أعلان الهيدر

2024/06/18

الرئيسية رواية ظلمها_عشقاً الفصل الثالث والرابع والخامس بقلم إيمي نور حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات

رواية ظلمها_عشقاً الفصل الثالث والرابع والخامس بقلم إيمي نور حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات

 رواية ظلمها_عشقاً الفصل الثالث والرابع والخامس بقلم إيمي نور حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات 

رواية ظلمها_عشقاً الفصل الثالث والرابع والخامس بقلم إيمي نور حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات 

الفصل_الثالث

انا اسفة جدا يا بنات والله النت فاصل عندى من امبارح واضطرت اخرج بره البيت علشان اعرف انزله اسفة جدا ليكم اسيبكم مع الفصل ويارب يعجبكم وهستنى رايكم فيه

مواعيد التنزيل اثنين وخميس ان شاء الله

**********

:عارفة لو مش هتبطلى ضحك هقوم اجيبك من شعرك ..انا بقولك اهو


صرخت بها فرح بغيظ وصوتها مختنق بالبكاء تحاول ايقاف شقيقتها عن الضحك لكن سماح لم تستجيب لها بل زادت نوبة الضحك التى اصابتها حتى اصبحت تستلقى فوق ظهرها وهى تمسك بمعدتها لتنهض فرح من جوارها تهتف بها باكية

:انا غلطانة انى حكيت ليكى حاجة اصلا ..متبقيش تسألينى عن حاجة تانى علشان مش هرد عليكى


اندفعت الى غرفتها بخطوات سريعة غاضبة تدخلها متجه الى فراشها تلقى بجسدها فوقه شاهقة بالبكاء لتتبعها سماح مقتربة منها وهى تزيح دموع الضحك عن عينيها قائلة بصوت مازال اثر ضحكاتها به

:طب قومى متزعليش خلاص مش هضحك تانى 


لم تتحرك فرح من مكانها تستمر فى بكائها  فتهتف بها سماح مدافعة عن نفسها 

:ماهو انتى يا فرح برضه عليكى عمايل ولا شغل العيال والفروض يعنى انك كبرتى عليها


اعتدلت فرح جالسة وهى تصرخ بغضب وطفولية

:هو ايه حكاية كبرتى النهاردة معاكم ..هو يقولى كبرتى وانتى تقوليلى كبرتى ..وكله شغال ضحك عليا 


جلست سماح جوارها تربت فوق كفها برفق قائلة بحنان

:طب خلاص بقى متزعليش ...انا بس مستغربة اللى حكاتيه ...مش ده خالص صالح اللى كل الحارة تعرفه وعارفة هيبته وشدته 


تنهدت فرح تضم شفتيها فى محاولة لتوقف عن البكاء قائلة

:وانا كمان  بقيت مستغربة .. من وقت ماخلصت مدرسة وهو قلب معايا ...وبعد ماكان بيكلمنى ويضحك فى وشى ويهزر بقى كل ما يشوف خلقتى ليزعقلى ليتريق عليا... لحد ما اتجوز وبقيت انا اللى  بهرب حتى ان اشوفه ولو صدفة


هزت سماح رأسها بحيرة قائلة 

:والله انا بدأت اشك انه .....


صمتت عن اكمل حديثها تعقد حاجبيها بتفكير شاردة للحظات لتوقفت فرح عن البكاء خلالها تهزها من كتفها بعدما طال صمتها تسألها بلهفة 

:انه ايه انطقى؟لو فهمتى حاجة فهمينى


نفضت سماح عنها حالة الشرود ناهضة عن الفراش قائلة بحزم

:مفيش حاجة ولا بتاع ..احنا هنعملها فيلم ..قومى يلا فزى من مكانك اغسلى وشك..وشوفى هنقول ايه لخالك لما يجى يا فالحة


ارتمت فرح بجسدها فوق الفراش تعاود الاستلقاء مرة اخرى وهى تدفن رأسها اسفل الوسادة قائلة 

:يعمل اللى يعمله ..والله مانا راجعة هناك تانى ولو قتلنى حتى


نهضت سماح من جوارها تعقد حاجبيها بشدة هامسة بقلق وتوتر وقد ايقنت ان هذا اليوم لن يمر عليهم بخير  وسلام ابدا

:ماهو ياريت على اد قتلك انتى بس .. دى هتبقى حفلة قتل جماعى لينا كلنا النهاردة

**************

دخل الى الشقة الخاص بوالديه ومازالت بقايا ضحكته مرتسمة فوق شفتيه يتلاعب بالمفاتيح الخاصة به بين اصابعه وهو يدنن لحناً سعيداً من بين شفتيه متجها ناحية والده الجالس فوق اريكة يتابع التلفاز بأهتمام وتركيز ولكن توقف ملتفا اليه بدهشة قائلا بتعجب سعيد

:خير يا صالح ..بقالى كتير مشفتكش فرحان كده ...لاا وبتغنى كمان؟!


جلس صالح بجواره يمازحه بمرح

: لدرجة دى يعنى كنت قالبها غم علشان تستغرب لما اضحك ياحاج!


هز والده كتفه قائلا بسعادة

:اكدب عليك واقولك لاا ...بس مش مهم المهم ان الضحكة رجعت تنور وشك تانى


هتف بعدها يكمل وعينه تلتمع بأمل ورجاء

:قولى ان سبب ضحكتك وفرحتك دى ..انك خلاص وافقت ترجع مراتك وهتفرح قلبى وقلب امك 


تبدل حاله تماما فور ان نطق والده كلماته تلك يكفهر وجهه بشده وعينيه تتقاذف بداخلها الشرارات كالبرق يتخشب جسده بشدة وهو يفح من بين انفاسه قائلا بصوت غاضب 

:لاا..وياريت يا حاج نقفل على السيرة دى... ومتفتحاش معايا تانى


توتر الحاج منصور فى جلسته وهو يرى تغير حال ولده للنقيض بتلك السرعة يهمس بقلق مبررا  

:متزعلش منى يابنى .. انا بس عاوز اطمن عليك واشوفك متهنى ومراتك كمان بنت ناس و....


التوت شفتى صالح بمرارة شارداً عن الباقى من حديث والده تتدافع داخل عقله مشاهد شهوره الاخيرة مع ما يسميها والده بأبنة حلال حتى توقفت عند مشهده الاخير معها قبل طلاقهم مباشرا عندما وقف مكانه يتطلع اليها وهو يراها تتحدث فى هاتفها بسخرية دون ان تشعر حتى بوجوده وكلماتها كانت كالحمم تنهمر فوق رأسه وسمعه دون رحمة حين استمع الى  صوت ضحكتها المنتصرة السعيدة قبل ان تكمل حديثها بخبث وتعالى اصابه بالنفور منها والغثيان فتقدم خطواته ببطء وهدوء رغم ما يمر به من مشاعر غاضبة تجعله يرد تحطيم ارجاء المكان فوق رأسها ملتفاً حول مقعدها حتى اصبح امامها مباشرا لتشهق هالعة تلقى بهاتفها ارضا صارخة باسمه وقد كسى وجهها الشحوب من حضوره المفاجئ تفرك كفيها معا بتوتر وقلق ثم حاولت  التقدم منه تهم بالحديث لكنها توقفت مكانها مرة اخرى حين رأت عينيه تنهيها عن هذا فقد كانت نظراته لها  شديدة القسوة والبرود فأخذت تحاول مرة اخرى التحدث بصوت حاولت اظهاره طبيعيا لكن خرج رغما عنها مرتجفا متلعثما قائلة

:دى..دى اميمة اختى ..كنت بكلمها عن ..عن


صمتت بأضطراب تحاول البحث وايجاد كلمات تسعفها فى انقاذ ما يمكن انقاذه لكن توقف عقلها عن العمل حين وجدته يتحرك من مكانه متقدماً منها ببطء تنكمش فوق نفسها رعباً  ظناً بأنه سيقوم بضربها كما تستحق لكنها صدمت حين وجدته يجلس فوق المقعد بكل هدوء قائلا بصوت رغم هدوئه الا ان به شيئ مظلما غاضب 

:لا مش محتاج تقوليلى كنت بتقولها ايه..انا سمعت كل حاجة ومفيش لزوم اسمعه تانى


ازاد توتر جسدها وهى تفرك كفيها معا مرة اخرى  بأضطراب وقلق سرعان ما تحول الى صدمة وذهولا تنهار قدميها اسفلها  لتسقط ارضاً بقوة تحرق الدموع عينيها حين قال بصوته البارد الجاف رغم الوحشية فى عينيه وشراسة ملامحه 

:انتى طالق يا امانى ...طالق


كلمات قالها وليس بنادم عليها ابدا  انهى بها اشهر من العذاب لن يعيدها مهما حدث فيكفيه شعوره  الان بالارتياح والسكينة منذ ان قالها لها  بعد ظلام وعذاب كادوا ان يقضوا عليه بلا رحمة 


افاق من تلك الدوامة التى ابتلعته بداخلها مثل كل مرة يقومون فيها بذكرها امامه  تنتبه حواسه على صوت شقيقته المتذمر وهى تقاطع حديث والده معه الشارد هو عنه قائلة 

:بابا انت لسه متصلتش بمليجى علشان يبعت البت فرح؟! 


التف اليها الحاج منصور قائلا بتأكيد 

:لاا اتصلت بيه .وقالى هيبعتها حالا 


زفرت ياسمين  هاتفة بحنق

:طب ليه الهبابة دى مجتش لحد دلوقت


هدر صالح ناهراً اياها بحدة وغضب

:ياسمين...لمى لسانك واتكلمى عدل


توترت ياسمين  قائلة بأرتباك 

:انا اسفة ياصالح ...انا مقصدش و...


لكنه قاطعها بخشونة يسألها 

: بعتى لفرح ليه.. عوزها فى ايه ؟


هزت ياسمين كتفيها قائلة بعدم اهتمام

:هعوزها فى ايه يعنى ...كانت هتيجى تساعد معاهم فى المطبخ .. العادى بتاعها يعنى


نهض صالح عن مقعده بعنف وهو يهتف بها محذرا بحدة 

:انا مش قلتلك اتكلمى عدل 


ضربت ياسمين الارض بقوة قائلة بعبوس

:فى ايه يا صالح هو انا قلت ايه غلط دلوقت ..مش دى شغلتهم 


اتى تعنيفها هذه المرة من الحاج منصور وقد هتف بها غاضبا وبصوت حاد

:بنت يا ياسمين احترمى نفسك واتكلمى عدل .. دول جيرانك يعنى زى اهلك ومش معنى انهم بيجوا يساعدوا امك فى حاجة يبقى تتكلمى عنهم كده ..فاهمة ولا لا 


زفرت ياسمين حنقا وهى تضرب الارض بقدمها مرة اخرى  اعتراضا منها على حدتهم معها ثم اندفعت  مغادرة المكان سريعا وهى تدمدم بكلمات حانقة ليلتفت الحاج منصور بعدها الى صالح زافر بنفاذ صبر قائلا

:البت دى خلاص دلعنا فيها....

صمت عن حديثه هازا راسه زافراً بقلة حيلة ليحدثه صالح بهدوء قائلا 

:فرح جت بس رجعت تانى روحت ...انا قابلتها وانا طالع


هتف الحاج منصور قلقا

: خير روحت تانى ليه؟


اجابه صالح وهو ينحنى يستعيد مفاتيحه والتى القى بها فوق المنضدة عند دخوله قائلا بصوت عادى النبرات

:ابدا .. رجليها كانت  دخل فيها مسمار و بتوجعها فروحت علشان مقدرتش تكمل عليها 


هز الحاج صالح رأسه استحسانا قائلا 

:كده احسن برضه ...والله البنت دى ان كان هى ولا اختها بنات جدعة ومحترمة وانا بعتبرهم زى ياسمين اختك بالظبط 


هز صالح رأسه ببطء موافقا له  وجهه صفحة بيضاء لا تظهر عليه تأثره بذكر اسمها امامه ولا ضربات قلبه الخافقة بجنون وهو يتذكرها بين ذراعيه منذ قليل  يتحدث قائلا بهدوء وثبات شديد  

:انا طالع شقتى لحد ما الضيوف تيجى  ..تأمرنى بحاجة يا حاج


اتسعت عينى الحاج منصور قائلا 

:هتطلع دلوقت؟!مش هتستنى نكمل كلامنا 


اغمض صالح عينيه زافرا محاولا الهدوء وقد عاوده شعوره بالاختناق والغضب مرة اخرى قبل ان يتحدث قائلا برجاء وصوت اوضح انه اصبح على الحافة 

:ياحاج ابوس ايدك ...قفل عليه الموضوع ده ..وان كان على ضحكتى اوعدك مش هتشوفها على وشى تانى بس بلاش سيرتها ادامى مرة تانية 


انهى حديثه ثم استدار مغادرا دون ان يمهل والده الفرصة لحديث اخر عن هذا الموضوع والذى اصبح يفر هاربا منه ككابوس مميت خانق لانفاسه

****************

تبختر مليجى فى خطواته يلقى بالسلام هنا وهناك وهو فى اتجاه محل انور ظاظا  حسب الموعد المحدد بينهم يدلف الى داخل المحل هاتفا بتذلف لانور الجالس فوق مقعده يمرر انفاس ارجيلته عبر صدره مستنشقاً اياها بأستمتاع ولا مبالاة

:انا جيت اهو يابرنس ...تأمرنى.. كنت عوزنى فى ايه؟


اشار اليه انور بيده ناحية الكرسى الاخر ليسرع مليجى بالجلوس فوقه وهو يتطلع اليه بفضول وترقب منتظرا لعدة لحظات استغرقها انور فى انهاء ارجيلته قبل ان يتركها من يده قائلا

:شوف يا مليجى من غير كلام كتير ..انا عاوز انسبك 


تهلل وجه مليجى بالفرحة تشع عينيه وهو يهتف بلهفة 

:ده يوم المنى ياسى انور..احنا نطول..بس مين فيهم سماح ولا..


قاطعه انور سريعا قائلا بلهاث وعينيه تنطق بالشوق 

:الصغيرة ..يا مليجى..انا عاوز الصغيرة


لوى مليجى شفتيه بأبتسامة خبيثة مدركة قائلا ببطء

:قلتلى ..بقى عينك من البت فرح 


ثم اقترب منه يكمل بصوت يتراقص جشعاً

:بس ياترى بقى هتقدر على مهرها يابرنس


اجابه انور  سريعاً وبصوت ملهوف

:اللى تطلبه يا مليجى من جنيه لميت الف بس فرح تبقى ليا وبتاعتى النهاردة قبل بكرة 


تراجع مليجى للوراء يرسم على ملامحه التردد والحيرة  قائلا

:بس اااا ..طيب وحريمك الاتنين هيوافقوا على الجوازة دى


عقد انور حاحبيه بشدة قائلا ببطء محذرا

:وهما هيعرفوا منين يا مليجى...بقولك ايه صحصح معايا كده 


اتسعت عينى مليجى بأدراك قائلا

:تقصد انك عاوز البت فى جوازة عرف...


قاطعه انور سريعا قائلا بتأكيد

:ايووه ..زى ما فهمت كده بالظبط ..وانا شارى ومستعد لكل طلبتها 


عقد مليجى حاجبيه قائلا بصوت قلق متحير وقد اختلف الامر تماما فى حساباته 

:بس كده الوضع اختلف ..والبت ممكن تعصلج ومترضاش ساعتها 


هب انور من مقعده واقفاً بعنف اسقط ارجيلته ارضا بدوى عالى  صارخاً فيه بشراسة كأنه لم يحتمل مجرد  تصور ان يتم رفضه من قبلها

:بت مين يا عايق اللى تقول لا وترفضنى ..اصحى  وفوق شوف انت بتتكلم مع مين ..دانتم شاحتين الحارة ياعايق ولا نسيت


التوت شفتيه نفورا يكمل بأستعلاء وصوت محتقر وهو يرى تململ مليجى فى معقده متوترا

:مفكر مين يرضى يناسبك ولا يحط ايده فى ايدك ويتجوز بنات اختك دول ..فوق انت وبنت اختك ياعايق وبلاش اللون ده عليا من اولها كده


اسرع مليجى يحاول تهدئته ترتجف فرائصه امام غضب وعنف انور المشتعل امامه قائلا بأرتباك وخنوع

:براحة بس يا برنس...الكلام اخد وعطى ..انا بقول يمكن ..يمكن مش اكتر


جلس انور فوق مقعده مرة اخرى يضع ساقا فوق اخرى  هاتفاً بتعالى وحدة

:مفيش يمكن ولا بتاع.. البت ليا وبتاعتى وكله بتمنه ولا ايه؟!


هز له مليجى له رأسه بالموافقة تظهر اسنانه الصفراء فى ابتسامة جشعة خبيثة حين اتى على ذكر الثمن  قائلا بتأكيد وحزم 

:خلاص وماله يابرنس اللى تأمر بيه وطالما كله بحسابه يبقى البت متغلاش عليك ..وهو كله جواز وشرع ربنا 


شعر انور بعد حديثه هذا بأطمئنان نفسه و خفقات قلبه تتراقص فرحا وسعادة فاخيرا  ستصبح له...من ملكته واطارت النوم من عينيه وفعلت به مالم تفعله انثى من قبلها فبرغم تعدد زيجاته وعلاقاته المتعددة لم تستطع انثى خطفه وخطف قلبه كما فعلت هى كلما رأها تغدو امامه يمنى نفسه بالصبر حتى تطالها يده لكن لم يعد للصبر مجال بعد الان قد حدث ماحدث ورأى فى عيون غيره شيئا مماثلا لما فى قلبه نحوها وان لم يكن اكثر 


*************** 

ظلت كما هى على حالها منذ ان تركتها سماح لا يتحرك لها ساكنا تدس رأسها اسفل الوسادة   يظن من يراها ان داخل سبات عميق لكنها كانت بعيدة كل البعد عن النوم وراحته وقد اخذت تقيم لنفسها  محاكمة قاسية داخل عقلها كانت فيها القاضى والجلاد  تلعن وتسب غبائها كلما تذكرت كل ماحدث بينهم فهى فى يوم واحد فقط اظهرت نفسها امامه كحمقاء متسرعة لا تناسب افعالها سنوات عمرها التاسعة عشر ابدا وليس مرة واحدة لااا بل مرتين كأنها تأكد عليه فكرته عنها  لذا ظلت  تبكى بحرقة وبشهقات مكتومة تتذكر ماحدث مرارا وتكرارا دون كلل منها حتى تعالى صوت رنين هاتفها الملقى بجوارها فنهضت بهمود هامسة بصوت متحشرج من اثر بكائها وهى تمسك بالهاتف ظنا منها انه خالها

:تلاقيه بيتصل علشان يعرف انا لسه ماوصلتش هناك ليه ..بس والله مانا رايحة ويحصل اللى يحصل 


ضغطت زر الاجابة تضع الهاتف فوق اذنها هاتفة بحدة وصوت يغلب عليه البكاء

:شوف بقولك تانى اهو مرواح هناك مش رايحة ...وعاوز تيجى تموتنى تعال والله يبقى ارتحت وريحتنى من العيشة السودا دى


عقدت حاجبيها بحيرة حين قابلها الصمت من الطرف الاخر للحظات قبل ان تتسع عينيها ذهولا وصدمة مع فاها والذى فغرته على اتساعه حين وصل لها صوت رجولى تحفظه عن ظهر قلب يعيث الفساد داخل صدرها ترتعش كالمحمومة وهو يحدثها قائلا بصوت الهادىء الاجش المميز 

:واضح ان زيارتنا تقيلة اوى على قلبك بس مش لدرجة الموت يعنى


ازدردت لعابها تهمس بصعوبة وبأنفاس متلاحقة  تحاول التاكيد من هوية المتصل رغم تيقنها منها بقلبها قبل عقلها لتأتى اجابته فتمحو اى شك لديها حين اجابها بخفوت جعل من صوته اكثر جاذبية

: انا صالح يافرح ...كنت عاوز ...عاوز اقولك متزعليش منى لو كنت ضايقتك النهاردة .. 


اسرعت بهز رأسها تنفى حديثه هذا كما لو كان يراها لا تستطيع شفتيها ان تنبث بحرف خارجها وكما لو عقد لسانها تسمعه وهو يكمل بتأكيد وحزم لها 

:ولو خالك بيجبرك انك تيجى بيتنا غصب عنك ..فانا هتكلم معاه النهاردة وصدقينى مش هتحصل تانى ..بس المهم انك متزعليش


همت بالحديث بعد حلت العقدة عن لسانها لكنه لم يمهلها الفرصة يغلق الهاتف بعد ان القى عليها بسلام سريع ليسقط الهاتف من بين اصابعها هامسة بذهول وعدم تصديق

:صالح مين؟!صالح بتاعنا..بتصل بيا انا ...يقولى متزعليش


صرخت بسعادة وهى تنهض من الفراش تجرى الى باب غرفتها تخرج منه صارخة تنادى سماح 

:بت يا سماح مش هتصدقى اللى حصل دلوقت حالا ومين اللى ....


صمتت عن اكمال حديثها فور ان رأت خالها يدلف من الباب الخارجى يتخشب جسدها من الخوف والذعر وهى تراه يتجه نحوها ولكنه صدمها حين قام يجذبها الى صدره يحتضنها بقوة تحت انظار سماح وطفليه المصدومة هاتفاً بفرحة وسعادة طاغية

:اهلا بحبيبة خالها ووش السعد والهنا علينا كلنا


اتسعت حدقتيها تتبادل مع شقيقتها النظرات المصدومة تسألها من خلالهم عما يحدث لتهز سماح كتفها بحيرة تجيبها لتتراجع الى الوراء تخلص نفسها من بين ذراعيه تسأله بحيرة مرتابة 

:وده اللى هو ازى يعنى ...ومن امتى الكلام ده؟!


اقترب منها مليجى يفح من بين انفاسه بتمهل وصوته يحمل خبث العالم كله

: من هنا ورايح ياقلب خالك.. ده انتى واختك عندى بالدنيا و....


لم تستطع فرح تمالك نفسها وقد ادركت ان وراء حديثه هذا امرا لن يعجبها لذا هتفت به بتوتر  

:بقولك ايه ياخالى ...هات من الاخر كده ..وقول وراك ايه بصراحة ومن غير لف ولا دوران 


:عريس يابت اختى...جايلك عريس هيعيشك ويعيشنا فى عز وهنا 


قالها مليجى وعينيه يزداد لمعانها الجشع ووجهه ينطق بالسعادة كمن ملك كنوز الارض  ليسود بعدها صمت حاد يشع الجو  من حولهم بالتوتر والاضطراب وقد حدق به الجميع بصدمة لكن مليجى تجاهل صدمة وجوههم وهو يكمل قائلا لفرح بلهاث طمع

:عريس يابت يافرح انما ايه عمر اللى خلفوكى ما يحلموا بيه ..الظاهر امك دعيالك قبل ما تموت يابت


انهى حديثه ثم اسرع بجذبها له مرة اخرى يحتضنها  غير مدرك لجسدها المتصلب ولاملامح وجهها النافرة بالكره له اما عينيها فقد اظلمت بشدة كعاصفة هوجاءتستعد لايطاحة به فورا ودون تردد  


*******************

ظلمها_عشقاً 

الفصل_الرابع


داخل شقة حسن الرفاعى الشقيق الاكبر لصالح جلست زوجته سمر تتحدث فى هاتفها وعلى وجهها يرتسم الملل وعدم الاهتمام وهى تستمع الى محدثها من الطرف الاخر لعدة لحظات قبل ان تنهى المكالمة زافرة بعدها بضيق وتأفف قائلة 

:ياساتر دانتى عليكى رغى ..لا وكمان عبيطة فكرانى هعملك حاجة ..هو انا هبلة دانا ما صدقت خلصت منك 


نهضت واقفة تتحرك من مكانها فى اتجاه غرفة النوم تفتح بابها وهى تهتف بحدة فى زوجها المستلقى فوق الفراش نائما

:شوفت ياحسن الهانم عاوزة منى ايه؟


فز حسن فزعا من الفراش يهتف بتبرم وضيق

:فى ايه ياسمر فى حد يصحى حد كده ..وهانم مين اللى بتصحينى كده علشانها


تقدمت منه جالسة بجواره وهى تلوى شفتيها بسخرية هاتفة

:الهانم مرات اخوك ..اقصد طليقته بتكلمنى عوزانى اساعدها واخليك تكلم صالح علشان يرجعها تانى


استلقى حسن مرة اخرى فوق الفراش مضجعا على جانبه قائلا بصوت يغلبه النعاس

:طب ودى فيها ايه. .انا فعلا كلمت ابويا علشان يكلمه يرجعها


هبت سمر وافقة وعيونها جاحظة بذهول صارخة 

:قلت له ايه؟! انت عاوز تشلنى يا حسن ولا عاوز تموتنى بدرى ولا ايه حكايتك بالظبط


انحنت فوقه تنكزه بعنف حين وجدته يغمض عينيه متجاهلا لها تكمل غاضبة 

:انت هتنام قوم هنا كلمنى ..الا والله اخليها ليله سودا عليك


نهض فورا جالسا فى الفراش بوجه شاحب وهو يتحدث بلتعثم واضطراب

:ليه بس كل ده ياسمر ..ايه اللى حصل لكل ده 


انفجرت فيه صارخة وهى تقترب بجسدها منه

:بتسألنى ايه اللى حصل لكل ده .. دانا هتشل منك ومن برودك


جلست بجواره تنكزه قائلة بغيظ

:انا يا راجل انت مش مفهماك وقايلة ليك اياك تكلم صالح ولا ابوك بخصوص الموضوع ده


هز حسن رأسه بالايجاب قائلا بخفوت 

:حصل ..بس انا صالح صعبان عليا يعيش كده وحدانى ..ده اخويا برضه ياسمر


زفرت سمر ببطء تحاول تهدئة انفعالاتها قبل ان تحدثه وكأنها تحدث طفلا تحاول اقناعه بعمل ما 

:طبعا ياحبيبى اخوك وحبيبك كمان..بس انت كمان متنساش برضه عيالنا ومستقبلهم..وبعدين هو احنا كان لينا يد فى اللى حصل ولا كان لينا دخل فيه ..ده كله قدر ونصيب ومش عيب اننا نستغله لمصلحتنا ولا ايه ياحبيبى


شعرت برفضه لكلماتها وهى تراه يعقد حاحبيه معا يهمهم بأعتراض 

:بس يا سمر انا مش عاوز ...


اسرعت فورا تغير من سياستها معه تتبع فورا اخرى لم تخيب امالها ابدا فى اخضاعه لرغبتها وهى تهمس له بنعومة

:مش عاوز ايه ياحبيبى! ...هو انا عمرى قلتلك حاجة مش فى مصلحتك ..ولا فى حد بيخاف عليك ادى 


قالتها وهى تقترب منه ممررة اطراف اصابعها على صدره ببطء واغراء تنظر اليه تغويه بنظرات عينيها وبالفعل تتسارع انفاسه تزداد خشونة استجابة لها وهو يقترب منها هو الاخر يهز رأسه لها بالنفى كالمغيب قبل ان يجذبها بين احضانه بلهفة يستلقى بها فوق الفراش لتنطلق منها ضحكة انثى سعيدة منتصرة باحكامها السيطرة على زوجها كما تبغى وتريد

*****************

دفعته بعيدا عنها بعنف ثم وقفت مكانها تتطلع اليه بذهول ممزوج بالغضب والشراسة لكنه لم يبالى لها بل وقف بثبات امامها تتسع ابتسامته الخبيثة اكثر مع ازدياد بريق الجشع فى عينيه فى انتظار ردها لتثيرها حالة الثقة هذه به فتنفض عنها ذهولها وهى ترفع حاجبها بتعجب  تهتف به بحدة ساخرة

:عريس!عريس ايه يا عايق..هى من امتى الحدادية بتحدف كتاكيت ..وبعدين مدام من طرفك يبقى يغور


تحفز جسد مليجى فى وقفته وقد احتقن وجهه بشدة من ردها اللاذع عليه حتى صار شديد الاحمرار يهم بالانقضاض عليها لكنه اسرع بتمالك نفسه سريعا يدرك ان غضبه لن يكون له تأثيرا هذه المرة ويجب استخدام اللين والتروى ان اراد النجاح فيما يريد لذا اسرع يمحو عن وجهه امارات الغضب يتنفس بعمق عدة مرات قبل ان يلتفت الى سماح الواقفة بقربهم تتابع ما يحدث ذاهلة فى محاولة لاقناعها وكسبها الى طرفه 

:طب اسمعينى انت يابت ياسماح مدام بنت ال*** مش راضية تفهم ولا تسمعنى واسألينى مين العريس


سماح وهى تربت فوق كتفه وبصوت مستعطف

:حاضر يا خالى...حاضر ..مين هو العريس؟


:ظاظا ..انور ظاظا ..صاحب محل ال....


قالها مليجى بتلهف وفخر كما لو كان يعلن عن اسم احد الملوك لكن جاءت صرخة فرح وسماح المستنكرة لتقاطعه عن اكمال حديثه هاتفتين معا فى وقت واحد 

:بتقول مين؟!....انور ظاظا مين؟


ابتسم مليجى لهما ابتسامة سمجة ثقيلة قائلا

:انور ظاظا ياعين امك منك ليها ..ايه هو فى حد يتوه عنه


ازدردت سماح لعابها بصعوبة ثم حدثته بصوت خافت متردد

:بس ده ...متجوز اتنين يا خالى ...ومفيش واحدة منهم هترضى بكده


توتر مليجى وهو يتهرب بنظراته بعيدا عنها قائلا باضطراب وتردد

:لا ماهو ... يعنى ..مفيش واحدة منهم هتعرف بالجوازة من الاساس


عقدت فرح حاجبيها بحيرة تسأله متوجسة 

:وده اللى هو ازى بقى ؟


ابتعد مليجى عنهما معطيا ظهره لهما وهو يلوح بيده قائلا سريعا ودون اكتراث

: من الاخر كده الجوازة هتبقى عرفى .. والراجل مستعد يتقلها بالدهب وهيدفع فى الجوازة من جنيه ل....


جحظت عينى سماح وفرح ذهولا وصدمة فلم تتصور احداهما يوما ان يكون بكل هذه الدنائة برغم كل عيوبه والتى لا تخفى احد 


لذا هنا ولم تستطع فر ح الصمت تشتعل عينيها بالشراسة تسرع ناحيته صارخة بغضب اعمى 

:ده على جثتى لو حصل..فاهم ..مش كفاية معيشنا فى هم ولاهف شقانا ..كمان عاوز تجوزنا غصب وتقبض تمنا


التفت لها مليجى يندفع هو الاخر ناحيتها صارخا 

:يعنى ايه كلامك ده يابنت ال*** انتى


وقفت امامه تتطلع اليه وعينيها وملامحها تنطق بالتحدى والاصرار

:اللى سمعته ..وده اخر كلام عندى


هدأت ثورة غضبه بداخله حين رأى هذا المزيج من التحدى والاصرار له منها يعلم بانه سوف يخسر امامها المعركة ان ظلا كلا منهما على تحديه لاخر لذا اسرع ينتهج طريقة اخرى دعى بداخله ان تفلح معها يضع فوق وجهه قناع من الهدوء والمصابرة واخذ يحاول اقناعها باللين وبصوت متوسل 


:يابت اعقلى ومضيعيش الفرصة دى من ادينا ...خلينا بقى نقب على وش الدنيا ونعيش..ولا عجبك نفضل طول عمرنا يتقال علينا شحاتين الحارة 


لم يجد منها استجابة وقد صمت اذنيها عن حديثه تقف كما هى امامه بعزمها واصرارها لا يهتز لها جفن ليحبط بداخله فلا يجد امامه سوى ان يلتف الى سماح مرة اخرى يحدثها هى لعلها تصغى اليه وتحاول اقناعها معه 

:كلمى اختك ياسماح وعقليها ..مش يمكن انت كمان المعلم انور يشوفلك جوازة حلوة مريحة زى دى وتشوفى حالك انتى كمان


همت سماح بالرد عليه لكنه اسرع قاطعها قائلا بتلهف

:شوفوا انا هسيبكم تاخدوا وتدوا كده مع بعض..وهروح انا عند انور اكلمه واشرط عليه يكتبلها كمان شقة ملك ..اه اومال ايه هو فى زى فرح ولا حلاوة فرح فى الحارة كلها


وبالفعل اعقب حديثه بالتوجه ناحية الباب مغادرا على الفور دون ان يمهلم فرصة للرد لتقف فرح بعد خروجه تتطلع الى الفراغ بشرود وتفكير اخرجها منه صوت سماح القلق وهى تسألها 

:هتعملى ايه فى المصيبة دى..خالك عامل زى اللى لقى عضمة واستحالة يسيبها من ايده


لم تجيبها فرح بل تحركت سريعا باتجاه الاريكة تختطف من فوقها عبائتها السوداء والطرحة الخاصة بها ثم تسرع فى اتجاه الباب هى الاخرى لتهتف بها سماح باضطراب

:رايحة فين يابت كلمينى ..


التفتت اليها فرح قائلة بحدة 

:رايحة افرج الحارة على خالك والعضمة بتاعته ومبقاش فرح اما خليت اللى ما يشترى يتفرج عليهم 


ثم خرجت تغلق الباب خلفها بقوة تاركة سماح تلطم وجنتيها بكفيها هامسة رعب

:نهار اسود عليكى يافرح ..هتودينا كلنا فى داهية بجنانك ..ده قليل اما خالك عجنك ادام الحارة كلها

.


وقفت مكانها تنظر حولها بتيه وقلة حيلة حتى اتسعت عينيها فجأة بأدراك فتسرع هى الاخرى تخطتف عبائتها من داخل الغرفة ثم تسرع فى اتجاه الباب وهى تهتف بحزم 

:هو مفيش غيره اللى يقدر يلم الليلة دى كلها ..انا هروح له ويحصل اللى يحصل بعدها


****************

كان الحاج منصور يجلس مكانه منذ ان تركه ولده ناظرا امامه شاردا فى افكاره حتى انتبه على صوت زوجته الحنون وهى تجلس جواره تسأله بقلق 

:مالك يا حاج خير ..قاعد مسهم كده ليه يا خويا


زفر ببطء قائلا بصوت مثقل بالهموم

:صالح يا حاجة مش عجبنى حاله ..خايف يمر العمر بيه وحدانى لا انيس ولا جليس معاه


زفرت انصاف هى الاخرى وقد علت فوق ملامحها الهموم هامسة بحزن 

:طول عمره ياقلب امه حظه قليل ..حتى لما ربنا رزقه ببنت الحلال وقلت خلاص ربنا هيهدى سره واشوفه متهنى حصل اللى حصل وملحقش يتهنى يا حبة عينى


التفت اليها الحاج منصور سائلا اياها بصوت قلق قائلا

:طب والحل يا حاجة هنقعد كده ساكتين واحنا بنشوفه كده؟ 


هزت انصاف راسها هامسة بقلة حيلة

:واحنا فى ادينا ايه نعمله ..ده حتى موضوع مراته مش مستحمل حد فينا يفتح معاه كلام فيه 


صمت منصور يهز رأسه موافقا على حديثها صامتا للحظات قبل ان يهتف وقد شع وجهه بالامل 

:يبقى مفيش ادمنا غير عادل ..هو الوحيد اللى بيسمع له واللى هيقدر يقنعه يرجعها


تهلل وجه انصاف بالفرح تهم بالرد عليه لكن اتى صوت صالح الجاف مقاطعا لها قائلا 

:ريحوا نفسكم منى ..لا عادل ولا غيره هيقدروا يقنعنى بحاجة انا مش عاوزها


هبت انصاف تهتف به بلوم وهى تلتفت اليه بفزع 

:كده يا صالح تخضنى كده..


تقدم للجلوس بجوارها مقبلا جبهتها بحنان قائلا برقة

:حقك عليا ياحاجة ..بس ياريت بلاش كلام فى موضوع ميت ..لو بتحبونى فعلا وعاوزين مصلحتى بلاش منه الكلام فيه


همت انصاف تجيبه برجاء لكن قاطعها منصور يهز رأسه بأستسلام قائلا بحزن وهو ينظر الى زوجته يرى بداخل عينيها حزن مماثلا 

:خلاص يا حاجة ..هو ادرى وعارف ايه اللى يريحه ..احنا كل اللى يهمنا راحته 


ابتسمت انصاف بضعف مستسلمة تقبل وجنته صالح بحنان تتبعها بدعاء من القلب ابتسم هو بفرحة له يسود الصمت بعدها للحظة قبل ان ينهض صالح قائلا 

:هنزل انا اشوف الشغل ماشى ازى ..لحد ما حسن يصحى والضيوف يوصلوا


القى عليهم السلام مغادرا تتبعه نظراتهم الحنون ودعواتهم له ولكن ما ان قام بفتح الباب حتى طالعه وجه سماح الجزع تهتف به برجاء وتوسل

:الحقنى يا سى صالح ..ابوس ايدك تعال معايا نلحق البت فرح 


توترت كل خلجة من خلجات جسده فورا ان سمع اسمها يسأل سماح بجزع وخوف يشق صدره 

:مالها فرح يا سماح ..انطقى 


صرخ بكلمته الاخير حين وجد التردد يسيطر عليها لتهب سماح هاتفة فورا تقص عليه ماحدث بكلمات سريعة 

:خالى عاوز يجوزها لانور ظاظا عرفى ..وهى راحت ليهم المحل مصممة لتفرج عليهم الحارة هو وخالى ..


لم يستمع للباقى من حديثها فقد توقفت تماما جميع حواسه تفور بداخله براكين بحممها تغذيها و تشعلها سماعه لكلمة زواجها بأخر وان هناك غيره ارادها له فتعمى غيرته عينيه بعصبة سوداء من العنف والغضب وهو يزيح سماح من طريقه يهرول فوق الدرج مختفيا عن انظارها فى لمح البصر 


***************

:البت مش موافقة وبهدلت الدنيا يابرنس لما عرفت انها جوازة عرفى


قالها مليجى لانور وهو يتظاهر بالاسف واقفا فى انتظار عاصفة انور الغاضبة مستعداً لها بكلمات اعدها طويلا للفوز باكبر قدر ممكن من المكاسب من تلك الزيجة ..لكن ولصدمته وجده ينهض على قدميه بكل هدوء متقدماً منه وهو يبتسم بثقة وعينه تلتمع بالاعجاب قائلا بصوت متحشرج 

:كنت عارف انها مش هتوافق ..اللى زى فرح استحالة ترضى بجوازة فى السر ولو من مين..دى بت حرة ودمها حامى ..قطة حلوة وبتخربش 


فغر مليجى فاه بذهول وانور يكمل بلهفة وأبتسامة سعيدة فرحة 

:انا عاوزك تطمنها وتقولها انى هتجوزها واعمل لها اكبر فرح اتعمل فيكى ياحارة ...وشقة تمليك بأسمها ..والمؤخر اللى تقول عليه والشبكة اللى تشاور عليها تيجى فى الحال ..


:وايه كمان يا ظاظا ...

تقدمت فرح الى الداخل ببطء وعينيها تطلق سهام التحدى نحوه لتتراقص نبضات قلبه بسعادة ونشوة فور ان رأها تقف امامها يمرر نظراته الشرهة عليها ببطء جعلها تشعر بقشعريرة النفور والتقزز تمر من خلالها لكنها وقفت بثبات امام نظراته تلك تتظاهر بالبرود قبل ان يسرع هو قائلا بتلهف لاهث بعد عودة عينيه الى وجهها 

:واللى تأمرى بيه يا ست البنات ..مالى كله تحت اشارة منك ..بس انتى تقولى ااه


تقدمت منه بهدوء وابتسامة صغيرة ملتوية فوق شفتيها جعلته هو الاخر يبتسم بثقة وقد ظن بأنه قد ملكها حتى اصبحت فى مواجهته لتختفى عنه تلك الابتسامة يحل مكانها غضب عاصف شرس حين قالت له بتأكيد وببطء شديد كما لو كانت تحدث شخص اخرق بطيئ الفهم 

:برضه مش موافقة يا ظاظا ..ولو جبت ليا مال قارون كله ورميته تحت رجلى برضه مش موافقة


تقدم مليجى منها صارخا بحنق وهو يجذبها من ذراعها بعنف وقسوة 

:ليييه يا بنت ال*** ما الراجل هيكتب عليكى رسمى يبقى ليه بقى العند يا بنت ال****


تركهم انور غافلا عنهم شاخصا بعينيه للخارج نحو ذاك الاتى من بعيد مسرعا بوجه الغاضب وجسده المتحفز يقف يتابع تقدمه باهتمام عالما الى اين وجهته تحديداً وبدون شك لذا ضغط فوق شفتيه يفح من بينهم قائلا لميلجى 

:انا بقى عارف ليه يا مليجى ..بنت اختك بترسم على تقيل اووى


التفت اليه مليجى وفرح ينظران اليه بعد فهم وهما يشاهدنه يخرج من محله بعدها هاتفا بسخرية وتحدى

:اهلا بصالح باشا ..هى الاخبار لحقت توصلك وجاى تنقذ السنيورة منى ولا ايه ؟!


تجاهل صالح سؤاله الساخر يسأله هو بهدوء متحفز وغضب مكبوت 

:فرح فين يا انور؟


اشار انور بأبتسامه ساخرة ناحية باب محله وقد خرجت فرح منه ببطء يرتسم الخوف فوق ملامحها قائلا بتهكم

: موجودة يا كبير وسليمة كمان 


اشار صالح برأسه بحزم لفرح الواقفة تتطلع نحوه بذهول لتأتى اليه مسرعة ودون لحظة تردد واحدة تختفى خلف ظهره بحماية ليكمل انور تحركه غيرته حين رأى ماحدث بصوت متهكم مغلول

:متقلقش عليها اووى كده ..هو احنا نقدر نمس حاجة بتاعتك وتخصك 


كان فى تلك الاثناء قد تجمهر عدد كبير من اهالى الحارة لمتابعة ما يحدث بفضول ومعهم سماح والحاج منصور والذى هدر بغضب وحدة به

:انور..اتكلم عدل ..وبلاش كلامك الملاوع ده 


فتح انور يده بطريقة مسرحية يصرخ هو الاخر بحدة 

:انا اللى ملاوع ياحاج ..ولا ابنك اللى مستغفلنا كلنا وداير يلف ويدور على البت الغلبانة دى ويضحك على عقلها بكلمتين وياعالم حصل ايه تانى 


ما ان انهى حديثه حتى هجم عليه صالح مزمجرا يكلل له الشتائم والضربات القاسية حتى ارتطمت قبضته بوجهه سمع معها صوت تحطم انفه ليسقط ارضا ووجهه قد اختفت ملامحه من شدة دمائه النازفة يلحقه مليجى راكعا بجواره حتى يساعده على النهوض وهو يهمس بحيرة وفزع له مستغلا تجمهور الاهالى حول صالح فى محاولة لابعاده بصعوبة عن انور حتى لا يفتك به

:ايه اللى بتقوله ده يا برنس ..انت ناوى تفضح البت فى الحارة ولا ايه


انور هامسا له هو الاخر 

:ملكش دعوة انت ..امشى معايا على الخط بس


لينهض بعدها بصعوبةو ببطء وهو يشير ناحية فرح الواقفة بعيون مرتعبة ووجهه شاحب يحاكى وجوه الموتى تتابع ما يحدث وسماح بجوارها تحتضنها بحماية بين ذراعيها قائلا بصوت جهورى غاضب تعمد ان يصل الى جميع الحضور 

:الحلوة بطلبها للجواز على سنة الله ورسوله ترد تقولى ده بعيد عن شنبك ..ده صالح لو عرف هيعلقك على باب الحارة ..ادام خالها وبعين بجحة اد كده ..حصل كلامى ده يا مليجى ولا لا 


ارتعش مليجى بتوتر وجهه يتفصد عرقا بغزارة و عينيه تتلاقى بعينى صالح المشتعلة بالغضب وهو يعافر لتحرر من الايدى الممسكة به مجيبا بخفوت وتلعثم

:هاا ..اه حصل يا برنس حصل


صرخت فرح تنفى حديثهم الكاذب تسرع فى اتجاه صالح وقد تجمد مكانه بعد كلمات مليجى المؤكدة تهتف به بتضرع وحرقة

:والله ما حصل يا صالح ..دول كدابين ..صدقنى والله ما حصل


اقترب انور من صالح بخطوات واثقة يطمئنه الجمع المتجمهر حولهم وعلى اهبة الاستعداد للوقوف كحاجز امان له من غضب وثورة صالح قائلا بتلذذ وسخرية 

:قولى بقى ..لما عيلة تقول الكلام ده يا صالح باشا يبقى اكيد فى حد مالى دماغها بكلام فارغ وشاغل البت بيه


احتقن وجه صالح تنفر عروقه المحتقنة بالدماء يهم بالهجوم عليه مرة اخرى وقد تعال صوته بالشتائم وهو يحاول التحرر حتى يستطيع الفتك به ليتراجع انور الى الخلف بجزع حتى كاد ان يسقط ارضا بظهره خوفا وارتعابا منه لكن اتى صوت

الحاج منصور الرفاعى ليعلو فوق جميع الاصوات يجمده مكانه وقد ساد الصمت ارجاء المكان وهو يقول بقوة ونبرات حازمة

:ومين قالك انه كلام فارغ ولا ضحك على العقول يا انور...


وقف بكل هيبته ووقاره يكمل وهو يتطلع بثبات وقوة فى كل العيون الفضولية المحدقة به حتى توقفت عند ولده بجسده المتجمد ونظراته المتسألة يطالبه بعيون مترجية ان يوافقه على ماهو ات قائلا بعدها بكل هدوء وجد 

:صالح طلب منى اطلب له ايد فرح من كام يوم ..وانا كنت هكلم مليجى النهاردة بعد ما اهل خطيب ياسمين يمشوا ..بس مدام الحارة كلها واقفة وسامعة


التفت الى مليجى الواقف مصدوم متسع العينين قائلا بصوت قوى جهورى قصد به ان يسمع كل الحضور بطلبه

:يا مليجى..انا يشرفنى اطلب ايد فرح بنت اختك لابنى صالح على سنة الله ورسوله ..قلت ايه؟


حانت من مليجى التفاتة متوجسة ناحية انور الشاحب بشدة قبل ان يزدرد لعابه بصعوبة وبصوت خرج منه خافت متلعثم اجاب

:ده..يوم ..المنى ..ياحاج ..هو احنا نطول


علت التهانى من رجال الحارة ومعها ارتفعت زعروطة فرحة سعيدة من سماح وهى تحتضن فرح المنهارة باكية تبارك لها بكلمات تتراقص فرحا لكنها كانت كالاصم عنها وعينيها معلقة فوق صالح الواقف بجمود ووجهه كتمثال من حجر بلا مشاعر وهو يتلقى التهانى ممن حوله قبل ان تحن منه التفاتة نحوها تلتقى عينيه بعينها لترتعش رعباً حين رأت بهم عنف وشراسة اسد مأسور داخل محبسه شعرت بهذا كله موجها اليها ....فقط هى دون غيرها


*************


:صالح فين يا حاجة 

سأل الحاج منصور زوجته بلهفة فور ان دلف الى داخل شقتهم لتجيبه بقلق وتوتر

:طلع شقته اول ما وصل ...هو ايه اللى حصل يا حاج مع ظاظا و صالح ماله حاله مقلوب ومتغير ليه؟


تنهد منصور بحرقة وهو يتجه ناحية الباب قائلا

:لما انزل ابقى احكيلك اللى حصل ..بس انا هطلع له دلوقت اتكلم معاه كلمتين


هزت رأسها بالموافقة وهى تتوجس خشية ان يكون قد اصاب ولدها شيئ يتأكلها القلق عليه وهى تتجه الى مطبخها بخطوات بطيئة هامدة لتقابلها كريمة تسألها بقلق

:طمنينى يا حاجة حصل ايه .. طمنينى على البنات ينوبك ثواب فيا.. حكم انا خايفة انزل او اروح المنيل يزعقلى ولا يضربنى 

ربتت انصاف فوق كتفها بحنان قائلة 

:متخفيش ..محصلش حاجة ..الموضوع شكله اتلم والحاج لما ينزل هيطمننا


تنهدت كريمة براحة لم تستطيع انصاف مشاركتها اياها ففى داخلها وبقلبها كأم تدرك بحدوث خطب ما لولدها قلب من حاله وموازينه لتهتف فى داخلها مستعطفة وهى تناجى الله

:الطف بيه يارب ..كفاية اللى هو فيه.. هومش ناقص ولا حمل وجع تانى


وقد صدق حدثها فقد كان يدور داخل شقته كأسد جريح تحطم يده كل ما تطاله بعنف وغضب اعمى تتصاعد وتيرة انفاسه بعنف ينهج بعنف وحدة يشعر بحرارة جسده كما لو كان داخل الجحيم لا يستطيع تصديق ماحدث حتى الان وهو يقف مغلول الايدى يرى نفسه ينقاد الى ما حاول طويلا الهرب منه ..كيف حدث ماحدث...وكيف وقف هو صامتا موافقا عليه ..كيف ستكون كيفية التصرف فيما هو ات ..كيف.. وكيف ..وكيف


اسئلة اخذت تنهش عقله بلا رحمة ولا هوادة لا يجد منها فرارا يدور فى ارجاء المكان يجذب خصلات شعره بعنف لعله يهدء تلك النيران المشتعلة برأسه حتى تعال صوت جرس الباب ليسرع بفتحه يعلم جيدا هوية الطارق يفتحه بعنف وهو يهتف بحرقة والم بوالده الواقف امامه واحساسه بالذنب يقتله

: ليه يابا كده ...ليه ؟!


لم ينتظر اجابة من والده لسؤاله بل اندفع الى الداخل بخطوات متعثرة ثقيلة كما لو كان فى حالة سكر يتبعه منصور بعد اغلق الباب خلفه بهدوء مقتربا منه ببطء يربت فوق كتفه بحنان قائلا بندم واسف

:كنت عاوزنى اعمل ايه يابنى وسمعة البت الغلبانة دى هتبقى غنوة وحدوتة على لسان الحارة كلها بعد ما خالها أمن على كلام الكلب ده ادامهم كلهم ..مقلتش ادامى غير الحل ده اعمله


اغمض صالح عينيه زافرا بقوة قائلا بصوت خافت متألم

:طب و انا يابا مفكرتش فيا ...مفكرتش انى هعيد حكايتى مع امانى تانى لو الجوازة دى حصلت...انى هكشف وجعى لاخر واحدة كنت عاوزة تعرف واعرى حرجى لها وانكسر ادمها


اتسعت عينى منصور بأدراك يهتف مذهولا

:صالح وهو انت بتحب فر...


قاطعه صارخا بحرقة يفرغ من داخله كل ما كان كاتما له داخل قلبه حتى انهكه احتفاظه به طوال هذه السنين كلها 

:ايوه بحبها ...من وهى بنت سبعتاشر وانا بحبها ...اتجوزت غيرها علشان بحبها ...طلقت واستحالة هرجع مراتى تانى لذمتى علشان لسه بحبها ..بحبها ..بعشقها... قلبى عمره ما دق غير ليها هى ..بس مش هتجوزها وده برضه علشان بحبها ..فاهم يابا ولا لا 


منصور بلهفة وعينيه تلتمع بالدموع حسرة على ولده وما يعانيه من كل هذه الالام 

:طيب ليه يابنى مدام بتحبها ..مش يمكن دى اللى تصونك وتقدرك وتبقى...


قاطعه صالح وارتعاشة الخوف تطال صوته رغم محاولته الظهور هادىء قوى

:وياترى بقى هنعرفها الحقيقة ولا هنسيبها على عماها 


توتر منصور عينيه تتهرب من تحدى نظراته له ليبتسم صالح ابتسامة ساخرة منكسرة قائلا بتهكم 

:كنت عارف انه لا ..لا انا ولا انت هنقدر نقول الحقيقة ..علشان كده بقولك لا يا حاج الجوازة دى لا يمكن تحصل ابداً


اغروقت عينيه بالدموع تتساقط رغما عنه لتغرق وجنتيه وهو يهمس بتحشرج وقلب يأن بألم

:استحالة اعرى روحى ليها ...مش ممكن اعرفها انى ... عقيم مش بخلف ..وانى طلقت امانى بسبب كده

********************


ظلمها_عشقاً 

الفصل_الخامس


مر يومين عليه وهو يعيش داخل صومعة اختلقها له عقله حتى يعيد عليه فيها كل ما مر به يذكره بأوجاعه كطرف سكين حاد ينغزه بقسوة كلما وجد فى قلبه لين او شوق لتنفيذ رغبة والديه منه بأن يترك لنفسه الفرصة مرة اخرى للسعادة والتجربة لعله خير له هذه المرة لكن يقف عقله له بالمرصاد فى كل لحظة ضعف منه..

مثلما يفعل به الان وهو جالس فوق مقعده فى محل عمله غافلا عن كل المحيط به وبيده سيجارة تنساها بين انامله وهو يعانى مرة اخرى داخل ذكرى من عدة ذكريات لايام قاسية عاناها مع زوجته اخذت تهاجمه الان دون هوادة رغم محاولاته نفضها بعيد لكن اخذت تهاجمه بشراسة حتى استلم لها اخيرا


يتذكر حين نهض من فراشه ثم يسير بأتجاه الباب بخطوات بطيئة متثاقلة يعلم ما بأنتظاره ككل يوم تقريبا وقد صدق حدسه حين وجدها تجلس فى مكانها المعتاد كانها اصبحت تجد متعتها حين يراها بحالتها تلك تستلذ بتعذبيه وجلده بحقيقة اصبح لا يجد مفرا منها والفضل لها فى هذا


ليزفر بقوة يمرر كفه فوق وجهه بقوه قبل ان يقترب منها  ببطء يراقب وجهها شديد الاحمرار وعينيها المنتفخة من اثر بكائها يراهن نفسه بأنها لم تتحرك من مكانها تجلس على حالها هذا منذ استيقاظها حتى تضمن رؤيته لها وقت استيقاظه ليقف مكانه زافر انفاسه ولكن هذه المرة ببطء وهدوء هو فى امس الحاجة له قبل ان يتحدث اليها قائلا بهدوء لكن اتى صوته مرتجفاً رغما عنه

:تانى يا امانى....اخرته ايه بس اللى بتعمليه فيا وفيكى ده يا بنت الناس


لم تجيبه بل تعالت شهقات بكائها اكثر كأنها كانت فى انتظار حديثه هذا لها حتى تبدء فى نوبتها المعتادة  فاقترب منها جالسا فى المقعد المقابل لها قائلا بصوت حزين متوسلا

:كفاية ابوس ايدك بقى وارحمينى....انتى على الحال ده من يوم ما عرفنا....انتى كده بتموتنى بالبطيئ


رفعت عينيها المتورمة تسمح انفها الاحمر بمنديلها قائلة بحدة وقسوة لا تتناسب مع مظهرها ولا بدموعها المنهمرة تلك

:انا اللى بموتك بالبطيىء.....ليه خير... اومال لو انا اللى فيه عيب ومش انت كنت هتعمل ....


صرخ بها يوقفها عن باقى حديثها المهين له قائلا بغضب وقسوة 

:اخرسى خالص متكمليش....ايه فاكرة ايه...هفضل متحمل منك كده لحد امتى 


تجعدت ملامح وجهها حزنا وهى تنكمش على نفسها خوفا هامسة بانكسار اجادت صنعه تلعب به على وتر شعوره بالذنب ككل مرة 

:بقى كده يا صالح بتزعلقى .. مش متحمل منى كلمتين افضفض بيهم عن نفسى 


لكنه هذه المرة قد فاض به الكيل ولم يعد يحتمل المزيد منها  يتحشرج صوته وتتوحش نظرات عينيه يضغط فوق اسنانه بغضب هامسا 

: علشان كلامك بقى سم وعشتنا مع بعض بقت نار بتحرقنى وبتحرقك ..ومبقاش ليها غير حل واحد بس ..


شحب وجهها تتوسع عينيها خشية وقد علمت بما هو اتى من حديثه لذا اسرعت تحتضنه بقوة صارخة برجاء حتى توقف كلماته تلك

:لاا ..يا صالح علشان خاطرى ..انا اسفة مش هتكلم تانى كده بس بلاش تقولها وحياة اغلى حاجة عندك


زفر بقوة يغمض عينيه  محاولا تهدئة غضبه ونفوره منها والذى اصبح يزداد يوما عن يوما بتصرفاتها وكلماتها الجارحة التى كانت تطفىء بها كل يوم شيئ من صبره عليها واحتماله وهى تقتل به احساسه كرجل دون كلل منها او تردد يمنع نفسه عن تلك الخطوة المصيرية معها  ظناً منه بأنها ستراعى بعد ذلك فى تعاملها معه لكن هيهات ظنه هذا وهو يراها تعود لممارسة هوايتها المفضلة وخلق جو من الدراما  المأسوية بينهم يوما بعد اخر اصابه بالبرود والنفور من التواجد معها فى مكان واحد يغيب فى عمله قدرا الامكان هرباً منها ومن حياتهم معا


حتى سمعها تتحدث الى شقيقتها فى احدى الايام قد فسرت بروده هذا معها على انه استسلام منه لها ثم اخذت تتباهى زهواً فى حديثها بما تفعله معه وكيف انها اصبحت قاب قوسين او ادنى من تملكه وجعله خاتما بأصبعها كما ارادت منذ البداية لينهى فى لحظة كل شيئ بينهم دون تردد ناطقا بتلك الكلمة التى كانت له كالتحرر من جحيم ظل به لاشهر يتحمل فيها افعالها  وتقلباتها كلها لاحساسه بالذنب نحوها وانه كان سببا فى حرمانها من نعمة تتمناها كل امرأة 


لذا لا يمكن ان يعيد الماضى مرة اخرى... لا يمكنه ان يعانى تلك الاوجاع مرة اخرى... ليس عندما تكون هى المعنية هذه المرة بالامر ...لن يحتمل ان يرى فى عينيها مارأه فى عينى غيرها عندما علمت بالامر...لذا..


نهض بحزم يجمع اشيائه من فوق المكتب سريعا يغادر وعلى وجهه الاصرار والتصميم فقد حسم امره وحان الوقت لانقاذ نفسه من السقوط فى تلك الدوامة وانهاء اوجاعه وانين قلبه والى الابد ولا سبيل لهذا سوى القيام بامر واحد لامفر منه

*****************

جلست حول المائدة تتلاعب بطعامها بشرود ووجه شاحب وعيون مسهدة لتربت زوجة خالها بحنو فوق كفها قائلة 

:كلى يا فرح ..وسبيها لله .. كله هيتم بأمره واذنه


صدحت ضحكة غليظة قاسية من مليجى وهو يخرج من غرفته لايرتدى سوى ملابسه الداخلية يهتف بعدها بسخرية وتهكم

:اتعلفى ياختى يمكن تعجبى عريس الغفلة .. اللى ماحد شاف وشه لا هو ولا ابوه من يومها


نهضت فرح وافقة تهتف به بعنف وحدة وهى تتجه ناحية غرفتها 

:البركة فيك وفى فضايحك .. وهو فى عاقل يفكر يجى يحط ايده فى ايدك و يناسبك


ثم توجهت الى غرفتها فلا طاقة لها لمجادلة اخرى معه يكفيها ماحدث بينهم  من قبل وتلك المشاجرة والتى وانتهت ككل مرة بتطاوله بالضرب عليها لذا تركته واغلقت الباب خلفها بعنف ارتجت له اركان الشقة ليصرخ بها غاضبا

:ارزعى ياختى الباب ..ماهو ده اللى باخده منكم ..جتك القرف انت واختك فى ساعة واحدة


ثم التفت الى زوجته ينهرها بحدة 

:جرى ايه ياعين امك..انتوا قاعدين تتسمموا ومش عاملين حسابى ولا ايه ...فين الاكل يا ولية


نهضت كريمة سريعا قائلة بتخبط

:لا يا خويا ازى ..الاكل جاهز ومتحضر ..ثوانى ويكون ادامك


ثم اسرعت ناحية المطبخ تختفى داخله تتعال بعدها صوت طرقات فوق الباب الخارجى ليهتف مليجى فى ولده الصغير بخشونة

:قوم ياض افتح الباب ..تلاقيها المعدولة التانية رجعت


ثم رفع كوب من المياه الى شفتيه يرتشفه لكنه عاود بصقه فورا بقوة حين هتف طفله بلهفة 

:ده عم صالح اللى جه يابا


نهض فورا يعدل من وضع ملابسه يسرع فى اتجاه الباب هاتفا بترحاب وتذلف 

:اهلا يا صالح باشا ...اهلا بكبرنا وابن كبرنا ..اتفضل 


دلف صالح الى الى الداخل يمد يده نحوه ملقيا بالسلام قائلا بعدها بهدوء 

:كنت عاوزك يا مليجى فى كلمتين ..بس قبلها لو امكن انى اقعد مع فرح دقيقتين ..يبقى كتر خيرك


فغر مليجى فاه مذهولا فلاول مرة فى حياته يتم احترامه والاستأذان منه فى امر ما لذا اسرع بنفض ذهوله هاتفا بغبطة واعتزاز

:طبعا ..دانت تأمر يا صالح باشا ...البيت بيتك ياحبيبى


ثم صاح مناديا لفرح بغلظة وبصوته الاجش عدة مرات حتى ارتفع صوتها بقوة تصيح من الداخل 

: ارحمنى بقى عاوز ايه تانى ...دى كانت ساعة سودا يوم ما طلبونى منك للجواز..


فتحت الباب تظهر من خلاله وهى تكمل بحدة وعنف

: ريح نفسك بقى انا مش عوزاها اصلا الجوااازة دى


مطت حروف اخر كلماتها تتسع عينيها بصدمة حين رأته واقفا امامها بكل هيبته يتطلع اليها وأبتسامة ملتوية صغيرة فوق شفتيه جعلتها تخفض عينيها عنه ارضا بأرتباك وهى تهمم من بين انفاسها حانقة  تلعن نفسها وخالها كعهدها فى كل مرة تراه فيها قبل ان يصيح مليجى ملتفت الى صالح قائلا 

: شوفت يا صالح باشا اهى على الحال ده من ساعة الحوار اياه ..مش طايقة حد منا يكلمها كلمة ومفيش  على  بلسانها  اللى عاوز قطعه غير الكلمتين دول


ثم اشار ناحية غرفة جانبية قائلا بترحاب 

:اتفضل انت يا خويا فى اوضة الجلوس ..نورتنا والله ..البيت نور


دلف صالح الى داخل الغرفة لكن ليس قبل ان يرمقها بنظرة ارتجفت لها اوصالها لاحظها مليجى هو الاخر ليبتسم لها بشماتة مشيرا لها وهو يهمس 

:ادخلى يا ختى العريس عاوزك فى كلمتين وابقى ورينى بقى هتقولى له ايه فى اللى سمعه منك ده؟!


شعرت بدموع الخيبة تحرق عينيها ترتفع الغصة بحلقها تكاد تخنقها وهى تتطلع فى عينيه الشامتة تهمس له هى الاخرى بحرقة

: ينتقم منك ربنا ياشيخ ..على كل اللى بتعمله فينا ده ..انت ايه شيطان


ثم دلفت سريعا الى داخل الغرفة دون ان تمهله الفرصة للرد تقف جامدة مكانها حين رأت صالح يقف وقد اعطى ظهره لها ووجهه ناحية النافذة يضع يديه فى جيبى بنطاله للحظات ساد فيها صمت كان قاتلا بالنسبة لها وهى تقف  خلفه تفرك كفيها معا باضطراب حتى انتهت قدرتها على التحمل لتهمس تناديه بصوت خرج منها مرتعش فيأتى حديثه دون مقدمات او يلتفت نحوها  قائلا بهدوء شديد بعث فى داخلها الاضطراب اكثر

: انا كنت جاى النهاردة علشان عايز اكلم معاكى كلمتين .. 


صمت زافرا بقوة وهو يخفض رأسه ينظر ارضاً ترى عضلات ظهره مشدودة بتوتر كأنه يعانى صعوبة فى ايجاد تلك الكلمات حتى يلقيها عليها ..كلمات ادركتها من توتر جسده دون ان ينطق بها ..فليس من السهولة على من هو فى مثل اخلاقه وشهامته ان يقوم بجرح الاخرين او يصيب كرامتهم بمقتل لذا اوجدت له العذر تشعر بالشفقة عليه اكثر من حالها هى وهو يلتفت اليها ببطء يضع انامله بين خصلات شعره قائلا بأضطراب 

:شوفى يافرح ..انا لولا الظروف وان ...انا كنت عاوز اقولك يعنى انى ..

التفت مرة اخرى مواليا ظهره لها زافرا مرة اخرى لترتعش شفتيها وهى تضمها بشدة حتى تمنع نفسها من تجهش باكية قلبها يهفو له ويرق لحاله المضطرب لذا قررت ان تريحه من معاناته تلك هامسة بصوت مرتجف متحشرج 

: الموضوع مش مستاهل كل ده ..انا خلاص فهمت انت عاوز تقول ايه..


زفر صالح ببطء يلتفت اليها مواجها ترتفع على شفتيه تلك الابتسامة الصغيرة ثانياً ولكن ما جعل قلبها يرتجف بتخبط بين جنباتها هى تلك النظرة بعينيه  وقد رأت للحظة الانكسار والالم بهما لكن سرعان  مااختفت فوراً قبل حتى ان تتمكن من التحقق مما رأته فقد حل مكانهم سريعا نظرة عنيفة مشتعلة قائلا ببطء 

: مافتكرش يا فرح انك فهمتى حاجة ولا هتفهمى انه مش سهل عليا اللى بعمله هنا دلوقت ..انا ...انا


اغمض عينيه زافرا بقوة تخرج الحروف من فمه كانها نار تكويه لا يجدها بالسهولة كما كان يتخيل قبل حضوره اليها لذا فتح عينيه سريعا قائلا بحزم وهو يتحرك من مكانه ينوى المغادرة المكان فورا 

:انسى انى جيت هنا من الاساس..انسى اى حاجة اتقالت انا همشى 


مر من جوارها سريعاً لكن اوقفه عند الباب متجمداً صوتها حين صرخت به بحرقة غاضبة وقد قررت ان تلقى هى فى وجهه الكلمات بعد ان رفض ان ينطقها  كما لو كانت لا تستحق منه تعبه او اهتمامه فى حين كانت هى تقف مكانها بقلبها الاحمق تختلق له الاعذار ترفق بحاله

:طبعا يا صالح باشا هنساها متقلقش..وهو زيها زى الكلمتين اللى اتقالوا من كام يوم..احنا اساسا اعتبرناهم كده من ساعتها .. كلمتين فى الهوا وتقالوا ..

قست نبراتها تكمل قائلة بسخرية وتهكم 

:ماهو مش معقولة صالح باشا هيرضى بالبت فرح بنت لبيبة ولا يناسب خالها مليجى العايق ..بس عاوزة اقولك ان رفضته انت فى غيرك شاريه وراضى به كمان 


شعرت بحاجتها لكلماتها الاخيرة تلك كرد اعتبار لها ..اردته ان تعلم ويدرك جيدا ان هناك من يريدها وراضيا بها برغم كل ما قالته سابقاً


شهقت بفزع حين عاد الى مكانها فى لمح البصر كأعصار غاضب شرس يمسك بذراعها بعنف بقبضته ضاغطا بشدة فوقها وهو يفح من بين انفاسه بنبرة باردة قاسية 

:وده بقى مين يا ست فرح ان شاء الله اللى يبقى شارى ..تقصدى انور ظاظا مش كده .. انطقى 


صرخ بها لترتجف وهى تتلعثم بأرتباك تحاول اظهار نفسها ثابتة لا تخاف منه ولا من غضبه المنبعث من عينيه يكاد يحرقها بلهيبه

: اقصد اللى اقصد ..اظن ده ميهمكش ..ولا مش مصدق.. ان ان ممكن حد ...


قطعت حديثها ترتجف خوفاً كأرنب محاصر حين اقترب بوجهه منها على حين غرة منها انفاسه تلف وجهها كالنيران المحرقة يهمس ضاغطا فوق اسنانه بغيظ وهو يقربها منه رغم مقاومتها الواهنة 

:بت انتى ..مطلعيش جنانى عليكى ..واتكلمى معايا عدل 


هرب اللون من وجهها يتركه شاحبا من الرعب لكنها اجابته بشجاعة زائفة ترفع عينيها فى وجهه قائلة بصوت مرتعش 

:انا مش بت .. ولو سمحت سيب ايدى ..ومن هنا ورايح انت اللى تتكلم معايا عدل ...فرح العيلة بتاعت زمان اللى كنت بتخوفها وتتريق عليها كل ما تشوف خلقتها خلاص كبرت وبقيت انسة ..انت بقى مش عاوز تشوف ده انت حر 


ترك ذراعها ببطء يتراجع الى الوراء وهو يمرر عينيه  فوقها بتمهل جعلها فتشعر بهم كخط من النار يلامس بشرتها ترتسم ابتسامة باردة فوق شفتيه قائلا بسخرية

: كان نفسى اشوف فرح اللى بتتكلمى عنها دى  ادامى دلوقت يمكن كانت امور كتير اتغيرت ...اه ممكن تكونى كبرتى من بره زى ما بتقولى 


ثم اشار بسبابته ناحية رأسه يكمل ببطء وأسف

: بس هنا اظن لااا ..لسه بدرى اوى علشان ده كمان يكبر ... سلااام يافرح يا كبيرة


انهى حديثه يغادر المكان سريعا بعد القى بتحيته المتهكمة تلك لتقف مكانها بعد ان تركها ترتفع حرارة وجهها حتى اصبح مشتعلا كالجمر من اثر اهانته لها وككل مرة تتواجه فيها معه يملأها شعور بالهزيمة وكسرة القلب كأحساس اصبح ملازم لها منذ ان وقعت كالمغفلة فى عشقه وهواه

***************

:واخرتها ايه معاكى ياسمر هتفضلى قاعدة القاعدة دى كأن مات ليكى ميت 


خبطت سمر فوق فخديها بعنف تهتف بحدة وعصبية فى زوجها حسن ليتراجع الى الخلف خوفا منها قائلة 

:ابعد عن وشى الساعة دى ياحسن انا فيا اللى مكفينى 


اقترب منها ببطء وخشية قائلة 

:يا حبيبتى اهدى ..مانا قلتلك استحالة صالح همشى الجوازة دى ..وهو عرف ابويا بده


لم تعيره اهتماما تهمهم بذهول واستنكار

:بقى انا اخلص من الست امانى تطلعلى فرح .هو انا ناقصة يا ربى بلاوى ..دانا مصدقت الجوزازة الاولنية اتفشكلت بعد ما طلعت روحى ..اقوم اخبط فى جوازة تانية 


جلس حسن بجوارها فوق الاريكة يسألها بتوتر وخشية من انفجار نوبات عضبها فيه كعادتها

:وانتى السبب فى فشكلة جوازة صالح الاولنية ازى ..مش اللى حصل ده بسبب ان امانى مرضيتش تكمل مع صالح لما عرفت انه مش بيخلف


التفتت اليه سريعا تحدق به كما لو كان مجنون صارخة

: انت عبيط يا حسن ..امانى بتعشق التراب اللى بيمشى عليه صالح..وكانت مستعدة تعيش العمر كله معه ولا تفرق معاها حكاية الخلفة دى خالص


تجعد جبين حسن بعدم بفهم يهمس بارتباك متسائلا

:طيب ليه بقى اطلقت لما هى بتحبه


تراجعت سمر الى الخلف تشير بسبابتها ناحية صدرها قائلة بفخر

:بسببى انا .. ماهو انا مكنش ينفع اعدى الفرصة دى من غير ما استفيد 


حسن وبقلق وريبة منها

:عملتى ايه بالظبط ياسمر؟


ابتسمت ابتسامة صفراء تلتفت اليه قائلة ببراءة مصطنعة وقد اختفى غضبها تماما وهى تتلاعب بازرار قميصه قائلة بزهو 

:ابدا ..امانى من يوم ما دخلت البيت هنا وهى تموت من الغيرة بسبب حبك ومعاملتك ليا .. انا بقى نصحتها شوية نصايح بعد ما التحاليل ماظهرت وعرفنا ان العيب من اخوك بخصوص موضوع الخلفة


سألها حسن ببطء وفضول 

:النصايح دى ايه بقى ..ماهى اكيد مكانتش نصايح لما تبقى نهايتها انهم اطلقوا


اطلقت ضحكة غنج ودلال وهى تقترب من شفتيه تهمس فوقهم 

:ابدا يا قلب سمر .. النصايح دى يمكن تنفع مع حد زيك انت ..انما مع واحد زى صالح بتيجى بالعكس زى ماشوفت كده بالظبط


عقد حاجبيه مرة اخرى بعدم فهم يهمس بصعوبة 

:مش فاهم برضه ..يعنى انت قلت لها تعمل ايه بالظبط؟


تراجعت عنه بعنف تنظر امامها بشرود وعينيها تلتمع بالغل والحقد قائلة باستمتاع 

:تكسره ..تذله ..تحسسه كل يوم بنقصه ..مرة ورا مرة هيبقى زى الخاتم فى صباعها الصغير تبيع وتشترى فيه


نهض حسن واقفا يهتف بغضب وعصبية

:يعنى انتى تقصدى ان ده اللى بتعمليه معايا ياسمر؟! 


نفضت عنها شرودها تنهض واقفة هى الاخرى تسرع فى اصلاح خطأها وقد نسيت للحظة الى من كانت تتحدث تسرع بالاقتراب منه تلتصق به وهى تتلمس صدره قائلة برقة ونعومة

:لاا طبعا ياحبيبى ..ده اللى انا فهمته ليها علشان تصدقنى وتعمل اللى اقولها عليه ...دانت روحى وقلبى ياحسن ..وبعدين هو انا يعنى عملت كده علشان مين ..مش علشانك انت ياقلب سمر من جوه


ارتفعت داخل عينيه نظرة عدم تصديق يرتجف صوته يسألها بخوف وعدم ثقة 

:بجد يا سمر بتحبينى ؟


احتضنته بقوة تهتف بتأكيد وحزم لكن كانت عينيها باردة برودة الثلج 

:طبعا يا قلب وروح سمر .. دانت ابن خالتى وابو عيالى ..وحياتى ودنيتى كمان


استرخى حسن بين ذراعيها متنهداً براحة ترتفع ابتسامة فرحة فوق شفتيه وهو يزيد من احتضانه لها  متشبثاً بها كالطفل الصغير لتزيد مع كل ضمة منه لها البرودة بعينيها تكسو وجهها ابتسامة صفراء سعيدة 


******************

كانت تسير مع شقيقتها فى طريق عملها صباحا بوجه زاد شحوبه وعيون مرهقة بعد ان قضت طوال ليلة امس فى البكاء المرير تواسيها سماح بكلمات اصبحت على سمعها كأسطوانة تالفة وهى تعيد عليها تكرار أقوالها المعتادة ..بأنه لم يكن من نصيبها ..ان ماحدث كان خطأ منذ البداية ..وما فعله صالح كان لمصلحتهما معا ومع كل كلمة منها يزداد بكائها معها حتى اتى الصباح اخيرا لتنفض معه كل امل لها فى عشق هذا الرجل يكفيها ماحدث لقلبها منه لذا لن تجلس فى انتظار وجع جديد يقضى على ماتبقى منها تنهض تستعد ليوم عمل جديد بعد تغيبها ليومين عنه جلست فيهما بداخل المنزل على امل زيارة منه .. نعم قد حدثت فى النهاية لكن لسبب اخر غير ماتمنته تتحمل بعدها همزات ولمزات خالها الساخرة منها طوال الليل 


لذا هاهى تسير هربا الى عملها وملجأها فى الوقت الحاضر شاردة عن ثرثرة شقيقتها حتى انتبهت من شرودها على صوت احدى جارتهم توجه الحديث الى جارة اخرى تهتف بصوت عالى ساخر 

:شوفى ياختى البت وقدرتها ماشية ولا على بالها شر .. صحيح عشنا وشوفنا بنات اخر زمن 


حينها توقفت شقيقتها تلتفت نحوها هاتفة بحدة وعنف فيها 

:تقصدى مين بكلامك ده يام ابراهيم ؟!


لوت ام ابراهيم شفتيها بسخرية هاتفة هى الاخرى 

:مقصدش حد ياحبة عينى ..بس لو على راسكم بطحة يبقى مبروك عليكم


تقدمت سماح منها تسألها بخشونة وحدة

:جرى ايه ولية انتى بطحة ايه اللى على دماغنا ..ما تتكلمى عدل على الصبح


جذبتها فرح من ذراعها هاتفة بها بحزم تمسك بذراعها حتى توقفها

:خلاص يا سماح .. انتى هتعملى عقلك بعقلها


تقدمت منهم ام ابراهيم هى الاخرى تصفق بكفيها معا ثم تشيح بهما هاتفة بشراسة

: ومتعملش عقلها بعقلى ليه ياختى ..مش من مقامك ياسنيورة ولا مش من مقامك.. اايه خلااص حطيتهم فى العالى وبقاش فى حد مالى عنيكم يا بنات لبيبة 


جذبتها السيدة الاخرى تتراجع بها للخلف وهى تهتف ساخرة بلؤم

:هدى نفسك يام ابراهيم ..دول خلاص ضهرهم بقى محمى ..ماهى بنات قادرة بصحيح وبتعرف تقع واقفة.. عينى على بناتنا وحسرة عليهم عبط وعاملين زى القطط المغمضة


انحنت سماح بغضب تخلع حذائها ثم ترفعه عاليا فى وجوه من تجمهر من الاهالى على اصواتهم رغم محاولات فرح لتهدئتها ومنعها لكنها وقفت وسطهم هاتفة بغلظة وشراسة 

:شوفوا يا حارة **** اللى هيجيب سيرتى ولا سيرة اختى على لسان حد ***فيكم ..هو ده بقى ردى عليكم 


وهمت بالهجوم عليهم لكن اتى هتاف صالح المنادى لها بحزم ليوقفها مكانها متقدما منهم بهدوء تحت الانظار المتوترة للواقفين جميعا لحظة ظهوره يسأل سماح بصوت هادئ عما حدث لكن عينيه كانت معلقة فوق فرح بأهتمام ولكنها تهربت من نظراته تنظر فى جميع الاتجاهات الا اتجاهه هو وبعد ان قصت عليه سماح ماحدث التفت بحدة وتجهم  الى ام ابراهيم المضطربة والتى اسرعت تنكر ما حدث سريعا هاتفة بمسكنة وحزن

:والله ياصالح يابنى ماحصل دول سمعونا بنتكلم على حتة فى المسلسل بتاع بليل واخدوا الكلام على نفسهم ..احنا برضه ولاد حتة واحدة ..ودول زى بناتى مش كده يام خالد ياختى 


اسرعت تستنجدة بجارتها الاخرى والتى اسرعت مؤيدة لحديثها بحزم وهى تربت فوق صدرها قائلة 

:طبعا اومال ايه دول زى بناتنا وامهم كانت حبيبة ..حقك علينا يا سماح ياحبيبتى لو كنتى خدتى على خاطرك منا 


ثم التفت الى صالح تبتسم برجاء وارتباك

:ده شيطان يا سى صالح ودخل بينا وراح لحاله خلاص .. واحنا  خلاص هنمشى ياخويا وحقكم علينا مرة تانية 


ثم جذبت صديقتها بقوة تهرولان معا هربا من المكان فينفض الجمع فورا هو الاخر بعد ان هتف بهم صالح بحزم ليفرقهم

:يلا يا اخونا كله يروح لحاله ..ملهاش لازمة الوقفة دى 

ثم التفت الى فرح وسماح مشيرا لهم بالسير امامه قائلا بهدوء 

: يلا تعالوا اوصلكم ..بدل بهدلة المواصلات و..


هتفت فرح تقاطعه بحدة قائلة وعينيها ثابتة فوقه بشجاعة 

:لاا شكرا مش عاوزين..وبعدين احنا واخدين على بهدلة المواصلات مش جديدة علينا يعنى ..اتفضل انت روح مشوارك مش عاوزين نعطلك


اقترب صالح منها هاتفا بحدة ونفاذ صبر

:ولو قلت لا مين هيجبرنى ..انتى مثلا 


وقفا يتطلعان الى بعضهم بتحدى وشراسة كما لو كان فى وسط الحارة اثنين من المصارعين يتنافسان على الفوز لكنها لم تكن مصارعة جسدية بل كانت صراع بين ارادتين اخذا  وقد اخذ كلا منهما يحاول فرض ارادته على الاخر تلقى اعينهم بسهام التحدى كلاً نحو الاخر حتى اتت نحنحة سماح هامسة بعصبية متلعثمة تحاول فض هذا الاشتباك المربك لها 

: انا بقول ايه .. يعنى ..انت تروح تشوف مصالحك ياخويا ..وانا اخدها ونطلع على اول الحارة ..ونركب اى حاجة تودينا الشغل ..مش كده يافرح ..اه كده يلا بينا بقى 


جذبت شقيقتها بصعوبة من مكانها المتسمرة به كالوتد تسير معها مغادرة فورا بينما وقف هو خلفهم تطلق عينيه نحوها نظرات حادة باردة شعرت بها كسهام تخترق ظهرها من الخلف وهى تسير ببطء بعيدا عنه وقد شعرت بمعدتها تتلوى بعصبية رغبةً فى التقيؤ من شدة توترها بعدها ان غادرتها شجاعتها الزائفة امامه تتركها ضعيفة مرتعشة تسير بخطى متعثرة وقد بدأت ساقيها بالارتجاف فتهمس لشقيقتها بصوت مستعطف ضغيف

:سماح ..انا عاوزة اقعد حاسة انى مش قادرة امشى


شدت سماح على يدها قائلة بصوت خافت مؤكد

:اجمدى بس الخطوتين دول ..نعدى محل ظاظا بعدها هقعدك


هزت لها رأسها موافقة لكن تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن حين خرج انور من محله كما لو كان بانتظارهم مقتربا منهم بسرعة ليوقفهم بوجهه اللزج قائلا  

: يا صباح الخير على ست البنات ..انا واقف هنا من الصبح مستنى الجميل يهل عليا 


لم تجد فرح القدرة فى نفسها على نهره او ايقافه تترك امره لشقيقتها والتى صاحت به بحدة

:بقولك ايه يا معلم انور احنا متأخرين على الشغل ..فحياة ابوك تسبنا نعدى من غير عطلة


ابتسم انور بخبث وهو يفرك كفيه قائلا 

:انا بس قلت ارمى الصباح ..واكرر كلامى من تانى ..


رفعت فرح نظراتها المتسألة له فيكمل بشوق وتلهف عينيه معلقة بعينيها بتية ولوعة

:انا شارى يافرح ..شارى ومش بايع زى غيرى..ومستعد ابيع روحى علشانك ..بس انت قولى اه..


همست من بين انفاسها قائلة بقرف

:هو لحق خالى يبلغك ؟!


انور بأنفاس متهدجة وعينيه تلتمع بشهوة اصابتها بالنفور والتفزز

: خالك بلغنى علشان عارف ان انا الوحيد اللى هعرف اقدرك واقدر جمالك 


همت بالرد عليه بحدة لتفرغ كل احباطها وحزنها عليه لكن وجدته يرفع انظاره الى ماخلفها هامسا بتوتر وهو يتحرك متجه الى محله  بخطوات متعثرة  قائلا بتخبط ونبراته مرتعبة 

:نبقى نكمل بعدين ..اصل ورايا حاجة كده هخلصها و..


اختفى داخل محله ومعه الباقى من حديثه لتلتفت الى سماح تسألها بأبتسامة  تعجب ساخرة

:ماله ده ..حاله اتقلب كده ليه؟!


اشارت سماح برأسها خلفها وعينيها تتسع رعبا قائلة

:بصى وراكى وانتى هتعرفى ماله ..هو نهار مش فايت انا عارفة


التفتت فرح سريعا لتتسع عينيها هى الاخرى بذهول ممزوج بالخوف وهى تراه يمر من جوارهم وملامحه تنطق بالشر والاجرام متجاهلاً لهم تماماً يدلف الى داخل محل انور يغيب داخله ماهى الا عدة لحظات حتى تعالت اصوات تحطيم وصيحات عالية اعقبها صرخة انور المتألمة بشدة ثم يسود الصمت التام بعدها لتهمس فرح بخوف وقلق سائلة سماح المرتعبة بجوارها

:بت هو قتله ولا ايه ؟!


وقبل ان تجيبها سماح خرج صالح بهدوء من المحل يرجع خصلات شعره الى الوراء ثم يعدل من وضع ملابسه قبل ان يرفع وجه متحتقن بالغضب منقبض الملامح وعيون تطلق الشرر نحوها صارخا بها

: اخفى انجرى على البيت ..وماشوفش وشك الا بليل وانا جاى وجايب الماذون


فغرت فاها بصدمة وعينيها تكاد تخرج من محجريهما  ليصرخ بها مرة اخرى بحدة وهو يتقدم منها عدة خطوات مهددة

:هتتحركى ولا اجيلك انا و...


اسرعت سماح تجيبه وهى تجذبها بسرعة قائلة بتلعثم وخوف 

:هتتحرك ياخويا هتتحرك ...بس انت وحياة الغالى عندك ماتعصب نفسك 


همست سماح لفرح وقد وقفت مكانها ذاهلة  قائلة لها بأرتعاب

:اتحركى ياختى ..خلينا نمشى من ادامه ..واوعى تبصى ناحيته..الراجل باينه اتجنن ونفسه يصورله قتيل هنا وبلاش يكون انتى ..


كانت فرح تسير معها كالمغيبة قلبها يتراقص فرحا يتغنى الباقى من جسدها طرباً بكلمات ظنت انها من وحى خيالها لتسأل سماح بهيام وذهول

:بت هو اللى سمعته منه ده حقيقى ولا ده قلبى الاهبل وبيضحك عليا


اخذ قلبها يصرخ لها بالاجابة فرحا سعيدا تتراقص خطواتها على انغام دقاته تلقى بهمسات عقلها الخائفة عرض الحائط وقد اخذ يتوسلها حتى لا تنقاد خلف هذ الاحمق المسمى بقلبها  لكنها  تجاهلته فيكفيها الان لحظة سعادتها تلك ولتلقى بأى شيئ اخر عرض الحائط


تكملة الرواية من هنا


بداية الرواية من هنا


🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹

ادخلوا بسرعه حملوه وخلوه علي موبيلاتكم من هنا 👇👇👇

من غير ماتدورو ولاتحتارو جبتلكم أحدث الروايات حملوا تطبيق النجم المتوهج للروايات الكامله والحصريه مجاناً من هنا


وكمان اروع الروايات هنا 👇

روايات كامله وحصريه من هنا


انضموا معنا على تليجرام ليصلكم اشعار بالروايات فور نزولها من هنااااااااا


🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.
close