رواية حوريه بين أنياب شياطين بقلم الكاتبه خديجه السيد الفصل الحادي والعشرون حتى الفصل الأخير حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج
كانت حورية تجلس بأحضان قاسم بأعين متسعة بصدمة كبيرة و عجز لسانها عن الحديث منذ أن سمعت خبر حملها للمره الثانيه لكن هذه المرة غير بالتأكيد فظلت تضحك هي بفرحة عارمة و قلبها يكاد يخرج من قفصه الصدري بجنون عندما اخبرها الطبيب أنها حامل وعندما دلف قاسم يبتسم بسعادة غامرة إليها تحركت علي الفور الي داخل أحضانه كطفلة صغيرة لـ تعانقه بقوة و هو يبادلها احتضانها بابتسامة لم تفارق ثغره و بالفعل هو أكثر منها فرحة يشعر و كأنه يمتلك جميع نجوم السماء و حبه الوحيد بين ذراعيه ،و اخيراً استطاعت الاستفاقة قليلاً علي نفسها لتنظر الي قاسم و هي بين أحضانه فوق الفراش تقول بذهول :-
_قاسم انت مصدق اللي بيحصل لنا وبقينا احنا الاثنين عايشين فيه ده ..هو الدكتور كان بيقول أية من شويه سمعت صح ولا بيتهيالي
ابتسم لها حين نظر نحوها بقلب يدق عالياً بفرحة عارمة ليضع قاسم يده علي وجهها و هو يبتسم بحنان ليقول :-
_لا سمعتي صح يا قلب قاسم مبروك حبيبي هيبقي ماما لتاني مره بعد شهور من دلوقت
ليقترب منها بعدها و يقبل قمة رأسها بعشق لتنظر إليه و وجهها احمر كالطماطم الناضجة بسعادة غامرة و شغف لتحمد الله علي نعمته دائماً و ابدأ و قدره كانت تعيش وسط معاناه و جحيم ليس له نهاية و لكن بحكمة الله و قدرته أصبحت بين يديه حبيبها و زوجها و والد أطفال الذي رزقت بهم وبدات في تكوين اسره سعيده حولها، اغمضت عينها براحه كبيره ثم فتحت بلهفة شديد هاتفه هي و قاسم في نفس ذات اللحظه :-
_واسامه
صمتت حورية متوتره بشكل ملحوظ بينما ابتسم قاسم لها وقبل رقبتها برقة و هو يقول بخفوت :-
_ماله اسامه يا حبيبتي قولي
هزت رأسها تبتلع ريقها بصعوبة و توتر كبير و هي تقول مترددة:-
_يعني انا عارفه معاملتك لي من اول ما جاء علي الدنيا حتى لما مكنتش متقبله وجوده انت وقفت جنبه وفضلت ترعاه وتهتم بي اكثر مني ولحد دلوقتي طبعا ولدرجه انا كمان بقيت بتعامل على اساس كانه ابنك بالضبط يا حبيبي بس هو مش ابنك يا قاسم في النهايه، خايفه غصبا عنك معاملتك تتغير معاه، و انت اصلا مش ملزوم ولا مجبر على اللي بتعمله معه
ابتسم قاسم بهدوء و هو يتأملها بحب لـ يقول بجدية:-
_هو مش كان ربنا هداكي وقفلتي السيره دي بتفتحيها ثاني ليه يا حوريه بس، انا لما سالتك عليه زيك كنت برده هسالك نفس السؤال وخايف عليه لما يجي تفرقي بينهم في المعامله وترجع لي العاده القديمه اول ما اجي
اسامه
اتسعت ابتسامتها بسعادة و هي تقول بلهفة :-
_لا خالص والله ما هعمل كده اسامه بقي بالنسبه لي روحي تفتكر روحي هتهون عليا مستحيل طبعا مش هعمل كده في اي لحظه ما تخافش ده ابني يا قاسم انا ما بقتش قادره استغنى عنة أبدا
مال يقبل رأسها و يحتضنها بحنان هامساً بأذنها بحب :-
_وانا كمان يا حوريه ما فيش حاجه هتتغير الوضع هيفضل زي ما هو اسامه ابني زي ما هو اخو ابني الثاني اللي في بطنك ولسه هيجي على الدنيا.. المهم احنا الاثنين نقدر نحافظ عليهم ما نحاولش نبينلهم اي فرق ما بينهم
ابتسمت باشراق و فرحة و هي تقول باعتراض وحماس:-
_عمري ما هعمل كده انا اصلا هطير من السعاده عشان هجيب بيبي ثاني واخ لاسامه هيبقوا هم الاثنين اهم حاجه في حياتي و روحي كلها ..حبايب ماما
رفع قاسم حاجبيه باقتضاب و بلحظة امسك بخصرها بين بيده بقوة و هو يحملها من أعلي الفراش ليضعها علي قدمه و يحاوطها بيده و يضمها إليه بشدة و هو يقول بغيظ شديد :-
_هم الاثنين اهم حاجه في حياتك وأنا فين اتنسيت من اولها كدة، كده هغير رأيي انتي حتي مش مهتمة اني جنبك وانتي طايره من السعاده عشانهم ونسياني مع اني جنبك اومال لما نخلف أن شاء الله هتعملي أية هتنيمني علي السلم بره الاوضه
ابتسمت ابتسامه خفيفة و هي تهز رأسها بعدم مبالاه ثم استندت بظهرها الي صدره و هي تقول ببرود:-
_الله يا قاسم فرحانه.. وبعدين انت بتكلمني ليه اصلا انا فاكره ان قبل ما يغمى عليا والدكتور يجي ما كنتش عاوزني جنبك وطردتني من المكتب بتتلزق فيا دلوقتي ليه بقي؟ اتفضل يلا روح شوف شغلك اللي اهم مني
اقترب بوجه إليها ليصبح وجهها مقابل وجهه بل ملتصق به لا يفصلهم غير مسافة صغيرة تسمح بالتنفس وهو يقول بصوت حنون رومنسي:-
_يعني بذمتك اسيب القمر ده وانزل اشوف شويه ورق وكلام فاضي خليني هنا احسن
اتسعت ابتسامتها ببلاهة ثم فجأة امسكت بيده تبعده عنها و هي تقول بغضب مرددة بتهكم:-
_يا سلام ما كان على قلبك زي العسل وانت بتطردني من المكتب عشان شويه الورق دول يلا اتفضل انا اللي مش عاوزك دلوقت جنبي.. اهو الحمد لله ربنا كرمني بدل العيل اثنين وانت خليك جنب ورقك خليه ينفعك
نظر لها بامتعاض و هو يمرر يده علي وجهها بخشونة ثم أردف بوقاحة :-
_ده على اساس انك جايبة العيل اللي في بطنك ده منين عن طريق التواصل اللاسلكي بينا، وتقولي اطلع بره ما لكش لازمه لا يا ماما ليا طبعا لازمه مش اللي في بطنك ده جاء بمجهودي اللي ما كانش عاجبك من شويه
شقهت حورية بصدمه وخجل ثم ضربته فوق صدره بخفه تصيح بغيظ:-
_سافل وقليل الادب هقول لك ايه ..بس برده ما تكلمنيش انا مخصماك انا وابنك كمان
تنهد قاسم بضيق شديد ثم اقترب منها يمسك بخصلات شعرها يرجعها إلي الخلف لينحني يقبل رقبتها من الامام انتفضت و هي تحاول تبتعد و تنزل من فوق قدمه و هي تقول بابتهاح :-
_ايه بتقرب كده ليه ابعد؟
ابعد خصلة من شعرها عن عينها ثم رفع يدها يلثمها بحب و هو يقول بشغف:-
_اسف يا روحي كنت بصالحك ينفع نتصالح بقي دلوقت
صمتت حورية ولم تجيب عليه بينما هو نظر إليها و حضنها يستنشاق رائحتها و مال بجسده إليها كادت أن تبتعد لـ يحاوط خصرها بذراعه و هو يقرب أنفه من وجهها و هي تنظر إليه قريب للغاية دنت برأسها إليه تقترب منه أكثر و هي تغمض عينها تستمتع بانفاسه القريبة بهدوء ارتسمت ابتسامه ملتويه فوق فمه منخفض عندما دفن وجهه بعنقها يقبله بشغف حاضن إياها بخفه ثم اخذ يقبل وجهها بقبلات متفرقه حنونه قبل ان يتناول شفتيها في قبله حاره اصدرت تأوه منخفض مما جعله يكاد يفقد السيطره علي نفسه ليكمل ما بداوا بينما يرتفع بقبلاتها لوجهها الذي اخذ يقبلها ببطئ و شغف طويل.. حتي أبعدت هي عنها بصعوبة شديدة ابتسم قاسم لها وهو يقول بنبرة هادئه:-
_كده اتصالحنا؟ مش كده يا روحي
هزت كتفها برفض و هي تميل برأسها الي اليسار واليمين بمعني لا تنهد قاسم بحنق و هو يقبل وجنتيها ثم نظر إليها ليجدها لازالت صامتة تطلع إليها بنفاذ صبر قائلا بحده:-
_يعني اعمل اية يعني عشان القمر يرضى عني
قلبت شفتيها السفلية و هي تقول ببرود :-
_معرفش اتصرف بس برده ما صالحتكش ولسه انا و أبني زعلانين منك ..وبعدين ده منظر حد بيصالح مكشر في وشي بتزعقلي كمان وانا حامل في ابنك
ابتسم قاسم بعشق وحاوط خصرها بذراعيه وهو يميل برأسه نحو بطنها قائلا بابتسامه واسعة:-
_طب عاوز ايه يا حبيب بابا وتصالحني وتخلي ماما كمان تصالحني
هزت رأسها بالايجابي تفكر ثم هتفت بابتسامة عريضة و هي تقول بمرح :-
_عاوزه رنجه
ليرفرف جفنيه بعدم استيعاب و هو لايزال لم يستمع جيد هاتف:-
_نعم يا اختي عاوز ايه سرنجه.. سرنجه اللي اجيبها لك دلوقت
اتسعت حدقتها بسخرية ثم قالت إليه بابتسامة متهكمه و هي تقول بحده:-
_سرنجه ايه يا قاسم بقولك رنجه سمك يعني اللي بيتاكل وبعدين ده اول طلب يطلبه ابنك ما تكسفوش واتصرف وهاتله رنجه
هز قاسم رأسه وهو يقول بضيق شديد:-
_اه سمك من اللي بيتاكل.. و ده اجيبهلك منين دلوقتي انتي عارفه الساعه كام يا روحي وبعدين بطلي تستغلي الموقف هو فتح بوقه الولد ولا اتكلم
هتفت حورية من تحت أسنانها بغيظ قائله بحده:-
_وهو هينطق ازاي وهو في بطني يا ابو العريف الوحيده اللي بيعرف يتواصل معاها هي الام وهو قاللي من شويه انا عاوز رنجه يا مامي، وقلت لك اتصرف انا مش هنام ولا هو غير لما تنزل بنفسك و تجيبلي رنجه
رفع قاسم نظراته حولها باستخفاف وهو يقول بنبرة ساخراً:-
_يا سلام هو قال لك يا مامي عاوز رنجه وكمان بابا اللي ينزل الفجر عشان يلف على المحلات ويجيبها ،لا يبقى قولي له اتخمد احسن وبطل دلع يا روح امك
نظرت إليه بعيونها تشع حقد ثم أبتعدت عنه وهي تقول بصوت غاضب:-
_كده يا قاسم ماشي بس يكون في علمك ابنك مش هينسالك اللحظه دي ابدا في حياته واول ما يتولد ويجي على الدنيا مش هيكلمك و هيفضل مخاصمك شهر بحاله عقابا ليك عشان تعرف ترفض طلب وتكسفة كده فالاحسن ليك تروح دلوقتي تدور على حد تجيب منه الرنجه بدل ما تندم ساعتها
عقد حاجبيه بدهشة وهو يتنهد بضيق شديد وقال بيأس:-
_كل ده عشان الرنجه ..يا حبيبتي انا مش رافض اجيب له حاجه بس المشكله في الوقت، بصي خليها بكره الصبح وهتلاقيها عندك و أي حاجه تطلبيها ثانيه
مطت شفتيها بعدم مبالاه وقالت ببرود:-
_بس ابنك عاوزها دلوقتي هتروح تجيبها له ولا يفضل ذنبه في رقبتك لما تطلع له وحمه في وشه بسببك ويفضل فاكرها طول حياته ان ابوه استخسر في حته رنجايه واحده
جز قاسم علي اسنانه بغيظ و هو يقول بغضب مكتوم:-
_انتي عارفه الساعه كام دلوقتي انتي وابنك اللي ما عندوش دم ده اللي بتوحم بدري ..ما تاكلي اي حاجه ثانيه واضحكي عليه و ريحيني
ربعت يدها أمام صدرها باستفزاز قاتل مرددة بجدية تامة :-
_لا يمكن طبعا انا ما بكدبش على ابني ابدا لكن انتـ..
قاطعها بصوت عالي بنفاذ صبر قائلا بحنق وضيق:-
_خلاص افصلي شويه هنزل اجيبهالك وامري لله ..مع اني والله شكلك انتي اللي بتضحكي عليا عشان تعاقبيني وهو ولا طلب حاجه ولا اتنيل فتح بقه اصلا
ابتسمت ابتسامه صغيره وهي تقول ببرود لاذعة مرددة ببساطة كأنه شئ عادي:-
_جربت تبقى حامل قبل كده
نظر لها بأعين تطلق شرارت غضب قائلا ببلاهه:-
_ده ايه السؤال البايخ ده طبعا لا
صاحت بشراسه جعلته ينتفض من مكانه بذعر وهي تضيق عينيها عليه و تصيح بهرمونات مجنونة بحده :-
_خلاص يبقى ما تفتيش ولا تتدخل بيني وبين ابني لو سمحت واتفضل يلا انزل بسرعه وهات الرنجه قبل ما النهار يطلع
**
في صباح اليوم التالي كانت تنام براحة علي الفراش تتمتع بالراحة حتي تململت في نومتها بانزعاج حين شعرت بأن الصبح قد آتي من شعاع اثار الشمس التي تطل نورها من النافذه عليها فتحت عينيها ببطئ و التفتت إلي الجهة اليسري لكن لم تجد قاسم جانبها لتعرف أنه قد ذهب في الصباح الباكر للعمل فركت عينها بنعاس وخمول ثم اعتدلت جالسة فوق الفراش وفي تلك اللحظة دلفت هاجر بخطوات بسيطة وهي تحمل بين يدها صينيه بها فطور شهي عقدت حاجبيها بدهشة ثم منحتها حورية ابتسامة مشرقة وهي تهتف متسائلة:-
_صباح الخير يا هاجر هو انتي جايبه الاكل لحد هنا بنفسك علي السرير ده ايه الدلع ده كله، انا ما طلبتش حاجه و مش بفطر هنا وانتي عارفه كده
أغلقت هاجر الباب بقدمها وهي تقترب منها تضع الطعام فوق الطاولة مرددة بابتسامه مرحه:-
_لا دي اوامر عليا ولازم انفذها قاسم بيه قبل ما يخرج الصبح وصاني ما حدش يجي جنبك ولا يصحيك حتى اسامه اخذه وهو نازل وقال لي خليه معاكي عشان ما يعملكيش ازعاج والفطار اصر ونبه عليا مرتين اطلعهلك لحد عندك في الاوضه.. حتى وهو بعيد عنك لازم الاهتمام ويطمن عليكي الحب بقى واحكامه هنعمل ايه
شدت البطانية حول جسدها بحرج حيث
احمر وجه حورية من الخجل وهي تغمغم :-
_بس يا هاجر اسكتي
حاولت كبح ابتسامتها بصعوبة وهي تقول بهمس:-
_حاضر سكته أهو بس عاوزه اقول لك حاجه اخيره ربنا يخليكم لبعض ..قاسم بيه حنين قوي و بيحبك حافظ عليه وما تسمحيش لنفسك بخسارته عشان مش هتعرفي تعوضي ثاني
ابتسمت حورية بخفه وهي تقول بامتنان :-
_ما تقلقيش علينا واوعدك هعمل بنصيحتك ومش هضيع قاسم مني ولا اسمح بكده مهما حصل
ابتسمت هاجر بلطف قائله بسعادة لأجلها:-
_طب حاجه اخيره خلاص وبعد كده هسيب حضرتك تاكلي براحتك.. الورد ده قاسم بيه هو اللي بعته مع مندوب الصبح
عقدت حورية حاجبيها بدهشة ثم هزت هاجر راسها لها بابتسامه واسعة و تحركت إلي الطاوله لتأخذ شئ كان موجود من البدايه ولم تلاحظة حوريه وكانت باقة زهور رائعة الجمال ومتعددة الالوان و ذات انواع نادره التي ملأت الغرفة برائحتها الزكية وجعلت قلب حورية يخفق بقوة ووجنتيها تتوردان بسعادة تناولت منها الأزهار ولاحظت بين الزهور خطاب لتأخذة وقرأت التوقيع الانيق المألوف عليها بخط يده بكلمات الغزل مرددا ( إلى الأقرب والاجمل الي قلبي.. امراتي و زوجتي وأم اطفالي سأظل أحبك) احمرت وجنتاها وهي تشعر بالسعادة كبيرة لم تتذوقها من قبل أكان عليها فعل ذلك منذ البداية وهو الاستسلام لمشاعرها فقط كي تحظى بكل هذه السعادة؟
تنهدت بعمق شديد و مع بريق السعادة التي تطل من عينيها لم تستطع السيطره على نفسها حتي لاحظت هاجر دموعها لتقول بقلق بسرعه :-
_ايه ده حضرتك بتعيطي ليه بس دلوقت،ايه اللي حصل ما كنتي كويسه ومبسوطه
مسحت حورية دموعها وهي تقول متأثرة بابتسامه وسط حزنها :-
_لا ما فيش ما تقلقش عليا انا كويسه جدآ وعمري ما كنت كويسه زي دلوقتي ،مش مصدقه بس السعاده اللي انا فيها واني اخيرا فرحت من ثاني بعد كل اللي شفته وحصلي في حياتي ما كنتش متوقعه ان انا ممكن افرح كده من ثاني و احب
ربتت هاجر على كتف حوريه قائلة بحرارة :-
_عشان انتي بنت حلال وتستاهلي كل خير شيلي اي افكار سلبيه من دماغك وما تفكريش غير في النهارده وبس.
وضعت حورية يدها فوق يد هاجر بحنان وهي تبتسم بامتنان لها بينما اتسعت ابتسامة هاجر وهي ترفع يدها إلي الاعلي و أردفت بهيام:-
_هييييه اوعدنا يا رب انا مش طماعة ربع الدلع ده بس وانا راضيه ان شاء الله حتى الاقي واحد اول ما يصحى الصبح يقول لي صباح الخير يا حبيبتي كفايه عليا ولله و انا هارضى.
**
بعد مرور ساعات.
بداخل قصر عصام الصريطي وفي غرفه جواد كانت يجلس بجانب النافذة ومن الاعلي يراقب ملامح هاجر وهي تضحك بسعادة غامرة وهي تلعب مع أسامه بداخل الجنينه وسط الاشجار والورود كان يراقب حركاتها الطفوليه ببراءه وهي مثل الاطفال الصغار تلهوي معه والطفل يضحك بصوت عالي بفرحه علي حركتها معه، ابتسم جواد رغم عنه بابتسامه هادئه ثم أنتبه لنفسه بارتباك وتوتر علي اهتمامه الذي أصبح واضح منه لا يعلم كيف ومتى اصبحت هذه الفتاه تثير انتباه رغم غضبه الشديد منها في البدايه وحقدة على كبريائها و وغرورها معه طول الوقت
لا يعلم عنها شئ أو من أين استمد استمتع في مراقبتها وهو الذي ظل طوال سنوات حياته فى كنف مخباه بين عالمه ولم يكن له صداقات فكان وحيد وأصبح الآن تائه لا يتمالك نفسه أمامها مما جعله يهرب منها كما يفعل مع باقي الفتيات الذي يتعرف عليهن من باب التسليه فقط؟ لكن الان الوضع تغير وهو من يهرب منها حتي لا تفضحه عيناه الخائنتان اللتان يرسمان مشاعر صادقة لاول مره يعرف ويجرب ذلك الشعور ربما اعجاب فقط وليس حب! لكن ما هذا الشوق الشديد لها؟ما هذه الرغبة الشديدة بقربه منها؟ما هذا الخوف الشديد عليها وكأنها شخص مهم في حياته؟ أصبح غير قادر على الاستغناء عنها، لكن السؤال الاهم الان هل هو على استعداد لذلك؟ هل على استعداد يخوض هذه التجربه لاول مره في حياته ويترك مشاعره هي من تقوده لي تخطي أولى خطواته في حبها ويترك غروره جانب و يقع في غرام خادمة؟.
فتح باب غرفته فجاه بقوة ودلف والده يصيح بعصبية شديدة:-
_قاعد طبعا ولا على بالك وبتصحى وتنام براحتك ومش داري بالمصيبه اللي وقعت فوق دماغي
أنتفض جواد بذعر شديد واغلق باب النافذة بسرعه والتفت إليه قائلا بدهشة:-
_في ايه بس يا بابا مالك انا عملتلك حاجه ما انا قاعد في حالي اهو
هتف عصام باستهجان و غضب شديد وهو يقول:-
_اسمعني يالا انت من بكره الصبح هتنزل معايا الشغل وكل يوم هتروح معايا الشركه واياك تغيب يوم واحد ولا تيجي يوم وتغيب 10 زي ما بتعمل انا في مصيبه وعاوزك جنبي الايام دي
عقد حاجبيه باستغراب قائلا بقلق شديد:-
_مصيبه ايه في ايه؟
نظر له بسخرية لاذعة قائلا بانفعال شديد:-
_طبعا ما انت وامك ولا على بالكم.. الشركه اللي بتاكلك انت وامك في خلال اسابيع هتعلن إفلاسها لو ما سددتش القرض اللي كنت واخذه بضمان القصر و الشركه ميعاده خلاص قرب وانا ما دفعتش غير نصفه لحد دلوقتي، ده غير الديون اللي عليا والموظفين اللي عاوزين الرواتب و مش قادرين يصبروا
اتسعت عينا جواد بصدمة و ذهول مرددا بجدية:-
_قرض ايه اللي كنت واخذه انا اول اعرف الموضوع ده ازاي حضرتك تعمل كده وكمان واخذ القرض بضمان الشركه والقصر ده شكلة قرض كبير علي كده.. ازاي حضرتك تعمل كده من غير ما تقول لنا
زمجر عصام بصوت عالي وهو يقول بغضب:-
_امال كنت عاوزني اعمل ايه أنت قاعد و مش دريان الشركه كانت في خلال سنه هتعلن إفلاسها لو ما كنتش اخذت القرض ده وجدت حاجات كثير واشتريت بضاعه ودفعت رواتب الموظفين اللي مش صابرين ..ودلوقت مش هقدر اخذ قرض ثاني غير لما ادفع الاولاني
اقترب منه جواد وهو يردد بجدية وعدم تصديق:-
_برده حضرتك غلط ما كانش لازم تعمل كده كنت شوف اي حل ثاني غير ده.. تقدر تقولي دلوقتي هنعمل ايه لو حضرتك وما سددتش القرض هنبقى في الشارع طبعا
نظر عصام له بغضب وهو يقول بنبرة صارمة حاده:-
_هو انا جايلك عشان تقطمني وتقول لي تعمل ايه وما تعملش ايه انا جايلك عشان تقف جنبي ونشوف حل وبعدين امال كنت عاوزني اعمل ايه ما كانش في حل قدامي غير ده عشان تفضل انت وامك عايشين في نفس المستوى.. من بكره الصبح الاقيك في الشركه قبل مني سامع
صمت قليلًا جواد بضيق شديد ثم أردف باستسلام:-
_حاضر يا بابا هاجي الشركه مع حضرتك على الله بس نلاقي حل قبل ما المهله تعدي و يحجزوا على الشركه والقصر
**
بداخل جنينه قصر قاسم السيوفي تقدمت بدريه بداخل القصر وهي تمسك بيدها ابنها ساجد وقد فتح الباب الحراس علي الفور مرحبين بها حتي تقدمت للداحل لتجد هاجر تجلس بالارض وأمامها حفيدها اسامه يلعب معها ويبتسم بفرحه ابتسمت هي على برائته الحنونه وقد دق قلبها بسعادة غامرة حتي كادت أن تبكي بالدموع من الفرح عندما تذكرت اتصال حورية إليها في الصباح تخبرها بفرحه كبيره أنها حامل في طفلها الثاني من قاسم كم سعدت جدا بذلك الخبر وسعدت أكثر علي فرحه ابنتها حوريه واخيرا بدأت حياتها تستقر الأوضاع براحه كبيره في حياتها.
نهضت هاجر عندما رأتها وابتسمت مرحبة بهدوء بأدب لتسالها عن صحتها بينما بادلتها بدريه الابتسامة بحنان لتقول بصوت متوتر:-
_ازيك انتي يا هاجر انا الحمد لله كويسه ممكن تندهي لي حوريه عشان مستعجله ومش عاوزه اطول هنا عاوزه اقعد معاها خمس دقائق وهامشي على طول
وقبل أن تتحدث تفاجات بي صوت جمال قائلا من خلفهم بخشونة وأمر:-
_روحي انتي يا هاجر ومتندهيش حد دلوقت وخذي معاكي ساجد يلعب مع اسامه فوق
شحب وجه بدريه وظهر الإرتباك عليها فجاه حتي لاحظت هاجر و استغربت بشده لكنها حاولت عدم التدخل لتتحرك تحمل اسامه من علي الأرض ثم أمسكت يده ساجد لتدلف بهم إلي الداخل وتتركهم بمفردهم.
ابتلعت ريقها بصعوبة شديدة وهي تهتف بتوتر بشكل ملحوظ:-
_عاوز ايه يا جمال من فضلك انا مستعجله وعاوز امشي ممكن تسيبني اشوف بنتي وامشي على طول واجل كلامك لبعدين
ليتحدث بهدوء اقرب الي البرود عكس تعابير وجهه التي تظهر متحدث علي محمل الجد :-
_ما انا بقى لي شهرين مستني رد منك ومش مستعجل على حاجه وسايبك براحتك تقرري عاوزه ايه لكن لما تهربي مني كل ما تشوفيني ما ترديش على تليفوناتي يبقى لازم اسال في ايه واللي حصل لكل ده
تنهدت بدريه بضيق شديد وقالت بتوتر:-
_انا ما بهربش منك ولا حاجه مش فاضيه بس الايام دي وههرب منك ليه اصلا
جز علي أسنانه بغضب مكتوم وهو يقول بصوت حاد:-
_السؤال ده تسالي لنفسك كل ده عشان طلبتك للجواز تختفي فجاه كده وما تعبرنيش وبطلتي تردي حتي على تليفوناتي وتطمئنيني عليكي،هو انا كنت طلبت منك ايه يعني عشان تعامليني بالطريقه دي ..انتي مستنيتش حتى اكمل باقي الجمله و فجاه قمتي ومشيتي ومن ساعتها وانا عمال احاول اوصل لك ومش عارف
اغمضت عينيها بضعف ثم فتحت تنظر إليه بيأس:-
_انت عاوز ايه دلوقت يا جمال عاوز ردي تمام انا مش موافقه ممكن تبعد عني بقى وتسيبني في حالي
هتف جمال بثبات وهو يتقدم بخطوات ثابتة واثقة منها:-
_ممكن اعرف مش موافقه ليه
توترت ملامحها عندما اقترب منها وصمتت قليلًا ثم قالت بتلعثم:-
_من غير اسباب اهو كده وخلاص اخترع انت بقي اي سبب أو عذر ..أو اقول لك انا ما بفكرش في الجواز وانا في السن ده انت عاوز الناس تقول عليا ايه الوليه بعد ما بقت جده رايحه تتجوز وهي في السن ده
رفع حاجبيه و هو يقول بتفكير وملامح وجهه صارمة:-
_زي ما توقعت بترفضيني عشان الناس ومن اهمهم وعامله له راي وقيمه عتمان اللي مشغلك عنده زي خدامه وعمال يستغلك هو و أهله ..مش كده مش ده اللي بيحصل هناك وانتي للاسف راضيه وساكته عليه
نظرت إليه بعيونها غاضبة قائله بحده:-
_جمال حاسب على كلامك انت مش فاهم حاجه انا خايفه على ابني انا لو وافقت اتجوزك انت او غيرك هيحرمني منة
نظر لها بامتعاض و هو يقول بخشونة وبصوت بارد :-
_وهو ماله اصلا عامله لي حساب ليه؟ دي حياتك انتي وحره فيها واذا كان على ابنك ما يقدرش ياخذه وانا اضمن لك كده بنفسي وهو لما يلاقي جنبك راجل بيحميكٍ هيبعد عنك
صمتت ثواني و هي تنظر إليه نظرة لم يفهمها لينظر إليها باستفهام لتتحدث باختناق وتلوي شفتيها بتهكم وهي تهتف بنبرة خوف وقلق حاولت اخفاء هاتفه:-
_لا و انت الصادق هيتعصب و يتجنن اكثر ان احفاده بعدوا عنه وبالذات ساجد روحة فيه ..يا جمال انا عارفاه كويس اكثر منك مش هيسكت مش بعيد يعمل لك حاجه ويؤذيك بلاش احسن عشان خاطري
عقد حاجبيه مبتسم بهدوء و هو يتأملها بحنان ليقول :-
_خايفه عليا يا بدريه يبقى الموضوع أن انتي مش خايفه من عتمان بقى انتي خايفه من اللي هيعملة فيا مش كده
شحب وجهها بخضه و هو تحاول تجمع كلماتها بصوت متقطع:-
_لا الموضوع مش كده هو آآ
صمتت ولم تعرف بماذا تجيب عليه بينما هو تأملها قليلاً و عاد ليقول بلوع :-
_طب أهدي و بلاش توتر انا فهمت اللي فيها خلاص، مش كنتي تقولي من الاول اللي انا بهمك وخايفه عليا قوي كده لدرجه عاوزه تبعدي عني، على العموم ما تقلقيش ولا عتمان ولا عشر زيه هيفرقونا عن بعض يا حبيبتي
انتفض قلبها بذعر و بغضب و هي تقول بحدة وقد احمر وجهها بشدة:-
_حبيبتك! ما تحترم نفسك يا جمال ايه اللي انت بتقوله ده ما تقولش الكلام ده ثاني لاحد يسمعنا وبعدين احنا مش صغيرين على الكلام ده ولا اثنين مراهقين
مال الي اذنها و هو يهمس بصوت جعلها تتوتر بشده وتراجعت خطوات للخلف بارتباك :-
_وهما المراهقين احسن مننا في ايه عشان ما نعملش زيهم واكثر كمان وبعدين حد ليه حاجه عندنا كلها اسبوع وهتبقى مراتي ويبقى يجي حد يقول لي ثلث الثلاثه كام
هزت رأسها سريعاً و هي تقول بصدمه وغيظ:-
_مراتك مين انا ما قلتش ان انا موافقه اتجوزك هي عافيه ولا ايه
امتعض وجهه بغضب و لكزها بذراعيها بغيظ و هو يقول بصوت تحذيري قوي بجدية شديدة:-
_اه عافيه يا بدريه ولو اليوم الخميس الجاي ما لقتكيش قصادي وطلعنا على الماذون ونتجوز هعمل لك شغل المراهقين اللي على اصوله وهتلاقيني تحت البيت عندك وبغنيلك اغنيه شبابيه من بتوع الايام دي و اعملك فضيحه في المنطقه كلها لحد ما تنزلي وتيجي معايا نتجوز ..وطاوعيني يا بنت الحلال عشان انا مجنون واعملها
شهقت بدريه بقوة وهي تنظر إليه بعدم تصديق هاتفه بضيق شديد:-
_والله فعلا مجنون و عاوز تروح مستشفى العباسيه اياك تيجي لي تحت البيت ولا تعمل كده
اتسعت ابتسامته بسعادة و هو يقول بلهفة وحماس:-
_حلو الكلام اديكي رديتي أهو أنك موافقه الحمدلله وانا كلها يومين و هفاتح حوريه في الموضوع وقاسم ده اروبه وتلاقيه فهم لوحده أصلا من بدري ده مش سهل أنا اللي مربيه و عارفة.. سلام يا روحي نتقابل يوم الخميس بقي
فتحت فمها بصدمة و ذهول منه بينما جمال تحرك مبتعدا عنها بخطوات واسعه وهو يتراقص بكتفه و قدمه بفرحه سعيده و يغمز لها بطرف عينه بمكر و يردد و يغني (بدنا نتجوز على العيد ) بطريقه كوميديه ظل فترة قصيرة يتراقص و يغني وهو يلتفت لها يرسل غمزات و ابتسامات بينما ظلت بدريه لحظات تطلع فيه بعدم استيعاب حتي اختفي من أمامها إلي الداخل ومزال يتراقص و صوته تسمعه ،حتي هزت راسها بيأس بأعين متسعة بذهول تضرب كف بالآخر ثم تحركت بخطوات بسيطة الي الدخل لتري حورية و تطمئن عليها.
**
في المساء بعد تناول الجميع الغداء طلب قاسم و جمال من حورية أن تجلس معاهم فهم يريدون التحدث معها في أمر هام جدا استغربت حوريه بشده وشعرت بالقلق والتوتر حين جلست معاهم منذ نصف ساعه و أكثر وهم صامتون بتوتر شديد بالاخص جمال عقدت حاجبيها بدهشة ثم نظرت إليهم بابتسامه متوتره بقلق شديد و هي تقول:-
_هو في ايه انتم ندهتوني وجيت وقعدت معاكم بس انتم ساكتين ليه من ساعه لما نزلت ما تقولوا في ايه هتفضلوا باصين لبعض كثير
كده وساكتين
ظلوا صامتون بتوتر قليلا ثم نظرت حورية إلي قاسم بخوف وقلق قائله:-
_في ايه يا قاسم انتم قلقتوني على فكره في حاجه حصلت ومش عايزين تقولهالي
امسك قاسم بيدها يجذبها و رسم ابتسامة علي وجه حتي يطمنها قائلا:-
_ما تخافيش يا حوريه كله بخير جمال بس عايز يتكلم معاكي في موضوع يخصه هو، بس متردد شويه من رد فعلك بس انا طمنتة ان انتي اكيد هتفهمي وجهه نظره ومش هتكسفي في طلبه
هزت راسها حوريه بنفاذ صبر قائلة بضيق شديد:-
_ايوه ايه هو الطلب ده؟ اللي محتاج منكم كل المقدمات دي ما تقولوا على طول في ايه
ليتحدث قاسم بجدية و هو يرفع كتفه له بغيظ منه:-
_ما يلا يا جمال قول طلبك الليل ابتدا يليل وانت بقى لك اكثر من نصف ساعه ما بتتكلمش
صمت و هو يتنفس من التوتر و الارتباك هاتف بتلعثم:-
_هاه طب حاضر هقول بس بالراحه ..احم حوريه انتي عارفه طبعا انا بعزك قد ايه وبعتبرك زي بنتي واكثر من كده كمان عشان كده انا طالب منك طلب واتمنى ما تكسفنيش وتوافقي ،وتاكدي ان عمرك ما هتندمي في يوم على موافقتك دي
هزت راسها حوريه بسرعه بالموافقه حتى يتحدث وتعرف ماذا يريد حمحم جمال قائلا بصوت مترددة:-
_انا عاوزه اتجوز امك آآ ..قصدي عايزه اتجوز الست والدتك مدام بدريه
اتسعت عينا حورية بعدم استيعاب وفتحت فمها بصدمة و ذهول ولم تتحدث ولا تنطق بحرف توترت ملامح وجه جمال وهو يتساءل بقلق بالغ:-
_ساكته ليه يا حبيبتي انا فتحتها في الموضوع على فكره وهي موافقه ما عندهاش مانع بس هي كانت في الاول رفضه وخايفه من رد فعلك وانا قلتلها سيبي لي حوريه عليا وانا هفتحها وهي اكيد هتفهمني ومش هترفض مش كده يا حبيبتي
نظر قاسم إلي جمال بتعجب ولاحظ قلقه ثم تطلع إلي زوجته و حاوط كتفها وهو يبتسم بحنان قائلا:-
_حوريه ساكته ليه هو انتي اتضايقتي من حاجه
ابتسمت باقتضاب ثم امسكت بيده تبعدها عنها و هي تقول باختناق :-
_فتحتها في الموضوع من امتى يا اونكل جمال؟ ده علي كده الموضوع بدا من بدري وانا معرفش من امتى بقى في كلام بينكم يا ترى كانت بتيجي لي هنا علي أي اساس عشان تشوفوا بعض وتتكلموا ..لا واضح ان انتم الاثنين عارفين الموضوع من بدري كمان وانا الوحيده اللي ما اعرفش حاجه بينكم
تحدث جمال ببطء و قلبه يدق بشدة و بدأت حبات العرق بالظهور علي جبهته من شدة توتره بأن ترفض حوريه زواجه من بدريه فهو تفاجأ بشده من رد فعلها ولم يتوقعة ولا يتوقع غضبها هكذا ليقول من الارتباك و التوتر:-
_ليه يا بنتي اخذتي الموضوع كده اقسم لك بالله ما كان في حاجه ما بيننا اصلا كله سلام ونطمئن على بعض من بعيد ولما كانت بتيجي هنا فين وفين لما كنت بكلمها وانا فتحتها من شهر ونصف كده بس هي طولت عقبال ما اخذت منها الرد وكله كان عشانك وخوف عليكي وعلى مشاعرك
عقد قاسم حاجبيه بدهشة من رد فعلها وهو يقول بصوت حنون:-
_حوريه هما اكيد مش قصدهم يخبئوا عليكي يا حبيبتي بس كان لازم جمال يفتحها في الموضوع هي الأول وهي مش صغيره يعني، والراي رايها هي اهم مش كده.. وجمال اتفق معاها كتب الكتاب ان شاء الله يوم الخميس الجاي
لكنها نظرت إليه بغضب شديد و وجهت سبابتها أمام وجه بحدة و هي تقول بانفعال :-
_كمان حددته الميعاد طب ولما انتم كل حاجه مجهزينها كده مع بعض جايين تفتحوني ليه دلوقتي وتاخدوا رايي ..ما تكملوا بالمره كتب الكتاب ويبقى بلغوني ولا مش مهم حتى اعرف بالصدفه
هز جمال رأسه بسرعه و هو يبتلع ريقه بصعوبة و توتر كبير و هو يقول بصوت متقطع :-
_يا بنتي انا اسف لو ضايقتك بس هو الموضوع ..
أشارت حوريه بيدها بسرعه أن يصمت لتقاطعه قائلة بملامح وجهها صارمة بجدية شديدة؛-
_الموضوع ان انا مش عاوزه اسمع اعذار ولا مبررات ثاني فاهمين انتم الاثنين؟ وآخر الكلام ومش عاوزه حد يناقشني فيه هنعمل حفله صغيره هنا في القصر زي ما عملنا في فرحي هو انا اللي هجهز و اتفق على كل حاجه بس هيكون يوم الثلاثاء ..الخميس ايه اللي عاوزين تستنوه انتم طولتوا قوي اصلا
قد شحب وجه جمال ولكن فجاه عقد حاجبيه بدهشة وهو يقول ببلاهة:-
-نعم انا مش فاهم حاجه هو انتي موافقه ولا مش موافقه اتجوز والدتك
بينما ضايق عينه قاسم بحده متسائلا بشك:-
_هو انتي كنتي تعرفي حاجه عن الموضوع يا حوريه قبل ما نقول لك دلوقتي؟
نظرت إلي الاتنين بهدوء و غموض ثم ابتسمت بشده علي خوفهم الواضح من ملامح وجههم لتقول بضحك شديد عليهم:-
_طب اعرف هو انتم فاكراني نائمه على وداني وانت بس يا استاذ قاسم اللي ناصح وبتفهمها وهي طايره عيب عليك انا كمان فاهمه الموضوع من البدايه بس كنت مستنيه حد فيكم يتكلم واخيرا ابو الهول نطق دلوقت
ساد الصمت قليلا و الاثنين يتنفسون بوجه محتقن بشده من فعلتها بهم لم يتوقعون ان يكون كل ذلك مجرد خدعه ومقلب منها لا أكثر ثم مرر جمال يده علي وجهه بعصبية و هو يقول موجه حديثه إلي قاسم بحده :-
_هو انا دلوقت لو شتمت مراتك قدامك علي الخضه اللي انا اتخضيتها بسببها دي من شويه
هتزعل
جز قاسم علي أسنانه بغضب قائلاً بضيق شديد منها وقد فاهم لعبتها :-
_هي المفروض دلوقت هتبقى في مقام بنتك يعني اعمل اللي انت عاوزه من غير استئذان وانا مش هزعل ولا اتكلم عشان هي تستاهل بصراحه
خبطت كتفها بـ قاسم بخفه لتبتسم حورية باتساع وهي تقول بصوت خبيث:-
_كده يا قاسم ماشي.. وبعدين في ايه بهزر معاكم زي ما انتم كنتم واخدني على قد عقلي بقى لكم سبع شهور، بردلك جزء من اللي انت بتعمله فيه يا اونكل جمال عادي يعني حصل ايه
صاح جمال بشراسة وهو يقول بصوت حاد:-
_لا مش عادي و ما تهزرش كده ثاني حرام عليكي وقعتي قلبي في رجلي و فكرتك زعلتي بجد ومش موافقه اني اتجوز والدتك
نهضت حورية بخطوات بسيطة لتجلس بجانب جمال عندما شعرت أنها قد زادت في الأمر قليلا ثم نظرت إليه بأسف و هي تقول بحب:-
_هو انت واقع للدرجه دي يا اونكل جمال، على العموم أنا اسفه مش هعمل كده ثاني وبعدين مش هاوافق ليه يعني هو انا هلاقي عريس مناسب اكثر منك لماما برده ..مبروك يا اونكل، ولا اقول لك يا جوز أمي
نظر جمال إليها عددا لحظات بوجه غاضب ثم عندما ابتسمت له بحب وبمرح على كلماتها الاخيره، تنهد بضيق مكتوم و ابتسم رغم عنه وهو يحيطها بيده علي كتفها بحنان مرددا بيأس:-
_الله يبارك فيكي ماشي يا حوريه بس مش هانسى لك الموقف ده ومردوده ليكي قريب
ضحكت حوريه بشده وهي تضم نفسها إليه بينما هو حاوطها أكثر بحنان وعلي ملامح وجهه ابتسامة عريضة مطمئنه بسعاده كبيرة.
**
بداخل غرفه قاسم أغمضت حورية عينها تريح رأسها علي المقعد الذي تجلس فوقه و أمامها التليفزيون كانت تتابع احد الافلام وقاسم بالداخل يستحم وهي تجلس بمفردها مما جعلها تشعر بالنعاس حتي إنتهاء قاسم وخرج نظر إليها ليراها و هي علي وشك الغرق بالنوم أبتسم بخفه واقترب منها يعبث بخصلات شعرها ثم حملها قاسم يضعها علي قدمه تستند علي صدره لتنكمش هي و كأنها تختبئ داخله و هو يضمها إليه بحنان قبل جبهتها و هو ينظر إليها بابتسامة عريضة ليراها شعرت به وفتحت عيناها وابتسمت بأعين نعاسة له ربت علي ظهرها و هو يقول بهدوء :-
_كده يا حوريه تلعبي علينا وتشتغليني النهارده ده انا اتخضيت خضه وفكرتك هترفضي جواز جمال من والدتك
فركت عينها بنعاس و هي تقول بابتسامه واسعة:-
_غلطتك من الاول يا روحي لو كنت جيت وقلتلي اول ما عرفت وحسيت زيي بكل صراحه اللي حصل ما كنتش عملت عليكم الفيلم ده عشان بعد كده تحرموا تشتغلوني
مرر يده علي وجهها و هو يبتسم بحب قائلاً :-
_المهم ان جمال اخيرا هيتجوز ويتبسط في حياته هو كمان اتعذب زيي من الوحده و والدتك كويسه انا متاكده انهم هيعوضوا بعض
هزت رأسها بالايجابي و استندت جبهتها علي جبهته و هي تضمه إليها بشده و تستند بيدها علي صدره شعر هو بيدها الصغيرة علي صدره الصلب ليضع يده علي يدها و يده الاخري علي خصرها و هي تقول بسعادة غامرة:-
_انا كمان مبسوطه ان هيتجوز ماما هم الاثنين فعلا يستاهلوا بعض ..انا بجد فرحانه قوي عشانهم وخصوصا ماما تعبت في حياتها قوي و انكل جمال حنين قوي واكيد هيعوضها
ساد الصمت قليلا بينهما ثم ضمت نفسها إليه أكثر و هي تهمس و تدفن رأسها برقبته :-
_قاسم عايزه اطلب منك طلب بس ما تزعلش ولا تتضايق
ابتسم هو باشراق وهو يحتضنها بقوة وهي تتشبث به بقوة أكبر هاتف بحب :-
_اؤمر يا روحي طلباتك اوامر
وضعت يدها علي رقبتها و هو تبتسم ببهوت قائلة :-
_عاوزه رنجه
رفع قاسم نظراته إليها عدد لحظات ثم جز علي أسنانه بغضب قائلاً بغيظ شديد:-
_بذمه اهلك ده وقته... وبعدين هو انتي هتشتغليني و ابنك اللي لسه ما جاش دة هيقرفني في حياتي ما بيحلالوش الرنجه الا الساعه 2:00 الفجر هو غاوي تعب وخلاص لابوه قولي له يحترم نفسه وينام خفيف احسن
زفرت حوريه بضيق شديد وقالت بحده:-
_في ايه يا قاسم ده طفل عيب كده وبعدين ايه ينام خفيف دي هو اصلا صغنون خالص ولسه بيتكون يا حبيبي لازم كل اللي يطلبه نجيبهله
مال يقبل رأسها و يحتضنها بحنان هامساً بأذنها بصوت حاد :-
_وانا وحياتك ما هنزل المره دي و اجيب له رنجه وافضل رايح جاي ومتشحطط لحد ما الاقيه محل فاتح
ابتعدت عنه ونظرت إليه بعطف و أعين تشع براءه وقبل أن تتحدث هتف بنفاذ صبر قائلا بحنق:-
_عارف هتقولي ايه.. ان شاء الله يطلع له 10 وحمات في وشه برده مش هنزل وبعدين يا حبيبتي في حاجات احلى واجمل من السمك الفاسد ده اللي ابنك ماسك فيه كل يوم، فتحي عيونه على الحاجات الحلوه الثانيه
هزت رأسها بضيق شديد لتنظر إليه وهي تقول بتهكم :-
_حاجات زي ايه يا فالح وبعدين ده اسمه وحم مش بمزاجي يعني
قربها منه بخبث و أخفض رأسه يهمس لها ببعض كلمات بأذنها بصوت مسموع، قضمت شفتيها بحرج و هي تقول بغيظ شديد منه:-
_انت قليل الادب و اقسم بالله كنت عارفه انك هتقول حاجه مش كويسه، و ابعد عني بقي طالما مش هتجيبلي اللي انا عاوزاه
هز رأسه بضحك و هو يضمها إليه قائلاً بحنو :-
_استني بس ما تبقيش حمائيه كده بكره ان شاء الله هاجيبلك صندوق رنجه بحاله ونشيله ونبقى نطلعلك منه كل يوم سمكه يا دوبك على قد ابنك المفعوص ده.. انما دلوقت خليكي مع ابوه وهو هينسيكٍ ابنك واللي جابوه والرنجه ذات نفسها
وضعت يدها علي فمها و هي تضحك ثم نظرت إليه و هي تهمس بابتسامة لم تفارق وجهها و نبرة محبة و هي تقول بتحذير زائف :-
_عيب يا قاسم تفتح عيون ابنك على حاجه زي كده واتلم روح نام وراك بكره شغل الصبح
ضمها قاسم إليه أكثر و هو يهمس مره ثانيه لتدفن رأسها برقبته ليتحدث هو بصوت خبيث:-
_خلاص تعالي وهنبقى نطفي النور ونغمض عينيه عشان ما يشوفش حاجه.. انما انتي يا جميل لازم تفتحي عيونك معايا وتركزي في اللي جاي
هزت راسها بنفي وبدأ الخجل يتصاعد مجدداً لوجهها ثم انفلتت ضحكه عالية بقوة منها وهي تهتف:-
_على فكره مش الرنجه اللي فاسده انت اللي اخلاقك بقت فاسده يا حبيبي هههههه
بينما هو ارتفع حاجبيه وهو يبتسم باتساع ودني يقبل ثغرها قبلة سطحية حانية مبتسم:-
_الله اهي بدأت تندع أهي ..بصي يا حبيبتي النهارده هيبقي يوم تاريخي مش في حياتنا بس لا في حياه مصر كلها فـ عاوزك تركزي كده معايا وتنسي أي حاجه تانيه
ابتسمت و هي تنزل يدها عن خصرها لتنظر إليه بحب وبادلته نفس نبرة همسه و هي تقول :
_تعرف يا قاسم دايما فاكرة أن العيله هما السند و بس معرفش أن فيه عيله تاني تسعني وابقى مطمنه وانا معاها
عقد حاجبيه باستغراب ونظر إليها باستفهام لكي تتحدث بينما هي ابتسمت له بحب و وضعت يدها علي قلبه و هي تقول :-
_قلبك وحبك ليا هم السند الحقيقي يا قاسم و انا عمري ما هبعد عن عيلتي
ابتسم باشراق كلماتها الهادئة لمست له وتر حساس بقلبه و تربعت من جديد علي عرشه و سلطان حبه تملك منها و اصبحت هي فقط و لا بعدها تأملها بحب شديد و داخله يعلم ان للعشق طرق طويل للحفاظ علي من يحب و هو علي أتم استعداد لمحاربة اي أحد يقف أمام حب لها و إن كان اقرب الأقربين... لمس وجهها برقة و هو يتحسس نعومة بشرتها و هو يقول بهمس محب :-
_ انتي اقرب لي من وريدي يا حورية من غيرك هخسر حياتي قبل منك
ثم جذبها من يدها الممسكة بيده لتقف بلحظة لف يده حول خصرها و هو يقربها منه حتي تلامس جسدهما في تناغم و هي تشعر بالحرارة المنبعثة من جسده و هو يشعر بارتجاف قلبها بين يديه وجهه الملتصق بوجهها هذه اللحظة تمناها أن تحدث منذ أن علم بعشقها يتربع علي عرش قلبه ليزيد من تقربها إليه ليهمس أمام شفتيها بعشق :-
_ قاسم موجود عشان حورية عايشة جواه يا حريه جاءت تنور حياتي و تطلعني بره قفص عتمه ليلي
وبعدها حملها ليضعها علي الفراش ليميل بجسده الي الفراش يجتجزها بين يديه وليدنو يخفض وجه يقبل ثغرها بحنان و هو يضم خصرها بيده و هي تغمض عينها تستمتع بانفاسه القريبة بوجهها الطفولي المشرق و صوت قلبها يصل الي مسامعه و صوت قلبه استمعت إليه فـ هناك عاشقان حد النخاع و لم تتحمل كثيراً لتغرق معه في بحور عشقه لتعرف أنه أذا تمادى أكثر ستنسى وتغرق بعشقه أضعاف فوق أضعاف عشقها له! فهي تود لو صرختِ قائلة توقف ايٌها الزمن ولا تنهي علي سعادتي التي حصلت عليها الآن بين يديه لتظل معي طول العمر.
__________________________________
الفصل الثاني والعشرين
___________________________________
في منزل عتمان زاهي رفع عتمان رأسه نحو بدريه التي كانت تقف أمامه تحاول الثبات بينما هو ابتسم بطريقه مخيفه يقول بهدوء قبل العاصفه:-
_عيدي كده اللي انتي قولتي ثاني من شويه عشان شكلي كده ما سمعتش كويس او يا ريت العيب يطلع فيا انا وما اكونش اللي سمعته صح
أغمضت عينها قليلا ثم نظرت إليه وهي تحاول تستجمع شجتعها قائله بتردد:-
_كنت بقول ان جمال اللي بيشتغل مع قاسم جوز بنتي طلبني للجواز وانا وافقت وهيجي يتقدم لي النهارده
لويت ميسون شفتها بسخرية لاذعة قائله بتهكم:-
_لا واضح ان انتي وبنتك ما بتضيعوش وقت بصراحه هي اخذت العيل اللي مش عارفين لي أهل وانتي لفيتي على الراجل الكبير
أنتفضت بدريه من مكانها وهي تهتف بغضب شديد:-
_حسبي على كلامك يا ميسون واحترمي نفسك انا ولا بعمل حاجه عيب ولا غلط ولا انا ولا بنتي، بنتجوز على سنه الله ورسوله ومش بنتجوز في الدره ولا نستخبي واديني جايه اعمل بالاصول واقول لكم
نهض عتمان بحده و نظر إليها و هو يبتسم بشده ليتحدث بصوت ساخرا:-
_اصول ايه انتي اتجننتي و مين قال لك ان انا ممكن اوافق على حاجه زي كده اصلا؟ لا و كمان جايه تبلغني انها موافقه
هزت بدريه رأسها بنفي و هي تقول بهدوء شديدة :-
_عشان دي حاجه تخصني انا، انت مش واصي عليا ولا ولي امري وانا اعمل اللي انا عاوزاه
ليصرخ بها بقوة و صوت كالرعد و أعين تصب شرارات الغضب بقوة :-
_كل مره عماله تستقوي وتعاندي معايا يا بدريه بس وماله حقك مش لقيت اللي تتحامي فيه ..تمام عايزه تتجوزي غوري في ستين داهيه بس اعملي حسابك هتمشي لوحدك من البيت ده وما ترجعيش ثاني وحفيدي هيفضل معايا
نظرت إليه بدريه بحده و هي تضيق عينها قائلة بصرامة:-
_انا مش هسيب اولادي ليك ده ابني وهيفضل معايا وما فيش قوه على الارض هتقدر تمنعني اخذ ابني
رد عتمان و هو يقول بصوت قوي بانفعال وفي تلك اللحظة كان اقترب منها يمسك بيدها بعنف وقسوة يضغط عليها:-
_ولا انا يا بدريه هاسيبهلك، ابنك مش هتاخذيه ده حفيد انا وما حدش هيقدر يبعدوا عني
صرخت بدريه بعنف وهي تبعد يده عنها بعنفوان شديد و تصيح:-
_آه ابعد عني وما تلمسنيش كده ثاني مره
تراجع عتمان للخلف بصدمه وغضب بينما أردفت ميسون بتعصب وغضب في نفس واحد:-
_اللي انتي عملتيه ده؟ ده انتي اتجننتي خالص بتمدي ايدك على ابويا و بتزوقي ايده طب احترمي السن اللي ما بينكم وان راجل كبير
لتصرخ هي بقوة فجاه وبصوت عالي قد بدأ ينفذ صبرها من أسلوب الجميع معها دون مراعاة الي مشاعرها وقلبها داخلها يتمزق بقوة :-
_وهو محترمش تربه ابنه واللي بيعمله فيا انا واولادي كل يوم ..سنين وانا عايشه حاطه جزمه في بقي وساكته عشان اولادي و اقول معلش استحملي هتروحي فين ما هم المفروض برضه اهلك وهيرعونا مش هيطعنوني في ظهري ويؤذوني اوعوا تكونوا فاكرين أن انا كل ده ساكته عشان ضعف مني لا كان خوف على اولادي بس خلاص تعبت وزهقت منكم وما بقتش عاوزه العيشه معاكم
اخذت تتنفس الصعداء بقوة وهي تكمل بصوت قوي رزين :-
_وانا قلتهالك قبل كده يا عتمان إلا اولادي مش هاسمحلك انت ولا حد غيرك يدوس عليهم ولا ياذيهم وانت جربتني لما كنت بتقرب من حوريه كنت بفديها ان شاء الله حتى بروحي وانا مش ضامنه اعيش ولا اموت منك بس كنت اضمن انها كويسه وبس.. انما انت دلوقت وبنتك ولا فارقين معايا وهامشي واخرج من البيت ده وهاخذ ابني معايا و وريني هتمنعني ازاي
جز علي أسنانه بغضب شديد وهو يقول بنبرة بارده وفي ذاته الوقت حاول يقترب منها مره ثانيه ليقبض علي ذراعيها بتحدي يريد ان يصل إليها أنها مازالت اضعف منه:-
_مش هتاخذي حفيدي مني يا بدريه وانا اللي همنعك ان شاء الله اموتك بيدي آآة انتي بتمدي ايدك عليا ثاني؟
أبتعدت يده بعنف وقسوة شديدة هذه المرة وهتفت بجدية:-
_سبق وقلتلك ايدك ما تتمدش عليا ثاني وانا إللي هقفلك من النهارده ومش هسكت على حقي تاني
نظر اليها و هو يصرخ بقوة حتي يصل إليها صوته ارعبها :-
_والمفروض بقى اخاف منك دلوقت وابعد عنك بعد الشويتين دول لا انتي ضعيفه يا بدريه ومش هتقدري تعملي حاجه قصادي وساجد هيفضل معايا ومش هتعرفي تاخذيه فـاااهـمـه
سحبها بقوة إليه و عينه كانت تطلق شرارات الغضب بقوة و بتوعيد ليرفع يده بعنف وقسوة حتي يضربها وهي اغمضت عينها بقوة و دموعها تهطل بقوة تنتظر مسيرها بينما ابتسمت ميسون بسخرية لاذعة و انتصار
وفي ذلك الاثناء تعالي أصوات طرقات قويه
علي باب المنزل جعلت الجميع ينتفض بخضه وانزل عتمان يده والتفت بغضب مكتوم يتوعيد لمن يطرق هكذا و أشار إلى ابنته لتذهب حتي تفتح هزت راسها له بالايجاب وذهبت حتي تفتح الباب وقد اتسعت عينا ميسون بصدمه وهي تجد أمامها مجموعة من الشرطه هتف الضابط بصوت أجش قويه:-
_ده منزل عتمان زاهي وهبي
ابتلعت ميسون ريقها بصعوبة شديدة وهي تهتف بتوتر شديد:-
_ايوه هنا بس حضرتكم عاوزينه في ايه
لم يجيب عليها بل أبعدها من أمامه بحده ودلفت الشرطه الي المنزل بالقوه وسط هرج و مرج من الجميع بالقصر الأهل و الجيران الذين أخذوا ينظرون بتعجب شديد فـ ماذا يفعل ضابط الشرطة و قواته هنا الآن تقدم ضابط الشرطة من عتمان الذي أبتعد بسرعه عن بدريه بقلق ليقف أمام الضابط الذي نظر إليه بحده قائلاً :-
_ أنت عتمان زاهي
عقد عتمان ما بين حاجبيه و هو ينظر إليه بارتجاف قائلاً بتوتر :-
_ايوه أنا في ايه يا حضره الضابط بتسالوا عليا ليه انا عملت حاجه
امسك الضابط بيد عتمان يضع بها الأصفاد و هو يقول بخشونة وبصوت أمر :-
_اتفضل معايا وانت هتعرف كل حاجه انت مطلوب القبض عليك ..هاتوه
وقفت بدريه و قلبها يدق بقوة و هي تراقب الوضع لتتسع عينها بقوة حين وضع الأصفاد بيد عتمان و بدأت رجال الشرطة تجر عتمان خلفهم بقوة حتي يذهب معهم شهقت ميسون بقوة بين الموجودين لتصرخ بكل ما لديها من قوة تصيح باسم والدها وهي تشاهده وهو يسير معهم يأخذون بقوه شديدة وعنف
الي الخارج
وكان عتمان مصدوم بعدم تصديق مما يحدث حتي الصمت جعله يصمت وغير قادر على الحديث بينما توقفت بدريه في الاعلي تحضن طفلها بين ذراعيها وهي تراقب ما يحدث بأعين هادئه ثم تنهدت وزفرت أنفاسها بعمق شديد و أغمضت عينيها بارتياح كأنها تشعر تم رد جزء من حقها و ظلمها طول السنوات الماضية كانت تعيش وتشعر أن كرامتها تتهان دائما من الجميع وهي غير قادرة على التكلم وأخذ حقها وكانت لا تنسي اوجعها مطلقاً ولا الله عز وجل ينسي! فـ الظلم ظلمات حتي لو بعد حين.
**
بأحد الشركات الكبري في شركة قاسم السيوفي كان يجلس علي المقعد المخصص للمكتب بأريحية شديدة أمام المكتب يعمل بتركيز حتي دلف إليه جمال بعد أن طرق الباب وسمح له قاسم بالدخول وجلس أمامه وهو يمد يده ببعض الاوراق إليه ملف قائلا بجدية:-
_خذ خلاص الشركه الالمانيه بعتت فاكس وافقت على شروطنا خلاص ما فضلش بس غير امضتك وتراجع الاوراق زي كل مره
هز قاسم رأسه بالايجاب دون النظر إليه باهتمام مرددا:-
_تمام يا جمال سيبه هنا وانا هبص عليه بعد ما اخلص اللي في ايدي
صمت قليلًا جمال بتفكير بضيق ثم أردف له متحدث:-
_بقول لك ايه يا قاسم كنت عايز اكلمك في حاجه كده انا عارف انها مش وقتها بس مش قادر اسكت اكثر من كده لازم انبهك عليها لاني شكلك نسيت
عقد قاسم حاجبيه بدهشة وهو يقول بهدوء:-
_هي ايه دي الحاجه اللي نسيتها
تنهد جمال لحظات متردد ثم قال بجدية:-
_هو أنت مش ناوي تقول لي حوريه على موضوع اسامه ان هو ابنك
صمت ثواني قبل أن يضع القلم من يده فوق المكتب بقوة هاتف بحده:-
_اسكت يا جمال خالص ووطي صوتك لحد يسمعك
هتف جمال بصوت حازم مرددا:-
_انا صوتي واطي وما تخافش ما فيش حد هنا هيسمعنا هو انا كل ما اتكلم هتسكتني في البيت وقلنا ماشي خايف حوريه تسمعنا.. بس لازم تقول لها احسن ما تعرف من بره ما تفتكرش بعد المده اللي عدت دي وانها لحد دلوقت ما عرفتش حاجه هتفضلي الايام ماشيه عادي وبرده مش عارفه
مسح قاسم وجهه بغضب وهو يقول بصوت حاد:-
_جمال قفل على الموضوع ده وريح نفسك عشان انا مش ناوي اقول لها خالص
اتسعت عينا جمال بذهول قائلا بجدية:-
_نعم! انت متاكد من كلامك ده يا قاسم
جز قاسم علي اسنانه وهو يتحدث علي مضض:-
_اه متاكد يا جمال ما هو بالعقل كده هو انت مفكره لما تعرف حاجه زي كده هتاخذني بالحضن وتقول لي ولا يهمك يا حبيبي هسامحك دي هتقلب الدنيا وممكن تسيبني وانا مش هقدر انها تبعد عني
ليقول جمال بصوت هادئه مرددا بلين محاوله جعله يفهم الأمر :-
_انا عارف ان رد فعلها مش هيكون كويس عشان كده عاوز تقول لها بدري هيكون افضل لك وانها دلوقت حامل منك ثاني كل دي حاجات هتحاول تاثر عليها فيها وتقول لها ..خذها واحده واحده يا قاسم وصدقني لو عرفت من بره الزعل هيكون اكبر ما بينكم من صدمتها فيك
هز رأسه بضيق شديد وقال باقتضاب:-
_ما فيش زعل ان شاء الله وما فيش حاجه هتتعرف ما تقعدش انت بس تتكلم كثير في الموضوع ..ومن فضلك مش عاوزك تفتح الموضوع ده ثاني ولا اتكلم فيه ممكن نركز في شغلنا بقى
نظر إليه عددا لحظات بوجه عابس بيأس ثم هتف بضيق وعدم رضي:-
_تمام براحتك انا حذرتك وانت حر
أغمض قاسم عيناه بقوة و هو يتنفس بهدوء زائف و اعتدل جالسة وأمسك القلم وسحب الملف حتي يشغل نفسه بينما كاد جمال أن ينهض لـ الرحيل من المكتب حتى رن هاتفه برقم بدريه عقد حاجبيه باستغراب وقلق و أجاب ثم صمت مضيفاً عينه بدهاء قليلا بوجه شاحب محتقن بشده قائلا:-
_في ايه يا بدريه مالك بتعيطي ليه واحده واحده وفهميني اللي حصل
أنتبه قاسم إليه و رفع وجهه له باستغراب قائلا بقلق:-
_في ايه يا جمال مدام بدريه مالها هي كويسه
صمت جمال لحظات ببطء يستمع منها جعل التوتر يعتري ملامح وجهه و ارتجاف إصابة جسده بالكامل حين هتف بصوت حازم بقوة:-
_طب اقفلي يا بدريه وجهزي نفسك وانا جاي اخدك دلوقت انتي وابنك ويبقى حد منهم يقف قصادي!
**
في شركة عصام الصريطي كان الجميع بالشركة يقف بدهشة وقلق وهما يسمعون أصوات تكسير بعنف وقسوة شديدة تأتي من مكتب عصام و يستمعون إلى صراخه بعصبية حادة أيضا لذلك لم يتجرأ أحد علي الدخول إليه حتي ركض جواد من مكتبه إلي مكتب والده بخطوات سريعة بقلق بالغ وفتح باب المكتب و تفاجأ بـ هاتف الشركه مكسور بالارض إلي شظايا متناثرة ليعلم أن والده من فعل ذلك و رفع وجهه نظر إليه ليجدة يقف بوجه شاحب محتقن بشده يتنفس بقوة أقترب منه جواد وهتف وهو يرفع حاجبيه:-
_مالك يا بابا صوتك عالي ليه بس كده، ده انا سامع الصوت وانا بره في مكتبي اهدا مش كده
صمت قليلًا يأخذ أنفاسه من الانفعالات ثم صائحاً بصوت عالي بغضب حارق قائلاً بجنون:-
_الكلاب اللي ما كانوش لاقيين ياكلوا ولا ليهم قيمه وانا اللي خليتهم حاجه كل ما اتصل بي حيوان منهم يعمل نفسه مشغول او مش فاضي عشان ما يكلمنيش عشان عرفوا ان انا شركتي هتعلن افلاسها واكيد بتصل عشان محتاج فلوس منهم عاملين دلوقتي مش شايفني
هز جواد رأسه بيأس وضيق هاتف بقله حيله:-
_طب أهدي الامور ما بتتحلش كده اهدا عشان صحتك يا بابا احنا مش ناقصين
تنهد بنفاذ صبر ينظر له و ظهر الخوف علي صفحة وجهه يرتجف من الرعب الذي تلبسه من مجرد تخيله من الممكن أن يفقد الشركه و القصر بسبب هذا القرض الذي ندم على ذلك القرار الان فـ سيصبح في غضون أيام بالشوارع هو و عائلته دون مأوى تمتم بخفوت وصوت مرتجف بضياع:-
_هتجنن يا جواد حاسس هيجرى لي حاجه فعلا ،خلاص فاضل ايام قليله لازم نتصرف إلا هنترمي في الشارع والبنك هيحجز على القصر والشركه
هز رأسه بنفي قائلا وهو يحاول أن يبعد عنة ذلك الأفكار السيئة رغم خوفه هو أيضا داخله أصبح يزيد من المخاوف القادمة :-
_ان شاء الله مش هيحصل كده اكيد في حل
رفع عصام رأسه إليه بلهفه شديدة قائلا بضيق:-
_عملت ايه انت الثاني ما فيش ولا حد من اصحابك راضي يكلم ابوه ويسلفنا او يحاول يتصل بالبنك ياخر لنا شويه الحجز
صمت قليلًا بشرود وضياع وهو يتذكر كلمات هاجر جيد ثم ضحك بملئ فاهه يهتف بتهكم:-
_للاسف ما فيش حد راضي يرد عليا اصلا عملوا زي اصحابك كده برده مشغولين ولا اكنهم شايفني، ما يستاهلوش اصلا اقول عليهم صحاب دول شويه ناس كنت مخدوع فيهم بالمظاهر اللي حواليهم مش أكتر
**
كانت ميسون تجلس علي المقعد بالداخل القسم تدفن وجهها بين راحتي يدها و يصدح صوت بكائها بالارجاء المكان وكان يجلس جانبها حازم ابنها التي اتصلت بي على الفور واخبرته ما حدث لياتي إليها علي الفور وهو لا يعلم ماذا حدث و لما أخذته الشرطة بهذا الطريقة و ما التهمة الموجهة إليه لم يمر سوا ساعتين وهو بداخل غرفه التحقيق ،تنهد حازم بتوتر و هو يحاول الهدوء و فعل أي شئ لكنه تهاوت بصمت بقله حيله حتي خرج عتمان من مكتب المحقق و جانبه عسكري ويضع في يديه الكلبشات ليجد أبنته و حفيده يوقفون ينتظرون خروجه و حين رأى حازم أسرع إليه ليسأل بقلق :-
_جدو طمنا انا اول ما ماما اتصلت بيا وانا في الشغل سبت اللي ورايا وجيت على طول، فهمنا ايه اللي حصل وليه البوليس جاء واخدك من البيت كده
تقدمت ميسون لتقول بنبرة مختنقة من البكاء :-
_بابا انت كويس هو ايه اللي حصل؟ ليه اخذوك من البيت بالشكل ده من غير ما نفهم ولا حاجه
نظر عتمان نحوهما ببطء وارتجفت شفتيه السفلية بتوتر و هو يقول باختناق :-
_انا مش فاهم حاجه زيكم غير لما الضابط لسه قايل لي من شويه ان انا متهم في قضيه مخدرات
رفعت ميسون رأسها إليه و قد احمرت عينها و تزينها الدموع بصدمه بينما هتف حازم بعدم تصديق قائلا:-
_انت بتقول ايه يا جدو مستحيل طبعا حضرتك تعمل كده هما مش عارفين انت مين وسمعتك من زمان وعمرك في حياتك ما عملت حاجه غلط ولا دخلت اقسام بوليس ازاي يتهموك بتهمه ذي دي؟ و إيه الدليل على كلامهم
اغمض عتمان عينه بقوة و هو يضغط علي يده بغضب و يقول بحدة :-
_كنت بجيب بضاعه زي كل مره للشغل من الناس اعرفهم و واثق فيهم، بس المره دي غيرت التعامل مع الناس بسبب انهم غلو في السعر عليا فاضطريت اتعامل مع حد ثاني ويوم اللي اداني في البضاعة كنت مستعجل ما فتحتش كل الكراتين واطمنت زي ما بعمل كل مره! اتاري كان نصف الكراتين من تحت فيها مخدرات وانا ما كنتش اعرف وفضلت في المخازن شهرين بحالهم والبوليس اخذ خبر وجي قبض عليا وفكرني انا اللي بتاجر فيهم
صمتت ميسون بصدمه و هي تشهق ببكاء لعلها تهدئ من بكائها و تصبح قادرة علي الحديث بصوت واضح تنفست بهدوء و هي تقول بتقطع :-
_يا نهار اسود وانت ازاي يا بابا تعمل حاجه زي كده من غير ما تتطمن وتبقى واثق من الشخص اللي هتاخذ منة وهو لي يعمل كده اصلا ويحطلك مخدرات في البضاعة
نظر لها و هو يتنفس الصعداء عالي بحدة تشق صدره بغضب و عصبية شديدة ثم تنفس بصعوبة و هو قائلاً بغضب شديد:-
_كان بيهربها يا ميسون البيه كان مخبيها عندي عشان عرف ان الحكومه شمه خبر وشكه فيه وعشان يبعد عنده التهمه حطاها لي انا لحد ما يتاكد ان الحكومه هتبعد ويرجع ياخذهم، بس حظي الاسود ان الحكومه فكرتني شريك معاه
عقد حازم حاجبيه بحدة و هو يقول سريعاً :-
_طب ما تقول كل الكلام ده للبوليس وانك ما لكش ذنب ولا تعرف عن مخدرات دي حاجه
ليهب عتمان صارخا فيه و هو يقول بصوت مرتفع حاد :-
_هو انا مستنيك تقول لي ما انا قلت فعلا الكلام ده للبوليس وهم قبضوا اصلا كمان عليه زيي، بس الفرق ان هو طلع بكفاله وانكر ان انا اخذت منه حاجه، ودلوقتي انا في نظر الحكومه المخدرات بتاعتي وبتاجر فيها كمان
هتف العسكري بصوت أجش بأمر:-
_يلا يا متهم كفايه كلام يلا على الحجز
شهقت ميسون بصعوبة وارتجفت وهي تستمع أن والدها سوف يسجن بالحبس وسط المساجين تهربت بعينها إليه بعدم تصديق و هي تجيب بصوت حاولت جاهدة أن يخرج ذات نبرات هادئة من كثر بكائها بمرارة :-
_لاا بابا ما تسبنيش
نظر عتمان إليهم بتعبير حزينه جدا لا يصدق ما يحدث معه، كان قبل أيام قليلة يعيش وسط هدوء علي عكس تلك الأيام الجحيمية التي سيصبح يعيشها و يتذوق كأس الألم و الحسرة آفاق عندما سحبه العسكري بعنف وقسوة من ذراعيه غير مهتم بسنه مما جعل الألم والخزه يخترق قلبه ويعتصرة بقله حيله ابتلع عتمان ريقه بصعوبة و توتر وهو يصيح بعجز وضعف ينهشون داخله بلا رحمة ولأول مرة في حياته ظاهرة هكذا أمامهم :-
_اوعي تسيبوني هنا قوملي اكبر محامي في البلد اتصرفوا انا مظلوم اعملوا اي حاجه بس ما فضلش هنا دقيقه واحده ..انا مظلوم يا بنتي انا مظلوم يا حازم وما عملتش حاجه وما اعرفش حاجه عن المخدرات دي، اوعي تصدقوا او اي كلام ثاني سامعين.. انــا بــــريء انــا مـظــلـــوم
هز حازم رأسه بايجاب و هو يربط علي كتفه يطمئنه ثم ذهب مع العسكري بينما تنهد حازم و هو يمرر يده علي خصلات شعره و بيده الأخري سحب والدته إلي أحضانه التي لم تتوقف عن البكاء لحظه وهي تشهق بحزن شديد عليه عندما رأت الخوف و الضعف بأعين والدها واضح فقد شعر أنه ضائع بعجز وهما غير قادرين على فعل شيء له، وهو يتذوق شعور الظلم! فهو أكثر شعور مؤلم في الحياه.
**
اخذت حورية تجوب بهو المنزل ذهابا وايابا بخطوات عصبية سريعة وحزن أشد منذ أن سمعت من قاسم أن والدتها قد تكون في خطر بسبب جدها عتمان، لتشد بانامها خصلات شعرها بغضب بينما كان يجلس قاسم يضع ساقا فوق الاخرى يراقب بعينين تشع قلق وهو يرى حوريه الواقفة أمامه بارتباك وتظهر فوق ملامحها علامات الذعر ليقول بصوت خائف عليها متردد:-
_خلاص يا حوريه هتفضلي رايحه جايه كده كثير اقعدي يا حبيبتي انتي حامل كده غلط عليكي.. ما تخليني اندم اللي انا قلتلك
توقفت حوريه عن الحركة والتفتت إليه بحدة بغتة تهتف بتوتر شديد:-
_انت عاوز اهدى ازاي؟ وانت بتقولي ماما اتصلت بي اونكل جمال وبتستنجد بي وهي بتعيط اكيد جدو عثمان عمل لها حاجه، انا مش عارفه هو بيكره يشوفنا مبسوطين ومرتاحين ليه؟ لحد دلوقتي مش قادر ينسى اللي حصل زمان.. انا عمري ما هسامحه في حياتي على اي حاجه عملها ولسه بيعملها فينا
نهض قاسم واقترب اليها يرفع رأسها إليه ينظر إلي بؤبؤت عينها و هو يمسح دموعها التي تخلع له قلبه قبل وجنتيها و هو يقول بهدوء و حنو :-
_بس يا حبيبتي خلاص اهدي وكفايه عياط عشان خاطري جمال راح يجيبها و قالي مش هيرجع من غيرها
امسكت بيد قاسم بخوف و هي تقول بخفوت :-
_وانت ازي يا قاسم تسيبه يروح لوحده افرض منعوه انت مفكر كده بسهوله هيسيبوا ياخذها
نظر إليها بهدوء و هو يرفع يده يمرر إبهامه علي بشرتها بنعومة و هو يقول :-
_والله يا حبيبتي فضلت اجري وراه وهو مستنينيش ولما اتصلت عليه قال لي ما تجيش ورايا وانا هتصرف خليك انت، وبعدين ما تستهونيش بجمال اكيد هيعرف يجيبها ان شاء الله
أدمعت عينها و هي تضغط علي يده قائلة بحزن :-
_يا رب.. يا رب نجيها و خليك معاها هي ما لهاش غيري ما توجعش قلبي عليها مش هستحمل يحصل لها حاجه وتروح مني
لف يده حول خصرها يقربها إليه لتستند هي برأسها علي صدره و هي تبكي ليربت علي رأسها و هو يقول بهدوء :-
_ايه بس الكلام ده يا حبيبتي ان شاء الله خير هي كويسه طالما قدرت تتصل بي جمال تاكدي من كده انها بخير وبلاش الافكار الوحشه بس تجيء في دماغك
أغمضت عينها وتركت دموعها تتساقط وهي بين أحضانه حتي انتفضت حوريه علي صوت رنات هاتفه حاوطها بذراع و الآخر امتد ليأخذ هاتفه من جيب بنطلونه ليجد المتصل داليدا هتفت هي بلهفه شديدة:-
_مين اللي بيتصل اونكل جمال
هنا اعتدل قاسم فى واقفته لينظر إليها قائلا بعدم اهتمام وهو يضغط علي بعض ازرار ليغلق الهاتف :-
_لا يا حبيبتي مش هو، ده حد مش مهم خلينا في اللي احنا فيه
اشتعلت عينها بغضب و ظهر خطوط حمراء تحتلها قائلة بجمود:-
_وانت مش عايز ترد عليها ليه بقى ان شاء الله قدامي هو انت فاكرني ما اخذتش بالي من الاسم، وبعدين من أمتي في اتصالات ما بينكم ونمرتها بتعمل معاك ايه لحد دلوقتي
ابتسم و هو يمسد علي وجهها برقة قائلاً بصبر :-
_ممكن تهدي الموضوع مش زي ما انتي فاكره هي كل يوم والثاني بتتصل بيا تسلم وتطمن عليا وعليكي كمان وتقفل ومعرفش هي بتعمل كده ليه؟
جزت علي أسنانها بشراسة قائلة بغيرة شديدة :-
_لا والله فيها الخير وبتطمئن عليك بتاع ايه؟ هو انت فاكرني عبيطه ومش واخذه بالي من نظراتها منك وانها معجبه بيك من وقت ما كنا في ايطاليا وعيونها اللي مش بتتشال من عليك، ولا انت كمان مش واخذ بالك من كده
هز رأسه بضيق ويأس مرددا بجدية:-
_لا واخذ بالي بس المفروض تكوني واثقه فيا ان انا مش هاديها فرصه ولا اسمح لها انها تتخطى حدودها معايا
عقدت ما بين حاجبيها بتحدي و هي تقول بحدة :-
_طب مستني ايه ما تعمل لها بلوك وما تردش عليها ثاني ..ولا عجبك قوي اهتمامها بيك
نظر قاسم لها بحدة و هو يقول بغضب مكتوم:-
_انا مش هرد على كلامك عشان عذرك بس ربنا اللي عالم لما بتتكلم معايا انا بختصر على قد ما اقدر ومش مستنيكي تقولي لي وعمري ما اديتها اي فرصه انها تتكلم معايا في اي موضوع خاص.. بس من ناحيه ثانيه صعبان عليا وحدتها وخايفه عليها انها تعمل حاجه في نفسها ولا ترجع ثاني لمخدرات هي طايشه ما بتعملش حدود في تصرفاتها مع الناس، بس كاختي وحطي تحت الكلمه دي خط احمر
صاحت حوريه بعصبية شديدة وهي تنظر إليه بعيونها تشع حقد:-
_يا حنين لا فعلا صعبت عليا وما لقيتش بقى غيرك تفضفض ليك
قبل قمة رأسها و هو يضمها إليه بقوه قائلاً بحب :-
_حبيبتي مش وقت الكلام ده صح احنا في ايه ولا في ايه؟ واوعدك بعد كده مش هرد عليها تاني غير وانتي قدامي و هخليكي كمان في الصورة، وتردي عليها بنفسك عشان لو في حاجه في دماغها تتراجع من نفسها ما تفكرش في كده تمام
وقبل أن تتحدث لمحت والدتها تدلف من باب القصر ومعها شقيقها ساجد وخلفهم جمال يحمل حقائب ابتسمت بسعادة و راحه لتركض نحوهم و هي تقبل يده والدتها التي ابتسمت بحب تداعب بشرتها لتتحدث بأعين تلمع بدموع و هي تقول بلهفه شديدة:-
_ماما حبيبتي انتي كويسه انا قلقانه عليكم قوي من ساعه اللي عرفته الحمد لله انكم جيتوا هنا انتي وساجد
وضع الحقائب جانبه و أردف جمال بصوت أجش بأمر :-
_بدريه هتفضل هنا لحد ما يعدي اسبوع ونكتب الكتاب و الفرح مع بعض وبعد كده خلاص هتبقى مراتي و واحده مننا
تنهدت حوريه بفرحه وسرور وهي تقبل وجنتيها وابتسمت بسعادة غامرة بينما هزت بدريه رأسها مبتسمه بتوتر، ليقول قاسم بهدوء و جديه:-
_هي واحده مننا من زمان يا جمال أصلا مش حتى بعد ما هتتجوزك مبروك يا طنط بدريه
نظرت بدريه إليه بامتنان لتقول حورية بخوف وقلق:-
_ماما انتي اتصلتي ليه بي اونكل جمال وكنتي بتعيطي وخايفه من ايه احكي لي اللي حصل وكل حاجه بالتفصيل
نظرت بدريه إليها بصمت ثواني ثم بدات تقص عليهم ما حدث بالتفصيل وكيف اقتحمت الشرطه المنزل وأخذت عتمان بالقوة، بينما شهقت حوريه بعدم تصديق وهي تقول بدهشة:-
_يعني دلوقتي جدو عتمان في القسم طب ايه التهمه وليه اخذوه من البيت بالشكل ده
هزت راسها بدريه بعدم معرفه لتقول مرددة بتفكير:-
_علمي علمك والله يا بنتي بس شكلها كده مش حاجه سهله ولا بسيطه لا الموضوع كبير البوليس كان كثير واخذوه بالعافيه من البيت من غير ما يقولوا اي حاجه
هتف جمال بصوت حازم بشده يردد بقسوة شديدة:-
_خلاص اقفلوا على السيره دي ما لناش دعوه بي ان شاء الله يعدموا بعيد عنكم
رفعت بدريه مقلتيها ونظرت إليه بملامح متألمة بشده ثم قالت بخفوت:-
_الحمد لله ان كلهم مشيوا والكل انشغل معاه وسابوني في البيت لوحدي مع ابني وعرفت اتصل بيك.
حمحم قاسم بضيق شديد منة قائلا بجدية:-
_جمال حاسب على كلامك ده برده مهما كان واحد من اهلهم
هز رأسه جمال بعناد بغضب شديد وهو يقول بصوت متوحش:-
_هو لو كان حد من اهلهم وخايف عليهم بجد كان عمل اللي عملوا ده لولا ساتر ربنا كان مسكها دلوقتي موتها من الضرب انت ما سمعتش وهي بتحكي لولا في اخر لحظه البوليس جاء ونجدها منه.. ما تزعلوش مني بس من ساعه ما بدريه حكتلي اللي حصل وانا مش قادر امسك اعصابي وكان نفسي بس اشوف حد منهم ولا يمنعني كنت عرفته مقامه
**
في المساء كانت ناريمان تجلس بالخارج في الجنينه وسط الاشجار والورود وتمسك بيدها كوب عصير ليمون و تضغط عليه بقوة وغيظ شديد وهي تستمع إلى أصوات الضحك القادمة من قصر قاسم حيث كان الجميع يجلسون بالجنينه مجتمعون حول مائدة الطعام و يتحدثون بفرح وسرور كبير و اوقات يضحكون بصوت عالي علي اي شئ في اجواء جميله جدا كـ احتفال بمناسبة اقتراب زواج جمال و بدريه.
لمحت ناريمان من بعيد قاسم وهو يحمل طفل صغير لتعرف علي الفور أن هذا الطفل إبن حورية الذي اعتقدت في يوم من الايام أنه إبن جاد و حفيدها و هربت حينها حوريه من السجن لاجل ان تربي هذا الطفل في اجواء مريحه له؟ لكنها بعد ذلك تحطمت كل احلامها وعرفت ان هذا الطفل ليس حفيدها ولا ابن جاد ابتسمت بسخرية مريرة بأعين تطلق شرارت وهي تتذكر تلك اللحظات بحقد عليهن جميعا ثم افاقت على صوت ابنها جواد قام بخطوات بسيطة بتعب وإرهاق وجلس أمامها قائلا:-
_مساء الخير يا ماما قاعده كده ليه بره
رفعت هي بصرها إليه وهزت راسها له ببرود تام وهي تقول بصوت متحشرج:-
_ابدا ما فيش ما انا مش لاقيه حد اقعد معاه وانت ربنا كرمك اهو وكل يوم بتروح الشغل مع ابوك غريبه يعني
عقد حاجبيه باستغراب ثم مسح وجهه بتعب مرددا بيأس:-
_هو انتي ولا عاجبك كده ولا كده اعمل لكم ايه عشان ترتاحوا يعني؟ وبعدين هو حضرتك ما تعرفيش المشاكل اللي في الشركه ان بابا كان واخد قرض بضمان القصر والشركه وكل يوم نحاول نحل المشاكل دي بس مش عارفين للأسف
تجرعت قليلا من العصير الخاص بها بعدم مبالاه وقالت بابتسامه ساخراً بجمود:-
_عارفه طبعا بموضوع القرض ده وياما حذرته بس هو اللي بيمشي باللي في دماغه خليه يشرب بقى نتيجه اختياراتة ..سيبك من الموضوع ده و قولي مش ناوي برده تتجوز انا بقى لي كام يوم سيباك براحتك و قلت اسيبه يفكر او يشوف واحده محترمه ويتجوزها
جز جواد علي أسنانه بغضب مكتوم قائلاً بضيق شديد:-
_مش عارف ايه موضوع الجواز اللي طالعه لي لي فجاه بي ده، ان شاء الله يا ماما بس بعدين خلينا نخلص الاول من موضوع الشركه
لترفع رأسها إليه لتضيق عينيها عليه و هي تقول من بين أسنانها بحقد دفين :-
_سيبك من مشاكل ابوك اللي مش بتخلص هو انا هفضل كده على طول محرومه من كل حاجه وغير متهني بيها، أخوك و مات و حتي حته العيل اللي كانت حوريه حامل في طلع مش ابن جاد ..وانا ما فاضليش غيرك
هز جواد رأسه بنفاذ صبر قائلا بحنق وضيق:-
_رجعنا ثاني لي نفس الموال
ضغط ناريمان علي الكوب الذي بين يدها بغيظ شديد مرددة بغل:-
_خلي الهانم البجحه حورية خلفت عيل منعرفش مين ابوه لحد دلوقتي وكانت حامل فيه وهي متجوزه اخوك جاد ..لا و كله كوم و موضوع قاسم اللي متقبل الطفل كده عادي في حياته وموافق يربي عيل مش إبنه ولا عارف لي اب ده أنا عرفت كمان أنه كتبة على اسمه.. انا لحد دلوقتي مش مصدقه قاسم إزاي موافق علي كده، ايـه تقولش هو أبوه ومش عارفين؟
لم يهتم جواد إلي كلماتها ولا انتبه من الأساس لها من شده الإرهاق ثم نهض جواد وهو يحمل جاكيت البدله الخاص بي بيده مرددا بصوت متعب بجدية:-
_حبيبتي ممكن تهدي شويه وان شاء الله كل اللي انتي عاوزاه هيحصل بس انا مش فايق لموضوع الجوز ده دلوقتي ولا بعدين سيبني براحتي وريحي نفسك عشان يوم ما هعملها هعملها وانا بختار بنفسي مش حد يختار لي ..تمام تصبح على خير انا راجع من بره مقتول نوم و عاوز انام غير ورايا بكره الصبح شغل كثير في الشركه مع بابا
رحل جواد وتركها لكن تعبير وجه ناريمان لم تكن خير ابدا فقد انتبهت الى تلك كلماتها التي قالتها دون ادراك منها لكن اثارت دهشة و ذهول كبير داخلها ارتجفت بؤبؤت عينها بشك تجاه قاسم و حول اهتمامه الكبير! مثير عددا تساؤلات كثيرة بذلك الطفل وماذا بينه حتي يظل هكذا جانبه و يحميه؟.
صمتت قليلاّ و تنفست عدة مرات بعدم استيعاب بما تفكر فيه وظهرت علامات الصدمة واضحة علي وجهها صامتة لا تبدي اي ردة فعل بجمود، حتي اخيرا لتتحدث ناريمان مرة أخري وقد اتسعت عينها بشدة لتقول بصوت مستوحش:-
_انا ازاي مفكرتش في الموضوع ده؟ ما هي ملهاش حل غير كده؟ معقول يكون الطفل اللي كانت حوريه حامل في كل ده يطلع ابوه هو قاسم؟
**
بداخل غرفه قاسم ارتدي حله رمادية اللون و وقف أمام المراه يعدل من رابطة عنقه حتي تقدمت منه حورية من خلفه تحاوط خصره بيديها و هي تستند برأسها علي ظهره اغلق زر سترته و هو يرفع رأسه بشموخ نظرت إليها في المراه و بتلقائياً ابتسمت بفخر هذا الرجل زوجها نظر إليها و هو يقول باستغراب :-
_ بتبتسمي علي أية كده
تنفست بقوة و تميل لتقبله قبلة سطحية و هي تقول بدلال :-
_ مفيش بس اصل شوفت اجمل و احن رجل في الدنيا ..جوزي حبيبي
امسك بيدها بين يديه يجعلها تضمه أكثر و هو يرفع يدها ليلثمها بحب قائلاً بمشاكسه :-
_ده انا بتعاكس بقى.. خذي بالك عشان مراتي بتغير أوي أوي عليا و ممكن تقلبها نكد في ثانيه بسبب الغيره
تلاشت ابتسامة حورية لـ تقلب وجهها بغضب وهي تقول بشراسة:-
_انا نكديه يا قاسم
تنهد قاسم بعمق وهو يقول بحسره زائف:-
_لا ابدا يا حبيبتي بس الهرمونات عندك عاليه من ساعه ما بقيتي حامل ،ده انتي بتنزليني كل يوم الفجر عشان اجيبلك الرنجه حكم القوي وتقولي لي مش نكديه
جزت علي أسنانها بغيظ قائله بحده وهي تبعد يدها عنه لترحل بضيق شديد:-
_تصدق انك بايخ اوعى كده بدل ما اوريك النكد على اصوله يا رخم
التفت قاسم و جذبها بسرعه ليميل الي زوجته يقبل رأسها و هو يهمس بهدوء :-
_انتي بتتقمصي على طول ليه انا بهزر يا حبيبتي، انا اللي نكدي ولا تزعلي خلاص ارتحتي كده
نظرت إليه بضيق مكتوم ثم أردفت بحده:-
_انت بتاخذني على قد عقلي يا قاسم بس تصدق أنت فعلا اللي نكدي مش انا عشان انا صاحيه ما عملتلكش حاجه ولا كلمتك ومبسوطه وانت اللي بتغلس عليا اهو
احتضنها بقوة و هو يمسد علي خصلات شعرها بحب ليهمس بجوار اذنها بحب :-
_و ايه اللي مخليكي صاحيه مبسوطه كده يا روحي
هزت كتفها بسعادة و هي تقول بدلال :-
_ابدا فرحانه عشان ماما و ساجد خلاص هيبقوا معايا في بيت واحد من النهارده وهيفضلوا معايا طول العمر ..مبسوطه قوي عشانهم
ليقول بابتسامة متسعة و هو يمرر أصابع يده برقة علي وجهها قائلاً بعشق:-
_ربنا يبسطك كمان وكمان يا روحي
ابتسمت حوريه بحماس شديد وهتفت بابتسامه واسعة:-
_عاوزه انزل اشتري شويه حاجات كتير اوي النهارده عشان الحفله وعاوزه اشتري كل حاجه بنفسي عشان تطلع مضبوطه، مش عاوزه اي حاجه تطلع شكلها وحش أو أي غلطات في اليوم ده ..هتوصلني في سكتك ولا اروح مع السواق
هز قاسم رأسه برفض وهو يقول بحنان:-
_ و تروحي مع السواق لية و انا موجود
لترفع نفسها علي اصابع قدمها لتقبل كتفه و هي تقول بحب :
_ دايما موجود جنبي يا حبيبي.. انا هاروح اغير هدومي بسرعه استناني هنا
هز رأسه بايجاب موافقة لتحاوط وجهه بين يدها و هي تقبل وجنتيه لتتحرك تتركه متجهة إلي خزانة الملابس لكن لم يتركها في حين وقف هو أمامها و انحني يلتقط شفتيها في قبلة رومانسية عميقة في حين أغمضت عينها و جرفتها رغبة عارمة تبادله قبلته و هي تحاوط عنقه بقوة حاوط هو خصرها بقوة يجذبها نحوه و هو يقبلها بجنون وابتسم بخفه حين شعر بها تبادله قبلاته بمثله.. ابتعد عنها ببطئ ينظر إليها بابتسامة عريضة بينما فتحت هي عينها وضغطت على شفتيها بخجل شديد قد اشتعلت وجنتيها بحمرة قانية و صدرها يعلو و يهبط بقوة ليتنظر الي شفتيها و هو يقول بصوت منخفض :-
_انا بقول الاحسن ليكي تتحركي حالا من قدامي لان مش هقدر اسيطر على نفسي اكثر من كده وما ترجعيش بعد كده تلوميني عشان اخرتك على مشوارك
**
في اليوم التالي.
وقفت حوريه امام خزانة الملابس و زفرت بضيق وهي تنظر الى كثرة الملابس بالخزانه و هي تحمل بين يدها ملابسها وبدأت في توضيب الملابس بشكل مرتب وتخرج الملابس التي لا تستعملها وبدأت تضعها بداخل الحقيبة وهي تضع بها بعض الملابس التي لا تحتاجها حتي تتبرع بها الى اي دار ايتام وقبل أن تنتهي لتسمع أصوات صراخ و بكاء اسامه في الاسفل انتفضت حوريه بذعر شديد وتركت ما بيديها لتركض بخطوات سريعه الى الاسفل لتري ماذا أصاب طفلها و عندما هبطت وجدت هاجر تحمله بين ذراعيها وتحاول اسكاته لكن دون فائده عقدت حاجبيها بدهشة وهي تقترب منها:-
_في ايه انا نزلت مفزعة على صوت عياطه وهو بيصرخ بالطريقه دي ليه
التفتت هاجر لها وهي تقول بصوت متوتر بشده:-
_والله يا مدام حوريه مش انا السبب في عياطه ولا اعرف ليه فجاه عمل كده
تقدمت حوريه نحوها واخذت منها الطفل بلهفة وهي تتفحص إياه بقلق شديد مرددة :-
_يعني ايه ما تعرفيش هو مش كان معاكي بره في الجنينه وكان هادي وساكت في ايه يا هاجر ما تتكلمي
ابتلعت هاجر ريقها بصعوبة شديدة وهي تهتف بتلعثم:-
_انا بصراحه خرجت بي اتمشى بره قدام القصر عشان لقيته فجاه مقريف وزهقان والله حتى ما بعدت بي انا مشيت بس قدام الطريق و الحرس ورايا عشان لو حصل حاجه و عينيهم كانت عليا.. لحد فجاه ما اعرفش طلعت لي منين مدام ناريمان لقيتها جايه عليا و بتبتسم وطلبت مني بكل ذوق تشيل اسامه شويه مني انا طبعا رفضت والله وكنت هارجع انا عمري ما بستريح ليها الست دي اصلا
رفع رأسها إليها بلهفة و أمسكت بمحرمة تمسح دموع طفلها وشعرت برعب بأن تكون ناريمان اذيت طفلها لتقول بحده:-
_وبعدين كملي اللي حصل
هزت راسها لها وهي تقول بصوت متوتر بندم من نفسها لأنها كان من الممكن تعرض الطفل للخطر :-
_لسه بتلفت عشان امشي لقيتها بتسحبه من ايدي بالعافيه وشالته هي بين ذراعيها انا اتضايقت منها جامد هو عليت صوتي وقلت لها ما ينفعش كده ولسه هقرب اخده منها لقيته بيصوت فجاه وبيعيط بالطريقه دي؟
اسندت حورية علي كتفها برأسه و هي تضم الصغير إليها الذي بدا يتوقف عن البكاء قائلة بحب :-
_بس يا حبيبي خلاص اهدا وبطل عياط
تابعت هاجر حديثها وهي تقول بقلق شديد:-
_وهو ده اللي حصل يا مدام حوريه اخذت الولد مني بالعافيه ولسه بتكلم معاها فجاه لقيته نط وصرخ وبيعيط من غير سبب ما اعرفش عملت له، ولا ليه اصلا اخذته مني بالشكل ده.. حقك عليا عشان طلعت بره من غير ما اقول لك بس والله كانت نيتي خير
تنهدت حوريه بضيق شديد ولم تفهم ماذا كانت تريد ناريمان من طفلها ولماذا اقتربت منه هكذا ابتسمت بخفه و هو تقبل الصغير علي يده بحنو قائلة :-
_خلاص يا هاجر الحمد لله انها جاءت على قد كده ممكن بس أسامه صرخ وعيط عشان شكلها غريب عليه وعشان شدته منك بالطريقه دي ..خلاص قفلي على الموضوع اسامه ابتدى يهداه أهو
نظرت هاجر نحوها عددا لحظات بوجه قالق مرددة بارتباك وتوتر:-
_بس في حاجه ثاني اخذت بالي منها ولازم تعرفيها؟ وانا بلف عشان امشي لاحظت في ايديها خصله شعر تقريبا شدتها من اسامه وهو ده اللي خليه يصرخ و يعيط كده
نظرت إليها بتشوش و هي تقول بعدم فهم :-
_نعم شدت شعرة من اسامه طب هتعمل بيها ايه واللي خلاها تعمل كده اصلا
نظرت إليها هاجر ببعض الخوف و هي تقول بعدم معرفه :-
_علمي علمك يا مدام حوريه انا استغربتها اصلا طريقتها كانت غريبة من امتى وهي بتهتم باسامه وانها تشيلي وحنينه كده عليه ،ده انا بعد ما اخذت اسامه منها طلعت تجري واختفت ولا رديت عليا لما فضلت انده عليها، عشان اعرف هي عملت كده ليه؟
ثم هتفت هاجر بقلق بالغ قائله باقتراح:-
_انا من رايي نقول لقاسم بيه احسن انا مش متطمنه ليها خالص بصراحه
هزت راسها برفض بسرعه و هي تقول بقلق تحاول اخفاءه بصوتها الهادئه:-
_لا لا بلاش النهارده تجيبي سيره اي حاجه تضايقهم بالذات النهارده؟ كتب كتاب اونكل جمال و ماما و كلهم كانوا فرحانين امبارح ومبسوطين بلاش نجيب لهم اي اخبار وحشه النهارده و سيبي لي للموضوع ده، ولو لاحظت حاجه ثاني منها هقول لي قاسم... بس اللي مش قادر استوعبه اخذت شعره ليه من اسامه هتعمل بيها ايه؟
**
بعد مرور أسبوع.
دلفت حورية بخطوات بسيطة إلي داخل الغرفة المخصصة بالقصر لـ بدريه لتجهيزها و تم تجهيز الحفل بالاسفل على اعلى مستوى التي سيكون بها عقد القران، اقتربت منها حورية وعدلت من خصلات شعر والدتها داخل الحجاب بينما التفتت بدريه إليها بوجهها المتوتر بشدة و أمامها فتاه تضع لها اللمسات الأخيرة من مستحضرات التجميل ابتسمت حوريه لها و هي تضع يدها علي كتفها لتقول هي:-
_ تعالي يا حوريه امسحي لي شويه من المكياج ده حاسه انه كثير في وشي وانا اصلا ما ليش فيه انا بس سمعت كلامكم من كثر الزن عليا
هزت حورية رأسها بنفي و هي تقول بهدوء :-
_يا ماما حرام عليكي هو انتي حاطه حاجه اصلا ده خفيف خالص ،ده انا كل اما ادخل الاوضه اسمعك بتقولي للبنت تخففلك المكياج ومجننينها معاكي، عاوزه بعد كل ده تمسحي
ابتعدت عنها الفتاه بعد أن انتهت لتنظر بدريه الي نفسها في المراه ثم ابتسمت و هي تري نفسها رائعة الجمال زينتها أعطت لها رقة و جمال فريد رغم سنها نظرت إليها حورية و هي تقول بابتسامة واسعة :-
_ طالعه زي القمر يا ماما ما شاء الله مش محتاجه انتي حاجه اصلا
لتردف بدريه بتوتر و هي تنظر إلي ابنتها :-
_ بجد يا حوريه حلو هو انا يا بنتي صغيره على المكياج والحاجات دي حاسه ان اوفر ومش مناسب لي؟ وممكن ما يعجبش جمال اصلا
هزت حورية رأسها برفض و هي تبتسم بشده قائلة بمكر :-
_هو مين اللي ما تعجبهوش ده انتي عاجبة من غير ولا حاجة و لو عليه هيخدك و يمشي زي ما انتي كده.. هو وقع من زمان ومن بدري اصلا يعني ما تشيليش همه
حمحمت بدريه بخفه بخجل شديد و كأنها تشعر أنها شابه مراهقة و هي تقول بهمس خجول :-
_ بس بقى يا حوريه وما تقولش الكلام ده ثاني ومتوترنيش اكثر ما انا متوتره
اخفضت رأسها بجانب أذنها و هي تنظر إليها في المراه ثم تقول بمشاكسة :-
_و الجميل متوتر ليه بس الموضوع ما يخوفش خالص خذي بنصيحتي و اهدي وما تفكريش في حاجه وكل حاجه هتعدي على خير وانكل جمال بيحبك ومش هيزعلك اكيد
إلي هنا لم تستطع بدريه كبح ابتسامتها عندما غمزت لها ابنتها بطرف عينها بمرح لتضحك بدريه عليها وقد احمر وجهها وهي تهز رأسها يأسا ثم نكزتها بيدها قائله بابتسامه صغيره:-
_طب اتلمي واسكتي هو مين اللي مفروض ينصح الثاني
ضحك حوريه هو الأخري و شاركتها هذه السعاده وهي تتنمي إليهما الفرح دائما في حياتهم القادمه ثم لتهز رأسها تطمئنها بـ بعض كلمات لطيفه ثم بعدها تحركت لتتركها وذهبت بخطوات بسيطة لتفتح الباب وتخرج إلي الاسفل لتري و تطمئن علي كل شيء يسير تحت مثل ما تريد بنظام فهي لا تريد اي اخطاء اليوم ولا شيء يفسد فرحتهم جميعاً.
كانت تسير حورية في طريقها الي الأسفل وفي لحظه انفتح باب غرفتها و جذبتها ايادي قويه الى الداخل واغلق الباب خلفه شهقت حورية بقوة بذعر ثم تنهدت وزفرت أنفاسها بضيق عندما رأت قاسم أمامها يقف يرتد حله باللون الكحلي يقف بهيبته المعتادة ويحتجزها بين ذراعيه، عبس وجهها بغيظ هاتفه:-
_حرام عليك قلبي كان هيقف من الخضه
احتضنها بشدة و هو يقبل قمة رأسها و هو يتمتم بخوف :-
_بعد الشر عليكي ما تقوليش على نفسك كده ثاني
لمعت عينها بحب و ابتسم هو اليها و هو يدنو إلي وجهها و جسدها المحتجز بينه وبين الباب من الخلف ليقبل ثغرها قبلة سطحية و هو يقول بخفوت قائلاً بمداعبة :-
_وبعدين وحشتيني اوي كنت عاوزاني اعمل ايه؟ من صباحه ربنا ما شفتكيش وكل شويه اسال عليكٍ يقولي لي تحت مشغوله في حاجه ..كده تفضلي مشغوله طول اليوم وما اجيش على بالك ولا ثانيه تشوفيني عامل ايه من غيرك
عبثت بوجهها علي حديثه و هي قائلة بضيق :-
_هي مين دي اللي مش مهتم بيك ولا بتسال عليك انا كل شويه ابص عليك من بعيد الاقيك انت كمان مشغول مع الناس
صمت قليلًا ولم يجيب عليها فكان مسحور و هو ينظر إليها مبهوراً جمالها اليوم فريد متميزة وهي دائماً هكذا ابتسم باتساع حين وقع عينه تفحصها بكل تفاصيلها بأعين محبة ليميل إليها و يقبل جبهتها ثم امسك بيدها يشدد عليها ليرفع يديها يقبل كلتا يديها ابتلع ريقه بصعوبة و هو تغمض عينه مرددا:-
_علي فكرة أنا ابتديت اغير من جمال و امك من قبل ما يتجوزوا من اولها كده شاغلينك عني
رفعت هي بصرها إليه و هي تقول بابتسامة هادئة :-
_معلش يا حبيبتي اصل النهارده يوم مميز قوي بالنسبه لي وفرحانه قوي اني خلاص ماما و ساجد هيفضلوا معايا طول العمر ..وبعدين كلها ساعات ونبقى مع بعض اصبر.. مش اهم حاجة اني معاك يا قاسم
قرب جسدها منه أكثر حتي شعرت هي بجسده يلتصق بجسدها و لم يعد يفصلهم اي انش واحد ليطبع قبلة هادئة أسفل اذنها و هو يهمس قاسم بحب :-
_و هو انتي كدا معايا انا عايزك في حضني علي طول يا حورية
لتجده يحتضنها بقوة لتضمه هي إليها أيضا بحب وابتسمت حوريه باتساع و هي تقول برقة :-
_ انا معاك دايما يا قاسم و انت في قلبي علي طول.. يلا بقى نخرج و نشوف اللي ورانا
هز رأسه بايجاب تلقائياً وهو لا يدرك بماذا يجيب لكنها ابتسم بحب و هو يدنو ليقبل ثغرها بشغف ثم ابتعد يتحرك بطاعة و هو يخرج خارج من الغرفة ما أن أبتعد يزفر من انفاس داخل صدره بقربه منها حتي توقف لحظه والتفت ينظر إليها مرة أخري منادياً اسمها رفعت رأسها بانتباه لما سيقوله حتي تفاجات بـ يرسل لها قبلة بالهواء غامزاً بعينه اليسري بتلاعب، ليخرج ويغلق الباب خلفه مما جعلها تضحك عاليه و تبتسم بسعادة غامرة عليه.
**
بعد فترة قصيرة بصعوبه استطاعت حوريه أن تخرج بعد أن تركها قاسم لتنزل الدرج وهي تبتسم بسعادة غامرة و فرحه شديد على ذلك العشق الكبير بينهما الذي كل يوما عن يوماً يتزايد و هي تائهة بين طيات مشاعرها أصبحت زوجته حق له فقط ملكية خاصة لا يجب لأحد التدخل بها غيره زوجته معشوقته التي خصصت مكاناً لنفسها بقلبه و احتلت كيانه كله! اصبحت هي العشق عنوانه واصبح هو وطنها التي تلجا له.
ثم عندما وصلت الى الاسفل في الجنينه استمعت الى اصوات صراخ عند بوابه القصر عقدت حاجبيها بدهشة ثم اقتربت بخطوات سريعة إلي هناك حتي تري ماذا يحدث لتجد
أن ناريمان تقف أمام البوابة و الحرس امامها يمنعوها بصعوبه من الدخول لكن هي تصر بإصرار وغضب أشده! تحركت نحوهم وهي لا تفهم لماذا جاءت الى هنا وماذا تريد؟ بينما
لتصرخ بهم ناريمان بغضب وعنف شديد:-
_بقول لك ابعد عني انا لازم ادخل جوه واطربق الدنيا فوق دماغهم دخلوني انا مش هسكت المره دي على اللي عرفته
اقترب حورية منها بسرعه بتعجب وهي تتحدث بحده:-
_بس بس في إيه؟اللي بيحصل هنا
أخفض الحراس عيونهم ينظرون إلى الأسفل و أحدهم اقترب منها قائلا بتهذب :-
_احنا كنا لسه هندخل نقول لي قاسم بيه مصممه تدخل واحنا ما عندناش اوامر بدخولها مره ثانيه القصر بعد اللي عملته المره اللي فاتت
اشارت الى الحراس بالصمت و التحرك من أمامها وفعل الجميع ذلك بطاعة و تحركون لكن جانبها بعد مسافه بينما تنهدت حوريه بضيق شديد وقالت بهدوء:-
_مدام ناريمان ممكن حضرتك تمشي عشان احنا مش فاضيين دلوقت لوجع الدماغ ده عايزه تدخلي تعملي ايه اصلا ..آه فهمتك عاوزه تعملي زي ما عملتي المره اللي فاتت في يوم فرحي حضرتك بتدوري على اي حاجه عشان تضايقنا وتضيعي فرحتنا وخلاص
اشتعلت عينيها ناريمان بغضب عندما رأتها أمامها وقد ظهر خطوط حمراء تحتل بياض عينها قائلة بشراسة :-
_الايام اللي جايه فعلا هتكون سوداء فوق دماغك يا حوريه انت و البيه اللي جوه بعد ما عرفت لعبتكم وفهمت ان كل اللي حصل كان بترتيب منكم انتم الاثنين
عقدت حاجبيها بدهشة ثم نظرت إليها بحده وقالت بعدم فهم:-
_انتي بتتكلمي عن ايه؟ و لعبت ايه هو احنا جينا جنبك ولا عملنا لك حاجه
هتفت ناريمان حديثها وقد أدمعت عينها و هي تضغط علي يدها قائلة بحقد:-
_حرمتوني من ابني وتقولي لي ما عملتش حاجه، عيشتوني في حزن والم طول حياتي بسبب حزني على ابني وتقولي لي ما عملتش حاجه، لا عملتوا كثير وانا فهمت كل حاجه خلاص ومش هتعرفوا تضحكوا عليا وتسكتوني زي كل مره.. انا خلاص فهمت اللعبه إللي انتي و البيه اللي جوه رسمتها علينا
كانت تقف حورية تطلع نحوها بعدم فهم وضيق بينما ناريمان عقدت ما بين حاجبيها بحدة و هي تقول بغضب شديد :-
_أنتي تعملي ان قاسم اغتصبك و أبني المسكين يصدق وما تخليهوش يقرب منك عشان يروح يجيب واحده ويدخلها البيت عشان تكملي بقيت اللعبة وتطلعي منها
وتروحي تقتليه وتقولي كنت بادافع عن نفسي ومش بعيد تكون البنت اللي جابها دي اصلا من ضمن اتفاقك انتي وقاسم ..وكل ده عشان تموتوا ابني وتحسروني عليه.. ونيجي بقي لـ الجزء المهم قاسم يثبت بردك ويطلعك وبعد كده يتجوزك ويكتب ابنه الحقيقي اصلا! باسمه مش كده ..لا برافو عرفتوا تلعبوها صح من غير ما تثبتوا عليكم حاجه
صمتت حورية قليلاّ تحاول استيعاب كلماتها باستخفاف و عدم تصديق فـ كيف جاءتها فكره مثل ذلك وهي أن يكون قاسم والده اسامه الحقيقي؟ ومن اغتصبها ايضا؟ كيف وهو أصبح زوجها الآن و ابوه طفلها الثاني و نصفها الآخر كيف تفكر هكذا بذلك التفكير الشنيع! بدا داخلها يغلي كبدها يتمزق و هي تتذكر احداث و تفاصيل هذه الأيام و كل شئ أمامها و كأنها تعيش هذا للتو، تنفست بصعوبة وهي تتحدث بعدم تصديق بصوت مختنق:-
_على فكره انتي مش طبيعيه انتي اكيد مجنونه، انا ما بالعبش عليكي لعبة ولا انا ولا قاسم عاوزه تصدقي الحقيقه صدقي مش عاوزه ان شاء الله عنك ما صدقتى، انا تعبت من كثر الكلام معاكي.. ليله الفرح انا فعلا اغتصبت ما اعرفش لحد دلوقت هو مين؟ ويا ريت اعرف عشان انتقم من الحيوان اللي دمر حياتي ده، وقاسم كانت اول مقابله بيني وبينه يوم ما انقذني بعد ما هربت من جده عتمان اللي انتي جبتني ليه؟ و قاسم هو الواحيد اللي صدقني و وقف جنبي واثبت براتي وبعد كده طلبني للجواز وكتب اسامه باسمه ورغم ان هو مش ابنه عشان كلام الناس ما يحطنيش في موقف وحش وكثر خيره
ابتسمت ناريمان بشده بسخرية لتصرخ هي بصوت عالي :-
_كذابه وكفايه كذب وتاليف انا مش هاصدقك ثاني؟ اسامه ابن قاسم الحقيقي، وانتي ما اغتصبتيش ولا حاجه وانتم تعرفوا بعض من قبل كده, وكنتي قاصده تقتلي ابني يا حوريه وكان في ما بينكم علاقه أنتي و قاسم يا رخيصه، و الدليل انك كنتي حامل في ابنه وانتي على ذمه ابني
قالت جملتها الاخيره وجعلت ينهش الخوف قلبها لكنها تجاهلت ذلك سريعة لتنظر إليها حورية بغضب و هي ترفع سبابتها أمام وجهها قائلة بعصبية حادة :-
_لا انا مش قادره اصدقك بصراحه انتي اللي عماله تالفي حاجات مش حقيقيه عشان تحاولي تدمري حياتي ثاني لكن انا مش هصدقك ..وكفايه بقى وابعدي عني انتي كل ما تشوفي حياتي بدات تستقر ومبسوطه تطلع لي بحاجه.. لا و المره دي تالفك عاليه قوي كملي افلامك مع نفسك انا داخله جوه
تحركت حوريه بخطوات بسيطة حتي ترحل الي الداخل بيأس منها لتهب ناريمان بحدة و هي تصيح بشراسة :-
_انا معايا دليل على كلامي يا حوريه المره دي؟ الشعرة اللي اخذتها من ابنك من اسبوع طلعت بيها على المختبر ده بعد طبعا ما عرفت اخذ نفس الخصله من شعر قاسم اللي خبطت فيه في نفس اليوم وانا قاصده وعملت نفسي اتكعبلت وكنت هقع لولا مسكت فيه وعرفت اخذ منه خصله من شعره
توقفت عن خطواتها نحو الداخل و ألتفتت لها
وتنهدت بأسي و هي تقول بثقه عمياء:-
_قاسم مش ابن اسامه و بطلي هبل الكلام ده مش حقيقي دي اخر حاجه في حياتي ممكن اصدق انها تحصل عشان ببساطه مش حقيقي و اسامه انا ما اعرفش مين ابوه ..ومستحيل طبعا يكون قاسم قلت لك امشي من هنا وبطلي تاليف وكذب
اخذت ناريمان نفس عميق و زفرته علي مهل و هي تقول بتحدي وقوه :-
_طب انا كذابه التحليل اللي في ايدي ده كذب هو كمان؟ طب بلاش ده احسن تقولي ان انا كمان مذوراه اعملي نفس اللي انا عملته و قدام عيني.. خدي نفس الخصله من جوزك ونفس الخصله من ابنك ونطلع احنا الاثنين على المختبر اللي انتي تختاري كمان ونشوف كلام مين اللي صح؟ اسامه إبن قاسم ولا لاء؟
بدأت الثقه داخل حورية تنخفض بالتدريج مع بعض الشك و الألم داخلها عندما رأت داخل أعين ناريمان تحدي و قوة في حديثها لم تراها من قبل صمتت لحظات تصارع أفكارها و كأنها تصارع الموت ذاته فـ حقيقه أن يكون قاسم هو نفسه والد اسامه و من اغتصابها الموت نفسه أفضل و أهون عليها بكثير ولا تصدق شيئ كذلك؟
حتي هزت راسها بسرعه شديده تطرد الفكرة نفسها لتشعر بوغزة قوية داخلها لا تعلم سببها؟
ابتلعت ريقها بصعوبة و هي تغمض عينها ثم عندما فتحتها و لاحظت ان في يديها بالفعل اوراق مكتوب عليها "إسم مختبر تحاليل"
رمشت عينيها ببطء وحبات العرق التي بدأت تغرق وجهها من شده التوتر و الارتباك و هي تتحامل علي نفسها كي لا تظهر هذا أمامها مطلقاً! ظلت لحظات هكذا و هي تقبض بيدها علي ملابسها بقوة و وجهها احمر شحب بشده ثم قضمت شفتيها السفلية و هي تأن بألم شديد حتي احمر وجهها و هي قد أصابها التوتر كافة حواسها و تشعر بوغزات متتالية لا تقف أبداً داخلها لتنظر إليها و هي تهز رأسها بصعوبة من بين أنفاسها تتنهد بثقل ثم همست بـ؟.
__________________________________
الفصل الثالث والعشرين
_______
بعد مرور فترة قصيرة وصل الماذون وجلس أعلي الأريكة الواسعه وسط تجمع الجميع بالحفل و جانبه جمال الذي كانت يبتسم باتساع وفرحه شديدة عكس بدريه التي كانت تجلس بجانبه بوجه عابس بتوتر وهي تلاحظ اختفاء حوريه وليس موجوده بالحفل لتنظر نحو قاسم الذي يقف و عيناه تبحث عن زوجته هو الآخر بقلق و ضيق شديد فهو قبل قليل ظل يبحث عنها بداخل القصر ولم يراها ليلمح نظرات والدتها نحوه، رسم قاسم علي الفور ابتسامة مزيفة حتى لا تشك في شيء وهو يتحرك حتي يبحث عنها مره ثانيه لكن توقف مكانه عندما راها أمامه أخيرا بخير و تنهدت بدريه براحه وابتسمت بهدوء.
صمت قاسم قليلا ثم قائلا بجدية:-
_انتي فين يا حوريه عماله ادور عليكي يا حبيبتي ومش لاقيك وكمان الماذون جاء ومامتك قاعده قلقانه، اختفيتي فين فجاه كده وقلقتينا كلنا عليكي
شعر بحيرتها عندما ظلت صامتة تنظر إليه فقط نظرة غامضه لا يعرف لها تفسير خاليه من نظرات الحب والحنان كانت تحاول إيجاد حل الي ما سمعته قبل قليل من ناريمان يبعدها عن هذا الخطر، تسآل بحيرة:-
_حوريه انتي كويسه مش بتردي عليا ليه
فاقت من دهشتها علي سؤاله ثم أجابته بصوت مخنوق وهي مازالت تنظر إليه نظراتها الغير مفهومة:-
_انا تمام
تنهد قاسم بنفاذ صبر ينظر لها قائلا بضيق:-
_طب مالك بتبصلي كده ليه؟ ومش بتردي عليا كنتي فين انا عماله ادور عليكي من بدري
هزت رأسها بنفي وهي تحاول أن تبعده عنها ذلك الأفكار السيئه ثم تمتمت بضياع:-
_ما فيش كنت بطمئن ان كل حاجه ماشيه ذي ما انا عاوزه ..ما فيش حاجه تقلق انا كويسه قدامك اهو
ابتسم وهو يضمها إلي أحضانه وهتف وهو يلاعب حاجبيه مرددا:-
_طب يا حبيبتي الحمد لله انك بخير يلا عشان خلاص الماذون وصل وكتب الكتاب هيتكتب دلوقتي
أومات ببسمة بسيطة له مصحوبة بدمعات حبيسه داخل عينيها لم يراها هو وهي داخل أحضانه ثم تنهدت وزفرت أنفاسها بعمق شديد و هي تتذكر قبل قليل موافقتها على طلب ناريمان حيث ستذهب معها الي معمل تحاليل وهي من تختاره لتري من حديثه صحيح، هي بالتأكيد ومن رابع المستحيلات تشك بزوجها قاسم أن من الممكن يفعل فعله مثل ذلك لكن لا تعرف لماذا في نفس الوقت وافقت على ذلك؟ ثم اعتدلت في وقفتها سريعاً ومسحت دموعها بهدوء مصتنع وهي تبتسم بسعادة علي والدتها حتي لا تفسد فرحتها.
كانت ابتسامة تزين محياها بدريه وهي تجلس جواره ممسك هو بيدها الرقيقة ذات الملمس الناعم يدسها بين حنايا يده و هو يضغط عليها برقة و هو يجلس بهدوء جوار المأذون يعقد القران و اقترب قاسم بعد ان ترك زوجته و معه شخص اخر يشهد علي هذا العقد وسط الجميع، انتهي المأذون من الإجراءات و أعلن انهم أصبحوا زوجين شرعيين و نطق الجميع و رددوا معه "بارك الله لكما و بارك عليكما و جمع بينكما في خير" حتي وقف جمال و جذبها يوقفها معه ليحتضنها بحركة مفاجأة و لم تتوقعها تخشب جسدها بين يديه و شعر هو بها ليضمها إليه اكتر و هو يهمس بأذنها:-
_مبروك يا بدريه اخيرا بقيتي مراتي يا حبيبتي
ابتلعت ريقها بصعوبة و هي متجمدة هكذا و لا تبادله احتضانه ثم ببطئ و خجل رفعت يدها لتبادله احتضانه بينما اغمضت عينها بشدة و هي تشعر بقلبها يدق بسرعة لتفتح عينها بهدوء تشيح بوجهها عنه بخجل قائله:-
_الله يبارك فيك يا جمال
ابتسم هو ابتسامة لم تصل لعينه و هو يفرد كف يده حولها و هو يقول بهدوء :-
_خليكي مطمئنه دائما طول ما انتي معايا يا حبيبتي ما فيش حاجه هتاذيكٍ ولا انتي ولا أولادك ولا هسمح لاحد يقرب منكم طول ما انا موجود
نظرت بدريه إليه لتبتسم هي بحنان و هي تقول له بامتنان شديد :-
_متشكره قوي يا جمال على كل حاجه بتعملها معايا ولسه هتعملها
أبعدها عنه جمال برفق يتمتم بصوت حازم بشده:-
_انتي كده هتزعليني منك بقي عشان ما فيش شكر بين اثنين متجوزين ولا انتي لسه مش معتبراني جوزك حتى بعد ما كتبنا الكتاب
هزت رأسها بابتسامه لتلتفت إليه بكامل جسدها و تمسك بيده و هي تقول بمحبة:-
_انا عمري ما توقعت ان انا في حياتي ممكن اتجوز ثاني واعملها يا جمال، حتى اللي كانوا بيتقدموا لي بعد موت جوزي الاولاني وابو عيالي كنت دائما برفض وشايلة الفكره من دماغي ومركزه مع اولادي وبس، عشان كنت خايفه اجيب لهم حد ياذيهم بدل ما يقف جنبي ويساعدني، غير طبعا عتمان كان بيرفض الموضوع من قبل حتى ما يفتحني وياخذ رايي عشان ما حدش غيره يربي الاولاد
ابتسم بسعادة غامرة علي كلماتها واحتضنتها جمال بحب و هو يربت علي ظهرها ليقول بضيق شديد :-
_مش عارفه اللي كان مش مسكتك على البني ادم ده بس الحمد لله اهو دلوقت بياخذ جزاؤه
خرجت بدريه من أحضانها و هي تقول بخفوت:-
_انا مش بقول لك الكلام ده عشان اللي عتمان عمله معايا انا بقول لك الكلام ده عشان عايزك تعرف حاجه مهمه! رفضي طول الوقت للموضوع و موافقتي ليك فجاه كده ما جيتش من فراغ واني وافقت عشان لقيت راجل بجد يستاهلني وحسيت معاه بالامان، والامان على اولادي كمان ربنا يخليك ليا يا جمال
اتسعت عينه و انفرجت شفتيه بفرحه ليقول حديثه بتروي:-
_ويخليكي لي يا بدريه وربنا يقدرني و اكون قد الامانه دي طول العمر
**
بعد مرور ساعات.
وقفت حوريه امام فراش طفلها الصغير لتضع الصغير بداخله وهو نائم براحه مثل الملائكه ثم ظلت لحظات هكذا تقف أمامه هي تنظر إليه بتراقب و بحيرة زفرت بضيق وهي تفكر ياتري قاسم يخفي عنها شيئا ومن يكون والد اسامه الحقيقي؟ ذلك المجهول التي لا شئ عنه حتي الآن, فهي كانت تتنمي أن يكون قاسم هو بالفعل والده لكن ليس بذلك الطريقة ،خرج قاسم من المرحاض و تقدم نحوها حاوطها من الخلف و هو يقول بهدوء:-
_الحمد لله كل حاجه عدت على خير و الحفله كانت جميلة والكل كان مبسوط وفرحان، ربنا يخليهم لبعض ويفرحوا دائما طول العمر وحبهم يكبر زينا، مش كده يا قلبي
توترت ملامحها عندما شعرت به قريب منها و هي تقول بارتباك :-
_اه صح الحمد لله ان كل حاجه عدت على خير
ابتسم بحب و هو يقبل يدها التي رفعها ليتحدث بأعين تلمع كـ ومضات انارة:-
_مالك يا حبيبتي حسك طول الحفله مش مظبوطه ولا مركزه وعلى طول سرحانه وشكلك قلقانة في حاجه حصلت وانا ما اعرفش؟
صمتت حورية ثواني ثم أبتعدت عنه ببطء شديد وهي تنظر إليه بتردد قائله بخفوت:-
_قاسم هو انت من اسبوع او اكثر كنت قابلت طنط ناريمان في اي وقت
عقد حاجبيه بدهشة وقلق ثم هتف بغضب قائلاً:-
_بتسالي حاجه زي كده ليه؟ هي في حاجه حصلت ناريمان عملت لك حاجه ثاني
هزت راسها حورية برفض بسرعه وهي تتحدث بصوت جعلته هادئه قدر المستطاع:-
_لا لا خالص ما عملتليش حاجه انا بس بسالك عشان بيتهيالي لمحتها وانت واقف معاها في مره ما اعرفش كنت بتتكلموا في ايه ونسيت اسالك ولسه فاكره دلوقت ..فبسالك عشان اطمئن انت اللي الامور عندك كويسه وكل حاجه تمام
أجاب و هو يرفع يده يمرر إبهامه علي بشرتها بنعومة و هو يقول بعدم مبالاه:-
_اه هو فعلا قابلتها من اسبوع كانت العربيه عدلت وانا كنت باتمشى ،بس ولا اتكلمنا ولا حاجه ما اعرفش طلعتي مين وانا ماشي وجاءت وخبطت فيا وكانت هتقع لولا لحقتها وبعد كده مشيت ولا اتكلمت.. بس هو ده اللي حصل ما فيش حاجه حصلت ثاني عشان تقلقي منها يا حبيبتي
غربت عينها لبعيد و هي تحاول الهدوء و الثياب فـ بحديثه هذا اثار الشك بداخلها أكثر لكن رغم ذلك لم تتحدث وظلت ملامحها متجمدة بمكانها، وهتف باسمها لكن لم تجيب عليه.
همهم هو بحيرة و من ثم قبل وجنتها و هو يقول بضيق :-
_حوريه انتي سرحتي ثاني انتي مش عجباني النهارده خالص مالك يا حبيبتي
أبعدت عنها يده و هي تقول بخفوت و الرعب أخذ طريقه الي قلبها و انتهي الأمر :-
_مصدعه بس شويه من دوشه الحفله وغير كده شكلي عملت مجهود زياده النهارده
هز رأسه بالايجاب بتفهم ليمسك بيدها يجلسها علي الفراش و وضع يده علي بطنها يمسد عليها بحنان مرددا بجدية:-
_انتي فعلا النهارده ما قعدتيش نصف ساعه على بعض وانا شايفك بعيني رايحه جايه كل شويه، شكلك ناسيه انك حامل ولازم الراحه بالذات الفتره الاولى اتفضلي يلا دلوقت على السرير ومن غير كلام عشان ترتاحي وناجل اي حاجه عاوزه تعمليها بكره
ابتسمت باقتضاب و هي تبعد يدها عنه و تتسطح علي الفراش و تسحب الغطاء لتدثر بها كاملها لا يظهر منها شئ ليتسطح جوارها يضع يده أسفل رأسه و هو ينظر إليها بطرف عينه لترفع الغطاء عن جانب وجهها و هي تغمض عينيها بقوه شديدة وتقول في نفسها بارتجاف وضياع:-
_ارتاح اه انا فعلا عاوزه انام ونفسي دماغي توقف شويه من الدوشه اللي فيها
**
في اليوم التالي.
صف جواد سيارته جانب بداخل القصر و هبط
يذهب لمنزله كعادته عندما ينتهي عمله فهو أصبح تلك الفترة الأخيرة يذهب بانتظام إلي العمل و يرجع إلى المنزل دون الذهاب الي مكان آخر مثل سابق حيث كان يسهر مع اصدقاء ويظل ساعات طويلة إلي منتصف الليل وأكثر و يرجع المنزل قبل طلوع الفجر، عكس الآن ينام بعد الساعة الثامنة و يستيقظ في الصباح الباكر للعمل ،ومن ثم فتح جواد الباب بهدوء فوجد والدته ناريمان بداخل الصالون ترتشف بعض من العصير باستمتع وبسعادة كبيرة ظاهره علي وجهها، عقد حاجبيه عندما رمقها وهي تجلس علي حافة الأريكة وتقدم منها جواد يهتف بقلق:-
_مالك مبسوطه وفرحانه كده ليه انا بقيت بقلق لما اشوفك فرحانه بصراحه يارب يكون خير؟
نظرت ناريمان له بغيظ هاتفه بابتسامه عريضة:-
_لا ما تقلقش المره دي خير ودائما هتشوفني الايام دي مبسوطه وفرحانه علي طول عشان قربت اوصل للي هيدمر حياه حوريه وقاسم
نظر جواد إليها بضيق شديد ليتحدث هو بغضب :-
_انا قلت برده الموضوع في حوريه و قاسم, وبعدين يا ماما احنا قلنا ايه برده رجعتي تدوري وراءهم ثاني مش كان ربنا هاديكي وبعتي ونسيتي الموضوع ده
نهضت ناريمان بحده وعينيها تطق شرارت غضب قائلة بصوت عالي:-
_انا عمري في حياتي ما هانسى موت اخوك واللي عمله والمره دي غير انا عرفت حاجه هتوديهم في داهيه، البيه قاسم كده هو ابو الطفل الحقيقي مش مجرد كتبه باسمه وبس؟ يعني الهانم حورية كانت بتشتغلنا وكل ده وهي حامل في ابن قاسم
جحظت جواد عيناه بصدمة و ذهول وهو يقول باستنكار:-
_أنتي بتقولي ايه جبتي الكلام ده منين؟ و ازاي فكرتي في حاجه زي كده اصلا
ابتسمت ابتسامة ساخرة وهي تقول بمكر و تحدي:-
_ده مش مجرد كلام دي حقيقه وانا بتكلم معاك المره اللي فاتت والكلام جاب بعضه وقلت بعفويه من غير ما اقصد قاسم ليه مهتم بالطفل ده يكون ابوه واحنا مش عارفين! ساعتها بش فضلت اركز في الكلام و يتردد جوايا وحسيت فعلا انها ممكن تكون حقيقه؟ ما هو بالعقل كده ايه اللي هيخلي راجل زي قاسم مهتم قوي بالطفل ويقبل على نفسه يكتبه باسمه ويربي طفل مش ابنه الا لو الموضوع في أن
ثم تابعت حديثها و زمت ناريمان شفتيها مهمهماً و هي تقول بثقه :-
_وانا معايا دليل على كلامي عملت تحليل دي ان اي وخذت عينه من قاسم وابنه وطلع العينتين مطابقين لبعض بنسبه 90٪ واحنا كل ده ومش عارفين اللعبه الحقيره اللي بتتلعب علينا
نظر جواد بعينه الي الامام و هو يقول مضيقاً عينه :-
_انتي واجهتي حد بالكلام ده منهم
هزت رأسها بتأكيد بسخرية وهي تبتسم باستهزاء:-
_طبعا واجهت رحت الحفله اللي كانوا عاملينها امبارح وقابلت هناك حورية طبعا عملت فيها مصدومه وانكرت كل ده بس انا ما سكتش قلت لها لو عايزه تكذبيني واصدق كلامك اعملي نفس التحاليل اللي انا عملتها امبارح واحنا الاثنين نكون موجودين ونشوف من الصادق ومين الكذاب.. ولسه سايباها من شويه بعد ما عملنا التحاليل الصبح في معمل هي اللي مختاراه بنفسها عشان ما ترجعش تقول لي بعد كده زورتي في التحاليل وادينا مستنيين النتيجه بعد اسبوع
طرقع جواد أصابعه و هو يتحرك بتفكير ليقول بشك :-
_انا مش قادر اصدق بصراحه قاسم مش من النوع اللي كده هو اصلا من زمان عمره ما كان لي في جو الستات و يعمل علاقات معاهم، وحتى لو كان بيشتغلنا وبيصاحب من غير ما نشوفه كان على الأقل الصحافه والمصورين هيلقطوا اي حاجه تدينوا بكده، هو اكبر رجل اعمال في الوقت الحالي وكل الصحافه كانوا مركزين معاه قوي الفترات الأخيرة
نظرت ناريمان له بغضب مكتوم وهي تقول بصوت حاد:-
_هو انت بدافع عنه كمان بقول لك عملت تحليل بنفسي واخذت عيانه من قاسم ومن الطفل هتكذبني انت كمان
عقد جواد حاجبيه بعدم تصديق و هو يقول باستفسار :-
_انا مش بكذبك بس حاسس الموضوع في حاجه غامضه و جزء مفقود.. هو انا اعرف قاسم من يومين انا عارفه كويس وياما كنت بشوفه بيخرج في حفلات ومقابلات شغل وعمري ما شفت معاه واحده؟ يروح يعمل علاقه مع واحده متجوزه وبعدين حوريه شكلها كمان مش من النوع الخبيث ده.. وبعدين منين حوريه فعلا تعرف ان الطفل ده ابو قاسم ومنين وافقتك انها تروح معاكي تعمل التحاليل تاني؟
صمتت ناريمان لحظات تفكر بحيره شديده وهي تقول بعدم فهم:-
_انا كمان مش مصدق انها جاءت معايا بعد ما وافقت امبارح يوم الحفله لما قالت لي قابليني بكره وراء القصر وانا هاجيلك ومعايا العينتين ونبهت عليا كمان معرفش حد بالموضوع ده لحد ما النتيجه تطلع؟ انا قلت تلاقيها بتاخذني على قد عقلي ومش هتيجي وهتتحجج باي حجه بس فجاه لقيتها قدامي وجايه وطلعت معايا المستشفى و كانت طول الوقت وهي معايا ساكته ولا بتنطق
تنهد جواد مؤكد علي حديثها هاتف بشك وهو يردد:-
_شفتي مش بقول لك في حاجه غامضه في الموضوع ومش مفهومه؟ تفتكري حوريه هي كمان ما تعرفش ان الطفل ابنه؟
**
دلفت حورية بخطوات بطيئة الي منزلها و اغلقت الباب خلفها ببطئ و ذهبت لتدخل حجرتها بخطوات مرتعشة بوجه شاحب اللون وهي تتذكر ما فعلته في الصبح وكيف اخذت خصله شعر من قاسم وهو نائم و فعلت المثل بطفلها وبعدها ركضت نحو الخارج و الجميع نائم و قابلت ناريمان التي كانت تنتظر إياها داخل سيارتها و طلعوا الي مركز تحاليل طبيه و اخذت منها الممرضه خصلات الشعر و طلبت منهم أن يأتون بعد مرور اسبوع او اكثر حتي تظهر النتيجه؟
و عندما دلفت حورية إلي الغرفه تفاجات بـ قاسم مستيقظ وهمس باسمها بلهفة و هو ينهض عن أعلي الفراش ليقف سريعاً أمامها و كان ينهش الخوف قلبه و هو يقول بارتجاف ويسألها بقلق :-
_حوريه انتي كنتي فين الصبح كده، و خرجتي بره رحتي فين وسبتيني نايم من غير ما تقولي لي حتى وطمنيني عليكي وازاي اصلا تخرجي من غير حرس
اضطربت دقات قلبها و هي تجيب بقلق و نبرة مهتزة :-
_اهدى يا قاسم حصل إيه يعني لكل ده انا كويسه ما فيش حاجه حصلت الحمد لله
امسك بيدها يدلف بها الي الداخل و يغلق الباب امسك بكفي يدها بين يده ليتحدث بحدة:-
_وانا لسه هاستنى لما حاجه تحصل خرجتي ليه من غير حرس ورحتي فين في الوقت ده ومن غير ما تقولي لي
اضطربت و شحب وجهها و هي تنظر إليه بتفكير و هي تقول بتوتر :-
_كنت بجيب دواء مهم ليا ونسيته وما حبتش اقلقك وقلت لو طلبت في التليفون دلوقتي ممكن ملاقيش حد فاتح الصبح كده فـ اضطريت اخرج
امتعض وجهه بغضب و هو يجذبها إليه يحتضنها بقوة و هو يقول بتحذير:-
_الصيدليات فاتحه 24 ساعه يا حوريه ما تعرضيش نفسك للخطر ثاني بالطريقه دي كان ممكن تصحيني ما كنتش اكيد هقول لك لا
ابتعدت عنه ببطء بارتباك و هي تقول بهدوء مصتنع :-
_انت كنت نايم زي القتيل مش داريان بحاجه وكان شكلك تعبان صعبت عليا اصحيك وبعدين ما حصلش حاجه رحت وجيت بسرعه اهو وانا كويسه قدامك الحمد لله
هز قاسم رأسه بضيق شديد وامسك بيدها يرفع الي فمه يلثمها بحب و هو يقول بحزم:-
_ ما تتكررش ثاني مره تخرجي لوحدك ومن غير حرس معاكي ولا أنا، سامعاني يا حوريه انا اتخضيت جامد لما لقيتيش جنبي وعرفت انك خرجتي لوحدك في وقت ذي كده
تنهدت حوريه بنفاذ صبر و هي تقول بحدة :-
_تمام مش هعمل كده ثاني حقك عليا أنا اسفه اني خضيتك بالشكل ده
هز رأسه متنهداً بحرارة و هو يسير بها الي الأريكة يجلس و يضعها فوق الأريكة جانبه يحاوط خصرها بيده مررت يديه علي وجهها و هو يقول بحنان :-
_يا حبيبتي مش قصدي ازعلك انا بس خايفه عليكي ما تفتكريش عشان ناريمان ما بقتش تعمل حاجه زي زمان انها مش حاطه لسه عيونها علينا وبتدبر لنا حاجه في أي وقت و غير جدك عتمان اللي ممكن يطلع في اي لحظه واكيد هيجي علي هنا عشان ياخذ حفيدة، كل دي حاجات لازم نكون واخذين حظرنا منها
هزت رأسها بهدوء و هي تحاوط وجهه براحتي يدها قائلة بصوت خافض :-
_خلاص فهمت قصدك انا اسفه صدقني مش هخرج ثاني من غيرك تمام كده لسه زعلان
هز رأسه برفض و هو يميل برأسه علي كف يدها يقبل باطنه بحب :-
_لا يا حبيبتي مش زعلان انا بس كنت خايف عليكي أوي لما صحيت ما لقيتكيش جنبي، ما تخضنيش ثاني بالشكل ده عليكي اتفقنا
هزت راسها حورية بشرود وهي بين ذراعيه بينما ابتسم قاسم باشتاق وهو يطل الي وجهها الطفولي المشرق مطولاً وصوت قلبه يصل الي مسامعه ليحاوط خصرها و استنشق رائحتها و هو يتنهد بارتياح أنها بخير و بين يديه اغمض عينه و هو يقبل رقبتها قائلاً بهمس :-
_وحشتيني اوي علي فكره
حاولت حورية رسم ابتسامة مزيفة وهي تحاول الابتعاد عنه برفق لترد بتلعثم:-
_ و انت كمان وحشتني
هزت راسها ببطء بقدر ما تسمح قبضته عليها وكانت تسمعه يتنفس بقوة وصوت عالى لتعلم ماذا يريد لكن انها ليس بالوقت المناسب فهي في اقصى درجات حالاتها من الحيره و التشويش ،لا تعلم متى هدئت انفاسه الاهثه فوق وجهها واقترب منها بشده واصبحت لهاث شغوف مستمتع الي حين شعرت به يدفن وجهه فى حنايا عنقها يقبلها بشغف وقوة و يتنقل بشفتيه فوقها بقبلات اصبحت عنيفة من شدة شغوفه لتشعر بتوتر يدب فى اوصالها، لتفتح فمها بالرفض و الاعتراض لكن كتم صوتها داخل فمه حين اخذ يقبلها و يدمى شفتيها بقوة بضغطه باسنانه عليهم بقوة لتشعر بطعم الدم فى فمها فاخذت تحاول التملص من بين ذراعيه وقد تصاعد الخوف بهسترية بداخلها رعبا؟ نعم لاول مرة تشعر بالرعب منه بعد أن مرت فترة طويلة وقد بدأت تشعر بالأمان والطمأنينة معه لكن كلمات ناريمان بدأت تمر بعقلها بخوف شديد و قد توهمت بأنه يريد ان يأخذها رغم عنها مثل ما فعل ذلك المجهول في الماضي.
اخذت تدفعه بقبضتها فى كتفه تحاول ابعاده عنها لتنهمر الدموع من عينيها بالم و اخذ جسدها ينبض من شدة ضغطه عليها لتفجر فى البكاء بقوة وهي تصيح بصوت عالي:-
_قاسم لو سمحت ابعد ..قاسم قلتلك ابعد مش عــاوزه كـــده
شعر بها اخيرا قاسم و بمقاومتها العنيفة له ليفيق من تلك دوامة عشقه التى كان غافل داخلها ليتراجع عنها بسرعه ينظر اليها بعينين مغشيتان مصدوم عندما رآه حالتها المشعثة
لكن لم يفهم ما بها فهو طول الوقت عندما يقترب منها ترحب هي بذلك و تبادله قبلاته بمثل الشغوف، ابتلع قاسم ريقه بصعوبة بالغة وهو يقول بقلق شديد:-
_مالك بس يا حبيبتي انتي كويسه
اخذت تتذمر بألم و جسدها ينتقض من الوجع فوق الأريكة وهي تبكي بحرقه و هتفت بهجوم:-
_لا مش كويسه قلت لك ابعد وما تقربش ايه هتاخذني بالغصب عشان مش موافقه انك تقرب وتلمسني ولا ايه؟
اتسعت عينا قاسم بذهول وصدمة وتخشب مكانه وهو يستمع كلماتها ولكن اوجعه هو تلك النظرة المرتعبة منه كانها تقف امام وحش كاسر سينقض عليها فى اى لحظة فاخذ يتنفس ببطء محاولا تهدئة فورة المشاعر بداخله و تقدم منها بحذر لها برقة وندم قائلا:-
_حوريه اللي انتي بتقوليه ده اكيد مش هعمل كده، انا اسف يا حبيبتي حقك عليا والله ما سمعتك، مش عارف عملت كده ازاي ولا اخذت بالي انك مش عاوزه ما تزعليش
فزعت تنتفض كارنب مزعور بعيون خائفة يملائها الدموع، بينما ضغط قاسم علي اسنانه بغضب مكتوم من نفسه وفور ان تقدم ضمها اليه ليشدد من احتضانه لها يهمس بكلمات مهدئة رقيقة لها يعتذر باسف وهو يراها تهذى من شدة الالم ليهمس لها برقة محاولا التخفيف عنها :-
_اكيد طالما مش عاوزه مش هغصبك مين جاب الفكره دي في دماغي بس ازاي تفكري فيا بالطريقه دي، انا قاسم يا حوريه جوزك وحبيبك ويهمني راحتك مش هاذيكٍ ما تخافيش
شعرت بأنها ضغطت علي الامور اكثر من اللازم وقد بالغت ثم ابتعدت عنه حوريه و هي تمسح دموعها براحتي يدها و هي تقول بصوت حزين :-
_اتمنى ده
**
مرت فترات طويلة و ايام أكثر حتي جاء ذلك اليوم المنتظر ولج كلا من ناريمان و معها حوريه لداخل المستشفى وكانت حوريه قلبها يرتجف خوفًا ورعبًا كلما تقدمت خطوة إلي الداخل لا تعلم لما كل ذلك القلق والتوتر فهي بالتاكيد تثق به قاسم ثقة كبيرة، وقفت ناريمان تطلع فيها بابتسامه ساخره ثم تقدمت تنظر وهي تتقدم نحو الاستعلام لتسأل عن التحاليل و أجابتة عليها الممرضة بأدب أن تنتظر قليلا في ساحه الاستقبال، تحركوا الاثنين بالفعل داخل غرفه الاستقبال ولم يكن غيرهما موجود.
جلست حوريه أعلي المقعد وهي تنتظر أي طبيب يأتي إليها و يطمئن قلبها الملتاع ثم أفاقت من دومه أفكارها علي صوت ناريمان الساخرة:-
_يعني جيتي قلت في عقلي بالي هتعمليها حجه المره دي وما تجيش وكانت بس الايام دي بتشتغلني وبتاخذني على قد عقلي علشان ما اعملش حاجه
نظرت حورية نحوها باستغراب وهي تتحدث بجدية:-
_انا قلتلك ان انا جايه وبعدين هعمل كده ليه وما اجيش ليه اصلا؟ انا مش باخذك على قد عقلك ولا بشتغلك ولا حاجه زي ما انتي فاكره
هزت كتفيها بعدم مبالاه وقالت ببرود:-
_اقول لك على حاجه انا مش مصدقاكي لحد دلوقتي من اللي عملتيه وانك وافقتي كده بسهوله تعيدي التحاليل ثاني بنفسك وجاية كمان تستلمي النتيجه النهارده، حاسه بتدبري لـ حاجه بس مش فاهمه دماغك اصلك يعني مش عبيطه فعلا ومش عارفه ان الطفل يبقى ابن قاسم قولي كلام يدخل العقل
رفعت حوريه عيناها بغيظ تجيبها بصوت غاضب:-
_اسمعيني يا ست أنتي انا جاية هنا عشان حاجه واحده بس وهي اوريكٍ ان الافكار اللي في دماغك دي كلها مش حقيقي وللمره الاخيره اسامه مش أبوه قاسم و دلوقت الحقيقه هتبان والتحليل هتثبتلك عكس كده
رفعت ناريمان حاجبيها باستخفاف وهي تقول باستهزاء وضيق:-
_اموت واعرف جايبه كل الثقه دي منين؟ مش بقول لك مش فاهمه دماغك لحد دلوقتي! ولا هي دي اللعبه اصلا انك تفضلي تمثلي عليا ومصدقه نفسك عشان انا كمان اصدق.. على العموم فعلا الحقيقه كلها دقائق وهتبان يبقى نشوف ساعتها حجتك هتكون ايه
وقبل أن تتحدث مره ثانيه دلفت إليهما الطبيبه وهي تحمل بيدها ملف التحاليل وقالت باعتذار:-
_اسفه على التاخير اتفضلوا التحاليل اهي تقدروا تشوفوها بنفسكم ولو حابين تعدوها ثاني ما فيش مشكله
دق حوريه قلبها بعنف شديد بينما هتفت ناريمان بثقه وهي تنظر إلي حورية التي بدأت تتوتر بشده:-
_لا يا دكتوره انا عن نفسي مش محتاجه اعيد اي تحاليل ثاني ومصدقه من اول مره
وضعت الطبيبه الملف أعلي الطاولة أمامهم ثم رحلت بهدوء بينما ساد الصمت قليلا بينهما وظلت حوريه تفرك بيدها بعصبية و ارتباك وهي تنظر إلى الملف وتفكر يا تري ماذا ستكون النتيجه وماذا سوف يحدث بعدها؟
أنتفضت حورية من مكانها بذعر شديد عندما وضعت ناريمان يدها فوق كتفها بحده لتنظر إليها علي الفور بتعجب ثم أشارت ناريمان بجمود وهي تتحدث بتحدي وقوه:-
_مستنيه ايه؟ ما تفتحي التحايل ولا خايفه الحقيقه تظهر قدامي وما تقدريش ترفعي عينك فيا وما تعرفيش تدوري على كذبة المره دي
جزت حوريه علي أسنانها بعنف بنفاذ صبر وهي تقول بثبات:-
_انا مش خايفه من حاجه ومش محتاجه شويه الاوراق دي عشان تثبت لي مجرد تخاريف في دماغك ما لهاش وجود، ولا تهز ثقتي في قاسم جوزي ،وهفتح التحاليل عشان بس استثبتلك من فين الصادق ومين والكذاب
نهضت حورية وأمسكت الملف وفتحتة بالفعل وبدأت تقراء فيه حتي وقعت عينها على ما تريده وفي ثواني تجمدت الدماء في عروقها و ارتفعت وتيرة أنفاسها بصعوبة شديدة و بدأت الرؤية تتلاشي بعينها رويداً رويداً و هي تكافح وتلتقط أنفاسها بصعوبة شديدة شعرت بوجهها يشحب كـ الاموات و حبات العرق تتجمع علي كامل وجهها، ثم نظرت إلي التحاليل مره ثانيه حتي لعلها تكون قد أخطأت في القراءة لكن عندما وقعت عينها مره ثانيه علي الاوراق وجدت نفس ذاتها الكلمات وان اسامه والده قاسم!.
صدمة كبيرة إصابتها بشلل كامل بجسدها اتسعت عينها و هي تنظر إلي الاوراق و قلبها يخفق بقوة و كأنه سيقفز من بين ضلوعها ارتفعت وتيرة أنفاسها و هي تضع يدها علي جبهتها تفركها بعدم استيعاب تقدمت ناريمان منها لتقف قبالتها تنظر إليها ثم لويت شفتها بسخرية لاذعة قائله بتهكم:-
_مش سامعلك يعني صوت هتفضلي مبلمه في الورق كثير كده، ما تنطقي وتردي وتقولي ايه ردك علي موجود ده؟
هزت رأسها عدد مرات بشرود و عيناها مثبته علي الاوراق التي بيدها ولكن توقفت علي تلك الكلمات التي ثبث صحه حديث ناريمان التي لمست قلبها أنزلقت العبرات من عيناها عاجزه وانكوي القلب ألمًا علي آلامها، نظرت لها حوريه بسرعة تقول بلهفة وهي لا تستوعب ولا تصدق شيئ:-
_لا لا التحاليل دي كذب مش حقيقيه طبعا انتي اكيد زورتيها ولعبتي فيها بعد ما انا مشيت وجيتي بعديه تاني واتفقتي معاهم يغيروها مش كده، لكن انا مش هصدقك قاسم مستحيل يعمل كده
زمجرت ناريمان فيها بغضب شديد وهو تقول بنفاذ صبر:-
_ما تبطلي أنتي يا بنت كدب وخداع شويه بقى وشيلي وش البراءه اللي انتي رسميه على طول عشان الناس تتخدع فيكي، لكن مش عليا يا روح امك ،انتي اللي مختاره المعمل بنفسك وقلتلي بثق فيه ولا نسيتي؟
خفق قلب حوريه بقوة وبكت بعنف وشهقاتها ترتفع بقوة تقول بلوعة وبكاء وهي تهز رأسها برفض و إصرار رغم ما رأته بـ بعينيها لكنها مازالت تحت تأثير الصدمه ولم تصدق:-
_ برده كذب مش حقيقي قاسم مش ابو الطفل.. قاسم مستحيل يعمل فيا كده.. قاسم مستحيل يخدعني ويضحك عليا بالطريقه دي، قاسم مش بالحقاره دي و ما يقدرش يضحك عليا كل الفتره دي وانا اكون مخدوعه في بالطريقه دي، لا اكيد في حاجه غلط ممكن الغلط من المعمل نفسه انا هعيد التحاليل ثاني لا لا مستحيل اصدق حاجه زي كده
جزت علي أسنانها بشراسة وعنف و هي تصيح بحده:-
_اه ابقي عيديها انتي مع نفسك بقى بس لو النتيجه طلعت نفسها هتقولي ايه اعيدها رابع وخامس انا مش عارفه اعمل معاكي ايه عشان تعترفي بالحقيقه و أن قاسم أبوه الطفل وانك كنتي على علاقه بي وانتي متجوزه ابني
اقتربت منها حورية تمتم بخفوت وبنبرة مكسورة وتقول بحسرة بين بكائها:-
_انا ما بكذبش انا فعلا اغتصبت اقسم بالله اللي حصل ما كانش برضايا ومش قاسم أبوه اسامه قاسم بيحبني مستحيل يخدعني ده هو اللي وقف جنبي وانقذني من الموت اكثر من مره و هو اللي حماني انا ما ليش غيره مستحيل ياذيني ويطعني في ظهري! حرام عليكي ليه عاوزه تدمري حياتي وتفتحي في الماضي وتخليني اصدق حاجه لو طلعت فعلا صح هيكون الموت اهون عليا بكثير
صمتت ناريمان لحظات تراقبها بشك ثم هتفت بصوت حاد:-
_هو انتي ايه حكايتك بالضبط معقول ممكن فعلا ما تعرفيش وكل ده مش تمثيل؟ يعني قاسم كان بيلعب عليكي ذي ما كان بيلعب علينا وهو اللي اغتصبك
اتسعت عينا حورية بذهول وصدمة وبحزن لتصرخ بعنف وقسوة من بين بكائها وشهقاتها التي ترتفع بعصبية شديدة :-
_مستحيل لا مش ممكن طبعا اكيد في حاجه غلط
ضاقت ناريمان عينيها بانتصار وهي تقول بسعادة بالغة و ابتسامة عريضة حول ثغرها :-
_تعرفي الايام اللي فاتت عماله افكر ازاي انتقم منك ومن قاسم وادمر حياتك زي ما دمرتيني في حياتي ووجعتي قلبي على ابني بس لو فعلا كلامك صح وانتي ما تعرفيش كل ده ان قاسم هو اللي اغتصبك يبقى فعلا الوجع اللي انتي فيه دلوقتي اهون بكثير وتستاهليه من اي حاجه كنت هعملها فيكي عشان اعرف اشمت فيكي صح ..وهو ده احسن انتقام ليكي انك تتصدمي في الانسان الوحيد اللي وثقتي فيه
التفتت برأسها لها تصرخ بقوة شديدة ببكاء وصوت يقطع القلوب:-
_بقولك قاسم بيحبني وعمره ما هيفكر ياذيني
قلت لك ان التحايل بتاعتك هي اللي غلط وانا هعيدها عشان تصدقي
شعرت بان الأرض تدور حولها مما جعلها غير قادرة على التحمل ولا السيطرة على حالتها لتسقط علي قدمها بالارض بصدمه ثم أجهشت في البكاء تضع وجهها بين راحتيها و اخذتها تبكي بحسرة و هي لا تصدق أن يخدعها قاسم بذلك الطريقه كانت تبكي بحرقه شديدة كطفلة صغير أقرب شخص لها ينازع الموت وما كان عليها إلا تبكي وتهون علي نفسها ولكن كيف ستهون علي شئ خارج عن ارداتها؟
أنزلت ناريمان تسند بركبتها بالارض وهي تنظر إليها بابتسامه واسعة بشماته وهي تراقب انهيارها ثم هتفت بمكر ذئب و بخبث شديد:-
_وليه بس يا حبيبتي تعيدي التحاليل ثاني وانتي عندك قاسم نفسة تروحي تسالي وتعرفي منه الحقيقه احسن اعتقد لو صح مش هيقدر ينكر عملته السوداء؟ بصراحه قلبي عندك لو طلع الكلام ده صح وقاسم هو اللي اغتصبك فعلا، هههههه
**
كان قاسم يسير الغرفه بخطوات عصبية شديدة عندما استيقظ من نومه ولم يجدها جانبه مره ثانيه ظل يسير بالغرفه بغضب و خوف وهو يفكر بقلق شديد أين ذهبت زوجته مره ثانيه دون علمه أو تقول له شئ عن ما يحدث معها ولماذا أصبحت الايام السابقه غامضه هكذا ولا تعطي اي اهتمام مثل سابق، أصبح متاكد بنسبه كبيره أن يوجد شئ تخفي عليه لكن لا يعرف ما هو؟.
افاق من غضبه و خوفه عندما وجد حوريه تدلف الغرفه بخطوات ثقيله أقترب منها بخطوات ثابتة وهو يقول بصوت غاضب:-
_خرجتي زي العاده ثاني رغم ان احنا اتفقنا ما تتكررش وبرضة من غير حرس وقفلتي كمان تليفونك، ده انتي لو قاصده تقلقيني مش هتعملي كده؟ انتي مالك يا حوريه الايام اللي فاتت على طول غريبه وسرحانه وبتعملي اي حاجه بتهور وممكن تؤذيكٍ وتاذي اللي حواليكي، عارفه ان انا بسببك النهارده طردت كام حرس عشان سابوكي تمشي وما حدش منهم مشي وراكي رغم انك رفضتي
صمتت حورية ولم تجيب بينما اقترب يمسك كفها الصغير الذي وجدو بارد مثل الثلج وهو غاضب ثم رفع عيناه لها يهمس بعتاب:-
_كنتي فين وما تقوليش زي المره اللي فاتت كنت بجيب دواء عشان مش هصدق المره دي كمان، انتي في حاجه مخبياها عليا انطقي حالا كنت فين ومع مين؟
هزت حوريه رأسها وهي تجيب بوهن وتنظر له بقوة :-
_كنت مع طنط ناريمان في المستشفى
عقد قاسم حاجبيه باقتضاب وعدم استيعاب وتقدم منها مرددا باستنكار:-
_نعم بتقولي ايه؟
تنفست بصوت عالي تحاول السيطره على اعصابها وهي تجمع كلماتها وتحاول تتجدد الامل فيها ان يوجد شيء خاطئ سوف يوضح لها الآن بالتاكيد :-
_طنط ناريمان جاءت يوم حفله كتب كتاب ماما وانكل جمال وقعدت تصرخ عشان عاوزه تدخل القصر والحرس منعها بالعافيه بس انا سمعت وقربت اشوف في ايه؟ قعدت تقول كلام غريب بس انا ما صدقتوش رغم انها كان معاها دليل بس قلت مستحيل تعمل فيا كده وتاذيني بالطريقه البشعه دي حتى لما عملت انا التحاليل بنفسي برده كذبتها وما صدقتش
مسح قاسم وجهه بعنف وضيق هاتف بنفاذ صبر قائلا بغضب مكتوم:-
_انا مش فاهم حاجه تحاليل ايه وناريمان قالت لك ايه وانتي ازاي تروحي معاها وتعرضي نفسك للخطر
نظرت إليه بأعين تشع حزن عميق وهي تقول بصوت مبحوح:-
_قالت لي ان اسامه يبقى ابنك وكانت واخذه خصله شعر من اسامه وخصلت شعر منك وطلعت العينه مطابقه لبعض وأنه إبنك، ولما كذبتها قالت لي خلاص هاتي عينه من شعر جوزك وابنك ونطلع سوا نعمل التحاليل ونشوف مين اللي صادق
شعر قاسم بان أسودت الدنيا في عيناه من إن وقع كلماتها الموجعه علي قلبه بذهول وصدمة، ولا يصدق بأنها عرفت الحقيقه.
هزت رأسها بعدم تصديق تدمع عيناها بقوة تهمس بصوت متقطع واهن للغاية:-
_انا مش هقول لك ليه عملت كده؟ عشان اي عذر هتقوله مش هيشفعلك عندي، بس هسالك سؤال ثاني ازاي؟ ازاي قدرت تعمل فيا كده وكنت بتبص في وشي وتلمسني إزاي وانت السبب في كل اللي انا فيه، ازاي جاءت لك الجراه تخدعني وتكمل حياتك عادي وانت مش حاسس بتانيب ضمير ولا عارف عامل فيا ايه؟
حبس أنفاسه بقوة وهو يقترب ويضع يده الاثنين علي كتفها ثم تمتم بعدم استيعاب:-
_حوريه اهدى وافهمي الموضوع
صمتت بصدمة عندما استمعت إلي كلماته الذي تدل علي أن حديث ناريمان والتحاليل ليس خدعه بل حقيقيه فهي حتى الان كان لديها امل ان يكذبها؟ هزت رأسها ببطئ ثم نزعت يده عنها بعنف وقسوة من علي كتفها ثم ابتعلت ريقها الجاف تهمس بصوت متقطع متعب يكاد يكون مسموع:-
_نعم افهم الموضوع؟ هو في موضوع انا كنت فاكراكي هتكذبني وتتخانق معايا وتزعق وتصرخ فيا عشان صدقت عليك حاجه زي كده؟ وضيعت الثقه اللي ما بيننا؟ بس يعني ايه أفهمي الموضوع الاول ده يعني ايه الكلام ده حقيقي
تفاجات به صامت ولما يهتز جسده ولم يرمش جفن له جزت علي أسنانها بنفاذ صبر فليس الان وقت السكوت وهي تقول بصوت عالي:-
_رد عليا ما تسكتش اسامه ابن مين أنطق ما تسكتش؟
كان الصمت يخيم علي المكان الا من أصوات شقهاتها الباكين كانت دموعها تهبط بغزارة كالأمطار صمت قاسم بل أعطاها ظهره ينظر الا الجهه الاخرى يحدق بالفراغ ولكن هو من يشعر بالألم الذي ينخر خلايا جسده حتى عندما استمع صوت بكائها المصدوم فرت دمعة هاربة من مقلتيه يتألم بل ينكسر قلبه وهو يراها هكذا، وقد علم ان ما اخفاه طول هذه المده سوف يفتح الان وينهش في قلوبهم دون رحمه! حتي همس بدون مقدمات و بصوت منخفض يائس من اخفاء الحقيقه اكثر من ذلك به:-
_اسامة يبقى ابني أنا يا حوريه؟
تطلعت في حورية بصدمة وكانت قد فاضت الروح بها من المزيد من الصدمات والالام أجهشت في البكاء وهي تصرخ عاليا حتى ان الصراخ وصل الى الاسفل بين الخدم هو الحراس وهي تهتف بصدمه و ذهول بهستريه كـ المجانين :-
_لا، لا لا انت كمان بتكذب عليا صح أسامه مش ابنك الكلام ده مستحيل يحصل مش انت اللي اغتصبتني ودمرت حياتي اكذب عليا يا قاسم وقولي الكلام ده مش صح، مش كده ابوس ايدك ما تمرنيش وتكسرني كده إلا انت يا قاسم مش هستحمل
فزع قاسم لرؤيتها كهذا حتي اقترب منها و قال لها بلهفة وخوف:-
_يا حوريه افهمي الموضوع ما ينفعش تحكمي عليا من غير ما تسمعيني انا لي عذري برضه أنا ما عملتش كده وانا في واعيي
صرخه مدوية خرجت من فم حوريه وهي تلطم علي وجهها اهتزت لها جدران قلبه بألم حاد كانت تصرخ بجنون وبكاء عالي تكسر في كل شئ أمامها ولم تقدر علي التحمل الآن و انهارت باكية بعنف:-
_يا نهار اسود يا نهار اسود لااا مستحيل انا اكيد في كابوس بشع وهصحى دلوقتي و اللي بيحصل حواليا ده مش حقيقي، ايوه مش حقيقي و انا مش لازم اصدق ده اكيد حلم و هفوق لازم افوق اللي بيحصل ده مش حقيقي
نظر قاسم بوجهه وقد تملك الحزن والاسي مقلتيه، حاول قاسم استجماع قوته الواهية واقترب منها قائلا بصوت مرتجف:-
_حوريه ابوس ايدك اهدي ما تعملش في نفسك كده واسمعيني الاول
تمتمت حورية ببكاء عنيف ونحيب:-
_اسمع ايه وزفت ايه؟ هو انت مفكر عملتك السوداء دي ليها عذر عندي حرام عليك انا لحد دلوقتي مش قادر اصدق، لما طنط ناريمان جاءت لي بالورقه ما صدقتهاش وكذبتها ولما عملت التحاليل بنفسي برده ما صدقتش وكذبتها وانت بتقول لي دلوقتي وبرده مش قادره اصدق، ليييه بـس يـا قـاسـم ليييه حـرررام علـيـك انـا عــمـلتـلـك ايــه عــشــان تــعــمــل فـيــا كــده
رفعت عينها له وعبراتها تغزو صفحة وجهها بغزارة و تابعت حديثها بصوت مؤلم مكسوره :-
_انا كنت بموت قدامك في اليوم الف مره وكنت هموت نفسي فعلا وحاولت الانتحار بسبب الموضوع ده؟ و ابني إللي حته مني كرهته اكثر من شهرين وانا مش طايقه المسة ولا ابص في وشي عشان ما يفكرنيش باللي ابوه عمله، واطلع في الاخر انا اصلا متجوزاه وحامل منه ثاني؟ انا كان عندي استعداد اكدب العالم كله لو قال لي كده عشان عمري ما كنت اتوقع حاجه زي كده انت يا قاسم انت في الاخر تطلع اللي اغتصبتني ودمرت حياتي خلتني اعيش في كوابيس ما لهاش اخر ومشاكل ما بتنتهيش من تحت راسك انت
ثم صرخت حورية بألم وقهر :-
_طب ازاي عرفت تخدعني المدة دي كلها؟ انا ازاي اصلا ما شكتش فيك ولا لحظه واحده ازاي جاء لك قلب تعمل فيا كده، و انا اللي فاكراك عامل فيا جميل وكل يوم بادعي ربنا يخليك لي ولي اولادي واعرف ارد لك جزء من اللي انت بتعمله فيه طول الوقت، اتاريك مش بتعمل كل ده من فراغ لاااا عشان تضمن مستقبل ابنك الحقيقي اللي انا كنت مفكراه مكتوب باسمك على الورق وبس؟ يا ترى كمان كنت بتمثل عليا الحب من ضمن خططك عشان اصدقك وامنلك ،حاسه ان هيجرى لي حاجه من الصدمه انا هتجنن خلاص آآآآه يـــا قــلــبــي آآآآه
ظلت تبكي وتصرخ بهستيريه حتي ان لم تقوي علي الوقوف و سقطت علي الارض بقوة لتضم ركبتيها الي صدرها تغرس رأسها بداخلهما وهي تبكي بألم تحاول تجنب عقلها عن فكرة أن كل ذلك يحدث معها وهي تعيش مع مغتصبها وسمحت له اني يلمسها وحملت بطفل ثاني منه وهي لم تعلم من البدايه من يكون هو؟ يا الله كيف تتحمل خساره مثل هكذا! كيف ان تنصدم بكل هذه المده في نصفها الآخر بكل سهولة، كيف لـ القلب تحمل مثل هذه الصدمات في اعز رفيق لها بعد أن وجدت فيه الامان والعشق التي تبحث عنه طول حياتها، كيف تتحمل ان دفئ أحضانه كانت سابقا اصبحت الان كالاشواك تنغرس فيها، بعد ان كان دائمًا الملجأ لها في ضعفها وحزنها كان هو السبب في هذا الالام من البدايه.
كان صوت شهقاتها ترتفع ولم تتوقف ولا ثانيه واحده وهو يقف بجوارها يشفق علي حالها حتي سقطت دمعه من عينه بحزن شديد عليها،ابتلع قاسم ريقه بصعوبة شديدة وهو يقترب منها يقول بنبرة هادئة بعض الشئ:-
_يا حوريه ابوس ايديك ما تحكميش عليا من غير ما تسمعيني انا عارف كل ده والله وكنتي صعبانة عليا وكنت بعمل كده من عذاب الضمير والله العظيم كنت بتعذب زيك واكثر
رفعت رأسها له وهي تفترش الأرض وليتها لم تفعل فعيناها أصبحت مثل قطرات الدماء لم يكن بها ذرة من اللون الابيض ووجهها باهت شاحب فاقد لملاذ الحياة، اشتعل الغضب في مقلتيها و نهضت واقفه تصيح بقسوة شديدة وعنفوان و بصوت ضعيف من كثر الصراخ:-
_تتعذب! تعرف إيه أنت أصلا عن العذاب اللي على حق عشان تقول لي بتعذب وبتوجع جربت حقك يضيع و تتكسر في اليوم الف مره وتفقد الثقه في كل اللي حواليك ما عدا انسان واحد بس وتامن وترجع تثق فيه وتحط كل امانك وسندك عليه وفي الاخر يطلع هو اكثر واحد بياذيك اصلا؟ انت حقر واحد شفته في حياتي انا اللي حصل لي كله كوم والصدمه اللي انا اتصدمتها فيك دي كوم تاني، انا في اللحظه دي كره الدنيا كله اتجمع فيا واتحط مكان حبك في قلبي.. بقيت بكرررهك يا قاسم سامعني بكرررهك
ظل قاسم يقف وعيناه التمعت بالدموع حزنًا علي زوجته و حبيته و رفيقه قلبة وهي تتألم بسببه بانهيار عصبي هكذا بينما هو كان يقف أمامها كـ جسد بدون روح وهو يستمع إلى كل كلمه و حرف تقوله مزق دواخلة بعنف وقسوة شديدة و ندم، تمني أن يعود الزمن إلي وراء ولم يفعل ذلك معها ولا يوجعها بذلك الطريقه القاسيه لكن هو حقا لم يقصد هذا من الأساس لكن أيضا ليس هذا دافع لما فعله تجاهها، شعر قاسم بالعجز و قله حليته وهو يراها تنهار أمام وغير قادر على حمايتها وهو من المها من الأساس.
**
بداخل القصر في الأسفل فتح جمال الباب بالمفتاح ليدلف الي الداخل وخلف منه زوجته بدريه التي كانت تبتسم بسعادة غامرة ظاهره علي وجهها ،اغلق الباب و ابتسم جمال بهدوء و هو يقول باهتمام:-
_عجبك المكان يا حبيبتي اللي خرجتك فيه وانبسطتي
هزت رأسها بسعادة كبيرة وهي تقول بخفوت:- .
_جدا يا جمال المكان كان تحفه فعلا و انا كنت محتاجه اخرج، ذوقك طلع حلو حتي في المطاعم
ربت جمال علي كتفها و هو يقول بابتسامه واسعة :-
_ولسه يا حبيبتي هنلف العالم كله مع بعض ومش هحرمك من حاجه ابدا، بس المره الجايه ان شاء الله هناخذ ساجد معنا ونقول له قبلها قبل ما ينام ويعملها فينا زي النهارده
ضمت بدريه نفسها إلي أحضان زوجها براحه كبيرة وامتنان وابتسمت بسعادة قائله متنهدا:-
_ربنا يخليك لي يا جمال ما يحرمنيش منك ولا..
لكنها قاطعت جملتها عندما رأت حورية تركض علي الدرج بخطوات سريعة بينما قاسم خلفها وهو يهتف باسمها عدد مرات أن تتوقف لكنها لم تهتم له، وصلت إلى الأسفل أمامهم وظلت حورية مركزة نظراتها فوق جمال الذى كان يقف امامها محاولة فهم ماذا يحدث و عدم الالتفاف نحو قاسم تكمل الصراخ عليه لما فعله بها.
اقتربت منها بدريه بسرعه وهي تلاحظ دموعها و شحوب وجهها لتقول بقلق شديد :-
_مالك يا حوريه انتي عامله كده ليه يا بنتي في ايه يا حبيبتي؟ ابنك كويس
لم تنظر باتجاهها ولم ترد عليها بينما جمال قد فهم ما حدث عندما أستمع الي حديثها وهي تتحدث بسخرية مريرة و بأعين تطلق شرارت:-
_انت كنت عارف أنت كمان صح ما اكيد انا الوحده اللي طلعت مغفله في الحكايه كلها، ما هو صاحبك اللي على طول اسراركم مع بعض وما يقدرش يخبي عليك حاجه انما انا ما طلعتش بنتك زي ما انت قلتلي
صمت جمال ولم يجيب عليها بل أخفض رأسه يتنهد بينما عقدت بدريه حاجبيها بدهشة ثم نظرت إلي حورية متسائلة بقلق:-
_في ايه يا بنتي ما تفهمينا مالك وبتتكلمي عن ايه؟ طب رد أنت يا قاسم؟ ما حد يفهمني في ايه مالكم
شعرت حورية بالم يكاد يحطم روحها الي شظايا فور صمت جمال ولم يستطيع الرد عليها لتتأكد بأنه بالفعل يعرف كل شيء فهي كانت تعتبر إياه في مقام والدها لكن الصدمات في هذا اليوم صعبه للغايه عليها، لتقول حورية مرددة من بين أسنانها بقسوة وقد التمعت عينيها بشراسة وهي تصيح بغضب وصوت عالي:-
_ما تفهمها انت يا استاذ جمال ولا اقول لها انا؟ ما هو للاسف ما طلعتش انا مخدوعه لوحدي في الحكايه هي كمان اتخدعت فيكي زي ما انا اتخدعت فيكم انتم الاثنين؟
أقترب قاسم متجاهل صراخها و نظرات الجميع و متجه نحو حوريه برأس منخفض و جسد مرتجف امامها ممسك بيدها برجاء:-
_حوريه عشان خاطري تعالي نطلع فوق ونحل مشاكلنا مع بعض وانا هشرحلك كل حاجه وهجاوبك على كل اسئلتك تعالي معايا يا حبيبتي
شعر بجسده يتجمد فور سماعه كلماتها تلك ابتعدت عنه وهى نفضت حورية يده مبعده اياه عنها تتمتم بحده:-
_ابعد عني و اوعى تفكر في مره تلمسني ثاني فاهم وبعدين هو انت لسه بتقول حبيبتك ما خلاص كل الحكايه بانت وعرفت اللي فيها وكشفتك على حقيقتك يا زباله يا واطي
اتسعت بدريه عيناها بصدمه وهي تتحدث بصوت حازم بشده:-
_حوريه عيب كده تكلمي جوزك بالطريقه دي قدامنا ولا بينك وبينة حتي، مهما حصل واعتذري له دلوقتي حالا
دق قاسم قلبه بعنف و هو يستمع الي ما تقوله حورية يشعر أن حلقه قد جف ابتلع ريقه بصعوبة و هو ينظر إلي زوجته قائلا بصوت مضطرب ضعيف :-
_خلاص يا طنط انا مش زعلان منها عاوزها بس تيجي معايا فوق ونتكلم ونحل مشاكلنا مع بعض لوحدنا
اخذت حورية تنتحب بشدة وهى تنظر الى قاسم باشمئزاز صائحه:-
_قلت لك ابعد عني ما تلمسنيش ومشاكل ايه تنحل هو انت فاكر اللي عرفته هيتحل بسهوله كده ولا في حل؟ الحل الوحيد إني اللي زيك احقر بني ادم انا عرفته في حياتي ومش هسكت عن حقي وهاخذه منك يا قاسم
ظلت حورية تنظر إلى الجميع صامتة لا تدرى ما يجب عليها قوله ولا فعله من كثرة الصدمات في الجميع اليوم شاعرة بقلبها يقصف كالاعصار بداخلها لكنها افاقت من جمودها عندما تحركت تركض مغادرة المكان ألي الاعلي نحو غرفه طفلها !هتف قاسم باسمها وهو يركض خلفها محاوله اللحاق بها ثم نظرت بدريه إلي جمال بنفاذ صبر قائلة بجدية و إصرار:-
_لا بقى انا لازم افهم هو في ايه ما حد يفهمني
تمتم جمال بارتباك مبتلعاً الغصه التى تشكلت بحلقه بصعوبه فقد كان يحاول تجنب ذكر هذه المواجهة أمامه زوجته لكنها قد حديث مع الاسف:-
_اهدي يا بدريه وتعالي معايا وانا هفهمك كل حاجه.
**
بداخل مكتب المحامي كان يجلس أمام المكتب بينما يجلسون أمامه ميسون و حازم فهم كل يوم هنا علي ذلك الحاله يحاولون ايجاد حل او مخرج حتي يخرج عتمان من ذلك القضيه التي لم يرتكبها و مزال يسجن بداخل الحبس المؤقت مع تجدد حبس المتهم وهو بريء، نظر المحامي لهم ثم هتف بجدية:-
_للاسف الادله كلها ضد جدك استاذ عتمان عشان كده النيابه رفضت تطلعه بكفاله انا اسف في اللي هقوله بس القضيه فعلا صعبه
عقد حازم حاجبيه بغضب شديد و هو يقول من بين أسنانه :-
_جرى ايه حضره المتر حضرتك بطمنا كده ولا بترعبنا اكثر من الموضوع
لتزمجر ميسون غاضة و هي تقول بآخر ذرة من الهدوء تستحوذ عليها من بين دموعها بمرارة التي لم تجف منذ القبض علي والدها وهو مظلوم داخل الحبس و تمر عليه اسوء ايام حياته:-
_وبعدين يعني ايه ما فيش حل بابا هيفضل طول حياته في السجن ويقضي الايام اللي فضله لي بالشكل ده؟ ده هيروح فيها صدقني هو مش مستحمل الايام اللي فاتت وهو في السجن احنا لما رحنا نزوره، حالته كانت صعبه قوي ده كان عامل زي العيال الصغيره شبطان فينا ومش عاوز يسيبنا، وكان هيوطى يبوس ايدينا عشان نحلف لي ان احنا مش هنسيبه وهنفضل معاه لحد ما يطلع من المحنه دي
هز المحامي رأسه بأسف وهو يقول بهدوء:-
_انا اسف حضرتك بس انا مش بخوفك زي ما انتم فاكرين انا بحاول اوضح لكم الامور عشان تعرفوا تتصرفوا ازاي ومع ذلك اديني بحاول رغم موقفه الضعيف
أغمض حازم عينه بغضب مكتوم وهو يتذكر ضعف و تعب جده عتمان الشديد فـ كلما مره عليه ساعات وهو وسط المتهمين تسوا حالته وعندما يذهب إليه و يراه هكذا يشفق عليه بشده فهو لاول مره يراه بتلك الحالة ضعيف و يشعر بقله حيلة، تنهد حازم تنهيدة طويلة و هو يقول بحزن:-
_ماما بتتكلم صح جدة مش هيستحمل انا خايف قوي عليه حاسس هيجرى له حاجه بالطريقه دي ممكن يروح فيها فعلا لازم نشوف حل؟ حالته كل يوم بتسوا مش قادر يصدق لحد دلوقتي اللي حصل.. لازم يكون في حل ويطلع باسرع وقت
**
أخذ جمال زوجته بصعوبة بالغة الي الغرفه حتي يشرح لها و يبعدها عنهم الان في الوقت الحالي، بينما ركضت حوريه الي غرفه طفلها و اغلقت الباب بإحكام عليها حتي لا يأتي خلفها قاسم وظل يطرق الباب بقوة و يصيح باسمها بخوف شديد أن تفعل شئ في نفسها وهي بذلك الحالي لكن لم ترد رغم أن كان يستمع إلي صوت بكائها بعنف! حتي تحرك بخطوات ثقيله و بتعب وإرهاق واضح عليه داخل غرفته بقله حيله و جلس أعلي الفراش يخفض
رأسه بضعف ليضع رأسه بين يده و هو يتذكر ملامحها و كلماتها وصوتها القاسي وهي تصيح بقسوة بأنها أصبحت تكره ولا تطيق النظر إليه اغمض عينيه بألم حاد يعتصر قلبه و جسده دون رحمه.
مرت ساعات وهو علي ذلك الحال حتي أستمع الي صوت الباب يفتح اعتقد ان جمال لذلك ظل يستند أعلي الفراش وهو يغمض عينه ،اغلقت باب الغرفة بهدوء و تطلعت الي قاسم و ابتسمت بجانب شفتيها بسخرية مريرة و الدموع تسيل منها بغزارة و جسدها يرتجف و هي تقترب منه حتي وقفت أمامه بصمت
رفع رأسه ببطء شديد لها لكن اتسعت عينا قاسم بذهول وقلق عندما وجد حورية أمامه كان يبدو عليها التعب الشديد و شعرها مبعثر و عينها متورمه و حمراء مثل الدخان كانت حالتها مذريه ولم يراها بهذا الشكل و الياس رغم جميع المشاكل والصعوبات التي واجهتها لكن لم تكن بهذا الانهيار ابدا قبل سابق ليعرف قاسم بأن الألم والخزه هذه المرة ليس يستهان بة مطلقاً بالإضافة إلى معالم الحزن و خبيه الامل الظاهرة عليها وهي تقول:-
_ليك نفسي تنام وترتاح عادي كده بعد كل اللي عملته فيا ده انا قاعده جوه لوحدي مع ابني هتجنن ومش حاسه بنفسي و ١٠٠ فكره عماله تيجي في دماغي و تروح لدرجه ان انا فكرت اقتل اسامه عشان احرق قلبك انت كمان عليه
نهض هو سريعاً وتنفس قاسم بعمق محاولاً تهدئت نفسه ممتماً بهدوء:-
_حوريه انا مش نايم ولا عارف ارتاح طول ما انتي كده في الحاله دي و زعلانه مني ومش راضيه تسمعيني وابني اللي كنتي بتفكري تقتليه ده هو ابنك انتي كمان على فكره
هزت راسها بألم شديد وهى تنظر اليه بعينين متحجرة بالدموع قائله بيأس شديد:-
_مع الأسف فعلا ابني أنا كمان
شحب وجه قاسم فور سماعه كلماتها تلك شاعراً بالوجع يتأكله من الداخل بينما ضعف غريب يستولي عليه ليقول :-
_مع الاسف مع انك كنتي زمان بتتمنيها ونفسك اسامه يبقى ابني أنا
بدأت دموعها تغرق وجهها بغزارة وقد أغرقت الدموع وجهها بأسي :-
_مكنتش بتمناها بالطريقه دي ولو هو ده اللي فهمته ساعتها يبقى ما تعرفنيش! هو انت مين بجد انا معرفتكش انت واحد غير اللي انا حبيته وعرفته خالص، انا كنت فاكره نفسي محاطه بشياطين حواليا وعاوزين يؤذوني طول الوقت اتاريني كنت معاشره وعايشه مع الشيطان نفسه وانا معرفش؟
ثم تحول صوتها بارد غامض عندما رفعت يدها التي كانت خلف ظهرها منذ دخولها ليظهر المسدس الخاص به هو الذي أخذته من مكتبه فهي سبق و رأته قبل سابق، ثم رفعت السلاح بوجهه و عينيها تشع باشمئزاز و نفور إليه :-
_تعرف ايه اول حاجه كنت بتمناها لما اعرف في يوم مين اللي اغتصبني وكنت كل يوم بقوي نفسي عن الفكره دي وافضل احطها في دماغي ان لازم انفذها ..هي اني لازم اموت إللي عمل فيا كده زي ما خليني عايشه بدون روح و موتني وأنا علي قيد الحياة وما يستهلش يعيش وهو ده اللي يستاهل ادخل السجن وانا ضميري مرتاح عشانه
اتسعت عينا قاسم بذهول وقلق وهو يقول بلهفة شديد:-
_حوريه انتي هتعملي ايه بس نزلي المسدس
عشان خاطري
وقفت تنظر اليه وعينيها تنبثق منها خيبة الامل قائلة بصوت يتخلله اليأس و الغضب وهي ترفع المسدس بوجه:-
_ايه خايف بس لازم تخاف عشان انت انسان حقير وجبان ايوه جبان و لو كنت عندك عذر واحد بس و مش جبان كنت جيت و واجهتني بكل حاجه بدل ما انت قليت في نظري قوي دلوقتي وشايفك حاجه ملهاش قيمه
همس قاسم بضعف و قد امتلئت عينيه بالدموع محاوله استعطافها لأجلها هي فقط! وهو يقول بصدق:-
_انا مش خايف عن نفسي انا خايف عليكي انا بالنسبه لي في اللحظه دي بالذات بتمناها فعلا اموت وارتاح وانا شايفك كده بتتعذبي بسببي بس بلاش تودي نفسك في داهيه عشاني مش انا ما استاهلش زي ما انتي بتقولي يبقى بلاش تعمليها فكري في اولادك يا حوريه حتي، بلاش انا طالما بقيتي بتكرهيني قوي كده
هتفت بصوت مرتجف بينما شاعره بقبضه حادة تعتصر قلبها :-
_بس اللي زيك لازم يموت وما ينفعش يعيش عشان ما ياذينيش تاني ولا يؤذي اولادي ولا ياذي حد غيري ما لوش ذنب، هو انا صحيح اول ضحيه ليك ولا كان في ضحايا قبليه
اهتز جسده بعنف كمن ضربته الصاعقة فور سماعه كلماتها تلك لهذه الدرجة أصبحت تتخيلة و من الممكن أن يكون بهذه القذرة اصبحت قدميه كالهلام غير قادرتان على حمله و شاعراً بالم يكاد يحطم روحه الي شظايا، وقد استفسرت صمته بأبشع طريقه لتهمس بصوت ضعيف منكسر شاعرة بالم حاد داخل قلبها يكاد يهزق روحها :-
_ياااه هو السؤال صعب للدرجه دي مش بقول لك إني الظاهر أن انا كنت عايشه مع واحد ثاني ما اعرفوش غير الصوره اللي انا كنت رسمها له وللاسف حبيته! بس لازم من النهارده ادوس على قلبي حتى لو هتوصل ان انا اموتك عشان اثبت لي نفسي انك ما تستاهلش وهتهون عليا زي ما انا هنت عليك وقدرت تعمل فيا كده
و بالاخير ما كانت أن تضع السلاح علي عرق النبض برقبته وهي تنظر داخل عيناه بتوتر و داخلها تشعر بشئ حاد يغرس قلبها وهي لا تصدق ما أوصلها إليه بعد كل العشق الذي كان بينهما تريد الان قتله وقد تحول الحب الي رماد! اغمضت عينيها بقوه وضعف حتي لا تتراجع وهي تري نظرات الرجاء و العشق بهم!
ظلت تضغط على نفسها بأخر ذرة لديها من التماسك حتي تضغط و تفعلها و لم تشعر بنفسها الا و هي تضغط على السلاح و انطلقت منه رصاصه قويه لا تعرف أين ذهبت بجسده لكنها أحست بأن الرصاصة قد اخترقت جسدها هي بدل منه؟.
اتسعت عينه بألم لينظر الي ذلك التي فتحت عينيها ببطئ و ذعر و جسدها تشعر به يتخدر وهي تراه أمامها و هو يلتقط أنفاسه بصعوبة شديدة نظرت إليه لتجد وجهه و حبات العرق تتجمع علي كامل وجهه و همس بعدم تصديق:-
_حـوريـه..!
__________________________________
الفصل الرابع والعشرين
___________________________________
بداخل غرفه جمال اخذت بدريه تتردد كلمات زوجها داخل عقلها الذي قالها لها قبل لحظات فقط بداخلها وبينما تسود مظاهر الحزن ارجاء وجهها بعدم تصديق جلست بدرية تتوسط اريكة رثة المظهر وعينيها متسعة بصدمة كبيرة تنهمر منهم الدموع بغزارة لاتستطيع تصديق ماحدث و ما قوله جمال حتى الان وان الحاله التي رأت ابنتها حوريه قبل قليل بها وهي تصرخ بحدة علي زوجها قاسم لأنها قد عرفت أنه هو من اغتصابها و والد اسامه الحقيقه! هزت رأسها عدد مرات لا تستوعب تلك الكارثة التي سقطت فوق راسها، افاقت من شرودها على يد تربت عليها بحنان التفتت الى جمال الذي أبتسم بتوتر والذي حاول التهوين عليها قائلا متردد:-
_بدريه انتي ساكته ليه يا حبيبتي أنتي كويسه؟ بلاش تسكتي اتكلمي
صمتت بدريه تتسع عينيها بذهول لاتدرى ماذا تقول لتهمس بصدمه:-
_عيد اللي انت قلته كده تاني عشان شكلي سمعت غلط، هو اللي انا سمعته منك ده صح؟ وقاسم هو اللي اغتصب حوريه بنتي طب ازاي؟ هو كان بيضحك عليها بقى طول المده دي كلها ولا ايه
اعتدل جمال فى جلسته يعقد حاجبيه باهتمام وحزم:-
_هو ده بس اللي ركزتي فيه يا بدريه ما ينفعش تسمعي جزء واحد من القصه وتسدي ودانك عن الباقي، صدقيني قاسم ضحيه زي حوريه بالضبط وكان ضحيه بنت طيشه ومش محترمه لمجرد انه عجبها حابه تعمل معاه علاقه من غير جواز حتى لو بالغصب عنه، وبعدين خلي بالك قاسم كان فاهم نواياها و رفض عشان كده هي لجات للطريقه الرخيصه دي عشان هو مش كده
اخذت بدريه تشهق فى البكاء دون ان تنطق ثم صمتت لثوانى تحاول ان توازن كلماتها القادمة قائلة بغضب شديد:-
_بس بنتي دفعت قصاد الغلطه دي كثير قوي من حياتها ولسه بتدفع يا جمال عشان كده ما اقدرش اسامح واعدي اللي انا سمعته واللي عمله في بنتي كده عادي، حرام علية ازاي قدر يخدعنا كلنا ويوجعها بالطريقه دي، من تحت راس عملت البيه السوده بنتي اتشك في شرفها ولحد دلوقت مش مصدقين وفاكرين انها كانت على علاقه بواحد تاني وهي على ذمه جوزها ،اتهانت من الكل حتى اهلها واتهموه ابشع التهم وتقولي لازم تسمعي باقي القصه
لتضيق نظراته فوقها ينظر إليها بحدة تتقابل نظراتهم لبضع ثوانى قبل أن يتحدث بجدية:-
_انا مش بقول لك كده عشان اديلك اعذار لـ اللي عملة قاسم انا ربنا واحد اللي عالم حوريه بالنسبه لي زي بنتي وغاليه عليا وزعلان على الاثنين، بس والله العظيم قاسم ندمان اشد الندم على اللي عمله وكان بيفضل ليل و نهار ضميره بيعذبه و مش مستحمل مجرد فكره انه وجع حوريه بالشكل ده
أردفت بدريه بصوت ضعيف متحشرج من اثر البكاء:-
_انا مش قادر اصدق انا شكلي اتخدعت فيه زي بنتي ده انا كنت بعتبره زي ابني واكثر يقوم ياذي حوريه بالشكل ده ويطلع كل ده في الاخر هو اللي اغتصبها ،انا اخر واحد كنت ممكن اشك فيه هو
هز رأسه بضيق شديد ليسرع هاتف وقال بلين:-
_عارفه ليه كان اخر واحد ممكن تشكي في يا بدريه عشان قاسم طيب فعلا ومش وحش بالطريقه اللي انتي متخيلاها ومش بدافع عنه زي ما انتي فاكره بس انا اللي مربيه وعارف كويس مستحيل في يوم كنت اتخيل ان ممكن يعمل عامله زي دي
لتصاعد بقوة تتنفس بعنف وخشونة مرددة بوجه خالى من التعبير هاتفه بسخرية لاذعة قائله:-
_لا ونعمه التربيه بصراحه يا استاذ جمال هي دي الوصيه والعهد اللي اخذته على نفسك انك هتحمي اولادي وانت عارف مين اللي اذي حوريه وساكت كل ده! انا شكلي مش اتخدعت في قاسم وبس لا انا اتخدعت فيك انت كمان للاسف يا جمال واتسرعت في الجوازه دي ولاول مره احسبها غلط واندم على اختياري
اتسعت عينا جمال بدهشة ثم نظر إليها بحده وقال:-
_ايه اللي انتي بتقوليه ده يا بدريه بتقوليها في وشي كده اتسرعت في الجواز مني و ندمانه كمان، تمام يا بدريه انا مش هحسبك على كلامك دلوقتي عشان مقدر اللي انتي فيه لكن لينا كلام ثاني بعدين
نظرت اليه تلتمع عينيها بغل وكراهية تخرج كلماتها من بين شفتيها كالفحيح:-
_ولا بعدين ولا قبلين الا اولادي يا جمال مهما كان مين وحبي لي؟ ولا حتى بحترمه عشان سنه زي عتمان مش هسمح لاحد مهما كان مين يدوس على طرف لاولادي.
وقبل أن يتحدث انتفضوا الاثنين بخوف وقلق شديد علي صوت طلق ناري يأتي من غرفة قاسم! تحركت بدريه دون تفكير بخطوات سريعة بذعر الي الخارج حتي تراه ما حدث وخلفها جمال الذي لم يقل عنها شعور وهو يتخيل ابشع التخيلات.
**
دلفت ناريمان إلي القصر وهي تسير بخطوات سعيده بفرحه شديده وعلي وجهها ابتسامه واسعه كلما تذكر ملامح حورية التعيسة و اخيرا أفسدت فرحتها واقلبت حياتها راسا على عقبا و انتقامت إلي ابنها جاد و جلبت له حقة، اغلقت الباب بإحكام خلفها لتجد ابنها جواد أمامها يهز رأسه بنفي وهو يقول بعدم رضي:-
_اتمنى يكون وراء الابتسامه دي خير وما فيش مشاكل جايه من تحت راس اللي بتعمليه ذي المرات اللي فاتت
تحركت نحوه الداخل وهي تبتسم بسعادة غامرة تهتف بانتصار:-
_حوريه استلمت التحاليل النهارده وفتحتها قدام عيني وطلع كلامي صح و الطفل اللي كانت حامل فيه وهي على ذمه اخوك يبقى ابو قاسم، عشان تعرف بس ان امك مش بتقول اي كلام وخلاص.. بس مش هو ده اللي مفرحني انا كده او كده كنت متاكده من التحاليل من اول مره عملتها ،اللي مفرحني ان حوريه طلعت ما تعرفش ان قاسم هو اللي اغتصبها كل ده وأنه ابو الطفل وانهارت قدامي جامد من الصدمه وما قدرتش تستحمل وهو ده اللي بسيتني، اظن مفيش احسن من كده انتقام عرفتها حقيقه البيه إللي كانت بتتحمى فيه
عقد حاجبيه بدهشة و هو يقول بهدوء :-
_معنى كده ان كلامها كان صح لما كانت بتقول انها اغتصبت ليله الفرح؟ واللي حصل ما كانش برضاها وانها فعلا ما تعرفش مين ابو الطفل كل ده
اقتربت منه و هي تنظر إليه بأعين تطلق شرارات غاضبة و هي تصك علي أسنانها بشراسة:-
_ايوه طلع صح ايه هدافع عنها ثاني قدامي ما تنساش انها قتلت اخوك وحرامتنا منه
لينطق جواد بنبرة حادة و هو يجول بعينه علي كامل وجهها بغضب:-
_انا ولا هدافع ولا هتكلم انا في مصيبه اكبر دلوقتي وانتي ولا على بالك وكل اللي همك تعرفي حوريه الطفل اللي كان في بطنها ابو مين وسيبانه انا وبابا في مشاكل ملهاش حل، مش مبسوطه انا هبسطك اكثر لما تعرفي ان البنك خلاص على اخر الاسبوع اللي جاي هيحجز على الفيلا والشركه لان ما وصلناش لحل معاهم ولا عارفين نسدد اي مبلغ
هزت راسها ناريمان بعدم اهتمام بضيق و هي تقول بصوت مرتفع و عصبية شديدة:-
_وانا مالي مش ابوك اللي عمل فيها ناصح وراح ياخذ قرض كبير احنا مش قده ويرهينه بالقصر والفيلا غبي طول عمره ومتهور في تصرفاته و ما بيفكرش قبل ما ياخذ قرارات صعبه زي دي
تنهد جواد بإحباط شديد وقال بقلق و يأس:-
_ماما مش وقته الكلام ده خلاص اللي حصل حصل و بابا اخد القرض تقدري تقولي هنعمل ايه دلوقتي لما نلاقي نفسنا في الشارع
جلست على الأريكة ببرود تام وهي تلعب بخصلات شعرها بيدها باستمتع وسعادة بانتصارها على حوريه لتقول باختصار:-
_اتكلم على ابوك واحسن خليه يتربى عشان انا حذرته من اللي بيعمله وقال لي ما لكيش دعوه انتي انا عارف انا بعمل ايه؟ ونبقى نروح انا وانت مزرعه جدك و خليه هو مع قراراته العظيمه يشرب بقى.
**
عندما وجد قاسم حوريه ترفع السلاح بوجه وتريد قتله ظل واقف مكانه ولم يتحرك انش واحد حتي أطلقت حورية الرصاصه بالفعل و انطلقت تجاه رقبته شعر بألم شديد و سالت الدماء بغزارة من رقبته و اتسعت مقلتيه بعدم تصديق بألم أنها فعلتها بالفعل و حاولت قتلة بينما هي فتحت عينيها ببطئ وذعر شهقت حوريه بعنف عندما رأت الدماء وقد انتبهت اخيرا هنا فقط إلي فعلتها المتهوره وجاءت فكره واحده داخل عقلها وهي أنها قتلت زوجها لي المره الثانيه علي التوالي لكن كانت هذه المرة عند قصد!
سقط منها السلاح بالأرض وهي ظلت تصرخ بقوة بهستريه حتى تقطعت أحبالها الصوتيه وهى تضع يدها فوق راسها بعدم استيعاب وداخلها يتمزق قلبها وسقطت بالأرض تنهار بـ انهيار عصبى حاد وحالتها مخيفه لكنه
إبتلع الآخر ريقه بخوف واقترب منها بلهفة وهو يضغط فوق رقبته يكتم الدماء قائلاً بسرعه:-
_اهدي يا حوريه ما حصلش حاجه والرصاص فشنك مش حقيقي وانا اللي مبدله بيدي من مده عشان ما تهورش في لحظه غضب واضرب حد بيه
ورغم إرتياحها بأنه مزال قاسم بصحه جيده أمامها لكنها تألمت لحالها ولحال الذي أوصلها إليه لتظل تشهق ببكاء بعنف شديد وهي تهز رأسها يأسا وفي تلك اللحظة انفتح الباب و دلفت منه بدريه و خلفها زوجها وهي تتساءل بلهفة شديد وقلق:-
_في ايه، إيه ضرب النار ده يا نهار ابيض ده انت متصوب مين اللي عمل فيك كده
أخذ قاسم بسرعه المسدس من الأرض بتوتر بينما عقد جمال حاجبيه بدهشة وهي يراه حورية بالارض تبكي و تجهش بدون توقف متسائلا بشك:-
_قاسم انت كويس المسدس ده ازاي وصل هنا ومين اللي عمل فيك كده وضربك، انتم كنتم بتتخانقوا ثاني وحورية هي اللي
ذهبت بدريه بخوف شديد الي ابنتها تطمئن عليها و تنحنح قاسم منهيا جو التوتر الذى شاع نظراتهم الي بعض قائلا:-
_ما فيش حاجه انا كويس كنت بس بنظف المسدس و الطلقه طلعت غصبا عني في رقبتي وحوريه كانت بتاخذ حاجه من هنا وماشيه علي طول وما لهاش دعوه انا اللي ضربت نفسي بالغلط، وبعدين الرصاص مش حقيقي اصلا
توقفت حوريه عن البكاء وبدأت شهقاتها تهدأ وهي ترفع عينيها ببطئ نحوه قاسم الذي كانت همسه الخافت المُحمل بعاطفة خاصة بها و اغمض عينه يحاول أن يطمنها، نهضت حورية إلي الخارج تركض وذهبت خلفها بدريه وهي لا تفهم شئ.
هز جمال رأسه بعدم تصديق وهو يقول بجدية:-
_قاسم انت كويس متاكد ان مش حوريه هي اللي ضربتك؟ هو انت مش عارف ازاي تستخدم السلاح ولا ايه و تضرب نفسك و إزاي اصلا المسدس ده طلع بره المكتب، انت عمرك ما كنت بتستخدمه و ما كانش بيطلع من تحت
غضب قاسم وهو يسأله عما حل قبل قليل بإصرار وشك بها لكنه لم يجيبه بشئ سوى أنه أمره بحده:-
_خلاص يا جمال هو تحقيق رصاصة طلعت بالغلط وخلصنا وقلت لك مش هي إللي ضربتني آآه وبعدين الرصاصه مش حقيقيه وانت عارف ان أنا اللي مبدله بيدي! انا بس كنت حاطه في البيت بحوش بي لو احتاجته في اي لحظة و الدم ده بس عشان كان المسدس قريبه أوي لما ضربت وشكلها الرصاصة ما دخلتش لجوه أنا كويس ما تقلقش
تنهد جمال وقد بدأ يفهم الأمر وهو يهتف بهدوء:-
_تعالي أسند عليا ونروح المستشفى على طول لازم حد ينظفلك الجرح انت بتنزف جامد لازم الجرح يتخيط
هز قاسم رأسه بضيق وهو يقول بصوت متعب:-
_لا لا اطلب الدكتور هنا احسن وانا هستحمل وهات حاجه اربط بيها الجرحه عقبال ما يجي
فتحت حوريه باب الغرفه حينها لم تتحمل فسقطت ارضًا وهي تنفجر في بكاء عنيف نشيج كان أقوى من قدرتها على التحمل ربما كانت اسبابها جدار يسندها ولكن تلك الحقيقة دمرت ذلك الجدار تمامًا وهي انها كانت سوف تصبح قاتله وتنهي علي حياه قاسم لولا ان الرصاص لم يكن حقيقي ولم يخترق جسده بي نيران الرماد
كانت شهقاتها تزداد و أن روحها تحترق لأحتراقها، و أن كل صرخة الم تخرج منه تنغرز كالأشواك بروحها التي ارتبطت بها دون شعور منها ،بينما ركضت نحوها بدريه التي أدمعت عيناها بحزن شديد علي طفلتها التي لا تعرف للراحه طريق ابدا هاتفه بنبرة حنونه:-
_حوريه انتي كويسه ردي عليا يا بنتي ما تقلقنيش عليكي
رفعت رأسها وهي تصرخ وكأنها تناجي ربها باحتراق روحها لعلها ترتاح وهي تهتف بهستريه بصوت مذبذب متوجع:-
_انا مش كويسه خالص كنت هقتله يا ماما كنت هقتله انا مش عارفه ازاي عملت كده وعقلي كان فين كان هيموت بسببي
اتسعت حدقتـا بدريه بعدم تصديق بصدمه وهي تدمع بحزن شديد علي حالها ولم يكن لديها سوي احتضانها بقوه حتى تشعرها بالامان حتى لو مجرد مده وسوف تنتهي بعدها وتحل محلها نيران جراح روحها من جديد، احتضنها بدريه بحنان بحت تشعرها أن قلبها هو من يحتضنها وليس جسدها و كان بكاءها شيء يجعل كيانها ترتجف بعنف بدأت تربت على خصلاتها بحنان
بينما هي متألمة تشعر شعور مُحطم شعور كاسر خاصةً و مريرة كـ شعور خسارة وطنها واصبحت دون ماوى ولا ملجا؟ وفقط تستقر الألم ببواطن روحها.
لينتهى أخيرا هذا اليوم الملئ بالأحداث بسقوط أبطاله فى نوم عميق هربا من واقعهم المؤلم.
**
في اليوم التالي كانت حورية لازالت علي حالتها مدمر محطم و رفرف قلبها بـ تعاسه عندما وجدت أن أكثر رجل عشقته و وثقت به حطم قلبها و صدمها بما عرفته عنه ولم كانت تتوقعة في يوما إطلاقا و ظلت بعيد عنة تحاول استيعاب الصدمه حتي كاد قلبها أن يتوقف من صدمتها بـ قاسم، فهي تحاول طول الوقت أن تتملك نفسها تجاه و تجعلها راضية بجفاءه قبل وده و كره قبل حبه، عكس قبل ذلك كانت روحها معه لم تكن لترحل عنه و لو انطبقت السماء كما يقولون كانت لا ترى ذلك الذى أنهى علي حياتها بصمت وعدم مبالاة وجعلها تتمسك به وبحياتها معه حتى آخر لحظة جاعلة إياها حتى اﻵن ليس لديها القدرة على الانتهاء من حزم حقائبها والهرب منه فهى تكاد تجزم لو أنها تتحدث مع والدتها إليها لتجبر نفسها على الرحيل وتركه بعد ما عرفته عنه وكيف خدعها.
فهي من شدة غضبها من رقتها التى تجعل عاجزة شكلت لديها حريق صغير يلتهم داخلها و يجعلها تفقد صوابها و منطقها فلا تعلم ما تقولة أو تفعله الان؟ سوى أنها ترغب بالرحيل عنه و الابتعاد من حوله، تتشكل هذه الفكرة فى عقلها وقلبها منذ أن عملت حقيقة زوجها القاسي سوى فكرة واحدة وهي يجيب عليها كره و التزام قلبها بعدم فيض عشقا له، ظنا منها أن رحيلها سيخفف من غضبها.
زفرت حوريه بعصبية شديدة عندما استمعت إلى صوت طرقات علي باب الغرفة لتجيب وهى تصرخ بعنف:-
_قلت مش عاوزه حد يدخل لي ولا اشوف حد امشوا وسيبوني في حالي بقي
فتحت هاجر الباب بتردد وظلت مكانها وهي تحمل بين يدها صينيه بها الطعام لتقول مرددة:-
_ده انا هاجر يا مدام حوريه ممكن ادخل انا جايبه لحضرتك الاكل ما هو ما ينفعش كده لازم تاكلي حضرتك حامل ما تنسيش
وقد احمر وجه حورية بشده حتى خشيت هاجر إصابتها بأزمة قلبية حادة من كلماتها التي تخرجها بصعوبة من فمها من التعب و الإرهاق الذي أصبحت به واضح عليها:-
_امشي يا هاجر وسيبيني في حالي وخذي الاكل معاكي انا مش عاوزه حاجه من حد و قولي لي اللي بعتك يبعد عني ويسيبني في حالي عشان انا مش طايقه ولا طايقه اي حاجه من ريحته
تقدمت هاجر بخطوات بسيطة نحوها و هي
تبتسم بارتباك مرددة:-
_ومين قال لحضرتك بس ان الاكل ده من قاسم بيه انا اللي جايبهلك انا ملاحظه ان حضرتك ما اكلتيش حاجه من امبارح وكده غلط طب بلاش عشانك عشان خاطر اللي في بطنك ذنبه ايه
لترفع راسها تنظر إليها بغضب شديد تحاول تبتلاع لعابها اكثر من مرة لتفشل وهى تعدلت في جلستها أعلي الفراش تشع عينيها بغضب عنيف قائلة بجمود:-
_هاجر انا مش عيله صغيره خذي الاكل وامشي وانا هعرف كويس اهتم بابني ومش مستنيه حد يقول لي اعملي وما تعمليش ايه؟ و قولي له يريح نفسه وما يفكرش فيا وما يهتمش غير بنفسه وأنا لما اجوع هنزل اكل من نفسي
اخذت هاجر تهز رأسها بائسة علي حال الاثنين وهي تقول بقله حيله:-
_طب تمام زي ما حضرتك تحبي مش هضغط عليكي، بس ممكن تسمعيني في اللي هقولهلك وما تزعليش مني عشان بادخل نفسي في حاجه ما ليش فيها بس بجد صعبانين عليا انتم الاثنين، ورحمه ابوكي وحياه اغلى حاجه عندك بلاش تتصرفي بتهور وتسيبي غضبك هو اللي يتحكم فيكي وفكري واحده واحده قبل ما تعرفي قاسم بيه زمان لاحظت عنه أي حاجه وحشه وحتى بعد ما عرفتي كويس واتجوزتيه شوفتي منه اي عيب ولا داسلك على طرف وزعلك بالعكس ده كان بيحبك ويتمنى ليكي الخير دائما
التمعت عين حوريه كـ اعين فهد شرس وهي تغمغم بوحشية:-
_اسكتي وما تكمليش وكلمه تاني زياده بجد المره دي هتشوفي مني تصرف مش هيعجبك ومش هندم عليه زي المره اللي فاتت وهانسى اي حاجه كانت ما بيننا زمان وانا اعتبرتك زي اختي.. امشي من وشي مش عاوزه اي حد من النهارده يجيب لي سيرته قدامي ولا بالوحش ولا بالحلو؟
**
اتجهت بدريه الي غرفه طفلها ساجد التي بدأ تقطن بها وتضع اشيائها وملابسها بها وتركت غرفه زوجها جمال بإصرار منها حتي تبعد عنه خلال الأيام المقبلة واصبحت لا تريد ان تري وجهه منذ ما حدث و عرفت ماذا يخفي عنها، التفتت حتي تخرج الي الخارج لتجد جمال يقف أمامها بوجه محتقن بشده حاولت أن تتجاهل إياه وهي تعود النظر إلي الطريق بتوتر و بكل خطوة تشغل نفسها وعقلها بخطواتها حتي لا تتحدث معه لكنه توقف أمامها يمنعها من الرحيل قائلا بحده:-
_ممكن افهم اللي انتي عملتيه ده ازاي تؤمري الخدم ينقل حاجاتك من اوضتي لاوضه ابنك ،هو انتي مش مراتي ولا ايه
ابتسمت وسط ضيقها باقتضاب و هي تعلم أن قد أخطأت لكن ما باليد حيلة ليس قادرة علي تخطي صدمتها فيه و حزنها علي ابنتها لتقول باستخفاف:-
_طب كويس والله انك فاكر ان انا مراتك ولي حق عليك ولي فيك زي ما استاذ قاسم لي فيك، وبدل ما تقول لي حقيقته بتداري عليه وصعبان عليك اكثر من بنتي واللي بيحصل لها من تحت راسه
ضغط جمال علي أسنانه بغضب مكتوم قائلاً:-
_بدريه ما ينفعش تحاسبيني على حاجه زي كده انا ما ليش ذنب فيها وبلاش تاخذينا في الرجلين وتضيعي حياتنا عشانهم، بالطريقه دي الامور هتتعقد ما بيننا اكثر وصدقيني هتخسريني
هتفت بدموعها بحسره ويأس مرددة:-
_اخسرك! هو انت فاكرني لسه ما خسرتكش انا فقدت الثقه فيك اصلا يا جمال من قبل ما تزيد جوايا، يا خساره يا جمال كنت فاكرك انت فعلا الامان لي و اولادي وهتقدر تقف قصاد اي حد عاوز ياذي حد منهم، بس تقدر تقول لي دلوقت إزاي هاشتكيلك من ابنك و ازاي وهتجيبلي حق بنتي منه قولي يا جمال هتقدر تعاقبة وتبعد عن قاسم عشان اللي عمله في بنتي ودمر لها حياتها
اغمض عينه بقوة بصمت ولم يتحدث بينما نظرت إليه بسخرية بعيونها تشع خيبه الامل هاتفه بألم:-
_شوفت سكت ازاي عشان الاجابه صعبه هو بالنسبه لك فعلا ابنك اللي ما خلفتوش اللي قبل ما تقابلني وتشوف بنتي واكيد هتختاره هو، عشان كده انا بعفيك و ببعد يا جمال لان احنا الاثنين للاسف ما ينفعش نكون مع بعض في الوقت ده بالذات طالما مش هنقدر نواجه مع بعض اللي جاي ولا انت هتبقى معنا
فتح عيناه يتطلع فيها بحنان و هو يتحدث بهدوء :-
_احنا مش في معركه يا بدريه ولا سباق عشان ابقى مع مين ولا ضد مين عشان تحسبيها كده؟
هزت رأسها برفض ببطء بحزن وهي تقول بخفوت:-
_لا احنا للاسف في معركه وصراع ابتدأ و ملوش نهايه ولو هتقدر تجيب لي حق بنتي وتبعد عن قاسم انا اللي هفضل جنبك ومش هاسيبك بس انت انطقها دلوقتي بس
نظرت جمال نحوها عددا لحظات بوجه جامد ثم هتف بجدية:-
_لو ما مصره تحسبيها كده يبقى للاسف فعلا الاختيار هيكون على قاسم يا بدرية لان قاسم مش ابني وبس قاسم الحاجه الوحيده اللي عرفت اطلع بيها من الدنيا ولما بيتوجع انا بتوجع قبل منه، ولما بيزعل ما بعرفش النوم غير لما زعلة يروح ويصفى ويعرف ينسى و يعيش قاسم شاف كثير وانا كنت معاه خطوه بخطوه فمش هينفع اسيبه دلوقت في نصف الطريق.. وكل اللي انا حاسه دلوقت تجاه قاسم هو نفس الالام انتي حساها تجاه بنتك ومش قادره تتجاهليه، وهتبقى انانيه مني لو سيبته يواجه كل ده لوحده
أخفضت رأسها بإحباط بيأس لتتحدث بحزن و هي تقول بجفاء:-
_يبقى ما تلومنيش على اللي بعمله ولا تزعل مني من اللي لسه هعمله! يا جمال
**
فى غرفة اسامه أنهت حورية اطعام طفلها و وضعت أياة بالفراش ثم تحركت حتي تاخذ أغراضها لتدلف تستحم لكن لم تجد ملابسها كثير لها بداخل غرفه طفلها التي أصبحت تختبئ فيها منه ولم يتبقى سوى أغراضها الموجودة بغرفة قاسم تنهدت حوريه بضيق شديد و توجهت لجناحها مع قاسم لجلب أغراضها بخطوات بائسة مهزومة، مهزومة بالحرب الوحيدة التى أرادت خوضها وهى حربها ضد قلب قاسم القاسى الذى لم تلين له وتسامح
تحركت تخطو أولى خطواتها نحو عاطفة جديدة عليها لم تشعر بها إلا معه عاطفة حارقة بغضب شديد أنثى تجاه رجلها كان حبيبها لكن أصبح الآن عدوها!
دخلت جناحها و حمد لله أنه ليس هنا و توقفت لحظات بالغرفه لا تصدق أنها بعد أن عاشت أسعد لحظات بسعادة غامرة بداخل هذا الغرفه التي كانت تشهد على حبها إلي بعض، بدأت اثاثها بخنقها بشده ولا تطاق العيش هنا حتي لا تتذكر كيف استطاع قاسم أن يخدعها و تصدقه بهذه السهولة تنهدت تحزم نفسها بقسوة شديدة فمن الان يجب عليها التعود على حياتها الجديده من دونه؟
لن ترى حبيبها مرة أخرى ولن تتنفس نفس الهواء المحيط به ولن تملى عينيها بحسنه فهو بالنسبة لها كان أفضل الرجال دون أن ترى غيره ولا تريد أن ترى غيره، تحركت بخطوات ثقيله لجلب أغراضها من الخزانة وظلت تسقط بها الأغراض بشرود وهى تتسآل للمرة التى لا تعلم عددها لم فعل هذا بها؟ ألا تشعر ناحيته ولو حتى مره بسيط بقلبه القاسي، كيف لم تشك به ولو مرة واحدة لماذا شكت بالجميع و غيره لكن هو لا؟ بل كانت لا تصدق شئ مثل ذلك عنه من الأساس تكاد تقسم أن هذه الصدمه جعلتها تقسم روحها إلي نصفين وجعلتها واحده أخري لا تعرفها تحمل كره وغل تجاه الجميع.
وقد تلاشت جميع تلك اللحظات بسبب كلماته عن جرحها الذي تسبب فيه هى تعلم يقينا أنها لن تستطيع العيش بدونه بعد عشقها الكبير له، و لن يسد أحد مكانه و لن تشعر بتلك المشاعر التى تنتابها بوجوده مع أحد غيره و لم تتحمل تلك اﻷفكار التى تراودها لكن ما باليد حيله فـ الألم والخزه يخترق قلبها ويعتصرة بقله حيله قاسيه دون رحمة.
كانت لا ترى شيئا أمامها من شدة غضبها تقسم أن تلقنة درسا قاسيا لن ينساه فى حياتة، ذلك الخائن الذي سلب قلبها وعقلها وملك كيانها كله وتريد أن ترديه قتيلا وتغادر منزله، تركت ما كان بيدها و انهارت أرضا مستندة على فراشها لا تستطيع تمالك أنفاسها ودموعها لاتتوقف وكل ما يدور بعقلها أنها لن تستطيع، لن تستطيع تحمل كل ذلك الألم أصبحت فوق طاقتها الضعيفه.
اتجه قاسم لغرفة اسامه التى تسكنها حوريه فيها مع طفلها لكنه وجد طفله فقط وحيد بالغرفه اقترب منه باستغراب و قبل وجنته بحنان، وعندما لم يجدها أيضا بالمرحاض فذهب ليبحث عنها بجناحه فتح الباب فارتد على الحائط محدثا صوت عالى و وجدها بها بعض اﻷغراض موجود أرضا وبعدها هى مكتومة على اﻷرض ومتكئة على الفراش غارقة بموجة بكاء شديدة جعلتها لم تلتفت حتى للباب هربا من يراها أحد بهذا الشكل الضعيف، اعماه قلبه المتيم علي بكائها واتجه إليها مسرعا ينتشلها من اﻷرض رافعا لها و امسكها مرددا بقلق شديد:-
_حبيبتي مالك.. أنتي كويسه؟
رفعت عينها الدامعة له ببطء تجاه قاسم الذي كان يجاهد للحفاظ على ثباته وهو يتنهد بخوف شديد و اضطراب اصبحت امامه تمامًا كانت عيناها تنطق بالكثير ولكن فاهها لا ينطق بشي يلتزم الصمت الذي يقتل كل خلية به، ودون مقدمات كانت تصفعه بعنف صفعة دوت في الارجاء صفعة لم تكن مجرد ألم جسدي بل كانت اكبر من ذلك بكثير كانت نقطة تحولها بـ انهيار شيء وتصلب وهي تصرخ وسط
شهقات بكائها مختلفة وتهدرة بغل:-
_انا عمري في حياتي ما اندمت قد ما أنا ندمانه دلوقت على موافقتي على الجواز منك يا قاسم، انا بكرهك وبكره اي لحظه ضعفت فيها و طوعت قلبي وامنتلك وبكره الصدفه اللي جمعتنا ببعض، انا ازاي ما كنتش شايفه حقيقتك كل ده
صمت قاسم ثواني بثبات وكان هو يحدق بها مذهولة مصدومة، لكنه رغم غضبه الشديد من فعلتها ضغط على نفسه و تمالك أعصابه، و اقترب منها وبحركة مباغتة كان يجذبها من ذراعيها لتصدم بصدره العريض وأنفاسه تضرب عنقها الذي يتوق للمساته ومشاعره مهتاجة تتصارع مع فوران عقله في تلك اللحظات كانه يفجر بحور من الشوق و الندم داخله ثم ردد بصوت هائج من فرط انفاسه الاهثه:-
_عشان انا مش كده و أنتي اول واحده اغلط معاها الغلطه دي، ما ينفعش لمجرد غلطه واحده تعلق لي كل المشانق وتنسي كل حاجه عملتها معاكي زمان كويسه، يا حوريه حاولي تركزي انا قاسم حبيبك انا كنت كل حياتك و امانك مش كده
حوريه وقد استوحش في ثانية و نسيت ما عاهدت نفسها عليه سابقة و نظرت لـ قاسم بنظرة مخيفه و لم تجد حورية إلا آخر ورقة لديها للضغط عليه:-
_مبقتش تعني لي أي حاجه وقريب جدا هتخلص منك وابعد عنك مش هتشوفني ولا تعرف مكاني ولا انا ولا اولادي، انت ما تستاهلش الحياه دي انت لازم تتعذب زي عذبتني طول حياتي
ألجم قاسم نفسه حتى لا يلكم زوجته على غبائها فالكل يعلم أن حورية تهيم عشقا به وهو يعيش فى دوامة عذابه الخاصة به، فهو لا يريد الضغط عليها و يزهق روحها الغاليه له بل يريدها و يرجعها لصوابها:-
_حورية من فضلك اسمعيني انا
دفعته للخلف بعنف وقسوة شديدة وسمع كلمتها التي كانت كسهم قاسي انطلق ليصيب قلبه الذي يتلاطم بين امواج عشقها وقسوتها الغير معهودة اطلاقًا:-
_ابعد عني وما تقربليش وخليك بعيد وارجوك كفايه تدعي عشقك ليا عشان اللي بيحب بجد ويعشق حد بيحس بي ومش بياذي اما أنت خليتني احس إني ظالمة و قاسيه وجرحك لي حسسني بالاهانة و الذل، خليتني بعد ما حسيت ان انا اسعد واحده في العالم وطلعتني السماء ولمست النجوم بيدي فجاه نزلتني على جدور رقبتي، حياتي في غمضه عين اتقلبت وكله بسببك أنت
اغمض عيناه يحاول اسكات ذلك الجنون الذي تخلقه الشياطين داخله بسبب كلماتها ليزمجر فجأة بصوت عالي فيها جعلها تشهق بذعر:-
_تمام خليكي كده بس خليكي فاكره حاجه كويسه ان انا عمري ما هبعد عنك ولا هسيب ولادي يتربوا بعيد عني فـــاااهــمــه
صمت وهي ايضا لكن عينه كانت تتحدث بالكثير والكثير بالألم ومن ضمن الحديث كان تتساءل بلهفة ألا يوجد امل لأنال ذلك الغفران، لكنها تجاهلت و صرخت فيه بانفعال:-
_يا اخي ربنا ياخذك و ارتاح منك ابعد عني وما تظهرش قدامي ثاني، انا طول الوقت وبحاول افوق من صدمتي واعرف اعمل ايه في حياتي الجايه مش طايقه اشوفك ابعد عني يا قاسم عشان المره الجايه هموتك بجد وانت جربت قبل كده وعارفني، بلاش تخليني اعملها تاني واضيع نفسي على واحد زيك ما يستاهلش ساعه واحده بس سجن
ثم تحركت دون كلمه وداع وهي تصفع الباب خلفها بقوة بينما هو انظاره جامدة ولكنها مهزوزة وهو يدرك تماما أنها لم تعد تلك زوجته الحنونه التي عهدت أياه بالتسامح و الغفران دائما، قد رمت في الماضي وسط صراع شياطين والان أصبحت واحده منهم، وأن الألم جعلها نسخة اخرى من الشيطان.
**
بعد اربع ايام.
جلس قاسم على إحدى المقاعد الحديدية المنتشرة بحديقة منزله يفكر و يفكر بها بجنون، جنون قاده لسؤال ألا يستطيع أن تعود له من جديد و تنسي ما حدث منه و كيف كذب عليها و ألمها بشده لم يعد يراها مثل سابق حتى لو صدفه كانها تريد ان توصل له رساله مؤلمه لا تريد حتى النظر بوجهه و تشمئز منه، أصبح يتنمي ليلة واحدة فقط يقضيها معها توصله فيها للسماء و تجعله يأن فيها بشغف و يحتفظ بها كذكرى فى قلبه يلجأ إليها كلما أهلكه شوقه و أحتضرت روحه و سقم جسده، بدلا من الان يحتفظ بذكريات
مؤلمه تعيسه.
فهو قضي هذه الليالي بمفرده وحيد من دونها ليالي التي أوصلتة فيها للسماء لتتركه بعدها يقضى أياما تعيسة فارغة ويعود فيها يصطدم الواقع الصلبة لتؤلمه بشدة كأنه يعود الى ارض الواقع، واقع مر لا يتمنى ان تطول ليالي عليهن.
كان معروف دائما صاحب الشخصية الصارمة و القلب الحنون في نفس الوقت لتتشكل شخصيته الجادة الصارمة بعد أن أبعدته ظروفه عن كل لهو يتمتع به من هم فى ذلك السن الصغير، البدايه كان نشأ بدون عائله رغم وجود العائله لكن لا تريده وبعدها ذهب الى دار الايتام لتشهد الايام على معاناته، لتتشكل شخصيته القاسية و الصارمة فلم يكن أى علاقات خارج إطار عمله كما لم ينخرط مع دائره المماثلة له سنا نظرا لعدم توافر الوقت لذلك أو الأهم الثقه بالجنس الآخر.. ماعدا حورية بالتاكيد الذي قابلها صدفه في ظروف غامضه.
لتأتى حوريه بخفة ظلها و براءتها لتحدث زلزالا داخل تلك الشخصية المنغلقة على نفسه لتجعله مهتما بمراقبة كل ما يبدر عنها دون قدرة على منع نفسه، كما أهدته أول إبتسامة كذلك أول ضحكة من القلب و التى ظلت معه طالما طغت تلك الفتاة على تفكيره ..و هو ما حدث ليجد نفسه شخصا آخر لا يعرفها عندما يكون معها هي لا غيرها، لين الطباع غريب عما كان عليه قبل حين،لتتشكل رويدا رويدا أوتار من المحبة و الصداقة و العشق بينهما عوضاً عن حياته سابقآ وقد اعتبرها هي عوضه الجميل عن معاناه وحياته الماضيه بعد أن أستغل جانبها الضعيف و هو يسهر طوال الليل يعد الكثير و الكثير من التفكير فيها وصب كل اهتمامه المثير لها
في الصباح اليوم التالي ذهب جمال بعد أن حصل على قسطا قليل من الراحة بـ غرفته بمفرده دون زوجته بدريه التي أصبحت تتجاهل إياه دائما الفتره السابقه و قد أعياه الجوع فلم يتناول طعامه من فترة طويلة تجاوزت اليوم و نصف ..ليتأفف حينما أنتبه هدوء المنزل من أى صوت واصبح كئيب دون فرح عكس سابق كان دائما القصر تملأ الضحكات السعيده و في غمضه عين ذهب كل شيء مع الريح، مال أتجه للخارج ليفاجأ بـ قاسم جالسا على أحد المصاطب المبنية بالحديقة و مطرقا رأسه فى شرود ،ليعلم جمال من الهالة التى تحيط قاسم بأن ما قد حدث كسر داخله شئ كبير و هذا الشيء ليس جيد، سار جمال ليقف أمام قاسم الذى لم ينتبه له على الرغم من وقوفه أمامه:-
_وبعدين في حالكم ده ولا انت بتاكل ولا هي وكل واحد حابس نفسه في اوضه، تفتكروا ده الحل ليكم لي انتم بتعملوه وكده المشكله هتتحل لوحدها، اطلعوا و وجهوا بعض أن شاء الله تتخانقوا ثاني بس بلاش كده
و لما رفع قاسم وجهه ينظر له فقط دون إبداء أى إستجابة كما يتضح الإرهاق الشديد عليه و تهدلت ملابسه و على ملامحه تظهر الحيرة قائلا:-
_وانت بتقول ليه انا الكلام ده؟ ما تروح تقول لها انا كل ما احاول ادخل لها اديك بتشوف بتعمل فيا ايه ولما بتصدق تشوفني و تقعد ترمي لي كلام مش عارفه بيوجعني قد ايه ،هي ليه مفكرني حجر ومش بحس
جلس جمال جانبه ليمتنع عن محاولة الحديث إليه و الذى لا يجدى فى حالة جديد ليقول بجدية :-
_ما كنتش عاوز اتكلم في القديم واقول لك ان انا حظرتك من كل ده هيحصل بس انت صممت انك ولا انا نتكلم في الموضوع وفضلت مصدق نفسك انها عمرها ما هتعرف حاجه زي كده واهي عرفت بي ابشع طريقه ومن مين؟ من ناريمان متخيل طبعا شكلها قدامها كان ايه والفرحه و الانتصار اللي كان في عينيها فاكيد ده كمان تعبها اكثر وخليها تغضب منك
ضغط علي يده بعصبية من غبائه و عدم سماع النصيحه فقد كشف كل شئ للجميع بسبب تهوره وخوفه ليقول بغضب دفين:-
_و في الحالتين ده اللي كان هيحصل خلاص وعرفت متاخر ان انا غلطان بعد فوات الاوان و اني بندم وبس كويس كده؟
هز جمال رأسه بضيق شديد منه قائلا بجدية:-
_يا ابني هو انت ليه متخيل ان انا مش عارف كل ده هيحصل، ولا عاوز اشمت فيك انا كنت بتكلم لمصلحتك وانها لما تعرف منك افضل لما تعرف بطريقه ثانيه؟ على العموم خلاص مش ده وقته اللي حصل حصل لازم دلوقت تشوف حل بدل ما ترجع تندم ثاني
مسح علي وجهه يتعب شديد و احباط وقال بصوت خرج مضطربا من خوفه أن تصبح في يوما حقا تكره حورية و تبعد عنه:-
_انا تعبت مش عارف اعمل ايه قولي انت يا جمال اعمل ايه؟ في امل اصلا ان احنا نرجع لبعض ثاني انت مش شايف بتبقى عامله ازاي كل ما تشوفني بس،يا جمال انا بقيت بشوف كرهها لي في عيونها متخيل في حد في يوم وليله يكره حد كده
هز جمال رأسه مبتسم بخفه وهتف بهدوء:-
_ده مش كره يا قاسم ده غضب وخيبه امل منها فيك، الصدمه برده صعبه عليها وعمرها ما كانت هتتوقع حاجه زي كده تحصل ثقتها فيك كانت كبيره وحبها ليك اكبر بلاش تياس كده وتفقد الامل صدقني في لسه أمل بس محتاج منك معافرة شويه وتستحمل سيبها يا سيدي تطلع غضبها كله فيك لحد ما تهدى هي ما تستاهلش منك الصبر ده كل امال فين حبك ليها
شعر قاسم بغصة فى حلقه وهو يهز رأسه بشرود فهو لم يعقب علي أفعالها قبل سابق، ثم نظر قاسم تجاه جمال وهو لم يصدر فعل منه إلا أنه لم يجد سوى حزن وحسرة و كأنه مجرم تلقى عقابه بصدر رحب واستسلام دون جدوى و لكن بعد برهة:-
_موجود يا جمال وعمري ما هبطل احبها في يوم حوريه كانت روحي عمرك شفت حد ممكن يستغنى عن روحه؟ اهو انا حوريه بالنسبه لي كده وهتفضل الامل الوحيد اللي خلاني اتمسك بالحياه من ثاني انا من غيرها بجد ضائع مش عارف اعمل ايه؟ واذا كانت عاوزه تنتقم مني وبعد كده هترجع تسامحني انا علي استعداد لي كده و منتظر منها اي عقاب بس تسامحني
لينظر له جمال شارد و لم يرد عليه كدلالة على موافقته على حديثه، ثم ربت جمال علي كتفه الأيمن يطمئنه بإبتسامة واسعة:-
_هتسامحك ان شاء الله و كل حاجه هترجع احسن من الاول
لم يعقب قاسم على كلام جمال حتى لا يفقد أعصابه ويتحدث ما بداخله بأنه أصبح فاقد الأمل منذ الآن فلا يعلم إن كانت أعصابه فعلا هائجة ليقول بصوت منخفض يائس:-
_جمال انا اسف ليك انت كمان بتتعاقب على ذنب ملكش فيه انا عارف وشايف طنط بدريه بتعاملك ازاي وانها كمان نقلت حاجاتها في الاوضه الثانيه مع ابنها عشان مش عاوزه تقعد معاك في مكان واحد بسبب اللي انا عملته في حوريه حقك عليا
حمحم جمال باقتضاب وهو يقول بصوت هادئ بعدم مبالاه زائفة:-
_ما تشغلش بالك انت وخليك في مشاكلك وانا هعرف ازاي اصالح بدريه بس خليك انت مع حوريه عشان مشورها اطول
**
في قصر عصام الصريطي.
فتح عصام باب الغرفة بحده و تطلع الي زوجته ناريمان ليجدها تجلس أعلي الأريكة الواسعه تتحدت بالهاتف مع أحد صدقتها بطريقة فظة مبالغ فيها وهي تستند براحة فوق الأريكة امامه وتضحك بصوت عالي على احدى النكات التى قامت بالقاءها منذ قليل
بينما كان عصام يتحرك أمامها بخطوات عصبية شديدة وهو ينتظر أن تغلق الهاتف حتي يتحدث معها بينما هي متجاهلة إياه بعدم اهتمام
مما أغضب عصام أكثر وتحرك نحونا بنفاذ صبر منها وأخذ الهاتف منها و حدفه بالأرض بقسوة وعنف، و بحقد و بغل غل داخله بدأ يدعس عليه بحدة اكثر علي الهاتف حتي تحطم أسفل قدميه الي شظايا.
شقهت ناريمان بعنفوان و نهضت سريعاً و
نظرت إليه بعيونها تشع غضب حتى دوى صوت جهورى هز ارجاء المكان تهتف:-
_أنت اتجننت يا عصام ايه اللي انت عملته ده
قد ارتسم الغضب فوق ملامح وجهه فقد كان كالبركان المشتعل وهو يقول بحده:-
_في داهيه عايز اتكلم معاكي في موضوع مهم وبعدين مش شايفاني جيت بقى لي اكثر من نصف ساعه و واقف جنبك وعمال اشاور لك عشان تخلصي المكالمه تقفلي على طول و تركزي معايا
اخذت تسمع كلماته بعدم مبالاه مما جعل الدماء تفور بعروقه عندما صاحت ناريمان تقاطعه بغل وقد اعمها غضبها وهي تنظر اليه بسخرية لاذعة:-
_في ايه عمال تزعقلي كده ليه؟ و ازاي تتكلم معايا بالطريقه دي انت هتنسى نفسك ولا ايه يا عصام انا ما حدش في الدنيا يقدر يتكلم معايا بالطريقه دي مهما كان مين فاهم ولا لا؟
فقد عصام السيطرة علي اعصابه فور سماعه كلماتها الباردة تلك ليقترب منها يجذبها،و احكم قبضته فوق ذراعيها يعتصرها بشده وهو يصيح بغضب مما جعل عروق عنقه تنتفض من شدة غضبه:-
_لا مش فاهم وتخلي عندك دم وتتكلمي مع جوزك عدل وباسلوب احسن من كده بدل ما تقفي جنبي وانتي شايفاني كل يوم والثاني في مصايب شكل لا قاعده و بتمرسي حياتك عادي وتتكلمي مع اصحابك وتضحكي وتخرجي وسايباني انا ولا في دماغك
هزت رأسها علي مضض بنفاذ صبر قائلة بضيق شديد:-
_امال عاوزني اعمل ايه اقاعد جنبك وتشيلني همك انا ما بفهمش حاجه في شغلك ولو كان في حاجه تقدر تعملها كنت عملتها انت بس اديك اهو ولا عارف تحل، انا اللي هعرف
جز علي أسنانه بغضب مكتوم قائلاً بغيظ شديد:-
_اه تعرفي وتعملي زي اي زوجه اصيله ما بتعمل مع جوزها وتساعديه باي حاجه تقدري عليها
لويت شفتها بسخرية لاذعة قائله بتهكم:-
_وانا ما فيش حاجه معايا اقدر اساعدك بيها اخترع لك من الارض
تطلع فيها يصيح بغضب و صدره كان يعلو وينخفض بعنف مكافحاً لالتقاط انفاسه بحدة بينما كانت عينيه مسلطة عليها باستحقار:-
_لا معاكي يا ناريمان وما تعمليش نفسك عبيطه انتي فاهمه قصدي كويس، لو اديتيني نصيبك من ابوك وبعتي مجوهراتك وكمان المزرعه كل ده ممكن يجيب حتي نص الثمن ونقدر نسدد بي عشان يدوني على الاقل مهله ثانيه
نظرت إليه عدد ثواني ثم انتفضت ناريمان تصرخ:-
_نعم نعم مجوهرات اللي ابيعها كمان وعاوزني ابيع مزرعه ابويا الحاجه الفضللي منه قبل ما يموت احلم مع نفسك يا عصام بس ابقى اتغطى كويس قبل ما تنام عشان بقيت بتحلم بحاجات عمرها ما هتحصل
صرخت بألم عندما اندفع نحوها وقبضت يده علي شعرها يجذب خصلاتها بقوة حتي ارجع رأسها الي الخلف صائحاً بعصبية حادة:-
_انا بتكلم بجد مش بهزر لازم تساعديني وبعدين انتي اللي هتنسى نفسك ولا ايه ما نصف الحاجات اللي عندك بفلوسي وانا إللي بكتبها لك باسمك عشان احافظ على البيت وتفضلي معايا
ظل يضغط وهو يزيد من قبضته حول خصلات شعرها مما جعلها تصيح بشدة وهي تشعر بألم حاد يفتك برأسها لكنه تجاهل صرختها تلك مقرباً وجهه منها وهي تجز علي أسنانها بغضب قائلة باستفزاز:-
_لا و انت الصادق بتديها لي عشان اداري على فضايحك ونزواتك القذره وفضايحك إللي كل يوم مع واحده شكل اشيء شغالين وموظفين حتى اصحابي ما سلموش منك وكل يوم مستواك بينزل اكثر و اكثر في نظري لحد ما بقيت بشوفك ولا ليك قيمه عندي عشان كده مش فارق معايا ان شاء الله حتي تدخل السجن بسبب الديون دي برده مش هساعدك
يا عصام
احمر وجهه بعنف لكنه لم يتركها بل رفع يده و صفعها بقسوة شديدة مما جعلها تفقد السيطرة على اعصابها هاتفه بعنف:-
_آآه انت بتمد ايدك عليا وتضربني يا زباله يا واطي ده انت كنت حته موظف عند ابويا زمان وضحكت عليا وانا عيله صغيره عشان احبك واتجوزك دلوقتي بتضربني أنت نسيت اصلك ولا ايه مش انا اللي تضرب وتسكت انا ناريمان يا عصام مش واحده من الزباله اللي بتعرفهم
ضغط علي وجنتيها بكف يده يعصرهم بشدة وهو يهمس في اذنها بفحيح غاضب متأملاً ملامح وجهها المتألمة بعينين ثاقبه حادة:-
_الزباله اللي اعرفهم ليهم قيمه عندك و يستاهلوا والزبالة هو انتي يا ناريمان و قله الاصل بتاعتك ابتدات تزيد من بدري قوي بس انا كنت بطنش بس من النهارده مش هسكت على حقي يا واطيه وغصبا عنك هاخذ الفلوس منك ومجوهراتك وهبيعها بالعافيه هي والمزرعه بتاعه ابوك اللي ما عرفش يربيكي للاسف قبل ما يموت
لاحظت ناريمان أنه تركها بقسوة وتحرك قاصد الخزانة التي بداخلها المجوهرات فاخذت تضربه بقبضتها فوق يده المحيطه أعلي المقبض محاوله جعله ان يبتعد عن الخزانة وافلاتها لكنه لم يتحرك من مكانه وظل يحاول كسر باب الخزانة لتصرخ بقوه بة:-
_تعالي هنا انت رايح فين مش هتاخذ حاجه مني يا عصام والمجوهرات دي بتاعتي حقي فيك حقي ان انا فضلت ساكته ومستحمله واحد زيك ما يسواش حاجه يا عره الرجاله و اللي عاوز واحده تصرف عليك
اندفع عصام نحوها يصفعها بقوة أكبر مره ثانيه وظل يقترب وهو يصفعها علي وجهها مرة اخري و جذبها من شعرها بعنف، اخذت ناريمان تحاول مقاومته والافلات من بين قبضته لكن ما اصابها من ذلك الا انه قد شدد من قبضته حول شعرها يجذبه بعنف اكثر مما جعلها تصرخ بألم وصاح عصام وهو يقرب وجهه منها ينظر اليها بعينين تلتمع بوحشية:-
_انتي لسه بتغلطي فيا نهايتك هتكون علي ايدي و انا اللي هموتك يا الـ**، اوعي من وشي و وسعي من قدامي احسن لك انا عفريت الدنيا كلها بتتنطط في وشي ومش طايق حد وخصوصا انتي ..بقول لك اوعي
ظلت تقف أمامه تمنع إياه من الوصول إلي الخزانة،لينظر نحوها بغضب ليبتعد عنها فوراً و يسحب فازه التي تضع فوق الطاولة و يكسرها بالارض بقوة لتقع تحت اقدامهم و صوت قطع الزجاج الصغير تحطمت بينما لم ترمش ناريمان جفن بحركه بل ابتسمت بجانب شفتيها ببرود وهي تراه يجذب السكين التي تضع فوق طبق الفاكهه أعلي الطاولة ويقترب منها بتهديد، أطلقت ناريمان ضاحكة عالياً بحده وهي تطلع نحوه ببرود و سخريه:-
_ولا هتقدر تعمل حاجه عارف ليه عشان انت جبان ومش راجل كمان يا عصام كنت قدرت تتشطر على إللي ضحكوا عليك ولبسوك في القرض و مش آآة
و قبل حتي أن تكمل حديثها كان عصام حرك يده بالسكينة تجاه قلبها و لحظات كانت تشعر بشئ حاد يغرس بجانب قلبها و الدماء تسيل منها بغزارة اتسعت عينها بألم شديد لتنظر الي زوجها؟ الذي فتح عينه بجنون و غضب و بقوة غريبة اكتسبها فجأة من الغضب الشديد ولم يدرك ماذا يفعل هو و أخذ يغرز السكينه وهي حادة عدد مرات يطعنها بغل وكراهية شديدة بجسدها ادي أكثر من طعنه وظل يضغط بأخر ذرة لدي من قوة متجاهل صراخها القوي بألم شديد و رعب من تحول زوجها أمامها في غمضه عين الي وحش كاسر دون رحمة!
ظلت الرؤية تتلاشي بعينها رويداً رويداً و هي تلتقط أنفاسها بصعوبة شديدة والالام تزداد بجنون بجسدها و الدماء تسيل منها بغزارة شديدة و لم تشعر بنفسها الا و هي ارتخي جسدها و وقعت مغشي عليها أمامه، حتي توقف اخيرا عصام و ابعد يده بصعوبة وهو يتنفس الصعداء عالي بحدة و حبات العرق تتجمع علي كامل وجهه و انتشل السكين من جسدها ليبتعد ببطئ و جسده يشعر به يتخدر وهو يجدها ترتجف بأنفاسها الاخيره أمامه بذهول وصدمة و هي تتمتم بشئ لم يسمعه قبل أن تغلق عينها باستسلام تام.
بينما ظل عصام يتطلع إلى زوجته ناريمان وهي جثه هامدة بالأرض لا تتحرك والدماء تتجمع حولها فقط بغزارة شديدة ابتلع ريقه بصعوبة بالغة و خوف أشد وكانة الان فقط استوعب عقله فعلته الشنيعة، وقعت مقلتيه علي المرايا بالحائط أمامه ليجد نفسه بداخلها وهو يقف ممسك بالسكين بيده وبعض قطرات الدماء علي جسده ويده.
شعر بالدماء تنسحب من عروقه أصبح يتنفس بقوة عالياً برعب و جنون بهسترية ولم يشعر بنفسها وهو يضغط بالسكين الذي بيده فوق نبض شرايينه لتنفجر بركه من الدماء الغزارة تتساقط تحت أقدامه مع دماء زوجته حتي شعر عصام بالهواء ينعدم من حوله فلم يعد يستطيع التنفس وبعدها لم يشعر بشئ الا وغمامه سوداء تبتلعه.
**
فتح قاسم عيناه ببطء يتطلع حوله بالغرفه ليجد نفسه وحيد داخلها ولم تعد رفيقه قلبة الدرب بها وتنظر إليه بعينيها التى تفيض عشقا وصوت ضحكتها الرقيق تملأ المكان، لم يراها منذ أربع أيام فهي أصبحت تتجنبه أصبحت تختبئ منه حارمة إياه منها بشكل يسلب عقله و يفقده بصيرته و صبره ،الذى نفذ بالفعل بعدم رؤيتها فهي داخل الغرفه مع طفلها تهتم به حتي تلهي نفسها فى حين هو محروم من ذلك مما جعله يفقد صوابه
قلبه محروم من فراشه لن يسمح لها ولو على جثته بما تريد ان تفعله بهم ،ما بالها تلك الفتاة ترغب بالمغادرة فى حين لا يحق لها ذلك،حتى لا يحق لها وهي غاضبة منه تحرمه منها بهذا الشكل فهو كل شئ لها هو من يقسو عليها وهو من يراضيها، حتى وإن قالت إنها لا ترغبه لا يحق لها تتجاهلة على تركه جانب و حين تهدم عليهم المنزل ،بحق الله هى إمرأته.. حبيبته.. عشيقته.. ابنته.. زوجته.. صديقته.. هي الحريه و السجن المقيد نفسها و ذاتها في نفس الوقت.
نهض قاسم بخطوات متعبه الي الخارج و نزل الدرج و تحرك إلي الاسفل حتي وجدها تقف بعيد بالخارج عند المسبح تنظر في الفراغ شارده في حالها الميئوس
لم يحتاج الأمر كثير ليعرف فما هي شارده بحزن هكذا، تحرك نحوها و يتابعها حتي توقف قاسم أمامها مباشره لترفع رأسها إليه انتظام أنفاسها وحدة عينيها فبدلت نظرتها الغاضبة ﻷخرى خاصة بهما ،فبادلها عتابها بعتاب آخر لحرمانه منها أثرت على انتظام أنفاسها وجعلتها تخفض عينها بصعوبة، وصمت بعد أن قابلته عيناها متسعتان تمتلئتان عتاب و حزن منه، عتاب ذكره بآخر اصطحبه وهو يفتح فمه و همس و إعتذار بـ عينه قبل قلبه المجروح من البعد و المعامله الجفاء.
هو مركزا نظراته على تلك التى لم ترفع عينيها له لتروي شوقه لها ،أشبع عينيه منها فهو لا يعلم متى يجتمع معها ثانية، تلك صاحبه القلب القاسي التى لم تعد تتبعه بل تنهد بحزن و تهدج بسيط و قد زادت محبته لها لما رأوه من تأثرها من البعد عنه، ظل مكانه منتظرا انتهائها بوجهها الصلب جامد لا يتضح عليه صفحة أخري بشي.. ولكن داخله يكمن لهيب يتآكله من حزنها الواضح الدال على تأثرها بمعاملته معها و فعلته، لكن نظراته ظلت عليها يشبع نفسه و يبثها شغفه و عشقه بشكل يجعلها تنسى؟
و يجعله نفسه يتعجب من القدر الذى يجعل من سبب وضعهما سعيدان دون نهاية بينما تتقطر التعاسة من وضعهما الان دون حل ..وهو يحاول بشدة محاربة الطرق و المسافات التي أخذتها هي بينهم و حبست نفسها بعيد عنه وحيد بل حبيبه
لكن هل لـ النسيان عنوان أصبح موجود وظل في قاموس حورية، هل من الممكن ان تنسى جرحه لها و تنسى تشوه جسدها بـ اغتصابه وتنسي كذبه و اخفاء الحقيقه عنها، فهو يريدها تنسى وتنسي و تفكر في فقط قاسم حبيبها وزوجها و والده أطفالها تنهد بحسرة متمالكا نفسه فـ من الواضح أنها فقط مجرد احلام ورديه ليس لها صلة بالواقع.
الدقائق التالية كانت مجرد هامش لتلك الحياه التي ضيقت جدرانها على روح تلك المسكينة وهي تتمنى لو يخبرها احدهم ان ما يحدث الآن مجرد كابوس و سوف ينتهي ولكن بدا واقع مرير قاسي على القلب عندما هزها علي وهو يسحبها إليه ولكن حوريه نفضت يداه عنها وهي تصرخ فيه بجنون:-
_إبعد عنى متلمسنيش
نطق بصوت واهن بعض الشيء ولكنه مازال محتفظ بخشونته:-
_ممكن بلاش تقولي لي الكلمه دي كل شويه
انتي مش عارفه بتعملي في ايه ..انتي بتدبحينى يا حورية
كانت دموعها تهبط بصمت وهي تهمس بقلب يرتجف حرفيًا كالرعد الذي يدوي مفجرًا شظاياه:-
_وانت ما ذبحتنيش لما عملت كده زمان فيا، اسكت خالص يا قاسم وابعد عني وسيبني كفايه اللي عملته فيا زمان ودلوقتي كمان خدعتني شهور طويله وانا كنت مغيبه ومش فاهمه ولا عارفه تقربك مني كل ده ليه؟ وليه كنت راضي تتجوزني وانا كده انا فهمت ليه بس دلوقتي انت كنت عامل فيها دور الراجل الشهم اللي ما بيرضاش بالظلم وبيساعد المظلوم وبيجيب الحق لاصحابه
كان قاسم متصنمًا مكانه وكلماتها تتردد على أذنه مثل الصعقة لكنها حقيقة وكان يعلمها بأن ذلك سوف يحدث ولكن عندما حدث شعر وأنه سقط مصطدم بصخرة الواقع اصدرت ضيجًا عاليًا قاسيًا، فصرخت فيه بانفعال وهي تدفعه بعيدًا عنها:-
_وعرفت ان كل اللي انت كنت بتعمله معايا تمثيل في تمثيل ومش حقيقي والحقيقه الواحده في حياتي هي أنك زي ما كنت بتديني زي ما كنت بتاخذ قصاده كده، و أخذت قصاد مساعدتك وطلعتيني براءه و خلتني اقدر ابص في عيون الناس وانا حاسه اني مش مذلوله و مكسوفه من نفسي، بس ما طلعتش الراجل اللي انا كنت بتخيله دائما و حبيته كل حاجه كانت حواليه وهم وانا صدقت للاسف
زفر قاسم بصوت مسموع يحاول احكام قبضته على اعصابه حتى لا تنفجر وفي الوقت ذاته يعلم أنه سيعاني حتى ينال غفرانها، هتف متنهدًا بعمق وهو يقول مستنكرا كلماتها قبل قليل كلها:-
_غلط يا حوريه كل حاجه كانت حقيقه وانا فعلا حبيتك ولسه بحبك مش هنكر إني عملت كده في البدايه عشان اتخلص من احساس الذنب عشان ربنا يسامحني بس بعد كده حبيتك فعلا
نظرت له بحدة وكانت عيناها تشع منها اشمئزاز أصاب قلبه بألم لتنطق من بين أسنانها :-
_وهو انت اللي زيك يعرف ربنا اسكت خالص وكفايه عشان انا مش هاصدقك ثاني مهما تقول وتعمل، مهما تعمل هفضل اكرهك وبس
اقترب منها ثم تابـع بخفوت ولأول مرة يتوسل لشخص هكذا فـ خسرتها والموت بالنسبة له وجهان لعمله واحده:-
_حوريه ارجوكِ لازم نتكلم ارجوكِ! لما نتكلم و تسمعيني في حاجات كثير هتتغير وتعرفي ان انا كمان مظلوم، وما ينفعش تحكمي عليا وتزعلي مني كده بالقسوة دي وتنسي لي كل حاجه حلوه عملتها
اشتدت اعصابها التي كانت وكأنها موضوعة على مرجل فهمست بصوت حاد دون أن تنظر له:-
_مش عاوزه اسمع مبررات فرغه لإلتهامك خليها لنفسك مجرد بس ما بشوفك ولا اسمع صوتك بقيت بقرف منك و اشئمز وانا بفتكر ازاي طوعتك واتجوزتك وصدقتك وخليتك تقرب مني ثاني
وفي تلك اللحظة إنفجرت كل مشاعر قاسم الندم غرق نبرته الأجشة والتوسل كان باطنًا سميكًا لها وهو يقول:-
_يعني ما فيش اي امل تسامحيني وتسمعيني أنا مستعد تعاقبيني اي عقاب وانا هستحمل عشان استحق ده بس سامحيني
تطلعت فيه بجمود وهي تتوعد له بثور بجنون بينما الاخر صامت تمامًا وهي تردف بصوت سلبت منه الرحمه والمغفره و روحها فقط تبقي كأشلاء تغوص في عرض بحر الظلمات دون نجاء:-
_مستحيل!! عشان ما فيش حاجه هترجع اللي راح يا استاذ قاسم، لما ابقى اموت ابقي تعالي اقف قصاد تربيتي واطلبها مني ممكن ساعتها وانا بقابل وجه كريم ابقي اسامح انما في الدنيا لا
هز قاسم رأسه بقله حيله و كان يثق تمام الثقة أن كل ثبات حوريه وصلابتها تلك تخفي في بواطنها انهيار مُعلن في عيناها اللامعة بدموع القهرة هو ادرك تمام الادراك أن حوريه اصبحت نقطة ضعفه في الحياه واصبح هو ضعيف امامها ولا يريدها ان تتركه و ترحل وهذا اخر ما يتمناه ،زفر بعنف وقله حيله وهو يراها تتحرك بالفعل لتغادر بسرعة نحو الاعلي نظر هو في أثرها وداخله شيء مغموسًا بألم حاد يعتصر قلبه باليقين أن التسامح أصبح خارج إطار حياتها.
وقبل أن يتحرك ليغادر هو الأخري سمع صوت هاتفه يرن برقم شقيقه جواد عقد حاجبيه بجمود ثم وضعت الهاتف على اذنه وقبل أن ينتظر الرد صاح بعصبية حادة بسبب جراحة الغائرة:-
_خير يا جواد بتتصل عاوز مني ايه، الست والدتك ناريمان لسه عاوزه تنتقم مني وبتفكر في انتقام ثانيه قول لها ان خلاص اللي هي عاوزه حصل وخليها ترتاح وهي فرحانه بانتصارها عليا، عشان انا دلوقت بعاني من تحت راسي اللي عملته
ثم بدأ يخفض صوته دقيقة وجاءه الرد بصوت ضعيف منكسر يبكي بحرقه شديدة و يهمس بكلمات غير مفهومة رد بصوت غريبة رجولي اجش:-
_انا مش فاهم منك حاجه انت بتعيط كده ليه؟ هو ايه اللي حصل؟ أهدي و اتكلم براحه واحده واحده عشان افهم مين اللي مات!
__________________________________
الفصل الخامس والعشرين
___________________________________
كان جواد متكئا علي حائط بداخل القسم يحاول كبت انينه يفتك الألم والحزن في كل شبر في جسده، لا يصدق ما حدث وما رآه بعينه فقد عندما عاد من الخارج وجد الخدم يقفون على أعتاب غرفه والده وهم بملامح متألمة بذعر وقلق بشده وصاح بهم بتسال عما حدث؟ لكن لم يجيب عليه أحد مما اضطر جواد إلى فتح الباب بنفسه ورأي حينما ابشع منظره في حياته! شعر حينها أن ساقاي لا يطيقان حمله أحس بضعف شديد وبرودة مدمرة في كل أنحاء جسده وأصبح اضعف مخلوق على وجه الارض حينها وأدرك بعدها أن تلك العائله الصغيرة الضعيفة كانت مصدر قوته وأنه لا شيء من دونهم لكنهم بكل بساطة رحلوا عن العالم بأكمله! أسند ظهره على الحائط وجلس بيكي كطفل صغير علي والدته وأبيه وهو لم يري في حياته دموعه تنزل بتلك الطريقة قط
كان غافلا علي تلك العيون السوداء التي تتابعة وهو يقف جانب يحدق به بجمود حتي أقترب منه وسمع صوته البارد قائلا:-
_جواد
رفع رأسه بسرعه ولهفه وكأنه وجد طوق النجاة إلى أن لمح قاسم يقف أمامه فاندفع إليه بكل قوة أحتضنه وهو منهمر بالدموع أما هو قاسم فقد كان يقف مجمد بأعين متسعة بذهول وصدمة وهو يستمع إلى بكاء حادة ولم يرفع يده في البداية لـ يبادله الحضن ثم أستمع الي صوت جواد وهو يتحدث وسط بكائه بحسره:-
_قاسم شفت اللي حصل، ماما وبابا ماتوا يا قاسم الاثنين ماتوا وسابوني لوحدي
عقد قاسم ما بين حاجبيه بعدم استيعاب وقد أدرك قاسم حينها أن شقيقه الآن أضعف مخلوق على وجه الأرض حتي بتوتر شديد رفع قاسم يده وربت علي كتفه الأيمن يطمئنه وهو يقول:-
_طب اهدا وكفايه عياط عشان افهم ايه اللي حصل تعالي اقعد واستريح وفهمني اللي حصل واحده واحده، الاثنين ماتوا إزاي
أبتعد قاسم عنه وجذبه من يده ليجلس في الخلف أعلي المقعد وكان جواد مستسلم له بدون روح لكنه لم يصمت كان يريد البوح بما داخله ورائه بعينه ليردد بلا توقف بصوت مبحوح:-
_ما اعرفش حاجه انا ما كنتش موجود في القصر اصلا ساعه إللي حصل، وكنت بره في الشركه زي كل مره بنحاول نشوف حل وازاي نسدد القرض اللي بابا اخذه بضمان القصر والشركه، وفجاه بابا سابني وراح الفيلا وهو متعصب ومتضايق قوي اننا مش لاقيه حل وان خلاص كلها يومين وكل حاجه هيتحجز عليها وبعديها بنصف ساعه انا روحت كمان ولقيت الدنيا مقلوبه في القصر الخدم كلهم واقفين بره وبيعيطوا ومرعبين وشكلهم خايفين من حاجه جريت وزعقت فيها وسالتهم في ايه ما رضيش حد يرد عليا
صمت جواد وهو يأخذ أنفاسه بصعوبة وبدأ رويدًا رويدًا وهو يتنفس بصوت مسموع وبمجرد أن استعاد وعيه بدأ يكمل حديثه وهو يبكي بصوت مسموع بحزن شديد:-
_وبعد كده دخلت انا الاوضه بتاعتهم بنفسي عشان اشوف ايه اللي حصل ويا ريتني ما دخلت لقيت منظر بشع قوي يا قاسم لقيت ماما في الارض وجسمها كله متشوه وغرقانه في دمها وبابا جنبها نفس الحكايه غرقان في دمه، جريت عليهم من الصدمه وانا مش مصدق إللي انا شايفه احاول افوق فيهم بس ما حدش نطق ولا رد عليا، ما ردوش عليا يا قاسم وماتوا
شعر قاسم بغضه تخنق قلبه والذكريات تسحبه نحوه الماضي فتتسرب منها ضحكات مسروقه يفيق منها الي ألم الحاضر والمستقبل الغامض بألم اصعب من قبل، لا يعرف ما شعورة الان أيبكي أم يفرح بأن كابوس الماضي سوف ينتهي! لكن بالتأكيد الموت لم يمحي ذكريات الماضي،ثم قال بصوت مهزوز:-
_لا حول ولا قوه الا بالله شد حيلك معلش هو كان في بينهم مشاكل عشان توصلهم لكده
كان جواد شبه في حاله إنهيار حاد من الصدمه وهو يغمغم بصوت حاول سرقة بذور التوتر والخوف منه:-
_ايوه بابا كان عاوز ماما تبيع العزبه والمجوهرات عشان يعرف يسدد القرض بس هي ما كانتش راضيه خالص، وهو كان بيمر بظروف صعبه ومش طايق حد وعلى اخره وانا ياما حذرت ماما تقف جنبه وتسيبها من العند واللي بتعمله بس هي ماسمعتش كلامي، والخدم قالوا انهم سمعهم بيزعقوا مع بعض جامد وبيتكلموا في كده برضه، بس ما حدش منهم قدر يدخل ويلحقهم رغم انهم سمعوا صراخ ماما جامد
استطرد حديثه وكأنه يسبح وسط احزانه وهو يقول بصوت مقهوره:-
_والبوليس لما جاء يحقق مع الكل قالوا هيشرحوا الجثث عشان يعرفوا سبب الوفاه، بس هم شاكين ان بابا هو إللي قتلها وبعد كده قتل نفسه وقطع شرايين عشان خاف من الفضيحه والسجن
صمت قاسم ثواني بثبات يحاول استعياب ما حدث ثم رفع جواد عيناه الدامعة له وهو يستطرد بنبرة متحشرجة:-
_انا ماعرفتش اعمل ايه من الصدمه يا قاسم فجاه حسيت نفسي لوحدي ماعرفتش اتصرف ازاي ولا اعمل ايه في موقف زي كده جسمي اتشل من الحركه ومش قادر انسى منظرهم وهم ميتين في الارض، لحد ما حستش بنفسي غير وانا بتصل بيك عشان تيجي تقف جنبي وتسندني في المصيبه دي! مش انت اخويا برده يا قاسم
كان يسمع صوت بكائه وقلبه يتألم داخله وهو يتذكر جميع لحظات العذاب والظلم التي حصل عليها منهم و رغم كل ذلك لم يتمني موتهم ولم يفرح بفراقهم عن الحياه كما يعتقد جواد بل علي العكس تماماً العذاب والظلم والعدوان منهم مازالوا يعيشون داخله ولم يستطيع أن يزيل تلك الهموم ويزيل السموم التي تتسرب إلى قلبه لتحرقه وتشعره بالضعف والإهانة ،أغمض قاسم عينه وتنفس عدد مرات يملأ الرئتين بالهواء الطلق ثم هتف:-
_طب انت دلوقتي قلت أقولك ولا لسه البوليس محتاجك في حاجه ثاني
هز رأسه ببطء شديد و همس بتلقائية مغموسة بالألم الخبيه والحسره:-
_لا خلاص هم اخدوا اقوالي كلها من بدري بس مش عارف اروح فين القصر هيتشمع عشان الحادثه اللي حصلت فيه، وكده او كده البنك كان هيحجز عليه هو والشركه عشان القرض اللي بابا كان واخده، عشان كده اتصلت بيك تيجي تقف معايا انا مش قادر اتصرف ولا عارف اعمل ايه؟ انا لحد دلوقت ومش مصدق اللي حصل، بالله عليك ما تسيبني انت كمان يا قاسم انا بقيت لوحدي ما ليش حد خلاص كلهم ماتوا وسابوني اخويا وبعد كده ماما وبابا..
حينها انسابت دموعه غزيرة من عينيه و وجهه شاحب اللون ولم يستطيع أن يكفكفها ثم قال له بنبرة خوف شديدة:-
_انا عارف ان انا مااستاهلش وياما اذيتك كثير واهلي كمان اذوك اكثر، والمفروض تكون انت اكثر واحد فرحان من اللي حصل فيا عشان ده انتقام ربنا على اللي عملنا فيك زمان، بس سامحني وخليك انت احسن مني انا بقيت لوحدي وماليش حد يا قاسم اوعي تسيبني عشان خاطري أنت كمان
كانت يتطلع فيه قاسم بوجه دون تعبير ولم يجيب عليه بينما جواد كان ينظر له بأعين تطلق رجاء بان لا يتركه بمفرده جعل قاسم كيانه يرتجف وهو يراه يشهق بعنف ببكاء عندما اخترقت صورة علي الدامي والدته و أبيه الساقطين ارضا دون روح فارقين للحياه
بعد أن قد أخذوا جزاهم من افعالهم الشنيعة.
**
جلست حوريه أعلي المقعد بداخل المطبخ و أفكارها متخبطة بالكثير وسماء ذهنها ممتلئة بشكل متعب، تحاول إعداد وجمع شتات نفسها لتقابل أي مواجهة أخري فهي قد اكتفت من الخذلان والصدمات التي مازالت لا يستوعبها عقلها.
هل الهروب ما تحتاج إليه في ذلك الوقت شعور بالضـعف والخزى من نفسها ومن الجميع حولها فهي حتي الآن تهرب وتخشي المواجهة وتخشي الرحيل أيضا، وقلبها يخترقها فتنهـار بسبب البعد عن ذلك القلب القاسي وهي كالزهرة التي ان خرجت للشمس الحارة ستذبل وتموت، اغلقت أهدابها الكثيفة السوداء لعلها تهدأ نفسها من كم المشاعر التى اجتاحتها يوميًا بلا رحمة للراحة! فـ اين تلك الراحة وسط ذلك الطوفان التي تغرق به دون نجاء.
خرجـت بدريه متجهة إلى الأسفل لتقابل ابنتها التى جاءت وجلست إلي المطبـخ لتوها حتي تاكل لأجل طفلها الذي داخل أحشائها ولم يأتي إلي الدنيا حتي الآن، وما إن رأتها والدتها حتى لاحظت شرود ابنتها بحزن شديد وهي تمسك بيدها الساندويتش وصامته وتسبح في أفكارها تقدمت منها تخبط علي كتفها بحنان وارتسـم ثغرهـا بأبتسامة باهتـة تعبر عن كم المخاوف التى تساورها، ثم تمتمت بخفـوت:-
_كلي يا حبيبتي، كلي واتغذى عشان حتى خاطر اللي في بطنك وماتشيليش هم حاجه وتخليها تاثر عليكي وبعد كده تندمي
رفعت مقلتيها ونظرت إليها ثم بادلتهـا الابتسامـة الهادئة مرددة:-
_انا كويسه ياماما ما تقلقيش عليا.. ماتخفش أنا قوية واكيد هعرف اعدي المحنه دي زي اللي قبلها مش اول مره اتوجع يعني
تقـوس فمها بأبتسامة مريرة، قد فهمت كل شيئ من نظراتها فهي تـوّد حبس أحزانها خلف جدار عازل لتمنـع تلك الهتافات السوداء من إطالتهـا وإن كانت حتي ستجرحها بأشواكهـا قاطعتهـا قائلة بحزم:-
_لأ إنتى مش قوية ..إنتى الوجع خلاكى تستقوى وتمثلي على الكل أنك مش فارق معاكي حاجه بس حتى دي ما بقيتش عارفه تعمليها يا حوريه وده اللي وجعني عليكي يا بنتي
عـادت ترمقهـا بنظرات مقهوره وصمتت لحظه وجـزت على اسنانهـا بضيق تكبـح دموعها بصعوبـة تغلق ابوابهـا وتمنـع الرد من الطلوع فقد اكتفت من الشفقه والعطف ولكنها قد قررت التصدى لها ومواجتها وقـالت:-
_غصب عني الصدمه المره دي غير كل مره والوجع اقوى من قبل ما بقتش قادرة أسكت قلبي ولا اخفف عنه، ماطلعش بس العين لما بتتعب بتقفل لوحدها، لا والقلب كمان لما بيتعب بيقفل حتي من أقرب الناس واحبهم على قلبي
هزت راسها بدريه بتفهم قائله بابتسامه صغيره حنونه:-
_بلاش تخلي قلبك قاسي لان لو قسي مره وداء طعم القسوه بعد كده مش هتقدري تتحكمي في كرهك للناس.. حاولي تتعاملي مع الحقيقه انها خلاص بقت امر واقع ومش هتتغير
استـدارت واتجهـت للخـارج و والدتها كانت خلفها ثم استقلت علي احدى المقعد وهي تكمل حديثها بهدوء مرددة:-
_طب وانتي كمان حاولي تسامحي او بلاش تسامحي عشان انا مش شايفاها غلط من الاساس، بس تجاهلي انك عرفتي ان اونكل جمال يعرف حاجه عن الموضوع ده ومارضاش يقول لك انتي ماتعرفيش قاسم بالنسبه له ايه وأن ده رد فعل طبيعي للي عمله
وجربي حتى تعاكسي الامور وتحطي نفسك مكانه لو انتي تعرفي ان انا غلطت غلطه كبيره قوي في حق قاسم هل كنتي هتروحي تقوليله حاجه ذي كده ولا كنتي هتخبي برده عليه زي ماهو عمل
هـز رأسهـا نافيـة بسرعة هى تخشـي عليها بأن بسبب رجوعها الي زوجها تعتقد أنها لم تعد تهتم لها وقد يجعلها تموت بالبطيئ بفعل ما عرفته من الأحداث المميتة، لكن لا تنكر بدريه انها قد شعرت بـ ببعض الانانيه تجاه جمال ثم هتفت مبررة:-
_ايوه بس
تنهـدت حورية بقوة ثم نظرت لها بهدوء، ومن ثم إجابتها بنبرة تحمل بعض الجديه:-
_انا فاهماكي وعارفه هتقولي ايه؟ وانا بقولهالك بنفسي اهو أنا مش هزعل ولا عمري هفكره بالطريقه دي وهكون عاوزه اخرب حياتك ما تربطيش الامور ببعض دي حاجه ودي حاجه، ومش معنى ان حتى انا وقاسم ما رجعناش لبعض وانفصلنا تخربي حياتك عشاني ومفكره انا هبقى مبسوطه لا طبعا، بالعكس لو عملتي كده وسامحتي هتفرحيني قوي وحاجه ذي كده هتفرق معايا اني اشوفك مبسوطه ومرتاحه في حياتك.. فكري عشان خاطري وارجعي لي اونكل جمال
وصل قاسم وصف سيارته أمام القصر و الحراس امام البوابه ثم اخذ نفسًا عميقــًا ثم دلف متجهة لمنزله وما إن دلف الي الحجرة الكبيرة حتي بدأت بعض الهمهـات تعلو رويدًا رويدًا من الحراس والخدم عندما رأي الجميع منهن جواد معه يسير خلفه بهدوء بوجه شاحب متعب لم يعطي قاسم اى اهتمام بل اقترب الي الداخل ليجد زوجته و بدريه بداخل الصالون يقفون ونظروا الي جواد بتلقائياً ودهشة، وهبط في تلك اللحظة جمال الذي أستمع الي صوت قاسم يقول:-
_تعالي يا جواد البيت بيتك ادخل ما تتكسفش
تفهم جمال بأن جواد سوف يقيم بالقصر لأجل تحسن صحته هو يتجاوز الصدمه ثم اقترب منهم يقول بنبرة هادئه:-
_البقيه في حياتك يا جواد البقيه في حياتك يا قاسم شدوا حيلكم انتم الاثنين
هز رأسه جواد دون حديث باحراج بينما قاسم اخذ نفسًا عميقــًا يملأ رئتيه بالهواء النقـي ثم تنحنح قائلاً بهدوء حذر:-
_جواد هيقعد هنا معنا من النهارده
ظـن قاسم من حورية انها ستنهـض وتكيل لها الكلمات اطنانًا وسوف ترفض وجود شقيقه جواد أن يقيم بالقصر وهو يطالعها بنظرات تود إختلاعها من عيناه السوداء الرجاء بالتسامح أصبحت تكرهها وبشدة نظراتـه تنغر في جرحها بقوة، تشعر بالألم يتراكم ويتراكم حتى اصبح صعب عليها تجاوزه، بينما بعد ثـوان لتنهض بخطوات متعثـرة تخشـي السقوط امامهم فيتأكدوا من سقوطها الابدى في الحياة.
**
في اليوم التالي كانت حورية مزالت بداخل غرفه اسامه وتحاول البعد بجفاء عن قاسم وعدم التحدث معه والتجاهل التام ثم استمعت الي صوت طرقات علي الباب بهدوء وقد سمحت الي من يطرق الباب بالدخول معتقدة بأنها والدتها لكنها تفاجات بـ جمال الذي أبتسم بهدوء وتقدم منها مرددا:-
_ممكن ادخل يا حوريه ولا مش عاوزاني انا كمان ولا طايقة تشوفيني
اومـأت دون أن تنظـر له، ثم غمغمت بضيق واضح وهي تقول بصوت جامد:-
_ما اقدرش اقول لك ماتدخلش ولا اطردك ما تربتش على كده بس ياريت ما تتكلمش في اللي جاي تتكلم فيه لان مافيش حاجه هتقدم ولا هتاخر
صمت جمال ثم بعد ثوان استدار لها عاقدًا ساعديه امام صدره العريض، ينظر لها نظرات منعكسة على عينيها المكسورة بالجمود والشفقـة، ثم تفـوه بجملة واحدة كان لها اثرًا واضحًا علي تلك المسكينة قائلا:-
_طب ليه يا بنتي مصعباها عليكي وعليه جربي تسمعيه الاول وبعد كده لو ماعجبكيش الكلام ماتسمعيش ثاني، هو مظلوم صدقيني
طرقت رأسها في الأرض بخزى بينمـا هي كان صدرها يعلو ويهبط من فرط انتظار حديثها ثم رفعت مقلتيها تحدق به بشرارات غاضبة وداخلها متأوهًا من الألم نظرت له بتهكم وقالت بحدة:-
_مش متفاجاه على فكره انك بتدافع عنه رغم اللي عمله فيا، ماهو الاب والام برده مهما اولادهم يعملوا بيفضلوا خايفين علي ولادهم وشايفينهم ملائكه في عيونهم
صمت لبرهه يتفرس ملامحها ثم قال محاولاً تهدأتـها مرددا:-
_بس هو مش ملاك يا حوريه ولا انا ولا انتي وكلنا بني ادمين ومنا اللي بيغلط سواء عن قصد او بالغير قصد، و مطلوب مننا نسامح ونغفر عشان نعرف نعيش في الحياه
زاد احمرار وجهها غضب وشعرت ان خلاياها ستنفجر من الألم لا يقبل الالتحام من اى شخص غيرها قادر على تحمل ذلك، زجـره بعيناها وتابعت بسخرية مريرة:-
_انا عمري ماندمت على حاجه في الدنيا دي قد ماندمت علي صدق مشاعري وغبائي مع كل اللي حوليا وبالذات ابنك إللي انا واثقت فيه وامنتله، وعارفه ان احنا كلنا بشر مش ملائكه وانا كمان بغلط بس غلط عن غلط بيفرق يا استاذ جمال.. وللاسف غلطه قاسم كبيره وصعبه انساها
هتف جمال بصوت به رجاء:-
_جربي حتى لو لسه عندك واحد في المئه امل انك تسامحي سامحي يا حورية ما تتردديش، العمر بيجري يا بنتي بلاش تضيعوه كله في العتاب
تهدجـت انفاسـها المتلاحقة، وأجابت لاهثًه وهي تقول بصوت حزين:-
_انت عاوزاني اسامح وانسي بسهوله بعد إللي عمله فيا طب ازاي؟ وانسي ايه ولا ايه! انسي أنه كذب عليا ولا انسي أنه اغتصبني ولا انسى أنه كان معيشني في وهم انه بيحبني وما يقدرش يعيش من غيري وبيحميني من غدر الناس وهو اول واحد غدر بيا، بلاش تتكلم عن وجع ما حسيتوش ولا حاسس بيا
زم جمال شفتيـه بعدم رضا، ثم قال بضيق:-
_انا عارف ان الموضوع صعب عليكي وليكي الحق في كل اللي بتعمليه بس قاسم ما كانش بيكذب عليكي لما قال لك انه بيحبك عشان هو حبك بجد
حملـقت به متسعه الحدقتيـن، واخيرًا استطاعت إخراج الكلمات بصعوبة من بين شفتيها الثابتتيـن بجمود:-
_قاسم ده بقي بالنسبه لي دلوقت اكبر اختيار غلط في حياتي غلطه كبيره غلطتها في الدنيا وحظي الوحش أو القليل، وما كانتش ينفع من الاول اديله أكبر بكتير وكتير من حجمه الحقيقي ولا اقرب منه وهو مش شبهي اصلا، قاسم دي بقي كأن اختيار خاطئ نتج عنه كان هو السبب فيه
هـز رأسـه غير مصدقًا ثم سألها بتوجـس:-
_كل ده كره شايلاه جواكي منه مابقيتش فاكره اي حاجه حلوه عملها معاكي، حوريه بلاش تحسبي الأمور وتحكمي عليها كده
تنهـدت حورية تنهيدة تحمل الكثير بينما افتـرش الشر على ملامحها الصارمة وهي تقول بصوت قاسية:-
_انا كان لازم اكرهه وابعد من الاول لكن غصب عني لسه سايبه الباب موارب يمكن ضعف يمكن أمل يمكن غباء مني، معرفش بس اللي اعرفه ومتاكده منه اننا ما بقيناش ينفع خلاص نكون مع بعض، انا لو جربت اسامح وانسى زي ما انت بتقول 100 حاجه هتفكرني واولهم ابني اللي كنت لحد من اسبوعين بس مش عارفه من ابوه! وبسببة بقيت في نظر كل الناس ست مش كويسه.. عشان كده ما ينفعش خالص تيجي تقولي جربي أنسي وسامحي
**
بداخل غرفه فتح جواد الباب وتقدم بخطوات متعبه بارهاق واغلق الباب بهدوء خلفه ثم حدف هاتفه أعلي الفراش بأهمال و فتح نور الاباجوره واتسعت عينه بدهشة وقلق فهذة ليس الغرفه نفسها التي نام فيها ليله امس!! وقبل أن يتحرك ليغادر تفاجأ بأن باب المرحاض يفتح وتخرج منه هاجر وهي تلف بشكير حول جسدها يصل الي بعد ركبتها وبيدها فوطه صغيره تجفف شعرها المبلول وهي تغمض عينيها باستسلام.. تجمد جواد مكانه من الصدمه ولم يعرف ماذا يفعل بينما ظل مكانة؟
بدأت هاجر تفتح جفنيهـا بتثاقل وما إن وصلت عينها على جواد أمامها حتى تحركت منتصبة بفـزع اصبح جسدها يرتعش كل جـزء فيها يرتعد لمجرد التفكير فيما قد حدث او سيحدث وهي معه بداخل غرفه بمفردهم! رأى الذعـر في عينيها الساحرة بوضـوح كان ينظر لها بدهشـة ورغم عنه عينه وصلت إلي جسدها الشبه عاريه أمامه المثير هـزت رأسهـا نافيـة بسرعة ثم استدارت وفي لمح البصر تمسك البشكير جيدا حتى لا يسقط ويكشف جسدها وهي تصرخ بحدة وخجل شديد:-
_يا نهار اسود انت بتعمل إيه هنا وازاي تخش عليا الاوضه من غير ما تستاذن
إبتلع جواد ريقه بإزدراء، ثم قال متلعثم وهو مصدوم واخفض رأسه بسرعه عنها:-
_انا اسف والله فكرتها الاوضه بتاعتي اتلخبطت بينهم لسه مش حافظهم انا لسه واصل امبارح بس
لفت بجسدها بغضب شديد وهي تصيح بعدم تصديق بسخرية لاذعة:-
_اتلخبطت بينهم برده عليا انا الكلام ده، انا فاهمه كويس الاعيبك القذره دي، ويا ريت تحترم البيت اللي انت قاعد فيه استاذ قاسم ما فتحلكش البيت عشان تنهش في شرف بنات الناس اللي ساكنين فيه وياريت ملكش دعوه بيا من هنا ورايح عشان المره دي لو فكرت تعمل حاجه هجري على طول علي قاسم بيه واقول على البيه اخوه الي فتحله بيته رغم اللي عمله
حدقـها بقوة وبرقت عينـاه كاد يختنـق من حديثها الاذعة وحاول أن يمسك أعصابه وهو يجيبـه بتعب حقيقي وبصوت مهزوز لم تراعيه ابدًا::-
_خلصتي كلامك ولا لسه عايزه تقل ادبك عليا ثاني
صاحت هاجر بغيظ هاتفه بعصبية شديدة:-
_احترم نفسك انا مش قليله الادب ودور وشك الناحيه الثانيه واتفضل من غير مطرود بدل ما اصوت والم عليك اللي في البيت كله
اشاح وجهه بضيق شديد بينما جـز هو على اسنانـه بغيظ ثم زمجر فيها بحدة:-
_ولا تصوتي ولا تزعقلي انا كده أو كده كنت ماشي من غير ماتفتحي الهجوم عليا ومن غير ما تسمعيني انا ولا كنت عاوز منك حاجه ولا بقيتي في دماغي انا بقيلي مده اصلا بطلت اروحلك الجامعه ولا اجي هنا اشوفك وانتي اكيد لاحظتي ده بنفسك.. ويا ريت تاني مره ما تحاوليش تطولي عليا في الكلام وتصدقي ما تصدقيش براحتك لان فعلا اتلخبطت في الاوضة ومجيش في دماغي انتي بالذات ممكن تكوني ليكي اوضه هنا فوق معنا
تنهـدت هاجر بقوة، ثم نظرت لها باشمئزاز ومن ثم اجابتـه بنبرة تحمل بعض التهكم:-
_اه ما انت متعود الخدم يباتوا تحت في المطبخ اخرهم مش بتحترموهم وتحس انهم بني ادمين زيك
مسح وجهه بعنف وهو يقول بغضب مكتوم:-
_اللهم طولك يا روح بنت انتي لمي لسانك قلتلك ما كانش قصدي ودخلت الاوضه بالغلط ولو كنت وفرتي كلامك كنت طلعت على طول وبعدين مش عارفه محموقة على ايه من حلاوتك يعني هنشوف ملكه جمال انجلترا ..اديني طالع وسايبهالك مخدره
تنسـات خوفها وتلاشي مع الريـاح ليتجسـد امامه امراه تصيح بقسوة شديدة تدافع عن انوثتها وقالت بعصبية حادة:-
_ملكه جمال انجلترا بتاعتك اللي عجبك قوي دي متجيش فيا حاجه حتى لو كانت احلى واحده في العالم وكفايه اللي انا عارفه مكانتي ومش مستنيه واحد زيك يقول لي وحشه ولا حلوه ويهز ثقتي في نفسي
كاد أن يخرج جواد لكن توقف عند كلماتها واقترب منها بخطوات مخيفة بالنسبة لها، توترت ملامحها عندما هبط جواد لمستواهم ومد يده يمسك شئ ما خلفها يرمقـه بنظرات غامضه دبت الرعب في اوصاله لترتعد من هيئتـه القريبه منها بينما هي ظلـت تعود للخلف شيئ فشيئ تشربـت ملامحهَا الخوف والجزع، ظل يراقبها بهدوء مخيـف كالفهد الذى يراقـب فريسته حتي انصدمت قدمها بالفراش خلفها لتشعر بثقل في انحـاء جسدهـا بتوتر وامامها شـاب وبمفردهم اتسعت عينا هاجر الحمراوتيـن مثل وجهها من كثرة الإنفعـال ثم هتفت بأنفاس لاهثـة:-
_انت اللي رجعك لو فكرت تعمل حاجه انت حر انا مش هسكتلك اطلع بره لا الا والله العظيم هصوت و..
صمتت عندما رفـع حاجبـه الأيسـر،ثم نظر لها بنصف عين وهو ياخد الهاتف الخاص به من أعلي الفراش فجأة ليقول بجدية:-
_ما تخافيش قوي كده انا رجعت عشان اخذ التليفون كنت هانسى عشان اول ما دخلت حدفته على السرير لما كنت فاكر انها اوضتي، وقلتلك خارج من غير صويت
جزت علي أسنانها بحده مكتوم بينما هو ضحـك على ارتباكهـا كانت ابتسامتـه جذابة وكانت تسيطر عليها حالة تعجب لا نهائيـة كيف تتلعثم وتخجل هكذا ثم قطع جواد حبل تفكيـرها الشارد وهو يقترب منها هامس بأذنها بابتسامة لعــوب:-
_اه ولمعلوماتك انا ما شبهتكيش بملكه جمال انجلترا عشان انتي وحشه لا بالعكس هي فعلا متجيش جنبك حاجه بالذات بعد ما شفتك على الطبيعه وانتي لسه خارجه من الحمام و واخذه دوش مش زيها بعد الحمام ده اكيد كل حاجه هتتشال وتبان على اصولها.. بس انتي طلعتي مخبيه حاجات كثير حلوه فيكي ما ينفعش تتقارن باحد
كانـت دقـات قلبها تتسـارع تشنجـت قسمـات وجهها بعد أن يقول كلماته تارك إياها تشعر بالقشعريرة التي سارت في جسدهـا و وجهها يشحب شيئً فشيئ حتي هزت راسها بسرعه بوعي تجيبه بصوت غاضب متوتر:-
_اطلع بره يا سافل يا قليل الادب وقلتلك ما تبصش بدل ما اخلعلك عينك دي
تحرك أخيرا جواد بهدوء واغلق الباب خلفه ووضعه في جيبـه الهاتف، بينما هي توقف مكانها لحظات تداهمـه بقوة وقلبها يدق بصوت عالٍ مسموع، بأعيـن تعاهدت بحزم بأن قلبها لا يسمح للانهار بالانهمار علي الوقوع لتلك المشاعر التي تدق بداخلها باستسلام، لكن هل هي قادرة على التحمل وتستطيع السيطرة علي قلبها أم سوف تقع له.
**
بداخل مستشفى السجن كان عتمان مستلقياً فوق الفراش يشعر بألم عاصف يضرب جسده بشدة فقد قبل اسبوعين سقط بداخل الحجز فاقد الوعي ولم يتحمل وبعدها تم نقله إلى المستشفى بتعب شديد وكل ليله يظل طوال الليل يتقلب فوق ذلك الفراش الذي يستلقي عليها بلا هواده في محاولة منه للعثور علي الراحه البال والبحث علي حل بما هو فيه لكنه فشل بكل مره
أغمض عينه متألما واخذ يتوجع بصوت منخفض وهو يحاول ان يعتدل ببطئ من فوق ذلك الفراش مقاوم ذلك الالم الذي يعصف به لكن ما أصابه من ذلك الا ان الالم قد ازداد و اصبح لا يطاق مما جعله ينفجر في البكاء علي حاله أصبح يشعر بأنه ضائع ومن الجميع فـ عائلته التي كان يعتقد انه لديهم الاول عنده في المقام الأول أصبحوا لم يأتون إليه مثل سابق ولا ابنته ولا حفيدته جومانه التي كل مره كان يتساءل عنها ولم يستطيع أن يجيب عليه أحد وقد اكتشف بعد ذلك أنها أصبحت تخجل منه ولا تريده والان اصبح حفيده اسامه أيضا لم يأتي إليه منذ مده طويله، من الممكن الجميع أن يكون مشغول بشئ هام لكنة أصبح حساس جداً للغايه، وضع قبضته فوق فمه في محاوله منه لكتم شهقات بكائه التي اخذت تزداد حتي لا يراه أحد يتألم هكذا فهو لا يرغب بان يراه أحد وهو ضعيف بهذا الشكل فقد يسخر من ألمه أحدهم أو شامتاً به.
وفي الصباح الباكر فتح عيناه عتمان بتعب وإرهاق ليجد أمامه حازم يراقبه بابتسامه هادئه لكن فوراً لاحظ ألمه الشديد وحزنه تقدم منه هاتف بقلق:-
_جدو حبيبي انت كويس رد عليا أبوس ايديك مالك بس حالتك بقيت في النازل خالص كده ليه
أغمض عينه متألما بوهن وهو يتحدث بصعوبة بالغة:-
_شكلها كده خلاص المره دي يا حازم كان لازم اعرف ان نهايتي هتيجي في يوم من الأيام وكل اللي انا عملته في حياتي هيتردلي.. وكل حاجه في حياتي عملتها ادينا اهو بادوق منها عشان اعرف طعم الظلم اللي انا عملته في غيري
إبتلع حازم ريقه بتوتر ليقول بخوف شديد:-
_جدو ماتقولش كده انت هتطلع صدقني وهتبقى كويس جدا وهترجع زي الاول واحسن، ما تخافش انا مش بقول لك كلام وخلاص المحامي مش ساكت ولا انا وان شاء الله حضرتك براءتك هتبان وتظهر
هز رأسه عتمان بنفي بيأس منكسر شاعرة بالم هزيل ياخد من جسده أضعاف جعله يشعر بالذنب تجاه كل شخص اذي مرادفا بصوت متعب:-
_خلاص يا حازم ما بقتش محتاج البراءه ولا المحامي هيفيدني في ايه المحامي في اخرتي لما اقابل وجه كريم انا رايح لدنيا تانيه وهسيب كل حاجه ورايا، رايح لمكان ما فيهوش غير الحقيقه ومش هاخذ معايا غير أعمالي اللي عملتها في الدنيا وبس
قبضة حادة تعتصر صدر حازم وهو يراه هكذا ضعيف منكسر ليقول بصعوبة بالغة:-
_ماتقولش كده انت هتبقى كويس بلاش الكلام ده وانت تعبان
أغمض عينه متألما بوهن وهو يتحدث بصوت ضعيف:-
_لو عاوز فعلا تساعدني حاول توصل لي بدريه وبنتها عاوزه اشوفهم قبل ما اموت.. عشان خاطري يا حازم اترجاهم وخليهم يجوا يشوفوني خليني اموت وانا ضميري مستريح يمكن تكون دي اخر حاجه هعملها في حياتي تخليهم يفتكروني بيها لما يترحموا عليا
ازال حازم الدموع التي تغطى وجنتيه جده عتمان بكف يده ببطء وهو يعلم بانه يتصنع الهدوء ولا يريد ان يراه وهو يتألم مما جعل الذنب يشتعل بداخله اكثر واكثر ويريد إصلاح أي شئ حتي لو بعد فوات الاوان.
**
بداخل جنينه القصر جلس جواد على احدى المنضدات وعلى احدى الكراسي البلاستيكية يملأه بمنكبيـه العريضين ينعـش نفسه بالهواء الطلق الذى يشعر انه يحتاجه لينظـفه داخليًا ويذكره بما مضـي ليفكر في القادم ماذا سيفعل به وفي حياته القادمة بمفرده فكيف سيستطيع أن يتجاوز المحنه تلك بكل بساطة دون خسائر، كأن جمال يجلس أمامه على الكرسي فهو هاتفه حتي يهبط لتناول الفطور معه وهو يلاحظ أنه شـارد الذهن و وجه واجم وملامحـه هادئة بشكل غريـب يصعب فهمـه كان يضـع يده أسفل ذقنـه وينظر للاشيئ بسرحان حتى قطع خلوته جمال قائلا:-
_ما تاكل يا ابني هتفضل تبص في الاكل وانت ساكت ومش بتاكل، أنا فاهم كويس مالك واللي فيك بس خلاص معلش حاول تتجاوز المرحلة إللي انت فيها وان شاء الله كل حاجه هتعدي على خير
هـز رأسه نافـي واستطرد بهدوء مفتعل:-
_ماليش نفس لاي حاجه وقلت لحضرتك مش عاوز بس حضرتك اللي صممت تخرجني من الاوضه واقعد معاك
كانت في تلك اللحظة تمر هاجر من بعيد لكنها أستمع الي الحديث رغم عنها،حين أجابه جمال بصوت قاتم هز كيانـه:-
_عشان مش عاجبني حالك ومش بالحبس اللي انت حبسها لنفسك في الاوضه ومش بتاكل ولا تقابل حد هترجع اللي راح خلاص افتكرهم بالرحمة وادعيلهم هم مش محتاجين منك غير كده
نظـر جواد للأرضية بأسف حقيقى ثم تمتم بكسـرة ألمـت هاجر بشدة التي كانت تتحرك للرحيل لكنها توقفت حتي تستمع حديثه بفضول آثارها بشده:-
_تفتكر ربنا هيسامحهم على اللي عملوا انا عارف انهم عملوا كثير في حياتهم حاجات وحشه واذوا ناس كثير واولهم قاسم عشان كده نهيتهم كانت وحشه وماتوا بطريقه بشعه
تنهد جمال وقال بجدية مرادفا:-
_دي حاجه بيد ربنا هو الوحيد اللي عالم بيهم، وبلاش نجيب سيرتهم بالوحش بعد ما ماتوا المهم انت ما تكملش مسيرتهم وتبقى كويس عشان نهايتك ما تبقاش زيهم
شعر جواد بريبـة تحتل قلبه بحزن ولكن غمغم هادئة:-
_انا ما بقيتش الفتره الاخيره راضي على اللي بيعملوا أصلا مش اللي حصل هو اللي غيرني ربنا يرحمهم ويغفر ليهم بقي
هز رأسه جمال بتفهم وصمت بينما سأل جواد وهو يدقق النظر له ليقول بحذر:-
_هو قاسم و حورية مالهم انا ملاحظ ان في حاجه غريبه ما بينهم حصلت هو في حاجه
نظـر له بقوة ثم قال بثبـات زائـف:-
_ماتشغلش بالك مشاكل عائليه بتحصل في اي بيت وان شاء الله كل حاجه ترجع زي الاول واحسن
سارع جواد مبررة بهزة من رأسه وهو يتساءل بتوتر:-
_هي المشكله اللي بينهم بسبب ماما لما كشفت ان الطفل اللي كانت حوريه حامل فيه وهي على ذمه جاد يبقى ابن قاسم وهو اللي اغتصبها.. هو معقول يعمل حاجه زي كده
تحولـت عيناه جمال لجمرتين من النـار فى ثوانى معدودة، ليقول جواد بأسف مفتعلاً:-
_انا اسف والله ما قصدي حاجه بس ماما قالتلي قبل ما تموت وانا والله العظيم ما كنت موافق على اللي بتعمله ياما حذرتها وقلتلها مالناش دعوه خلاص بس هي للاسف الانتقام كان عاميها، بس هي فعلا اللي قالته صح وقاسم هو ايه اللي اغتصب حوريه انا ما صدقتش لما قالتلي كده
قاطعه بصـوت سَاخـط خالٍ من اى شفقة مرددا:-
_اسمعني كويس يا جواد و اوعي تفكر ولو لحظه واحده ان قاسم وحش وعمل كده عشان ينتقم من اخوك زي ما امك وابوك فاكرين، قاسم كانت اخر حاجه تيجي في دماغه ان ينتقم منكم اصلا وكل حاجه حصلت كان غصبا عنه ،كله كان بسبب بنت عمك تالا هي كانت عينها منه من اول يوم شافته ولما رفض اللي هي عاوزاه مالقيتش طريقه قذره تعملها غير انها يوم فرح اخوك تستغل غضبه لما اتخانق معاك وانت سكران وديتله حبوب على انها صداع وقاسم اخذها بحسن نيه وبعد كده طلعت حاجه ثانيه للاسف وما كانش شايف قدامه ولا واعي على نفسه وهو بيعمل ايه لحد ما رجله اخذته اوضه حوريه وكانت لوحدها ساعتها وحصل اللي حصل وانت عارف الباقي وبقيت حامل منه بعد كده وكلكم اتهمتوها أنها كانت على علاقه بوحد غير جوزها
انفـجر ثغـره مفتوح مشعة وكأنه حصل على صدمه لم يستطع إخفائها وهو يستطرد قائلا بذهول:-
_تالا مش معقول عشان كده اختفت فجاه ورجعت امريكا ثاني وبطلت ترد على اتصالاتنا كنت شكك انها في حاجه عاملاها بس ما توقعتش حاجه زي كده بس هي فعلا مش كويسه وبتعمل علاقات من غير جواز عادي بالنسبة ليها
هز رأسه بضيق مؤكد بوجه جامد وهو يجيب بصوت قاتم:-
_ده لان بعد ما قاسم هددها ان لو شافها ثاني هيضرها لان هي السبب في اللي هو فيه وحورية من وقت ما عرفت الحقيقه وهي في الحاله دي وبيكلموش بعض ومصدومه من اللي عرفته
ابتلع ريقه بصعوبة بحرج وخجل أشد من عائلته التي أصبحت كـالأفاعي تتشكل علي هيئه بشر! ثم تسأله بنبرة متوجسة:-
_طب لو انت ذي ما بتقول قاسم ما كانش يقصد ليه ماقلهاش من الاول بدل ما عرفت من ماما وكان شرحلها الوضع كله وانه مالوش ذنب
تأفف بضيق بدى على ملامحه قائلاً بخيبه امل:-
_ده لأنه كان خايف ان حوريه تتصدم فيه وتسيبه لانه بيحبها قوي ومش عاوزها تبعد عنه وانا ياما حاولت احذروا وأن الافضل يقول لها بس هو خاف من المواجهه وخاف يخسرها
سأله مستفهم، وراح بعيد نفس الجملة مرددا:
_طب هو الوضع هيستمر علي إيه دلوقت هيسيبوا بعض ولا ايه ومافيش اي امل اني حوريه تسامح قاسم؟
وقبل أن يجيب عليه جمال لاحظ جواد وجود هاجر وهي تقف بعيد تنظر إليه بقوه وهي كانت تستمع الحديث الدائر بينهما وعندما رأت جواد ينظر إليها بتعجب شحب وجهها من الحرج وابتعدت مسرعة تتخطي نحو الداخل هاربه.
**
رفع قاسم نظراته تجاه جواد الذي اقتحم المكتب بعد أن أستاذن بالطبع منه عقد قاسم حاجبيه متسائلا باستغراب واهتمام:-
_خير يا جواد عاوز حاجه لو محتاج حاجه اطلبها مني او من جمال على طول ما تترددش
أتاه صوت جواد المُرهـق بعد ثوانى وهو يقول بهدوء مصتنع:-
_شكرا مش محتاج حاجه انت تقريبا موفرلي كل حاجه من قبل ما اطلبها متشكره قوي يا قاسم على كل حاجه عملتها معايا انا كنت جايه اشكرك ومش عارف ازاي هاردلك الجميل ده مع ان انا ما استاهلش اللي انت بتعمله معايا
هز قاسم رأسه بضيق مرادفا بصوت محذرا:-
_وبعدين يا جواد مش قلنا ننسى اللي فات انا عن نفسي بحاول انسى وقلتلك انت ملكش ذنب في اللي عملوا اهلك، ولو هنحسبها بطريقه ثانيه انت ممكن أقل واحد اذتني فيهم عشان كده انا ساعدتك،وفي النهايه انت اخويا حتى لو اذتني
عض جواد على شفته السفلية بألم ومن دون وعى منها خرج صوتها مشفقـــًا علي حاله وهو يقول بندم:-
_مش قلتلك انا ما استاهلش مساعدتك انت طيب قوي يا قاسم ما كنتش تستاهل اللي كان بيعملوا فيك بابا وماما مش عارف ازاي كانوا قادرين يعملوا فيك كده وانت ازاي كنت بتستحمل
تنهد قاسم وقد عاوده تلك الكلمات المسمومة بذكرته ليهتف بكسرة استطيع اخفائها هاتفه بجمود:-
_عادي ما كانش عندي اختيار ثاني، غير بعد كده بقيت اتعود علي اللي بيعملوا فيا
إبتلع جواد ريقه بصعوبة وحرج وهو يقول بنبرة متوتره:-
_انا استاذ جمال حكيلي عن المشكله اللي بينك وبين حوريه مراتك ماما كمان قبل ما تموت كانت معرفني عملت ايه انا اسف بجد على اللي عملته وأنها فرقت ما بينكم، لو تسمحلي انا ممكن اتكلم معاها وافهمها انك ما كنتش تقصد وان تالا وحشه قد ايه وان هي لما بتعوز حاجه بتعملها حتى من غير ما تفكر في اضرارها
هتف به جواد مترجي بنبرة كسها بالتوسل لعله يرد واجبه تجاه و يكفر عن ذنبه وذنب عائلته، ليتنهـد قاسم بقوه قائلا برفض شديدة بصوت صارم:-
_اياك يا جواد سيبلي الموضوع ده وانا هتصرف فيه ولو سمحت ما تحاولش تكلمها ولا تقرب منها ابعد عنها دي مشكلتي وانا هعرف احلها ومش عاوز مساعده من حد
**
بعد عددا ساعات في منتصف الليل.
توقف قاسم أمام غرفه حورية عددا لحظات بتردد قليلا ثم حسم الأمر وفتح باب الغرفه ومن ثم دلف للداخل ليجد الغرفه مظلمه ليحاول ان يصل إلي مصدر الإضاءة أنار الردهة بضوء خافت ثم بحث بعينه عنها لتظهر حورية وهي تجلس علي المقعد بجانب و خصلاتها المنوجة بلون الشيكولاته تهزه يمينًا ويسارًا انتبهت لأصوات أقدام تأتي من الخلف وعندما استدارت للخلف حجظت عيناها بشدة واندهشت مما رأت! لتسأل نفسها كيف ومتي دخل؟ إليها قاسم وجدته هو يقف بجوار الباب يضع يده خلف ظهره ينظر لها بأعين تشع بعشق جارف، أدارت مقلتيها لجهة أخري تتجاهل نظراته التي توترها وتجعل قلبها يخفق بشدة بين جنبات صدرها، ضم شفتيه بندم علي ما اقترفه بحقها فاقترب منها ببطئ قائلا بصوت مخنوق:-
_حوريه انا تعبان أوي ومش قادر على الدوشة اللي في دماغي ومش مرتاح ولا القاعده لوحدي بتريحني ولا الخناق ولا الدوشة بتريحني، وانا عاوز ارتاح عشان كده جيتلك.
نهضت وهي ابتلعت ريقها بصعوبة ترجع خصلاتها للخلف تحاول إخفاء توترها خاصة عندما أصبح أمامها مباشرة، رفع أنامله يمسك ذقنها كي يدير وجهها إليه فاستجابت له ولكن كانت تخفض عيناها أرضًا، تمتم بخفوت:
_عرفتي أن عصام الصريطي مات هو وناريمان
مراته ماتوا الاثنين وشرهم راح فاللي كانوا بيعملوا فينا
هزت رأسها بالايجابي ثم تمتمت بقوة:-
_عرفت بس اكيد مش فرحانه ولا شمتنا في الموت ربنا يرحمهم بس انت مالك ايه تكونش زعلان عليه
هـدوء غريب سكنه فجأة ليتجوب بعينيه فى ارجاء المكان، ثم هتف بضياع:-
_مش عارف حاسس باحاسيس غريبه مش عارف افسرها بس غيابة واجعني..بس وجوده كمان كأن مؤذي اكتر من غيابة هو عمره ما حبني ولا حسيت لو للحظه ان ابويا
صمتت قليلًا تأخذ أنفاسها ثم قالت بنبرة حزينة ضعيفة:
_معلش احساس طبيعي اللي أنت فيه بس ما حدش في النهايه بيقدر ينسى وجعه بالذات لما يكون الوجع من اقرب الناس ليك
فهم قاسم ما تعنيه من كلماتها القاسية ذلك، وبالطبع تقصده هو تنهـد تنهيدة طويلـة بغـلب مرددا:-
_عارفة وأنا قاعد لوحدي افتكرت حاجة كنتي قولتيهالي في بدايه علاقتنا، قولتيلي أوعي تسيبني وقولتيلي انت البني آدم الوحيد اللي بيديني طاقة عشان اقدر اكمل الحياه وبرده قلتلي انت الوحيد اللي بتخليني عندي الشجاعه اواجه كل الناس وانا متطمنه وبحس بالامان معاك! وقلتلي انا لو مشيت وسبتك مش هتقدري تعيشي من غيري ولا هتقدري تواجهي، بس لما بعتي وانا احتجتلك قعدت أدور عليكي وكنت عايز اتكلم معاكي وتسمعيني زي زمان، بس كل حاجه اتغيرت وانتي كمان اتغيرتي وكنت عايز أقولك أنتي مقولتليش أعمل ايه لو أنتي اللي مشيتي!
شعرت أنها علي حافه الانهيار وسؤال قاسم يضعف من مقاومتها الشنيعة للبكـاء الحاد ثم رفعت أناملها الصغيرة تمسح ما سقط رغم عنها من عبراتها التي بللت وجهها وهي تقول بعتاب:-
_انا ما اتغيرتش انا وعيت انا صحيت انا فتحت واستوعبت وشوفت وسمعت وقسيت واتجرحت واتصدمت انا اتكسرت واتقهرت واتعذبت وتعبت واتظلمت انا بكل بساطة عامله زي اللي كانت في غيبوبه وعايشه مع احلامها الورديه وفجاه صحيت على الواقع، بس وقع مر حقيقه مخيفه انا لحد دلوقت مش مستوعبه فمتجيش دلوقتي تقولي انتي ليه اتغيرتي
كلماتـها كان لها تأثيـر واضح عليه، سيزول ذاك القناع ليظهر مدى الألم الغزير لا لن يحدث، رسم الجمود بمهارة وبعقل مشتت ومتذبذب قال بتوجس:-
_انا من ساعة ما اتقابلنا وبدات احبك وانا بحاول اهرب من اللحظة دي عشان كنت عارف ان ده اللي هيحصل وانت هتبعدي وتتغيري عشان كده ما رضيتش اسمع كلام جمال واتكلم
رفـعت حورية حاجبها مستنكرة ثم قالت بنبرة واضحة:-
_لحظة ايه؟
زفـير عالى أطلقه ليسكن كأنه منتظرة حكم القاضـي عليه ولكنه تفاجئ بجلاد قاسى يهبط بسوطه عليه دون رحمة:-
_اللحظة دي.. اللي هنفتح فيها في القديم وتعرفي كل حاجه بس هتعرفيها من وجهه نظرك انتي وحكمتي من غير ما تسمعي
رمقته بنظرة يغمرها العتاب والألم مما فعله ثم هتفت بعصبية ولم تعطِ له فرصة بالحديث والدفاع عن نفسه، وهي تبكي بعنف حتي أن جسدها بدأ يرتعش ولم تستطع تمنع شهقاتها من الارتفاع فهي لم تكن تتصور أبدًا أن تكتشف عنه شئ كذلك ويعاملها بهذه الطريقه بفعلته هذه شعرت بالخذلان والقهر المرير منه:-
_القديم مابتقفلش بس انت اخترت الطريق الاسهل، انت كذبت علشان تريح دماغك يا قاسم بس ما فكرتش اني في النهايه كل كذبه وليها مده وهتنتهي وهتتكشف الحقيقه
صمتت حورية لتأخذ أنفاسها وسط بكائها بمرارة أما هو فقد غضب من نفسه بشدة بسبب حزنها الواضح للعيان بين حدقيتها، ليقول بندم ونبرة صادقة:-
_انا صح كذبت بس كذبت عشان خايف اخسرك يا حوريه خفت ارجع زي زمان لوحدي وانا مش عاوزه ابقى وحيد ثاني بعد ما عرفت طعم الونس
تنفست بعمق تحاول أن تهدأ من ضربات قلبها ثم رفعت مقلتيها تنظر لظلام عيناه تعاتبه بنظراتها الساكنة، ثم همست:-
_طب ما انت في الحالتين خسرتني برده يا قاسم، انا بقيت حاسه ان انا تائهه نفسي حياتي القديمه ترجع نفسي ضحكتي ترجع واعايش بعيد عن العالم ده، ده مش عالمي ولا دي دنيتي نفسي ابعد بس مش قادره ولاول مره احس ان كرامتي مش غاليه أوي كده عليا ومش قادره انسحب واكسبها.. بس ممكن مش قادره ابعد عشان اللي في بطني ابنك اللي مالوش ذنب في حاجه او اه كمان نسيت ابنك الاولاني معلش لسه مش واخذه على الجمله
تألم من الكلمات المميتـة تلك شعر بأمعائه تتقلص من الجزع والحزن وإنخرط قلبه الحاد الذى كان سبيله الوحيد للتهوين عن نفسه، ثم همست بصوت امتلأ بالرهبة:-
_تعرف طول ما انا قاعده لوحدي برده بفضل اسال نفسي كثير اسئله هو انا وحشة؟ طب هو انا عملت ايه غلط؟طب ايه اللي كان ممكن اعمله صح ومعملتوش ايه اللي وصلك تجرحني بالطريقه دي، و في كل مرة اجابتي كانت بتبقي واحده! وهي ما اعرفش انت عملت فيا كده ليه؟
كان صدره يعلو ويهبط من التوتر ومن كثرة الحديث ثم تمتم بصوت متألم علي ما أصابها:-
_أنا آسف يا حوريه عشان خذلتك.
كان قلبها يدق بصخب تعجز عن تهدأته، وكأنه يخشي ما سيحدث بعد قليل! وقلـبه يلومها وبشدة! كانت في حيره شديدة حقا؟بسحابـات عميقة منكسرة وحزينة سألت بألم:-
_يااه تفتكر الجمله دي هتفيد بحاجه دلوقت وهو الاسف اصلا هيفيد في حاجه زي كده ولا هيصلح، تعبت نفسك عشان تيجي تقولي معلومة قديمة زي دي انا عارفه ان انا اتخذلت منك عشان انا حسيت بالطعنه ده.. هو انت بجد جايلي دلوقت ليه اللي ممكن تقوله يصلح موقفك
رفع عيناه الحمراء الحزينه يقول بندم علي ما افترقه بحقها:-
_انا كنت جاي اطمن عليكي وبس
اومـأت حورية بلامبالاة مصطنعة عكس ما يفتعل بصدرها من حمم بركانيـة:-
_لا انت جاي تقنعني باي كلمتين من بتوعك عشان تحاول تخليني انسى حتى الليله دي وافضل جنبك واداوي ألمك.. مش كده مالك متستغربش اوي كده اني عرفت وبقيت افهمك
نظـر إليهـا في تعجـب شديد، تقلصـت عينـاه السـوداء بحلكة شديدة لمعت بصدمة ثم خرجـت منه همسة منكسرة:-
_لا أنا مستغرب إنك عارفة اني محتاجلك و ساكتة اول مره تشوفيني موجوع وما تقربيش مني عشان تداوي المي يا حورية
عادت تقـول بتهكم واجابتها بهدوء حذر وكأنه منتظر اجابتها من الأصل:-
_محتاجلي! وبعد الاحتياج ده ايه اللي هيحصل بعد كده هتطلب مني ايه ثاني اعملهلك
هـز رأسه نافـي وسارع مبررة:-
_مش هطلب، انا مطلبتش منك حاجه زياده
أدمعت عيناها بقهر لتنظر له بضعف لتقول بصوت حزين وقلبها يرتعش من فكرة ما إصابتها:-
_صح انت مطلبتش مني كده لانك واثق و متأكد اني دايما في ضهرك و هعمل اي حاجة عشانك ،زي مانا كنت متخيلة انك هتبقى في ضهري وهتعمل أي حاجة عشاني
بأعيـن مهمومة ومكتفية أردف بصدق:-
_وده حقيقي يا حورية رغم كل اللي حصل لسه بحبك اه غلطت بس لسه جوايا حبك بلاش تحرمينى منه، وحاولي تدي لعلاقتنا فرصه ثانيه
ولأول مرة تستقبـل حبـه وشوقه على وتيرة السخريـة لم تهـز رأسها نافيـة لم تنهـره على اتخاذ قرارات بدلاً منه لم تصيح فيه بحدة بل صمتت، وما اصعب ذاك الصمت الذى يلجمها الحزن يدميهـا منذ أن اصبحت تعرف جميع الحقائق حولها، حتى كادت تشعر انها تستشعر الثقل في نطق تلك الكلمة مرة اخرى، بينما ظل هو يراقبهـا بأعين متلهفة، خرجـت همسـة هادئـة بعكس ما يجيش بصدرها من اهتيـاج حاد:
_مفيش حاجة اثرت في نفسيتي وهزتني من جوه قد الحقيقه اللي انا عرفتها عنك يا قاسم انت كنت اخر واحد ممكن اشك ان ممكن يعمل حاجه زي كده فيا ليه بجد عملت فيا كده
صرختـها القوية الحادة أرعشـت جسده وكأنه رسالة للعقـل بالتحرك والتفكير على الفـور، ليقول ببلاهة:-
_طب مافيش امل تنسي اي حاجه عملتها زمان وتفكري بس في الليله دي! وان انا وأنتي دلوقت ما نعرفش اي حاجه فاتت عن بعض اكننا لسه متعرفيني على بعض.
إنتفض جسدها بقلق من شحـوب وجهها الأبيض وكأنها خرجت من معركة ما خاسـرة ولما هي بالفعل لم تنتصر وتواجهه بل ارتعدت كـانت الدموع متحجرة في لؤلؤتيها تكبحهـم بصعوبة شديدة ويظهر جهادها في ذلك عن طريق تنفسها الغير ثم همست ببلاهـة فاغرةً شفتيهـا:-
_وبعد الليله دي يا قاسم اللي مفروض يحصل
لتنغمس هى في عينيه السوداء و قال بصوت رجولى هامس ليلعب على اوتارها الحساسة:-
_كل حاجه اكيد هترجع زي الاول يا حورية النسيان مش في ليله.. ارجوك الليله دي وبس يا حورية ..أنا محتاجلك وأنتي كمان محتاجه لي
كانت كأنها نقطـة ومن بداية السطر مقاومة، كل خلية بداخلها نهرتها لتقاوم سريعًا شعرت بطاقة تخترقها لا اراديــًا وهي تحاول الفرار من الامتزاج بتلك الامواج وهى منها اساسًا تحولت نظرات الهائمـة لنظرات جعلتها تشعر انها ستفقـد وعيها الان أمسكهـا من معصمهـا بقوة، ولم يبالي بأعتراضها لكن تطلع فيها برجاء شديدة ثم اجابته بصوت سُلب منه جميـع المشاعر:-
_ويا ترى احتياجك ليا من انهي نوع المره دي
يعاقب بالحياه ويـدس وسط خياريـن من أشـواك مؤلمـةً تجرحه دون رحمة او مُهلـة على شيئً لم يكن بأرادته يومًا، أسبل اهدابه وهو يغمغم بألم:-
_ما بقتيش تفكري فيا غير بالطريقه دي وبس! احتياجي ليكي انك تيجي في حضني وتسمعيني هو ده اللي طالبه منك مش اكثر
مؤسف أن يتمنى الإنسان حقَّه! فهو يتمني أيضا أن يفقد كِلانا منهن الذاكرة ويلتقي من جَديد لربما تسير الاُمور افضل مما كانت، او بالمعني الادق أن تسير الاُمور بأي طريقة غير ما كانت المهم أن لا يفترق...
**
مع طول الشمس فجر يوم جديد وقد تنسي ما حدث وبدأ الأمر يعود كما هو سابق! حاول قاسم النهوض من بجوارها بهدوء يحاول قدر الامكان ولا يتسبب فى ازعاج نومها فهى لم تنم الا منذ وقت قليل بعد ان قضى طوال ليلة امس يتحدث و يتحدث عن كل شئ حدث له وهو بعيد عنها في تلك الليالي الماضية ورغم أنها لم تتحدث وتجيب عليه في بدايه الامر كعادتها لكن كانت تستمع له باهتمام كبير وفي وسط الحديث الدائر بينهما رغم عنهم الإثنين استسلام كلا منهن إلي الآخر حتى يبثها شغفهم وجنونهم إلي بعض باشتياق شديد، و تاركين خلفهم يحدث ما يحدث كان العشق و الاشتياق بينهما أكبر في تلك اللحظات!!
حتى انتهاء الأمر بكل هدوء وسقطت بعدها فى نوم قلق مرهق اما هو ظل الباقى من الليلة مستيقظا يتأملها بحنان عينيه لا تستطيع عينيه الابتعاد عنها لايدرى كيف له من قدرة أن تقسي عليه وتبعده عنها لمدة طويلة هكذا بعد ان شعر بحلاوة قربها ودفئها تشعل كل حواسه بالحنان والأمان بهذا القرب
نهض قاسم أخيرا فهو متأكد بنسبة كبيرة عندما تستيقظ حوريه سوف تندم أشد الندم علي استلامها ذلك، هز رأسه بيأس و خيبه أمل علي حالهم الصعب الذي وصل إليه الآن ولم يستطيعون تجاوز تلك المراحل
وقف يتأمل وجهها بملامحها الرقيقة الناعمة لتتوقف فوق شفتيها الرائعة المنتفخة بشدة من جنون قبلاته لها طول الليل ليبتسم بحنان حين عادت به ذاكرته الى جنونهم ليلة امس كانت ليلة سعيدة لكن أصبحت الآن كـ الحلم الضائع
هز قاسم راسه يحاول ان يخرج من دوامة افكاره يزفر بقوة فهو ان ظل يقف امامها يتأملها كثيرا لن يتحرك من مكانه ابدا ليسير باتجاه الخارج يغلقه خلفه بهدوء حتي لا تستيقظ وتبدأ في غضبها و تقتل حلمه الجميلة، وفي تلك اللحظة فزعت حورية من نومها تنظر الى جهته فى الفراش لتراها فارغة لتشعر بالحزن والالم يهاجم قلبها تلعن نفسها بعنف كيف سمحت إلي نفسها إلي الاستسلام وإظهار حبها إليه أنه مازال داخل قلبها ينبض بجنون عشقه لتعنف نفسها بغضب وخجل من نفسها أمامه الآن وقد أوضحت مدي اشتياقها وانها غير قادرة على البعد عنه ولا تجاوز عشقها له، فـ أصبح حبه كـ اللعنه أو الوباء التي صعب التخلص منه؟
بعد فترة قصيرة خرجت حورية من المرحاض بعد استحمامها بمياة باردة لعلها تبرد تلك النيران المستعيرة بداخلها بعد كل ما مرت به فى هذة الامسية المشئومة من اول ما استمعت إلي قاسم رغم ما فعله وبعدها سمحت له أن يلمسها كم شعرت بإهانة من ضعفها ذلك تحركت بخطوات بسيطة لتقف أمام التسريحه وهي ترتدي بشكير قصير يظهر جسدها لتوضح علامات ملكيه قاسم عليها من ليله أمس!
لترفع يدها ببطئ شديد نحو رقبتها بارتجاف تلمس تلك العلامات بشرود ولتشرد رغم عنها في أحداث ليله امس حين كانت صامته ولم تجرأ على فعل أي شيء يثير اهتمامها بحديثه لكن رغم عنها انجرفت نحوه الاستماع وبدأت ترد بكلمات مطمئنه وتخفف عنه، وهو في تلك اللحظة شعر بخفقات بداخل قلبه فهو كان بحاجة إلى ذلك الكلمات بشده وكونها قالتها في ذلك الوقت وهي في خصام معه تدليل علي مدي حبها إليه.
رفع راسه ينظر باتجاهها ليفاجىء بها تجلس أمامه كما الاطفال تضع كفيها الاثنين تحت وجنتها وشفتيها منفرجة برقة تجعله يتمنى قضاء الليل كله يقوم بتقبيلها فقط، فهو أشتاق إليها بشده ابتسم بحنان ورقة يقف مكانه عدة دقائق مراقبا لها ثم تقدم للفراش يصعد ببطء وهدوء فوقه مقتربا منها وهي توترت ملامحها بشده علي الفورا بقلق شديد عندما رأته يقترب منها ليقوم بسحب جسدها اليه يحتضنه بين ذراعيه لتتوائم منحنيات جسدها مع جسده كما لو كانت خلقت لتكون بين احضانه هو فقط، تنهد بشوق ينحنى يقبلها برقة لعدة لحظات لتفتح هي عينيها بصدمه وعجز ولم تدرك ما حدث بعدها وكيف تركت نفسها له، ثم أبتعد عنها بعد فترة ليضع راسه ليستريح فوق راسها يغمض عينيه برغبه ليغرق هو الاخر فى بحور عشقها وهو يقبلها مره ثانيه وثالثه وأكثر بشغف وعمق وهو يضمها بحماية الى صدره.
وبعد فترة طويلة أبتعد عنها ببطء مبتسم بحنان وسعاده أنه حصل عليها أخيراً ولف ذراعيها حول خصرها قاسم المستلقى بجوارها وكانت هي تستند برأسها فوق صدره العارى بينما هو كان يستند براسه فوق مرفقه يبتسم لها بحنان و شغف مماثل لما حدث قبل قليل يرتسم فيه عينيه لتشعر بالخجل يلون جميع جسدها بالحمرة فاسرعت بالابتعاد عنه تلف الاغطية حولها بارتباك وهرب لكنه لم يعطيها تلك الفرصة لتحرك بعيدا عنه يجذبها اليها لترجع الى الفراش تستلقى مرة اخرى فوقه يحيطها هو بذراعيه يستند بمرفقيه فوق الوسادة بجوارها يخفض راسه الى عنقها ونام بهدوء بعدها شاعرة هي بأنفاسه الساخنه واغمضت حوريه عينيها سريعاً بقوه وبارتباك بنوم ولا تريد التفكير فما حدث؟
بعد فترة أفاقت من دومه أفكارها المقيدة و زفرت حوريه باحباط وهي تبتعد عن الخزانه وتغلقها بغضب بعد أن ارتدت ملابسها وتحركت للخارج وعندما التفتت وجدت أمامها جواد الذي كان يتحرك نحوه الاسفل لكنه تراجع عندما رآها وحاول رسم ابتسامة متوتره وهو يقول بهدوء:-
_ازيك يا حوريه اخبارك ايه
ليجدها واقفة بوجه متجمد تحدقة بنظرات غاضبة لكنه أجابت قائله ببرود:-
_تمام عن اذنك
كادت أن تتحرك للرحيل لكنه توقف أمامها بسرعه هاتف بتلعثم:-
_هو انتي زعلانه مني عشان انا قاعد معاكم هنا لو مضايقة مني انا ممكن امشي عشان شكلك فعلا مش طايقه وجودي هنا على العموم ده بيتك انتي في النهايه وانا ضيف هنا
نظرت إليه بشراسة وهي تجز علي اسنانها وعينيها تلتمع بحقد تجاه ثم إجابته حورية ببرود وهي ترمقه بنظرات جامده:-
_وازعل ليه ما تقلقش كلها ايام واسيبلك الجمل بما حمل انت واخوك، وانا اللي هابقى ضيفه لو جيتلك ثاني هنا
هز رأسه جواد بأسف وهو يقول بصوت متردداً:-
_هو انتي هتسيبي قاسم يا حوريه عشان الكلام اللي قالته ماما قبل ما تموت وعرفتك ان قاسم يبقى ابو ابنك الاولاني
شعرت حورية بالدماء تنسحب من جسدها فور سماعها كلماته تلك فهي ماذا صحيح تنتظر حتى ترحل وتترك قاسم لكنها في نفس الوقت تعرف الإجابة جيد جدا، ثم اخفضت رأسها بألم وقد هدد الضغط الذي قبض علي صدرها بسحق قلبها..اخذت ترفرف عينيها بقوه في محاولة منه لابعاد تلك الدموع التي تحرق عينيها قبل ان تنسكب علي وجهها وتفضح امرها اخذت تتنفس ببطئ محاولة السيطرة علي ذاتها لتنجح في نهايه الامر برفع رأسها والنظر في عينيه بوجه متجمد خالي من المشاعر وهي تجيبه ببرود:-
_تعرف رغم ان انا مش طايقه والدتك بس ممكن دي الحاجه الوحيده اللي عملتها كويسه قبل ما تموت وعرفتني حقيقه البني ادم اللي انا كنت متجوزاه وياريتها كانت عايشه عشان كنت جيت اشكرها بنفسي، يعني هيكون إيه الجديد في حياتي ما انا متعوده على الصدمات من ساعه ما اتجوزت جاد أخوك بس على الاقل اخوك الثاني كان واضح وكان باين عليه الغدر من اول يوم على وشه مش زي استاذ قاسم ما كانش باين عليه خالص غير الطبيه والحنيه
لوي شفته بابتسامة ساخرا مرددا بخيبه امل:-
_جاد مش ملاك اوي كده زي ما انتي فاكره يا حوريه بتهيالي كمان انك لو كنتي كملتي معاه كنتي هتعرفيه على حقيقته اكثر، صدقيني اللي انتي شفتيه منه كوم واللي انتي كنتي لسه هتشوفي كوم ثاني.. وكنتي هتقولي بنفسك اني قاسم هو اللي ملاك
رفعت مقلتيها ونظرت إليه بعدم تصديق ثم هتفت باستنكار شديد:-
_غريبه يعني بقيت دلوقتي بتدافع على قاسم ومعترف ان اخوك مع أنك لما كنتش بتطيق ولا أنت ولا اهلك دلوقت بقى قاسم حنين وطيب وجاد هو اللي شرير
أخفض رأسه يتنهد بندم شديد وهو يقول شاعر بالذنب يتغلغه من الداخل:-
_ليكي حق تستغربي بس انا مش بادافع عنه عشان اللي عمله معايا بس ده اللي كان لازم يحصل من زمان قاسم احنا كلنا ظلمنا قوي هو ما يستاهلش اللي بيحصله وهو مع ذلك محاولش ينتقم مننا ولا كان بيتمنى لينا الشر
صاحت حوريه بنفاذ صبر وقد اشتعلت عينيها بالغضب:-
_تكره تحبه براحتك ما بقاش ليا دعوه بي ولا بيك، في النهايه انا كنت على ذمه الاثنين اخواتك وما شفتش منها غير كل غدر وقريب قوي كل حاجه هتنتهي.. عن اذنك
ثم التفتت تعطي ظهرها تغادر المكان بخطوات غاضبة وهي تحاول السيطره علي نفسها قبل ان يبدو عليها الانهيار لكنها تجمدت مكانها حين استمعت إلى صوت جواد يقول بسرعه مرددا:-
_حوريه انتي ما تجوزتيش غير قاسم وجاد عمره ما كان جوزك
التفتت له ببطئ ومسحت حورية دموعها بكف يدها قائله بهمس وهي تنظر اليه بعينين تلتمع بقلق شديد:-
_مش فاهمه قصدك ايه؟
صمت جواد ثواني متردد بالحديث لكنه يريد بالبوح السر ذلك لعل حوريه تتعاطف مع قاسم وتنسي ما فعله معها وتعرف أن رغم قسوة فعل قاسم إلا أن أنقذها بغير قصد، ليقول بصوت متوجس:-
_مش عارف اللي انا بقولهلك في الوقت ده المفروض ولا لا بس حاسس انك لازم تعرفي الحقيقه و أن جاد ماكانش جوزك والفرح والماذون كل ده كانت خدعه و الماذون كان واحد صاحبنا انا وجاد اصلا، وهو عمل كل ده عشان يردلك القلم اللي انتي ضربتهله زمان قدام الجامعه كلها
بينما كانت حورية واقفه تتابع حديثه ذلك بهدوء مريب وهي ترمقه بنظرات باردة كالصعيق حين أكمل حديثه بارتباك وتوتر:-
_وكان ناوي بعد الفرح ياخذ غرضه منك ويسيبك ويهرب ويسيبك تواجه كل الناس بالمصيبه اللي عملها معاكي، يعني اعتقد لو كنتي موتي زمان من غير قصد فانتي بعد اللي عرفتيه دلوقت، هتعوزي تموتي بقصد المره دي ،انا اسف في اللي بقولهلك بس هي دي الحقيقه فعلا جاد عمره ما كان عاوز يتجوز ولا يرتبط ولا كان لي في الحوارات دي هو ما لقاش طريقه غير دي ينتقم منك بيها واللي انتي فيه النهارده كنتي هتعشي برده ثاني بسبب اللي كان هيعمله معاكي جاد لو كان زمانه عايش ومكمل لعبته
وقفت حورية تنظر اليه بعينين متسعه بصدمة عده لحظات محاولة استيعاب كلماته تلك لكنها همهمت بصوت منخفض غير مصدق ثم صرخت حتى تقطعت أحبالها الصوتيه وهى تهز رأسها يأسا بعدم تصديق بما فيه ثم هجمت عليه تصب جم غضبها عليه حتى تألم وانصدم جواد ما حالتها فهو لم يتوقع رد فعلها ذلك ابدا وتحدث بحسن نيه لا اكثر! حاول دفعها لكنها كانت متشبثه به بشراسه تصرخ بأنها ستقتله مثل ما قتلت أخيه انتقام لشرفها الذي كان يريد جاد أن يضيعه ويقضي عليها بكل بساطة دون اشفاق ولا رحمة.
حتى أتى قاسم بخوف وقلق وانصدم من حاله زوجته تلك وبصعوبه بالغه أبعداها عنه وهى تصرخ رافضه تركه حتى حاوطها بيده بقوه من الخلف عند خصرها مهدئ حتى بعدت عنه تماماً لكنها لم تتوقف عن البكاء والصراخ
ورغم قاسم أنه لم يفهم شيئا وما حدث لكنه تألم لحالها ولحال، وكذلك جواد أيضا الذي ظل يقف مكانه يتطلع فيها بعطف وحزن ولم يهتم لوجهه ورقبته التى يغطيها الدماء فقد كانت خدوش أظافرها حاده كمخالب لبوه وليست كـ فتاه، غضب قاسم وهو يسأله عما حل بها فقد حذر إياه بعدم التحدث معها فماذا حدث جعلها تنهار وبدلاً من انهيار عصبى بسيط أصبح انهيار عصبى حاد وحالتها مخيفه لكنه لم يجيبه بشئ في البدايه حتي صرخ عليه أنه أمره بحده وهو يقول:-
_في ايه يا حوريه مالك بتصوتي كده ليه؟ انت عملتلها ايه يا جواد انا مش نبهت عليك ما لكش دعوه بيها وماتتعرضلهاش عملتها إيه عشان توصل لي الحاله دي أنطق
إبتلع الآخر ريقه بخوف وقلق وهو يقول بسرعه بتبرير:-
_اهدا يا قاسم والله العظيم ما عملتلها حاجه انا بس عرفتها حقيقه كانت لازم تعرفها من زمان
حاوط قاسم خصرها بيده بقوه وهي تصرخ بانفعال و ترفع اصابعها في الهواء لتقول وهي تبدأ بالبكاء بهستريه:-
_انتم ايه شياطين!! انا كل مره اعرف مصيبه اكبر من اللي قبلها بتعملوا فيا كده ليه انا عملتلكم ايه عشان تؤذوني بالشكل ده حرام عليكم ارحموني وسيبوني في حالي بقي انا تعبت منكم كلكم و زهقت يا رب ياخذني عشان ارتاح من قرفكم كلكم
بينما كان قاسم يتابعها متجمد بعجز وهو يشاهد لحظات انهيارها واصبحت قدميه كالهلام غير قادرتان على حمله شاعراً بالم يكاد يحطم روحه الي شظايا وقلبه يكاد يهزق روحه أيضا وهو لا يعلم ما حدث لها لكن بالتأكيد شئ خطير جدا ليوصلها إلي تلك اللحظة.
حاولت حورية مقاومه نوبه الانهيار المتصاعده بداخلها لكنها فشلت في مقاومتها لتبدأ تصرخ بصخب وهستريه حتي ادمعت عينيها احاطت يدها بمعدتها التي بدأت تألمها من كثرة حرقه الاعصاب والبكاء لتعرف بأن الألم أصبح لا ينتهي مطلقاً.
__________________________________
الفصل الأخير
___________________________________
في الاسفل بالصالون توقفوا كلا من جمال وبدريه أمام جواد وهو يخفض راسه الى الأرض باحراج علي استحياء بعد أن تحدث وقال لهم أيضا مافعله شقيقه جاد في حورية وما كأن ينوي عليه قبل موته، فـ قبل قليل خلص قاسم حورية وأبعدها عنه بصعوبة شديدة وأخذها الي غرفتها بينما علي جانب آخر أستمع جمال وبدرية ما يحدث وصراخها و ركضوا إليهما بذعر شديد لكن قاسم منع أي منهما بالتحدث معها وهي بذلك الحاله السيئه، وبالطبع لم يجدوا غير جواد أمامهم يستجوبوا ليعوفوا ما أوصلها لتك الحاله النفسيه الصعبة؟ رفض في البدايه جواد أن يتحدث حتي لا تقع عليه اضرار ثانيه من الصدمة مثل ما حدث مع حورية، لكن أصرت بدريه أن تعرف منه بإصرار شديد حتى نطق اخيرا بقله حيلة مرددا إليهم ما يعرفة.
وكانت النتيجة مثل ما توقع؟ حدق به جمال بصدمة وعيناه مفتوحة علي مصرعيها بعدم تصديق بينما بدريه هدرت به بعنف تبادله صرخاتها وجذبته من ياقه قميصة بقوة مرددة:-
_كلاب شويه كلاب ما عندكوش رحمه هو انتم ايه مخلوقين من ايه؟ مافيش ولا دم ولا رحمه في قلوبكم عملتلكم ايه بنتي الغلبانه عشان تعملوا فيها كده كلكم ما بتفكروش غير في حاجه واحده غير انكم تؤذوها وتكسروها وبس
تأملها جواد باستسلام والحزن الظاهر علي وجهه يردف:-
_انا اسف معاكي حق في كل اللي بتعمليه بس انا والله ماليه ذنب في اللي كان بيعمله ويخطط لي جاد وبعدين هو خلاص مات واخذ نصيبه
اقترب جمال بسرعه من بدريه يحاول يخلص جواد من بين يدها وبالفعل نجح في ذلك، لتهبط يداها تزامنا جانبها بضعف مع دموعها بخذلان وقهر علي ابنتها وكان جمال عيونه تتأجج بالذهول قائلا بجدية وعدم رضي:-
_مكنش لازم تقول حاجه زي كده دلوقتي انت مش شايف كل واحد في اللي مكفيه حتى لو كانت نيتك خير اصبر عشان الكلام إللي زي كده ليه وقته
زاغت عيناه الزيتونية الذابلة ليرفع رأسه ينظر إليه بألم حاد يعتصر قلبه قائلا:-
_معاك حق فعلا انا اسف والله ما توقعت ان رد فعلها هيكون كده، حقكم عليا كلكم واسف على اي حاجه عيلتي عملتها واتسببت فيها
هنا تلألأت عيناها بالدموع بعد ما فاض بها من الألم لتغزو سحابة سوداء مقلتيها متذكره ما قاله قبل قليل وما كان سوف يحدث مع طفلتها التي عانت في تلك الحياه كثيره علي يد ناس تجردت الرحمة من قلوبهم أمام هؤلاء الجاحدين رمقته بكره.. واحتدت عيناها بغضب وهي تبكي بحرقه وتصرخ في ذات الوقت:-
_اقسم بالله العظيم وحياه اولادي اللي مابحلف بيهم كدب لو كان لسه على قيد الحياه وعمل اللي كان عاوز يعمله في بنتي، ما كنت هتردد لحظه واحده في اني اقتله واشرب من دمه حسبي الله ونعم الوكيل فيكم
اوعى تفكر عشان بنتي كانت لوحدها ومعناش راجل ماكنتش هعرف اجيبلها حقها منكم وأحد وأحد
جذبها جمال اليه لتبقي أمامه مباشرةً يهتف من بين أسنانه إلي جواد بحذر وهدوء:-
_خلاص يا بدريه اهدي عشان خاطري وعشان صحتك ما تعمليش في نفسك كده ،وانت يا جواد معلش بعد اذنك يلا اتفضل فوق دلوقت لحد ما يهدوا من اللي انت قلته و يستوعبوا الصدمه
توقف مكانه جواد يتطلع إلى بدريه وهي تبكي بأحضان زوجها وتردد بعض كلمات بغضب شديد بحزن علي حورية، بينما هو تحدث بحسن نيه لم يكن ينوي شر او يتصبب بمشاكل إطلاقا تحدث كرد جميل نحو قاسم واعتقد بذلك من الممكن أن تفكر حورية وتسامح زوجها علي فعلته في الماضي والتي كشفتها والدته قبل وفاتها، لكن الان عرف ان بذلك الحديث قد يكون تسبب بالمشاكل اكثر بينهما ولم ينصلح الحال مثل ماذا كان يريد ومتوقع وقد ندم على ذلك الكلام، ليمسح دموعه بقوة وذهب من أمامهم ليأخذ جمال يد بدريه بحنان الي أحضانه يربت علي كتفها بحنان وارتسـم الهدوء فوق ملامحه وهو يقول بصوت حنون:-
_تعالي اقعدي واهدي وبعدين حاولي تتمسكٍ شويه حوريه فيها اللي مكفيها دلوقت ما ينفعش تشوفك انتي كمان كده هتتعب اكثر و تنهار
مسحت دموعها بضعف تُهدأ من شهقاتها وتشكلت ملامح أعلي قسماتها بحسرة هاتفه:-
_وهي لسه فيها نفس لي التعب والانهيار ما اللي حصل حصل انت ما شفتش بنفسك حالتها كانت عامله ازاي لما عرفت اللي الزفت جاد كان هيعمله فيها اه ياعيني عليكي يا بنتي هتلاقيها منين ولا منين كان مكتوبلك فين كل ده بس، يا ريتها ما اتنيلت اتجوزت ولا عرفت العيله دي اللي ما ورائهاش غير الاذى ليها وبس ..انا هطلع اشوف بنتي
كادت أن تنهض بدريه وتبتعد عن أحضانه لكن جمال منعها لتقف أمامه ثم رفعت نظرها إليه تتساءل بخفوت ماذا يريد؟ ليهز رأسه بنفي قائلًا بحنو:-
_بدريه عشان خاطري معلش سيبها دلوقتي مع قاسم صدقيني هو الوحيد اللي قادر يطلعها من اللي هي فيه وهي محتاجاه كمان يمكن تسمعه المره دي ويتصالحوا
**
بداخل غرفه حورية ضمت قدمها وهي تجلس اعلي الأرض وظلت الدموع تتساقط من عينيها بحسره مثل طفله صغيره غير قادرة علي منع مقلتيها من ذرف الدموع ويعتصرها كل هذا دون ذرة رحمة من العباد لحظـات مرت من الزمـن مشفقـة عليها الحياة لغدر الزمن والجميع من حولها يدوس بالعنف الشديد عليها لغير ارادتها لرغبتها بل لأجل رغبتهما هما فقط، كانت تشعر أنها سقطت بين الأمواج متلاطمـة بالواقع وعليها تتشبثب قدماها بالأرض خوفًا من القـادم الذى باتت تكرهه فقد تحطمـت أسارير قوتها في ثوانٍ معدودة، فكرة خلف الاخرى في عقلها يديرها يمينًا ويسارًا فهي أصبحت تغرق بقوة واستمتـاع بين شياطين دون رحمة!
كان يقف قاسم يتابعها وارتسم معالم الحزن الشديد عليها فوق وجه فورا ان ادرك ما أوصلها لتلك الحاله شاعراً بالدهشة تتملكه غير مستوعباً كم الغل والحقد الذان ينبثقان من داخل شقيقه جاد! ثم قطـع الصمت صوت قاسم الذى كان يراقبها بتركيز بخوف من رد فعلها على ما قاله شقيقه الثاني لها، ثم جذبها سريعاً من ذراعها منهضاً اياها من جلستها تلك هامساً بصوت ضعيف:-
_خلاص بقى يا حوريه أهدي وماتعمليش في نفسك كده انا عارف ان معاكي حق والموضوع يضايق بس خلاص غير في داهيه ومات يا ريت كان موجود وأنا ولله كنت اخذتلك حقك منه وزياده وبردتلك نارك وناري
ظـلت تبكـى بقهـر وبصمت حتى مـرت دقائق معدودة ووجـدت قاسم يتقـدم منها ويريد يلمس ويحضنها حتي يخفف عنها، لكنها هى تحمل اساسًا فوق طاقتها لتصيح بصراخ وسط بكائها بمرارة:-
_اوعى انت كمان انا مش عايزه حد جنبي خلاص مش عاوزك غور من وشي انت اصلا كمان وأحد زيهم ومنهم كمان، مستنيه ايه اصلا منكم غير الاذيه والقرف اللي كل يوم بعرفوا عنكم
رمقـها بنظرات حادة وأستطرد بجدية:-
_حوريه انا من ذيهم وانتي عارفه كده كويس وهي غلطه واحده كنت غلطتها معاكي وبحاول اكفر عن ذنبي وبطلب منك السماح كل يوم تقريبا
اى عذاب ستتحدث الأن فـ أصبحت الالام تزداد عددها حتى اصبحت هي ذات نفسها تنسى عددها ومن من تعذبـت.. رقصت الألم على اوتـار العذاب شتـاه وبألم مكتـوم، فهي بالأساس لا تستطيع ايذاء شخصًا هكذا، حتى أنها لا تستطيع إنقسام حزنها مع غيرها لكن غيرها فعل أكثر من ذلك ودون مراعاة، نطقت بذلك الحديث الذي خرج مقهور من اعماقها وهى تحدق به ببكاء:-
_عشان زيهم ما عندكش دم ولا احساس بكل بساطه تدوس عليا وجاي تطلب مني السماح انت واحد حقير وشهواني زيهم المفروض كنت استني ايه منك غير كده.. كل اللي عاوزه مني ويفرق معاك هو جسمي بس عشان كده بس لسه متمسك بيا باماره اللي عملته معايا امبارح
بينما فجأة قبض قاسم على ذراعيها بعنف وصرخ فيها بحدة يزمجر فيها غاضبًا:-
_بـــس اخرصي خالص
انتفضت حوريه بذعر وصمتت بينما نظر إليها بأعيـن حمراء كحمرة جمرة مشتعلة وتزداد اشتعالاً ولكن ازدياد كلماتها المهينة كالأنذار ليفيق ويزمجر فيها غاضبة:-
_اسكتي خالص أيه اللي انتي بتقوليه ده ليه مصره تنزلي من قيمته وتشوفيني وحش في نظرك مصممه ترسملي صوره واحده في دماغك وما تشوفيش غيرها وهي إني عملت كل حاجه غلط معاكي وكنت قاصد منها اني اؤذيك وبس، اسمعيني كويس ولازم المره دي تسمعيني غصبا عنك لازم تعرفي اللي حصل في الليله دي ما كانش برضايا وايه هي الحقيقه
وضـعت يدها على اذنيـها تمـنع ذاك الوباء من الوصول لأذنيها، ثم تابعت صرخت فيه باهتيـاج:-
_اسكت خالص مش عايزه اسمع حاجه كل ما بحاول اسمع حد منكم بتصدم من الحقيقه كفايه وسيبوني احسن اكون مخدوعه ومش فاهمه اللي بيحصل حوالي! انا كرهت الحقيقه خلاص مش عايزه غير الكذب اكذبوا عليا ارحم لكن ما تورونيش حقيقتكم القذره دي قدامي
أزاح قاسم بغضب مكتوم يدها من فوق اذنيـها وفجأة تشنجـت ملامحه واشتـدت نظراته كأعيـن الصقر متابعًا بإصرار:-
_هتسمعني غصبا عنك انا الليله دي اتخانقت مع جواد عشان كان سكران وقولي كلام ما عجبنيش وسبت الفرح وطلعت بره وجت ورايا تالا بنت عمه او المفروض بنت عمي انا كمان، واستغلت ان انا متضايق ومش شايف قدامي وكنت تعبان من شغل اليوم واديتني برشام كنت مفكره لي الصداع واخذت بحسن نيه وانا مااعرفش بس طلع حاجه ثانيه زي منشط واديتني كمان مفتاح اوضه الفندق اللي كانت حجزاها في نفس الفندق اللي حجزوه جاد ليكي، ما اعرفش تفاصيل كثير عشان كنت مشوش ومش شايف قدامي بس رجلي اخذتني لي الاوضه بتاعتك وكانت مفتوحة لوحدها ودخلت وغصب عني لمستك
تبـلد جسدها بصدمـة، وتحطمت لؤلؤات أحزانها التى كانت تتقافـز غير مصدقة ثم صرخ بصوت عالى جمع كـل معانى الحدة فيه:-
_انا ما كنتش عارف ملامحك ولا انتي مين بس لما فوقت ثاني يوم ابتديت افتكر شويه تفاصيل عن اليوم ده واللي انا عملته، كنت عامله زي العاجز مش عارف اتصرف ولا اعمل ايه وضميري كان بيعذبني جدا وانا مش عارف من البنت اللي انا اعتديت عليها دي وضيعت شرفها وضيعتها مقدرتش استحمل اواجه نفسي حتى وسافرت بعيد عشان ما حدش يسالني مالي ولا فيا ايه؟ ولما رجعت وحكيت لي كل حاجه، جمال اتعصب عليا جامد قولي ازاي عمله زي دي تطلع منك وانا اللي مربيك وزاد عليا الحمل اكثر وضميري كمان وجعني أكتر، وبالصدفه بعدها بشهرين أو اكتر سمعك جمال وانتي في القصر بتاع عصام الصريطي لما ناريمان هربتك وكانت فاكره انك حامل في حفيدها وسمع كل التفاصيل وانتي بتحكي ايه اللي حصل ساعتها على طول خمن أن انا اللي عملت كده و راح يقولي
واخيرًا باح بالسبب الذى جعل الصدمة جزءً من ملامحها الهادئة والصارمة ليكمل حديثه شابها صرخـة حادة من تلك البائـسة أمامه مرددا:-
_مهما اوصفلك الوجع اللي انا حسيت بي وقتها والقرف من نفسي ان انا طلعت اغتصبت مرات اخويا كان عامل ازاي مش هعرف الدنيا اسودت في وشي وماعرفتش اعمل ايه ولا اتصرف.. بس غصبا عني كان لازم ادور عليكي واساعدك وغصب عني برده كان لازم احمي ابني اللي في بطنك اللي ملوش ذنب! اللي انا حسيت وشفت فيه نفسي وانا صغير كنت زيه ضعيف ومكسور ومش لاقيه ملجا ليا وانا شايف بكل جبروت اهلي مش عاوزني وبتبروا مني، وكل ده عشان جيت نتيجه غلطه هم عملوها مليش ذنب فيها
شحب بشدة وجهها واخذت شهقات بكائها تتزايد بقوة التى كـانت تنهـش فى شرفهـا بلا رحمة، ولكن حديثه لم يتوقـف اخذ قاسم يطلع بقلق الى وجهها الذى كان يكسوه الحزن والالم هامس بصوت مرتجف منخفض منكسر:-
انا مش بحكيلك كل ده عشان اقول لك ان انا برده ماغلطتش لا انا كنت غلطان برده ان انا اخذت حاجه زي كده من تالا من غير ما اعرف مصدرها لان في الاخر وصلتني لنقطه مش عارف احلها لحد دلوقت.. ساكته ليه مش عايزه تقولي حاجه ولا لسه برده مش مصدقاني ان انا لمستك غصب عني
نظـرت له مطـولة وكأنها تتأكد إن كان بكامل قـواه العقلية أم لا وحدقتا عينيها المتسعتين دليل قـوى على صدمتها التى تلمع فى جوفيها الان، صدمتها تنضح بعدم تصديـق واخيرًا بعد صمت طـال ينتظر فيه قاسم الاجابـة التى ستحدد مسار رياحـه فى أى اتجاه ستسيـر، نظرت له مردفة بقوة:-
_لا مصدقاك شكلك بتقول الصراحه وانا سبق وقلتلك بقيت افهمك! بس طالما كلامك صح فعلا وانت ماكنتش عاوز تلمسني واخذت منشط من غير ما تعرف المفروض حاجه زي كده ماتغيبكش عن عقلك للدرجه دي وما تعرفش تسيطر علي نفسك.. اللي اعرفه حاجه زي كده تجذب جسمك بس ماتجذبش عقلك وتفقد السيطره عليه
تطالعها بنظـرات قوية وحادة قبل أن يقـول بغضب هـادر وهو يكمل سريعاً يضغط بيده فوق جبينه فقد بدأ الالم يعصف براسه بيأس شديد:-
_يبقى لسه برده مش مصدقاني، حوريه ابوس ايدك بطلي تضغطي عليا بالكلام والله العظيم وحيد ابني اللي لسه ماشفتوش لو كان عقلي صاحي في اللحظه دي ان شاء الله حتى واحد في المئه ما كنت هعمل اللي انا عملته سواء معاكي ولا مع غيرك! وكلامك ان انا مفروض اكون عقلي شغال وعارف في اللحظه دي انا بعمل ايه ممكن يكون صح فعلا والادويه دي مش بتغيب العقل بس ممكن يكون تالا ما اديتيش مجرد منشط عادي واديتني حاجه كمان تغيب عقلي هي ما قالتليش كل حاجه حصلت اليوم ده من خوفها مني رغم ان انا حاولت اضغط عليها وكنت هاذيها فعلا
بدأت تطلق آهات اقرب للبكاء وشعرت بدوران حاد يعتصر جسـدها الضعيـف متهـالك واغمضت عيناها يتعب وإرهاق لاحظ ذلك قاسم ليسرع حاوطها بيده بين ذراعيه بقلق ليقول فيها قاسم بهيستريـا:-
_حوريه انتي كويسه حبيبتي حاسه بحاجه تحبي اطلب الدكتور
ابتعدت عنه بحده ثم هـدأت تمامًا واسنكانت قسماتهـا وهى تجيبـه بنظرات غريبـة:-
_انا عاوزه ابقى لوحدي ممكن بعد اذنك تطلع وتسيبني عاوزه استريح وانام.. محتاجه اقعد مع نفسي
إلتفت للمرة الاخيرة يلقي نظرة على حورية التى لم تتوقف عن البكاء قائلاً باضطراب:-
_طب بالنسبه لكل اللي انا قلتهلك ماثيرش معاكي في حاجه ويخليكي حتى اصعب عليكي شويه وتفكري تسامحيني
تقابلت نظراتهم سويًا، عيناهـا كانت تحمـل عبئًا خافتًا لطالما حاولت مداراتـه، ودفنتـه فى منتقـع عميق ولكنه دائمًا يتسلل للظهور مرة اخرى، لتأخذ نفسًا عميقـــًا لتهدأ نفسها قليلاً، تعطى لنفسها هدنة من التفكـير وعطلة حاولت أن تكون طويلة لعقلها الذى يفكر دائمًا وابدًا، هتفـت هى بجـزع مشيرة برأسها:-
_قاسم من فضلك لو سمحت انا مش قادره اتكلم في حاجه وأفتح في مواضيع مش بتجيبلي غير الوجع، كفايه اللي أنا عرفته النهارده ..وقلتلك عاوزه ابقي لوحدي
**
كـان جواد يسير متجهًا في كل مكان بداخل الغرفه بلا هوادة وعينـاه تشـع غضبًا جمًا تتقافـز دقاته ليهدء عليه قليلاً ولكنه غاضب من نفسه وغضبة لن يستطيع يطفأه فكلما يتذكر بسبب حديثه ذلك وكشف الحقيقه عن شقيقه وكشف نواياه الشريره تجاه حورية!
أنصدم الجميع بالذهول وارتسم الحزن وآلام وقد ذات الطين بله كما يقال ولم يحدث ما اراده وهو أنه كان يريد تهدئه الوضع وان يتصالح الجميع الا أن جاءت رياح شديدة غاضبة حطمت كل ما خططه ،يرغب في اى شيئ يهدء غضبه وحزنه بندم أنه تحدث! ليته لم يتحدث ويكشف الاسرار أكثر من ذلك حتى لا يزيد الالام والخيبه على حوريه تلك الفتاه المسكينه التي دائما تغرق بين الاوجاع المريره.. افاق من افكاره على صوت طرقات على باب الغرفه تحدث بصوت حاد ان يدلف من بالخارج ولكن لم يدلف وظل يطرق الباب و مما زاد غضبه أكثر وفجأة نهض بحده وفتح الباب بقوة وكانت هاجر أمامه التي كان يبدو عليها الرعب عندما صاح فيها غاضبًا:-
_ما عمال اقول ادخل ايه مابتسمعش مين اللي عمال يخبط ..هاجر!
لتتسـع حدقتاها عيناها بصدمة وتوتر بالغة وهي تردف بصوت متقطع:-
_احم آآ انا اسفه بس استاذ جمال طلب مني اطلعلك شنطه الاسعافات عشان تعقيم جروح وشك عشان ماتلتهبيش وتفضل ليها اثار
صمت جواد وهو يتنفس الصعداء عالي بحدة ثم قال بجمود جارح:-
_شكرا بس مش عاوز حاجه وقوليله مالوش لزوم مش هتفرق كثير، حتى لو دريت جروح وشي في جروح ثانيه صعب اتاريها
صمتت لبرهـه، تستعيد رباطة جأشها من الارتباك و دون وعى نطقت بخفوت:-
_ما ينفعش كده لازم الجرح يتعقيم ومدام حوريه اكيد ما كانتش تقصد تعمل كده هي بس من الغضب والصدمه ما دريتش بنفسها بتعمل ايه واكيد حتى بعد ما تفوق هتيجي تتاسف لحضرتك.. بس فعلا استاذ جمال معاه حق هي كانت تعبانه اوي ومش مستحمله اي كلمه مكنش ينفع تقول لها حاجه زي كده في الوقت ده آا انا اسفه عشان بدخل نفسي في حاجه ما ليش فيها ،انا بقوللك بس كده عشان ما تتضايقش
تقدم بوجهه واقترب منها جواد وهو يصيح فيها بحدة ساخراً بقهر متهكم:-
_وانتي هتفرق معاكي اذا كنت متضايق ولا لا؟ تلاقيك اكثر واحده دلوقت فرحانه في اللي بيحصل لي وبتقولي يستاهل ذنب اللي كان بيعمله فيا
لم تجيبه ولم تتـأثر بكلامه ولا تغضب ولم تتغير تعابير وجهها بل زادت حنان ثم هتـفت بصوت رقيق:-
_على فكره مفيش حد حواليك ولا شمتين ولا فرحان فيك حتى لو كنت اذيته الفكره بس ان كل واحد فينا بيمر عليه ظروف صعبه عشان تفوقه من الدوامة اللي كان عايش فيها وساعات الظروف الصعبه دي بتكون زي طوق النجاه لينا عشان بتفوقنا من الغفله اللي كنا فيها.. وبدل ما تحسب الامور كده احسبها بطريقه ثانيه وهي ان ربنا بيديك فرصه ثانيه عشان تصلح من نفسك للاحسن
نظـر لها عدد ثواني قبل ان يقول متساءلاً بنصف عين منذ متي هذا الاهتمام فـ قبل أيام كانت عندما تراه هكذا ترتعد اوصالها على الفور وتنهار حصونها بينما الآن عكس ذلك؟ لكن في لحظة اعتقد عطف منها،إبتلع غصة مريرة في حلقه وأردف بصوت اشبه للبكاء:-
_متشكرا يا هاجر على النصيحه
ارتعـشت تحت نظرات عينـاه الجافـة، تبادلا النظـرات لثوانـي وبصوت هادئه رفعت يدها بعلبه الاسعافات قائله:-
_العفو.. واتفضل شنطه الاسعافات ومن فضلك حاول تعقيم جروحك وما تسبهاش كده
اومـأ جواد وهو يأخذها ثم نظر لها قائلاً بثبات مصطنع:-
_حاضر هعقيم جروحي عشان خاطرك طالما يهمك أوي كده، في اي طلبات ثانيه
نظـرت له لدقيقة قبل ان تتساءل نفسها ما الذي تفعله حقا وتقوله ولماذا ذهبت إليه من الأساس وتحاول التخفيف عنه، هزت راسها برفض ثم رفعت كتفيها لتقول بلا مبالاة مصطنعة:-
_هاه لا انا بس بقول لك عشان صحتك وانا مالي اصلا دي صحتك وانت حر فيها عن اذنك
**
بعد مرور يومين.
وصل حازم امام القصر الذي به يقيم قاسم و زوجته حورية! ترجـل من سيارتـه السوداء الكبيـرة ثم أبعد النظارة عن عينيه البنـية لتظهر تلك الجوفتين العميقتين الغامضتيـن التردد أن يدلف إلي الدخل فهو لا ينسي ما فعله مع حوريه وأنه حاول بكل بساطة اغتصابها وهي بالفعل لم تنسي ذلك ولا زوجها لذلك لا يعرف كيف سيكون الاستقبال حينها؟ لكن هذه وصيه جده عتمان وهو يتحضر لي لحظاته الاخيرة لذلك يجب عليه أن يدلف ويحدث ما يحدث سار اخيرا بخطوات مترددة حتى توقف أمام باب القصر ثم إتجـه نحو الحارس الذى يجـلس على احدى الكراسي الخشبية وهب منتصبًا حين رأه، وقال هو بجدية وحذر:-
_ممكن لو سمحت تقول لي استاذ قاسم حازم عبد العزيز بره وعايز يقابله هو ومدام حوريه بخصوص موضوع شخصية ومهم
عقـد الحارس حاجبيـه السوداويـن ثـم هـز رأسـه بـجـمـود ليـرفع الـهـاتـف لـ يـخبـره أنه بالخارج.
فـي الـداخـل.
إحتـدت عينـا قاسم واشتعلت من لهيب وهو يضغط على حروفه التى يقطر منها الغضب الدفين الذى حل به عندما رآه من جديد أمامه بعد ما فعله:-
_ممكن افهم اللي جاب حضرتك هنا ثاني هو البعيد ما عندوش دم ولا عاوز تضرب تاني انا مش عارف بس جايب البجاحه دي منين
نظـرت حورية له التي كانت تقف بجانبه بأعيـن تحذيري وهي تهدر بأسمه في ضيق:-
_قاسم ممكن من فضلك تهدي عشان نسمعه ممكن يكون في حد جريله حاجه عشان كده جاي
كـز على أسنانـه بغيظ حقيقي ثم تقـوس قاسم فمـه بابتسامة سـاخـرا مرددا:-
_ومالقوش غير البيه دي يبعتوا ولا مش عارفين اللي عمله فيكي زمان انا مش قادر استوعب ازاي يجي هنا بعد اللي عمله فيكي
نظرت إليه بعيونها تشع خيبه الامل ولم تعرف ما الذى دفعـها لتجيبه صريحه وأردفت بكل طاقتـها الغاضبة تهتف مزمجرة:-
_معلش يا قاسم في ناس برده بتغلط وبتفضل مصره انها ما غلطتش وتقاوح في الغلط، وسبحان الله نفس الناس دي برده بتعاقب غيرها على نفس غلطها
عقد حاجبيه باستغراب وقد بدء غضبه في الظهور، بنظرة قاتلة لن ينساها هو يومًا بالرغم من جمودها إلا أنه استطاع لمسها داخله بينما هـز قاسم رأسه نافيًا وبابتسامة باردة قال بعنف:-
_صح بس لو كان الغلط بقصد زي ما انتي فاكره، بس طالما مش بقصد ولا في نيته يعمل حاجه زي كده يبقيله حق يعاقب غيره علي نفس الغلط
رفـع حازم حاجبـه الأيسر بشك وهو ينظر لهم بدهشة من أسلوب الحاد بينهما لكنه لم يهتم ليقول مجيبًا بصوت مخنوق:-
_ممكن تهدى يا استاذ قاسم انا مش جاي اعمل مشاكل لحد ولا في نيتي حد اذيه، ومع حضرتك حق في كل اللي انت قلته انا فعلا غلطت غلطه كبيره ومكنش ينفع اجي هنا بعد اللي حصل بس دي كانت وصيه جدي ومش قادر ارفضها
اتسعت عينا حورية بدهشة وقلق ثم سألته سؤال لاذع حارق نسبةً لذلك المسكين الذي أصبح ينتظر رائتها ليخمد نيران ضميره داخله، ابتلعت ريقها ببطء تردد:-
_جد وهو ماله في حاجه حصلت اتكلم من فضلك يا حازم بسرعه انا من ساعه ما عرفت انك جيت هنا وانا مش مطمنه
تمسك بالصمت الذى اعتصر قلبه بقبضته لحظات، ثم ادرف بنبرة متألمة:-
_هو بصراحه مش كويس خالص وتعبان قوي وانتي اكيد طبعا عرفتي من والدتك أنه اتقبض عليه في قضيه ظلم ومش عارفين نثبت براءه لحد دلوقتي،وحالته عماله تسوا مش مستحمل اللي بيحصل له على اخر الزمن وهو في السن ده عشان كده طلب مني ان لازم اروحلك واقول لك ان عاوز يقابلك انتي والدتك لانه حاسس انه خلاص بيموت! ومحتاج يشوفكم ضروري
لن تتحتمـل حورية تلك الكلمات التي تحمل معنى الشناعة الفعلي فهي لن تقـف وتشاهد للمرة الثانيـة ينتشلوا منها أحد أقاربها ببساطة في البدايه والدها وتذوقت معني الفراق والآن جدها عتمان،و رغم عدم حب عتمان لها وأفعاله في الماضي المهـينه التي اختزنت لسنـوات داخلها لكنها اهتزت روحها إليه.
**
وصلوا بالفعل حورية ومعها والدتها وكان بالاسفل قاسم ينتظرهم بالسيارة واول ما خطت حورية خطوات وانصـدمه صدمه قويه عندما وجدت عتمان لتـراه مُلقـاه على الفراش بلا حول ولا قوه سقط قلب بدريه هي الأخري قبل جسدها وجحظـت عيناها بعدم تصديق فهذا الذي أمامها بالفعل عتمان الذي يمتلك قلب من حجر ويعامل الجميع بقسوة وعنف وغير متهم باحساسهم، فأصبح الآن اضعف مخلوق علي وجه الأرض، اقتربت منه بتردد حورية وهي تخفض جسدها في مستواه تناديه بقلق:-
_جدو
لكن لا مجـيب، كان غايب في عالمه الخاص الذى بداء يسلب منه قوته الوهيه ثم جلست لجوراه وهي يصعب عليها تحديد ما تشعر به الان، ولكن يتمثـل في شرارات هلـع و خوف وبدأت تنده مره ثانيه عليه تسـرع في الاستيقاظ، واخيرًا بدءا يحرك جفنيه بتثاقـل حركته تلك جعلت أنفاسه تنتظم ولو قليلاً
ونظراتها ترجوه قبل لسانها أن يفتح عيناه وبمجـرد أن رأى وجهها كانت رسالة له بأنه مزال علي قيد الحياة لهذا العالم، تبسم لأول مرة بوجهها ثم رفع يده يلمس وجنتـاها بملمس يده الخشنـة:-
_حوريه قربي مني يا حبيبتي الحمد لله انك رضيتي تيجي انتي وامك ما تتصوريش فرحتي أد ايه عشان شوفتكم انتم الاثنين قبل ما اموت واقابل وجه كريم
كانت تقف بدريه تتابع حديثه وٱرتكزت تلك الجملة التى قطعت نياط قلبها متفننـة في تسبب الألم الشنيع لها لتقول بنبرة حزينه:-
_ماتقولش كده يا استاذ عتمان ان شاء الله ازمه وهتعدي على خير وهتطلع من هنا شد حيلك انت بس
رفع عتمان نظراته الي بدريه ممتلئة بالألم الحقيقي الألم الذى نبع منه بوضوح وكأنه لا طاقة له لتخبأته بعد الان ليقول باستنكار:-
_بتدعيلي من قلبك يا بدريه ولا بينك وبين نفسك شايفه ان ده العدل وربنا بيخلص اللي انا عملته فيكي وفي حوريه وابني أسامه الله يرحمه بيترد فيا دلوقت
عصفت بعينيها لتدميهـا بحزن تعمق منها كلماتـها نابعة من عقلها قبل قلبها قائله برفض وبصدق:-
_ما تقولش كده هو انا هفرح في حد تعبان ولا اشمت في استغفر الله العظيم ربنا ياخذ بيدك ويشفيك وبدعيهالك من قلبي بجد أنت في النهايه جد اولادي وربنا يخليك ليهم
كانت قلوبهم تقرع بفزغ حقيقي على حالته تلك، حالة جديدة يكتشفهم فيه ولكن أضغف واسوء همس برجـاء حار لأول مرة يجتاح نبرته الرجولية الجامدة:-
_طول عمرك بنت اصول يا بدريه وتستاهلي كل خير سامحيني يا بنتي على كل اللي عملته فيكي زمان وسامحيني انتي كمان يا حوريه
أمسكت حورية يده التي مازال يضعها فوق وجنتـاها تقبلها بسرعة ودمـوعها لا شلالات أقل ما يُقال عنها بحـق تتبعهـا شهقات متتاليـة وهى تقول بألم واشفاق علي حاله:-
_ما حدش زعلان منك كل اللي عاوزينة منك انك تقوم بالسلامه وتبقى بخير
نظـر عتمان داخل عينيها الحمراوتيـن وهو يقول فيها بحنان مفرط:-
_عامله ايه في جوازك يا حوريه مبسوطه يا بنتي في حاجه مضايقاكي
اتسعت عينا حورية بعدم تصديق فهو لاول مرة في حياته يهتم بامرها ابتلعت ريقها ببطء تردد بجزع حقيقي:-
_هاه اه كويسه تمام الحمد لله كل اموري ماشيه بخير ما تقلقش عليا خليك انت في صحتك اهم
اخذ نفس عميق يهدي أنفاسه الأخيرة ثم هتف بصوت متقطع:-
_مستغربه صح عشان اول مره في حياتي اسال عليكي اذا كنتي كويسه ولا لا؟ بس أهو ربنا بيخلص ذنب اللي انا عملته فيكم كلكم فيا الحمد لله على كل حال انا راضي بنصيبي دلوقت حتى لو ربنا خد بروحي دلوقتي، ابقوا افتكروني بالخير وادعوا لي بلاش تدعوا عليا وانا وصيت حازم يكون بدل مني الواصي عنكم ويشوف كل طلباتكم ولو احتاجتم في يوم اي مساعده ما يتردتش يساعدكم، بس أهم حاجة يكون وصي عليكم بجد ويعمل بصله الرحم مش يعمل ذي اللي انا كنت بعمله
زمان فيكم
تنهد بعدها بصعوبة بالغة معلنًا إنهدام حصونه الروحانيـة تركهم الدافع القـوى للصبـر والبريق اللامع للإيمـان ليغمض عينيه ببطئ وكأنه وجد طوق النجاة وارتاح قلبه بتلك الزياره وشعر بنفسه يهوى في عرض البحـر وحده!
وبعد مرور يومين تم إعلان خبر وفاة عتمان داخل مستشفى السجن وتكن هذه النهاية له، وكانت في نفس اللحظة تم إعلان بعدها مباشرة خبر براءته وانه لم يكن في يوم تاجر مخدرات! من الممكن حينها لم يتمتع عتمان بالحياة لكن ظهور براءته بين الجميع بين موته ستحافظ علي سمعته واسمه وإسم عائله بعد وفاة.
اما عن حورية الان فقط فهمت معني الأنهيـار ذاته ولكن لم تكن تتخيل حزنها علي جدها رغم قسوة قلبه يعنى لها كل هذا وأن كل هذا الالم والحب سيتدفقا منها معاها له فقط! ربما لأنه شعور فطـرى لم تشعر به يومًا نحو جدها ..وهى لم تكـن في وضع يسمح لها بالاقتراب منه أكثر من ذلك لكن حقا قد تسامحت معه وحاولت نسيان الماضي حتي لأجل مرضه وضعفه الشديد في لحظاته الاخيرة.
**
بداخل مكتب بالقصر عاد قاسم لحدته وهو يهتف مزمجر:-
_ما خلاص يا جواد اتاسفتلي 50 مره وقلتلك مش زعلان انت مالكش ذنب في حاجه كله من الزفت اخوك الله يسامحه ويرحمه مطرح ما راح، وبعدين حاجه زي كده كانت لازم تتعرف برده وشكراً انك قلتلنا ،هو انت صحيح اخترت الوقت الغلط بس ادينا عرفنا وخلاص
سارع جواد بالقول مسرعًا باعتذار:-
_معاك حق انا اسف والله وندمت ندم عمري ان انا فتحتها في الموضوع ده وقلتلها بس انا برده مش هقدر انسى أن كان ممكن لقدر الله الطفل اللي بطنها يجري لي حاجه بسببي مكنتش هسامح نفسي طول عمري لو كانت حاجه زي كده حصلت أنا أصلا عرفت بالصدفه أنها حامل
هـز رأسه نافيـًا وقال بإتـزان رجولى يليق به:-
_هو الحمد لله كويس وحاجه زي كده لو كانت حصلت كانت هتبقى قضاء ربنا ما لكش ذنب فيها ممكن بقى نقفل على المواضيع دي، قولي صحيح ناوي تعمل ايه بعد ما البنك حجز على الشركه والقصر
تنهد جواد متذكر رحل الجميـع والسبب موجع بحد مؤسف، ماضي عائلته المشؤومة الذي تاذي الجميع منهم وقطـع سيل الذكريـات صوته الأجش وهو يهمس:-
_هو انا عرضت العزبه بتاعه جدو الله يرحمه للبيع واستلمت مجوهرات ماما من يومين بس بفكر ابيع كل دول واشتري القصر حتى وافك الرهنيه، ولا انت ايه رايك
هـز قاسم رأسه نافيًا ومن ثم قال بجدية:-
_عاوزه رايي فعلا بلاش الفكره دي مش هتقدر تعيش في القصر لوحدك بعد اللي حصل وهتفضل فاكر كل التفاصيل اللي حصلت فيه، بلاش احسن ووفر فلوسك لحاجه ثانيه
رفع حاجبه الايسر بتفكير ثم إتسعـت حدقـتا عينـا جواد وهو يرمق شقيقه وحالة الضعف الذى اجتاحته مؤكد لم يتحمل أن يقيم بالقصر بعد ما رآه فيه ولم يستطيع العيش فيه بمفرده عقله لم يكن بمكانـه، سرح بين طيـات الماضـي الذى لم يجلب له سوى الألم:-
_معاك حق بس القصر كان في ذكريات كثير لينا عشان كده كنت حابب اشتري، بس في نفس الوقت لو اشتريت القصر هاكل واعيش منين
رفع قاسم رأسه بهدوء وأخـذ يربـت على كتفه برفق:-
_عشان كده بقول لك بلاش اسمعني انت ممكن بالفلوس اللي معاك تبدا تفتح شركه صغيره وتبدا من جديد وانا هسندك واعمل لك دعايه وما تقلقش ان شاء الله كل حاجه هتتحسن بس حاول انت تجتهد شويه وتيجي على نفسك وتشتغل بجد المره دي
تطلع جواد فيه بحزن شديد وهو يقول بصوت مهزوز:-
_مش عارف اقول لك ايه متشكر بجد يا قاسم طب موضوع الشغل وحليناه هقعد فين ما هو مش هينفع اقعد هنا على طول
برغم إهتـزاز بسيطة شعر بها امام قسمه الجامد، إلا أنه اخفاها وهو يتابع بحنق:-
_انا مش هرد عليك وقلتلك بدل المره الف اقفل على القديم وانسى عشان نعيش وهتفضل هنا في بيت اخوك ،لحد ما تبدا الشركه تكبرها ان شاء الله بمجهودك يبقى معاك فلوس تبقى تشتري بيت ساعتها
صغير ليك، واتفضل بقى عشان ورايا شغل ومش فاضيلك
خرج جواد من مكتب قاسم وذهب إلى الأسفل نحو المطبخ ليجد هاجر تقف أمام البوتاجاز تقلب طنجره الطعام فوق عين الاشتعال، إلتفتت له تطالعه بعينيها التى اشتعلت وميضها في ثوانى وهي تقول بحيره:-
_خير محتاج اي مساعده يا استاذ جواد
تقدم بعد دقيقة منها حاملاً بيده براد الشاي وتقف بجوارها وبدء في التحضير تحت نظراتها المتعجبـة أهو مجنون أم حنـون الفارق نقطة لا تفهم ماذا بة، حاولت تتجاهل إياه وتكمل في تحضير الطعام وفجاه نظـر في عينيهـا بقوة وتابع:-
_مش مستاهله استاذ كفايه جواد بس وبعدين مش كان ده كلامك انتي مش شغاله عندي عشان لازم تحطي القاب لما تناديني، وانا كنت محتاج كوبايه شاي بس انا اللي هعملها بنفسي كملي اللي انتي بتعمليه ما تشغليش نفسك بيا
وكأنها استشف ما يدور بخلده فأرادت معرفة تلك الاجابة وحركت لسانها بصعوبة تقول بتوتر:-
_اخبار جروحك ايه عرفت تعقمها كويس
أبتعد عن البوتاجاز قليلا و وقف مقابلها يقول لها بهمس:-
_بصراحه ماليش خبره في الحاجات دي بس حاولت، شكرا لاهتمامك الكبير
عقدت حاجبيها بدهشة كلماته داعبت مشاعرها المحصنـة بسلاح التهديد للأختـراق والتوغل داخل خلاياها معه حق لماذا اهتمت به من نفسها دون انتظار أحد يأمرها بالطلوع له ولكن فعلت هى معه ليس بالمثل، وكأنها تذكرت فاستطردت بجدية شابتها الحدة:-
_ما قلتلك مش مهتمه ولا حاجه بسال بس من باب عمل الخير
كان قناع الحب واهى امام عينيه لترى هي ذلك بوضوح ليهمس هو بابتسامة غريبة:-
_اه ما انا واخذ بالي ،مش انا برده سالت استاذ جمال هو طلب منك تبعتيلي شنطه الاسعافات ولا لا بس غريبه قالي ولا قلتلها حاجه ولا شفتها اصلا، عشان كده شكراً جدا مره ثانيه على اهتمامك وانك اهتميتي بصحتي وطلعتيلي علبه الاسعافات من نفسك كمان
تجمدت مكانها بصدمه ثم جزت علي أسنانها بغيظ وإحراج شديد تلعن غبائها داخلها، ثم رفعت مقلتيها محدقـة به ببلاهـة فطرية في موقف كهذا هل علم بالحقيقة بالفعل وانها هي من نفسها صعدت إليه بحقيبه الإسعافات فقد حزنت عليه عندما رأته يتألم وحيد دون مراعاة من أحد له، لم تستطيع الرد عليه ولا النظر إليه من الخجل.. لكن قلبه الذى رفرف بأنتصـار أكد لها عينـاه ونظراته الثاقبة أكدت لها ،دقاته التى تشعر بها بصخب لتشعرها أنها على وشك التوقف كلها دلائـل مؤكدة على ما فعلت لتوه، ولكن ماذا عنهـا!؟ هل ستقع له ام وقعت له بالفعل؟.
**
بعد مرور اسبوع.
بداخل غرفه جمال دلف الغرفه بخطوات بسيطة ثم تفاجأ بأن زوجته بدريه تقف أمام الخزانه ترتب ملابسها او تاخذها حتي تضع في الغرفه الأخري مع طفلها اسامه التي أصبحت منذ فترة قصيرة تنام هناك معه وتاركة زوجها هنا بمفرده لم يركز جمال في ما تفعله لكن عرف أنها مازالت مستمرة في التجاهل والخصام.
رفعت هي مقلتيها ونظرت إليه بملامح متعبه بارهاق بينما يقـف هو يتابعها بهدوء تـام، وبملامح باردة خالية من اى مشاعر كالصدق مثل ما هي أصبحت تفعل لا تهتم لأمره فقط كان يرغبه وبشدة أن ينتهي ذلك الخصام الذي ليس له علاقة به ولكن اثـار حنقـه وجعله اراد خنقهـا هو وركضه خلف غطـاء البعد والخصام جـز جمال على أسنـانه بغيظ ثم استطـرد جمال بملامح حاول ألا تبدو واجمة:-
_اسف ما كنتش اعرف انك هنا اتفضلي خذي اللي انتي عاوزه براحتك واعتبريني مش موجود
هزت راسها بدريه بمعني لا علية لتطلع بجمودها الزائف ثم تابعت بثبات مصطنع:-
_المدارس هتبدا من اول الشهر وكنت عاوزه اقدم لي ساجد مش عاوزه حاجه تفوته ولا يتاثر باللي حصل كفايه موت جده تعبه ياعيني عشان كان متعلق بي قوي يا حبيبي.. المدرسه اللي كان بيروحها هناك عند جده بعيد عن هنا وكنت عاوزه واحده اقربلي انا دورت هنا واخذت فكره عنهم بس قلت استاذنك قبل ما اروح
عقـد جمال ما بين حاجبيـه وقال بضيق:-
_تمام يا بدريه ابقي فكريني بالميعاد وانا هاروح معاكي ومتقلقيش عليه مع الوقت و الانشغال حواليه هيعرف يتجاوز المرحله دي وينسى هو بس عشان الصدمه صعبة عليه وعشان سنه الصغير كمان، المهم حاولي انتي وحوريه ماتبينش زعلكم قدامه حتى عشان ما يتاثرش اكثر
نظرت إلي جمال وهي تشعر بالضعف والاحتياج مثل جـرح أخـر يضـاف لجروحهـا الخالـدة لتقول بنبرة بكاء:-
_مش عارفه هالاقيها منين ولا منين يا رب حلها من عندك، الشيلي عماله تكبر عليا لوحدي وحاسه أني مش قدها
ملامحهـا وبكاءها وألمهـا أشيـاء تقودها بحبال متينـة نحو حافة الاستسلام تنهد جمال بيأس وسار متجهًا إليها وهو يقول بحنان:-
_ما تقوليش كده أنتي مش لوحدك وانا رحت فين بس مش هسيبكي وهفضل جنبك وكل ده هيعدي ان شاء الله على خير بس محتاج منك الصبر بس والايمان بربنا وانا اكيد مش هيسيبك ولا ربنا هيردك مكسوره الخاطر
مسحت دموعها بهدوء وتطلعت فيه بأعيـن حمراء من البكاء ثم ابتلعت ريقها بهدوء وهمست برجـاء حار:-
_ونعمه بالله يا رب.. اتغديت ولا لسه عشان ساجد من الصبح مش عاوز ياكل حاجه فقلت نعمل غداء لينا كلنا عشان نفتح نفسه على الاكل ويرضي ياكل
بالرغـم من أن كلماتها المتألمة حركت شيئً ما بداخله إلا أنه تغاضى عنه وهو يهتف ببرود حتي لا يطعن رجولته من أجل حبه لها:-
_ماشي روحي انتي اعملي الاكل وانا هحاول معاه اطلعه من الاوضه.. بس خلصي الاول الحاجه اللي كنتي جايه تاخذيها
صمتت بدريه لحظات قبل أن تنهض وتعدل حجابها الموضوع بشكل عشوائية أعلي رأسها بتوتر شديد وقالت بخفوت:-
_انا خلاص خلصت بس انا ما كنتش جاية اخذ حاجه انا كنت برجع الهدوم اللي اخذتها من الاول عشان لما ابات هنا محتاجش اروح هناك اجيبها.. آآ عن اذنك هاروح احضر الغداء
وكأنما قلبة السعيد استجاب النداء لكلماتها لتشـرق عينيه بشمسه المشعشعة معلنـة عن بدء رحلة جديدة أخيرا مع من يحب وقد تكون مفعمة بالفرح! وبمجـرد أن رأت وجهه يشع سعاده تلونت وجنتاها بحمرة فهي قد بدات بالفعل تلين للمسامحه
لتعيش حياتها التي لم تبدا معه وتنسى ما فات، رفعت جفنيهـا لتلاقي عينـاه المبتسمـة نعم المبتسمـة فعيناه فعليًا كان يشع منها شعاع سعاده وفرح ..هانئ مرتاح واخيرًا !!
**
خرج قاسم من غرفته في منتصف الليل تحرك قاصد غرفه حورية وتوقف أمام الغرفه عده لحظات بتردد قليلا ثم أخذ نفس عميق وهز راسه بضيق ثم دلف الي الغرفة ليجد حورية تقف أمام الخزانه تاخذ منها ملابس ويوجد حقيبه علي حافة الفراش تضع بها باقي الملابس الخاصة بها! لم يكن يحتاج الأمر إلى تفكير كثير ليعرف ماذا تنوي وهو الرحيل! تقدم منها بخطوات غاضبه وعقد حاجبيه بدهشة وقلق لكنه إصطنع عدم الفهم قائلًا بحده:-
_حوريه انتي بتعملي ايه، وايه الشنطه دي يا رب اللي في دماغي مايكونش صح
توقفت حوريه عما تفعله ورفعت راسها للأعلي تنظر إليه بشرود والحزن يزين ملامحها ببراعة ،تنهدت بحرارة تستعد لاستقبال الحرب التي سوف تخوضها الآن هاتفة بهدوء مفتعل:-
_لا إللي في دماغك هو اللي صح يا قاسم انا همشي خلاص واروح بيت جدو الله يرحمه، مش هقدر اقعد اكثر من كده هنا وهقعد اصلا ليه ما خلاص مابقاش ينفع
تطلعت فيها بأعين متسعة بذهول وصدمة لا يصدق استسلامها الغير مبرر بالنسبة له ثم اقترب منها يمسكها من ذراعيها بقوه من مكانها صائحا:-
_هو ايه بالضبط اللي ما بقاش ينفع هو انتي بتتلككي وخلاص عشان تسيبيني انتي اما صدقتي، انا قلتلك اللي فيها وحكيتلك كل حاجه وانتي صدقتيني يبقى ايه اللي جد دلوقتي عشان تمشي وتسيبيني
أغمضت عينيها حورية بألم بذراعيها ثم فتحت تنظر إليه بحسرة من مرارة الأيام الذي عاصرتها ثم قالت:-
_اللي جد ان احنا لازم نحط حد لي علاقتنا بعد كل اللي حصل مش هنفضل كده على طول كل واحد في حته مستني الثاني يحن، وانا مش بذل فيك زي ما انت فاكر بس صدقني يا قاسم ما بقاش ينفع بعد كل اللي حصل نكمل مع بعض مش هقدر حقيقي
وكأن بحديثها ذلك طعنت جراحه الغير ملتئمة بعد ليكسو الألم ملامحه يمنع قناته الدمعية من الإنفجار عله يخفف وجع قلبه الذي اشتد طالبًا الرحمة به ولم يعي بنفسه سوي وهو يصرخ بأعلي صوته:-
_وهو مين اللي مش عاوز يحط حد لعلاقتنا انا ولا انتي مين فينا اللي عمال يتحايل ويجي على نفسه ويستحمل كلام زي السم ويجيب الغلط كله عليه ويسكت مين اللي مستعد يعمل اي حاجه عشان ترضي وتنسى وتسامحي انا ولا انتي، يا حوريه هتنازل اكثر من كده ايه واعمل لك إيه عشان تكملي
هزت راسها بعجز ودموعها تهطل بانسيابية هاتفة:-
_خلاص انت اللي بتعمل كل حاجه وانا بفضل ساكته ولا بحاول اتنازل واجي على نفسي ذيك عشان نكمل، بس مش قادره.. مش قادره اسامح ولا انسى اعمل ايه حاولت والله العظيم حاولت ومش قادره
أنهت حديثها تمسح دموعها بعنف هادرة بحزم موجه حديثها نحوه وهو فقط يراقبها بملامح جامدة:-
_أنا ما كانش ينفع احب طالما بضعف بالطريقه دي انا لما بحب ببقى ضعيفه مبعرفش افكر و مبعرفش اشوف كويس ببقى مكشوفة من أقل كلمة وبقع وبخسر كل حاجة، في ناس حظها كدة مينفعش تحب، لما بتحب بتموت وانا باموت في الـ 1000 مره بسبب الحب ده
كان يقف متجمد صامت من حديثها لا يصدق بسهوله هكذا تريد الرحيل وتحرمه منها بينما عيناه تحكي الكثير من الألم والقهر، نفض يدها عنه بعنف يصيح بقهر:-
_في الحل من وجهه نظرك ان احنا نبعد ونفترق مش كده ،هو ده اللي انتي شايفه بقي صالح لينا
أرتبـكت من الأجابـة، نظرت للأرض تبلل شفتاها الكرزية وهي تشعر كأنها تتلقي المقابل سهم حاد يخترقها قلبها يدق بصخب قوي غير قادرة عن تهدأته،همسـت بصوت امتلأ بالرهبة:-
_أنا مش هينفع أخليك تستنى مني حاجة أنا مش هعرف أديهالك لو اللي حصل كان قليل أو الوقت كان فيه شوية عدل كان زمانك دلوقتي أحسن حاجة حصلتلي في حياتي.. قاسم افهمني انا مش عاوزه اعذبك معايا انا بعمل كده لمصلحتك ومصلحتي
كان يقف مدهوشـة منها تبلـد جسده بثبـات ولمعت عينيه ببريق مهدد بالأنفجـار أقل ما يُقـال عنه في هذه اللحظة أنها صـنم حجرى ثابت يحاول استيعاب أنها أصبحت تمتلك قلب قاسي وغير مباليـة بحبيبها بالرحيلها عنه ماذا سوف يحدث له؟ فهي تنقسـم لأشـلاء متباعدة كل البعد عن بعضهم.. كل جزء يرغب في ماسة مختلفـة وكل ماسة ترغب بجزء اخـر عقلها مشتت بكيفية جمع الاثنـان رغبتها بالرحيل أم التسامح، صرخ الاخر بنفاذ صبر بحدة:-
_وانا مصلحتي ومستقبلي معاكي يا غبيه انتي، ليه مصممه على شويه الاوهام اللي في دماغك تسمحي ليهم يلعبوا في دماغك وتفرقينا
لم تستطـع التعبير عن كم المشاعر المختلطة التى تجيش صدرها بين ضلوعها تكاد تختلع من كثرة عدم احتمالها، المشاعر والمشاعر الحزن والألم ألم يكفـي كل هذة الأيام الصعبه التي عشتها وهو يزيد همهـا الآن، أم هذه دعوة صريحة من القدر أنه لن يتركها تحظى بهدنة صغيرة يدميها الحـزن ويحتل قلبها بجدارة منازع منها السعـادة، هتفت بصوت كي سوط أمام سوط بخيروها بأى واحد ستُجلد:-
_عشان مش هقدر انسى يا قاسم وعشان ما بقيتش احس بالامان ذي الأول وعشان مش هقدر انسى كذبك عليا ولو حاولت مجرد ما اي حاجه تيجي قدامي هتفكرني، الموضوع بقى صعب يا قاسم صدقني.. كفايه اسامه ده لوحده اكبر علامه هتفضل في حياتي تفكرني باللي حصل.. احنا كنا اخر اثنين اصلا ممكن نكون لبعض
غضب واتسعت حدقتيـه وصرخ فيها بصوت عالى بتحدي قوي:-
_بس غصبا عني وعنك الوقت جمعنا وبقينا لبعض
سيطـرت على إنفعالاتها بصعوبة، واجابتهـا بنبرة غُلفـت بالبـرود بمهارة:-
_لازم تعرف يا قاسم إن اللي تحبه مش هيفضل قاعد معاك طول العمر، الدنيا فراق ولقاء واحنا شكلها حكايتنا هتنتهي لحد هنا يا قاسم
هـز رأسه نافيًا، وتجمدت ملامحه وهو يستطرد بخشونـة:-
_واحكم على قلبي ازاي يا حوريه يستحمل الفراق
شعـرت بعينـاها تزوغ رغمًا عنها لعينـاه السوداء الحـادة تتالم ولكن بالرغم من قوتهما إلا انها لمست فيهم الكسـرة وهمست بتوتر:-
_اكيد هتقدر وانا كمان هقدر الموضوع بس محتاج مننا شويه وقت، وانا طالما قدرت اخذ القرار النهارده يبقي عديت مرحله كبيره وهقدر اتجاوز اللي جاي، يبقى انت مش هتقدر
إبتسم بجانبية يسخر من حديثها في نفسه ثم مطّ شفتيه بعدم إكتراث مصطنع يهتف:-
_لا إنتي مقدرتش يا حوريه
تجمـعت شتـات نفسها المبعثرة وظلت ناظرة للأرض تتمنى أن تنشق الأرض وتبتلعها قبل أن تنكشف أمرها أمامه ثم هتفت متلعثمة:-
_لا قدرت يا قاسم والدليل ان انا واقفه قدامك دلوقتي بشنطته هدومي
ضحك بصخب وسخرية كبيرة جليه علي ملامحه يهز رأسه بعنف لتتبدل ملامحه فجأة يحل محلها الجمود هاتفّا بتحدي:-
_وانا بقول لك ماقدرتيش كل اللي انا شايفه قدامي دي حقيقه مزيفه وانتي عماله تدوسي على نفسك وتتمسكي عشان ما تظهريش قدامي وتنهاري.. والدليل عيونك اللي بتلمع بالدموع دلوقت قدامي وأنتي مش قادره عليها يبقى هتقدري على الفراق يا حوريه
وضعت يدها علي قلبها تحاول نزع الألم عنها لكن دون فائدة فـ قوه الألم والخزه واهية أمام قوتها الضعيفة وكأنه أحد وضع خنجر بقلبها عدة مرات حتي أن كلماتها ذات نفسها ترددت بين مسامعها لمرات فيبدوا أنها ستلازمها كثيرًا ليحل الألم والقهر ملامحها متقهقرة الي الخلف تجر خيبات الأمل والخذلان ثم أردفت كلامتها الأخيرة تضرب علي موضع قلبها بقهر وهي تبكي:-
_عادي انا ماعرفتكش في يوم وليله عشان انساك في ثواني وكل ده هيتمحي مع الوقت فـ ارجوك ما تصعبهاش عليا أنت كمان
جـز قاسم على أسنـانه بغيظ، بالفعـل الفراق سيكون مثل الحاجز الذي لم يستطع أنيتخطـي يومًا، لم يستطـع كسره بقوة بالرغم من الهالات المجمعة حوله محاولةً لكسـره تأفف متابعًا بألم حاول اخفاؤوه:-
_ده اخر كلام يا حوريه مصممه برده تمشي وتسيبيني خليكي فاكره لو اخذتي القرار ده احتمال كبير مش هيبقى فيه فرصه ثانيه لي حياتنا
تطلعت فيه بسخريـة شعرت بنفسها تحلق في سمـاء ممتلئـة بالأوهام الكأبة والحـزن، كـان هو ينتظر منها نظرة ليروى عطشه منها، ولكنها الان هى من تبعد ولا تريد لرؤيتـه،لم تهتـم لكل تلك الأفكار التى تداهمها وهتفت بوجه هادئ لا يحمل في طياتـه اى شيئ وكأنه لغز صعب الفك:-
_مافيش اصلا فرصه اولانيه يا قاسم عشان يبقى في فرصه تانيه
صـرخ فيها قاسم بحدة تجلت في نبرتـه المتحشرجة:-
_ليه عاوزه تعملي فيا كدا؟ أنا ممكن كنت استحمل اي حاجه ان شاء الله كنا نفضل كده كل واحد بعيد عن الثاني شويه ونرجع، كنت ممكن استحمل كمان وجع منك.. أو أنانية.. أو شك..إنما ما تقوليش فراق.. ما تقوليش فراق يا حوريه مش هستحمل ليه عاوزه تعملي فيا كده؟
صمتت حورية ثواني وكانت خلايـا جسدها المتألمة تشعرها بعدم الأمان عند البعد ومع ذلك أصرت علي ما تريده لم تنسي يومًا ذلك اليوم الذى أُصيبـت فيه بأبشع الحقائق، كان وجهها متجهمًا شاحب، نظراتـها زائغة وعينـاها لامعـة بدموع قهرية دموع لو سقطت لأحرقـت كل شخص لوث بذلك العشق وجعل الايام التى من المفترض احلى ايامـها عبارة عن كابوس من الماضي يلاحقـها يوميًا ودائما وسيظل كذلك حياتها عباره عن تجارب سيئه دون رحمة:-
_أنت اللي عملت مش أنا.. من فضلك سيبني أمشي
أمسك يدها بضعف يقول بلهفة وصوت متحشرج من كثرة صياحه وألمه:-
_مش هعرف.. صدقيني مش هعرف عشان هبقي لوحدي تاني وأنا مش عاوز أبقي لوحدي تاني علشان أنا علي طول كنت لوحدي! وحياه اولادنا يا حوريه فكري مره ثانيه
سحبت يدها بهدوء تقول بجمود عكس قلبها الذي يدمي:-
_وحياه اولادنا يا قاسم ما تضغطش عليا وسبني امشي
غضب قاسم بشده تحت انظاره تلك التى سُميـت بنفاذ صبر من تلك حبيته رهيفة المشاعر، ولكن اى مشاعر هذه مشاعرها كالصخر بين جنبات قلبها الذى ينبض بهدوء دون احتجاج على ما يحدث وكأنه اعتاده مؤخرًا علي الجرح والاستسلام دون مقاومة بالحياه للنجاء! وكا أي رجل شرقي تألم لأجل كرامته اكثر من ألم القلب وتحدث اخيرا بغضب وثبات مصطنع:-
_تمام يا حوريه مش هقعد اتحايل عليكي كتير واتنازل عن كرامتي اكثر من كده قصاد ولا حاجه
أغرورقت عيناها بالدموع محاوله التمسك وقد حملت حقيبتها وهتفت بنبرة علي وشك البكاء:-
_هتسيبني امشي خلاص
قالتها بروح التى شوهـت مسبقًا غرة اخرى وكأنها تتأكد أن تلك المجروحة ما هى إلا سواها تلقلقـت الدمـوع المتحجرة فى عينيهـا البنية وهى تتذكـر كل ما مـرت بيه، ألم فوق ألم تعجـز عن إيقافـه حتى شعـرت أنه خُلـق لها فقط.
صوتها كان في رجاء بالتمسك لكن مع ذلك لم تتحدث وتتمسك برأيها وتكسب القلب، ثانية اثنـان ثلاثـة ..بدأ قلبه يدق بصخب وقـوة شعر أنه سيقف بسببها حتمًا، وهاجمته سيل الذكريـات الذي عاشها بدونها وكأنها بقرار الفراق ذلك سوف تعيد زراعة ذلك الألم مرارًا وتكرارًا بداخله مثل فلاش بــاك لا ينتهي! هتف بحسم قائلا بجدية:-
_لا يا حوريه مش هتمشي ده مكانك مع اولادك وبيتك ما تسيبهوش مهما حصل، بس انا اللي لازم امشي وخليكي انتي
لتقع عيناها عليه يتقدم منها ببطئ والجمود يسيطر عليه بينما هي تتأمله بضعف يقترب منها ليسحب الحقيبه من يدها بعيد أمامها وعيناه مثبتة عليها وما كادت تتحدث حتي إمتدت يده لتحتل فمها يضغط عليه بقوة لتصمت، إنتفضت بارتجاف من لمسها المفاجأة ثم كان اليأس والرفض يتأجج من عيناها دون ذرة رحمة كأنها تجردت منها، إنسدلت دموعها بضعف وقلبها يدق بعنف لتشعر بنغزة قوية بها تكاد تختنق منها غير إنحباس أنفاسها وحاوطتها ضربات قلبها تنخفص رويدًا رويدًا وما زالت دموع وجهها ظاهرة أعلي ملامحها الشاحبة.
شعر بخنجره الحاد الموضوع بقلبه قبلًا أنه ينغرس غائرًا بين ثنايا قلبه يتعمق الي الداخل ولكن هذه المرة بيد محبوبته شعر بقلبه ينشق الي شطرين وعلي رغم ذلك ظلت ملامحه جامدة وهو يقول:-
_انا إللي كان المفروض كنت اخذت الخطوه دي من الاول ان ابعد واسيبك.. اشوف وشك بخير يا حوريه ماحدش عارف هنتقابل مره ثانيه ولا لاء، بس هكون عندي امل عشان خاطر اعرف اعيش من غيرك الايام اللي جايه
نظرت إليه بصدمة فكانت نظراتها مثيلة لنظراته عندما رجع خائب الوفاض وشعر شعور متألم بشده وهو أنه عاد يتيم مره أخري دون عائله ولا ملجأ!! أما هي فرجعت خائبة الوفاض تاركة قلبها لديه ينزف بجانب قلبه
زاغت عيناه بعدم تصديق لما قاله حتي أنه لم يصدق ما وصلوا إليه هما الاثنين بعد معاناه وعشقهم إلي بعض الكبير والان تحطمت الاحلام وجاء الرحيل دون وداع، فهو أخذ القرار بدل منها لان يود الهروب بالفعل بعيدًا لكن لا يعرف الي أين اللجوء..!! فـ هي كانت عائلته الجميله وهو أصبح شعورها بالأمان فبدون ذلك الأمان لا توجد عائله سيصبح مجرد سراب لا اكثر!
رحل قاسم بخطوات جامدة إلي الخارج واغلق الباب خلفه بعنف شديد، اما عن حورية قد بدأت تشعر بألم أخـر يضـاف لجروحهـا ولكن هذه المرة بنكهة مختلفة ألم لم تكن لها يـد به صدمة خلف الاخرى تجعل جسدها يتبلد اكثـر ولكن ازداد الألم الشديد لتفيق علي دماء غزيرة تتساقط تحت أقدامها؟؟ لتفهم علي الفور ما حل بيها لكن لا!!! يكفي لن تعد تتحمـل ألم أو صدمة اخـرى ولن تتحمل ضغطًا من القدر أكثر فـ صدمة واحد أخري الفاصل بينها وبين هذه الحياة.
كانـت الدماء مزالت تنزف منها قبل أن تفقد وعيهـا وتقع مغشيةً عليها غير عابئة بالارض الصلبة اسفلها الذى استقبلتها بصدر رحب اهون من تلك الصدمة الاخيره التي حلت بها الآن فـ طفلها الثانيه يفارق الحياة قبل أن يأتي إلي الدنيا التي لم ترحمها مطلقاً.
__________________________________
🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹
ادخلوا بسرعه حملوه وخلوه علي موبيلاتكم من هنا 👇👇👇
وكمان اروع الروايات هنا 👇
انضموا معنا على تليجرام ليصلكم اشعار بالروايات فور نزولها من هنااااااااا
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺
تعليقات
إرسال تعليق