رواية أمان مزيف بقلم الكاتبه شروق فتحي حصريه وجديده وكامله جميع الفصول
يا بنتى أنا بقيت مش فاهمكي...يا "أميره" أنتِ كبرتي وبقى عمرك أربعين سنه، وكل ما حد يتقدملك ترفضيه!
رفعت "أميرة" عينيها عن الكوب الذي بين يديها، ثم أخذت نفسًا عميقًا وهي تحاول ضبط نبرتها:
_ما هو بصراحه لحد دلوقتي أنا مش لاقيه حد مناسب، وغير ده أنا بعد ما بقيت مديره في بنك أروح أتجوز واحد يتشرط ويقولى تقعدي لا طبعاً.
صديقتها محاولة أنصاحها:
_أنتِ بتضحكي على نفسك صح؟...أنتِ أصلًا مش بتدي نفسك فرصه تشوفي حد...ووصلتى لي اللي أنتِ عايزه، وأنتِ كمان الله اكبر بقيتي أحسن ما انتى عايزه، وهو لو شخص محترم مش هيقول تقعدي أنتِ واخده فكره غلط!
زمت شفتيها بتفكير، وكأن كلام صديقتها حرّك شيئًا داخلها، لكنها رفضت الاعتراف به، فاكتفت بقولها:
_مش عارفه بقى أنا خايفه كل اللي وصلت لي يجى واحد ويقولى كده، وبعدين أنا لسه نصيبي مش جه ده كل الموضوع... وبعدين انا مش مستعجله يا ستى، وبعدين اللي أتجوزوا خدوا ايه يعنى؟(لتكمل بضحك) بيجروا في المحاكم دلوقتي على نفقه.
ضحكت صديقتها، وهزت رأسها بأسى، ثم قالت ممازحة
![]() |
_لا أنتِ بجد حاجه مش طبيعيه (وهي تبادلها ضحك) يا بنتي اللي بيجروا في محاكم دول بيختاروا غلط أو مش قد المسؤليه!
وهي محاولة التهرب من هذه المحادثة، وتكمل بنبرة ساخرة:
_بالظبط كده أنا من الناس اللي مش قد المسؤليه أبعدي عن دماغي بقى...يا ستي وعد عليا أول ما الاقي شخص مناسب أنتِ أول واحده هتعرفي، خلاص كده!
وهي تهز رأسها بقلة حيلة من صديقتها:
_وانا مالي يا ستي...أنا بقول علشان مصلحتك؛ علشان تحسي بنعمة الأطفال، وتستقرى بدل ما أنتِ عايشه لله تعالى كده!
وهي تنظر في أتجاه الأخر:
_عاجبني حالي يا ستي(ثم تكمل بمزاح) وعيال ايه بس هى ناقصه صداع دانا ماشيه بعلاج.
لتبتسم ابتسامة ساخرة، وكأنها تضحك على نفسها أكثر مما تضحك على الكلام، ثم ردّت:
_بحس ساعات أنتِ عندك سبعين سنه أو في أواخر الشيخوخه!
لتبتسم ابتسامة ساخره على حالتها:
_ونبى بشوف اللي عندهم شيخوخه عندهم صحه عني بيرقصوا، ويتحركوا أحسن من أى واحد عنده عشرين سنه، أحنا دلوقتي اللي عنده عشر سنين بقى في أواخر الشيخوخه(وهي تضرب بتلك كفيها بسخرية) جيل معجز!
وهي تبادلها نفس نبرة السخرية، بضحك:
_حصل أنا بنتي بتشتكي من ضرر جسمها أكتر من واحده عندها تسعين سنه...يا ماما اه ظهرى بيوجعنى، يا ماما اه رجلى بتوجعنى، يا ماما اه راسي بتوجعنى....
لتضحك وهي تهز رأسها بمرح:
_يا عينى يا بنتي، ايه الجيل ده؟! يا بنتى دول يخشوا دار مسنين احسن ليهم!
ومازالت الابتسامة ساخرة مرتسمة على وجهها:
_مش أستبعدها ده جيل مصيبه يا بنتى!
لتعتدل في جلستها، لتلتقط حقيبتها وتستعد للوقوف:
_هقوم أنا بقى علشان أروح وأصحى بدري؛ علشان شغلي بكره يلا سلام.....
.......
في اليوم التالي، كانت "أميرة" جالسة في مكتبها منهمكة في مراجعة بعض الملفات، حين سمعت صوت ضجة في الخارج. عقدت حاجبيها بتعجّب، وحدّقت نحو الباب:
_في ايه الدوشه دي...ايه اللي حصل؟!
نهضت بسرعة وخرجت من مكتبها، محاولة السيطرة على الأمور قبل أن تتفاقم.
ما إن وصلت إلى قاعة الانتظار حتى وقعت عيناها على شاب يبدو في منتصف الأربعين، بُنية جسدية رياضية، ملامحه مشدودة بالغضب، وصوته يعلو وهو يتشاجر مع أحد الموظفين:
_هما دول موظفين ينفعوا يشتغلوا فى بنك؟! ده ولا ذوق، ولا عقل، ولا احترام!
أخذت "أميرة" نفسًا عميقًا، وهي تحاول التماسك كي لا تخرج الأمور عن سيطرتها، اقتربت منه بخطوات ثابتة، وقالت بنبرة رسمية:
_في ايه بس اللي حصل لي ده كله يا أستاذ(رغم نبرتها الهادئة، إلا أن الغضب بدأ يغلي في داخلها بسبب الطريقة التي تحدث بها عن موظفيها) وأحنا مواظفينا محترمين لو سمحت أتكلم بإحترام.
ليكمل بنبرة حادة، وهو عاقد حاجبيه:
_أنا عارف أنا بتكلم ازاى كويس، وأنتِ مش شوفتي بيكلمني إزاى؟!
باعتذار خافت وهي تضغط على أعصابها كي لا تنفلت منها الكلمات:
_بنعتذر على الأسلوب اللي كلم بي حضرتك بيه، ممكن تتفضل على مكتبي(ثم تعاود النظر إلى الموظف) وأنتَ يا "عاصم" حسابي معاك بعدين.
عاصم وهو يبتلع ريقهُ بتوتر، ثم تلعثم وهو يبرر موقفه:
_يا فندم والله أنا مش عملت حاجه هو اللي طلع فينا!
وهي تهز رأسها، وعلى وشك دخول مكتبها:
_خلاص يا "عاصم" بعدين أتفضل يا أستاذ... تشرب ايه؟!
وهو يأخذ نفس عميق، وكأنّه يحاول طرد ما تبقى من غضبه، ثم قال بهدوء:
_لا شكرًا لذوقك مش عايز حاجه.
بإصرار لطيف، وهي تمسك الهاتف:
_لأ ما يصحش بص أنا هشرب قهوه هطلبلك معايا واحده مظبوط؟ تمام...أسم الأستاذ ايه؟!
وهو يغمض أعينه وقد هدأ قليلًا:
_أسمي "كريم حسن" بس إزاى توظفوا موظفين يكون أسلوبهم وحش كده؟!
لترسم ابتسامة خفيفة على وجهها، تحاول أن تُخرج الجو من حدتهُ:
_خلاص يا أستاذ "كريم" شوف حضرتك عايز تعمل ايه؟! وإحنا هنساعدك في كل اللي تحتاجه.
🥰✨🖋بقلم شروق فتحي🖋✨🥰
وهو يحاول رسم ابتسامة خفيفه، رغم ما بقي من توتر في نبرته:
_أنا جاى علشان أعمل وديعه!
وما زالت الابتسامة مرتسمة على وجهها، وهي تدفع إليه كوب القهوه:
_تمام حضرتك...كل اللي حضرتك عايزه هنعمله ليك أتفضل قهوتك!
بادلها "كريم" نفس الابتسامة، وقد هدأ صوته تمامًا:
_شكرًا لحضرتك تعبت حضرتك معايا!
ردّت عليه وهي تشير بيدها في لُطف:
ولا تعب ولا حاجه، ده شغلنا وده أعتبرهُ أعتذار على أسلوب "عاصم" معاك.
ابتسم ابتسامة أوسع هذه المرة، وقال بنبرة أخفّ:
_خلاص كده انا بقيت صافى!
ومازالت الابتسامة على وجهها، وهي تعيد ترتيب بعض الأوراق أمامها:
_طيب الحمدلله أى أوامر تانيه يا أستاذ "كريم"؟!
ليخرج كارنية من جيبهُ، وهو يمد يديه إليها:
_لا شكرًا جزيلا لحضرتك أنا دكتور في طب بشرى لو عوزتي أى حاجه ده كرنيه بتاعي.
نظرت "أميرة" إلى البطاقة للحظة، ثم رفعت عينيها إليه... والابتسامة ما زالت معلقة على وجهها، لكن هذه المرة، كانت تحمل شيئًا خافتًا... لم تفهمه فورًا:
_تمام مفيش شكر على واجب.. تمام إذنك معاك....(فى نفسها: بس ايه راجل القمر ده دي عيونه ثبتتني في مكاني، يلهوي ايه اللي انا بقوله ده(وهى تضرب بخفه على جبهتها) أنا مش بتاعة الكلام ده لا أطلع من دماغى هى مش ناقصه(وهي تحاول سيطر على تفكيرها) لا ده كانت مجرد صدفه مش أكتر شيلى الحاجات وتفكير ده من دماغك أصلاً (لتكمل بتنبيه لنفسها) ممكن يكون متجوز وشكلهُ مش صغير يقول أتنين أو تلاته وأربعين سنه يعنى أكيد هيكون متجوز أووووف انا أفصل دماغي ليحصلي حاجه أحسن).....
ثم أغلقت الملف أمامها، وقد قررت دفن اللحظة في ركنٍ خفيّ من عقلها... مؤقتًا على الأقل.
الفصل الثاني #رواية_أمان_مزيف
ثم أغلقت الملف أمامها، وقد قررت دفن اللحظة في ركنٍ خفيّ من عقلها... مؤقتًا على الأقل.
بعدما أنتهت أميره من عملها ذهبت إلى الكافيه، لتجلس مع صديقتها المقربه، صديقتها هبه وهي تنظر بتمعن:
_في ايه يا بنتي من ساعة ما أنتِ جيتي، وأنتِ قاعده سرحانه فيكي ايه انهارده كده؟!
لتستيقظ من شرودها، وهي تنعدل في جلستها وتغمض أعينها؛ لأستعادة تركيزها:
_ها لا مفيش...مش سرحانه ولا حاجه أنا عاديه، المفروض أعمل ايه يعنى؟!
وهي تنظر لها بتركيز، وهي ترفع أحد حاجبيها:
_اه واضح خالص أنك مش سرحانه...دانتِ دماغك متاخده أصلًا مش سرحانه بس...فى ايه اللي واخد دماغك أوي كده يا ميرو ها (لتكمل بغمزه) قوليلي دانا صاحبتك حتى (وهي مازالت تلح عليها) قولي بقى ومتلفيش ودوري!
وهي تهز رأسها بإستسلام، وهي تأخذ نفسًا عميقًا:
_أوف أنتِ مش هتسكتي انهارده غير لما احكليلك في ايه...فانا هريح دماغي وأقولك بدل ما تفضلي تزني (لتأخذ نفس عميق) بصي يا ستي...أنا كنت في البنك سمعت صوت مشكله طلعت أشوف في ايه لقيت واحد مش تقولي أجنبي ولا تركي حاجه كده مفيش منها اتنين (وهي تتذكر ملامحهُ بدقة، وكأنه أمام ناظريها) عضلات وعيون يلهوى المهم هديتهُ، ودخلتهُ مكتبي وطلع دكتور فى طب بشرى وأدانى كارنيه بتاعه بس عيونه ثبتتني في مكاني من حلاوتهم مش ثبتتنى بس(لتكمل بهيام، بتنهيده) دول سحروني يا شيخه بس عارفه ايه المشكله ممكن يكون متجوز أصلاً!
وهي تغمز لها بابتسامة مترتسمة على وجهها:
_ده كله العب...ده عمر ما في واحد عمل فيكي كده، دانتِ عجيب العجب عمره ما دخل دماغك (بابتسامة ساخرة) ده لو مش فيه غلطه أنتِ بطلعى فيه غلطه ده على كده يبقى حاجه مفيش منها اتنين، وجامد من الأخر(لتتذكر أمر ما) بس صحيح ممكن بعد ما عمل فيكى كده وشقلب حالك كده يا بنتى يطلع متجوز أصلاً أوووف (وهي تزم شفتيها بضيق) صحيح طيب لو طلع متجوز هتعملى ايه؟!
لتتغير نبرتها، وهي تنظر في الأتجاه الأخر:
_أنتِ هبله طبعاً ساعتها ولا كأنى شوفته مش عرفته لا ولا شوفته...أنا هكون خاطفت رجاله على أخر الزمن ده مستحيل بس يارب ما يطلع متجوز أصل ده خطف قلبي كده مره واحده...أصل هيكون صعب أنسى القمر ده(وهي تاخذ نفس عميق يدل على ضيقها) بس إزاى مش هيكون ده متجوز ده أى واحده تتمنى من كتر حلاوته هيفضل ده كله مش متجوز؟!
وهي تحاول التمسك في الأمل:
_متتشائميش كده إن شاءلله في أمل أن يكون مش متجوز...أصل اللي بيكونوا كده بيكونوا شايفين نفسهم أوي ومش بيعجبهم العجب!
🥰✨🖋بقلم شروق فتحي🖋✨🥰
وهي تحاول التمسك في ضياء الأمل:
_تفتكري بس أنا غبيه(وهي تضرب بخفة على جبهتها) برضو إزاي مش أبص في أيده أشوفهُ لابس دبله ولا حاجه(وهي تجعد شفتيها) بس في رجاله مش بتحب تلبس دبل وفى رجاله بتلبس خواتم كده عامله ذى دبل وهما مش مخطوبين أو متجوزين يعنى هما مش زينا (وهي تصرخ بصوت مكتوم) دماغى هتنفجر من تفكير أوف(في هذه اللحظة، يقترب منها السائق لتلتفت له فجأة:
_في حاجه يا عم "صبرى" عايز حاجه؟!
وأعينهُ مليئه بالرجاء:
_معلشي يا أستاذه ممكن أمشى أصل بنتي تعبانه أوي...وعايز أشوفها ممكن أروح أشوفها؟!
وهي تجعد شفتيها بضيق، وتعقد حاجبيها:
_أيوه طيب وأنا مين هيروحني دلوقتي...وإنا لسه عايزه أقعده مع صحبتي دلوقتي!
وهو يُلحّ عليها برجاء شديد، وصوته فيه خوف حقيقي:
_والله بنتي يا أستاذه تعبانه خالص ولازم أروح أشوفها أرجوووكي!
لتشفق هبه على حالتهُ:
_خلاص أمشي أنتَ يا عم "صبرى" وأنا هوصلها بعربيتي...روح شوف بنتك أنتَ وأطمن عليها.
بسعادة تملكت قلبهُ، وابتسامة كبيره:
_ربنا يخليكي يا أستاذه ربنا يخليكي يارب شكراً يا أستاذة...هروح أشوف بنتي أنا!
بغضب، وهي تعقد حاجبيها بضيق:
_يوووه عملتي كده ليه؟! هو أنتِ بتصدقي الناس دول أتلاقيه بيعمل كده؛ علشان يمشى وبيضحك علينا!
وهي تنظر لها بتعجب من حالة صديقتها التى وصلت لها:
_يا بنتي أنتِ بقى قلبك جاحد أوي كده ليه؟! وبعدين عم "صبرى" معاكي من سنين يعنى مش بتاع كلام ده، وعمره ما عمل كده(وهي تحاول توقظ فيها ضميرها أو بالأصح إحساسها اللي دفنته بإيدها) رجعى احساسك ومشاعرك تاني يا "أميرة" مش تدفنيها فوقيها يا "أميرة" مش دى "أميرة" بتاعة زمان اللي قلبها طيب؟!
لترتسم على شفتيها ابتسامة ساخرة:
_يااا أميرة زمان أنتهت من زمان...ودفنتها بعد ماما الله يرحمها محدش يستاهل أني أثق فيه بعدها بس اللي أسمه "كريم" ده شكلهُ هيغيرني!
وهي تضع يدها على كتفها، بأعين تملئها الحزن:
_لا يا "أميرة" كده غلط...مامتك عمرها ما هتفرح باللي أنتِ بتعمليه ده بل بلعكس هتزعل منك!
وهي تأخذ نفسًا عميقًا، يدل على كمّ الخذلان اللي مرّ بيه قلبها:
_محدش يستاهل أني أرجع أميرة بتاعة زمان!!!!!!
الفصل الثالث #رواية_أمان_مزيف
وهي تأخذ نفسًا عميقًا، يدل على كمّ الخذلان اللي مرّ بيه قلبها:
_محدش يستاهل أني أرجع "أميرة" بتاعة زمان...دول أقرب الناس ليا أتخلوا عننا وبعد ما بابا الله يرحمه، وماما كانت لسه عايشه أعمامى ولا كأني حاجه حصلت وبعدوا عننا، ولا كأنهم ليهم بنت أخ وأول ما ماما الله يرحمها توفت خالاتي بلا أستثنا بعدوا عني، وأنا اللي عملت نفسي بنفسي، ومحدش وقف جمبي ولا واساني ومفيش حد ضميره صحى علشان يسأل عني ويطمن عليا وكنت بطلع من جامعتي على الشغل علشان أعرف أكمل تعليمي(وهي تحاول السيطر على انفاسها المضطربة) وعايزانى بعد كل اللي حصل ده عايزانى أكون كويسه وحنينه...وأرجع "أميرة" بتاعة زمان ده مستحيل دانا بنيت نفسى بنفسى علشان إثبت لكل واحد أني قويه، ومش محتاجه عطف حد وزي ما أنتِ شايفه بيتمنوا أني أبص ليهم بصه واحده(نبرة صوتها ترتجف بين الحزن والغضب) دانا لو في إيدي إني أشربهم ميه اللي هتحيهم همنعها عنهم!
لتتحول نظرتها إلى الحزن، لتشعر بأن قلبها يكاد يحترق من الحزن:
_يااااا يا "أميرة" كل ده جواكي وفي قلبك...وأنتِ شايلاه ده كله صحيح عيلتك كانوا أسوء من سوء نفسه، بس مش كل الناس ذى عيلتك ذى ما فى حلو فى وحش...أرجوكي يا "أميرة" رجعى "أميرة" بتاعة زمان علشان مش تندمى بعد فوات الأوان فوقي ضميرك يا "أميرة" انا صحبتك، حبيبتك، واكتر واحده بتحبك وبتخاف عليكى وانا مش عايزاكى تيجي فى مره تندمي أو تزعلي على اللي أنتِ بتعمليه ده!
لتأخذ "أميرة" نفسًا عميقًا تحاول بيه تهدّي النار اللي جواها، ثم تهرب من الموضوع:
_سيبك انتى دلوقتي يا "هبه" من كلام ده خلينا نكمل كلامنا!
🥰✨🖋بقلم شروق فتحي🖋✨🥰
......
في الجهة الأخرى عند عم صبرى، كان عم "صبري" واقف جنب سرير بنته في المستشفى، وهو يتمعن النظر لإبنته ويتفحص ملامحها:
_ها يا بنتي يا حبيبتى عامله ايه دلوقتي(ومن ثم يخرج مع الطبيب) في تحسن يا دكتور؟!
الدكتور يهز رأسه بأسف، ونبرة صوته مزيج من الحزم والرحمة:
_انا قولت لحضرتك قبل كده يا عم "صبرى" إن بنتك مش هينفع تطول أكتر من كده(ليكمل بحزم خوفًا على حالة المريضه) لازم تعمل العمليه في أسرع وقت لأن كل تأخير بيأثر عليها بسلب وخطر على حياتها!
وأعينه مليئه برجاء، بيحاول يتعلق بأي أمل:
_طيب مش ينفع يا دكتور ونبي تعمل ليها العمليه...وأنا هحاول أتصرف في الفلوس بأى طريقه!
الدكتور يهز راسه بنفي ممزوج بالأسف:
_لا مينفعش يا عم "صبرى"، وحضرتك عارف كده كويس، وعارف قوانين المستشفى كويس.
قلبه بيتقطع من الحزن، وصوته بيترعش، كأن اللي جواه أكبر من الكلام:
_اااه (فى نفسهُ: يااا يا زمن كل حاجه بفلوس وبقى مفيش أنسانيه خالص طيب أنا أتصرف فى الفلوس دلوقتي إزاى؟! ياااارب ساعدني أنا بقى مش قدامي غيرك يارب الجأ إليه اقف معايا يااارب...دى بنتى الوحيده اللي فاضلالى بعد مامتها الله يرحمها حاجه من ريحتها ربنا إن شاءلله هيفرجها أفرجها من عندك يارب)
ليدخل لإبنته وقلبه بيبكي قبل عينه...وما أن وقعت عينيها عليه، حسّت بيه فورًا، وكأنها قرأت الحزن اللي ساكن في عينيه:
_في ايه يا بابا، مالك زعلان كده ليه؟! هو أنتَ يا بابا كنت بتعيط ولا ايه؟!
وهو يحاول سيطرة على نبرة صوتهُ حتى لا يكشف أمرهُ، تمتزجها ابتسامة زائفة:
_لا يا حبيبتى مش بعيط ولا حاجه...كان في حاجه دخلت في عيني مش أكتر(ثم يغير الموضوع بسرعة،لكي يهرب من المواجهة) المهم قمري عامل ايه دلوقتي؟!
بابتسامة بشوشه، مليئة دفء:
_الحمدلله يا حبيبى...بس أنتَ جيت دلوقتي إزاي؟ هو مش المفروض أنتَ دلوقتي فى الشغل!
يبتسم لها بنفس الحنية، ونظرة شوق في عينيه:
_دايمًا يا حبيبتى بخير...أيوه ما أنا أستأذنت علشان أجي أشوف قمري...اصل واحشنى اوي، وبعدين الحمدلله مديره بتاعتي طلعت كريمه وسبتنى أجى أشوفك!
وهي تمسك كفهُ بخوف، وعينيها مليئة بقلق:
_يا بابا مش عايزه أكون بسببلك مشكله في شغلك بسبب أنك تيجى تشوفني(بابتسامة داخل أعينها) شوف شغلك ولما تخلص تيجى تطمن عليا عادى.
يضغط على يدها بحنان، وهو يطمنئها بنبرة مليئه بالدفء:
_هو أنا أقدر مطمنش عليكي، وبعدين يا ستى ولا مشكله ولا حاجه، وبعدين هو قمر ده بيجى من ورا مشاكل اللي بيجى من ورا بس كل خير إن شاءلله يا حبيبتى.
تعانقه بحب كبير، وقلبها بيفيض بالامتنان:
_ربنا يخليك ليا يا أحلى بابا في دنيا دى...أنا بجد تعبتك اوي معايا بعد ماما الله يرحمها لو فضلت عمري كله أحاول أرد حاجه من اللي أنتَ بتعمله علشاني مش هيجى جمب اللي أنتَ بتعمله حاجه قد كده.
وهو يربّت على ظهرها بحنان شديد:
_يا حبيبتى أنا أخدمك على عنيا دانتِ اللي فاضلالى بعد مامتك الله يرحمها، وبعدين أحنا نطول نعمل حاجه لقمر ده بس.
ترد بعينين مليئتان بالرضا والحب:
_تسلم عينك يا أحلى بابا بجد هو في أب عظيم زيك يا بابا أظن مفيش أنتَ كده حاجه نادره لو مش كانت منعدمه.
.......
في الجهة الأخرى، كان ينظر إلى صديقه بدهشة وتمعّن، قبل أن يهمس بتساؤل:
مالك يا ابني؟! فيك إيه؟! دي أول مرة أشوفك بالحالة دي من ساعة "مريم"...!!
ووووو
الفصل الرابع #رواية_أمان_مزيف
الجهة الأخرى، كان ينظر إلى صديقه بدهشة وتمعّن، قبل أن يهمس بتساؤل:
_مالك يا ابني؟! فيك إيه؟! دي أول مرة أشوفك بالحالة دي من ساعة "مريم"؟!
ضغط "كريم" على قبضة الكرسي بقوة حتى برزت عروق يده، قبل أن يرد بانفعال واضح:
_قولتلك قبل كده يا "حسن" متجبش سيرة البت دى تاني؟! سيرتها بتجبلي حالة قرف أنا لو ينفع أرجع وامسح الماضى الأسود ده كنت عملتها، دي حاجه مقرفه، أظن مفيش بنات زيها وأصلًا دى متتصنفش من البنات(وهو يكمل يإشمئزاز) دى تتصنف من الزباله!
حاول "حسن" تهدئته:
_خلاص يا عم مش تقفش كده...أنا بقول كده؛ علشان شوفت في عينك لمعة الحب اللي كانت موجوده أيامها بس، لكن مقصدش حاجه تانيه!
أغمض "كريم" عينيه، واستنشق نفسًا عميقًا، يحاول أن يستعيد شيئًا من هدوئه المفقود:
_أسف يا عم لو أتعصبت عليك...بس البت دى جابتلي عقده من البنات كلها خلتنى جاتلي فوبيا من كل البنات ربنا ينتقم منها!
ليضع يده على كتف صديقه، وقال بصوت خافت:
_ياااا أنتَ بتكرها لدرجه دي يا صاحبى؟!
وهو يبتسم ابتسامة ساخرة تمتزجها الحزن:
_بكرها بس (ليكمل بكره يكتسح صوتهُ) دانا لو في إيدى أشوفها بتولع قدامي (ليكمل وهو يضغط على أسنانهُ) دانا اللي هزود الولعه دي علشان تبقى رماد قدامي، وهتكون ضحكتى مرسومة كده على وشي دي كسرتنى أوي أنتَ متخيل تتفق مع صاحبى اللي كنت فاكره صاحبى(ليبستم ابتسامة متشبعة بالحزن) على أنها تضحك عليا وتمثل عليا الحب شويه بشويه؛ علشان تاخد فلوسي دانا عمرى ما هنسى لحظه.......
فلاش باك
كريم وهو يضغط على الهاتف بقوة وهو يجاوب على المتصل:
_أنتَ متأكد من كلامك ده؟!
وما إن أنهى المكالمة، حتى اندفع كالمجنون، ليذهب إلى منزل صديقهُ ويصعد السلالم المؤدية إلى شقة صديقه، وقلبه يخفق كأنما على وشك الانفجار. كانت الكلمات ترنّ في أذنه كالسّم:
"حبيبتك مع صاحبك في بيتهُ
حتى وصل وأصبح أمام باب منزل صديقهُ، وهو يضغط على قبضة يديه قبل أن يلكم الباب بعزم قوتهُ، يسمع صوتها الذي يخترق مسمعهُ:
_ما تخافش يا حبيبى هو بقى خلاص متمسك بيا بشكل، وباين عليه واقع خالص...يعنى بإشارة مني هاخد كل أملاكه!
وما أن وصلت تلك الكلمات إلى مسمعهُ لم يشعر بنفسه إلا وهو يدفع الباب بكل ما أوتي من غضب، ليُفتح له صديقهُ، ولكنهُ لم يعطى لهُ فرصه لأستفهام، وبدون تردّد اندفع فوقه كالوحش الجائع، وبدأ ينهال عليه بالضرب.
أما هي، فكانت واقفة مكانها، متجمدة من الصدمة، تضع يدها على وجهها من الخوف، ترتجف.
وحين أنهى ضربه، وقف يلهث، عيناه تدوران في المكان كمن فقد صوابه، ثم وقعت نظراته على سكين في المطبخ. تقدّم نحوها وهو يمد يده...
وهي تتراجع للخلف بخوف:
_هفهمك يا "كريم"....
وقبل أن يهجم عليها ليمسكه أحد من الخلف:
_أهد يا "كريم" هتودي نفسك في داهية بسبب واحده متسواش!
باك
🥰✨🖋بقلم شروق فتحي🖋✨🥰
تنهد "كريم" تنهيدة طويلة، كأنّها تحمل على صدره سنينًا من الخذلان:
_لولا ستر ربنا أنك جيت ولحقتني قبل ما أخلص عليهم بإيدى كنت زماني دلوقتي في السجن أو في القبر بس على رغم أنها دخلت السجن لسه قلبي موجوع مش منها قد ما هو من اللي كنت فاكره صاحبي، صاحبى هو اللي يكون متفق معاها...أنها تضحك عليا وتاخد أملاكى، ده لو كان طلب مني عنيا كنت أديتهُ بس هو قال لازم أكسره يكسرنى ليه؟! عملت ايه لي؟! كل ذنبي أني نجحت؟! وبقيت أشهر دكتور؟! ده جزاتي؟!
وهو يأخذ نفسًا عميقًا، ثم قال بنبرة هادئة:
_أنا عارف أنك لسه مضايق بسبب ده، ، وإن الموضوع ده سايب علامة جواك... علامة كبيرة كمان، بس الحمدلله ربنا نصرك عليهم وبقيت أشهر دكتور، وكل بيحكى عنك وعن شاطرتك يلا سيبك من البت دي (ثم مال نحوه قليلًا، وابتسم بمكر خفيف) قولي ايه حكايه اللمعة اللي كانت في عينك؟!
ضحك على تصرفات صديقه، وصفق كفًا بكف في تعجّب حقيقي:
_بحس ساعات أنتَ مجنون يا صاحبى، لا مش بحس أنا متأكد من حاجه ذى كده، الوحيد الى بيغير مودى من مكتئب لاهبل زيك(لينعدل في جلستهُ، وكأنه يستعد ليبدأ حكاية مشوّقة) بص يا سيدى هى تكون مديرة بنك بس ايه حاجه كده مفيش منها أتنين تقول أميرة من أميرات ديزنى، عارف ايه اللي زود أحساسي ده؟ أنها أسمها اميرة حتى(ليبستم ابتسامة خفيفة ارتسمت على شفتيه دون وعي، وواصل الحديث بحماس) بس بصراحه حته قمر كده تحسها جمعت جمال كل الأميرات في بعض من جمالها عيون ايه، شكل ايه، لا لا دى أكيد مش من كوكبنا بس استغربت حاجة... شكلها في التلاتينات، مع إن شكلها كيوت جدًا، بس يعني مديرة بنك؟ يبقى غالبًا مش صغيرة!
ضحك ضحكة خفيفة تصطحبها غمزه:
_يا معلم صنارة شكلها غمزة يا صاحبى، وهفرح بيك قريب إن شاءلله!
وهو يهز رأسه ببطء، مع ابتسامة جانبية نصفها تهكم (سخرية) ونصفها تردد:
_هو أنتَ لما بتصدق أى هيصه وخلاص، أنا مش قولت أني حبتها علفكره ها!
ليبتسم ابتسامة جانبية، وهو يرفع حاجبيه:
_أنا مش مستنى أنك تقول؛ لأن عينك قالت كل حاجه خلاص(بغمزه) دانتا عيونك بتطلع قلوب يا شيخ محتاج تعمل ايه تاني؛ علشان تعترف بعد كده؟!
وهو يهز رأسه، ويزفر:
لا حولا ولا قوة الابالله يا بنى أبعد عن دماغي، وروح لمراتك وعيالك؛ علشان أنتَ مش هتبعد عن دماغي شكلك!
وهو يضرب بخفة على جبهتهُ، لتذكره أمر هام:
_اه صحيح أنتَ لازم تيجى العزومه اللي مراتى عملاها، ومفيش أعذار؛ علشان هيجي على دماغى أنا في الأخر ومش هدخلني البيت لو مجتش!
وهو يضحك بشدة:
_يا عيني يا بنى! لا كنت بفكر أسيبك تطرد من البيت...بس كنت هتيجي تقعد معايا وهتوجعلي دماغي فكده هضطر أنى أبقى أجى!
وهو يستعد للذهاب:
_ربنا يخليك يارب، همشى أنا بقى؛ علشان مش أطرد منال بيت بسبب أنى أتأخرت!
فيرجع ظهره إلى الخلف ساخرًا:
_وعايزنى أتجوز؛ علشان يحصلي زيك وأخاف لأطرد من بيت...لا يا خويا خليني كده أحسن أنا بحب الحريه كده.
فيرد عليه بابتسامة هادئة:
_عارف أنك تروح وتكون عارف أن في حد مستنيك، وبيخاف عليك، ويقلق عليك أحلى بكتيييير من حريه الى بتتكلم عنها دى
فيرد ضاحكًا وهو يومئ برأسه بغمزة:
_يا سيدى يا سيدى داحنا طالعنا جامدين وأنا مكنتش واخد بالى ماشى يلا سلام خلى بالك على نفسك!
........
في اليوم التالي، كانت "أميرة" جالسة في المقعد الخلفي للسيارة، بينما يقود "عم صبري" بهدوء في اتجاه البنك. الجو كان هادئًا، إلى أن شعرت بنظراته تتسلل إليها من المرآة بين الحين والآخر.
لتلتفت نحوه، وهي تعقد حاجبيها بدهشة طفيفة:
في إيه يا عم صبري؟! شايفك بتبصلي كذا مرّة! في حاجة عايز تقولها؟
الفصل الخامس #رواية_أمان_مزيف
لتلتفت نحوه، وهي تعقد حاجبيها بدهشة طفيفة:
في إيه يا عم صبري؟! شايفك بتبصلي كذا مرّة! في حاجة عايز تقولها؟
وهو يبتلع ريقهُ بتوتر ظاهر:
_أنا زى ما قولت لحضرتك من قبل أن بنتى تعبانه بس اللي مقولتهوش لحضرتك أن بنتي عندها مرض خطير، ولازم تعمل عملية ضرورى في أسرع وقت؛ لأن أى تأخير هيكون خطر على حياتها، وأنا مش طالب فلوس ولا طالب حاجه يا أستاذه كل اللي طالبه من حضرتك أن حضرتك توافقي على قرض بس أعمله علشان أنقذ بنتي، علشان زي ما حضرتك عارفه أنا ماعنديش دخل ثابت يخليهم يوافقوا عليه!
وهي تعقد حاحبيها:
_لأ وأنا مقدرش أوافق على حاجه، أنا مش واثقه فيها...ممكن تودي البنك في داهيه(وهي تنظر في الأتجاه الأخر) وأقفل على الموضوع ده؛ علشان الموضوع منتهى.
وهو يترجها بكل جزء من جسدهُ:
_علشان خاطر بنتي يا أستاذه، أرجوكى دي بنتي الوحيدة بعد ما أمها سابتها ليا الله يرحمها!
وكأن قلبها نسى معنى الرحمة:
_وأنا قولت لأ وقولت إقفل على الموضوع مش تدوشني بقى، وركز في الطريق لتعمل بينا حادثه(وهي تكمل بتحذير صارم) ولو فتحت الموضوع ده تاني هقطع عيشك وهرفضك من الشغلانه وأجيب حد مكانك!
بكسرة خاطر لم تُخفِها ملامحه المتعبة، وقلبهُ يُنهَش من الحزن:
_حاضر يا أستاذه (فى نفسه: يااارب أعمل ايه أنا دلوقتي، هى ليه بتقفل في وشي كل شويه أستغفرالله العظيم واتوب اليه يارب أفرجها...أنا مقدرش أعيش من بعدها يارب خد من عمري وأديها)
وهي تكمل بجحود أكبر:
_واه صحيح فكرتني مفيش أعذار تاني ولا استأذنات تانى، انا مكنتش موافقة أصلاً أنا كنت موافقه علشان صحبتى مش أكتر؛ لكن يكون في علمك لو جيت وطلبت أى أعذار تاني تعرف أنك مرفوض ومش ليك شغل معايا تاني أظن كده وصلت!
وقلبه ينزف رعبًا على مصير ابنته:
_حاضر يا أستاذه أوامر تاني ( في نفسه: اااه يا زمن يلى بتعمل في العزيز النفس كده)
🥰✨🖋بقلم شروق فتحي🖋✨🥰
.......
فى مكتب اميرة كانت جالسة تتحدث مع صديقتها عبر الهاتف:
_ماشي ماشي هاجي يا "هبه" خلاص ما أنتِ مش هتبعدي عن دماغي أنهارده غير لما أجي يلا سلام (في نفسها: أوف ايه ده هو انا مش هشوفهُ تانى ولا ايه؟! هو اه أداني كارنيه بتاعهُ بس أنا هرن عليه بتاع ايه؟! هو ممكن يكون هو كمان أعجب بيا ذى ما أنا اعجبت بيه؟! ليه لأ؟! دانا أسحر أى حد دانا رجاله كانت بتتمنى مني نظره واحده! بس هو غير، ده حاجه فريده من نوعها أنا شكلي أتهبلت ولا ايه؟! مش راضي يطلع من دماغي أوف)
......
بعدما أنتهت أميره من عملها ذهبت إلى هبه، هبه وهي تمازحها:
_دانا يا شيخه كنت بدأت أفقد الأمل أنك تيجي، ايه تأخير ده كله بتعملى ايه يا بنتى ده كله؟!
وهي تحرك يدها خلف رقبتها بتعب:
_يا بنتي كنت مشغوله انهارده كان شغل جامد، وأنتِ كل شويه تعملي عزومه من غير سبب!
بابتسامة واسعة:
_لأ بصراحة المرة دي علشان نجاح جوزي في شغله، فقلت أعمل عزومة... تعالي أعرّفك على أصحابي
ليظهر حسن من خلف هبه، وهو يضع يديه على كتفها:
_جت "أميره" أخيرًا يا ست "هبه" أرتاحتي كده! عارفه يا "أميرة" وجعتلي دماغي "أميرة" "أميرة" "وأميرة" أتأخرت "وأميرة" مش عارف ايه دي كانت هتجنني كأنى أنا اللي مخبيكي ومخليكي تتأخري!
أميرة بمزاح يزينهُ ثقتها:
_يا بنى أنا مش أى حد، ولو متعملش عليا أنا كده، هيتعمل على مين يعنى!
ليبادلها نفس نبرة المزاح:
_طيب أشبعوا ببعض...بس علفكره أنا بدأت أغير منك يا "أميرة" دي بتفكر فيكي أكتر ما بتفكر فيا! لولا أنى عارفك كنت شكيت أنك واحد مش واحده!
ومازالت الابتسامة مرتسمة على وجهها:
_يلهوي للدرجه يا شيخ(بغمزه) بس مقدرش أخدها منك متخفش دي بتعشقك مش بتحبك!
هبه وقد أحتلها خجها، وهي تضرب أميرة بخفة:
_بس بقى يا رخمه(ثم تلتفت لـ"حسن"، فتجده يحاول كتم ضحكاته) وأنتَ كمان بتضحك على ايه كده يلا امشى!
وعيناه تلمعان بالحب، ليغمز لها:
_تمنتاشر سنه متجوزين ولسه بتتكسفي مني(ثم ينفجر ضاحكًا)يلهوى! (وقبل أن يُكمل، ينتبه لدخول صديقه من الباب) طيب أنا همشى علشان صاحبى وصل!
وهي تحاول إزعاجه بمشاكسة وضحكة خبيثة:
_طيب لما كيمو يجي قولي؛ علشان أجى أسلم عليه!
فيرفع أحد حاجبيه بغيرة مفرطة، وعينيه متسعتين:
_نعم يا ختى؟ بتقولي ايه؟! سمعينى كيمو؟ لأ كده أنتِ ناويه تتعلقى شكلك!
فتنفجر "أميرة" ضاحكة:
_لا بجد مش قادره توم وجيرى أنتوا الاتنين، وبعدين صحيح أنتِ بتقولي كيمو كده عادى يا "هبه" تزعلي "حسن" منك!
وما زالت الغيرة تسيطر عليه، وهو يهز رأسه بتمثيل الغضب:
_قوليلها يا "أميرة" يا عاقله، دي ناقص تقول حبيبى كمان قال كيمو قال!
وهي ترفع حاجبيها بإغاظة واضحة، وتوجه كلامها لهبة بنبرة ساخرة:
_أيوه ما هو ده اللي كنت هقولهلها...كيمو عيب! تقول حبيبى علطول أسهل.
بغضب ممتزج بغيرة واضحة، وهو يشير لهما بعصبية مفتعلة:
أنا همشي أحسن، بدل ما أخبطكم في بعض وتخلوني أطلع عن شعوري... وأعلّقكم على باب! (لينظر لهبة بغيرة مضاعفة) قال "حبيبي" قال... حبك برص يا شيخة إنتِ وهي، وعشرة خرس!
كريم وهو يضرب كفًا بكف، وهو يرمقه باستغراب:
_ايه يا بنى أنتَ أتجننت ولا ايه؟! ماشى بتتكلم مع نفسك!
وهو يقترب من كريم، ويزفر بضيق:
_هو اللي يتجوز مش يتجنن! دانا فاضلى ثانية لا ثانيه كمان كتير أنا مفروض أدخل مستشفى المجانين عدل.
وهو ينفجر في الضحك،ومن ثم يخرج من بين ضحكاته بتحذير مازح:
_خليك لما تسمعك هى بقى اللي هدخلك على مستشفى بإيدها.
فيتنهد "حسن" طويلًا، ويتلفت ببصره، لتقع عينه عليها:
_مش أستبعدها ونبى يا خويا! بقولك تعالى علشان تسلم عليها...(لينادى عليها بصوت يصل إلى مسمعها) "هبه" تعالى سلمى على "كريم"!
تلتفت لهما، والابتسامة تزين ملامحها:
_أزيك يا كي(لتضحك على نفسها)أقصد" كريم" عامل ايه؟!
كريم وهو يرفع حاجبية بتساؤل:
_ها الحمدلله...في ايه؟ أنتِ بتضحكي على ايه؟!(وهو يتفحص صديقهُ) و"حسن" شكلهُ هينفجر ذى البركان كده ليه؟!
وهي تهز رأسها بابتسامة:
_لا مش تاخد بالك أنتَ محدش بقى بيشوفك يعنى؟
لتأتي "أميرة"، وهي ما تزال منشغلة بالنظر إلى "هبه"، لم تلحظ وجود "كريم"، ولم يصلها صوته بعد:
إيه يا بنتي؟ بتروحي فين كده؟! كل شوية أبص جنبّي ألاقيكي اختفيتي!
وما إن أدارت وجهها قليلًا ناحيتهم...
حتى التقت عيناها بعينيه فجأة!
الفصل السادس #رواية_أمان_مزيف
لتأتي "أميرة"، وهي ما تزال منشغلة بالنظر إلى "هبه"، لم تلحظ وجود "كريم"، ولم يصلها صوته بعد:
إيه يا بنتي؟ بتروحي فين كده؟! كل شوية أبص جنبّي ألاقيكي اختفيتي!
وما إن أدارت وجهها قليلًا ناحيتهم...
حتى التقت عيناها بعينيه فارتبكت، وتسمرت في مكانها، وقلبها كاد يتوقف من المفاجأة.
ابتلعت ريقها بسرعة، محاولة السيطرة على التوتر الذي باغتها:
_ايه ده دكتور"كريم" حضرتك بتعمل ايه هنا؟!
حسن وهو يعقد حاجبيه في تعجب واضح:
_هو أنتوا تعرفوا بعض ولا ايه؟! وتعرفوا بعض منين؟
كريم محاولًا كبح تلك الابتسامة التي كادت أن تفضح سعادته بلقائها:
_دي تكون أستاذه "أميرة" أتعرفت عليها، وأنا كنت بعمل الوديعه بس أنتِ بتعملي ايه هنا؟
أميرة وقلبها ما زال يتراقص بسعادة لم تعتدها:
_"هبه" تكون صحبتى، ايه ده هو أنتَ تكون صاحب "حسن"!
كريم والابتسامة تزداد عمقًا على وجهه:
_أيوه نعرف بعض...من واحنا صغيرين، بس غريبه عمري ما شوفتك يعني...وأنتِ بتقولي أنك صحبت "هبه"!
لترد هي بنفس الابتسامة التي باتت لا تفارقها:
_أيوه أنا مش من نوع اللي بحضر مناسبات كتير؛ علشان كده أنتَ أول مره تشوفني!
وكأنهُ تناسى كل من حوله، والابتسامة مرتسمة في عينيه:
_اه علشان كده بس أنا فرحت أوي أني شوفت حضرتك!
ليلكزه حسن في ذراعه بخفة، لينتبه إلى ما قاله.
🥰✨🖋بقلم شروق فتحي🖋✨🥰
أميرة وقد اجتاحها التوتر:
_أممم..(في نفسها: يا نهار أبيض! ده موقف محرج جدًا، أردّ أقول إيه؟! أهدى بس... متتوتريش! أنا أصلًا كلّ مرّة بشوفه بتوتر... شوفته مرّة ودي التانية، بس بجد أحلى مرتين في حياتي!)تسلملي يا رب!
وهبة، تحاول كتم ضحكتها، تكاد تنفجر، وهي تحاول أن تحرك يدها على وجهها لتخفى تلك الابتسامة:
(في نفسها: تسلملى يارب حلوه دى! مش قادره طيب أخبي ضحكتى إزاى؟!)
أميرة وهي تزداد توترًا، وهمشض تلاحظ إن هبه تكاد تنفجر من ضحك:
_فى ايه يا" هبه" حاسه أنك عايزه تضحكى على حاجه؟ في حاجه تضحك نضحك معاكى؟(ثم تلاحظ أن "حسن" أيضًا بالكاد يمسك نفسه عن الضحك) ايه ده أنتَ كمان يا "حسن" أتعديت منها فى ايه؟!
كريم وهو يمرر يده في شعره بتوتر:
(في نفسه:أهدى أهدى ما تضحكش؛ علشان ما تحرجهاش ذى الأهبل ده، ومراتهُ) سيبك منهم يا "أميرة" هما الأتنين أهبل من بعض ما تركزيش معاهم (فى نفسهُ: أوبس ايه اللي أنا قولتهُ ده أنا نسيت وقولت ليها "أميرة" كده من غير رسميات أو كلمة أستاذه)
أميرة بابتسامة يكسوها الخجل، تغلبت على ملامحها رغماً عنها:
(في نفسها: ايه ده...ده قالي "أميرة" من غير أستاذه، بس أول مره أعرف إن أسمي جميل أوي كده دانا حبيت أسمى)ثم تنظر إليه محاولة الحفاظ على ثباتها، وتقول بابتسامة خفيفة:
_لا أنا أتعودت عليهم كده من زمان...المشكله إن في منهم فصيلة أطفال!
كريم وهو يبادلها النبرة الساخرة، يضحك بخفة:
_عندك حق دي مصيبه دول خطر على عالمنا مفروض ينقرضوا!
أما هي، فكانت تتأمل ضحكته التي بدت وكأنها تسحب قلبها دون استئذان:
_(في نفسها: يلهوى الضحكه خطفت قلبي...الضحكه دي خطر على قلبي يا ناس.....أهدي يا "أميرة" أعقلي يخربيتك هيظهر عليكي يا غبيه) بالظبط كده ينقرضوا!
هبة، وهي تتصنع الغضب، تعقد ذراعيها أمام صدرها وتتحدث بنبرة تمزج بين المزاح والانفعال:
_خلاص أنتوا الأتنين مش لما صدقتوا ما كنتش ضحكة يعنى، وبعدين الي بتتريق علينا دي أكتر مننا!
كريم وهو ينفي حديث "هبة"، ملوّحًا بيده كأنه لا يصدق كلمة مما قالته، والنبرة في صوته تحمل شيئًا من الدهشة:
_ايه لا مستحيل دي العاقله، أنا مش عارف هى وقعت وسطيكوا إزاى!
هبة بابتسامة ساخرة، وهي ترفع حاجبيها بنظرة مكر:
_عاقله! علشان لسه معرفتهاش...دي لو خدت عليك بس صدقني هتطفش منها!
أميرة وهي تُحدّق في "هبة" بنظرة تمزج بين المزاح والوعيد، ولكن عينيها تلمعان بخفة ظل تعرفها صديقتها جيدًا:
_طيب أحترمى نفسك أحسن أنتى عارفه ممكن أعمل فيكي ايه؟!
ليتدخل كريم مبتسمًا، وهو يلوّح بيده وكأنه يُحذّر بمزاح وسخرية خفيفة:
_خليكي لما تقلبك على الوش التاني أصل أنتِ متخافيش قد ما تخافى من العاقل لما يتحول.
هبة بمزاح تتظاهر بالخضوع، وهي ترفع يديها وكأنها تستسلم:
_عندك حق والله... خليني ساكتة أحسن!
أميرة تُعدل من وقفتها، وكأنها تستعد للرحيل، بينما تبتسم بخفة:
_طيب أنا ماشية بقى... عايزين حاجة؟!
هبة وهي تمسك بذراع "أميرة" بخفة، تحاول منعها من المغادرة، بصوت يحمل بعض الرجاء والمزاح:
_ما لسه بدرى يا ميرو خليكي قاعده معانا شويه لسه بدرى!
أميرة تبتسم ابتسامة خفيفة، بينما تتلفت حولها وكأنها تتحقق من الوقت، ثم ترد بنبرة هادئة:
_لأ أنا أتأخرت كفايا كده يلا سلام عايزين حاجه!
كريم وهو يلحق بها سريعًا، وكأن القلق تسلل إلى نبرته:
_طيب استني، أنا هوصلك... مينفعش تروحي لوحدك في وقت زي ده، الوقت اتأخر!
أميرة تلتفت له، والابتسامة ما زالت مرتسمة على وجهها، تحاول الحفاظ على هدوئها رغم خفقان قلبها:
_لا شكرًا لحضرتك... أنا معايا عربيتي، سلام(وهي تتلفت بعينيها تبحث عن سيارتها، ثم تعقد حاجبيها بدهشة)إيه ده... هو "عم صبري" فين؟!
كريم وهو يعقد حاجبيه بإستفهام:
_مين "عم صبرى" ده وهى فين عربيتك؟!
أميرة وهي تُخرج هاتفها بسرعة محاولة الاتصال به، وفي نبرة تحمل ضيقًا خفيفًا:
_ده سواق بتاعي أستنى هرن عليه أشوفهُ راح فين(تضع الهاتف على أذنها، تنتظر... ولكن لا جواب. تتنهد بانزعاج، وملامحها تتبدل إلى توتر)....أوف مش راضي يرد عليا يصبر عليا بس، أعرفه يمشي من غير ما يقولي لأ وكمان ميردش عليا؟!
كريم بابتسامة خفيفة، ونبرة يكسوها اللطف:
_خلاص مش مهم، أنا كده كده كنت ماشي تعالي هوصلك بالمره!
اميرة بإحراج وقد علت وجنتيها مسحة خجل:
_مكنتش عايزه أتعب حضرتك معايا بس!
وما زالت الابتسامة تعلو وجه "كريم"، وهو ينظر إليها بلطف:
_ولا تعب ولا حاجة، يلا تعالي اركبي... وهو أكيد مشي لسبب، يمكن حصلت حاجة ضرورية خلاه يمشي من غير ما يقولك، ما هو مش هيمشي كده من نفسه!
.......
في الجهة الأخرى عند عم صبري كان التوتر يجتاح جسده كله وهو يردد بصدمة:
_ايه أنتَ بتقول ايه يا دكتور...........
الفصل السابع والأخير #رواية_أمان_مزيف
في الجهة الأخرى عند عم صبري كان التوتر يجتاح جسده كله وهو يردد بصدمة:
_ايه أنتَ بتقول ايه يا دكتور؟! اكيد...أكيد أنتَ غلطان...بنتي عايشه(اندفع نحوها بخطوات متعثّرة، وجثا على ركبتيه بجوار جسدها، يحتضنها كما لو كان يحاول أن يمنع روحها من الرحيل) وسع قومي يا "سعاد" يا حبيبتى هجبلك كل اللي أنتِ عايزاه علشان خاطري قومي(انهالت دموعه بغزارة، وصوته يتهدج بين البكاء والنحيب) أنا ما ليش حد غيرك أنتِ روحي اللي عايش بيها مش ينفع روحي تبعد عني(وهو يهز في جسدها) أرجوكي متسبنيش قومي ونبي مقدرش على فراقك أنتَ كمان كفايا مامتك راحت(ليضحك ضحكة مكسورة، مليئة باليأس، خرجت منه رغماً عنه) أنا عارف أنك بتعملي فيا مقلب بتشوفي غلاوتك عندى...صح؟(وهو يمرر يده المرتجفة على شعرها، يناديها بحنان يائس) يلا بقى قومى مش بتردى ليه(التفت نحو الطبيب بعينين زائغتين، كأنه يستجديه أن ينفي ما يحدث) هى مش بترد ليه؟!
أخذ الطبيب نفسًا عميقًا، وأجاب بصوت يثقله الحزن:
_وحد الله ، الله يرحمها هي راحت مكان أحسن من هنا!
لينفجر في بكاء هستيري، صوته يخترق جدران المكان:
_ااااه يارب كنت تاخدني وتسبها!
ليقترب منهُ وهو يربّت على كتفه مواسيًا:
_لا _حول ولا قوة إلا بالله_ ربنا يعينك على فراقها!
🥰✨🖋بقلم شروق فتحي🖋✨🥰
......
في صباح اليوم التالي، جلست "أميرة" في المقعد الخلفي للسيارة، ذراعاها متشابكتان وصوتها ممتلئ بالاستفهام:
_إنتَ كنت فين؟! وإزاي تمشي كده من غير ما تعرفني؟!
كانت عيناها تتفحصان وجه "عم صبري" عبر المرآة الأمامية، ولاحظت انتفاخ جفونه واحمرار عينيه وكأنهما لم تذوقا النوم طوال الليل:
_وإيه اللي عامل في شكلك كده؟! إزاي هتوصلني وأنتَ شكلك كده؟!
ضغط "عم صبري" بكلتا يديه على مقود السيارة، حتى بدت مفاصله بارزة من شدة القبضة، قبل أن يخرج تنهيدة عميقة كأنها تحمل ثِقَل ليلة كاملة:
_معلش يا أستاذة… جالي مكالمة طارئة…(ليتوقف لثوانٍ، كأنه يجمع شجاعته لينطق الكلمة التالية، ثم قال بصوت مبحوح) بنتي… الله يرحمها.
ساد الصمت داخل السيارة، ولم تعد "أميرة" قادرة على النطق، بينما كان هو يرمق الطريق بعينين غارقتين في الحزن، وكأن كل ما حوله اختفى إلا صورتها.
ترددت الكلمات على لسانها، وكأنها ثقيلة لا تريد الخروج:
_ايه ده البقاء لله وحد الله(لتبتلع ريقها بصعوبة، ثم أضافت بصوت منخفض) لو عايز تروح تاخد عزاها ممكن تمشى (في نفسها: ايه اللي أنا عملته ده، كده أنا السبب)(مدّت يدها سريعًا إلى حقيبتها، أخرجت بعض المال، وأشارت بيد مرتعشة في اتجاهه:) خد دول!
رمقها بنظرة عجزت عن فك شفرتها، مزيج غريب بين السخرية والألم العميق:
_ها جايه تديني فلوس بعد ما روحي مشيت وسابتنى؟!(توقف لحظة، وكأن الكلمات تكوي حلقه، ثم أكمل بسخرية ثقيلة تتسلل من بين أنفاسه) لا بجد تعبتك معايا! تعالى هوصلك وأروح عزاها...
.......
كانت أميرة جالسة في مكتبها، غارقة بين الملفات، عيناها تتنقل بين الأوراق بعناية.
دخل عم ناصر حاملًا كوب القهوة، فابتسمت لهُ:
_شكرًا يا عم "ناصر"… أمشي أنتَ، حط القهوة هنا واتفضل.
ترك الكوب أمامها وخرج بهدوء. مدّت يدها نحو القهوة، أخذت أول رشفة، ثم الثانية… وما هي إلا لحظات حتى تجمّد وجهها فجأة، وشعور حارق بدأ يشتعل في معدتها:
_آااه… بطني…!
سقط القلم من يدها وهي تنحني، تمسك بطنها بكلتي يديها، والعرق يتصبب من جبينها. ارتفع صوتها يقطع صمت المكتب:
_الحقوني…!!
.....
كانت هبة تتحرك جيئة وذهابًا أمام باب غرفة العمليات، خطواتها سريعة وقلبها يخفق بعنف. فجأة، فُتح الباب وخرج الطبيب، جبينه يلمع من العرق، وملامحه مشدودة. هرولت نحوه قبل أن يلتقط أنفاسه:
_طمنا يا دكتور، في ايه اللي حصل؟!
دكتور ابتلع ريقه، وصوته يخرج بثقل:
_أسف وحدى الله مش لحقنها بقاء لله الاعمار بيد الله!
وكأن عقلها توقف، ولم تستوعب ما يُقال، عيناها تتسعان في ذهول وهي تلهث:
_أنتَ بتقول إيه؟! فين "أميرة"؟!
اندفعت تركض نحو الغرفة التي تتواجد فيها، فتحت الباب بعنف، وهرولت إلى السرير، تهز جسدها بعنف:
_أميرة! قومي يا حبيبتي… يلا فوقي!
كانت يدها ترتجف وهي تلمس وجهها البارد، رفعت نظرها إلى كريم وعينيها تبحثان عن بصيص أمل:
_"كريم"… صح هي عايشة! صح؟!
ظل واقفًا، شفتيه ترتعشان لكن لا يخرج منه صوت، وعيناه تمتلئان بالدموع. اقتربت منه بخطوات متعثرة، تهز في جسده:
_اتكلم! أنت ساكت ليه؟! هي عايشة… صح؟!
لكن الصمت كان أبلغ من أي جواب.
كريم وهو يحاول استجماع شتات نفسه، صوته مبحوح والدموع تحاصر عينيه:
_دكتور لو سمحت هو ايه سبب اللي حصل ده؟!
تنهد الدكتور بأسى، وكأنه يحاول اختيار كلماته بعناية، لكنه نطق بالحقيقة كطعنة مباشرة؛
_خدت جرعه كبيره من السم...والسم كان قوى جدًا...ف..مش لحقنا نلحقها!
كريم وكأن تلك كلمة نزلت عليه كالصاعقة، لينظر لهبه:
_ايه سم؟! "هبه" ردى عليا "أميرة" كانت ليها أعداء؟!
هبة، ودموعها تتلألأ في عينيها حتى حجبت الرؤية، كانت تهز رأسها وكأنها ترفض تصديق ما أمامها:
_دي كانت أطيب خلق الله، عمرها ما أذت حد...هى الوحيده اللي أتأذت الكل جه، عليها حتى أقرب ناس ليها(وهي مازالت تهز في جسدها، لتضع رأسها على صدر أميرة وهي تبكي) قومي بقى يا "أميرة"، قومي أرجوكي، متسيبنيش لوحدي!
حسن، وهو يحاول أن يبعد جسد هبة عن جثمان أميرة برفق لتهدئتها:
خلاص… أهدّي يا "هبة"، كده هتتعبّي نفسك… اللي بتعمليه ده غلط!
لكن قبل أن يكمل كلماته، شعر بثقل جسدها يتهاوى بين ذراعيه، ووجهها شاحب كالقمر المطفأ:
_"هبة"! "هبة"! فوقي!
ارتفع صوته بالذعر، في اللحظة التي هرع فيها الممرضون نحوه، وأخذوها منه بسرعة.
التفت نحو الطبيب بوجه مرتبك وقلق:
_هي مالها يا دكتور؟!
تردد الطبيب لحظة، وكأنه لا يعرف أيبتسم بأسى أم يترك الحزن يعلو ملامحه:
_جالها حالة أنهيار عصبى وده غلط على الجنين؛ علشان كده أدنها مهدئ!
تنهد بعمق، ونبرته انكسرت في آخر كلماته:
_لو كانت عايشه كانت عملت لينا فرح ربنا يرحمك يا "أميرة".
كريم، وصوته ممتزج بالغضب والوجع، وعينيه وكأن حجابًا أسود غطاهما:
_أنا مش هسكت… مش هسيب حقها! لازم أعرف مين الحقير اللي حط السم في قهوتها… ولازم يدفع التمن.
(يتقدم أحد الضباط بخطوات ثابتة) أيوه يا باشا الدكتور قال دي حالة تسمم كبيرة، وجرعه كانت كبيرة، يعني اللي حط سم قاصد يخلص عليها!
الظابط بنبرة حاسمة ولكن فيها تعاطف:
طيب… إحنا هنعمل تحرياتنا، وهيوصلنا مين اللي حط السم، ووقتها مش هيفلت من العقاب.
كريم، وكأن قوته انسحبت فجأة، أسند ظهره للحائط، ثم انزلق ببطء حتى صار جالسًا على الأرض. أغمض عينيه بشدة، محاولًا يحبس دموعه، لكن وجعه كان أكبر من قدرته على الاحتمال.
(في نفسه: آه… وجعتي قلبي يا "أميرة". بعد ما لاقيتك، القدر ييجي ويفرقنا؟! على الرغم إننا شوفنا بعض مرتين بس… قدرتِ تملكي قلبي وعقلي وروحي كلها… آه يا "أميرة")
.....
بعد يومين، وبعد تحريات مكثفة…
رن هاتف كريم، ليأتيه صوت الضابط عبر الخط:
_أيوه يا دكتور" كريم" أحنا عايزينك علشان تسمع حاجه تهمك....(لم يضيع كريم لحظة، أسرع بخطوات ثقيلة حتى وصل. دخل المكتب، ليجد الضابط جالسًا، وعلى الكرسي المقابل يجلس "ناصر" متوترًا، يعبث بيديه، وعينيه تهرب من أي نظرة.
الضابط أشار لكريم بالجلوس)أتفضل يا دكتور (ثم التفت نحو "ناصر" بنبرة حادة) ها مش ناوى تتكلم يا "ناصر" ولا ايه؟!
كريم وهو ينظر لذلك الواقف الذي يرتجف رعبًا، وهو يتجهُ في أتجاهُ:
_أتكلم وألا قسمًا بالله اوريك مين كريم حسين؟!
ظابط وهو يحاول السيطره على غضب كريم:
_أهدى يا دكتور "كريم"...أتكلم يا ابنى، أتكلم وإن شاءلله الحكم هيتخفف!
عم "ناصر" بصوت متقطع وجسده يرتجف، محاولًا السيطرة على حروفه:
_عم "صبري" جه وقالي إنه عايز يحط السم للأستاذة "أميرة"… علشان هي السبب – من وجهة نظره – في موت بنته. كان بيقول إنها رفضت القرض اللي كان طالبُه، رغم إنه اتذلل ليها علشان توافق… وهي رفضت تمامًا، وقالت له: "لو فتحت الموضوع ده تاني، هيكون الرفض نهائي".
كان محتاج الفلوس دي علشان عملية خطيرة لبنته… لكن لما ماتت، قال لي بالحرف: "لازم أنتقم منها"!
الظابط بابتسامة هادئة:
_كده تمام...أهدى يا دكتور اللي حصل حصل!
تم إلقاء القبض على "عم صبري"، وصدر الحكم عليه بالإعدام، بينما حُكم على "عم ناصر" بالسجن المؤبد.
تمت
لاتلهكم القراءه عن الصلاه وذكر الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
أدخلوا واعملوا متابعة لصفحتي عليها كل الروايات بمنتهي السهوله بدون لينكات من هنا 👇 ❤️ 👇
❤️💙🌺🌹❤️💙🌺🌹❤️💙🌺🌹❤️💙🌺🌹❤️💙
تعليقات
إرسال تعليق