القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية دمعات قلب الدمعة الثالثة والرابعة والعشرون بقلم رباب فؤاد حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات

اعلان اعلى المواضيع

رواية دمعات قلب الدمعة الثالثة والرابعة والعشرون بقلم رباب فؤاد حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات

رواية دمعات قلب الدمعة الثالثة والرابعة والعشرون بقلم رباب فؤاد حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات

دلفت (هالة) إلى غرفتهما وهي تحمل صينية أنيقة عليها طبق الحلوى وحافظة القهوة وفنجان صغير وضعتهم على مائدة صغيرة تتوسط مقعدين وثيرين في طرف الغرفة هامسة ـ"الحلوى والقهوة".


إلتفت إليها (طارق) الذي كان أنهى للتو حمامه وقال لها في سرعة ـ"أدركيني بقطعة سريعاً...أشعر بأن جسدي فقد كل ما به من سكريات".


قدمت إليه الطبق وبه شوكة صغيرة وانتظرت أن يلتقطه منها، لكنه قال بتذمر مشيراً إلى كفيه ـ"(هالة)..ألا ترين أن يداي ملطخة بكريم الشعر..من فضلك ضعيها في فمي".


أربكها طلبه وحاولت أن تتماسك وهي تتناول الشوكة وتحاول أن ترفع بها قطعة من الحلوى، ولكن إضطرابها وخجلها جعلاها تعجز عن السيطرة على الشوكة في الوقت الذي يراقبها فيه (طارق) بضجر قائلاً ـ"(هالة)...بالله عليك دعك من الشوكة..فأنا أثق في نظافة يديك".


رفعت عينيها إليه بدهشة وحاولت أن تتحكم في دماء الخجل التي تصاعدت بقوة إلى وجهها وعقلها يهتف بها محنقاً ’ماذا بك يا غبية؟ سيلحظ ارتباكك وقد يسيء فهمه..تعاملي بطبيعية كما كنت تفعلين دوماً..مالفارق بين أن تطعميه الحلوى بيديك الآن وأن تسقيه الحساء وهو مريض من قبل؟‘


استجابت لعقلها الباطن سريعاً ورسمت ابتسامة محايدة على شفتيها وهي تلتقط قطعة من الحلوى بين أصابعها وتقترب منه لتضعها في فمه برفق وهي تمسك الطبق بيدها الأخرى تحت ذقنه وتحاول ألا تلتقي أعينهما.

سمعته يتلذذ بطعم الحلوى ويقول بإستمتاع ـ"مممممممم سلمت يداك يا (هالة)...طعمها رائع".


ابتسمت بثقة هذه المرة وهي تسمعه يطلب قطعة أخرى بعد أن ابتلع الأولى فاقتربت لتضع قطعة ثانية في فمه بعد أن دهن شعره بالكريم، ولكنه أمسك كفها بحركة مباغتة ومال برأسه يلتقط الحلوى بشفتيه من بين أصابعها قبل أن يلعق سبابتها ووسطاها وإبهامها قائلاً ببطء وهو يتعمد النظر في عينيها ـ"طعمها هكذا أفضل".


فاجأتها حركته ففقدت ثقتها المزعومة وعادت إلى ارتباكها السابق وهي تشعر بسخونة غريبة تعتريها جعلتها تحاول جذب يدها وهي تشعر باقترابه أكثر وهو يتشممها هامساً ـ"ما هذه الرائحة الطيبة؟"


أجابته بحروف متقطعة من الإرتباك والحرج ـ"إنها رائحة القهوة و...".


هز رأسه نفياً وهو يواصل الإقتراب حتى صدمها بأنفاسه وصوته لا يزال هامساً ـ"كلا...إنها رائحتك أنت..فأنا لا أخطئها".


خفضت وجهها أرضاً هرباً من وجهه الذي اقترب منها بشكل غير مسبوق، وحاصرتها أنفاسه التي إختلطت فيها رائحة نعناع معجون الأسنان برائحة الشيكولاتة في الحلوى


كانت في قرارة نفسها تتمنى هذا القرب وتنتظره

لكنها كانت أيضاً ترفضه لأنها لا تراه من حقها

وربما لأن كرامتها تأبى الرضوخ لمن نبذها من قبل

فلماذا هذه الرجفة إذاً كلما إقترب

ولماذا يخفق قلبها مع كل همسة ولمسة ولفتة؟

ولماذا...


خرجت من شرودها على لمسته فشهقت بعنف وهي تبتعد عنه وتدفعه بعيداً بقوة هاتفة ـ"ماذا تفعل؟"


أجابها ببساطة أغاظتها ـ"أريد رؤية ملابسك التي كنت ترتدينها قبل عودتي...لقد لمحتك تلتقطين هذه البلوزة من الصوان بعد دخولي الحمام، وخمنت أنك سترتدينها. وأنا...".


قاطعته قائلة بلهجة جافة لم يعتدها منها ـ"سأذهب لأعد العشاء...القهوة في الحافظة إذا كنت تود تجربة مذاقها".


قالتها واستدارت تغادر الغرفة في قوة، أو بالأحرى تهرب منها إلى غرفة ابنتها وهي تتمتم لنفسها بغضب ـ"أنا الغبية...لماذا ارتديت هذه البلوزة، لماذا ارتديت هذه الملابس من البداية؟ لماذا خلعت إسدالي...أنا غبية..غبية".


وفي عنف لم تعهده في نفسها إتجهت إلى بعض الملابس المطوية بعناية على فراش والدتها وفتشت بين ملابسها إلى أن وجدت منامة قطنية واسعة طويلة الأكمام فالتقطتها من بينهم وهي تحمد الله في سرها لأنها لم تأخذ ملابسها إلى صوانها بعد غسيلها.

دخلت الحمام الرئيسي وأغلقته خلفها ثم نظرت لإنعكاس صورتها في المرآة التي تعلو الحوض قبل أن تتجه إليه وتغسل وجهها بغيظ وكأنها تنتقم منه لأنه كان يحمل تلك الزينة.

ثم أبدلت ملابسها بالمنامة القطنية وتنهدت بارتياح وهي تنظر إلى شكلها المعتاد ووجهها الخالي من المساحيق وشعرها الأسود الذي عقصته إلى الخلف بعدما رفعت خصلاته القصيرة عن وجهها بمشبك صغير لا يكاد يُرى.

وعلى العكس من عصبيتها قبل دخول الحمام، خرجت (هالة) وهي تشعر بعودتها إلى سابق عهدها وإلى قوتها التي خانتها اليوم.


وفي هدوء، توجهت إلى المطبخ لتجهز عشاء زوجها، أو بالأحرى غدائه الذي لم يتناوله بسبب عمله. وبعد أن رتبت مائدة الطعام طلبت من ابنها (هاني) أن ينادي عمه للعشاء.

ما أن رأته يقترب من المائدة وابتسامته الجذابة تزين محياه حتى أجبرت نفسها على مغادرة الغرفة لولا أن سبقها وهو يمسك معصمها قائلاً بدهشة ـ"ألن تتناولين العشاء معي؟"


التفتت إليه ببرود قائلة ـ"ومنذ متى أتناول العشاء..عشائي منذ عشر سنوات لا يخرج عن الزبادي قليل الدسم وثمرة فاكهة..وقد تناولت الكثير من الحلوى اليوم، لذا لن أتناول العشاء".


استعطفها قائلاً ـ"ولكنني لا أحب الأكل وحدي. على الأقل اجلسي معي".


قالت بنفس البرود ـ"لا أحب أن أبدو كمن يعد اللقيمات..سأنادي (هيثم) و(هاني) ليتناولا العشاء معك".


وبكل ثقة خطت بعيداً عنه وهي تسمعه يقول بإحباط ـ"أولن تسأليني عما حدث بالإجتماع، أو تهنئيني بالترقية؟"


للحظة فقدت برودها وهي تلتفت إليه في سعادة حقيقية بنجاحه، قبل أن يغلف البرود صوتها وهي تهنئه قائلة ـ"ألف مبروك".


ثم ابتعدت لتنادي طفليها إلى العشاء قبل أن تتجه إلى غرفة ابنتها وتحمل الملابس النظيفة عن فراش والدتها وتندس إلى جوار صغيرتها بين أغطيته وتحاول الخلود إلى النوم.

ولكن قبل إنقضاء خمس دقائق شعرت بخطواته في الغرفة وهو يقترب من الفراش وينحني عليها هامساً بخيبة أمل ـ"هل نمت دون قبلة المساء؟"


شددت من إغلاق جفنيها وهي تضغط كفيها تحت الغطاء وتشعر بإقترابه منها وهو يواصل بنفس الهمس ـ"(هالة)..بالله عليك قبلي (هند) نيابة عني..لقد أوحشتني هذه الصغيرة".


لم تدر لم فتحت عينيها فجأة بعد جملته..ربما لأنها شعرت بأن تظاهرها بالنوم أصبح مكشوفاً

وربما لأنه كان يقصد التلاعب بمشاعرها

المهم أنها فتحت عينيها لتلتقي بعينيه للحظات انكمشت خلالها أكثر وسط الأغطية وهو يقترب أكثر معتمداً بكفه على ظهر الفراش وبكفه الأخرى على الفراش نفسه حتى تجاوزها وهو يضيف قائلاً ـ"لقد غيرت رأيي...أفضل أن أقبلها بنفسي".


قالها وهو يقبل الصغيرة على وجنتها بهدوء قبل أن يرفع جذعه ويستقيم ليسألها بلهجة حيادية ـ"هل ستقضين ليلتك هنا؟"


أجابته بهزة من رأسها، ثم مالبثت أن بررت ذلك قائلة بصوت مبحوح ـ"لقد اشتقت إلى مبيتها بين أحضاني".


هز رأسه متفهماً وبدت خيبة الأمل على ملامحه وهو يقول ـ"حسناً..تصبحين على خير".


ودون أن ينتظر ردها دار على عقبيه وغادر الغرفة سريعاً في الوقت الذي دلفت فيه أم (هالة) ورمقتها بنظرة صارمة تدرك معناها جيداً

لم تستطع أن تواجه نظرة أمها فتظاهرت بالنوم لتهرب مما ستسمعه منها

ولكن الأم أدركت محاولتها فاقتربت منها وهي تقول بلهجة ساخرة ـ"هل ستنامين في مكاني الليلة؟ معنى هذا أن أنام أنا إلى جوار (طارق)".


أجابتها (هالة) قائلة بلامبالاة وعيونها لا تزال مغلقة ـ"عادي..زوج ابنتك مثل ابنك".


جلست الأم على طرف الفراش وجذبت الغطاء عن ابنتها قائلة بنفس اللهجة الساخرة ـ"حقاً؟"


للحظة تذكرت (هالة) نفسها وهي تقول نفس الكلمة ل(طارق) في بداية زواجهما حينما طلب منها أن ينفق هو عليها وعلى أبنائها بحجة أنه زوجها. 

يومها سخرت منه لأن زواجهما كان صورياً

واليوم تسخر منها والدتها لأن الزواج لا يزال صورياً رغم محاولات (طارق) للتقرب منها

نعم هو يحاول التقرب منها وتحويل الزواج إلى زواج فعلي، بينما تتهرب هي منه وهي تدرك ذلك جيداً

تدرك محاولاته وتدرك تهربها منه لأنها لا تريد أن تكون مرحلة مؤقتة في حياته، أو أن تكون قرصاً مسكناً لآلام قلبه الجريح

ولكنها ملزمة بإطاعته شرعاً، وهي لا تستطيع ذلك.


وكأنما شعرت والدتها بما يدور في خلدها فربتت على كفها قائلة بحنان ـ"(هالة)..أين تدينك؟ أنت حرة في حياتك، ولكني لا أستطيع منع نفسي عن نصحك. فأنت لن تتحملي لعن الملائكة طوال الليل، حتى وإن كان لديك عذراً شرعياً".


ثم قطبت حاجبيها بضيق مصطنع وهي تقول ـ"هيا انهضي إلى غرفتك..لا تشاركيني فراشي، فهو من حق (هند) وحدها الآن...فراشي للفتيات فقط وليس للمتزوجات".


قالتها وهي تجذب (هالة) من الفراش لتنهض بتذمر وتمط شفتيها قائلة ـ"ولكن يا أمي...".


ربتت والدتها على كفها ثانية بتعاطف ومنحتها إبتسامة تشجيع وهي تقول ـ"ابنتي الجميلة مطيعة وتعرف دينها جيداً..والأهم أنها تحب زوجها وتكابر هذا الحب بعناد".


تنهدت (هالة) بعمق وعادت تمط شفتيها وتهز كتفيها بإستسلام قائلة ـ"أمري إلى الله...أمي تطردني من غرفتها ومن أحضانها".


اتسعت ابتسامة والدتها وهي تشير إليها بكفها لتغادر الغرفة.


في هذه الأثناء، كان (طارق) يذرع الغرفة المظلمة ذهاباً وإياباً والضيق يملؤه...

الآن فقط شعر بما كان يمزق (هالة) وهو يتجاهلها

فهاهي الآن تتجاهل كل محاولاته للتقرب منها

ولها كل الحق في ذلك

فهو لم يمنحها حبه وإهتمامه بها كزوجة من قبل

هو صدمها منذ بداية زواجهما ووضع حدوداً للعلاقة بينهما

فلماذا يتوقع منها الآن أن تتقبل منه أي تغيير في هذه الحدود؟

ولكنه يعترف الآن بخطئه...وبحبه

نعم حبه

لقد تغيرت نظرته إلى (هالة) منذ طلاقه من (سمر)

فجأة بدأ ينظر إليها كأنثى

أنثى طالما تعامى عن النظر إليها

أو بالأحرى عن النظر إلى عينيها

لأنه لو كان نظر إلى عينيها منذ زمن لوجد فيهما انعكاس صورته...وانعكاس حبها له

ولكان كل شيء مختلفاً الآن.

للحظة لعن غباءه وغباء قلبه الذي أعمى عينيه

وللحظة أخرى وسوس له شيطانه أن يدخن سيجارة ينفث مع دخانها نيران غيظه

لكنه إستعاذ بالله من شيطانه...لقد وعدها هذا الصباح بالتوقف عن التدخين من أجلها، ولابد أن يلتزم بكلمته

ثم إنه ألقى علبة السجائر أمامها في سلة المهملات بالغرفة، ولابد أنها أفرغت السلة بعد خروجه.

وبدافع من الفضول فقط ألقى نظرة سريعة على السلة المجاورة لفراشه ليجدها خالية تماماً قبل أن يهز رأسه في إعجاب بنشاط (هالة).

ثم مالبث أن عاد إلى غيظه من الموقف الذي يواجهه وهو يقف أمام زجاج النافذة المغلق ويتابع بعينيه أضواء الحي تحته ويعيد حساباته مع نفسه


وفجأة تناهى إلى مسامعه حفيف خطوات هادئة مترددة فإلتفت في لهفة كاد معها يرتطم بالطاولة الصغيرة التي كانت لا تزال تحمل حافظة القهوة

ورآها


رآها وسط الظلام تدلف إلى الغرفة بهدوء عاقدة ذراعيها أمام صدرها كالأطفال وضوء الممر خلفها يخفي ملامحها 

لكنه لم يكن بحاجة إلى الضوء كي يرى ملامحها التي نُقشت في ذاكرته

وتابعها وهي تغلق الباب خلفها بهدوء وتقترب من الفراش كالمجبرة فترفع أغطيته وتسمي بالله وهي تضربه ثلاث ضربات خفيفة لطرد الشيطان قبل أن تندس داخله بنعومة


حينها لم يمنع نفسه من أن يتأملها على ضوء القمر الوليد الذي تسلل من النافذة وحمل صوته إبتهاجه وهو يسألها _"هل تراجعت في رأيك وستبيتين هنا الليلة؟"


أجابته بهدوء وهي تنام على جانبها الأيمن قائلة ـ"الفراش لن يكفي ثلاثتنا فإضطررت للعودة".


تقدم إلى الفراش واندس هو الآخر بين أغطيته على الجانب الآخر قائلاً بجذل ـ"الحمد لله أنك عدت..فلنتحدث قليلاً إذاً..لقد أصابتني القهوة التي شربتها قبل العشاء بالأرق و.."


قاطعته قائلة بضجر _"(طارق) أنا مرهقة طوال اليوم في أعمال المنزل، ولا يزال الغد ينتظرني بالمزيد منها".


شعر بمحاولتها الجافة لصده فاعتدل في جلسته مستنداً برأسه إلى ظهر الفراش وهو يعقد ذراعيه أمام صدره قائلاً في احباط ـ"ستنامين وتتركيني وحدي حتى الفجر؟ ألن تسأليني عن..."


إلتفتت إليه فجأة كمن تذكرت شيئاً وهي تقول _"تذكرت..لا توقظني لصلاة الفجر".


قالتها وعادت توليه ظهرها وتعدل من وضع وسادتها تحت رأسها وكأنها لم تقل شيئاً.

أما هو فتعجب من طلبها وهي التي توقظه دوماً لصلاة الفجر إذا تأخر في النوم، لذا سألها في حيرة ـ"لماذا؟"


وكانت إجابتها البسيطة سبباً للمزيد من الإحباط

فقد أجابته وعينيها لا تزال مغلقة _"عذر شرعي"


وانهارت آماله في التقرب منها هذه الليلة.


*********************************


الدمعة الرابعة والعشرون


24- 


دلف(طارق) إلى غرفة نومه بخفة وقال في مرح موجهاً حديثه إلى(هالة) ـ"لقد نام الأولاد وكل شيء على ما يرام و..."


بتر عبارته حين وجدها جالسة على الفراش ومستغرقة في تأمل شيء في يدها, فأغلق الباب خلفه واتجه إليها على أطراف أصابعه حتى جلس إلى جوارها وهمس في أذنها بنعومة ـ"فيم استغراقك هكذا؟"


التفتت إليه لتلفح أنفاسه الدافئة وجهها, فارتبكت وعادت بعينيها إلى ألبوم الصور الفوتوغرافية الراقد بين يديها, في حين ألقى هو نظرة سريعة عليه قبل أن يسألها ـ"أهذه(هند)؟"


هزت رأسها نفياً وهي تجيبه بخفوت ـ"كلا, إنها أنا وهذا أبي."


أمعن النظر في الطفلة الجميلة ووالدها الذي ارتدى زي رائد بسلاح الطيران ثم ما لبث أن قال في دهشة ـ"أكان والدك طياراً؟"


أومأت برأسها إيجاباً قائلة ـ"أجل, واستشهد في حرب أكتوبر."


هز رأسه متعجباً وقال ـ"لولا ثقتي في أنني لم أنضم لسلاح الطيران يوماً لظننت أنه أنا."


تنهدت قائلةـ"أنت تشبهه بالفعل, وهذه أول ملاحظة أبدتها أمي حين رأتك في حفل خطبتي على(حازم) رحمه الله, ليس في الهيئة والملامح فقط بل في الطباع أيضاً. الفارق الوحيد أن شعره وعينيه كانا سوداوين، وأنت شعرك بني وعينيك مائلة إلى الأخضر".


ثم تابعت وهي تطيل النظر إلى الصورة قائلة ـ" لقد كان والدي رحمه الله حنوناً للغاية هو الآخر, ويبدو أنه كان يشعر بقصر حياته لذا التقط لي معه أكثر من مئة صورة منذ مولدي وحتى وفاته."


أشار إلى صورتها وهي طفلة وداعبها قائلاً ـ"وهذه الصغيرة الفاتنة هي أنت؟! لقد كنت جميلة جداً في صغرك."


لكزته في جانبه بحركة لا شعورية قائلة بدلال ـ"وهل فقدت جمالي؟"


تناول الألبوم في يده واعتدل في جلسته على الفراش كي يواجهها وهو ينقل بصره بين وجهها والصورة وتظاهر بالجدية وهو يتحسس ملامحها وشعرها ويقارنهما بالصورة قائلاً ـ"دعيني أقارن. العينان واسعتان ولونهما الأسود مثير للغموض, الأهداب طويلة تأسر الألباب, الأنف صغير ورقيق, والفم موسوعة جمال؛ أما الشعر فشلال حريري لم أر في جماله من قبل. لو أردت رأيي فقد زادت فتنتك وجمالك أضعافاً."


ارتبكت من لمساته التي بدت أشبه بتيار كهربائي، وتضرج وجهها خجلاً فخفضته أرضاً في حرج وحاولت النهوض من جواره في سرعة, إلا أن يده كانت أسرع وهي ترفع وجهها إليه ثانية وتابع مضيفاً في إعجاب واضح ـ"وأجمل ما فيك هو تورد وجهك هكذا."


أبعدت وجهها عن يديه قائلة بحرج بالغ ـ"ما هذا؟ هل تغازلني؟"


اقترب بوجهه من وجهها هامساً ـ"وما المانع؟ ألسنا زوجين؟"


نهضت بعيداً وتنحنحت قائلة ـ"تصور أنني نمت في أحضان أبي في آخر يوم رأيته فيه ولم أرد مفارقته وبكيت بحرقة حينما انصرف, وحدث نفس الشيء مع أولادي قبل وفاة(حازم) رحمه الله. فقد قضى الليل معهم يلعب ويضحك كما لم يفعل من قبل وأصّر على المبيت معهم في غرفتهم. أتراه كان يشعر بدنو أجله؟"


أدرك محاولتها لتغيير دفة الحوار فهز كتفيه وأجابها قائلاً ـ"ربما كان لديه حدساً داخلياً, فكثيراً ما كان يفعل أشياء بناء على حدسه هذا وتنجح, على عكسي تماماً بحكم اختلافنا منذ الصغر."


وقفت أمام النافذة وشردت بذهنها بعيداً إلى نحو عامين لتتذكر تفاصيل اليوم السابق على وفاة (حازم).

يومها كانت ترتب المنزل نحو الحادية عشرة صباحاً حينما ارتفع رنين الهاتف فجأة، فأجفلت للحظة وهي تشعر بدقات قلبها المتسارعة قبل أن ترفع سماعة الهاتف قائلة باضطراب ـ"السلام عليكم".


أتاها صوته من الطرف الثاني يقول في سرعة ـ"وعليكم السلام..كيف الأحوال؟"


أجابته ودقات قلبها لا تزال سريعة عن معدلاتها ـ"بخير الحمد لله..كيف حالك أنت؟ ليس من عادتك الإتصال وقت العمل".


أجابها بضحكة صافية لم تعتدها من قبل وهو يضيف ـ"لا تخافي..أنا بخير..لقد اتصلت لأطلب منك الإستعداد أنت وأميرتنا الصغيرة...فسنذهب جميعاً لتناول الغذاء في الخارج..في مطعم على الخليج مباشرة"


اتسعت عيناها في دهشة وهي تقول بسعادة طفولية ـ"حقاً يا (حازم)؟ يالها من مفاجأة. لقد يأست من أن نذهب إليه بسبب مشاغلك الكثيرة".


ضحك ثانية للهفتها وهو يقول ـ"وها أنذا مستعد لتنفيذ طلباتكم الليلة. هيا استعدي وسأمرك في الواحدة ظهراً إن شاء الله، ثم نصحب الولدين في طريقنا من مدرستهما".


سألته قائلة ـ"لماذا لا ننتظر إلى الغد؟ إنه الخميس وسيكون الأولاد في أجازة بالفعل و..".


قاطعها قائلاً بمرح ـ"(أم هيثم)..إغتنمي العرض قبل أن يفوتك..وتذكري بيت الشعر ‘إذا هبت رياحك فاغتنمها’".


أكملت بيت الشعر قائلة ـ"‘فإن الريح عادته السكون’. وهو كذلك يا (أبا هيثم). سنغتنم رياحك اليوم..سأكون مستعدة في الموعد بإذن الله".


وما أن أنهى اتصاله حتى بدأت في الإستعداد للخروج والنزهة التي كانت تنتظرها منذ زمن لتذكرها بأيام زواجها الأولى.

قضت وقتاً رائعاً هي والأولاد معه حتى المساء، ثم عادوا جميعاً إلى المنزل بعد أن أحضر (حازم) طعام العشاء معه.

والغريب أن (حازم) لم يترك أبنائه طيلة الليل..

ظل يلعب معهم في مرح وسعادة حتى تجاوز موعد نومهم، ثم أقدم على شيء أدهشها

فقد ضم فراشي (هيثم) و(هاني) وإستلقى عليهما ليتوسد كل منهما إحدى ذراعيه، ربما للمرة الأولى في حياته

وبعد منتصف الليل، وحينما تأكد من إستغراق الولدين في النوم، تسلل (حازم) إلى غرفته مع زوجته التي كانت ترضع (هند) في هذه اللحظة

وبدلاً من أن يترك الصغيرة تستسلم للنوم بين ذراعي (هالة)، حملها في حنان وهو يداعبها بشكل لم تعهده زوجته من قبل.

وبعدما نامت الصغيرة بين ذراعيه، تأملها قليلاً ونقل بصره إلى (هالة) متسائلاً ـ"ترى هل أعيش إلى اليوم الذي أسلمها فيه إلى عريسها؟"


شعرت بقبضة باردة تعتصر قلبها وهي تقول في سرعة ـ"بإذن الله تحضر زواجها هي وأشقائها وتحمل أحفادهم أيضاً".


لاحت نظرة غريبة في عينيه وهو يتأمل زوجته بتمعن وكأنه يقول لها ‘لا أظن’.


أقلقتها نظراته فاقتربت منه تحمل الصغيرة وهي تسمي بالله وتضعها في فراشها قبل أن تعود لتجلس إلى جواره على فراشهما وتتناول كفه قائلة بجزع ـ"ماذا بك يا (حازم)؟ ولماذا هذه النظرة في عينيك؟"


تلاقت نظراتهما للحظات حاولت خلالها سبر أغواره الغامضة عبر عينيه السوداوين الأكثر غموضاً، لكنه أحبط محاولتها وهو يسبل جفنيه ويسند جبهته على جبهتها هامساً ـ"لقد أرهقتك معي كثيراً".


ابتعدت عنه في سرعة كمن مسه تيار كهربي ووضعت كفها على وجنته قائلة بقلق حقيقي ـ"ماذا بك يا (حازم)؟ مالذي تخفيه عني؟ نزهة اليوم خلفها سر كبير. أخبرني ماهو. هل أنت مريض؟ هل...".


قاطعها وهو يضع أنامله على شفتيها برقة إفتقدتها منذ أيام زواجهما الأولى وهمس لها بابتسامة صادقة وهو يداعب خصلات شعرها الأسود قائلاً ـ" السر هو أنني شعرت بتقصيري في حقك، وبأنك تستحقين مني كل كلمات الشكر والتقدير..والحب. أدري أنني كنت جاف المشاعر معك، وأنني لم أمنحك الحب الذي تستحقينه رغم أنك منحتني السعادة التي يتمناها أي زوج بهدوؤك وطاعتك وأدبك وتدينك وكل صفاتك الجميلة".


وتابع وهو يضمها إليه بكل حب قائلاً ـ"قد لا أجيد التعبير عن الحب بالكلمات، فهذا طبعي الذي ورثته عن والدي. ولكنني قررت أن أعوضك الليلة كل ما فاتك، وأن أشكرك بطريقتي الخاصة".


كانت كلماته الرقيقة غريبة على أذنيها، ولم تفلح في طمأنة قلبها الذي لا تزال تلك القبضة الباردة تعتصره.

وازداد توترها في الصباح حينما استيقظت متوقعة أن تجد نفسها بين ذراعيه..لكنه كان قد رحل إلى عمله

رحل دون أن يودعها أو يودع أبنائهما

وقبل أن تستوعب الوقت وتبدأ حواسها في العمل...كان صوت الإنفجار

الإنفجار الذي دوى في أحشائها قبل أن تسمعه بآذانها

الإنفجار الذي أودى بحياة زوجها ووالد أبنائها

ال.....


قطع (طارق) تدفق ذكرياتها وهو يسألها في دهشة ـ"أين شردت؟"


إلتفتت إليه بعينين خاويتين وكأنها لا تزال تعيش صدمة حادث (حازم) قبل أن تهز رأسها يمنة ويسرة كمن ينفض الذكريات عنه وتعود لتسأل (طارق) باهتمام وهي تعقد ذراعيها أمام صدرها وتراقب هدوء الشارع من خلف زجاج النافذة المغلق ـ"كيف كان يصدق حدسه؟"


ارتفع حاجباه في دهشة وهو يقترب منها قائلاً ـ"أظللت زوجته لعشر سنوات ولم تعرفي كيف كان يصدق حدسه؟ بشكل عام كانت لديه بعض وجهات النظر الخاصة به مثل أن الزواج عن طريق العقل أفضل من زواج الحب, وكنت أعارضه بالطبع, لكنه كان يقول بثقة’عندما تحب امرأة فإنك لا تراها على حقيقتها ولا تستطيع فهمها بالشكل الصحيح, أما لو أنك فهمتها أولاً فستقع في حبها فوراً‘. سألته بعد مولد(هيثم) عن رأيه في زواج العقل, أو تدرين ماذا قال؟ يومها منحني ابتسامة صافية من ابتساماته النادرة وقال بنفس الثقة التي تميزه ’أنا أسعد إنسان على وجه الأرض, وأحبها بكل ذرة في كياني‘."


التفتت إليه بدهشة وجملة (حازم) المشابهة تدوي في أذنيها وتنبهها إلى أنه قال ذلك لأخيه قبل حتى أن يعترف لها به. زادها ذلك الإكتشاف توتراً فقالت بصوت مبحوح ـ"أقال(حازم) هذا عني؟"


أجابها بثقة قائلاً ـ"أجل, وانظري إلي. لقد سرت خلف قلبي وظننت أنني أعرفها كنفسي وتغاضيت عن الكثير من عيوبها، ولكنني كنت مخطئاً واكتشفت أنني لم أفهمها أبداً ولم أحظ معها بالسعادة التي أردتها, بينما سعادتي معك ومع الأولاد لا يمكن وصفها."


همت بأن تقول له إنها _علي عكس شقيقه_ لم تكن سعيدة معه وإنه لم يشعرها بالحب الذي تكلم عنه إلا ليلة وفاته بعدما أقنعها أسلوبه الجاف بأنه لم يكن ليعترف حتى بوجوده. إلا أنها آثرت الصمت وعادت تلتقط ألبومها من فوق الفراش وتطالع صورها مع أبيها.

لاحظ(طارق) صمتها ونظرة عينيها التي تخفي الكثير، وشعر أنها لا تريد الإفصاح عما بداخلها فسألها ليغير هو الموضوع هذه المرة ـ"ولكن ما سبب تطلعك لهذه الصور الآن بالذات؟"


اختنق صوتها بالعبرات وهي تجلس على طرف الفراش قائلة ـ"لقد شعرت بحاجة شديدة إلى وجوده بجانبي, أردت أن أقفز في أحضانه وأن أشعر بيده تمسد شعري وأسمعه يغني لي هامساً ويسألني كم أحبه فأفتح ذراعاي عن آخرهما وأحيط عنقه بهما. رغم أنه استشهد منذ نحو ثلاثين عاماً مازلت أفتقده وأشعر بحاجتي إليه في أوقات عديدة." 


اقترب منها وأدار وجهها إليه ليمسح بأنامله عبرة خانتها وسالت على وجنتها هامساً في حنان دافق ـ"أنا إلى جوارك, أنا أبوك وأخوك وزوجك وابنك."


قالها وهو يحيط كتفيها بذراعه ويريح رأسها على كتفه وبيده الأخرى يمسد شعرها في رفق قبل أن يطبع قبلة دافئة على جبهتها، إلا أن (هالة) إبتعدت عنه في سرعة كالمصعوقة ووجهها مصبوغ بحمرة قانية قائلة بإرتباك ـ"أشكرك على مشاعرك الطيبة هذه."


رفع حاجبيه في دهشة قائلاً ـ"مشاعري الطيبة؟!(هالة) إننا زوجان."


رتبت شعرها بارتباك قائلة ـ"هل حاولت إعادة(سمر) إلى عصمتك كما وعدتني؟"


ضغط(طارق) أسنانه في غيظ قائلاًـ"ألا يهمك سوى إعادة(سمر) إلى عصمتي؟ أيريحك قولي إن أمها أخبرتني بأنها سعيدة بابتعادها عني وأنها ستتزوج من آخر؟"


هتفت في ذهول ـ"وهل صدقتها؟ إنها لا تستطيع الزواج قبل انتهاء عدتها أي قبل شهرين. من الواضح أنها تكذب."


أشاح بكفه قائلاً بضيق ـ" تكذب أو لا تكذب, فأمرها لم يعد يهمني بعد ما صدر منها. لقد كسرت شيئاً عميقاً بداخلي ولا أظن من الممكن إصلاحه".


ثم إلتفت إليها وقال بإبتسامة هادئة ـ" كما أنني سعيد هكذا, وأدركت أخيراً أن أبي كان على حق حين قال إنه اختار لي أفضل زوجة, ولن أستبدلك بأخرى مهما حدث."


قالت بتردد ـ"وماذا عن حبكما؟"


قال بثقة وهو يتأمل عينيها ـ"افهميني يا (هالة)..لقد أحببتها بقلبي ولم أكن موفقاً, وهي أدارت وجهها لهذا الحب. أدري أنها كانت مجروحة بعد نتيجة التحاليل، ورغم ذلك إحتويتها وحاولت أن أخفف عنها وطأة الصدمة. بل وسعيت إلى استرضائها أكثر من مرة وهي رفضتني. والأسوأ أنها أهانتني، وكرامتي لا تحتمل أن أعود لمن تجرأت على إهانتي. سأعتبرها تجربة بحلوها ومرها، ولكنني لن أعيدها معها ثانية. لقد طويت صفحتها منذ ذلك اليوم".


تهربت من نظراته وهي تقول بلعثمة ـ"و..ولكنكما تعملان في نفس المستشفى".


رفع وجهها إليه ليمعن النظر في عينيها ثانية وهو يقول بهدوء ـ"أنا أعمل مع مائة طبيب وممرض..لا أكاد ألتقي بربعهم. فعملي في غرفة العمليات، وهي في العيادات الخارجية، وبيننا ثلاثة أدوار. أعترف أننا كنا نتحين فرص اللقاء من قبل، ولكن بعد ما حدث صارت تتجنب تجاوز الدور الثاني".


تاهت في نظراته وشعرت بالصدق في عينيه وهو يتابع بابتسامة جذابة ـ" أما أنت يا (هالة)، فقد أحببتك بعقلي وكياني كله قبل قلبي, وأجمع ثلاثتهم على أنني لن أجد من هي أفضل منك لأهبها اسمي وحياتي إن أرادت."


ثم أضاف وهو يحتضن كفيها بين راحتيه هامساً ـ"هل تقبليني زوجاً يا (هالة)؟"


اتسعت عيناها في ذهول وهي لا تكاد تصدق أذنيها...

أهذا صحيح؟

أشعر بها أخيراً؟ 

أيبادلها الحب حقاً؟

هي وليس غيرها؟

وبكل دهشتها ولهفة قلبها قالت بارتباك ـ"(طارق) أنا..."


قاطعها وهو يلمس شفتيها بأطراف أنامله ويقترب منها أكثر قائلاً ـ"أريدك زوجة وحبيبة وصديقة. أريدك أن تكوني حياتي الجديدة التي أنسى معها أي ماضي. أريدك لي وحدي يا (هالة)".


اغرورقت عيناها بدموع غزيرة لم تستطع منعها فسالت على وجنتيها وهي تتأمله بكل الحب في أعماقها ولسانها عاجز عن النطق أمام صدق المشاعر الذي تراه في عينيه.

كانت ترى نفس النظرة التي رأتها لأول مرة وهو يحدثها عن (سمر)

نظرة حب صادقة.

طال صمتها وهي تتأمله من خلف دموعها، فإبتسم ومسح دموعها برقة وإقترب بوجهه منها حتى تعانقت أنفاسهما هامساً في خبث ـ"سأعتبر صمتك قبولاً لعرضي."


ثم أضاف بعد أن طبع قبلة دافئة على جبهتها ـ"هل لي أن أسألك مثل والدك عن مدى حبك لي؟"


وأجابته بكل صراحة.


الحلقه 25/26 من هنا


بداية الروايه من هنا


🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹

ادخلوا بسرعه حملوه وخلوه علي موبيلاتكم من هنا 👇👇👇

من غير ماتدورو ولاتحتارو جبتلكم أحدث الروايات حملوا تطبيق النجم المتوهج للروايات الكامله والحصريه مجاناً من هنا


وكمان اروع الروايات هنا 👇

روايات كامله وحصريه من هنا


انضموا معنا على تليجرام ليصلكم اشعار بالروايات فور نزولها من هنااااااااا


🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺


ادسنس وسط المقال
ادسنس اسفل المقال

تعليقات

التنقل السريع
    close
     
    CLOSE ADS
    CLOSE ADS