القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية شط بحر الهوى الفصل السادس والأربعون حتى الفصل الخمسين بقلم الكاتبه سوما العربي حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج

رواية شط بحر الهوى الفصل السادس والأربعون حتى الفصل الخمسين بقلم الكاتبه سوما العربي حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج 

رواية شط بحر الهوى الفصل السادس والأربعون حتى الفصل الخمسين بقلم الكاتبه سوما العربي حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج 


فتح عيناه مضطراً و هو يشعر بشيء رطب يهبط على طول عنقه صعوداً إلى وجهه .


فتح عيناه بتشوش يستوعب ، لولا عطرها الذى يحفظه جيداً لأيقن أنه مازال نائم و يحلم .


جن جنونه و هو يتأكد أن ما يراه و يشعر به صحيح ،غنوة مقتربه منه جداً و هى من تقبله كى يستيقظ .


لا يصدق حقاً ، لو أصيب بالجنون ذات يوم فحتماً ستكن هى السبب.


فمرات عنيدة كالصخر و الآن لينه كحلوى الچيلى .


لااا و هى من تبادر بتقبيله أيضاً ، قبلات حاره جلعت الدماء تغلى بهروقه و بدأ يلهث مردداً بجنون : غنوة ؟! ده انتى بجد ؟!


أبتسمت له بإتساع و هى تمرر يديها على وجهه ثم تقبض على خديه تقرصه منهما و هى تهز رأسه يميناً و يساراً : باح الفل ، باح السرور ، على قلبى أنا ، يا صباح قلبى ، و صباح حبى  .


رمش بعيناه لن يجن ، بل لقد جن و أنتهى امره ، هو فقط يحاول أن يستوعب ما يحدث و ما تقوله و تفعله تلك التى كانت تود قتله من فتره صغيره .


و سأل: هو فى إيه ؟


قبلته مجددا ثم قالت : فى أنك نايم بقالك كتير أوى و وحشتنى أوى أوى فقولت ما بدهاش بقا ، أنا هصحيه ، يالا قوم أنت وحشتنى .


كانت تتحدث و هى تدفعه بيدها تجبره على النهوض.


و هو بالفعل رغماً عنه لا يستطيع الإستيعاب .. معذور .


تحركت مغادره ناحية الخارج و هى تردد : يلا يا كتكوتى بسرعه الأكل إلى بعمله بقالى ساعه عشانك هيبرد .


أنهت حديثها و قد خرجت من الغرفه و هو يقف على الارضيه البيضاء يهز رأسه كالمجنون ، تغييرها الجذرى هذا كفيل بالتسبب فى صدمه عصبيه له .


هبط الدرج بتروى يراها و هى تقف فى مطبخ بيته توليه ظهرها و قد انتهت للتو من إخراج صينيه كبيره من الفرن .


شعرت بعطره خلفها أغمضت عيناها مبتسمه تردد : جيت يا حبيبي.


أخذ يهمس لنفسه بمجون : حبيبى مره واحده ، هو فى ايه ؟


أقتربت منه بسرعه و شقاوه تجذبه من ذراعه كى يسير معها لكن قبلها همست فى أذنه مردده : يخربيت ريحة برفانك .


سحبت نفس عميق قرب صدره ثم وقفت على أطراف أصابعها تهمس فى أذنه : مجننه أمى من أول يوم شوفتك فيه.


لم يعد يستطيع التحمل و همس لها بتوسل : طب و حياة أمك واحده واحده عليا .. ماشى .


زمت شفتيها بحزن ثم قالت: الله.


هارون : معذور بردو ، أنا بحاول أستوعب إنك بتقولى كده .. غنوة هو فى حاجة ؟


أبتسمت بإتساع و الحماس يقفز من عينيها ثم قالت : أيوه.. طبخت لك بأيدى ، أصلك بصراحة مش عاجبني كده ، و قررت بقا أغذيك ، بص عملت لك ايه.


فردد ببلاهه : و كمان طبختى لى ؟ أنا كده اتوغوشت .


عادت لزم شفتيها ثم قرصته فى خصره مررده : إخص عليك يا هارون .


قفز فى الهواء أثر فعلتها فقالت بفرح و مجون : أوبااااا ... أنت طلعت بتركب الهوا.


نظر هارون خلفه يميناً و يساراً ثم حمحم مرددا : أاا .. مش أوى.


غنوة : لأ بتركب الهوا ، أنا شوفتك.


هارون : أيوه.. بس ده سر ما بينا ، أحمم عشان الهيبه و كده .


غمزت له بعبث ثم قالت : سرك فى بير يا سطى .


هارون : أسطى .. هو فى إيه.


غنوة: يا حرام ، هو انا كنت قاسيه عليك أوى كده 


عادت لزم شفتيها بحزن ثم قالت: بس حقك عليا ، و على فكرة أنا اخدت عهد على نفسى و حلفت لأعوضك عن كل إلى عملته فيك .


اقترب منها بأعين لامعه و وجه مشرق يفترس خصرها بكفيه و يقربها منه مرددا بانفاس مثقلة : ايوووووه ، عوضينى ، أنا بقبل العوض .


تملصت من بين يديه مردده : هارون.. الأكل .


هارون: أيوه صح ، عملالى إيه بقا .


إلتفت غنوة و حملت زوج من الصحون الفارغه مع الشوك و أعطتها له مردده : لأ دى مفاجأة ، خد الأطباق و الشوك و ظبط لنا القاعدة على البيسين لحد ما أجى لك و معايا الأكل.


تنهد بسعادة كان يفتقدها و أقترب يقبل وجنتها قائلا بأمل : يا رب تفضلى كده على ، حاكم إن أنا عارفك .


وقفت تكتف يديها حول صدرها و هى تهز قدميها ثم قالت : و مالى بقا يا سى هارون .


لاعب حاجبيه لها ثم جاوبها : عسل و سكر ، مربااااا .


رفعت لها حاجبها الأيمن ثم رددت : همممم ، هو صحيح فين المأذون يا سى هارون.


أبتسم بإتساع و اقترب منها قائلا : أنتى عايزه المأذون بجد ؟ عايزه نكمل جوازنا يعنى ؟


فجاوبت بحده : نعم يا حلاوة ، امال أنا قاعدة هنا بعمل إيه ؟! بصيف مثلاً ؟!


عض على شفته السفلى و هو يقترب منها مردداً : أوعى ، أموت أنا فى العرق العشوائي لما يظهر .


أتسعت عيناها بصدمه و سألت : يخرب عقلك ، هو أنت كمان ؟


هز رأسه يردد بتأكيد تام: أيوه للأسف ، إحنا عيلة قذره أوى.


عادت لهز قدميها و قالت بعصبية : بردو لسه ما جاوبتش عليا ، فين المأذون .


فقال : البيه البواب لما لاقى أشجان و كاظم مشيوا فكر إن كده خلاص و راح نام و ما كلمش حد.


أقترب أكثر منها ثم قال : بس حيث كده بقا  هتصل أنا بيه بنفسى عشان يحضر حالاً .. أصل أنا مش ضامن نفسى.


هزت رأسها و يديها تقول بحماس: و أنا أوى... أخرج دلوقتي عشان أنا الى مش ضامنه نفسى .


أتسعت عيناه بصدمه و هى تدفعه للتحرك فعلى ما يبدو أنها تتحدث بجدية و هو إنصاع ليديها يتحرك و هو يفكر فى ما قالته و أنه صحيح .


تائه فى دوامة من السعادة بعد تغير غنوة الذى يحاول حاليا إستيعابه فقد كان يلح عليها متمسكاً بزواجه منها يرجو فقط لو نظرة لين لكنها الآن توشك على التسبب فى إصابته بجلطة فى الدماغ بأفعالها معه .


كمن فتحت له نبع من العشق و الهوس لم يكن يظن أنه موجود بالأساس و إن حدث و وجد فلن يكن من غنوة خصوصاً بعد قصته معها هى و والدها و هوسها المريب بوالدها و تعلقها المرضى به .


على ما يبدو أنها ترفض أن ينال أى قدر و لو بسيط من الرحمه أو الشفقه فهى لم تتركه كم دقيقه ليلتقط أنفاسه بعدما سلبتها هى بإظهار جنونها و عشقها له حتى تأتى إليه الآن و هى تتهادى فى ثوب من البرتقالى و قد تخلت بكيفها عن حجابها تاركه شلالات العسل تنسدل على كتف واحد و الآخر ظاهر له بسخاء .


حرام عليها و الله .. هذا ما أخذ يردده دون حديث ينظر لها و هو يرفض حتى أن يرمش يخشى أن يفعل فتتبخر فى أى لحظه .


كانت تحمل تسير و هى واثقه من طلتها الخاطفه للقلوب و العقول و أبتسمت بعدما تأكدت من سلبها لعقله بتلك اللحظة و وقفت أمامه و هى تحمل صينيه من البايركس .


تراه و تسمعه و هو يردد ببلاهه : صلاة النبى أحسن ، المفروض يغيروا تى شيرت المتتخب و يخلوه أورانج عشان ناخد كاس العالم.


عضت على شفتيها بخجل و قالت : عجبك .


هز رأسه و لسانه عاجز عن الوصف ، لكن ثوانى و احتدت عيناه ثم جذبها من ذراعها بحده مرددا : أنتى ازاى تنزلى كده فى ناس فى البيت غيرى ده غير كاظم .


حاولت إفلات يديها منه قائله: يا هارون الصينيه هتقع تتكسر منى .


هارون : ما تقع .. اطلعى البسى حاجه بقولك .


وضعت الصينيه على الطاولة المستديرة ثم قالت : مافيش حد هنا ، كاظم شارد ورا أشجان زى مجاذيب السيدة و البواب راح يجيب فاكهه و خضار ، تخيل التلاجه بتاعتكم معفنه و فاضيه ، بيت فيه بنى ادمين ده و لا بيت أشباح .


قربها هارون منه و جذبها حتى سقطت فى أحضانه ثم وضعه رأسه على كتفها مرددا بتنهيده : أنا بقالى يجى أسبوع مافتحتش التلاجه دى ، مش بقعد هنا أصلا ، و كاظم أصلا شارد طول الليل و النهار عشان كده ما كلفتش نفسى اشوف حد للمطبخ .


ضمته لها بقوه ثم قالت بحنان وفير : كل ده هيتغير إن شاء الله ، و ربنا يقدرنى و أقعدك جنبى .


سحب نفس عميق من رائحتها ثم قال : هيتغير ؟! هو أتغير خلاص ، انا قاعد مش هسيبك ثانيه و هبعت دلوقتي أجيب المأذون على ما نخلص أكل.


غنوة : أوكى ، بس تعالى ناكل الأول ، بص عملت لك ايه ؟


نظر للطاولة و قال بإنبهار : واو ، مكرونه بشاميل ، ده انا بموت فيها ، عرفتى منين .


ضحكت عالياً ضحكه شريره ثم قالت : مش عيب تسأل السؤال ده .


ضحك هو الآخر يهز رأسه بقلة حيلة ثم قال : صحيح إن معاكى تقرير مفصل عنى. 


غنوة : بالظبط ، يالا بقا عشان الأكل هيبرد .


جذبها له أكثر يلصقها به و هو يردد بوله : ايوه بس قربى منى اكتر بجمالك ده .


انصاعت لطلبه تقترب منه أكثر حتى مما طلب و هو على شفا الجنون منها ، ثم بدأت تقطع له الطعام بل و تطعمه فى فمه و هو لا يستطيع الإستيعاب حتى الآن فهى حاليا من النقيض للنقيض تماماً.


______________________


أبتعد مسرعاً عن السفينه يجذبها من يدها و هو يقهقه بسعادة ، لا يصدق تصرفاته المتصابية التى بات يفعلها ، يقنع نفسه بالقوه أنه يفعل كل ذلك لأنه يريده لكن الحقيقة أنه يفعل لأجلها.


من باتت قريبه منه جداً و لا يود البعد عنها أبدا.


تقدم و هى معه تسأل : طيب هما كده صحابك مش هيزعلوا؟


جذبها من مرفقها حتى اقترب من و قال: سيبك منهم مش مهم .


فسألت : كلهم ؟


جعد ما بين حاجبيه و قال : أيوه 


ضحكت بجانب فمها ثم سألت : حتى كلارا ؟


زاد من قربها منه يسأل : دى غيره ؟!


أبتعدت عنه متسائله : لأ ، هو انا أعرفك عشان أغير عليك و بعدين إحنا أصدقاء عادى و لا إيه ؟


صمت بحيره حقيقة لأول مرة يوضع فيها ثم قال : مش عارف.


تقى : مش عارف إزاى ، هو إيه ممكن يكون بينا غير كده ؟


تنهد بهدوء ثم أبتسم و قال : تيجى نقضى اليوم النهاردة بالطول والعرض و نفرح و نتبسط و نعتبره إختبار و أخر اليوم إلى يحس حاجة ناحية التانى يقولها بس بصراحة و من غير كبر .


هزت رأسها إيجاباً مبتسمة  و هى تستجيب ليده التى تسحبها تردد داخلها : ضياء إلى كان السبب فى كل عقد حياتى بيطلب كده ، عهد عليا لأعاملك بكل الكدب و الكبر إلى فى الدنيا يا .. يا زوجى العزيز .


تقدمت معه تسير فى الأسواق لم يترك حانه إلا و أشترى لها منها هديه.


وقفا عند أشهر محل لبيع المثلجات فجذبها لجواره جداً يطعمها منه و هى تنظر له بحسره لا تستطع الابتسام حتى .


لن يفهمها أحد و هى حتى لا يمكنها البوح أو يسهل عليها كم تمنت لو كان كل ما تعيشه حقيقياً ، تحياه و هى تقى و ليست جيجى .


سمحت لنفسها بالجلوس معه و الإقتراب منه ، تعلم أنها زوجته .


و كأنها أرادت إثبات شئ ما لنفسها ، ارادت إستعادة ثقتها بنفسها ، أنها فتاه جميله و مرغوبة خصوصاً من ضياء من كان السبب فى تحطيم كل معنواياتها .


فتركته يقربها منه دون إعتراض و وجهه قريب من وجهها يلق ذراعه حول رقبتها يطعمها المثلجات بنفسه ، و يطيل النظر إلى ملامحها بإفتنان مردداً: جمالك مش طبيعى بجد ، من أول مره شوفتك و أنا مفتون بيه .


أبتسمت له بخجل و لم تحدد هويتها هل من تبتسم حالياً هى جيجى أم تقى زوجته و ابنة خالها.


لكن ما هو أقرب للصواب أنها حالياً فتاه تستمع لغزل صريح يقال فى حقها من شاب شديد الوسامه تتهافت عليه الفتايات و قد رأت ذلك بعينها .


و هو أنسحر تماماً بإبتسامتها و جمالها الأنثوي و بدأ يقترب منها رويداً رويداً يريد تقبيلها ، لكنها إبتعدت عنه سريعاً تقول : أنا شبعت ، يالا بينا .


أغمض عيناه و تنهد بتعب ثم وقف معها يكمل جولته في شوارع المدينة يشترى لها الألعاب و الهدايا و هو سعيد للغايه .


_______________________


توقفت بسيارتها أمام البوابة الضخمة التي تسبق منزل هارون و عادة ما كان يجلس لجوارها حارس كبير فى السن لكنه الآن غير موجود و الباب الحديدي يعتبر مفتوح .


أشتعل الغضب داخلها و كأنها ترغب فى لقاء أى شخص تفرغ عليه غيظها و غضبها.


تقدمت تفتح الابواب على مصرعيها تتمكن من الدخول بسيارتها .


بالفعل تقدمت للداخل و قبل ما تسير فى الممشى المحاط بالأشجار و الزهور و الذى يقود إلى الباب الداخلى للمنزل توقفت على صوت دق هاتفها.


رفعت الهاتف لتبصر إسم رضوان ، تجاهلته  و لم تهتم لكنه عاود الدق فجاوبت بشئ من الحده : ألو.


أستغرب كثيرا من طريقتها فى الرد و قال : ألو ، أنسه لمى مالك كده متعصبه ؟


لمى : لأ و لا حاجة ، قولى حضرتك خير كان فى حاجه ؟


أُحرج كثيرا من رد فعلها و قال : لأ بس .. احنا كان فى معاد بنا و.. أنا بقالى نص ساعه تقريبا قاعد مستيكى عشان كده قولت أكلمك أشوفك فين ؟


زفرت بضيق وصله ثم قالت متحججه : أنا أسفه بس.. ظهر لى شغل ضرورى و مفاجئ.


فقال سريعاً: تمام تمام ، مافيش مشكله ، نخليها وقت تانى ، ربنا يقويكي ، مع السلامه.


أغلقت الهاتف مع و القته بجوارها و هى تقف بسيارتها أمام الحديقه ترى زوجى الكناريا هذان يجلسان بأحضان بعضهما تطعمه و يطعمها ، يبدوان و كأنها أسره صغيره سعيدة ، يجلسان هكذا بعدما حطموها كليا ، لا ة الله ... لا و ألف لا لن تضيع وحدها .


تمكن الغيظ منها و حجب الغل أى تفكير داخلها أو حتى رحمه أو مرونة نفسيه لم تعد لمى القديمه ، هنالك وحدها جديده ولدت على يد غنوة .


غنوة و فقط ... هى السبب الرئيسي بكل ما يحدث للجميع حتى موت والدها حملته لها ، و إن كانت للأن لا تعلم التفاصيل لكن بكل تأكيد قد تدخل فى شئ يخص هارون و غنوة باتت جزء لا يتجزأ من قصته فالبالتأكيد لها يد إن لم تكن الأساس.


ترجلت من سيارتها بوجه محتقن لا تعرف للشفقه أو اللين سبيلاً ، صفقت باب السيارة بقوه جعلت غنوة تهتز متفززه فى أحضان هارون الذى أنتبه هو الآخر لوجود لمى و زاد من ضمه لغنوة يربط و يمسح على كتفيها يهدهدها و يهدئها او بالأحرى يضمها يحميها .


وقفت أمامها تقول بغلظة : ما شاء الله ، قاعدين انتو هنا و ولا على بالكم .


تحدث هارون بهدوء ثم قال : انتى دخلتى هنا إزاى ؟


نظرت لمى بجانب عينها لغنوة و فستانها العارى الذي تجلس به فى أحضان هارون و ازداد الغيظ بداخلها.


ثم قالت و هى تتجاهل الإجابة على سؤاله بل نظرت لغنوة : إيه يا حلوه ، مش وراكى شغل .


وقف هارون يخلع قميصه من عليه وسط زهول غنوة و لمى ، ثم وضعه على غنوة يغطى صدرها و رقبتها و شعرها ثم قال : غطى نفسك.


لكن غنوة صرخت بصوت أعلى: و أنت يا بيه ، هتقف لنا عريان كده بعضلاتك دى .


حاولت لمى إبداء لا مبالاتها بما يحدث أو يقال رغم الغيظ الذى يفتك بأحشائها ثم قالت : لو خلصتوا جو التلزيق و النينيى ده عرفونى عشان انا ورايا شغل مش فاضيه للهبل بتاعكم ده .


هارون : إنتى جايه هنا يا لمى عايزه إيه و دخلتى هنا إزاى من غير إستئذان.


لمى ببرود : البوابه برا مش عليها حارس و أنا هنا عشان أشوف إيه اخرتها فى الشغل المتعطل ده  ، أنا عندى شغل كتير عايز حد ينجزه .


فصرخ فيها بحده : و هو حد قالك إننا شغالين عندك ؟


إبتسمت له بسماجة ثم قالت بشماته و هى تنظر  لغنوة و تشير عليها بكبر : أنت نو ، لكن دى شغاله عندى .


تقدم هارون منها بغضب يردد : إيه دى ؟ اتكلمى عنها عدل أحسن لك ، و مين قال بقا أنها شغاله عندك .


ضحكت عالياً بشر ثم قالت : طب ما بلاش أنت بالذات و لا ناسى الشرط الجزائي إلى قولت لى أضيفه عشان أعرف أذلها.


حولت انظارها لغنوة ثم قالت : البيه إلى لابسه له الاورانج و قاعده فى حضانه زى جوز العصافير هو الى جالى و أتفق معايا نزود الشرط الجزائي بتاعك و نحك كلمة دولار كمان عشان نكسحلك ايدك و رجللك ، يعني ساعدنى و قدم لى كمان النصيحة عشان اعرف استعبدك ، و دلوقتي و من غير و لا كلمه تتحركى قدامى عشان وراكى شغل محتاج له يمكن أسبوع عشان يخلص .


لم تثور غنوة او تبدى أى رد فعل سوى أنها قالت بهدوء مريب : أوكى ، هغير و أجى.


تحركت غير مبالية لا بنظرة الشماته و الانتشاء التى تكونت على وجه لمى و لا بصراخ هارون عليها كى تتوقف بل سارت للداخل بقوه ترفض الإنكسار .


___________________


عادت للسفينه و جلست شارده أمام المرأه تتذكر ما حدث اليوم .


دلفت نادين للداخل و هى تقول بلهفه : بت يا تقى .. انتى يا بت ، انتى صحيح كنتى مع ضياء لوحدكم طول اليوم.


نظرت لها تقى عبر المرأه و قالت : أيوه و هو إللي طلب و كمان دلوقتي رساله يقولى إنه عايزنى.


جعدت نادين ما بين حاجبيها و قالت : و هتروحى له.


وقفت تقى و قالت بجديه و تحد : طبعاً.


تحركت بسرعه مغادره تاركة نادين خلفها مصدومه متسعة العين ، لكن قبل ما تغادر ألتفت إليها و قالت : كمان شويه على العشا هبعت لك رساله تنفذبها بالحرف ، اوكى ؟


هزت نادين رأسها موافقه بينما تقى أبتسمت بثقه بدأت تترعرع داخلها هذه الأيام فقط و صعدت لسطح السفينه حيث ينتظرها ضياء كما أخبرها فى رسالته.


و وجدته ينتظرها ، تبتسم بثقه و شماته و هى تراه يقف مبهور من طلتها يأكلها بعيناه تعرف جمال اللون الأبيض عليها و قد فعلت لتصيبه بسكته قلبيه و يقع صريع جمالها.


و هو بالفعل كان كذلك بل و أكثر يكاد يشعر بلعابه الذى يسيل على جوانب فهمه و هو يرى چيچى بجسدها الخرافى المنتلئ الذي يصيبه بالجنون يبرزخ فستان أبيض يضيق على جسدها مبرزاً مفاتنها بصورة موجعه للقلوب  و قد فجمعت شعرها على هيئة زيل حصان تاركه خصلات تنزل على جانب وجهها لتكتمل الصورة بأناقهة جمال منقطع النظير.


تقدمت بخطوات متددلله متمايله  حتى وقفت أمام تسأل : طلبتنى .


فردد و هو مسلوب العقل : و اتأخرتى عنى أوى.


ضحكت بمرح ثم قالت : كنت عايزنى فى حاجه؟


هز رأسه ثم أقترب منها يمسك يدها بكف و الكف الآخر و ضعه على وجنتها يتحسسها و هو يقول : أيوه .. قولت لك فى أخر اليوم هقولك إحساسي ناحيتك لما اتأكد منه.


بقت تنظر له بثبات لكن تجعد ما بين عينها ، ثم انفرجت شفتيها بزهول و هى تسمعه يقول بصدق موجع: أنا بحبك .... 


_______________


السابعة والأربعون 


تقدم بخطى ثابته مختال بنفسه كثيراً يلتوى شدقه بإبتسامة ساخره 


حتى أقترب من ماجد الذى جلس بثبات هو الآخر بل و يضع قدم فوق الأخرى .


رفع فلاديمير إحدى حاجبيه بإعجاب ثم ردد و هو يجلس بأريحيه : عجبانى ثقتك دى يا ماجد ، بس خلى بالك.. اوقات الثقه الزياده بتقتل صاحبها .


و كعادة ماجد ، يخترق صلب المواضيع ، لا يحبذ ابداً اللف أو الدوران ، يقبلها فقط من حبيثه اللئيمة ذات القلب الأسود التى وقع بعشقها ، لكن عداها هى لا يتقبل أو يسمح .


لذا و على الفور اعتدل فى جلسته و ازاح قدمه عن الأخرى و جلس بعدما تقدم برأسه قليلا للأمام دليل على المواجهة و الحسم تحت أعين فلاديمير الذى يراقب كل حركات جسده و يفسرها .


تحدث ماجد بقوة : أنا جاى لك و عايز نتفق ، قولى عاوز توصل لأيه و إلى عايزه مدته أد ايه و تخلص.


أبتسم فلاديمير إبتسامة متهكمه و علق ساخراً : مش بقولك عاجبنى ثقتك فى نفسك ، بس يا عزيزي ما تتكلمش بثقه فى حاجه تفوق قدرتك و تتعدى حدود نفوذك و إلا هتبان أهبل زى ما بتقولوا.


وقف عن كرسيه و ذهب لبار صغير يفتح زجاجة من الخمر و يصب له كأس بينما يكمل : أنت دخلت فى لعبة إسمها لعبة الموت .


وضع كم قطعه من السلم فى كأسه و ظل يقلبها بأصبعه ثم وضعه فى فمه يلعقه و ردد بعدها : و الإسم ده مش جاى من فراغ ، مش هفسر لك كتير عشان فى ناس كده لما بتعرف بتتعب ، و لكن.... يكفى أنى أقولك إنها اتسمت كده لأن إلى بيدخلها مش بيقدر يخرج منها غير بموته ، الموت بس هو الى ممكن يخلصك يا ماجد .


حاول الظهور بمظهر الثابت و سأل : أنا ما دخلتش حاجة ، كل الى كنت عايزه هو شحنة كبيره لدهب و ألماظات ، كنت عايز أهادى بيها أختى .. فيروز .


زم فلاديمير شفتيه و قال : و ما سألتش كل ده هيحصل إزاى ؟ 


مدد قديمه على الأريكة و قال : أنت طلبت من مختار يعديها لك ، و مختار عمل كده بس إلى ما تعرفوش إن مختار كان راجلنا هنا فى مصر ، ماسك مصر و ليبيا و فى الفترة الأخيرة لعب بديله معانا فى كام صفقة و أخرهم بتاعتك .


أحستى القليل من كأسه ثم قال و هو يشير باصبع السبابة : كل الكلام و التفاصيل دى مش من المفروض خالص أنك تعرفها ... بس انا ليا مزاج اقولها لك ، عارف ليه ؟


ماجد : ليه ؟


وقف فلاديمير و التف حول كرسى ماجد حتى وقف خلفه و وضع يده على كتفه مردداً : لأنى أصطفيتك ، إختارتك من ضمن سبعه و ستين شخص كانوا مرشحين مكانك و كمان مضمونين عنك لأنهم رجالتنا من زمان و أنت لا مننا و لا مضمون و مع ذلك أنا مصمم عليك .


أتسعت أعين ماجد ، الأمور تخرج بعيداً عن حدود سيطرته ، لقد قدم لهنا يريد تسوية الأمور و قد لجاء للتفاوض مدام خصمه عنيد هكذا لكن لم يحسب لقرارات فلاديمير أى حساب.


لن يستطيع الغرز بقدميه أكثر فى ذلك الوحل ، فهو يريد الخلاص بأسرع وقت و أقل الخسائر الممكنة ليأتى هذا و بكل بساطة يخبره أنه أصطفاه .


إلتف له و قال بإندفاع : بس انا مش موافق.


أبتسم فلاديمير و قال ببرود مستفز : مين قالك إنك مُخير .. حبيبى أنت تنفذ و بس و مش مسموح بأى خطأ كمان.


بهت وجه ماجد و سأل بتيه : و ليه أنا ، زى ما قولت أنا مش منكم و لا عندى الخبره و لا العلاقات بتاعتكم برجالتكم لأن أساساً ده مش كارى ، دى كانت صفقة و عدت .


فلاديمير : ازاى بس ، ده صميم شغلك ، أنت بتشتغل فى ايه ، مش فى الاستيراد والتصدير يبقى صميم شغلك و لا لأ.


صرخ فيه ماجد : ليه أنا ؟!


أبتسم فلاديمير و قال ببرود : ذكائك يا ماجد ، ذكائك ، الشخص إلى يفضل 33 سنه قادر يخدع أسره كامله إنه أبنهم و شويه بشوية يبقى ماسك كل فلوسهم و شغلهم يبقى مش شخص عادى.


أتسعت أعين ماجد من الصدمة و بقى بمكانه متخشب ، لا يقوى على إبداء أى رد فعل هو فقط سأل بحلق جاف : أنت عرفت منين .


ضخك فلاديمير دون صوت والتف يجلس على كرسيه مرددا : بقولك شغلنا مش سهل و مش أى حد يدخل فيه و إصطفيتك يبقى أكيد جبت كل المعلومات عنك ، و عرفت مين أهلك و مين أخوك .


دق قلب ماجد برعونة و سأل بلهفه : مين ؟


زم فلاديمير شفتيه للأمام و هو ينقر بأصبعه على أنفه كأنه يفكر مستلذ بعذاب الماثل أمامه يردد بصفاقه : همممم ، أقوله و لا لأ ، أقوله و لا لأ.


أشار له و قال كأنه يضحى : هقولك .


وقف عن مقعده يردد : مش عندكم هنا بتقولوا قدم السبت عشان تلاقى الحد ، و أنا هعمل كده.


كان يتحدث ببرود شديد منتشى بالعذاب الذى يراه فى أعين نظيره ثم قال : بس بشرط.


ماجد بلهفه : إيه هو ؟


أبتعد فلاديمير عنه و قال : فيروز ، شرطى فيروز .


إحتدت عينا ماجد و قال : طلع فيروز من اتفاقنا .


هز فلاديمير رأسه رافضاً و قال : مش هينفع ، عجبانى و عايز اخدها ، أبعد عنها يا ماجد ، أنا عينى عليكوا فى كل مكان ، أبعد أحسن ما أكرهها فيك .


اهتز فك ماجد من الغيظ و حاول إخفاء غضبه و غيرته ثم سأل : مين أهلى .


فلاديمير : أخوك شخص مشهور أوى .. أكيد تعرفه، مغنى و ممثل عالمى ، أمريكي .


صرخ فيه ماجد: مين قولى .


تحدث فلاديمير ببرود : چوزيڤ ... چوزيڤ دينيرو ( بطل رواية الملكة)


أتسعت عينا ماجد لحد الحجوظ لا يصدق ما تسمعه أذناه تقريباً تعطل عقله عن العمل نسبياً و فلاديمير ينظر له بإبتسامة ساخره شامتة .


_________________________


خرجت من غرفتها فى الصباح تتلفت حولها كمن فعل فعلة منكرة .


منذ ليلة أمس و هى لم تستطع النوم ، موقف لا تتمناه لألد أعدائها .


تسأل ما هو الشيء الذي قد يفعله شخص كى يجعل شخص آخر يصاب بالزهايمر.


ترى هل إذا ضربته بأى معدن قوى على رأسه قد تفلح فى إصابته بفقدان الذاكرة أو حتى فقدان أخر كم يوم بها و ستكن راضيه مرضيه حيال ذلك.


قد تفعل أى شىء لتتمكن من جعله ينسى تلك الهيئه التى رأها عليها.


ظلت تتلفت حولها ، تتمنى عدم لقياه ، لقد أستيقظت مبكره قبل ميعاد إستيقاظ الجميع كى تتناول أى شىء فى المطبخ و تخرج بعدها للجامعه فلا ترى أحد و لا أحد يراها .


هبطت الدرج بهدوء ، حتى وصلت إلى بدايه المبطخ 


وقفت تقبل يدها ظهر و بطن لقد فلتت منهم جميعا.


تشعر أنها قد أتت شيئاً إثما .


تنفست بهدوء فهى تشعر و كأن جميع من بالبيت يعرف بما حدث و ليس يوسف فقط ، لذا تمنت ألا تقابل اى شخص بهذا البيت على الأقل اليوم ربما نسى هو .


اخذت نفس مرتاح و ضغطت على زر الكهرباء و هى تردد : بسم الله الرحمن الرحيم 


لتشهق متفاجئة و هى ترى يوسف بشحمه و لحمه يجلس على أحد كراسي المطبخ عارى الصدر تماما.


فسارعت بإغلاق الضوء مردده : صدق الله العظيم.


همت كى تفر سريعاً لكن لزمت يدها بيد غليظه شديدة ، تمكنت من قوتها أن تجذبها للداخل بحيث أصبح ظهرها ملامس لباب الثلاجه و هو يقف مقابلها هى يحسرها بينه و بين الثلاجه.


و على ضوى خافت قادم من الرواق الذى يسبق المطبخ تمكن من التأمل فى ملامحها بهذا القرب المريب .


يحرك عيناه على جمالها الرقيق الساحر بداية من شفتيها الصغيره المنتفخة ذات اللون التوتى ثم وجنتيها المستديرة الممتلئة و التى تلمع گ الأطفال صعوداً إلى عيناها الجميلة و من ثم يهبط مره أخرى بعيناه لشفتيها التى تتحدى من يماثلها تحدى سافر أنه لن يستطيع مقاومتها .


ثم حاول التحدث بنفس متهدج ممزوج بكل ما يشعر به الأن : إيه شوفتي عفريت .


لم تستطع الجواب و لا الرد كل الردود تبخرت و كذلك الحديث ، مظهرها الذى رأه عليها البارحة لا يفارق مخيلتها تتمنى لو كان قد نساه فهى تشعر بالخجل الشديد.


لكن للأسف هو لم ينسى ، لم و لن ينسى ، فهى تتمنى لو نسى بينما هو لم ينام ليلته بسبب ذلك المظهر و بقى ساهراً يفكر بها و يتخيلها.


و أخر محاولاته كانت الماء المثلج .. نعم ، الماء المثلج الخارج لتوه من المبرد .


فجلب وعاء كبير و جلس يشرب منه تاره و تاره أخرى يرش على صدره ربما هدأ و غفى  الساعات المتبيقه على الصباح .


و حينما لم يتلقى منها رد سأل : ما تردى عليا ، مش بكلمك ؟


حاولت إخراج صوتها و سألت : هو... أحمم ، هو أنت فاكر حاجه من أمبارح .


سؤال غبى ، فهل يا ترى هى غبيه لهذا الحد أم أنها ساذجة


عض على شفته السفلى و سأل : حاجة إيه بالظبط إلى عايزانى أفتركها ، أمرى أمر .


زاد تخبط قدميها و قالت بخوف شديد: ألامر لله ، بس لو تسيبنى أعدى يبقى كتر خيرك.


أبتسم بجانب فمه و قال : و هو أنا ماسكك .


جاوبته بتهكم مخفى : لأ هو بس صدرك العريض سد فتحة الباب فلو تكرمت يعنى أعدى .


و أخيراً نظر على جسده و جسدها ليرى فارق الجحم المضحك فهو بالفعل عريض الجسد جدا و هى لجواره بجحم اليمامه البيضاء.


حك جانب أنفه و هو يضحك قائلا : أنتى إلى صغيره أوى.


لترد بلهفه: أوى و الله و مش أدك .


رفع إحدى حاجبيه ، ماذا تقصد بحديثها هذا ، و كأنه قرأت ما بدأ يجول فى صدره ناحيتها .


عاود النظر لجسدها الصغير مقارنة به ثم سأل : أنتى عندك كام سنه ؟


فجاوبت على سؤاله بسؤال من شدة خوفها و طريقة إحتجازه لها الآن : ليه ؟


قرب وجهه من وجهها ليتنعدم المسافات و سأل مره اخرى بإصرار: عندك كام سنه يا زينب؟


تلعثمت فى الرد و خرج جوابها بصعوبه : عشرين.


نظر لها نظره شموليه ثم تنهد تنهيده حاره و قال : فعلاً صغيرة .


إبتعد عنها كى يفسح لها الطريق و قال بإذعان : شوفى كنتى رايحة ف....


لم تنتظر ليكمل جملته و إنما فرت هاربة كأنها تهرب من الجحيم ، تتسابق مع الريح ليوقفها صوته و هو يناديها: زينب.


وقفت بمكانها و بدأت تلتف له رويداً رويداً بخوف و قلقل تسأل دون كلام كأنها تسأل ماذا هناك .


فقال هو بحده : أنتى رايحة فين بدرى كده ؟


جاوبته و هى ترتجف : متفقه مع صحاب ليا نذاكر قبل المحاضره .


زم شفتيه بعدم رضا و سأل : هممم صحابك ، و هتروحى أزاى بدرى كده لا معاكى عربيه و لا فى تاكسيات شغاله دلوقتي... أقفى مكانك ما تتحركيش هلبس و أجى أوصلك .


لتتحدث بسرعه و خوف ظاهر فى نبرة صوتها : لا لا .. لأ ، مافيش داعى تتعب نفسك .


رفع إحدى حاجبيه و قال بتحد : لا مافيش تعب أنا بحب أسوق بدرى و الشوراع فاضيه .


فقالت: ما هو .. لسه هتلبس و تأخرنى 


يوسف: إلى قولته تنفذيه بالحرف أنا مش بستأذنك أو باخد رأيك فاهمه ، تقفى هنا لحد ما أجيلك .


تحرك سريعاً و هى تقف خلفه و قد تحول الخزف و الخجل إلى غضب شديد تردد : إيييه هو ده ، هو عمال يؤمر و يتأمر كده ليه ؟


تنهدت بتعب فهى و بعد ما حدث بالأمس تريد الا تتواجه مع أو تراه و يراها لذا كانت تتهرب منه لكنه على ما يبدو مصمم .


لكنها لن تنصاع و لتتجنبه عله ينسى لذا فرت سريعاً تستقل السياره التى أتفق والدها مع صاحبها لأن يقلها يومياً براتب شهري وقتما تريد و قد خابرته منذ نصف ساعه و كان يقف منتظرها و ما أن خرجت حتى تحرك بها سريعاً.


ليخرج يوسف من شرفته و هو يرتدى إحدى أكمام تيشرته على إستعجال بعدما أستمع لبوق السيارة ، فضرب حافة الشرفه بغضب حينما تأكد أنها قد تمكنت من الفرار من بين يديه ، بالتأكيد تفعل شيئ خاطئ و لا ترغب لأى شخص بأن يكتشفه .


هذا ما هداه إليه تفكيره الناضج الحكيم حيال ما فعلت زينب .

و جلس ينتظرها حتى تعود ، لقد كبر الموضوع فى رأسه حتى أستفحل و أقسم على عدم تمريره.


_______________________


بزغ الفجر و بدأ الشروق و هو مرابط لها كأنه أقسم على ألا يفلتها من يده.


جلس معه على حافة السفينه يشاهدون ذلك المنظر الرائع الذي تمر من عليه.


جبال مزهرة بالخضار مع سحر البحر الأبيض المتوسط و رياح هادئة ناعمه تداعب خد حبيبته التى تجلس الآن فى أحضانه بين ذراعيه.


يتمنى لو يتوقف الزمن هنا عند هذه اللحظات ، تمنى لا انعزلا عن كل شيء و انفصلا وحدهما عن الجميع .


أغمض عيناه و بدأ يمرمغ أنفه على طول وجنتها الناعمة يردد: يا ريتنى كنت عرفتك من زمان و حبيتك.


تلاشت بسمتها الجميله و هوت من فوق قمة عالية بل شاهقة الارتفاع ، قمة صعدتها هى بنفسها ليلاً و قد سمحت لحالها بأن تحيا تلك اللحظات الجميله معه و تجربها ربما لن تحظى بها فيما بعد.


لكن بجملته تلك جعلها تستفيق و خرجت من حلمها الوردى قصير المدى ، لقد ذكرها ببساطة بما جاهدت كى تنساه و لم تقدر .


هى ذكريات أقوى من النسيان بل هى ضد النسيان ، فكيف تنسى الذكريات التى كانت العامل الأول و الأساسى فى تكوين شخصيتها التى هى عليها الآن.


التفت برقبتها فقط تنظر له بينما جسدها مازال مقيد بين أحضانه و سألت : ما يمكن ما كنتش أعجبك 


سحب نفس عميق معبق برائحتها التى تثير جنونه و تريحها فى نفس الوقت و ردد بقين تام : أكيد لأ ، أنا متأكد أنك كنتى طفلة زى القمر.


زمت شفتيها بغل مخفى و قالت: لأ ، ده انا كنت تخينه أوى و عندى حبوب كتير فى وشى و شعرى مقصف و ......


لم يتركها تكمل حديثها و إنما وضع يده على شفتيها يقول : أكيد لأ طبعا.


حاولت التملص من بين يديه غير مهتمه بإنزعاجه و قالت : بس دى حقيقة كل بنت ، كلنا بنعدى بالفتره دى و خصوصاً أنا لأن ماما ماكنتش مهتمه بيا و مابقتش قادره أهتم بنفسى و أظهر جمالى و أعالج أى مشكلة عندى غير لما بدأت أكبر و أفهم يعني من بعد الثانوية كده.


ضمها له مجدداً كى تعود لأحضانه و قال :طيب ما تقولى كده و انتى قاعده فى حضنى لازم تقومى يعنى.


أحتضنها من جديد و قال : أحكى لى بقا ، مامتك ماكنتش مهتمه بيكى ليه؟


بالتأكيد لن تجيه فحاولت المراوغه و قالت: نتكلم فى الموضوع ده بعدين .. أنا دلوقتي جعانه أوى ، أنت مارضتش نروح نتعشى معاهم بالليل و أهو النهار طلع و أنا ما أكلتش .


قرص مقدمة أنفها و قال : حبيبى الجعان يا ناس ، نص ساعه و الفطار هيبدأ و كمان الباقيين هيصحوا ، تعالى فى حضنى الشويه دول قبل ما الكل يصحى و يتجمعوا حوالينا و يبقى أزعاج .


لم تعد تريد ، خرجت من البلووره الوردية التى سكنتها معه طوال الليل بمحض إرادتها و بعد حديثه هذا إستفاقت و خرجت منها .


أرادت إنهاء اللقاء و ليذهب و رغباته للجحيم ، من قال له أن كل ما يريده منها سيحظى عليه ، يجب أن يتعود على ذلك.


فوقفت بسرعه قبلما يحاصرها بين ذراعيه القويه مجدداً و قالت : أنا لازم الأول أخد دش و بعدين نفطر.


نظر لها بتقييم خصوصاً فساتها الأبيض الذى يضيق على جسدها الممتلئ و رأى أن ما تقوله فكره جيده .


ضياء : كويس بردو عشان تغيرى الفستان و ما يتلبسش تانى .


رفعت إحدى حاجبيها من يظن نفسه ، تلاشت نبرة الهيام التى رافقت جيجى التى رغبت بأن تحظى بوقت رومانسى حتى و لو لم يكن صادق و يخصها ، من تقف الآن هى تقى ... تقى المجروحه منه دائما فمن يظن نفسه هذا كى يأتى الآن و يتحكم بملابسها.


لذا قالت بشئ من الحده : نعم ؟!


تحفز كلياً حين تحسس فى حديثها ببصيص من الإعتراض و الحدة و وقف من مكانه مردداً بقوه : إيه ما سمعتيش ، بقول الفستان ده و أى واحد نفس القصة ما يتلبسش تانى .


كتفت ذراعيها حول صدرها و قالت: ده ليه إن شاء الله.


لزم ذراعها بقوه و قال : يعني مش شايفه أنه مفصل جسمك كله ؟ ما ينفعش تلبسيه قدام حد .


تقى : ما أنا كنت لابساه قدامك دلوقتي.


اقترب منها و همس من بين أسنانه : و هو أنا أى حد؟ تلبسيه ليا أه ، قدام غيرى ممنوع ، فاهمه و لا أفهمك .


صمتت تنظر له و لا تعلم لما صمتت لكن الأكيد أنه لهدف غير برئ ، ربما أرادت زيادة جرعة السم المسدوسة فى العثل .


فأبتسمت له بخجل و قالت : حاضر.


ثم فرت مغادرة و هو يلاحقها بنظراته التى مرت على سائر جسدها من أسفل لأعلى يعض على شفتيه و يركل المنضدة المجاوره له بقدمه و هو يردد : أااه.. تتاكل أكل بنت اللذين .


وصلت غرفتها وهي تلهث ، أغلقت الباب بالمفتاح و هى تبتسم بشر ثم عمدت إلى هاتفها و أغلقته و بعدها تمددت على الفراش لتذهب فى نوم عميق مقرره عدم الذهاب له اليوم.


و لتجعله يتلظى بنيران الشوق و الإنتظار و هى هنا غارقه فى فراشها المريح .


أغمضت عيناها و نامت و هى قريرة العين كونها تراه يحترق أمامها يومياً نظير ما فعله معها قديما 

_______________________


صار له أكثر من يومان و هو ملازم لباب بيتها يجلس ينتظرها ربما منت عليه بنظره .


لكنها لم تفعل و لا يعلم لما لم تخرج منذ دلفت للداخل ، على ما يبدو قد أضحى مجنون أشجان كما يلقبه صديقه العجوز.


ثوانى و تهلل وجهه و هو يراها أخيراً قد خرجت من البيت تهم لكى تتحرك ، لكن توقفت و هى تراه واقف لجوار أعمدة البيت فى الشارع.


فصرخت فيه : يخيبك ، أنت واقف عندك بتعمل إيه ياالى ينخفى إسمك .


كاظم : ما بلاش يخيبنى دى و أنا داخل على جواز كده .


ضحكت ضحكه رقيعة و قالت : خيبة عليك و عليها أم بخت منيل إلى هتلبس واحد زيك.


كاظم: ماتقوليش على نفسك كده عيب.


إحتدت عيناها و صرخت فيه : بقولك أيه يا جدع أنت خد بعضك و لم عضمتينك المفشفشين و إتكل على الله ، يالا زوق عجلك ألا وقفتك كده تجيب الفقر.


تنهد بتعب ثم قال : خلى بالك أنا كده عملت إلى عليا و كنت كويس للآخر و طالب الجواز بالزوق و الأدب أنتى بقا إلى عايزه تشوفى الوش التاني.


على صوتها و قد نجح فى إغضابها و بدأت تهلل : نعم نعم يا عين خالتك أنت كمان واقف بتهددنى ، حوش حوش و الله و أبو ركب بايشه طلع له حس ، بقا أنت هتعلى صوتك عليا و تقلب على الوش التاني ده انا أشجان و الأجر على الله ، طب مش كنت تسأل عنى الأول يا نضرى بدل ما تيجى تبيع ماية فى حارة السقايين .


حاول التحدث بصوت منخفض يحذرها : وطى صوتك يا شيجو خلينا نتفاهم .


ضربت على صدرها تردد : و كمان بتقولى يا شيجو ؟ طب يالاهووووواااااااااى .


فى ثوانى أجتمع عدد كبير حولهما و سأل صاحب محل النجاره و الاخشاب: خير يا ست أشجان فى ايه.. حد اتعرضلك و لا حاجة ؟


همت لكى تتحدث لكن سبقها كاظم الذى قال : كويس إنك جيت يا ريس و أحضرنا ، إسم الكريم إيه.


فجاوب الرجل : زناتى.


كاظم : أنعم وأكرم ، مت الآخر كده يا معلم زناتى أنا جاى أستنجد بيكم من الست.. أنا جيت و طلبت القرب على سنة الله ورسوله يبقى عيب ؟


رفع زناتى كفه شاهداً و ردد : لا عداك العيب ، بس الأصول و الشرع بيقولوا انها لازم توافق .


كاظم : ما وافقت.. سبق و وافقت و روحت دفعت دم قلبى أيشى شبكة و لبس  ، قوم تيجى بعد ده كله و تقول لأ غيرت رأيى ده كلام ؟


كانت على شفا الجنون و هى تسمع كلماته الكاذبة و بدأت تصرخ فيه : شبكة إيه و لبس إيه يا جعان يا عريان أنت ده انا أكسيك و أكسى بلد من عينتك .


دارى ضحكته و قد أقسم إنه إما قاتل أو مقتول هذه الليلة فقال : أنا عارف أنك زعلانه و غيرانه عليا بس و الله أنا ما أعرف الست دى .


جحظت عيناها ، عن أى سيدة يتحدث هذا  فقالت : ست مين يا جدع أنت يا أبو عين بجحه هو انا أعرفك أصلاً.


تجاهلها و نظر لزناتى يقول له : أنا عارف إن قلبها أبيض و ما تقصدش بس انا بقا بصراحة غلبت منها كل شويه تقلب عليا كده فأنا جيت هنا لأهل حارتها عشان أكتب عليها و ساعتها أعرف لها صرفه.


أتسعت عيناها خصوصاً و هى تسمع زناتى يعلق : و الله راجل محترم و شارى لآخر لحظه و بصراحة عداه العيب يا ست أشجان.


تهلل وجه كاظم و قال : أنا بقول نجيب المأذون بقا  .


______________________


توقف بسيارته أمام مجمع الشركات التى أصبحت تابعه ل لمى .


العضب يفتك به ، لقد تمادت كثيرا و للحقيقة أنه يود ضرب نفسه مئة كف و كف لأنه هو من ساعدها بكل ما تفعله بغنوته الآن .


فمنذ غادرت معها و هى مسحوله فى العمل و لم يراها او يستطيع محادثاتها و أخبره العاملون داخل المكان ممن يميلون بإنتمائهم أليه أن لمى تصب عليها المهام كدلو الماء و لم تأخذ حتى قسط الراحة المكفول لكل الموظفين .


ترجل من سيارته و سار للداخل و بقبله خوف كبير من ردة فعلها بعدما فضحت لمى مخططه و أنه من ساعد و عمل على كسر أنفها .


ظل يبحث عنها بعيناه مادام هاتفها بعيد عنها و هى تعمل هنا و هنا بناء على أوامر السيدة لمى ، لكنه لم يجدها.


أستشاط غيظه و بدأ يسرع فى خطواته ناحية مكتب لمى .


فى نفس اللحظه التى خرجت فيها غنوة من غرفة الاجتماعات التى تسبق اللمر المؤدى لمكتب المدير التنفيذي.


لتهتف بنبرة لعوب : المز ده تايه و لا أيه ، أموت فيك يا متأنتك .


أنتبه لها مشدوه بأفعالها الأخيرة و كأنه يتعرف عليها من جديد .


و كردة فعل هوجائية على أفعالها التى باتت تثير كل خلاياه دفعها للداخل و أغلق الباب يتقدم و هى تتراجع بإبتسامة متلاعبة مغويه تردد : تحرش كده فى عز الضهر أنا ممكن أصوت على فكره.


توقفت حينما اصطدم رأسها بالحائط و قد تم إحتجازها بنجاح بين جسده و الحائط فقالت: الله الله .. ده تحرش رسمى فهمى نظمى يعنى ، طل حيث كده بقا ما تجيب بوسة .


نظر لها و هو للأن فعلاً مستغرب و منتظر لرد فعلها على ما قالته لمى فسأل : غنوة ، هو أنتى مش زعلانة منى .


عضت على شفتها كأنها تحولت لشخص متحرش و قالت : بقا حد يزعل من جوزوا بردو ، أه صحيح .. فين المأذون يا ولا .


رمش بعيناه و سأل : يعني مش زعلانة من كلام لمى إلى قالته عشان الشرط الجزائي.


نظرت له بلامبالاه و قالت : دى بت بغل ، بتعمل كده عشان تفرق بينا بس إحنا ماحدش يفرق بينا أبدا.. يا عمرى .


ظل يرمش بعيناه ، هل هو يحلم أم أصبح مختل و يتهيأ له أشياء و أفعال ليست موجودة من الأساس ؟! أم أن تلك الواقفه أمامه ليست غنوة ، أو هى غنوة لكن بعدما ذهب عقلها فسأل : غنوة أنا بتكلم بجد ،و بعدين...


قاطعته هى و هى تقول: لأ لأ أنت مش عاجبنى خالص ، فيك إيه مالك مضيق كده ، فك يا شبح خلينا نتبسط ، مش لو كنت كملت أكل المكرونة بالبشاميل بتاعتى كان زمانها مروقه عليك دلوقتي و عادلة مزاجك ، لكن هنقول إيه منها لله إلى اللهى ربنا يقل راحتها و بختها ما سبتلكش فرصه تدوقها حتى .


أنهت حديثها بغمزة عابثه و قالت : بس ملحوقة و لا تشغل بالك، ما تجيب بوسة بقا .


نظر لها بجنون و قال: هو انتى غنوة إلى أنا أعرفها ؟


فقالت : لعلمك أنا جوايا جتة باد جيرل كده مدكناها للحبايب .


أبتسم على حديثها فقالت : و أنا ماليش حبايب غيرك يا بطتى.

داعب وجنتها و قال :و الله أنتى إلى روحى يا غنوة، خليكى دايما قريبه منى لأن أنا فرحان بيكى أوى ، أخيراً رضيتى عنا ، بكلمة منك بنسى تعبى كله ، بس شكلك أنتى إلى تعبانه.


عضت على شفتيها بغيظ تردد : بنت المجنونه مشغلانى و الطور إلى داير فى ساقيه ، كنت بحضر لإجتماع عندها دلوقتي... بس كويس إنك جيت أصلك كنت واحشنى ، ماتجيب حضن بقا ، و لا أقولك هات بوسة .


ضمها له سريعاً فهو فى حاجة أليها أكثر منها ثم رفع رأسها يقبلها لتشهق متفاجئة و هى ترى الباب قد فتح على مصرعيه و تدرك أنها آلان بهذا الوضع أمام معظم موظفى الشركه و مديرى الأقسام و على رأسهم لمى التى أخذت تردد بغيظ : الله الله .


*****


الثامنة والأربعون 


وقفت فى وسط الجمع المحتشد تقسم ألا تمرر ما يحدث .


أما ذلك العجوز ذو الأقدام الذائبة فتقسم إن تسحق عظامه هذا على فرض أنه مازال يمتلك عظام من الأساس.


فهل قدم إليها كى يضعها امام الأمر الواقع يعتقد أنه يستطيع ذلك .


لا و الله فهو لم يعرفها بعد ، ليتحمل إذاً ، هو من جنى على حاله .


تقدمت منه تردد : بقا أنت مفكر نفسك ممكن تعرف تدبسنى ؟! تدبس مين يا روح الروح ، ده أشجان ، مش كنت تسأل عنى قبلا .


غمز له بعينه يردد عابثاً : و النبى إنتى إلى روح الروح يا حتة بوغاشة ، و أنا قتيل الليلة دى هتجوزك يعنى هتجوزك ، من الآخر كده أنا يا قاتل يا مقتول .


شمرت عن ساعديها و هى ترفعهم عالياً : تبقى مقتول ، طلبتها و نولتها ، تعالى لى بقا .


أتسعت عيناه برعب و هو يراها تهم لكى تنقض عليه حرفياً تنوى ضرب جبة رأسه بجبتها ، فتراجع خطوتان و هو مزهول يردد بصراخ : جرى إيه يا رجاله ، هضرب و أنا فى منطقتكم و لا ايه.


فهتف المعلم زناتى بغضب : جرى إيه يا ست أشجان مايصحش كده الراجل فى منطقتنا و عيب يحصل فيه كده .


أشجان: هو مش كان عامل فيها أماثل من شويه؟!  خاف و كش ليه دلوقتي ؟


أشهر كاظم أصبعه فى وجهها و هو يردد : خلى بالك أنا ممكن أسوي الهوايل بس انا إلى إبن بلد و أفهم فى الأصول و عارف إنه مايصحش أمد أيدى على واحده ست و خصوصاً يعنى لو كانت الست بتاعتى .


اهتزت شفتيها من شدة الغيظ و الغضب  سيدة من ؟ هل يرغب في فوران دمها أم إصابتها بشلل رباعى ؟


فتقدمت منه و هى تقول: ست بتاعت مين يا راجل يا ربع كم يا بواقى التصدير يا فرز تالت أنت ، ده أنت و إيمانات المسلمين لو شوفتك ماشى على الحيط بردو مش هوافق عليك.


مسح كاظم على صدره بحيث أصبحت تلك هى حركته المعتادة كلما رأها و قال : طب ليه بس كده ، و النبى شاري .


إلتف ينظر للمعلم زناتى ثم قال له : ما تحضرنا يا معلم ، أنت سكت ليه ، قولها أنى إلى شاري ما نبعهوش و كسف الطبيعة وحش .


تنهد زناتى و هو يهز رأسه ثم ردد: لا حول و لا قوة إلا بالله ، أنا كان بودى أوفق راسين فى الحلال بس زى ما انت عارف كل شيء بالخناق إلا الجواز يالإتفاق و هى لازم و لا بد تكون موافقه.


إلتف إلى أشجان سألها : و أنتى موافقه يا ست أشجان ؟


ردت عليه سريعاً دون الحاجة للتفكير و قالت : لأ، و يالا .. قوله يزوق عجله من هنا مش عايزين قلبت دماغ كل ساعه و التانيه .


إلتف زناتى إلى كاظم الذى تحولت معالم وجهه للحزن الشديد و قال له بأسف : ما علش بقا ، كل شيء قسمه ونصيب.


هز كاظم رأسه و هم ليتحرك قبلما تصدح صوت ضحكه رقيعه قادمة من وسط المتجمهرين.


أغضمت أشجان عيناها بغضب خصوصاً و هى تتوقع هوية صاحبة الصوت التى أقتربت تقول : معلوم هيكون لأ ، أنفد بجلدك يا أخويا ، خد ديلك فى سنانك و قول يا فكيك ،هى دى ليها فى الجواز ، دى مابيعيشلهاش رجالة ، كل ما تحط عينها على راجل تجيب أجله .


توقف كاظم مستغرب لما يقال و من هذه السيده بينما تقدمت أشجان متهورة تردد بصياح : لمى لسانك يا أم حسن ، أنتى يا اختى حاطه نقرك من نقرى ليه ، أنا لو منك أروح أشوف أبنى الحيله إلى طفشته من جنبى بسبب عمايلى السوده.


نظرت لها أم حسن بغل ، أشجان ضغطت على جرحها الغائر دون رحمه لذا ستضغط هى أيضاً على جرح عمرها و بدأت تدور حول الجمع المتجمهر فى حلقه و هى تصفق بيديها مردده : هييجى ، مسيرة يرجع لحضن أمه ، مش هسيب بنت ڤيولا تخطفه ، أهو حتى عشان ما تبقاش بنت ڤيولا علمت عليا زى ما أمها علمت عليكى زمان ، فاكره و لا تحبي أفكرك ، و لا تكونيش فاكره أنى مش فاهمه سبب لزقتك لغنوة و لا رفضك للعرسان .


أصفر وجه اشجان و بهت ، أم حسن لا تلعب بنزاهة مطلقاً ، لما تفتش فى جروح الماضى .


بينما أم حسن لم تكتفى بل نظرت إلى كاظم و قالت : روح شوف حالك يا استاذ ، دى زى ما تكون اتعقدت من الجواز و لا عمرها هتفكر في رجاله تانى ، مش ناقص لها غير عمليه و تقلب دكر.


خيم الصمت على الجميع و الكل مبهوت من تمادى أم حسن فى حديثها مع أشجان لطالما كانا فى نقار متواصل لكن لم يصلا يوماً لهنا .


الكل عينه على أشجان ما بين الشماتة و التعاطف .


ليصدح صوتها عالياً و هى تقول : العملية دى تعمليها انتى يا أم حسن و ساعتها تعالى هخليكى تشهدى على عقد الجواز .


أتسعت أعين ام حسن من الصدمه و الغضب و كذلك كاظم و لكن من الفرحة و هو يسأل : عقد جواز مين ؟


تقدمت منه تشبك ذراعها فى زراعة مردده : عليك يا سيد الناس .


أتسعت عيناه و ظل متخشب الجسد رغم أنها تشبكت به ك العرسان و قالت للمعلم زنانى : أبعت هات المأذون يا معلم .


تحركت و هى تجبر كاظم على السير معها و هى مازالت شابكة ذراعها بذراعه تردد : عقبال عندكوا جميعا ، تعالو اتفضوا فوق .


اخذت تسير للداخل و هى تطلق الزغاريد لنفسها فى الهواء و كاظم حقا مصدوم .


____________________


دقات عالية على الباب أيقظتها مفزوعة من نومها العميق تنظر حولها يمينا و يساراً تبحث حتى عن صديقتها نادين لكن لم تجدها.


و الدق على الباب مازال متواصل بل قد زاد حدة و عنف.


اعتدلت من على الفراش و وقفت كذلك و من شدة الدق المتواصل لم يتثنى لها حتى ارتداء خف قدميها.


ذهبت باتجاه الباب و هى تسأل : مين ؟


ليجاوبها ضياء بصوت واضح عليه الغضب المكبوت : أنا ضياء ، افتحى حالاً.


أتسعت عيناها و بالفعل فتحت الباب سريعاً لتراه أمامها و قد أحمر وجهه من الغضب.


و تقدم يقبض على ذراعها بكفه يسحق عظامها و هو يهزها بين يديه الغليظه مرددا: مش بتردى عليا ليه من ساعة ما كنا مع بعض، فضلت اتصل بيكى مش بتردى و بعدها اتقفل خالص .


هيئته بالفعل مخيفه بخرت أى ذرة شجاعة داخلها و ردت كاذبة : الفون فصل و الله.


لكن على ما يبدو أن تلك الإجابة لم ترضيه و بدأ يردد : لأ ما فصلش ، ده مقفول ، و بعدين أنا امبارح ما سمعتش رد منك على كلامى.


رمشت بعينها تسأل: كلام إيه ؟


زاد غضبه ، فهل نست أيضاً ؟


هتف بحده: كمان نسيتي ، نسيتى اعترافي ليكى و أنى بحبك ، أنا ضياء شداد إلي عمره ما اتعلق بحد و لا قال الكلمة دى لحد يوم ما أقولها ليكي تسبينى و تمشى و تيجى تنامى ، المفروض يكون عندك رد على الي قولته .


كان يهزها يميناً و يساراً بعنف و قد انغرست اصابعه فى لحم ذراعها يسحق عظامه من شدة غيظه فرددت بصوت متألم: أااه ، دراعى يا ضياء ، أنت بتوجعنى .


أنتبه على ما يفعله بها و نظر لذراعها المكشوف و قد بدأ يستحيل مكان قبضته للون القرمزى الذى سيتحول فيما بعد للأزرق .


فمد يده برفق يدلكه لها معتذراً


و الآن فقط حانت منه نظرة عليها و على ثوبها الرمادى قصير الطول مجسم للجسد يحتضن تفاصيلها المثيرة جعلت الدماء تغلى فى رأسه و قد سال لعابه عليها .


فبدأ يتقدم بخطوات بطيئة حتى وقف خلفها يحتضنها من ظهرها الذى أصبح مقابل صدره و بدأ يدلك بكفه على ذراعها المكدوم و يحتضنها بالذراع الآخر مردداً بينما يقبل رأسها و هو مغمض لعيناه : حقك عليا ، أنا بس أتجننت لما اختفتيى كده ، أنتى جننتيتى من ساعة ما شوفتك ، فى حاجه مش طبيعيه بتحصل.


أغمضت عيناها مبتسمه ليس استمتاعاً بل هى شامتة .


فى العادى لا تسير الأمور هكذا ، و لسرعة تعلقة بها تدخل ربانى 


ف بالطبيعى لا يقع رجل لامرأه خلال أيام و يصبح لها كل هذا التأثير عليه خصوصاً لو كان رجلاً مثل ضياء ذو التاريخ المسائى الحافل و المشرف.


كل ما يحدث و على ما يبدو انه ما هو إلا تخليص ذنوب ، لا تشعر حياله بأي شفقه أو حتى تردد ، هو يستحق ما يحدث أو سيحدث.


لكن مع ازدياد وتيرة أنفاسه الساخنه و شعورها للتو فقط بانخفاض كفيه من على ذراعها و بدأ يتحسس معدتها بدأت تنسى نوعاً ما و لانت بين يديه متذكرة أنه زوجها حتى لو لم يكن يعلم أنها هى تقى ذاتها.


شهقت بخجل و هى تشعر بشفتيه تهبط على وجنتها ثم ينتقل للثانيه كأنه يوزع قبلاته على كلا الوجنتين بالعدل و التساوى و يديه تزيد من ضمها له.


فذابت گقطعة القشدة حينما تتلامس مع جسد ساخن .


شعور سمحت لنفسها بأن تجربه خصوصاً و هو زوجها و نصف مصر تعلم أنها متزوجة من أبن خالها .


و سمعت صوته المختلط بأنفاسه المتهدجه يردد نن بين قبلاته : أنتى حلوه اوي يا چيچي لما بشوفك ببقى مش مسيطر على نفسى .


كلمة واحدة كانت كفيلة لأن تهوى من فوق تلك القمة الوردية التى صعدتها معه منذ لحظات ، هي بالنسبة له چيچى التى يعشقها على زوجته .


و ليست تقى التى لطالما تنمر عليها و أُرغم على الزواج بها .


تزامن مع دخول نادين من الباب الذي لم يحسن غلقة من شدة إنشغاله بها.


شهقت عليا بخجل و هى تراهما بهذا الوضع.


فانتبه كل من ضياء و تقى بينما نادين بدأت تردد : أنا أسفه كان المفروض أخبط .. بس الباب كان مفتوح.


خرجت سريعاً و أغلقت الباب خلفها و تقى تضع كفيها على وجهها تخفيه بهما ، سحب ضياء نفس عالى يحاول تخطى الموقف .


و أبعد كفيها عن وجهها يردد : ما تخبيش وشك عني.


هزت رأسها تقول: مكسوفة أوي منها و منك و من نفسى .


زاد من ضمها له و قال : أنا هشيل عنك كل الحرج .


نظرت له مستفهمة تسأل: ازاى.


قرص وجنتها ثم قال : بالليل هتعرفي ، بس دلوقتي تغيرى و تعالي عشان ناكل مع بعض ، ما أنا ما أكلتش عشان مستني الهانم بتاعتى ، عشر دقايق و تكوني قدامى ، اوكى؟

هزت رأسها موافقه و هى تبتسم : أوكى ، هغير بس و اجيلك


تقدم ناحية الباب بصعوبة ثم إلتف لها مردداً : طب ما أستنى يمكن تحتاجى مساعده .


أتسعت عيناها و صرخت فيه : امشي يا ضياء.


غمز لها بعيناه عابثاً ثم قال : أنا أقصد عشان لو إحتاجتي تشدى سوسته و لا تقفلي زرار و انتى لوحدك ف أنا فى الخدمة يعنى .


لكنها هتفت بحده : ضياااااء .


أبتسم لها مردداً: خلاص خلاص ، بس ما تتأخريش عشان كل ما بتتأخري بتلكك و أجيلك هنا و انتي حره بقا .


خرج من عندها و أغلق الباب لتتلاشى نهائياً إبتسامتها المزيفة و حل محلها المقت الشديد.


و بعد خروجه بثواني دلفت نادين تردد : مشي خلاص .


بقت تقى تنظر لها بصمت بينما نادين تقدمت مردده : بس إيه ده إيه ده ؟! إيه إلى أنا شوفته ده ؟ قال و تقولى لى مش طيقاه و سبب عقد حياتى ، ده انتى كنتي دايبة فى حضنه زى الشوكلاته السايحه .


بقيت صامته تماما، لن يفيد البوح و لن يتمكن منه من إعتاد الكتمان .


خصوصاً و الأمر مقعد المشاعر و التفاصيل .


فهى ربما لن يتثنى لها معايشة ذلك الشعور فى المستقبل ، تعلم جدها جيدا و تعلم ردات فعله لو طلبت الطلاق كما سبق وفعلت فرفض أيضاً.


كانت تعلم أنه من المتوقع أن مصيرها سيصبح مثل قطعة الأرض البور أو (البيت الوقف) فلن يعطوها حريتها من إبنهم و لن يتقبلها ضياء كزوجة خصوصاً فور علمه أنها تقى و ليست جيجى .


و الاكيد انها كذلك لن تتقبله كزوج فهو يومياً  يخونها ، و المؤلم أنه يخونها معها ، لم ترى فى عيناه و لو لدقيقة واحده أى لحظة ندم أو تراجع و لا حتى تفكير فى تلك البقرة التى عقد قرانه عليها و تجلس فى بيت العائلة بالقاهرة .


الكثير و الكثير من المشاعر المتناقضة التى لم يفهما أحد بالتأكيد ، هى وحدها من تفهم .


لذا التزمت الصمت و بقت تستمع لها بصمت تام و ما أن اقتربت منها حتى قبضت على ذراعها بغيظ تردد : انتي غبية و لا راضعة إيه و انتي صغيره.


نادين: من لبن امي و الله ده انا حتى فضلت أرضع سنتين .


زادت تقى من قبضتها على ذراع نادين و قالت: يبقى هو ده الي تخن مخك.


نادين: في ايه بس ، انتي صاحية من النوم تقولى يا شر إشطر ، أنا عملت ايه ؟


بدأت تقى من شدة غيظها تهز نادين يميناً و يساراً بغل و هى تردد : هو ايه اللي أنا أسفه كان المفروض أخبط ؟ إنتى دخلتى على واحد و مراتة اوضة نومهم ، هتكشفينا بغبائك الله يخربيتك.


صرخت فيها نادين: ما أنتو متجوزين فعلاً ، و إلى عملته كان بديهي لأنى عارفه أنكم متجوزين .


زادت تقى غيظاً و قالت : بس هو مش عارف ، أنتى كده بتلفتي إنتباهه يا غبية 


حاولت نادين إفلات ذراعها من قبضة تقى تردد بتألم : أااه ، أوعي أيدى يا مفتريه .


تقى بغيظ : تستاهلى قطعها و الله.


صرخت نادين  : الله ، فى ايه ،إتكسفت ، أعمل ايه يعنى ، أنا بنت ناس بردو ، و بعدين أنا أصلا قلبى مش مرتاح من ناحيته ، لايكون افتكرك و عرف كل إلي بنعمله .


توقفت تقى عن غضبها و بدأت تفكر فيما قالته نادين مردده : أنا كل حاجه فيا أتغيرت و هو اساساً كان نادر لما يوشفني و أشوفه ، لأ .. لأ يا نادين أنا إحساسي عمره ما كدب عليا ، ضياء ماعرفنيش .


صمتت نادين و قالت : هو للدرجة دى أعمى القلب و النظر ؟


أغضمت تقى عيناها بألم فقالت نادين: لو كده بجد يبقى ما يستحقش أى رحمة و أنا معاكى فى أى حاجة أنتى ناوية عليها.


إحتضنتها تقى و قد أدمعت عيناها : و الله أنتى الحاجة الوحيدة إلى مصبرانى على كل القرف اللي فى حياتى يا نادين.. 


بدأت نادين تربط على كتفها تهدهدها مرددة : أنتى أختى يا بت ، ده انا أروح معاكى جهنم.


أبتعدت تقى تنظر لها بابتسامة ماكرة و قالت بنبرة صوت تخفي فى طياتها الكثير : لأ أنا مش هروح جهنم أنا هبعت لها ناس .


فصدحت ضحكة عالية عن نادين التى قالت : نقرأ له الفاتحة بقا مقدماً.


ضحكت تقى هى الأخرى و قالت : اقري له انتى مالوش عندى لا فاتحة و لا رحمة ، أنا رايحة أغير هدومى عشان مستني ، نتقابل على العشا.


______________________


وقفت لمى تنظر بغل لتلك التي تقف فى منتصف أملاكها تحتضن الرجل الذى أنتشلته منها إنتشالاً بل و استغفلتها و أستخدمتها متلونة كما الحرباء كي تصل له و الآن تقف بذلك الوضع الفاسق بمقر عملها هى و والدها.


الغريب أن هارون .. ملك العالم فى التبجح كان منحرج من ذلك الوضع أو هو منحرج لغنوة إن صح التعبير ، لم يشأ و أن ترى و هى معه بذلك الوضع وسط الموظفين العاملين معها .


فتح أزرار بذلته يحاول أن يخفيها داخلها لتباعته بحركة يدها و هى تتمسح بكفها على صدره غير مبالية لذلك الجمع و لا ترى إن هنالك أى ضرورة تجعلها تشعر بالعار 


بل نظرت ل لمى و قالت ببرود : مش تخبطوا قبل ما تدخلوا .


هز رأسه بمجون ، هو فقط يحاول الإستيعاب ، يسأل... أين كان مختفي ذلك الجانب العابث بشخصية غنوة و كيف إستطاعت إخفاءه .


بينما الموظفون أولا تغامزوا على ذلك الوضع الذى ضبطوهما به لكن الآن وقفوا مبهوتين مما يسمعونه .


و تحدثت لمى بغيظ : ده إيه البجاحه الخام إلى أنتى فيها دى ، ده بدل ما تتكسفى على نفسك و لا تتمنى الأرض تنشق و تبلعك تقومى تردى و تقولى كده ، إيه مابتتكسفيش .


ضحكت غنوة و قالت : أتكسف ليه ، واحده واقفه في حضن جوزها لا عيب و لا حرام.


لمى : هو بقى جوزك امتى و إحنا ما نعرفش 


ضحكت غنوة ضحكة سمجة و قالت : كتبنا الكتاب و مش فاضل غير الفرح بس أكيد أكيد أن هعزمك ، ماهو ماحدش هيشيل لى الشمع غيرك .


ضحك هارون ،  لم يستطع كبت ضحكته هو بالفعل مبهور من تصرفاتها الاخيره جدا.


بينما لمى تأكل بواطن فمها من الغيظ ثم قالت : حتى لو ، جوزك ده فى البيت مش هنا ، فى شركتى .


غنوة : و هو انتي سايبه لنا فرصه نتلم على بعض ماجيتي ورايا البيت نطيتى لنا فيه ، و بعدين أية إلى كل شوية شركتي شركتي ، إنتى فكرانى مغفلة مثلاً ، إنتي ناسية إن جوزي شريك أبوكى فى كل حاجه يعني أكيد الشركة دى من ضمنها .


التمعت عينا هارون و هو يدرك ذلك ، إذاً يمكنه إزالة ذلك الشرط الجزائي العفن عنها .


صدح صوت لمى الغاضب ترد لها كيدها : أكيد و إلا ماكنش قدر بنفسه يضيف الشرط الجزائي عشان يذلك .


خاف هارون كثيراً من تكرار لمى لحديثها و هو بالأساس يدعو الله أن يمر الأمر على غنوة و لا تدق بالحديد فوقه و قد تتغير و تبتعد ثانيه بعدما ذاق حلاوة رضاها عنه فقال بسرعه : لمى لو سمحتى خلاص ، وكفاية أوى لحد كده ، الموظفين موجودين ، يا ريت ما تنسيش إن ده مكان شغل.


الآن فقط تذكرت لمى عملها ، هى ما أن ترى غنوة حتى تتوقف عن التفكير العملى ، الغل يصنع غشاوة على عقلها و يحجبه تماماً.


لذا تحدثت بصوت مهني بحت : أحمم .. صح .. ياريت لو الأنسة خلصت شغلها هنا تروح تشوف باقى الي وراها .


صك هارون على أسنانه بغيظ فهى للأن لم تعتقها بينما غنوة تحركت للإمام و تصمنعت التعثر فى أحد المقاعد فصرخت متألمة .


على الفور أقترب منها هارون : مالك يا حبيبتي فيكى إيه ؟


غنوة و هى تنظر ل لمى : رجلى يا هارون رجلي مش قادرة .


اقترب منها يتحسس قدمها ثم قال : طب تعالي.. تعالى أنا هشيلك .


و بحركة خاطفة حملها أمام الجمع الذى شهق مما يراه و تحرك بها للخارج بينما هى تخرج لسانها للمى لتشعل غيظها أكثر و أكثر.


_________________________


وقف على سطح السفينة يشاهد يغمض عينيه و هو يبتسم ، كأنه يتذكر تلك المرة التى شاهدها فيها و هى واقفه بنفس الوضعية تاركة الهواء يداعب خصلات شعرها الطويل.


سحب نفس عميق و أتسعت إبتسامته و هو يشتم رائحتها ملئت المكان من خلفه و على ما يبدو قد سبقتها .


إلتف لها و وقف مبهوت ، يسأل سؤال ملح ، لما عليها كل مره إيقاف نبضاته ، و لما هى بكل هذا الجمال الا محدود.


بعمره لم تحركه أنثى هكذا كما تفعل" جيجي " و لم يسبق و أن بادر بأعتراف لأى أنثى عن حبه ، بل لم يطلب من أى واحده أن تظل لجواره .


كان دائما ملك اللعبة و هو من يحرك الجميع لكن على ما يبدو أن الحجر الدائر لابد من ضربه .


و قد ضرب على يد تلك الفاتنة.


ظل ينظر بإنبهار لفستانها الأخضر و هو يحتضن جسدها بليونه مضيفاً عليه و هج خاص خصوصاً بعدما فردت شعرها على طول ظهرها.


مد يده لها فتقدمت تشبك يدها بيده لكنه اوقفها أمامه و احتضن ظهرها له من جديد.


ضحكت بخفوت و قالت : تيتانيك ده و لا أيه .


جاوبها بهدوء و هو يتكئ بذقنه على عظام كتفها : لو بتحبي تيتانك يبقى هو .


تقى : يعنى ممكن تضحي بنفسك عشاني زي بطل تيتانيك .


لم يستغرق وقت فى التفكير إنما جاوب : البطل مات غرقان عشان البطلة .


تقى : اها 


أتسعت عيناها و هى تشعر به يغرز أصابعه فى لحم خصرها و هو يفترسه ليزيد من ضمها له مكملاً بنبرة مخيفة : أنا لو هموت هاخدك معايا عشان ماسبكيش و ييجى اليوم إلى ممكن تحبي فيه حد غيري ، إنتي ليا لحد ما تموتي سواء كنت عايش أو لأ.


إلتفت تنظر له ، لم يكن يمزح بل عيناه بها تملك مخيف .


حمحمت تجلى صوتها و قالت : أحمم .. أنا جوعت يالا بينا عشان العشا.


نظر لها نظرة شمولية ثم قال : أوكي ، روحي غيرى و تعالى .


نظرت نقي لفستانها الرائع و قالت : ما أنا لابسه أهو.


قربها منه بحده طفيفة و قال : الفستان تلبسيهولى و إحنا لوحدنا مش تظهري بيه قدام الكل.


دبت الأرض بقدميها تقول: يا ضياء بقا .


لكنه قال بإصرار شديد : شكلك صغيرة لسه و هتتعبيني معاكى ، إلى قولته يتنفذ و إلا تفضلى قاعده معايا هنا و مافيش مرواح لأى مكان.


زفرت بغضب و قالت : خلاص هغير ، أوعى بقا من قدامى ، أوووف .


أبتعدت من أمامه بضيق و ضجر و هو يضحك عليها مرددا : أوزعة بس خاطفة قلبي .


____________________


خرج من المصعد و هو يساندها و ما أن أصبحا أمام سيارته حتى ابتعدت عنه تسير على قدميها كأنها لم تكن تؤلمها ، بل لقد ركضت لتفتح باب السيارة و تجلس يالداخل تحت أعين هارون الذى يناظرها بصدمه كبيرة.


صعد هو الآخر لسيارته يقول : أنتي رجلك مش وجعاكي .


نظرت له بغضب شديد و قالت: أنت هتاكلنى بكلمتين ، تعالى لي هنا ، أنا عايزة اعرف إيه الى أنت عملته ده .


ابتلع رمقه بخوف، كان متخوف من تلك اللحظه التي ستتحدث فيها عن مساعدته للمى و اتفاقهما عليها.


فحاول التبرير : غنوة أنا....


قاطعته بحده: بقولك ايه ، بلا غنوة بلا زفت ، أنا كام مره قولت ما تطلعش من البيت و انت فاتح زراير القميص كده ، ايه يا بيه ، فرحان لي بشعر صدرك مثلاً.


أتسعت عيناه و هو لا يصدق ما تسمعه أذنيه و سأل : وات ؟


جاوبت بحده أعلى و إصرار شديد: زى ما سمعت ، و القميص إلى انت لابسه ده اصلا أخره باب اوضة النوم غير كده نو ، خاف مني يا هارون أنا لما بقلب ببقا وحشه و غيرتي مجنونة.


جذبها ليضمها و هو يضحك بجنون : هههه .. مش مصدق بجد.


غنوة : يالا وصلنى لشغلى .


أبتعد عنها يقول: ايه ؟ شغل إيه ما انتي لسه مخلصه.


غنوة : هقول ايه ما الإهتمام ما بيطلبش .. أنا بقالى فترة بأسس شغل لنفسى يا باشا ، صح النوم .


هارون: شغل إيه ، طب و المأذون .


غنوة: هارون الله يخليك ، ده انا عملت الفيلم إلى فوق ده عشان أقدر ازوغ و أروح اباشره أنا حاطة كل ما أملك فى الشغل ده و بالليل نعدي على المأذون.


ظل ينظر لها بصمت غير راضي ابدا عن ما يحدث.

__________________


جلس بالحديقة و لم يذهب لأى مكان ، و الهانم للأن لم تعد الا يكفى هروبها منه و كذلك تتأخر لهذا الحد.


وقف عن كرسيه بلهفه و هو يرى سيارة أجرة تقف بجوار الحديقه و قد ترجلت منها زينب تسير بإرهاق شديد قاصدة الدلوف للداخل ، لكنه اوقفها بصوته العالى : زينب .. أستني عندك....


******""


التاسعة والأربعون


الوضع مذرى للغايه ، يبدو أنه قد وصل للحد معاها ، برود عيناها يوحي أنه قد فقد بغباءه كل الفرص.


تلك العينان البارده التي يتعرف عليها لتوه فعينا نغم القديمه كانت تشع سعاده و شغف كلما رأته.


صوته يثير بهجه فى وجهها الذى يستحيل للأبيض المشرئب بالحمره ... ذلك الوجه و تلك الملامح التى كانت و لا تزال اجمل من أجمل منظر طبيعي يمتع النظر و العين .


لكن تلك التى تقف الآن بأعين فقدت الشغف و المجون تجاهه لا يعرفها.


ظن فتحها للباب و السماح له بالدخول لهو موافقه غير منطوقه منها .


لكن ما يراه لا يبشر بذلك مطلقاً خصوصاً حينما أشاحت بوجهها عنه و كتفت ذراعيها حول صدرها تسأل بوجوم : أنت لسه هنا بتعمل ايه ؟ قولت لك أرجع على بلدك .


تقدم منها بلهفه يردد : من غيرك مش ممكن.


إلتفت توليه ظهرها و قالت بحزن كبير : فات الوقت يا حسن ، صدقني أنت بتضيع وقت على الفاضي.


أقترب منها أكثر و لف حتى أصبح هو مقابلها يقول برجاء: أنا بعت إلى ورايا و الى قدامى و جيت على بلد لا أعرفها و لا تعرفني و لا عارف أنطق كلمه واحده مع أهلها عشانك ، أنا نمت فى الشارع عشانك ، مش عارف أكل أو أشرب من ساعة ما جيت بردو عشانك ، أنتي مش عارفه أنا إيه إلي بيحصل لي كل ليله و لا بقضيها ازاى بس متحمل عشانك.


أسبلت جفنيها بألم ، لما هو مصمم على إلقاء كل حموله على عاتقها هي .


هو من فعل ذلك بحاله ، هو من وصل بها و بنفسه لتلك النقطه... نقطة الا عودة.


ضحكت بألم ، لطالما أحب ضحكتها ، لكن تلك لم يتمنى رؤيتها يوماً.


خصوصاً وأن ما سيتبعها لن يكن ساراً ابداً .


بالفعل تحدثت بكل ألم و قالت: اشطر واحد فى الدنيا في انك ترمي كل الذنوب الي كنت أنت السبب فيها على الطرف التاني ، أرجع بالذاكرة لورا شويه و افتكر لو نسيت ، أنت خذلتني بدل المره ألف ، أنت مش صعبان عليا خالص ، ياريت تطلع من هنا على المطار و ترجع بلدك لأن المره الجايه أنا مش هفتح لك الباب تاني.


هم للتحدث من جديد كي يرجوها لكنها تقدمت من باب البيت و فتحته ثم هتفت بقوه : إطلع برا يا حسن .


ظل ثابت فى مكانه ، لم يتحرك ، منصدم كلياً من شخصية تلك النغم التي يراها ، لقد كانت كالبسكويت الناعم بين يديه بالقاهره  ، فما الذى تغير ، هل طبيعة الطقس تغير من كلامح شخصيتها فأصبحت بارده كما طقس بلادها .


و أمام صمته التام قالت مجدداً بقوه: قولت لك إطلع برا .


تقدم بخطى حثيثة يتحرك ناحية الباب ، ينظر لها بإستعطاف عل قلبها يرق عليه ، لكنها كانت تنظر بعيداً عن عيناه، لن تتعطي مجال لإبتزازه العاطفي ابداً .


أصبح على أعتاب البيت فأغلقت الباب بقوه ثم سمحت لنفسها أخيراً بإطلاق صراح دموعها المحبوسه فى عيناها و تزحزحت أقدامها من تحتها شيئا؟ فشيئا حتى جلست أرضاً تبكي و تشهق .


المؤلم فى الأمر أنه كان يقف بالخارج يستمع لبكائها ، و يعلم تمام العلم أنه هو السبب لما وصلا إليه الآن و أنه أيضاً يتوجب عليه التحمل.


لن يعود إلى بلادها إلا بها ، أنه العهد الذى اتخذه على نفسه و هو يغادر مطار القاهرة.


سار في الشارع يعد النقود المتبقيه معه ، يعيش على الفاكهه و بعض الحلوى ، الطعام هنا غير مضمون ، لا يعلم مصدره و هل هو حلال أم لا .. و لا يعرف أسامي الاشياء هو فقط يشير للبائع على ما يريد و يأخذه .


أمواله أوشكت على الانتهاء ، لا يعلم كيف يتصرف .


أغمض عيناه بتعب و جلس على أعتاب أحد الدكاكين المغلقه ينظر على بيتها حيث يكمن أمله فى الحياة.


ثم رفع رأسه للسماء يسأل العون و الفرج لكن رغماً عنه غفت عيناه و ارتخى جسده من شدة التعب و الإجهاد مع النوم القليل.


و لم يستفق إلا على صوت رجل عجوز يضربه بشيئ ما.


فتح عينيه متفاجئ و نظر لما يحدث حوله ليجد عجوز تخطى السبعين بجسد ممتلئ بعض الشئ و ظهر محني يضربه بعكازه الذي يتكئ عليه و هو يتحدث بلكنته الألمانية.


لكن حسن لم يفقه كلمه واحده مما يتحدث بها هذا العجوز و ظل يردد: أنا أسف نمت غصب عني.. نمت غصب عني.


زاد العجوز في عصبيته خصوصاً و هو لا يفهم على ذلك الشاب و ظهر ذلك جلياً على ملامحه و هو يشير بعصاه على المحل المغلق .


فتحرك حسن سريعاً بعدما فهم أنه يجلس الأن أمام محله .


أبتعد تحت أعين العجوز الغاضب و تحرك قليلاً حتى جلس أمام بيت نغم مباشرة.


مر اليوم طويلاً و هو على وضعه ينتظرها ربما تخرج و يتحدث إليها من جديد و ذلك العجوز يراقبه ، يراه حينما يقف منتصباً حينما تخرج تلك الشابه الصغيره من شرفتها ففطن أنه عاشق ذوبه الهوى .


ضحك بحنكة و صمت قليلا إلى أن وجد طريقة للتواصل معه مادام لا يفقه لغته .


أخرج هاتفه الذكي و تحدث إلى شخص ما فأتي إليه بعد نصف ساعة و لم يكن سوى حفيده ذو الخامسة عشرة عاماً  يحكي له قصة ذلك الشاب..


و بينما يجلس حسن على الرصيف مقابل بيت حبيبته تفاجئ بذلك العجوز و معه فتي صغير يقفان أمامه .


تحدث الفتى له و هو بالطبع لم يفهم ، لذا أشهر هاتفه فى وجهه و قد اعتمد موقع جوجل للترجمة يكتب ما يريد بالألمانيه و الموقع يترجم فقرأ حسن : هل أنت هنا من أجل حبيبتك ؟


نظر لها بصدمه و هز رأسه إيجاباً.


كتب له الفتى من جديد : بأى لغه تتحدث .


اخرج حسن هاتفه و هو يشعر بانتصار عظيم بعدما أهداه ذلك الفتى الحل المثالي للتواصل هنا ، فعل مثله بالضبط و كتب له : أنا مصري و أنا هنا من أجل الفتاة التي أحبها و لا أعرف أى لغه سوى العربية.


ظلوا على نفس المنوال حتى عرف العجوز و حفيده قصته .


تهلل وجه حسن بفرحه عارمة حينما عرض عليه العجوز العمل لديه و وافق من فوره ، فهو فى هذه الحالة سيحصل على مال جديد من العمل و يضمن وجوده بجوار حبيبته و يستطيع مراقبتها في كل الأوقات .


_____________________


جلس على كرسيه فى حديقة البيت ينتظرها ، تخطت الساعه الثامنه ليلا و هي لم تعد للأن .


رغماً عنه و بلا أى سبب محددد يأكله غيظه بل ينهش أحشائه نهشاً .


ظل يأكل بواطن فمه من الغل و الغضب حتى وثب منتفضاً ما أن استمع لبوق سيارة الأجره يعلن عن وصولها.


تقدم لعندها بخطى ثابتة لكنها مخيفه حقا.


جف حلق زينب ما أن اقتربت بسيارة الأجرة تراه و هو يجلس بترقب متحفز لشيئ ما ثم وقف عن مقعده ما أن فتحت باب السيارة لتردد داخلها : أااااه .. ده جايلى أنا بقااا .


ترجلت من السياره و قد جف حلقها تماماً و هي تراه يقترب بهيئته الغير مبشره تلك ، لم يتثنى لها غلق باب السياره و لا حتى شكر السائق فقد أغلق هو الباب بحدة و عنف و صرف السائق بغلظه .


و ما أن غادرت السياره حتى حاولت التحرك نحو الداخل كأنها غير معنية بأي شيء .


و بفعلتها تلك زادت من غيظه و كأنه ينقصه فتقدم خلفها حتى أوقفها من ذراعها يردد : هوى أنا قدامك .


ابتلعت رمقها بصعوبه و قالت : هو في حاجه يا أستاذ يوسف .


نظر لها من أسفل قدميها حتى شعرها يطيل النظر على مواطن جمالها ثم قال : أستاذ ، بقيت إستاذ دلوقتي.


حمحمت بصعوبة و قالت بإيحاء عله يلتزم حدوده : إحترام الكبير واجب بردو و لا إيه ؟


عادت لتذكره بالفوارق بينهما مما زاد غضبه ، زم شفتيه مهمهما ثم قال: لأ حيث كده بقا تقولي لي يا دكتور يوسف ، ما أنا نسيت أقولك أنى زميل.


زينب : أنعم وأكرم.


أشعلت غضبه على الأخير و هي هكذا تجيب بإقتضاب متجنبه أى خطأ كي لا تغضبه فيطول الشد و الجذب ، النيه واضحه ... ترغب فى سد أى سبيل للحديث بينهما .


تظن أنها هكذا تتجنب المشاكل لا تعلم أنها تزيد من غضبه و غيظه منها .


فلتت أعصابه و قال  : مالك بتقفلي فى الكلام كده ، لا تكوني مفكراني واقف مستنيكي عشان واقع في هواكي .


أتسعت عيناها بصدمه و قالت: أنا ماقصدش 


هتف فيها بغلظه : ما انتي لازم تكوني ما تقصديش لأن دي حاجه بعيده عن أحلامك أصلاً أنا يوم ما أبص أكيد هبص لواحده زيي و من مستوايا ، كيفي مش جاي على الفلاحين نهائي يعني و أنا واقف دلوقتي و مستني سيادتك من بدرى عشان أعرفك أن جايلي ضيوف مهمين و مش عايو أى غلط يعنى لو مش بتفهمي فى الأتيكيت يا ريت ما تطلعيش من أوضتك و تفضحيني .


أغمضت عيناها تحاول إمتصاص غضبها ، لا تحبذ الصمت و لن تفعل .


تفضل رد الإهانة دوماً ، سحبت نفس عميق و أبتسمت بإستفزاز ثم قالت: أنا ملاحظه إن عندك مشاكل مع الفلاحين شكلهم معلمين فيك أوي ، قولي و سرك في بير ، حد منهم عمل فيك حاجه و أنت صغير .


أتسعت عيناه بصدمه ، أصابته فى منتصف جبهته لقد أحمر وجهه و برزت عروقه لدرجة أنها ندمت على ماتفوه به لسانها السليط .


هم ليقبض على عنقها بكفه الغليظ و قد انسحبت الدماء من وجهها من هيئتها ، لتأتي النجده المتمثله بالعم يحيي والده و الذى تقدم سريعاً يسحبها من أمامه و يضعها خلف ظهره مرددا بغضب: يوسف ، في ايه ؟ أنت اتجننت ؟


هتف يوسف بغضب: بابا لو سمحت ما تدخلش .

هز يحيى رأسه بجنون و قال : ما ادخلش أزاى ؟ ده بأمارة إيه يعنى ؟


إلتف لزينب و قال بهدوء: أطلعي أنتي اوضتك يا بنتي .


همت لتتحرك لكن يوسف أوقفها مردداً: مش هتطلع غير لما أنا أخلص كلام .


يحي: بجد ، يعني هتكسر كلمتي ؟


نظر لأعين أبنه و هو يحدث زينب : أطلعي يا زينب .


هرولت زينب سريعاً و يوسف يقف غاضب بشده ، تقدم يحيى من إبنه عدة خطوات ثم قال : يا ريت إلي فهمته يكون غلط .


اهتزت عينا يوسف و سأل: هو إيه إلي فهمته.


يحيى: ولااا ، أحنا رجاله زي بعض يعني لازم تبقى عارف اني فاهمك كويس ، بلاش تنسى إن البنت دي أمانه عندي .


ابتلع يوسف رمقه و سأل مجددا : تقصد ايه يعني مش فاهم .


تنهد يحيى بغضب ثم قال : بتصيع عليا يا أبن يحيى ، بس ماشى ، أقصد إن لو ليك شوق لحاجة قول لابوك و أنا أجيب كل حاجه بالأصول .


رد يوسف على الفور مستنكراً : شوق إيه و أصول إيه ، لاااا دي دماغك راحت لبعيد أوى.


إلتف يوارى توتره بينما يردد : أنا بس كنت بنبه عليها تتصرف عدل قدام ضيوفي مش عايز إحراج قدام صاحبي و مراته مش ناقص شغل فلاحين أنا.


أبتسم يحيى و قال ببساطة : لأ حيث كده أنا هنبه عليها ما تنزلش و يستحسن ماتشوفش وشها نهائي طول ما أنت فى البيت ، إيه رأيك ؟ أنا أهم حاجة عندي راحتك ، ده أنت الولد الوحيد.


اهتز فك يوسف من الغضب الذي فشل فى إخفاءه و قال: أيوه.. يكون أحسن بردو.


ثم تحرك سريعاً ناحية الداخل و يحيى يكبت ضحكاته بصعوبه .


صعد سريعاً و أغلق باب غرفته خلفه  ، جلس على طرف الفراش و هو يغلى من الغضب و يتوعد لها داخله يردد : ماشي ، بتتحداني ، أنا هوريها. 


وقف سريعاً و ذهب لغرفة شقيقته التي انتفضت من على الفراش تردد : فى حاجه يا أبيه .


اقترب منها و قد أختفى المنطق من الوجود بنظره و قال أمراً : أتصلي عليها .


نظرت له نور كأنه معتوه و سألت : هي مين .


يوسف : الهانم الي موانسة معاها .


سألت نور على الفور : قصدك زينب ؟ و هى كانت عملت لك إيه بس ، دى حتى دايما بتحاول على أد ما تقدر تتجنبك .


لم يهدئه حديثها كما قصدت بل زاد من غضبه و قال : لأ خلاص ما تتصليش ، انتي تجيبي رقمها .


توقفت لا تدري ماذا تفعل فصرخ فيها : يالااا .


أعطته رقم الهاتف و بدأ فى الإتصال ، لكنها لم تجيب.


فقالت نور على الفور ربما ينصرف عن صديقتها بغضبه : ماعلش تبقى أكيد نامت .


نظر لنور شزرا ثم قال : تمام أوى.


إلتف مغادراً و لكن ليس لغرفته إنما اتجه لآخر الرواق حيث غرفتها.


فتح الباب يقتحم الغرفه ليجدها هادئه خاليه.


ثوانى و وجدها تدخل من شرفة غرفتها تصرخ في وجهه بعدما أرتعبت من وجوده و هو فقط ينظر لها نظرات مبهمه .


_______________________


جلس على أريكة مريحه فى بهو الفندق يعطي للجالس أمامه مبلغ لا بأس به مرددا : هذا نص المبلغ و النصف المتبقي حين تجلب لي عنها كل المعلومات الخاصة بها منذ ولدت و حتى الآن.


التمعت عينا ذلك السمين الجالس أمامه و هو يرى حجم المبلغ و يقدره دون العد .


مد يده كي يضعه بأحضانه مردداً: أوامرك كلها مطاعه سيد ألبير ، فقط ذكرني ما إسمها ؟


ألتمعت عينا ألبير بشغف و هو يردد : غنوة ، غنوة صالح .


هز الرجل رأسه و قال: أمهلني أسبوع واحد فقط و سأتي لك و معي الخبر اليقين .


ألبير : ثلاثة أيام فقط 


فقال الرجل معترضا : و لكن يا سيدي .


هتف البير بحده : انتهى النقاش ، ثلاثة أيام لا غير ، و الآن أنصرف .


بالفعل أنصرف الرجل سريعاً و أرتشف ألبير المتبقي من قهوته ثم وقف كي يغادر و يصعد لغرفته .


لكنه اصطدم فى جسد صغير ، جعد ما بين حاجبيه و هو ينظر لتلك الفتاه التى رفعت رأسها تعتذر : أسفه سيدى .


هز رأسه بكبر ثم تحرك ناحية غرفته.


أغلق الباب و بدأ فى خلع ملابسه كي يحظى بحمام منعش ، فتش عن هاتفه و لكن لم يجده ، بدأ يتذكر اين تركه .


آخر ما يتذكره أنه كان موضوع أمامه على الطاوله و قد وقف و وضعه فى جيبه إلى أن اصطدم بتلك ال...


صك أسنانه بغضب ساحق و هو يتذكر إبتسامة تلك الفتاة ، بدت كما لو كانت قد ربحت رهان للتو .


ارتدى قميصه مره اخرى سريعاً و خرج من غرفته يقسم ألا يتركها .


_________________________


فتحت الباب و تقدمت و هي لا ترى أمامها من التعب ، اليوم كان كارثي بالفعل .


توقفت و هي تراه يجلس امامها ينتظرها و علامات عدم الرضا باديه على ملامحه.


تنهدت بتعب و هي تتقدم منه ، جلست لجواره مبتسمه رغم تعبها و قالت : حبيبي زعلان مني و لا إيه ؟


أشاح بوجهه بعيدا فقالت : معقول هارون زعلان من غنوته .


إلتف ينظر لها بحده و قال : ما غنوته سيباه طول اليوم مش بتسأل عنه و كمان فوتي معاد المأذون .


ضربت مقدمة جبهتها بيدها و قد تذكرت للتو ثم قالت: أوبس ، أزاى انسى حاجه زي دي بس .. أنا أسفه يا حبيبي.


هارون : لو كان الموضوع مهم عندك كنتي افتكرتيه .


غنوة : و الله مهم و أوي كمان بس لو تفتكر بردو و إحنا قاعدين فى العربيه بعد ما نزلنا من الشركه قولت لك هبقى مشغوله لمدة أسبوع عشان بوقف شغلي الجديد على رجله.


هتف فيها بحده: نعم ، أسبوع ، طب و أنا ، و جوازنا ، ده أهم من أي شغل .


تمسكت غنوة بكفيه ترجوه بإلحاح : عشان خاطري يا حبيبي و لو ليا غلاوة عندك ، تستنى عليا الأسبوع ده بس ، أنا حاطه الي ورايا و الي قدامي في الشغل يعني لو حصل حاجه لا قدر الله هبقى ضعت .


انتفض واقفاً ينظر لها بغضب و ردد مستنكراً: كل فلوسك و تضيعي ؟! أنا مش مرتاح لك يا غنوة ، أنتي ناويه تتجوزيني و لا دي خطه جديده من خططك .


أتسعت عيناها بصدمه ، ثم أغمضتهما بهدوء تحاول إيتلاع كلماته .


سحبت نفس عميق و وقفت حتى أصبحت أمامه تبتسم بهدوء ثم قالت  : ماعلش ، أنا هعدي إلي قولته و هخلق لك ألف عذر ، بس لو سمحت يا هارون بلاش تشكك فيا كل شوية و تخلي الماضي واقف بنا ، انا أصلا بحارب عشان أنساه .


عصف الألم داخله و هو يسب نفسه و لسانه الذى تفوه بما قاله و أحزن حبيبته .


وضع كفه على وجنتها وقال معتذراً : أنا أسف حقك عليا ، بس كلامك عكس الي بتقوليه ، كل شوية بتتهربي من معاد المأذون و قولت ظروف ، بس دلوقتي بتقولي شغلى و لو خسرت هضيع زي ما تكوني بتأمني نفسك بعيد عنى ، ناسيه إن جوزك عنده إلي يكفيكي و زيادة.


غنوة : إلى عندك ده بتاعك 


هارون: و أنا و أنتي إيه ؟


غنوة : أنا اتعودت على الشغل و إني ما امدش أيدى لحد أطلب فلوس.


ردد بصدمه: حد ؟ أنا حد ؟ شوفتي إنك مش صادقه في كلامك.


أدمعت عيناها على الفور و قالت: تاني يا هارون ، بلاش تحرجني كل شويه ، أنا مش وحشه أوي كده ، أنا بني أدمة بردو و بحس بلاش تبقى أنت و الزمن عليا ، معقول مش ملاحظ جناني بيك و أد إيه بحبك ، ده انا بحسك أبني البكري الي بحبه و بموت فيه.


صرخ فيها بجنون : ما هو ده اللي هيجنن أهلي ، التغيير ده هبلني.


زمت شفتيها بتعب ثم قالت : أنت بس الي لسه مش عارف غنوة كويس .


اقترب منها و تناول كفيها قائلا: يا غنوة ، عايز اتجوزك بقا ، أنا مابقتش قادر و انتي مصعباها عليا و بتقولي لازم مأذون  و فرح.


تنهدت بتعب ثم قالت: ممكن الوضع كله غلط ، أنا لازم أرجع بيتي فى الحاره لحد ما نعمل الفرح ماينفعش افضل قاعده هنا كده.


هتف برفض تام : ترجعي فين ده على جثتي ، أنا ما صدقت.


ترك يديها و هو يزفر بغضب ثم قال : خلاص أسبوع أسبوع بس خليكى هنا ، أهو نص العمى و لا العمى كله.


ضحكت بصمت و همت لتتحدث لكن قطع كل ذلك فتح الباب و دخول كاظم و هو متمسك بذراع أشجان يرد بصوت عالى : يا نجف بنور يا سيد العرسان يا سيد العرسان يا قمر و منور على الخلان اه يا نجف اه يا نجف حلو يا نجف .. ااه ... حلو و مدلع من يومك إسم الله عليك ملو هدوووو.


قاطعته أشجان و هى تحاول نزع ذراعها من تحت ذراعه تردد : ما تسيب أيدى بقا هو أنت قافش حرامي.


ردد هارون بحيره متسائلاً :هو في ايه ؟


تقدم كاظم يشيح بيديه و هو يقدم لهم اشجان قائلا : تعالي ، تعالي يا بطتي ، تعالي وريهم .


ضربته في معدته بغيظ فتأوه بألم ثم قال : بوغاشه ، قسماً بالله بوغاشه و عليها زبيب ، اموت أنا فى السمن البلدي.


صرخت فيه أشجان: ما تتلم بقا يا راجل أنت و أنت سايب من بعضك كده خلينا نشوف حل فى الشبكه السوده دي .


كاظم : حل إيه إلى نشوفه بس يا ملبن .


صرخت فيه بغيظ : بقولك ايه ، بقولك ايه ، أنت هتشتغلني ، أنت نسيت اتفاقنا و لا إيه ،بقولك ايه ، المولد انفض خلاص و النمره اتعملت ، يعني كانت خالتي و خالتك و اتفرقوا الخالات ، و دلوقتي خلينا نخلص و نطلق و عيشه تبعد عن أم الخير .


أقترب منها و قال و هو يتحرش بها بعيناه : لأ ده عيشه هتبان فى حضن أم الخير خلاص .


احمرت عيناها و قالت : و لااا .. إنت نسيت اتفاقنا.


كاظم: ولااا .. كل ده ولا.. بس ماشى هعديها لك .. عروسه جديده و بتدلع و كده .. بس إتفاق إيه الى كنتي تقصديه ، أااه قصدك نتجوز قدامهم و بعدها نطلق ؟


أشجان: ما أنت فاكر اهو.


رد كاظم بهدوء : لأ ما أنا راجل واطى أصلا.


هتفت بصدمه : إيه؟


در ببرود : و الله زي ما بقولك كده ، واطي و ماليش كلمة ، ده انا حتي سمعتي معروفة.


اشجان : لااا.. ده انت ماتعرفنيش ، ده انا لحمي مر .. هتطلق يعني هتتطلق .


كاظم : لااابد أن أدخل بكي .


رفعت حذائها و هي تصرخ فيه : تدخل بمين يالي يدخل عليك ملك الموت ، تعالى لي بقا .


بدأت تركض خلفه و هى مشهره حذائها فى الهواء تقسم أن تلقنه درساً معتبراً .


كل ذلك تحت أنظار غنوة و هارون اللذان ينظران لهما لا يفقهان شيئا فسأل هارون: هو في ايه يا عمي .


قال له كاظم و هو يصعد السلم هربا من أشجان التى تركض خلفه : أصل أنا و أشجان اتجوزنا .


أختفى أعلى الدرج و هي خلفه و وقف هارون لجوار غنوة يستمعان لاصوات التكسير و الضرب و هارون يردد: وات ؟


غنوة: مين دول اللي اتجوزوا ؟


________________________


كان يقف منتظرها و كالعادة يسبقها لعنده عطرها الذى أختلط مع رائحة هواء البحر .


إلتف لها لينبهر ككل مره من طلتها ، أختفت إبتسامته و هو يرى الدموع فى عيناها فسأل : مالك يا حبيبتي.


نظرت له تقى بدموع خادعه ثم قالت : أنا هنزل فى أول بلد المركب تقف عندها واخد طياره من المطار أرجع مصر .


وقع قلبه بين قدميه و اصفر و جهه و فكرة أبتعادها عنه تخنقه خصوصاً لو كان إختفائها مفاجئ هكذا و سأل : و نسبيني ، إزاى ده ؟ و ليه ؟


نظرت له و قالت بألم : شكلك نسيت اني مكتوب كتابي يا ضياء ...


توقف الزمن به و هو يقف لأول مرة يجرب شعور العجز و قلة الحيلة.


و هى تنظر له بتشفي تبتسم داخلياً برضا تام....


**********


الخمسين


دلف للبيت بخطى ثقيلة و متعبه ، كل شيء مظلم من حوله ، يدفعه للدخول فى حالة من الإكتئاب و المرض.


لا يعلم إلى أين يتجه ، قدماه هي من تسوقه لعندها يفتح الباب دون إستئذان كعادته و يزيح الغطاء قليلا ليندس فى أحضانها رغما عنها و دون أن يطلب و توافق.


فزت منتفضة من نومتها فبعدما كانت تستعد للغرق في نوم عميق و قد تدثرت بغطائها و طفت الاضواء شعرت بذراع غليظه تسحبها و تلفها حتى أستلقت على ظهرها و دفن رأسه و صدره بأحضانها .


لم تكن بحاجة للتعرف عليه ، تعرف فقط من ملمس جسده على جسدها .


لكنها سألت في تخبط : في ايه يا ماجد .


زاد من دفن رأسه فى صدرها و حاول لف ذراعيه حول صدره و هو يردد: أحضنيني قوي يا فيروز ، أحضنيني .


كانت نبرة صوته أشبه بالتوسل ، توسل لم يتردد في أظهاره أمامها فقط مما جعلها تسأله بقلق شديد : مالك يا ماجد ، ايه الى حصل ؟


أغمض عيناه مرددا: أنا محتاج لك قوي ، مابقاش عندي أي حاجة حلوة غيرك ، مابقاش ليا غيرك أصلاً.


زمت شفتيها بحزن عليه و أكتفت بالصمت ، تعرف تلك الحالة جيداً ، الكلام فيها غير مجدي .


تفضل ترك له المساحة إن اراد التحدث أو آثر الصمت .


لكنه قال : تعالي نمشي يا فيروز ، و لا أهلك و لا أهلي ، نتجوز و مش مهم مين يعرف و مين ما يعرفش ، أنا زهقت ، أنا مابقتش عايز غيرك.


حاولت التحدث فقال: ما ترفضيش ، أنا عارف انك لسه زعلانه.. عارف ، بس عشان خاطري تعالي نبعد ، أنا مش عندي أستعداد أخسرك إنتي كمان.


أغمض عيناه بحزن و قد فطن جوابها المتمثل في الرفض ، لكنه فتح عيناه بصدمه حين قالت : موافقة ، بس هنعمل كده إزاى ؟


انتفض من على الفراش و نظر لها يردد بذهول: إيه ؟ بجد موافقه ؟


هزت رأسها بثبات و قالت بإبتسامة هادئة : أيوه ، بس هتعمل كده إزاى ؟


أبتسم لها بسعادة و الجنون يشع من عيناه يردد: مش مهم هعمل كده ازاى ، المهم إنك موافقه تتجوزيني يا حبيبتي.


نظر لملامحها القريبه منه و قال بجسد مقشعر : أنا بحبك قوي ، قوي يا فيروز .


لم يستطع تمالك حاله و مال عليها يقبلها بجنون وشغف و كأنه نال الفرحه بعد التعب .


صدمت من فعلته كلياً وبدأت تحاول إبعاده عنها لكنها لم يحرر شفتيها من بين شفتيه و لا جسدها من بين ذراعيه بل بدأ بفقد السيطرة على نفسه و آخر ذرة تعقل تأمره بالتراجع .


ليفتح الباب على مصرعيه و تتقدم فريال التي قالت : حلو اوي ، أثبتوا لي على الوضع ده.


شهقت فيروز بصدمه و إلتف ماجد ينظر لها بغضب مرددا : أنتي بتعملي إيه ؟


ابتسمت فريال بتشفي و قالت : بصورك يا حبيب أمك و أنت مع إلي المفروض أنها أختك في سرير واحد و في الوضع ده ، مشهد يجنن خالص .


صك أسنانه و قال من بينهما: أنتي أتجننتي يا فريال مش كده .


حاول تغطية جسد فيروز و اندفع ناحية فريال يردد: هاتي الزفت ده.


أبتعدت عنه تخبئ الهاتف خلف ظهرها ثم قالت بتحدي : تؤ تؤ تؤ ، وطي صوتك يا حبيب أمك بلاش تخليني أصوت و ألمهم عليك عشان يتفرجوا .


ماجد : بلاش تلعبي معايا يا فريال ، و بلاش تفتحي على نفسك النار.


نظرت له بغضب ثم قالت: أنت إيه الى جرا لك ، طول عمرك كنت عاقل ، و دلوقتي جاي تهد المعبد على دماغي و دماغك و كمان عايزني اتفرج و أسكت ، كل ده ليه ، ما بنات العائلات كتير و كلهم يتمنوا نظره منك عشان أنت ماجد الدهبي ، إسم الدهبي الي عايز تفرط فيه بالسهوله دي هو إلي عملك بني أدم .


تقدم منها ماجد يردد : أنا بني أدم بيهم أو من غيرهم ..


هتفت بصوت مكتوم من بين أسنانها : إشمعنى دي ، شوف واحده تنضفك و ترفعك .


صرخ فيها بصوت مكتوم هو الآخر: بحبها ، و أنا و هي زي بعض ، إحنا الأتنين بني أدمين .. بني أدمين كويسين أوي من غير إسم الدهبي ، و هنبقى أحسن و أحسن من غيره ، و الكل هيعرف إن مش إسم العيله هو الي ممكن يعمل بني أدم صح .


اقتربت منه و قالت بغل : و أنا مش هسيبك تعمل كده ، انت سامع.


شعرت بيد تبعدها عن ماجد مما جعل ماجد ينظر لها بصدمه و كذلك فريال .


فقد ظن ماجد أنها ستبقى فى الفراش تخاول الإختباء من شدة الخجل ليتفاجئ بها تزيح فريال عنه بحده ثم تقول : شيلي إيدك عنه ، و بعد كده كلامك معاه يبقى عن طريقي أنا.


أتسعت عيناه و هو يسمعها مشدوه لا يسعه إبداء أي رد فعل .


كذلك كانت فريال لكنها لم تصمت و قالت : الله الله.. أيوه كده باني على حقيقتك ، واحده غيرك كانت تبقى عايزه الأرض تنشق و تبلعها بعد ما اتمسكت في سريرها مع واحد .


ضحكت فيروز لتثير غيظ نظيرتها ثم قالت: بس يا طنط فريولا الارض مش بتنشق و تبلع حد كتير  فلو هيبقى في فرصه لده يحصل فأنا كرم أخلاق مني هسيبه ليكي أنتي.


كبت ماجد ضحكاته بينما صرخت فيها فريال : أنتي بتقولي ايه يا بتاعه أنتي ؟


تقدمت منها حتى خافت فريال بالفعل و قالت فيروز: أممممم  ، زى ما سمعتي كده ، عشان أنتي إلي عامله مصيبه مش إحنا ، تخيلي لو مصطفى الدهبي عرف بعملتك السوده و إنك بقالك فوق الاربعه و تلاتين سنه مستغفله عيله بحالها .. فكري معايا كده هتبقى نهايتك إيه ؟


بهت وجه فريال بينما أكملت فيروز بإبتسامة سمجه : هسيب لك الفيديو إلي معاكي ده لو مفرحك اوي كده ، أو...


صمتت بتلاعب ثم بدأت تلتف حولها لتزيد من توتر فريال و إدراكها أن تلك الفتاه هي جحيمها على الأرض و جاءت لتخلص منها كل ذنوب أمها.


فأبتلعت رمقها بصعوبه و قد ارتفعت دقات قلبها و هي تستمع لصوت فيروز المتلاعب حين بدأت تكمل : أو في حلول تانيه حلوه بردو ، يعني مثلاً تخدميني و تقدميه لجدو .


سألت فريال بأستنكار مبطن بالخوف : أخدمك .


وضعت فيروز يدها على كتف فريال و قالت بنبرة كلها ثقة و تحدي : أممم ، عشان تبقي قصرتي عليا المسافات ، ف أروح اقولهم أنا و ماجد كل حاجه... إن ماجد مش أبنهم بس انا بنتهم و بحبه و ناويه اتجوزوا و هو بردو ماكنش يعرف و هو الي كبر كل شغل الذهبي و له فضل كبير على العيله دي و هما كده كده بيحبوه .. أنا معاكي أنهم هيتصدموا شويه و يزعلوا شويتين بس أكيد هيسامحوه لأنه هيبقى جوز بنتهم الوحيده و الاكتر من كده ...


صمتت تذيب أعصابها ثم مالت على أذنها هامسه تكمل: أنهم هيعرفوا و يتأكدوا إنه كان حتة لحمه حمرا لا جه هنا و لا خطط ، ده انتى إلى جبتيه .


انتفضت فريال كالملسوعه تبتعد عنها فصرخت فيها فيروز أمره: أخر مره أشوفك قريبه منه أصلاً ، كفايه الى عيشتيه فيه طول عمره ، من هنا ورايح أنا موجوده و أنا إلي هقف لك .. و بصراحه أنا بتلكك لك عشان إلي عملتيه في أمي ، فاهمه يا فريال.


صمتت فريال ، فقط كانت تقف متخشبة الجسد مصدومه فصرخت فيها فيروز بكبر: أخفي من قدامى حالاً و أحسن لك حاولي ماتخلنيش أشوفك قدامي اصلاً .


لم تستطع فريال التحرك من صدمتها فصرخت فيها فيروز من جديد تأمرها : برااا .


انتفضت فريال من مكانها و تحركت تغادر سريعاً و فيروز تنظر لأثرها بإنتشاء لتلتف أثر ذراع ماجد القويه بعدما جذبها له يضمها لأحضانه ، رغم كونها هي الأنثى لكنها تدافع عنه ، لأول مرة يجرب ذلك الشعور رغم كونه مدرك و متفهم لكل ما تفوهت به فيروز و أن فريال ماعادت قادره على تهديده لكن ... شعور أن هناك من يحميك ، يدافع عنك و يتصدى لأى أذى قد يواجهك شعور رائع جدا انعش قلبه و دب فيه الروح.


كان يضم نفسه لها و كأنها أمه ،مأمنه و أمانه يغمض عينيه براحه و الكلام لن يشرح صمته مع ضمه لنفسه في أحضانها و صوت تنهيدته الحاره المتعبه كانوا أبلغ من أي كلام.


ثم قال بصوت و كأنه طفل صغير باكي : أنا وصلت لأهلي يا فيروز .


نظرت له متفاجئة و هو بدأ يسرد على مسامعها كل ما أخبره به فلاديمير و توصل هو له .


______________________


انتهت من التنعم بحمام دافئ هادي ثم بدلت ملابسها لأخرى مريحه بعض الشيء و هبطت الدرج حتى وصلت للطابق الأرضي تتجه حيث المطبخ الذى وقف هارون فيه يعد لها بعض الشطائر السريعه كما أخبرها.


توقفت  تضع يدها في خصرها و هي تسمع صوت قهقاته العاليه ، تجلى الغيظ على وجهها و بدأت تهز فى قدميها ثم تقدمت منه تقف خلفه قائله بصوت عالي: جعانه عايزه أكل .


أبتسم له و وضع يده على رأسها يغرز أصابع كفه فى فروة شعرها يداعبها و هو يبتسم لها بحنان لتردد مره اخرى بحده: قولت لك جعانه .


نظر لها بأستنكار و أشار لها بمعنى ( ثانيه واحده) لكنها زادت من هز قدميها و بدأت تدب بهما الأرض و هي تقول : لأ مش هستنى .


أستغرب كثيراً ردت فعلها و حاول إنهاء المكالمه و هو يقول للطرف الآخر : طيب ماعلش هكلِمك وقت تاني و كمان أنتي ظبطي و كمليني . .. أوكي.. باي .


أغلق الهاتف و قال مستغرباً: ايه يا حبيبتي خلصتي دش ؟

نظرت له بحقد و قالت : أيوه.. كنت بتكلم مين .


هارون: دي الأسيستانت بتاعتي ، ما أنتي عارفاها .


ضيقت غنوة عيناها تصك شفتيها و هي تتذكر مساعدته مايا ذات التنانير القصيره و قالت من بين أسنانها : أيوه عارفاها ... ايه بقا كانت بتقولوا بيضحك كده و يشغلك عني.


أبتسم بتلاعب و بدأ يقترب منها يردد : دي غيره دي ؟


لكزته في صدره بغيظ و قالت : لأ طبعاً.


إلتفت توليه ظهرها و بدأت تغرس السكين فى الخبز الفرنسي كأنها تغرسها في قلب أحدهم و هي تردد : أنا مؤمنه جدا بحرية الشريك ، و لازم كل واحد ياخد حريته و مساحته الشخصيه .


دقت الفرحه قلبه و أبتسم بسعاده بينما يقترب منها و يحاول أخذ السكين و هو يردد : واضح يا حبيبتي ، سيبي السكينه بوظتي العيش .


نهرته بحده : أبعد عني 


فهمس لها: ما أقدرش .


طوق خصرها بيديه يردد بهمس في أذنها : ما أنتي عارفه إنك روحي و النفس إلي بتنفسه .


ضربته بكوع ساعدها في معدته ثم قالت : قولت لك أبعد عني بدل ما اخلي السكينه دي تعلم على رقبتك.


تأوه متألماً ثم حاول تمالك نفسه و قال متأوهاً : ايدك تقلت أوي يا حبيبتي.


نظرت له بطرف عيناها و مازال الغضب و الغيره مسيطران عليها فتابع مبتسماً : و بعدين عايزه تقتليني ؟ أهون عليكي يا غنوتي .


ضحكت رغماً عنها و قالت : إنت هتمثل ، يعني هي أول مره.


ضحك هو الآخر على تلك الكوميديا السوداء التي تحيط حياتهم  


ثم قال : في دي بصراحه عندك حق ، طلعتي قتالة قتلا ، الواحد خايف على الولاد لا يطلعوا شبهك .


نظرت له مستغربة و سألت : ولاد مين ؟


هارون : ولادنا يا روحي و لا لا تكوني مش ناوية تخلفي مني .


تنهدت بتعب قائله : هو انا عارفه اتجوزك حتى عشان ابقى أجيب عيال ، ده انا هطلع دلوقتي أنام عشان عندي شغل الصبح أد كده .


أسبل جفناه بتعب يتنهد و فتحهم من جديد ثم قال بعدم رضا: هو هيبقى كل يوم و لا إيه ، أنا جبت أخرى.


قضمت قطعه من الخياره التي بيدها و قالت بتشفي : عشان تبقى تتفق عليا أوي ، شوفت ، من حفر لأخيه حفرة وقع فيها.. تستاهل.


ضيق عيناه بغيظ و بدأ يقترب منها قائلا: ده على أساس إنك ملاك ، سبيني ساكت، أنتي المفروض دلوقتي تكوني على طبلية عشماوي .


حمحمت تجلي صوتها و هي تضع يدها على رقبتها و كأنها اختنقت من السيره فقط ليكمل هو متلاعباً بينما يداه امتدت متلاعبه تحاول إختراق منامتها يردد : حفرة إيه و أخيه إيه.. إنتي بالذات مااااينفعش تبقي أخيه خالص .. خالص يعني .


شعرت بيداه قد نجحت فى أختراق منامتها و بدأت تصل لأماكن خطره فابتعدت سريعاً تردد : أنت قليل الأدب.


قهقه عالياً و هو يراها تفر من أمامه تصعد الدرج فقال: استني عندك رايحه فين.


جاوبت بحسم و قد وصلت لنهاية السلم : مستحيل أستنى  في نفس المكان مع واحد قليل الأدب زيك .


جلس على الكرسي من خلفه و هو يردد بحسره: هي فين قلة الأدب دي هو انا عارف أقرب منك .


صعد الدرج يفكر في حل سريع للتخلص من ذلك الشرط الجزائي ، تباً له و لليوم الذي فكر فيه بذلك التفكير.


فكر فى المرور على غرفة غنوته لم يشبع منها بعد ، لا بأس من قبلة خفيفه منها.


لكنه توقف و هو يرى عمه كاظم صاحب الصولات و الجولات يخرج من غرفة نومه مرتدي لشورت قطني قصير جدا من اللون الأحمر و تي شيرت قطن بلا أكمام بعدما دفعه شخص ما بقدمه خارج الغرفه بقوه. 


و من ستكن سوى تلك المتجبره أشجان التى صرخت فيه : يالا يا راجل يا ناقص .


كاظم : أنا عملت ايه بس يا شيجو ... ده أنا كظ كظ حبيبك .


فتحت الباب مره اخرى و ألقت له بواقي ثيابه التي خلعها في الغرفه تردد : مفكر نفسك ممكن تلمس أشجان ده بعدك .


أغلقت الباب فى وجهه بحده و عنف و وقف كاظم لا حول له و لا قوه ، أقترب منه هارون يكبت ضحكاته بصعوبه و سأل : خير يا عمي ، في مشاكل مع الجماعة و لا إيه ؟


حاول كاظم الرد عليه لكن جاء الرد سريعاً من تلك التى تقف خلف الباب في غرفتها حيث نهرته بحده : جماعة مين يالي يتقصف عمرك ، لم نفسك بدل ما أجي لك و أنا بتلكك لك أصلاً .


ضحك هارون جدا و نظر لعمه الذي يقف بلا حول و لا قوة يقول متوسلاً : ما تفتحي بقا يا حبيبتي هو انا كنت لحقت أعمل حاجه.


سأله هارون ضاحكاً: خالص ؟


كاظم: هي بس شافتني قلعت القميص و قلبت الدنيا فوق مني .... أنا خوفت  يا هارون .


لم يستطع هارون كبت ضحكته هذه المره و أنفجر ضاحكاً يحاول تخطيه كي يذهب في طريقه و كاظم يناديه : طب سايبني ورايح فين ، هبات فين أنا دلوقتي.


هارون: هههههه مش قادر بجد.. ممكن تقضي الليله على الكنبه تحت أو تفرش فى المطبخ.


حانت منخ نظره على شورت عمه القصير فقال : الشورت الأحمر هياكل منك حته ، ههههه مش قادر بجد .


كاظم: اما أنك واطي بصحيح ، تستاهل إلي بيتعمل فيك 


هارون : عارف ، سلام يا ... يا عريس.. هههههه أقصد يا كظ كظ .


تقدم و مازالت ضحكاته تصدح عالياً تملئ البيت حتى توقف عند الغرفه التي تستوطنها غنوة ، وضع يده على مقبض الباب فقفز لذاكرته على الفور مشهد عمه و أشجان تلقيه خارج الغرفه ليحمحم بقلق و يتراجع سريعاً و هو يردد : الطيب أحسن .


ثم ذهب لغرفته و أغلق الباب على أمل الخلود سريعاً للنوم .


______________________


وقفت أمامه و هي ترتجف من الخوف ، تنظر له بترقب ، ابتلعت رمقها تحاول تهدئة نفسها كي تتحدث بتروي خصوصاً و هي تراه واقف أمامها بغرفتها و وجهه لا ببشر بالخير مطلقاً .


أجلت صوتها و سألت بأدب شديد : في حاجه يا دكتور يوسف.


أقترب منها يقبض على ذراعها يهزها يميناً و يساراً ثم قال: أنتي مفكره نفسك إيه هااا، ازاى أبقى بكلمك و تسبيني و تمشي .


حاولت إفلات نفسها من بين ذراعيه و قالت: أبعد إيدك عني ، أنت بأي حق تعمل فيا كده .


زاد غضبه منها و بدأ يتحدث من بين أسنانه: أنتي كمان مش عاجبك و بتعلي صوتك عليا !


صرخت في وجهه : أيوه مش عاجبني و تحترم نفسك و أنت بتتكلم معايا ، مين سمح لك تدخل عندي و لا مفكر عشان عايشه في بيتكم هتستعبدني ، أنا مش هسكت ابدا على إلي بيحصل ده.. أنا بنت ناس.


رد عليها بفظاظه : ايوه ، و أعمل فيكي إلي يعجبني و وريني بقا هتعملي إيه و ما تفكريش إن إلي عملتيه هيعدي على خير. 


زينب : إلي أنت عملته هو إلي مش هيعدي على خير و اتفضل إطلع برا .


صدم يوسف و سأل مستنكراً: نعم ؟


زينب : قولت لك إطلع براااا .. و أحترم نفسك معايا و إلا هنادي عمو يحيى دلوقتي هو يشوف صرفه معاك.


تقدم منها عدة خطوات و قال بغضب : أنا مش بتهدد و أنتي عارفه بلاش تخليني أقلب على الوش التاني معاكي .. خليني حلو أحسن لك .


صمت و قد رأى الدمع يترقرق في عيناها ، فتوقف عن طريقته تلك و قال بصوت هادئ بعض الشيء  : أنا كنت جاي لك عشان اقولك أن جايلي ضيوف و عايز أعرفك عليهم مش أكتر و كمان أعرف ليه مشيتي و ما خلتنيش اوصلك.. بس كده.


أغمضت عيناها بألم و صبر ثم قالت : لو خلصت كلامك ممكن تتفضل دلوقتي.

حاول التحدث مره اخرى ، لما تزيد عصبيته و لا تقدر طريقته اللينه في التعامل ، أنه يسأل عن حالها 


يوسف: زينب أنا...


ذهبت لعند الباب و قالت : هتطلع أنت و لا أطلع أنا دلوقتي.

تقدم منها بغضب و قال : أنتي ليه مصممه تضايقني.


أغمضت عيناها تخفي دموع ذلها التي أذاقها لها ثم إبتسمت بحزن و قالت : ماعلش ، من بكره لا هضايقك و لا تضايقني.


نظر لها بتوجس و سأل : يعني إيه ؟


قالت بتعب و نفاذ صبر : كلامي واضح يا دكتور يوسف أنا لا هضايقك و لا أنت هتضايقني و اتفضل لو سمحت عايزه أغير هدومي .


نظر لها بعض لحظات ثم قال : تمام .. مش عايز غلطة بكره و لا مشاكل .. سامعه.


صمت و لم تجيب عليه ، اكتفت بهز رأسها فخرج من غرفتها و هو أكثر غضباً بسبب هدوئها و لا مبالاتها مع.


و قد مر عليه الليل طويل جدا بعدما جفاه النوم


و في ظهر اليوم الثاني.


هبط الدرج و هو يتلفت حوله ، يبحث عنها منذ الصباح لم يراها ، حتى لم تحضر الفطور.


دق مراراً على هاتفها لكنها لم تجيب و في النهاية وجد الهاتف مغلق .


حاول التظاهر بعدم الإهتمام 


دلف للمطبخ يتحدث مع الطباخ .


يوسف : أنا عندي عزومه كبيره النهاردة و عايز حاجه تشرف .


الطباخ : أوامرك يا فندم ، عازم كام شخص 


يوسف : اتنين و أنا و بابا و أخواتي البنات و البنت دي إلي إسمها زينب .. أحممم .. هي فين صحيح مش شايفها من الصبح .


سأل متظاهراً بالكبر و عدم الاهتمام فيما رد الطباخ : مش عارف و الله .


تشنج فك يوسف من الغيظ لكن حاول الحفاظ على ثباته الإنفعالي و خرج من المطبخ يقول لنفسه أنها بالتأكيد قد ذهبت للجامعه و بعد ساعات ستعود ككل يوم .


لكن مضى نصف اليوم و أقترب المغرب و لم تأتي ، ضيوفه على وصول ، يتوجب عليه الذهاب للإستحمام و تبديل ملابسه لكنه لم يفعل و بقي مشغول بها و بغيابها عنه .. حتى عادت شقيقته نور من الجامعه و اقتربت منه مبتسمه : مساء الخير يا أبيه ، ها ضيوفك إلي قالب البيت عشانهم وصلوا ؟


يوسف : لسه ، هي زينب فين مش متعوده ترجع معاكي .


زمت نور شفتيها و قالت : مش كل ، يوم بس أنا بصراحة مستغربه طول اليوم لا كلمتني و لا جت لي الصبح زي عوايدها حتى على الفطار ماكنتش موجوده.


يوسف : يعني إيه ؟ مالها ؟


نظرت له نور بخبث ثم قالت ببرود: و حضرتك مهتم ليه يا أبيه ما تسيبها براحتها.


إرتبك يوسف قليلاً ثم قال : مش بني أدمة و عايشه معانا .


نور: هممم ... ايوه صح .. بس يعني لو كده كنت أولى تهتم بأختك إلي درسها واجعها بقاله قرن و مش منيمها الليل .


زفر يوسف بحنق ثم قال : دكتور هاشم إلي جاي النهاردة هو و مراته يبقى من أكبر دكاترة السنان في مصر هحجز لك عنده... هو صاحبي جدا .

.زمت نور شفتيها بصيق ثم قالت : ده بدل ما توديني عند شاب حليوه و مقطقط كده تاخدني عند صاحبك إلي هو من سنك ... 


يوسف: قصدك ايه ؟ أنا عجزت مثلاً.


نور : ااا.. أحمم .. مش قصدي .. أنا هطلع أشوف زينب أحسن.


تركته و هرولت متجهه لعند زينب تبحث عنها و هو جلس يفكر : معقول ، لما اختي شيفاني عجزت امال الناس برا إيه ، أوووف ... و الهانم دي راحت فين هي كمان .. بس عادي ، و لا يهمني .


هب من مكانه متفاجئ بعدما إستمع لصوت شقيقته تناديه ، اتجه سريعاً حيث مصدر الصوت .


فوجد نفسه في غرفة زينب الخاليه تماما من كل متعلقاتها الخاصه و التي كانت تضعها هنا ، حتى الثياب لم تعد موجودة.


زاد خفقان قلبه و تشكلت غصه مريره في حلقه يسأل : يعني إيه ؟


جاوبته نور : زينب شكلها مشيت خالص و من غير ما نعرف.


ابتلع رمقه بصعوبه و سأل : و هي ما كلمتكيش ، ما تعرفيش هي فين ؟


نور : و أنا لو أعرف هقف معاك هنا كده .. ما أعرفش.. أنت كنت بتسأل عنها إمبارح و عن رقمها ، هو حصل منك حاجه ضايقتها .


صرخ فيها بعصبيه مفرطه : و أنا مالي و بعدين هي مفكره إيه ، خلاص الدنيا هتقف في بعدها ، و لا يهمني أو يشغلني أساساً ، و لا في دماغي .


أنتبه على صوت الخادم قد جاء من خلفه و قال : الضيوف وصلوا يا بيه .


رد عليه يوسف بحده : روح قدم لهم حاجه و أنا جاي وراك .


هم لكي يغادر فأستوقفته نور : إنت رايح فين يا أبيه ، مش هتدور على زينب .


رد عليها بكبر : مش قصتي ، براحتها.


تحرك ناحية الباب كي يغادر لكن توقف قائلاً : أنتي بقا فكري مع نفسك و شوفي هي ممكن تكون راحت فين و أبقي عرفيني مش عارف هيبقى عندي وقت أروح و لا لأ ، هشوف ساعتها ، أنتي بس أفتكري بسرعه .


_____________________


وقف ضياء أمامها مصدوم و قد شحب وجهه يسألها : يعني إيه ترجعي مصر ، أنا عمري ما هسمح لك بكده .


أغمضت عيناها و تصنعت الحزن و قلة الحيله ثم قالت : لازم أرجع لأن أهلي عايزين يتمموا جوازي و نعمل فرح و دخله .


جن جنونها من كلماتها التي تقولها بكل تلك البساطه و هو ما أن تخيل فقط زفافها على آخر غيره قد جن جنونه بدأ يتحرك بصعبيه و غضب يركل قدمه بحافة المركب ثم صرخ فيها : إنتي إزاي بتقولي كده قدامي إزاي .


تحدثت بحزن و قالت : هعمل ايه ، مافيش قي أيدي حاجه أعملها.


توقف أمامها يقبض على يدها مردداً: أنا إلي هعمل ، إنتي لازم تطلقي .


أتسعت عيناها و رددت بصدمه: أتطلق ؟!


هز رأسه بجنون يردد : أيوه ، إنتي بتاعتي و هتفضلي دايما بتاعتي ، ماحدش ابدا هياخدك مني .. سامعه يا جيجي .


كانت تعيش الوهم معه تتخيله و هو يقولها لها و هي تقى زوجته لكن ما تأكيده لإسم جيجي يتبخر كل شيء من جديد كالعاده.


أسبلت جفناها بحزن ثم تفاجئت به يضمها له بجنون يطبق جسدها داخل أحضانه و هو يردد : مافيش حد ابدا هيبعدك عني ، مستحيل ده يحصل ، أنا أموت من غيرك ، عمري ما كنت كده و لا عمري خوفت من بعد حد عني... قولي لي انك معايا و هتفضلي معايا ، قولي.


قال كلمته الاخيره تلك برجاء و هو يصرخ فيها فأنصاعت لطلبه تردد : هفضل معاك ، مش هسيبك.


و أخيراً هدء و ابتسم ، ثم أخرجها من حضنه يكوب وجهها بين يديه قائلا : تعالي معايا.


سألته بقلق : على فين ؟


أبتسم لها يقول: عايز اعرف الكل إنك حبيبتى الي عمري ما حبيت غيرها .


بتهور و جنون ساقها معه سريعاً حيث يجلس الرفاق غالباً و قد جلست كلارا وسطهم تنتظره إن يعود كعادته كانت معتاده على غيابه و تمرده و في نهاية المطاف يعود لعندها ، لكن هذه المره أحواله متغيره كثيرا و مع ذلك صبرت .


إلى أن ورأته يتقدم لعندها و أمام الجميع يشبك يده في يد تلك الفتاه الممتلئة و التي تدعي چيجي ، لم ترتاح لها يوماً و كلما غاب ضياء كانت هي الأخرى غائبه بالتأكيد ليست كل مره صدفه.


لطالما كذبت ظنونها لكن منظر ضياء و هو يتقدم منها الآن لا تفسير ثاني له سوى أنه عاشق ولهان بل و مهووس أيضاً.


و قد صدق كل حدثها ما أن توقف أمام الجميع يهتف فيهم : يا جماعه ، عايز اقول لكم حاجه.


انتبه الكل له فقال : أنا عايز اقول قدامكم كلكم ، إني بحب چيچي و قررنا نتجوز. 


صفق الجميع و هللوا بينما صدحت ضحكت كلارا وسطهم ثم قالت : هههههه و يا ترى بقا هي تعرف إنك متجوز ؟


هنا صمت الجميع و إلتفت تقى إلى ضياء تسأل و تتصنع الصدمه بإحتراف و تسأل : أنت متجوز ؟


صمت يوسف و لم يجيب فصرخت فيه : لأ.. رد عليا... أنت متجوز ؟


هز رأسه بأسى ثم قال : على الورق بس و الله يا حبيبتي.


بدأت هي الأخرى بهز رأسها تردد : مش مصدقه ، بجد مش مصدقه ، أنا مصدومه فيك .. مصدومه.. مصدومه.. مصدومه .


ثم هرولت تبتعد من امامه و نادين من خلفها تهتف بأسمها تحاول مدارت ضحكتها ...


الفصل الحادي والخمسون حتى الفصل الأخير من هنا


بداية الروايه من هنا



تعليقات

التنقل السريع
    CLOSE ADS
    CLOSE ADS