رواية أجنحة الحلم بقلم الكاتب يزن الحريري حصريه وجديده وكامله جميع الفصول
الساعة كانت لسه ستة الصبح، ونور قاعدة جنب الشباك بتراقب شروق الشمس وهي ماسكة دفترها الصغير اللي دايمًا بترسم فيه. كانت الدنيا هادية، إلا من صوت العصافير وريحة القهوة اللي أمها عم تحضرها بالمطبخ. رسمت بسرعة خطوط بسيطة على الورقة، كانت عم تخطط غرفة صغيرة، خزانة من الخشب وألوان جدران بتشبه لون السماء وقت الغروب.
"نور! قومي ساعديني شوي هون بالمطبخ بدل ما تضلي ماسكة هالدفتر!" صوت أمها قطع لحظة التأمل اللي كانت غارقة فيها. حطّت نور الدفتر على الطاولة ونهضت بتثاقل. "جاية ماما... بس شوي."
نور ما كانت مجرد بنت بسيطة من قرية صغيرة، كان جواها عالم كبير مليان أحلام. من لما كانت صغيرة وهي بتحب تلعب بالألوان والخشب، تغير ترتيب الغرفة وتخترع أشياء جديدة، بس أهلها كانوا يشوفوا هالشي مجرد تسلية ماله طعمة.
"نور، شو رح يفيدك هالرسم؟ قومي شوفي شغلك!" كان أبوها دايمًا يعيد نفس الجملة. وهي كانت بتبتسم بخجل، تخبّي ألمها وتصمت. ما كان عندها الجرأة لتواجه أو تقول حلمها بصوت عالي.
![]() |
بس نور ما كانت بنت تستسلم بسهولة. بعد الغدا، كانت بتاخد دفاترها وبتطلع على التلة اللي ورا البيت، بتقعد تحت شجرة كبيرة وبتفتح دفترها من جديد. كان هالمكان ملاذها الوحيد، بعيد عن العيون والكلام اللي بيحبطها.
هالمرة، رسمت حلمها الأهم: غرفة كبيرة، جدران مليانة ألوان، نوافذ كبيرة بتدخل الشمس، وتصميم مودرن بسيط. وهي عم ترسم، تخيلت حالها واقفة قدام ناس كتير، عم تعرض تصاميمها في معرض كبير. كان الحلم واضح قدامها، بس الطريق إلو كان ضبابي... وكل ما تتخيل خطواتها الأولى، كانت الأسئلة بتغرقها: "كيف؟ وين؟ ومن وين بدي بلش؟"
نور قعدت تطلع على شمس الغروب اللي كانت بتلمع فوق التلة، وشعرت بشعور غريب جواها، مزيج من الخوف والأمل. يمكن الدنيا كانت صعبة، ويمكن أهلها ما كانوا فاهمينها، بس هي عارفة إنه عندها حلم، والحلم الوحيد اللي بيعيش هو اللي ما بتتخلى عنه.
"لازم أبلش... حتى لو البداية صغيرة."
رجعت نور على البيت قبل ما يبلش الليل يحط غطاه على القرية. البيت كان بسيط وصغير، حيطانه مدهونة بألوان باهتة، والدنيا كلها ساكتة كأنها بتحكي قصة الهدوء اللي متعودة عليه. أمها كانت قاعدة قدام المدفأة، بتغزل شال من الصوف الرمادي، وأبوها قاعد بيحكي مع جارهم عن المحصول والتجار.
نور دخلت غرفتها الصغيرة، سكرت الباب وفتحت الدرج اللي بتحط فيه كل كنوزها الصغيرة: ألوان، دفاتر، وقصاصات ورق عليها تصاميم بسيطة. مسكت واحد من الدفاتر وقعدت على سريرها، ترسم غرفة جديدة. لكن فجأة، سمعت صوت أمها بيناديها:
"نور! خالك أبو سامي جاي عالعشا. تعي ساعديني نحضر السفرة!"
حطت الدفتر على جنب وخرجت من غرفتها. كانت دايمًا بتخبي حلمها حتى ما يفتحوا معها موضوع الزواج اللي كانت أمها بتحب تلمّح له كل مرة يكون فيها ضيف.
وقت العشا، قعدت نور بصمت تسمع حديث الكبار. أبو سامي كان عم يحكي عن واحد من التجار اللي بيعرفه بالمدينة، وكيف إنه حياته تغيّرت لما نقل شغله للعاصمة. كلامه شد نور، لأن المدينة بالنسبة إلها كانت الحلم الكبير، المكان اللي بتحس إنه رح يفتح لها باب الفرصة.
بعد ما خلصوا، رجعت نور غرفتها وهي عيونها مليانة تفكير. جلست قدام الشباك اللي بتطل منه على القرية. القمر كان طالع وناشر ضوه الفضي على الحقول.
همست لحالها:
"العاصمة... يمكن تكون هي البداية اللي عم أدور عليها. بس كيف بدي أوصل لهنيك؟"
في اللحظة دي، وهي غارقة بأفكارها، سمعت صوت جرس الموبايل. كانت رسالة من صاحبتها "رغد":
"نور، في معرض تصميم داخلي رح يصير بالعاصمة الأسبوع الجاي، لازم تروحي! أنا حجزت لك تذكرة..."
اتسعت عيون نور، حسّت كأن الرسالة دي هي أول خطوة نحو حلمها. فكرت بسرعة:
"كيف رح أقول لأهلي؟ هل رح يوافقوا؟"
لكن لأول مرة، حسّت بشجاعة غريبة بتتحرك جواها. قررت إنها ما رح تستنى الإذن من حد، وإنها هتلاقي طريقتها عشان تكون موجودة بالمكان ده.
"ده حلمي... ولازم أبدأ هلق."
اجنحه الحلم
البارت الثاني:
نور قعدت طول الليل مش قادرة تنام، الأفكار كانت بتتسابق في راسها. فكرة المعرض اللي في العاصمة كانت أول خطوة ملموسة تشوفها في طريق حلمها، لكنها عارفة إن الطريق مش سهل.
"أقول لأمي؟ ولا أخبي الموضوع؟" نور كانت بتسأل نفسها وهي قاعدة قدام الشباك، عينيها بتراقب النجوم اللي بتنور السماء. "أكيد هي وأبويا مش هيوافقوا، بس إزاي أروح لوحدي؟"
تاني يوم الصبح، وهي بتحضر الفطور مع أمها، قررت تفتح الموضوع بطريقة غير مباشرة.
"ماما، سمعت إن في معرض كبير للتصميم الداخلي بالعاصمة، وبيجوا ناس كتير يعرضوا شغلهم. تخيلي لو حد عنده موهبة يقدر يكون موجود هناك؟"
أمها، وهي مشغولة بتقطيع الخبز، ردت بنبرة عادية:
"معرض إيه وهوا إيه يا نور؟ شو إلنا وإلها السوالف؟ إحنا بالكاد عم نلاحق شغلنا هون."
نور بلعت ريقها، وحاولت تغير الموضوع عشان ما تخلي الحوار يوصل لطريق مسدود. لكنها من جوا كانت حاسة بخيبة أمل صغيرة، مع إنها توقعت الرد ده.
بالليل، بعد ما الكل نام، مسكت موبايلها وفتحت المحادثة مع رغد. كتبت:
"رغد، ما بعرف كيف بدي أروح. أهلي مستحيل يوافقوا."
بعد لحظات، جاها الرد:
"ما تخافي، أنا دبرت كل شي. رح نروح أنا وإنتِ مع بعض. بقول لأهلي إنه رحلة مع صاحباتي، وهيك ما حدا بيشك."
نور قعدت تقرأ الرسالة أكتر من مرة. فكرة إنها تخبي على أهلها كانت بتخوفها، بس في نفس الوقت، صوت جواها كان بيقولها:
"لو ما أخدت الخطوة دي، هتفضلي طول عمرك مكانك."
في الأيام اللي بعدها، بدأت تحضّر بهدوء. جمعت شوية رسومات من دفاترها القديمة، رتبتهم في ملف صغير، وكتبت شوية أفكار بسيطة عن تصميمات كانت بتحلم تنفذها. كانت كل ليلة قبل النوم بتتخيل نفسها وهي واقفة في المعرض، بتشرح شغلها لناس مهمين.
وأخيرًا، وصل اليوم اللي كانوا مستنيينه. رغد وصلت الصبح بسيارتها الصغيرة ووقفت برا البيت. نور خرجت بعد ما ودّعت أمها بحجة إنها رايحة تساعد صاحبتها في حاجة بسيطة.
وهي راكبة جنب رغد، قلبها كان بيدق بسرعة. بصت من شباك العربية على القرية اللي بتبعد وراها، وحست بمزيج من الحماس والخوف.
"دي فرصتي... يا إما أستغلها وأغيّر حياتي، يا إما أرجع زي ما أنا."
رغد ضحكت وهي تبص عليها:
"شو يا نور؟ خايفة؟"
نور ابتسمت بخجل:
"شوية... بس أكيد ما رح أتراجع."
العربية كانت ماشية بسرعة باتجاه العاصمة، والطريق قدامها كان مفتوح لأول مرة. نور كانت مستعدة للمجهول، ومستعدة تواجه أي شي عشان حلمها.
مع كل كيلومتر بيقربهم من العاصمة، كانت نور حاسة كأنها بتبعد أكتر عن حياتها القديمة، وتدخل عالم جديد مليان فرص ومجهول. رغد كانت بتحكي طول الطريق عن المعرض، وعن المصممين الكبار اللي هيكونوا موجودين، لكن نور كانت سرحانة، بتفكر في اللحظة اللي هتدخل فيها المكان لأول مرة.
"نور؟"
"هاه؟"
"شو سرحانة؟ قوليلي، شو محضرة للمعرض؟"
نور ابتسمت بخجل، وطلعت الملف الصغير اللي كانت حاطاه جنبها:
"محضرة شوية رسومات بسيطة. بعرف إني لسة بالبداية، بس يمكن حد يشوف فيا حاجة."
رغد بصّت على الملف وقالت بحماس:
"عم تمزحي؟ رسوماتك روعة يا نور! أنا متأكدة إنو هالشغل رح يعجبهم."
لما وصلوا للعاصمة، كانت الأنوار العالية والأبنية الضخمة بتملأ المشهد. نور ما قدرت تخفي انبهارها:
"واو... العاصمة شي تاني تمامًا."
رغد ضحكت:
"وأحلى شي، إنك رح تكوني جزء من هالعالم!"
وصلوا قدام مركز المعارض، وكان المكان مليان ناس. مصممين، صحفيين، ورجال أعمال، كل واحد مشغول بشغله. نور نزلت من السيارة وهي ماسكة ملفها بقوة، وكأنها بتحاول تمسك حلمها بين إيديها.
دخلوا القاعة، والإضاءة كانت ساطعة، والأجواء كلها كانت بتصرخ بالفن والإبداع. نور وقفت للحظة، تتأمل اللوحات والتصاميم اللي معلّقة على الجدران، وتحس بشوية رهبة.
"شو؟ خايفة؟" سألتها رغد بابتسامة مشجعة.
"لا... مش خايفة، بس حاسة إني صغيرة قدام كل هالناس."
"ولا يهمك، الكبار كانوا صغار في يوم من الأيام. المهم إنك تبدي."
رغد أخدتها على طاولة صغيرة كانت محجوزة إلها، وطلبت منها تحط رسوماتها. نور رتبت الملف على الطاولة، وحاولت تخفي توترها بابتسامة صغيرة.
خلال أول ساعة، مروا ناس كتير، بعضهم ألقوا نظرة سريعة على شغلها ومشوا، وبعضهم مدحوها وشجعوها. بس ما كان في شي مميز لحد ما وقف قدامها رجل في الأربعينات، ببدلة أنيقة ونظرة حادة.
"هالرسومات إلكِ؟"
نور رفعت رأسها، وكانت عيونها مليانة حماس وخوف بنفس الوقت:
"إي... هاد شغلي."
الرجل ابتسم بخفة، وبدأ يتصفح الملف:
"بسيط، لكن في فكرة قوية. شو اللي ألهمك؟"
نور، لأول مرة، حسّت إنها بتتكلم عن شغلها قدام حد فاهم:
"الألوان اللي حواليّ. حتى أبسط الأماكن ممكن تتحول لشي جميل إذا عرفنا نضيف لمسة صح."
الرجل هز رأسه بإعجاب وقال:
"أنا سامر الحلبي، مدير شركة تصميم داخلي. وبصراحة، شغلك ملفت."
نور فتحت عيونها بدهشة:
"جد؟"
"أكيد. أنا بعرض عليك تجي تعملي تدريب بالشركة. موافقة؟"
كانت اللحظة دي كأنها حلم بالنسبة لنور. ما صدقت إنها لقت فرصة حقيقية.
"أكيد موافقة! شكراً كتير!"
سامر ابتسم وقال:
"موفقة، وأتمنى شوفك قريب."
بعد ما مشي، بصّت نور لرغد اللي كانت واقفة جنبها:
"رغد، أنا مش مصدقة! دي أول خطوة بحلمي!"
رغد حضنتها وضحكت:
"قلتلك إنك رح تبدي، وها انتي هلأ على الطريق!"
نور حسّت إن المعرض ما كان مجرد مكان لعرض شغلها، بل كان الباب الأول لحياة جديدة... حياة هتبدأها بإصرار وحلم كبير.
اجنحه الحلم
البارت الثالث
مرّت أيام قليلة على لقاء نور بسامر الحلبي، لكن كل لحظة كانت مليانة توتر وترقب. كل ما تفتكر كلماته عن التدريب، تحس بقلبها يدق بسرعة:
"رح تكوني ضمن فريقنا... بس بدك تثبتي حالك."
كانت مستنية المكالمة اللي وعدها بيها عشان يحدد موعد اللقاء الأول بالشركة. وبالرغم من الحماس اللي كان ماليها، في صوت صغير جواها كان بيخوفها:
"هل رح أقدر؟ هل أنا جاهزة فعلاً؟"
في صباح يوم الجمعة، وهي قاعدة على طاولة المطبخ مع أمها، رن الموبايل. نور قامت بسرعة ومسكت التليفون:
"ألو؟"
"نور؟ أنا سامر. مستعدة تبدأي بكرة؟"
نور حاولت تخفي ارتباكها وقالت بحماس:
"طبعاً! أكيد مستعدة."
"ممتاز. شوفي، بكرة رح نعمل اجتماع صغير مع الفريق ونحكي عن المشاريع الجديدة. تعالي الساعة 10 صباحاً على مقر الشركة، رح أعطيكي العنوان برسالة."
بعد ما سكرت المكالمة، بصّت نور لأمها اللي كانت واقفة بتقطع خضار. أمها رفعت عينها وسألت:
"مين؟"
نور بلعت ريقها وقالت بهدوء:
"رغد... بس عم تسأل إذا فينا نطلع مشوار صغير بكرة."
أمها هزت راسها وقالت:
"بكرة عطلة... خليكي بالبيت تساعديني شوي."
نور حاولت تهدي قلبها اللي كان بيدق بسرعة. الموضوع ما رح يكون سهل. بس كان لازم تلاقي طريقة تخرج من البيت.
باقي اليوم، قعدت تحضر نفسها. رتبت الملف، راجعت الرسومات، واختارت أبسط لبس عندها عشان يكون مريح وأنيق بنفس الوقت.
لما طلع النهار، نور خرجت من البيت بدري بحجة إنها رايحة تساعد رغد بشغلها. ركبت الباص المتجه للعاصمة، وكل دقيقة على الطريق كانت كأنها خطوة أقرب لحلمها.
وصلت للشركة قبل الموعد بنص ساعة. المبنى كان كبير وحديث، والزجاج اللي بيغطيه كان بيعكس نور الشمس بطريقة بتخطف العين. دخلت من الباب الرئيسي بخطوات مترددة، ووقفت قدام مكتب الاستقبال.
"صباح الخير. أنا نور، عندي موعد مع أستاذ سامر."
الموظفة ابتسمت وقالت:
"أهلاً وسهلاً. هو بيستناكي. الطابق الخامس، المكتب الرئيسي."
نور ركبت المصعد، وأول ما فتح الباب على الطابق الخامس، حسّت كأنها دخلت عالم جديد. كل شي حواليها كان أنيق ومرتب، ناس لابسين ملابس رسمية ومشغولين بأعمالهم.
سامر كان واقف قدام مكتبه، بيحكي مع شخص تاني. أول ما شافها، ابتسم وقال:
"نور! أهلاً وسهلاً. تعالي، خليني أعرفك على الفريق."
جمعها مع باقي أعضاء الفريق في قاعة صغيرة. سامر بدأ يحكي عن مشروع جديد، تصميم داخلي لمبنى تجاري كبير، وكان كل واحد منهم بيشارك بأفكاره.
لما جاء دورها، سامر قال:
"نور، بما إنك جديدة، احكيلنا كيف ممكن تضيفي لمسة مختلفة على التصميم ده؟"
نور وقفت، قلبها كان بيدق بقوة. بصّت للوح التخطيط قدامها، وأخذت نفس عميق:
"أنا بفكر إننا نركز على البساطة. المساحات المفتوحة بتخلي المكان مريح أكتر، والألوان الهادية ممكن تضيف إحساس بالهدوء. ممكن نستعمل الخشب والزجاج عشان ندمج الطبيعة مع الحداثة."
الفريق كله سكت للحظة، بعدها سامر ابتسم وقال:
"فكرة ممتازة. بسيطة بس فيها ذكاء. نور، أهلاً فيك بفريقنا."
في اللحظة دي، حسّت نور إنها أخيراً بدأت الطريق الحقيقي لحلمها. كانت البداية صعبة، لكن أول خطوة كانت الأهم، والباقي كانت مستعدة تواجهه بكل شجاعة.
بعد انتهاء الاجتماع، نور لقت نفسها قاعدة مع الفريق في قاعة الاستراحة. كل واحد فيهم كان بيتكلم عن شغله وحياته، ونور كانت بتحاول تفهم شخصياتهم.
ريم، المهندسة اللي كانت قاعدة جنبها، بصت لها بابتسامة:
"شكلك أول مرة تشتغلي بمجال التصميم، صح؟"
نور ابتسمت بخجل:
"إي... أول مرة. بس كان دايماً عندي شغف بالموضوع."
ريم هزت رأسها وقالت بتشجيع:
"ما تخافي، كلنا بدأنا من مكان بسيط. المهم إنك تحبي اللي بتعمليه."
في نفس اللحظة، دخل سامر القاعة ومعاه مجموعة أوراق. وقف قدام الطاولة وقال:
"شباب، لازم نبدأ نوزع المهام. المشروع ده كبير، وكل واحد فيكم عنده دور مهم."
بدأ يشرح كل جزء في المشروع، ويوزع المهام على كل فرد في الفريق. لما وصل لدور نور، قال:
"نور، أنا شايف إنك عندك أفكار بسيطة لكن ذكية. رح أعطيكي جزء من التصميم الداخلي للمكاتب الخاصة بالمبنى. عايز أشوف رؤيتك للمساحة دي."
نور اتفاجأت، لكنها هزت رأسها بحماس:
"أكيد! رح أعمل اللي بقدر عليه."
بعد ما خلص الاجتماع، سامر طلب من نور تبقى شوي عشان يعطيها بعض النصايح. لما الكل خرج، قال لها:
"اسمعي يا نور، بعرف إنك جديدة ولسة عم تتأقلمي. لكن المجال ده محتاج قوة وصبر. لازم تكوني واثقة بنفسك، وما تخافي تعرضي أفكارك مهما كانت."
نور بصت له وقالت بثقة:
"أنا فعلاً خايفة، بس مش رح أسمح للخوف يوقفني. دي فرصة كبيرة بالنسبة لي، وأنا رح أدي كل اللي عندي."
سامر ابتسم وقال:
"هالروح هي اللي رح توصلك بعيد. أنا منتظر شوف شغلك قريب."
خرجت نور من الشركة وهي حاسة بمزيج من التوتر والحماس. كانت عارفة إن قدامها تحدي كبير، لكن كانت مؤمنة إن دي فرصتها عشان تثبت نفسها.
في الطريق وهي راجعة على البيت، كانت بتفكر في أول خطوة لازم تعملها. قررت إنها تبدأ برسم مخططات بسيطة للمكاتب وتدرس المساحة بعناية.
وصلت البيت متأخرة، وأمها كانت مستنياها في المطبخ. أول ما دخلت، أمها بصت لها وقالت:
"نور، شو طولتِ؟ وين كنتِ كل هالوقت؟"
نور حاولت تتحكم بتوترها وقالت:
"كنت مع رغد... ساعدتها بشوية شغل."
أمها هزت رأسها وقالت:
"ماشي، بس ما تطيلي كتير. أبوكي ما بحب تأخرك برا."
نور دخلت غرفتها بسرعة وأغلقت الباب. جلست على المكتب وفتحت الملف، وبدأت ترسم الأفكار اللي كانت في بالها. مع كل خط ترسمه، كانت حاسة إنها أقرب خطوة من حلمها.
في الأيام اللي بعدها، نور انغمست تماماً في شغلها. كانت بتشتغل ساعات طويلة، وتتعلم من الفيديوهات والمقالات عن التصميم الداخلي. كل يوم كانت بتحس إنها بتكبر أكتر وتتعلم حاجات جديدة.
لكن رغم كل ده، كان في خوف صغير جواها... خوف من المواجهة الأولى لما تعرض شغلها قدام الفريق. هل رح يعجبهم؟ ولا رح يحسوا إنها مش قد التوقعات؟
وبين الخوف والطموح، نور كانت مستعدة تواجه التحدي الأول في حياتها المهنية... خطوة صغيرة، لكنها كانت البداية لحلم كبير.
اجنحه الحلم
البارت الرابع:
مرّت أسابيع من العمل الجاد، وكل يوم كان بيعدي، نور كانت بتحس إنها بتقترب أكتر من حلمها. في البداية، كانت بتخاف من كل خطوة جديدة، لكن مع الوقت، بدأت تبني ثقتها بنفسها.
في يوم من الأيام، بينما هي مشغولة في المكتب بتعمل على التصميمات، وصلها إيميل من سامر. لما فتحته، قلبها دق بسرعة. كان بيطلب منها تعرض التصميم الأولي للمكاتب في الاجتماع اللي هيكون بعد يومين.
"نور، التصميم اللي شفتو لفت انتباهي. رح يكون عندنا عرض في الاجتماع القادم. حاول تكوني جاهزة."
الحروف كانت واضحة، لكن عقلها بدأ يدور بسرعة:
"هل التصميم جاهز؟ هل رح يعجبهم؟ هل أنا مستعدة؟"
في الليلة دي، جلست في غرفتها وبدأت تراجع كل تفصيل في التصميم مرة واثنين. حاولت تضيف بعض التعديلات الصغيرة عشان تحسن شغلها، لكن في كل مرة كانت تشعر إن فيه حاجة ناقصة. حاولت تريح نفسها وتقول:
"كل شيء تمام. بس اتأكد إنك تقدم اللي عندك بثقة."
في اليوم التالي، دخلت الشركة وهي حاسة بترقب كبير. لما دخلت القاعة، كان سامر بيقف قدام الفريق كله، وكلهم كانوا متجمعين حوالين الطاولة الكبيرة. بدأ الاجتماع، وكان واضح إن فيه ضغط كبير في الجو، لكن سامر حاول يهدي الجميع وقال:
"اللي رح نعرضه اليوم هو تصميم المكاتب. نور، اللي عملته رائع وأكيد رح ينال إعجابكم."
حست نور بشوية توتر، لكن لما بدأت تعرض التصميم، بدأ التوتر يتلاشى. قدمت الفكرة بشكل واضح ومقنع، وكانت بتشرح كل تفاصيل التصميم بحماس. في النهاية، قالت:
"التصميم ده بسيط، لكنه يعكس احتياجات الناس اللي رح يشتغلوا في المكان. المساحات الواسعة واللمسات الطبيعية بتخلي المكان مريح ويوفر بيئة عمل أفضل."
الفريق كله كان صامت للحظة. نور كانت في انتظار رد الفعل، قلبها بيدق بسرعة، لكن فجأة ابتسم سامر وقال:
"ممتاز، نور. التصميم جبار. حسيته مميز وفكرته مختلفة عن أي حاجة شفناها."
مرت دقائق معدودة، وكل الأعضاء بدأوا يعلقوا بالإيجاب. نور حسّت إنها أخيراً عملت خطوة كبيرة في حياتها.
بعد الاجتماع، سامر وقف جنبها وقال:
"أنتِ أثبتي حالك، نور. إنتِ فعلاً قادرة."
نور ابتسمت، لكن قلبها كان مليان مشاعر متضاربة. هي عارفة إن دي كانت مجرد بداية، وإن الطريق لسه طويل، بس في اللحظة دي، حست إنها أخيرًا بدأت تثبت وجودها.
خرجت من القاعة وهي حاسة بشعور جديد. كانت مش بس واثقة في نفسها، لكن كانت عارفة إن دي مش مجرد فرصة، دي كانت بداية رحلة مهنية حقيقية.
لكن في الأيام اللي بعدها، بدأ سامر يبدي لها اهتمام أكبر. كان يتحدث معاها أكثر، يعطيها نصائح حول المشاريع القادمة، وكان دايمًا متواجد لما تحتاجه. وعلى الرغم من إعجابها به، كانت حاسة بشيء غريب... هل ده اهتمام مهني بحت؟
كانت نور متأكدة إن الوقت رح يجاوب على أسئلتها.
بعد نجاح عرض التصميم، بدأت نور تشعر بشعور مختلط. من جهة، كانت فخورة بإنجازها وحسّت إن النجاح في العمل كان قريب منها أكتر من أي وقت مضى، ومن جهة تانية، كانت تحس بحاجة غريبة تتكون جوّاها تجاه سامر. كان بديهي بالنسبة لها إنه عنده سمعة قوية في المجال، لكن بدأ يلفت انتباهها أكتر من مجرد كونه مدير أو رئيس فريق.
في الأيام اللي بعدها، كان سامر يرسل لها رسائل قصيرة تحثها على التقدم وتقديم أفكار جديدة، كما كان دائمًا يبدي اهتمامًا بمشروعاتها. لكن رغم ذلك، نور كانت تحاول تفصل بين العمل والعاطفة. هي كانت لسه جديدة في هذا المجال وما كانت مستعدة لترك مشاعرها تأثر على شغلها.
وفي أحد الأيام، وبعد اجتماع مهم في الشركة، قرر سامر إنه يدعو نور لتناول الغداء مع الفريق. كانت فرصة كويسة للتعرف على الجميع بشكل غير رسمي. نور وافقت على مضض، وحاولت تبتسم وهي تحاول تهدئة نفسها. لما وصلوا للمطعم، كانت الجلسة مريحة جدًا. الفريق كله كان بيمزح مع بعض، والجو كان مليان ضحك وطاقة إيجابية.
لكن نور كانت تحس بشيء غريب. سامر كان دايمًا بالقرب منها، يتحدث معها أكثر من البقية، وحينما كانت تتحدث عن أفكارها، كان يستمع لها باهتمام شديد. في لحظة ما، ابتسم وقال:
"نور، عندك طاقة رهيبة، وطريقة تفكيرك مميزة. مش عارف ليه بس حاسس إنك رح تكوني إضافة كبيرة للشركة."
نور حاولت أن تظهر اللامبالاة، لكن قلبها كان بيخفق بسرعة. ردة فعلها كانت متوازنة:
"أنا بس بحاول أتعلم وأحسن شغلي."
لكن سامر نظر لها بجدية وقال:
"مش بس كده. أنتِ بتبدعي."
في تلك اللحظة، شعرت نور بشيء مختلف، شعور كان مزيجًا من الفخر والتوتر. كان واضح إنها لم تعد تراه فقط كمدير، بل كأحد الأشخاص الذين بدأت تتعلق بهم بطريقة غير متوقعة.
عندما انتهى اليوم، وعادت نور إلى بيتها، كانت أفكارها مشتتة. "هل هو فقط بيهتم بشغلي؟ أم إن فيه شيء آخر بيننا؟" تساءلت كثيرًا عن تلك اللحظات التي قضتها معه، وعن اهتمامه المتزايد، وقررت إنها لازم تركز أكتر في شغلها لغاية ما تقدر تفرق بين المشاعر الشخصية والمهنية.
في الأيام التالية، بدأت نور تلاحظ أن سامر كان يسعى دائمًا ليكون بجانبها في الاجتماعات، وتقديم النصائح والتوجيهات. وهو شيء بدأ يثير فضولها أكثر. هل هو فعلاً يهتم بمساعدتها؟ أم إن فيه مشاعر خفية بين الحروف؟
في إحدى الجلسات المهمة، سامر أخبر الجميع إنه جايب مشروع كبير للشركة، وكان يريد منهم أن يعملوا عليه جميعًا كفريق واحد. نور كانت متحمسة جدًا للمشاركة فيه، لأنها كانت تعرف إن ده ممكن يكون المفتاح لتأمين مكانتها في الشركة.
لكن المشكلة كانت إن سامر أرسل رسالة لها بعد الاجتماع وقال:
"نور، بدي أكلمك في موضوع مهم بعد الساعة 6 مساءً."
كانت هذه اللحظة التي أثارت في داخلها مشاعر متناقضة. كانت خائفة. "هل هو موضوع عمل؟ أم أنه شيء شخصي؟"
قررّت إن عليها مواجهة الموقف بهدوء. عند وصول الساعة 6 مساءً، رن تليفونها.
"ألو؟" قالت نور بصوت خفيف.
"أهلاً نور. أنا سامر. فيني شوفك لحظة؟ عندي موضوع بدي أحكي معك فيه."
نور أخذت نفسًا عميقًا، ثم قالت:
"أكيد، فيني أجي عندك."
كانت هذه اللحظة التي كانت نور تنتظرها... لحظة مصيرية.
اجنحه الحلم
البارت الخامس (قبل الأخير):
نور وصلت لمكتب سامر بعد فترة قصيرة. كان الجو هادئًا والمكتب مرتب بشكل احترافي، لكن في الوقت نفسه، كان الجو داخل قلبها غير. كل خطوة كانت أقرب للمجهول. فتحت الباب، ووجدت سامر يقف بجانب نافذته الكبيرة، ناظرًا للمدينة بأفقها الواسع، كأنها كانت تعكس أفكار كثيرة في ذهنه.
"تفضلي، نور. كنت مستنيك." قالها سامر وهو يلتفت ليشوفها.
نور دخلت ببطء، وقلبها كان بينقض بشكل متسارع. لما دخلت، اتخذت مكانًا على الكرسي المقابل له وقالت بتوتر:
"خير، سامر؟ في حاجة؟"
سامر جلس على مكتبه بشكل هادئ، لكن نظراته كانت تتسم بالجدية. قال:
"أعتقد أنه صار لازم نتكلم عن حاجات أكثر من شغلنا. في الفترة الأخيرة، أنا لاحظت إني بدأ يهمني أمور أكبر من مجرد العمل معكِ."
نور اتسعت عينيها للحظة. كلامه كان مفاجئًا، لأنها ما كانت متوقعة أنه يفتح هذا الموضوع. لكن في داخلها، كان عندها شكوك من زمان عن علاقة العمل بيناتهم.
"أنا مش فاهمة." قالت نور وهي تحاول أن تخفي توترها.
سامر تنهد وقال:
"أنا مش جاي أقدم لكِ عرض عمل، ولا جاي أقول لكِ إنك مش قادرة على شغلك، بالعكس تمامًا. لكن فيه حاجة كانت واضحة من أول يوم."
أخذ نفسًا عميقًا وأضاف:
"أنا... أنا معجب بكِ يا نور."
نزلت كلمات سامر على قلب نور كالصاعقة. كانت أول مرة في حياتها، حتى في أحلامها، ما كانت تتخيل إنها تسمع شيء زي ده. في البداية، لم تستطيع الرد. لكن بعدها، نظرت له وقالت بصوت هادئ:
"سامر، ما كنت متوقعة أبدًا الكلام ده. أنا... أنا مش عارفة إذا كان دا الوقت المناسب."
نظر سامر إليها بعينين مليئتين بالجدية، ثم قال بصوت هادئ:
"أنا عارف، يا نور. لكن كنت مضطر أقول لك. العلاقة المهنية بيننا كانت واضحة جدًا، لكن فيه حاجة تغيرت جوّا دماغي. إنما لو أنت مش حاسة بنفس الشيء، أنا مش رح أضغط عليكِ."
نور حاولت أن تجد كلمات لتهدئة قلبها. كانت حاسة بشيء كبير جدًا، لكن في نفس الوقت كان عندها شكوك كثيرة. هل ده حقيقي؟ هل سامر فعلاً يشعر بما تقوله؟ أم إنه مجرد إعجاب زائل؟ كانت مشاعرها في فوضى، بين شغلها والطموحات المهنية من جهة، وبين المشاعر اللي بدأت تنمو تجاهه من جهة تانية.
لحظات من الصمت كانت تطول، ثم قالت أخيرًا:
"سامر، الموضوع ده مش سهل بالنسبة لي. إحنا لسه في البداية. خليني أراجع نفسي أكتر وأفكر في كل حاجة."
سامر ابتسم ابتسامة خفيفة وقال:
"أنا فاهم، ولا في شيء مستعجل. بس أنا كنت مضطر أكون صريح معكِ، علشان ما يظل في بيننا أي شكوك."
نور هزت رأسها وقالت:
"تمام، لازم أترك الموضوع ده يتوضح في ذهني."
كان اللقاء بينهما على وشك النهاية، لكن نور كانت مشوشة أكثر من أي وقت مضى. خرجت من المكتب وهي مش قادرة تفهم إذا كانت هتحاول تكمل طريقها في هذا المجال، ولا إذا كان هذا اللقاء راح يغير حياتها المهنية والشخصية تمامًا.
مع مرور الأيام، كانت نور تحاول توازن بين مشاعرها تجاه سامر وتفكيرها في المستقبل. كانت الأوقات الصعبة قدامها، ولا يمكنها أن تتسرع في اتخاذ قرار نهائي. طموحها في الشغل كان لا يزال في رأسها، لكنها ما كانت قادرة تمنع قلبها من التفكير في سامر.
كل شيء كان غامضًا، وكانت نور في مرحلة متقدمة من التفكير. كان واضح إنها على مفترق طرق بين حلمها المهني وبين مشاعر جديدة بدأت تنمو في قلبها.
مرّت الأيام، وكانت نور تحاول بقدر المستطاع أن توازن بين حياتها المهنية والشخصية. كانت كل يوم تبدأه بتفكير جديد، وفي نفس الوقت كانت تحاول ترك مشاعرها جانبًا لتكون أكثر تركيزًا في شغلها. لكن، كلما مر الوقت، كانت الأمور تزداد تعقيدًا.
بدأ سامر يظهر اهتمامًا أكبر في العمل مع نور، وكان دايمًا موجود عشان يوجهها ويناقش معها كل تفاصيل المشروع. كانت تشعر إنه يساندها ويعطيها فرص أكبر للظهور، لكن في نفس الوقت كان فيه شيء غريب في الطريقة اللي كان بيدير بها الأمور معها. كان يقدم لها الدعم، لكن على المستوى الشخصي، كان يظل بعيدًا، وكأن بينهما حاجز غير مرئي.
في أحد الأيام، كان عندهم مشروع جديد مهم، وكان لازم يشتغلوا عليه معًا. كان سامر بيطلب منها تقارير بشكل مستمر، وكان دائمًا بيسأل عن كل شيء يتعلق بالمشروع. لكن، على الرغم من كل العمل والجهد، كان نور تحس إن حاجة كانت مش تمام.
في أحد الاجتماعات، بينما كانوا بيعرضوا التقدم في العمل، سامر وقف وقال:
"نور عملت شغل مذهل في المشروع ده، وكنت أتمنى أكون عند حسن الظن."
ابتسمت نور، لكن كان فيه شيء في عينيها يعكس ترددًا. كان قلبها مش قادر يتجاهل مشاعرها تجاه سامر، ومع ذلك كانت بتحاول تركز في عملها أكثر من أي وقت مضى.
بعد الاجتماع، قرر سامر إنه يقضي وقت أطول مع نور عشان يتكلموا عن الخطوات الجاية في المشروع. كان الجو هادي جدًا، والمكتب كان شبه خالي، إلا منهم. بدأ يتكلم عن تفاصيل العمل وتطويره، لكن نور كانت تلاحظ إنه مش بس مهتم بالشغل، لكن في نفس الوقت كانت عيونه بتلمع بطريقة غير اعتيادية.
"نور، عايز أقولك حاجة." قالها سامر بعد لحظة صمت.
نور نظرت له، وهي بتشعر بشيء من التوتر. قالت:
"ممكن، سامر. إيه في؟"
"أنا عارف إن الموضوع صعب ومش سهل، بس بدي أكون صريح معك." قال سامر، وهو يحاول يوازن بين كلامه.
"أنا حسيت إن في مشاعر بيننا. ومش عايز أخليك في حيرة، لو أنت مش حاسة بنفس الشيء، تمام، لكن أنا حاسس إننا ممكن نكون أكتر من مجرد زملاء في العمل."
نور حسّت إن قلبها بدأ يضرب بسرعة، وكانت مشاعره جواها متشابكة، لكن في نفس الوقت كان عقلها بيقول لها إن لازم تفكر كويس قبل ما تأخذ أي خطوة. هي كانت لسه جديدة في المجال، وكانت مش مستعدة لترك حياتها المهنية تتأثر بمشاعرها.
"سامر، أنا مش متأكدة دلوقتي. ممكن تكون المشاعر دي حقيقية، لكن لازم أكون واقعية وأركز في شغلي." قالت نور، وكأنها تحاول تهدئ نفسها.
"أنا فاهم، نور." قال سامر وهو يبتسم بابتسامة حزينة.
"أنا مش بضغط عليكِ، ولا بفرض عليكِ أي قرار. لكن أنا بس حبيت أوضح لكِ إني مش شايفك مجرد زميلة عمل، أنتِ أكتر من كده."
نور شعرت بشيء غريب في قلبها، وكان الوضع بيزداد تعقيدًا. كانت تحاول أن تسيطر على مشاعرها، لكن كان فيه شيء بيجذبها لسامر بشكل ما.
مرت الأيام ببطء، وعادت نور إلى حياتها اليومية. كانت تحاول أن تركز في شغلها، لكن فكرة سامر كانت دايمًا موجودة في عقلها، كلما كانت تتخيل مستقبلها في الشركة.
لكن السؤال اللي كان يظل يراودها هو: هل تستمر في هذا الطريق المهني اللي بدأته، أم تخاطر وتفتح قلبها لمشاعر جديدة؟
كانت تعرف إنها على مفترق طرق، وإن أي قرار هتتخذه رح يغير مسار حياتها بالكامل.
اجنحه الحلم
البارت الأخير:
مرت الأيام، ومعها ازدادت حيرة نور. كانت تحاول أن توازن بين قلبها وعقلها، بين مشاعرها التي كانت تكبر تجاه سامر، وبين طموحها المهني الذي كانت لا تزال تضعه في مقدمة أولوياتها. لكن مهما حاولت الهروب من مشاعرها، كانت تكتشف أن سامر لم يعد مجرد شخص في حياتها المهنية، بل أصبح جزءًا منها.
في أحد الأيام، بينما كانت تراجع أوراق المشروع في مكتبها، قررت أنها بحاجة للتحدث مع سامر. يجب أن تكون صريحة مع نفسها أولًا، ومعه ثانيًا. دخلت مكتبه بعد أن أخذت نفسًا عميقًا، وكان هو واقف بجانب نافذته، ينظر إلى المدينة وكأنها تعكس تفكيراته العميقة.
"سامر، محتاجة أتكلم معك في حاجة." قالتها نور بجدية، وهي تحاول أن تظل هادئة رغم ما تشعر به.
سامر التفت إليها، وعينيه كانت مليئة بالتساؤلات. "أكيد، نور. تفضلي."
أغلقت الباب وراءها وجلسات أمامه، وبدأت تتحدث بصوت هادئ، لكن داخلها كان مشوشًا جدًا:
"أنا مش عارفة منين أبدأ، بس عايزة أكون صريحة معك. كنت مترددة كتير قبل ما أتكلم، لكن خلاص. أنا حاسة بشيء تجاهك، وأعتقد إنك كمان حاسس."
سامر نظرت له، وكان واضح عليه إنه كان مستني اللحظة دي. ابتسم بخفة وقال:
"أنا عارف إنك كنت مترددة، لكن اللي حسيت به من البداية هو شيء حقيقي، مش مجرد مشاعر عابرة."
نور أخذت نفسًا عميقًا وقالت:
"كنت خايفة أني أسمح لمشاعري تتدخل في شغلي. كنت حاسة إني لو اتبعت قلبي، ممكن أخسر كل شيء."
سامر اقترب منها قليلًا وقال:
"أنتِ ما رح تخسري شيء. بالعكس، أعتقد إنك لو خليتي قلبك يوجهك، رح تلاقي نفسك في مكان أفضل. شغلكِ رائع، وإنتِ أكتر من قادرة إنك تحققين كل شيء. لكن الحياة مش بس عن الشغل، كمان عن الناس اللي تحبهم واللي يقدروك."
نور ابتسمت، ودموع خفيفة بدأت تظهر في عينيها. قالت بصوت منخفض:
"مش عارفة إذا كنت جاهزة لهذا التغيير، لكن يمكن يكون الوقت جاي لنتخلى عن مخاوفنا ونعيش اللحظة."
سامر مد يده، وأمسك بيدها بلطف وقال:
"أنا مش هنا عشان أضغط عليكِ. أنا هنا عشان أكون معكِ في كل خطوة. إذا كنتِ مستعدة، هنتعاون مع بعض في الشغل وفي الحياة."
كانت تلك اللحظة هي بداية جديدة لنور وسامر. بعد حديثهما، قررت نور أن تكون أكثر وضوحًا مع نفسها ومع مشاعرها. لم يكن كل شيء سهلًا، ولم يكن الطريق خاليًا من التحديات، لكن كان واضحًا لها الآن أنه مهما كانت الصعوبات، كانت مستعدة لمواجهتها بجانب الشخص الذي أصبحت تشعر أنه نصفها الآخر.
المشروع الذي كانوا يعملون عليه معًا كان قد اقترب من الانتهاء، وكان النجاح في متناول يدهم. لكن بالنسبة لنور، كان أكبر نجاح في حياتها هو أنها اتخذت القرار الصحيح بأن تفتح قلبها لأول مرة، وأن تقبل الحب الذي كان ينتظرها.
ومع بداية هذه الرحلة الجديدة، قررت نور أن تمضي قدمًا، لا في مجال العمل فحسب، بل في حياتها الخاصة أيضًا. لأنها كانت تعلم أن هناك شيئًا أعظم من النجاح المهني، شيء لا يمكن أن تُقدر قيمته إلا عندما تجد شخصًا يدعمك ويقف بجانبك، وأنتِ مستعدة للمضي قدمًا معه نحو المستقبل.
مرّت الأيام بعد تلك اللحظة الفاصلة بين نور وسامر، وكان التغيير محسوسًا في كل شيء من حولهم. المشروع الذي بدأوه معًا وصل إلى مرحلة الإنجاز، ونجحوا في تقديمه بالشكل الأمثل. لكن نجاحهم المهني لم يكن هو الوحيد الذي كان يثير السعادة في قلب نور؛ كان هناك شيء أكبر، شيء غير ملموس لكنه أعمق بكثير.
كلما مر الوقت، كان قلبها يزداد ثقة واطمئنانًا، لأنها بدأت تكتشف أن الحب لا يأتي دائمًا في شكل تحدٍ أو صراع، بل يمكن أن يكون هدية ثمينة تُغني الحياة. كانت تخرج مع سامر في بعض المساءات، يتناولون العشاء معًا في أماكن هادئة بعيدًا عن ضغوط العمل، حيث كان كل واحد منهما يحكي عن آماله وأحلامه، وأحيانًا عن مخاوفه.
في إحدى الليالي، بينما كانوا يجلسون معًا في مكان يطل على البحر، قالت نور بحزن قليل في عيونها:
"يمكن مفيش شيء دائم في الحياة، بس اللي اكتشفته إننا لما نسمح لقلوبنا نتكلم، نقدر نعيش لحظات حقيقية."
نظر إليها سامر، وهو يشعر بكل كلمة قالتها، وأجاب بصوت هادئ:
"صحيح. يمكن الدنيا مش دايمًا تكون على هواك، لكن في كل لحظة معكِ، حاسس إن الحياة صارت أغلى وأجمل."
وفي تلك اللحظة، أدركت نور أن الحب ليس فقط مشاعر قوية وعواطف، بل هو الأمان الذي تجده مع شخص تتشارك معه كل لحظة. كان سامر بالنسبة لها أكثر من مجرد زميل عمل، أصبح الصديق، الحبيب، والداعم في كل خطوة.
مرّت الأشهر، واستمرت الأيام، ومع كل تحدٍ جديد كان يواجههم في حياتهم المهنية أو الشخصية، كانت نور وسامر يواجهانهم سويًا، يساند كل واحد الآخر. ومع بداية فصل جديد من حياتهم، قرروا أن يأخذوا خطوة جديدة معًا. فقد كان الحب هو الرابط الأقوى بينهما، وكان الوقت قد حان لبناء مستقبل مشترك.
وفي يوم مشمس، بينما كانت نور تضع خططها للمستقبل، تلقت دعوة من سامر للخروج في نزهة غير متوقعة. وأثناء جلوسهما في مكان هادئ، أخرج سامر من جيبه صندوق صغير، وفتح الغطاء ليظهر خاتمًا أنيقًا.
"نور، أنا عارف إن حياتنا ما كانتش سهلة، بس في كل لحظة كنتِ فيها، كانت الحياة بتصير أفضل. هل تقبلين أن تكوني شريكتي في هذا المستقبل؟"
نور نظرت إليه، وعينيها مليئة بالدموع، لكن دموع الفرح هذه المرة. قالت بابتسامة واسعة:
"نعم، سامر. نعم، أنا مستعدة أعيش حياتي كلها معك."
وهكذا، انتهت قصة نور وسامر، لكنها كانت بداية لحياة جديدة مليئة بالأمل، والفرح، والنجاح، والإنجازات المشتركة. كانوا يعرفون أن الطريق قد لا يكون دائمًا سهلاً، لكنهم كانوا مستعدين له معًا، يدًا بيد، نحو المستقبل.
تمت بقلم الكاتب الراحل يزن الحريري
تابعووووووني
تابعوا صفحتي عليها كل الروايات بدون لينكات علشان يوصلكم اشعار فور نزول الروايات من هنا 👇 ❤️ 👇
❤️💙🌺🌹❤️💙🌺🌹❤️💙🌺🌹❤️💙🌹🌺💙❤️
تعليقات
إرسال تعليق