رواية استثنائية في دائرة الرفض البارت السادس عشر والسابع عشر والثامن عشر بقلم الكاتبه بتول عبد الرحمن حصريه وجديده في مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات
![]() |
رواية استثنائية في دائرة الرفض البارت السادس عشر والسابع عشر والثامن عشر بقلم الكاتبه بتول عبد الرحمن حصريه وجديده في مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات
" لو في يوم... حبيت واحده... هتسمحيلي؟"
صابرين وقفت مكانها، بصتله بتركيز، لكن ملامحها كانت مشوشة بلحظة صمت طويلة، كأن السؤال خبط في قلبها.
مقالتش حاجة، بص ناحيتها بسرعة، كأنه خاف من سكوتها، وكمل وهو بيحاول يرميها بنبرة عادية
"يعني، مجرد سؤال... مش أكتر."
سابت الباب، ومشيت خطوات بسيطة ناحيته، وقالت وهي بتقرب، نبرة صوتها ما بين الحنية والوجع
"وأنت هتسمح لنفسك الأول يا تيم؟"
سابت السؤال يترن في ودنه وخرجت من الأوضة.
إيناس طلعت بهدوء على أوضة فريدة، خبطت خبطتين خفاف، وفتحت الباب، دخلت لقتها قاعدة على السرير، ضامة رجليها ليها، وباصّة في الأرض، ملامحها مقفولة.
إيناس قربت وقعدت جنبها، وقالت بلطف
"أنا عارفة إنك مش مرتاحة، وعارفة إنك زعلانة، بس حبيت أقولك إني بحبك، إنتي وإسلام أهم حاجة في حياتي."
فريدة بصتلها من غير كلام، وعينيها فيها عتاب، قالت بصوت واطي بس واضح فيه الغيرة والحزن
"مش عايزة حد يشاركني فيكي، مش عايزة حد يقاسمك معايا، أنا بحبك أكتر من أي حد، أكتر من بابا كمان، ومش عايزاكي تتجوزي، مش عايزاكي تسيبيني، وكمان مش عايزاكي تعملي حاجه غلط"
إيناس سكتت، قلبها بيتشد، بس كانت بتحاول تثبت، مش باين عليها، بس من جواها وجع كبير، عينها غصب عنها نزلت منها دمعة وهي بتحاول تخبيها.
فريده كملت
"أنا مش عايزة غيرك... أنا حتى مش عايزة أتجوز، أنا عايزاكي معايا على طول، زي زمان، زي ما كنتي ليا أنا بس."
إيناس خدت نفس عميق، وبصتلها، وقالت بصوت فيه غصة
"أنا عمري ما كنت هسيبك... ولا هخلي حد يشاركك فيا، متخافيش، أنا مش هتجوز حد، ومش هكلمه تاني، ولا حتى هروح النادي تاني لو ده هيريحك."
فريدة رفعت وشها بسرعة وقالت
"بجد؟"
ردت إيناس بابتسامة صغيرة فيها وجع
"طبعًا... معنديش أغلى منك إنتي وإسلام."
فريدة قربت منها وحضنتها، حضن طويل وهيا فرحانه، هيا عايزه مامتها ليها هيا وبس
تاني يوم الصبح، كانت فريدة في أوضتها، بتجهز شنطتها وبتظبط شكلها في المراية، وشها متغير، شكله هادي بس مش مرتاح.
خرجت من أوضتها وراحت ناحية الباب، لقِت إسلام واقف في وشّها، وملامحه باينه فيها عتاب مكتوم.
قال بنبرة حادة وهو بيبصلها
"يعني انتي ناوية تمشي كده عادي؟"
فريدة ردت ببرود وهي بتحاول تمشي
"رايحة شغلي، في حاجه؟"
وقف قدامها ومنعها تمشي
"في حاجه؟ آه في... أنانيتك دي مش طبيعية يا فريدة."
وقفت مكانها، رفعت حاجبها باستغراب
"أنا أنانية؟ عشان عايزة أمي تبقى معايا؟ عشان بمنعها من الغلط"
رد بعصبية
"لاء، علشان شايفة نفسك بس! شايفة إن وجود مامتك جنبك أهم من إنها تعيش، تحب، تتحب! هي تستاهل فرصة، تستاهل تبقى مرتاحة! وبعدين انتي اصلا عندك شغل، واخد كل وقتك، وكذلك انا مشغول، فايه المانع تشوف حياتها، تعيش حياتها وتصلح غلطها"
قالت ببرود أكتر
"هي مرتاحة معانا، وأنا مش هقبل النوع ده من الشغل تاني، كده كده كلها يومين وهسيب يونس، وهرجع لشغلي في المستشفى، وهقضي وقت أكتر معاها."
هز راسه وقال
"يعني هتفضلي أنانية، حرمتِ أمك من حب حقيقي، وافتكري كلمتي، في يوم هتقعي في الحب وهتتحرمي منه بنفس الطريقة."
ضحكت بسخرية وهي بتلف وشها الناحية التانية
"أنا؟ أحب؟ وأتجوز؟ مستحيل، أنا مش محتاجة الكلام ده، كفاية عليا أمي، ولو حتي حصل فأنا مش متجوزه"
بصلها بصدمة وسكت لحظة، وقال بنبرة أهدى
"انتي مش شايفة غير نفسك، بس الزمن هيخليكي تشوفي..."
فريده ضحكت وقالت بسخريه
" لسه الزمن هيخليني اشوف؟ اسلام انت بتقول ايه ولا بتبرر ايه؟ ماما غلطت وهتفضل غلطانه ولما تقولي اني انانيه أو تحاول تفهمني اني غلطانه مش هقتنع، انا كبيره كفايه وعارفه الصح من الغلط، ولك أن تتخيل مين اللي علمني الصح من الغلط، ماما اللي علمتني، اه وقعت في الغلط بس دورنا نبدل الأدوار ونفهمها انها غلط، مش نشجعها تكمل فيه"
قال بصوت عالي
" وطبيعي تغلط، بس غلطها سهل يتصلح، وناتج عن وحده، أو ضعف أو أيا كان، وبعدين الكل بيغلط، وهيا ده غلطها، لو كل واحد اترفع عنه الستر محدش هيبص في وش التاني، لو ده غلطها الوحيد يبقى انا قابله عادي، طالما هيتصلح، ولعلمك هخليها تتطلق، حتى لو متجوزتش، كفايه لحد كده"
فريدة سابته ومشيت، وإن كانت الكلمات فضلِت بتزنّ في دماغها... بس مكابرتها كانت أقوى من أي صوت تاني جواها.
بعد يومين...
فريده وصلت بيت يونس، دخلت الريسيبشن، لقت صابرين قاعدة بتتفرج على التلفزيون ويونس قاعد جنبها، رجله ممدودة شوية، بس واضح إنه بيتحسن، وبيتحرك براحة.
أول ما شافها، ابتسم وقال
"ديدا، ممرضتي الجميله اللي بحبها"
ضحكت فريدة وقالت وهي بتقعد قدامه
"أنا ضيفه النهاردة... مش ممرضة، جاية أودّعك."
يونس هز دماغه وقال بنبرة فيها حزن خفيف
"ما توقعتش اليوم ده ييجي بسرعة كده... كنت فاكر هتفضلي لحد ما أجري ماراثون."
ضحكت صابرين وقالت
"وداع ايه بس يا فريده، البيت بيتك تيجي في اي وقت، مفيش وداع"
فريدة ابتسمت وقالت
" وداع كممرضه، مش هنشوف بعض زي الأول"
يونس قال بسرعة
" يعني نرجع تاني للفيتامينات والمسكنات والتمارين؟"
ضحكت وقالت
"لا لا، كفاية عليك كده، اكيد هشوفك برضو، بس بعيدا عن التعب وكده"
ضحكت صابرين، وقالت
"طب خدو صورة سوا بالمرة."
فريدة قالت
" فكره حلوه والله"
يونس طلع فونه وهيا قربت منه، خدوا صوره سيلفي لذيذه قبل ما تمشي.
خرجت للجنينة، الجو كان هادي، وتيم واقف بعيد، ضهره ليها، باصص على الزرع وسرحان.
قربت بخطوات هادية، وقالت وهي واقفة وراه
"أنا خلاص همشي..."
لف ناحيتها بهدوء، ملامحه جامدة وقال
"عارف."
سكتت لحظة وقالت
"يعني مبقاش في داعي تتضايق من وجودي... مش هتشوفني تاني."
حس بغُصة حاول يخفيها وهو بيقول
"ربنا يوفقك."
ابتسمت بسمة باهتة وقالت
"مش هتحتفل إنك هتتخلص مني؟ يعني كنت مش متقبل وجودي من الأساس."
قال بنبرة واضحة
"أه، مكنتش قابله... ومازلت، بس ده ميخلنيش أكرهلك التوفيق."
بصتله لحظة وقالت
"ممكن اتوقع منك أي حاجه فعلاً."
سكت شويه وبعدين قال
" عموما شكرا"
قالت باستغراب
" على ايه ؟!"
قالها
" على اهتمامك بيا لما كنت تعبان، اول مره حد يهتم بيا ويخاف عليا غير ماما"
بصتله شويه وبعدين قالت ببرود مزيف
" انا بقوم بشغلي وبس، انا مجرد ممرضه"
بصلها بصدمه شويه، يمكن متوقعش ردها بس هيا بسرعه قالت بابتسامة خفيفه
" بهزر، حاولت اتعامل معاك بطريقتك، عموما بعض الديون لا ترد"
مردش، بس نظرته كانت فيها حاجة مختلفة، كأنه نفسه يقول حاجه، بس ساكت.
قالت بهدوء
"خلي بالك على نفسك."
هز راسه من غير ما يقول حاجة، وبص بعيد تاني كأنه بيهرب.
فريدة وقفت ثواني، كأنها مش عايزة تمشي فعلًا... كأن في حاجة رابطاها....
وبخطوات هادية، بدأت تمشي بعيد، وهو فضل واقف في مكانه، عينيه بتلاحقها من بعيد
قبل ما تخرج من البوابه، قابلت حسام داخل في وشها، قبل ما تكمل طريقها قال
"استني لحظه... أنتي فريدة صح؟"
بصّتله بدهشة وقالت
"أيوه... حضرتك تعرفني؟"
مد إيده وقال بابتسامة لذيذة
"أنا حسام، صاحب تيم، شوفتك كذا مره بس معرفناش بعض، الحقيقة أنا كنت عايز أقولك من زمان إن شكلك... يعني... جذاب جدًا."
ضحكت بخجل وقالت
"شكرًا، ده من زوقك حضرتك."
قال بمزاح
"سيبيكِ من حضرتك دي..."
قالت وهي بتضحك
"طب يا حسام... اتشرفت بمعرفتك"
كانت هتمشي بس وقفها بسرعة
" ثواني مستعجله ليه؟!"
قالت
" اتفضل عايز تقول ايه؟!"
رد بسرعه
"بصراحة... أنا عندي شركة، وكنا بندوّر على حد بالشخصية دي واللباقة دي، فـلو تسمحي، تحبي أبعَتلك التفاصيل ؟"
قالتله بهدوء
"أنا آسفة، مش هقدر أقبل حاجة دلوقتي... عندي ظروف خاصة."
قال وهو بيهز دماغه
"طبعًا، مقدّر ده جدًا... بس فكري، العرض قائم الي ما لا نهايه، مش هضغط عليكي "
قالت بابتسامه
" موعدكش، بس حاضر"
ابتسم وقال
"تمام يا فريده، فرصه سعيده"
قالت بود
" انا اسعد، عن اذنك"
ومشيت، وهو واقف بيبصلها وهي بتبعد.
دخل لتيم اللي كان واقف من بعيد، شايف كل حاجة، ملامحه متغيرة، ضيقه واضح في وشه، وبيشد في طرف التيشيرت من العصبية.
حسام دخل عليه وقال وهو بيضحك
"إيه يا عم، عامل ايه؟"
تيم مردش، باصصله بس.
حسام قال وهو بيضحك
" شوفت فريده دلوقتي، أنا عرفتها بيا يعني، بصراحه... البنت دي عاجباني جدًا، مش عارف ليه بس مش راضيه تخرج من دماغي من ساعة ما شوفتها... بسبوسه"
تيم شد نَفَسه، عينيه فيها نار، بس كاتم كل حاجه جواه
بعد ما فريدة خرجت من بيت تيم، راحت تقابل سالي زي ما كانوا متفقين.
سلموا على بعض، وقعدوا في كافيه هادي، على ترابيزة في الركن.
فريدة ابتسمت وقالت وهي بتشرب عصيرها
"أنا مشوفتش أعند منك والله."
سالي ردت وهي رافعة حواجبها بشوية حِدّة لذيذة
"مش عند، بس أنا مش هرتاح غير لما أفهم، أنا فرد من العيلة، ولازم أفهم اللي بيحصل حواليا، خصوصا لو كنت فضوليه"
فريدة أخدت نفس وقالت
"بس دي حريتها الشخصية، يعني انتي ليكي حياتك، وهي ليها حياتها، مجبرتش حد يعمل حاجه مش عايزها، وبعدين أنا متأكدة إن مامتك عمرها ما هتوافق إن أي واحدة تدخل البيت غير اللي هي تسمح بيها، لأنها غالبا شايفاهم ممكن يهددوا استقرار البيت"
سالي استغربت، قطبت حواجبها وقالت
"ليه يعني؟ ليه أي بنت ممكن تأثر على استقرار البيت؟ يعني أنا لو جبت شغالة في البيت، أو حتى ميس لياسين، هتأثر على الاستقرار؟ ده اللي هو ازاي يعني؟"
فريدة قالت بهدوء وهي بتفكر بصوت عالي
"من وجهة نظرها... أيوه، بصي، أنا مش بفهم أوي في الحاجات دي، بس أنا وصفت لصاحبتي اللي هي دكتورة نفسية حالة مامتك وتيم بالظبط، من غير ما أقول أسامي ولا أوضح أوي، وهي قدرت تفهم وتوصفلي حالتهم"
سالي قربت بفضول وسألت
" طب قولي قالت ايه؟!"
فريدة بصّت قدامها كأنها بتفتكر كلام صاحبتها وقالت بهدوء
"بصي، صاحبتي قالتلي إن مامتك غالبًا عندها PTSD، حاجة شبه اضطراب ما بعد الصدمة بس مش بالطريقة اللي بنشوفها في الأفلام... يعني هي عندها خوف مفرط من أي عنصر خارجي ممكن يهدد استقرار بيتها أو حياتها، وده ناتج من تجربة قديمة أو ضغط نفسي كبير، غالبًا بسبب اللي حصل بينها وبين أهلها زمان أو حاجه حصلت في حياتها بعدها خلاها كده، خصوصا انها مش ضعيفه"
سالي كانت مركزة جدًا، ففريدة كملت
"وقالتلي كمان إن الناس اللي بيمروا بتجارب فقد أو تخلّي أو عيشة فيها قمع، ساعات بيبنوا حوالين نفسهم جدران... بيبقوا عندهم وساوس حامية، يعني دايمًا متوقعين الأسوأ، فبيرفضوا أي حاجة جديدة أو مختلفة، وليه البنات؟... لإن البنات بالنسبالها خطر مش لأنهم بنات، لكن عشان ممكن يغيّروا شكل البيت أو يأثروا على ولادها اللي هما مركز حياتها، أو لأن في حاجه حصلت قديمه عقلها هيئ لها أنهم السبب"
سالي سألت
"طب وتيم؟"
فريدة قالت بتنهيدة
"تيم حالة تانية خالص... هي قالتلي إن اللي أنا وصفته عنه يشبه نوع من أنواع الرهاب الاجتماعي المرتبط بالتجارب المؤلمة من الجنس الآخر، غالبًا تيم مرّ بحاجة خلت علاقته بأي بنت تكون مربوطة بالتوتر، وده بيخليه يبان عدواني أو بارد... بس الحقيقة إن دي طريقة دفاع، صاحبتي قالتلي إنه محتاج مساحة آمنة عشان يقدر يثق، بس هو مش بيدي فرصة لحد، وعشان كده مش بيخف."
سالي فضلت ساكتة شوية، ملامحها بقت أهدى، كأن الصورة بدأت توضح.
فريده أخدت نفس خفيف وكملت كلامها وهي بتحاول توضح أكتر
"أنا لما وصفت حالة تيم، وصفتها بالظبط، يعني ردود فعله، طريقته مع الناس، تصرفاته اللي مش مفهومة ساعات... هي قالتلي إن ده غالبًا نتيجة صدمة نفسية قوية، وخصوصًا لو الصدمة دي مرتبطة بحد قريب منه جدًا... وده تقريبا حصل معاه، بس اكيد انا معرفش اي حصل بالظبط."
سالي كانت مركزة معاها، وقالت باستغراب
"بس هو بيبان جامد من بره، وبيزعق وبيتحكم وبيطرد أي بنت، يعني شكله مش ضعيف خالص."
فريده ابتسمت ابتسامة باهتة وقالت
"ده المظهر بس، لكن الحقيقة إن شخصيته مهزوزة جدًا من جوه، هو مش واثق في حد، ومش واثق في نفسه كمان."
سالي اتشدت أكتر وقالت
"طب ليه؟ يعني ايه وصله لكده؟!"
فريده بصت لها نظرة فيها ثقل وقالت بصوت واطي
" يمكن مثلا ارتباطه بمامته، بيعملها حساب وحاطط لنفسه قيود، مش علشان هو مش عايز، علشان هو مجبر، هو قدم حياته لمامته وبس، مش عايش حياته زي ما هو عايز، وبعدين ربنا وحده يعلم هو يعرف ايه عن البنات، أو ايه الصوره اللي مامته وصلتهاله في يوم من الايام"
سالي اتنهدت وقالت
"طب ده يخوف... بس هو مش المفروض يتعالج؟"
فريده هزت راسها وقالت
"هو مش شايف إنه مريض... هو شايف إن تصرفاته طبيعية، هو بيحاول يسيطر على أي حاجة حواليه علشان مفيش حاجة تخرج عن إيده... ولما أي بنت تدخل البيت، بيحس إن في حد هيخربله نظامه، أو هتشكل تهديد، وده ناتج عنه احتمالين، يا اما بيخاف منهم أو بيخاف عليهم"
سالي قالت
"يعني دي حاجه نفسيه معقده؟"
فريده ردت
"جداً، والدكتورة قالتلي إنه غالبًا مصاب بحاجة شبه اضطراب ما بعد الصدمة، بس متطور معاه على شكل اضطراب في الشخصية، زي اضطراب الشخصية المرتابة أو الحدية، لأنه بيبالغ احيانا في ردود فعله."
سالي كانت مذهولة وقالت
"معقول كل ده جواه؟! "
فريده كملت
"وبصراحة... تيم مش بارد، هو مفيهوش برود بجد، هو مكبوت... يعني مش بيعرف يعبّر عن اللي جواه، يمكن عشان عمره ما اتعلّم إنه يعبّر، أو يمكن محدّش شافه وهو بيقع فساعده، في حاجة في عينيه دايمًا بتقول إنه بيكتم حاجات، كتير، بس عمره ما بيطلّع ده على هيئة ضعف... بيطلّعه على هيئة تحكم، أو جفاء، أو عصبية زيادة."
سالي حركت شعرها بعصبية وقالت
"طب وانا أعمل ايه يعني؟ أنا عايزة أعرف، نفسي أفهم، مش هرتاح غير لما أفهم أوي... مش طبيعي اللي بيحصل في البيت، ومش طبيعي تصرفاتهم، وأنا بجد تعبت من كتر ما بفكر."
فريدة بصّتلها بهدوء وقالت
"بصي... لو بجد عايزة تعرفي، يبقى لازم تقربي من تيم... تقربي من غير ما تبيني إنك بتحاولي تعرفي حاجة، يعني تحسسيه إنك جنبه، وتحاولي تجسي نبضه، يمكن وقتها يفتحلك قلبه، أو يلمّح بحاجة، أو حتى يسيبلك طرف خيط."
سالي قالت بتنهيدة
"تيم؟! ده مبيبصش في وش حد أصلاً، بيكلم الناس كأنهم موظفين عنده، حتى أنا! ابن أمه في كل حاجه."
فريدة قالت بابتسامة باهتة
"ما هو ده تيم... كل حاجه فيه مقفولة، بس انتي قلتي إن مامتك مش بتخبي عنه حاجة، صح؟ سرها معاه، وبيشاركها في حاجات حتى انتي مش عارفاها... يعني بنسبة كبيرة هو عارف كل حاجه، أو على الأقل شايف أكتر مننا بكتير."
سالي سألتها بقلق
"ده شايف وموافق كمان "
فريدة هزّت راسها
"معتقدش، بس هو متربي على كده، متربي على السكات، على السيطرة، على إن مش كل حاجه تتقال... بس في حاجه حصلت له أكيد، حاجه خلته يبقى بالشكل ده، شخصيته مش طبيعية، فيها عقدة خوف، فيها كبت... تيم أصلاً لازم يتعالج، أنا متأكدة إنه لو راح لدكتور نفسي محترم هيفهم نفسه، ويفك اللي جواه شويه."
سالي سكتت، وفضلت تبص لفريدة بتفكير، واضح إنها بتفكر في الكلام ده لأول مرة بجدية
فريدة كملت وهي بتبص لها بتركيز
"لو عرفتي توصلي لنقطة ضعف تيم، انتي هتوصلي للي انتي عايزاه... تيم المفتاح يا سالي."
سالي قالت بنبرة فيها رجاء واضح
"يبقى انتي يا فريدة اللي لازم تقربي منه... لازم تكوني معاه"
البارت السابع عشر
" يبقي انتي يا فريده اللي لازم تقربي منه... تكوني معاه... مش أنا... انتي فاهماه أكتر، وعرفتي شخصيته بالتحديد، وأنا حاولت كتير جدًا وفشلت، لكن انتي... لو حاولتي، هتقدري توصلي لأي حاجة."
فريدة بصتلها باستغراب وقالت بنبرة هادية
"بس أنا خلاص خلصت شغلي... يعني لو شُفته مش هيكون زي الأول، مجرد زيارات كده كل فترة، وبعدين انتي ناسية؟ هو أصلاً دايمًا كان بيتهرب مني، مش عايزني في البيت... أكيد أنا الشخص الغلط."
سالي هزت راسها بسرعة وقالت بإصرار
"بالعكس! انتي أكتر شخص صح يا فريدة، يمكن هو بيتهرب علشان خايف، أو يمكن علشان شايف فيكي حاجه بيحاول يهرب منها... بس اللي أنا متأكدة منه، إنك أكتر واحدة ممكن توصليله، ومتقلقيش، أنا هتصرف، وهخليكي تقربي منه، بس علشان خاطري يا فريدة، خليكي معايا للآخر، أنا مش هرتاح غير لما أفهم السبب."
فريدة خدت نفس وقالت بنبرة فيها تفهم
"تمام، بس دلوقتي ارجعي البيت... واسمعي كلام مامتك، بلاش تعاندي أكتر، خلي الدنيا تهدى شوية."
"هرجع... ومؤقتًا هحاول أسمع الكلام."
يوم جديد
قاعدة هادية جمعت صابرين بإيناس، لكن صابرين بسرعة لاحظت إن في حاجة مش مظبوطة، إيناس مش على بعضها، بتسرح وتضطرب، وتتنهد كل شوية.
صابرين قالت بقلق
"إيناس، في إيه؟ مالك؟"
إيناس اتوترت، وبصت في الأرض، وقالت وهي بتلف في الكلام
"مش عارفة... مش متأكدة لو المفروض أقولك ولا لاء..."
صابرين قربت منها، مسكت إيدها وقالت بحزم ودفا
"يا بنتي قولي، إحنا خوات، وسرك في بير زي ما بيقولوا، متخبيش عني."
سكتت إيناس لحظة، وبعدين بدأت تحكي، الكلام طلع من قلبها كأنه انفجار مشاعر مكبوتة، حكت عن جوزها، وإنه اتجوز عليها من وراها، وحكت كمان عن "علي"، زميلها، اللي بدأت تتعلق بيه، ورد فعل اسلام وفريده
صابرين شهقت
"إيييييييييييه؟! اتجوز عليكي؟! وانتي ازاي سكتيله؟! ازاي سمحتي لواحدة تفرق ما بينكوا كده؟!"
إيناس بحزن
"والله ما كنت أعرف، هو خبى عليا، وانا عرفت بالصدفة، مكانش بإيدي أعمل حاجة..."
صابرين زادت عصبيتها وهي مصدومة أكتر
"يعني مش بس سكتيله، لا، ده فوق كل ده كمان روحتي تتعرفي على راجل تاني؟! بدل ما تحاولي ترجعي جوزك؟!"
إيناس بسرعة حاولت توضح، دموعها في عينيها
"كان زميلي في النادي، وهو اللي بدأ الأول، أنا عارفة إني غلطت، بس غصب عني، لقيت اهتمام، أنا عمري ما سمعت كلمة حلوة، عمري! ولما لقيت حد يسمعني ويهتم، حبيته... بس بعدت، والله بعدت، حاولت كتير أقاوم، بس قوليلي أعمل إيه؟"
صابرين هزت راسها، مش مصدقة اللي بتسمعه، وقالت بانفعال
"تعملي إيه؟! كنتي تقدري تعملي كتير جدا، كنتي تهزأي جوزك ده، ده خاين! اتجوز عليكي من ورا ضهرك! كنتي لازم توقفيه عند حده، ترجعيه بالعقل، بالذوق أو بالعافيه، أو لو انتي مش عايزاه، كنتي تتطلقي وتشوفي حياتك... وتخليه هو اللي يندم!
لكن عايشالي دور المنكسره! انتي بتستهبلي؟! وكمان سمحتي لراجل يدخل حياتك وانتي لسه على ذمة راجل؟
لو ليكي حق فانتي ضيعتيه بغبائك، فريدة معاها حق في كل اللي قالته، بس إسلام... مش عارفه اقولك عليه ايه بصراحه بأفكاره دي... مش قادرة أفهمك، ولا أفهم انتي إزاي عايشة كده أصلاً..."
إيناس نزلت راسها، مش قادرة تبص في عنيها.
صابرين كملت، وهي بتحاول تمسك أعصابها
"كنتي تقدر تعملي كتير يا إيناس... بدل ما تسيبي نفسك للضعف كده، يوم ما عرفتي إنه اتجوز عليكي، كنتي قادرة توقفي وتواجهي، كنتي تقدري ترفعي عليه قضية طلاق للضرر... تقدري تخلي أهله يقفوا معاكي... تقدري تشتغلي وتنجحي، بس بقلب صاحي، مش بقلب تايه... بس لاء، روحتي لزميلك، فتحتيله قلبك، وادي النتيجة."
إيناس بصوت مخنوق
"مكنتش اقدر أعمل حاجة يا صابرين، كنت لوحدي، كنت وحيده، مكانش حد معايا، قررت اعيش عشان اسلام وفريده وبس، لحد ما علي دخل حياتي"
صابرين قربت منها، مسكت إيديها وقالت بهدوء
"الوحدة فعلاً صعبة، بس مش مبرر... الوحدة بتخلينا نضعف، لكن ما تبررش إننا نغلط"
كملت باصرار
"كنتي تقدري ترفعي نفسك، تكسريه بنجاحك، بحب ولادك ليكي، باحترامك لنفسك، كنت ماشيه كويس في الاول، بس في الاول وفي الاخر سمحتي لحد يدخل قلبك وانتي لسه على ذمة راجل... حتى لو بينكم جفاف، كنتي ترجعيه ليكي ولولادك مش تستسلمي وتديه لواحده غيرك"
ربتت على ايديها وقالت
"قومي، اقفلي الصفحة دي، واعملي الصح... مش علشان هو يستاهل، لاء... علشان انتي تستاهلي تكوني أحسن."
عند فريده
دخلت المستشفى بهدوء، لبسها بسيط، شعرها مربوط بسرعة، البادج اللي عليه اسمها
وصلت عند كاونتر التمريض في قسم الطوارئ، ولسه متكلمتش، صاحبتها داليا لمحتها وابتسمت
" فريده؟!"
فريدة ابتسمت وقالت
" دودو، وحشتيني وحشتيني"
داليا فتحت دراعها بحماس وحضنتها جامد"
"أخيرًا رجعتي! كنت فاكرة إنك هتطولي أكتر من كده."
فريدة ضحكت وهي بتفك الحضن
"أنا كمان افتكرت كده... وحشتوني كلكوا."
داليا قالت بفرحه
" تعالي يلا، لسه الباقيين مجوش، انا هنا من بالليل انا ومروه"
فريده دخلت معاها وكانت مروه جوه، رحبت بيها بحراره، مروه قالت بهزار
" حد يرجع للمرمطه دي تاني ، كان عندك شغل مريح ومرتب زي الفل."
ضحكت فريدة وقالت
"يعني فكرتكوا دي مبالغ فيها شوية، بس فعلاً كان هادي... مفيش دوشة، ولا عياط أهالي، ولا مريض بيشخط."
داليا قالت وهي بتهزر
"يعني تقصدي إننا هنا بنتهزّأ؟ لاء يا أختي، إحنا هنا بنتمرن على الصبر."
فريده قالت
" احنا بنتمرن لما يجيلنا الضغط نتعامل ازاي "
وقبل ما يكملوا كلام، دخلت واحده وقالت وهيا بتبص ناحيتهم
"اللي فاضية فيكم تدخل تشوف الحالة اللي في سرير 4... محتاجين متابعة ضغط وسكر حالًا."
فريدة قامت من مكانها وقالت "أنا رايحة... بما انكوا هنا من امبارح"
بالليل، كانت فريدة قاعدة في أوضتها، النور خافت، والهدوء مالي المكان.
رغم تعب الشغل، كانت لسه صاحيه عقلها بيلف، مش قادرة تهرب من فكرة واحدة بتزنّ في دماغها
هل مامتها فعلاً قطعت علاقتها بعلي؟
ولا كانت مجرد كلام وخلاص؟
مدت إيدها وسحبت اللابتوب من على الكومود، فتحته ببطء، وحركت الماوس بإيد شبه مترددة وقلبها بيدق
قعدت تدور وتتأكد لو لسه في كلام بينهم ولا لاء بس كل حاجه بتأكدلها أن فعلا مامتها عملت بلوك
قعدت لحظة تبص في الشاشة، وبعدين اتنهدت بارتياح
قفلت اللابتوب وهي بتقول لنفسها بصوت واطي
"كويس... كده أنا اتطمنت"
وقبل ما ترجع اللابتوب مكانه، موبايلها رن وكانت سالي
فريدة ردت بنبرة عادية
"ألو؟"
سالي قالت بضحكة خفيفة
"عاملة إيه ؟ حسيت انك زهقانه قولت اكلمك"
فريدة اتنهدت وقالت
"وهو في غير كده؟ يوم طويل شوية بس ماشي... انتي عاملة إيه؟"
سالي ردت
"أنا تمام، بس حبيت أطمن عليكي..."
فريده قالت
" بس كده؟!"
سالي ضحكت وقالت
" انا تحت يا فريده "
فريدة استغربت وقالت بسرعة
"تحت؟! قصدك في البيت؟!"
سالي ردت بنبرة عفوية
"أيوه، أنا وماما... وتيم كمان معانا."
سكتت فريدة لحظة، قلبها دق بسرعه، واتشدت ملامحها من المفاجأة
"تيم؟!"
قالت الكلمة كأنها مش مستوعبة، وبصّت لنفسها بسرعة، لبسها كان بيتي بزيادة، وشعرها مفكوك ومبهدل، قامت من على السرير في لحظة، وهي بتتكلم بسرعة
"طيب... انا هنزل اهو"
فريدة قفلت المكالمه، وبعدين فتحت الدولاب بسرعة، بدأت تختار حاجة بسيطة ولفت شعرها بسرعه
فريدة نزلت من فوق، ملامحها فيها توتر خفيف متعرفش سببه، دخلت الريسيبشن، لقت صابرين قاعده جنب إيناس وسالي على الكنبه اللي قدامهم، وتيم قاعد جنبها، باين عليه الملل
فريدة قالت بصوت واطي نسبيا
" مساء الخير"
صابرين ابتسمت وقالت
" صباح النور يا حبيبتي"
فريدة قربت، سلّمت عليهم، وقعدت جنب مامتها.
عينها راحت بسرعة لتيم اللي رفع عينه بصّلها ثواني، وبعدين رجع يبص في فونه كأنه مشافهاش.
فريدة بصّت لسالي، وشاورتلها بإيدها من غير ما حد ياخد باله، بنظرة مستغربة اللي هو
" ماله ده وجه ازاي اصلا؟!"
سالي هزت أكتافها
فريدة بلعت ريقها، ورجعت تبص قدامها...
قامت فجأة وهي بتقول
"أنا هدخل أعمل حاجة تتشرب، عايزين ايه؟"
سالي قالت
"أنا عايزة نسكافيه... وماما بتحب الشاي بالنعناع، وتيم أكيد قهوه سادة، صح؟"
تيم قال من غير ما يبص
" مش عايز "
فريدة قالت بابتسامة خفيفة
" مش عايز قهوه، ولا مش عايز عموما"
بصلها وسكت شويه وبعدين قال
" مش عايز عموما"
قالت ببرود
" براحتك"
وانسحبت على المطبخ
عدي دقيقتين وسالي وقفت وقالت لتيم
"تيم، روح ساعد فريدة شوية لحد ما أرجع، هرد ع الفون"
ومشيت بسرعة من غير ما تديه فرصة يرفض، حس بملل بس قام ودخل لقاها واقفة مركزة في اللي بتعمله.
وقف على الباب ثواني، ساكت، بيبصلها وهي مش واخدة بالها، ولما حست بيه رفعت عينيها فجأة وقالت بنبرة فيها اندهاش خفيف
" انت هنا من امتى؟"
رد وهو بيقرب خطوه
" لسه جاي"
قالتله
"متوقعتش أشوفك بالسرعة دي، بصراحة."
رد ببرود
"ولا أنا... بس اتجبرت."
رفعت حاجبها وهي بتقول
"ومين ممكن يجبرك يعني؟ أنت مش بتعمل حاجة غير بمزاجك."
رد وهو بيبص بعيد
"ده الظاهر."
كلمته كانت بسيطة، بس تقيلة... فريدة حست بيها، بس كتمت فضولها، قررت تمشيها بهدوء.
مدتله كوباية قهوة وقالت بابتسامة بسيطة
"مدام كده كده اتجبرت، خد اشرب قهوه بالإجبار كمان"
خد الكوباية، وبص فيها، وسكت، وهي قررت تسيب المساحة مفتوحة... علشان لو قرر يتكلم، يحس إن المكان آمن
بعد لحظة صمت قالت
"لو طلبت منك نكون صحاب... هتوافق؟"
تيم سكت... ثواني تقيلة عدت كأن الزمن وقف، ساب الكوباية على الرخامة، بص ناحيتها ببطء، بعد كده قال بهدوء
"صحاب؟"
فريدة ابتسمت ابتسامة خفيفة وهيا بتخبي ارتباكها
"يعني... اه، نكون صحاب"
تيم رجع يبص بعيد، خبط صوابعه بخفة على الرخامة وقال
"أنا مش من النوع اللي بيعرف يكون صاحب حد."
فريدة بصتله بصمت، مش هتضغط عليه، مستنية يكمل.
تيم كمل وهو لسه باصص بعيد
" علشان الصحوبية معناها إنك تفتحي قلبك... وأنا قلبي معمول عليه 100 قفل."
سكت لحظة، وبعدين ضحك ضحكة باهتة وقال
"أنا مش بس مقفول... أنا حتى بنسى المفاتيح فين."
فريدة بصتله بثبات وعينيها فيها لمعة تحدي خفيف
"ولو أنا اللي عايزة أفتح قلبي؟ مش أنت؟"
بصلها، استغرب من الرد... مش متوقعها ترد كده
سكت شوية، وبعدين قال بنبرة فيها مزيج بين الاندهاش
" يعني انتي مش عندك صحاب بتفتحيلهم قلبك؟!"
فريدة رفعت حواجبها بخفة وقالت
" تؤ، مش كلهم اقدر افتحلهم قلبي، بس انت شايل كتير في قلبك، معاك اسرار كتير مش بتطلعها"
ضحكة صغيرة خرجت من تيم، أول مرة تبان على وشه، لكنها اختفت بسرعة، ورجع للهدوء اللي متعود عليه، وقال بصوت واطي
"يعني... لو قررت تفتحي قلبك، اكيد مش هقفلك الباب، بس انا بحسك بتشكلي خطر عليا، من ساعة ما عرفتك وانا مش انا"
فريدة بصتله، قلبها بيدق بس ملامحها هادية وقالت
"ولو...، اصلا محدش هيقدر يقفل باب أنا ناوية أعدي منه."
تيم سكت، عينيه ثابتة عليها، كأن بينه وبين نفسه في صراع.
فريده بصتله لحظة، وبعدين رجعت تبص للصينية وكملت تحط الكوبايات.
قالت بنبرة هادية وهي بتحاول تكسر الصمت
"مش لازم تجاوب دلوقتي... بس فكر فيها، يمكن تلاقي نفسك محتاج تقول حاجه في يوم، وقتها هكون بسمعك."
تيم اتحرك خطوة بسيطة ناحيتها، قال بصوت واطي جدًا، كأنه بيكلم نفسه
"أنا عمري ما هفتح قلبي لأي حد مهما كان هو مين، حطي تحت الكلام ده 100 خط أحمر"
فريدة وقفت، وبصتله بهدوء، وقالت بنبرة أهدى
"أنا مش أي حد يا تيم... وجربني لما تحب، مش لما تضطر."
لحظة صمت عدت بينهم، فيها ألف كلمة متقالتش، بس اتفهمت.
قاطعهم صوت خطوات سالي وهي داخلة المطبخ بسرعة
"أنا آسفة اتأخرت، الموبايل كان بيرن ولازم ارد"
بصّت لتيم وقالت بنبرة مرحة
" ساعدتها ولا كنت واقف تتفرج؟"
تيم قال بهدوء وهو بيعدّل من وقفته
" لو هيا محتاجه مساعده كانت قالت اصلا"
سالي ضحكت، وفريدة شالت الصينية وقالت
"يلا بينا قبل ما الحاجه تبرد."
وخرجوا من المطبخ، بس نظرة تيم الأخيرة لفريدة كانت مختلفة... فيها تساؤل، يمكن أول لمحة من الفضول أو الرغبة إنه يجرّب يسمع، حتى لو جزء صغير...
فريدة بصّت بسرعة لسالي وسألت بنبرة فضول خفيف
"يونس مجاش ليه هو كمان؟!"
سالي ردت بسخريه
"يونس؟ ده بقاله يومين مش بيبات في البيت اصلا."
فريدة ابتسمت نص ابتسامة، وهزت راسها بتفهم، وقالت بهدوء
" توقعت "
إيناس كانت قاعدة على الكنبة، عينيها فيها لمعة حزن، وصابرين قصادها، بتبص عليها بنظرة فيها مزيج بين العتاب والخوف عليها.
صابرين سألتها بنبره مهتمه
"قررتي إيه؟"
إيناس اتنهدت وقالت بنبرة مستسلمة
"مقررتش حاجة... كل حاجة زي ما كانت، هعيش لولادي وبس."
صابرين رفعت حاجبها وقالت باستنكار
"بس ده مش صح يا إيناس، يا تتطلقي وتشوفي حياتك، يا توصلي مع جوزك لحل، لكن الوضع ده مش نافع."
إيناس بصّت بعيد وقالت بحسم
"بس أنا مش هتطلق، ومش هتجوز تاني، خلاص، سيبيني زي ما أنا عايزه..."
صابرين بصتلها، مش قادرة تستوعب
"بس دي مش حياة! إنتي لسه صغيرة، عندك فرصة تبدأي من جديد."
إيناس ردت بسرعة بنبرة فيها حسم
"لاء... أنا مش صغيرة، عندي بنت وولد على وش جواز"
صابرين بصتلها بنظرة فيها لوم وقالت
"ومفكرتيش فيهم ليه لما كنتي بتكلمي علي؟"
إيناس خدت نفس طويل وقالت بصوت مبحوح
"علي كان غلطة... لحظة ضعف، وانتهت، فوقت وفهمت غلطي، وقررت أعيش في سلام، من غير أي راجل في حياتي، ده قراري وخلاص."
صابرين هزت راسها، ولسه هترد، بس قاطعها دخول فريده وسالي وتيم
دخلت فريدة وهي شايلة صينية عليها الكوبايات، وراها سالي، وتيم دخل بعدهم بخطوات هادية، ملامحه شبه محايدة.
فريدة وزعت الكوبايات عليهم، وبعدين راحت وقعدت جنب سالي.
سالي قربت من فريدة وهمست بصوت واطي
"اتكلمتي معاه؟"
فريدة هزت راسها بخفة، وقالت
"حاولت... جسيت نبضه شوية، بس عارفة؟ تيم علشان يتكلم مع حد، ده شئ شبه مستحيل، لازم يكون بيثق فيه ثقة عمياء."
سالي سألت باستغراب وهمس
"يعني؟"
فريدة ردت بنبرة فيها حزن بسيط وتفهم
"يعني مش أنا الشخص المناسب اللي ممكن تيم يثق فيه."
سالي عضت شفايفها وقالت بتفكير
"بس أنا مش حاسة كده... جربي، مش هتخسري."
فريدة هزت كتفها وقالت بنبرة هادية لكن محبطة شوية
"صعب جدًا يا سالي، بجد الحوار صعب... شخصية تيم من النوع المستحيل اللي ممكن يقول حاجه زي دي... هل هيتكلم مستقبلًا؟ الله أعلم."
سالي قالت بتشجيع
"ولو حاولتي؟ يمكن يجيب معاكي نتيجة إيجابية..."
فريدة سكتت لحظة، وبعدين سألت باستغراب خفيف
"هو إزاي جه أصلاً؟ يعني متوقعتش ييجي."
سالي ردت ببساطة وهي بتعدل قعدتها
"ماما اللي قالتله... وهو بصراحة معترضش."
فريدة بصت لها باستغراب أكبر وقالت
"معرفش ليه استغربت."
سالي ابتسمت وقالت بنبرة خفيفة
"يمكن علشان الساعة عدت 12؟ بس تيم نومه مبقاش متظبط خالص، مش عارف يظبطه، حتى بقى يصحى يادوب على معاد الشغل... يعني أنا كمان مستغربة، لأنه كان منظم جدًا... خصوصًا في مواعيده."
فريدة رفعت عينها ناحيته تلقائي، لاقته باصصلها...
لكن أول ما شافها بصّتله، بسرعة بص بعيد عنها...
صابرين كانت بتتكلم عن حاجة وسكتت فجأة لما سمعت صوت الباب الخارجي بيتفتح وقالت باستغراب
"هو في حد جاي؟"
ايناس ردّت بسرعه
"لاء خالص... مفيش حد وإسلام في أوضته."
سالي بصّت ناحية الباب من بعيد وقالت
"طب مين اللي فتح الباب؟!"
الكل سكت، نظراتهم رايحة ناحية المدخل، الخطوات رجولية، تقيلة وواثقة.
دخل راجل في الخمسينات، طويل، أنيق جدًا، لابس بدلة كلاسيك غامقة، ريحته فخمة، ونظرة عينه قوية وواضحة، وقف في أول الريسيبشن.
الراجل مقالش ولا كلمة، عينيه راحت على إيناس، اللي كانت قاعده مكانها واتسمرت.
إيناس شهقت بهدوء، ووشها اتغير تمامًا ومقدرتش تقول أي كلمه
فريدة وقفت ببطء، وكل جسمها اتشد، وبصّتله بذهول وهي بتقول بصوت مهزوز
"بابا؟!"
البارت الثامن عشر
فريده وقفت ببطء، وكل جسمها اتشد، وبصتله بذهول وهيا بتقول بصوت مهزوز
" بابا؟!"
بصلها وابتسم
"إزيك يا فريدة؟"
إيناس بصت للأرض، ملامحها جامدة، كأن قلبها بيتشد ما بين وجع قديم وهدوء مصطنع.
صابرين لمّا استوعبت الموقف، قامت فورًا، وخدت خطوة ورا، بصت لإيناس وسألتها بصوت واطي
"ده جوزك؟!"
إيناس أومأت من غير ما ترفع عينيها.
صابرين بصّت لتيم وسالي وقالت
"يلا بينا يا ولاد نسيبهم دلوقتي... أكيد محتاجين يقعدوا سوا."
سالي وتيم قاموا وصابرين قالت لايناس
"هكلمك، ماشي؟"
ايناس هزت راسها وصابرين مشيت ورا سالي وتيم اللي سبقوا
ابو فريده (هاني) ابتسم لفريده، وبهدوء مد إيده يسلم عليها،
"إزيك يا حبيبتي؟ وحشتيني."
فريده حضنته بسرعة، وهي لسه مش مصدقة إنه واقف قدامها.
لكن إيناس كانت ساكتة، ملامحها جامدة، مش قادرة تبصله.
فريدة كانت ملامحها متوترة، وعينيها رايحة جاية ما بين باباها ومامتها
الجو تقيل، كله ترقب وصمت مشحون… زي الهدنة اللي قبل العاصفة.
إيناس بصوت هادي لكن واضح فيه حيرة قالت
"رجعت ليه؟"
هاني خلع الجاكيت بهدوء، وحطه على طرف الكنبة، وقعد كأنه لسه صاحب المكان
"جيت علشان أسمع، مش أتكلم... إسلام قالي إنك عايزة تتطلقي."
فريده همست بصدمة
"إسلام؟!"
وفجأة، خطوات تقيلة نازلة من السلم، إسلام ظهر،
وقف جنب أمه، وصوته كان هادي، لكن واضح فيه الإصرار
"أنا اللي كلمته... علشان ماما محتاجة تاخد قرار،
ومينفعش القرار ده يتاخد وإنت مش موجود."
هاني بص لإيناس، نبرته ما بين التحدي والاستنكار
"يعني بعد السنين دي، قررتي فجأة إنك عايزة تتطلقي؟"
إيناس اتجمدت، الدهشة مغطية وشها
"أتطلق؟! انت اللي قولت كده؟"
إسلام رد وهو بيبص لأبوه بثبات
"أه... لأنك لازم تعيشي حياتك زيه، هو اختار حياته وانتي لازم تعملي زيه "
إيناس قالت بسرعة وبصوت فيه قهر
"إسلام، أنا قولتلك متفتحش الموضوع ده تاني."
إسلام قال وهو بيكتم غضبه
"بس حرام تفضلي عايشة كده."
هاني قام وقف، عينيه فيها نار، وبص لابنه وقال بحدة
"وانت ازاي تتدخل في حاجة زي دي؟ من إمتى الصغيرين بيتدخلوا في أمور الكبار؟"
إسلام رد بنبرة قوية
"لما أشوف الوضع ده قدامي، يبقى لازم أتدخل...
انت سيبتنا ومشيت، كمل جميلك وطلّقها وامشي!"
إيناس قالت بصوت عالي وهي بتبص لإسلام بدموع في عنيها
"إسلام، كفاية... كفايه، أنا مطلبتش منك تتدخل وتتكلم بدالي، أنا اللي عايشه... وأنا اللي هقرر، مش إنت، أنا اللي هتحمل النتيجة لوحدي."
إسلام حاول يفتح بُقه يرد، لكن قبل ما الكلمة تطلع،
إيناس قاطعته بنبرة حازمة وصوتها بدأ يعلى أكتر
"ولا كلمة! لو سمحت."
سادت لحظة صمت تقيلة...
هاني كان واقف، وشه مش باين عليه أي تأثر، لكن صوته جه حاد وواضح
"لازم نتكلم يا إيناس."
إيناس وقفت بثبات، وعينيها فيها تحدي
"مفيش كلام بينا، معنديش كلام أقوله ليك،
إحنا معادش بينا لا كلام... ولا حياة، اللي بيربط بينا ولادك وبس، غير كده انسى إن ليك زوجة وحَتى لو مطلقتنيش رسمي، أنا بعتبر نفسي مطلقه اصلا ومش فارقه معايا، وياريت ترجع مكان ما جيت،عشان ملكش مكان هنا."
هاني لف ناحيّة فريدة، ونبرته أخدت لهجة شبه آمرة
"فريدة، معلش يا بابا... ممكن تسيبينا لوحدنا، إنتي وأخوكي؟"
لكن قبل ما فريدة تتحرك، إيناس رفعت إيدها وقالت بحسم أكتر
"لو في حاجة هتتقال، يبقى قدامهم... قولتلك مفيش بينا كلام."
هاني عضّ على شفايفه، لفّ بعينه ناحيّة فريدة تاني، وقال بنبرة هادية بس ضاغطة
"يلا يا بابا..."
فريدة بصّت لمامتها لحظة، وبعدين هزت راسها بخفة، وشدّت إيد إسلام اللي كان واقف زي التمثال، رافض يسيب أمه لوحدها.
"يلا يا إسلام…"
قالتها بهمس وهي بتسحبه براحه
إسلام بصّ لأمه، وبعدين لأبوه…
بس في الآخر مشي معاها.
هاني وقف في نص الصالة، عينيه عليها، لكن ملامحه جامده وقال بهدوء
"أنا عارف إنك موجوعة... ويمكن شايفة إنك بتنتقمي لما ترفضي حتى تسمعيني، بس اللي بينا عمره ما كان بسيط، ومينفعش ينتهي بصمتك ده."
إيناس ردت بنبرة باردة
"اللي بينا انتهى من زمان، من أول ما قررت تكون لحد تاني، وسبتني أواجه الدنيا لوحدي."
هاني قال وهو بيقرب خطوة
"أنا مكنتش ناوي أبعد، كنت بس... بدور على فرصة، على استقرار، على أمان."
ضحكت إيناس ضحكة قصيرة وموجوعة
"فرصة؟
سفرك ده كان فرصة؟
وجوازك من غيري كان أمان؟
ياريت تسكت احسن، كلامك بيجيب مشاكل اكتر"
سكت... بس ملامحه اتشدت، كملت بوجع اكتر
" معرفش اي اللي جابك اصلا وبعد ايه، كنت مستنياك بس ده من زمان، دلوقتي خلاص انت اتنسيت"
هاني رفع عينه، ونبرة صوته اتبدلت
"أنا غلطت عارف بس أنا جيت أرمم، مش أهد."
إيناس ردت بنبرة حاسمة"
"أنا اللي اتهديت،
سنين وأنا بسأل نفسي...
أنا ناقصة إيه؟
كنت مراتك، وأم ولادك، وسندك...
وفي الآخر اخترت تبعد،
تبني بيت تاني بعيد عننا."
سكتت لحظة، وختمت
"البيت ده اتكسر... وأنا رممته لوحدي.
فـمتجيش دلوقتي تقولي برمم، لو فاكر اني لسه البنت الضعيفه اللي كانت مبتقدرش تبعد عنك تبقى غلطان، انا اتعلمت دروس كتير قوي وبقيت اعيش من غيرك خلاص"
هاني قرب خطوة، بس صوتها وقفه
"خطوة كمان وهتفقد آخر ذرة احترام فضلتلك جوايا"
سكت، معندوش حاجه يقولها، أو لو اتكلم هيزود الطين بَله
إيناس وقفت في وشه، كلامها كان ثابت
قالتله بصوت واضح وقاطع
"ياريت ترجع مطرح ما كنت... علشان مبقاش ليك مكان هنا، لو طلقتني، تكون شاكر، ولو مش ناوي، يبقى اتفضل، وأنا قولتلك قبل كده...أنا اعتبرت نفسي مطلقة من زمان."
لف وشه لحظة، حاول يخبي مشاعره، رجع يبصلها وهو بيقول بنبرة واطيه بس فيها وجع
"يعني خلاص؟
كل اللي بينا انتهى كده؟"
إيناس ردت بقوه
"انتهى من يوم ما قررت تختار غيري، بعد ما قولتلك مش مهم تسافر وخليك معانا وانا كنت حاسه انك مش هترجعلي تاني، وده اللي حصل فعلا، قولتلك أيامها انا بستقوى بوجودك بس قولتلي الشغل، روح لشغلك يلا وكمل حياتك زي ما كنت، أنا عشت كل لحظة فاتت لوحدي، واقدر اعيش اللي جاي كمان لوحدي، اتمني تكون دي اخر مره اشوفك فيها"
قالت كلامها وانسحبت من قدامه، كانت ماشيه بخطوات سريعة، وهي طالعة السلم، لمحت فريدة وإسلام واقفين على الجنب، سامعين كل كلمة، ملامحهم مصدومه، بس ساكتين
بصتلهم لحظة، وكملت لأوضتها، ولما وصلت لباب أوضتها… فتحته بسرعة، ورزعته وراها بكل القوة اللي جواها
فريدة راحت وراها وفتحِت الباب بحذر ودخلت بهدوء، لقتها قاعدة على طرف السرير، ضهرها ليها، وكتفها بيتهز من عياطها.
فريدة قربت، قعدت جنبها من غير كلام، بس بهدوء
مدت إيدها بهدوء ولمست كفها، وقالت بنبرة دافية
"ماما"
إيناس مسحت دموعها بسرعة، كأنها مش عايزة تتشاف ضعيفة، وقالت بصوت مبحوح
"أنا كويسة يا فريدة... روحي انتي."
فريدة شدت على إيدها وقالت وهي بتحاول تبص في عينيها
"لا مش هسيبك...مش وإنتي كده، أنا مش صغيرة يا ماما...أنا شايفة وسامعة، وبفهم، بس طول عمري سايبة ليكي القرار، علشان عارفة إنك بتستحملي أكتر من اللي يستحمله أي حد."
إيناس بصتلها أخيرًا، بعين فيها ألم سنين، وقالت بصوت مهزوز
"هو كسرني يا فريدة، أنا استنيته سنين، مش شهور،
كنت بقول هيرجع، هيفهم، هيفتكرنا، بس رجع بإيده فاضية وقلب مش لينا."
فريدة حطت راسها على ركبتها، وقالت بصوت واطي
"وانتي تستاهلي قلبك يتحب مش يتكسر، بس صدقيني، إحنا معاكي، أنا وإسلام، وإنتي أقوى من كده بكتير."
لحظة صمت عدت، وإيناس مسكت إيد بنتها بقوة، كأنها بتاخد منها أمان كانت محتاجاه من زمان، وهمست
"أنا خلصت اللي جوايا من ناحيته، ومش ناوية أرجع، حتى لو فضل اسمي على اسمه."
فريده سكتت لحظه وبعدين قالت
" اطلبي منه يطلقك لو ده هيريحك، واحنا معاكي، معاكي في أي حاجه"
إيناس ضمت فريدة ليها، حضن طويل، دافي، مليان كسر ووجع وحب.
كانت بتعيط، بس عياط هادي وقالت بصوت مبحوح
"أنا تعبت يا فريدة، أنا تعبت أوي."
فريدة قالت بصوت ثابت
"وأنا معاكي يا ماما، مش هسيبك لوحدك أبدا."
تحت في الصالون
هاني كان واقف، بيبص قدامه بشرود، بس من جواه كان بركان.
إسلام نزل من فوق، خطواته سريعة، ومفيهاش أي احترام.
وقف قدامه وقال بنبرة فيها احتقار واضح
"مش شايف إنك خلصت دورك هنا؟
مش شايف إنك جيت في وقت محدش عايزك فيه؟"
هاني بصله بحدة، لكنه سكت، مستني يسمع اللي في قلبه، بس إسلام مسكتش، كمل بنبرة تقيلة
"أنا شفت أمي بتتكسر حرفيًا قدامي...كل يوم بسببك."
قرب خطوة وكمل بتهكم واضح
"سنين طويلة واحنا بنتلمّ ونتفرّق، وهي مستنياك،
وانت؟
جيت دلوقتي، بعد ما بنيتلك حياة تانية، وافتكرت إنك ممكن تدخل هنا كأنك لسه الراجل اللي ليه احترامه."
هاني قال بنبرة جافة
"أنا أبوك، وده بيتي."
إسلام رد بسرعة وسخريه
"أبويا؟ لاء طبعا، أبويا الحقيقي مات أول ما قرر يسيب أمي ويتجوز غيرها، واللي يسيب مراته وولاده ويمشي، ميستحقش يكون اسمه أب."
هاني بصله بحدة وقال
"كبرت ونسيت نفسك، إنت بتكلمني أنا كده؟"
إسلام ضحك بسخرية وكمل
"أنا فاكر نفسي كويس جدًا، فاكرني وأنا صغير بسأل على أب مش موجود، فاكر أمي وهي بتخبّي دموعها علشان تضحكلنا، فاكرك... بس وأنت مش هنا."
قرب منه أكتر وقال بصوت ثابت
"فلو عندك شوية دم، طلقها وارجع لحياتك،
وافتكر إنك عمرك ما كنت جزء من حياتنا."
سابه وطلع من غير ما يستنى رد.
وهاني فضل واقف مكانه، متجمد، مكنش متوقع الهجوم ده، بس مش هييأس، هيحاول مره اخيره
عند سالي
كانت قاعدة جنب تيم، بتتكلم وهي باينة عليها القلق
"فريدة حالتها مش أحسن الأيام دي، أنا ملاحظة من فترة إنها متضايقة بس مش بتبين... يمكن يكون في مشكله بين مامتها و باباها"
تيم بصّلها بس مردش، سالي كملت وهي بتقوله
"رصيدي خلص، ممكن اكلمها من فونك؟!"
تيم بصّلها لحظة، وبعدين اداها الموبايل من غير ما يقول أي كلمه
سالي بسرعة كتبت رقم فريدة واتصلت، فضلت ترن، بس فريدة مردتش.
ادته الفون وهيا بتقول
"مردتش... شكلها مشغولة، خلاص هبقى أكلمها بعدين"
فضل تيم ماسك الموبايل، عينه ثابتة على الرقم اللي ظاهر قدامه، متشتت، بيفكر، هل يمسح الرقم، ولا يسيبه؟
حس إنه مش قادر يمسحه، لقى نفسه بيسجل الرقم عنده، بص للاسم بعد ما اتحفظ، وقفل الموبايل بسرعة.
عند ايناس
فريده خرجت بعد ما ايناس طلبت منها تسيبها لوحدها شويه، وبعد شويه رن موبايل إيناس، كان اسم صابرين ظاهر على الشاشة، اترددت لحظة قبل ما ترد، صوتها كان باين فيه التعب وهي بتقول
"ألو؟"
صابرين كان صوتها قلقان وقالت
"إيناس، إيه اللي حصل؟ إنتي كويسة؟"
إيناس سكتت ثواني، وبصت قدامها بشرود قبل ما تقول بصوت هادي
"معرفش... معرفش أنا جبت القوة دي منين، لقيت نفسي بتكلم وبتكلم، مش قادرة أسكت، مش قادرة أتحمل أكتر."
صابرين قالت بهدوء
"دي مش قوة جديدة، دي كانت جواكي من زمان، بس إنتي كنتي خايفة تظهريها علشان فريده واسلام"
إيناس قالت بصوت متقطع
"أنا حتى مش عارفة قلت إيه ولا إزاي... كل اللي كنت حاسة بيه خرج مني، لقيت نفسي بقول إني خلاص، مش عايزة أعيش معاه ابدا"
صابرين قالت
"عملتي الصح، محدش يستاهل يعيش مكسور يا إيناس، حتى لو علشان العيال، هما محتاجين يشوفوكي واقفة، مش ضعيفة."
إيناس قالت وهي بتاخد نفس عميق
"بس خايفة يا صابرين... خايفة أكون بضيّع استقرارهم لو طلقني"
صابرين ردت بسرعة
"انتي مش بتضيعي استقرارهم، انتي بتحمي نفسك وبتحميهم من حياة كلها كسر وقهر... اللي عملتيه ده قوة مش ضعف."
إيناس فضلت ساكتة لحظة وقالت
"أنا مش هرجع في كلامي خلاص... حتى لو النتيجة إيه."
صابرين قالت بنبرة داعمة
"وأنا معاكي، لو احتجتي أي حاجة، أنا معاكي."
إيناس قفلت المكالمة، وقعدت على طرف السرير، عينيها فيها دموع لكنها حست وكأن حِمل تقيل كان على قلبها واتشال.
تاني يوم، فريدة خرجت من اوضتها، بصّت على باب أوضة مامتها، اترددت تخبط عليها، لكن اتراجعت، وقالت لنفسها بصوت واطي "خليها ترتاح..."
نزلت بخطوات هادية، عينيها مجهدة من قلة النوم، ولما نزلت شافت هاني قاعد، كان ماسك فنجان قهوة، وبصلها أول ما شافها.
قال بصوت هادي
"صباح الخير يا فريدة."
ردت وهي واقفة
"صباح الخير."
شاور على الكرسي اللي قدامه
"تعالي اقعدي معايا شوية."
اترددت لحظة، وبعدين مشيت وقعدت قدامه، ملامحها جادة.
هاني شرب من القهوة وقال
"إيه الأخبار هنا؟... عاملين إيه؟"
ردت فريدة بنبرة جافة بس فيها احترام
"تمام... كله ماشي."
هاني بصّلها شوية وقال
"مامتك... عاملة إيه؟"
اتشدت ملامحها شوية، وقالت وهي بتبص ناحية الأرض
"كويسة... او بتحاول"
فضل ساكت لحظه وبعدين قال
"وإسلام؟"
ردت وهي بتتنهد
"كلنا بخير وعايشين عادي"
هاني حرك راسه ببطء، وقال بنبرة فيها محاولة للتقرب
"فريدة... أنا عارف إني قصّرت كتير... وعارف إن وجودي مش سهل عليكم."
رفعت عينيها وبصتله وقالت بهدوء
"إحنا اتعودنا يا بابا... وبنتعامل."
كلمة "بابا" خرجت منها بصعوبة، لكنها قالتها، وبان في عينيها لمعة سريعة.
هاني ابتسم ابتسامة باهتة
"أنا مقدّر اللي مامتك شالته طول السنين دي... ومقدّر إنكوا كبرتوا لوحدكوا."
فريدة سكتت، مش عارفة ترد، لكنها اكتفت بهزة راس بسيطة.
قال بعد لحظة
"أنا... مش جاي أزعلكم، ولا أعكّر عليكم حياتكم... أنا بس جيت..."
قاطعت كلامه بسرعة "عارفة."
سكتت لحظة، وبصتله وقالت بنبرة فيها حنية ضعيفة وسط الجفاء
"بس ياريت متوجعهاش تاني... بلاش... كفايه"
بصّلها وهو بيحاول يبتسم وقال
"هحاول يا فريدة... هحاول"
فضل يبصلها، شايف قد إيه كبرت واتغيرت.
عدل قعدته، بص لفنجان القهوة اللي في إيده، وقال بنبرة هادية
"زمان... كنتِ لما بشوفك بعد السفر، بتجري عليّا... دلوقتي حتى الكلام بينا بقا قليل"
فريدة بصتله، ملامحها ثابتة، بس في لمعة حزن في عينيها
"كبرنا."
ابتسم ابتسامة صغيرة باهتة
"آه... كبرتوا فعلاً."
سكت لحظة وقال
"بس أنا مهما حصل... أبوكوا."
فريدة قالت بصوت واطي
"عارفة."
رجع يبصلها وقال
"إنتِ شايفة إيه يا فريدة؟ شايفة الوضع إزاي؟"
سكتت شوية، وكأنها بتختار كلامها، وقالت بهدوء
"إحنا... اتعودنا نعيش من غيرك... اتعودنا إن كل واحد فينا يشيل نفسه... وماما دايما معانا وساندانا"
سألها
"وأنا؟"
ردت بعد تردد
"إنت... كنت بعيد... وأوقات البُعد بيكون أريح من القرب... حتى لو القرب ده من أغلى الناس."
اتشدت ملامحه وقال
"أريح؟"
هزت راسها بهدوء
"أيوه... أريح."
فضل ساكت شوية، ففريدة قالت بنبرة فيها حنية لكنها حازمه
"بصراحة يا بابا... ماما كانت قوية جدًا علشان تكمّل... يمكن لو في راحة ليها دلوقتي... تكون إن كل واحد يعرف مكانه الحقيقي في حياتها."
قال بحدة خافتة
"تقصدي إيه يا فريدة؟"
ردت وهي بتحاول تخلي صوتها ثابت
"مفيش قصد... بس أوقات الحل بيكون في البُعد... حتى لو البُعد ده صعب، بس انا عارفه أنه مش صعب ابدا عليك"
اتنهد هاني ومرر إيده على وشه وقال
"يعني شايفة إن الانسحاب أحسن؟"
فريدة بصتله وقالت
"لو الحل ده هيريّح الكل... يبقى أيوه."
فضل باصص لها لحظة، وشاف في عينيها خوف وحب وحزن وقال "متغيرتيش... لسه قلبك طيب."
قالت بسرعة
"أنا مش عايزة أشوف ماما موجوعة تاني."
فضل ساكت، بصلها، وقال بهدوء
"أنا همشي، بس هحاول محاوله اخيره"
فريدة سكتت شويه وبعدين بصتله وسألت بنبرة هادية فيها تردد
"هتطلقها؟"
هاني رفع عينه ليها وقال
"انتي شايفة إيه يا فريدة؟"
سكتت فريدة شويه، وبصت ناحية الأرض، وأفكارها بتلف بسرعة في دماغها...
لو مامتها اتطلقت، ساعتها هيكون في فرصه تتجوز علي، لكن لو مامتها لسه على ذمة باباها، محدش هيقدر يفتح الموضوع، وهيكون كده اتقفل نهائيا، خاصة أن باباها لو مشي مش هيرجع تاني.
رفعت عينيها بعد تردد، وقالت بنبرة هادية، بس جواها صوت بيحارب
"شايفة... إنك متطلقهاش."
هاني بصّلها، مستني تكمل، فقالت
"على الأقل... طول عمرنا قدام الناس... بنقول إنك مسافر شغل، وإنك سايبنا علشان ظروف السفر وشغلك... مش إنك سايبنا عدم تحمل مسؤوليه... كده بيكون شكلنا وشكلك أحسن قدام الناس، وقدام نفسنا."
سكتت لحظة وكملت
"وكده... على الأقل ماما هتفضل معانا، ومحدش هيتدخل في حياتها."
هاني بصلها بصه طويلة، وقال بهدوء
"يعني شايفة إن وجودي كزوج، حتى لو بعيد... أحسن."
هزت فريدة راسها وقالت
"أيوه... أريح للكل."
رجع يبص لفنجانه، وحس إن اللي بينه وبينهم انتهى، حتى لو اسمه هيفضل في البطاقة... بس هو خلاص بقي ضيف في حياتهم، ومش هياخد مكانه أكبر من كده.
على اخر النهار فريده كانت في شغلها، بتراجع ملف في أيديها، رنّ تليفون الاستقبال الداخلي، ردّت فريدة بسرعة وهي مركزه في الورق اللي قدامها
"أيوه، فريدة معاك."
صوت موظف الاستقبال جه واضح
"فريدة، في حالة هنا، محتاجينك تيجي فورًا."
فريدة قالت بسرعة وهي مشغولة
"معلش، أنا مشغولة دلوقتي، هبعت أي حد من زمايلي."
سكت لحظة وقال
"مش هينفع... الشخص اللي مستني قال إنه مش هيكشف غير معاكي، طالبك بالاسم."
رفعت فريدة وشها ببطء، عينيها لمعت باستغراب، وقلبها دق بسرعة، سابت الورق من إيدها، وقامت بخطوات ثابتة وهي بتسأل نفسها
" مين اللي ممكن يطلبها بالاسم وليه
خرجت من القسم ودخلت الاوضه إللي الشخص ده فيها وشافته
تابعوووووووني
إللي خلص القراءه يدخل هيلاقي كل الروايات اللي بيدور عليها من هنا 👇 ❤️ 👇
❤️🌺🌹❤️🌺❤️🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹🛺🛺🛺🛺🛺
جميع الروايات الحصريه والكامله من هنا
انضموا معنا علي قناتنا بها جميع الروايات على تليجرام من هنا
❤️🌺🌹❤️🌺❤️🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹🛺🛺🛺🛺🛺