القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية غرام في المترو الفصل التاسع والعاشر والحادي عشر بقلم ولاء رفعت علي حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج


رواية غرام في المترو الفصل التاسع والعاشر والحادي عشر بقلم ولاء رفعت علي حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج 

الصفحه الرئيسيه للروايات الكامله والحصريه من هنا

 ما بين الأمل واليأس درب ملئ بالكثير من الأحداث، ونهاية الصبر علي الابتلاء نجاح جاء من الإيمان والرضا. 


و هذا النجاح جاء إليها علي هيئة يوسف الذي وضعه القدر في دربها بعد معاناة، فبعد أن وافقت علي عرض العمل وتقديم إليها كل ما يسهل ذلك بشرط أن كل ذلك دين سترده إليه. 


و كما أخبرها أن العمل يحتاج إلي المظهر الجيد دون مبالغة أو شيء خارج الأدب و الاحترام، اعطاها مبلغ من المال لشراء الثياب و كل ما تحتاجه، كما أعطي إليها أوراق تفيد بأنها قد حصلت علي شهادة جامعية تخصص إدارة أعمال و شهادات أخرى بأنها تتقن اللغة الإنجليزية و كل ما يؤهلها إلي العمل في شركة الشريف. 


                        ※ ※ ※


توقفت سيارة أجرة أمام مبني شاهق في حي الدقي الشهير، أعطت سماح إلي السائق الأجرة المتفق عليها و نزلت من السيارة، تنظر في شاشة هاتفها تقرأ رسائل هذا الرجل الذي قامت بالتعرف عليه من خلال البث المباشر التي كانت تقدمه في مقابل الحصول علي المال. 


أخبرها إنه صاحب شركة إنتاج أغاني ويريد فتيات من أجل القيام بعرض فني خلف المغنى، و ما جعلها تنجذب لذلك العرض دون تفكير، هو وعده إليها أن يجعلها فنانة شهيرة غضون وقت قصير في مجال الغناء والاستعراض و ربما التمثيل أيضاً، كم تمنت أن تخرج من الحارة والحياة العفنة منها، لا تعلم أن العفن داخل الحي الشعبي الذي تقطن فيه أفضل من جهنم التي ستلقي نفسها بداخلها. 


دخلت إلي الفناء فأوقفها الحارس وأخبرته 


"أنا طالعة لمكتب عوني بيه" 


سألها الحارس ليتأكد


"قصدك عوني القرني؟" 


عبست وأجابت


"أنا كل اللي أعرفه اسمه عوني، لكن قرني دي ما أعرفهاش، ده اسم و لا لقب وغوغوشتني؟" 


كانت نظراته تخترق العباءة التي ترتديها وتجسد منحنيات جسدها، و ملامح وجهها المطمس خلف مساحيق التجميل الرديئة


"لاء،  ده اسمه ولقب عيلته، عيلة القرني" 


وابتسم بسخرية يشوبها نظرة وكأنه يريد إلتهامها


"عن إذنك أنا طالعة يا... " 


"محسوبك عزب" 


أطلقت ضحكة تجاوزت حدود الأدب ودون الأدب ثم استقلت المصعد حتي وصلت إلي الطابق المنشود. 


و في الأعلى ولجت إلي المكتب كما اخبرها عوني، وجدت في استقبلها فتاة لا تقل عنها في المظهر المبتذل 


"ممكن أقابل عوني بيه، أصله مديني ميعاد" 


سألتها الفتاة


"أنتي سماح بتاعت التيك توك؟" 


ابتسامة صفراء أصدرتها شفتيها 


"أيوة أنا" 


نهضت الفتاة وأخبرتها


"تعالي ورايا، المعلم عوني مستنيكي" 


و في طريقها إلي مكتب القرني وجدت فتاتين يتجولان بثياب فاضحة في الرواق، انقبض قلبها وصوت يخبرها أن تتراجع، لكن كيف تتراجع والمال والشهرة في انتظارها و للحصول عليهم يجب تقديم التنازلات كما قدمت الكثير أمام شاشة الهاتف. 


فتحت الفتاة باب المكتب 


"معلم عوني، سماح جت" 


نهض الأخر بثقل بسبب جسده السمين


"خليها تدخل يا دندش" 


أشارت إلي سماح التي ولجت ومازال قلبها ينبض بقوة، رأت رجل بدين يقف خلف المكتب، ذو ملامح خليط ما بين الرجل والسيدة، يخط أسفل أنفه شارب رفيع، وحاجبيه يبدو إنه يعتني بهما بالنمص، مظهره المقزز جعلها تتراجع خطوة


"معلش يا عوني بيه أصل أنا... " 


قاطع حديثها بعد قراءة ترددها في عينيها


"معلش إيه بس، اتفضلي يا قمر، ده أنتي طلعتي حلوة أوي وأجمد من الفيديوهات كمان" 


ابتسمت إليه


"شكراً" 


أشار إليها نحو الكرسي أمام مكتبه


"أتفضلي، أتفضلي، ده المكتب نور بيكي و هيبقي وش السعد علينا و عليكي" 


"إن شاء الله" 


"تشربي إيه يا موحة، أيوة بدلعك، أصل مفيش حد بيشتغل معانا غير لما ندلعه و نشخلعه و يبقي مبسوط 24 قيراط، و أنتي هتجربي وهاتعرفي بنفسك" 


أجري اتصالا 


"واد يا سمسم هاتلي قهوة و للمزمازيل سماح شوب مانجا وصاية" 


أنهي المكالمة وأسلوبه في الحديث أثار اشمئزازها، شعرت وكأنها تجلس مع رجل مخنث 


"ها يا موحة، أحضر العقود و نمضي و لا إيه؟" 


"مش لما أعرف هاشتغل إيه بالظبط و لا هاخد كام يبقي بعد كدة نمضي؟" 


ضحك وقال


"ده أنا هخليكي بطلة الكليبات، تطلعي مع الفنان والمخرجين و المنتجين لما يشوفوكي هيشاوروا ويقوله إحنا عايزين دي، و من عندي هتدخلي لأبواب المجد و الشهرة، إحتراف هنا و بره، هاتسافري لأمريكا وأوروبا بس أبقي افتكرينا" 


تراقص داخلها وتأهب سمعها لجوابه علي سؤالها


"طب هيبقي مرتبي بالشهر و لا بالغنوة الواحدة؟" 


"بالشهر طبعاً و هيبقي 150 ألف جنيه و لو جالك أوردرات بره هتقبضي بالدولار" 


لا تعي بواطن الكلمات وانجرفت في سيل الطمع الذي أعمى عينيها 


"طب و هنبدء شغل أمتي؟" 


"كنت لسه هقولك بكرة الساعة 12 بالليل تكوني هنا، هنصور أول كليب مع فنان مشهور أوي" 


"الساعة 12 بالليل؟!، إزاي هقول لأهلي إيه لما انزل متأخر" 


نهض من خلف مكتبه بخطوات ثقيلة ليجلس علي المقعد المقابل لها 


"جري إيه يا موحة صحصحي معايا، هو أنا اللي أقولك برضو تنزلي إزاي، اللي خلاكي تعرفي تصوري الفيديوهات إياها بتاعت الروتين اليومي واللي مش الروتين من غير أهلك ما يعرفوا، هيخليكي تعرفي تنزلي في أي وقت حتي لو الفجر، و لسه كمان هيبقي عندك سفر" 


أثرت الصمت تفكر بتردد


"أنتي بتفكري لسه؟!، أنا بقولك 150ألف جنيه، يعني في خلال سنة تقدري تشتريلك شقة هنا في الدقي و لا المهندسين أو عربية أحدث موديل و لا الشهرة" 


من قال إن وسوسة الشيطان ذات تأثير علي الإنسان الضعيف!، فهناك من هم أشر و أقوي من الشيطان في السيطرة علي البشر، و من سواهم أعوان إبليس من البشر، شياطين الإنس علي مر العصور تركوا بصماتهم التي تفوقت علي معلمهم الذي يصفق لهم بجدارة وهو ينفذ وعده إلي خالقه في اغواء كل من انساق إلي خطواته بملء إرادته غير آبه لوعيد ربه وهو يخبره أنه سوف يملأ جهنم منه و من كل مَنّ أتبعه أجمعين. 


"خلاص أنا هاتصرف" 


تهللت السعادة علي محياه 


"أهو ده الكلام المظبوط، كدة بقي فاضل نمضي العقود" 


أخرج لها عدة أوراق وتابع


"كل حاجة جاهزة و واقفة علي إمضتك" 


ستار من الظلام يكسو عينيها، تخط توقيعها أسفل كل ورقة، و مع كل توقيع تزداد ابتسامة هذا اللعين السمين. 


                        ※ ※ ※


عاد نور من الخارج يغني بصوت خافت كدليل علي سعادته التي تعلم زوجته سببها جيداً، توقف في بهو المنزل عندما وجدها تقف أعلي الدرج تعقد ساعديها و تحدق نحوه بنظرة باردة تثير مخاوفه من الذي تدبره له. 


"حمدالله علي السلامة يا حبيبي، ما لسه بدري" 


نظر في شاشة هاتفه فوجدها الثانية بعد منتصف الليل، عاد ببصره إليها ويصعد الدرج


"كان ورايا مصالح لازم أخلصها" 


حدقت بسخرية إليه


"و هي المصالح دي ما ينفعش تخلص بالنهار؟"


زفر بضيق 


"بس بقي يا كوكي، كفاية رغي صدعتيني و لازم تنكدي عليا" 


نظرت إليه بازدراء وقالت


"أنا هاروح أنام جمب بنتي" 


تركته وذهبت فقال في نفسه


"و لو روحتي لأهلك يبقي أحسن" 


سار في الرواق فوجد باب غرفة شقيقه مفتوحاً، و يوسف يجلس أمام حاسوبه، ولج إلي الداخل


"إيه ده أنت رجعت؟" 


نهض الأخر وفتح ذراعيه


"إيه جيت وراجع الشغل من جديد، وحشتني يا برو" 


عانق شقيقه بقوة وأخذ كل منهما يربت علي ظهر الأخر، قال نور


"ربنا يهديك علي كدة دايماً" 


"لو عرفت السبب هتتعجب، و عندي خبر حلو أوي" 


سرد له عن غرام و الصدفة الغريبة والتي من خلالها تمكن من إنقاذ الشركة من الخسارة، كما قرر العودة إلي حياة أكثر جدية ومسئولية، كما أوصاه علي غرام بأن يجعل مسئول التوظيف يوافق علي تعينها في الشركة. 


"تصدق عندي فضول أشوف اللي اسمها غرام"


لكزه يوسف في كتفه


"خد بالك دي مش زي البنات التانية، دي بنت في منتهي الأدب والإحترام، زي العملة النادرة، جدعة و بنت بلد" 


"الله، الله، إيه يا چو، أنت لحقت توقع بالسرعة دي؟" 


"أقع مين يا بني، أنا بساعدها مقابل وقفتها معايا مش اكتر" 


ابتسم نور وسأله 


"عليا أنا الحركات دي، يابني ده أنا حافظك، عموماً ما تقلقش اعتبرها اتعينت خلاص، و كمان هتبقي في القسم اللي أنت مسئول عنه، أي خدمة" 


غمز بعينه ثم هم بالذهاب


"اسيبك أنا بقي وهاروح أنام، تصبح علي خير" 


"و أنت من أهله" 


و قبل أن يغادر نور الغرفة أخذ يغني


"يا سلام،  يا سلام قد إيه حلو الغرام" 


أمسك يوسف بقلم من فوق مكتبه وألقاه علي شقيقه الذي فر علي الفور قبل أن يصيبه القلم. 


                       ※ ※ ※


كانت تقف أمام المرآة ترتدي الثياب التي اشترتها وتنظر إلي مظهرها، تبدو كسيدة أعمال 


"إيه ده، اش اش، إيه الحلاوة دي يا غرومه" 


كان صوت ابتسام فألتفت إليها غرام


"إيه رأيك؟، اشتريتهم عشان الشغل الجديد" 


"و من أين لك هذا؟" 


تخشى أن تظن والدتها و شقيقتيها بأمر آخر فقالت


"دي فلوس استلفتها من واحدة صاحبتي، هارجعهم ليها أول ما هقبض" 


دلفت والدتها تحمل صينية يعلوها أكواب 


"العصير يا بنات" 


انتبهت إلي ابنتها


"إيه ده يا غرام؟" 


"دي هدوم لسه شارياها عشان الشغل الجديد، لازم يكون مظهري شيك و كدة يعني" 


"و جبتي فلوسهم منين؟" 


توترت فوجدت أن الكذب لا يفيد ويجب أن تسرد كل ما حدث لوالدتها، و بالفعل قامت بذلك حتي عقبت والدتها والقلق يبدو علي ملامح وجهها


"أنتي واثقة في الجدع ده يا بنتي و لا يطلع واحد نصاب و يضحك عليكي في الأخر" 


"يا ماما ده ابن ناس و من عيلة معروفة، طلبت منه الشغل و بصراحة لاقيته كريم جداً و ما تقلقيش هو شخصية محترمة وبعدين بنتك بميت راجل، محدش يقدر يتكلم معايا أو يجي جمبه، ما أنتي مربياني و عارفاني كويس" 


"ربنا يسعدك ويرزقك من وسع يا غرام يا بنتي، و يبعد عنك ولاد الحرام" 


احتضنت والدتها


"آمين يارب" 


وتذكرت هذا الوسيم الثلاثيني الذي ظهر لها في وقت عسير فابتسمت وخفق قلبها بسعادة، ربما هذه بداية السعادة القادمة مهما واجهت في طريقها من عثرات.


يتبع... 


ــــــــــــــــــــــــــــ


*الفصل العاشر*

غرام في المترو

بقلم ولاء رفعت علي


تجلس في هيئتها و هندامها الجديد، ترتدي ثوب أبيض مزدان بالورود الحمراء، وشاحها الأحمر القاني زاد من جمالها الذي كان مدفوناً في التجول والبيع في القطارات. 


كان المسئول يلقي عليها الأسئلة الروتينية في مقابلات طلب الوظيفة، لاحظت غرام جميع الأسئلة تتميز بسهولة ربما هذا عن قصد من مسئول التوظيف لا سيما بعد وصاية خاصة من الأخوين نور ويوسف. 


وفي نهاية المقابلة ابتسم المسئول ويخبرها


"ألف مبروك يا آنسة غرام، أهلاً وسهلاً بيكي في الشريف جروب" 


"بالسرعة دي؟!، ده أنا اسمع أن في أي شركة بيردوا بعد الانترفيو سواء بالموافقة أو الرفض بعد فترة مش وقت المقابلة علي طول"


نظر عبر الحائط الزجاجي نحو الرواق إلي يوسف الذي كان ينتظرها في الخارج، أخبرها


"البركة في مستر يوسف" 


ألتفت خلفها فوجدت يوسف يبتسم إليها، و كم هي ابتسامته ساحرة، حاولت تشتت ذهنها من الوقوع في أحلام بعيدة المنال، فيكفي ما فعله من معروف و دين لن تنساه بتاً. 


خرجت إليه فقال لها


"ألف مبروك" 


"الله يبارك في حضرتك، بس أنا برضو لحد. دلوقت مش فاهمة هاشتغل إيه" 


"مبدأياً كدة ياريت نشيل أي ألقاب و كلمات زي حضرتك و يافندم طول ما إحنا مع بعض، إما بالنسبة لشغلك هتبقي السكرتيرة أو المساعة الخاصة بيا و هتبقي برضو المسئول التاني من بعدي في قسم الـ Marketing" 


تدلي فكها في صدمة، يخبرها بوظائف لم ترَ مثلها سوي في التلفاز فقط


"بس أنا مافهمش حاجة في السكرتريا أو التسويق" 


اعتدل من ياقة قميصه بزهو يقول لها


"أنا هعلمك كل حاجة، و أنتي شاطرة وهتتعلمي كل حاجة بسرعة" 


تراقص قلبها من السعادة، أخيراً فتحت الدنيا لها ذراعيها، تدعو ربها أن لا يقابلها عثرات تقذف بها إلي الهاوية. 


و هناك مَنْ كان يراقب صديقه والفتاة التي يخمن أين رآها من قبل، عبر من أمامه مسئول التوظيف أوقفه يسأله


"هي مين اللي واقفة هناك مع يوسف؟" 


أجاب الآخر


"خد بالك يا رامي، غرام دي تبع مستر يوسف ومستر نور، متوصي عليها جامد منهم، الله أعلم شكلها قريبتهم أو من معارفهم" 


"اسمها غرام، حلو، حلو أوي كمان" 


همس بها وينظر نحو غرام بنظرة يشوبها الغموض والرغبة في خطف الصيد الجديد قبل أن يقع في يد صاحبه. 


※ ※ ※


انتهت ابتسام للتو من الشراء في السوق وفي طريق عودتها، كانت شاردة في أمر حسن الذي أخبرها إنه سيتحدث مع شقيقتها في أمر هام وعندما سألته خشية من أن يخبر شقيقتها بأمر عثمان فطمئنها حسن وقال لها لا تقلق وستعلم لاحقاً كل شيء. 


توقفت فجأة عن السير عندما وجدت المقبل عليها أعلي الدراجة النارية، يبتسم إليه و هبط علي الأرض


"عثمان لو سمحت عايزة أروح بسرعة عشان أمي مستنياني، و لو حد شافنا من أهل الحارة سيرتنا هتبقي علي كل لسان" 


أخبرته بذلك وكانت ملامحها جادة، ظل مبتسماً و عقب علي أسلوبها الذي ضايقه لكن أسر ذلك في نفسه


"أنا عارف إنك زعلانة مني و مش طيقاني عشان اللي حصل في البيت المهجور، و قصدت ما اقربش منك و لا أكلمك طول الفترة اللي فاتت لحد ما تهدي، و جيتلك النهاردة عشان أقولك إن أنا خلاص هسافر، عنتر بعتلي أشتغل معاه في الكويت، و أنا بصراحة فرحت جداً عشان شغلي برة هيخليني أعرف أجهز شقتي من كل حاجة و مش هخلي خالتي عزيزة تشتريلك حتي إبرة و شنطة هدومك كمان عليا" 


"بس أنا... " 


رفع يده لتصمت وتابع هو حديثه


"إحنا مش هنتجوز لا السنة دي و لا الجاية و لا اللي بعدها، أنا مع أول أجازة ليا هخطبك و نكتب الكتاب و بعد ما تخلصي الكلية نتجوز، أظن مفيش أريح من كدة، و لا إيه؟" 


هزت رأسها وعقبت باقتضاب


"إن شاء الله"


"أنا كل اللي عايزه منك تاخدي بالك من نفسك أوي، ملكيش دعوة بحد و لو حد ضايقك أخويا عاطف مكاني هيجبلك حقك وقتها" 


"ماشي" 


"و حاجة أخيرة، هابقي أطمن عليكي كل يوم علي الواتس أو الفيس، ياريت تردي عليها ساعتها و تطمنيني عليكي" 


نظر إلي هاتفها ذو الطراز القديم وأخبرها مردفاً


"أول قبض ليا إن شاء الله هابعتلك موبايل و هايكون من إختيارك" 


"سافر أنت بس بالسلامة، و أنا هاتصرف و أكلمك" 


"هتوحشيني" 


"و أنت كمان" 


لاحظ تغيرها الطارئ و ظن أمر أخر


"أنتي زعلانة أوي كدة عشان هسافر؟" 


أخفت توترها خلف ابتسامة زائفة


"لاء مش زعلانة، أنا أتفاجئت بس بموضوع سفرك، و فرحانة جداً، أديك هترتاح من شغلانة صبي الميكانيكي في الورشة" 


"يعني أنا هاروح أشتغل مدير شركة هناك، أنا هاشتغل حاجة من الأتنين يا نقاش يا هاغسل صحون في مطعم" 


"مش مشكلة، طالما بالحلال خلاص" 


صدح رنين هاتفها باسم شقيقتها، انتفضت وهمت بالذهاب


"غرام بترن عليا شكلها رجعت، معلش أنا مضطرة أسيبك، سلام" 


وركضت سريعاً وكأن الاتصال جاء لها نجدة من الوقوف أمام عثمان والاستمرار معه في وعود ستنتهي قريباً. 


※ ※ ※


و ها قد جاء أول يوم في العمل لها، كانت تشعر بالفرح ويخفق قلبها من فرط السعادة أخيراً ستعمل في وظيفة مرموقة بدلاً من التجول في القطار والتعرض للمضايقات من المارة ورجال الأمن في المحطات. 


"صباح الخير" 


ألتفت إلي صاحب الصوت وابتسمت


"صباح النور يا مستر يوسف، يارب أكون جيت في ميعادي مظبوط" 


نظر إلي ساعة يده


"جاية بدري عشر دقايق عن ميعادك ده أنتي كدة هتبقي قدوة لزمايلك" 


ضحكت وقالت


"هو بس عشان أول يوم" 


"لاء، خدي بالك أنا في الشغل أسألي عني، جد جداً و بحب المواعيد المظبوطة" 


"ما تقلقش حضرتك، إن شاء الله هاجي علي طول في ميعادي" 


نهض من خلف مكتبه 


"تعالي معايا لما أعرفك بالبيج بوص، رأفت بيه الشريف" 


ذهبت خلفه فوجدت أنها أمام غرفة مكتب صاحب هذا الصرح، انبهرت بكل ما تري من حولها من رقي وشموخ من أثاث و ديكور. 


طرق الباب و ولج بعد إذن والده له بالدخول، وجد سوزي تقف جوار والده بقرب مبالغ وتميل نحوه بجرأة سافرة غير مبالية لنظرات يوسف الحادة إليها


"تعالي يا يوسف، كنت لسه هاكلمك عشان عايزك" 


نظر إلي سوزي وأشار لها


"أتفضلي أنتي علي مكتبك" 


"أمرك يا رأفت بيه" 


غادرت الغرفة فألتفت يوسف إلي والده


"بابا أنا أول حاجة بعتذرلك عن كلامي معاك المرة اللي فاتت و... " 


"خلاص يا يوسف، مفيش داعي نقلب في اللي فات، كونك أنك تنقذ الشركة من خسارة كبيرة ده كفيل يمحيلك أي أخطاء و يخليني أسامحك، نور أخوك حكالي علي كل حاجة، و عرفت أنكم عينتم البنت اللي اسمها غرام هنا في الشركة" 


ابتسم لأن والده اختصر عليه شوط كبير من الحديث


"هي واقفة برة و كنت جايبها عشان حضرتك تشوفها و تتكلم معاها بما أنها بقت موظفة في الشركة" 


حدق إليه والده بنظرة غامضة


"و ياريت تحط في دماغك إنها مجرد موظفة في الشركة" 


أدرك رسالة والده الخفية من حديثه هذا، نهض ليخبر غرام بأن تدخل، ولجت تتلفت من حولها، تشعر بالرهبة و الخوف، لاسيما عندما وقعت عينيها علي رأفت الشريف، شملها بنظرة سريعة، فهذا الرجل ذو هيبة و وضع يجعل الجميع ينحنوا إليه احتراما له. 


نظرت إلي أسفل بخجل


"السلام عليكم يا رأفت بيه" 


"و عليكم السلام، أتفضلي يا غرام" 


جلست ونظرت إلي يوسف الذي كان يبتسم إليها ثم انتبهت إلي والده


"أنا يوسف حكالي علي كل حاجة، و قالي قد إيه أنك مجتهدة في شغلك و شاطرة، و بما أنك بقيتي مننا هنا، عايز أشوف شطارتك في الشغل، في الشغل و بس" 


وصلت إليها الرسالة أيضاً، علمت إنه يحذرها من الاقتراب من نجله، هزت رأسها بنعم 


"بإذن الله يا رأفت بيه" 


"دلوقتي تقدروا تفضلوا علي مكتابكم" 


نهض كليهما، وتشعر برجفة في يديها، ذهبت سريعاً إلي غرفة المكتب الخاص بها دون أن تلتفت إلي يوسف، و ما أن خطت قدمها داخل الغرفة، أغلقت الباب و تلتقط أنفاسها، تشعر بغصة وكأنها ارتكبت ذنباً، لما يحذرها هذا الرجل من أمر تعرف حدها نحوه جيداً، لتدرك أن الحياة ليست وردية هنا، و عليها أن لا تفكر بشيء سوي العمل فقط حتي لا تخسر مصدر رزق وفير لأسرتها. 


※ ※ ※


الساعة الحادية عشر ليلاً، تريد الذهاب حتي لا تتأخر عن موعد عملها الجديد، ترتدي ثوب فاضح أسفل العباءة السوداء ظناً منها هذا ما سترتديه في الاستعراض الذي ستقدمه خلف المغني كما أخبرها عوني القرني. 


ألقت نظرة علي والدها الذي يغط في النوم و اطمئنت لأنه لا يستيقظ سوي في اليوم التالي ظهراً ستكون قد عادت. 


غادرت منزلها وبخطوات أشبه بالركض اتجهت إلي خارج الحارة لا تري الذي يلحق بها منذ أن رآها وهي تتسلل من باب البناء. 


استقلت سيارة أجرة ففعل مثلها وقال للسائق


"أطلع ورا التاكسي ده ياسطا" 


و بعد قطع مسافة كبيرة توقفت السيارة التي هي بداخلها وبعد أن اعطت للسائق الأجرة، 


وجدت الحارس في استقبالها بحفاوة


"يا مرحب يا مرحب بالنجمة الجديدة" 


رمقته من أعلي إلي أسفل


"يا سم" 


ولجت داخل المصعد و بعد ثواني وصلت أمام باب المكتب، فتحت فتاة أخرى غير التي كانت موجودة بالأمس


"أنتي سماح؟" 


أومأت لها الأخرى


"اه، أومال فين عوني بيه؟" 


"تعالي أتفضلي أستريحي و استنيه عنده ضيوف وهيمشوا بعد عشر دقايق، تحبي تشربي حاجة؟" 


هزت رأسها فهي تشعر بالعطش الشديد 


"اه ياريت، عايزة أشرب ميه" 


"دقيقة و راجعالك" 


ذهبت الفتاة ذات المظهر الغريب، لكن سماح لم تهتم كالعادة فالمال و الشهرة لديها هما الأهم، 


عادت الفتاة تحمل صينية يعلوها كوب من العصير و آخر ماء


"اتفضلي" 


"شكراً" 


تناولت كوب الماء ارتشفت القليل ثم أخذت العصير تشربه علي دفعة واحدة وكأنها تشعر بالحيوية بعد التوتر والقلق. 


في الأسفل يصيح عاطف في الحارس


"بقولك أنا عايز أعرف اللي طلعت دلوقتي دي في أنهي دور؟" 


"و أنا بقولك معرفش، و ماشوفتش حد طلع هنا، يلا أتكل علي الله بدل ما أندهالك الرجالة يطلعوك بمعرفتهم" 


"طيب إيه رأيك أنا مش ماشي من هنا غير لما أعرف هي فين و طلعت لمين" 


حدق نحوه الحارس بوعيد


"بقي كدة، ماشي أنت اللي جيبته لنفسك" 


وفي الأعلى، بدأت تشعر بالخدر في أطرافها و عدم اتزان، أصبحت الرؤية مشوشة لديها و كانت عيون الفتاة ذات المظهر المريب تراقبها، اقتربت منها وحاولت مساعدتها في النهوض


"قومي معايا الضيوف مشيوا" 


وقفت بصعوبة واستندت علي ساعد الفتاة وسارت بخطى متعثرة 


"أنا.. مالي.. بيحصل.. فيا.. إيه؟" 


تفوهت بصعوبة و كأن الخدر اصاب لسانها أيضاً


أجابت الفتاة


"معلش هو تأثير المخدر كدة، بيخليكي ما بين النوم والصحيان و تحسي أطرافك كلها كأنها مشلولة" 


ولجت داخل غرفة ذات مساحة كبيرة مليئة بكاميرات التصوير في كل زاوية و إضاءة أزعجت عينيها، رجل يجلس خلف جهاز عرض صغير يذكرها بمشاهد المخرج الجالس خلف الشاشة يراقب المشهد، كما هناك وراء كل كاميرا رجل كل منهم ذو جسد طويل وعريض وكأنهم يعملون في الحراسة. 


شعرت سماح بجسدها يلقي علي فراش ذو ملمس حريري، تقوم الفتاة بتجريدها من العباءة ذات المظهر الرديء لتصبح بالثوب القصير العاري وحذائها ذو الكعب المرتفع. 


تركتها و ذهبت إلي غرفة قريبة لتخبر هذا الشيطان البدين، وجدته يتحدث في الهاتف


"أوعي تخليه يطلع، أنا هابعتلك الرجالة يخلوه يحرم يمشي من قدام البرج تاني" 


أنهي المكالمة ورأي الفتاة تخبره


"النجمة جاهزة يا بوص" 


ابتسامة شيطانية علي محياه يتبعها أمراً


"بلغي سام وقوليله النجمة جاهزة وخليهم يبدأوا تصوير" 


"أمرك يا بوص" 


وبعد أن نفذت أوامر رب عملهم المشين، خرج من الغرفة المجاورة لغرفة التصوير شاب مفتول العضلات، تبدو ملامحه الغير عربية إنه من جنسية أوروبية، يرتدي قميصاً مفتوحة أزراره إلي خصره وبنطلون من الجينز الأسود. 


ولج بخطوات استعراضية كعارض الأزياء، صاح هذا الجالس خلف الشاشة 


"1 2 3 go" 


تسمع أصواتهم و تري هذا الضوء المزعج و المسلط عليها، تريد أن تتحرك لكن غير قادرة علي فعل ذلك، ظهر أمام عينيها رجل يخلع قميصه، تحاول أن تصرخ لا جدوي من ذلك و كأنها داخل كابوس لا تستطيع الاستيقاظ منه، تشعر بكل لمسات و قبضة هذا الرجل الغريب علي جسدها، ينفذ أوامر المخرج وهي بين يديه كالدمية يحركها كيفما شاء تحت أنظار كل من في الغرفة. 


و في الأسفل يصرخ عاطف من ألم اللكمات و الركلات الموجهة إليه من رجال عوني، مع كل صرخة يناديها


"سماح" 


صراخه مسموعاً بينما صراخها الناتج عن اعتداء الرجل عليها أمام الكاميرات لا يسمعه سواها فقط.


يتبع.... 

ــــــــــــــــــــــــــ


*الفصل الحادي عشر*

غرام في المترو

بقلم ولاء رفعت علي


تولت اليوم الوظيفة الجديدة، أصبحت المساعدة الخاصة بيوسف وهذا بعد أن أشاد بها إلي والده بأنها من ساعدته علي معرفة المصنع المحتال الذي يقلد منتجاتهم ويغرق السوق بها بثمن بخس فذلك أدى إلي خسارة فادحة إليهم. 


"ده فيديو فيه شرح بالصوت والصورة عن كل المهام اللي هاتطلب منك، و لو فيه أي حاجة أبقي أسأليني، أنا رايح علي مكتبي دلوقت و في البريك نتقابل" 

كان قول يوسف وقابلته غرام بإيماءة يصاحبها ابتسامة امتنان 

"شكراً أوي يا مستر يوسف، بجد بجد مش عارفة من غيرك كان ممكن أعمل إيه" 


"العفو يا غرام، و بجد بجد لو قولتي مستر يوسف دي تاني مش هارد عليكي" 


ضحكت وليتها ما فعلت ذلك، ملامحها تتسم بالبساطة وليست صارخة الجمال كالفتيات التي تركض خلفه أو مثل ماهي التي تلتصق به كالبق أينما رأته لكنه يرى في غرام ما هو ليس في بقية الفتيات، جمالاً ينبع من داخلها يطغى علي ملامحها فيجعلها ساحرة لمن يتحدث معها، تولج إلي القلب سريعاً دون استئذان. 


"عارفة إن ضحكتك حلوة أوي" 

إطراء بل كلمات عصفت بداخلها، ابتلعت لعابها بخجل، رسمت الجدية علي ملامح وجهها 

"أوك يا مستر يوسف، هاشوف الفيديو و هاطبق الشرح و هابقي أبلغ حضرتك" 


رفع يده وأخذ يعد بأصابعه

"مستر يوسف أدي مرة، و حضرتك أدى مرتين، طب والله ما أنا رادد" 

اثار حديثه بأسلوب فكاهي ضحكتها مرة أخرى، نهض قائلاً

"مش هارد و لا هاعاكس برضو" 

ذهب إلي مكتبه و كان من هناك ينتظر خروجه ليذهب هو إليها، طرق الباب حتي جاء صوتها إليه

"أتفضل" 


فتح الباب و ولج إلي الداخل، نهضت وتحاول استرجاع ذاكرتها عن هويته

"خير، مين حضرتك؟" 


ابتسم إليها و مد يده للمصافحة

"أنا مستر رامي، و تقدري تقوليلي يا رامي من غير ألقاب، مسئول عن قسم الـ IT في الشركة وصاحب يوسف ونور ويوسف أكتر" 


رددت في عقلها

"و ده كمان جاي يقولي مفيش ألقاب، هو إيه الحكاية، أنا جاية أشتغل و لا أتشقط؟!" 


"أهلاً وسهلاً بحضرتك يا مستر رامي" 


ظلت يده في الهواء دون مصافحة، أعادها جانبه بحرج 

"علي فكرة أنا مش جاي أضايقك، أنا برحب بيكي كموظفة جديدة عندنا، أصلنا كلنا هنا أسرة واحدة" 


"تمام يا مستر رامي، أنا اسمي غرام وبشتغل سكرتيرة مستر يوسف، و شغلي بيقتصر علي طلبات قسم التسويق وبس" 

تفهم رفضها الجلي للتعارف وتبادل الأحاديث بينهما، فزاد إصراره علي التقرب منها لكن في وقت لاحق ليس الآن حتي لا تنفر منه. 


"تمام يا آنسة غرام، عن إذنك" 

ذهب ولم ينتبه إلي يوسف الذي خرج للتو من غرفة مكتبه ليراه يغادر من غرفة غرام، داهمه الشعور بالانزعاج كثيراً، اقتحم مكتب الأخر دون استئذان

"رامي، أسلوب الشقط الرخيص اللي بتعمله مع أي بنت بتعجبك ده تنساه خالص هنا، إلا و أقسم بالله ما هخليك تعتب باب الشركة ده نهائي" 


أوقفه رامي مدافعاً عن نفسه

"تعالي هنا فهمني، شقط و زفت إيه اللي بتكلمني عليه؟!، هي لحقت السكرتيرة تبلغك؟، واضح بدأت تشوف شغلها كويس" 


"أنا لسه شايفك بعينيا وأنت خارج من المكتب عندها، طبعاً داخل بترحب بيها علي طريقتك" 


وقف أمامه بتحدي

"اه كنت برحب بيها، بس بأدب وبإحترام، فيها حاجة يعني؟!، و لا رأفت بيه مانع الموظفين يتعرفوا علي بعض؟! " 


زفر يوسف بنفاذ صبر، رفع سبابته كإشارة تحذيرية 

"لأخر مرة بحذرك يا رامي، ملكش دعوة سواء بيها أو بغيرها هنا في الشركة، و لسه علي تهديدي" 

غادر في الحال تاركاً دماء الأخر تفور كماء المرجل، يتمتم بوعيد وحقد دفين

"واضح من كلامك إنها مش مجرد سكرتيرة وبس، لما نشوف يا يوسف مين فينا اللي هيفوز بيها الأول" 


                        ※ ※ ※


تتقلب علي فراشها وكأنها ترقد علي جمر من النار، تبكي بحسرة علي ما حدث لها في ليلة أمس، تذكرت كيف كانت مسلوبة الإرادة من تأثير المخدر الذي جعلها ما بين الوعي ونقيضه، شعرت بكل ما حدث معها، انتهاك جسدها بأبشع الطرق أمام كاميرات التصوير و أعين الرجال، وقعت ضحية لعصابة الإتجار بالبشر. 


لما الندم الآن وهي من سلكت درب من دروب إبليس من أجل المال، باعت جسدها إلي عيون الرجال وتظن بإخفاء وجهها خلف الوشاح هذا سيمحو الإثم الذي اقترفته، و ها هي أصبحت سلعة للمشاهدة وللمس أيضاً، كانت تريد الشهرة والمال و لا يهم الوسيلة، لذلك لا تلوم في روايتها سوي حالها. 


صوت صرير باب غرفتها وصل إلي سمعها، علمت من الزائر 

"بت يا سماح، أنتي يا بت كل ده نوم، قومي ياللي تنام عليكي حيطة" 


نهضت و لا تريد هم فوق همها، يكفي الجحيم الذي وقعت به

"نعم يابا، الأكل عندك في التلاجة" 


"هو أنا هصحيكي عشام الأكل، أنا عايز فلوس" 


زفرت وعلي وشك أن تنفجر 

"مش لسه مدياك إمبارح 500 جنيه؟!، راحوا فين؟" 


صاح بغضب زائف مثل كل مشاجرة ليبث داخلها الخوف من ثورته 

"أختك عديت عليها إمبارح لاقيتها محتاجة فلوس أديتلها منهم و الباقي جبت بيه طلبات للبيت، و بعدين أنا حر أصرفهم زي ما أنا عايز ملكيش دعوة" 


تمسك رأسها من ألم الرأس الملازم لها منذ أن استيقظت

"حاضر يابا، أنا معيش حالياً غير 200 جنيه" 

وضعت يدها أسفل الوسادة لتأخذ محفظة نقودها فاختطفها منها وقام بفتحها ونهب كل ما بها من مال

"أخص عليكي، بت جاحدة، كل دي فلوس مخبياها علي أبوكي" 


"يابا، دول شايلاهم لوقت زنقة، أنت أي قرش معاك بتخلصه علي الهباب اللي بتشربه ومعاشك برضو بتصرفه علي نفسك" 


دفعها بعنف في كتفها

"ملكيش فيه، كيفي مش هبطله، وأعملي حسابك أنا أول حمار هيجي يتقدملك هوافق عليه، حتي لو كان شحات، أهو يخلصني منك، جاتك البلا وأنتي شبه أمك الله يجحمها" 

غادر المنزل وتركها تنعي حظها، أب جاحد بلا قلب و حياة قاسية اتخذت كليهما حجة واهية لتفعل ما تريد دون رادع، كان أمامها طريقين الخير والشر، اختارت الأخير وعليها أن تدفع الثمن. 


صدح هاتفها بتنبيه رسالة واردة، انتفضت لأنها تعلم من المرسل، قامت بفتح الرسالة فوجدت محتواها كالتالي

«صباحية مباركة يا فنانة، شوفتي وعدتك هتبقي نجمة، خليتك بطلة و الفيديو بتاع إمبارح هيشوفوا الباشوات اللي بيدفعوا بالدولارات، شدي حيلك بقي وبكرة زي ميعاد إمبارح هتكوني عندي و لو مجتيش مش هقولك أنا هعمل إيه، كفاية الحاج مليجي وأخوكي و كل أهل الحتة عندك يشوفو فيلمك و فيديوهاتك الخاصة علي التطبيق إياه، ده كله كوم و وصولات الأمانة اللي مضيتي عليها دي كوم تاني، قدامك تلات إختيارات يا تكملي معانا، يا لفضيحة أو السجن يا حلوة

سيدك ومعلمك عوني القرني» 


                        ※ ※ ※

صوت الموسيقي والغناء يتردد في منزل عائلة هند، فالليلة هي ليلة الحناء، بعد مرور سنوات من الحب والعذاب حتي جاء اليوم الذي ستصبح مع من تعشقه قلباً وقالباً


و بداخل غرفة هند كانت غرام تقوم بوضع لها الحمرة علي شفتيها

"و كدة خلصت يا عروسة" 


نظرت هند إلي المرآة بفرح

"تسلم إيديكي يا غرام، عقبال لما أحضر يوم حنتك يارب"


"يا عالم بقي ده ممكن يحصل و لا لاء" 


"قلبي بيقولي هيحصل وقريب أوي كمان، ربنا هيكرمك بإذن الله بعريس اسمه يوسف" 


لكزتها غرام في كتفها بمزاح

"ده أنتي هتخليني أحرم احكيلك حاجة تاني، و بعدين دي مجرد أحلام، أنا فين و هو فين" 


"مفيش حاجة بعيدة عن ربنا، أدعي وبإذن الله هايكون من نصيبك" 


ابتسمت ودعت ربها بأن يرزقها بالخير وأن لا يعلق قلبها بحلم يستحيل تحقيقه، يكفي ما رأته في معاناة شقيقتها أحلام بسبب ما يسمي بالحب. 


ولجت والدة هند 

"ها يا بنات العروسة جهزت و لا لسه؟" 


استدارت هند إليها، فتحت والدتها فمها بسعادة 

"بسم الله ماشاء الله اللهم بارك، ربنا يحميكي يا بنتي من شر العين" 


احتضنت الأخرى والدتها

"حبيبتي يا ماما ربنا ما يحرمني منك" 


نظرت والدتها إلي غرام وشقيقتها ابتسام

"عقبالكم يا بنات" 


"تسلمي يا طنط" 


"يلا يا هند أطلعي سلمي علي حماتك وأخوات جوزك مستنينك برة" 

انقبض قلبها وأثرت ذلك في نفسها، لكن لاحظت والدتها تغير ملامحها فجأة

"أنا عارفة إنك داخلة علي هم لا يعلم بيه إلا ربنا، خليكي ذكية وناصحة و حاولي تكسبي حماتك وبناتها عشان محدش فيهم يضايقك" 


"ما تقلقيش يا ماما، حماتي في عينيا، أنا مقدرة سبب معاملتها عشان جمال ابنها الراجل الوحيد وخايفة لأبعده عنها أو أخليه يتغير من ناحيتها" 


"حبيبتي عين العقل، يا زين ما ربيت" 

ابتسمت هند وعقبت غرام تخبر والدة صديقتها

"ماتخافيش يا طنط علي هند، محدش يقدر يضايقها وجمال معاها" 


"ما هو ده اللي مطمن قلبي يا غرام، أن جمال بيحبها و ما بيستحملش عليها حاجة" 


"ربنا يهنيهم ويسعدهم يارب" 

دعت غرام بذلك ردن جميعاً 

"اللهم آمين" 


و في الخارج كانت عطيات وبناتها الثلاث دلال و ثناء و رضوى، جميعهن في انتظار العروس القادمة نحوهما، همست رضوي إلي ثناء

"بت يا ثناء البت هند طلعت حلوة أوي" 


حدقت إليها الأخرى بسخرية

"هي عشان حاطة شوية مكياچ تبقي حلوة؟" 


"اه حلوة ماشاء الله عليها، ربنا يسعدها هي وأخويا" 


"يارب أمي تسمعك" 


نظرت رضوي إلي شقيقتها بابتسامة صفراء، بينما عطيات كانت تخبر ابنتها الكبري دلال

"افرضي بوزك، الناس واخدة بالها منك" 


أخبرتها ابنتها بألم وحزن يشوبه الحقد

"عايزاني أفرح إزاي و جوزي سايب البيت بقاله أسبوع ومعرفش عنه حاجة" 


"هتلاقيه مسافر في شغل زي كل مرة" 


"لاء ياماه، قلبي بيقولي إن بقاله شهر متغير و سفرياته غير اللي قبل كدة، حاولت أدور وراه و أشوف مخبي عليا إيه، مش عارفة" 


"عدي عليا بدري بكرة الصبح نروح عند الشيخة أم حسنات خليها تفتحلك المندل وتعرفلك المستخبي" 


"بالله عليكي ياماه بلا أم حسنات و لا أم سيئات، أنا جتتي بتتلبش من الولية دي و من اللهم أحفظنا اللي عليها" 


"ملكيش دعوة أنا اللي هروحلها، بس و انتي جاية هاتيلي حاجة من قطر جوزك" 


انتهت هند من تلقي تهنئة أقاربها ومعارفها وذهبت إلي حماتها وبناتها اللاتي لم تنهض أي واحدة منهم لها سوي رضوي التي هللت بسعادة

"الله أكبر، زي القمر يا مرات أخويا" 


ابتسمت هند وتبادلت معها العناق وقبلات الإستقبال

"ده أنتي اللي قمرين يا رضوي" 


"أزيك يا خالتي" 

مدت يدها لتصافح حماتها، فقامت عطيات بمد يدها بوضع انها تنتظر من هند تُقبل ظهر يدها

"ازيك يا حبيبتي" 


نظرت هند إلي يد حماتها ثم إلي والدتها التي تقف بجوارها، أومأت إليها والدتها لكسب ود هذه المرأة التي ستقيم معها ابنتها الأيام القادمة

قامت هند بتقبيل يد حماتها علي مضض ورفعت وجهها فوجدت نظرة هذه السيدة تخبرها ما هي مقبلة عليه. 


                       ※ ※ ※

قامت غرام باستئذان صديقتها للعودة إلي منزلها لأن سيأتي إليهم ضيوف وستخبرها في الغد من هم و ما هي سبب الزيارة، كانت حريصة أن لا تبوح بشىء أمام شقيقتها ابتسام كما طلب منها حسن في مكالمته لها! 


"أنا داخلة أنام عايزين حاجة؟" 

كان سؤال ابتسام فأجابت غرام

"هتنامي و الساعة لسه ماجتش تسعة!، خليكي قاعدة معانا عشان جايلنا ضيوف" 


"مين اللي جاي؟" 


ابتسمت غرام فصدح رنين جرس المنزل

"هاتعرفي دلوقتي، أدخلي أنتي بس الأوضة و لما أندهلك تعالي" 


تعجبت ابتسام من أمر شقيقتها واللغز الذي ستعلم به الآن، فتحت غرام الباب فظهر حسن يحمل علبة تحتوي علي حلوي وباقة ورود

"السلام عليكم" 


"و عليكم السلام، أتفضل يا مستر حسن" 


نظر إلي خلفه 

"أتفضلي يا أمي" 


ولجت سيدة عجوز برفقته، تزين الابتسامة شفتيها، ألقت التحية فاستقبلها كل من غرام ووالدتها التي كانت لديها علم بمجيئهم 

"يا أهلاً وسهلاً، البيت نور" 


عقبت والدة حسن 

"منور بيكم يا أم ابتسام" 


ذهبوا جميعاً وجلسوا علي المقاعد في الردهة، سألتهم غرام

"تحبوا تشربوا إيه؟" 


أجاب حسن

"ما تتعبيش نفسك إحنا مش ضيوف" 


عقبت عزيزة 

"يا خبر و دي تيجي، أنتم فعلاً مش ضيوف، أنتم أصحاب بيت، بس لازم واجب الضيافة، روحي يا غرام صبي الساقع" 


"حاضر يا ماما" 


أوقفها حسن قائلاً

"استني يا غرام تعالي وبعد ما نتكلم هنشرب الساقع" 


"خير يا بني؟" 


"خير إن شاء الله يا أمي، أنا مهدت الموضوع لغرام قبل ما أجي، قولتلها أنا طالب إيد ابتسام علي سنة الله ورسوله" 

اخترقت كلماته سمع ابتسام التي تختبئ خلف باب الغرفة، في حالة صدمة ودهشة، المعلم حسن جاء لطلب يدها للزواج! 


"أنا غرام أول ما قالتلي بصراحة من فرحتي مصدقتش، من كتر ما بتشكر لي فيك غرام وقالتلي إنك مكنتش بتاخد فلوس الدرس منها وخلتها تفهم أختها إنها بتدفعلك عشان منظرها قدام أصحابها، بقيت أدعيلك في كل صلاة ربنا يكرمك ويرزقك باللي نفسك فيه" 


ابتسم الآخر وقال

"و أنا نفسي أكمل نص ديني مع ابتسام، و زي ما حضرتك عارفة أنا بشتغل مدرس إنجليزي بقالي سنة متعين بعقد، عندي 25 سنة، حالتي المادية ميسورة والحمدلله، عندي شقتي في حدايق المعادي" 


تابعت والدته

"الشقة جاهزة علي العفش واللي هتختاره عروستنا، حسن ابني وحيد ربنا رزقني بيه أنا وأبوه الله يرحمه بعد عشر سنين جواز، كنت خلاص فاقدة الأمل لحد ما ربنا رزقني بيه وعرفت بحملي في ليلة القدر" 


عقبت عزيزة 

"ماشاء الله، ربنا يباركلك فيه وتفرحي بأحفادك" 


"ما هو لما حكالي عن ابتسام من أخلاق وأدب و جمال وإنها متفوقة كمان، فرحت طبعاً لأن طول عمري أدعيله ببنت الحلال، و من مجرد سيرتها و من غير ما أشوفها ارتحتلها نفسياً، أومال هي فين؟" 


نظر غرام نحو باب الغرفة المفتوح قليلاً

"تعالي يا ابتسام" 


انتفضت الأخرى وترددت قبل أن تخرج، ألقت نظرة علي هيئتها في المرآة ثم خرجت إليهم وتنظر بخجل

"اللهم بارك زي القمر عروستك يا حسن" 


ابتسم حسن وينظر إلي ابتسام، يستمتع لرؤية حمرة خديها من الخجل


"تعالي يا ابتسام سلمي علي الحاجة أم حسن" 


مدت الأخرى يدها فصافحتها والدة حسن واحتضنتها

"أزيك حضرتك يا طنط" 


"الحمدلله يا حبيبتي، تعالي اقعدي جمبي" 


سألت عزيزة ابنتها

"ها يا ابتسام بالتأكيد سمعتي طلب حسن، إيه رأيك؟" 


رفعت وجهها ونظرت إليهم فوجدت حسن يبتسم إليها ونظرة الحب التي كان يخفيها دائماً الآن أصبحت واضحة للعيان. 


"موافقة، بس بشرط" 


قال حسن لها

"قولي و بإذن الله هعملك اللي أنتي عايزاه" 


"نتجوز بعد ما أخلص الجامعة" 


تفهم حسن طلبها لهذا الأمر، تخشي أن لا يجعلها تكمل دراستها

"و ممكن تكملي و إحنا متجوزين، و وعد مني قدام مامتك وأختك هفضل جمبك لحد ما تتخرجي بتقدير إمتياز، نجاحك هيبقي نجاحي " 

تراقص قلبها فرحاً، بينما هناك من تمكث في الظلام داخل الغرفة، تبكي و تنعي حظها بأنها قد تزوجت من سمير وانتهي الزواج و انتهت كل سعادتها مع كل لحظة ألم قد عاشتها معه. 


بالعودة إلي حسن وابتسام، قالت والدة حسن

"طالما الحمدلله متفقين و كل حاجة متيسرة بأمر الله يبقي نقرأ الفاتحة" 


نهضت غرام و نظرت إلي شقيقتها قائلة

"دقيقة نحط الساقع والجاتوه ونقرأ الفاتحة" 


وبالفعل تم قراءة سورة الفاتحة صاحبها زغاريد أطلقتها غرام، كم هي سعيدة من أجل شقيقتها الصغري. 


                       ※ ※ ※


تتظاهر بغيابها عن الأجواء لكنها كانت كالصقر، تراقب الجميع عن كثب، تعلم ما يفعله زوجها من ورائها، لكن يبدو ليس لديها علم من هي غريمتها و ما الكارثة التي وقع بها زوجها وولدها الكبير! 


تشرب آخر رشفة في فنجان القهوة وتنظر إلي هاتفها تنتظر إتصالاً هاماً، هاتفها يرن فأجابت

"ألو؟" 


"صباح الخير يا منيرة هانم" 


"قول اللي عندك علي طول" 


"يوسف ابنك رجع للشغل في الشركة بقاله كام يوم" 


"عارفة، فين الجديد؟" 


"ما هو حضرتك ماتعرفيش السبب اللي ورا رجوعه، بنت جديدة اشتغلت سكرتيرة ليه، اسمها غرام، عرفت إنها جت تبعه و تبع نور، و عرفت إنها اللي عرفتهم عن اللي كان بيوقعنا في السوق و بيبيع تقليد البراند" 


"قدامك لحد بالليل تجيبلي كل حاجة عنها عيلتها، ساكنة فين" 


"من قبل ما حضرتك تطلبي، جيبتلك قرارها، اسمها غرام المصري، يتيمة الأب، عايشة مع أمها وأخواتها في حارة شعبية في دار السلام" 


تجهم وجهها فسألته ما يتردد داخل عقلها

"علاقة يوسف بيها وصلت لحد فين؟" 


"اللي أنا متأكد منه هو معجب أو حبها فعلاً" 


"أنت لازم تتصرف قبل ما العلاقة تطور أكتر من كدة" 


"حضرتك عايزة إيه و أنا تحت أمرك" 


"هاقولك علي اللي هاتعمله و قصاده مليون جنيه هيكونوا في رصيدك لما تنجح في مهمتك" 


"أمرك يا منيرة هانم" 


"هاستني الجديد منك، سلام" 

أنهت المكالمة وتركت هاتفها علي المنضدة، تضيق عينيها بوعيد قيد التنفيذ

"بقي كدة يا يوسف، ترفض جوازك من ماهي بنت الحسب والنسب عشان حتة بت من حارة، الظاهر دلعتك كتير أوي و جه الوقت اللي لازم أوقفك عند حدك"     


الفصل الثاني عشر من هنا


بداية الروايه من هنا


🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹

ادخلوا بسرعه حملوه وخلوه علي موبيلاتكم من هنا 👇👇👇

من غير ماتدورو ولاتحتارو جبتلكم أحدث الروايات حملوا تطبيق النجم المتوهج للروايات الكامله والحصريه مجاناً من هنا


وكمان اروع الروايات هنا 👇

روايات كامله وحصريه من هنا


انضموا معنا على تليجرام ليصلكم اشعار بالروايات فور نزولها من هنااااااااا


🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺



تعليقات

التنقل السريع
    close
     
    CLOSE ADS
    CLOSE ADS