أخطأتَ الفهم يا قلبي بقلم/ سارة بركات
"يلا إلبسي هاخدك مشوار معايا."
"هنروح فين؟"
"هنزل أشتري شوية لبس."
" ماشي."
بدأت بالتجهيز للذهاب مع جارتها والتي تكبرها في العمر خمس سنوات فهي فتاة مراهقة في عمر الرابعة عشر..
ذهبت الاثنتان سويًا لشراء بعض الاشياء وتوففت جارتها سلمى بدهشة عندما قابلت زميلاً لها في الجامعة يعمل هناك في أحد المحلات ..
" إزيك يا فؤاد؟"
أردف فؤاد بإبتسامة كبيرة..
"إزيك يا سلمى عاملة إيه؟"
"الحمدلله .. فينك كده بقالك فترة مش بتيجي الكلية؟"
"زي مانتي شايفة الشغل."
"ربنا يوفقك .. اه نسيت أعرفك دي ميار جارتي."
كانت تشعر بالإحراج لأنها اول مرة تقف مع رجل .. فوالدها متوفي منذ صغرها و تعاملهم مع أقاربهم تكون في أضيق الحدود ..
"بجد؟ فكرتها أختك .. * أردف بإبتسامة هادئة وهو يطالعها بهدوء* .. إزيك يا ميار؟"
"الحمدلله شكرا."
أردفت بإحراجٍ ملحوظة وهي تنظر أرضًا بعدما نظرت في عينيه مباشرة .. أما هو كان يطالعها متعجبًا لخجلها فهو حتى الآن لم يقابل فتاة من الممكن أن تكون خجلة هكذا عندما تتحدث إلى شاب ..
"هي في كلية إيه؟"
وجه سؤاله ذلك لسلمى والتي ضحكت عندما سمعته ..
"كلية إيه؟! تقصد في سنة كام .. ميار صغنونة اوي لسه هي في ٣ إعدادي."
تعجب لسنها الصغير ..
"دي صغيرة أوي فعلا كنت فاكرها قدنا بس في كلية تانية .. إتشرفت بيكي يا ميار."
"أردفت بإحراج .. شكرا لحضرتك ..
" يلا ياسلمى نمشي عشان مانتأخرش."
"قولي عايزة تجيبي إيه وانا هساعدك؟"
وجه حديثه لسلمى ..
قامت بتوضيح إحتياجاتها وقام بإيصالهما للمحل الذي به المناسب ثم أوصى صاحب المحل مشيرا على سلمى ..
"دي أختي."
"ماتقلقش عينيا."
ذلك ما أجابه به صاحب المحل وذهب فؤاد ولكن قبل أن يذهب لمح ميار التي تنظر له بإنبهار لمساعدته لهم، إبتسم لها ولكنها شعرت بالحرج ونظرت أرضًا لشدة خجلها .. قامت سلمى بشراء بعض الملابس لها بعد أخذ خصم كبير من صاحب المحل وذهبت الاثنتين .. ومر اليوم بسلام ..
بعد مرور يومين ..
كانت قد أنهت مراجعة دروسها ثم وقفت في الشرفة تتنهد بعمق تنظر أمامها بشرود ولكنها إستفاقت من شرودها ذلك على نداء سلمى لها بالشرفة التي بجانبها ..
"يابنتي ردي."
"إيه في ايه؟"
"فؤاد بعتلي على الفيس."
"مين فؤاد؟"
"لحقتي تنسيه؟ .. فؤاد اللي قابلناه في المول من يومين زميلي في الكلية."
"اه ماله .. بعتلك ايه؟"
"طلب الاكونت بتاعك عشان عايز يقولك حاجة."
شعرت بالإحراج فهي ولأول مرة تقابلها تلك الأمور .. أول مرة يطلب شاب التحدث إليها .. صمتت كثيرًا تفكر .. لا تفهم ماذا تقول؟ أو ماذا من المفترض أن يحدث؟ .. هل من الطبيعي أن توافق؟ .. كادت أن تتحدث ولكن قاطعها رنين هاتف سلمى ..
"أيوه يا حبيبي .. هاتجيلنا النهاردة؟ .. ماشي سلام."
"خطيبك هيجيلك النهاردة؟"
إبتسمت سلمى بهيام ..
"اه .. أنا خلاص قررت أعمله اكلة هياكل صوابعه وراها .. عشان يعرف إنه معاه نعمة كبيرة في حياته."
أردفت بغرور .. تنهدت ميار فهي تعلم أن سلمى و خطيبها كانا يحبان بعضهما ثم تقدم لخطبتها تنفيذا لوعده لها ...
" مردتيش عليا."
فكرت بينها وبين نفسها..
"إيه إللي هيحصل يعني لو أخد الأكونت بتاعي على الفيس؟"
هزت راسها ثم أردفت:
"ماشي تمام مافيش مشكلة."
"ماشي هبقى أبعتله الاكونت بتاعك."
أخبرتها بتلك العبارة وهي تعود لداخل شقتها .. أما بالنسبة لميار وضعت يدها على موضع قلبها مغمضة عيناها لا تفهم .. ماذا يحدث؟ لماذا قلبها يضيق به الشعور هكذا؟ .. لماذا تشعر بعدم الارتياح؟ هل لأنها لأول مرة تتعامل مع شاب في حياتها؟؟ .. طبيعي أنها ترى الشباب يوميا في الطريق أثناء ذهابها للمنزل ولكنها دائما تنظر أرضًا .. وأيضًا في دروسها تكون في حالها لا تتكلم مع أحد .. خجلا منها وأيضًا لمقولة والدتها الشهيرة ..
"البنت إللي بتكلم ولاد تبقى قليلة الأدب، كل الولاد بيكلموا البنات عشان يضحكوا عليهم مش أكتر."
ولكن ذلك الشاب يبدو أنه محترمٌ كثيرًا .. إنتهى ستوافق على طلب صداقته وترى ماذا يريد وإذا كان غير محترم ستقوم بحظره ..
في المساء ..
بعد إن إنتهت من تناول العشاء كانت تنظر إلى ساعة الحائط وجدته موعد نومها وهي كانت كل ذلك تنتظر أن يرسل لها طلب صداقة ولكنه لم يرسله .. إتجهت لسريرها لتستيقظ صباحا للذهاب للمدرسة وقبل أن تغفو أخذت نظرة أخيرة على صفحتها الشخصية وتفاجأت بوجود طلب صداقة مُعلق منذ دقائق .. دق قلبها بشدة .. هل توافق وتقبله من ضمن أصدقاء الفيس بوك؟ أم ترفض؟ وقفت دقائق كثيرة لا تعلم كم مر من الوقت حتى قررت .. ضغطت على الموافقة وشعرت بإرتفاع نبضات قلبها .. تلك خطوة جديدة .. تريد فقط ان تعلم ماذا يريد ثم ستقوم بحذفة أو حظره لكي لا يتحدث لها مرة أخرى ... نعم .. هذا ماستفعلة بعد أن ينتهي من حديثه معها .. ظلت تنتظر حتى أرسل إليها ..
"إزيك يا ميار؟"
"الحمدلله."
"مبسوط إني شوفتك واتعرفت عليكي."
"شكرا."
ظلت تنظر للدردشة بينهما وجدته يكتب .. وإنتظرت قليلًا شعرت أنه يكتب رسالة طويلة نوعًا ما .. وصلتها رسالة طويلة بعض الشئ يخبرها ..
"بصي يا ميار أنا من الشباب إللي مش بتحب تلف وتدور .. أنا شاب دوغري و إللي في قلبي على لساني .. أنا معجب بيكي .. هتقولي إمتى وإزاي؟ هقولك مش عارف لإني أول أما شوفتك حسيت إن قلبي دق .. ومن وقتها وأنا بفكر فيكي .. إنتي إزاي شغلتي تفكيري كده بجد؟؟ أنا أول مرة يحصل معايا كده."
كانت تنظر لتلك الرسالة وقلبها يبنض بقوة .. مشاعر أول مرة تشعر بها .. يا الله إن هناك شخصٌ ما يهتم بها، يخبرها أنه يفكر بها .. إنبهرت بتلك الرسالة وشعرت أنها تريد الرقص فرحًا و لكن صُدمت عندما رأت رسالته الأخيرة..
"قولتي إيه؟"
لم تعرف ماذا تقول .. أينبغي أن يكون هناك شيئًا تقوله؟؟ .. كادت أن تجيبه ولكنها إنتبهت لخيال يقترب من غرفتها أغلقت هاتفها وإعتدلت بسرعة ومثلت بأنها نائمة .. دخلت والدتها غرفتها بهدوء تطمئن على طفلتها حبيبتها .. إقتربت منها وقام بتعديل الغطاء وقامت بتقبيل رأسها مربتة على كتفها بحنان أمومي بهدوء ثم خرجت من الغرفة .. تنهدت بإرتياح بعد خروج والدتها وقررت أن تنام وأن لا ترد فهي لديها مدرسة بالغد والآن الساعة أصبحت الثانية صباحًا يجب أن تنام ..
في اليوم التالي:
كانت تجلس بمدرستها تنظر لرسالته من الأمس أو بمعنى أدق رسائله المتعددة منذ الأمس التي تعبر عن إنتظاره لردها وتعجبه أيضًا من عدم ردها ..
"مالك يا ميار في حاجة ولا إيه؟"
إنتبهت لزميلتها التي تجلس بجانبها تُحدِثها .. صمتت بإحراج وهي تنظر لهاتفها ثم تنظر لصديقها ..
"في إيه؟ إنتي كويسه؟"
أردفت بتوتر:
"بصراحة في حاجة."
"إيه هي؟"
ردت زميلتها بريبة من حديثها .. أرتها الدردشة التي بينها وبين فؤاد ..
"أوبا مين ده؟؟ عرفتيه إمتى؟"
"وطي صوتك، الناس في الفصل هتسمعنا."
أخفضت صوتها قليلًا..
"ماشي، مين ده؟"
قصت عليها طريقة مقابلتهما .. أردفت زميلتها بحماس ..
"شكله لطيف أوي بجد أنا لو منك هوافق طبعا."
أردفت بإستفسار:
"يعني هو كده عايز إيه مش فاهمة؟"
"يابنتي عايزكم ترتبطوا، وشكله جد جدا .. هاتي."
أخذت منها الهاتف تحت صدمة ميار ..
"وأنا كمان معجبة بيك وموافقة."
رفعت رأسها بفخرٍ وهي تعطيها هاتفها ..
"أي خدمة."
كانت خجلة كثيرًا ومصدومة في ذات الوقت بسبب ماحدث قبل لحظات .. كيف لها أن تتحدث هكذا مع صديقتها وهي تعلم أنها تتحدث مع شاب .. ماذا ستقول عنها؟ .. هل ستخبر أحد؟؟ ..
"كوثر."
أردفت بتوتر وإحراج ..
"في إيه؟"
"ممكن ماتقوليش لحد حاجة؟ ده سر بينا."
"ماتقلقيش سرك في بير."
هزت رأسها بإطمئنان لحديث زميلتها .. ثم نظرت للدردشة ووجدته يقوم بالرد ..
"أنا حقيقي أسعد إنسان في الدنيا إنك بقيتي حبيبتي."
إنقبض قلبها كثيرًا بسبب تلك الكلمة .. هل لأنه شعورٌ جديد فقط؟ ... مرت الأيام و كانت تتعلق به كثيرًا .. كان يطمئِن عليها وكانت تذهب لرؤيته خفية في مكان عمله دون أن ينتبه لأنها تشتاق له وتريد رؤيته دائما لا تدري ما معنى ذلك الشعور ولكنها تريده أن يكون موجودًا بحياتها بشكل مستمر .. بالطبع كانت تخبر والدتها أن مواعيد الدروس قد زادت قليلًا .. حتى أتى يومٌ ما ..
"عايز أقابلك."
شعرت بالتوتر فهي لم تخرج يومًا مع شاب ..
"مش هعرف."
"ليه؟"
"عيب."
أرسل ضحكات كثيرة في الدردشة ..
"إنتي قديمة أوي بجد يا ميار .. إحنا مابقيناش زي زمان إللي بيحب بيتجوز إللي بيحبه في الآخر .. لكن حوار إن البنت تمشي مع الولد ده يبقى قلة أدب .. دي خرافات وإنتهت .. إنتي مش شايفة البنات إللي حواليكي؟ أراهنك إن 95% منهم يعرفوا شباب وبيمشوا معاهم يا حبيبتي .. لكن أنا مختلف يا ميار أنا بحبك مش بتسلى."
تنهدت بحيرة من حديثه هل تقابله أم لا؟؟ ..
"قولتي إيه؟"
كتبت رسالتها بتوتر ولكنها أغمضت عينيها وضغطت على زر الإرسال ..
"موافقة."
قاما بالإتفاق سويًا على لقائهما .. وفي ذلك اليوم كانت تقف متوترة خائفة من أن يراها أحد جيرانها أو أحد أصدقائها .. كانت تقوم بعد الدقائق لكي ينتهي ذلك اللقاء بسرعة وفي ذات الوقت تتمنى لو تطول الثواني لكي تقوم بحفظ ملامحه لأنها تنوي ألا تقابله مرة أخرى .. يكفي تلك المرة .. ولم تكن تعلم فعلا أنها آخر مرة .. إستفاقت من شرودها عندما لمحته يقترب منها مبتسمًا بهدوء .. شعرت بحمرة شديدة في وجنتها جعلتها تتمنى أن تنشق الأرض وتبتلعها وأن لا تقع في ذلك الموقف مجددًا .. مد يده لها وأردف..
"إزيك؟ عاملة إيه؟"
نظرت ليده في حيرة هل تمسكها؟ .. لكنهم يقولون أن الفتاة تحمل إذا أمسك الرجل بيدها .. ضحك بشدة عندما رأى حيرتها تلك ..
"أكيد بتكلمي نفسك بالخرافات إللي لسه في دماغك .. يا ترى المرة دي بتقولي إيه؟؟؟"
شعرت بالإحراج وسلمت عليه بأطراف أصابعها كأنه سيحرقها إذا أمسكت يده بالكامل .. إبتسم إبتسامة خفيفة ثم سار بجانبها وإبتعدت عدة خطوات لكي تصبح هناك مسافة بينهما ..
"إنتي عاملة إيه في الدرس والمدرسة؟"
"الحمدلله .. وإنت أخبار الكلية معاك إيه؟"
"الحمدلله."
ظل الإثنين صامتين كثيرًا وهما يسيران بجوار بعضهما .. حتى تكلم فؤاد مرة أخرى ..
"بصي يا ميار .. أنا محتاج أوضحلك حاجات كتير وأحط النقط على الحروف .. أنا شاب تعبت في حياتي جدا ولسه هتعب .. أنا شايل مسئولية نفسي وبصرف على نفسي والدي مش بيصرف عليا .. أنا بس طالب منك إنك تستنيني شويه أنا لسه مشواري طويل."
نظرت إليه بإنبهار كيف يكون هناك شبان يكونون مسئولون عن نفسهم في تلك الأيام؟؟ دائمًا تسمع أن الأب يقوم بالنفقة على إبنه حتى بعدما يتزوج ورأت ذلك أيضًا بالتلفاز .. أكمل حديثه بجدية ..
"أنا بشتغل من صُغري .. والحب مكانش في دماغي خالص .. بس لما قابلتك غيرتي جوايا معاني كتير."
كانت تريد أن تسألة كيف أحبها بتلك السرعة؟؟؟ ماذا رأى فيها لكي يحبها هكذا؟؟ .. ظلا يسيران هكذا دون هدف حتى توقف أمام طريقٍ ما ..
"أنا مضطر أمشي، مبسوط إني شوفتك، طمنيني عليكي لما تروحي."
هزت رأسها وبداخلها تشعر بالطبول تدق في قلبها .. تركها وذهب أما هي ظلت تقف في مكانها تشعر أن حياتها قد إكتملت تمامًا فقد وجدت من يحبها ويهتم بها ولوجودها بحياته .. مرت الأيام وكان يطمئن عليها حتى تعلقت به بشكل كبير ولكنه فجأة لم يعد يتصل بها .. إنقطعت إتصالاته بها فجأة .. مهما تحاول أن تهاتفه لا يُجيب .. وكانت تبكي لا تنام بسبب إختفاءه المفاجئ عنها شعرت أن الدنيا قد أظلمت فإن الشخص الوحيد الذي إهتم بها لم يعد موجودًا .. حتى أنها كانت تذهب إلى مكان عمله ولكنها لم تجده، وفي يومٍ ما كانت تتصل كعادتها على أمل أن يجُيبها وكان أملها كاذبٌ ولكنها تفاجأت عندما فُتِحَ الخط ..
"ألو؟"
كان صوتًا أنثويًا يُجيب بعفوية لطيفة .. ردت ميار بحيرة ..
"ألو؟"
"إنتي عايزة مين؟"
"فؤاد موجود؟"
أجابت الأخرى بحماس ..
"إنتي زميلته في الجامعة؟؟ إزيك عاملة إيه يا حبيبتي؟؟ ده بيكلمني عنك كتير، أنا مامته .. خديه أهوه كلميه."
تفاجأت بأحد يتشاجر مع تلك السيدة ويغلق الهاتف بوجهها .. نظرت ميار إلى هاتفها مصدومة مما حدث .. لا تفهم أي شئ .. زميلته؟؟ .. هل قصّ لوالدته حكايتهما؟ هل شعر بالإحراج بسبب عمرها فأخبرها أنه يحب زميلته بالجامعة؟؟ .. هل أوقعته في موقف مُحرج أمام والدته؟ أغمضت عينيها بضيق وحيرة ثم خرجت للشرفة تستنشق بعض الهواء .. شردت قليلًا في الشوارع أمامها ..
"إيه يابنتي مالك؟"
"مافيش يا سلمى."
"طب طمنيني عليكي، بقالك فترة مش بتحكيلي حاجة وحساكي ساكته .. مالك فيكي إيه؟"
"إنتي بتشوفي فؤاد يا سلمي؟"
أجابت سلمى بعدم فهم ..
"معرفش بصراحة بقالي فترة كبيرة مالمحتهوش وبعدين بتسألي ليه؟؟ في حاجة ولا إيه؟؟"
"لا مافيش."
"هو إنتوا في بينكم حاجة؟"
أردفت سلمى بتعجب وإستفسار في ذات الوقت..
"لا مافيش، مجرد صحاب هو بس إختفى بقاله فترة وقلقت عليه مش أكتر."
"ماتقلقيش هو فؤاد كده مش معروفله أي حاجة."
هزت رأسها ثم تركت الشرفة وعادت للداخل وهي تحمل همًا كبيرًا بداخلها .. مرت الأيام والشهور وذّبُلَت ملامح ميار حتى أنها خسرت ثقتها بنفسها .. بسبب أشياءٍ كثيرة ومن ضمنها أن زميلتها فضحت سرها وأصبح جميع الطالبات ينظرن لها كأنها فعلت جُرم وتحمد الله أن والدتها لم يصلها أي شئ فهي مشغولة كعادتها في عملها ز. وأيضًا ذَبُلت بسبب أسألتها المتعددة ..
"هل تركني لأنني قبيحة؟؟ ولكنني أعجبته .. أخبرني انه يحبني .. أخبرني أن أنتظره."
لا تدري لماذا تركها؟؟ لم يخبرها بأي شئ .. لو قال فقط أنه لم يعد يحبها ستتفهم وتستطيع أن تعيش ولكن لا إنه يقوم بتعذيبها .. حتى قررت أن تعيش حياتها فإنه لم يعد موجود .. تعرفت على الكثير من الشباب عن طريق الإنترنت وأصبحت تتحدث معهم كثيرًا كأصدقاء لكي تملأ ذلك الفراغ الذي تركه فؤاد بداخلها وكانت دائمًا تخبرهم عن جرح قلبها من فؤاد لأنها لم تُشفى أبدًا .. وحين يخبرها أحدهم بحبه لها تقول وأنا أيضًا ثم في يومٍ ما تذهب وتختفي دون أن تُبدي أسباب .. وحينما تفعل ذلك تبكي كثيرًا لأنه من جعلها هكذا دون أن تشعر .. جعلها كالمريضة النفسية التي تبحث عن إهتمامه في الجميع .. ولكنها لم تجد حتى الآن من يستطيع أن يقوم بمعالجتها .. مرت الأيام والسنين وهي تشعر أنها قد ضاعت بسببه لم تعد تلك الطفلة البريئة .. بل كثرت صداقتها بالشباب .. مجرد صداقة على وسائل التواصل الإجتماعي .. حتى أتى يومًا كانت تحاول أن تنام لأن لديها مدرسة بالغد فقد إقتربت إمتحانات صفها الثاني الثانوي .. ولكنها كانت تشرد بسقف غرفتها .. كيف مرت تلك السنوات بتلك السرعة؟؟ كيف؟؟ ... لقد عاشت ضغوطات كثيرة في حياتها بسبب ماعانته .. هل هو بخير الآن؟؟ هل هو يفتقدني؟؟ .. أغمضت عينيها بقسوة .. يجب أن تكرهيه يا ميار .. لقد خدعك .. إنتبهت على هاتفها يصدر رنينا بصوت منخفض نظرت لشاشة الهاتف .. إنتفضت في مكانها عندما رأت رقمه الذي تحفظه عن ظهر قلب .. ظل قلبها ينبض بشدة إنه يرن يا ميار يرن .. ماذا يريد؟؟؟ ماذا هناك؟؟ ظلت تحدث نفسها هكذا حتى إنتهى الرنين .. ظلت مصدومة وهي ترى أنه قد أنهى المكالمة هل رن عليها بالخطأ؟؟؟ ولكنها تنهدت عندما قام بالرنين مرة أخرى .. اخذت نفسًا عميقًا وأجابت بهدوء ..
"ألو."
"ميار؟"
"أيوه."
"إزيك؟"
"الحمدلله."
"أنا آسف .. أنا عارف إن أنا كنت إنسان وحش جدا إني سيبتك لوحدك بدون أي سبب .. ومش لاقي أي مبرر أقدر أقولهولك .. أتمنى تسامحيني."
ظلت صامته كثيرًا هل يقصد بهذا أنه يريد العودة إليها؟؟ ..
"ألو؟"
"معاك يا فؤاد."
"أنا عارف إني أذيتك كتير بس أرجوكي سامحيني يا ميار."
وهنا بكى فؤاد ولم تعرف ما هو سبب بكائه .. هل يبكي حقًا؟؟ ..
"خلاص مافيش مشكلة .. ممكن تهدى؟ أنا مسامحاك."
"أنا بحبك جدا يا ميار صدقيني .. أنا عمري مالعبت بيكي ولا ضحكت عليكي، مش عايزك تحسي كده نحيتي أبدًا."
آلمها قلبها كثيرًا عندما سمعت كلماته تلك ..
"خلاص يا فؤاد .. أنا معاك وعمري ماهمشي .. مش هسيبك ومسامحاك."
إطمئن الإثنان في حديثهما سويًا .. هو إطمأن أنها سامحته وهي إطمأنت أنه قد عاد إليها ولكن مايقلقها أو يثير ريبتها لماذا إبتعد تلك السنوات؟؟ .. ظل يطمئن عليها في الأيام التالية وأما هي فقد قطعت علاقتها مع أصدقائها الشبان على وسائل التواصل الإجتماعي .. ستُخلص له وبتدأ من جديد .. ممكن أن تكون قد حصلت له ظروف مادية أو أيًا يكن فهو قد عاد لها .. وفي يومٍ ما .. كانت تحاول أن تصل إليه ولكنه لم يُجِبها .. وترسل له رسائل على وسائل التواصل الإجتماعي وهو متاحٌ أمامها في الدردشة ولكنه لا يجيب وفي ذات الوقت يقوم بتنزيل أغانٍ رومانسية ويجيب على أصدقائه في التعليقات الخاصة بالمنشور وكانت تتعجب من ذلك .. حاولت الإتصال به في الأيام التالية ولكنه لا يُجيب أيضًا ...تنهدت ثم قالت ..
"رجعت ريما لعادتها القديمة."
قامت بحذف صداقتهما على منصة الفيس بوك .. وإبتسمت بحزن؛ فهي قد كُتِبَ عليها الفراق منذ أن قابلته .. تتمنى لو لم تقابله يومًا ما .. لقد دمر لها حياتها .. لقد إستغل أنها يتيمة منذ الصغر وجعلها تتعلق به .. تعلق بها وتركها في أول الطريق .. سحق قلبها دون رحمة .. ثم عاد يطلب منها أن تُسامحه؟؟!! ولغبائها فعلت وسامحته لو كانت تعلم فقط أنه سيفعل تلك الكرة مرة أخرى لكانت أخبرته أنها لن تسامحه أبدًا .. لقد قهرها .. مرت الأيام والشهور وكانت قد إقتربت أن تنتهي إمتحانات الثانوية العامة والتي أصبحت من أفرادها .. فبالرغم من ألم قلبها كانت متفوقة في دراستها إمتحنت ولم تستطع أن تُحقق حلمها في تلك المرحلة .. حيث أنها دخلت كلية الشعب كما يقولون ..
"يا ميار."
إنتبهت لزميلتها في الكلية تقترب منها أثناء جلوسها بكافيتيريا الجامعة تقوم بأكل الكريب الذي تعشقه ..
"إيه يابنتي مش هتحضري المحاضرة؟"
"محاضرة إيه يابنتي؟؟ إحنا في تجارة إنتي بتقولي إيه إحنا يادوب ناخد الملخصات ونذاكر في ليلة الإمتحان وهننجح ماتقلقيش."
ضحكت ميار ثم أكملت طعامها متجاهلة زميلتها التي تتمنى أن تكون دكتورة بالجامعة ..
"براحتك ياميار أنا بس خايفة عليكي."
تجاهلتها ميار ثم أكملت طعامها .. فالأحمق هو من يقوم بتضييع حياته بالمذاكرة ولا يستمتع بحياته ولا وقت فراغه .. لقد أضاعت حياتها ووقتها بالثانوية في المذاكرة وفاتها الكثير وفي النهاية أصبحت في كلية الشعب .. إنهدمت حياتها وأحلامها وحزنت والدتها بسبب ذلك أيضًا .. إنتبهت لرنين هاتفها ونظرت للمتصل .. وجدته المتصل ..
"ياااااه .. إنت لسه عايش؟َ"
ردت ببرود تلك المرة ..
"ألو."
"إزيك يا ميار عاملة إيه؟ فينك يابنتي؟"
"أنا أهوه الحمدلله موجودة، إنت أخبارك إيه؟"
"الحمدلله."
شعرت أنه ليس بخير من نبرة صوته..
"إنت كويس يا فؤاد؟"
يا الله إنها حتى الآن تحفظه جيدًا وتحفظ طريقة حديثه إذا كان هناك شيئًا ما..
"لسه حافظاني؟"
"عمري ماهنساك."
قالتها بإبتسامة هادئة ولكن دون أي مشاعر تلك المرة ..
"أنا آسف يا ميار."
"من غير أسف .. أنا إتعودت .. إيه بقا؟ مالك؟ هي فلسعتك ولا إيه؟"
أردفت بذلك السؤال بمزاح ولكن إبتسامتها قد إختفت عندما ضحك وأكد كلامها كأنها لا تمزح ..
"هي فعلا فلسعتني .. إتقدمتلها تلت مرات وإترفضت وأنا تعبت أوي."
"إيه السبب طيب ممكن أعرف؟"
سألت ذاك السؤال بتبلد شديد ..
"يابنتى والله طلبوا حاجات كتير والمفروض يراعوا انى مشغول وف جيش."
"طب عملت إيه؟"
"إتصلت عليها وقلتلها يابنت الناس كل شيء قسمه ونصيب، أبوها ماسهلش عليا اى حاجه خالص."
"إنت كنت تعرفها قبل كده يا فؤاد؟"
صمت قليلًا .. ثم أردف..
"أيوه، كانت زميلتي في الجامعة."
ترددت جُملة والدته في عقلها في ذلك اليوم ..
"إنتي زميلته في الجامعة؟؟ إزيك عاملة إيه يا حبيبتي؟؟ ده بيكلمني عنك كتير، أنا مامته."
إستفاقت عندما وجه حديثه لها ..
"مالك ياميار سكتي ليه؟"
"كنت تعرف مين فينا الأول؟؟ أنا ولا هي؟"
صمت لعدة دقائق .. وهي علمت أن ماسيقوله سيجرح قلبها ..
"إنتي."
شعرت أن قلبها ينكسر إلى أشلاء وهنا تأكدت أنه قد إبتعد عنها لأنه قام بخيانتها .. الخيانة .. كان سبب إبتعاده عنها منذ البداية كان خيانته لها وتعرفه على فتاةٍ أخرى..
"سكتي ليه؟"
إبتسمت رغم صدمتها إلا أنها توقعت ذلك قبلًا ولكن ما جعلها في حالتها تلك هو أنها تركها دون إبداء أي أسباب إختفى فقط .. مما سبب لها حالة نفسية جعلتها تجرح قلب غيره ... .. اهٍ لو كان أخبرها ذلك منذ البداية لما كانت رأت ما رأت بحياتها ..
"مافيش ... سعيدة إنك أخدت خطوة زي دي في حياتك .. وعموما ربنا يرزقك كل خير."
"آمين."
صمت الإثنان قليلًا .. أردف بمزاح ..
"إحكيلي بقا .. إنتي أخبارك إيه؟ في حد كده ولا كده؟ إوعي هزعل."
ضحكت ثم أردفت ..
"لا مافيش .. إنت تعرف عني كده؟"
إبتسم بهدوء ..
"لا طبعا .. انا عارفك من صُغرك إنتي عمرك ماكنتي كده."
إختفت إبتسامتها وبدا على ملامحها الإشتياق لذاتها القديمة البريئة .. تنهدت ..
"أكيد .. بقولك إيه أنا هقفل بقا ورايا محاضرة دلوقتي مبسوطة إننا إتكلمنا ربنا يوفقك."
"وإنتي كمان ربنا يوفقك."
أغلقت المكالمة وقامت بعمل حظر لرقمه لكي لا يحاول الإتصال بها مرة أخرى، وقامت بتغليف طعامها وأخدته معها لقاعة المحاضرات .. كانت الفتيات يجلسن ويتسايرن مع الشبان أما هي جلست بعيدًا عنهم وبدأت بإستكمال تناول طعامها حتى إنتهت وإنتظرت بدء المحاضرة .. بدأت المحاضرة وبعد دقائق سئِمت وشعرت بالملل لأنها لم تفهم شئ .. أخذت كتبها وخرجت من الدرج ولم تُكمل محاضرتها وأثناء إنشغالها بهاتفها إصطدمت بأحدهم ووقعت كتبها أرضا .. كان شابًا يبدو أنه بمثل عمرها ..
"أنا آسف بجد."
نزل أرضًا وقام بجمع كتبها أما هي كانت تقف وتحاول أن تستوعب ماحدث قبل قليل .. مد يده لها يعطيها كتبها .. نظرت له بهدوء أما هو إبتسم لها ..
"إتفضلي بعتذر مرة تانية."
تركها ورحل ودخل المحاضرة والتي خرجت منها توًا .. خرجت من الجامعة لكي تعود للمنزل .. مرت الأيام وهي تذهب لكافيتيريا الجامعة فقط لكي تأكل ثم تخرج وتتمشى قليلًا ثم تذهب لمنزلها وبالطبع والدتها لا تعرف ذلك لأن مواعيد إنتهاء عملها بعد إنتهاء موعد كليتها .. في يوم ما كانت تجلس بكافيتيريا الجامعة وجدت بعض الطلاب يقومون بتوزيع إعلانات ورقية وكانت عبارة عن نشاط خيري تطوعي فكرت قليلًا بأنها تريد أن تُشغل وقتها قليلًا .. دونت العنوان وذهبت لتقوم بتسجيل إسمها وأخبروها بموعد لعمل مقابلة .. في ذلك اليوم ..قامت بإرتداء زي رسمي إستعدادًا للمقابلة .. وأثناء جلوسها بين الحضور تنتظر المقابلة مثلها مثلهم إنتبهت للذي دخل القاعة توًا .. كان هو ذلك الشاب .. ولكن اليوم شكله كان مثالي .. يرتدي زي رسمي أنيق .. حتى حذائه كان نضيفًا جدًا .. شعرت بتوقف الزمن عندما تقابلت نظراتهما .. إبتسم لها بهدوء يبدو أنه تذكرها .. ولكن إبتسامته إختفت عندما أدارت وجهها عنه .. جلس قبلها بكرسيين .. كانت تطالعه طوال فترة إنتظارها ويالها من صدفة .. إنه وقت مقابلتها مع مقابلته في ذات الوقت .. جلس الإثنان بجوار بعضهما ولكن هناك مسافة بينهما كانت تشعر بالتوتر أما هو كان ينظر لها بطرف يعينيه دون أن تنتبه .. بدأت مقابلتهما وإنتهت في ذات الوقت رحلت بسرعة من ذلك المكان دون أن تنتظر نتيجة المقابلة .. لقد قررت أنها لن تنضم لهم، لأنها شعرت بالخطر .. قلبها أخبرها أن هناك خطر .. مشاعر جديدة لا تريد أن تقوم بتجربتها .. كان يقوم بمتابعتها وهي تسير مهرولة تحاول أن تبتعد عن ذلك المكان .. إنه حتى لم يتعرف عليها .. لم يستطع أن يقوم بالتركيز على معلوماتها الشخصية أثناء مقابلتها .. تنهد بإستسلام لأنه من الأكيد أنهما سيتقابلان مرة أخرى .. وفي يومٍ ما .. قامت بحضور محاضرة كانت سمعة دكتورها أنه يقوم بالشرح جيدًا والجميع يفهم منه .. كانت تجلس في آخر مدرج في القاعة تركز لعلها تفهم قليلًا .. كانت تدون مايقول .. وبعد أن إنتهت المحاضرة أخذت كتبها وكادت أن تخرج وجدته يخرج هو أيضًا مع أصدقاؤه .. إنتبه لها ولوجودها .. قامت بإبعاد عينيها عنه وخرجت من القاعة ولا تفهم سبب توترها عندما تراه ..
"لو سمحتي."
سرعت خطواتها أكثر .. وهو يلاحقها محاولا أن يجاري خطواتها ..
"يا آنسة."
توقفت بمكانها ولكنها لم تنظر إليه .. وقف أمامها وهو يلتقط أنفاسه .. ثم أردف ..
"هو أنا عملت حاجة ضايقتك؟"
"لا."
أردفت بتلك الكلمة وهي عاقدة حاجبيها بضيق ..
"ملامحك بتقول غير كده."
كادت أن تتحدث ولكنه أردف بإعتذار ..
"أنا آسف مرة تانية لو كنت ضايقتك لما خبطت فيكي أول مرة بس أنا فعلا ما أخدتش بالي منك."
نظرت إليه قليلًا ثم أردفت ..
"إنت عايز إيه مني؟ وجيت ورايا ليه؟ إنت مين؟"
أردف بإبتسامة هادئة:
"إسمي بكر وإنتي؟"
"ميار."
"الله حلو إسم ميار، تعرفي ليا بنت عمة خالة أبويا إسمها ميار و......."
أردفت بضيق وهي تقاطعه:
"عايز مني إيه؟ وجيت ورايا ليه؟ ثم إيه بنت عمة خالة أبويا دي؟؟؟؟ إنت فاهم إنت بتقول إيه؟"
"آسف .. بصي أنا بسأل لو معاكي محاضرة دكتور علي .. عشان ماحضرتهاش."
نظرت إليه بشك وبادلها نفس النظرات .. كأنهما في تحدي ...
"مين دكتور علي؟"
ضحك بكر بخفة ..
"لا مافيش ده دكتور بيدي مادة غريبة معقدة هنا وبيسقط إللي مش بيجاوب بأسلوبه وشكلك كده ماتعرفيهوش .. شكلك ميح يابنتي."
أردفت بضيق:
"إنت كمان هتهزر معايا؟ ما تروح تشوف زملائك إذا كان معاهم المحاضرة ولا لا أنا مالي."
إختفت إبتسامته شيئًا فشيئًا ثم أردف ..
"إنتي فعلا عندك حق .. أنا هشوف زملائي أفضل، بالتوفيق."
تركها وذهب أما هي شعرت بغصة ولا تفهم لماذا؟؟ .. أما بكر كان يسير نحو زملائه وهو يشعر بضيق ..
"حتى البنت إللي عجبتك مش عارف تشقطها يا غبي."
تمتم لنفسه بتلك الكلمات ولكنه توقف بمكانه ...
"إستنى لو سمحت."
إلتفت للخلف ووجدها تقترب منه بتوتر ..
"تعرف حد معاه محاضرات دكتور علي ده عشان أصورها كلها؟ أنا اه مش بحضر محاضرات بس مش عايزة أسقط."
أردف بكر بتلقائية ولهفة ..
"معايا كل المحاضرات خديها كلها ..أنا اصلا بحضر هنا كل يوم وعمري ما غبت عن أي محاضرة هنا."
إنتبه لما قاله للتو و ضرب مقدمة رأسه بيده .. أما هي نظرت إليه بتعجب ثم ضحكت .. ضحكت كثيرًا من موقفه المضحك ذلك .. ظل يطالعها وهي تضحك .. إنها جميلة جدًا .. شعر بالإحراج عندما وجدها تنظر إليه بالمقابل ..
"ممكن المحاضرات؟"
"اه اه .. أكيد طبعا."
أعطاها مذكرة المحاضرات التي كتبها بيده .. قامت بفتحها وقرأت بعضًا من الشرح .. وجدت أن خط يده جميل ..
"بصي هتلاقي هنا أول محاضرة هو إتكلم عن المادة بإختصار وبعدها بدأ يتكلم بشكل مبسط عن المادة وشدد على كام نقطة وهو بيشرح."
إنتبهت أنه قام بعمل أسهم وعلامات كأنه يقوم بشرح شئ ..
"الدكتور هو إللي شرح كده؟"
"لا ده أنا كنت بذاكر بعد المحاضرة وشرحتها لنفسي كده."
إبتسمت بخفة ثم تنهدت ..
"تمام هاخد المحاضرات أصورها وارجعهالك تاني."
"خدي رقمي كلميني أول أما تخلصي هاجي آخد الكشكول."
"مش هتيجي معايا؟"
"لا بس هروح مشوار كده وهرجع بسرعة."
"ماشي."
أخذت رقم هاتفه وذهبت لتصور ما فاتها وبعد أن إنتهت إتصلت به .. كان يقف خلفها يراقبها .. رن هاتفه ..
"ألو."
"أنا خلصت خلاص .. أقابلك فين؟"
"أنا هنا .. قصدي شويه وهكون عندك .. نتقابل عند المكتبة طيب؟"
"تمام."
اغلقت المكالمة ووقفت تنتظره أما هو كان يقوم بتسجيل رقم هاتفها بسعادة .. ووقف يتأملها قليلًا ثم قرر أن يذهب إليها ..
"إتأخرت عليكي؟"
"لا طبعا .. شكرا على المحاضرات."
قدمت إليه المذكرة وإبتسم لها ..
"لو إحتجتي أي حاجة أنا موجود."
"شكرا."
"العفو."
ذهبت وتركته .. كانت تجلس في منزلها بالمساء تنظر للمحاضرات التي قامت بتصويرها ولم تفهم منها أي شئ .. تنهدت بضيق فقد إتضح أنها الآن تحتاج أن تأخذ دروس تقوية في تلك المادة .. ولكن كيف؟ ستكلف والدتها أموالاً كثيرة مرة أخرى .. يكفيها أنها كانت تعاني من المشاكل المادية بسبب دروس الثانوية العامة ..
"لا يا ميار لازم تلاقي حل."
وأثناء شرودها وتفكيرها إنتبهت لهاتفها يصدر إشعارًا بصوت منخفض .. إلتقطته ونظرت إلى الشاشة وجدت أن بكر أرسل لها شيئًا عبر تطبيق الواتس آب ..
"مساء الخير .. بعتذر لو أزعجتك إنتي عاملة إيه دلوقتي؟"
قامت بفتح الرسالة ولم تُجِبه .. أرسل لها علامات إستفهامٍ كثيرة .. وقامت بفتح الرسالة أيضًا وهي تفكر .. سأِم من عدم ردها وقام بالإتصال بها .. تنهدت ثم أجابت ..
"ألو."
"إنتي كويسه؟"
"اه .. كويسه في حاجة ولا إيه؟"
"أصلي ببعتلك ومش بتردي."
"معلش إنشغلت شويه."
"ممكن أعرف مالك؟"
صمتت قليلًا ثم أردفت..
"المادة طلعت صعبة أوي .. محتاجة أخد كورس فيها."
"يا سلام؟؟؟ بس كده!!."
تعجبت من حديثه .. إستأنف حديثه..
" معقولة تاخدي كورس فيها وأنا موجود؟؟؟"
"مش فاهمة؟"
"هشرحلك المادة يا ميار."
"مش للدرجادي .. مش حابه أتعبك."
"لا تعب ولا حاجة .. تحبي نبدأ من بكرة؟"
"ماشي تمام."
"خلاص نتقابل بكرة في الكافية إللي قدام الجامعة بعد المحاضرات ومن بكرة هتحضري كل محاضراتك."
حاول أن يكون صوته جادًا قليلا ولكن جديته تلك أضحكتها .. تحدث بتأكيد..
"نتقابل بكرة يا ميار."
"تمام."
.......................................
في اليوم التالي:
خرجت من المحاضرة الأخيرة وذهبت للكافيه المقابل للجامعة .. كانت تشعر بالإرهاق لأنها ولأول مرة منذ أن بدأت تلك السنة تقوم بحضور كل المحاضرات تلك .. بالطبع كانت تحاول أن تتجاهل وجود بكر الذي كان ينظر إليها طوال الوقت أثناء المحاضرات .. وتقنع نفسها أنه زميلها فقط.. كان يقف أمام الكافية ينتظرها أسفل الشمس الحارقة وتنهد بإرتياح حتى رآها .. إقترب منها حتى أصبح أمامها..
"إتأخرتي كده ليه؟"
"مافيش أنا بس مشيت على مهلي عشان تعبان شوية."
"مالك فيكي حاجة؟"
شعرت بالضيق لذلك الإهتمام الغير مبرر.. وتحدثت بضيق ..
"مافيش ويلا نخلص بسرعة عشان متأخرش على ماما."
أردف بهدوء:
"طيب يلا."
قام بالشرح لها وفهمت المادة جيدًا .. كان مُهتمًا جدا بأن تصلها المعلومة بشكل صحيح .. إنتبهت عندما أتى النادل ووضع فنجاني قهوة على الطاولة .. نظرت له بعدم فهم .. أردف بكر بتبرير ..
"عشان تفوقي لإن شكلك نايمة."
"طلبتها إمتى؟"
"لما كنت خارج من الحمام من شويه."
صمتت ولم تتكلم وشربت قهوتها في صمت وهو يشرح لها ..وبعد أن إنتهي كان يمط جسد كأنه يستيقظ من النوم ..
"أنا كده خلصت فصلين فاضل فصلين في المادة دي حابه أشرحهم إمتى؟"
"أي وقت."
طالعها وهو يفكر قليلًا .. ثم أردف ..
"بكرة."
"بس بكرة أجازة."
أردف بلامبالاة وهو يستند على كرسيه:
"مافيش مشكلة أنا معاكي حتى في يوم أجازتي."
ضحكت كثيرًا لطريقة حديثه تلك ..
"ماشي .. هنتقابل إمتى؟"
"نتقابل الصبح نفطر ونذاكر."
"الصبح ونفطر؟!"
رفع حاجبيه..
"اه عندك مشكلة؟"
"لا مافيش أنا بس مستغرباك .. ليه يا بكر كل ده؟"
"هتصدقيني لو قولتلك مش عارف."
أردف بتلك الجملة وهو ينظر في عينيها ..
"عمومًا .. أنا موجود في أي وقت حتى لو إحتاجتي كتف تعيطي عليه برده موجود."
كادت أن تتحدث ..
"من غير ماتتكلمي وتسألي .. عينيكي يا ميار بتتكلم وبتقول إنك حزينة جدا ومحتاجة إللي يضحكك وبصراحة ده شرف كبير ليا إن أنا إللي أضحكك .. تحبي أوصلك؟"
"لا شكرا."
"هستناكي بكرة بس المرة دي هنتقابل عند الكورنيش في واحد بتاع عربية فول عايزين ناكل عنده أكله تحفة .. لازم تدوقي الأكل بتاعه."
هزت رأسها وهي تضحك .. تركته وذهبت أما هو كان يبتسم لإبتسامتها تلك ..
في صباح اليوم التالي:
كان يقف عند كورنيش النيل ينتظرها وهو يمسك كتابه وملزمته بيده وإبتسم عندما رآها تقترب منه ..
"ده إيه الصباح الحلو ده؟ أول مرة أحس إنها صباح الخير فعلا."
" أنا مش فايقة للهزار ده."
"ماشي ياستي .. يلا ناكل."
جلست عند عربة الفول وطلب لها وجبة إفطار جميلة وشعرت أنها قد حققت حلمًا من ضمن أحلامها وهو أن تأكل عند عربة فول ..كأن هذا الشخص أتى من حيث لا تدري لكي يفعل أشياءًا تُسعدها .. بعد أن إنتهوا من تناول طعام الفطور .. نظر بكر للرجل الذي يقف عند عربة الفول ..
"زومة .. حازم." (بطل رواية إغت.صب حقي )
نظر إليه صاحب العربة ..
"معلش هحتاج بس الترابيزة دي .. هنذاكر شويه وخد إللي إنت عايزه مني بعد كده."
ضحك صاحب العربة وهز رأسه بيأس وأشار له بيده أن يقوم بما يريد .. إبتسمت ميار وهي تنظر لكل الأشخاص الذين يجتمعون حول العربة وجميع الطاولات مشغولة .. دعت له بالرزق وتيسير الحال ثم ركزت فيما يشرحه لها بكر .. مرت الأيام وتقرب الإثنان من بعضهما حتى أنه كان يقوم بمساعدتها في كل المواد كان يُضحكها كثيرًا حتى أنها نسيت حزنها كله .. كانت والدتها تراقبها في صمت وهي تقوم بمذاكرة دروسها في المنزل .. كانت سعيدة أن ملامح إبنتها أصبحت سعيدة وجميلة .. مرت الأيام حتى أتى يوم ميلادها ..
كانت كعادتها ذاهبة لتقابله ولكن تلك المرة كانت في أحد المولات الضخمة .. كان بكر جالسًا ينتظرها حتى رآها أمامه وهي تقترب منه ..
"معلش لو إتأخرت عليك المواصلات كانت زحمة."
"مافيش مشكلة."
ظل ينظر إليها وهي أمامه ..
"هتشرحلي إيه النهاردة؟"
"النهاردة أجازة من الشرح."
"ليه بقا؟"
"كل سنة وإنتي طيبة."
قدم لها حقيبة هدايا لم تنتبه لها منذ البداية لأنها كانت بجانب قدمه .. إبتسمت بسعادة وتعجبت من ذلك الفعل .. فتحت الحقيبة وسعدت كثيرًا بوجود الشوكولاته المفضلة لها .. لم يقدم لها أحدٌ هدية من قبل سوى والدتها .. كانت الهدية عبارة عن حذاء أبيض عالٍ حوله أوراق ورد أحمر .. وجدت جوابًا بجانب ذلك الحذاء ..
"إقرأي الجواب لما تروحي."
"ليه؟"
"مافيش إقرأيه لما تروحي وخلاص."
أردفت بتنهيدة:
"حاضر."
أغلقت الهدية ثم إبتسمت بسعادة ..
"شكرا يا بكر إنك تعبت نفسك وكلفت نفسك ده كله."
"أنا بس حبيت أسعدك مش أكتر، وأهم حاجة عندي إني أشوفك سعيدة."
مر اليوم على خير .. وعندما بقيت في غرفتها قامت بفتح الهدية مرة أخرى .. ونظرت لذلك الحذاء ... حذاءٌ أبيضٌ راقٍ وهادئ .. يبدو كحذاء العرائس الأميرات .. ناعِم .. نظرت للورقة المطوية بجانب ذلك الحذاء وقامت بفتحها..
"ميار .. أنا إتحرجت إني أقولك الكلام ده فحبيت أكتبهولك .. أنا جوايا مشاعر كتير ليكي .. مشاعر مش فاهمها بس أعتقد إنها حُب؟ .. ماحبتش أحكم من البداية وحبيت أقرب منك أكتر أتأكد من مشاعري إني بحبك بجد ولا مجرد إعجاب وخلاص .. قربنا من بعض وبقينا مع بعض في كل مكان .. بقيتي إنتي جزء أساسي من يومي .. بقيتي كل حاجة في يومي أعتقد .. حتى وأنا في الشغل بعد الكلية بتبقي في بالي دايما .. وإتأكدت من مشاعري ناحيتك لما لقيتك كل حاجة في حياتي يا ميار .. لما لقيت إن حياتي كلها واقفة عليكي .........."
كانت والدتها تقف خلف باب غرفتها تراقبها في صمت تنظر لها وهي تقرأ تلك الورقة .. نظرت لإبنتها التي بدأت الدموع تهبط من مقلتيها ..
"ولما لقيت كده .. لقيت إني لازم آخد خطوة وأتقدملك بس قبلها لازم تكوني موافقة عليا على الأقل .. ولو موافقة فعلا .. الهدية إللي أنا جبتهالك دي .. هتلبسيها في يوم فرحنا .."
نظرت للحذاء الأبيض وهي تبكي ..
"أنا عندي أخت يا ميار .. بخاف عليها .. فأكيد أنا مش هضحك عليكي بكلمتين وأقولك أنا بحبك وأبقى معاكي لمدة يومين وخلاص .. لا أنا عايزك تبقي معايا .. تبقي حبيبتي و مراتي .. أنا هستناكي بكره في نفس المول .. وهستنى إجابتك هناك وأتمنى تكون بالموافقة .. بحبك."
كانت تبكي لأنها تذكرت ألم قلبها .. الحب هو ما دمرها .. كيف ستبتعد عن بكر؟ وهو أصبح شخصًا أساسيًا في يومها .. هل يريد أن يدمر مابينهما بالحب؟؟ .. أغمضت عينيها بإستسلام ولكنها إنتبهت لوالدتها تطرق على الباب تستأذن في الدخول ..
"إتفضلي يا ماما."
دخلت والدتها وجلست أمامها بفراشها..
"مالك فيكي إيه؟ بتعيطي ليه؟"
"مافيش مابعيطش أنا كويسه."
"بتكذبي عليا يا ميار؟"
نظرت لوالدتها بحزن .. وأردفت بوالدتها بتفهم ..
"انا آسفة يا حبيبتي، حقك عليا .. انا ماكنتش موجودة في الفترة الأخيرة من حياتك وكنت سايباكي لوحدك أغلب الوقت .. عشان شغلي .. سامحيني طول مانا كنت بدور إزاي أصرف عليكي وغلى البيت نسيت أهم حاجة وهو إني أهتم بيكي وآخد بالي منك .. من بعد ما والدك توفى وأنا كل حاجة باقت على أكتافي يا ميار .. بقيت شايلة مسئولية الأب أكتر من الأم .. ونسيت بنتي .. وأنا بني آدمة وغلطت وسيبت بنتي لوحدها ونسيتها وسبتها في دوامة حياتها تعيش فيها وتواجهها لوحدها .. في حين إن أنا كان ممكن أقف أنا قدام الدوامة دي وأحميكي منها من الأول .. سامحيني يا ميار أنا قصرت في حقك."
كانت تبكي ووالدتها كانت تتحدث وكانت والدتها تبكي أيضًا، دخلت بين ذراعي والدتها وأردفت ببكاء ..
"انا شوفت كتير أوي يا ماما .. ماكنتش لاقية حد يوجهني .. ماكنتش لاقية إللي أحكيله وأمنله على أسراري .. بالعكس كنت كل ما أحكي لحد حاجة يفضحوني ويتكلموا عني من ورا ضهري .. انا ماشوفتش أصحاب عدلين وماشوفتش في حياتي حاجة حلوة .. ماما ..*إبتعدت ونظرت إليها بندم* .. أنا حبيت قبل كده .. الشاب ده وجعلي قلبي وسببلي عقدة نفسية وغصب عني من بعده كلمت شباب كتير وكنت بعمل معاهم نفس إللي عمله معايا .. كنت بسيبهم وأمشي من غير ما أقول أسباب .. كنت بكتفي بالإختفاء كنت بدور على الأمان والحماية لكني ما أخدتش بالي إني بدمرغيري وبدمرني .. من فترة كبيرة قابلت شاب زميلي في الجامعة .. هو إللي كتبلي الجواب ده يا ماما."
قدمت لوالدتها الورقة وهي تبكي ..
"شوفي يا ماما كاتبلي إيه، شوفي يا ماما جابلي إيه، أنا مش ناقصة إن يتضحك عليا تاني أنا قلبي واجعني مش قادرة أستحمل كل ده .. هو ليه حابب يدمر علاقتنا إحنا الإتنين.."
كانت والدتها تقرأ تلك الورقة وتنظر لتلك الهدية ..
"من كلامه يدل إنه شخص كويس وعايز يتقدملك علطول."
"ده إللي ظاهر قدامك بس يا ماما، لكن أنا شوفت كتير خلاني أقولك كده."
أردف والدتها بهدوء ..
"تمام يا حبيبتي .. قدامك فرصة بكرة تنهي الموضوع زي مانتي عاوزة .. المهم إنك تكوني بخير وترجعي بنتي حبيبتي."
قامت بضمها وأردفت ..
"إنتي كنتي طفلة صغيرة والغلط كله كان من عندي لإني سيبتك في أكتر وقت إنتي محتاجاني فيه .. بس يا ميار لو محتاجة تتكلمي في حاجة إحكيلي وأنا هبقى جنبك ومعاكي."
"حاضر."
في اليوم التالي:
كان يجلس على ذات الطاولة التي كانا يجلسان عليها بالأمس .. تقدمت منه وهي تحمل حقيبة الهدايا ذاتها .. وضعتها على الطاولة ..
"أنا آسفة يا بكر .. بس أنا مش هقدر أصدق حاجة .. مش هقدر أدمر علاقة الزمالة إللي بينا .. إحنا كده أحسن .. مش هقدر أعيش نفس الوجع إللي أنا عشته في يوم من الأيام ومش حابة أتعشم بحاجة .. بعد إذنك."
قالت كلماتها ثم تركته ورحلت .. نظر إلى الحقيبة بحزن وشعر بخيبة الأمل تجتاحه أول فتاة أحبها بإخلاص قامت بكسر قلبه دون أن تقوم بإعطاءه فرصة .. كاد أن يتحرك من مكانه ولكنه وجد هاتفه يصدر صوت رنين .. وجده رقمًا مجهولاً وقام بالرد ...
......................................
كانت تجلس بغرفتها تبكي وتشعر بالقهر والضياع .. قامت بجرحه ولم ترى منه سوى كل خير .. قام بإسعادها وتحقيق اغلب أحلامها دون أن يعلم أنها أحلامها .. كيف ترد له كل ذلك بالرفض؟؟ .. تتمنى لو يسامحها في يومٍ ما ويتفهم حزنها .. إنتبهت على رنين هاتفها وكانت والدتها ..
"ألو."
"معلش ياحبيبة ماما جهزي نفسك جايلنا ضيوف النهاردة وأنا جاية في الطريق، إلبسي أحلى حاجة عندك هاه؟ ممكن نقول فستان"
"حاضر."
أغلقت مع والدتها .. وفكرت قليلًا .. من سيأتي لهم؟؟ .. إن أقاربهم لا يسئلون عليها .. لا يوجد لها أحد سوى والدتها .. تنهدت وقررت أن تقوم بتجهيز نفسها ..
في المساء:
كانت ترتدي ثوبا رقيقًا وتجلس بجانب والدتها التي تبتسم بهدوء .. رن جرس باب شقتهم ووقفت والدتها لتفتح الباب ووقفت ميار أيضًا لترى من يقوم بزيارتهم .. وقع قلبها في قدمها عندما رأت بكر يرتدي حُلة سوداء ويصافح والدتها ومعه رجل كبير في السن وسيدة كبيرة أيضًا وخلفه فتاة صغيرة مراهقة ... ماذا يحدث؟
"إتفضلوا .. منورين والله."
"ده نورك يا أستاذة أُلفت."
كانت ميار تقف أمامهم لا تفهم ماذا يحدث ..
"دي ميار بنتي .. العروسة."
تفاجأت من حديث والدتها .. أهذا يحدث حقًا .. كان بكر ينظر أرضًا بهدوء .. ولم يتحدث وترك الحديث كله لوالده ..
"أهلا بالجميل .. أخبارك إيه؟"
"الحمدلله."
جلس الجميع وبدأ والد بكر بالتحدث ..
"أنا جاي طبعا عشان أطلب إيد الآنسة ميار لبكر إبني بس في كام كلمة حابب أتكلم فيهم الأول."
أردفت والدة ميار:
"إتفضل."
تنهد والده ثم إستأنف..
"أنا عارف إن بكر لسه شاب في أول طريقه .. وعارف إنه لسه طالب كمان .. بس لولا إنه بيشتغل بجانب الدراسة ومتحمل مسئولية نفسه .. أنا ماكنتش وافقته أبدًا لما قالي إنه عايز يتقدم للبنت إللي بيحبها."
تعجبت ميار من حديث والده وشعرت أن هناك خلل ما .. فؤاد الذي أحبته سابقًا كان يخبرها أن تنتظره لسنوات طويله لأنه يعمل بجانب دراسته وأنه يحبها كثيرًا .. وفي النهاية قام بخيانتها وتركها وتقدم لزميلته عدة مرات .. أما بكر فقد كان مختلفًا تماما عن فؤاد .. بكر أخبرها أنه يحبها وبالرغم من أنه يعمل بجانب دراسته ها هو الآن يجلس مع والديه وأخته أمامها هي ووالدتها .. إنه يتقدم إليها ..
"بس أنا عارف إبني وعارف قد إيه هو محترم، وقد كلمته .. وعشان كده يسعدني ويزيدني شرف إن بنت حضرتك تنضم لعيلتي الجميلة الصغيرة."
"ده أنا يزيدني الشرف طبعا .. وقراري من قرار ميار وطالما ميار موافقة أنا طبعا موافقة."
نظرت ميار بعدم فهم لوالدتها التي إبتسمت لها في المقابل .. وهنا تحدث بكر ..
"أستأذنكم أنا محتاج أقعد مع ميار شويه لوحدنا قبل مانتكلم في أي طلبات أو إتفاقات."
أردفت والدتها ..
"أكيد طبعا إتفضلوا."
غادرت الغرفة هي ووالديه وأخته وتركتهما وحدهما ..
إستقام من مقعده وجلس بجانبها وتحدث بحزن وهدوء ..
"بصي يا ميار .. أنا مافيش حد وجع قلبي غيرك .. طريقة كلامك على أسلوبك .. كنتي بتعامليني بمزاجك وبس .. كنت بطنش قولت بيني وبين نفسي البنت دي شايفة نفسها .. بس لا مرة في مرة ضحكتك البريئة باقت بتظهر .. عفويتك ظهرت .. لقيت إنك طفلة يا ميار .. طفلة تايهه محتاجة إللي يمسك بإيديها ويوجهها .. وحبيت إني أكون الشخص ده .. فضلت معاكي ماستنتش مقابل .. المقابل بالنسبالي كان إني أشوف ضحكتك وبس .. كنتي إنتي كل وقتي يا ميار .. كنتي إنتي كل حاجة .. ولما لاقيتك معايا في كل وقت وبتقابليني ودايما خطوة بخطوة معايا وبتحكيلي يومك ماشي إزاي .. قولت آخد الخطوة وأعترفلك بحبي ليكي .. بس أنا ماكنتش أتوقع إن ده هيكون رد فعلك .. ولحد الآن مش فاهم ولا عارف السبب إيه .. ممكن أعرف إيه هو السبب؟ لإني تايه ومش فاهم."
أردفت بحزن وهي تنظر في عينيه ..
"أنا إتجرحت يا بكر، أنا عشت أسوأ أيام حياتي .. أنا كنت بحب واحد قبل كده وأنا صغيرة كان عندي 14 سنة .. كنت طفلة صغيرة مش فاهمة حاجة وبجرب زي إللي حواليا .. الشخص ده مشي فجأة بعد ما بقا هو كل حاجة في حياتي .. ماكنتش عارفة هو مشي ليه .. لو كان بس قالي أي مبرر مكانش ده بقا حالي .. أنا فضلت عايشة السنين إللي فاتت دي كلها بسأل نفسي سؤال واحد .. ليه؟؟ .. سببلي صدمة نفسية إتعرفت على شباب كتير على الفيس وكنت بعشمهم وبسيبهم من غير أي مبرر وكنت بختفي .. أنا بني آدمة وحشة جدًا أذيت ناس كتير وهما مالهمش أي ذنب .. وفي الآخر عرفت إجابة السؤال .. ليه؟؟ .. خاني يا بكر .. عرف واحدة غيري وأنا معاه وسابني من غير مايقول حاجة .. كان بيظهر وبيختفي .. وبيرجع وبيمشي .. لحد ماتعبت .. مباقتش حِمل إن حد يديني إهتمام ويعتبرني إني أحسن حد في حياته وبعدها يختفي........"
أكمل بكر بدلاً منها ..
"عشان كده رفضتيني؟ خوفتي إني أبقى زيه؟"
هزت رأسها ..
"إسمحيلي أقولك إنك غلطانه لإنك معرفتيش تحكمي عقلك .. كل حاجة كانت واضحة قدام عينيكي ما سألتيش عقلك إيه الصح وإيه الغلط مشيتي ورا قلبك إللي فاهم كل حاجة غلط .. إللي بيدور على الحب والإحتواء وبس أيًا تكن العواقب إيه المهم إنه يلاقيها."
"إنت صح.. انا فعلا غلطانة."
تنهد ثم إستأنف:
"بصي يا ميار .. أنا فاهمك وعاذرك وعارف إنتي على إيه وأنا متقبلك بكل حالاتك .. أنا إخترتك لإني عارف إنك هتصونيني وإللي فات ده هعتبره من الماضي إللي إتقفل عليه بالضبة والمفتاح .. مجرد عيلة صغيرة وغلطت .. لكن أنا ليا في إللي جاي بعد كده."
"إنت بتعمل كل ده ليه؟ وبتعدي كل ده ليه؟؟ المفروض غيرك كان يمشي ويسيبني."
"أنا بحبك يا ميار .. وعشان بحبك هديلك بدل الفرصة المليون المهم إنك تصونيني .. وأنا واثق في إختياري ليكي وأنا عمر إختياري ما كان غلط."
صمتت قليلًا .. ولم تتحدث ..
"ميار لو مش بتحبيني ممكن ترفضي .. أنا معنديش مشكلة أنا هتخطى وهنسى .. المهم ماتبقيش معايا غصب عنك."
نظر إليها ينتظر إجابتها لكنها لم تُجبه ..
إستقام من مقعدة وأردف بإستسلام:
"شكلي غلطت مرة تانية لما إتفقت مع مامتك إني آجي أتقدملك وشكلها فهمت غلط لما قالتلي إنك بتحبيني وحاولت تفرحك."
كاد أن يتحرك ولكنها أمسكت بيده وأردفت ببكاء ..
"بكر .. ماتمشيش .. أنا ماقدرش أعيش من غيرك، أنا بس خايفة .. أنا محتاجاك تطمني إن كل إللي جاي هيبقى أحسن."
"وجودي معاكي في بيتك قدام أهلي وأهلك هو أكبر حاجة ممكن تطمنك."
جذبها نحوه مما جعلها تقف أمامه وقربها نحوه قليلًا ..
"يا ميار إنتي ماتتصوريش أنا بحبك قد إيه .. وصدقيني وعد مني هخليكي أسعد إنسانة في الدنيا، إنتي بس وافقي وأنا هفضل دايما معاكي وهبقى سندك وحياتك كلها .. قولتي إيه؟"
إبتسمت وهي تبكي وهزت رأسها موافقة ..
.....................................................
"تمت بحمدالله"
🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹
ادخلوا بسرعه حملوه وخلوه علي موبيلاتكم من هنا 👇👇👇
وكمان اروع الروايات هنا 👇
انضموا معنا على تليجرام ليصلكم اشعار بالروايات فور نزولها من هنااااااااا
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺
تعليقات
إرسال تعليق