أخر الاخبار

رواية زواج في الظل البارت الثالث والرابع بقلم الكاتبه ياسمين عطيه حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات


رواية زواج في الظل البارت الثالث والرابع بقلم الكاتبه ياسمين عطيه حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات 

رواية زواج في الظل البارت الثالث والرابع بقلم الكاتبه ياسمين عطيه حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات 


أركان خرج من الحمام، ووقف قدام ليلى اللي كانت واقفة قصاده، وبتفرك ايديها الاتنين في بعض وكأنها بتحاول تلم كل أفكارها قبل ما تتكلم.

فجأة، راحت ناحيته بخطوات سريعة، وابتسمت ابتسامة صغيرة رغم التوتر اللي كان ظاهر في عيونها.

ليلى: "ممكن أسالك سؤال؟"

أركان كان بيبص لها بطرف عينه وهو مش مهتم، وقال بهدوء: "اتفضلي."

ليلى: " طالما إحنا هنا... جايين بقسيمة جواز مزورة... ليه اتجوزنا رسمي باسمينا الحقيقية."

أركان: " تفتكري إن إحنا ما فكرناش في حاجة زي كده؟ إحنا عملنا حسابها من الأول. بس لو كنا جينا وقالنا لك إنك مطلوبه في مهمة، تقعدي معايا سنة كاملة، وتنامي معايا على نفس السرير زي ما حصل امبارح، وإنت مش مراتي... كنت هتوافقي؟ عشان مجرد فلوس؟"

ليلى: "لا، طبعاً."

إجابتها كانت حاسمة وواضحة. ووجهها كان فيه ملامح استغراب واضح على رد فعله، لكنها ما كانتش هتسمح لنفسها تكون أكثر ضعفًا أمامه.

أركان: "عشان كده الفكره دي فشلت، رغم إن ده كان المفروض يحصل. بس كانت في حاجات كتير منعت إن إحنا نغصب عليكي حاجة زي كده، خصوصًا إنه حرام."

أركان وقف لحظة قبل ما يكمل، ونظرة متفهمة عينيه كانت كافية عشان تفهمه.

أركان: "ما هو مش إنتوا بس اللي تعرفوا ربنا."

ليلى حسّت بشوية راحة رغم الكلام الثقيل ده.

أخذت نفس عميق، وشكرتوا في نفسها وحمدت ربنا انوا  مش بس مجرد شخص متربي، لأ ده كمان عنده أخلاق ودين. في عيونها، احترامها له زاد وعلا في نظرها  اوي وحسيت انها في امان .


ليلى بتبص لأركان بتردد وهي بتقول بصوت هادي: "أركان... ممكن أكلم ماما؟"

أركان كان بيشوف حاجة في الموبايل القديم اللي معاه، رفع عينه ليها بسرعة وقال: "آه طبعًا، خدي كلميها." ومد إيده بالموبايل الصغير اللي شكلُه قديم، شكله كان غريب وسط التكنولوجيا اللي هما متعودين عليها، بس ده كان مقصود عشان ما يثيرش الشكوك.

ليلى أخدت الموبايل بحذر وابتدت تدوس على الأرقام بيد مرتعشة، قلبها كان بيدق بسرعة وهي مستنية الصوت اللي وحشها من اول يوم

في نفس الوقت، أركان كان بيرن على بيته، وقبل ما يردوا، عينه راحت على ليلى اللي وشها كان متوتر، بتحاول تمسك نفسها، أول ما صوت أمها طلع من الموبايل، صوتها كان مليان شوق ولهفة.

فوزية بصوت متلهف: "ليلى؟ حبيبتي، إنتي عاملة إيه؟ وحشتيني يا بنتي، طمنيني عليكي!"

ليلى بصوت متردد لكنه فرحان: "وحشتيني يا ماما... أنا كويسة والله، كله تمام."

فوزية بقلق: "طب احكيلي، إنتي مرتاحة؟ أركان عامل معاكي إيه؟ أهله كويسين معاكي؟"

ليلى سرحت لحظة وهي بتفتكر نظرات أم أركان لما شافتها أول مرة، نظرات كانت كلها أشبه بالرفض، لكن بسرعة هزت دماغها وابتسمت وهي بتكذب لأول مرة على أمها: "كويسين يا ماما، فرحانين بيا... دا حتى مامت أركان بتعتزر منك وبتقول لك ما عرفتش تيجي الفرح عشان كانت تعبانة قوي."

فوزية خدت نفس طويل وقالت: "طب والحاجة التانية..." صوتها بقى أهدى وكأنها مش عايزة تحرجها: "كل حاجة كويسة، صح؟"

ليلى حست بالخجل، حرارتها زادت وهي مش عارفة ترد، ضغطت على الموبايل في إيدها وقالت بصوت متقطع: "آه... الحمد لله، كله تمام."

فوزية حسّت بالتردد في صوت بنتها، فسألت بحذر: "بجد يا ليلى؟ أنا أمك، لو في أي حاجة قوليلي."

ليلى بسرعة ردت عشان تقطع الشكوك: "بجد يا ماما، كله تمام، متقلقيش."

فوزية رغم إنها ما اقتنعتش تمامًا، لكنها قررت ما تضغطش عليها أكتر وقالت بابتسامة دافية: "طيب حبيبتي، أنا بس كنت عايزة أطمن عليكي... أهم حاجة تكوني مرتاحة وسعيدة، إنتي بنتي وروحي، لو احتجتي أي حاجة، أنا موجودة."

ليلى دمعت عينيها بس بسرعة مسحتهم وقالت بصوت متماسك: "عارفة يا ماما... بحبك قوي."

فوزية بحنان: "وأنا كمان، ربنا يسعدك يا بنتي."

على الجانب الآخر، مكالمة أركان مع أهله

عدلي بصوت هادي وحازم: "إنت كويس؟"

أركان باختصار: "أنا تمام، كله تحت السيطرة."

فريدة بصوت قلق: "متأكد يا حبيبي؟ الأكل هناك عامل إيه؟ حد مضايقك؟"

أركان ابتسم نص ابتسامة وقال: "أنا بخير يا أمي، متقلقيش."

عدلي بصوت حاسم: "خليك مركز، متخليش حاجة تشغلك، المهمة أهم حاجة."

أركان بهدوء: "عارف."

فريدة حاولت تخفي قلقها وقالت: "خلي بالك من نفسك، ومن... مراتك."

أركان سكت لحظة قبل ما يرد: "حاضر، سلموا لي على الكل."

عدلي أنهى المكالمة بجملة قصيرة: "خليك حذر."

أركان قفل الموبايل، بص لليلى اللي كانت لسه متعلقة بمكالمة أمها، شاف الابتسامة اللي على وشها رغم عينيها اللي كان فيها لمعة غريبة.

وبعد دقائق سمعوا صوت خبطات على الباب وطبعا هم عارفين هي مين 

 بصتلهم بنظرة سريعة، وقعدت على الكنبة وهي بتقول بنبرة فيها جدية واضحة:

بطة: "اسمعوا بقى، الأكل متوفر في الفيلا، الفطار والغدا والعشا، اللي عايز ياكل ياكل، واللي مش عايز براحتُه. بس لو حبيتي تشتري حاجات وتطبخي في بيتك، ده موضوعك يا هنية، محدش هيتدخل فيه."

أركان بص لليلى اللي كانت بتسمع كلام بطة باهتمام. رغم إنها كانت مرعوبة من المهمة، لكنها كانت بتحاول تبين هدوء مصطنع.

بطة كملت: "سعيد، إنت هتشتغل مع البواب الكبير، اسمه عم على، راجل محترم وكان على المعاش، بس حب يرجع يشتغل شوية. هيعلمك شغلك، هتعرف مين بيدخل ومين بيخرج ، تسقي الزرع، وتاخد بالك من كل حركة في المكان. الراجل هيكون معاك، وهتبدلوا ورديات، ومهمتك إنك تبقى صاحي لكل تفصيلة بتحصل."

أركان (سعيد) هز راسه بإيماءة بسيطة، وهو بيحاول يظهر دور البواب الجديد باحتراف.

بطة التفتت ناحية ليلى وقالت: "وأنتِ، تعالي معايا، هتعرفي على الناس اللي جوه، هتكوني واحدة منهم، وانت كمان تعالى سعيد اعرفك على البيه كبير."

ـــــــــــــــ

الصالون الكبير في الفيلا كان مليان بهدوء ثقيل، الجو العام فيه لمسة من الرسمية، كل شيء فيه منظم بدقة، الأثاث الفخم، الأضواء الهادية، ورائحة البخور الفاخر اللي كانت مالية المكان. مجموعة من أفراد العيلة قاعدين، بعضهم بيتكلموا بهدوء، والبعض الآخر مشغول في هواتفهم. لما دخلت بطة ومعاها سعيد (أركان) وهنية (ليلى)، العيون اتلفتت ليهم.

نسرين كانت قاعدة على الكنبة بإهمال، رجل على رجل، وبمجرد ما دخل سعيد، نظرتها تغيرت. في البداية، كانت نظرة تقييم، بعدها اتحولت لحاجة أشبه بالانبهار المخفي. بصت له من فوق لتحت، تفاصيله الرجولية شدت انتباهها، لدرجة إنها لا إرادياً عضت طرف شفايفها وهي بتعدل جلستها، كأنها بتحاول تبان أكثر اهتمامًا من اللازم.

على العكس، مروان كان ليه رد فعل مختلف، أول ما شاف هنية، عنيه ضاقت وشفته ارتسمت عليها ابتسامة ماكرة، النوع اللي يخليك تعرف إن دماغه مش بريئة. بص ليها بطريقة واضحة جدًا، عيونه مليانة شهوانية وهو بيقول في نفسه: "حلو الصنف الجديد ده، أموت أنا في الملبن ده هيبقى ممتع جدًا." ابتسامة خفيفة ظهرت على وشه، وكأنه بيسرح في أفكاره الخاصة

هنية حسّت بالنظرات، حسّت بشيء من التوتر، لكنها رفعت راسها بثقة مصطنعة. أركان كان ملاحظ نظرات مروان، بس ما علّقش، كان بيتابع من بعيد، مستني يشوف هنية هتتصرف إزاي.

أما باقي العيلة، فمعظمهم مجرد رمقوهم بنظرات جانبية، زي اللي بيشوف ناس جديدة ويكمل في حاله، ما كانش عندهم اهتمام حقيقي، باستثناء واحد بس...

الحاج صلاح، كبير العيلة، كان راجل في الستينات، ملامحه قوية، نظراته حادة متفحصه، وطريقته في الكلام دايمًا مباشرة ومحددة. قعد يتأمل سعيد للحظة، وبعدها اتكلم بصوت تقيل مليان سيطرة:

الحاج صلاح: "أنت ابن أمينة، مش كده؟"

أركان (سعيد) وقف بثبات ورد باحترام: "أيوه يا حاج، الله يرحمها."

الحاج صلاح شدد على كلماته وهو بيبص له: "أمينة كانت ست شريفة ومحترمة،وظن هتبقى زيها وربت عيالها بالحلال... عشان كده أنا وافقت عليك، بس متفتكرش إن ده معناه إنك واخد الوضع هنا بالواسطة."

سكت لحظة، وبعدها كمل: "هتشتغل وتثبت إنك تستحق المكان، مشيت عدل وكسبت ثقتي، هتفضل هنا، وإلا، الباب مفتوح."

أركان (سعيد) أومأ برأسه وقال بثقة هادية: "مش هتندم يا حاج."

الحاج صلاح بص لهنية للحظة، لكنه ما قالش حاجة، مجرد نظرة عابرة، كأنه شايفها أقل أهمية من إنه يوجّه لها كلام، وبعدها التفت لبطة وقال: "عرفيهم شغلهم، وأنا مش عايز مشاكل."

بطة أومأت سريعًا، وقالت لهم بصوت واطي وهما بيخرجوا: اديكوا شفتوا وسمعتوا كل حاجه بودانكم مش عايزه ولا غلطه

خرجت هنية (ليلى) مع بطة من الصالون، وهي لسه حاسة بنظرات مروان اللي كانت بتلاحقها، لكنها طنشته ومشت ورا بطة وهي بتحاول تحافظ على ملامحها متماسكة.

مشوا في طرقة طويلة، الأرضية الرخام بتلمع تحت رجليهم، لحد ما وصلوا لباب جانبي، فتحته بطة ودخلت، وهتفت بصوتها القوي: "يا جماعة... تعالوا هنا شوية."

بعد لحظات، بدأوا الخدم يظهروا واحد ورا التاني، كل واحد فيهم كان شكله مميز، ملامحهم مختلفة، لكن كان واضح إن كلهم عندهم خبرة بالشغل هنا.

بطة بصت لـ هنية وقالت وهي بتشير لهم واحد واحد: "دول زمايلك، اللي هتشتغلي معاهم هنا، ولازم تعرفي كل واحد فيهم كويس."

أول حد اتقدم كان ست كبيرة في السن، ملامحها طيبة وعينيها مليانة حنية، اسمها "أم سعاد"، دي كانت مسؤولة عن ترتيب غرف الفيلا، وبطريقتها اللطيفة قالت: "أهلا وسهلا يا بنتي، أي حاجة تعوزيها، قوليلي."

جنبها كان واقف راجل تخين شوية، بشرته سمراء، وابتسامته واسعة، اسمه "صابر"، وده كان الطباخ الرئيسي. بص لهنية وقال بابتسامة وهو بيعدل مريوله: "يا رب تكوني بتحبي الأكل الصعيدي، هنا مفيش أكل نص نص، كله على أعلى مستوى."

بعده كان شاب نحيف، شكله أصغر من الباقيين، اسمه "محروس"، شغال كعامل نظافة ومساعد أم سعاد. ابتسم بتوتر وهو بيقول: "أنا محروس... لو احتجتي أي حاجة، قوليلي."

في الآخر كان واقف راجل ضخم، ملامحه جامدة، اسمه "عبد الحق"، وده كان مسؤول عن الأمن الداخلي للفيلا. ما تكلمش، اكتفى بهزة بسيطة من راسه وهو بيبصلها بنظرة تقييم.

بطة حركت رأسها وقالت لهنية: "دول فريقك، اتعاملي كويس، وهتلاقيهم سند ليكي."

هنية بصتلهم وهي بتحاول تحفر أساميهم في دماغها، كانت عارفة إن النجاح في المهمة دي مش هييجي بسهولة، وإن كل تفصيلة ليها أهمية.

ليلى كانت قاعدة مع بطه في المطبخ، بتحاول تلم نفسها من التوتر اللي مش سايبها، خصوصًا بعد نظرات مروان اللي كانت كأنها بتسلخها من فوق لتحت.

بطه كانت واقفة بتجهز حاجة على الرخامة، لما فجأة ليلى قالت بصوت هادي وفيه لمحة من التردد: "هو أنا ينفع أشتغل مع أم سعاد بدل ما أساعد في الطبخ؟ أنا ماليش في الحاجات دي خالص." قالتها وهي بتضحك ضحكة خفيفة عشان ما تبانش متوترة.

بطه رفعت عينيها ليها، كانت ست فاهِمة، لمحت حاجة في صوتها بس ما علقتش، بالعكس، ابتسمت وقالت: "يعني إنتي شايفة الشغل مع أم سعاد أهون؟"

ليلى بسرعة قالت: "أه طبعًا، التنضيف أسهل بكتير، وأنا شاطرة فيه."

بطه حطت إيدها على وسطها وقالت بنبرة فيها تحذير: "بصي يا بنتي، الشغل هنا مش لعب عيال، وكل واحد ليه دوره، بس لو أم سعاد وافقت، يبقى خلاص، مفيش مشكلة."

ليلى فرحت بسرعة، لكنها أخفت فرحتها، كانت عارفة إن الشغل مع أم سعاد هيخليها أقرب للأحداث، وهيساعدها تراقب اللي بيحصل، وتسمع أسرار الفيلا، وده كان هدفها من الأساس.

ليلى قامت من مكانها، وحاولت تخفي القلق اللي كان في عيونها وراء ابتسامة عريضة، وحاولت تغير الموضوع بسرعة. قالت لبطه بحماس: "بس بجد، عايزة أبدأ مع أم سعاد عشان أكسب ثقتها وأعرف كل حاجة هنا."

بطه نظرت ليها شوية كأنها مش فاهمة هي جادة ولا بتتكلم بس عشان تخلص، لكن بعد ما شافت إصرارها في عينيها، قالت بابتسامة صغيرة: "تمام، لو ده اللي أنتي شايفاه صح، بس خلي بالك من الناس اللي حوالينا، خصوصًا مروان."

ليلى كتمت نفسها وهي تسمع اسم مروان، شعرت بنبض قلبها بيتسارع، ورفعت راسها لتواجه بطه وقالت بنبرة هادئة: "مروان؟ مش هتشوفني قدامه أكتر من الازم، أنا مش عايزة أكون في دائرة اهتمامه."

بطه نظرت ليها، ورفعت حاجبها  وقالت ببساطة: "على حسب... بس خلي بالك، كل واحد هنا ليه طريقتو."

ليلى أخذت نفس عميق وحاولت تتماسك، ثم قالت بحزم: "أنا هعمل اللي عليا، بس مش هأسيب فرصة لمروان ولا لحد تاني إنه يقرب مني

بطه ردت بهدوء: "لو قدرتي تلتزمي بكلامك ده، هتبقي تمام، بس خلي بالك، الجو هنا مش سهل."

ليلى ابتسمت وقررت تخرج من المطبخ قبل ما تخلي أي لحظة تبين ضعفها. كانت هتبدأ شغلها مع أم سعاد، وده كان أفضل حل عشان تقدر تعرف أكتر عن الفيلا

 في إحدى غرف الفيلا.

دخلت ليلى الغرفة وهي تشعر بارتباك بسيط، لكنها كانت مصممة على تنفيذ الخطة. أم سعاد، الست الكبيرة اللي كانت شغالة في ترتيب الغرف، كانت مشغولة بتنظيف الغرفة. كان واضح إنها تعبت من الحمل، وعينيها كانت بتعكس تعب السنين. كانت ليلى بتشوفها وبتحاول تستجمع شجاعتها.

ليلى (بتتردد شوية ثم قالت بابتسامة دافئة): "مساء الخير يا أم سعاد، في حاجة أنا ممكن أساعدك فيها؟"

أم سعاد (بتلفت لها بابتسامة شكر، وبتريح نفسها على الكرسي): "أهلا يا بنتي، الله يخليك. أنا ومحروس بنعمل كل حاجة هنا مع بعض، لكن والله الحمل ثقيل علينا، على الأقل لو في حد يقدر يساعدنا."

ليلى (بتبتسم وتوضع يدها على قلبها وكأنها بتتأثر): "أنا ممكن أساعدك في كل حاجة، ده الشرف ليا. لو تكرمتِ، أنا ممكن أشتغل معاكي وأقسم معاكِ الغرف انا طلبت من بطه وهي قالتلي لو ام سعاد وافقت خلاص أبداه."

أم سعاد (بتحس بالراحة من العرض وابتسمت): "يا ريت والله، ده هيكون ليا شرف كبير. هنعمل تقسيم للأوض. هأخد أوضة الحاج منصور ومروان، يعني هو  في نفس الدور ده. ،وانتي هتخدي أوضة نسرين، ورغدة، وصفيه، وفؤاد وخليل."

ليلى (بتنزل رأسها شوية بحزن في قلبها لأنها كانت عايزة تاخد أوضة منصور، لكن مش هتقدر دلوقتي): "حاضر يا أم سعاد، أنا موافقة على أي تقسيم. بس لو في حاجة تانية أقدر أساعد فيها برضو، قولولي."

أم سعاد (بتبتسم وبتحط إيدها على قلبها): "يا حبيبي، أنتم زي ولادي. لو قدرتوا تساعدونا في أي حاجة، أنا مش هقدر أنسى معروفكم ده. أنا هقترح إن محروس يشتغل في الدور اللي تحت في المكاتب مع بعض، علشان نقدر نغطي الشغل كله. وهكذا نقدر نتقسم الشغل وما نتعبش زيادة."

ليلى (بتوافق بسرور وتبتسم لها): "تمام، تمام، يا ريت لو اتقسمنا كده، هنبقى مرتاحين أكتر كلنا. أنا جاهزة في أي وقت، يا أم سعاد، علشان نكمل الشغل مع بعض."

أم سعاد (بتبتسم وتشد على إيدها كأنها بتشكرها): "ربنا يكرمك يا بنتي، والله أنتِ طيبة، وان شاء الله هنبقى في الخير مع بعض."

ليلى (بتبتسم بخفة وهي عارفة إن ده أفضل حل عشان تقدر تراقب كل شيء في الفيلا): "إن شاء الله، كله تمام."

المشهد ينتهي هنا مع ابتسامة ليلى، بينما أم سعاد كانت بتريح نفسها شوية بعدما لقت مساعدة في شغلها.

ــــــــــــــــــــــــــــ

في غرفة نسرين الواسعة، كانت نسرين قاعدة على الكنبة المخملية، رجل على رجل، وبتلعب في خصلة من شعرها الذهبي، وعينيها فيها لمعة خبث. قدامها كانت رغدة أختها، مستلقية على الكنبة التانية بتقلب في موبايلها، جنبهم صفية بنت عمهم، اللي كانت ماسكة كوب عصير وبتشربه ببطء وهي بتسمع.

نسرين رفعت حاجبها وقالت بنبرة مستفزة: "مش مستغربين ازاي سعيد ده؟ يعني بالله عليكم... واحد بواب، شغال في الفيلا، المفروض واحد زيه يبقى غلبان، شكله عادي، شعره منكوش وهدومه رخيصة... مش واحد بالجمال ده!"

رغدة من غير ما تبص لها، ردت ببرود: "عادي يا نسرين، في ناس حلوين حتى لو فقرا."

نسرين ضربت كفها في الكنبة بضيق: "لا مش عادي! ده لو قالولي ده موديل عالمي مش هكذب! يعني عيونه، طريقته، مشيته... الولد ده مش طبيعي!"

صفية ضحكت ضحكة خفيفة وقالت: "على أساس إنك وقعتيله من أول نظرة؟"

نسرين رفعت عينيها بحدة: "وقعتله إيه بس؟ بس مستغربة! واحد زيه يتجوز واحدة زي دي؟ يعني بصوا لها... عادية، ملهاش أي حاجة مميزة، طرحه وعبايه مهلهله، لبسها أي كلام، حتى طريقتها في الكلام ملهاش ثقة! إزاي سعيد يبص لواحدة كده؟"

رغدة أخيرًا رفعت عينيها من الموبايل وقالت وهي بتبتسم بسخرية: "ومين قال إنه بص لها؟ مش يمكن هو متجوزها لغرض معين؟"

نسرين فكرت شوية، وبعدها ابتسمت بخبث وهي بتقول: "ممكن... وده اللي هيخلي الموضوع ممتع أكتر، لازم نعرف الحكاية، وأكيد هعرف هو مين بالضبط!"

صفية اتكأت لقدام وهي مبتسمة: "وإيه خطتك؟"

نسرين رفعت كوب العصير بتاعها ورشفت منه بهدوء، عيونها فيها لمعة تحدي: "استنوا وشوفوا!"

رغدة رفعت حاجبها وهي بتبص لنسرين بسخرية: "نسرين، انتي ناوية تعملي إيه بالضبط؟ هتجري وراه؟"

نسرين ضحكت وهي بتمط شفافيها: "أنا أجري ورا بواب؟! لا حبيبتي، بس لازم أفهم هو إيه حكايته...اي الجمال ده كله، وكمان الجواز ازاى اتجوز وحده زي دي! حاجات كتير مش راكبة على بعضها."

رغدة هزت راسها وقالت: "نسرين، يمكن انتي بتفكري زيادة في الموضوع؟"

نسرين رفعت كوباية العصير بتاعتها وهي بتبص فيها، وبعدين همست بابتسامة خفيفة: "وإيه يعني لو فكرت؟ لما حاجة تشدني، لازم أعرف كل حاجة عنها... وسعيد شدني، أو يمكن... مش سعيد اللي شدني، لكن فكرته."

صفية ضيقت عيونها وهي بتقول بدهاء: "قصدي إنك مش هتسبيه في حاله؟"

نسرين ابتسمت بثقة وقالت: "وهو مين قال إنه عايش في حاله أصلاً؟ يا بنات، الدنيا لعبة، وأنا بحب ألاعب!"

رغدة زفرت بسخرية وهي بترجع للموبايل بتاعها: "يا ساتر، سعيد الله يكون في عونه!"

نسرين لمعت عيونها وهي بتقرب من رغدة وصفية وهمست بحماس: "وإنتوا هتشوفوا، حاجات كتير لسه هتحصل

ـــــــــــــــــــــــ

في ركن هادئ عند بوابة الرئيسيه حيث جلس سعيد مع عبد الحق بعيدًا عن الأنظار. عبد الحق رجل قوي، يظهر عليه الحكمة والمراس من سنين طويلة في العمل داخل هذه الفيلا. سعيد، وهو بيحاول يدخل نفسه في اللعبه ما هو مش جاي عشان يبقى مجرد بواب قرر أن يفتح معه الموضوع.

سعيد: 

"لو سمحت، ياعبد الحق... أنا مش عايز أكون مجرد بواب. عايز أكون أكتر من كده... عايز أأمن مستقبلي أنا ومراتي... عايز أكون جزء من شغل أكبر في الفيلا دي."

عبد الحق يلتفت إليه، عينيه مليئة بالخبرة والمكر. يعكس وجهه الثقة والرؤية العميقة عن كل ما يحدث حوله في الفيلا.

عبد الحق:

"أنت ولد ذكي يا سعيد... بس عايز أقولك حاجة... لو عايز توصل لأبعد من كده، لازم تعرف كويس الناس اللي حواليك هنا. خليل وفؤاد، ولاد منصور، دي ناس مش ساهلة. مش بس لأنهم أولاد صاحب المكان... لكن لأنهم بيحاولوا دايمًا يظهروا أنهم مش محتاجين لحد تاني. وده عشان يثبتوا إنهم هم اللي لازم يديروا كل حاجة هنا."

سعيد بحذر:

"يعني هم مش هيقبلوا حد يتدخل في شغلهم؟"

عبد الحق:

"هم مش هيسكتوا بسهولة... وخصوصًا لو شافوك بتتحرك بسرعة. بس في نفس الوقت، لو قدرت تكسب ثقة منصور، هتكون ذراع منصور اليمين. هتبقى في قلب اللعبة دي، وتقدر تضمن مستقبلك ومستقبل عيالك. هو دايمًا بيحب الناس الذكية اللي دماغها شغالة. لو لاحظ إنك عندك عقلية فريده ودماغ حلوه ونظيفه، هتكون عنده في الصدارة."

سعيد:

"وأنا أعمل إيه عشان أكسب ثقته؟"

عبد الحق:

"خلّي بالك... منصور مش بس بيعتمد على أولاده وأحفاده... هو بيعتبرهم ذراعه اليمين، بس دايمًا في حاجة بتسحب الزمام منهم. هو  أسراره تكمل مع اللي يقدروا يحافظوا عليها... لو عرفوا إنك فاهم اللعبة دي، هتكون أكتر من مجرد خادم عنده. هتكون زي النجوم اللي بتلمع... وهتبدأ تبقى جزء من اللعبة الحقيقية."

سعيد:بنبرة حاسمة

"أنا هثبت له إني أستاهل ثقته. هكون ذراعه اليمين، ومش هسيب الفرصة تفوت."

عبد الحق يبتسم بخبث، عينيه تكشفان عن إعجابه بذكاء سعيد، لكنه كان حذرًا.

عبد الحق:

"خليك ذكي في خطواتك. مش أي حركة هتعدي هنا. وكن جاهز دايمًا، لأنه مش كل حاجة هتكون تحت إيدك... لكن لو لقيت نفسك في مكانة أعلى، هتكون مفيش حاجة توقفك."

سعيد:

بحذر

"عبد الحق... أنا عايز أعرف إزاي أقدر أكسب ثقة منصور. مش عايز أكون بس واحد في الخلفية، أنا عايز أكون جزء من اللعبة دي. إزاي أقدر أخليه يثق فيّ؟"

عبد الحق ينظر إليه بتمعن، ثم يتنهد ببطء، عينيه تبدو كأنها تقرأ في أعماق سعيد.

عبد الحق:

"أول حاجة يا سعيد... منصور مش زي أي شخص تاني. هو مش بيحب الحركات الزايدة أو التظاهر. هو بيحب الناس اللي عندهم عقل شغال ويفهموا اللعبة من جوه. مش عايزك تبين له إنك بتجري وراء منصب أو شغل، هو هيشوف ده كأنه طمع، وهيبعد عنك. لكن لو أثبتله إنك جاي عشان تحافظ على مكانك وتبني ثقة، ده اللي هينجح."

سعيد:

"يعني، عايزني أكون هادي وما أظهرش حاجات قدام منه؟"

عبد الحق:

"بالضبط. لكن ده مش معناه إنك تكون ضعيف. منصور بيحب الناس اللي بيدوروا وبيشتغلوا في الخفاء، بس عارفين إزاي يطلعوا في الوقت المناسب. خليهم يلاحظوك وإنت بتعمل شغلك بإتقان، وإنك ما بتحاولش تبين إنك عايز حاجة أكتر. ده اللي هيخليه يحترمك."

عبد الحق يتوقف للحظة، يلاحظ تعبير وجه سعيد ويكمل حديثه بنبرة أكثر جدية.

عبد الحق:

"وبعدين، منصور عنده شيء واحد بيقدره أكتر من أي شيء تاني... الولاء. لو كنت مخلص في شغلك، وعرفت تحافظ على سمعته، وتحمي أسراره، هتلاقيه بيراعي لك كل شيء. بس مش هيوثق فيك بسهولة، لازم تثبت له إنه يستاهل يديك الفرصة."

سعيد: بحماس

"أنا مستعد، عبد الحق. هثبت له إني مخلص وهأخذ كل فرصة أقدر عليها. إزاي أبدأ؟"

عبد الحق:

مبتسم ابتسامة نصفية

"أنت بالفعل بدأت... بس خليك دايمًا في الخلفية لحد ما تلاقي الفرصة المناسبة. خلي منصور يلاحظ إنك شخص بيفهم ويعرف يعمل كل حاجة بكفاءة. وفي الوقت المناسب، هتكون ذراعه اليمين. وده لو قدرت تحافظ على ده، هتلاقي نفسك مش مجرد موظف عنده، هتكون جزء من قوته."

سعيد يبتسم بتصميم، عينيه تتوقدان عزمًا. فهم أن الطريق طويل، لكنه مستعد للخطوات القادمة.

سعيد:

"أنا هشتغل على كده. مش هخلي الفرصة تفوتني."

عبد الحق يربت على كتفه، بينما ينظر إلى الأفق وكأن رؤيته المستقبلية تتسع لأبعاد أكبر.

عبد الحق:

"إذا قدرت تكسب ثقته، مش بس هتبني مستقبلك... هتقدر تسيطر على كل حاجة حواليك."

سعيد ينظر إلى عبد الحق بتصميم، ويبدأ في التفكير في الخطوات التالية التي يجب أن يتخذها ليكسب مكانه داخل هذا العالم المعقد 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

في الصالون

نسرين كانت جالسة على الكنبة، وبجانبها رغدة و صفيه. كانوا بيضحكوا مع بعض، وعينيهم على هنيه اللي كانت بتعدي قدامهم. فجأة، نسرين نظرت ليها باستخفاف وسخرية وقالت بصوت متعالي : "أنا مش مستغربة، والله. الحاجه الوحيدة اللي مش قادر أفهمها هي ازاي واحد زي القمر يتجوز واحدة زيك؟ احكيلي كده."

تلتفت نسرين إلى رغدة وصفيه، وتضحك بطريقة غير مباشرة، وكأنها بتستفز هنيه. ثم تنظر لها مرة تانية، وتكمل بنبرة ساخرة.

نسرين:

"احكي لنا كده... إزاي اتجوزتي سعيد؟ إزاي الجواز حصل؟"

ليلى، رغم السخرية في كلمات نسرين، تبتسم وتظل مبتعدة عن الانفعال وتبقى هادئة وترد بابتسامة خفيفة، وعيونها مليئة بالمرح.

ليلى:

بابتسامة مرحة وهادئة حاولت تبان طبيعية وقالت مبتسمة: "والله سعيد ده كل البنات هتموت عليه. أنا ذات نفسي كنت بقول كده زي ما انت بتقولي اتجوزني انا على خيبت ايه بس عشان الأصول والتقاليد ما انت عارفه بقى الواد لبنت عمه "

نسرين: بدهشة ورافعه حاجبها

"إيه ده؟! هو سعيد ابن عمك؟!"

هنيه أومأت برأسها بحركة عفوية وهي مبتسمة

هنيه: بمرح وعفوية

"أيوه، ابن عمي ... لسه متجوزين من قريب، ما بقى لناش سنة... يعتبر عرسان جداد لو تحبوا اوريكم البوم الصور بتاعي 

نسرين باستعلاء: في وقت تاني دلوقتي روحي كملي شغلك اللي كنت بتعمليه كانها قصدى تبين لهنيه انها مجرد خدامه

 رغم كده ليلى بكل مهنيه واحترام اطلع حاضر ومشيت

 ليلي لنفسها شكل الايام اللي جايه مش هتبقى سهله خالص مش عارفه هلاقيها من مروان ده واللي من دول هما كمان

البارت الرابع 

بعد يوم طويل، فضلت ليلى شغالة في التنظيف، بتلمع الأرض وتمسح التراب، وتحاول تبان على طبيعتها قدام باقي الخدم، في حين إن أركان كان مشغول بفتح الباب وقفله كل شوية، عمال يراقب الناس اللي داخلة و خارجة، بيدرس كل حركة، ويفكر هيزرع نفسه وسطهم إزاي عشان يعرف كل كبيرة وصغيرة عن العصابة.

في أوضة النوم البسيطة اللي مخصصينها لهم، ليلى كانت قاعدة على السرير بتتكلم بحماس، بتحكي لأركان اللي حصل طول اليوم، عن الست اللي كانت بتزعق لها عشان سابت بقعة مية على الأرض، وعن الراجل اللي سألها عن أكل النهاردة كأنها شغالة عنده بقالها سنين.

ليلى وهي بتتكلم كانت متحمسة، بس أركان كان قاعد ساكت، إيده متشابكة، وعينه متعلقة بالسقف، سامعها بس مش مركز، مستني أي كلمة ممكن تكون مفيدة للمهمة، لكن من وجهة نظره كل اللي بتقوله مالوش أي قيمة.

وفجأة، وهو بيمسح إيده على وشه، لمح ظل حد واقف عند الشباك، ملامحه ما كانتش واضحة بسبب العتمة، بس الحركة كانت واضحة جدًا. بسرعة شاور لليلى على بُقه بمعنى تسكت. ليلى سكتت فورًا، قلبها دق بسرعة، عيونها اتسعت بخوف.

أركان رفع إيده وفتح الشباك فجأة، ولقي نسرين واقفة بتبص عليهم بعيون مليانة فضول، اتلبخت لما شافته، لكنها بسرعة رسمت ابتسامة مصطنعة وقالت بصوت ناعم:

نسرين: "كنت بسأل لو محتاجين حاجة!"

أركان رفع حواجبه، وقرب منها شوية وهو بيحاول يخفي نبرة السخرية:

أركان: "وأنتِ بقالك قد إيه بتسألي؟"

نسرين ابتسمت ابتسامة مغلولة وهي بتعدل طرحتها:

نسرين: "يا راجل ده أنا لسه واقفة حالًا!"

أركان ابتسم ببرود وهو بيقفل الشباك بهدوء، ثم بص ليلى وقال بصوت منخفض:

أركان: "شكلنا مش لوحدنا هنا أبدًا، خلي بالك وإحنا بنتكلم."

ليلى بلعت ريقها وهزت رأسها بالموافقة، لكنها كانت متأكدة إن نسرين ما وقفتش عند الشباك دي بالصدفة...

لفه نسرين وخبطت على الباب 

أركان فتح الباب بهدوء بص لنسرين بنظرة حادة، لكنها بسرعة رسمت ابتسامة واسعة كأنها مش عاملة حاجة غلط.

نسرين: "أنا كنت بس جاية أسأل لو محتاجين حاجة... وبالمرة كنت عايزة أشوف ألبوم فرحك يا هنية، أكيد عندك صور حلوة، مش كده؟"

ليلى  بصت لأركان كأنها بتستنجد بيه، لكنه فضل ساكت، عارف إنهم لازم يفضلوا في الدور وما يثيروش أي شكوك.

ليلى بابتسامة متوترة: "آه طبعًا... بس هو بسيط يعني، مش حاجة واو."

نسرين ضحكت ضحكة خفيفة وقالت: "ولا يهمك، تعالي معايا أنا ورغدة وصفية، نقعد مع بعض شوية."

أركان رفع حاجبه، كان عارف إن الموضوع مش مجرد فضول بريء، بس اضطر يوافق بإيماءة بسيطة لليلى، اللي وقفت بتردد ومسحت إيدها في هدومها بتوتر.

لما دخلت ليلى الأوضة الفخمة اللي كانوا قاعدين فيها، أول ما شافتها رغدة وصفيه بدأوا يرمقوها بنظرات متعالية.

رغدة بابتسامة صفراء: "ياه... العروسة وصلت! بصراحة يا هنية، أول مرة أشوف خدامة تعمل فرح، كان عامل إزاي بقى؟ فين المكان؟ فوق السطوح ولا في حوش البيت؟"

ضحكوا كلهم بصوت عالي، وليلى حسّت بإهانة شديدة، بس حاولت تتمالك نفسها.

صفية بتريقة: "وأكيد الفستان كان من سوق الجمعة، ولا لبستي اللي كنتي بتخدمي بيه وزودتي طرحة؟"

نسرين بضحكة جانبية: "لا يا بنتي، أكيد فستانها كان مميز، يمكن كان فيه تطريز كده من اللي بنشوفه على المفارش!"

ضحكوا تاني، وليلى حسّت عينيها بتدمع، لكنها بلعت غصتها، مش هتبين ضعفها قدامهم.

وفجأة الباب اتفتح بعنف، وصوت ست غاضب ملأ المكان:

"إنتوا إزاي قاعدين مع خدامة؟! دي مش من مستواكم!"

كانت صباح، والدة رغدة، كانت واقفة وعينيها مليانة استحقار وهي بتبص لليلى، ونوال، والدة صفية، كانت جنبها بنفس النظرة.

ليلى حسّت إنها مش قادرة تتنفس للحظة، قلبها كان بيدق بسرعة، لكنها قررت تفضل ثابتة... مهما حصل، هي مش هتضعف قدامهم!

صباح واقفة قدام ليلى، باستعلاء واضح في نبرة صوتها، قالت:

" انزلي يا بنت شوفي وراكي إيه تحت."

ليلى، في قلبها خايفة، حست بقشعريرة، لكن حاولت تسيطر على نفسها. ابتسمت بس ابتسامة متوترة، نزلت ببطء، شايلة ألبوم الصور في حضنها، وكل خطوة كانت بتزيد من وزن الهم اللي على قلبها. الدمعة كانت قريبة، بس قبل ما تنزل، مسحت دموعها بسرعة.

ما كانتش عايزة تبين لأي حد إنها متأثرة، خصوصًا قدامهم. لما وصلت لتحت، شافت أركان واقف، كان واقف زي ما هو دايمًا، بارد، لكن النهاردة كان فيه حاجة في عينيه خلتها تحس إنه لاحظ حاجة. بس نظراته كانت مليانة تساؤل، يمكن حس إن في حاجة مش مظبوطة، بس ما قالش حاجة.

في اللحظة دي، ليلى كانت مش قادرة تتحكم في دموعها، بس حاولت تبين إني هي مش مهتمة بكل ده، ومش هتسمح لأحد يشوف ضعفها. قررت تواصل المشي، دخلت الأوضة ونامت على السرير، اتنهدت بعمق عشان تحاول تهدى.

اثناء ليلي وهي ماشية في الجنينة، مروان شفها من بعيد بيقول بنبرة مليانة وقاحة:

"أفضلك بس يا قمر، ومش هحلك."

طاهر لاحظ مروان بيبص لحد، فسأله وهو بيرفع حاجبه بشك:"مين دي؟"

مروان غمز بطريقته المعروفة وقال بابتسامة متعجرفة:"البت الخدامة الجديدة."

سليم ضحك بصوت واضح وقال وهو بيهز راسه:

"يا ابني حرام عليك، انت طفشتهم كلهم، ارحم نفسك وارحمنا."

مروان كان قاعد بمزاج رايق، شارد بعينيه كأنه بيستمتع بفكرته، وقال وهو بيتنهد وكأنه بيتكلم عن شيء مقدس:

"الستات دي كيف زي الهوا كده، انت تقدر تعيش من غير هوا؟"

سليم ضحك أكتر وهز راسه:

"لا طبعًا، ازاي!"

مروان ضحك بخبث، وبعدها رجع لطبعه المستهتر وهو بيقول:

"نفس المبدا بالظبط جبت الستات في الشقة يا عادل."

عادل، قال رسول بشهوه وهو بيعدل وضعه:

"جاهزين، أربع ستات فورتيك على الفرازة."

مروان قعد يضحك ضحكته المستفزة وقال وهو بيبص لعادل بنظرة كلها استمتاع:

"أحبك وانت مدلعني يلا بينا " 

ــــــــــــــــــــــــــ

في الطابق العلوي، وقفت صفية عند الشباك، عينيها مليانة غضب وهي بتراقب المشهد اللي تحت. مروان كان ماشي قدامها بثقة، وبيركب العربيه هو والشباب كلها 

صوتها كان عالي وهي بتزعق:

"شوفي ابنك الصايع يا مرات عمي! واخدهم أهودي، وتلاقيهم رايحين على الشقة بتاعته اللي بيعمل فيها كل حاجة وحشه وكر لكل البلاوي! أنا مش فاهمة إزاي جدي ساكت لهم!"

صباح كانت قاعدة على الكرسي الهزاز، رجل على رجل، وبضحكة خفيفة كلها لا مبالاة، ردت وهي بتشرب قهوتها:

"شباب يا بنتي، وبيعشوا لهم يومين."

صفية اتنفضت، حركت إيديها بتوتر، ملامحها كانت متشنجة وهي بتقول بحدة:

"يومين إيه يا مرات عمي؟ ده قرف وحرام! أنا مش عارفة إزاي ما عندهمش دم، ولا حتى اللي المفروض هتجوزوا، مهما أقول ومهما أمنعه، بيعمل اللي في دماغه بردو ولا ولا كاني فارقه معه!"

نوال كانت قاعدة جنب صباح، عدلت الإيشارب بتاعها بهدوء وقالت بصوت بارد:

"يا بنتي الرجالة دي أكتر صنف عندي، أي حاجة تقولي له عليها لا، هيروح يعملها. كبّري دماغك، ده يومين وهيبطل. أول ما هيتجوزك، ربنا هيهديه."

صفية شهقت بصدمة، حركت إيديها بعصبية، وصرخت وهي تبص لهم وكأنهم مخلوقات غريبة:

"أنا مش فاهمة إزاي بتفكروا بالسلبية دي!"

بصت ناحية رغدة ونسرين، عينيها مليانة رجاء:

"ما تتكلموا! ما تقولوا حاجة! ولا أنتم راضيين عن الوضع؟"

نسرين هزت كتفها بلا مبالاة، وعملت حركة بشفايفها كأنها بتقول "وأنا مالي؟". كانت قاعدة على الكنبة بتلعب في موبايلها، كأن الكلام ده مش يخصها.

أما رغدة فكانت غارقة في التفكير، صوتها طلع أخيرًا، لكنه كان محمل بخيبة الأمل:

"أنا وجعت قلبي كتير مع أخوكي، وهو ماشي مع أخويا البايظ ومبوظه."

صباح فجأة صوتها علي وهي بتزعق:

"بس يا بنت! ما تقوليش على أخوكي كده!"

رغدة زفرت بضيق، عينيها فيها مرارة:

"أهو دلعك ده هو اللي مبوظ ومخليه يعمل اللي بيعمله ده!"

صباح رفعت حاجبها، ضربت رغدة بكف إيديها على كتفها بخفة، لكنها كانت نظرة تهديد:

"ما تعليش صوتك عليا، وبعدين إحنا مش في قعدة وعظ. الرجالة كده، بمزاجك وغصب عنك انت هتتجوزي سليم وصفيه هتتجوز عادل وطاهر هيتجوز نسرين ومروان نبقى نشوف له عروسه بنت ناس برده."

نسرين كانت قاعدة على الكنبة بإهمال، رجل فوق رجل، وعينيها فيها تحدي واضح، مسكت كوب العصير اللي قدامها ورجته ببطء، قبل ما ترفع حاجبها بسخرية وهي بتقول:

"أنا قلت مية مرة… أنا مش هتجوز طاهر طب رغده بتحب سليم وصفية بتحب عادل انا مش بحب طاهر".

صباح كانت قاعدة على الكرسي الهزاز، إيدها متشابكة قدامها، نظرتها كانت ثابتة على نسرين وكأنها بتفكر إزاي تسيطر عليها، صوتها طلع هادي لكنه كان محمل بحدة واضحة:

"بس طاهر بيحبك! مش مهم انتِ بتحبيه ولا لأ."

نسرين ضحكت بسخرية، رمت الكوباية على الترابيزة بحدة، ومالت بجسمها لقدام وهي بتبصلها بتحدي، صوتها كان مليان عناد وهي بترد:

"وده اسمه إيه بقى؟ جواز بالإجبار؟"

نوال كانت قاعدة جنب صباح  عينيها كانت كلها جبروت، رفعت كف إيدها بإشارة تحذير وهي بتتكلم بصوت منخفض لكنه كان قاطع:

"اللي جدكم هيقول عليه هو اللي هيحصل… مفيش حاجة بمزاجكم، انتوا مش مخيرين!"

نسرين بصتلهم بعدم اهتمام، سحبت نفس عميق ونفخته بكسل، قبل ما تقوم من مكانها وتعدل هدومها:

"أنا مش عيلة عشان حد يفرض عليَّ حاجة، واللي في دماغي هو اللي هيحصل."

صباح وقفت فجأة، الكرسي الهزاز اتحرك وراه بقوة مع حركتها، عينيها كانت بتلمع بغضب وهي بتوجه كلامها لنسرين:

"أوعي تكوني فاكرة إنك أقوى مني! اللي هيحصل، هيحصل، سواء برضاك أو غصب عنك."

نسرين بصتلها نظرة كلها برود، قبل ما ترفع حاجبها تاني، وضحكة خفيفة تلعب على شفايفها:

"هنشوف مين اللي هيكسب في الآخر."

وسابتهم وخرجت، وهي عارفة إنها أشعلت نار مش هتنطفي بسهولة.

ــــــــــــــــــــــ

في الغرفة اركان وليلى اللي نورها خافت، كان أركان بس فجأة حس بحركة خفيفة جنبه.

ليلى 

بهدوء، زحفت ناحية أركان، كأنها بشكل لا واعي بتدور على أي أمان وسط دوامة التعب والوجع اللي جواها. راسها استندت على كتفه برفق، نفسها كان منتظم لكنه تقيل، كأنها كانت بتقاوم البكاء طول الليل، وجسمها كان واضح عليه الإرهاق.

أركان حس بيها، عينيه فتحت ببطء، مش باندهاش، لأنه تقريبًا بقى متوقع ده، بص ليها بطرف عينه، ملامحها في النور الخافت كانت باينة عليها الإنهاك، والوجع اللي مكانش محتاج كلام عشان يتقال.

عادته دايمًا إنه لو حس بحركة بيصحى، ينبه نفسه، يبقى في حالة استعداد، بس المرة دي سابها.

مكنش رومانسي، مكنش حتى تعاطف صريح، كان مجرد لحظة فهم، لحظة إدراك إنه مش لازم يقول حاجة أو يعمل حاجة، يكفي بس إنه ميتحركش، ميسحبش نفسه بعيد، ميسيبهاش تحس إنها لوحدها أكتر ما هي حاسة.

غمض عينيه تاني، نفس عميق خرج منه، وقرر إنه لو ده هيديها إحساس بالأمان ولو للحظة، فهو مش هياخده منها.

ــــــــــــــــــــــ

صباح يوم جديد على الجميع

ليلى فتحت عينيها ببطء، دماغها لسه تقيلة من النوم، بس فجأة استوعبت الوضعية اللي هي فيها… نفس المكان، نفس الوضع، نفس القرب اللي كان المفروض ميحصلش تاني، بس حصل.

عينيها اتسعت بسرعة، وقلبها دق بقوة وهي بتبعد نفسها بسرعة، تحاول تلم نفسها كأنها كانت عاملة كارثة. أركان كان لسه مغمض عينيه، بس واضح إنه حاسس بالحركة، نفس عميق خرج منه وهو بيفتح عينه ببطء، نظرة واحدة ليها كانت كفاية عشان يفهم إنها في قمة الإحراج.

ليلى بارتباك، وهي بتشد الغطا على نفسها كأنها بتحاول تخفي نفسها فيه:

– والله غصب عني… السرير ضيق وتقريبًا دي حركات تلقائية فيَّا، أنا أصلًا حتى لو كنت في بيتنا كنت بحضن المخدة، بس زي ما انت شايف… ما فيش مخدة عشان أحضنها.

حاولت تضحك ضحكة متوترة وهي بتحاول تبرر، بس صوتها كان مهزوز، مش قادرة تبص في عينه حتى.

أركان قعد على السرير بكسل وهو بيعدل وضعه، نظرته كانت هادية وفيها لمعة خفيفة، ابتسامة جانبية ظهرت على شفايفه وهو بيقول بمرح:

– فبتحضنيني أنا بدل المخدة يعني؟

ليلى شهقت وهي بتحمر، بسرعة نطت من على السرير وهي بتلخبط في كلامها:

– لااااا! مش قصدي كده… أنا… أنا كنت نايمة وخلاص… مش بإيدي والله!

أركان ضحك ضحكة خفيفة وهو بيهز راسه:

– عارف… بس شكلك لسه متعودة على الوضع ده، يا ترى إمتى بقى هتبطلي العادة دي؟

ليلى وقفت عند الباب وهي بتحاول تلاقي رد مناسب، بس عقلها كان متوقف تمامًا، ملامحها مشحونة بالخجل، وفي الآخر قالت بسرعة:

– أنا… أنا هروح أشوف ورايا إيه.

وطلعت بسرعة وهي بتداري وشها، سابت أركان وراه بيهز راسه بابتسامة خفيفة، شافها خجولة للمرة الأولى بالشكل ده، ودا شيء غريب… بس مش سيئ.

ــــــــــــــــــــــــــــ

كانت السفرة مليانة بأصناف الأكل، ورغم الدفء الظاهري في الجو، كان فيه توتر واضح. صباح وهي بترمي نظرة جانبية لنسرين، كانت بتقصد تضايقها، ابتسامة خفيفة على طرف شفايفها وهي بتتكلم بصوت ناعم لكنه يحمل خبث:

– بقولك إيه يا بابا… إحنا عايزين نفرح بقى، أنا شايفة إن ده الوقت المناسب… عايزة أشيل أحفادي، مش كفاية اللي استنينا!

صلاح وهو بيهز رأسه ببطء، صوته كان تقيل وكأنه بيصدر قرار:

– فكرة مناسبة… ولا إيه رأيكم يا شباب؟

كل الأصوات جاوبت في وقت واحد، كأنهم حفظوا الرد:

– اللي تشوفيه يا جدو.

كلهم… إلا نسرين.

نسرين كانت قاعدة بملامح متوترة، دقات قلبها عليت، وإيدها شالت المعلقة من الطبق ببطء. خدت نفس عميق، بس قررت تقولها:

– لا… أنا مش موافقة.

المكان كله سكت… الكل بص لها كأنها عملت كارثة.

مخلد جدها رفع عينه ليها، ووشه اتقلب في لحظة، عروقه نبضت على جبينه، ومع أول رعشة غضب في صوته، المكان كله اتكهرب:

– إنتِ إزاي تقدري تردي عليا؟! إزاي صوتك يطلع قدامي؟!

صوته انفجر في المكان زي الرعد، قلب السفرة بالكامل، الأكواب اهتزت، وحتى الملاعق سكتت وسط الأطباق. كل اللي قاعدين بقوا في حالة ذهول، محدش نطق.

نسرين خدت خطوة للخلف لا إرادياً، وشها بقى شاحب، بس نظرتها فضلت ثابتة رغم أنفاسها المرتبكة.

مخلد ضرب بكفه على الطاولة بقوة، الطبق اللي قدامه اتحرك، وصوته نزل زي المطرقة:

– اعتراض إيه؟! القرار اتاخد… والفرح الخميس الجاي!

سكت لحظة وهو بيحدق فيها بنظرة تخلي الدم يتجمد في العروق:

– واسمع صوتك تاني… بس مش اعتراض!

كل اللي قاعدين حسوا بالقشعريرة، نسرين ابتلعت ريقها بصعوبة، بس كان واضح إنها مش قادرة ترد… مش قادرة حتى تتنفس.

وبعد ما مشي الجد 

نسرين سابت السفرة ودموعها على خدها، قلبها كان بيدق بسرعة وهي بتجري على أوضتها، مش قادرة تستوعب اللي حصل، مش قادرة تصدق إن حياتها بتتحدد في لحظة بدون ما يكون ليها أي رأي.

طاهر كان متابعها بنظرة مكسورة، إيده اللي كانت مسنودة على الطاولة قبضت عليها بقوة، كان زعلان… زعلان عليها، وزعلان على نفسه، لأنه رغم كل حاجة، بيحبها… وهي ما بتبادلهش أي مشاعر.

بعد ما الجد مشي، فضل الصمت لحظة تقيلة، قبل ما صفية تبص لمراة عمها بعتاب، صوتها كان هادي بس فيه نبرة اعتراض واضحة:

– ليه كده يعني؟

صباح رفعت حاجبها باستخفاف وهي بتاخد رشفة من كوب الشاي اللي قدامها، نبرتها باردة:

– هو أنا اللي كنت قلت لها تعترض على قرار جدها؟!

رغدة حطت إيدها على الطاولة وهي بتبص لصباح بعدم رضا:

– أنتِ قصدك تستفزيها عشان هي اعترضت امبارح… كنتِ تستني فترة وبعدين تفتحي الموضوع، مش على الحامي كده!

نوال ضحكت ضحكة قصيرة وهي بتحط معلقتها بهدوء، نظرتها فيها خبث واضح:

– حلاوتها وهي على الحامي! وبعدين كفاية كده… ده الوقت المناسب عشان تتجوزوا، هو أنتوا هتقعدوا لما توصلوا للتلاتينات؟!

صمت لحظة… قبل ما تضيف بنبرة واثقة وهي بتقلب عينيها على البنات:

– اللي في دماغ جدكم هو اللي هيحصل، وكل واحدة فيكم تعرف مكانها كويس، مش مستني رأي من حد!

الجو كان خانق، كله ساكت… بس الصمت كان بيتكلم أكتر من الكلام نفسه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 في المطبخ 

المطبخ كان مليان حركة… الأطباق بتتوضب، الشاي بيتصب، والخدم قاعدين على طبلية صغيرة في ركن المطبخ، بيحاولوا يفطروا بسرعة قبل ما حد ينادي عليهم. الجو كان عادي… لحد ما فجأة صوت الجد هز المكان، صوته كان عالي بشكل مرعب، وكأن البيت نفسه اهتز من العصبية اللي فيه.

ليلى كانت لسه بتحاول تبلع لقمة العيش اللي في بقها، لكن أول ما سمعت الصوت انتفضت، اللقمة وقفت في زورها، قلبها دق بسرعة، وبصت حواليها بخوف واستغراب.

ليلى (بتوتر وهي تبص للي حواليها): إيه اللي بيحصل بره؟!

بطه وهي بتقوم من على الاكل :دا شكلها القيامة قامت… حد عصّبه ولا إيه؟

أم سعاد (وهي تمسح إيديها في مريولها وتهز راسها بيأس): محتاج حد يعصّبه؟! هو من غير حاجة عصبي!

محروس (وهو يبلع ريقه بخوف، ويبص للباب وكأنه متوقع أي حد يدخل ويزعق فيهم): ربنا يستر… العصبية دي غالبًا هتنزل علينا إحنا في الآخر!

صابر (بمرح وهو بيرفع الحلة الصغيرة اللي قدامه ويغمز لليلى): أهو اديك شفتي بعينك، عشان بعد كده تبقي تفكري ألف مرة قبل ما تزعليه!

ليلى (بترمش مرتين، ولسه مش مستوعبة الفوضى اللي برا): دا شكله مرعب أوي… الناس هنا بتستحمل العصبية دي إزاي؟

محروس (وهو يضحك بسخرية): محدش بيستحمل… إحنا بنتعايش!

بطه رفعت رأسها، ونظرت لهم نظرة حادة. كانت بتوجه الكلام، ومفيش مكان لأي تهاون أو تقصير.

بطخ (بصوت حاد): النهاردة كل واحد يخلي باله من شغله كويس قوي، مش عايزة أي غلطة، لو في الأيام العادية بتخلوا بالكم من شغلكم وتلتزموا بكل حاجة بنسبة 100%، النهاردة التزموا بنسبة 110%. مش عايزة ولا غلطة عشان ما يحطوش غلبهم فينا.

كل اللي حواليها كانوا مستمعين بتركيز، عارفين إن أي خطأ صغير ممكن يكلفهم كتير.

بطه (تكمل بجدية): كل واحد على شغله، مش عايزة كسل النهاردة خالص، لازم يكون الكل في قمة الانتباه والتركيز. فاهمين؟

الكل كده، اللي بيمسح، اللي بيطبخ، اللي بترتب، عارفين إن أي تقصير مش هيتحمل في اليوم ده. فكل واحد فيهم بدأ يحس بمسؤولية أكتر، وفي نفس الوقت كان في توتر في الجو.

بعد ما خلصت كلامها، الكل بدأ يروح كل واحد لشغله، ولكن كان واضح إن الجو في المكان كان مليان بالقلق والتركيز الشديد على التفاصيل.

ـــــــــــــــــــــــ

 في أوضة نسرين

كانت الأوضة شبه مقلوبة… الكرسي واقع، المخدة مترمية على الأرض، والتسريحة مبهدلة، وكأن إعصار عدى منها. نسرين كانت واقفة قدام الشباك، كتافها مرفوعة، نفسها سريع، ودموعها بتنزل وهي مش قادرة تمسحها… كانت بتغلي، حرفيًا هتولع من الغضب.

دخلت صفيه ورغدة بسرعة، قفلوا الباب وراهُم، نظراتهم كانت مليانة توتر، عارفين إن الليلة سودا.

نسرين (بعصبية وانفعال، وهي بتلف فجأة عليهم): أنا مش فاهمة إزاي دي تبقى أمي بجد!! دي عاملة رباطية عليّ! أنا خلاص مش قادرة أستحمل، هي ومرات عمي نفس العقلية… اتفقوا عليّ من ورايا… ولا كأن ليّا رأي في حياتي!

صفيه (بحدة، وهي بتتمسك بأطراف الفستان بقهر): ولا أمّي الاثنين بيكملوا بعض، متفاهمين في كل حاجة… بس علينا إحنا بس!

رغدة (بحاجب مرفوع وبسخرية مُرة، وهي ترجع خطوة لورا): ما هو عشان أخوات، هيختلفوا إزاي يعني؟! عايزاهم يضربوا بعض عشان نرتاح؟!

نسرين (وهي تعدل وقفتها وتهز راسها بغيظ): بس أنا مش هسكت!

صفيه (بتنهيدة ثقيلة ونبرة مليانة إحباط): وسّعتي الموضوع أوي يا نسرين، إحنا أصلا ولا على الخريطة، لا أبويا ولا أمك بيفكروا في رأينا!

رغدة (وهي ترفع إيدها بعجز): ولو فكّروا… برضو مش هنعرف نعمل حاجة! إحنا مجرد كراسي في بيت العيلة… يقعدونا في المكان اللي هم عايزينه، ويقومونا وقت ما يحبّوا!

نسرين (بغضب مكتوم، وهي تعصر أصابعها): بس أنا مش كرسى! ومش هخلي حد يتحكم فيّ!

صفيه ورغدة بصوا لبعض، كأنهم بيقولوا بصوت صامت: “هي هتعمل إيه؟”

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

 في مكتب صلاح

كان المساء قد حلّ، وليلى كانت تكمل آخر خطوة في تنظيف المكتب، لكن فجأة سمعت أصوات داخل المكتب. ترددت لحظة، ثم قررت تستخبى في الحمام اللي في المكتب. قلبها كان بيدق بسرعة، مش فاهمة إيه اللي بيحصل برا.

وأثناء ما هي جوا الحمام، حاولت تراقب الوضع بصمت. سمعت صوت الجد صلاح، قاعد على المكتب، وكأن بيمرر تعليماته. كان عينيه بتتجول على الوجوه أمامه بحذر، وحسيت نبرات صوته بتعكس ثقل الكلام. صوت أولاده وأحفاده كان واضح في الخلفية.

صلاح (بصوت حازم): احنا هنقوم بالمهمة يوم الفرح، الخميس الجاي.

فؤاد رفع حاجب، مستغربًا من التوقيت.

فؤاد (بصوت غير متأكد): بس احنا يا بابا، هنبقى ملخومين في الفرح، مش هنعرف نركز في المهمة زي ما احنا عايزين.

خليل (بيضحك معترضًا): فعلاً يا بابا، دا حتى وقت الفرح ممكن يشتت كل التركيز.

صلاح (بتنهدة، وهو بيركز فيهم): هتفضلوا طول عمركم أغبيه، ما هو ده التمويه، ما تفتكرش يا فؤاد، الخطة سهلة مش زي ما أنت فاكر.

مروان كان قاعد ساكت، لكن نظراته كانت مليانة ذكاء.

مروان (بابتسامة هادئة): مية على مية يا جدي، دماغ شغالة طول عمرك. 

 طاهر مؤيد لكلام مروان : اكيد عندك خطه محكمه ومتخطط ليها من بدري يا جدي 

الحاج صلاح بنظره بعيده المدى: طبعا وجه وقتها على المناسب 

بينما كانت ليلى جوا الحمام تستمع لكل كلمة بترتفع في الغرفة، بدأت التفاصيل تتكشف تدريجيًا. الخطط كانت متقنة، ولا مجال للخطأ. كانت صلاح بيتكلم بحذر، وكأن كل كلمة كان حريص عليها، وهو بيقول لأولاده وأحفاده التفاصيل الدقيقة عن المهمة المرتقبة.

صلاح (بجدية وحزم): الخطة هي كالتالي، الخميس الجاي هنكون في الفرح، زي ما اتفقنا. بس المهمة هتكون في الفرح نفسه.

سليم (مستغربًا): ازاي

صلاح (بيتنهد): في مكان مش بعيد ومش قريب عن الفرح انا عيني بنفسي هتبقي علي الرجاله  وكل الناس هتكون مشغولة بالاحتفالات، ده التمويه اللي هيساعدنا.

عادل (بغموض وحذر): يعني، ماحدش مننا هيبقى موجود في المهمة؟

صلاح (بصوت هادئ ومركز): لا، إحنا هنبقى زي الظل، محدش هيظهر بشكل واضح في المهمة. أنا هحرك كل حاجة من مكاني، إنتو ارقصوا واستمتعوا مع عرايسكم

سليم (بقلق وحذر): طب مين هيكون موجود في التسليم؟ يعني لازم حد يستلم البضاعة في اللحظة دي.

صلاح (مباشرًا وبثقة): أنا هبعت عبد الحق ورجالته، وهم هيتعاملوا مع التسليم. أنا هكون عيني عليهم من بعيد، وهشوف كل خطوة بيعملوها. الموضوع كله مش هيحتاج أكتر من خمس دقائق، سلم واستلم وبس.

طاهر: يعني لو كل حاجة مشت تمام، هيكون الموضوع خلص في لحظات.

صلاح (بحزم): بالضبط. لازم كل شيء يكون مضبوط، من البداية للنهاية، عشان نخرج من الموضوع ده من غير ما نلاقي أي مشاكل. والخطة واضحة للجميع.

عادل (بتأكيد): واضح، وده اللي هيخلي المهمة تمشي بدون ما حد يلاحظ.

مروان (مستمتع بخطة جده): الخطة دي هتنجح من قبل ما تبتدي

الكل :إن شاء الله 

في لحظة من التوتر، كانت ليلى جالسة في الحمام، مختبئة وراء الباب المغلق، أنفاسها متسارعة وقلبها يدق بسرعة. كان كل شيء حولها مظلم وهادئ، لكن الصوت الذي وصلها من الخارج جعل الدماء تتجمد في عروقها.

مروان قام فجأة من مكانه، ورفع صوته ليعلن ما كان يفكر فيه، وهو يتحرك نحو الباب.

مروان (بصوت عادي، لكنه بدا عليه نوع من التأكيد): أنا داخل الحمام.

ليلى تراجعت في مكانها، عينيها مليانة رعب، وهي بتحاول تتحكم في نفسها علشان ما تكشفش نفسها. كانت تتمنى في هذه اللحظه ان تتشق الارض وتبتلعها، كل شيء حولها أصبح مقلق. رائحة الخوف كانت تملأ الجو، وهي مش قادرة حتى تتنفس بشكل طبيعي.

صوت خطوات مروان بدأ يقترب من الحمام، خطواته الثقيلة وضعت كل شيء في حالة تأهب. ليلى كانت بتحاول تبقى هادئة، لكن قلبها كان بيدق بشدة، وكل جزء فيها كان بيصرخ.

هي حاولت تحبس أنفاسها، وتخلي نفسها غير مرئية، كان عندها شعور إن في أي لحظة ممكن الباب يفتح وتنكشف. فماذا لو عرفوا إنها جوا؟ ماذا لو كانت نهاية اللعبة هنا؟

صوت الخطوات كان أقرب، وكل خطوة كانت بتمزق قلبها. كانت عينيها ملتصقة بالباب، ومافيش مكان للاختباء غير المكان اللي هي فيه.

في اللحظة دي، الصوت بقى أقرب لدرجة إنها سمعت صوت التنفس،ليلى فكرت في كل الخيارات، لكن كان الوقت متأخر، وماكانش فيه مجال للهروب أو الاختباء بشكل أفضل وفجاه................


البارت الخامس والسادس من هنا


بداية الروايه من هنا


❤️🌺❤️💙🌺❤️💙🌺❤️💙🌺❤️💙🌺❤️💙🌺


الروايات الكامله والحصريه من هنا


انضموا معنا على تليجرام ليصلكم اشعار بالروايات فور نزولها من هنا


❤️💙🌺❤️💙🌺❤️💙🌺❤️💙🌺❤️💙🌺❤️💙🌺


🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺

اتفضلوا حضراتكم كملوا معنا هنا 👇 ❤️ 👇 


روايات جديده هتعجبكم من هنا


أجدد وأحدث الروايات من هنا


روايات كامله وحصريه من هنا




وكمان اروع الروايات هنا 👇


روايات جديده وكامله من هنا


انضموا معنا على تليجرام ليصلكم اشعار بالروايات فور نزولها من هنااااااااا

🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
CLOSE ADS
CLOSE ADS
close