رواية الحب المظلم البارت الأول بقلم منه وليد حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج
![]() |
كانت الساعة تشير إلى الواحدة بعد منتصف الليل. شوارع امدينة تبدو وكأنها تستعد لاحتضان الأسرار. الأضواء الخافتة تلقي بظلالها على الأرصفة المبللة بالمطر، وصوت الرياح يهمس في أذنيها كتحذير غامض.
داخل تلك الشقة الصغيرة، جلست على الأرض وسط فوضى من الأوراق الممزقة. أنفاسها متسارعة، ويدها ترتعش وهي تمسك بورقة واحدة مكتوب عليها بخط يد خشن:
"إن عرف أحدهم الحقيقة... ستكونين أنتِ التالية."
شعرت وكأن الكلمات تسخر منها، تُعيدها إلى الماضي الذي حاولت دفنه بلا جدوى. كانت تعرف أن هناك من يراقبها، من ينتظر اللحظة المناسبة ليدمر حياتها بالكامل.
رن الهاتف فجأة، صوت الرنين كان أشبه بصفعة على وجهها. نظرت إلى الشاشة، قلبها يخفق بسرعة، كان الرقم مجهولًا. ترددت للحظة ثم أجابت بصوت متردد:
"ألو؟"
"كنت فاكر إنك أذكى من كده." جاء الصوت هادئًا وباردًا كأنه يخرج من الظلام نفسه.
"إنت مين؟ عايز مني إيه؟"
"مش مهم مين أنا... المهم إنك تسمعي كلامي. قدامك يوم واحد. لو الحقيقة خرجت للنور، كل حاجة هتتحطم."
"أنا مليش علاقة... أنا مش السبب!"
"لكن إنتِ كنتِ هناك. وده كفاية."
أُغلق الخط قبل أن ترد، وتركت المكالمة صدى عالقًا في عقلها. نظرت حولها وكأنها تتوقع أن تجد شخصًا مختبئًا في الزوايا المظلمة.
الصورة القديمة
على الطاولة، كانت هناك صورة قديمة. ملامح رجل مألوف يبتسم ابتسامة هادئة، لكنها الآن ترى خلف تلك الابتسامة خيوطًا من الغموض.
همست بصوت بالكاد يُسمع:
"فارس... ليه اختفيت فجأة؟ وليه كل حاجة بدأت تنهار من يوم ما مشيت؟"
تذكرت تلك الليلة التي اختفى فيها فارس. كل شيء كان يبدو طبيعيًا، حديث بينهما عن المستقبل، ضحكات قصيرة، ثم... لم يعد. لم يتصل، لم يُفسر، وكأن الأرض انشقت وابتلعته.
نهضت من مكانها، فتحت درجًا صغيرًا وسحبت منه مسدسًا صغيرًا. كانت تخشى حتى أن تلمسه، لكنه كان الشيء الوحيد الذي يمنحها شعورًا زائفًا بالأمان.
نظرت إلى انعكاسها في المرآة. وجه شاحب، عيون ممتلئة بالخوف، وكأنها تسأل نفسها:
"هل أنا مستعدة لما هو قادم؟"
قررت أنها لن تنتظر المزيد من التهديدات. إذا كان هذا الشخص يريد مواجهتها، فهي مستعدة. ارتدت معطفًا سريعًا وأخذت حقيبة صغيرة وضعت فيها المسدس وبعض الأوراق المهمة.
خرجت إلى الشارع. الهواء البارد ضرب وجهها بقسوة، لكنها لم تتوقف. اتجهت نحو وجهة واحدة فقط:
"البار... المكان الوحيد اللي ممكن أبدأ منه."
عند وصولها إلى البار، كان المكان مزدحمًا بالوجوه المجهولة، كل منهم يغرق في عالمه الخاص. كانت تعرف جيدًا أن فارس كان يأتي إلى هنا كثيرًا قبل اختفائه. إذا كانت هناك أي إجابة، فستكون هنا.
تقدمت إلى البار وجلست. نادلتها بابتسامة زائفة:
"إيه اللي تشربيه؟"
"مفيش شرب. أنا عايزة أسألك عن فارس... فارس اللي كان بييجي هنا."
النادلة توقفت لثانية، نظرت حولها بتوتر، ثم همست:
"إنتِ أكيد مش عايزة تعرفي الإجابة."
"عايزة أعرف كل حاجه "
النادلة كانت تحاول الهروب من نظرات خلود، لكنها لم تكن على استعداد للتراجع. ضغطت عليها بكلماتها، محاولةً أن تسحب منها أي خيط يقودها إلى فارس.
"لو عايزة فلوس، هتاخديها، بس قولي الحقيقة!"
توقفت النادلة عن مسح الكأس الزجاجي في يدها، نظرت حولها بسرعة وكأنها تخشى أن يسمعها أحد، ثم انحنت وهمست:
"فارس كان هنا قبل شهرين... لكنه ماكنش لوحده. كان معاه ناس شكلهم خطر."
"ناس شكلهم خطر؟! مين دول؟"
"مش عارفة أسماءهم، لكن واضح إنهم ناس مش بتوع الهزار. الليلة اللي كان فيها هنا حصلت مشكلة كبيرة."
"مشكلة؟ إيه اللي حصل؟"
كانت النادلة على وشك أن تفتح فمها لتكمل حديثها، عندما اقترب رجل من الخلف ووضع يده على كتفها. نظرت إليه النادلة برعب، ثم تحركت بسرعة لتكمل عملها. الرجل كان طويلًا، ذا ملامح قاسية وعينين باردتين. جلس بجوار خلود دون أن يطلب إذنًا.
"ما أظنش إنك هتلاقي اللي بتدوري عليه هنا." قالها الرجل بصوت منخفض، لكن بنبرة تهديد واضحة.
"إنت مين؟ وإيه اللي تعرفه عن فارس؟" ردت خلود بصوت ثابت رغم ارتباكها.
ابتسم الرجل بسخرية:
"فارس مش الشخص اللي كنتِ تعرفيه. لو عندك عقل، هتسيبي الموضوع ده دلوقتي وتمشي."
نهض الرجل بعد كلماته، لكنه قبل أن يبتعد، ألقى بجملة جعلت قلب خلود يتجمد:
"بعض الأبواب لو اتفتحت، ما بتتقفلش تاني. نصيحة... اقفلي باب فارس للأبد."
خرجت خلود من البار وهي تشعر بثقل الكلمات التي سمعتها. كانت الرياح شديدة، وكأنها تعكس العاصفة التي تدور داخلها. ماذا كان يقصد هذا الرجل؟ ولماذا تبدو كل خطوة نحو الحقيقة وكأنها تغرقها أكثر في الظلام؟
وقفت في منتصف الطريق، تنظر حولها بحيرة. هاتفها اهتز فجأة برسالة جديدة. عندما فتحته، وجدت صورة لفارس، لكنها لم تكن صورة عادية. كان فارس يقف في مكان مظلم محاطًا بوجوه غريبة، وأُرفقت الصورة برسالة واحدة:
"ابتعدي قبل أن تندمي."
ضغطت خلود على الهاتف بقوة. شعرت بالذعر، لكن شيئًا داخلها اشتعل بالإصرار. لن تتراجع الآن. مهما كان الثمن، ستعرف ما حدث لفارس ولماذا تركها تواجه هذا الجحيم وحدها.
خلود لم تستطع أن تهدأ. قلبها ينبض بسرعة وكأن كل خطوة تأخذها تقودها نحو هاوية لا نهاية لها. نظرت إلى الصورة التي وصلتها. فارس كان يبدو مختلفًا. عيناه كانتا ممتلئتين بشيء غريب... مزيج من الخوف والغموض.
بدأت تسأل نفسها بصوت عالٍ:
"إيه اللي دخل فارس في حاجة زي دي؟ وإزاي كل الناس دي عايزة تبعدني؟ لازم أفهم!"
قررت أن تذهب إلى المكان الوحيد الذي قد تجد فيه إجابة: منزل فارس القديم. رغم أنه كان مغلقًا منذ اختفائه، لكنها كانت تعلم طريقها إليه جيدًا.
عند وصولها، كان المنزل مهجورًا كما تركه. النوافذ مغطاة بالأتربة، والباب الأمامي مغلق بإحكام. أخرجت مفتاحًا قديمًا احتفظت به منذ أيامهما معًا وفتحته.
الداخل كان مظلمًا وباردًا. رائحة العفن ملأت المكان، لكن ذلك لم يوقفها. تحركت بحذر، تبحث عن أي شيء يدلها على ما حدث له. الأوراق المبعثرة على الطاولة لفتت انتباهها. معظمها كان فواتير ورسائل قديمة، إلا واحدة كانت مكتوبة بخط يد فارس.
"إذا وجدتِ هذه الرسالة، فهذا يعني أنني لم أستطع الهرب. هناك شيء أكبر مما تتخيلين. لا تبحثي عني. أرجوكِ."
الكلمات كانت كالسكاكين، تمزق قلب خلود. جلست على الكرسي ووضعت رأسها بين يديها، محاولةً استيعاب ما قرأته. لكن قبل أن تستسلم للحزن، لاحظت أن هناك خريطة صغيرة مطوية تحت الرسالة. فتحتها بحذر.
كانت الخريطة تشير إلى مكان غريب على أطراف المدينة. لا عنوان واضح، فقط علامة كبيرة مكتوب بجانبها: "النهاية تبدأ هنا."
الطريق إلى المجهول
قررت خلود أن تتبع الخريطة، رغم كل التحذيرات. أخذت حقيبتها ومعها مصباح يدوي وبعض الأدوات للدفاع عن نفسها. شعرت أن كل خطوة تأخذها تقربها من الحقيقة، لكنها أيضًا تجعلها تواجه خطرًا لا يمكن توقعه.
عندما وصلت إلى الموقع، كان المكان مهجورًا تمامًا. مبنى قديم مغطى بالكتابات الغامضة. أصوات الرياح كانت تعزف لحنًا كئيبًا. دفعت الباب ببطء ودخلت.
في الداخل، كانت هناك غرفة واحدة مضاءة بمصباح خافت. في منتصف الغرفة، كان هناك صندوق خشبي صغير. اقتربت منه بخوف، وعندما فتحته، وجدت داخله صورة جديدة لفارس، هذه المرة مع علامة X حمراء على وجهه، ومعها ورقة مكتوب عليها:
"لقد حذرتكِ."
فجأة، سمعت صوت أقدام خلفها. استدارت بسرعة، لكنها لم ترَ أحدًا. الضوء بدأ يضعف تدريجيًا، وصوت ضحكة خافتة بدأ يتردد في المكان.
الضوء الذي خفت بدأ يتلاشى تمامًا، وخلود شعرت بأنفاسها تتسارع. حاولت تهدئة نفسها بينما تتحسس المكان المظلم بيدها. صوت الخطوات أصبح أقرب، ثم توقف فجأة.
"مين هنا؟!" صرخت خلود بصوت عالٍ، لكنها لم تتلقَ أي إجابة.
أضاءت مصباحها اليدوي بسرعة وأخذت تدور بالمكان. فجأة، ظهر أمامها ظل شخص على الحائط، فرفعت المصباح نحوه لتكتشف أنه رجل غريب يرتدي قناعًا أسود.
"أنتِ ما كانش المفروض توصلي هنا." قال الرجل بنبرة حادة.
خلود شعرت بالرهبة لكنها لم تُظهر ذلك، بل حاولت أن تبدو قوية:
"أنا مش همشي غير لما أعرف إيه اللي حصل لفارس. لو فاكرين إنكم هتخوفوني، تبقوا غلطانين."
الرجل اقترب منها بخطوات بطيئة، ثم أخرج من جيبه شيئًا صغيرًا ورماه نحوها. التقطته خلود لتجد أنه مفتاح، مكتوب عليه رقم.
"روحي المكان ده، وهتعرفي كل حاجة. بس لما تدخلي، مفيش رجوع."
خلود نظرت للمفتاح ثم رفعت رأسها لتسأله، لكنها وجدته قد اختفى تمامًا وكأنه لم يكن موجودًا.
الطريق الجديد
خرجت خلود من المبنى المهجور وهي تشعر أن قلبها أصبح مليئًا بالأسئلة. الرقم الموجود على المفتاح بدا وكأنه يشير إلى غرفة أو خزانة في مكان ما.
بدأت تتبع الحدس والخريطة التي أخذتها سابقًا. المكان الذي يشير إليه الرقم كان في محطة قطارات قديمة، مغلقة منذ سنوات. عندما وصلت هناك، كان المكان يعج بالهدوء الموحش، إلا من صوت الرياح التي تعبر بين عربات القطار المتآكلة.
عند دخولها إلى المحطة، بدأت تبحث عن الرقم. كانت الأرقام مكتوبة على خزائن معدنية قديمة. عندما وجدت الرقم الصحيح، توقفت للحظة.
"هل ده فخ؟" سألت نفسها، لكن الفضول كان أقوى من أي خوف.
أدخلت المفتاح وفتحت الخزانة ببطء. وجدت بداخلها صندوقًا معدنيًا صغيرًا. فتحته لتجد رسالة مكتوبة بخط يد فارس، بالإضافة إلى شريحة ذاكرة صغيرة.
"خلود، لو قريتي الرسالة دي، يبقى الموضوع خرج عن السيطرة. متثقِيش في حد، حتى في اللي تعرفيهم. الشريحة دي فيها الحقيقة... بس خلي بالك، الحقيقة دايمًا لها تمن."
قبل أن تستوعب الرسالة، سمعت صوتًا خلفها. استدارت لتجد شخصين يرتديان ملابس سوداء ويتقدمان نحوها.
"معانا وقت طويل، ولا عايزة نختصر؟" قالها أحدهم بنبرة ساخرة.
1. ما الذي تحتويه شريحة الذاكرة؟
2. هل ستتمكن خلود من الهروب من هؤلاء الأشخاص؟
3. كيف ستواجه الحقيقة التي وعدها بها فارس؟
توقعاتكم
🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺
اتفضلوا حضراتكم كملوا معنا هنا 👇 ❤️ 👇
وكمان اروع الروايات هنا 👇
انضموا معنا على تليجرام ليصلكم اشعار بالروايات فور نزولها من هنااااااااا
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺
تعليقات
إرسال تعليق