أعلان الهيدر

2024/07/05

الرئيسية رواية غرامة غدر الفصل الخامس والسادس والسابع والثامن بقلم شاهنده حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات

رواية غرامة غدر الفصل الخامس والسادس والسابع والثامن بقلم شاهنده حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات

رواية غرامة غدر الفصل الخامس والسادس والسابع والثامن بقلم شاهنده حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات 

رواية غرامة غدر الفصل الخامس والسادس والسابع والثامن بقلم شاهنده حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات

___مهمة مستحيلة___


قالت(شمس):

-ماتيجى تلعب معانا،انت واقف بعيد كدة ليه؟!


طالعها (فارس)ببرود قبل أن يتجاهلها ويمشى دون كلمة،لتتابعه (شمس)وهو يغادر بغيظ قائلة:

-ماله ده؟هو مشى ليه؟


قالت(سارة):

-متزعليش ياشمس هو بيتصرف كدة معايا برضه وكأنه مش طايقنى مع إنى أخته،الظاهر مبيحبش البنات.


قالت(شمس) فى إستنكار:

-ليه يعنى؟مالهم البنات؟


هزت(سارة)كتفيها دليل على جهلها،فنظرت (شمس)فى إثره بحنق قبل ان تلتفت ل(سارة)التى قالت:

-إيه رأيك نروح نقعد فى المرجيحة اللى هناك دى وتحكيلى عن باريس؟


قالت(شمس):

-إنتى عمرك ماروحتيها؟


هزت(سارة)رأسها نفيا قائلة:

-انا طول عمرى عايشة هنا،ولما بنسافر بنروح المنصورة انا وبابا بس عشان نشوف اخويا ونرجع.


عقدت(شمس)حاجبيها قائلة:

-هو إنتى وأخوكِ كل واحد فيكم عايش فى بلد؟


هزت(سارة) رأسها مؤكدة،فأردفت (شمس)قائلة بحيرة:

-طب إزاي؟


قالت(سارة):

-دى حكاية طويلة،تعالى نقعد على المرجيحة تحكيلى عن باريس وأنا أحكيلك عن فارس.


مشيا جنبا إلى جنب وكل منهما فى شوق لسماع ما لدى الأخرى لتقوله.


__________________


طالعت(أمنية)جنبات الكوخ قبل أن تقول ل(قمر)بحزن:

-إزاي بس قادرة تعيشى فى المكان ده ياقمر وإزاي تيام قادر يستحمله؟


هزت (قمر)كتفيها قائلة بلامبالاة:

-إذا كان على الحياة جوة الكوخ فمش تاعبانى ،أنا تقريبا كنت متربية هنا مع الست فاطمة الله يرحمها ومتعودة عليه،بس تيام اللى يمكن خايفة عليه شوية لإن صدره زي ماإنتى عارفة مبيتحملش الرطوبة.


أشارت إلى المدفأة مردفة:

-عموما أنا بتأكد من إن الكوخ دافى بشكل كفاية عشانه وربك قادر يبدل الأحوال،بس اللى بجد مش قادرة أتحمله هو أسلوب ابن الصياد ،مستفز ويخنق.


قالت(أمنية):

-طبيعى ..راجع عشان ياخد بتاره منك،ماانتٍ لو....


قاطعتها قائلة بعصبية:

-حتى لو ليه تار عندى،طيب أنا تارى فين؟ولا عملته فية زمان مكنتش قتل مع سبق الإصرار والترصد؟


قالت(أمنية):

-قبل حادثة الست فاطمة الله يرحمها كان ممكن أقول إن الحق كله معاكِ لكن بعدها مش هينفع،لإن هي كانت أمه وإنتِ بالنسبة له المجرمة اللى حرمته منها..مرة لما كانت عايشة وإختارت تفضل معاكِ،ومرة لما كنتِ السبب فى موتها ومخدتيش جزاءك،ماهو لو تقو....


قاطعتها مجددا تقول بمرارة:

-هتفرق فى إيه ؟أنا فعلا مذنبة وأستاهل العقاب اللى ربنا جزانى بيه،رجعه لحياتي تانى عشان يعذبنى سواء بوجوده قدامى أو طريقته المستفزة معايا.


قالت(امنية)متعاطفة:

-بس العقاب قاسى أوى ياقمر وبجد انتى متستاهليش.


هزت (قمر)كتفيها قائلة:

-صدقينى اللى بيعمله معايا مش مهم قصاد خوفى على تيام.


قالت (أمنية):

-طيب ماتقوليله...


قاطعتها قائلة:

-إنتى إتجننتى؟مستحيل طبعا !أنا مش ممكن أدى عدوي نقطة ضعفى عشان يضغط بيها علية.


قالت(أمنية):

-سبحان مقلب القلوب،أكرم دلوقتى بقى عدوك بعد ماكان حبيبك ياقمر ده إحنا كنا بنضرب بقصة حبكم المثل.


دوام الحال من المحال كما أصبحت أعرف جيدا،ربما إنتهت القصة بالفعل ولكننى ادرك أننى لم أكرهه قط ولم أستطع تجاوز عشقه،مُجبرة فقط على تجاهل مشاعرى والتظاهر بعكسها لسلامة عقلى،فلا يمكن لمغدورة أن تعشق من غدر بها ويستحيل أن تداوم على حبه إلا فى حالة واحدة فقط....الجنون.


نفضت(قمر) أفكارها وهي تقول:

-سيبك من الكلام عنى وخلينا ننسى الغم،قوليلى أخبارك إيه مع صادق؟


مال فم(أمنية)بسخرية وهي تقول:

-غم برضه،شكل مفيش منه هروب تكون دى الشهور اللى أبراجنا فيه مش مظبوطة.


ضربت (قمر)على رأسها بخفة قائلة:

-الأبراج دى هتجننك.


قالت(أمنية):

-إسكتى إنتى متعرفيش حاجة،طب أنا برجى يوميها قاللى (مفاجأة غير متوقعة فى الطريق إليك،لا تفرح كثيرا فقد تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن)،حصل وأتت ولا محصلش؟


رمقتها(قمر)بنظرة فاحصة قائلة:

-إنتِ إيه مشكلتك بالظبط؟ليه متضايقة من وجود فارس مع انى عارفة إنك بتحبى الأطفال؟


هزت (امنية)رأسها قائلة:

-مشكلتى مش مع فارس كطفل ،مشكلتى معاه كإبن طليقة جوزى اللى بشكل معين وصلتله إنى خطافة رجالة فالولد مبقاش طايق حتى يبص فى وشى ولو بصلى بيبصلى بنظرة بتوترنى وكأنى نوع من الكائنات هيتحول فجأة وينقض عليه ياكله.


رغما عنها وجدت نفسها تضحك بقوة لتطالعها (أمنية)بإستنكار قائلة:

-إنتى بتضحكى ياقمر؟


قالت (قمر)من وسط ضحكاتها :

-معلش ياأمنية،غصب عنى ..تخيلت المنظر ومقدرتش أمنع نفسى من الضحك.


وجدت (امنية )نفسها تشاركها ضحكها وهي تقول:

-تصدقى المنظر فعلا يضحك..يضحك قوى ..قوى.


لتردف وقد بدأت عيونها تتغشاها الدموع قائلة:

-يضحك لدرجة إنى مش قادرة أمسك دموعى..


طالعتها (قمر)بعطف بينما (امنية)تردف بمرارة:

-تعرفى إيه المشكلة؟!


رمقتها (قمر)بعيون حائرة،فأردفت بألم:

-المشكلة إنى حاسة إن صادق كمان شايفنى كدة،والمشكلة الأكبر إنى بدأت أشوف نفسى زيهم،خطافة رجالة فعلا ماأنا حبيته وهو راجل متجوز ومعاه طفل......


قاطعتها (قمر)تمسكها من كتفيها قائلة بحزم:

-لغاية هنا وإستوب،ممنوع تتكلمى عن نفسك بالشكل ده،إنتِ مش ممكن تكونى خطافة رجالة،لما عرفتى صادق من خلالى وخلال اكرم أما جيتى تزورينى هنا فى المزرعة.. كنا إحنا الاتنين عارفين إن علاقته بمراته منتهية أساسا والسبب مش قليل وانتِ عارفة،كانوا عايشين مع بعض بس عشان خاطر الولد بس لما حبك مبقاش فيه مجال يضحى بيكِ ويكمل،إتمسك بقلبه وبفرصته التانية مش عيب ولا حرام،طلاقهم كان قرار طبيعى جدا وهييجى هييجى،انتِ بس كنتِ سبب فى التعجيل بيه،اوعى تفكرى بالشكل ده تانى وإلا هتفتحى على علاقتكم ابواب جهنم مش هتقدرى تقفليها تانى.


نظرت إليها (أمنية)وهي تفكر فى كلماتها ،تدرك انها على حق تماما يخبرها عقلها بذلك مرارا وتكرارا،ولكنها أرادت سماعه من طرف آخر ليرتاح قلبها الذى أنهكه الظن.


_______________


كان يتنقل بين جنبات الحديقة يشعر برغبة فى إستنشاق الهواء فقد إختنق بما يكفى ،كان مُجبرا على الحضور إلى هذا المكان مع والده وزوجة أبيه ولكنه بالتأكيد ليس مُجبرا على تحمل أحدهم خاصة تلك الصغيرة الفضولية (شمس)،تسأله العديد من الأسئلة والتى تمس جراح قلبه فتؤلمها،إلى جانب انه لا يطيق الفتيات حقا فهن ثرثارات،توقف وهو يتنهد يطالع محيطه بصمت لقد إبتعد عن المنزل كثيرا وربما آن أوان عودته،إستدار عائدا ولكنه مالبث ان توقف وهو يلمح هذا الكوخ،لم يلفت إنتباهه ذلك الكوخ قدر الصبي الذى يجلس أمامه منكبا على إصيص من الزرع يقبع أمامه على طاولة صغيرة يمسد محتواه بيده،ربما هذا الصبي وحيدا مثله ويجد فى زراعته تلك ما يؤنس وحدته،تقدم من الصبي بخطوات بطيئة فحانت من الصبي نظرة إليه ليتوقف عما يفعل ويمنحه إبتسامة شجعته بكل تأكيد على التقدم ليصبح أمامه تماما،قال الصبي مبادرا:

-إنت تبقى أخو شمس؟


هز (فارس)رأسه نافيا وهو يقول:

-أنا إسمى فارس،فارس المسيرى...وإنت؟


نهض الصبي وهو يمد يده إليه قائلا:

-تيام السلاطينى.


نظر (فارس)ليد(تيام)فى القفاز فإبتسم(تيام)وهو يسحبها ويخلع عنه القفاز المغبر قائلا:

-معلش اصلى كنت بزرع .


ثم مد يده له مجددا فسلم عليه (فارس)ثم دعاه (تيام)للجلوس فجلسا سويا قبل ان يقول (تيام) :

-فارس المسيرى،انت قريب سارة؟!


هز(فارس)راسه قائلا:

-اخوها.


طالعه(تيام)بدهشة قائلا:

-غريبة ، سارة ملهاش أخ.


قال فارس:

-أنا اخوها من الأب بس وكنت عايش مع ماما فى المنصورة.


قال(تيام):

-صحيح افتكرت ..انت جاي تزورههم؟!


حاول (فارس)تغيير الموضوع قائلا:

-بتزرع إيه؟


نجح بالفعل فى تبديل إهتمام (تيام)الذى نظر إلى إصيصه قائلا:

-لسة مقررتش،انا يادوب بحضر المكان اللى هزرع فيه.


ليرفع ناظريه ويطالعه قائلا:

-أصلنا لازم نختار مكان مناسب للزراعة الشمس تكون واصلاله ولازم نختار بذرة كويسة ومناسبة للتربة،على فكرة..الزرع فى إصيص اسهل طبعا من المكان الكبير،وكمان اسهل فى نقلها ناحية الشمس.


قرن قوله بتحريك الإصيص يمنة ويسارة حتى وصلته أشعة الشمس،مردفا:

-بس لازم نرفعها عن الأرض.. بالظبط كدة،ولازم ناخد بالنا منها علطول نرويها وننضفها،واهم حاجة نختار النبات القصير مش الطويل عشان ميتعبناش.


طالعه(فارس)قائلا :

-عرفت الحاجات دى كلها منين؟


هز (تيام)كتفيه قائلا:

-أنا عايش فى مزرعة واكيد لازم اعرف إزاي ازرع،ده غير إن ماما بتحب تزرع وعرفتنى شوية حاجات تخلى زرعتى دايما حلوة وتكبر بسرعة.


نظر (فارس)إلى الكوخ قائلا:

-إنت عايش هنا انت وأهلك؟!


قبل أن يجيبه (تيام)،فُتح باب الكوخ وظهر على عتبته كل من( قمر) و(أمنية) ،لينهض (فارس)ببطئ وهو يطالعهما بينما تأملته (أمنية)بدهشة وقبل ان تنطق حرفا إستدار على عقبيه مغادرا بسرعة ،وسط حيرة(تيام).

بينما نظرت (أمنية) إلى (قمر) بنظرة..أرأيتى؟! لتهز (قمر)رأسها بصمت ترسل لها نظرة متعاطفة.


_________________


قال(صادق)بجدية :

-يعنى إنت ناوى تهتم بالمزرعة بجد.


قال(أكرم):

-أكيد طبعا،أمال إشتريتها ليه يعنى؟


طالعه (صادق)بنظرة ذات مغزى،فزفر (اكرم)قائلا:

-مهما كانت دوافعى التانية فدافعى الأساسى هو المزرعة دى،انت عارف إنى إتربيت فيها طول عمرى وعارف بحبها قد إيه كمان،ومهما حصلى فيها من أصحابها فهتفضل المكان اللى بحس فيه إنى بقيت بالوطن.


قال(صادق):

-يعنى ناوى على إيه؟المزرعة حالتها وحشة اوى ،وده مش كلامى وبس ده كلام الحاج فاضل كمان.


قال(أكرم)وقد رقت ملامحه :

-أهو الحاج فاضل ده كان من أسباب رجوعى المزرعة،حبه ليها وزعله عليها مش ممكن وكأنها بتاعته،ياما طلب منى أرجع وأنقذها من إيدين حاتم بس غصب عنى مقدرتش.


مال(صادق)بجسده تجاه (اكرم)قائلا بإهتمام:

-وإيه اللى غير رأيك دلوقت؟


نظر (أكرم)إلى(صادق)مباشرة وهو يقول:

-موت أمي.


قال (صادق):

-الله يرحمها،بس ياأكرم....


قاطعه(اكرم)قائلا:

-الكلام فى الموضوع ده منتهى ياصادق واظن إن إحنا إتكلمنا بما فيه الكفاية عنه،وأنا لسة مقتنع باللى فى دماغى ومش هغيره.


تراجع (صادق)وهو يزفر قائلا:

-واضح طبعا.


قال(أكرم):

-المهم ..خلينا فى المزرعة ،واللى كان السبب فى تدميرها.


قال(صادق):

-حاتم السلاطينى.


قست عينا (أكرم)وهو يقول:

-بسبب إستخدامه المبيدات الحشرية بوفرة طبعا دمر التربة،والمصيبة انها كانت من النوع اللى مش مترخص يعنى أسوأ ما يكون قضى بيها على الهوا اللى حوالين التربة ودهورها وأفقدها خصوبتها،ده غير انه قضى بيها على البكتيريا اللى تحت الأراضى الزراعية واللى بتديها الخصوبة وبتخليها أكتر قابلية على الإنبات.


أخذ نفسا عميقا قبل أن يردف:

-وعشان طمعه كمان قام بزرع مستمر للتربة ومداهاش أي راحة،وده طبعا كمل عليها.


قال (صادق)بإهتمام:

-طب والحل،هتتصرف إزاي؟


تراجع(اكرم)فى مقعده قائلا:

-الموضوع كبير ،ومحتاج وقت وصبر ومجهود ..ماإحنا لازم نرجع التربة لحالتها الطبيعية،ممكن نستخدم تقنية تناوب المحاصيل عشان نريح التربة،وممكن نعمل كمان مصدات للرياح فى مناطق معينة منها وهنحاول نغطى جزء من التربة بزراعة الأشجار والأعشاب عشان نحافظ على التربة فى مكانها،كمان إستوردت مجموعة هايلة من المبيدات الحشرية ،اننا نرجع المزرعة زي ما كانت موضوع مش سهل ومحتاج زي ماقلتلك وقت وصبر ومجهود،بس أنا هفضل وراها لغاية لما أرجعها لأصلها.


قال(صادق):

-إنت قدها وقدود ياأكرم،درست الزراعة و بتحب المكان هنا وكنت عايش فيه طول عمرك،يعنى مفيش غيرك يقدر على التحدى ده ويكون قده.


طالعه(اكرم)وهو يهز رأسه بهدوء


😘


الفصل السادس


___مابين العذاب والحنين___


كانا يجلسان بجانب (تيام)الذى أنهى زرعته للتو وذهب ليحضر الماء كي يرويها،إبتسمت (أمنية)قائلة:

-بيحب الزرع زيك.


تنهدت (قمر)قائلة:

-وأكتر منى كمان تمام زي باباه.


قالت(أمنية):

-حقيقي فعلاً.


ثم طالعت (قمر)مردفة:

-مقولتليش ياقمر،هتعملى إيه مع أكرم؟


نظرت(قمر)للأمام قائلة:

-ولا أي حاجة ..هحاول أتجنبه وخلاص،مش عايزة أديله فرصة يذلنى فيها أو يسمعنى كلام مش هقدر أتحمله.


لتزفر مردفة:

-ولسة كمان لما مراته ترجع من السفر...


قاطعتها (امنية)قائلة:

-ماتت.


نظرت إليها (قمر)بحيرة فأردفت:

-مرات اكرم ماتت من خمس سنين وهي بتولد شمس،الدكاترة كانوا محذرينها من الحمل عشان حالتها الصحية بس هي صممت وحملت وماتت وهي بتولدها،المسكينة مشافتش أمها خالص.


عاد (تيام)فى تلك اللحظة فأشارت لها(قمر)بعدم الخوض فى هذا الحديث،لتطمئنها( أمنية) بعينيها أنها لن تفعل..سمعوا صوت(سارة)وهي تنادى (تيام)فإستداروا بوجوههم تجاه الصوت لتظهر أمامهم وهي تمسك بيدها الصغيرة(شمس)،تتجه الأخيرة نحوهم بإبتسامة خجولة حتى صارا أمامهم تماما ،لتقول (سارة):

-أنا قلت لشمس إن تيام بيزرع وردة جديدة وهي حابة تشوفه.


إبتسمت (قمر)قائلة:

-تنورنا طبعا.....


قاطعها صوت الصغير وهو يقول بثبات:

-باباكِ موافق دلوقتى نكون أصحاب؟


رمقت (قمر)(أمنية)بتوتر وهي تلاحظ نبرة صغيرها الجافة،بينما أجابت (شمس)قائلة:

-بابا عودنى دايما أفكر بنفسى ..هو مقالش ليه مش ممكن نكون أصحاب ومادام ماأقنعنيش يبقى من حقى أوافق او أرفض،وأنا حابة نكون أصحاب ياتيام زيك انت وسارة بالظبط.


للحظات ظل (تيام)يرمقها بثبات،بينما تفرك فستانها بيدها ورغما عنها تضغط على يد صديقتها الجديدة التى رمقت صديقها بتحذير،لتلين ملامحه وهو يبتسم قائلا:

-طيب تعالوا أقعدوا،أنا زرعت واحدة ولسة التانية هتحبوها اوى.


تقدموا جالسين بملامح سعيدة،بينما رمقت(قمر)(أمنية)بنظرة إرتياح.


________________


قالت (أمنية)بحنق:

-مستحيل طبعا أوافق،هو قاصد يعزمنا على الغدا عشان يِذِلك قدامنا.


أمسكت (قمر)يدها قائلة بهدوء:

-من فضلك تهدى ياأمنية ده شيء متوقع منه..ياستى أنا مش متضايقة وهعتبر إنى عازماكِ انتى وجوزك وبقدملكم الأكل بنفسى.


قالت (أمنية):

-أيوة بس.....


قاطعتها (قمر)قائلة:

-زي ما بقولك ياأمنية ،تخيلى انى عازماكم وإمسكى أعصابك لإن هو قاصد يستفزك..متديلوش الفرصة،إسبقينى يلا وأنا هحصلكم .


طالعتها (أمنية)للحظات قبل أن تهز رأسها بقلة حيلة وتغادر المطبخ تتابعها (قمر)بعينيها،لا يهمها أن تقدم لهم الطعام كخادمة فستعتبر حقا أنها تقدمه لصديقتها ولكن ماتخشاه ان يحاول إذلالها أكثر أمامهم بتوبيخها على أي شيء،فهذا الأكرم قادر على أن يصل لأقسى درجات القسوة معها وهي لا تظن أن لديها القدرة على إحتمال ذلك ولكنها ستبذل قُصارى جهدها لتفعل من اجل طفلها....(تيام).


____________


وضعت بولات المرق أمامهم بهدوء،تشعر بظهرها يحترق من نظرات الرجل الذى يقبع خلفها جالسا،أصابها التوتر ولكنها تمالكت نفسها وهي تتجه إليه وتضع بولة المرق خاصته أمامه،ليقول بصوت بارد:

-فين المناديل؟


قالت بهدوء:

-هجيبهم حالا.


قال بسخرية:

-هم معلموكيش إن المناديل بتتحط أول حاجة على السفرة؟!


كادت (أمنية)أن تتحدث ولكن (قمر)اشارت لها بعينيها أن تصمت وهي تقول:

-علمونى طبعا الحقيقة هو غلط مش مقصود ومش هيتكرر بإذن الله.


قال بسخرية:

-اما نشوف.


قالت :

-تؤمرنى بحاجة تانية؟


قال متجهماً:

-لأ..روحى شوفى شغلك.


إستدارت لتغادر فإستوقفها قائلا:

-إستنى..شوفى الضيوف لو محتاجين حاجة،مدام أمنية مبتاكليش ليه؟


قالت(أمنية)ببرود:

-مليش نفس،الحقيقة أنا قاعدة معاكم على السفرة مجاملة مش أكتر لكن انا إتغديت مع قمر،كانت عاملة بامية تجنن مقدرتش أقاومها،إنت عارف ياأستاذ اكرم بحب أكلها قد إيه،وانت كمان كنت بتحبه زيي..مش كدة،تحب أخليها تجيبلك طبق؟


اتسعت عينا (قمر) بصدمة بينما حانت من(أكرم) نظرة متجهمة تجاهها فشعرت فى تلك اللحظة بأنفاسها تختنق،خاصة وهو يعود بنظراته إلى (أمنية)قائلا ببرود:

-مبقتش أحب البامية،لما بعدت عن المزرعة كرهت كل حاجة بتفكرنى بيها.


ليعود بنظراته إلى( قمر )قائلا:

-كل حاجة.


إستدارت (قمر)مغادرة بصمت،بينما (أمنية)تقول بحنق:

-ولما إنت بتكرهها قوى كدة ،رجعتلها ليه؟


تقصدين المزرعة،أم تقصدين صديقتك....(قمر)؟


حاول (صادق)تلطيف الأجواء قائلا بمزاح:

-اللى بيشرب من نيلها لازم يرجعلها ويغنيلها،وده شرب من نيلها وإستحمى فيه كمان.


طالعته(أمنية)بحنق فشعر بالتوتر،بينما قال(أكرم)ببرود:

-اللى رجعنى هو حقى فيها،هى ملكى من يوم ماإتخلقت صحيح دنّسها اللى قبلى لكنى مصمم أوشمها بإسمى وأخليها ملك أكرم الصياد.


قالت(أمنية)بحنق:

-إحنا بنتكلم دلوقتى على المزرعة ولا قمر ياأكرم بيه؟


قال (صادق)بحدة:

-أمنية !


قال(اكرم )بهدوء:

-سيبها ياصادق..مدام امنية بتسأل سؤال أكيد بيدور فى دماغ الكل.


لينظر إلى (أمنية)قائلا بابتسامة باردة:

-أكيد بتكلم عن المزرعة يامدام أمنية،قمر خدامة عندى وعمرها ماهتكون أكتر من كدة.


نهضت (أمنية)فجأة فأمسك (صادق)يدها يقول:

-رايحة فين؟


نفضت يده قائلة بحنق:

-هروح أشرب مية ،حاسة بحاجة واقفة فى زورى.


أشار لكوب الماء قائلا:

-ما المية قدامك أهى.


طالعته بحنق قائلة:

-مش هتتبلع أصل الجو يخنق هنا..عن إذنكم.


ثم سارت مغادرة بإتجاه المطبخ،بينما نظر (صادق)ل(أكرم)نظرة ذات مغزى،فأشاح(أكرم)بنظره عنه متجهما وقد شعر حقا بشيء فى قلبه ،كغِصة حاول نفضها ولكنه فى النهاية ....لم يستطع.


________________


كانت تجلس على طاولة المطبخ الصغيرة ،مطرقة الرأس تنهمر دموعها بينما تجلس (سعاد)جوارها تربت على يدها بحنان تطالبها بالتوقف عن البكاء،وما إن رأت (أمنية)حتى نهضت تفسح لها مكانا للتدخل ومواساة سيدتها التى لم تراها قط تبكى هكذا حتى عند وفاة زوجها،ظلت صامدة ولم تنهمر دموعها قط،جلست (أمنية)جوار(قمر)قائلة:

-أهو ده اللى كنت خايفة منه وحذرتك بسببه،مش قلتيلى إمسكى أعصابك ياأمنية وإنه شيء متوقع منه،مش قلتيلى إنك مش متضايقة وهتعتبرى نفسك عازمانا..ضعفتى ليه؟


رفعت (قمر)وجهها إليها قائلة من وسط دموعها:

-غصب عنى عمرى ماكنت أتصور إن توصل بيه القسوة للدرجة دى.


قالت (أمنية):

-وأكتر من كدة كمان..إحساسي كمان بيقول ان اللى جاي هيكون أسوأ إنتِ نسيتى أكرم عمل معاكِ إيه؟خدعك بإسم الحب وبعدين إتخلى عنك لما باباكِ قاله إنه هيحرمك من الميراث،ودلوقتى راجع عشان ينتقم منك بسبب أمه اللى ماتت غدر،تفتكرى ممكن يكون عامل إزاي فى إنتقامه؟طبيعى يكون وحش معندوش ضمير،بس إنتِ كمان مينفعش تسكتى..إنتِ مش قمر الضعيفة اللى ممكن تقبل بذُله وتسكت من غير مايكون لها رد فعل،إنتِ قمر الجمال بنت الأكابر اللى ليها علاقات كتير وقادرة بعلاقاتها تلاقيلها حل.


عقدت(قمر) حاجبيها قائلة:

-قصدك إيه؟


قالت(أمنية):

-إشترى حريتك بأي تمن ياقمر.


قالت(قمر)بمرارة:

-لو كنت قادرة أشترى حريتي كنت حافظت على المزرعة،محدش لجأتله إلا وكان طمعان فية .


قالت(أمنية):

-إختارى واحد فيهم وإتجوزيه،على الأقل مش هتعيشى معاه بالشكل ده،حياتك هتكون أفضل بكتير.


نهضت (قمر)قائلة بجزع:

-لأ طبعا مش ممكن أعمل كدة ..مش ممكن أتجوز تانى ،لو مش عشان تيام يبقى عشانى أنا،كفاية علية جوازة واحدة دُقت فيها المر وقاسيت فيها الويل،إنتى متعرفيش يعنى إيه واحد يقرب منك وإنتى مبتحبيهوش،بتتمنى وقتها لو كنتِ جثة عشان متحسيش بالمشاعر اللى انا حسيتها سنين ياأمنية،أنا مستحيل أعيد التجربة وأتجوز تانى ولو كان التمن حياتي أو حريتي وقتها الموت او السجن هيكون أرحم بكتير.


طالعتها (أمنية)بشفقة وقد صمتت لا تدرى ماذا تقول بينما هناك من وقف بالخارج يقبض على يده بقوة وقد إستمع إلى جملتها الأخيرة فقط،وجد نفسه رغما عنه لا يتخيلها زوجة لآخر مجددا ،لقد ظن فى غربته رغم حنين الذكريات الذى كان يراوده دوما أنها لم تعد تهمه كإمرأة وأن ذكرياته لا تفارقه بسبب كونها حبه الأول الذى لا ننساه مهما مرت بنا السنون.. يظل ذكرى عالقة بالأذهان،ولكن إتضح الآن أنها لم تكن ذكرى فقط بل كانت بقايا مشاعر حملها لها فى قلبه دوما ،تصرخ به رافضة تخيلها مع رجل آخر،سيحول دون ذلك بأي طريقة كانت لتقسوا عينيه وهو يقسم على ذلك.


_______________


قالت(رجاء)بحنق:

-والله ياقمر الحياة من غيركم وحشة قوى،لدرجة إنى ندمانة إنى مشيت وسيبتكم.


قالت(قمر)بحنان:

-انتى كمان وحشتينا أوى يارورو.


قالت(رجاء)بلهفة:

-طب ماإحنا فيها أهو،إهربى إنتِ وتيام وتعالولى.


زفرت(قمر)قائلة:

-متعودتش أهرب من مشاكلى،وحتى لو حبيت مش هينفع،أكرم راجع ومش ناوى يتنازل عن حقه.


قالت(رجاء) بحقد:

-هو لسة بيعاملك وحش؟


قالت (قمر):

-عزم أمنية وجوزها النهاردة عشان يذلنى قدامهم.


قالت(رجاء)بصدمة:

-الندل الحقير،وإنتى عملتى إيه؟


قالت(قمر):

-هعمل إيه يعنى؟سيبك منى وقوليلى ..طنط سوزان عاملة معاكى إيه؟


قالت(رجاء)بحنق:

-زي ماهى آخدة بالها منى وقاعدالى على الواحدة،طول عمرها مبطيقنيش عارفة إنى أحلى منها وعقلى أكبر منها كمان،دى مبوظة الدنيا خالص مع بناتها وبحاول أصلح على قد ماأقدر.


إبتسمت(قمر)تدرك تلك الغيرة القديمة بين خالتها وزوجة ابن خال الأخيرة،كانتا صديقتين ..فإنتهت الصداقة على مايبدو حين تزوجت(سوزان)بابن الخال،وتعلم ايضا رغبة خالتها الدائمة فى التدخل فى الأمور ومحاولة تقويمها حسب ماتقول وأنه قد يصعب على الكثير تقبل ذلك،تدرك نية خالتها الطيبة ولكنها بالتأكيد فى غير محلها.


أفاقت من أفكارها على صوت(رجاء)وهي تقول:

-روحتى فين ياقمر؟


قالت(قمر):

-معاكى يارورو،هروح فين بس؟


قالت(رجاء):

-طب إدينى تيام أكلمه.


قالت(قمر):

-نام دلوقتى..بكرة هخليه يكلمك،إحكيلى شوية عن إسكندرية أصلها وحشتنى.


إنطلقت(رجاء)تحكى لها عن المدينة وكم تغيرت،بينما أغمضت (قمر)عيونها تحاول أن تتخيل نفسها هناك،بعيدة كل البعد عن المزرعة وتلك المشاعر العاتية التى تعتريها هنا ...ما بين العذاب والحنين

الفصل السابع


___هكذا الحب___


أسوأ أنواع الألم هو الذى يجتاحك حين يرحل الأحبة..يجعلك الحنين لهم هشاً بائساً قابلاً للكسر، تدرك أن من رحل سيترك فراغاً بحياتك لن يملأه أحد بعده ولن تستطيع أن تعود بالزمن كي تسترجع لحظاتك معه،سينطفئ قلبك برحيله ولن تتذوق طعم سعادة قط فقد كان لك كل شيء ولم يعد لديك شيء.


وقد كانت( فاطمة )ل(أكرم) الأم الحانية الذى لم يشعر بالوطن حتى ضمته إلى صدرها ..كانت له الأخت التى تحبه وتمده بالعون والصديقة التى تشاركه كل شيء ..رحل عنها ففقد كل هؤلاء ولكن ألهته الحياة فلم يكتشف أنها كانت روحه حتى غابت أنفاسها عن الدنيا ليدرك أنه إن إحتاج الآن لحنانها وضمة صدرها لآلامه واحتوائها جراحه لن يجدها..إن أراد أن يعوضها عن سنين من العذاب فى خدمة أهل الجمال وأن يكافأها على معروفها تجاهه لن يجدها ..فقد رحلت إلى بارئها ولن تفيد أمانيه فى عودة يُقبل فيها يدها وجبينها ويمنحها كل ماأراد ..فالأموات لا يعودون ولا خِيار أمامه سوى دعوة من القلب أن يغفر الله لحبيبته وأمه (فاطمة)ويجعل قبرها روضة من رياض الجنة.


صدّق المُقرئ فمنحه (أكرم)المال ليرحل داعياً شاكراً كرمه وطالباً للفقيدة الغفران بينما لمس (أكرم)لحدها وهو يقول بصوت ارتعشت نبراته وعيون غشيتها دموع الحزن :

-وحشتينى ياغالية ووحشنى وجودك جنبي ،وحشتنى حنيتك علية ..مبقاش فيه حد أرمى فى حجره همي ولا بقى فيه إيد تطبطب على جرحي وتقولي إرمى ورا ضهرك الهم ياواد ياأكرم ربك كريم واللى جاي أكيد أحلى..روحتي وسيبتي فى القلب جرح أكبر من انه يتداوى..روحتي وسيبتينى يتيم بجد ..وجرح فراقك هيفضل ينزف طول العمر.


مسح دموعاً تساقطت على وجنتيه وعيونه ترتسم فيهم قسوة أطلت من نبراته وهو يردف قائلا:

-بس وعد منى مش هسيب تارك ولا هسيب اللى قتلتك تتهنى بحياتها طول ماأنا عايش ..هدفعها التمن حتى لو خرجت قلبي من صدرى ودوست عليه برجلي..هدوس عليه بس عشانك ياغالية.


________________


الحب قد يبدو للبعض شعورا غريبا يضم كل المتناقضات..

يُضفى لحياتك بعض النسيم العليل أو يحرقك بلهيبه..

يحملك إلى الجنة أو يلقيك فى غياهب الجحيم..

يمنحك أمانا بلا حدود او يصيبك بقلق دائم..

يشملك بسعادة الدنيا او يُضنيك بحزن وعذاب غاشم..

قد يمنحك الحياة او يسلبك إياها..

قد ترغبه او تنأى عنه وتدير له ظهرك..

ولكن فى نهاية الأمر تدرك أن...

الحب أنفاس تلك الحياة ودونه تذوى ببطئ حتى الفناء..

الحب مِلح الدنيا وسكرها ودونه لا شكل لها ولا طعم..

قد تُقسم على نكرانه وتكفر به لأنه يعذبك..يبكيك ليلا ونهاراً ويقتلك قهرا ،ولكن حين تصفو تنسى كل شيء ...وتعود إلى دربه مؤمناً.


كانت تجول فى حجرتها جيئة وذهابا يقتلها القلق،لقد تأخر (صادق)كثيرا على غير عادته فبعد ان عادوا من المزرعة طلب منها الصعود للمنزل مع الأطفال ثم ذهب بالسيارة دون كلمة وها هي الساعة قد تجاوزت منتصف الليل بقليل ولم يعُد بعد..ترى هل سيبيت بالخارج ويتركها دون كلمة تطمئنها؟هل شجارها معه السبب ام هل أصابه مكروه؟عند تلك النقطة قررت أن تتنازل عن كبريائها الأحمق وتتصل به،لذا أمسكت هاتفها وإتصلت برقمه على الفور فوجدته مغلقا،كادت أن تُجنّ..تساقطت دموعها وهي تحاول الإتصال مرة أخرى فأجابها الرد الآلى مجددا ،لتُلقى بهاتفها على السرير بحنق وهي تقرر أن ترتدى ملابسها وتذهب للبحث عنه،زفرت بقوة تُمرر يدها فى شعرها بعصبية لا تدرى أين تبدأ بالبحث عنه..هل تتصل بصديقه (أكرم)؟

نفضت تلك الفكرة على الفور فليس معها رقم هاتفه وحتى إن كان معها ففكرة الإتصال بهذا البغيض تصيبها بالنفور،ربما من الممكن ان تتصل ب(قمر)وتسألها إن عاد (صادق)إلى المزرعة مجددا..كادت ان تمسك هاتفها مجددا حين فُتح الباب وظهر على عتبته (صادق)،إنطلقت نحوه تقول بلهفة:

-صادق !إتأخرت كدة ليه؟


عقد (صادق)حاجبيه وهو يطالعها ملاحظاً شحوب وجهها وآثار العبرات على وجهها،ليمسك يديها قائلا بوجل:

-كنت فى مشوار وإتأخرت شوية،مالك ياأمنية فيه إيه؟حد من الولاد جراله حاجة؟!


هزت رأسها نفيا وهي تقول:

-لأ..الأولاد بخير بس انت إتأخرت وإتصلت بيك كان تليفونك مقفول،فقلت يمكن يعنى...


رفع أحد حاجبيه وهو يرى إرتباكها ليقول بحنان:

-خفتى يكون جرالى حاجة مش كدة؟


قالت بلهفة:

-بعيد الشر عنك...


ثم صمتت وهي تعض على شفتها السفلى بأسنانها الصغيرة،ليمسكها من خصرها بيديه وهو يبتسم مقربا إياها منه قائلا :

-طب ماإنتِ لسة بتحبينى وبتخافى علية اهو.


وضعت يدها على صدره تبعده عنها فتمسك بها رافضا إفلاتها من بين يديه لتتنهد قائلة:

-أنا عمرى ماقلت إنى بطلت أحبك.


احاط خصرها بيد واحدة أحكمها حولها، وهو يرفع يده الأخرى يقرص وجنتها بخفة قائلا:

-اومال مخاصمانى ليه؟وعاطيانى البوز الظريف كمان.


طالعته قائلة بعتاب:

-انت عارف ليه مخاصماك.


طالعها بتلك النظرة التى تُضعف حصونها وتجعلها ترقّ رُغما عنها،ولكنها قاومتها وسبب غضبها منه يعود ليملك أفكارها وهو يقول:

-نسيت ..فكرينى.


تململت تحاول فك حصار ذراعه فتمسك بها بكلتا يديه مجددا وهي تقول بحنق:

-طيب سيبنى الأول عشان أعرف اتكلم.


ضمها إليه اكثر وهو يقول:

-مش قبل مااعرف الجميلة زعلانة منى ليه.


طالعته بعتاب قائلة:

-لإنك وجعتنى،عشت معاك السنين اللى فاتت دى كلها وأنا فاكرة إنك بتحبنى بس اللى بيحب حد بيشوفه إنسان جميل وجواه نضيف مش مشوه وجواه سواد الدنيا كلها،وانت كنت شايفنى بالشكل ده.


طالعها بقلب أوجعته نبرة الألم فى صوتها يدرك انه جرحها حقا بصمته ونظرات عينيه التى تسبر أغوارها جيدا ،ومن غيرها قد يستطيع ان يدرك مكنون قلبه ..ورغم إدراكه كيف آلمها إلا إنه اراد اليوم سماع كلماتها..عتابها ولومها..لتصبح تلك الكلمات كالسياط تجلد روحه وتُحقق لها ثأرها،لذا فقد طالعها بحزن قائلا:

-شايفك إزاي ياأمنية؟!!


غشيت عيونها الدموع قائلة:

-خطافة رجالة،أخدتك من مراتك وفرقت بينك وبينها وبعدتك عن إبنك مش كدة؟


هز رأسه نافيا :

-لأ مش كدة.


قالت بمرارة:

-لأ هو كدة..حبيتك وانا عارفة إنك متجوز وبسبب حبك لية طلقت مراتك واتجوزتنى،لو كنت بعدت عنك مكنتش هتطلقها وكنت هتكمل ويتربى فارس فى وسطكم،متنكرش ان الأفكار دى كلها دارت فى دماغك وشفتهم فى عنيك وصمتك كان ابلغ رد لما سألتك.


قال لها بحزن:

-منكرش إنى فكرت بالشكل ده فعلا.


أغمضت عيناها ترفض تأكيده لأفكارها وجعلها واقعا ملموسا يُدمى روحها،فإنتفضت تفتح عيناها حين أمسك بيديها وهو يقول بحنان:

-مكنتش وقتها قادر أفكر فى حاجة غير إحساس عجيب بالذنب إتملكنى ناحية والدة فارس الله يرحمها وكانى كان ممكن أدى علاقتنا فرصة تانية عشان خاطر إبننا وأخليها سعيدة فى آخر أيامها،بعد مااخوها قاللى قد إيه كانت مكتئبة فى الفترة الأخيرة وإنه خايف إن حادثة منال تكون رغبة منها فى إنهاء حياتها .


إتسعت عيناها جزعا ،فأردف قائلا:

-ده اللى حصل فعلا وأثر على عقلي وتفكيري السليم ..بس لما سيبتك هنا روحت قعدت فى المكتب بتاعى وقعدت أفكر مع نفسى كتير،فجأة لقيت الماضى كله بيمر قدام عيونى ،شفت بجد ان مكنش ينفع..أنا وهي إتكسر بينا حاجات كتير مكنش ينفع تتصلح،أنا وهي إنتهينا من قبل ماأشوفك او أعرفك،وجودك بحياتى بس فتح عيونى على حاجة واحدة بس..إن من حقى يبقالى فرصة تانية فى الحياة اكون فيها سعيد،احب واتحب ويبقالى عيلة بجد.إفتكرت قصتي معاكِ ومرت قدامى من اول يوم شفتك فيه لما جيتى مع قمر عند الشلال عشان تشوف أكرم وكنت بالصدفة معاه..وإتأكدت إنها مكنتش صدفة ..لأ ده كان قدر،قدرى كان انى أشوفك واحبك عشان أعيش من جديد،يمكن قبلك كنت حي بتنفس وبس لكن حبك هو اللى رجعنى اعيش.


طالعته بعيون بدت ملهوفة لأن تصدق كلماته ولكن الشك مازال قابعا بين سكنات مقلتيها وظهر فى صوتها وهي تقول:

-يعنى إنت بجد شايف إن حبنا كان قدر،شايفنى ست كويسة حبت من قلبها بس مضعفتش وقبلت تتجوز حبيبها غير بعد ما إتأكدت إن ماضيه إنتهى وحاضره مفيهوش غيرها.


طالعها بحب وهو يخرج علبة من جيبه يفتحها أمامها فظهر سلسال من الذهب الأبيض يحمل قمرا يضم نجمة ،لتطالعها بشغف وهو يقول:

-مش دايما كنتى بتقوليلى إنت القمر اللى نور ضلمة حياتى ،إنتِ كمان النجمة اللى دلتنى على طريق السعادة والنجمة مش ممكن تفارق القمر،وعشان كدة طلبت من الصايغ يعملى السلسلة دى مخصوص..وروحتله بعد ماوصلتكم وفضلت جنبه لحد ماخلصهالى عشان ارجعلك بيها ،أقدمهالك ومعاها إعتذاري عن غبائي لإنى جرحتك،وبتمنى إنك تسامحينى وتغفريلى ياأمنية.


كانت الدموع تغشى عيونها وهو يتحدث وماإنتهى حتى إبتسمت من وسط دموعها قائلة بحب:

-سامحتك من اول ماطليت علية من الباب ياصادق،انت متعرفش بحبك قد إيه.


ضمها على الفور إلى صدره ينعم بدفئ تغمره به دوما ،ربما لم يمحى الحب الماضى ولكنه بالتأكيد غير حاضره ومستقبله فجعلهما مشرقين دافئين غابت عنهما البرودة التى عاشها قبل ان يعرف الحب،بينما اغمضت هي عينيها تستكين بين أضلعه تبتسم براحة،فهكذا الحب ..


قد نبكى فى غياب من نحب ويقهرنا فراقه ونتوعد بالقسوة والنسيان ثم حين يأتينا الحبيب ننسى كل شيء ونسرع بإلقاء أنفسنا بين ذراعيه لنحيا من جديد حلاوة العشق.


_______________


كان يقف فى وسط الحديقة موالياً إياها ظهره عاقدا كفيه خلفه،تحيطه هالة غريبة عنه لم تكن موجودة من قبل تُبعد الآخرين عنه بكل تأكيد،لا تدرى ماذا تطلق عليها ولكنها بالتأكيد لا تروق لها،فقد كان بالماضى عفويا مرحا منطلقا فى وجه الحياة وهذا بالتأكيد ماجذبها له اما الآن فهالته القاسية تلك تجعلها متاكدة من أنها احبت رجلا آخر غير الرجل الذى يقف أمامها الآن ،إبتلعت ريقها بصعوبة قبل ان تتقدم منه بخطوات ثابتة ،توقفت خلفه تماما قائلة بنبرات باردة:

-افندم؟حضرتك طلبتنى؟!


إلتفت إليها ببطئ يتأملها ..مظهرها اليوم بدا مختلفا قليلا فتلك الضفيرتان جعلاها تبدو كتلك الفتاة التى احبها بالماضى وكأن السنوات الماضية لم تمر..وكانها مازالت فى التاسعة عشر تبدو البراءة على ملامحها بينما تحمل قلب إمرأة لعوب تسير خلف أهوائها وتُبدّل القلوب كما تبدل احذيتها تماما،عند تلك النقطة قست عيناه وهو يقول:

-من النهاردة هتكونى مسئولة عن الجنينة عشان عم خلف تعبان ومش هيقدر ييجى الفترة الجاية.


طالعته بصدمة قائلة:

-إزاي بس،الجنينة كبيرة وعايزة....


قاطعها قائلا:

-اللى أنا اقول عليه يتنفذ بالحرف الواحد مفهوم؟


طالعته للحظات ،قبل أن تطرق برأسها قائلة:

-مفهوم.


قال بصرامة:

-بصيلى وانا بكلمك.


رفعت إليه عيون باردة وهي تقول:

-كدة كويس؟


تجاهل سؤالها وهو يشير إلى مكان قريب قائلا:

-والمكان ده عايزك تشيلى الأعشاب اللى فيه دى و يتزرع بدالهم بنفسج.


قالت بدهشة:

-البنفسج صعب جدا يتزرع فى الشتا عشان بيحتاج درجة حرارة وضوء.....


قاطعها قائلا:

-مش شغلى ومش هتدينى درس فى الزراعة..مادام حابب يتزرع بنفسج يبقى هيتزرع بنفسج وإتعودى متناقشنيش ..تنفذى اوامرى وبس،مفهوم؟!


طالعته صامتة تحاول ان تتمالك نفسها وهي تدرك أنه يحاول أن يُزيد من عذابها ويُرهقها إلى اقصى درجة بجعل مهمتها تقريبا مستحيلة،فهو يعشق الزراعة مثلها ويدرك صعوبة زراعة زهرة البنفسج فى فصل الشتاء فالأفضل ان يُزرع بدلا منها زهرة الكاميليا اوالصنوبر والتوت الأحمر ولكنه يصر فقط لتعجيزها،وهي لن تهزم بسهولة وتدعه ينتصر ستفعل المستحيل وتهديه ازهار البنفسج ووقتها ستحقق هي إنتصارها الأول امامه حتى وإن كان إنتصارا هزيلا لن ينفعها بشيء ولن يقيها عذابه.


لتقول بهدوء وثبات:

-مفهوم ..اي أوامر تانية؟


أشار لها بالإنصراف فغادرت يتابعها بعينيه للحظات قبل ان يستدير مجددا ويطالع الحديقة يشرد بذكرياته فى هذا المكان،تلك الذكريات التى يحاول طمسها بكل جهده ولكنها تصر على المرور بمخيلته...رُغما عنه.

________________


قالت(رجاء)بإستنكار:

-يعنى إيه عايزة الفرح يكون على الضيق، ناسية إنتِ من عيلة مين؟


قالت (نهال)ببرود:

-لأ مش ناسية ،بس ياطنط انا وعادل إتفقنا......


نهضت(رجاء)قائلة بحنق:

-انتِ وعادل إتفقتوا !!طب وباباكِ ومامتك وعيلتك ..رأيهم مش مهم ولا إيه؟


نهضت (نهال)قائلة ببرود:

-والله ماما وبابا طول عمرهم عاطيينى الحرية فى إختيار قراراتى،واظن إنى انا اللى هتجوز ومن حقى أختار الطريقة اللى هتجوز بيها ،ولا إيه ياماما؟!


قالت(سوزان):

-اكيد ياحبيبتى ،بلغى عادل إن إحنا موافقين مادام دى رغبتكم، ولما هييجى هنتكلم فى التفاصيل .


لانت ملامح (نهال)وهي ترسل قبلة هوائية لوالدتها ثم رمقت (رجاء)بنظرة جامدة قبل ان تغادر مسرعة لتبلغ خطيبها بينما إستدارت( رجاء) لتواجه (سوزان)قائلة بحنق:

-انتِ موافقة على الهبل اللى بنتك عايزة تعمله ده ياسوزان؟


عادت (سوزان)لحياكة هذا البلوفر الصغير من الصوف الذى تصنعه لحفيدها قائلة بهدوء:

-والله هي العروسة وعادل العريس ومادام حابين الفرح بتاعهم يبقى على الضيق يبقى هم أحرار وأنا مش شايفة اي سبب يخلينا نرفض.


قالت(رجاء) بحنق:

-فيه أكتر من سبب ،اولهم منظرنا وسمعتنا قدام الناس إحنا عيلة كبيرة ولما حد من بناتنا يتجوز بالشكل ده الكلام هيكتر وده طبعا مش فى مصلحتنا،ثانيا لما عادل يحس إنه بيتجوزها بالساهل كدة ومن غير مايدفع دم قلبه هيستهتر بيها ووقتها سهل قوى يزعلها او حتى يتجوز عليها،ثالثا بقى وده الاهم البنت لو حست إن أي حاجة تيجى على بالها تعملها لا هتحترمكوا ولا تعملكوا إعتبار زي ماحصل النهاردة ودى مصيبة فى حد ذاتها.


تركت (سوزان)مابيدها ونهضت تواجه(رجاء)قائلة بثبات:

-البنت اللى بتتكلمى عنها دى تبقى بنتى اللى مربياها كويس ومعرفاها الصح من الغلط،وزي ماانتى قلتى إحنا عيلة كبيرة الكل بيحلف بإسمهاومفيش حد يقدر يجيب سيرتها بكلمة،وعادل من عيلة كبيرة هو كمان واصيل..يعنى مش ممكن يفكر بالشكل ده،أما إن البنت خدت قرار مهم فى حياتها من غير ماترجعلنا فإحنا اللى معودينها على كدة لإننا اكيد مش عايشين لها ولازم تتعود تاخد القرار وتتحمل نتيجته،ودى مفيهاش اي إهانة لينا لإننا واثقين فيها ومتأكدين إنها مش ممكن هتغلط أو توطى راسنا فى الطين وتجيبلنا العار.


قالت (رجاء)بغضب:

-قصدك إيه ياسوزان؟تقصدى ابنى الله يرحمه مش كدة؟طب لعلمك.....


قاطعتها (سوزان)قائلة بنفاذ صبر:

-انا مقصدش حد يارجاء،أنا برد على كلامك وبس.


ثم زفرت قائلة:

-عموما تقدرى تقولى الكلام ده لابن خالك وتشوفى رأيه لو ماإقتنعتيش بكلامى.


قالت(رجاء)بسخرية:

-هقول إيه بقى؟ماإنتِ جبتى من الإخر وقلتى إن البنت حرة وبتعمل اللى هي عايزاه وشايفاه فى مصلحتها،يعنى رأي ابن خالى ملوش لازمة وتحصيل حاصل.


رمقتها(سوزان)للحظات بصمت قبل أن تهز رأسها ثم تسحب البلوفر قائلة:

-أنا هروح أجرب البلوفر ده لياسين،الجو حلو قوى ماتنزلى تتمشى على الكورنيش شوية.


لم تنتظر إجابتها وهي تغادر الحجرة،بينما تقول( رجاء) بغيظ:

-بتوزعينى بحداقة ياسوزان،طيب مش هنزل وقاعدة على قلبك لغاية ماييجى ابن خالى وقبل ماتثبتيه بسهوكتك اللى عارفاها كويس هيكون لية معاه كلام تانى خالص.


لترتسم على ملامحها فى تلك اللحظة معالم التصميم التى إمتزجت بالغضب.


______________


لمحهما يقفان جنبا إلى جنب يشير (تيام) إلى شجرة قريبة بينما يخبر إبنته ببعض المعلومات عنها،أثار هذا المشهد بعض الذكريات التى إقتحمت مخيلته بقسوة لتجعله ينتفض رافضا مجرى الأحداث وتشابه المواقف،تقدم تجاههما مناديا إبنته فى صرامة،إستدارا إليه سويا فظهر على ملامح طفلته الجزع بينما ظل الطفل ثابتا وهو يقترب منهما حتى توقف أمامها فجذب طفلته من يدها قائلا بصرامة:

-هو أنا مش قلتلك ممنوع تقربى من الولد ده.


قالت(شمس):

-ومقلتليش السبب وأنا متعودتش اعمل حاجة من غير ماافهم أسبابها.


قال(أكرم) بغضب:

-الظاهر إنى دلعتك كتير روحى البيت حالا واقعدى فى اوضتك متخرجيش منها لحد ما أقولك،مفهوم؟


كادت ان تقول شيئا ولكنه صرخ بها قائلا:

-مفهوم؟!!


نظرت إليه بحنق قبل ان تهرول بإتجاه المنزل باكية،بينما نظر (اكرم)ل(تيام)الذى طالعه بكره قائلا:

-انت وحش قوى.


ثم إستدار مغادرا بدوره لينظر (اكرم)فى إثره بحزن،يدرك أن تصرفاته تميل إلى القسوة وتبعد طفلته عنه كما أنها تجرح هذا الطفل البريئ بدوره ولكنه لن يسمح لهما بالإختلاط معا..يخشى ان يتعلق قلبيهما ببعضهما البعض رغم سنهما الصغير،فقد تعلق قلبه ب(قمر)وهو فى مثل سن (تيام)أو أكبر قليلا ولقد تحطم قلبه بقوة لعِظم الحب الذى ربض بقلبه،وهو لن يسمح بتكرار التجربة أبدا وإيذاء طفلته..يخشى مستقبلاً يكون مجبراً فيه على وضع يده فى يد إبن غريمه،إنه شيء يستحيل عليه القيام به...حتى من اجل إبنته


الفصل الثامن


___خيرٌ و شر ____


حملت (قمر)بعض الأخشاب وإتجهت بها إلى حجرة الصغيرة (شمس)من أجل مدفئتها.حين دلفت إلى الحجرة وجدتها بداخلها تجلس على سريرها تبكى،وضعت الأخشاب من يدها على الطاولة وإتجهت إليها على الفور تجلس جوارها قائلة بقلق:

-مالك ياشمس؟بتعيطى ليه؟


ظلت الصغيرة تبكى دون كلمة فسحبت قمر يدها ووضعتها بين يديها قائلة بحنان:

-إحنا مش بقينا أصحاب؟


أومأت(شمس)برأسها بصمت،لتردف (قمر )قائلة:

-يبقى تحكيلى على اللى مزعلك.


قالت (شمس):

-بابا كل أما يشوفنى مع تيام بيزعقلى ،هو عمره ماعاملنى بالشكل ده غير لما جينا هنا..أنا بحبك ياطنط قمر وبحب تيام وبحب طنط أمنية وآنكل صادق وسارة ودادة سعاد ،بحبكم كلكم لكن كرهت المكان ..أنا بفضل طول النهار لوحدى فيه ..وتيام بيسلينى بس بابا مصر يبعدنى عنه.


أوجعتها كلمات الصغيرة وإرتباطها بولدها(تيام)،وتصارع مشاعرها مابين إرضاء رغبة والدها(أكرم)فى أن تنأى بعيدا عنه وبين رغبتها فى صحبته،فهي تعيش الوحدة فى هذا المكان رغم كل شيء كما أعلنت الآن..تنهدت وهي تربت على كفها الصغير قائلة:

-شمس حبيبتى،مفيش حد فى الدنيا ممكن يخاف على الطفل قد مامته وباباه،بيبقى كل همهم حمايته من الأذى وباباكى خايف عليكى مش أكتر.


قالت (شمس)بحيرة:

-وهو خايف علية من إيه بس؟


من شيء فى علم الغيب حبيبتي،شيء لن أستطيع إجبار عقلك على إستيعابه الآن فمازلتى صغيرة على إدراكه.


لا تستطيع(قمر) لوم(أكرم) على تفكيره فقد نمت بذرة حبها له وهي أكبر من(شمس)بعامين تقريبا وهو بكل تأكيد يخشى إرتباطاً روحيا ينمو مع الأيام ليصير حبا مستحيلا بكل تأكيد.


قالت(قمر):

-بابا خايف عليكى تتعلقى بتيام وبعدين تسافروا مثلا فيوحشك او تزعلى.


قالت(شمس):

-وإشمعنى تيام ؟ماهو شافنى بلعب مع سارة و فارس ومقالش حاجة.


لم تدرى (قمر) بم تجيبها ولكنها آثرت تغيير الموضوع قائلة:

-بقولك إيه ،انا عارفة حاجة ممكن تروقك وتسعدك كمان،إيه رأيك تيجى معايا؟


نجحت بالفعل فى إثارة إهتمام الصغيرة التى قالت بلهفة:

-فين؟


قالت (قمر):

-أوريكى الزرعة الجديدة اللى زرعتها فى الجنينة،وأوريكى عملتلها إيه.


قالت (شمس)بحماس:

- يلا بينا.


قالت (قمر):

-نظبط الدفاية الأول ونروح،إتفقنا؟!


هزت الصغيرة رأسها بحماس ثم إندفعت تحتضن (قمر)التى تفاجأت بذلك ولكنها مالبثت أن ضمتها بدورها تربت على شعرها بحنان،بينما تراجع (أكرم)وهو يشيح بوجهه عن هذا المنظر متجها إلى حجرته بخطوات غاضبة،لقد جاء لغرفة طفلته يبغى أن يطمأن على حالها بعدما وبخها بشدة لعصيانها أوامره،يدرك كم هي رقيقة الإحساس لم تتعود منه على تلك القسوة فوجد عندها (قمر).. كاد أن يدلف إلى الداخل ويبعدها عن صغيرته حين إشتكته الأخيرة إلى (قمر) ظنا منه أنها ستلوك سيرته بالباطل ولكن على العكس تماما فاجأته بتقديم مبررات لتصرفاته وهي تحاول بكل جهدها أن تخفف عن الطفلة،ثم رأى تلك السعادة التى شملت ملامح(شمس)حين أبدت لها (قمر)بعض الحنان..تفتقد صغيرته حنان الأم بكل تأكيد وقد وجدت فى (قمر)ذلك الحنان على مايبدو..يدرك أن (قمر)لا تصطنع حنانها على الأطفال فقد بدا واضحا دوما عشقها لهم ولكن جلّ مايخشاه هو إرتباط صغيرته ب(قمر)فيوما ما سيطردها بقسوة من حياته وهو لا يريد لصغيرته أن تتأذى جِراء ذلك لكنه فى الوقت الحالى لا يستطيع حرمانها ذلك الحنان الذى تغدقه (قمر)عليها،ربما سيفكر فى حل لتلك المعضلة ولكنه فى الوقت الحالى سيكتفى بالمراقبة فحسب يود لو يعرف لمَ لم تهجوه (قمر)امام طفلته ؟وما الخطة التى ترسمها وتسعى إليها ؟لو لم يكن يعرفها جيدا لقال أنها فقط.....طيبة قلب.


______________


تأملت(شمس) السور الذى أحاط بتلك البقعة من الأرض ولم يكن موجودا من قبل إلى جانب تلك الأعمدة المتراصة من مصابيح الفلورسنت،لتستدير بوجهها تجاه(قمر)التى تتطلع إلى المكان بدورها قائلة:

-فين البنفسج اللى قلتيلى عليه؟


إبتسمت(قمر)قائلة:

-لسة هينور المكان بلونه وجماله لما يزهر.


قالت(شمس):

-وليه حطيتى سور حواليه؟ واللمبات دى كمان.. هو بيخاف زيي بالليل.


ضحكت (قمر)بقوة قبل ان تقول:

-لأ مبيخافش بس زهور البنفسج مبتتزرعش فى الشتا ياشمس،بتتتزرع فى الصيف لإنها بتحتاج درجة حرارة كويسة وإضاءة بزيادة وعشان كدة ركبتلها اللمبات دى،اللى بيتزرع فى الشتا لازم يكون نبات متساقط الاوراق عشان يكون اقل تأثر بالجو او أشجار مستديمة وبنغطيها بالبلاستيك زي حافظة للاشجار ،كمان بنرشها بمواد مخصوصة عشان نقلل الفاقد من المية.


طالعتها(شمس)ببلاهة،فإبتسمت (قمر)قائلة:

-بمعنى أبسط جو الشتا قاسى وبيحتاج نبات قوى عشان يقدر يتحمله زي الصنوبر والتوت الأحمر.


قالت(شمس) بحماس:

-أنا بحب التوت جدا.


إتسعت إبتسامة (قمر)قائلة :

-هزرعلك حبة ياجميل.


إبتسمت(شمس)فى سعادة ثم مالبثت ان عقدت حاجبيها قائلة:

-لما البنفسج بيتزرع فى الصيف زرعتى منه فى الشتا ليه ياطنط قمر؟


قالت فى نفسها بغيظ(حُكم القوى)،واكتفت بقول :

-تغيير ياشموسة.


قالت(شمس) وهي تتطلع إلى الحديقة:

-الجنينة شكلها حلو أوى.


قالت(قمر)وهي تتاملها بدورها:

-فعلا،عم خلف أحسن جناينى فى الدنيا.


قالت(شمس):

-هو فين؟


قالت(قمر) وقد شعرت للتو بالذنب لتقصيرها فى حقه،فلم تذهب إلى منزله وتطمأن عليه خاصة وهي تعلم بمرضه:

-عيان شوية،بإذن الله يبقى بخير ويرجعلنا بسرعة.


لتردف فى نفسها:

-عشان يرحمنى منه بقى ومن طلباته اللى مبتخلصش فى الجنينة..نضفى الحتة دى،قصرى ورق الشجرة دى،ناقص يقوللى شيلى كل الزرع وابتدى من اول وجديد.


أفاقت من افكارها على صوت(شمس)تقول بحماس:

-الله ..شفتى الفراشات الحلوة دى.


قالت(قمر)بإبتسامة:

-عشان تزرعى الجنينة صح لازم تخصصى مكان تحطى فيه الحبوب عشان تيجى العصافير.. وتزرعى نبات بتحبه الفراشات لإن وجود العصافير والفراشات بيساعد على نمو النبات.


قالت(شمس)بإنبهار:

-إنتِ عرفتى كل الحاجات دى منين؟


مرّ بخاطرها ..فعلت ملامحها إمارات الحزن وهي تتذكر بعض اللحظات معه..حين علمها كل شيء عن النبات فأضحت مثله عاشقة ،ولكن إن تخلى هو عنها فأرضها لم تتخلى عنها ..على الأقل ليس بإرادتها .


افاقت على صوت( شمس) وهي تقول :

-طنط قمر ..روحتى فين؟


قالت(قمر):

-ها..انا معاكِ ياحبيبتى،إيه رأيك أفرجك على عش عصافير قريب من هنا؟


ظهرت السعادة على وجه (شمس)تمد لها يدها بحماس فامسكت(قمر) بكفها الصغير تسير معها جنبا إلى جنب،بينما تتابعهما عينان وقف صاحبهما فى الشرفة غير راض عن تلك العلاقة التى تجمع صغيرته بتلك الخائنة ولكن تلك السعادة على ملامح طفلته حالت دون أن يقف فى طريقهما،يفكر جِديا بالتخلى عن إنتقامه والعودة من حيث أتى،فمنذ عودته لم يستطع رغم كل مايفعل أن يشعر بالرضا وهذا حقا يقلقه....تماما.


__________________


هرولت (امنية)عندما سمعت صراخ إبنتها وبكائها لتجد (سارة)تحاول أن تأخذ شيئا من(فارس)يخفيه وراء ظهره وهو يطالعها بسخرية،هدأ قلبها المتسارع الخفقات قليلا وهي ترى أن كليهما بخير ،لتقول موجهة حديثها لطفلتها بهدوء:

-فيه إيه؟بتعيطى ليه ياسارة؟


اشارت (سارة)ل(فارس)قائلة من وسط بكائها:

-أخد منى عروستى ومش راضى يديهالى.


نظرت (أمنية)إلى (فارس)قائلة:

-ومش راضى تديهالها ليه يافارس؟


أخرجها من خلف ظهرها ورفعها وهو يكسرها قائلا:

-أهى..إتفضلى.


ثم ألقاها أرضا لتنظر إليه (أمنية)بصدمة بينما إنطلقت (سارة)تبكى وهي تهبط على ركبتيها تحمل اجزاء عروستها بكلتا يديها،بينما تقدمت (أمنية)من( فارس )قائلة:

-ليه عملت كدة؟


قال بسخرية:

-مزاجي.


قالت(أمنية):

-اللى عملته غلط،اعتذر من أختك فورا.


قال بتحدى:

-مش هيحصل.


قالت (أمنية)بحزم:

-يبقى هتضطرنى اقول لباباك .


تغيرت ملامحه للغضب قائلا:

-أكيد هتقوليله عشان تفرقى بينى وبينه زي مافرقتى بينه وبين ماما،مش كدة؟


قالت (سارة)صارخة:

-متقولش على ماما كدة ،انت وحش.


قال لها بحدة:

-وانتى هتطلعى لمين غير....


قاطعه صوت والده الذى هدر فى المكان قائلا:

-فارس.


نظر الجميع تجاهه فقال (صادق)الذى تجهمت ملامحه بقوة ،موجها حديثه ل(فارس):

-إعتذر لطنط أمنية ..حالا.


قال(فارس)بحدة:

-مش هعتذر.


ازداد إنعقاد حاجبي (صادق)وهو يقول:

-إعتذر وإلا...


قاطعته (أمنية)قائلة :

-خلاص ياصادق ملوش لزوم.


قال(صادق)بغضب:

-إسكتى إنتِ ياأمنية،إعتذر حالا يافارس وإلا ....


قاطعه (فارس)قائلا بسخرية مريرة:

-وإلا إيه ها؟هتحرمنى من الجنة اللى عايش فيها،انا اصلا مش عايزها ولا عايز أعيش هنا معاكوا انا عايز ارجع لحضن أمي هتعرف ترجعنى؟!


جز (صادق)على أسنانه قائلا:

-روح على اوضتك يافارس ومتطلعش منها غير لما اقولك.


طالعه (فارس)بغضب..ليهدر(صادق) قائلا:

-حالا.


سار (فارس)بإتجاه حجرته بخطوات غاضبة،بينما إتجه(صادق)لصغيرته وجلس على ركبتيه أمامها يمد يده ليأخذها بحضنه ويربت على ظهرها بحنان قائلا:

-متزعليش ياقلبي بكرة هجيبلك غيرها.


طالعتهما (امنية)بأسى وهي تفكر كيف تكسر هذا الحاجز المنيع بينها وبين(فارس)من اجل عائلتها الصغيرة،ومن اجل طفل يبدو عليه التخبط والحرمان....من الحب.


_______________


دلف (حافظ)إلى غرفة زوجته بملامح متجهمة،وما إن راته (سوزان)على هذا الحال حتى أدركت ان (رجاء)سبقتها بالحديث معه وبخّت سمومها فى آذانه كما إعتادت قديما،شعرت بنيران الغضب تلفحها ولكنها اجبرت نفسها على الهدوء كي تصلح ماافسدته تلك الحية،لذا تقدمت بإتجاهه مبتسمة وهي تقول:

-حمد الله على سلامتك ياحاج.


قال (حافظ)بغضب:

-سلامة إيه بقى بعد اللى سمعته؟بقى كدة ياسوزان ! خليتى بنتك متعملناش حساب ولا إعتبار،هي بقت .....


قاطعته قائلة :

-متقولش كدة ياحاج،بناتى دول تربيتك قبل مايكونوا تربيتي انت عارف إن هم بيعملولنا ألف حساب.


قال (حافظ)بسخرية:

-ماهو واضح اهو..البنت وخطيبها قرروا يتجوزوا سُكيتى من غير مايشاورونا ..فعلا عاملين لنا حساب قوى.


طالعته بهدوء قائلة:

-مش ده اللى عودت بناتك عليه ياحاج؟


عقد حاجبيه قائلا:

-عودت بناتي على إيه ؟


اقتربت منه خطوة حتى صارت امامه مباشرة تطالعه بقوة قائلة:

-مش انت اللى عودتهم ياخدوا قراراتهم بنفسهم ويتحملوا نتيجتهم؟


طالعها بإرتباك قائلا:

-أيوة بس....


قاطعته قائلة:

-وبرضه قرار نهال ان يكون حفل جوازها على الضيق مكنش قرارها لوحدها،ده قرار مشترك بينها وبين خطيبها بتوجيهات منك.


قال بدهشة :

-منى أنا؟


إبتسمت قائلة:

-إنت عارف قد إيه بناتك بيحبوك وخصوصا نهال ..ده انت روحها ياحاج،فاكر لما قلت مرة قصادها إنك مبتحبش حفلات الأفراح الكبيرة وبتفضل الأفراح العائلية،هي عملت كدة بالظبط..اخدت برأيك وحابة تعمل الفرح عائلى ..يعنى نيتها كانت رضاك مش زي اللى وصلك ما قال.


أشاح بعيونه عن نظراتها العاتبة ونبرتها اللائمة فى جملتها الأخيرة،ليقول بإرتباك:

-أنا محدش وصلى حاجة....


قاطعته قائلة:

-انت حجيت بيت ربنا ومينفعش تكدب ياحافظ،عموما أنا عايزة اقولك حاجة واحدة بس..مترميش ودانك لرجاء وافتكر إنها مرة فرقت بينا ولولا ربك اراد يظهر الحقيقة عشان نصيبنا مع بعض كان فاتنا دلوقتى كل واحد فى ناحية،خد بالك ياحاج منها ..أنا هعديهالها المرة دى بس قسما بالله إن عادتها مهخليها فى بيتي لحظة واحدة،أنا ممكن أعديلها اي حاجة إلا إنها تهدم البيت اللى بنيته طول السنين اللى فاتت دى ياحافظ.


مر بخاطر (حافظ)بعض الذكريات التى جعلته يعود إلى رشده ويبعد عنه الشيطان،يشكر الله على عقل زوجته الذى لطالما أعاده للطريق الصحيح ليمسك كلتا يديها قائلا:

-ربنا يباركلى فيكى وميحرمنيش منك أبدا.


شعرت (رجاء)التى كانت تتلصص عليهما من خلف الباب بالغضب يسرى فى شرايينها،لتعود إلى حجرتها على الفور وقد احست بحركة قريبة منها،تغلق الباب خلفها وهي تعقد حاجبيها..لم تفلح خطتها لإحداث صدع بين (سوزان) و(حافظ)ولن تستطيع الإقتراب مجددا من علاقتهما خشية تهديد(سوزان)بطردها خارج المنزل،وهي حاليا تحتاجه بشدة..فبالتأكيد لن تعود لتكون خادمة فى منزل المزرعة ك(قمر)ولن تتحمل ذُل (أكرم)لذا ستخضع فى الظاهر مؤقتا حتى تنال مأربها وتصبح سيدة المنزل.. بلا منازع

يتبع 


بداية الروايه من هنا


🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹

ادخلوا بسرعه حملوه وخلوه علي موبيلاتكم من هنا 👇👇👇

من غير ماتدورو ولاتحتارو جبتلكم أحدث الروايات حملوا تطبيق النجم المتوهج للروايات الكامله والحصريه مجاناً من هنا


وكمان اروع الروايات هنا 👇

روايات كامله وحصريه من هنا


انضموا معنا على تليجرام ليصلكم اشعار بالروايات فور نزولها من هنااااااااا


🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.
close