيام هنا ...


لم ينتظر عمرو الكثير تاركًا إياه راكضًا نحو غرفه نورا بينما إضطرب أمجد  للغايه وهو يقترب من السلم يحاول إستراق النظر لها فربما يراها ولو من بعيد ...


إشتياق قلبه أعلنها حين وقعت عيناه العاشقتان عليها وهى تجلس بهدوئها وتألقها فوق أحد المقاعد الكبيرة تنتظر نورا ..


عشق أضناه بقلبه و سلب عقله منذ سنوات ، تهدجت أنفاسه بسعادة لرؤيتها ليتحرك تلقائيًا نحوها فى حين إنتبهت هيام لوقع تلك الخطوات التى تقترب منها فرفعت عيناها القاتمتين بسواد ليل ساحر لتبعثر ما تبقى من صلابته ..


تلك البعثرة التى جعلته يفيق بقُربه منها فقد ظن أنها لن تشعر بإقترابه وهو يتطلع بعشق تجاهها ليضطر بالتحدث مرحبًا بها ...


أمجد مضطربًا : إزيك يا هيام ....؟؟ ااا .... نورا جايه ... على طول أهى ....


بإيمائه خفيفه وكلمات مقتضبه أجابته ..

هيام: شكرًا ...


رجفه إجتاحته ليتبلع بقية كلماته وهو يردف بإرتباك شديد ...

امجد: ... اا ... بعد إذنك ...


هيام: إتفضل ...


لم تكترث هيام له فهى لا تهتم له أو لغيره مطلقًا فهى هادئة رزينة للغاية لم يستطع أحدهم أن يستولى على عقلها أو قلبها من قبل لتتعامل مع كل تلك الأمور العاطفية بجدية تامة ...


تركها أمجد وتكاد إندفاع دقات قلبه تقتله ، فكم يعشق تلك الفتاة ، لقد أصبح متيم بها حقاً يحلم بها ليل نهار ولا يفكر بشىءٍ سواها ....


بعد مرور عدة دقائق من إنتظار هيام لصديقتها أقبلت نورا وهى تمسك بساعه يدها تضعها فوق معصمها بعشوائية وهى تنظر نحو هيام بتأسف ...

نورا: معلش والله يا هيام أسفه إتأخرت عليكِ ...


سخرت هيام من صديقتها التى تعتاد ذلك طوال الوقت ...

هيام: و إيه الجديد يلا قدامى مش عايزة أتأخر على الدرس والوقت اللي باقى يا دوب نجيب إللي إنتِ عايزاه ...


نورا: طيب يلا .. ولو أنى كنت عايزة أعدى على أمل فى السكه أطمن عملت إيه .. بس يلا مش مهم ...


إتسعت عينا هيام بإندهاش لطبع نورا الفضولى الذى سوف يُقحمها بمشاكل جَمه لتردف بتضايق من تصرفاتها الغير محسوبة ...

هيام : وبعدين معاكِ يا نورا مش حتبطلى بقى ... مش كفايه آخر مرة كان حـ يحصل لها مشكلة جامدة من تدخلاتك دى ...


إتسعت عينا نورا بصدمة فهى تلقائية للغاية لتردف بسلامة نواياها ...

نورا: أنا ؟!!!!! .... أنا بتدخل ؟!!  ده أنا كنت بساعدها ...


تمالكت هيام ضيقتها فهى تدرك أن نورا طيبه للغاية لتردف بتفهم رغم معرفتها بأن صديقتها مخطئة ...

هيام : والله عارفه إنِك طيبه وعلى نياتك بس مش كل الناس بتفهم كدة .. وممكن تعملى لنفسك مشكلة ...


نورا: والله ما بيكون قصدى كدة خالص ...


هيام : عارفه .. بس حاولى تسكتى شويه وتبطلى التطوع إللى ملوش لازمه دة !!! ... مش كل الناس نيتها طيبه زيك ... فيه ناس جواها شر رهيب وبوشين ... ربنا يبعدنا عنهم ...


إتسعت إبتسامتها لتتكتل وجنتيها الممتلئتان وهى تحاول إيضاح أن هيام هى التى تتخوف بشكل مبالغ به ...

نورا: إنتى متشائمة أوى ...


هيام: لأ ... أنا واقعية ...


بطرافتها وطريقتها خفيفه الظل عقبت نورا ...

نورا: فُكيها حبه ... لولا تقفيلتك دى كان زماننا إحنا الإتنين فَرَحنا مع بعض ...


تجهمت ملامح هيام برفض قاطع ...

هيام:جواز ...!!   لأ طبعاً مش وقته خااالص ما إنتِ عارفه ظروفى و اللى أنا عايشه فيه ... موضوع الجواز دة دلوقت يعتبر شبه مستحيل ...


نورا بملل: طيب إتفضلى عشان تلحقى ترجعى بدرى ....


خرجتا من المنزل لتفاجئ نورا بأخيها يقف ببابهم فهى لم تعلم أنه قد عاد من العمل بعد ..

نورا: أمجد  ...؟!! إنتَ جيت إمتى ..؟؟


تسلطت عيناه على معشوقته أولا قبل أن يُعدل من نظراته تجاه أخته قائلاً ...

امجد : لسه جاى من شويه صغيرين ...


بتلقائية ودون تفكير مطلقًا طلبت منه نورا بوجه مبتسم للغاية ...

نورا: طيب ما تكسب فينا ثواب وتوصلنا لحد المول ...


أمجد بسعادة فتلك فرصة جيدة لبقائه مع هيام لبعض الوقت ...

أمجد : أه طبعًا إتفضلوا ...


إتجه أمجد تجاه سيارته الرماديه الصغيرة بينما ظلت نورا وهيام واقفتان فقد تجَلّت ملامح ضيق بالغ بوجه هيام ...

هيام :قلت لك قبل كدة يا نورا مش عايزة أركب العربيه مع أمجد ...!!!


لم تظن نورا أن هيام ستتضايق إلى هذا الحد لتحاول إقناعها بأن الأمر لا يستحق كل هذا الضيق ...

نورا: يا هيام متحبيكهاش إعتبريه تاكسى أهو يرحمنا من الزحمه دلوقت ....


رغم رفضها لذلك لكن لرغبة صديقتها وأيضاً لكسب بعض الوقت حتى لا تتأخر إضطرت هيام لركوب السيارة بصمت تام وتجهم واضح ...


لم تتفوه هيام بكلمه واحدة طوال الطريق بعكس نورا التى لم تكف عن الحديث مع أخيها فيما إلتزمت هيام التطلع من النافذة المجاورة لها ...


كان أمجد يسترق النظر من وقت لآخر إلى هيام بمرآة السيارة الأماميه فربما يلمحها ولو لمرة واحدة تنظر نحوه بنظرة خاطفة ...


لكن كالعادة كان الإحباط من نصيبه فهى دوما تتجاهله ، أوصلهم نحو المركز التجارى متأملاً ولو بكلمة أو نظرة تخصه هيام بها ، لكن سوء الحظ دومًا حليفًا له ..


إبتعدتا عن السيارة لتبدأ نورا حديثها بتدخلها الدائم الذى أصبح عيبها الوحيد ...

نورا: بالله عليكى يا هيام وافقى تتجوزى أمجد أخويا .. دة بيحبك أوى ...


كيف تقنعها بأنها لا تراه سوى أخ فقط وأنها لا تكن له أى نوع من المشاعر والعاطفة ولا تبادله حبه هذا بل بالعكس حبه مرفوض تماماً ، لكنها دومًا مُلحه بشكل يثير الضيق وتخشى أن يسبب هذا الأمر فجوة بينهما يوماً ما ...

هيام: وبعدين معاكى يا نورا .. مش عارفه ليه حاسه إن موضوع أمجد دة هو اللي حـ يزعلنا من بعض .. قلت لك قبل كدة أمجد زى أخويا بالضبط وموضوع الجواز دة أنا شيلاه من دماغى خالص ..


بينما أكملت نورا بإصرار ...

نورا: بس أمجد بجد بيحبك أوى ومستعد يعمل أى حاجه فى الدنيا عشان يسعدك ..


هيام: بس أنا مبحبوش يا نورا ... إفهمينى ...


ظلت نورا تجمل بمزايا إرتباطها وزواجها من أخيها ، ليس لإقتناعها به لكنها تسعى دوماً للتقريب بين الناس وحل المشكلات بطريقتها المتدخلة بحياة المحيطين بها ...

نورا: ما يمكن تحبيه بعد الجواز زيي أنا و ياسر  .... ما إحنا مكناش نعرف بعض ودلوقتى منقدرش نستغنى يوم عن بعض ..


بجديه وضيق لاحت بملامحها بقوة ...

هيام: ممكن تقفلى الموضوع دة ومتكلمنيش عن موضوع الجواز دة تانى أحسن والله بجد حـ أزعل منك ...


نورا بحزن : طيب خلاص متزعليش ... يلا نجيب الفستان ...


بعد العديد من المحاولات والتجولات أخيراً إبتاعت نورا فستاناً ورديا ذو حزام أسود عريض وحذاء مناسب له ، شعرت هيام بألم بساقيها من كثرةِ البحث مع نورا لتقف بإرهاق ..

هيام: أه يا رجلى ... طب إنتِ بتشترى فستان تقابلى بيه خطيبك اللي جاى من السفر ... أنا ذنبى إيه ....؟؟!


نورا: صاحبتى .. وأنا قَدَرِك ... حـ تعملى إيه ...


هيام: طب تعالى نقعد شويه خلاص رجليا إنكسرت ... حـ أروح أدى الدرس إزاى كدة ...!!!!!


بمزاحها الطريف عقبت نورا وهى تجلس بالمقعد المجاور لـ هيام ..

نورا :هو إنتِ حـ تدى الدرس برجلك ....


ضحكت هيام وهى تجلس بإرهاق فوق أحد المقاعد لتستريح قليلاً ....


======


بيت الحاج سعيد ...

نظرت والدة هيام تجاه زوجها بملامح مشفقه حنونة لكن لا حيلة فيها ..

ام هيام: ها قلت إيه يا سعيد ....؟؟


الحاج سعيد : والله مش لاقى لها حل ... أديكى شايفه ملناش أى دخل نهائى ولولا هيام وشغلها من أيام ما كانت فى الثانوى كان زماننا مش لاقين ناكل ..


قالها الحاج سعيد بقله حيله فليس لديه سبيل آخر فيما أردفت أم هيام بتحسر ...

ام هيام: يعنى حـ نخليها جنبنا كدة والعمر يعدى عليها وكل ما يتقدم لها حد حـ نرفضه ...


الحاج سعيد: ما إنتِ عارفه تعبى وإنى مقدرش أنزل أشتغل وأنا عندى القلب ... أنا عارف إننا جايين عليها أوى .. حتى سميرة بتدور مش لاقيه شغل خالص أهو ...


مصمصت أم هيام شفتيها وهى تضرب كفها بالآخر ...

ام هيام: عينى على بختك يا بنتى ...


تنهد الحاج سعيد بضيق معقباً يتأمل بأن يجد حلاً ...

الحاج سعيد: والله مكلم ناس كتير أوى يأجروا المخزن اللي تحت ساعتها حـ يكون عندنا دخل كل شهر ونريحها وتشوف مستقبلها بقى ...


ام هيام: يا ريت ... دى يا حبيبتى مش بترتاح تيجى من المدرسه تلف على الدروس لحد بالليل ومش مخليه فى جهدها حاجه ...


الحاج سعيد: ربنا كريم .... 


=====


غرفه سميرة ....

أعادت جزعها للخلف وهى تستكمل مكالمتها الهاتفيه عبر سماعة الأذن خاصتها التى تعلقها بأذنها دائماً لتعاتب صديقتها عبير بطريقتها الساخرة المازحه التى تتميز بها ...

سميرة : وربنا زهقت منك ... و إوعى تقوليلى خلاص وحركات وبتاع .. فين يا أختى الشغل ....؟؟!


عبير:والله يا بنتى قدمت ورقك لأستاذ أشرف وإن شاء الله أول ما يرد عليا حقولك على طول ...


مدت سميرة شفتيها للأمام بتذمر مردفه ...

سميرة: لما نشوف ... و أدينى أهو نزلتلك مخصوص برنامج تسجيل مكالمات عشان أفضحك من كتر ما بتوعدينى بحاجات وتخلى بيا ...


ضحكت عبير ضحكتها المميزة ليظهر صوتها الخشن قليلاً لإدراكها أنها قد وعدت سميرة للعديد من المرات عن مساعدتها بالبحث عن عمل لكنها دوماً تنسى ذلك ...

عبير : للدرجه دى مبقتيش واثقه فيا ....


سميرة: إنتِ عَندك كلام تانى !!!!! ... إلا ما فيه مرة وَعدتّى ووفيتى !!!! ... من أيام الجامعه وإنتِ على كدة ..


عبير: خلاص والله ... آخر مرة وحـ تشوفى ... حـ أفضل ورا أستاذ أشرف لحد ما يعينك معانا ...


سميرة : لما نشوف ..


بصوت مرتبك شعرت به سميرة أجابت عبير وهى تنهى حديثها معها ...

عبير: سلام بقى أحسن باين فيه حد جاى المكتب ..


سميرة: سلام ...


أنهت سميرة مكالمتها مع عبير وأعادتها مرة أخرى ببرنامج تسجيل المكالمات الذى وضعته على الهاتف  لتستمع إليها وتضحك مرة أخرى على صديقتها لتعقب ساخرة ....


سميرة:حـ تبقى أخرتك على إيدى المرة دى يا تحفه إنتِ ... بس يا رب بقى أشتغل و أشيل الحِمل عن هيام شويه ... أحسن تعبت أوى .. وعمرها ما حـ تشتكى ولا حـ تتكلم أبداً ...


=====


بأحد الأحياء الراقيه ...

وقف شاب فى شرفة منزله تكسو عيناه حزن جَم ، مطلقًا لحيته بعشوائية أخفت وجهه الوسيم المسالم خلف تلك النظرات المتجهمه والوجه المقتضب ...


أخذ ينظر للمارة العابرين للطريق أمامه بنظرات يملؤها الضيق فكلٍ تشغله حياته ، لكنه دوماً وحيد ...


دق جرس الباب ليقطع وحدته وصمته فقام متكاسلاً بملل ليفتح الباب ولم يتفاجئ برؤيته لهذا الطارق فهو يعتبر الوحيد الذى يطرق بابه من حين لآخر ، صديقه أشرف ومدير معمله ..


وقف أشرف بطوله المميز ونحافته الظاهرة ليتسائل بنبرة ودوده للغاية لكنها تحمل بطياتها بعض العتاب ...

اشرف: إزيك يا أمير ...


تطلع أمير به للحظات ودون رد أشار له بالدخول فبداخله لا يجد إجابه لهذا السؤال ،(كيف حاله) هو بالتأكيد ليس بخير لكنه على كل الأحوال أفضل مما كان ...


تنهد أشرف بضيق مما يفعله أمير بنفسه ليضم شفتيه بحركة لا إراديه ضم لها شاربه الكثيف معها قبل أن يردف معاتباً ...

اشرف: وأخرتها معاك حـ تفضل لحد إمتى حابس نفسك كدة ... و ليه .... ؟؟ .... وعشان إيه ....؟؟!!!!


هو صاحب الصبر والبال الطويل الذى لم يعد يتحمل لوم أو عتاب ليقابل وده وعتابه له بعصبيه وضيق نفس ...

امير : لو جاى تِسَمعنِى نفس الكلمتين فخلاص أنا حفظتهم !!!! .. لو عندك حاجة جديدة قولها ...


اشرف: أمير إنتَ بقالك على الوضع دة أكتر من شهر ... لازم تطلع وتشوف حياتك .. لحد إمتى حـ تفضل قافل على نفسك ومكتئب بالشكل دة ...؟!!!!


جلس أمير بتذمر من حاله ومن ضغط أشرف عليه ...

امير: يعنى أنا حابب اللى أنا فيه !!!! ... بس غصب عني ... غصب عنى ... حاسس إنى خلاص مش عايز أعمل أى حاجة أو أقابل أى حد ...


كصديق مخلص لن يعقب على إنفعال أمير وعصبيته بل يجب عليه إخراجه من تلك الأزمة النفسية التى يمر بها وحثه على العودة لعمله وإستئناف متابعة معمله الكيميائى الذى يملُكه ...

اشرف :طب وشغلك ... ومعملك ...؟!!  .. إيه خلاص الحماس مات ؟!!!  ... مش معقول كل واحد يمر بمشكلة يستسلم إنها تكسره للدرجة دى ... أنا متعودتش تبقى ضعيف أوى كدة ...


تهدل كتفي أمير بإحباط وإستسلام ...

امير: مش قادر يا أشرف .. مش قادر ...


اشرف: ما هو أنا مش حـ سيبك تعمل كدة فى نفسك ولو مكنش برضاك يبقى غصب عنك ...


امير: متضغطش عليا أكتر من كدة ...


لقد حاول معه أشرف للعديد من المرات باللطف واللين لكن تلك المرة يجب أن تكون بالقوة والإجبار حتى يفيق لنفسه ليحتد بحديثه يعنفه لهذا الإستسلام والتراخى ...

اشرف: إنت لازم تفوق من إللى إنت فيه .. إيه يعنى حبيت واحدة وطلعت خاينه ؟!!!!!! .. حـ تموت نفسك ... الدنيا لسه قدامك تحقق فيها كل أحلامك .. وتقابل إللى أحسن منها ميه مرة ...


امير: لأ ..... أآمن لواحدة تانى لأ .... لايمكن يحصل أبدًا ...


اشرف: مش مهم ... المهم نفسك ... تخرج تانى للدنيا وتكمل إللى كنت بتشتغل فيه وتحقق أحلامك ... هى مين دى عشان تهد كل أحلامك كدة عشانها ... !!!!!!!!


فكر أمير ملياً بكلمات أشرف الصادقة ، ربما هو محق ، إلى متى ستنتصر هذه الخائنة عليه وعلى أحلامه وطموحاته يجب أن يعود إلى عمله ومعمله وينهى ما قد بدأه ....


أومأ أمير رأسه  بآلية بالإيجاب يتفق مع حديث أشرف ، فيجب عليه نسيان كل مشاكله والتفرغ لعمله الذى أحبه دوماً لينتهز أشرف تلك الفرصة قائلاً ....

اشرف: تمام بكرة الصبح أعدى عليك نروح المكتب سوا ...


امير بإستسلام: ماشى ...


#الفصل_الثالث #لحظات_منسيه #قوت_القلوب #rasha_romia   

الفصل الثالث

•• أعيش بـ وحدتى ...!!! ••


لأجلِ خاطرك تَمنيتُ لكَ السعادة ، فـ الأخوة ليست بالدماء فقط فكم من الأصدقاء يسكنون القلوب دون رابط يجرى بالعروق ...


بعد أن إنتهيتا من التبضع وإلتقاط أنفاسهم ببعض الراحة بقيت نورا وهيام يتحدثان لبعض الوقت قبل مغادرة المركز التجاري ...


لاحت إبتسامه متحمسة بثغر نورا قائله ...

نورا: أنا مش مصدقة إن فرحى كمان أسبوعين ...


هيام: تصدقى ولا أنا ...


بحديثها الثرثار الذى تستمتع به هيام إستكملت نورا حديثها ...

نورا: حاسه إنى طايرة من الفرحة .. أنا جَهِزت كل حاجة عشان لما ياسر يرجع كمان يومين مَيتعبش نفسه فى حاجة خالص ...


أسندت هيام وجنتها بقبضتها وهى تضع مرفقها فوق الطاولة قائله ...

هيام: يا عينى على الحب .. من أولها كدة حـ تريحيه فى كل حاجة ...


نورا: طبعًا أُمال إيه ... مش كفاية إنه يا دوب حـ يقعد معايا شهر واحد ويسافر تانى ...


أرخت هيام قبضتها لتعتلى ملامحها الجديه تلوم نورا على تفكيرها الخاطئ بهذا الأمر ...

هيام: والله إنتِ غلطانة ... ما تسافرى يا بنتى مع جوزك ...


إتسعت عينا نورا بذهول مردفه بدون تفكير ...

نورا: وأسيبك لوحدك ... !!!! ... لأ طبعًا .. دة أنا ما صَدَقت إننا لما إشتغلنا إشتغلنا مع بعض تقوليلى أسافر وأبعد عنك ...!!!!!


بغرابة من تصرف نورا لاحت ضحكات هيام المتعجبه ...

هيام : ليه بقى حـ تاكلنى القطه ...!!!!!


نورا: لا .... بس متنسيش أن أنا الحته الطريه اللى فى حياتك المعقدة دى ....


ضمت هيام شفتيها مستنكرة ...

هيام: ودة يخليكى تقعدى هنا وتسيبى جوزك يا مجنونة ....


برفض تام لسفرها برفقة زوجها أخذت تتعذر بالعديد من الأسباب الواهية ...

نورا: و أهلنا دول ... أسيبهم يعنى ...؟؟!! مقدرش أبعد عنهم ... بتخنق فى السفر ...


بذكاء إستطاعت هيام إدراك السبب الحقيقى لرفضها للسفر وهو فكرة وحدتها وبعدها عن أحبائها الكُثر ...

هيام : قولى بقى مش حـ تعرفى تتحشرى هناك بالإنجليزي ... صح ...؟!!!!


قهقهات عالية صدرت من تلك المرحه فقد فهمتها هيام بذكاء لتردف وهى تحاول السيطرة على ضحكاتها بعد أن كشفتها هيام ...

نورا: أه يا فهمانى إنتِ .... ما أنا لو شاطرة زيِك فى الإنجليزى مش حـ يهمنى ... بس معرفوش والله خيبة فيه ما إنتى عارفة ... ودى إنجلترا مش أى كلام يعنى ...


تطلعت هيام بساعة يدها لتردف بقطع حديثها ...

هيام: طب كفايه رغى ويلا بينا نروّح ... الوقت إتأخر ... ومش حـ ينفع أروُح أدى الدرس دلوقت ... حـ أبقى أعوضهم بقى مرة تانية ...


بإندفاعيه مرة أخرى وبدون تفكير قالت نورا ...

نورا: أتصل بـ أمجد بقى ييجى يروحنا ...


هيام بغضب: والله يا نورا لو كلمتيه لا حـ أروح لوحدى وماليش دعوة بيكى خالص ...


نورا بخوف: لا خلاص ... مش للدرجة دى مَتزَعَليش نفسك كدة .. بينا على أتوبيس الشعب ...


عادتا كل منهما إلى منزلها بعد يوم طويل مرهق ....


=====


ستظل دومًا وحدَتِى هى رفيقة دربي ترى هل لى نصيب من قلبٍ محب يومًا أم سأظل مرافقة لتلك الوحدة حتى النهاية ..


إستعدت هيام للنوم بعد قضائها ليوم طويل برفقة صديقتها لتتفكر بحياتها الممله التى لولا دخول نورا بها لإنفجرت من الملل ...


نورا شخصية إجتماعية بطبعها ولا تبالى بأى شئ على الإطلاق ، مرحه .. عفوية ... مندفعه ، ترى الأمور على سَجيتها تعيش حياتها بدون تفكير أو تخطيط ...


بدأت تتذكر حديث نورا عن خطيبها وحبهما الذى جمع بينهما دون سابق مِيعاد وإستمر بقوة لتُحدث نَفسها ...


هيام: يا ترى حـ يجي اليوم وأحس فيه نفس الإحساس دة ؟؟! ولا مكتوب عليا الشغل وبس ... ما أنا مقدرش أقصر مع أهلى .... دة أنا الوحيدة إللى بتشتغل فى البيت دة ومن غير الفلوس دى حـ نعيش إزاى ...!!؟


ثم أكملت بسخرية على حالها ...

هيام: وحتى لو حَبيت ... ولا إتحَبيت ... حـ أتجوز إزاى و أسيبهم ...دة لسه المشوار طويل أوى ... يمكن أمجد بِيحبنى أه .. بس أنا مش بحبه وعمرى ما حـ أفكر أتجوز واحد لمجرد يصرف عليا وعلى أهلى ....


تنهدت بصدر مثقل لتنفض تلك الأفكار عن رأسها ، تحث نفسها على الخلود للنوم أفضل من إشفاقها على نفسها بتلك الصورة ...

هيام : أنا أنام أحسن لى ورايا شغل بكرة الصبح ...


هكذا نهت هيام يومها بالوحدة والملل فى يوم جديد من حياتها المتشابهة ..

فحزنها صامت فى داخلها كعادتها فهى لا تحب أن يرى أحد ضعفها وحزنها ودموعها على الإطلاق ...


أغمضت عيناها بحزن فوق وسادتها لتخلد بنوم عميق بعد تعب هذا اليوم الطويل ....


=====


لندن ...

بعد أن تناولا طعامهما حتى التُخمه أعاد كرم جزعه للخلف بتلذذ قائلاً ...

كرم: مش قادر أكل خلاص بطنى إتمَلت ... والله حـ يوحشنى طبيخك دة يا أخى ...


بزهو بما صنعه أجابه ياسر بتفاخر ...

ياسر: على الأقل فيه حاجة بعملها بتعجبك أهو ...


كرم: إنتَ فى الأكل بصراحه لا يُعلى عليك ...


عقب ياسر بنبرة مازحه بالرغم من أن ما يقوله ليس مُزاحاً على الإطلاق ...

ياسر: عَوّد نفسك بقى هم يومين وأرجع مصر وبعدها أرجع هنا أنا ونورا وإنتَ يتولاك ربنا بقى ..


رفض كرم ما يُبلغه به ياسر ليهتف بتحذير ...

كرم: ماليش فيه .. أكلى كل يوم عندكم ... وأنا حـ أروح فين أنا خلاص إتعودت على الأكل دة ....


ياسر: يا أخى أنا مش عارف قبل ما تعرفنى كنت عايش إزاى ...؟؟!


أجابه كرم بلا مبالاة بحاله قبل معرفته به ...

كرم: زى الناس عادى ... بشتغل وعايش ..


أردف ياسر ساخراً من حياة صديقه الخاوية ...

ياسر: ودى عيشة دى ... مقدرتش تتجوز ..؟؟


رغم أن ياسر كان يتعجب من أن شاب وسيم ثرى گ كرم مازال يفضل بقائه أعزب وهو يتمتع بكل تلك المقومات التى يحتاجها المرء للزواج والإستقرار ، ليجيبه كرم بجدية تامة ..

كرم: أنا مش حـ أتجوز إلا لو حبيت ولحد دلوقتي ملقتش واحدة أحبها ... يبقى حـ أتجوز ليه ...؟!!!


ياسر: غريبة مع إنك مش صغير وإمكانياتك ما شاء الله دة إنتَ بقالك كتير أوى عايش هنا ...


كرم: يمكن أقابل واحدة تخطفنى وتخطف قلبى ساعتها مش حـ أسيبها أبدااا ....


تحول حديثهم من المزاح إلى الجديه التامه ...

ياسر: إنتَ اللى عجباك عيشه العزوبيه دى ...


إتخاذ ياسر منحنى المصلح الإجتماعى وإبداء له النصائح وهذا ما لا يُحبذه كرم مطلقًا ليتصنع المزاح هرباً من حديث يعلم نهايته ...

كرم: مالك يا أخ !!!! ... عامل فيها زى الست والدتى كدة ليه ...؟؟؟!


إنتبه ياسر أن كرم قد إنزوى تماماً عن لقائه بوالدته ليسأله بفضول ...

ياسر:على سيرة الست والدتك ... مش ناوى تزورهم مرة ...


تجهمت ملامح كرم حين تَذكر ما فعلته معه والدته ليردف بضيق ظهر جلياً على ملامحه ونبرة صوته المختنقة ...

كرم : ياسر !!!! ... إنت عارف المشاكل إللى بينى وبينها من ساعة ما إتجوزت وسابتنى فمتفتحش أبواب مقفوله من سنين ... هو أنا يعنى أمثل لها حاجه دى ما صَدقِت ورمتنى عشان تروح تتجوز وتعيش حياتها بعد وفاة بابا ...


شعر ياسر بتطفله وتسببه بضيقته ليسأله بوجه ضاحك ...

ياسر:خلاص متزعلش ... بس إعمل حسابك إنك كدة كدة جاى الفرح ...


كرم: فرح ...!! لأ طبعًا وأنا أعرف مين فى مصر عشان أنزل !!!! ... لما تيجوا إن شاء الله حـ أظبطكم هنا ...


لإدراكه أن صديقه وحيد تمامًا لا يملأ حياته سوى العمل وبعض الأوقات التى تجمعهم بعد نهايته ليصرُ على أن يشاركه سعادته بوجوده بالقاهرة ، تلك البلدة التى لم تطأ قدماه إليها من قبل ...

ياسر: أبدااا ... مش حـ يحصل لازم تيجى تحضر الفرح ... وإلا والله حـ تبقى دى إللى بينى وبينك ... أهو تغَيَر جو وتشوف الدنيا إللى إنت متعرفهاش دى ... مش عارف مصرى إزاى وعمرك ما رُحت مصر ...؟؟!!!


كرم: خلاص وقتها نبقى نشوف ...


إنتهوا من تناول طعامهم ليجلس كرم ناظراً نحو التلفاز غارقًا بأفكاره لا ينتبه إطلاقًا لما يُعرض على هذه الشاشه ...

كرم : "أمى ....!!! ... وهو أنا ليا أم ولا عيله من أصله ... أهى رمتنى من صغرى وراحت تشوف حياتها وكأنَها ولا ليها إبن ولا تعرف عنى حاجة ... حتى عيلتى عمرى لا شوفتها ولا عرفتها من يوم ما وعيت على الدنيا .. أنا معنديش غير شغلى ... شغلى .. وبس .."


إستأذن كرم من ياسر ليأوى إلى فراشه وينهى ليلته فربما يَمِّن الله عليه ويرى خاطفه قلبه فى أحلامه اليوم ... ذلك الحُلم الذى يتكرر كثيرًا بهذه الفتاة الجميلة التى لا يعرفها لكنه قد حفظ ملامحها بقلبه دون أن يراها أو يعرفها يومًا ... گ حورية تزوره بمنامه و تطل له فى أحلامه كقارب نجاة ... تأخذ بيده ويَسعَد بقُربها ... وكأن نصيبه أن يعشقها فى أحلامه فقط ....


=====


لم تنتهى تلك الليلة بعد ، فمع ثِقل تلك القلوب إلا أن هناك قلوب مُحلقه يملؤها الشغف والحماس فما هى إلا أيام قليلة و تتلاقى الأعين بعد غياب دام لعام كامل ...


نظرت نورا إلى صورة عَقد قرآنها مع ياسر بعشق حقيقى تتمعن طويلا فى ملامحه كما تفعل كل ليلة حتى لا تغيب ملامحه عنها فقد طال غيابه كثيرًا ....

نورا: ياااه إمتى بقى ييجى بعد بكرة وأشوفك يا ياسر ... وحشتينى أوى ... مش متخيله إن بعد أسبوعين بس فرحنا ... وأخيرًا ربنا حـ يجمعنا سوا بعد الغياب الطويل دة ... مش عارفه إيه حبك فى إنك تكمل الماجيستير بتاعك فى إنجلترا ....


أغلقت عيناها المشتاقه للقائه لتكمل يومها بأحلامها الجميلة بزوجها المستقبلى وزفافها القريب ....


====


أقسى أنواع العشق أن يرتَجف قلبك شوقًا وتَلهُف لقلب لا يشعر بِك ، ولا يهتم لما يُمكنك عَطائه لأجل لحظة تشعر بها بأنَك ذات قيمه بقلبه ...


أخرج أمجد صورة هيام التى أخذها خلسه بدون أن تنتبه له نورا ، هام حبًا و عشقًا بـ ملامحها الناعمة الآخاذة التى سلبت قلبه منذ سنوات ...

امجد: "نفسى تحسى بيا وبحبى بقى ... لحد إمتى حـ تبقى بعيد ... بس لو تدينى فرصه أثبت لِك فيها قد إيه أنا بحبك ومقدرش أتخيل حياتى من غِيرك يا قلبى أنا ....


====


اليوم التالى ....

بدأ يوم هيام الروتينى بمرورها ببيت نورا أولا لإصطحابها وذهابهن للمدرسه كالمعتاد ، وما لم تدركه أيضًا هو تلك العيون المترصده لقدومها منتظرًا رؤيتها لبدء يومه أيضًا ، فـ أمجد يعتبر اليوم الذى لا يراها به لا وجود له ...


بسؤال متحمس فكل تلك التفاصيل تُسعدها لإستعداد صديقتها بإستقبال خطيبها القادم من السفر ...

هيام: جربتى الفستان ..؟؟


نورا: تحفه .. ذوقك رهيب .. مش عارفه من غيرك كنت عملت إيه ...


هيام: بعد كدة تبقى تنزلى تشترى إنتى وياسر بقى ...


عَلت ضحكة نورا بشكل ملحوظ فـ هيام لا تدرى شئ عن ياسر خاصة وأنهم لم يتقابلا من قبل ...

نورا : ضحكتينى يا شيخه ... ياسر !!!   دة أَخيَب منى مِية مَرة .. مبيعرفش ينقى حاجة أبداااااا ..


هيام بإستغراب :لا والله ... ما جمع إلا أما وفق بصراحه ....


نورا: بكرة تشوفيه ... ربنا يستر علينا ... يلا يلا الأتوبيس جه أهو ...


إستقلتا الحافلة تتجنبان الزحام لكنهم مجبرين عليها ، وقفتا إلى جوار بعض الفتيات الظاهر عليهن متجهات إلى الجامعه أو شئ من هذا القبيل لتتحرك الحافلة بطريقها ...


====


المدرسه .....

وضعت سعاد حقيبة بلاستيكيه ممتلئة فوق الطاولة وهى تحدث نهله بعجالة ...

سعاد: أنا جِبت الفطار معايا أهو  .... نحضر بس الطابور وعندى الحصه الأولى فاضيه نقعد نفطر سوا ...


نهله: أيوة كدة يا سيدى يا سيدى على الروايح إللى تفتح النِفس ...


أقبلت كلا من هيام ونورا يتحدثان حتى دلفا من باب غرفه المعلمات ليلقيا على سعاد ونهله التحيه ، كان ردهما مقتضباً للغايه فرؤيتهما ببدايه اليوم يسبب لهما الضيق ، لكن سعاد أردفت ببسمه باهته رغم ذلك  ...

سعاد: إتفضلوا إفطروا معانا ....!


نورا: شكرًا يا أبله سعاد يا دوب نلحَق عندنا الحصة الأولى ... 


هيام: بالهنا والشفا يا أبله ... يلا يا نورا نلحق الطابور ...


وضعت كلاً منهما حقيبتها وتحركتا نحو ملعب المدرسه لإستقبال التلاميذ بإنتظار بدء طابور الصباح وسط إمتعاض وجه سعاد ونهله و ميل كل منهما بأذن الأخرى لا ينفكان من إستكمال نميمتهن على من تقع عيناه عليهم خاصة هيام و نورا ...


====


أمير ...

أبدل ملابسه بضيق فلولا ضغط أشرف ما فكر فى العدول عن فِكرته ولظل حبيس غرفته يفكر فى مأساة ما مضى ...


تَذكَّر بحزن آخر يوم رأى فيه حبيبته ميادة وهى تكاد تلتصق بصديقه المقرب عصام بحميميه زائدة فى أحد الكافيهات يتضاحكون برعونه ..


حين رفع صديقه ذراعه ليحيط رقبتها ويضمها إليه غير عابئ بالمارة من حولهم ...


تَذكَّر كيف جَن جُنونَه لرؤية هذا المشهد أمام عيناه لينفعل صارخًا بهما ليفزعا لرؤيته فلم يتوقعا مجيئه فى مثل هذا الوقت وهذا المكان ....


لكن وقع الصدمة حين نظرت له بإستنكار رافعه أحد حاجبيها بتعجب قائله ...

"ملكش دعوة بيا أنا حرة ....  أنا و عصام بنحب بعض وخلاص حـ نتجوز قريب ... إنتَ متنفعنيش أنا عايزة راجل مُتفتح زى عصام مش خيبه زيك كل هَمه الكتب والمعمل ...."


أفاق أمير على صوت رنين هاتفه بإسم أشرف ليجيبه بإمتنان بينما قال لنفسه أولاً ....

امير: "كَأنَك حاسس وبتقْطَع عليا حتى أفكر فيها ..."


امير: ألو ... أيوة يا أشرف ..


أشرف:ها ... جاهز ..؟؟!


امير: جاهز ... إنتَ جيت ..؟؟!


اشرف: أيوة أنا واقف تحت البيت عندك أهو ... أنزل لى بقى ...


امير: ثوانى وجايلك ...


نفض أمير الأفكار التى تحيط به عن رأسه ليستقل السيارة مع أشرف متجهين نحو معمله ....


توقفت السيارة أمام مبنى إدارى يضم العديد من المكاتب والشركات لينظر أمير إلى الأعلى  يتطلع نحو لافته كم إشتاق لرؤيتها فى الفترة الماضية ليقرأ سِرا محتواها ....

"الأمير للتحليلات المعملية والكيماوية"


إبتسم أشرف لصديقه سعيداً بتلك الخطوة بطريق النسيان وإستكمال حياته ملقيًا كل ما يسبب له الضيق خلف ظهره والإلتفات لعمله المحبب ...

اشرف: حمد الله على السلامه يا باشمهندس ...


هلت على وجه أمير شبح إبتسامة باهتة ليمد يده حاملاً حقيبته الجلدية السوداء ليترجلا من السيارة متجهين للمعمل خاصته ....


====


المعمل ....

وقف شاب متوسط الطول أبيض اللون ذو لحيه سوداء قصيرة بإضطراب يهتف بزميلته بنبرة قلقه ...

احمد: حرام عليكى يا عبير إفتكرى الله لا يسيئك وديتى تقرير شركة الأسمدة فين أستاذ أشرف لو جه حـ يودينا في داهيه ....


عيبها الوحيد هو النسيان وعدم التركيز رغم بساطتها وهدوئها ليطغى هذا العيب على كل محاسنها ولا يُرَى سواه ...


رفعت عبير رأسها المستدير تجاه أحمد لتظهر ملامحها البسيطه لفتاه بيضاء ذات شعر بندقى متوسط الطول وملامح هادئة ، لكنها كانت مضطربة للغاية تبحث بين كومة من الملفات بعشوائية فهى تبحث عن هذا التقرير ما يَقرُب من الخمسة عشر دقيقة دون جدوى لتسبب فوضى كبيرة بالمكتب ...

عبير: والله كنت حاطاه هنا باين ... دور تانى يمكن تلاقيه ...!!!


إنتبه أحمد لصوت خطوات تقترب من المكتب لينهر عبير بقوة ...

احمد: يا نهار مش باين إسكتى خالص شكله طالع على السلم ....!!!!!


دلف أمير إلى المكتب لتتحول نظرة التجهم خاصته إلى الضيق الغاضب ليقتضب حاجباه بقوة مردفاً بحده غير معتاد عليها إطلاقاً بتعامله مع موظفيه ....

امير: إيه البهدله إللى إنتوا عاملينها دى ... دة ولا كأنه سوق ....!!!!!!!


إتسعت عينا عبير بتخوف لرؤيتها عودة أمير صاحب المعمل لتهتف بتفاجئ ....

عبير : باشمهندس أمير ......!!! ..ححـ..حمد الله على السلامه ...


نظر أمير نحو عبير بغضب أكبر لا يعلم هل لعملها بفوضاويه يكرهها أم لأنها فقط أنثى من نفس نوعية ميادة ، زاد ذلك من حدته خاصة وهى تتحمد على سلامته ، فبأى حق تسمح لنفسها بذلك ....

امير: إنتى حـ تصاحبينى ؟!!!!!!!! ... شوفى شُغلك ... 


ثم أكمل بلهجة تحذيرية جافة ...

أمير : قدامكم نص ساعه و ألاقى كل الملفات مترتبة فى المكتب دة وإلا حسابكم حـ يكون معايا عسير ...


احمد: تمام يا باشمهندس ...


أسرع أمير بخطواته نحو مكتبه يتبعه أشرف من خلفه بعدما رمق كلا من أحمد وعبير بنظرة تحذيرية عن الإهمال الواضح فى المكتب ...


فور دخوله لمكتبه إستكمل أمير حديثه بحده تجاه أشرف ...

امير: إيه الفوضى دى يا أشرف ؟؟!!!! ... إزاى المعمل بقى كدة ..؟؟


رغم أن كل شئ كان يسير بدقه متناهيه والأمور على ما يرام إلا أن خطأ عبير وأحمد اليوم وتلك الفوضى التى لا تتكرر جعلته يستغلها كسبب بذكاء كبير ...

اشرف: عرفت بقى إنه كان لازم تنزل وتباشر شُغله بنفسك ..!!!


أومأ أمير رأسه إيجاباً فلن يضيع حلم عمره ومعمله هباءً لأجل من لا تستحق حتى أن يُفكر بها ...

امير: إن شاء الله كله حـ يبقى أحسن من الأول ... بس إللى برة دول لازم تشدهم لى ...


أراد أشرف أن يغمسه بالتفكير بالعمل أيضاً ليبدأ وضع له أحد العراقيل لينشغل بالتفكير بحل لها ...

اشرف: أنا ما أنكرش إنهم لازم حـ يتجازوا على المنظر دة بس برضه متنساش الحِمل كان كتير عليهم الفترة إللى فاتت ..


امير: قصدك إيه ....؟


اشرف: إحنا محتاجين كمان كيميائى فى المعمل يجهز التقارير ...


امير: تمام ... شوف لو فيه حد مقدم ورقه و إعمله مقابله ...


لم يكن هذا ما يوده أشرف بل كان يتوقع أن يختار أمير العاملين لديه بنفسه ...

اشرف: وإنتَ ...مش حـ تختاره معايا ....؟؟


امير: أنا مش فاضى لوجع الدماغ دة ... إختار إنتَ أنا متأكد إنَك حـ تختار الأصلح ...


اشرف: خلاص متشيلش هم الموضوع دة ... أنا حـ أخلصه ... وإنتَ راجع التقارير إللى عندك على المكتب دى ويلا كمل بقى المشروع بتاعك ...


امير: إن شاء الله ....


ترك أشرف مكتب أمير ليطلب من عبير ملف الطلبات المقدمه للعمل بالمكتب ثم توجه مباشرة نحو غرفة المعمل حيث يعمل  .....



#الفصل_الرابع

#لحظات_منسيه 

#قوت_القلوب #rasha_romia 


الفصل الرابع

•• بارقه أمل .... ••


خُطوة واحدة لبداية حياة جديدة ، خُطوة يكسوها الأمل والتفاؤل ، ما عاد يفصلنا سوى ساعات لـ اللقاء المرتقب ...


دفع ياسر نظارته الطبيه بسبابته وهو يستكمل حديثه مع كرم ...

ياسر: أنا خلاص مسافر بكرة مش عايزك تتعبنى و أقعد أتحايل عليِك تانى ... حـ تيجى الفرح يعنى حـ تيجى الفرح ...


خَلل كرم أصابعه بخصلات شعره العشوائية رافعًا حاجبه الأيمن بتلذذ لرؤية صديقه يلح عليه بتلك الصورة لحضور حفل زفافه ...

كرم: خلاص يا سيدى فهمنا ... إنتَ حُر ... أنا معرفش أى حاجة فى مصر ... يعنى إنتَ إللى حـ تبقى شايل الشيله كلها ... متجيش تقولى عريس ومش فاضى بقى والحركات دى ...


عقص ياسر أنفه متهكمًا من تهرب كرم المستمر ...

ياسر : لا يا أخويا متقلقش ... إنتَ حـ تبقى معايا ومع إخواتى عادى مش حـ تحس بفرق وبجد حـ تنبسط فى الاجازة دى ... حد ميحبش يجى مصر برضه ...!!!!


كرم: لأ طبعاً بس أنا قُلتلك أنا معرفش حد هناك حـ أروح ليه ...!!


ياسر: و أهو بقى ليِك أهو ...


إستقام كرم بجلسته يَعِدُ ياسر بأنه لن يُخلف وعدًا قد وعَدهُ به ...

كرم: عمومًا سافر إنتَ بكرة وأنا حـ أجيبلك على الفرح .. كويس كدة ..؟!!!


إبتسم وجه ياسر الهادئ براحه ...

ياسر: أنا مش عايز أكتر من كدة ...


رفع كرم نظارته الشمسية السوداء فوق عيناه وهو ينهض للمغادرة ...

كرم: أنا نازل رايح الشركة بقى إتأخرت ...


ياسر: خُدنى فى سِكتك على الجامعه أنا كمان ..


بضحكه قصيرة ساخرة من تطفل ياسر كعادته ليقوم بإيصاله بسيارته للجامعة بدلا من أن يستقل سيارة مستأجرة ...

كرم : طول عمرك براشوت ... يلا إنجز ...


=====


سميرة .....

بعد تملل بفراشها دام لساعة على الأقل قررت أخيرًا النهوض للبحث عن أى شئ تفعله ليمر اليوم فجميع الأيام تتشابه تمامًا بنفس روتينها الممل فها هى تقضى الساعات دون هدف فلا دراسة تُلهيهَا ولا عمل تقوم به ....


مطت شفتيها بتملل وهى تلقى بتحية الصباح على والدتها المنشغله بأعمال الطهى ...

سميرة: صباح الخير يا ماما ..


ام هيام: صباح الخير يا سميرة ...


دارت سميرة بعيناها تبحث عن شئ ما ثم أردفت بتساؤل ...

سميرة: أُمال هبه راحت فين ....؟؟


ام هيام: راحت المدرسه من بدرى ....


تنهدت سميرة بتملل لتزفر ببطء وهى تقلب عيناها بسأم ...

سميرة : طيب ....!!!!


لم تكن تبحث عن أختها الصغرى إلا لقضاء بعض الوقت سوياً لا أكثر ، فما أكثر الملل حين يَنشَغِل البقية عنك ، جلست بغرفة المعيشة تقلب بين قنوات التلفاز التى أصبحت أكثر ملل ، أليس هى نفسها نفس القنوات التى كانت تتمنى مشاهدتها أثناء دراستها وتشعر بأنها حُرمت من متابعة برامجها الطريفه بسبب المذاكرة والإمتحانات ...


خرج والدها من غرفته بحركته البطيئة مشاركاً جلستها بأعين زائغه متعبة للغاية ...

سميرة : إنتَ تعبان يا بابا ...؟؟!!!!


الحاج سعيد: لأ يا بنتى الحمد لله على كل حال .. بس ناولينى الدوا بتاعى من جوه أحسن نسيته كالعادة ...


عملاً بسيطًا كان غاية لها لتقفز من جلستها مردفه بشقاوة ...

سميرة: ودة ينفع برضه يا حاااااااج ...


أسرعت نحو غرفة والدها لإحضار الدواء أولاً قبل أن تعود لغرفتها وتبدل ملابسها لتخرج باحثه عن أى فرصة عمل ربما يحالفها الحظ هذه المرة ....


=====


المعمل ...

عمله الدؤوب هو ما يميز شخصية أشرف الذى لا يتكاسل مطلقًا عن عمل وكِل إليه ، فمن يراه يظن أن هذا المعمل ملكية خاصة له ليس موظفًا به هو أيضًا ..


أخذ يطّلع على تلك الطلبات المُقدمه للمعمل للعمل مرفقة ببعض شهادات الخبرة ، كما قام بفرزها جيدًا ليتوصل لعدد من الطلبات الجيدة لكن يتبقى مقابلتهم شخصيًا للحكم على مدى قدرتهم وكفائتهم للعمل بالمعمل ....


طلب أشرف من عبير أن تدلف لمكتبه وهو مازال يقارن بين الطلبات المقدمه بتركيز شديد ...


رفع وجهه تجاهها وهو يمد يده ببعض الأوراق بجدية تامة ...

اشرف: عبير ... لو سمحتى عايزك تتصلى بالأربعة دول يعملوا مقابلة بكرة الصبح ....


كانت تنتظر توبيخه عما حدث بالصباح لتتنفس الصعداء حين طلب منها هذا الطلب فقد ظنت أن الأمر قد مر بسلام ...

عبير: حاضر يا أستاذ أشرف ... خدمة تانية ...؟!!!


بملامحه الجادة وهيئته المسببة للإرتباك حذرها أشرف بحده ...

اشرف: و إللى حصل النهاردة دة ميحصلش تانى فاهمه ...!!!


تخوفت عبير بشدة لتبرر ما حدث لـ أشرف ...

عبير : والله يا أستاذ أشرف إحنا كنا بندور بس على ورقة مهمة تايهه مننا ... و ....


قاطعها أشرف بحزم فهذا التصرف غير مسئول مطلقًا ...

اشرف: ولو ... البحث يكون بنظام وترتيب ... ومن الأساس الإهمال بالورق و رميه فى كل مكان خطأ قاتل ... مش عاوزه عندنا هنا ...


أومأت بتوتر تريد أن تنهى تلك المقابلة قابضة النفس ...

عبير : أكيد طبعًا يا أفندم ...


خرجت عبير وهى تتنفس الصعداء لعدم مجازاتها اليوم فعصبية أمير وغضب أشرف كانا لا يبشران بالخير ...


جلس أحمد مترقبًا عودتها بقلق لينهض على الفور حين دلفت للمكتب متسائلاً ...

احمد: ها .... عمل إيه ....؟؟


وضعت عبير كفها فوق صدرها وهى تتشدق بكتفيها ببعض الراحه ...

عبير: أسكت يا أحمد ... دة أنا قلبى كان حـ يوقف ...


احمد: كله من عمايلك !!!! ... يا بنتى ركزى حـ تودينا فى داهيه ... أنا مش عارف إتخرجتى من كليه العلوم إزاى ...؟؟؟!!


لم يعجبها تلك النبره التهكميه ورؤيته لها بهذا الغباء لتبرر إضطرابها المتكرر ...

عبير: أنا مش بحب الضغط ... بالراحة عليا كلكم ...


احمد : الحمد لله إنها جت على قد كدة ... أنا داخل المعمل أجيب تقرير مصنع البتروكيماويات أراجعه قبل ما ندخله للباشمهندس أمير ... وهو شكله راجع مش طايق نفسه ...


عبير: فعلا والله ....


تركها ليلج للغرفة الداخلية للمعمل أثناء متابعتها له بهيام شديد لتردف بنبرة منخفضة للغاية ..

عبير: أوووف ... هو أنا كل ما آجى أقرب منك تحصل مشكله تطلعنى غبيه قدامك ....


نظرت عبير نحو الملف الذى مازالت تمسكه بيدها لتخرج أرقام أصحاب هذه الطلبات للإتصال بهم للمقابلة حين وجدت طلب صديقتها سميرة على رأس هذه الطلبات ...


بوميض مبتهج للغاية هتفت عبير ..

عبير: إيه دة أخيرًا ... دى سميرة حـ تفرح أوى ... يا ريت بجد تتقبل فى الشغل هنا ...


كان رقم سميرة أول الأرقام التى إتصلت بها لحماسها الشديد لتزف إليها هذا الخبر السار ...


=====


سميرة ...

بعد مرورها على بعض معامل التحاليل والمكاتب لترك طلب العمل لديهم إتخذت طريق عودتها إلى المنزل مرة أخرى ....


فها هو يوم جديد بنفس الملل والإحباط ...

لكن ذلك لن يؤثر عليها بالمَرة فعليها الخروج من تلك الدائرة الممله بعمل مقلب بـ هيام عند عودتها من المدرسه لتخفف وطأة الضغوط النفسية عليهن جميعًا ....


قطع سبيل أفكارها المجنونة رنين هاتفها بجيب سترتها كالعادة لتخرجه مجيبه بإستهزاء عندما رأت رقم صديقتها عبير ....

سميرة: أفندم يا هانم ...!!!!!


عبير: مش حـ تصدقى يا فَقْريه ...


لم تكترث لكونها بالطريق وسط المارة من حولها فقد تحولت ملامحها الرقيقة بلحظة بتعبيرات وجهها الإيمائيه المستهزأه فقد قلبت شفتيها بتقوس غريب مع عقد أنفها بقوة بشكل مضحك للغاية ....

سميرة: ولما مش حـ أصدق بتكلمينى أصلا ليه ؟!!!!!! ... بتسمعينى سِموفُونيه صوتك إللى يُخرُم الوِدان دة ليه !!!!! ... هاه ...؟!!!


عبير: يا أختى إبلعى ريقك كدة وإسمعى ... بكرة عندِك مقابلة مع الأستاذ أشرف عشان الشغل ...


إتسعت عينا سميرة بفرحة و عدم تصديق لما تقوله لها عبير ...

سميرة: إحلفى ....!!!


عبير: والله يا سميرة .. أُمال يعنى حـ أكدب عليكِ ...


تبدلت نبرة صوتها لأخرى رقيقة للغاية متناسيه تمامًا الوجه الآخر التى كانت عليه منذ قليل ...

سميرة: حبيبتى يا بيرو والله ...


عبير: دلوقتى بقيت حبيبتك .. ما كنتِ داخله فيا زى القَطر من شويه ...!!!


شخصية مزدوجة تراها بكل وجه وهى تليق به بشدة ، فمنذ لحظات كانت شقيه ممازحه طريفة للغاية ، والآن هى أنثى متغنجه رقيقة للغاية أيضًا وكلاهما يليق بها ...

سميره: هو مش بيقولك حَبِيبَك يِبلع لك الزلط ...


إستجابت عبير لرقة صديقتها مجيبه بهدوئها الملازم لشخصيتها المستكينه ...

عبير: أيوة ..


لتعيد تلك الشقيه الوجه الممتعض والنبرة المتهكمه مرة أخرى مفاجئه صديقتها التى إعتادت هذا التحول المفاجئ منها ...

سميرة: أهو أنا بلعَالك الزلط من يوم ما شُفتك ...


ضحكتا بشدة فأخيرًا سيتحقق حلم سميرة بالعمل بمساعدة صديقتها عبير ...


عبير: ماشى .... متتأخريش بكرة الناس دى أهم حاجة عندها المواعيد والإنضباط ...


ومضت عيناها بإندهاش مردفه ...

سميرة: غريبة ....!! لما هُم كدة ... إنتِ إزاى شغالة معاهم !!!!! ...دة إنتِ بتنسى إسمك أصلا ..


عبير بضحك: أهو ربنا ساترها معايا لحد دلوقت ....


سميرة: متقلقيش أنا إن شاء الله مش حـ أتأخر ...


عبير: طيب سلام بقى ...


سميرة : سلام ...


أنهت عبير حديثها مع سميرة ووضعت الهاتف على المكتب كالعادة بدون إنهاء للمكالمه ....


لتستمع بعد لحظات بصوت سميرة العالِ ينادى بإسمها ، رغم أن الأصوات بالمكتب كانت تحيط بها من كل جانب إلا أن عبير إستطاعت سماع الصوت لتتلفت حولها باحثه عن مصدر صوت سميرة المنزعج لتلتقط الهاتف واضعه إياه فوق أذنيها وهى تبتسم بقوة ...


سميرة: أبوس إيدك إبقى إتعلمى تقفلى بعد ما تخلصى كلام .. تَعبتِى أمى ...


عبير: والله ما أخدت بالى ... إفتكرتك قفلتى ....


بوجه ممتعض مازح للغاية ...

سميرة: مِنك لله دايمًا مخلصه رصيدى ...


هامت عبير لوهله ثم تذكرت أنها هى من إتصلت بها لتهتف ببلاهه ...

عبير: دة أنا إللى متصله ....!!!!


لم تكترث لبلاهه صديقتها لتستكمل لومها بطريقتها التى لا يستطيع أحد الصمود أمامها ...

سميرة: وهى أول مرة .... ما إنتِ على طول كدة .... إتعلمى يا ماما ... فيه زرار كدة تتكى عليه يقفل ...


عبير بضحك : حاضر .. سلام تانى ... وحـ أقفل أهو ...


أغلقت عبير الهاتف هذه المرة لتتنفس سميرة بفرحة وسعادة وتوجهت مباشرة نحو المنزل ....


=====


المدرسه .....

رغم إنتهاء اليوم الدراسي إلا أن هيام ونورا لم تخرجا بعد من المدرسه گ البقية ، وقفت هيام تحمل عددًا من الدفاتر الخاصة بالتلاميذ بالرواق قائله ..

هيام: أنا خلاص أهو خَلصْت حـ أروح أحط الكراسات دى فى الأوضه و أجيلك ...


نورا: طيب إنجزى بقى الجرس ضرب بقاله كتير مش عارفه إنتِ بتتأخرى فى الحصه أوى كدة ليه ..؟!!!


هيام : ثوانى أهو يا نورا ... إللى يشوف كدة يقول إنتِ إللى وراكى حاجة مش أنا ...!!!


نورا: أنا ما صدقت أخدت يومين أجازة ... وعايزة أروّح بقى أستعد لبكرة ياسر جاى من السفر ...


دلفت هيام لغرفة المعلمات لتضع الدفاتر ثم خرجت مرة أخرى ومازالت نورا تتابعها بالداخل والخارج حين هتفت هيام ...

هيام: يلا .. خلاص خلصت أهو ... ماشى يا ستى حقك برضه تدلعى علينا ما إنتِ العروسة بقى ..


نورا: ما تيجى تقعدى معايا شويه فى البيت ...


هيام: لا مش حـ ينفع دة أنا حتى حـ أطلع على الدرس على طول عشان أعوضلهم الحصه إللى فاتت مش حـ أقدر حتى أروّح البيت زى كل يوم ..


أشفقت نورا على حال صديقتها التى لا ترتاح قط ، ومجبرة على إستكمال عملها مهما كانت الظروف ...

نورا: بصراحة يومك بيبقى طويل أوى ... دة أنا بروّح البيت ومش شايفه قدامى ...


هيام : الحمد لله .. يلا عشان متتأخريش ..

أنهت هيام جملتها بسخرية وتهكم من نورا فهى تحثها على الخروج فورًا من المدرسه لكنها تقبع بالبيت حتى اليوم التالى على خلافها تمامًا فمازال اليوم طويل حتى تستطيع العودة إلى المنزل وإتخاذ بعض الراحة ....


بعد إنتهاء يوم طويل وشاق وتناوب هيام على بعض الطلبه فى بيوتهم لإعطائهم هذه الدروس الخصوصية عادت نحو المنزل منهكة كالعادة ...


عادت لتجد والدها ووالدتها قد ذهبا لزيارة عمها ، و سميرة وهبه يتضاحكان بصورة هستيرية وتعلو أصوات ضحكاتهم لتملأ فراغ المنزل بأكمله لترتسم تلقائيًا إبتسامه على ثغرها فور سماعها لضحكاتهم ...


هيام: بتضحكوا على إيه صوت ضحككم وصل لآخر الشارع ...!!!!!


إنتفضت سميرة تنظر من النافذة تجول بعيناها يمينًا ويسارًا ثم عادت تتطلع بـ هيام بإستراب مازح ..

سميرة: لأ لسه موصلش لآخر الشارع .... يلا يا هبه علّى الصوت شويه خلينا نسمع عم حسن البقال فى آخر الشارع ...


ضربتها هيام بخفه على كتفها لتجلس إلى جوارها على الأريكة مستكمله ...


هيام: عُمرك ما حـ تكبرى أبدًا ...


سميرة: ومين قالك إنى عايزة أكبر ... أنا عايزة أفضل طفله كدة طول عمرى ...


هيام :سيبى الطفولة لأصحابها ... أو حتى سيبيها لـ هبه ..


نظرت هيام نحو هبه لتفزع من مظهرها فقد وجدت أسنانها يغطى بعضها شئ أسود اللون كما لو كانت مكسورة وتحيط عينها هاله زرقاء كبيرة ، إنتفضت بقلق وأعين فزعة متسائله ...


هيام: إيه إللى حصل ... مالك ...؟؟


بنبرة ضاحكه أجابتها سميرة ...

سميرة : إيه مش عجباكى القمر دى ولا إيه ...؟؟!!


هيام : خضتينى ..!!! لا حول ولا قوة إلا بالله ... مجانيين والله مجانين .. أنا قايمه أنام ...


ضحكن جميعًا وسط دعواتهم دائمًا ألا يُحرموا من هذه الفرحه والضحكه الصافيه ....

بقلم رشا روميه قوت القلوب 

=====


صباح اليوم التالى .....

المطار....

إصطف خارج صالة الوصول أهالى و أحباء هؤلاء المسافرين الذين طالت غيبتهم و أنهَك الشوق قلوب محبيهم ....


وقفت نورا مرتديه فستانها الوردى الجديد الذى إبتاعته مع هيام ...


نظرت بشوق من خلف السور الفاصل بين المنتظرين وصالة الوصول تنتظر زوجها المحب أن يطل عليها عند وصوله ....


مع خروج بعض الركاب الواصلين حديثًا من من باب الوصول تلهف والد ياسر متسائلا بشوق ...

والد ياسر: طيارة لندن وصلت لو سمحت ....؟؟!


.."أيوة وصلت الحمد لله ...."


ليزداد إنتباههم بترقب لوصول ياسر بعد غياب دام لعام كامل ، نظرت نورا بلهفه باحثه بعينيها فى الوجوه المقبله منتظره رؤيته حين سمعت هتاف من أخيه ..

عبدالله: ياسر أهو .. جاى هناك أهو ... يا يااااسر ... يااااسر ...


أَقبَل ياسر عليهم بفرحة يجر بيده حقيبة سفره الكبيرة باحثًا عن كل العيون التى يحبها ...


سَلَم بحرارة على والده وأخيه عبد الله متحمدين له على السلامة ثم والد نورا معلقًا عيناه بها فكم إشتاق إليها ... حبيبته وزوجته المستقبلية ....


دنا منها بسعادة بالغة لرؤيتها بعد إشتياقه الطويل لها ، لتتطلع به هى أيضًا بخجل ممزوجًا بالفرحة ..


دون أن ينتبه له أحد همس ياسر وهو يتلقى كفها ...

ياسر: وحشتينى ...


ردت له نورا هَمسهُ بِهمس ...

نورا: وإنت كمان وحشتنى ....

بقلم رشا روميه قوت القلوب


والد ياسر: حمد الله على السلامه يا إبنى ... يلا نروّح البيت أمك حـ تتجنن عشان تشوفك ...


ياسر: وهى كمان وحشتنى أوى ...


تحركوا جميعًا لإستقلال السيارات متجهين نحو بيت ياسر ...


شعرت نورا بأن ما يحدث معها الآن ما هو إلا حُلم جميل ، شعورها بقرب ياسر جعل إحساسها وكأنها تتحرك بدون أن تدرى لكنها سعيدة جدًا ...


لم يُبعِد ياسر عيناه عن محبوبته التى إشتاق اليها طوال الطريق حتى وصلوا جميعًا إلى بيت ياسر ....


دَعى والد ياسر والد نورا ليستضيفه قليلاً ...

والد ياسر: إتفضل يا حاج ... إتفضلى يا نورا ...


والد نورا: لأ خليكم بقى على راحتكم وإن شاء الله نستناكم على العشا كلكم بالليل ...


والد ياسر: ودة يصَح برضه ... تبقى قدام البيت ومتطلعش ...


والد نورا: معلش ... أدينا إطمنا على ياسر ومنتظرينكم على العشا إن شاء الله ....


لم يجد والد ياسر بُد من قُبول الدعوة ليصافحه مودعًا ، بينما وجدها ياسر فرصة جيدة ليتحدث مع نورا التى لم يتمكن من التحدث معها لمحاوطة الجميع لهم منذ وصوله ....

ياسر: إيه الحلاوة دى ...


نورا: عَجَبك الفستان ....!!


ياسر: الفستان وصاحبة الفستان ...


نورا: متتأخرش بالليل دة أنا إللى طابخه بإيدى ....


ياسر: يا دين النبى ... طيارة .. مش حـ أتأخر ...


إبتسمت نورا ضاحكة حين قطع حديثهما الجانبى صوت والدها طالبا منها الإنصراف ....


والد نورا: يلا بينا إحنا يا نورا ...؟!!!!


نورا: ماشى يا بابا ....


====

شقه والد ياسر ....

إستقبلته أمه بإشتياق ولهفه ودموع ليلتفوا جميعًا سعداء بلم شملهم فـ سفر ياسر أثر بهم بشكل كبير فهو إبنهم البِكر ولم يعتادوا على فُرقَتَهم تلك ...


ام ياسر: مش كفاية بقى سفر وتقعد فى مصر بقى ...؟!!


ياسر: هو أنا لسه خلصت دراستى يا ماما ...


ام ياسر: ما إنتَ بتوحشني أوى ...


ياسر: والله وإنتوا أكتر بس حـ نعمل إيه .. البعثة دى فرصة مكنش ينفع أسيبها تروح منى أبدًا ...


ام ياسر: خلاص يبقى تخلص دراستك دى وتيجى على طول ...


ياسر: حاضر يا ماما ... أُمال فين على أخويا ...؟؟؟!


سؤال بديهى سأله ياسر ومازالت الإبتسامه السعيدة تشق وجهه لكن لعثمه والدته قبل إجابتها أقلقته قليلاً حين أجابته ...

ام ياسر: اااااا .... على .... ااااا ... راح يجيب خالتك واضحه وبنتها من المحطه .. جايين يقعدوا معانا اليومين دول ويحضروا الفرح ...

بقلم رشا روميه قوت القلوب


تلاشت ضحكته وتجَهمت ملامحه بقوة رغم إجابته بدبلوماسيه ...

ياسر : أه ... وماله .. ينوروا ... طب أروح أنا أرتاح بقى لأنى منمتش من إمبارح وإعملى حسابك يا ماما أهل نورا عازمينا كلنا على العشا ...


ام ياسر: على طول كدة ... طب وخالتك حـ نسيبها لوحدها كدة هى وبنتها ...؟؟


والد ياسر: ما ييجوا معانا يا ستى حـ تعمليها مشكله ليه .. الناس مرحبين وكتر خيرهم يعنى ...


قالها والده يخفف من وطأة الأمر على ياسر رغم عدم إقتناعه بما يقول ...


ام ياسر: إنتَ من دلوقتى حـ تبقى فى صَفهُم .... ماشى ...


حرك ياسر رأسه بضيق فقد تناسى أن والدته لم تكن من محبذين هذه الزيجة إطلاقًا بسبب خالته هذه و إبنتها ....


لم يمر على عودة ولده إلا ساعات قليله وها هى أول المضايقات ، ليميل والد ياسر على أذن زوجته يهمس بضيق حتى لا يسمعه ولده ..

والد ياسر: جرى إيه !!!! .. مش خِلصنا ولا ناويه تعكننى عليه فى فرحه كمان ؟!!!!!! ... وإيه إللى جايب أختك واضحه دلوقتى مش كانت حـ تبوظ له خطوبته عزمتيها ليه فى الفرح ...؟!!!!!


ام ياسر: يعنى إنتَ عايز أختى متحضرش فرح إبنى ؟!!!!!!!! ... إللى فات مات خلاص ... وهى مش حـ تتدخل تانى وكل شئ نصيب ... هى وعدتنى بكدة ... دة غير إن حسناء مِتقدم لها عريس مُحترم .. يعنى كل حاجة خلصت خلاص ...


وقف والد ياسر بضيق قائلاً بتوجس قبل إنصرافه ..


والد ياسر: ربنا يستر ...


#الفصل_الخامس

#لحظات_منسيه #قوت_القلوب #rasha_romia 

الفصل الخامس

•• غيره قاتله ...••


آمال جديدة تُرسم من الخيال لتُحَلق الأفكار بآفاق السماء تبنى قصورًا من الوهم فقد أوشكت الأمانى على التحقق ...


قُبيل الفجر بقليل إستيقظت سميرة تتجهز برسميه لحضور مقابلة العمل اليوم ، فقد كان حماسها مفرطًا حتى أن النوم جافاها طوال الليل تتخيل نفسها قد حصلت على تلك الوظيفة لتبنى بأوهامها أحلام وأحلام ....


بعد خروج هيام بقليل غادرت سميرة أيضًا متجهة نحو المعمل المنشود ، تحَلّت بالجدية فى توتر و إستعانت بالله فتلك المقابلة الهامه سوف تفرق الكثير بحياتها ...

بقلم رشا روميه قوت القلوب 

بخلاف شخصيتها الهزلية هى فتاة متفوقة دؤوبة تعشق العلوم والكيمياء تخصصها فهى متميزة حقًا بهذا المجال ...


وصلت للبنايه التى يتواجد بها المعمل وهى تفرك بيديها من شدة توترها لتسحب نفسًا عميقًا قبل أن تصعد نحو المعمل لمقابلة الأستاذ أشرف ....


=====


المعمل ...

جلست عبير خلف أحد المكاتب تنظم بعض التقارير قبل عرضها على المهندس أمير فهو منذ حضوره بالأمس لم يترك أى فرصة صغيرة أو خطأ بسيط إلا وكان التوبيخ محالفًا لها ....


فقد ضاق خُلقه كثيرًا بعد عودته من هذه الإجازة الطويلة ليصبح شخص مغاير تمامًا عصبى لدرجة كبيرة ....


لم تكن سميرة هى الوحيدة التى تَجَهزت بدقة لتلك المقابلة بل هناك أيضًا هؤلاء الشباب الثلاث يجلسون بإنتظار مقابلتهم مع أشرف ...


قبل أن تدلف سميرة إلى الداخل جالت بعيناها الواسعتان بداخل المكتب تستكشف الأمر أولا ، ليسرى بداخلها الشعور بالسكينه فور أن وقعت عيناها على عبير تجلس خلف مكتب خشبى عريض مبعثرة فوقه أوراق عِدة بعشوائية لترتسم بسمه تهكميه على ثغر سميرة فـ عبير لن تتغير أبدًا فوضوية لأقصى حد ...


دنت سميرة من عبير قائله ... 

سميرة: عبير ... أنا جيت أهو ...


إتسعت بسمة عبير وهى تشير إليها بالتقدم ...

عبير : تعالِ تعالِ .... لسه مبدأش متقلقيش ....


جلست سميرة فوق المقعد المقابل لمكتب عبير تنتظر دورها بتوتر تخفيه خلف مزاحها المتواصل ...


بدأ أشرف مقابلته للأشخاص المتقدمين لشَغل تلك الوظيفة بمعملهم واحدًا يلى الآخر كانت آخرهم سميرة فهى آخر الحضور ..

بقلم رشا روميه قوت القلوب 

تقدمت سميرة نحو باب المعمل الكبير لتنبهر بترتيب ووضع الأجهزة والمعدات وأدوات المختبر المحيطة بها ، كم تعشق هذه الأجواء كثيرًا ....


وَجَدت أشرف يجلس خلف مكتب كبير بآخر المعمل يتطلع إلى ورقة يحملها بيده بتمعن قبل أن يرفع بصره نحوها بنظرة ثاقبة يحدد تقييمه لها قبل بدأ مقابلته معها ....


ترك الورقه فوق سطح المكتب وهو يتسائل للتأكد ...

اشرف: الأستاذة سميرة ...؟؟!


سميرة: أيوة يا فندم ...


أشار لها أشرف تجاه المقعد الجلدى الأسود أمامه ...

اشرف: إتفضلي أقعدى ....


إتخذت جلستها بثقة رغم توترها من تلك المقابلة إلا أنها كانت ثابتة لبِقه وجادة بصورة غير معتادة ، بدأ فى سؤالها ببعض الأسئلة الغير مباشرة عن طبيعة العمل المعملى لتجيبه بإحترافية بالغة بعد زوال رهبتها من هذه المقابلة ....


إستطاعت سميرة نيل إعجاب وإنبهار أشرف من معلوماتها وقدراتها رغم حَداثة تخرجها ، ليبتسم لها أشرف في رسمية بنهاية المقابلة قائلا ...

أشرف : بصراحه مع إنى مش متعود على كدة بس واضح من طريقتك ومعلوماتك إنِك متمكنة من المعرفة بأساسيات الشغل هنا ودة نادرًا ما بقوله لحد ... لكن مع إنك متخرجه السنة إللي فاتت إلا أن كَم معلوماتِك مُبهر جدًا ....


إشرأبت بعنقها بفخر من مديح أشرف لقدراتها وذكائها لتُعقب بإستفسار ...

سميرة : يعنى حضرتك كدة .. أنا قبلت فى الشغل ولا إيه ..؟!!!


أومأ لها أشرف بالإيجاب قائلا ...

اشرف: بإذن الله .... بكرة إن شاء الله تجيبى باقى أوراقك وتيجى تمضى العقد ...


لولا رزانتها التى حاولت التحلى بها لقفزت فرحًا بهذا الخبر السعيد لكنها إكتفت بإبتسامه متسعة ...

سميرة: متشكرة جداااا ....


اشرف: أحب أوضح لك إن أهم حاجه عندنا هنا هى الدقه و الإنضباط تمام ...


سميرة : متقلقش أبدًا من الموضوع دة حضرتك ...


اشرف: كويس أوى ... تقدرى تتفضلى ..


إشراقه وجهها السعيد إستطاعت عبير فهمه على الفور لتتقدم نحوها ببسمة بلهاء على محياها البسيط ...

عبير: لأ .... متقوليش .... قَبلتى ....؟!!!


سميره بفرحه: اااه ...


إحتضنتها عبير بسعادة تُبارك لها حُصولها على عملها معهم بالمعمل ...

سميرة:حـ آجى بكرة أمضى العقد وأستلم الشغل ... أنا مش مصدقه نفسى ...


عبير: مبروك يا سميرة ... وأخيرًا حـ نبقى كل يوم مع بعض زى زمان ...


وضعت سميرة هاتفها بجيب الجاكيت خاصتها قائله ...

سميرة: أنا حـ أمشى بقى دلوقتِ وأشوفك بكرة ... سلام ...


عبير: ماشى حبيبتى ....


لم تدرك سميرة كيف وصلت المنزل بهذه السرعة ، فكان كل ما يشغل فكرها هو فرحتِها بقبولها فى العمل أخيرًا .....


هللت سميرة بفرحة ونشوة حينما رأت أبويها وأختها هبه يجلسون بغرفة المعيشة ...

سميرة: باركووولى يا بشر ... أخيرًا حـ أشتغل ..

رشا روميه قوت القلوب 

أشرق وجه والدتها بقوة ...

ام هيام: بجد ...!! يا فرحتى بيكم والله ...


الحاج سعيد: ربنا يباركلى فيكم يا أولادى ....


بزهو مما حققته جلست سميرة تستكمل حديثها فسعادتها لا تكمن بإيجاد عمل فقط بل هى ستسمح لأختها هيام أن تخفف عن نفسها هذا الحمل الثقيل الذى تحمله بمفردها ...

سميرة: خلاص بقى ونخف الحمل على هيام شويه يمكن تاخد نفسها شويه ...


ام هيام: يا حبايبى ... ربنا ما يحرمنا منكم ولا يحرمكم من بعض ...


إنتهت فترة النشوة ليتجلى قناع الشقاوة بوجه سميرة لتردف بمزاح وهى تهز رأسها بقوة ....

سميرة: بلاش مأساويات بقى يا حجوج ... مش حـ أقدر أستنى ... لازم أكلم هيام فى التليفون أقولها ....


على الفور دقت برقم أختها تزف إليها هذا الخبر الميمون الذى سعدت به هيام كثيرًا ، لكنها رغم ذلك لن تقلل مما تفعله لأسرتها فتلك مسؤولياتها ولن تتراخى عنها ، بل بالعكس فهى تود أن تبدأ سميرة حياتها وتدخر راتبها لنفسها فهى تحتاجه أيضًا ، وهذا لن يفرق معها بشئ فقد إعتادت حياتها وعملها ومساعدة والديها من سنوات طويلة ...


====


فى المساء ....

قامت نورا ووالدتها بتجهيز العديد من الأصناف الشهيه لوجبة العَشاء التى تمت دعوة أسرة ياسر لتناولها هذا المساء .....


أبدلت ملابسها وتأنقت لمجيئهم حين دق جرس الباب معلنًا قدومهم جميعًا ليهرع والدها بإستقبال صِهره وأسرته ....


بحفاوة أيضًا قابلهم أمجد يرحب بقدومهم لتعلو ملامح الجميع بعض التجهم عند رؤيتهم لـ واضحه خالة ياسر الكبرى وإبنتها حسناء بصحبتهم ...


ورغم ما يدركونه عنهما إلا أنهم حاولوا بالتحلى بإبتسامه لإستقبالهم فهم ضيوفهم بالنهاية ...


لكن التجهم بوجه نورا لم يتبدل بسهولة ، فهى رغم بساطتها ووجهها البشوش إلا أن ما تشعر به يظهر جليًا على ملامحها دون تزييف أو إدعاء لغير ذلك ...

بقلم رشا روميه قوت القلوب 

نظرت نحو ياسر بنظرة متسائله دون النطق بها لرؤية واضحه وحسناء هنا ، خاصه تلك الفتاه التى إعتبرت دومًا ياسر ملكية خاصة لها وأنها الأحق منها به ، لتتذكر إفتعالها العديد من المشكلات قبل عقد قرآنهما حتى كادت أن تفرقهما عن بعضهما البعض وإفشال تلك الزيجه ....


أومأ لها ياسر بخفة حتى تتغاضى عن وجودهم ولا تهتم له لتغمض عيناها لوهله منصاعه لمطلبه فهذا ليس وقت ملائم لأى مشكلة ...


تقدم الجميع نحو غرفة الإستقبال خاصتهم ومعهم واضحه ، تلك السيدة الريفيه السمراء التى تلتف بملابسها السوداء ووشاحها الأسود الثقيل لتضفى به هاله من الغموض والحِدة بعيناها السوداوتين ، فهى أكبر إخوانها جميعًا ، ورغم أن والدة ياسر ليست أختها الشقيقه بل هى أختها الصغرى من والدها إلا أنها مازالت تودها بشكل دائم وتقوم بزيارتها كثيرًا رغم بُعد المسافة بينهما ، فبعد زواجها من والد ياسر إستقر بهم الحال بالقاهرة لتبتعد عن أجواء الريف وتصبح أكثر مدنيه وتحضرًا عنها ...


نظرت واضحه لإبنتها الصغرى حسناء التى تشبهها بملامحها بشكل كبير لكنها أكثر نحافه ذات أنف مدبب وأعين واسعه لتجلس إلى جوارها بصمت كما طلبت منها ...


أثناء إنتظار تجهيز وجبة العَشاء لم تتكلم واضحه و إبنتها كثيرًا مما طمئن نورا أنه ربما قد تغيرتا مع مرور الأيام خاصة عند ذِكر والدة ياسر أن حسناء على وشك خُطبتها فى الأيام القليلة القادمة ...


إلتفوا جميعًا حول المائدة الكبيرة التى أُعدت خصيصًا لإستقبالهم والإحتفال بعودة ياسر ...

ياسر: تسلم إيدك يا نورا إنتى وطنط .. الأكل تحفه ..


ام نورا: بألف هنا ... بس دة إنت ما أكلتش حاجة !!! ... مينفعش كدة ... السفر حـ يتعبك بقِلة أكلك دى ...


ياسر: قِلة أكل ...؟؟ يا خبر ده أنا مسحت إللى قدامى كله ...


ام نورا: بالهنا والشفا حبيبى ...


تدخلت أم ياسر بمجاملتهم اللطيفة ...

ام ياسر: ما هو البركة فى نورا بقى تِفتَح نِفسُه ...


أجابت نورا بتأكيد فكرة رفضها للسفر ...

نورا: والله يا طنط حـ أعمل إللى أقدر عليه هنا .. بس هناك بقى ...!!!


رفعت كتفيها بمعنى لا أدرى لتكون تلك إشارة لوالدة ياسر لقول ما تخبئه فى جُعبتها ...

ام ياسر: ليه بقى هو إنتى لسه مش عايزة تسافرى معاه !!!!!! .. أمال حـ نجوزه ليه ؟!!!!! .. عشان يرجع يقعد لوحدة ...!!


لم يكن ياسر يود مناقشة ذلك الآن وأمام الجميع بهذه الصورة ليلوم والدته على تسرعها ...

ياسر : مش وقته الكلام ده يا ماما .. إحنا لسه متكلمناش ...


صمتت والدة ياسر بضيق فى حين لاحت إبتسامه خبيثة على وجه حسناء فور إحساسها بأن هناك خِلاف بدأ يدب بينهم دون أدنى تَدخُل منها ...


نورا: أنا مش حـ أقدر أسافر وأبعد عن بابا وماما وهيام ....

رشا روميه قوت القلوب 

رغم عدم إقتناعه برفضها للسفر إلا أن ذِكر صديقتها سببًا لبقائها أطلق ضحكة تلقائيه عالية ...

ياسر : طب بابا وماما وفهمناها ... إيه حكاية هيام دى بقى ؟!!!! ... دة أنا نِفسِى أشوفها بجد ...


نورا بسذاجة: لو شفتها حـ تحبها جدًا ... دى فظيعة ...


لم تخلو مكالمه أو لقاء بينهم لم تتحدث به عن هيام لتثير فضوله لمقابلتها حقًا ...

ياسر: ما هو طالما إنتِ بتحبيها كدة يبقى لازم أحبها ... معقول تبقى صاحبتك دة كُله ومشفتهاش ولا مرة ...؟!!


دبت براثن الغِيره بقلب أمجد الذى إتسعت عيناه بحده يرمق ياسر بنظرات قوية غاضبة ...

امجد : وإنت عايز تشوف هيام ليه ؟!!!!!!!!! ... مالك ومالها ..؟؟!


لم يفهم ياسر سبب تَغَيُر ملامح أمجد لهذه الحده المفاجئة محاولا توضيح مقصده فربما قد فُهمت كلماته بصورة خاطئة وأنه يقلل من شأن نورا أو يهتم لـ هيام وهذا غير صحيح بالمرة ...

ياسر: عادى يعنى ... دة من كُتر كلام نورا عنها ... تقريبًا بنقضى الكلام كله عن هيام .. مفيش سبب تانى يعنى ....


نورا ضاحكه: يا سلام ... وهو إنت بتسكت ما كل مكالمتك بتبقى عن كرم ... كرم ... كرم ... كرم ...


تعالت ضحكات الجميع على طفولتهما ومشاداتهم الطريفه ، ما عدا أمجد الذى شعر بغِيره عظيمة بقلبه المشتعل لمجرد حديث غيره عن هيام ، لينهض مستأذنًا تاركًا إياهم ليتجه نحو غرفته فى ضيق ، بينما إستكمل ياسر ....

ياسر : فَكرتِينى ... لما أقُوم أتصل بيه ....


نورا : شفتوا ....


بعد تناول العشاء وحان وقت المغادرة بقى ياسر لبعض الوقت مع نورا فهو لم يستطع التحدث معها إطلاقًا إلا وسط العائلتين فى تطفل الجميع على حديثهم ....

ياسر: إحكى لى بقى عن كل حاجة إلا هيام ....


نورا: وإنت كمان قولى بقى كل التفاصيل من غير كرم ..


إنها فرصته ليحاول إقناعها بالسفر معه ليستطرد حديثه الحانى بجديه ...

ياسر: نورا حبيبتى ... عايزك تفكرى تانى فى إنك تسافرى معايا بجد محتاجلك جنبى ...


نورا: مش حابه أروح بلد غريبة كمان مش بفهم بيقولوا إيه ..!!!!


ياسر : هو إنتى حـ تبقى لوحدك ما أنا معاكى أهو ...


نورا: مش عارفه يا ياسر .. ما تخليني هنا ... حتى عشان ترجع على طول ... لكن لو أنا سافرت معاك حـ تستقر هناك ... أنا عارفه ..


زم ياسر شفتيه بضيق ..

ياسر: يعنى مفيش فايدة ...


نورا: متضغطش عليا ...


ياسر: فكرى طيب فى الموضوع دة ...


نورا : حاضر ....


=====


اليوم التالى ...


لندن ..

جلس كرم وحيدًا بعد سفر صديقه ياسر فهذا العام كان ملئ بالأحداث التى كانت جميعها مع ياسر فبالفعل الأجواء بدونه ممله للغاية ..

أخذ يتجول بشوارع لندن العريقة 

فكم يفتَقد ياسر ومرحه وقلة ذوقه أحيانًا ....


كرم: الله يسامحك يا أمى ... لولا عمايلك فيا و إهمالك ليا مش كان ليا دلوقتى عيله وونس بدل قاعدتى وحيد كدة ... بس أنانيتك بعدتك عنى من سنين طويلة لدرجة إنى بدأت أنساكى أصلا ... ويا ريتنى عارف قرايبى فى مصر كنت رحت وزرتهم بس للأسف معرفش منهم حد خالص ....


====


هيام ..

مر اليومان ثقال على هيام فقد إعتادت على وجود نورا بعفويتها معها فصداقتهما تمرر الصعاب وقسوة الأيام عليها ...


غيابها ترك آثاره بالفعل لكنها تتمنى لها السعادة مع خطيبها و تُقدِّر إنشغالها بترتيب زفافهما ...


===


سميرة....

إرتدت ملابسها بحماس طفلة ذاهبه لمدرستها بأول يوم دراسي ، فاليوم ستبدأ عملها بالمعمل ....


المعمل ...

وصل أمير مبكرًا قبل جميع العاملين فى المكتب ليدلف على الفور نحو غرفة مكتبه واضعًا حقيبته الجلدية السوداء فوق المكتب ، خلع سترته برفق واضعًا إياها فوق عَلاقة خشبية طويلة بجوار زاوية الحائط ....


أخرج أوراقه برفق ليبدأ بمراجعتها بدقة وأعاد تحديث بعض البيانات ليعيد هذه التجربة من جديد فهو على وشك الإنتهاء من مشروعه الذى إستغرق منه ثلاث سنوات من البحث ....


لم يتبقى غير القليل وإعادة التجربة مرة أخرى للتأكد من النواتج ليبدأ تدوين عناصر بحثه قبل عرضها على اللجنة المختصة لأخذ براءه إختراع هذه المادة ....


وصلت عبير إلى المكتب لتجد الباب مفتوحًا على غير المعتاد فهى أول من يحضر بالصباح ، بلعت ريقها بتوتر مردفه ...

عبير: باين باشمهندس أمير وصل زى كل يوم بدرى ...!!

رشا روميه قوت القلوب 

جلست خلف مكتبها مخرجه هاتفها من حقيبتها لتضعه إلى جوارها فوق المكتب حين حضر الأستاذ أشرف يليه أحمد على الفور ....


اشرف: الباشمهندس أمير وصل ...؟؟


عبير: أيوة يا أستاذ أشرف ...


أشرف: طيب تمام ... أول ما توصل الموظفة الجديدة خليها تعدى عليا فى المعمل عشان تمضى العقد ...


عبير: حاضر يا أستاذ أشرف ....


تركهم أشرف متوجهًا إلى مكتب أمير للإطمئنان عليه أولاً ...


بينما نظر أحمد نحو عبير وهو يشير بعيناه نحو أشرف الذى تركهم منذ قليل متسائلا ...

احمد: إيه دة هو فيه مطحونة جديدة حـ تشتغل معانا فى المعمل ....؟؟


عبير: أيوة ... جت عملت مقابلة إمبارح وإنت غايب ... والنهاردة أول يوم ليها و حـ تمضى العقد ....


احمد: ربنا يكون فى عونها ..


أنهى جملته ضاحكًا بسخرية على وضع هذه الموظفة الجديدة فى ظل توتر أمير وأشرف بالأيام الأخيرة ....


=====


بمكتب أمير ....

طرق أشرف الباب قبل أن يطُل برأسه يناظر صديقه المنغمس بالعمل ومراجعه ملفاته ...

اشرف: صباح الخير يا أمير ...


امير: أهلا يا أشرف ... إنتَ جيت إمتى ...؟؟


اشرف: لسه جاى حالا ... إيه إللى إنت عامله فى نفسك دة ؟!!!! .. أنا قُلت تنزل الشغل مش تدفن نفسك فيه ...


امير: أنا دلوقتي معنديش أهم منه ... خصوصًا إنى خلاص قربت أوى أخلص المشروع إللى بفكر فيه بقالى تلات سنين ...


اشرف بإعجاب: بتهزر ....!!


امير: أبدًا ... خلاص أهو ... باقى لى شويه وأعمل آخر تجربة يمكن تظبط معايا المرة دى ...


بالفعل هو مهندس مجتهد أثار إعجاب أشرف للغاية بمثابرته وذكائه ....

اشرف: بتعجبنى دماغك ... أنا شُفت مهندسين كيمياء كتير ... بس مش بتفكيرك وحماسك دة ...


امير: شكرًا على الكلمتين الحلوين دول على الصبح .... أُقعد طيب نشرب القهوة مع بعض ....


جلس أشرف مع أمير يتجاذبوا أطراف الحديث بينما طلب أمير من الساعى فنجانين من القهوة ...


#الفصل_السادس #rasha_romia #قوت_القلوب #لحظات_منسي


الفصل السادس

•• تحطم الحلم ....••


أحلام تشابكت وتضافرت بقوة لترسم عالم وردي خيالي لا تشوبه شائبة ، فكل شيء يسير أفضل مما نتمنى وستصبح الحياة يسيره للغاية بعد اليوم ...


تلك هى الأحلام التى صاغتها سميرة بمخيلاتها منذ الأمس ، بل وصلت أحلامها لما بعد ذلك فقد إستقرت معيشتهم ويُسّر الأمر لأختيها بزواجهن وإدخارها للمال أيضًا ، وكل ذلك فقط بمحض خيال تحلُم به لمجرد حصولها على فرصة العمل بالمعمل ...


بحديث فضولى بدأ أحمد سؤاله لـ عبير عن تلك الموظفة الجديدة التى ستشاركهم منذ اليوم لتجدُها عبير فرصة جيدة لبدأ حديث مع أحمد ربما يغير نظرته نحوها وتجذبه بأى صورة ...

بقلم رشا روميه قوت القلوب 

أخبرته أنها زميلة دراستها وصديقتها منذ سنوات طويلة ، كان أحمد مستمعًا جيدًا لحديثهم فحوارهم هذا من القلائل الذى لا يراها به غبية أو ذات ذكاء محدود ، لتشعر عبير بالسعادة فربما يشعر يومًا بما تخبئه بقلبها تجاهه ....


مرت عدة دقائق وسط حديثهم الشيق حين أقبلت سميرة تنظر نحو عبير التى ما أن رأتها وإنتفضت ترحبت بها ....

عبير: جبنا فى سيرة القط !!!! .... أهى يا سيدى الموظفة الجديدة معانا فى المعمل ....


إلتفت إليها أحمد مبتسمًا وما أن رأى سميرة لفتت إنتباهه بشدة فقد أحس بأنها مختلفة عن فتيات كثير يعرفهن وخاصة عبير ....


بإسلوبها الجرئ إمتعضت وجهها دون إكتراث لهذا الغريب بينهم مردفه ...

سميرة: خير على الصبح جايبه فى سيرتى ليه ...؟؟!!


إقتحم أحمد الحديث بينهم قائلا بذات الإبتسامه ...

احمد : بالخير والله يا آنسه ...


بحماس شديد نهضت عبير لتعرفهما على بعضهما البعض ...

عبير : أعرفِك يا ستى ... دة الأستاذ أحمد حلمى مسؤول التقارير هنا فى المكتب ....


لم تستطيع سميرة أن تتمالك ضحكتها فهو يحمل إسم هذا الممثل الشهير ذائع الصيت لتعلو ضحكتها الساحرة المميزة للغاية والتى إنفرجت بها شفتيها عن أسنانها البيضاء لتكسبها جاذبية لا تليق إلا بها فقط ...


ورغم ضحكاتها على إسمه إلا أنه كان سعيد بتلك الساخرة منه ، لتكسب ضحكاتها بنفسه نشوة من نوع خاص ، ليتودد لها بطرافه فقد سَحِرته وجذبت إنتباهه من أول وهله ....

احمد: من غير ضحك عارف حـ تقولى إيه ...!!!! .... أنا إتهريت بسبب موضوع الإسم دة ...


لم يكن إسمه فقط هو سبب ضحكاتها ، بل سخريتها من نفسها أيضًا ، لتكمل بسخرية ضاحكة ...

سميرة : أحمد حلمى ... لا لا لا ... عادى ولا يهمك .... أحب أعرفك بنفسى .. سميرة سعيد ...


إنفجرت ضحكة مقهقه من أحمد لهذه المفارقة الرائعه فليس وحده من يحمل إسمًا يستطيع التنمر عليه ... 

احمد: والله صعبتى عليا ... دة طلع الحال من بعضه ....

بقلم رشا روميه قوت القلوب

صدح صوت ضحكاتهم لهذا التعارف الفريد من نوعه بأول يوم عمل لكن ضحكاتهم تلاشت فور سماعهم صوت أمير الغاضب الذى فاجئهم  ، فصوت ضحكاتهم الصاخبة التى إستطاع أمير سماعها من غرفة مكتبه جعلته ينتفض بغضب خارجًا من قوقعته لعدم تحمل تلك الرعونه وقلة الحياء فهذا المكتب له سمعته وجديته التى ينبغى على الجميع توقيرها وإحترامها ... 


ما زاد من إنفعاله وإشتعال غضبه هو رؤيته إلتفاف موظفيه حول فتاة ما كانت هى سبب كل هذه الضجه و الضحكات المفاجئة ، فتاة متلونة أخرى تسعد بجذب الجميع وإلتفافهم حولها ، لم يشعر بنفسه إلا وقد تعالي صوته الغاضب صارخًا بهم ...

امير: إيه التهريج إللى بيحصل هنا دة .. ؟؟؟!!!!


إبتلعت عبير ريقها بصعوبة و تمنى أحمد لو أن الأرض تنشق وتبلعه بتلك اللحظة فهو يدرك توابع ما سيحدث الآن ....


تلعثمت عبير بحروف كلماتها التى خرجت من شفاهها بصعوبة بالغة ...

عبير: ااا ... أصل ... آسفين والله ....


إنتفضت سميرة من صوت أمير الغاضب الذى كاد يوقع قلبها من الفزع فقد تفاجئت بهذا الغضب والصراخ خاصة عندما تحولت عيناه الغاضبتان نحوها يوجه حديثه الهادر نحوها ....


امير: إنتى مين .... ؟؟!!! وبتعملى إيه هنا ....؟؟


سميرة بإرتباك : اا .... انااا ...


امير بحدة : إنتى إيه ...إنطقى !!


زاغت عيناها بتوتر خاصة وهى لا تدرك من هو هذا الشخص الذى يخشاه الجميع ...

سميرة: أنا الموظفة الجديدة حضرتك ....


تطلع بها أمير بإندهاش ثم أدار بصره نحو أشرف بغضب ودون فهم ماذا تقصد بحديثها هذا ...

امير: بتقول إيه دى ...؟!!! موظفة إيه ....؟!!!


اشرف موضحا : النهاردة أول يوم ليها هنا ...


إتسعت عينا أمير بصدمة لتوظيف فتاة مثل هذه هنا بالمعمل وهو بالكاد يتحمل عبير كونها أنثى ، فتاة أخرى تقتحم حياته وعمله ، فتاة گ هؤلاء اللاتى يقلبن الموازين ويفسدون الحياة بوجودهم بها ...


تهدج صدره بإنفعال وهو يُعقب بحدة وقسوة بالغة على كلمة أول يوم لها بالعمل قائلا ...

امير: وآخر يوم !! ... الأشكال دى ملهاش شغل عندى ... يلا إتفضلى مع السلامه ....


كان وقع الكلمات على مسامع سميرة أقوى بكثير من مجرد حروف وكلمات عابرة فقد شعرت بضياع كل آمالها وأحلامها التى ترسمها منذ الأمس ...


ضاعت فرحتها بالعمل الذى بالكاد تحصلت عليه ، تملكها حزن قوى لم تشعر بمثله من قبل فهى بالفعل تحتاج لهذا العمل وقد وجدت هذه الفرصة بصعوبة بالغة ...


كيف ستجد فرصة مثلها ؟ كيف ستخبر هيام ؟ كيف ستخبر والديها الذين تعلقوا أخيرًا بأمل جديد ؟!!!!!!!


يجب أن تحارب من أجل هذه الفرصة ، لكن قبل تفوهها بكلمة واحدة إختفى أمير فجأة من أمامها مثلما ظهر فجأة عائدًا بإنفعال نحو مكتبه صافقًا الباب من خلفه بقوة ...


لم تجد سميرة أمامها إلا الأستاذ أشرف الذى وقف يشاهد ما حدث بضيق ....


فعلى الرغم من خطئهم إلا أن رد فعل أمير كان غير ملائم بالمرة وفيه من المبالغة الكثير بما لا يتناسب مع ما حدث ...


سميرة: أنا أسفه فعلا يا أستاذ أشرف ... بس أنا حقيقى محتاجه الوظيفة هنا ... أنا عارفه إنى لسه حتى ممضتش العقد ... لكن ...!!!!


قاطعها أشرف بتجهم ..

اشرف: أقعدى هنا ... أنا راجع لك تانى ....


لم يشأ أشرف أن يقبل إعتذارها أو لا إلا بعد الرجوع لـ أمير أولا ليدلف نحو مكتبه بينما جلست سميرة بتحسر فهى وضعت بين أمرين إما أن تنتظر وسط كَسرةِ نفسها وطردها فى أول يوم لها وهى غير معتادة على هذا الشعور ...


وإما أن ترحل مُلملمة البقيه الباقية من كرامتها بدلا من الإستجداء للبقاء ...


لكن ظروفها تُحتم عليها الإنتظار حتى لو كَرِهت ذلك ....


====


مكتب أمير ...

أخذ أمير يتحرك بعشوائية منفسًا عن غضبه حين دلف أشرف لاحقًا به ينهره بضيق ، وهذا طبع أشرف لا يُجمّل الأمور بل واضح تمامًا بردود أفعاله كمرآه حقيقية لصديقه الوحيد ...

أشرف:جرى إيه يا أمير ؟!!!! ... إللى حصل ميستاهلش كل دة ..!!!!


توقف أمير عن حركته وهو يوسع من كفيه بإنفعال مشيرًا تجاه باب المكتب يقصد به من بخارجه ليردف بأنفاس عاليه ...

امير: ميستاهلش ...!!! ... إنت مش شايف لمَّاهم حواليها إزاى وقاعدة تضحك وتتمرقع فى وسطهم !!!!!! ... دى أشكال تشتغل هنا ؟؟!!!!!! .. وبعدين قولى ... إشتغلت إمتى دى ...؟؟


أجابه أشرف بتحكم وببعض من الهدوء حتى يجبر أمير على الهدوء والتروى ....

اشرف: أنا إخترت أكفأ  واحدة إتقدمت ومضيت معاها العقد ...


امير بإستهزاء : ليه يعنى مفيش ولا راجل كويس ؟؟!!! ... ودى بقى هى إللى كويسه ...؟؟!!


اشرف: أيوة ... ولا أنت شاكِك فى إختيارى ..؟!!

بقلم رشا روميه قوت القلوب

إستطاع أشرف بحنكتة الوصول لمبتغاه لتزيغ عينا أمير بإرتباك فهو لا يقصد ذلك مطلقًا لتبدأ نبرته المنفعله بالإنخفاض ...

امير : لأ .... طبعًا واثق فيك وفى إختيارك .. بس ليه بنت ...؟؟؟!؟


اشرف: قول كدة بقى ... المشكله إنها واحدة ... مش واحد ...


بملامح منقبضه وتأثر بالغ أجابه أمير ...

امير: إنت عارف إن مبيجيش من وراهم خير أبدًا ...


اشرف: مش كل الناس زى بعضها وبعدين هى جايه للشغل وبس ... ووجودها أساسه كفاءتها ...


إبتلع أمير ريقه بإضطراب وهو يتذكر هيئة سميرة وملامحها الناعمة وشعرها الأسود الذى أخذ يتطاير مع ضحكاتها وحركة رأسها الملفتة ليردف بإضطراب ...

امير: أيوة بس أديك شايف عامله إزاى ..!!! واحدة زى دى تعتبر برضه ....ااا ... صغيرة و ... حلوة ...!!!!! وإحنا مش ناقصين مشاكل مع الموظفين أو العملاء بتصرفات مش محسوبه ...


اشرف بمكر: عمومًا هى لسه مبدأتش ... ومع الوقت حـ يبان ولو صدر منها أى تصرف أنا بنفسى إللى حـ أمشيها ... إتفقنا ...


رغم رفضه لوجود أنثى أخرى بالمكتب وشعوره بالضيق للتعامل معهن جميعًا إضطر للقبول بعد حديث أشرف العملى والعقلانى للغاية ليردف بضيق محذرًا إياه ...

امير : ماشى يا أشرف ... بس البنت دى متتعاملش معايا نهاااااائي فاهم ...؟!!!!


اشرف: فاهم يا سيدى ...حـ أخلى عبير أو أحمد هم إللى يتعاملوا معاك ... كويس كدة ...


امير :طيب ...


عاد أشرف إلى مكتب الإستقبال ليطلب من سميرة اللحاق به بداخل المعمل ....

اشرف: أستاذة سميرة ... إتفضلى معايا ...


نهضت سميرة تحبس دموعها التى تحاول الإنفلات منها لكنها حتى الآن قادرة أن تتحكم فيها فهى ليست بضعيفه لتبكى أمامهم جميعًا لكنها تأثرت للغاية مما حدث وخاصة أنها مرغمة على البقاء والإنتظار ....


اشرف: أنا عارف أن دة أول يوم ليكى ولسه متعرفيش طبيعة الشغل ولا الناس هنا عشان كدة حـ أديكى فرصة تانية ... لكن أى غلطة تانية .. حـ تتحاسبى عليها ...


سميرة بإستفهام: قصد حضرتك إنى حـ أكمل شغل هنا ...؟!!!


اشرف: أيوة ... حـ تمضى العقد دلوقتِ ...


تساؤلات عدة لاحت برأسها خاصة هذا الشخص الذى لا تدرى من هو بعد لتشير بإصبعها الإبهام نحو الخلف ...

سميرة: طب والأستاذ اا ...


بتوضيح من هذا الشخص وما مكانته بالمعمل عقب أشرف ...

اشرف: قصدك باشمهندس أمير صاحب المعمل ....!! أنا كلمته خلاص .. بس يا ريت تتجنبيه اليومين دول عشان هو مبيحبش الغلط ..


بسرعه تبدلت ملامحها المقتضبة لأخرى مازحه ولاح بريق لامع بعيناها الواسعتان قائله ...

سميرة : ولا حـ أوريه وشى حتى ...


إبتسم أشرف لطرافتها وهو يقدم لها الأوراق الخاصة بعقد العمل لتقرأها قبل توقيعها لتبدأ عملها بالمعمل بداية من اليوم ..


سعد كلا من عبير وأحمد بمرور هذا الموقف الغريب اليوم وبمشاركة سميرة العمل معهم بالمعمل ...


====


هيام ..

إنتهت إجازة نورا لتمر هيام ببيت نورا كما إقتضت العادة لتذهبا إلى المدرسة ، أخذت نورا تسرد كل ما حدث بهذان اليومان بالتفصيل لـ هيام والتى عقبت بإقتضاب من تشبث نورا بتفكيرها الغير متزن ...

هيام: غلطانه يا نورا ... سافرى معاه .. ولا عايزاه يزهق ويدور على غيرك !!!!! ... هو عايزك تونسيه فى السفر .. تقومى تسيبيه كدة !!!! .... ومن غير سبب مقنع كمان ...


نورا: مش عارفه بتخنق فعلا بره مصر ... مش بحب أبعد عن بلدى وأهلى ...


هيام: إللى يشوف كدة يقول طلعتى بره مصر قبل كدة ... وبعدين ما هو حـ يبقى أهلك بقى ...


نورا: مش عارفه ... أدينى لسه بفكر ...


هيام: فكرى بس بعقل ... بلاش التسرع إللى إنتى فيه دة ...


نورا : حاضر ....


=====


بيت ياسر ....

قبل إستعداده للخروج مر ياسر بوالدته قائلا ...

ياسر: متعمليش حسابى فى الغدا النهاردة يا ماما حـ أتغدى مع نورا برة ...


ام ياسر: من أولها كدة برة ...


ياسر: عادى يا ماما مش خطيبتى وبقالى كتير مشفتهاش ...


ام ياسر : ماشى .. بس متتأخرش ..


ياسر:حاضر يا ماما ..


خرج ياسر لشراء بعض اللوازم التى يحتاجها قبل مروره بـ نورا وقضاء بعض الوقت معها ...

بقلم رشا روميه قوت القلوب

فى إحدى غرف البيت جلست واضحه فوق الفراش إلى جوار إبنتها حسناء يتهامسان بصوت خفيض للغاية لتصك حسناء أسنانها بغيظ ....

حسناء: مش طايجاها (طايقاها) يامه ...


أوسعت واضحه من عيناها المحددتان بالكحل الأسود تحذرها من الحديث خشيه أن يسمعهما أحد ...

واضحه: بس يا بت .. لا حد يسمع ..!!!؟


حسناء: مش عارفه إيه إللى عاچبه فيها ..؟؟!؟


واضحه:إصبرى وإعجلى(أعقلى) أمال .. باجى(باقى) شويه بس على المراد ...


حلقت حسناء عيناها نحو الأعلى وهى تردف بضيق شديد ...

حسناء: واللهى( والله) زهجت وأنى شايفاهم كيدة وكمان لما جولتى(قولتى) لهم إنى مخطوبه ..


واضحه: أمال حيرچعوا يطمنوا لنا إزاى يا فالحه ..


تعلقت عينا حسناء بباب الغرفه تطمئن أولا قبل أن تتسائل بهمس ...

حسناء:وحـ نحط لـ ياسر الحچاب بتاع الشيخ كرامه إمتى ..؟!!!


واضحه: لما نچيب جطرها(قطرها) هى كمان عشان العمل إللى حـ نشربه لها ..


حسناء بخبث: إيوة وساعتها يتخانجوا (يتخانقوا) ويسيبوا بعض وأتچوزة أنى ...


واضحه: وتبجى باضت لك فى الجفص يا بت ..

حسناء : يا ريييت ...


=====


المدرسه ....

بعد انتهاء اليوم الدراسي إنتظرت نورا إنتهاء هيام من حصتها متأخرة كالعادة ...


وضعت هيام دفاتر التلاميذ المراد تصحيحها بغرفه المعلمين ثم حملت حقيبتها ذاهبه نحو نورا التى تنتظرها منذ بضع دقائق ...


نورا: أخيرًا يا هيام .. خلى الذمة الزيادة بتاعتك دى فى الحصص التانية بلاش فى الحصة الأخيرة الله يخليكى .. تعبت كل يوم ...


هيام: مكنوش خمس دقايق إلى إتأخرتهم عليكى دول ...!!!!


نورا:طب يلا إتفضلى معايا ياسر عازمنا على الغدا ..


قضبت هيام عيناها بعدم فهم ...

هيام :عازمك إنتِ ... حـ يعزمنى أنا ليه ؟!!!!


نورا: ما هو مش معقول متعرفوش بعض لحد دلوقتِ ... أقله يعرف مين هيام إللى مببطلش كلام عنها دى ....


ببسمه هادئه ورزانه بالحديث أجابتها مشترطه أولا ...

هيام: حاضر حـ آجى معاكى وأسلم عليه بس مش حـ أتغدى ورايا دروس متأخرة والله .. ماشى ...


نورا: وهو أنا حـ أغلبك .... ماشى يا ستى ... يلا بينا بقى ... الراجل مستنى .....


خرجتا من المدرسه ليجدا ياسر ينتظرهما أمام البوابة الرئيسية جالسًا داخل سيارة أخيه عبد الله التى إقترضها منه لهذا اليوم ...

نورا: ياسر ... ياسر ...


إنتبه ياسر لـ نورا ومعها صديقتها التى عرفها بالطبع على الفور فقد إستطاعت نورا وصفها بشكل دقيق للغاية ....

ترجل ياسر من السياره مرحبا بـ نورا وصديقتها ....

ياسر: أهلا أهلا ... إزيك يا نورا ... إزيك يا هيام ...


هيام بجديه : الحمد لله ... حمد الله على السلامه يا أستاذ ياسر ....


ياسر: مبلاش الرسميات دى ... دى نورا بتعتبرك أختها فعلا ... يعنى أختى أنا كمان ....


هيام : طبعا أكيد ... عمومًا بسيطه ...


ياسر: إتفضلوا إركبوا ...


تحركوا لأحد المطاعم الفاخرة بصحبة ياسر لتجلس معهم هيام لبعض الوقت تلتفت لعقارب الساعة من وقت لآخر حتى لا تتأخر على عملها الإضافى ...

بقلم رشا روميه قوت القلوب

جلسوا حول المنضدة ليسألهم ياسر ..

ياسر: تحبوا تأكلوا إيه بقى ..؟؟


هيام: أنا مش حـ أقدر والله عندى دروس ومش حـ ينفع أتأخر خالص ..


ياسر : إزاى دة ... ما تشوفى صاحبتك يا نورا ... ولا إنتى بخيله ولا إيه ...؟؟!


هيام : أبدًا والله .. وبعدين مش من أولها حـ أبقى عزول عليكم كدة .. أنا حـ أقعد معاكم شويه و أتكل أنا على الله وبراحتكم إنتوا بقى ...


تفهم ياسر إصرار هيام فـ نورا بثرثارتها المعهودة أخبرته عن ظروفها بالكامل ، كما أنه يود البقاء مع زوجته بمفردهما ...

ياسر: إللى تحبيه ... أنا والله من كلام نورا عنك حبيت فعلا أتعرف عليكى ...


هيام: معلش بقى ظروف عَمَلية ماما وقت خطوبتكم خلتنى معرفتش أسيبها فى المستشفى خالص ...


تدخلت نورا بتوضيحها للأمر لـ ياسر ...

نورا: أصل مامة هيام كانت عامله عملية الزايدة ومعرفتش تحضر الخطوبه خالص ...


ياسر: لا ألف سلامه عليها ...


لقاء ياسر بـ هيام كان لقاء حتمى بالنسبه إليه فهو أراد أن يتعرف بهذه الفتاة التى تقضى معها نورا أغلب وقتها وتتأثر بها بهذه الصورة ليطمئن على نورا .. فهى عفويه بصورة مَرَضيه ولديها إستعداد تام لإقحام نفسها فى العديد من المشكلات بسبب ذلك ...


بعد مرور بعض الوقت إستأذنت منهم هيام لتأخرها على موعد الدرس وأيضًا لتترك لهم مساحتهم الخاصه التى لم يستطيعوا الحصول عليها منذ وصول ياسر ....


ياسر: شكلها بنت كويسه أوى يا نورا ...


نورا:مش قلتلك ... دى قمررر ....


ياسر: بس سيبك إنتى ... إنتى إللى قمر وكل يوم بتحلوى عن الأول ...


نورا: يا سلام ... يعنى عينك ما زاغتش كدة ولا كدة فى لندن ...


ياسر: هو أنا شايف غيرك قدامى .... إنتى وكرم ...


أنهى ياسر عبارته ممازحا ...


نورا: يا دى كرم إللى ناطط لى فى كل حاجة ... إلا صحيح هو مش حـ يجى الفرح ...؟؟؟


ياسر: لا ... حـ يجى إن شاء الله .. أنا مأكد عليه ...


أردفت نورت بتلقائية ...

نورا: كويس ... عشان أشوفه هو كمان ...


بغيره واضحه إقتضبت ملامح ياسر قائلا ...

ياسر: إشمعنى بقى ...؟!؟ 


نورا:.. إنت حـ تغير ولا إيه ... هو بس فضول أعرف شكله إيه إللى بتتكلم عنه على طول دة ....


طال الحديث بين ياسر ونورا لكنهما لم يشعرا بمرور الوقت حتى حان موعد عودتهم للمنزل ....


====


سميرة....

أنهت يوم عملها فى صمت فهى لا تريد إحداث أية مشكلة بعدما حدثت مشكلة الصباح لتحافظ قدر الإمكان على مكانها فى العمل .....


حل المساء بمرور الوقت روتينيا وعودتهم جميعا إلى منازلهم لينتهى اليوم ويحل آخر جديد فى دائرة الحياه .....


#الفصل_السابع #rasha_romia #قوت_القلوب #لحظات_منسيه


الفصل السابع

•• الزفاف ... ••


رغم كل محاولات إثارة العقبات بطريق التلاقى إلا أن الأحبة قد إلتقيا رغم كَيد الكَائِدين ، لا يُدرك المرء ما تخبئه النفوس الهزيلة لهم ، لكن إرادة الله تفوق كيدهم ...


بعد مرور إسبوعين كاملين ، كانت تلك الأيام هى الفاصلة بين وصول ياسر ويوم الزفاف ، والتى حاولت بها كلتا العائلتين لترتيب وتجهيز كل ما يلزم لهذا الزفاف المرتقب ...

بقلم رشا روميه قوت القلوب 

فرحة غامرة عَلت قلوب العائلتين بإجتماع المُحبين لكن واضحه وإبنتها أصحاب سواد القلوب المخادعة حاولوا بكل جهد وضع عراقيل غير محسوسة لتأجيل هذا الزفاف أو إلغاؤه ... 


كان التحسر حليفهم حين أُحبِطت كل مَسَاعِيهم لما تخططان له بالفشل ، نيران تنهش بقلوبهم الحاقدة مع إنتهاء تجهيزات حفل الزفاف ...


فلم يستطيعوا الحصول على أى شئ يخص نورا "القطر" ليقوما بعمل السحر للتفريق بينها وبين ياسر بعد ، لكن ذلك لم يثنيهم عن إصرارهم لفعل ذلك حين تحين الفرصة ....


====


إسبوعين كاملين حاولت بهما سميرة العمل بهدوء بدون لفت أى إنتباه خاصة بعد ما حدث مع المهندس أمير صاحب المعمل لتقرر تجنبه تمامًا فهى لا تود خسارة عملها الذى بالكاد تحَصلت عليه ...


ورغم تجنبها له لكنها رأت كيف تَعَامل مع عبير التى لم تَسْلم من عصبية أمير الدائمة طوال الوقت مما أثار الفضول لدى سميرة لمعرفة سبب هذا الإنفعال طوال الوقت سواء كان ذلك بسبب أو بدون سبب ...


====


مع تحديد موعد الزفاف وإصرار ياسر بأن يحضر كرم حفل الزفاف ، وصل كرم الليلة الماضية بزيارته الأولى لمصر فهو مصرى دون معرفته بها ودون زيارتها من قبل ، أصر ياسر بأن يبقى كرم معهم بالبيت إلا أنه فضل الإقامة فى فندق قريب بدلا من أن يُثقِل على أهل ياسر بوجوده فهو مازال غريب لا يعرفهم أو يعرفونه بعد .....


=====


ظلت أحوال هيام كما هى فهى على هذا الحال منذ سنوات طويلة فما الذى سيتغير لها فى أسبوعين فقط ..


لكنها كانت سعيدة للغاية بدنو موعد زفاف صديقتها المحبة نورا ، تلك المناسبة التى إنتظرتها بشوق ، إختارت فستان رقيق لتحضر به حفل الزفاف لتنتظر بشغف حلول موعده ...

بقلم رشا روميه قوت القلوب

===


يوم الزفاف ....

أطل كرم من نافذة غرفته بالفندق الذي أقام به لينظر إلى جمال القاهرة الساحر ...

مدينة بالفعل مختلفة كُليًا عن لندن التى عاش بها معظم حياته ، شعور مختلف إعتراه بوجوده هنا بهذه البلدة فـ بها شئ جميل ودافئ لم يشعر به من قبل ....


على الرغم من أنها زيارته الأولى إلا أنه شعر بمزيج من الأُلفه والسعادة مع كل شئ وكل شخص محيط به ....


كرم:" البلد دى حلوة أوى وفيها روح حلوة جواها وجوه ناسها غير لندن خالص ..

بس لازم أنزل وأتعرف على الناس والدنيا هنا بنفسى مش حـ أستنى ياسر ... هو يعنى حـ يفضى لى ... دة فرحه النهاردة ..."


وبالفعل قام كرم بجولات بسيطة لا تَبعُد كثيرًا عن الفندق لعدم معرفته الجيدة بشوارع القاهرة و أحيائها ...


إستطاع العودة مرة أخرى بسهولة إلى الفندق للإستعداد لحضور زفاف ياسر ، هذا اليوم المميز للغاية ...


====


بيت الحاج سعيد ...

نظرت هيام لفستانها الأخضر المعلق خارج خزانة الملابس ببعض الرضا وهى تخص سميرة بحديثها ...

هيام: سميرة بقولك إيه ما تيجى معايا فرح نورا ..؟!!!


كانت سميرة تنتظر تلك الدعوة بالفعل فهى عاشقه لأى تجمع إجتماعى بشكل كبير لتردف بحماس ...

سميرة: أيوة كدة هو دة الكلام .. خلينا نطلع من جو الكآبة إللى إحنا عايشين فيه دة ...


إستدارت هيام نحو سميرة ببسمتها الهادئة مردفه بصوت شجى هادئ ...

هيام: طيب يلا قومى إجهزى ... وأنا كمان حـ روح ألبس ....


قفزت سميرة بحركة مفاجئة تقف بين هيام والخزانة وهى تشير برجاء تجاه أحد الفساتين ...

سميرة: لااااا ... بس على شرط ... حـ آخد الفستان الكُحلى بتاعك ...


بطبعها المنغلق لا تحب أن تقترض أى شئ من غيرها كذلك لا تحبذ أيضًا أن تُقرض أحدهم ملابسها أو أى شىء يخصها مطلقًا ، فكل ما لها يجب أن يبقى لها وحدها لا يشاركها به أحد ...

هيام: ياسلام .. لا خلاص خليكِ عَندِك ...


توسطت سميرة خصرها بكفيها لكنها أردفت بنبره ترجى ...

سميرة: كل دة عشان مش راضية تسلفى أختك حبيبتك حِتة فستان ... !!!! ... ده أنا من ساعة خالتو ما جابتهولك وعينى حـ تطلع عليه ....


لم تكن عائلتهم ميسورة الحال لشراء العديد من الفساتين الخاصة بتلك المناسبات والتى بالعادة باهظه الثمن ، بل كانت هيام تحتفظ بهاتان القطعتين المميزيتين منذ سنوات فإحداهما هديه من خالتها المغتربه بأحد المناسبات والآخر إبتاعته أثناء تصفيه أحد المحلات بسعر زهيد للغاية ، نظرت هيام بنظرة مشفقة على حال أختها التى لا تملك فستانًا يليق بهذه المناسبة لتسمح لها هذه المرة فقط بإقتراض ملابسها ...

هيام: خلاص خلاص .. قومى يا أختى خديه بس على الله يجرى له حاجة ...

بقلم رشا روميه قوت القلوب

رفعت حاجبها لتردف بإسلوبها الهزلى ...

سميرة: حـ يجرى له إيه يعنى ... دة حـ يزيدة شرف إن سميرة سعيد حـ تلبسه فى يوم من الأيام ...


هيام بضحك: بلاش غَلَبْه ... ويلا إنجزى عشان أنا أساسًا مش بتأخر فى اللبس ....


سميرة: هوا ....


خطفت سميرة الفستان من الخزانة مسرعة نحو غرفتها المشتركة بينها وبين هبه لتستعد بوضع زينتها لحضور الزفاف فيما أعادت هيام نظرها لفستانها الأخضر بدرجته المميزة والملفته قائله لنفسها ...

هيام: والله ما عارفه ألبسه إزاى دة ؟!!!!! ... أنا عمرى ما لبست فستان كدة .... بس دة فرح حـ لبس إيه يعنى ....!!!


إرتدت هيام فستانها الناعم الذى أظهر جمالها بصورة ملفته للغاية زادها إشراقة لوجهها الناعم عندما أسدلت شعرها لأول مرة من سنوات طويلة فهى معتادة على رفعه للأعلى برسمية وهدوء كشخصيتها ....


وضعت القليل من مساحيق التجميل التى أبرزت جمال وسحر ملامحها بعذوبة ...


أمسكت بحقيبتها الصغيرة وخرجت من الغرفة نحو سميرة التى إنتهت أيضًا من إرتداء فستانها الأزرق القاتم الذى أبرز بياض بشرتها وعيناها الواسعتان ، أَطلَقَت صافرة إعجاب بِسحر أختها وجمالها الملفت الفاتن للنظر ...

سميره: واو .. فظيعة إنتى النهاردة فى الفستان ...


هيام: بجد ...!!


سميرة: جدًا ... أنا مش واخدة عليكى خاااالص تلبسى فستان ... بس طالع واو بصراحه ... وشعرك كمان حلو أوى كدة ... أميرة يا إخواتى ...


أنهت عبارتها بغمزة لطيفة من عينها لتجيبها هيام بثقه ..

هيام : أميرة إيه ؟!!!!! ... ملكه يا ماما هى الألقاب بفلوس .. إتبحبحى براحتك ...


رغم نعومتها وجمالها الساحر إلا أن سميرة أضاعت تلك الرقه بإيمائتها المجنونة مستكمله حديثها بشقاوة وخفة ظِل ... 

سميرة: على رأيك .. لا وإيه .... يجى بقى الأمير على حصانه الأبيض ويخطفك ...


أطلقت هيام ضحكة ساخرة فتلك الأحلام مؤجله تمامًا ، بل هى من المستحيل تحقيقها بالفعل لتردف ببعض التَحسُر رغم إخفائها لما تشعر به ...

هيام: يخطفنى ....!!! لا ... وإنتى الصادقه ده حصانه مكسح ... يلا يا أختى عشان نلحق الأتوبيس ...

بقلم رشا روميه قوت القلوب

سميرة بإستحقار ناظره إلى فستان هيام ثم فستانها مرددة ...

سميره: بقى القيافه والجمال دة ونركب أتوبيس ... ما تمشيها تاكسى الله يكرمك ... مرة فى العمر يعنى ...


هيام: ولا يهمك ... نفُك الكيس ونِطلَع بالقرشين ... بِينا نركب تاكسى ...


وبالفعل إستقلتا الجميلتان سيارة أجرة للذهاب إلى صالون التجميل لمرافقة نورا فهى أُخت وحيدة وتحتاج لمساندتهم بهذا اليوم ....


=====


مدللة أبويها تلك التلقائية الجميلة التى إلتف حولها بعض فتيات العائلة وأمها يتطلعون نحو ملامحها الساحرة بِطلتها الملائكيه گ عروس متألقة بيوم عرسها ...


أشرق وجهها إبتسامتها العريضة حين رأت هيام وسميرة يدلفان إلى داخل صالون التجميل ليؤزرانها ويساندانها بيومها المميز ...


جمال الأختين و طَلتهم الناعمة أثارت إعجاب كُل الحُضور لتردف نورا بإعجاب ...

نورا : يا بنت الإيه !!!! ... أول مرة أشوفِك لابسه فستان ... طالع حلو أوى عليكِ ...


هيام: إنتِ إللى حلوة وزى القمر ... إيه الجمال ده كله ...


اجابتها نورا بمزاح ...

نورا: الله يجبر بخاطرك ... كويس إن ياسر مشافكيش قبلى كان زمانه سابنى وراح لِك ....


أجابتها هيام بصدق ظاهر بعيونها وصوتها فهى شخصية صريحة كارهه للكذب ...

هيام: وهو يلاقى زَيِك .. ده إنتِ قمر .. ألف مبروك يا أحلى عروسة ...


ام نورا: طيب يا بنات طالما إنتوا معاها بقى أسبقكم أنا والبنات على القاعة أستقبل الناس ....


هيام: براحتك يا طنط ...


إتصلت أم نورا على ولدها أمجد ليقلها إلى القاعة بينما تركت للعروس وصديقاتها لحين مجئ العريس ....


لا تمل نورا مطلقًا من أمر تَود إنهائه لتُحدِث هيام بمزاح به نبرة تميل للجديه ...

نورا: مكنتيش وافقتى على أمجد و فِرحنا بيكوا كلنا ...


هيام: وبعدين معاكى بقى ... مش خلصناه الموضوع دة ....


صمتت نورا لرد هيام الجاد حتى لا تثير ضيقتها بينما حدثت سميرة نفسها بضيق ...

سميرة: "حتى أخو صاحبتك رفضيتيه !!!! .. لحد إمتى أحلامك و فَرحتك حـ تبقى مِتأجله عشانا ؟!!! ... لازم تكملى حياتك وكفاية عليكِ كدة ...."


====


تألق ياسر بحُلته السوداء وتصفيفة شعره المنمقه لينتهى بوضع زهرة صغيرة بسترته كما طلبت نورا تمامًا ، بذات اللحظة التى ولج بها كرم ، فهو وصل للتو ليُشارك صديقه فرحته بيوم زفافه ...

كرم: يا سيدى يا سيدى ... لا والله باين عليك إنَك عريس ...


ياسر: يلا عقبالك ...


كرم:ضحكتنى يا أخى .. وهى فين دى بس ...


ياسر: مسيرى حـ أشوفك واقع على بوزك ...


وصل عبد الله يبلغ أخيه بوصول سيارته المزينه لإقلاله لإصطحاب العروس ...

عبد الله: خلاص يا عريس العربيه وصلت تحت ... يلا عشان تروُح تِجِيب عروستك ...


وقف كرم بحيره فهو بالفعل لا يدرك أى شئ بهذه البلد ولا يستطيع التحرك بمفرده ...

كرم : وأنا طيب أنا مش عارف حـ أروُح إزاى ...؟؟


ياسر: إركب إنتَ مع على و عبدالله و إسبقنا على القاعة وأنا حـ أروح أجيب نورا وأحصلكم .....


كرم: تمام يلا بينا إحنا يا عبد الله ...


إستقل كرم سيارة عبد الله برفقة والد ياسر وأخَويِّه فيما إتجه ياسر لصالون التجميل لإحضار عروسه بمرافقة سيارة عمه أيضًا لإقلال أصدقاء نورا والبقية معه ....


====


بالقاعه الخاصه بالزفاف ...

رغم تلك الإبتسامة الزائفة التى تَحَلى بها وجهها إلا أن حَسناء كانت تشعر بنيران تَسعر بداخلها لتطقطق أصابعها بغيظ هامسه بأُذن والدتها التى تجلس إلى جوارها ..

حسناء: أهو طار من إيدى يامه ... شُفتى ...!!!


لكزتها واضحه بمرفقها وهى تردف بقوة وثبات بخلاف إبنتها  ...

واضحه: ولا طار ولا حاچه .... إللى حـ نعمله هو هو ... غيرش بس لما نروُح نبارك لهم حـ ناخد جطرها (قطرها) إللى معرفناش نچيبه دِة وساعتها حـ نكمل العَمَل بتاع الشيخ كَرامه ووقتها كل حاچه حـ تنحل ..


بتذمر واضح فقد تناست حسناء نَفسِها تمامًا ...

حسناء: وأنى لسه حـ أصبر كل دِة ... أووف ...

بقلم رشا روميه قوت القلوب

إتسعت عينا واضحه بتحذير من تماديها بهذا الإنفعال أمام أعين الجميع ...

واضحه: بالراحه يا بِت على نَفسِك لا يطج لك عرج(عرق) .. هم يومين تلاته ونخلص ... إتكتمى بجى ...


حسناء: ماشى ... بس يكون فى مَعلومِك لو متچوزتوش حـ أموت نَفسِى ... أنا بجولك أهو ...


لم تهتز ثقة واضحه مطلقًا لتردف بجمود ...

واضحه: متخفيش ... عَمَل الشيخ كَرامه عُمره ما نِزل الأرض أبداااااا ...


حسناء بغيظ: أدينى مستنيه ...


====


كرم ...

ظل يتجول بالقاعة فمظهر الإحتفال بالزفاف بمصر له أجواء و طعم مختلف مثل كل شئ رآه بهذا البلد منذ وصوله ...


جلس بإعجاب على إحدى الطاولات برفقة إخوان ياسر ينظر إلى تفاصيل المكان والناس من حوله بأعين مندهشه كَسائح أجنبى مُنبهر بكافة التفاصيل ....


بعد قليل ...

وصل العروسين فى مظاهر إحتفالية تعلن قُدومهم ليتحرك الجميع بين الإلتفاف حول العروسين فَرحِين بقُدومهم مصفقين على أنغام الموسيقى التى صاحبت وصولهم ...


والجزء الآخر ظل يتابع مظاهر البهجة عَبر الشاشات الكبيرة المتواجدة بأركان القاعة كلها ...


جلس العروسين فوق مقاعدهم المزينة بالورود البيضاء محاطة بالكريستال والأنوار المتلألئه ...


بحث أمجد بعيناه عن هيام فقد تحرق شوقًا لرؤيتها اليوم وظل يبحث عنها منذ وصوله إلى القاعة لكنه لم يراها حتى الآن ....


جلست هيام مع أختها سميرة إلى جوار بعض الفتيات من أقارب نورا ....


سميرة بهمس: تفتكرى الفرح الجاى ممكن يكون فرح واحدة فينا ولا لسه الموضوع دة بعيد أوى ...؟؟!


تنهدت هيام لإدراكها كم أن هذا حُلم بعيد المَدَى لتهمس قائله ...

هيام : لسه بدرى علينا يا سميرة ... لسه بدرى ....


أومأت سميرة بتفهم حين وقعت عيناها على إحدى زميلاتها قائله ...

سميرة: على رأيك .... الله مش دى سمر ...؟؟. 


هيام: أه هى صحيح ....


أعلت سميرة من صوتها مناديه ...

سميرة : سمر .... سمر ....


سمر: سميرة !!!!!! .... إزيِّك وحشانى ....؟!


سميرة: الحمد لله إنتِ أخبارِك إيه ...؟؟


سمر: الحمد لله زى ما أنا ..... بدور على شُغل ...


رفعت سميرة هامتها بتفاخر ...

سميرة: أنا الحمد لله أخيرًا إشتغلت ...


سمر : إيه دة بجد ... كويس أوى ... وإشتغلتِ فين بقى ..؟


سميره: فى معمل الأمير ...


سمر: واو .... يا بختك ... دة معمل كبير ...


سميرة: جدًا ...بس أنا لسه يا دوب بادئه أشتغل هناك ...


أحست هيام بعدم الراحة لترك شعرها منسدل بهذه الصورة وبدأ يضايقها لعدم إعتيادها على تركه منسدل فوق كتفيها ، فقررت الذهاب الى المرحاض لتعيد ترتيبه وعَقدِة مرة أخرى ....

هيام: سميرة .. أنا رايحه الحمام ... تيجى معايا ..؟!!


سميرة: لأ أنا قاعدة مع سمر شوية ... روحى إنتِ ...


هيام: طيب ...


أكملت سميرة وسمر حديثهما بينما تركتهما هيام متجهة نحو المرحاض ، تابعت سمر إبتعاد هيام لتردف بإنبهار ...

سحر: إنتِ قمر ما شاء الله عليكِ بس أختك دى إيه ... صاروخ يا بنتى ... مغطيه عليكِ والله ...


ضحكت سميرة: ما أنا طول ما هيام أختى .... مش حـ أتجوز أبدااا ... بس أقولك ليها حل ....


سمر: إيه بقى ...؟!!


بحركة لسانها الشقيه أردفت بمزاح ....

سميرة: أتجوز واحد أعمى ....


ضحكت معها سمر مستكمله حديثهما الساخر ...

سمر: والله يا بنتى لما شُفتِك إفتكرت مقالبك كلها إللى كنتِ بتعمليها فينا فى الثانوى ..


سميرة: أنا ....!!!!! ... دة أنا غلبانه خالص والله ... 



#الفصل_الثامن #rasha_romia #قوت_القلوب #لحظات_منسيه


الفصل الثامن 

•• شربات .... !!!! ••


ضَحِكات وإبتسامات وأصوات صاخبة ، مَوجه سعادة غامرة تحلت بها الوجوه بذلك الزفاف السعيد ...


ملست هيام فوق خصلات شعرها الناعم المنسدل بإنزعاج وهى تتجه نحو نهاية القاعة متوجهه نحو مرحاض السيدات ...


خطوات واثقه تناسبت مع طولها المميز وجاذبيتها التى خطفت الأنظار بفستانها الأخضر ...


بعيون باحثه عن طيفها إستطاع أمجد إلتقاطها گ رادار مُوَجه للبحث عنها فقط ، من بين كل تلك الفتيات التى تملأ القاعة إستطاع تمييزها بسهولة ، دون أن ينتبه لنفسه إبتسم لا شعوريًا لرؤيتها وتناسى تمامًا جميع المحاوطين له فهى وحدها من تلغى عقله تمامًا گ المغيب ...


لاحَقها بنظراته وهى تسير بخفة ونعومة بين المناضد فوقف مستعدًا للذهاب إليها فهذه فرصة ذهبية ولن يضيعها ..

بقلم رشا روميه قوت القلوب 

====


كرم ....

مستمتعًا بتلذذ وهو ينظر إلى عبد الله ويعلو وجهه راحة غير طبيعية كما لو كان إكتشف للتو أعظم إختراع على وجه الكون كله ....


أعاد جذعه للخلف وهو يُناظر كأس مشروبه أحمر اللون ثم يهتف بإستمتاع ....

كرم : فظيع جدًا العصير دة .... أول مرة أشربه ... عجبنى أوى ...


ضحك عبد الله بسخرية من هذا المصرى الذى لا يفقه شئ عن مصر وعاداتها بل هو أجنبى بهيئة مصرى ...

عبد الله : عصير !!!! ده مش عصير .... ده شربات يا عم ... إيه .... متعرفش الشربات ....؟!!؟


إتسعت عينا كرم بإندهاش وهو يرفع كأسه ينظر إليه بدهشة قائلا ...

كرم : إيه دة !!! ... هو دة الشربات ؟!!! ... أنا أسمع دايمًا الإسم فى المسلسلات وكدة بس عمرى ما دوقته ...


بتملل من طعم هذا المشروب المفروض عليهم إحتسائه بكل المناسبات ....

عبد الله: أهو عَندَك كله أهو ... إشرب براحتك ...


كرم: عجبنى فعلا ... ما تجيب الكاس دة ولا إنتَ عاوزُه ..!!!!!


عبدالله: لا إتفضل ... أنا مبحبوش البتاع دة ...!!!!


تناول كرم كأس المشروب (الشربات) يتلذذ بطعمه الجديد والذى ربطه بأجواء مصر ، هذه الأجواء الجديدة والفريدة من نوعها فطعم وجُودِه بمصر يُشبه هذا الشراب اللذيذ المدعو "شربات" الجديد عليه ، فهذه تجربة جديدة بكل المقاييس كل ما بها فريد وخاص من نوعه ....


====


إختفت هيام عن أَعيُن أمجد الذى حاول الوصول إليها لكن زحام المدعويين فَرَقَ بين عيناه الملاحقه لها و بينها ، ليجد نفسه قريبًا من طاولة الفتيات ليُصاب بالإرتباك فماذا سيخبرهم گ سبب لتواجده هنا ليردف بتوتر ...

أمجد : اااا .... ممكن اااا .... حد يروح لـ نورا يساعدها ...

بقلم رشا روميه قوت القلوب

نظرت سميرة نحو سمر قائله ...

سميره: مفيش مشكلة يلا يا سمر ...


إنتبه أمجد لتلك الفتاة متمعنًا بها بقوة ليشعر بالتشتت قائلا لنفسه ...

أمجد " أنا إتجننت ولا إيه ؟؟؟ .... أنا بقيت شايف كل البنات شبه هيام ... أااااه يا هيام حـ تجننينى بيكِ ...." 


=====


هيام ...

وقفت هيام أمام المرآة تُعدِل من وضع شَعرها وأخذت تبحث عن شئ ترفع به خصلاته للأعلى لم تجد سوى دُبوس واحد حاولت به لملمته قدر المستطاع ، تطلعت نحو صورتها بالمرآة برضا فقد ضايقها إنسدال شعرها الناعم للغاية ...


خرجت بعد ذلك لتعود لطاولتها مع بقيه الفتيات لكنها وجدت بعض الأطفال يلهون ويتسابقون يركضون بدائرة بهذا المكان البعيد عن بقية الطاولات يستمتعون بطفولة وسعادة ...


هى تعلم جيدًا إندفاعية الأطفال خاصة بهذا العُمر الصغير لتحاول تجنبهم حتى لا يصطدموا بها فحين يتحمسون لا يمكن توقع تحركاتهم العفوية وما يمكنهم فعله ...


لكن ما خشيت منه حدث بالفعل وإصطدم بها أحدهم أثناء ركضه بقوة ، أخذت تترنح لإرتدائها هذا الحذاء ذو الكعب العالي ، أوشكت بالفعل على السقوط لكنها تماسكت قليلا محاولة الإبتعاد عن طريقهم حتى لا يصطدم أحدهم بها مرة أخرى لتستدير بقوة بالإتجاه المعاكس حين رأت أحد الأطفال مندفع نحوها بقوة ...


إستدارتها المفاجئة جعلتها تصطدم رغمًا عنها بجسد أطول منها دون الإنتباه له لتتسع عيناها بصدمه وذهول بنفس الوقت فمن أين أتى هذا الشخص ...


تراجعت خطوة إلى الخلف وهى تفغُر فاها رافعه كفيها من الصدمة وهى تشهق بقوة ، فحين إصطدامها بذلك الشخص رغمًا عنها إنسكب الكأس فوق قميصه الأبيض وبعض القطرات تطايرت تُلَون وجهه المصدوم ..


بملامح فزعة مصدومة للغاية شهقت هيام وهى تتراجع خطوة من هول المفاجأة لينفلت دُبوس شعرها متحررًا من قيده لينسدل شعرها الأسود بحُريه كما لو كانت مشهدًا من تصوير أحد الأفلام ....


صمتت لوهلة محدقه بفستانها بذهول ثم رفعت بصرها نحو هذا الشخص لتنظر نحوه بحدة غير متوقعة لتهتف بنفس الوقت الذى يهتف به أيضًا ...

كرم بصدمه: إيه دة ...؟!!!!


هيام بحده : مش تحاسب ...؟!!!


أشار كرم على نفسه بتعجب من تلك المنفعله وهى المخطئه من الأساس ...

كرم: أنا برضه إللى أحاسب !!!!! .. دة إنتِ إللى خبطتينى وبهدلتينى ....


بالتأكيد هى تعلم أنه يتقصد ذلك ، فما هو إلا متطفل جديد گ غيره تمامًا مِن هؤلاء الذين يتعرضون لها طوال الوقت لتعقد ملامحها بضيق مردفه بتهكم ...

هيام : لا والله ... أنا فاهمه الحركات دى ...


إرتخت ملامح كرم فهو لم يفهم حقيقة مقصدها فما الذى تفهمه هى وهو لا يعلمه ...

كرم : حركات ...!!! حركات إيه ...؟؟ ... أنا جيت ناحيتك ...؟؟ دة إنتى إللى دخلتِ فيا زى الباص ...!!!!


طريقته عجيبة للغاية حتى لكنَته مختلفة ، رمقته هيام بنظرة متقززه قبل أن تردف بلا مبالاه ...

هيام : خلاص خلاص ...

بقلم رشا روميه قوت القلوب

أنهت جملتها وهى تشير بكفها مقاطعة حديثه لتتركه عائدة مرة أخرى نحو المرحاض لتعيد ترتيب شعرها المنفلت و تتأكد من أن فستانها لم يتساقط عليه قطرات الشربات التى كانت بالكأس ... 


كرم صاح بها وهى تبتعد عنه : إنتِ يا .... يا خضراء إنتِ .... الله ..... مالها دى ..؟!!!


تريث للحظة وهو ينظر تجاه مكانها الخالى تاره وبين الإتجاه الذى سارت به تارة أخرى لتتسع عيناه بإندهاش كما لو أنه إنتبه لشئ لم يكن يلاحظه ...


قضب حاجباه بقوة ليسلط عيناه بلهفة نحو الإتجاه الذى ذهبت إليه فهو يريد التأكد أن ما رآه كان حقيقيًا ....


هيام ....

وقفت أمام المرآة بداخل المرحاض تستعيد هدوئها الذى تشتت منذ دقائق لترفع يديها تلملم به خصلات شعرها المنسدلة مرة أخرى لتلوح إبتسامه مائلة على ثغرها تتبعها قهقة خفيفة وهى تتذكر هيئة هذا الشاب بعد أن إنسكب الكأس كاملا على ملابسه ووجهه ...

هيام: دة إتشلفط خالص ... يلا .. عشان يبقى ياخد باله ... 


ثم إستطردت مختاله بذكائها لإدراكها بأنه قد إفتعل ذلك عمدًا ...

هيام : أنا فاهمه طريقتهم دى .. أُمال إيه يعنى إللى حـ يكون جابه ورايا كدة ....؟!!!


إنتهت من لملمة شعرها للمرة الثانية لتخرج من المرحاض لتندهش لوجود الشاب مرة آخرى يقف قبالتها لتنظر تلقائيًا نحو قميصه الأبيض ذو البقع الوردية من إثر إنسكاب المشروب (الشربات) ....


إبتسم كرم بجاذبية أظهرت وسامته وبريق عيناه الداكنتان وهو يستمتع برؤية وجهها بتمعن ....

كرم:كدة تبهدلينى وتسيبينى كدة ...؟!!!!!


تأكد ظنها أنه قد تعمد الإصطدام بها لترفع هامتها بتعالى ...

هيام : وأنا المفروض أعملك إيه يعنى ...؟!!


رغم إبتسامته العذبة إلا أنه أخذ يلومها بلطف ...

كرم: مفيش حتى أسفه ..!!


زمت شفاهها مصطنعة الجمود وعدم التأثر ...

هيام: لأ مفيش ...


أشار على قميصه يتطلب شفقتها على حاله بطرافه ...

كرم: طيب حـ أروح روح أنا ازاى كدة ...؟!!!


كانت إجابتها بنفس الجمود بل زادتها بتلك النظرة المشمئزة ...

هيام : والله دى مشكلتك مش مشكلتى ...


كرم بصدمه: إنتى غريبه أوى بجد ..!!!!


هنا وقد تحملت بالكاد حديثه لتهتف بتحفز ونبرة حادة يشوبها الضيق ...

هيام : بقولَك إيه ... أنا فاهمه وعارفة كويس أووووى الأُسطوانات دى ... فأحسنلك .. إتِكل على الله وسيبنى فى حالى ....


أنهت جملتها وتركته مصدومًا تملؤه نظرات البلاهه والصدمة معًا ...

كرم : يا آنسه .... يا آنسه .... إنتِ يااا ....


وقف يحدث نفسه بعدم فهم لكلمة (أسطوانات) التى قالتها للتو ...

كرم : بتقول إيه دى ؟!!!!! ... أنا مش فاهم حاجة ... إسطوانات إيه ؟!!!!!! .... هو أنا واقف بَغَنّى ....


حكَ رقبته بعدم فهم لمقصدها وهو يرفع كتفيه ويهدلهما بمعنى لا أدرى قبل أن يستدير عائدًا للطاولة التى كان يجلس بها منذ قليل حين أوشك على إصطدامه مرة أخرى بشاب يقف خلفه تمامًا يُحدق به بغضب عارم ليهتف كرم بإندهاش ....

كرم: هو فيه إيه النهاردة بقى ...؟؟ أفندم ...؟؟؟!!!


حين كان أمجد يبحث عن هيام رأى ما حدث بينها وبين هذا الشاب من بعيد لتتملكه الغيرة والغيظ من هذا الشاب الذى إصطدم بها ليهرع نحوه ليلقنه درسًا بتعديه على هيام ملكيته الخاصة التى لا يجب أن يدنو منها أحد غَيرُه ..

امجد: إنتَ مين ؟!!!! ... ومالك ومالها واقف فى طريقها ليه ..؟؟ ..... 


ثم أكمل بأنفاس متشاحنة بغضب دون إتاحة أى فرصة لـ كرم بالتحدث ...

أمجد : بقولك إيه ... إبعد عنها أحسن فاهم ولا لأ ...


كرم بلا مبالاة : لأ ...


لم يعتاد كرم تلك الطريقة الفظة أو هذا التهديد الذى لا يُدرك سببهُ ليجيبه بعدم إكتراث لعصبيته تلك بكلمة (لا) ثم إنصرف عنه ليجلس بجوار إخوان ياسر كما كان ...


بنظرة مندهشة لوح عبد الله تجاه قميص كرم قائلا ...

عبد الله: إيه دة ؟!!! ... حصل إيه ؟!!! ... إنتَ للدرجة دى بتحِب الشربات ..؟؟!!!


أنهى جملته ضاحكًا على مظهر كرم الغارق باللون الوردى ، ليجيبه كرم بملامح غير مستسيغه لهذا المُزاح ثقيل الظل ...

كرم: مش فايق لَك ... أما صحيح شبه أخوك بالضبط ...!!! 


ضحكوا جميعًا على ما حدث ...


====


هيام...

رغم إصطناعها عدم التأثر بما حدث إلا أن بداخلها كانت تشعر بتوتر شديد لتتجه نحو أختها تطلب منها المغادرة على الفور ...

هيام: ما تيجى نروّح عشان نلاقى مواصلات ...


سميرة: دة لسه بدرى أوى ...!!


هيام: لا يلا كفاية كده ..


سميرة : طيب ... بس نركب تاكسى ...


هيام: حاضر يا ستى ... حـ نركب تاكسى ...


خرجتا من القاعة و إستقلا أحدى سيارات الأجرة لتقلهما إلى المنزل دون تأخير ....


====


أمجد ...

بَحَث مرةً أخرى عن هيام بعد أن تركه هذا الشاب بهذه الصورة الوقحة ، لكنه لم يجدها ليضرب قبضته بكفه بغيظ فقد فشل مرة أخرى بفرصة ذهبية للتَقرُب منها كما كان يتمنى ...


====


بيت الحاج سعيد ....

تشدقت سميرة بعيناها الواسعتان الشقيتان وهى تستمع لحديث أختها بحماس بالغ حين قصت لها هيام ما حدث بحفل الزفاف بعد عودتهم ....

سميرة: وبعدين ...؟؟!


هيام : أبدًا رُحت داخله فيه خبط .... الكأس إتدلق عليه ...


صفقت سميرة بنشوة قائله ...

سميرة: أيوة يا عم الأتوبيس ...


جلست هيام إلى جوار أختها فوق الفراش تتعجب من السعادة التى غمرت ملامحها ...

هيام: إنتِ بتهزرى ..!!!! ... أنا حاسه إنى من ساعتها مخضوضه مش عارفه ليه ..؟!!!


ضمت سميرة شفتيها بطفولية قائله بإدراك ...

سميرة: عشان كدة مشينا بدرى ...


هيام : أيوة ...


بغمزة لطيفة قالت سميرة ...

سميرة:متعرفيش مين دة ...؟؟


هيام : أنا عارفة ... أول مرة أشوفه ...


أومأت سميرة بلا مبالاه لهذا المجهول ثم تطلعت نحو ساعة يدها قائله ...

سميرة : طيب حصل خير ... خلينا ننام بقى عندنا شغل الصبح .. أنا عارفه ناس إيه دى إللى بتعمل فرحها يوم أربعاء ...


هيام بضحك: عادى يا أختى ... يلا تصبحى على خير ...


تركت سميرة هيام بغرفتها لتتجه لغرفتها المشتركة مع أختها هبه ، جلست هيام لبعض الوقت تُعيد بذاكرتها هذا الحادث الغريب وتبتسم فرغم تلوث قميصه الأبيض باللون الوردى إلا أنه كان وسيمًا للغاية خاصة عيناه اللاتى تتمتع ببريق و غموض عجيب .. 


حركت رأسها تنفض عنها تلك الأفكار ...

هيام: أنا بفكر فى إيه بس .... خلينى فى إللى أنا فيه .... دة حتى مجرد التفكير مينفعش .... أنا أنام أحسن عشان أعرف أصحى بدرى ... صدقتِ يا سميرة هو فيه حد يعمل فرحه يوم أربعاء ....!!!!


ضحكت هيام على مقولة أختها لتخلد مباشرة للنوم وينتهى هذا اليوم بالنسبه إليها بإستعداد ليوم جديد ...


====


إنتهى حفل الزفاف ليودع العروسين المدعويين ويستقلوا سيارتهم المزينة ، تتحرك من خلفهم السيارات التى تقل العائلتين لإيصالهم إلى شقتهم ببيت عائلة ياسر ....


ودّع أهل نورا إبنتهم بمحبة عائدين بعد ذلك لبيتهم ، بينما صعد ياسر ونورا إلى شقتهم بالدور الثانى بصحبة والد ياسر ووالدته ...

والد ياسر: ألف مبروك يا أولاد ربنا يسعدكم يا رب ...


ام ياسر: ألف مبروك يا حبايبى لو إحتاجتوا أى حاجة رنوا عليّا بس ... و إن شاء الله بكرة الصبح نيجى نبارك لكم .... تصبحوا على خير ...


ياسر ونورا: و إنتوا من أهل الخير ...


وبعد إنصراف والد ياسر ووالدته أغلق ياسر الباب من خلفهم لينظر إلى عروسة الجميلة بحب ...

ياسر: أخيرًا يا نورا ... أخيرًا إتجمعنا سوا ...


نورا: أنا مش مصدقة أبدًا يا ياسر حاسه زى ما يكون حلم جميل ...


ياسر : لا يا حبيبتي .. مش حلم ..


إبتسمت نورا بخجل ليقترب منها ياسر قائلا بضحك ..

ياسر: لا النهاردة مش يوم كسوف خالص ... تعاليلى هنا ...


نورا: بس يا ياسر ... إتأدب ...


ياسر: أنا مؤدب على فكرة ...


دلفا إلى داخل غرفتهم لتبدأ أولى أيام حياتهما سويًا بحب و فرحة جمعتهما اليوم وحتى نهايه العمر ....


====


واضحه وحسناء ....

بوجه مُكفهر أخذت واضحه تعيد على مسامع إبنتها ما إتفقتا عليه لتُأكد ما سوف يقومان به ...

واضحه: فهمتى ولا أعِيد تانى .....؟!!!


حسناء: والله فِهمت .. حـ نطلع الصبحيه نبارك لـ ياسر والمخفيه مراته وأحط الحچاب فى أوضتهم تحت رأس ياسر وأچيب أى حاچة من هدومها جطر للعَمَل بتاع الشيخ كَرامه ...


واضحه: أيوة كِدة ... وبكرة ناخدوا الجطر ونوديه للشيخ ويجولنا حـ نعمل إيه ....


طبقت حسناء بشفتيها بتملل ...

حسناء: لما نشوف آخرتها ....


واضحه: آخرتها خير ... خير جوى (قوى) .... وحـ تشوفى ....


====


أمجد ..

بحزن على فرصته الضائعة اليوم ، وضيقته البالغة حين يتَذكر هذا الشاب الذى كان يقف معها ...

امجد: مين دة ...؟؟ وكان بيقولها إيه ؟!!! .... وهى كمان كانت بتقوله إيه ؟!!! ... إزاى ... مينفعش هيام تشوف ولا تتكلم مع حد غيرى ... مش مستحمل أشوفها بتكلم غيرى ولا واقفه معاه .... كان لازم أعرفه حدودة ... لازم ... لازم ...


إنتهت تلك الليلة بمشاعر مختلفة بين سعادة وفرح وضيق وتأمل و تفَكُر حتى لاح فجر جديد وبدأ يوم مختلف ....

بقلم رشا روميه قوت القلوب

====

اليوم التالى ....

المعمل ...

رفع أمير ملفًا بيده يلوح به بقوة قبل أن يصرخ بغضب بوجه عبير الذى إحتقن باللون الأحمر وإشتعلت وجنتيها الممتلئتان به من شدة صراخه وعصبيته طوال الوقت ...

امير: إيه التهريج دة !!!!!! .. التقارير دى كلها تتعاد تانى ... دة مش شغل أبدًا ...


بإيضاح لما قامت بتعديله وسط إضطرابها من صراخه الحاد ...

عبير: والله عَدلتَها يا باشمهندس ... حتى شوف ...


ألقى أمير بالملف أرضًا لتتبعثر جميع الأوراق التى بداخله ، مما جعل عبير تُلملم الأوراق وهى تحبس دموعها قبل أن تغادر المكتب .....


خَرَجت من مكتب أمير ولم تَقدر على إخفاء دموعها المتساقطة حين دلفت لمكتبهم بأطراف باردة وإنفعال شديد ...


تلقتها سميرة بوجه ممتقع لسماعها لصراخ أمير الذى صدح بالمكتب بأسره ...

سميرة: إيه يا عبير ... كان بيزعق ليه تانى ...؟؟!


عبير بإنفعال وسط بكائها لعدم قدرتها على تحمل صراخه وإهانته لها بشكل مستمر ...


عبير : أنا خلاص مبقتش عارفه هو عايز إيه ... والله يا سميرة دى رابع مرة أعيد التقارير دى ... وكل مرة يهزقنى ويزعق لى ويرميهم فى وشى ... أنا خلاص تعبت وزهقت من الشغل معاه ....


ربتت سميرة بحنو على كتف عبير ثم إلتقطت منها الملف لتستند بطرف مكتب أحمد الذى لم يأت بعد لتقرأ محتوى التقرير محاولة إخراج الخطأ به ...


وصل أحمد إلى المكتب ليرى سميرة تستند على مكتبه برقة ، تسلطت عيناه بهيام تجاهها فتلك الفتاة إستطاعت بتلك الفترة القصيرة التى مكثت بها معهم أن تسرق قلبه دون إستئذان ...


إبتسم بهدوء وهو يتجه صوبها ملقيًا عليها تحيه الصباح ..

احمد:صباح الخير يا سميرة ... عامله إيه ..؟؟!


إنتبهت له سميرة لتعتدل فى وقفتها مجيبه برسمية ..

سميرة: صباح الخير ... تمام الحمد لله ....


احمد : مشغوله فى إيه من بدرى كدة ...؟؟!


سميرة وهى تنظر نحو التقارير دون الإهتمام بحديث أحمد لها بل وجَهت حديثها نحو عبير التى لم تتوقف عن البكاء والذى إزدادت حِدته بحضور أحمد وعدم إنتباهه لوجودها وبكائها من الأساس ..


سميره: ما هو كل حاجة مظبوطه أهى ....


إلتفت احمد تجاه عبير عندما تحدثت معها سميرة لينتبه لوجودها ...

احمد: إيه دة إنتى هنا يا عبير !!!! ... مالك متضايقه ليه ....؟؟


عبير بضيق: إنتَ لسه واخد بالَك ...؟!!!مفيش حاجة ...!!!


ضيق أحمد حاجبيه بدون فهم وهو ينقل بصره بين كلتاهما ...

احمد بإستفهام : إيه إللى حصل ما تفهمونى ...؟!


سميرة بإيضاح : باشمهندس أمير كالعادة رفض التقارير وإتعصب عليها ...


بعد أن هدأت عبير قليلا لوجود أحمد وإهتمامه بما حدث ، أخذت تستنكر ردود أفعال أمير المبالغ فيها بالآونة الأخيرة ...

عبير: أنا عارفه بس إيه إللى جرى له ؟!!!! ... دة كان بَلسَم ... كل الناس كانت بتحبه ... وعمره ما تعصب على حد ولا ضايق حد ... 


ثم إستكملت بتكهنها لسبب هذا التغير الذى طرأ بتصرفاته ...

عبير : هو من يوم ما خطيبته سابته وهو راجع كدة ... بس أنا ذنبى إيه ....؟!!!


لمعت عينا سميرة حين أدركت أن هذا ليس طَبعِه وأن الأمر مختلف كليًا عن السابق ... 

سميرة: معقول ...؟!!! يعنى هو مش عصبى أصلا ...؟!


أوضح أحمد بإيجاز طبع أمير قبل أن يتأثر بهذا الأمر ...

احمد: لا خالص دة إنسان محترم جدًا وكويس جدًا ... دة كان أستاذ أشرف هو إللى الناس بتخاف منه ولما كانوا بيحتاجوا حاجة بيروحوا للباشمهندس أمير ... بس هو فعلا إتغير بعد موضوع خطيبته دة ...


أشرق وجه سميرة بفضول فهى شخصية فضولية بشكل كبير ...

سميره: وسابته ليه ....؟؟!


عبير: محدش عارف ... وأنا مالى ... المهم دلوقتِ .. حـ أعمل إيه فى التقارير دى ...؟!!


شردت سميره بأفكارها بعد حديث عبير وأحمد عن أمير لتُحدث نفسها قائله ...

سميره: " يعنى إللى هو فيه دة ضغط نفسى ... طب ما هو إحنا لازم نساعده يرجع لطبيعته تانى .... أيوة كدة يا سمورة ... جت لك الفرصة بقى .... أبدعى وطلعى الدكتور النفسى إللى جواكى ... وأهو ...... حتى ينوبنا فيه ثواب ...."


عبير مقاطعه أفكارها ..

عبير: إييه .. رُحتى فين !!!! ... حـ أعمل إيه دلوقتِ ....؟؟!


أجابتها سميرة لغرض بنفسها ....

سميرة: أنا حـ أعيدهم تانى وأوريهم له ...


عبير: الله يكرمك يا شيخه .. روحى إلهى ربنا ما يحرمك منى ...


إبتسمت سميرة وأخذت التقارير وعادت مرة أخرى إلى المعمل لتقوم بإعادتها مستغلة فرصة لا تعوض للتدخل بحياة هذا الشاب لإعادة لحياته الطبيعية السوية .....



#الفصل_التاسع #rasha_romia #قوت_القلوب #لحظات_منسيه


الفصل التاسع

•• حقودة ....!! ••


نعيش بعالم الأحلام فيغنينا عن واقع رتيب الحال ، لكن ما لا نتوقعه هو أن تتحول تلك الأحلام لحقيقة ملموسة ، فتلك أمور تفوق تخيُلنا وإستيعاب عقولنا ، لندرك أن الواقع أجمل من الأحلام بآفاق تتخطى تصورنا وأحلامنا  ...


وقف كرم يحتسى فنجان من الشاى ناظرًا من نافذة غرفة الفندق المقيم به وقد إرتسمت شبح إبتسامة على شفتيه بدأت تزداد إتساعًا حتى تحولت إلى ضحكة مسموعة مع تذكره ما حدث بالأمس بحفل الزفاف ...


إختلج قلبه بقوة داخل صدره حين تذكرها ، لا يُدرك كيف تحققت أحلامه بهذا الواقع ليلتمسها حقيقه تلك المرة وليست خيال بعقله فقط ، إنها هى نَفسُها ، نفس الفتاة التى تزور أحلامه منذ فترة طويلة ...


تلك الفتاة التى يخلد للنوم خصيصًا لرؤيتها ويتحقق آماله برؤيتها بالفعل ، هى نفسُها التى خطفت قلبه بأحلامه ليدبُ العشق بأوصاله لها دون حتى أن يراها ...


ها هى تتجسد أمامه بشخصية فريدة شامخة متزينه بفستانها الأخضر المميز ....


ليتذكر كيف إصطدمت به و سكِبت على قميصه كأس"الشربات" وكأنها لم تفعل شيئًا ، بل على العكس أصبح هو المذنب والمخطئ دون أن يدرى ، بسعادة لهذا اللقاء الغير متوقع مطلقًا حَدَّثَ كرم نفسه قائلا ....


كرم: أنا إتجننت ولا إيه !!! ... بس مش قادر أنسى شكلها وهى متعصبه عليا إمبارح ... فيها حاجة غريبة ومختلفة ... زى مصر فيها حاجة غريبة ومختلفة ... 


ثم علت قهقهته ضاحكًا حين تذكر الإسم الذى أطلقهُ عليها ...

كرم : خضرا بتاعه الشربات ... بس معقول تكون هى ... معقول .....


أيمكن أن تكون الفتاة التى يراها بأحلامه موجودة حقًا دون أن يعلم ، بعد مكوثه لبعض الوقت شعر بالتملل من بقائه بمفرده ليحمل سترته خارجًا من الفندق يتجول بشوارع القاهرة الساحرة فقد بدأ يُدرك موضع الفندق جيدًا ...


تفكر بزيارة صديقه ياسر فى المساء وأحضر له بالفعل هديه قيمة بمناسبة زواجه ....


====


شقه ياسر ..

إستيقظ العروسين بإبتسامه سعادة تشق وجوههم لتبدأ نورا بأولى مهامها بتحضير طعام الإفطار لهما ببيتها الجديد ....


أقبل ياسر نحو عروسته النشيطة متغزل بها ...

ياسر: يا صباح الورد ... إيه بس القمر تاعب نفسه ليه على الصبح ...!!


نورا : وهو أنا أطول لما أحضر الفطار لجوزى حبيبى ... يلا تعالى نفطر أنا خلاص خلصت ...


تناولا الطعام بشهيه كبيرة ثم أخذت نورا تحمل الأطباق الفارغة إلى المطبخ حينما أسرع ياسر بمساعدتها ..

ياسر: ميغركيش شكلى بس أنا بعرف أطبخ كويس أوى ... دة أنا كنت مغرق كرم بالطبيخ بتاعى ...


ضحكت نورا بقوة لإقحام ياسر صديقه بكل حديث بينهم ...

نورا: كرم تاااانى !!!! ... هو إحنا مفيش ورانا غير كرم ...!!!


ياسر بضحك : أسف .. إتعودت بس ...


أسندت نورا ظهرها للطاولة وهى تتشدق بحاجبيها بإندهاش ...

نورا: بس تصدق كنت فاكرة شكله مختلف خالص .. لما شفته إمبارح حسيته مصرى أوى ...


تصدمه دائمًا بأفكارها السطحية ليردف بتعجب ...

ياسر: مش عارف أعمل إيه فى دماغك دى !!! ... يعنى دة واحد مصرى أبوة وأمه مصريين بس عايش فى إنجلترا طول عمره ... حـ يفرق فى إيه ... عشان عايش هناك حـ يتحول ويبقى شعره أصفر وعينيه خضرا ...!!!!


نورا: الصراحة إتخيلته أجنبى كدة فعلا ..


رفع حاجبيه وأهدلهما بسخرية مازحه ..

ياسر: دماغك دى الماظات ... حـ تودينا فى داهيه إن شاء الله ...


قطع حديثهما صوت جرس الباب الذى هرع ياسر بفتحه لإستقبال والديه وإخوانه وخالته وإبنه خالته أيضًا فقد توقع زيارتهم بهذا الوقت من الصباح للمباركه لهم ...


ياسر: أهلا أهلا ... إتفضلوا ....


لحقت نورا بـ ياسر تستقبل عائلته بإبتسامتها العريضة ترحب بهم ...

نورا: إتفضلى يا طنط ... إتفضل يا عمى ....


دلف الجميع للداخل يحملون الكثير من الهدايا وصوانى الطعام المعدَة خصيصًا للعروسين فيما نظرت واضحه لإبنتها التى تأهبت كما لو كانت تعطيها الإشارة بالتحرك .....


أومأت حسناء بخفة تجاه والدتها لتهتف بود بالغ ...

حسناء: ألف مبروك يا عرايس ... أحط لكم الحاچات دى فى المطبخ ...؟!!!


نورا بعفويه: لا متتعبيش نفسك عنِك إنتِ أنا حـ أخدهم ...


وقفت واضحه تَحُوُل بين نورا وحسناء بإصرار شديد ...

واضحه: إزاى دِه !!!!! ... إنتِ عروستنا الجمر (القمر) .... 


رغم تلك الإبتسامة المزيفة التى ملأت وجهها إلا أنها عادت تأمر إبنتها بالتحرك بمفردها ...

واضحه: حطيهم يا حسناء فى المطبخ وساعدى مرات إبن خالتك ....


إبتسمت نورا ظنًا منها أنهم يساعدونها ....

نورا : شكرًا يا طنط ...


تحركت حسناء نحو المطبخ فيما لحقت بها نورا بأطباق الحلوى التى قد أحضرتها والدة ياسر معها ...


وضعت حسناء ما تحمله بيدها وهى تستدير نحو نورا بلطف شديد قائله ...

حسناء: روحى إنتِ إرتاحى وياهم وأنا حـ أحط لِك الحاچة فى التلاچة و آچى ...


نورا: بس ...!!!!


حسناء بود مصطنع: ولا بس ولا حاچة دة بيت أختى ... روحى إرتاحى إنتِ يا عروسة ...


أومأت لها نورا بإمتنان وخرجت لتستقبل زوارها بينما سيطرت لطافة حسناء على تفكيرها لتلوم نفسها كيف كانت تظن السوء بهذه الفتاة الطيبة ....


إنتهزت حسناء فرصة إبتعاد نورا و أسرعت بوضع الطعام بداخل المُبرد ثم تحركت خلسة دون أن يشعر بها أحد بإتجاه غرفة النوم لتدلف إلى الداخل وهى تشعر بالغيظ من نورا و تمنت أن تَحِل هى محَلهَا ..


أخرجت قطعه مثلثة الشكل ( الحِجاب) مطوية بصورة عجيبة من جَيبِ فستانها المزركش لتضعها تحت وسادة ياسر لتنهر نفسها بتردد ...

حسناء: لأ  .... كدة باينه جوى (قوى)... وممكن يلاجوها (يلاقوها) ...


فرفعت حسناء المَرتَبة ووضعت الحِجاب فوق الألواح الخشبية فبهذا الموضع لن يجدهُ أحد مطلقًا لتنظر تجاهه بإستحسان ...

حسناء: أيوة كِدة مش حـ يلاجوها( يلاقوها)  ..


أعادت كل شىء لموضعه كما كان حتى لا يشُك أحدهم بالأمر ، لكنها قبل خروجها من الغرفة أخذت قطعة من ملابس نورا وخبئتها فى ملابسها وخرجت من غرفة النوم بنفس الطريقة ذاهبه نحو المطبخ كأنها لم تفعل شيئًا ....


تصنعت خروجها من المطبخ للتو وهى تردف بإبتسامة ...

حسناء: كله تمام .. بالهنا على جلبك (قلبك) يا عروستنا .....


نورا بود: شكرًا يا حسناء تعبتك معايا والله ...


حسناء: تعبك راحه ...


مر الوقت وإنتهت تلك الزيارة الواجبة لتُسرع واضحه لغرفتها وهى تهمس بأذن إبنتها ....

واضحه : ها طمنينى ...؟!!!


حسناء بخبث: كله تمام ... حطيت الحِچاب وچبت الجطر ....


أشرق وجهها بسعادة حين إطمأنت أن إبنتها قامت بما طَلبتهُ منها تمامًا لتهتف بتفاخر بإبنتها  ...

واضحه: بت أمك بصحيح ... يلا خدى الجطر و رهوان على الشيخ كَرامه عشان تشوفى حـ يعمل إيه ...


حسناء: ماشى ... حـ روح طوالي ...


لم تتوانى حسناء للحظات بل أسرعت لتخرج من البيت مستقلة إحدى سيارات الأجرة لتصف له عنوان معين ليصلها إلى هناك وينتظرها لحين عودتها مرة أخرى ..


====


المعمل.....

أنهت سميرة كتابة التقرير بعدما أعادت فحص العينة مرة أخرى ووجدت نفس النتيجه التى ظهرت مع عبير ، لكنها أوضحت بعض النقاط فى التقارير لم تكن عبير قد دونتها بعد ...


جهزت التقارير وتوجهت نحو مكتب أمير ، سحبت نفسًا عميقًا ثم زفرته ببطء إستعدادًا لطريقته الهجومية التى يتحدث بها خاصة وأن هذا هو لقائهما الأول بعد صِدامه معها بأول يوم عمل لها ....


طرقت الباب بطريقة مميزة فتلك طريقتها للدق بالأبواب فهى تستمتع دومًا بكونها فريدة بكل شئ ليست تتعامل أو تتصرف مثل الجميع فيجب عليها أن تكون مميزة متفردة بكل ما تقوم به ....


بداخل نفسها هى عازمة على أن تُغير هذا الأمير وتخرجه من قوقعته التى يحبس نفسه بها وعليها أن تُعدل من حالته النفسية كنوع من التحدى والمساعدة بنفس الوقت ....


سمعت صوته من الداخل يسمح للطارق بالدخول ..

امير: إدخل ...


فتحت سميرة الباب متحليه بالثقة مهما كان رد فعله تجاهها ، تقدمت ببطء وثبات قائله ...

سميرة: لو سمحت يا باشمهندس .. دى تقارير مصنع الأعلاف للمنتج الجديد إللى حضرتك طلبته ....


إنشغاله بالأوراق الموضوعة أمامه جعله لم ينتبه لوجودها إلا بعد أن إستمع لنبره صوتها المميزة السريعة الإيقاع ، صوت أنثوى مُبتَهِج غير مُعتاد على سماعه رفع إثره عيناه تجاه صاحبته ليضيق عيناه مستنكرًا وجودها بمكتبة خاصة بعد طلبه من أشرف ألا تحتك به هذه الفتاة على الإطلاق ....


لكنها تتجرأ الآن وتتقدم نحوه بدون أى إكتراث ، فيا لها من مخادعة جديدة فى عالمه تتحلى بمظهر برئ جميل ...


وجودها وحده كان كافى لإطلاق الشرر المتوهج بعيناه القاتمتين وهو يحدجها بنظراته الغاضبة قائلا بحده ..

امير: أظن حَضرتِك مش مختصة بالتقارير دى !!!! .. ودى من ضمن إختصاص الآنسه عبير .. فإتفضلى إطلعى برة ..


حِدته تلك وكلماته القاسية كانت كفيلة بإرباك من يستمع لها ، خاصة لو كانت عبير فبالتأكيد كانت إنهارت باكية لحساسيتها المفرطة ، لكن تلك المشاعر والتأثر المبالغ فيه ليست من طِباع سميرة ...


لتقف بدون تأثر ولا إهتمام بإنفعاله على الإطلاق مردفه بثقة تَعجَب لها أمير للغاية ...

سميرة  : حضرتك ... عبير عملت تحليل للعينة دى أربع مرات وحضرتك رفضتها فإتحولت العينة دى ليا ... فبقت من إختصاصى ...


أتثير غضبه متقصده أم ماذا تفعل تلك الوقحة لتراجعته فى الحديث وتجيبه بتلك الطريقة ، نهض من مقعده بغضب ليحاول إرباكها وإثارة توترها ...

امير: قاصدك إنى مش فاهم شُغلى ولا عارِف مين مُختص بإيه ...؟؟!!


قابلت مجابهتة بهدوء مميت أثار إنفعاله قوة وحدة ...

سميرة بهدوء: العفو .... حضرتك ... أنا بوضح بس إللى حصل ...


مد أمير يدة بعنف خاطفًا الملف من يدها لتنتفض بتفاجئ من حركته لكنها عادت لثباتها مرة أخرى ، هذا الإضطراب الذى دام للحظات شعر له أمير بنشوة زهو ....

امير: ورينى التقارير دى ...


نظر إليها سريعًا ثم ألقاها مرة أخرى أرضًا لتتبعثر أوراقه على الأرض كما فعل من قَبل مع عبير ، ثم حدق بعيناها بتحدى رافعًا حاجبه بقوة استهزاءً بها ..

امير : غلط ... كلها غلــــط ...


رفعت سميرة هامتها للأعلى بشموخ كما لو أنها تخبره بأنها لا تتأثر ولا تنحنى لأفعاله لتقف كما هى بصمود دون حتى أن تلتفت للأوراق المبعثرة ، أكملت تحدق به بتحدى أدهش أمير فقد ظن أنها ستنهار مثلما إنهارت عبير ببكاء منذ قليل ...


سميرة بقوة: أظن أنا جيت لحضرتك بإحترام وبأدب وإديت لحضرتك التقارير يبقى المفروض حضرتك تقابلنى بنفس الإحترام دة ... أنا مش طفلة ولا إنسانه قُليله عشان ترميلى الورق على الأرض وأنزل ألمُه قدام حضرتك بالمنظر دة ..!!!!!!!


نظر إليها امير بإندهاش لقوتها فى الحديث لأنه يعلم جيدًا أنها على حق ، وأنه مهما كان الخطأ بهذه التقارير فهو ليس من حَقه أن يعاملهم بتلك الوضاعه ، وليس من أخلاقه أن يَذِل العاملين معه بهذه الصورة ...


إلتزم أمير الصمت وإلتزم بنظرة التعالى فهو لن يسمح لها بأن تُقلل مِنه ومن تصرفاته حتى وإن كان مخطئًا ...


أكملت سميرة بقوة عاقدة ذراعيها بتحدى تطرق على الحديد وهو ساخن فقد رأت إضطرابًا يخفيه هذا الأمير خلف قناع قوة واهية ....

سميرة: العينة دى تم فحصها خمس مرات والنتيجه هى هى ... وطالما حضرتك شايف حاجة إحنا مش شايفينها فيا ريت تدينا من خبرة حضرتك وتفهمنا إيه إللى غلط بالضبط لأننا بجد عايزين مصلحة الشغل وفى نفس الوقت مش فاهمين إيه الغلط ....


لن تتغلب عليه بطريقتها المنمقه ليحاول أن يُدنِى من أفكارهم وخبراتهم ...

امير : ولما إنتوا معندكمش خبرة شغالين هنا فى المعمل ليه ....؟؟؟


سميرة: محدش بيتعلم بين يوم وليلة ولازم تعَدى علينا الخبرات عشان نتعلم منها ونبقى خبراء زى حضرتك ...  ولو كل الناس شغلت الخبراء بس الخريجين الجداد عمرهم ما حـ يتعلموا ولا حـ يكتسبوا خبرة أبدًا .. ومفيش شغل بيعتمد على القُدام بس ... لازم القديم يعلم الجديد .. هى الدنيا كدة ... لازم نتعلم ونتغير ومنفضلش زى ما إحنا طول عمرنا ... لازم ناخد خطوة لقدام ...


قصدت بذلك أن عليه التحرك والمضى قُدمًا بحديثها القوى الذى يتوارى خلف مقصد العمل لكنه شعر بأن كلماتها تصف واقعُه وليس وصف لخبرات العاملين بالمكتب .... 


هزت كلماتها معانى بداخله غيرمقصودة على الإطلاق ...


إضطرب تنفسه لقوة تلك الفتاة وحديثها الصائب فقد إستطاعت أن تغلبه بحِنكتها وقوتها لتهدأ ثورته وإنفعاله بشكل ملحوظ ليردف ببعض الهدوء رغم إقتضابه بالحديث ..


امير: نتيجه فحص السموم فى التقرير مش مظبوطة ... فيها نِسبة مش حـ تظهر إلا بإضافات فلازم تعملوا الإضافات دى الأول عشان توضح كل السموم فى العينة ..


سميرة بإنبهار بتفكيرة المرتب : تمام ... حـ أعيد التحليل تانى و أجيب لحضرتك التقرير الجديد ...


إستدارت سميرة للملمة الأوراق المبعثرة أرضًا حين إستوقفها أمير ...

امير بضيق: سيبيه ...!!!


ثم إستطرد موضحًا ...

أمير : الساعى حـ ييجى يلمُه ... إتفضلى إنتى على المعمل ...


أومأت سميرة قبل خروجها من المكتب بتفهم ، فور أن خرجت من باب المكتب مال ثغرها ببسمة خفيفة تعلن إنتصار كانت تسعى للوصول إليه ...


جلس أمير معاتبًا نفسه على تصرفاته الغير محسوبة تجاههم ... ولوم نفسه على أن هذه الفتاة قد إستطاعت أن تغلبُهُ اليوم ...


====


بيت الحاج سعيد ..

تطلعت والدة هيام بالساعة بإندهاش حين إنتبهت لعودة هيام بمثل هذا الوقت ...

ام هيام : إنتِ رجعتى بدرى النهاردة حبيبتى ولا أنا مش واخدة بالى ...


هيام: أه يا ماما لغيت آخر درس عشان حـ أروح لـ نورا أبارك لها ...


ام هيام: عقبالك يا بنتى ...


هيام بإبتسامة حزينة : إن شاء الله حبيبتى .. أمال فين بابا وسميرة ...


أغمضت والدة هيام عيناها لوهلة قبل أن تردف بضيق ...

ام هيام : أبوكى تعب شوية ودخل ينام وسميرة فى أوضتها مع هبه ...


هيام: طيب حـ أروح أطمِّن على بابا و أشوف سميرة لو عايزة تيجى معايا عند نورا ...


ام هيام: وماله يا بنتى ..


بعد أن إطمئنت هيام على والدها النائم ذهبت لغرفه سميرة وهبه ...


هيام: أستر يا رب بخاف أوى لما بتتجمعوا سوا ...


وقفت هبه تحمل أحد الملازم الخاصة بها ...

هبه: مش للدرجة دى ... تعالى بقى إستلمى الشيفت دة و إرغوا سوا أحسن أنا عندى بكرة تسميع ومحفظتش حاجة خالص من رغى أختك من الصبح ...


سميرة بإستنكار: أه يا تحفه ....  جايه دلوقتِ عامله متضايقة ومن الصبح كَملى ... كَملى ...


أنهت سميرة حديثها وهى تقلد طريقة هبه تمامًا لتعلو ضحكات هبه على قُدرة أختها على التقليد بهذه الصورة ...

هبه : الله ... أكسفك يعنى ...


مررت سميرة أصابعها فوق ذقنها توعدًا لها ...

سميرة: طاااايب ... أدى دقنى لو قلتلك حاجه تانى ... إمشى يلا غورى من هنا ...


هيام: مش حـ تبطلوا الجِنان دة بقى .....


قابلت سميرة هدوء هيام بتذمرها من أختها قائله ...

سميرة : ما إنتِ شايفه كلامها المستفز ...


هيام : سيبك منها ... قاعدين تنموا على مين الساعه دى ...؟!!!


بأسلوبها الشقى المشوق أجابتها سميرة ...

سميرة: على المدير بتاعى ... أما النهاردة عملت مغامرات إنما إيه ...


هيام: إحكي لى يا بختى ...


قَصت سميرة ما حدث معها وما فعلته مع أمير بالتفصيل ...

هيام: أحسن ... أمال هو فاكر إيه ... يتأمر على الناس ويبهدلهم كدة عشان بيشتغلوا عنده ...


سميره: بس والله صِعب عليا لما عرفت إنه مش على طبيعته وإن كل إللى فيه دة سببه جرح نفسى جواه ...


بتعقل شديد أخذت هيام تُحذر أختها بقوة من ألا تلقى بنفسها بطريق له مخاطر عديدة ...

هيام: بقولك إيه ... بلاش شغلانة المعالج الروحاني دى أحسن تلاقى نفسك مطرودة من الشغل وإحنا ما صدقنا ..


سميرة: لا متخافيش على أختك ... إلا صحيح إنتِ إيه إللى جايبِك بدرِى دى الساعة مجتش سبعه ...؟!!!


هيام : عايزة أروح لـ نورا .. تيجى معايا ...؟؟؟؟


سميرة: لا يا أختى ... أنا إتهديت طول النهار ومش عايزة أخرُج ... روحى إنتِ ولا خدى هبه ....


هيام: ما هى كمان عندها مذاكرة ما إنتِ سمعتيها ... خلاص حـ أروح أنا و أمرى لله ....


تطلعت سميرة بإشمئزاز نحو ملابس هيام الواسعه ذات الألوان القاتمه ...

سميرة: بس بالله عليكِ غَيَرى هدوم الغفر إللى إنتِ لابساها دى ...


هيام: لا أنا مبسوطه كدة ... مالكيش دعوة ...


سميره: يا بنتى هدومك تحسى إنها كبيرة أوى عليكِ كدة ..


هيام: أنا بحبها كدة ... يلا سلام ...


سميره: إنتِ حره ... سلام ..


====


كرم...

بعد تجوله الطويل بشوارع القاهرة وتناول الغذاء بالقرب من النيل بحميميه رائعة لهذا المكان ، صدح هاتفه برنينه المميز لينظر كرم إلى شاشته بإبتسامة فقد كان صديقه ياسر الذى يُدرك تمامًا أن صديقه غريب هنا وقد إنشغل عنه تمامًا بتحضير تجهيزات الزفاف الخاصة به ، أجاب كرم تلك المكالمة حين هز صوت ياسر الضاحك أذنيه قائلا ...

ياسر: إيه .. توهت ولا لسه ....؟؟!


كرم: والله بحاول أتوه ومش عارف ...


ياسر: تصدق صعبت عليا .. طيب ما تيجى تتعشى معانا ...


بإندهاش تام لعرض ياسر الغير معقول ...

كرم: أتعشى معاكم إيه يا راجل إنتَ !! ... إنتَ مش كان فرحك إمبارح !!!!! ... المفروض تقعد كدة مع عروستك ..


ياسر: طيب ما أنا قاعد معاها هو حد قالك أنى سايبها ..


كرم: يا أخى دة أنا لو مكانك أفضل جنبها وأدلعها و أعيش معاها اللحظات الحلوة الرومانسية دى ... أجيب لها ورد ولا نُخرُج بره ...


أجابه ياسر ببلاهه فقد شعر بأنه يفتقر لكل ما يسمى بالرومانسية ...

ياسر: يا أخى حسستنى إنى وَحش جنبك ... بس والله أنا كويس معاها ....


كرم ساخرًا : لا ... ما هو باين ...


ياسر: أنا إللى الحق عليا عشان فَكَرت فيك تيجى تبر نفسك بأكله بيتى عندنا بدل أكل المطاعم إللى إنت عايش فيه دة ... خلاص ..... براحتك ...


تشبث كرم بتلك الفرصة ليس لتناول الطعام فقط بل لأنه لا يعرف أحد هنا أيضًا ...

كرم: إيه يا عم ... إنتَ ما صدقت ولا إيه ..!!!


ياسر: شفت ... حافظك أنا ... يلا مستنيك ... متتأخرش ... وبعد العشا يا سيدى قوم إتكل على الله وسيبنى مع مراتى براحتى زى ما إنتَ عايز ...


كرم: هو دة الكلام ... جايلك ...


ياسر: ماشى ... سلام ..


كرم: سلام ...


خرج ياسر من الغرفة ليبلغ نورا بحضور كرم حين وجد نورا أيضًا تنهى مكالمتها التليفونية فى ...


نورا: ماشى يا جميل .. مستنياكِ ... باى ...


بإندهاش لتلك الصدفة أردف ياسر بإستغراب ...

ياسر: إيه دة هو فيه حد جاى لنا ..؟!!


نورا: أبدًا دى هيام .. جايا تبارك لنا أصل أنا أصريت عليها لازم تيجى ..


ياسر: ياااه ... لو كنت عرِفت مكنتش عزمت كرم ييجى يتعشا معانا ..


إتسعت عيناها تلقائيًا بإندهاش لكنها سرعان ما تذكرت أنها لن تجهز شيئًا فبرادها ممتلئ عن آخره بما لذ و طاب ...

نورا: متقلقش هيام أساسًا مش بتقعد كتير وهى خلاص قريبه من البيت وعقبال ما صاحبك ييجى حـ تكون هى مشت ... أنا عارفاها مش بتطَّول فى الزيارات نهائى ...


ياسر: طيب كويس ... حتى نعرف نقعد مع بعض بعد ما يمشوا ... كرم كمان قلت أعزمه على عشا بيتى .... أصله من يوم ما جه مصر شغال على المطاعم وهو برضه حـ ياكل ويمشى على طول ...

#الفصل_العاشر #rasha_romia #قوت_القلوب #لحظات_منسيه

الفصل العاشر

•• سِحر أسود ••


لم يكن الدافع هو الروتين أو الفرض الإجتماعى بل تلك المحبه الكامنة بالقلوب ..


بمساء لطيف للغاية إتخذَت هيام طريقها نحو بيت صديقتها الجديد لتبارك لها زواجها بقلبٍ صادق ، لم تُفكر بنفسها وأن تلك الخطوة بعيدة عن حياتها الجافة ، خطوة مؤجلة ربما وإن تمت سيكون بعد زمن بعيد ...


لم تكن ذات قلب حقود بل شَعَرت بسعادة لسعادة صديقتها ، دقت الباب لتفتح نورا على الفور فهى كانت تترقب تلك الزيارة بشوق فكلا منهما تَكِنُ للأخرى ذات المحبه والإِخاء ...

نورا: هياااااام ... وحشتيني ...


هيام : ألف مبروك ... يا أحلى عروسة في الدنيا ...


أمسكت نورا بذراعها بحماس وتشوق تسحبها نحو الداخل ...

نورا: تعالى ... تعالى ...


دلفت هيام حاملة عُلبة كبيرة مزينة كهدية للعروسين وضعتها برفق فوق إحدى الطاولات قبل أن تتجه برِفقة نورا نحو غرفة إستقبال الضيوف خاصتها (الصالون) ...


رغم إمتنانها لهديتها إلا أنها شعرت بأنها أثقَلت على صديقتها بثمنها لتردف ببعض التأثر ...

نورا: كلفتى نفسِك ليه كدة يا هيام ... هو إحنا أغراب ...!!


بطبعها الكريم فهى لن تبخل أبدًا على صديقتها بهدية ثمينة فهى تستحق أكثر من ذلك ..

هيام: لو إحنا أغراب مكُنتش جبت حاجة .. دى حاجة بسيطة كل ما تشوفيها تفتكرينى بيها ... مبروك حبيبتى ...


زمت نورا فَمِها بمرحها المعتاد تعاتب صديقتها على إختفائها بحفل الزفاف ...

نورا: مشيتى بدرى ليه فى الفرح ...؟؟!!


تتمتع هيام بطبع قاسِ كتوم للغاية ، لا تُصرح بمشاعرها ولا بما يحدث معها بسهولة لتردف بنبرة تخالُها عادية للغاية فلا داعى للثرثرة بموقف هزيل حدث معها ...

هيام: ااا ... خفت أتأخر .. وإنتِ عارفه الشغل ...


نورا: وعارفاكى لايمكن تغيبى أبدااا ...


حَضَّر ياسر كوبان من العصير حتى لا يزعج زوجته وصديقتها ليطرق بخفة باب الغرفة لتنتبه له نورا التى تفاجئت بتصرفه لتحمل الصينية عائدة بها إلى الصالون مرة أخرى وسط إندهاش هيام فهى لم تستغرق وقتًا لتحضيره ...

هيام: إيه ده لحقتى جبتيه منين دة ....!!!


نورا: لا ده ياسر ساعدنى وحضرهُ لنا ..


بتصرف بسيط للغاية يدل على إنسجام بينهم يُسعد قلوبهم وقلوب محبيهم معهم ..

هيام: بجد ..!! ربنا يسعدكم وتفضلوا دايمًا كده مع بعض ...


نورا: يا رب ... ياسر ده مفيش منه إتنين أبدااا ..

قالتها نورا بمحبة حقيقية فمن حسن حظها إرتباطها به وتفهمها لبعضهما البعض ...


=====


كرم...

إبتاع كرم طقم من الساعات الفاخرة أحدهما لـ ياسر والأخرى لـ نورا فهى أقل ما يمكنه شراؤه لهما ، ثم مر بمحل للورود ليشترى باقة ورد بديعة وهو فى طريقه إلى بيت صديقه وزوجته ...


لم يكن البيت بالبعيد وإستطاع للوصول له بسهولة ، فخلال الأيام الماضية تمَكن من مَعرفة بعض الأماكن البسيطة بالقاهرة ومن بينهم بالطبع بيت صديقه الوحيد ...


دق كرم بصديقه يخبره بوصوله لينتظره ياسر بباب شقته قبل أن يصعد للطرق عليه ...


وبترحيب بالغ تقابل الصديقان ليأشر له ياسر بالدخول مستقبِلا إياه بحفاوة ...


تقدم ياسر لاحقًا به كرم وقد شقت إبتسامته وجهه الوسيم بسعادة لرؤية صديقه بهذا الإشراق ...


توقف ياسر معتذرًا من كرم وهو يأشر تجاه اليمين نحو غرفه المعيشة خاصته ...

ياسر: معلش بقى تعالى معايا للصالة الصغيرة سَبَقتك واحدة صاحبة نورا فى الصالون ...


كرم: وهو أنا بيفرق معايا الشكليات دى ... يلا ورينى فين الصالة دى ...


دلف ياسر لتلك المساحة الصغيرة التى تأثثت بذوق وعناية گ غرفة معيشة يفصل بينها وبين الصالون باب صغير ...


تطلع كرم لوجه صديقه المبتسم قائلا ...

كرم: ما شاء الله باين عليك مبسوط ...


ياسر: عقبالك ...


كرم: يا رب ...


شرد كرم بِفكرِه بعيدًا حتى إتسعت إبتسامته ليثير ذلك تساؤل ياسر بفضول عن سبب تلك الابتسامة على وجهه ...

ياسر: إيه إللى حصل ... ما تضحكنا معاك ...؟؟؟


مال كرم برأسه قليلا وهو يسأل صديقه گ تهيئة لما سيقوله ...

كرم: فاكر الحلم إللى كنت دايمًا بحلم بيه وكنت حكيت لَك عليه ...؟؟؟


تشدقت عينا ياسر بتذكر لذلك قائلا ...

ياسر: أه طبعًا فاكر ... الحلم بتاع البنت إللى بتاخدك من إيدك وتوديك لبيت كبير ...


تنهد كرم بسعادة وهو يسترخى بمقعده مردفًا ...

كرم: أنا شفت البنت دى فى فرحك إمبارح ...!!


إعتدل ياسر بتشوق فهل يمكن أن تكون تلك الفتاه موجودة بالحقيقة بالفعل ...

ياسر بدهشه: بتهزر ...!!!! مين دى ..؟؟!


تقوست شفتاه بدون عِلم من هى تلك الفتاة ليرفع كتفيه ويهدلهما قائلا ...

كرم : مش عارف ... خَبَطِت فيا ووقعت على قميصى كأس الشربات وهزقتنى وهوووب ... إختفت ...


ياسر: يعنى هى إللى خَبَطِت فيك وبهدلتك .... وكمان هزقتك ومشيت ... دى مين الجبارة دى ....؟!!!


ليته يعلم من هى ما كان لينتظر دون أن يذهب إليها ويراها مرة أخرى ...

كرم: والله مش عارف بجد ... دى حتى كانت بتقول كلام مش فاهمُه لحد دلوقتِ ...!!!!


ياسر بتعجب : ليه قالت لك إيه ...؟؟


كرم: كانت بتقولى فاهماك وفاهمه كويس الإسطوانات دى وبعدين هزقتنى ومشيت ...


بإدراك وفهم لمقصدها أومأ ياسر برأسه قائلا ...

ياسر: اااه ... دى فاكراك بتعاكسها ....


إتسعت عينا كرم بإندهاش معقبا ...

كرم:يا راجل ....!!! هو إسطوانات يعنى بعاكسها ... !!!!!! ... 


ثم أكمل بحركه جذابة من حاجبه الأيمن بإعجاب ...

كرم : هو أنا معاكستهاش ... بس هى الصراحه تستاهل إن الواحد يعاكسها ....


إندهش ياسر لرؤية كرم بهذا الحال ليسأله بإستغراب ...

ياسر: إيه يا كرم ... دة إنت كل بنات أوروبا مأثرتش فيك ... تأثر فيك بنت مصرية ...؟!!!!


غمز بعينه بهيام قائلا ...

كرم: فظيعة المصرية دى ... بس لو أعرف مين هى ...؟؟


ياسر: لسه ولا فيه صور جت ولا الفيديو ... طب أوصفها لى كدة يمكن تكون حد من قرايبنا ولا حاجة ...!!!


أعدل كرم من جِذعه وهو يشير بكفه للأعلى وقد سَبِلت عيناه بعشق قائلا بحالمية بالغة ...

كرم: قمر ... حاجة كدة سندريلا فى نفسها ... كانت لابسه فستان أخضر حلو أووووى ...


عقص ياسر أنفه بدهشه ...

ياسر: أخضر !!!! ... دة أنا مشوفتش غير هيام هى إللى لابسه أخضر تقريبًا ....


مال كرم على الفور بإنتباه شديد يسأله بإنفعال متحمس ...

كرم : مين هيام ....؟؟!


ياسر: صاحبة نورا مراتى ...


كرم بحالمية : هيام .... إسم لايق عليها أوى ....


ياسر بمكر : عارف .... هى إللى قاعدة مع نورا فى الصالون ...


كرم بإندفاع: إحلف ...


ياسر: أه والله ....


وضع كرم كفه فوق صدره مترجيًا ياسر بقوة ...

كرم: طب أشوفها ... بالله عليك يا ياسر .. أتأكد بس إنها هى ...


بتخوف شديد رفض ياسر ذلك قائلا ...

ياسر: لا يا عم ... لو نورا شمِت خبر دى تفضح الدنيا ...


قوس من ملامحه متصنعًا التأثر مترجيًا شفقته على حالة المحب ...

كرم: و أهون عليك !!! ... أفضل متعلق كدة ... مش يمكن تطلع هى وتريح قلبى .. بالله عليك يا أخى دة أنا عمرى ما طلبت منك طلب ....


ياسر: صعبت عليا .... الأمر لله ... قوم معايا ...


لمعت عينا كرم ببريق وهو يتبع ياسر متسللان نحو الباب الفاصل بين الغرفتين وهو يسحب باب الغرفة بهدوء شديد ليطل بعسليتاه ناظرًا نحو هيام التى كانت تجلس كالملكة فوق عرشها ، بالفعل ملكة لها من الثقة والكبرياء ما يجعلها آيه بالحسن والجاذبية ، فرغم ضحكاتها العفوية وبسمتها الساحرة إلا أنها كانت شامخة للغاية ، تعلقت عيناه اللامعتان بها مدققًا بملامحها العذبة كما لو كان لم يري بحُسنها من قَبل ليهمس بداخله ...

كرم : " دى أحلى كمان من إللى بشوفها فى أحلامى ...." 


تابع حديثها وصوتها الشجى ذو البحة العذبة لتُسحره بعالم آخر تتوغل به لداخل طيات قلبه الضعيف المنفعل بقوة لحظة رؤيتها معلنًا بدقاته عشقيًا متيمًا قبل حتى رؤيتها ومعرفتها ...


هيام: لأ ... إمتى دة ..؟؟!


نورا: والله زى ما بقولك ... مش إنتى رايحه المدرسه بكرة ... حـ تقابليها وحـ تشوفى ...!!!


هيام: إوعى تكونى رايحه المدرسة بكرة ...؟!


نورا: لأ طبعًا ... أنا الأجازة بتاعتى لسه طويلة ...


رفعت أصابعها تملس بها على خصلات شعرها تعيدها لموضوعها ليفوه بها كرم دون الشعور بنفسه وأنه يسترق النظر إليها ...

هيام: حـ شوف ... بس والله بخاف تدبسينى فى حاجه من بتوعك ...


نورا بضحك: لا متخافيش ... حـ بقى أدبس ياسر بدالك بقى من هنا ورايح ..


هيام: حرام عليكى يا شيخه ... طيب ..... أسيبك إنتِ بقى لعريسك وأمشى أنا مبحبش أكون عزول ...


نورا: متقوليش كدة وتزعلينى منك ...


هيام: ماشى فاهمه فاهمه ... يلا سلام حبيبتى ...


بتلك اللحظة أدرك ياسر أن هيام على وشك المغادرة ليسحب هذا المتيم الذى فقد عقله دون أن ينتبه لنفسه ليلكزه بخفة للإسراع بالإبتعاد ...


نظر كرم نحو ياسر لينتبه لما يفعلانه ليهرعا بعجاله نحو مقاعدهم حتى لا تنتبها نورا وهيام لهما ...


لكن الحظ العسر جعلهم يتعثرا بالبساط الموضوع بالأرضية ليهوى كلاهما محدثان صوت إرتطام قوى ....


فزعت نورا لهذا الصوت المفاجئ لتطلب من هيام الإنتظار حتى ترى ماذا حدث ...


إتسعت عيناها الواسعتان بصدمة لرؤية كرم وياسر ساقطان أرضًا كالأطفال ...

نورا : يا نهار !!!!! ... إيه إللى إنتوا بتعملوه دة ...؟؟!


ياسر بصوت خافت: اششش ... خلى هيام تمشى وحـ أفهمك ...


نظرت له نورا متعجبه من تصرفاتهم ثم عادت لصديقتها تودعها أولا قبل رحيلها ...


عاد ياسر وكرم إلى مكانهما وإنفجرت ضحكاتهم لما فعلوه للتو ....

ياسر: كنت حـ تودينا فى داهيه ... الله يسامحك ..


كرم: تفتكر مراتك حـ تقول علينا إيه ...؟؟!


مال فم ياسر جانبيًا قبل أن يردف بتهكم ...

ياسر: لا دى مجنونة زيك ... مش بقولك إنتَ لسه متعرفهاش ....!!


عادت نورا إليهم بعد توديع هيام لتقف أمامهم وهى تضع يداها فوق خصرها متصنعه الضيق كمعلمة تقف بتلاميدها بالصف ...

نورا: إيه بقى إللى بيحصل ده ...؟؟!


ياسر: الأول ... دة كرم يا ستى إنتوا شفتوا بعض فى الفرح بسرعة كدة ...


نورا بسخريه : أهلا وسهلا يا أستاذ كرم ...!!!


حاول كرم كتم ضحكاته لكنه لم يستطع ليردف بنبره ضاحكة ...

كرم: والله ما تفهمينى غلط ...


جلست نورا بمقابلهم قائله بفضول ..

نورا: ما أنا مستنيه أفهم الصح أهو ..


قصا إليها كل شئ بالتفصيل لتزم نورا شفتيها بضيق ...

نورا: اااه ماشى .... بس للأسف ... فيه مشكلة ..


تلاشت إبتسامة كرم ليتجهم وجهه على الفور متسائلا بتوجس ..

كرم : مشكلة .... مشكلة إيه ... ؟؟!


نورا: هيام رافضه الجواز رفض تاااااام ..


كرم بضيق: ليه كدة ....؟؟


نورا: ظروفها متسمحش خالص ... هى المسئولة عن إخواتها وأهلها وبتصرف عليهم ومينفعش تتجوز وتسيبهم فهى بترفض أى حد بيتقدم لها ...


كرم: بس أكيد ليها حل ... مش حـ تفضل كدة طول عمرها ...


تقوست شفتيها وهى ترفع من كتفيها بمعنى لا أدرى ...

نورا: هاه ... الله أعلم ... وبعدين مش لما تبقى تعرفها كويس ...!!!!


أجابها كما لو كان يعرفها منذ زمن بعيد فقد إستوطنت روحه من قبل أن تقع عيناه عليها ...

كرم: أنا حاسس إنى أعرفها كويس أوى ... أنا حلمت بيها كتير أوى فعلا ... أنا تقريبًا مش بحلم غير بيها ...


نورا بتفكير :طيب سيب الموضوع دة عليا ...


صفق ياسر بحماس فهو يعلم مغزى تلك الكلمة وما ستفعله نورا ..

ياسر: أيوة كدة ... مش قلتلك ... نورا دى لازم تتدخل فى كل موضوع ...


نورا بحزن : حـ أزعل ...


ياسر: لا خلاص ... إيه مش حـ تعشينا طيب ولا إيه ..؟!


نورا: حاضر ... دقايق والعشا يبقى جاهز ....


تناولوا العشاء و إنصرف كرم بعدما شكرهما على دعوتهم له ....


====


أمير....

جلس أمير ينظر إلى عتمة الليل وحيدًا كالعادة ليس لديه سوى بعض الكتب وفنجان من القهوة المتأخر ....


مرت الأيام كشريط يحكى ما مر به خلال عام كامل ....


متذكرًا حين جلس بإحدى الحدائق ليستريح قليلا من عناء الوقوف المتكرر فى إحدى المصالح الحكومية لإنهاء بعض الأوراق للبحث الذى يقوم به حين قابلها صدفة ...


كانت ضحكتها الرنانه هى ما لفتت إنتباهه لوجود بعض الفتيات يلعبن سويًا ...


لم يلبث إلا وقد إصطدمت به الكرة لتقترب منه بميوعةٍ تطلب منه إلقاء لهم الكرة ....


تكرر الموقف أكثر من مرة لتقترب منه وتطلب أن يلعب معهم بالكرة ...


لم يكن بذا الخبرة لكى لا يقع فى حبالها سريعًا ...


وسرعان ما تمت خطبتهم سعيدًا بإقتراب أمله بتكوين أسرة ترحمه من عناء الوحدة التى يعيش بها بعد رحيل أبويه ...


لكنها كانت دائمة الإنشغال والتهرب منه ، لاحظ أكثر من مرة تقربها من بعض أقاربها بدون سبب ولفت نظرها كثيرًا لرفضه مبدأ الإختلاط ..


لكن ما قد حسم موقفه وتأكد من عدم صدقها فى مشاعرها تجاهه حينما قابلها مع صديقه فى ذلك اليوم ....


طَعنةِ غدر فى ظهره لكنه كان يجب أن يتوقع ذلك فهى لم تكن أهل ثقة من الأساس ...


لكن آلمه بالفعل ما حدث ، أوجعه تضحيتها بحبه بكل سهولة ، تذكر كلماتها التى كانت ترددها على مسامعه كثيرًا ...


"إنتَ خيبة أوى كل إللى يهمك شغلك وكتبك و معملك ... أنا مش عايزة حد رجعِى ومتزمت زيك كدة ... أنا عايزة أعيش حياتى ..."


لملم أمير بقايا ليلته محاولا النوم بعيدًا عن هذه الذكريات التى تؤلمه كلما تذكرها ...


====


بيت والد ياسر ....

إلتف سواد الليل بما يضاهيه من سواد حين أغلقت واضحه باب غرفتها تدنو من إبنتها التى عادت منذ قليل متسائله بإهتمام ...


واضحه: ها عملتى إيه ...؟؟


أخرجت حسناء زجاجه خضراء من حقيبتها قائله ...

حسناء: الشيخ كرامه إدانى الإزازة دى ... وجالى(قالى) لازم تِشرَبها ...!!


أومأت واضحه رأسها بأعين قاتمة ونظرة متجهمه ...

واضحه: خلاص بكرة نشربها لها ...


مطت حسناء شفتيها غير مصدقة لما تستطيع والدتها فعله ...

حسناء: إزاى بجى ....؟؟


زاغت عينا واضحه الماكرتين لدقائق ثم قالت ...

واضحه: حتچيبى من الصيدلية حاچة تدوخها ونعملها كوباية عصير ونحطه فيها عشان نفوجها (نفوقها) ....


بإعجاب لما تخطط له والدتها بمكر ودهاء أردفت بصوت عالٍ ...

حسناء: يا حلاوتك يامه ...


تطلعت واضحه حولها بتوجس من أن يسمعهما أحد مردفه بحده ..

واضحه: إتلمى يا بت ..


حسناء: حاضر ... بس تِشربها ونخلص بجى ...


====


فى اليوم التالى....

إقترح ياسر على زوجته أن يقضيا بعض الوقت برفقة أهله لترحب نورا بذلك للغاية فهى بطبعها تعشق التجمعات ودوده بشكل غير عادى واجتماعية بصورة مفرطة ...


أسرعت حسناء تجاه والدتها التى تُحضر بعض الأطباق التى تتميز بها بالمطبخ قائله ...

حسناء: أمه .... ياااامه .... ياسر والزفته جم برة ...


تركت واضحه ما بيدها لتلتف تجاه إبنتها تعطى لها الوصايا الأخيرة حتى لا تخطئ بشئ بها ...

واضحه: كويس جوى ... يلا زى ما جولت(قلت) لك حطى البنچ دة على وردة وشميميها لها ولما تدوخ تچرى تعملى العصير ...


حسناء: ماشى ...


جلس ياسر ونورا مع أهل ياسر مرحبين بهم حين أقبلت واضحه وإبنتها يلقون السلام عليهم بسعادة زائفة ....

واضحه: وأنا بجول الدنيا نورت ...


ياسر: منورة بيكم يا خالتى ..


جلست واضحه تُظهر إمتنانها لوجودها معهم وأيضًا تبعد عن نفسها وإبنتها كل الشُبهات لما تدبرانه بالخفاء ...

واضحه : والله أنا عارفة إنى تجلت عليكم يا أختى ... بس كنت عايزة أشترى لوازم لـ حسناء من مصر أحسن من عندنا بكتير ... جبل ما نسافروا ...


ام ياسر: ودة كلام برضه يا واضحه إن مشالتكوش الأرض نشيلكم فوق راسنا ...


واضحه: تسلمى يا أختى ....


إستقامت نورا من جلستها قائله بود ...

نورا: طب أنا حـ أروح أساعد حسناء فى المطبخ شوية ...


واضحه: ودة إسمه كلام برضك يا عروسة ....


نورا: أهو أتسلى ... معاها شويه ...


واضحه :على راحتك ....


كانت ما تنطق به مغاير تمامًا عما تضمره بداخلها لتشعر بنشوة لإنسياق تلك المغفلة نحو إبنتها التى تتجهز لما إتفقتا عليه ...


كانت حسناء فى هذا الوقت تسترق السمع لتتظاهر بأنشغالها بالمطبخ حين أقبلت عليها نورا ....

نورا: إزيك يا حسناء ...؟؟


حسناء: بخير ... تعالى يا عروسة ...


نورا: أنا قلت آجى أساعدك شوية ...


إبتسامتها الخبيثه الناعمة كجلد الثعبان لم تدركه نورا بل ظنت أنها ظلمتها بمشاعرها تجاهها بعد خطبتها لـ ياسر ...

أمسكت حسناء بباقة صغيرة من الورود قائله ...

حسناء : والله تنورينا ... دة أنا كنت لسه حـ طلعلك وأچيب لك الورد الحلو دِة ...


نورا ببهجه: الله ..... ورد ... حلو أوى ...


قدمت حسناء الباقة لـ نورا التى سرعان ما أقحمت أنفها تستنشق عبير الورد الطبيعى الذى تعشقه بقوة ...


دوار شديد جعلها غير متزنة بالمرة تفاجئت به حين إشتمت رائحة الورد العجيبة تلك لتمسك برأسها وقد بدأت تترنح قليلا ...


نورا : إيه دة ... دماغى !!! .... اااه ...


تصنعت حسناء القلق قائله ...

حسناء: مالك حبيبتى .... تعالى تعالى بره شمى شويه هوا ...


خرجت نورا مستندة على حسناء وهى تمسك برأسها من أثر هذا الدوار المفاجئ ، أسرع ياسر بإسناد نورا ليجلسها على أحد المقاعد القريبة ....

ياسر بقلق: نورا ... نورا ... مالك حبيبتى ...؟؟؟


دفعت واضحه حسناء تجاه المطبخ فهى فرصتهم التى يجب إكمالها ...

واضحه: جومى يا بت إعملى لها كوباية عصير بسرعة ....


أسرعت حسناء نحو المطبخ لتحضر كوب من عصير الليمون لازع الطعم وسكبت به الزجاجة التى أحضرتها من الشيخ كرامه كاملة .....


عادت حسناء لتجد الجميع ملتف بقلق حول نورا تقدمت بغيظ تخفيه فى داخلها لتمد يدها بكوب العصير نحو ياسر ...


الذى أمسك بكوب العصير وأخذ يساعد نورا على إحتسائه لكن عندما تذوقته شعرت بطعم سئ للغاية بفمها فأبعدت عنها الكوب بنفور ...


أعادت واضحه الكوب مرة أخرى إلى نورا لتجبرها على إكماله وهى تضغط الكوب فوق شفاهها لتحتسيه رغمًا عنها ...

واضحه: لا لا ... شكلك هفتانه خالص ... ميصحش كِدِة ... لازم تشربى العصير كله ...


نورا بإستياء :طعمه وحش أوى ...!!!!


واضحه: معلش يا بنتى ... دة مليان سكريات حـ تفوجقك (حـ تفوقك) على طول ..


مع إجبار الجميع لها إضطرت نورا لشرب الكوب كاملا ....

ياسر: شكلك تعبان أوى ... تعالى بينا نطلع فوق ترتاحى شوية ....


نورا: أه ... أنا عايزة أنام ...


أسندها ياسر ليصعدا إلى شقتهم حتى تحصل على قسط مريح من النوم فربما أُرهقت فى الأيام الماضية ...


كانت عيون واضحه وحسناء تشع بالإنتصار والفرحة لنجاح مخططهم كما خططا له ...

تابعووووووني 



أدخلوا واعملوا متابعة لصفحتي عليها كل الروايات بدون لينكات بمنتهي السهوله من هنا 👇 ❤️ 👇 


صفحة روايات ومعلومات ووصفات


❤️💙🌺🌹❤️💙🌺🌹❤️💙🌺🌹❤️💙🌺🌹❤️💙




تعليقات

التنقل السريع
    close