أخر الاخبار

رواية إنذار بالحب الفصل الثاني والثالث والرابع والخامس والسادس والسابع والثامن والتاسع بقلم الكاتبه نورا عبد العزيز حصريه وجديده في مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات

رواية إنذار بالحب الفصل الثاني والثالث والرابع والخامس والسادس والسابع والثامن والتاسع بقلم الكاتبه نورا عبد العزيز حصريه وجديده في مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات

 رواية إنذار بالحب الفصل الثاني والثالث والرابع والخامس والسادس والسابع والثامن والتاسع بقلم الكاتبه نورا عبد العزيز حصريه وجديده في مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات


" مستشفي السلام "

وصلت "نيللي" للمستشفي وسألت عن "نور" فى الأستقبال ليخبرها الموظف بعدم تواجدها، قررت الذهاب إلى كلية الطب وهناك رأت صديقة "نور" فى الكلية وكانت "منه" فتاة بجسد ممشوق وترتدي فستان أزرق بكم وعليه سترة جلدية بيضاء وحذاء رياضي وتلف حجابها المموج بالألوان وبشرة قمحاوية وعيني بنية واسعة وجميلة فسألت "نيللي" بهدوء قائلة:-

-أزيك يا منه؟ مشوفتش نور، أنا روحت للمستشفي وسألت ملاقتهاش


رمقت "منه" هذه السيدة بأشمئزاز ثم قالت بقلق:-

-لا مجتش النهاردة وأتصلت بيها تليفونها مقفول ... هى مش فى البيت أنا كنت هعدي عليها بعد الكلية


تنهدت "نيللي" بأغتياظ من أختفاء "نور" وبسببها لن تحصل على شيء فقالت بتذمر:-

-لا، أكيد لو فى البيت مش هجي أدور عليها هنا


غادرت "نيللي" تاركة "منه" فى حالة من القلق على صديقتها التى أختفت بلا سبب ولا تعرف عنها شيء، جربت الأتصال بها من جديد لكن الهاتف مُغلق كما هو مما زاد القلق بداخل "منه" ......


____________________________________  


"منـــزل سُليمان الصياد" 


أستيقظت "نور" مع أذان المغرب وكانت "سميرة" بجانبها وتضع لها الكمادات الدافئة، أبعدت المنشفة عن جبينها بضيق وفركت عينيها قليلًا لكنها سرعان ما صرخت بهلع حين رأت ملابسها قد تبدلت فقالت بصدمة:-

-أنتوا عملتوا فيا أيه؟


نظرت "سميرة" إلي يديها التى تتشبث بملابسها بخوف وتبسمت فقالت:-

-متخافيش أنا اللى غيرتلك الهدوم، كنتِ عايزة الحمي تقضي عليكي أكتر بهدومك، المفروض تشكريني


رفعت "نور" حاجبها ببرود ثم قالت بسخرية:-

-أشكرك!! فعلا شكرًا أنكم خطفوني هنا ، لأول مرة أكون ندمانة أنى أنقذت مريض من الموت حتى لو وظيفتي أجبرتني على دا


ضحكت هذه السيدة على تذمر هذه الفتاة الصغيرة وحتى غضبها كان طفولي، سألتها "سميرة" بعفوية:-

-أنتِ اسمك أيه؟


-نور.... أيه دا وأنتِ مالك هتطلعيلي بطاقة

قالتها "نور" بتذمر غليظ فضحكت "سميرة" أكثر عليها وقالت:-

-لا يا ستي مش هطلع لك بطاقة، تحبي تأكلي أيه؟ انا هعملك اللى عايزاه


عقدت "نور" ذراعيها أمام صدرها وبداخل بركة من الغضب الكامن بسبب تقيدها هنا ثم قالت بهدوء:-

-أى حاجة عايزاها


أومأت "سميرة" إليها بنعم فقالت "نور" بلطف وحرج منها:-

-ممكن تجبيلي طرحة 


رمقت "سميرة" وجه هذه الفتاة وأدركت أنها محجبة ولهذا كانت تتشبث بطاقيتها جيدًا فأحضرت لها حجاب لتسرع "نور" وتلفه تخفي به شعرها الأسود الجميل ثم أخذتها "سميرة" إلى طريق المرحاض وفى طريقها كانت تتفحص المكان منزل جميل بألوانه الزاهية وأثاثه الأبيض وهناك بأحد الزوايا مقعد أرجوحية وبجواره مكتبة مليئة بالكتب وغرفة أخر بالطابق الأول أم الثاني فلم تصعد به نهائيًا، دخلت للمرحاض وغسلت وجهها ثم بدأت بالوضوء وسألت "سميرة" عن وجهة القبلة وصلت حتى يعود " سُليمان " أو "زين" كي تذهب من هنا....


_____________________________________ 


بالمخزن المجاور للمنزل كان من الخارج يشبه المخزن لكن من داخله يشبه ساحة المعركة ويسكنه الكثير من الرجال المقاتلين ويترأسهم "زين" بعينيه الثاقبة، أقترب "زين" من غرفة المكتب الخاصة بـ " سُليمان " وهناك كان ينظر إلى صورة رجل مُلثم بجوار جسد فتاة "ملك" الغارقة فى بركة دماء، دلف "زين" وحين رأى وجهه حزين وعينيه تملأها الدموع أدرك أنه ينظر إلى صورة زوجته "ملك" التى قُتلت غدرًا .....


(فــــــــــلاش بـــــــــــــــاك)


وقع " سُليمان " عقد الصفقة مع الرجال الصينيين ومع خروجه من المكان وصله رسالة من "كرم" محتواها (مبروك الصفقة الجديدة يارب هديتي تعجبك يا سُليمان)

تساءل عن هديته التى أرسلها لكن الصدمة كانت عندما أتصل به ضابط الشرطة ليخبره أن زوجته توفيت فى حادث سيارة وعندما رأي تسجيل الكاميرات والسيارة تدهس زوجته التى لم يمر على زواجهما ثلاثة أشهر أدرك أنها الهدية التى تحدث عنها "كرم" خصيصًا أن السيارة مرت على جسد زوجته مرتين مُتعمدًا السائق قتلها نهائيًا هى وجنينها الموجود فى أحشائها ....


فاق من شروده على صوت "زين" الذي قال بحدة:-

-والله لنرجع حقها يا سُليمان 


مسح "سُليمان" دموعه بهدوء ثم نظر على الرجال من الزجاج وقال بجدية:-

-عرفت ليه أنا حرمت عليهم الحب، عرفت ليه أهم قاعدة عندنا أننا منحبش ، الحب ضعف يا زين، بيقتلك وأنت لسه حي بتتنفس، أنا مستحيل أسمح لحد منهم يجرب اللى جربته واللى مش عاجبه قانوني يمشي 


ألاقي بالأوراق على المكتب بأشمئزاز فنظر "زين" لها ليجدها أوراق بعض الرجال المقدمين للعمل معه وكلًا منهم معترض على بند عدم الأرتباط لطالما كان عضوًا فى فريق "سُليمان الصياد" ويحمل على صدره وشم التنين، تنحنح "زين" بهدوء ثم قال:-

-إحنا حرين فى حياتنا يا سُليمان لكن حياتهم لا، سيبهم اللى عايز يتجوز أو يحب مالناش دعوة ، الرجالة تعبت وبسبب الخوف منك بسيبونا ودايمًا رجالتنا بتتغير ، مش سهل تلاقي حد وتثق فيه فى شغلانتنا دى يا سُليمان ومش أنا اللى هعرف دا


وقف "سُليمان" بتنهيدة قوية من مقعده وألتف حول المكتب حتى وصل أمام "زين" ومسك مؤخرة رأسه وقال بنبرة مٌرعبة قائلة:-

-هى فين اللى حبتها يا زين؟ سابتك أول ما عرفت أنت شغال أيه، ملك فين يا زين؟ مراتي اللى قبلت بشغلي وقرفي كله الله يرحمها، الرجالة دى يا أما هتتسيب وتتكسر قلوبها زيك لمجرد شغلانتهم يا أما هيموتوا ويبقوا مجرد وحوش زي أنا ، إحنا أتخلقنا عشان دراعنا وقوتنا بس الحب والكلام دا مش لينا إحنا يا زين 


أومأ "زين" إليه بنعم ليترك "سُليمان" عنقه وأستدار لكي يقف أمام الحائط الزجاجي الذي يمنعه عن رجاله الموجودين فى حلبة المصارعة ووضع يديه الإثنين فى جيوب بنطلونه، قاطع صمت نظراته للجميع صوت "زين" يقول:-

-هنعمل أيه فى الدكتورة اللى فى البيت


تنهد "سُليمان" بهدوء ثم قال بجدية صارمة لا نقاش بها:-

-خليها، إياك تتطلع من باب أوضتها قبل ما أتأكد أنها مش مزقوقة علينا من كرم الهواري


اندهاش "زين" من جملته فأقترب منه ووقف جواره يحدق بوجهه ولا يصدق هذه القساوة وتحجر القلب الذي بها صديقه وقال:-

-دي بنت بريئة كل هدفها كان أزاى تنقذك وتوقف نزيفك، مستحيل تكون ليها علاقة بالزبالة دا


ألتف "سُليمان" له بحزم ورفع حاجبه منبهرًا بدفاع "زين" عن هذه الفتاة المجهولة وقال بصرامة:-

-بريئة، فى واحدة بريئة ومحترمة تركب عربية مع رجالة متعرفهمش، وتروح معاهم بيتهم، متتخدعش فى المظاهر يا زين مفيش حد عنده ضمير أوى كدة لدرجة أنها تلاقي واحد سايح فى دمه وفى شارع مقطوع وتجري عليه، هى لو نموذج للأدب والبراءة أيه اللى هيوديها لشارع مقطوع، والشارع دا بالذات أنا دخلته استخبي فيه لانه مقطوع ومفهوش غير شمامين ومتسولين 


صمت "زين" قليلًا يفكر فى حديث "سُليمان" ربما لديه القليل من الصحة فهذا المكان والتوقيت الليلي الذي عثرت به "نور" على "سُليمان" لا يناسبان هيئتها وأخلاقها التى تظهرها، ألتف "سُليمان" إلى المكتب بتعب ووضع يده على خصره المصاب ثم قال بهدوء:-

-أعرف عنها كل حاجة خلال ساعات، دا لو عايزها تطلع من بيتي وتطول فى عمرها يوم لأن لو شكي بقي أكيد أنا هقطع رأسها وأبعتها هدية لكرم الهواري يا زين من غير تفكير 


جلس "زين" على المقعد بحالة أندهاش من تحول صديقه إلى وحش خصيصًا مع هذه الفتاة التى أنقذت حياته أمس وقال بتلعثم مُتسائلًا:-

-هتقتل بنت !!


تبسم "سُليمان" بمكر شديد وهتف بهمس خبيث قائلًا:-

-اه وأفتكر أنى مش أمام جامع يا زين أنا مجرم وقاتل مأجور بأخد فلوس عشان أقتل وأسهل ما عليا قتلها وأنت أكتر واحد عارف دا ، أنا الصياد 


قاطع حديثهم دخول أحد الشباب مُرتدي بنطلون أسود وفنالة بحمالة رمادية وقال بعفوية:-

-المنصور بيه وصل 


أومأ إليه "سُليمان" بنعم لكي يدخل وألتف يجلس فى مكانه، جلس على المقعد الخاص به ودلف هذا العميل رجل خمسيني يرتدي عباءة رجالية ويحمل فى يدها نبوته الخشبي، رحب به "زين" وجلسوا مع "سُليمان" فقال:-

-مش هطول عليكم، أنا عندي بضاعة ومحتاج تخرج من الجمارك 


أشار إلى مساعده ليفتح حقيبة ووضعها فوق المكتب كان بداخلها أموال كثيرة فقال "المنصور" :-

-دول 250 ألف جنيه مقدمة وبقيت الأرنب هيوصلك لما البضاعة توصلتني 


أشار "سُليمان" بنعم وقال:-

-خدهم يا زين، إن شاء البضاعة تكون عندك على أخر الأسبوع 


تبسم هذا الرجل بهدوء ثم قال:-

-تفتكر لو الموضوع سهل كنت جيتلك من المنصورة يا سُليمان، خلي بالك البضاعة دى الحكومة شامة ريحتها 


عاد "سُليمان" للخلف بظهره بثقة وهو لا يأبي شيء ولا يهاب أحد او يملك ما يخسره ثم قال:-

-وعشان الموضوع مش سهل أنت جيتلى من المنصورة وأنا كلمتي عهد وقولتلك أخر الأسبوع وأزاى دى بتاعتي أنا، كل اللى عليك أنك تجهز على الأرنب أرنب تاني 


أومأ المنصور بنعم وقال:

-وانا مش هرد لك كلمة يا سُليمان 


غادر مع "زين" ليخبره اكثر عن البضاعة، وقف "سُليمان" بتعب من جرحه وعاد إلى المنزل سيرًا فرأي ظلها خلف النافذة تقف هناك، رأته "نور" يسير نحو المنزل رجل فى أول الثلاثين من عمره ذو لحية كثيفة وحاجبيه مثلها بعيني بينة داكنة كحبيبات القهوة رغم حدتهما كالصقر مُرعبة خالية من الأمان والراحة بل تحمل غضب ورعب بين جفنيه ورموشه الطويل تزيده خوفًا، عريض بجسده الطويل وأكتافه كأنه بطل ملاكمة، يمسك خصره بألم وخطواته بطيئة كأنه يزحف على الأرض مُنهكًا فقالت بتذمر:-

-يستاهل 


أبتلعت لعابها بعد أن رآها فأرتجفت خوفًا منه وأغلقت النافذة سريعًا ثم أختبئت خلف الحائط منه، تقدم إلى المنزل فأستقبلته "سميرة" بخوف من تعبه وأخذته إلى غرفته بالأعلي رأت قميصه الأسود مبلل لترفعه من الأسفل ودهشت عندما رأت جرحه ينزف بغزارة بسبب حركته وكيف لشخص كان على وشك الموت أمس أن يتحرك كل هذا اليوم دون أن يبقي فى الفراش، تحدث بحدة صارمة:-

-حد يعمل كدة فى نفسه؟ أنا هروح أكلم زين يجي يوديك المستشفي


مسك يدها بأحكام وقال:-

-لا يا دادة سميرة مفيش داعي، أديني بس المسكن وأنا هنام شوية


-تنام والدم اللى سايح دا هسيبك تتصف منى ويجرالك حاجة

قالتها بضيق شديد وخوف من فقده، تأفف بضيق من حديثها وهى تعلم كم هذا الرجل عنيدًا ولن يستمع إليها أو يلبي طلبها فخرجت من الغرفة بحيرة وفكرت قليلًا ثم ذهبت إلى غرفة "نور" رأتها تجلس فى الفراش مهمومة وحزينة من بقاءها هنا فقالت بهدوء:-

-معلش أنا عارفة أنك مش طايقانا كلنا بس عشان خاطر ربنا تيجي تشوفيه


تذمرت "نور" بضيق وهى تتذكر كيف راته مُنهكًا فى الخارج وقالت بعناد هى الأخري:-

-ماليش دعوة يكش يموت حتى


صرخت "سميرة" فى وجهها بضيق من كلمتها هاتفة:-

-ألف بعد الشر عنه، أنتِ مش دكتورة هتسيبيه قصادك كدة، دا مريض 


وقفت "نور" من مكانها غاضبة وقالت بأنفعال شديد:-

-وأنا أستفدت أيه من مساعدته فى المرة الأولى، خطفني وحابسني زى الكلبة هنا، دا ميستاهلش مساعدتي ولا حتى شفقة منى 


أخذت "سميرة" يد "نور" فى يدها بترجي وعينيها ترمق هذه الفتاة البريئة وقالت بلطف:-

-حقك عليا أنا، أوعدك أكلمه يمشيكي من هنا بس تعالي معايا تشوفيه 


تنهدت "نور" بضيق ثم وضعت حجابها فوق رأسها بأغتياظ من طيبة قلبها التى تتحكم بها، أخذتها "سميرة" للأعلي حيث غرفته، قلبها كان يرتجف من هذا الشخص المجهول لكان حالته أمس وهو مُلقي فى الطريق بعد تعرضه للهجوم يثير الشفقة، فضولها يقتلها لمعرفة ما حدث ولما يرفض الذهاب إلى المستشفي، قاطع شرودها صوت دق الباب  من "سميرة" بعد بلوغهما الطابق الثاني ثم دلفت أمامها فقالت بلطف:-

-سُليمان، أنا جبت دكتورة نور تشوفك 


فتح عينيه وهو مُستلقي على فراشه بتعب وقال بضيق:-

-أطلعي برا يا سميرة


-عشان خاطري أنت رفضت تروح مستشفي خليها تشوفك حتى 

قالتها "سميرة" بترجي وقبل أن يعارضها، دلفت "نور" التى سمعت الحديث وعنادها ثم جلست أمامه بالأكراه دون أن تنظر إليه مسكت قميصه ؛ ليمسك يدها باحكام يمنعها من لمسه فرفعت نظرها إليه بغيظ رغم رجفة قلبها من لمسه لها وسحبت يدها منه وقالت:-

-لتكون فاكرني هموت واعالجك، أنا مجبرة لأنك مريض وللأسف دى شغالتي فياريت متقاومش خليني أخلص بسرعة لاني مش طايقة أشوفك أصلًا


تأفف بضيق من طريقتها الغليظة وهى بحجم عقلة الأصبع لكن تتحداه ونظر إلى الجهة الأخري فرفعت قميصه بضيق لتري دماءه مما جعلها تتنهد بضيق من إهماله للجرح وقسوته على بدنه رغم أن يجب عليه الأهتمام بصحته أكثر من أى شيء، أحضرت "سميرة" صندوق الإسعافات الأولية وبدأت تطهر حرجه دون أن تنظر إليه وتعمدت تؤلمه بالضغط على الجرح أكثر من مرة ففاض به الأمر ونظر إليها بضيق من ضغطها على جرحه كأنها تنتقم منه، رفعت نظرها إليه بسخرية وقالت:-

-معقول وجعتك!!


كز على أسنانه بأغتياظ منها لتتابع ما تفعله ثم وضعت لاصقة طبية على حرجه وقالت:-

-دى أخر مرة هعالجك طالما كاره دا اترزع فى السرير أو روح مستشفي


رفع حاجبه إليها بضيق شديد من ألفاظها معه ثم قال:-

-مبقاش ألا العيال كمان اللى هتقولي أعمل أيه، أطلعي برا ونصيحة لوجه الله متخلينيش ألمحك مرة تانية لأني مش همسك نفسي عنك أطول من كدة 


كزت على أسنانها بغيظ مُستشاطة غضبًا من طرده لها بعد أن عالجته بدلًا من شكرها ووقفت مرة واحدة بأنفعال لتشعر بدوران فى رأسها وسقطت مكانها مرة أخري، نظر إليها بهدوء ورآها تمسك جبينها وتغمض عينيها فقال:-

-أنتِ كويسة؟


لم تجيبه وحاولت فتح عينيها الأثنتين معًا مرات متتالية، وضع يده على جبينها ليراها ساخنة كالجمر، دفعت يده بعيدًا عنها بقوة ووقفت من جديد لكي تغادر الغرفة، خرجت بصعوبة وقدميها تزحف على الأرض خوفًا من تحريكها أكثر حتى وصلت للدرج وأتكأت على الدرابزين حتى عادت إلى غرفتها بتعب؛ لتلقي بجسدها على الفراش ونزعت حجابها ثم نظرت إلى الطعام الموجود بجوار الفراش وهى ترفض تناوله بحيرة، أتأكله حقًا حتى لا تمرض أم تظل على موقفها رافضة اكل شيء فى هذا المنزل ربما يسممها ......


_______________________________________ 


ركضت "منه" فى الكلية بسرعة جنونية والقلق يحتلها بعد أن سمعت من الطلاب أن هناك شاب يبدو ثري يسأل عن "نور" فى كل مكان ، ظلت تسرع فى خطواتها حتى وصلت إليه فمسكته من يده بالقوة وأدارته إليه، نظر "زين" إلى هذه الفتاة بأندهاش من تصرفها فقالت بلهث:-

-أنت بتسأل على نور؟


تفحصها من الرأس لأخمص القدم ، فتاة جريئة وتتحدث بثقة ترتدي بنطلون أسود فضفاض وقميص نسائي أصفر بأكمام وتلف حجابها ، نزع نظارته السوداء وقال بجدية:-

-اه، تعرفيها؟


عقدت "منه" ذراعيها أمام صدرها بغرور وتنفست الصعداء من كثرة الركض تجمع أنفاسها وتهدأ من روعة رئتيها ثم قالت:-

-أعرفها لكن معرفكش أنت؟


تأملته وهو شاب غير مألوف عليها يملك 29 عامًا ولديه شعر بني طويل من الأعلي وخفيف من الجانبين بدون لحية وعينيه خضراء ضيقة وبشرة بيضاء طويلًا ونحيف الجسد رغم قوته البدنية التى تظهر بهيئته مُرتدي بنطلون جينز وقميص أبيض، نظر "زين" إليها وقال:-

-انتِ منه؟


رفعت حاجبها إليه بأندهاش من معرفته بأسمها وهكذا بصديقتها وقالت بجراءة دون خوف يتملكها من الغرباء:-

-اه وحضرتك بقي تعرفني منين؟ وبتسأل على نور ليه؟ أنت مين؟


تبسم "زين" على جراءة هذه الفتاة وأخذ خطوة نحوها بثقة ثم قال:-

-قالولي لو عايز تعرف نور هتلاقي الجواب عند منه


تنحنحت "منه" بضيق من قربه منها وعادت خطوة للخلف بأرتباك ولم تنكر أنه وسيم جدًا كما سمعت من الطلاب أن شاب يشبه قمر البدر يبحث عن صديقتها، ظهرت ربكتها فى تصرفها ثم قالت:-

-نور فين؟ 


-عندي

قالها بغرور وعينيه تلمع ببريق الإعجاب بهذه الفتاة التى توردت دون سبب وأحمرت وجنتيها لمجرد أقترابه قليلًا منها، ضحكت "منه" بسخرية على جوابه ثم قالت:-

-هههه كداب أكدب كدبة تتصدق طيب


أخرج هاتفه بعد أن رفع حاجبه إليها بغرور وثقة ثم أتصل على "سميرة" وقال:-

-أدي التليفون لدكتورة نور


أعطاها الهاتف فوضعته على أذنها بتردد ؛ لتسمع صوت صديقتها المبحوح ونبرتها الهادئة فصرخت بقلق قائلة:-

-نور، أنتِ فين؟ أنتِ مجنونة أزاى تسيبي بيتك نيللي قالبة عليكي الدنيا ... مش مهم كل دا أنتِ فين لما أشوفك هحكيلك


أبتلعت "نور" لعابها بخوف من هذا الرجل الذي يقف أمامها ويحمل مسدسًا كتهديد لها حتى لا تتحدث بشيء عما يحدث معها فقالت "نور" بخوف:-

-أنا كويسة يا منه، متخافيش ... مالكيش دعوة بنيللي الست دى مالهاش أصلًا حاجة عندي  و متقولهاش حاجة عني، أنا هبقي أحاول أكلمك عشان ضيعت تليفوني فى البيت 


أخذ "زين" الهاتف من يدها بالقوة قاطعًا حديثهما لتتذمر "منه" على طريقته ومنعها من محادثة صديقتها أكثر وقالت:-

-أنت متخلف ما تقول هاتي التليفون أنت بتأخده وأنا بتكلم


أغلق الهاتف ووضع فى جيبه ببرود قاتل ثم قال بعيني ثاقبة كالصقر:-

-أتاكدتي أنها عندي، نتكلم بقي


فتحت هاتفها بمكر لم يتوقعه وألقطت صورة له ثم أغلقت الهاتف سريعًا وقالت:-

-أنت فاكرني جبانة ولا هخاف منك، أنا معرفكش ولا نور تعرفك والحاجة الوحيدة اللى أعرفها أن الوضع مريب ونور صوتها مش مطمني وأنا هطلع على القسم دلوقت وهبلغ عنك وهديهم صورتك وهم بقي يتصرفوا معاك ويشوفوا أنت مين وعامل أيه؟ 


أتسعت عينيه على مصراعيها من تفكير هذه الفتاة الذكية التى أسرعت بخطواتها تبتعد عنه فركض خلفها حتى خرجت من الجامعة وعبرت الطريق ليعبر الطريق خلفها وهو يحاول منعها من الذهاب إلى الشرطة مرت من أسفل كوبري الجامعة وهو خلفها يناديها حتى مسك يدها أخيرًا كالصقر الذي حصل على فريسته للتو ويلهث بقوة وعينيه تحدق بها بأغتياظ فقال:-

-أنتِ مش قد اللى بتعمليه؟


حاولت جذب يدها من قبضته القوية التى تعتصر عظامها بها وقالت:-

-ولا أنت قد اللى بتعمله.... سيبني لأحسن أصوت وألم عليك الناس ... ألحقووووني


لم ترى أحد بهذا المكان سوى رجلين هناك فطلبت مساعدتهما لكن سرعان ما بدأت بالصراخ حين أخرج الرجلين مسدسات من ملابسهما وبدأوا يصوبوا عليها، أنتفض "زين" فزعًا وهو يعلم أن من أسبوع غُدر بـ "سُليمان" واليوم هو، ركض بعيدًا بعد أن ترك يدها فتنهدت بخوف وحاولت الهرب من هذا المكان المعزول، توقف عن الركض حين سمع صوت صراخها فألتف رأي رجل قبض عليها ويضع المسدس فى رأسها والأخر يقف ينتظره حادقًا به فقال بجدية:-

-كام واحدة لازم تموت عشان تعيش يا زين والصياد


نظر إلى "منه" هذه الفتاة التى لا يعرف عنها شيء سوى اسمها، مُنذ قليل كانت تتمالكها الشجاعة والجرأة والآن تبكي وترتجف من المسدس الموجود فى خصرها وحتى صراخها تكتمه من الرعب، لم يتحمل أن يحمل ذنب موتها هى الأخري يكفي ما يحمله فأقترب منهما مُستعدًا للعراك وأخرج سكينًا من خلف ظهره ...............



إنــــــذار بالحُــب 


الفصل الثالث (3)


ذعرت "منه" مما تراه وهذا الرجل يتقاتل أمامها بسكينه بمهارة ولم تقل مهارة خصمه مثله تمامًا مما أطال العراك بينهما ، السكاكين الحادة تجرح أجسادهما وتتطلق العنان للدماء تسيل من عروقهما، دفع "زين" الرجل بقدمه بقوة فى بطنه ليسقط أرضًا وألتف لكي ينظر إلى "منه" والرجل الذي يقف جوارها فسحبها بخوف من "زين"؛ ليوقفها أمامه كدراعه الواقي من "زين" ووضع المسدس فى رأسها هذه المرة ثم قال:-

-لو قربت خطوة واحدة هقتلها


تبسم "زين" بعفوية وهو يمسح دماء فمه بيده التى تمسك السكين غير مبالي بشيء ثم تقدم خطوة نحوه هاتفًا بثقة:-

-بسرعة، ليه محسسني أنك قابض على مراتي يا غبي


أبتلع الرجل لعابه من الخوف مع تقدم "زين" بينما "منه" تستشاط غضبًا من كلمته وسط بكاءها فلم يكتفي بتوريطها بين أيادي الأشرار ،بل يطلب قتلها أيضًا، أبعد الرجل المسدس عن رأس "منه" وما زال ذراعه يمسكها بأحكام وصوب المسدس نحو "زين" وبسرعة البرق فور تحريكه للمسدس عن رأسها أطلق "زين" سكينه بوجه الرجل ليصيب يده ويسقط المسدس منه، تألم الرجل من السكين المغروس فى يده فسحبها بقوة من يده وركل وجهه بقدمه أقترب ليبدأ عركته مع هذا الرجل الثاني لكن توقف فجأة عند ظهرت سيارة من العدم وصعد بها الرجل وكادت أن تدهس "زين" و"منه" التى يمسكها بأحكام بقبضته فسقط بها أرضًا وهي أسفله، طوي السائق الأرض طايًا من السرعة ثم دفعته "منه" بعيدًا عنها بغضب سافر ودموعها لم تجف بعد فسأل بهدوء:-

-أنتِ كويسة؟


صفعته على وجهه بقوة من الألم الذي يتملكها والخوف الذي أحتلها فكز على أسنانه وهو يعض شفته السفلية بغيظ من صفعتها ووقف قبل أن يرد الصفعة لها وألتف لكي يغادر فجهشت فى البكاء بقوة وصوت عالي، ألتف إليها بتذمر من بكاءها وقال بانفعال:-

-بتعيطي ليه دلوقت؟ مش ضربتني خلاص


أجابته ببكاء وصوت مبحوح غاضبة:-

-عشان أنت حيوان كنت عايزه يقتلنى


أقترب منها من جديد وجثا على ركبتيه أمامها بتنيهدة قوية خرجت من ضلوعه فى وجهها ثم قال:-

-بغض النظر عن لسانك اللى عايز قصه زى أيدك بالضبط بس حقك عليا أكيد ماكنش قصدي يقتلك يعنى أنا كنت بخوفه


رفعت رأسها المحنية للأسفل حتى تتقابل عيونهما معًا، نظر إلى دموعها التى لوثت وجنتيها وكحلها الذي أفسدته هذه الدموع الحارة وشهقتها الطويلة لم تتوقف بعد، تنحنح بحرج من النظر إليها وقال:-

-أيدك ناشفة مش أيد دكتورة دى


رفعت يدها لكي تصفعه من جديد بغيظ أكبر ليمسك يدها قبل أن تفعل وتحولت نظراته التى تتطاير منها الشر وجعل جسدها يقشعر أمامه، قال بحدة صارمة:-

-أنا عدتها مرة لكن المرة الجاية هقطعها ودا بجد ، أنا مبشلش حمل قطع الأيد مرتين وشلته مرة من دقيقتين بالضبط


صرخت به غاضبة بعد أن جذبت يدها من قبضته بقوة مُتحاشية النظر إليه قائلة:-

-أنت زبالة كمان عشان ماشي وسايبني فى المكان دا لوحدي فين رجولتك يا منعدوم الرجولة يا أبو قلب حجر أنت؟


تحاشي النظر إليها وهو يقضم شفته السفلية بأسنانه من الغيظ محاولًا كبح غضبه قبل أن تفلت أعصابه عليها ويفقد سيطرته على فتاة برقة البسكويت ستكسر من أقل شيء، وقف من مكانه أمامها مباشرة وقال:-

-أنا قولت لسانك عايز قصه، قومي


مد يده إليها لتنظر إليها مُطولًا ثم وقفت وحدها مُتجاهلة مساعدته تمامًا ثم قالت:-

-شكر مش عايزة حاجة من متحجر قلب زيك


قوست شفتيها للأسفل بحزن ووجه عابس وسارت أمامه ليظل يمشي خلفها ببطيء على وتيرة خطواتها الهادئة حتى صعدت لسلالم الجامعة وعبرت الطريق ، ذهب حيث سيارته الفخمة وأنطلق ليمر من أمام الجامعة ورأها واقفة على الطريق تنتظر سيارة الأجرة بملابسها وتحاول أخفاء أتساخ الملابس بحرج من نظرات الجميع، أقترب منها وأوقف سيارته أمامها لتتسع عينيها على مصراعيها من جمال سيارته وفخمتها التى تظهر ثراء هذا الرجل فقاطع شرودها بحديثه الموجه إليها من النافذة قائلًا:-

-أركبي يا أم أربعة وأربعين لسان


ظلت تحدق به بخوف وأقتربت من النافذة ووضعت يديها عليها بجراءة وأشمئزاز ثم قالت:-

-عشان تخطفني زى نور مش كدة، على فاكرة أنا لسه مغيرتش رأي وهتطلع على البوليس


تبسم بخبث شديد ثم أخرج هاتفها من جيبه لتتسع عينيها ولا تعرف متى أخذه فتبسم "زين" وهو يتذكر عندما سقط عليها وأستغل الفرصة ليسرق الهاتف منها فقال بعفوية:-

-أتفضلي بلغي تحبي أوصلك للقسم بنفسي


ضربت سيارته بقدمها من الغيظ بطريقة طفولية أضحكته ثم قال بجدية قاطعًا ضاحكاته بعبوس متحولًا:-

-هتركبي ولا أمشي ومفيش تليفون


نظرت حولها بقلق وتردد ثم فتحت حقيبتها وأخرجت منها قلم ودونت نمرة سيارته على يدها قبل أن تصعد فضحك أكثر على غباءها، أغلقت باب السيارة بعد أن جلست جواره وقالت بحيرة لم تفهم أمره:-

-بتضحك على أيه؟


قاد سيارته وتركها على وضع القيادة بدون سائق ليتحكم نظام السيارة بالقيادة دون الحاجة إليه ، ألتف لكي يسحب يدها بقوة ووفتحها ثم قال:-

-أصل أنا واخدك كلك هتستفادي أيه من نمرة العربية ، يعنى لو قتلتك مش هيصعب عليا قطع أيدك أو غسلها مثلًا


رمقته بصمت وتملكها الخوف لبرهةٍ، أيمكنه قتلها حقًا وتذكرت مهارته فى القتال وكيف هزم رجلين بسكينه حتى فرا الإثنين منه هربًا، سحبت يدها منه بخوف وعقدت ذراعيها أمام صدرها بقلق ونظرت إلى النافذة، تبسم وعاد يمسك مقودة السيارة ليقودها هو بسرعة تتجاوز السرعة المحددة وتهور، رن هاتفه باسم "سُليمان" لينظر إلى "منه" بقلق فرفض أستقبال الأتصال وقال:-

-تحبي أوصلك فين يا أم ......


قاطعته بضيق شديد من تلقيبه لها قائلة بأنفعال بعد أن ألتفت إليه:-

-أسمي دكتورة منه


أندهش من حزنها على الرغم من لسانها السليط، سألته بجدية:-

-نور فين؟


-تعرفيها منين؟

قالها بجدية لتقول بهدوء:-

-من زمان ، من ساعة ما كانت فى الإعدادية، والله أنا أكتر حد عارفها ومتأكدة أنها مأذتكش في أى حاجة ، نور متعرفش تأذي حد هي بتتأذي من اللى حولها بس


أوقفها عن الحديث رنين هاتفها برقم "نيللي" فنظرت إليه بتعاسة وقالت بأختناق:-

-أدي أول أذي فى حياتها... ألو


فتحت مكبر الصوت ليسمع "زين" صوت "نيللي" الغاضب وهى تصرخ بأنفعال كادت أن تفقد أعصابها من أختفاء "نور" خصيصًا أنها مفتاح الحصول على المال:-

-هى فين؟ لسه مكلمتكيش يا منه ولا أنتِ مخبية عليا ماهو محدش هيديرها عني غيرك، دى عبيطة ومتعرفش تعمل حاجة انتِ اللى بتخططي وتدبري كل حاجة


نظرت "منه" إلى "زين" بسخرية وقالت بحدة:-

-معرفش يا طنط هى فين؟ وخلى بالك أنا هطلع على القسم وهقدم بلاغ عن أختفاء نور والبوليس بقى يشوف مين اللى له مصلحة يخبيها ولا يعمل فيها حاجة


أرتعبت "نيللي" من كلماتها وقالت بتعجل:-

-أنتِ مجنونة هخبييها ليه وأنا أكتر واحدة محتاجة ليها، أنا طردتها بس من البيت والجيران كلهم يشهدوا على دا، أنا حرة مش عايزة أربي واحدة أبوها فضلها عليا خلاص اللى كان بيربطني بيها مات لكن معملتش فيها حاجة يا عيني ، روحي دوري على صاحبتك فى الشقق شوفيها كانت تعرف مين ومصاحباه وعشان كدة رافضة تتجوز


صرخت "منه" بها بانفعال شديد قائلة:-

-أخرسي، نور أشرف منك ومن ألف واحدة من عينتك دي، نور أتربت فى بيت أمام جامع مع جدها مش زيك فى الشوارع وعمومًا أنا عارفة هدور على صاحبتي فين؟ وقسمًا بالله لو طلعتي عملتي فيها حاجة ما حد هيقف لك غيري


أندهش "زين" من جراءة هذه الفتاة ورغم معرفتها أن "نور" معه لكنها تتحدي هذه المرأة التى لا يعرف عنها شيء لأجل صديقتها، أغلقت "منه" الهاتف ونظرت إليه بضيق قائلة:-

-أنا عايزة أشوف نور، لازم أطمن عليها


صمت قليلًا ولا يعرف ماذا يفعل فقال بجدية:-

-أحكيلي الأول حكايتها وبعدين أخليكي تشوفيها


تنحنحت "منه" بحيرة مُترددة فى التُحدث مع هذا الغريب عن صديقتها لكنها لا تملك خيار سوى الحديث، بدأت تتحدث بهدوء قائلة:-

-عايز تعرف أيه؟ بنت مسكينة كانت عايش مع أسرتها وبابا الراجل الصناعي اللى عنده ورشة عربيات لحد ما والدتها أتوفت وباباها أتجوز نيللي بعدها نور راحت تعيش مع جدها أمام جامع لحد ما ربنا أفتكره من خمس سنين ووقتها كان كاتب شقته باسم نور حفيدته الوحيدة لكن باباها كان عايز فلوس يكبر الورشة وباع الشقة ورجعت تعيش مع مرات أبوها وحقيقي ست لا تُطاق متعرفش حاجة عن الرحمة بس نور تحملت قالت تتخرج من الطب وأهو هتبقي دكتورة وتقدر تعتمد على نفسها لحد ما باباها أتوفي من قريب وكتب كل حاجة لمراته وأديك زى ما سمعت طردتها من البيت


أستمع "زين" إليها وشعر بصدق يلمس قلبه من حديثها، أوقف سيارته جانبًا ثم ترجل منها وأغلق الباب وأتصل على "سُليمان" أخبره بما علم به عن هذه الفتاة التى يهددها بالقتل فى حين أنها لا تعرف شيء عنه وكل ما فى الأمر مجرد قدرها جمعها به فقال:-

-أنا دورت كتير البنت مالهاش أى علاقة بكرم مجرد طالبة فى الطب حلمها تبقي دكتورة يا سُليمان ، البنت دى ذنبها الوحيد وقدرها السئ هو اللى جمعها بيك فى مكان غلط


نظر "سُليمان" لهذه الصورة التى يحملها فى يده بعد أن وصلته على المنزل وكانت لـ "نور" تحتضنه جدًا حين أغمي عليه فى الطريق ووجهها مشوه بشيء حاد ومكتوب عليه بالدم سأرسل لك هدية جديدة، تحدث بجدية قائلًا:-

-تفتكر يا زين؟


أومأ إليه بنعم فتحدث "سُليمان" قاطعًا لكل تفكير وحديث "زين" قبل أن يبدأ قائلًا:-

-قدرها اللى جمعها بيا أو حتى كرم البنت دى مستحيل تطلع من بيتي يا زين غير جثة هامدة


أغلق الهاتف دون أن يترك مجال للنقاش فنظر "زين" إلى "منه" الجالسة بالداخل تحدق به كأنها تنتظر الجواب فتأفف بضيق ثم صعد إلى السيارة بوجه عابس وقال:-

-أوصلك فين؟


نظرت "منه" له بأستغراب ثم قالت:-

-مش هتوديني لنور


-مينفعش ، على الأقل دلوقت مينفعش

قالها بهدوء ثم فتح هاتفها بأصبعها بالقوة رغمًا عنها وهى تتألم وتقاومه ثم حذف صورته نهائيًا ومن سلة المهملات أيضًا وأعطاها الهاتف ثم قال:-

-لما يسمح الوقت هتلاقيني عندك أو هتلاقي نور نفسها


لم تفهم شيء من إصراره فقالت بحدة:-

-صدق اللى قال متثقش فى وعود الرجالة


ترجلت من سيارته غاضبة فى منتصف الطريق ليرحل "زين" دون أن ينتظر أو يمنعها بل أنطلق بسيارته بسرعة جنونية كأنه تخلص منها نهائيًا، تذمرت "منه" منه وطلبت بهاتفها سيارة أجر من التطبيق الخاص بالسيارات وعادت إلى منزلها....


_________________________________________


وصل "زين" إلى المنزل غاضبًا وحين دلف إلى المكتب تحدث بضيق من تصرف "سُليمان وقال:-

-هتأذي بنت بريئة يا سُليمان متخليش كرهك من البنات يعمك و.....


توقف عن الحديث عندما رأي الصور منثورة على المكتب ومترصدًا ظهر الآن خلف هذه الفتاة، أبتلع كلماته بدهشة وأخذ أحد الصور من فوق المكتب فى يده ينظر بها لا يستوعب ما يراه، بل مصدومًا مما يراه الآن وتذكر ما حدث مع "منه" وكيف هدده الرجل بقتل هذه الفتاة التى لم تظهر سوى دقائق معه لكن هذه الدقائق القليلة كلفتها حياتها وعرضتها للخطر والآن صديقتها لا تقل خطرًا عنها ............


إنـــــذار بالحُــب 


الفصل الرابع (4)


تأفف "سُليمان" غيظًا بعد أن سمع حديث "سميرة" عن هذه الفتاة المتمردة وقال بأغتياظ:-

-يعنى أيه؟ أتصرفي يا سميرة خليها تأكل أى حاجة هتفضل قاطعة الأكل كدة لحد أمتى، فهميها أن طريقتها دى مش هتغير قراري هى مش هتطلع من هنا يعنى مش هتطلع واللى عايزاه تعمله فخليها تأكل وتعيش لحد ما يجي ليا مزاجي وأخرجها بدل ما تخرج من هنا جثة


سمعته "نور" من الداخل وأستشاطت غيظًا من حديثه وقسوته ففتحت باب الغرفة وخرجت إليه غاضبة وتتحدث بصوت مُرتفع قائلة:-

-مزاجك أيه أنت فاكرني جارية عندك ولا أيه، ولا تكون فاكر نفسك أشترتني بفلوسك


ألتف "سُليمان" إليها بزمجرة منفرًا من النظر إليها حتى صوتها يشمئزه، رمقها بنظرات خبيثة ماكرة تحمل الكره والغضب من كل شيء بها وبحياتها الرمادية كما علم، فتاة بحجم عقلة الأصبع رغم هدوئها حياتها تعيسة كما سمع من "زين" إلا أنها قوية بقدر ضعفها، فتاة لم يقابل مثلها من قبل تحمل الشيء ونقيضه فى نفس ذات اللحظة، تبكي وتتشاجر فى نفس اللحظة، تصرخ وتكتم أوجاعها فى نفس البرهة، شعور الذنب يقتله مُنذ أن رأي صورها الممزقة والتهديد الصريح له بقتلها، ما ذنبها حتى تعيش هذا الحياة لكنه لا يملك خيارًا آخر سوى تحمل حمايتها حتى يقضي على عدوه

نظر "سُليمان" إليها بصمت مُنتظر أن تبوح بما تحمل فى طياتها ربما تهدأ وتتقبل الوضع، نظرت "نور" إليه بضيق من صمته الذي يُثير أستفزازها اكثر وأكثر فقالت بضيق:-

-ما ترد أيه البرود دا


عقد حاجبيه بغيظ شديد من كلمتها بينما أندهشت "سميرة" من طريقته وأتسعت عينيها حين مسكها "سُليمان" بقوة من ذراعها وجذبها إليه غاضبًا وعينيه يتطاير منها الشر والمكر فأبتلعت "نور" لعابها من الخوف حين قبض عليها كالأسد الذي حصل على فريسته للتو وعلى وشك ألتهامها بأسنانه ونيران غضبه، تحدث بنبرة مُرعبة قائلًا:-

-أنا مش هتحملك كثير، وأوعي تفتكري أن لسانك الطويل دا هيأثر فيا ولا هيخليني أرجع فى كلامى، أنتِ لسه على نيتك متعرفيش أنتِ فين ولا واقعة مع مين؟ أنا الحاجة اللى بتجبلي صداع بدفنها فى الأرض فبلاش تستعجلي على المتر فى متر اللى هتتحطي فيه


دفعها بقوة بعيدًا عنه فأمسكت "سميرة" بها قبل أن تسقط وكانت "نور" ترتجف خوفًا من هذا الرجل الصلب المُرعب، جحوده وقسوته يقتل من يقف أمامه، و لو كانت المشاعر تقتل لكانت "نور" للتو جثة هامدة من جحوده، ذهب من أمامها لتبتلع "نور" لعابها وصرخت به حتى يسمع كلماتها:-

-حسبي الله ونعم الوكيل فيك ، أنا بسببك هسقط فى الكلية يا ظالم، الله يلعن اليوم اللي قابلتك فيه ..... ياريتني سيبتك تموت


عادت إلى غرفتها باكية رغم أنه سمع حديثها وألتف قبل أن يغادر المنزل ليراها تسير إلى غرفتها باكية، خرج بعد تنهيدة قوية من المنزل وسار إلى هذا المخبأ الذي يحمي به رجاله وفى طريقه ظل يفكر فى حديث "زين" عن حياتها وكم تسعى جاهدة للتخرج من الكلية لأجل الحياة والأستقرار، لم تغيب للحظة واحدة عن عقله فى التفكير ، كيف يساعدها ويحميها من أذي هو السبب به بنفس الوقت......


____________________________________


خرجت "منه" من المحاضرة عصرًا وذهبت إلى المستشفي مع أصدقائها وهناك وجدت "زين" يقف ينتظر أحدًا، ذهبت نحوه مُسرعة وكان ينظر فى الهاتف ومتكأ على سيارته واضعًا نظارته الشمسية على عينيه ، وقفت أمامه وقالت ببرود:-

-كابتن


رفع نظره سريعًا حين سمع صوتها ونزع النظارة عن عينيه قائلًا:-

-هو أنتِ؟!


-اه فين نور؟ بقالك أكتر من 15 يوم مختفي مع أنك وعدتني تأخدني ليها أو تجيبها


تأفف بهدوء ولم يجيب عليها فسألته بفضول أكثر:-

-طب هي هتيجي الإمتحانات ولا لا؟ دى ممكن تعيد السنة كلها لو متجش


تنهد "زين" بهدوء شديد وهو لا يملك جوابًا، فإذا لم يأذن لها "سُليمان" بنفسه بالحضور لن تستطيع ان تضع قدمًا واحدة خارج منزله، أنتبهت "منه"لشروده فرفعت يدها قليلًا إلى ذراعها لتحركه بلطف قاطعة شروده حين قالت:-

-أنت سامعني؟


أومأ إليها بنعم عاجزًا عن إفادتها نهائيًا فقالت :-

-أنت قولتلي أسمك أيه ؟


نظر مُطولًا لعينيها هذه الفتاة الجميلة التى شغلته من أول لحظة رآها بها، فتاة سرقت عقله بعينيها البنية الواسعة وحجابها الذي يزين وجهها الدائري، مُرتدية فستان أسود وفوقه سترة جينز وحذاء أبيض رياضي بحقيبة ظهر صغيرة الحجم وتعلق بذراعها البالطو الأبيض الخاص بها، سألها بحيرة من أمره:-

-فطرتي؟


تعجبت لسؤال وأستقمت بظهرها فى وقفتها بأنتباه لسؤاله ثم قالت بتردد:-

-لسه، ليه؟


-تعالي أفطرك

قالها وألتف لكي يفتح باب سيارته وأنتبه أنها لم تتحرك خطوة واحدة فقال:-

-أركبي يا منه


تنحنحت بحرج من نظراته وقالت بحدة ووجه عابس:-

-والله ودا بإمارة أيه؟ أكيد مش هركب ولا هروح أفطر مع حد معرفهوش، أنت مين عشان أفطر معاك ويبقي عيش وملح


-بلاش وأسف ليكي

قالها بحدة ثم صعد إلى سيارته وأنطلق فى طريقه بعيدًا مهمومًا بقلب منُقبض جعله يأتي إليها ، لأجل رؤيته فقط وهذا ما أصابه بألم فشخص منبوذ مثله لن يجد منها الحب ولن تقبل به فتاة مثلها فى حياته، نظرت إلى سيارته وهى تغادر بأندهاش فلم يُصر على طلبه أو محادثتها، قوست شفتيها للأسفل بحزن شديد فقالت:-

-فى داهية


دلفت للمستشفي عابسة لتُصدم برؤية "نيللي" فأبتلعت لعابها بقلق وأستعدت لأستقبال حديثها بلا فائدة أو أهمية، أقتربت "نيللي" منها وقالت بقلق مُصطنع:-

-نور فين يا منه؟


تنهدت "منه" بأختناق شديد ثم قالت:-

-وأنا هعرف منين؟ هو أنا اللى طردتها من البيت؟ ما تروحي تدوري عليها بعيد عني؟


-نور مالهاش حد غيرك يا منه متعملهمش عليا

قالتها "نيللي" بأختناق فتأففت "منه" بضيق أكثر من هذه المرأة ورغم كل شيء فلعته مع صديقتها ما زالت تمثل دور الأم والإهتمام الكاذب فى عينيها، تنهدت "منه" بأشمئزاز وقالت بحدة:-

-قولت لحضرتك معرفش وعن أذنك عشان مش فاضية


ذهبت "منه" خلف أصدقائها تلحق بها، خرجت "نيللي" من المستشفي غاضبة ثم صعدت بسيارة منتظرها على الطريق وكان بداخلها "عامر" فقالت بضيق:-

-برضو مُصرة أنها متعرفش، هتكون راحت فين نور؟ دى متعرفش حد ولا عندها صحاب غير منه ومعهاش جنيه واحد تأجر به مكان حتى ذهبها وتليفونها فى البيت، قولى واحدة مطرودة حافية ومتملكش حاجة غير البيجامة اللى عليها هتروح فين؟


تأففت بضيق ونظرت من النافذة.......


________________________________________


جلست "نور" فى غرفتها غاضبة وبداخلها نيران تأكل جوارحها، نشبت هذه النيران بين ضلوعها تحول كل ما بداخلها إلى رماد تبقي من حريقها، الأيام تمر وهى حبيسة هنا بين قبضان منزله، أقتربت الإمتحانات ومستقبلها على وشك الدمار، لا تعلم أى دمار وأحتلال أحتله هذا السُليمان لأيامها وحياتها بالإكاراه والقوة، لما يمارس قوته وتسلطه عليها؟ قاطع تفكيرها صوت المفتاح بالباب، فتحت "سميرة" الباب ووضعت الطعام أمامها على الفراش ثم قالت:-

-كٌلي يا بنتي أنتِ فى الأيام اللى قعدتيها هنا خسيتي النص ووشك دبل


-مش هأكل حتى لو وصل الأمر أني أموت من الجوع

قالتها "نور" بنبرة غليظة حادة والتمرد يتملكها الآن، تنهدت "سميرة" بهدوء ثم جلست أمامها على الفراش وقالت بهدوء:-

-معلش يا بنتي نصيبك وقدرك، إن شاء الله تتحل من عند ربنا


تنهدت "نور" بأختناق ودمعت عينيها بحزن على ما يحدث معها ورغم كل شيء تحملت وقبلت بكل بلاء جاءها لكن الآن ستخسر حتى كليتها فأى قدر قاسي هذا كُتب لها، تمتمت بحزن شديد:-

-أنا أستحملت كل حاجة حصلت فى حياتي عشان الكلية وقولت هستحمل قساوة كل الناس وكل الخسائر عشان أنجح بس، حرام هو يعمل فيا كدة، بيردلي جميل أني أنقذته وساعدته بتدمير حياتي، أنا غلطانة يعنى أنى نجيته وأنقذت حياته بيعاقبني أنى السبب فى أنه لسه بيتنفس


جففت "سميرة" دموعها بلطف بأبهامها ثم قالت بلطف:-

-هتتحل يا حبيبتي ، أنتِ بس قدرك اللى جمعك مع سُليمان الصياد، والحمد لله أنك مسمعتيش عنه قبل كدة


نظرت "نور" إليها بحيرة من كلماتها وهى لا تفهم شيء من هذه الكلمات فماذا به حتى يتحدث الجميع عنه بهذا الخوف ولما دائما يصفوه بلرعب كأنه وحش لتقول:-

-ماله؟


أبتلعت "سميرة" لعابها بهدوء ثم غادرت الغرفة قبل أن تجيب عليها، لم تتحمل "نور" سجنها فى منزله، فتحت شاشة التلفاز على قناة الأغاني ورفعت الصوت لأقصي درجة ثم مسكت المقعد وكسرت النافذة ونظرت قليلًا على الباب لتتأكد أن "سميرة" لم تسمع صوت الإنكسار وتسللت من النافذة لتجرح قدمها فى أسفل الركبة اليسري من حافة قطعة الزجاج لتصرخ بصوت مكتوم وجلست على الأرض تتألم لكنها تحملت ووقفت تزحف بصعوبة على الأرض، كان المكان خالي من أى شيء ولا أثر لأي طريق قريب فظلت تركض رغم جرحها بعيدًا عن منزله.......


كان واقفًا فى غرفته يفكر فى كلماتها وما سمعه من "زين" عن حياتها التى تتوقف على نجاحها فى الكلية، فتح باب الدولاب ليغير ملابسه فوجد بها وشاحها الوردي المليئة بدمائه وكانت ترتديه فى هذه الليلة الرعدية وأنقذته به، مسك الوشاح وأخرجه من الدولاب لتسقط منه الوردة الحمراء التى أخذتها من السيدة العجوز الدجالة التى أخبرتها عن الحُب وإنذرتها من قدوم حُب ملأ بالمخاطر وسيعرضها للوجع والحزن رغم مشاعره الجميلة التى ستملكها بقلبها البرئ، تنهد باختناق وحيرة ثم أرتدي قميصه الرمادي وخرج من الغرفة تاركًا الوشاح بوردته على الفراش التى سقط منها ورقة حمراء لم تذبل بعد وتحمل بداخلها كلمات قليلًا "سيطيب القلب بحُب الجميلة يا وحش"

ترجل للأسفل ووجد "سميرة" جالسة تشاهد مسلسلها الهندي فسأل بهدوء:-

-هي فين؟


-فى أوضتها منشفة دماغها زى ما هي، أنا تعبت منها شوفلك حل معاها بقي


تنهد بهدوء ثم أتجه إلى الغرفة حاسمًا أمره على تركها تذهب للجامعة من أجل مستقبلها ولأول مرة "سُليمان الصياد" يتخلى ويتنازل عن أمر صدره لأجلها هذه الطبيبة، كأنها جاءت لتعالج جرح قلبه وحياته عوضًا عن جرح جسده ، دق الباب بلطف بعد تنهيدة يحكم أعصابه عليها حتى لا تبكي كالأطفال كما هي، مرات متتالية ولم يجد جواب منها أو صوت ففتح الباب بضيق ودلف "سُليمان" إلى الغرفة الخاصة بها ليُصدم عندما وجد الغرفة فارغة والنافذة مكسورة، أقترب من النافذة بذعر ليري أثر دماءها وقطعة من فستانها عالقة فى قطعة الزجاج، نظر إلى الطريق فرآها بعيدًا وقد أقتربت من وكر رجاله فتنهد بأختناق وركض للخارج مُسرعًا والخوف تملكه فى هذه اللحظة من ذهابها إلي هناك، أنتفضت "ميرة" بذعر من جريه بلهفة والخوف يتملكه مُتعجبة مما حدث ودخل للغرفة ورأتها فارغة، ركض كالمجنون حتى يلحق بها قبل أن تدخل إلى هذا المكان الملغم بالرجال وهو لا يثق بما سيفعلوا عندما يرأوها ولأول مرة يعترف بأنها جميلة وجمالها قد يوقعها فى مصائب مع هؤلاء الرجال الوحوش المحرومين من النظر إلي أى أنثي فماذا إذا سقطت عليهم فتاة من أجمل مخلوقات الله سبحانه الذي أبدع فى خلقها حتى تخطف نظر كل من يراها.....


سمعت "نور" صوت من داخل هذا المكان فتمنت أن يساعدها أحد فى الهرب من هنا، وجدت الباب مفتوحًا فدلفت وهى تتألم من قدمها ودماءها التى تسيل على قدمها بغزارة من الجرح لكنها صُدمت عندما رأت هذا العدد من الرجال الأقوي وأجسادهما الضخمة ولا تُصدق أنها تقف أمام حلبة مصارعة خاصة بالرجال والجميع يتقاتلون والقليل يجلسون هناك على الأريكة والمقاعد يتسامرون ويضحكون، أتسعت أعين الجميع عندما رآوا فتاة فى هذه المكان المهجور وكيف ظهرت هذه الفتاة هنا؟، أبتلعت "نور" لعابها بخوف وتشبثت بفستانها المقطوع من قدميها تداري جسدها وحجابها الفوضوي، عادت خطوة للخلف لكنها صُدمت بجسد قوي ألتفت إليه بذعر وقالت:-

-أنا أسفة جيت غلط


تبسم هذا الشاب بمكر حين رأى ملامحها الجميلة وبراءتها فقال بمكر:-

-ولا يهمك، تحبي نساعدك في حاجة


أقترب منها خطوة وهو يتمتم لها بخبث:-

-إحنا تحت أمرك والله فى أى حاجة كدة ولا كدة


قالها وهو يضع يده على ذراعها لتنتفض بذعر وعادت للخلف بخوف منه وقالت بأرتجاف واضح:-

-شكرًا


حاولت أن تمر ؛ لتخرج من هذه الوكر الذي وقعت به لكنه منعها وأقترب أكثر لتعود خطوة للخلف مما جعلها تتسلل للداخل رغمًا عنها حتى ألتف القليل حولها والبقية يضحكون مُتراقبين ما سيفعلوا أصدقائهم، حاول أحدهما لمس ذراعها فصرخت بذعر بينما أقترب نفس الشاب يراوغها حين مسك طرف حجابها بغزل وقال:-

-أستني بس هنتكلم من غير خوف، أنتِ خايفة من أيه يا حلويات يخربيت جمالك


حاولت دفع يده ليجذب حاجبها بقوة فأنتزع فى يده ، أرتعبت "نور" منهم وحاولت إخفاء شعرها بيديها وللحظة شعرت أنها ستموت هنا ولا تملك سواه هذا الوحش، فوحده من يشعر بالآمان الآن فرغم قسوته ووحشته لكنه لم يجرأ على لمسها أو إهانتها بهذه الطريقة المرعبة فقالت بتلعثم ودموعها تتساقط من جفنيها الصغيرين على وجنتيها:-

-أنا عايزة أروح عند سُليمان


أبتعد الجميع فور ذكرها لأسمه وبهذه المنطقة لا يوجد "سُليمان" إلا واحد..... رئيسهم المُرعب الذي سيقتلهم إذا كانت هذه الفتاة تخصه حقًا، تشنج جسد الشاب وتصلبت يديه المُمسكة بحجابها بعد سماع أسمه وأقترب أكثر منها بنية الأعتذار وتقديم الحجاب لها خوفًا من غضب هذا الرجل الذي سيفصل رأسه عن جسده بعد قطع يده التى لمستها إذا علم بما فعله للتو معها، لكن "نور" أرتعبت أكثر حين تقدم ودفعته بقوة بعيدًا عنها صارخة بها بذعر قائلة:-

-إياك تلمسني تاني يا حيوان ......


بنفس اللحظة التى فُتح بها باب المكان الحديدي وكان "سُليمان" الذي سمع جملتها ورآها تدفع هذا الشاب أرضًا وفى يده حجابها، أستشاط غيظًا من تصرف رجاله وزاد غضبه عندما رأى شعرها الأسود رغم نعومته فوضوي من سحب الحجاب عنه مُنسدل على الجانبين بعشوائية، أبتلعت لعابها بذعر ورأته هناك مما جعل قلبها ينتفض بأرتباك وطمأنينة قليلة أنها ستنجو من هؤلاء الذئاب، ودون أن تشعر ركضت إليه مُرتعبة من هؤلاء الرجال وكل من ألتف حاولها حاول لمس جسدها الصغير، أرتطمت بجسده دون وعي فتشنج "سُليمان" من فعلتها لكن سرعان ما أستوعب الأمر بعد أن سمع صوت بكاءها وأنهيارها ويديها تتشبث بملابسه من الخلف بأناملها الصغيرة بأحكام ليدرك قدر الخوف الذي تملكها من رجاله، نزع قميصه عن جسده وعينيه ثابتة على هذا الشاب الذي يمسك حجابها ووضع القميص فوق رأسها يخفي شعرها عن أنظار الجميع لتتشبث به جيدًا، أبعدها عنه بلطف وتقدم للأمام بخطواته لينحني الجميع له وهى لا تفهم سبب أتصاله بهذا المكان وكيف علم بوجودها هنا؟ رأته يمر من جانب طاولة مليئة بالأسحلة الحديدية كالسكين والساطور والمطرقة وغيرهم.....

سحب سكينًا من فوقه وقطع أصابع هذا الشاب بحركة أحترافية ليسقط الحجاب منه أرضًا فصرخت "نور" بذعر بينما صرخ الشاب بألم ، مسك "سُليمان" فك وجهه رغم ألمه ولا يبالي بصراخ هذا المختل الذي شجعه عقله على لمسها ومضايقتها ثم قال بنبرة عالية هزت جدران المكان وجعلت "نور" تنتفض من قوتها:-

-مين سمحلك تلمسها ؟ هاااااا


أرتعب الجميع من صرخته الأخيرة وألقي بالسكين لقائد هؤلاء الشاب وكأنه يخبره برسالته وقال بحدة:-

-أنا اللى يخالف أوامري ميت ومالهوش عزاء


ألتف لكي يغادر وعيناه ترمقها، تقف أمامه مصدومة من فعلته وكيف قطع أصابع هذا الرجل بهذه السهولة، ظلت تنظر نحو الشاب وقائده يقترب منه فأخذ "سُليمان" رأسها يدفنها فى صدره رغم عنها وقال بجدية صارمة هامسًا إليها:-

-متبصيش


سكنت بين ذراعيه بخوف وقد ترجم عقلها ما سيحدث الآن، حاولت أن تنظر خلسًا بخوف يقوده الفضول لتري هذا الشاب أصبح جثة على الأرض بعد أن طعن بالسكين فى قلبه فحاولت أستيعاب الأمر وأهتز جسدها من هول الصدمة ليتشبث بها "سُليمان" جيدًا قبل أن يغلبها الخوف وأثر الصدمة وأنحني قليلًا لكي يحملها، خرج بها وهى على ذراعيه من المكان كالجبل الجليدى لا يشعر بشيء، تطلعت به قليلًا وهى لا تُصدق حقيقة هذا الرجل الذي وقعت معه وقد أدركت للتو معنى تحذير الجميع لها عنه؟، وضعت رأسها على كتفه من التعب مُستسلمة للخوف الذي أحتلها وقالت بتلعثم:-

-أنت هتموتني زيه؟


نظر "سُليمان" إليها ورأي وجهها شاحبًا وبدأ جسدها يرتجف وهذه الرجفة أحتلت صدره منها فقال بهدوء:-

-سألتي مين بيكون سُليمان الصياد؟، أنا قاتل يا دكتورة واسم الصياد دا مش من فراغ، فـ لو كان شغلك إنقاذ الناس فشغلي أنا قتلهم، ملعون القدر اللى جمعك بيا وأنتِ من عالم غير عالمي ودنيا غير دنيتى، أنا دنيتي مفهاش حد ببراءتك ولا طفولتك، أنا دنيتي فيها وحوش وذئاب بس


تمتمت بصعوبة فى التنفس مما تسمعه وتعيشه الآن وقد رأت بأم عينيها حقيقته المُرعبة:-

-حرام نلعن القدر، ربنا يزعل مننا .... اااااه


أغمضت عينيها بأستسلام للألم الذي يحتلها الآن، نظر إلى وجهها بعد أن فقدت الوعي كليًا ودلف بها إلى المنزل لتراها "سميرة" ففزعت من هيئتها وملابسها الممزقة وقميصه الذي وقع عن رأسها ليظهر خصلات شعرها، فتحت له باب الغرفة ووضعها بالفراش ثم قال:-

-هاتي الإسعافات الأولية يا سميرة


أومأت إليه بنعم ثم خرجت مسرعة، تطلع بوجه هذه الفتاة ووضع الغطاء عليها يخفي أقدامها العارية من فستانها الممزق ثم غادر الغرفة مُسرعًا، قابلته "سميرة" فقال بجدية:-

-فوقيها عشان تعالج نفسها أنا مش هجيب دكاترة يا سميرة أو سيبها تموت عشان أخلص من همها


علم "زين" بما حدث وكيف قتل أحد رجاله بسبب طبيبته الصغيرة، سأله "زين" بأندهاش:-

-أنت فعلًا عملت اللى سمعته؟


صرخ "سُليمان" وقد فاض أمره وباح بما يحمله من غضبه تاركٍ العنان له قائلًا:-

-أزاى يتجرأ ويلمسها رغم أنها قالته عايزة سُليمان، عرف أنها تخصني وأتجرأ ولمسها


تأفف بانفعال مما أدهش "زين" وخصيصًا من كلمته "تخصني" مُنذ متى وهذه الفتاة تخصه وهو لم يتعرف بقبولها كطبيبة له حتى؟، للحظة شعر أن صديقها على حافة الوقوع ببئر العشق الذي لا سبيل للخروج منه، لا يعلم كيف جعلته "نور" الفتاة البريئة أن ينطق كلمة "تخصني" بهذه السهولة وهو من حرم الحُب على رجاله وأصدر الموت عقوبة للعشق، فمن يعشق هنا يُقتل؟ ........


الفصل الخامس  (5)


نظرت "نور" من النافذة أثناء جلوسها على الفراش لتجده أحاط النافذة بالحديد حتى لا تفر منها مجددًا، تنهدت بهدوء وهى عاقدة ذراعيها أمام نافذتها فدلفت "سميرة" إليها وقالت:-

-صباح الخير، عاملة أيه دلوقت؟


لم تجيب عليها "نور" فتنحنحت "سميرة" بهدوء وقالت:-

-سُليمان عايز يتكلم معاكي


أدرات "نور" نظرها لهذه السيدة والآن يطلب رؤيتها بعد أن حبسها هنا وجعلها تخيط جرحها بنفسها فأى قسوة هذه منه، قالت بتذمر:-

-مش جاية


 وبعد إلحاح من "سميرة" أتكأت عليها وذهبت إلى غرفة مكتبه وتركتها "سميرة" على الباب لتتدخل بخطوات بطيئة من جرح قدمها فقالت بتذمر عابسة:-

-نعم


رفع نظره إليها ليراها تسير بصعوبة من جرح قدمها، كانت بحاجة للمساعدة فى حالتها هذه، تنحنح بهدوء وقال:-

-أقعدي 


-مش عايزة أقعد

قالتها بحدة وما زال مشهد قتل هذا الرجل يلازمها ويرعبها من الأقتراب إليه فرمقها بنظرة مُخيفة، أبتلعت لعابها بهدوء وجلست خوفًا منه لتقول:-

-أفندم


أعطاها هاتف فنظر إليه مُطولًا فقال:-

-أنا هسمح لك تروحي الكلية عشان إمتحاناتك لكن خلي بالك دا بشروط مفيش حاجة هنا مجانا


نظرت مُطولًا إليه بحيرة وقالت بتمتمة :-

-كتر خيرك والله هتتشرط كمان


أجابها بجدية صارمة حادة:-

-اه بشروط ولو مش عاجبك بلاش أرجعي أوضتك


تذمرت منه ورفعت نظرها به بعبوس حادة ثم قالت:-

-خلاص هو عشان ماسكني من أيدي اللى بتوجعني، أتفضل سمعنى


رفع حاجبه بغرور وعاد بظهره للخلف بأسترخاء ثم قال:-

-أولًا فى عربية هتوديكي وتجيبك وكدة كدة انتِ مالكيش مكان حسب معلوماتي أنك مطرودة من بيتك 


شعرت بحرج من معرفته بحياتها الخاصة وتابع حديثه بثقة حادة:-

-ثانيًا ممنوع منعًا باتًا تتكلمي مع حد فى أى حاجة تخصني أو تتأخري دقيقة بعد ميعاد كليتك 


نظرت للجهة الأخري بغيظ منه ثم قالت بأختناق:-

-ما تربطني بسلسلة زى الكلبة أحسن


أجابها ببرود سافر يثير أعصابها قائلًا:-

-لو لازم الأمر هعملها متستعجليش


نظرت إليه بأختناق وكادت أن تضربه بهذا الهاتف فى رأسه وتقضي عليه كليًا فتبسم بمكر ثم قال:-

-ويكون فى علمك لو أتاخرتي دقيقة واحدة همنعك من الإمتحان اللى بعده ومتحاوليش تهربي منى لأنك مش هتعرفي ولو فى بطن الحوت هجيبك أنا سُليمان الصياد قاتل وتاجر مخدرات ورئيس أكبر عصابة فى مصر وأنا معترف بدا فواحدة بحجم عقلة الأصبع مش هتفلت منى، وحذري أتصل ومترديش عليا.... رقمي متسجل عندك لو حسيتي بأى حاجة أو حد مشبوه قريب منك كلميني على طول


تنحنحت بحرج ثم قالت بفضول من ثقته التى تثير غضبها:-

-فخور بنفسك كأنك أحمد زويل .... مش خايف أخرج من هنا على القسم وأبلغ عنك


تبسم بمكر خبيث إليها ثم قال:-

-كان البوليس نفعك لما أبوكي أتقتل


نظرت إليه بصدمة ألجمتها من كلمته الأخيرة وقالت بتمتمة:-

-أنت بتقول أيه؟


اخرج لها بعض الأوراق من الدرج الخاص بالمكتب وألقي بها على المكتب لتراهما بينما يقول:-

-أنتِ مش دكتورة، أزاى مخدتيش بالك أن حد قتل أبوكي بالأدوية 


نظرت للأوراق بصدمة ألجمتها وبدأت الدموع تنهمر على وجنتيها بغزارة، أنتفض جسدها وهى تضع يدها على فمها بانهيار تام، بدأت تفكر فى الفاعل ومن له أستفادة من قتل أبيها ليقول "سُليمان" بمكر:-

-متفكريش واحدة زيك عمرها ما هتعرف توصل لدماغ المجرمين


وقفت من مكانها لتغادر لكنها توقفت وألتفت إليه فى منتصف المكان وعقلها قد خُدر تمامًا من هول الصدمة كالمشلول عاجزًا عن التفكير ، قالت بضعف وصوت مبحوح:-

-سُليمان


رفع نظره إليها بأندهاش من جمال أسمه بصوتها الدافيء ونعومته رغم بكاءها وشهقاتها التى تملأه، نظرت إليه بضعف وكأنها تترجاه وتستنجد به ثم قالت:-

-أنا عايزة أعرف اللى عملها ؟ أنا عايزة حق بابا


وقف "سُليمان" من مقعده وألتف حول المكتب ثم وضع يديه الإثنين فى جيوبه مُتقدمًا إليها بخطواته حتى وصل أمامها فقال بهدوء باردًا كالثلج:-

-أنتِ عارفة أنا بأخد كام فى حاجة زى دي؟


شهقت بوجع مزق قلبها للتو وهى لا تملك أى شيء تدفعه له ثم رفعت نظرها إليه وقالت بحسرة تمزقها وذكريات والدها تقتل عقلها:-

-أنا معنديش فلوس أديهالك، أعتبرها تمن حياتك اللى أنقذتها 


تبسم بخبث شديد من كلماتها وكأنها تساومه بكاءها الطفولي وأنحني قليلًا إليها ليكون بمستواها ناظرٍ بعينيها الباكيتين ثم قال بمكره:-

-وأنا كمان أنقذت حياتك من أسبوع، أنتِ متخيلة لو مكنتش جيتلك كانوا عملوا فيكي أيه؟ هفضل أدفع تمن حياتي اللى أنقذتيها كام مرة فى نظرك؟


أبتلعت لعابها ودموعها تسيل على وجنتيها فقالت بألم:-

-طب أنا معيش فلوس، طب خدني أنا... أشتريني أو أحبسني هنا العمر كله أنا راضية، شغلني عندك أى حاجة أنا معنديش حاجة اديهالك والله يا سُليمان 


عينيها الباكيتين ودموعها التى تسيل على وجنتيها الحمراواتين من البكاء، رموشها التى تغطيها الدموع الحارة ورجفة جسدها، شهقتها الأليمة التى تمزق ضلوعها قبل أن تخرج منها، كل شيء بها يوجعها جعله يتلذذ بهذا الإنكسار الذي يراه بها وحالتها التى ترثي لها، فقال:-

-تتجوزيني؟!


 أتسعت عينيها على مصراعيها بصدمة من طلبه وعقلها يتساءلًا إذا كان طلب أم أمر، نظر إلى صدمتها وجسدها التى تجمد مكانه فقال بجدية بعد أن أستقام فى وقفته بغرور وكبرياء:-

-فكري لحد الساعة 9 بليل لو وافقتي هكتب عليكي بليل وبكرة الصبح هتكوني فى جامعتك ومهرك هيكون اللى قتل أبوكي.. لكن لو أتاخرتي على 9 ودقيقة يا دكتورة أعتبري أن عرضي ملغي 


غادر المكتب ببرود تاركها خلفه فى صدمتها لتجلس على أقرب مقعد لها ....

نظرت إلي ساعة الحائط وكانت قد أقتربت من الساعة التاسعة حقًا ودموعها لا تجف، ذكرياتها مع والدها تؤلمها كثيرًا وتمزق عقلها الصغير، هذا العقل الذي لا يليق بخبث ومكر هذا العالم بأكمله بدءٍ من زوجة والدتها وحتى هذا السُليمان الذي لا تعرف عنه شيئًا، دلفت "سميرة" إليها وقالت:-

-فكرتي؟


ألتفت "نور" إليها بقهرة ودموعها لم تجف حتى الآن فقالت:-

-القرار صعب، أزاى أتجوز واحد معرفش عنه حاجة غير إنه مجرم وقاتل وحقيقته لوحدها كفيلة تخلينى أرفض


جلست "سميرة" أمامها على الفراش ثم قالت بلطف بعد تنهيدة أليمة:-

-سُليمان ولد يتيم أتربي فى ملجأ بعد ما أهله أتخلوا عنه هو وأخته التوأم مع زين فى الأول كان مكسور الجناح وولاد الملجأ كانوا بيتنمروا عليه ويضربوه ووفي يوم أتفقوا عليه هو وزين وضربهم وأغتصبوا أخته قصاد عينه ولما فاق من الضرب عرف أنها ماتت من يومها وهو أتحول كليًا وبقي حد تاني ولما خرج من الملجأ قرر يبقي قوي بالمال والسلطة وأشتغل مهما كان الشغل أيه مهموش حاجة غير أنه يكون قوي وعشان أكون صريحة معاكي مفيش حاجة غير مشروعة معملهش قتل وسرقة وخطف وتجارة مخدرات أو أثار عادي بالنسبة له، لحد ما ...


توقفت عن الحديث بسرعة فأنتبهت "نور" إلى كلماتها وقالت بفضول سافر:-

-لحد ما أيه؟


وقفت "سميرة" من مكانها بخوف من هذا الرجل المنتظر جوابها بالخارج وقالت:-

-مفيش ، الساعة تسعة إلا دقيقة قرري بسرعة لأنه مبيرجعش فى كلامه


تنهدت "نور" بهدوء ثم خرجت مع "سميرة" ورأته جالسًا بغرور على الأريكة ويضع قدم على الأخري واضعًا يد فى جيبه والأخر يحمل بها كوب زجاجي خاص بقهوته الفرنسية باللبن، رفع نظره إليها بهدوء صامتًا فقالت بقلق:-

-موافقة بس بشرط


وضع كوبه على الطاولة بغرور ووقف مُتكبرًا أمامها وقال بحدة:-

-مش موافق ، وقتك أنتهي


مر من جانبها لتتشبث بذراعه بيديها الأثنين فنفض ذراعه بعيدًا عنها بقوة بأشمئزاز من لمسها رغم أنها تمتمت بترجي قائلة:-

-سُليمان أسمعنى بالله عليك


أشاح يدها بعيدًا عنه بأستنكار كأنها نكرة أو شيء مقزز لمسه وقال بأنفعال شديد:-

-إياك تلمسني مرة تاني كفاية أنى متحملك دكتورة


عادت خطوة للخلف باكية ثم قالت بأنهيار تام:-

-أسفة مقصدتش أنا بس عايزك تسمعني من فضلك


تنهد بأختناق ونظر إلى "سميرة" الواقفة حزينة على حال هذه الفتاة التى ترتجف وأشارت إليه بأن يتخلي قليلًا عن غروره وتكبره ليستمع إليه فتأفف بخنق وقال:-

-أولًا أسمها طلب وأنا أقبل أو أرفض ، ثانيًا سمعيني لكن لو كلامك معجبنيش أعتبري أنى مسمعتش حاجة


أومأت إليه بنعم بأستماتة كأنها حصلت على فرصة للنجاة وقالت:-

-أنا موافقة أتجوزك بس على الورق بس يعنى ياريت كل واحد يستقل بأوضته 


قهقه "سُليمان" ضاحكًا بقوة ولأول مرة تراه يضحك هكذا، تعجبت من ضحكاته الكثير ولا تعرف سبب ضحكاته فقال بسخرية قاتلة:-

-أنتِ فاكرة نفسك ست ولا أيه؟ ولا فاكرني هتجوزك لسواد عيونك... يكونش أنا عاشقك فى الضلمة 


لم يترك لها مجال للرد فسحبها من يدها إلي غرفة المكتب وكان "زين" جالسًا مع المأذون كأنه كان واثقًا من موافقتها، عقد قرآنهما ونظر "زين" إليها بشفقة على حالها وما وصلت هذه الفتاة إليه مع صديقه المتعجرف، لكنه تأكد الآن من طلب "سُليمان" للزواج منه أن صديقه ورغم تكبره وعناده الذي لا مثيل له قد فُتن قلبه به، وقف "سُليمان" من مقعده وقال بحدة صارمة :-

-تعالي


تقدم بخطواته إلى الأمام ليغادر المنزل وهى خلفه مُتعجبة أنه سمح لها بالخروج لكنها صُدمت عندما أدركت أن هذا الطريق سيقودها فى نهايته إلي نفس المكان، وصل بها إلى المكان وحين رآه الجميع وقفوا أحترامًا إليه فى صمت لتقول :-

-أنت جبتنى هنا ليه؟


جلس على مقعده بغرور ثم قال بقسوة واضحة فى نبرته:-

-عالجيهم يا دكتورة 


ألتفت إليه بصدمة ألجمتها وكيف يكن أول شيء يطلبه أن تقترب من هؤلاء الرجال المجانين، أين رجولته لكي يسمح لها بلمس رجال حاولوا أن يتعدوا عليها، أتسعت عينيها على مصراعيها حين ألقي "زين" حقيبة كبيرة أمامها وجعل أحد الرجال يفتحوها وكانت مليئة بالأدوية وأدوات طبية، نظرت إلى "سُليمان" بأندهاش ليشير إليها بأن تبدأ 

أبتلعت لعابها بتوتر وجلست على المقعد وأصطف الرجال أمامها صفًا وبدأت تعالج جروح الجميع حتى لو كان الجرح مجرد خدش صغير، ظل يراقبها وهى تعمل وعينيها لم تنظر بوجه أحدٍ منهم مُتحاشية النظر إلى الجميع، جلس أمامها شاب وتتطلع بملامحها الجميلة رغم حزنها ثم قال بهمس خوفٍ من أن يسمعه "سُليمان":-

-أنتِ مرتبطة؟


رفعت نظرها إليه بدهشة وهو الوحيد الذي تجرأ على التحدث إليها وكانت نظرتها وحدها كفيلة بأن تخبر "سُليمان" عن جراءة هذا الشاب ليقول بحدة:-

-كان عندي حق يا زين


ألتف الجميع إليه وأولهم "نور" التى رأته يقف من مكانه ويسير نحوها مُتحدث بلهجة مُخيفة:-

-مهما كانت قوتهم لسه بلينوا قصاد أى حاجة حلوة أو وحشة، مهما كنت ضهرهم هيفضلوا يكسروا قانوني وقواعدي لو قابلوا واحدة جميلة


أتسعت عيني "زين" الذي فهم عقل "سُليمان" للتو وسبب إحضاره لها هنا الآن، حتى يعلم الخائن الذي يعارض أوامره ، من سيتجرأ على النظر إلى امرأة جاءت معه دون أن يخشاه، وبنفس اللحظة اعترف وأمام الجميع أنها جميلة حقًا...

مسكه "سُليمان" من مؤخرة رأسه ودفعها فى الطاولة الموجودة أمامها لتنتفض "نور" من مكانها خوفً من قوته وقسوته ليقول:-

-عجبِتك؟!! 


لم يجيبه هذا الشاب بحرفٍ واحدٍ فقال بحدة:-

-لما حاجة تخصني تعجبك يبقي لازم تتخطني عشان تأخدها، وأنا هطلع جدع معاك فى جولة واحدة واللى يكسب يأخدها 


نظرت "نور" إليه بأستحقار وتقزز فالآن هى زوجته لكن يتراهن عليها مع رجل أخر، فقالت بأشمئزاز منه:-

-أنت.......


ألتف إليها بنظرة أرعبتها من مكانها وجمدت قلبها مُحله فأبتلعت كلماتها قبل أن تتحدث، نظر "زين" إليه بأندهاش لا يقل شيء عن "نور" وكيف يتراهن مع أحد على زوجته حتى وأن كان واثقًا من فوزه فربما يشاء القدر أن يخسر كيف سيفعلها؟، وقف الجميع جانبًا إلى جانبًا وصنعه دائرة كبيرة يتوسطها "سُليمان" وهذا الشاب الذي لا يصدق بأنه سيتعارك مع "سُليمان" فمنذ أن أنضم لهذه العصابة ولم يرى أحد من قبل "سُليمان" يقاتل نهائيًا والآن سيرون مهارته، وقف "زين" بجانب هذه الفتاة الباكية ثم قال بهمس:-

-متخافيش سُليمان مبيخسرش


لم تجيبه بل ظلت تحدق بهذا الرجل الغليظ، بدأ "سُليمان" بلكمة قوية ليثير غضب هذا الشاب لكن بعد هذه اللكمة بدأ الشاب ينتصر بلكماته المتعددة، أتسعت أعين "زين" الذي يراه يتعرض للضرب المبرح مُتعجبًا من هزيمته فقبضته وحدها كفيلة بإغماء هذا الشاب كليًا من قوتها، سقط "سُليمان" على الأرض ليتملك هذا الشاب الغرور بعد انتصاره على رئيسه الذي يخشاه الجميع، كان "سليمان" شاردًا بذكرياته مع "ملك" التى تؤلمه بسبب زواجه من فتاة أخري وأضطراب قلبه أمام "نور" الذي لا يفهم سببه وكأنه يعاقب نفسه بهذا الضرب، رفع الشاب يديه بحماس وينظر للجميع حتى وصل أمام "نور" فأخذ "زين" خطوة يقف أمامه يمنعه من لمسها وهو لا يعرف بأنها زوجة هذا الرئيس الغليظ، تحدث الشاب بحماس قائلًا:-

-هو اللى حط الجائزة مش أنا


تخطي "زين" ونظر إلي "نور" التى عادت للخلف خطوة واحدة بخوف من هذا الشاب فقال بحماس:-

-أنتِ مرتبطة؟ أسمك ايه؟


لم تجيبه فلمس معصمها بأنامله يمرر سبابته على كفها ، تمتمت بتلعثم خائفة تناديه قائلة:-

-سُليمان


كاد أن يقترب هذا الشاب منها لكنه توقف بصدمة ألجمته حين مسكه "سُليمان" من لياقته وجذبه للخلف وبدأ يلكمه بقوة ومن لكمته الأول نزف وجه هذا الشاب ومع نهاية لكماته كان وجهه أشبه بالوجه الذي دهسته سيارة من كثرة الدماء حتى تدخل "زين" وفصله عن هذا الرجل بقوة ليصرخ به قائلًا:-

-سيبنى يا زين..... سألتها مرتبطة ولا لا أجاوبك أنا أنها مراتي 


أنتفض الجميع من كلمته وأولهم هذا الشاب الذي أدرك أن اليوم هو يوم موته بعد أن تجرأ ولمس زوجة هذا الشرس، غادرت "نور" باكية بقدمها المجروحة فأسرع للخارج خلفها وهو يمسكها من ذراعها ويقول:-

-أنا مقولتلكيش تمشي ....


أتسعت عينيه على مصراعيها حين صفعته على وجهه بقوة ولم تخشاه كمن بالداخل وصرخت به ببكاء وأنهيار:-

-أنت فاكرني أيه؟ جارية عندك بتبيع فيها زى ما تحب ، أياك تفكر توريني وشك تاني أنت أزبل حد أنا شوفته ، ملعون أبو اليوم اللى شوفتك فيه يأخي 


ظل يحدق بها بصدمة ألجمته من صفعتها وعينيه يتطاير منها الشر والأنتقام، سارت بعيدًا عنه لكنها سقطت من قدمها المجروحة التى تؤلمها رغمًا عنها، جهشت فى البكاء من عجزها على المغادرة والسير، ضعفها الذي يجعل الجميع يتحكم بها فظلت مكانها تبكي بقهرة وأنهيار تام دون أن تحاول الوقوف، تركها وعاد إلي المنزل لتفرغ كل طاقتها فى البكاء .......


___________________________________ 


كانت "منه" نائمة فى فراشها حتى رن هاتفها يقاطع نومها ويقظها فقالت بلطف وصوت نائم:-

-مين


أتاها صوته الحاد يقول:-

-صحيتك ولا ايه؟


عرفته من صوته ونبرته الحادة فقالت بأختناق:-

-وأنت مالك؟ عايز أيه؟


-والله لسانك عايز قصه أنا مغلطتش، كنت عايز أقولك أن صاحبتك هتكون فى الجامعة الصبح


أنتفضت "منه" من مكانها فى الفراش وبعثرت شعرها الفوضوي بيدها وقالت بحماس:-

-بجد!! شكلك بتضحك عليا أحلف يا زين


تبسم على حماسها وقال بجدية:-

-وأنا أعرفك عشان أهزر معاكي يا بت أنتِ


تحدثت بحماس مُتجاهلة كلماته ويدها تفرك عينيها حتى تستيقظ جيدًا:-

-أحلف يا زين 


-والله يا ستى، هتدفعلي كام بقي؟


عقدت حاجبيها بغيظ من طلبه وقالت بأستنكار:-

-أيه النتانة دى أنت مستني واحدة لسه بتدرس مجرد عيلة تدفعلك، فين الشهامة والرجولة دا أنت راكب عربية لو أشتغلت عمري كله مش هجيبها أصلًا يا جعان أنت


ضحك على كلماتها رغم عبوسها وجديتها فى الحديث ثم قال بعفوية:-

-دا قر ولا حسد


تبسمت "منه" بعفوية ثم قالت بتلقائية:-

-الإثنين 


ضحك "زين" على كلمتها وهو يداعب الرمال فى الأرض بحذائه، واقفًا أمام بوابة المخزن لكن توقف عن الحديث حين رأي سيارة تقترب من مكانهم فقال بجدية:-

-أنا هقفل دلوقت.....


لم ينهى جملته بل ألجمته الصدمة حين رأى السيارة عن قرب وكانت سيارة "كرم" الذى دخل عريب الأسد بنفسه .................


الفصل السابع (7)


خرجت "نور" من غرفتها ودلفت إلى المطبخ صنعت كوبايين من القهوة الفرنسية ثم خرجت لتقابلها "سميرة" فسألتها "نور" بحرج:-

-هو سُليمان فين؟


نظرت "سميرة" إلى القهوة بدهشة أصابتها ألم تكره هذه الفتاة ذلك الثور الهائج، قالت بلطف:-

-فى البلكونة فوق 


مرت "نور" من جوارها ؛لتصعد الدرج فأوقفتها "سميرة" قائلة:-

-لو القهوة التانية لسُليمان فهو مبشربش القهوة غير من أيده ، لازم يعملها لنفسه


تبسمت "نور" بلطف محرجة ثم نظرت إلى القهوة وأومأت إليها بنعم وصعدت دون أن تجيب، كان جالسًا على الأرض فى الشرفة ويمدد قدمه أمامه على الأرض المفروشة بالعشب الأخضر الصناعي، ينظر إلى القمر ليقاطعه كوب من القهوة أمام نظره، دُهش ونظر ليرى "نور" تقف جانبه وتقدم له القهوة فتجاهلها تمامًا، تنحنحت بحرج ثم جلست جواره فنظر إليها مُجددًا من جلوسها جواره ومددت قدميها مثله وهندمت فستانها الطويل تخفي قدميها عن أنظاره وحجابها يخفي شعرها عن عينيه ، قالت بدفء:-

-أنا عملتها مضبوطة، خدت بالي أنك بتشربها فى كوباية أزاز


قدمت القهوة مرة تانية إليه فنظر إليها ببرود قاتل لتقول:-

-أعتبرها تمن طلب هطلبه منك لو ينفع يعنى؟


نظر للقهوة من جديد وهذه الفتاة لا تملك مال لتطلب منه خدمة كبقية العملاء لكنها تحاول الدفع بأى طريقة، أخذ القهوة ووضعها جانبًا ليقول:-

-عايزة أيه؟


تنحنحت بحرج وقالت دون أن تنظر إليه:-

-ممكن تطفي السيجارة الأول رايحتهم وحشة جدًا وبتخنقني


دهس السيجارة فى الأرض ببرود مُتمتمًا بزمجرة:-

-جاية تتحكم فيا فى بيتي، عايزة أيه؟


تبسمت "نور" بعفوية على كلمته ثم قالت بحرج :-

-أنا أسفة مش قصدى طبعًا


تنهد بهدوء ونظر إلى بسمتها بهيام فخجلت منه ثم قالت بجدية بعد أن طأطأت رأسها للأسفل خجلًا منه:-

-أنا عايزة أروح البنك، نيللي قالتلى أن لازم أروح مع عامر المحامى وبصراحة دا راجل يتخاف منه ومن ذمته ممكن تبعت معايا حد أو تشوفلي محامى وأنا هشتغل والله وهدفعلك اللى هتدفعله 


أستمع لحديثها حتى أنهت كلماتها ونظر إلى وجهها ثم قال بجدية:-

-واحدة لسه بتدرس هتشتغل أيه؟ 


تنحنحت "نور" بحرج ورفعت رأسها للأعلي لتتقابل عيونهما معًا فى نظرة حزينة منه لتقول بلهجة واهنة:-

-أنت وعدتنى أتجوزك وتجبلي حق بابا دا من ضمن الوعد وحقه


ضحك "سُليمان" عليها بعفوية ثم قال بلطف:-

-أنتِ بتشغلى دماغك عليا يا دكتورة ولا أيه؟ أنا وعدتك أجبلك اللى قتل أبوكي مش أدور فى الورث ووراء مرات أبوكي 


صمتت "نور" بحرج من كلماته وشعرت بأنها تثقل كاهله بطلباتها الكثيرة فقالت بحزن:-

-أنا أسفة تقلت عليك


وقفت لكي تغادر من جواره فأرتشف القليل من القهوة وقال بجدية وعينيه ترمق القهوة:-

-دى تعتبر أغلى كوباية قهوة شربتها تمنها خدمة بقدمها ب50 ألف للناس 


نظرت إليه بحماس وتلاشي الحزن من وجهها وخصيصًا أنه أرتشف القهوة رغم أن "سميرة" أخبرتها أن قهوته يصنعها بنفسه ولم يسمح لأحد بصنع القهوة له، غادرت مُبتسمة لينظر "سُليمان" إلى القهوة وقال:-

-أنا بشربها سادة 


______________________________ 


تذمرت "منه" من صديقتها فى الهاتف وقالت:-

-جوزك يا نور، أمتى وازاى وحصل فين؟ شوفتيه أمتى ولا دخل حياتك أمتى عشان ينتهي الموضوع بالجواز؟


تنهدت "نور" بضيق وهى لا تملك جواب على صديقها كيف ستخبرها أنها تزوجت رجل لا تعرف عنه شيء مقابل الحصول على قاتل والدها فقط؟، لا تملك الجرأة لتجبرها أنها بمثابة باعت نفسه إليها لأجل روح والدها فقالت بهدوء:-

-متضغطيش عليا يا منه، أنا مبحبش أكدب عليكي لما يجي الوقت المناسب هحكيلك كل حاجة


أومأت "منه" إليها بنعم وقالت بلطف:-

-ماشي يا نور مش هضغط عليكي وهخليكي على راحتك بس بالله عليك تخلي بالك من نفسك


أومأت إليه بنعم وتوقفت "نور" عن الحديث حينما سمعت صوت سيارات كثير وضجة بالخارج، نظرت من النافذة لترى الرجال يصعدون بالسيارات و"سُليمان" يراقبهما عن كثب مع "زين" فخرجت من الغرفة ببيجامتها وشعرها المنسدل تضع عليه حجابها بتعجل بعد أن أغلقت الهاتف مع صديقتها لتراه جاء إلي "سميرة" ويحدثها بجدية:-

-أوعي تفتحي الباب لحد يا سميرة وفي رجالة برا لو حسيتى بأى حركة أو قلق رني عليهم بس 


أومأت إليه بنعم وقالت بقلق:-

-خلي بالك من نفسك أنت وزين يا سُليمان، ربنا يردكم ليا بخير


رآها تقترب منهما فقال بحذر:-

-متغبش عن نظرك لحظة يا سميرة، إياك ترفعي عينيك عنها


أدركت "سميرة" تهديده وعلمت أنه خائف من أن يغدر "كرم" به من جديد ويأذي زوجته فى غيابه حتى وأن كان يكرهها ولم يعاملها كزوجة لكنها ما زالت رغمًا عنه تحمل أسمه فقالت "نور" بقلق:-

-هو في أيه؟


غادر "سُليمان" دون أن يُجيبها لتقول "سميرة" بقلق:-

-ربنا يستر ويعدي الليلة دى على خير، يارب ما تورينى أذي فيهم 


شعرت "نور" بالخوف من توتر "سميرة" وقلقها الذي ظهر فى أرتجاف يديها المُتشابكتين فهرعت إلى الخارج بقلق تناديه:-

-سُليمان


أستدار إليها بدهشة من خروجها وفور خروجها بملابسها ألتف الجميع بخوف مُتحاشيين النظر إليها، نظر إلى رجاله وتقدم نحوها يقابلها فى منتصف المسافة وقال بغيظ:-

-أيه اللى خرجك؟


نظرت إليه بقلق وقالت بتوتر:-

-أنت رايح فين؟ 


تعجب من سؤالها وقال بحدة وهو يكز على أسنانه:-

-أنا مبحبش السؤال دا، وأوعي تدي لنفسك مساحة فى حياتي أنا مدتهالكيش يا دكتورة ، أدخلي


شعرت بحرج من كلماته وقالت بحذر:-

-ماشي مش هدي لنفسي مساحة فى حياتك بس ممكن مترجعليش متصابش لأني مش هعالجك لا أنت ولا رجالتك 


عادت إلى الداخل غاضبة منه وتضرب الأرض بقدميها ليصعد إلى السيارة وقال بتهديد واضح إلى رجاله الواقفين أمام المنزل:-

-إياك حد يقرب منهم فاهم


أومأ إليه بنعم لينطلق بسيارته أولًا وخلفه الجميع، حتى وصل إلى قرب الميناء ورأي بنفسه السيارات التى تحمل شُحنات البضائع الخاصة بـ "كرم" فأشار إلي رجاله بالتحرك ليقتحموا الطريق وبعد مشاحنات مع السائق أستولوا على البضائع، صعد "سُليمان" فى السيارة وتابع طريقها إلى المكان المحدد، وقف "كرم" ينتظر وصول السيارات مع رجاله فى أحد المخازن وتبسم بأشراق فور وصول السيارات سالمة ومرورها من رجال الجمارك، سرعان ما تلاشت بسمته حين رأي "سُليمان" يترجل من سيارته ورجاله يقتحموا المكان، تبسم وقال:-

-مفاجأة، يارب تكون مفاجأتي أحلي من مفاجأتك ، أنا قُلت مدخلش عليك بأيدي فاضية 


كز "كرم" على أسنانه بغيظ ونظر إلى رجال "سُليمان" الذين أحتلون المكان وأحاطوا بالسيارات فقال:-

-أنت مش قد اللى بتعمله دا يا سُليمان؟


ضحك "سُليمان" بمكر ومسدسه يحك رأسه ثم قال:-

-لو مكنتش قده مكنتش عملته، أنت بس اللى قلبك خف مع سنك يا كرم وعقلك صورلك أنك تقدر تكون خصمي فى اللعبة دى 


بدأ الرجال بالحرب المُعلنة بينهما والجروح تمزق الجميع بينما ركض "سُليمان" خلف "كرم" الذي تحامي فى رجاله بغضب ناري وألم فراق زوجته يمزقه بهذه اللحظة، دلف "كرم" إلى غرفة المكتب وأغلق الباب ليكسره "سُليمان" بجحوده وقال:-

-أنا وعدتك أن ثمن موت مراتي روحك وجه الوقت اللى أخد روحك فيه


سحب "كرم" خنجره بأستسلام للمواجهة ثم قال:-

-أنت لسه مصدق نفسك ، يبقي يا قاتل يا مقتول بس خد بالك ملك متستاهلش اللى بتعمله عشانها دى واحدة بنت .....


تبسم "سُليمان" بغضب سافر وقال بتهديد:-

-أنا قرأت الفاتحة عليك وخد عزاءك فى الطريق يا كرم


بدأت المواجهة بينهما وكلا منهما يجرح الأخر بسكينه، دفعه "كرم" فى المكتبة لينكسر الزجاج ويخترق ظهره بغزارة فتبسم "كرم" عليه وقال:-

-شوفت مين اللى عجز، عيبك أنك مبتتعلمش يا سُليمان خسرت مراتك زمان بسبب غباءك وهتخسر التانية دلوقت بسبب غباءك برضو ، دا أن مكنتش خسرتها فعلًا


لم يستوعب عقله أن الماضي سيعيد نفسه من جديد وتُقتل "نور" كما قُتلت "ملك" بسببه، أسرع نحوه بسكينه وبعد عراك طويل وبسرعة البرق نحر "سُليمان" رقبته وأمامه مشهد "ملك" والسيارة تدهسها عمدًا ليتنفس الصعداء بأريحية وخرج ركضًا يصعد إلى سيارته وترك رجاله يحرقون المكان بالمتفجرات التى وضعها فى السيارات، أنطلق بسيارته كالمجنون وهو يرن على رجاله الموجودين فى المنزل...........


_____________________________ 


كانت "نور" جالسة على الأريكة أمام "سميرة" بالأمر منه، تنظر فى هاتفها بملل فقالت بأختناق:-

-أنا زهقت والفجر أذن، أنا هقوم أعمل شاي بلبن أعملك معايا


وقفت "سميرة" بقلق ثم قالت:-

-لا ، تعالي


تأففت "نور" من مراقبتها الزائدة ودلفت للمطبخ معها لتصنع مشروبها الساخن فرأوا أحد يمر من أمام نافذة المطبخ فسحبتها "سميرة" نحوها بخوف وألتفت لكي تخرج وتتصل برجالها لكن أوقفها صوت طلقات نارية بالخارج لترتعب خوفًا وقالت:-

-أنا قلبي كان حاسس أن الليلة المنيلة دى مش هتعدي على خير أبدًا، تعالي يا بنتى


أخذتها للخارج وسحبت الهاتف من فوق الطاولة لتري "سُليمان" يتصل فأجابت عليه مُسرعة وهى تقول:-

-أنت فين يا سُليمان؟ فى ضرب نار برا أنا قولتلك بلاش مسمعتش كلامي


سمع كلماتها فقال بقلق على طبيبته الجميلة التى سرقت روحه منه وللحظة شعر بأنه مُرتعب خوفًا من فقدها أو خسارتها:-

-نور فين؟


ضغطت على يدها بأحكام وقالت بقلق:-

-معايا فى أيدي، متتأخرش يا سُليمان 


-أطلعي أوضتي يا سميرة و.......

قاطع حديثه حين سمع صرخت "سميرة" وصوت تكسير الباب فتحدث بخوف:-

-سميرة


سمع صوت "نور" تصرخ بنبرة مُرعبة تستنجد به قائلة:-

-سُليمان


أغمض عينيه بغضب سافر وعادت ذكرياته لنفس الليلة التى فقد بها "ملك" وزاد من سرعة السيارة أكثر ليتخطي جميع السيارات ، وصل للمنزل ووجد رجاله جثث هامدة أمام المنزل والباب مفتوح على مصراعيه، دلف بذعر خائفٍ ليرى "سميرة" على الأرض غارقة فى بركة دمائها فأسرع إليها ليراها تلفظ أنفاسها بصعوبة وقال:-

-سميرة


تنفست بصعوبة وقالت:-

-ألحق نور يا سُليمان، الحقها 


أشارت إليه على الباب الخلفي ليركض مُسرعًا للخارج فرآها بعيدة جدًا تهرب من رجلين خلفها وكادت أن تصل إلى مخبأ رجاله فركض مُسرعًا خلفهم، وصلت "نور" إلى مكتبه وأختبأت بداخله وهى تبكي بذعر وألم وتمتم بأرتجاف:-

-سُليمان، تعالي يلا.... 


تنفست بصعوبة حتى سحبها أحد من شعرها بقوة لتصرخ بألم وهى تقول:-

-اااااه أبعد عني


أخرجها الرجل من أسفل المكتب وسحبها من شعرها للخارج وكاد أن يخرج من المكتب لكن فتح الباب بقوة وسقط أرضًا، رأت "سُليمان" أمامها ليسحبها من يدها للخارج وبيده الأخري المسدس، بدأت معركته مع هذان الرجلان فسمعت "نور" صوت إطلاق النار وقليلًا فُتح الباب وخرج "سُليمان" مُنهكًا بنفس اللحظة التى وصل بها رجاله مع "زين"، ركضت إليه مُسرعة وأرتطمت بصدره بقوة تختبي فى عناقه ليتشبث بها بقوة وهو يتذكر كيف سقط بين ذراعيها فى أول لقاء على وشك الموت، تنهد بأريحية وهو يهمهم قائلًا:-

-أنتِ كويسة؟


أومأت إليه بنعم ويديها تحيط بخصره بأحكام شديد، نظر "زين" إليه وتنهد بهدوء ليقاطع هذا الهدوء صوت إطلاق النار فانتفض الجميع ونظرت "نور" إلي "سُليمان" بألم ليقول بصدمة ألجمته بعد أن شعر بدمائها الدافئة تسيل على يديه:-

-نور


لفظت نفسها الأخيرة بصعوبة ويدها تلمس لحيته بألم، هتفت بصوت مكبوح:-

-أول مرة تنادينى بأسمي يا سُليمان وشكلها الأخيرة 


هز رأسه بالرفض، خائفًا من فقدها ودماءها الساخنة تبلل يده وتنتفض بين ذراعيه من الألم وصعوبة والتنفس فقال:-

-لا .... لا مستحيل

 

تبسمت رغم ألمها ويدها تسقط عن وجنته ببطيء حتى غابت عن الوعي كليًا وسقطت من بين يديه أرضًا ...............


الفصل التاسع (9) 


وجدت الصندوق ملأ بالذهب كأن والدها سحب كل أمواله وأشترى هذا الذهب لأبنته فقط ومعه وجدت ملف به أوراق وبطاقة ذاكرة، فتحوها وكان تسجيل كاميرا لوالدها وهو يغير وصيته وكل ما يملك باسم طفلته حتى المنزل وكان بالملف موجود به العقود المُسجلة باسم "نور" فانتفضت "نيللي" غضبًا وقالت:-

-دا تزوير أزاى يكتبلك حاجة هو كتبها ليا


أجابها المحامي الخاص بـ "سُليمان" بمكر شديد قائلًا:-

-يا مدام أستاذ زهير كتبلك وصية من سنة أن البيت ليكي بعد وفأته لكن مدام نور معاها عقود متسجلة فى الشهر العقاري أن البيت دا ملكها، أزاى هتورثي حاجة هى مش ملك جوزك أصلًا، مجرد ورقة كتبها عند المحامي لا تقارن بشيء قصاد عقد بيع نهائي متسجل فى الشهر العقاري 


أغمض "عامر" عينيه بضيق وهو لا يملك ردًا على هذا الحديث فقال المحامي بجدية ونبرة أستفزازية:-

-يعنى حضرتك دلوقت قاعدة فى ملك مدام نور


تنهدت "نور" بأريحية ثم قالت:-

-أعمالك السيئة!! ما هو مستحيل الشر ينتصر أبدًا، أنتِ مكنتيش تستاهلي أبويا ولا تستاهلي أنك تكوني مكان أمي فى البيت دا، فاكرة عملتي فيا أيه طردتني فى نص الليل وقولتلي روحي لكلاب السكك ودلوقت أنا اللي بقولك روحي لكلاب السكك اللى جيتي منهم 


نظرت "نور" إلى "سُليمان" بعيني باكية حزنًا على والدها الذي قُتل وهى لا تملك مشتبه به غير هذه الحية ثم قالت بلهجة واهنة:-

-روحني


أخذ يدها بعد أن حملت الصندوق وغادر معها، صعد للسيارة بجوارها لتمد يدها إليه بالصندوق فنظر مُطولًا إليه ثم رفع نظره إلي هذه الفتاة بفضول وهو لا يفهم شيء فقالت "نور" ببكاء:-

-دا كل ما أملك يا سُليمان خده وهاتي حق أبويا، أنا ماليش حد ولا أعرف حد غيرك يساعدني، لو نيللي اللى قتلت أبويا وحرمتني منه وخلينى وحيدة وضهري مكسور وماليش حد أنتقم ليا منها، خليها تدفع تمن كسرتني ووحدتي ودموعي وكل حاجة وحشة عيشتها معها وبسببها لأن أنا معرفش أنتقم ولا أقف قصادها أنا أضعف من كدة بكتير وأدينى بدفعلك المرة دى بجد 


أعاد الصندوق لها ببهدوء ثم ضغط على زر تشغيل المحرك وهو يقول مُتحاشيًا النظر إليها:-

-أنتِ دفعتي يا دكتورة تمن الأنتقام دا ، أنا عايزك تقعدي تتفرجي بس 


تنفست الصعداء قليلًا ثم قالت مُتابعة الحديث:-

-بس بالقانون


نظر "سُليمان" لها قليلًا بحيرة فقالت بجدية:-

-أنتقم ليا منها بالقانون، أنا مش عايزك تقتل ولا تأذي حد كفاية كنت هتخسر ..... 


كادت أن تخبره بانه أوشك على خسارتها لكنها تراجعت وقالت بحرج:-

-كفاية كنت هتخسر دادة سميرة بسبب شغلك دا 


نظر  إليها بصمت ثم إلى الطريق فتنهدت بهدوء ونظرت من النافذة ...........


_______________________________ 


وقفت "منه" فى ساحة الكلية مع "مالك" يتحدثان حتى جاء "زين" ورآها تبتسم بعفوية مع هذا الشاب الذي يقف أمامها فشعر بالغيرة تمزق قلبه من تبسمها معه، ترجل من السيارة بغيظ مُستشاط من الغضب لتراه "منه" فقالت بلطف:-

-عن أذنك ثواني يا مالك


ذهبت إلى "زين" الذي يشتعل من الغضب وعينيه ترمق "مالك" جيدًا كالصقر بنظرات ثاقبة قاتلة ولو كانت النظرات تقتل لقسمت نظرته "مالك" إلى نصفين، وقفت "منه" أمامه وقالت:-

-مبتردش عليا ليه ها؟ مش بتصل أنا


كز على أسنانه غيظًا وما زال يرمق "مالك" فتحدث بتمتمة كابحًا غضبه:-

-مين البيه؟


-وأنت مالك؟

قالتها "منه" بتلقائية من سؤاله ليمسكها من ذراعها بقوة وقد تخلي عن النظر إلى "مالك" بالنظر إليها بانفعال؛ لتنتفض "منه" ذعرًا من غضبه الكامن بداخله ونابعًا من غيرته عليها، تحدث بمكر قائلًا:-

-مين الحمار دا؟


أبتلعت لعابها بتوتر منه ودفعته بعيدًا عنها بغيظ وقالت بضيق:-

-أنت مجنون أزاى تمسكني كدة وتتحشر في حياتي وتدي نفسك مساحة أنا مدتهالكش، أى حاجة أنا بعملها متخصكش 


-وكتاب الله كلمة كمان وأحتمال أفلقك نصين وتخصني غصب عن عين اللى خلفوكي أيه رأيك يا منه

قالها بعناد ونبرة عالية غاضبًا فقالت بضيق شديد من كلماته وصوته العالي:-

-ودا بأمارة أيه إن شاء الله


صرخ بها بانفعال دون وعي وهو لا يشعر بشيء سوى نيران غيرته يقول:-

-بامارة أني بحبك وأنك بتاعتي وملكي أنا ............


توقف عن الحديث فجأة بعدما أتسعت عينيها على مصراعيها بصدمة ألجمتها لا تصدق ما سمعته للتو فأبتلعت لعابها بأرتباك وبدأ قلبها المجنون يدق بسرعة قصوى كأنه كان بأنتظار هذه الكلمة وقد نالها للتو، ألتفت لكي ترحل من أمامه فأمسك "زين" ذراعها قبل أن ترحل وقال:-

-منه أستني


تنفست بصعوبة من أرتباكها ووجنتها التى توردت خجلًا فقالت:-

-سبنى أمشي طيب 


-أنا بقولك بحبك

قالها "زين" بنبرة خافتة لتستدير له وتحدق به ونظراته اللامعة فقالت بهدوء:-

-أنت قولت أيه؟


تبسم "زين" على مكرها وقال بعفوية:-

-مش هقولها ثالث أيه أطرشتي 


قوست شفتيها للأسفل بتذمر شديد وقالت بعناد أكثر:-

-ما عنك ما قولتها أنا ماشية 


ركض خلفها بعفوية وقال بحماس يغمره الحُب:-

-أستني طيب ، بحبك


ضحكت بتلقائية على أنتصارها عليه وقد غلبته هذه الفتاة وجعلته يتخلى عن كبريائه وغروره فنظر لضحكتها بعيني لامعة مغمرًا بالحب لتقول:-

-طب خلاص


-خلصت روحك بقولك بحبك مبيتردش عليها بخلاص دى

قالها بتذمر من تكبرها وعنادها فقالت بمشاكسة ومزاحية:-

-أمال بأيه، ربنا يخليك ويسهلك يا سيدي 


ضرب جبينها بلطف وقال بغيظ من أستفزازها له:-

-هو أنا بأخد منك حسنة يا جزمة 


تنهدت بضيق مصطنع وقالت ببرود:-

-وبعدين يا زين أنا ورايا محاضرات مش فاضية لك 


ذهب من أمامها غاضبًا ويتمتم بحديث لم تفهمه وصعد إلى سيارته فرن هاتفه برقمها ليجيب عليها بعبوس قائلًا:-

-عايزة أيه؟


-بحبك 

قالتها "منه" بنبرة دافئة وناعمة ليترجل من سيارته مُسرعًا ، رآها تقف على باب المبني فضحكت على سعادته وأغلقت الخط ثم دخلت إلى المدرج قبل أن يأتي إليها وهى تموت خجلًا من النظر إليه الآن.....


____________________________ 


وقفت "نور" من مقعدها أمام السفرة وهى تمسك كتابًا فى يدها وشاردة به لتصطدم به وهو ينزل على الدرج يتحدث فى هاتفه، تنحنحت بحرج فنظر إليها بهدوء وقال :-

-هكلمك تاني


نظر إليها بعد أن أغلق الهاتف وقال بجدية:-

-أيه دا؟ أيه اللى مصحيكي لحد دلوقت


أشارت إليه بالكتاب ثم قالت:-

-عندي إمتحان بكرة


أومأ إليها بنعم وذهب ليجلس على الأريكة فى غرفة المعيشة، ولجت للمطبخ ووضعت الكتاب أمامها تنظر به وهى تصنع بعض الطعام لها من الجوع وعينيها لا تغادر الكتاب وصنعت كوب من القهوة يساعدها فى سهرتها الليلية حتى الصباح، حملت الكتاب بفمها بصعوبة والفنجان بيد والطبق الموجود بيه الشطائر بيدها الأخري وخرجت، رآها تسير حاملة أغراضها فتابعها وهى تعود للسفرة وتكمل مذاكرتها بتركيز شديد وهو ينظر للهاتف تارة وإليها تارة هذه الفتاة التى تكافح حتى تحصل على لقب طبيبة وحرف الدال قبل أسمها مُحققة حلمها ونجاحها، طقطقت "نور" رقبتها بصعوبة من كثرة جلوسها ومرور الوقت، رأته ينظر إليها وعندما تقابلت عيونهم تحاشي "سُليمان" النظر إليها بحرج من إمساكها به بالجرم فى إختلاس النظر لها، ضحكت "نور" بعفوية ودقات قلبها تتسارع من هذا الرجل... رن هاتفه ينقذه من هذا الحرج وكان أحد رجاله، أجاب عليه ثم خرج من المنزل وذهب إليه، رأى أحد الرجال مصاب بسيخ حديدي فى قدمه أثناء عمله المترصد، تحدث "زين" بقلق:-

-أجيب دكتورة نور تعالجه 


تحدث "سُليمان" بتعجل ولأول مرة يعارض قدومها أمام هؤلاء الرجال:-

-لا ، شوفله دكتور تاني


نظر "زين" له بدهشة من رفضه وهو أول من جلبها لهنا بعد عقد قرآنهما، تحدث بضيق من رفضه:-

-أجبله دكتور منين الساعة 4 الفجر ما إحنا عندنا دكتورة فى البيت 


تأفف "سُليمان" وخرج من المكان بضيق فسار "زين" خلفه حتى وصلوا للمنزل وهو يلح عليه بأن يقبل أن تعالج "نور" هذا الرجل، صرخ "سُليمان" به بضيق:-

-قولت لا بطل زن وروح شوف له دكتور


تحدث "زين" بضيق من رفضه القطعي قائلًا:-

-على ما أجبله دكتور هيكون دمه اتصف يا سُليمان خلي الدكتورة تعالجه 


كاد أن ينفجر غاضبًا بوجهه حتى قاطعته "نور" التى سمعت الحديث الذي دار بالمنزل تقول:-

-فى أيه؟ مين اللى دمه هيتصف؟


ألتف "زين" إليها وقال بضيق:-

-واحد من الرجال أتصاب و.....


صرخ "سُليمان" به بضيق وانفعال قائلًا:-

-زيــــــــــــــــــن 


تأفف "زين" بهدوء وغادر المكان وهو لا يفهم أن هذا الوحش تقتله الغيرة الآن من أن يراها رجاله وهم مثله مجرد مجرمون ويقتله الغضب من أخذها لهذا المكان الملأ بالجرائم والقتلة ، تنحنحت "نور" بلطف ثم ذهبت إليه أكثر قربًا وقالت بنبرة خافتة:-

-سُليمان 


أغمض عينيه بحيرة من لفظها لأسمه بطريقتها الدافئة والناعمة ووحدها من تضم السين فى نطق اسمها ليكن أستثنائيًا منها عن البقية الذين ينطقوه بالكسرة، تبسمت بلطف وقالت:-

-خلينى أعالجه وأهو بالمرة أدرب علي إمتحان بكرة


ألتف إليها كي تتقابل عيونهما معًا فى نظرة هادئة فأومأت إليه بنعم بحماس؛ لتغلبه بسمتها المُشرقة وحماسها العفوي فوافق بسهولة وسلاسة على عكس عناده مع "زين" ليقول بحدة:-

-أدخلي غيري هدومك


ركضت مُسرعة للداخل لتبدل بيجامتها بفستان أبيض بأكمام فضفاض وخرجت إليه، دق قلبه بإعجاب لبساطتها وجمالها الطبيعي الذي خلقت لأجله فسار أمامها وهى بالخلف تتابعه على خطواته حتى وصلوا إلى نادي الملاكمة فرآه "زين" ودهش من قدوم "نور" ، جعل جميع الرجال يدخلون إلي غرفهم ولم يبقي أحد سوى "زين" وهذا الرجل المُصاب، وضعت المخدر على قدمه بلطف ليصرخ الرجال من الألم فتنفست "نور" الصعداء ولم تقوي على سحب السيخ الحديد فقالت:-

-سُليمان


نظر إليها بصمت لتقول:-

-تعال أسحبه معلش


جلس جوارها وسحب السيخ كما طلبت منه وحسب توجيهاتها لتضمد "نور" الجرح بعد الخياطة، قتلته الغيرة وهو يراها تلمس قدم هذا الرجل بيدها الناعمة لكن تحمل بقناعة أن هذا عملها وستعالج الكثير والكثير فى حياتها....، أنهت "نور" معالجته وعادت مع "سُليمان" للمنزل فقال بهدوء:-

-أنا هطلب أكل، تأكلي حاجة


أومأت إليه بنعم ببسمة مُشرقة تُثير ربكته وتوتره أمامها وقالت بعفوية:-

-ماشي أنا جعانة جدًا


طلب الطعام لهما وجلس جوارها على السفرة يتناولوا الطعام معًا، وصلته رسالة فى السادسة صباحًا فتبسم بلطف وظهرت غمازاته بوجنتيه، رفع نظره إليها وهو يقول:-

-النهار دا ....


رآها تحدق به مُبتسمة شاردة ببسمته الخافتة لتشعر بحرج وتحاشت النظر سريعًا إليه وطأطأت رأسها بأستحياء فضحك عليها بلطف وتابع حديثه قائلًا:-

-النهار دا المحامي هيودي ورق الإدانة للنيابة وهيفتح بلاغ يتهم نيللي وعامر بقتل باباكي، إحنا وصلنا لروشتات الأدوية اللى أشترت بها الدواء باسمها ومرتين دفعت بالفيزا وحاجات تانية، المحامي طمني وأكد أن التهمة لابساهما هم الإثنين 


تنهدت "نور" وتلاشت بسمتها بحزن وأحتل هذا الوجع ملامحها ليقول بجدية مُتذمرًا برؤية حزنها وهو لا يرغب سوى برؤية بسمتها وفرحتها:-

-أنا بقولك كدة عشان تفرحي أن حقك فاضله خطوة ويجي مش عشان تزعلي


أومأت إليه بنعم ثم وقفت من مكانها تاركة بقية الطعام وقالت:-

-أنا هروح ألبس عشان متأخرش


دلفت إلى غرفتها فعاد بظهره للخلف بأستياء من حزنها وتوقف عن تناول طعامه، أرتدت "نور" تنورة سوداء وبلوفر من الفرو الأبيض ولفت حجابها الأسود مع حذاء أبيض رياضي وحملت حقيبتها الصغيرة والبالطو الأبيض الخاص بها مع دفترها الكبيرة، خرجت من المنزل بوجه عابس لتراه واقفًا بسيارته أمام المنزل منتظرها ويرتدي بنطلون أسود وسترة جلدية سوداء مع قميص رمادي فاتح، أشار لها بأن تصعد وهو يتحدث فى الهاتف، ركبت معه لينطلق بسيارته إلى جامعتها وما زال يتحدث فى الهاتف عن عمل جديد مشبوه ثم أغلق الهاتف لتقول "نور" بضيق من عمله:-

-أنتِ مفكرتش أن اللى بتعمله دا حرام


نظر إليها بدهشة لتقول بغيظ مما هو عليه وكأنه يشبه الشيطان فهو يتركب كل شيء خطأ:-

-أنت بتقتل وبتسرق وبتهجم على بيوت الناس وبتهدد وبتجار فى المخدرات أو على الأقل بدخلها البلد للناس تتاجر فيها، أنت عارف كم حد بيتأذي بسببك وأنت بتشيل ذنب كام حد، كم الذنوب اللى فى حياتك تكفي للعالم كله


تحدث بضيق شديد من كلماتها قائلًا:-

-أنا مسالتكيش عن رأيك فيا يا دكتورة 


نظرت له بحزن وهذا العمل وحده كفيلة بأن يكن حاجزًا من النار بينهما فقالت بأختناق:-

-أنت شيطان فى جسم بنى أدم مش خايف من الناس ولا أنك تتسجن وحياتك تنتهي فى السجن أو بالقتل بلاش مش خايف من ربنا 


أجابها ببرود شديد دون أن ينظر لها بأستياء:-

-أنا شيطان يا دكتورة وبقولهالك أنا شيطان مش ملاك


تأففت بضيق شديد من حديثه وقالت بانفعال سافر:-

-وأنا معرفش أعيش مع شيطان شوف عايز كام تمن خدمتك ليا وهدفعهولك وتطلقني 


ألتف إليها بدهشة ألجمته من كلمتها الأخيرة وضغط على المكابح على سهو، هذه الفتاة تفتح باب الرحيل وتطلب منه أن يرحل عنها بعد أن أصابه العشق لأجلها فقال بتمتمة:-

-أطلقك!!


-اه طلقني يا سُليمان أنا واحدة من عالم تاني غيرك، أنت كل حاجة حرام بتعملها وأنا كل حاجة ترضي ربنا بحاول أعملها، أنت شيطان عايش على الأرض دى فى وش بنى أدم وأنا مش ملاك بس على الأقل مش زيك، أنت من عالم وأنا من عالم ومكنش لينا اللقى، دكتورة ومجرم متركبش ولا تتقبل عشان كدة طلقني وفلوسك هتكون عندك 

قالتها "نور" بحزن شديد ثم فتحت باب السيارة وترجلت منها وقبل أن يستوعب حديثها رآها تصعد بسيارة أجرة تكمل طريقها للجامعة وشعر بوخزة فى قلبه كأنه على حافة تل على وشك السقوط برحيلها ...............


وللحكـــــاية بقيــــة.


بداية الروايه من هنا


إللي خلص القراءه يدخل هيلاقي كل الروايات اللي بيدور عليها من هنا 👇 ❤️ 👇 


❤️🌺🌹❤️🌺❤️🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹🛺🛺🛺🛺🛺


جميع الروايات الحصريه والكامله من هنا


انضموا معنا علي قناتنا بها جميع الروايات على تليجرام من هنا


❤️🌺🌹❤️🌺❤️🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹🛺🛺🛺🛺🛺




تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
CLOSE ADS
CLOSE ADS
close