القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية دوائي الضرير الفصل 36-37-38-39-40 حصريه وجديده

اعلان اعلى المواضيع

 رواية دوائي الضرير الفصل 36-37-38-39-40 حصريه وجديده 

رواية دوائي الضرير الفصل 36-37-38-39-40 حصريه وجديده 

خرج عاصم بصحبة سارة و توجه معها إلى المدينة حيث تقع عيادة اشهر طبيب للنساء و الولادة كمال عابدين حتى تتابع سارة معه فترة حملها..
دخلا إليه فرحب بهما قائلاً....

[[system-code:ad:autoads]]

كمال: اهلا و سهلا يافندم.
عاصم: اهلا بيك يا دكتور..
كمال: اتفضلو استريحو(موجهاً حديثه لسارة) ها يا مدام خير... بتشتكي من إيه حضرتك؟
عاصم: هي عملت اختبار (مصححاً) لا 5 اختبارات حمل النهاردة الصبح و كلهم ايجابيين.. فاحنا جايين عشان تتابع مع حضرتك و نشوف الدنيا يعني.
[[system-code:ad:autoads]]كمال: يااااه.. 5 اختبارات.. هو في العادي انا بقول ان مش دايماً نتيجة الاختبارات المنزلية دي بتكون صحيحة.
لكن بما انكم عملتو 5 اختبارات....
سارة(مقاطعة بتوضيح): و ماركات مختلفة.
كمال: كمان؟؟! يبقى مبروك يافندم.. اتفضلي مع الممرضة تجهزك للسونار.

[[system-code:ad:autoads]]

أشارت له بالموافقة و قامت سارت خطوتين ثم نظرت لعاصم و للطبيب و سألته....

سارة: هو.. هو جوزي مش هايجي معايا؟
كمال: لا طبعا ازاي.. أكيد هايجي.. هانحصلك بعد ما الممرضة تجهزك.

نظر لها عاصم و لعيونها المتوترة ثم قال...

عاصم: ممكن اروح معاها.

ابتسم كمال لعلاقة الحب الظاهرة للعين بوضوح و أشار له بعينيه بالموافقة فذهب عاصم معها..
دخلا خلف الممرضة التي أراحت سارة على سرير الكشف و قامت بتجهيزها للسونار ثم تركتها مع عاصم الذي لم يترك يدها قط...

عاصم: مالك يا سارة.. ايدك ساقعة و بتترعشي تاني ليه؟
سارة: مش عارفة.. خاېفة او متوترة او ....
مش عارفة.. بس كل ما افكر ان فيه جوايا حتة مني و منك بتكبر بحس برهبة اول مرة احس بيها.

ابتسم عاصم و قبل يدها مطمئناً اياها...

عاصم: ماتخافيش.. انا عارف انك متوترة.. بس انا كمان مش بالشجاعة اللي انتي متخيلاها.. بس اللي مطمني انك معايا.
طول ما أحنا مع بعض كل حاجة هاتبقى كويسة.. ماشي؟

ابتسمت و أومأت له إيجاباً.. دخل عليهما الطبيب و بدأ في فحصها بجهاز السونار و ظهر على الشاشة الصغيرة صورة غير واضحة فقال الطبيب بتوضيح...

كمال: الف مبروك.. المدام فعلا حامل.. و البيبي حالته كويسة خالص.. و نبضه منتظم كمان.
عاصم: بجد يا دكتور؟ يعني هو كويس؟
كمال: ايوة بجد.. كويس خالص.. تحبو تسمعو نبض قلبه كمان؟
سارة: ينفع بدري كدة؟ ياريت.
كمال: حالا..

و انتظرا بضع ثوان كانت طويلة على كليهما.. حتى سمعا أولى نبضات ثمرة حبهما الأولى.. و قد كانت لحظة مهيبة فارقة في حياتهما.. 
نظرت هي له بعيون تدمع من فرحتها لتجده يبتسم و يقبل جبهتها بلا حديث.. فمن المستحيل ان يجد من الكلمات المناسبة لتلك اللحظة..
انسحب الطبيب في هدوء ليترك لما دقيقتين على انفراد..

عاصم: سمعتي قلبه؟؟ دة ابننا.
سارة: مبسوط يا عاصم؟
عاصم: انا أسعد إنسان في الدنيا دي كلها.. مش بس عشان اخيرا هابقى اب بعد الانتظار دة كله.. لا كمان عشان دة ابني منك انتي.. عشان انتي أمه مش اي حد تاني.
سارة: انا بحبك اوي يا عاصم.
عاصم: و انا بمۏت فيكي يا قلب عاصم.. ياللا بينا؟
سارة: ياللا.

عدلت من ملابسها و خرجت بصحبته ليجلسا أمام الطبيب الذي تكلم بعملية....

الطبيب: طيب دلوقتي في شوية تعليمات لازم نمشي عليها. 
عاصم(بحماس): طبعا.. اي حاجة هاتقولها هاننفذها بالحرف.. انا اهم حاجة عندي صحتها.
كمال: تمام.. طيب اول حاجة هانعمل شوية تحاليل عشان نشوف لو احتاجنا فيتامينات أو أي مقويات.
و كمان عايزين نقلل اي مجهود.. هو انتي بتشتغلي يا مدام سارة.
سارة: حاليا لا.. بس انا اصلي كنت بشتغل في القاهرة لكن بعد الجواز و بعد ما استقريت هنا طبعا بطلت شغل..
بس بحضر الدكتوراة اونلاين.. يعني من البيت يعتبر.
الطبيب(بإعجاب): ياااه.. دكتوراة مرة واحدة؟ هو حضرتك بتشتغلي إيه؟
سارة: دكتورة نفسية.
الطبيب: زميلة يعني.
سارة: لا العفو.

كان ذلك الحوار تحت أنظار عاصم التي تحولت الى جمرات من نيران الغيرة و رفع شفته العليا بتعجب غاضب و قال من بين أنيابه..

عاصم: إيه تحبو اجيبلكو اتنين عصير يطرو القاعدة؟!!
سارة(پصدمة و تحذير): عاصم.. إيه اللي انت بتقوله دة.
الطبيب(بحرج): انا اسف يا استاذ عاصم لو كنت ضايقتك.. عموما نرجع لموضوعنا.. تالت حاجة ان انتو لازم تقللو العلاقة شوية..
عاصم(نظر له شذراً رافعاً جانب شفته العليا): نعم ياخويا؟؟
سارة: عاصم.. مش كدة؟
الطبيب(كاتماً ضحكته): احممم.. سيبيه يا مدام.. استاذ عاصم الحمل لسة في اول شهر بس و العلاقة الزوجية حالياً مش مستحبة على الاقل لحد ما الحمل يثبت.. و أصلا المدام حامل في شهر زي ما قولتلك يعني كلها شهرين بالكتير و تاخد افراج.
عاصم: انت بتهزر؟!
الطبيب: طيب اعمل إيه طيب.. اكدب عليك و اقولك خلاص براحتك و لما هي تتعب تيجي تقتلني ولا احذرك و ابقى عملت اللي عليا.

كتمت سارة ضحكتها على منظر عاصم الذي يشع غيظاً فنظر لها شذراً...

عاصم: بتضحكي على إيه انتي كمان؟

ضمت شفتيها اكثر دليلاً على صمتها.. فأكمل الطبيب قائمة الممنوعات و المحظورات و أيضا اعطاهما وصفة طبية ببعض الفيتامينات و المقويات التي تناسب حالتها.
تركا العيادة وسط زمجرة عاصم التي تعبر عن غيرته الشديدة من ذلك الطبيب و غيظه منها و هي التي ترى حديثها مع الطبيب مجرد أمراً عادياً.
استقلا السيارة و قبل ان ينطلق بها اوقفته سريعاً...

سارة: استنى ماتسوقش.
عاصم: ليه بقى إن شاء الله.. نسيتي حاجة و عايزة اطلعي للدكتور الزفت تاني ولا حاجة؟
سارة(بتوضيح): لا مش عايزة حاجة.. بس مش عايزاك تسوق بسرعة زي عادتك لما تكون مضايق او متنرفز عشان المرة دي أحنا مش لوحدنا..

ابتسمت و وضعت يدها فوق يطنها حيث ينام ولدهما بهدوء و اكملت...

سارة: بقى معانا شخص تالت لازم نعمل حسابه في كل تصرفاتنا بعد كدة..
ممكن تهدى بقى؟

نظر عاصم بعيدا يحاول ان يهديء من غضبه فهي على حق.. فهي تحمل ابنه او ابنته و لابد ان يفكر في كل تصرفاته حتى يحيطه بالأمان و الحب. الذي يستحقه و الذي كان عاصم بخبئهما له منذ ومن بعيد.. حتى قبل ان يعلم بوجوده..
أخذ يتنفس بصوت حتى يهدأ قليلاً و نظر لها و قال...

عاصم: انا اسف.. انتي معاكي حق(ثم نظر لبطنها) حقك عليا يا سعادة الباشا.
(ثم رفعت سبابته في وجهها بتحذير) بس الدكتور دة انا مش جايله تاني و هانشوف اي دكتور تاني.. فاهمين انتو الاتنين.
سارة: شايف يا نونو بابا الۏحش بيزعقلنا ازاي؟

نظر لها عندما سمع كلمة "بابا" الجديدة كلياً على أذنه.. و اتسعت ابتسامته ففهمت هي سببها فسألته...

سارة: عجبتك كلمة بابا يا بابا؟
عاصم(هز رأسه بيأس منها): بتعرفي تجيبيني انتي.
سارة(احتضنت ذراعه و نامت على كتفه): طبعا.. مش جوزي حبيبي و انا مراتك حبيبتك.. ولا انت ممكن واحدة غيري تعرف تجيبك.
عاصم(قبل رأسه بحب): ولا الف واحدة تقدر تعمل فيا ربع اللي انتي بتعمليه.
سارة(بسعادة): طيب اتفضل بقى عشان نتغدى ولا انت سحبت عزومة الغدا اللي قولتلي عليها؟
عاصم(تصنع النسيان): هو انا قولت اننا هانتغدى برة؟
سارة: إيه دة بقى.. بترجع في كلامك ولا ايه؟
عاصم: ولا اقدر.. البرنسيس تؤمر.. تحبي تاكلي إيه؟

إنطلق بسيارته و لكن بسرعة بسيطة حفاظاً على اعز شخصين في حياته و اتجه بها نحو احد مطاعم سوهاج الفاخرة و تناولا طعامهما في جو مليء بالحب و المرح و الضحكات و قضيا باقي اليوم يتجولان في بعض المحال المتخصصة في بيع مستلزمات الأطفال و قامت سارة بالفعل بشراء بعض الملابس و الألعاب لطفلها.. ثم عادا إلى المنزل ليستقبلهما هنية و عبد الرحمن بسعادة غامرة....

هنية: حمد بالسلامة يا ولاد.. ها عملتو إيه عند الداكتور؟
عاصم: طيب ناخد نفسها الاول ياما.
هنية: يا ولدي ريح جلبي الله يرضى عنيك.. بجالي مستنياكم من ساعة ما خرچتو.. و انتو عوجتو كمان..
عبد الرحمن: ريح جلب امك يا ولدي و جولنا عملتو إيه.. صُح مرتك حبلة؟
سارة(بمزاح و خبث محبب): يريح جلب امه بس برضه يا عبده؟
عبد الرحمن(نظر لها بغيظ): بجيت عيده اكده خاف كمان.. و ايوة يا ستي اني كمان عايز اطمن على ولدي.. ماتنطجو بجى اومال.
عاصم: طيب باركولنا و زغرتي ياما.. حفيدك في الطريج يا عمدة.

انطلقت زغاريد هنية بتأكيد عاصم لخبر حمل زوجته حتى أن عبد الرحمن احتضن ولده و رقص قلبه بسعادة بذلك الخبر..
و توجه لسارة يحتضنها حضڼ أبوي صافي و هو يهنيها...

عبد الرحمن: الف مبروك يا بتي.. ربنا يجومك بالسلامة يارب..
سارة: الله يبارك فيك يا عبده.
عبد الرحمن(رفع حاجبيه بدهشة و لكنها فرحة في نفس الوقت): يعني حتى كلمة "حاچ" شيلتيها و بجت عبده بس عاد.
سارة: الله.. مش جدو و بنتدلع عليك.
عبد الرحمن: ماشي يا ستي اتچلعي براحتك انتي و هو(و هو يشير لحفيده الذي لايزال جينا في بطنها).
عاصم: الله الله.. كلتك بكلمتين عاد.
عبد الرحمن: كفاية ان منهم الكلمة اللي كنت عاستناها من يوم ما خلفتك انت.
عاصم(بتأثر): ربنا يخليك و يطول لنا في عمرك يابوي.
هنية: كلمتي اهلك يا سارة و جولتيلهم.
سارة: لا يا ماما قولنا لما نروح نكلمهم من البيت احسن.
عاصم: انا هاكلمهم.
سارة: كلمهم فيديو يا عاصم... عايزة اشوف رد فعلهم.

و بالفعل قام عاصم بالإتصال بهم و كان اربعتهم يتناولون العشاء معاً ككل ليلة.. و بعد السلام و الترحيبات...

عاصم: عموما أحنا بنتصل النهاردة عشان نبلغكم خبر حلو اوي أكيد هايسعدكم..
جميل: إيه يا عاصم خير؟
عاصم(امسك يد سارة بدعم و فرحة): أحنا في انتظار حاډث سعيد.
سعاد: يعني إيه مش فاهمة.
سارة(وضعت يدها على بطنها بسعادة): انا حامل يا ماما.
آسر: يجد يا سارة.. انتي حامل بجد؟
سارة: ايوة و هاجيبلك نونو يقولك يا خالو.

كانت هدى أول من تفاعل مع الخبر فصړخت بسعادة و هي تقفز في الهواء بفرحة لأخيها و صديقتها المقربة...

هدى: عاااااا... و هابقى عمتو و هابقى عمتو... الف مبروك يا سو مبروك يا عاصم.
عاصم: الله يبارك فيكي يا هدهد.. عقبالك يا قمر.
سارة: عقبالكم يا هدى انتي و آسر.. إيه يا ماما ساكتة ليه انتي و بابا.
سعاد: انا لو عليا عايزة ادخل في الشاشة دي و اجيلك فوراً.. الف مبروك يا حبيبتي.. الف مبروك.
جميل: ربنا يقومك بالسلامة يا قلب ابوكي.. خد بالك منها يا عاصم.. سارة مهملة جدا في صحتها.
عاصم: ماتخافش عليها يا عمي دي في عنيا.. 
آسر: عملتوها قبلنا يا قادرين.. مبروك يا عاصم.. سارة مبروك يا حبيبتي.
سارة: الله يبارك فيك يا اسور.. عقبالك انت و هدى.

أنتهت المكالمة بعد المباركات و التوصيات الشديدة من سعاد لإبنتها و من جميل لزوجها حتى يراعيها جيداً لأنها تهمل في صحتنا حسب قوله..
و تمنيات هنية لإبنتها هدى بأن يعطيها الله من نعمته هي أيضاً...

في منزل آسر و هدى...
دخلا إلى شقتهما و على و جهيهما ابتسامة سعادة من اجل عاصم و سارة و هما في نظر الجميع عانيا كثيراً في حياتهما...

آسر: يااااه... انا مش مصدق نفسي.. سارة كبرت و اتجوزت و بقت حامل كمان..
هدى: آه.. كمان عاصم اللي تقريبا كان فقد الأمل انه يبقى اب.. انت بجد مش متخيل انا فرحانة عشانهم ازاي.
آسر: صحيح هو ازاي ماخلفش من عبير مراته الاولانية مع انهم فضلو مع بعض سنتين.. 
هدى: ماهي الهانم طلعت مابتخلفش.
آسر: إيه دة بجد.
هدى: ايوة.. بس ماكنتش تعرف.. ماعرفتش غير من قريب أصلا.
آسر: و ازاي دة.. دة انتو صعايدة و اللي انا اعرفه عن الصعيد انهم بيحسبو 9 شهور بعد الفرح و يجي المولود.. ازاي بقى فضلتو ساكتين كل مدة جوازهم.
او ازاي هي نفسها و اهلها مادوروش ورا الموضوع دة؟
هدى: صدقني مش عارفة.. بس يمكن من كتر المشاكل اللي كانت بينها و بين عاصم ماحدش ركز في الموضوع دة.
و يمكن أمي نفسها حمدت ربنا و بتحمده لحد النهاردة ان مافيش بينهم اطفال يربطوهم ببعض.. 
كدة احسن.. 
آسر: معاكي حق.. ربنا يقومك بالسلامة يا سارة يا حبيبتي يارب.
هدى: يارب و يسعدهم بيه.

ثم لاحت على قسمات وجهها نظرات حزينة بشكل مفاجيء.. و لكنها لن تخفى على زوجها و لن يصعب عليه ملاحظتها فحاوط كتفها بحب و سألها بإهتمام...

آسر: مالك يا روحي.. سرحتي في ايه؟
هدى(بإبتسامة مصطنعة): سلامتك يا حبيبي ولا حاجة.. تحب احضرلك العشا؟

كادت ان تقوم من مكانها لولا ذراعه الذي أحاط بها بقوة أكبر و يده الاخرى حاوطت وجهها حتى تنظر له...

آسر: عشا إيه يا حبيبتي.. انتي كويسة؟؟ ما أحنا لسة متعشيين عند ماما.
هدى(بتوتر ملحوظ): آه صحيح.. معلش الفرحة خلتني نسيت.
آسر(و ضمھا اليه اكثر): مالك يا هدى؟؟ اتغيرتي فجأة كدة ليه.. كلميني ولا انتي عندك حد تاني تتكلمي معاه.
هدى: ماعنديش اغلى منك يا روحي و انت عارف دة كويس.
آسر: اومال مالك.. في ايه.. افتحيلي قلبك.
هدى(فركت يدها بتوتر): مش عايزاك تفهمني غلط.
آسر: مستحيل افهمك غلط.. قولي يا قلبي من غير خوف.
هدى: هو مش استعجال ولا خوف.. بس.. مش أحنا يعني اتجوزنا مع عاصم و سارة.. ليه بقى لحد دلوقتي.....
آسر(وضع يده على فمها حتى لا تكمل): اوعي تكملي يا هدى... حبيبتي دة رزق.. و أحنا رزقنا لسة ماجاش معاده.
مش معنى كدة ان عندنا عيب ولا حاجة لا قدر الله.. بس أحنا متجوزين مابقلناش 4 شهور.. مش 4 سنين يعني.
هدى: ما عاصم و سارة متجوزين معانا من 4 شهور.
آسر: حظهم بقى.. رزقهم كدة يا هدى... ايه هانبصلهم في رزقهم.
هدى(بسرعة): لا طبعا.. والله انا فرحانة ليهم زي لو كنت انا اللي حامل و يمكن اكتر كمان... بس يعني...
آسر(مقاطعاً): من غير بس.. يبقى ندعيلهم ربنا يكمل فرحتهم على خير و يجيب حبيب خالو و عمتو بالسلامة.
و ندعي ربنا يدينا أحنا كمان و أحنا بنحمده على كل حاجة.. صح؟
هدى(ارتمت في حضنه اكثر): ربنا يخليك ليا يا حبيبي... و ماتحرمش منك ابدا.
آسر(قبل يدها التي تنام على صدره): و يخليكي ليا يا قلبي.
(ثم قال بنبرة مرحة) طيب انتي عارفة ان تأخير الحمل دة ليه ميزة مهمة جدا انتي مش واخدة بالك منها.
هدى(قامت من حضنه بأمل): إيه هي؟
آسر(و همس أمامها بشغف): اننا ممكن نحاول نجيب النونو دة مرة و اتنين و تلاتة و اربعة....
هدى(قاطعته بخجل بعد ان فهمت مقصده): آسر.. إيه اللي بتقوله دة؟
آسر(امسك يدها و وقف): مش عايزة بيبي.. تعالي و انا اجيبلك بيبي.
هدى: انت يعني و بعدين معاك بقى.
آسر(نظر لها بشړ و ڠضبت مصطنعين): مش عايزة بيبي.. هاجيبلك بيبي قولت.. الله.. هو انا لازم ازعق.
هدى(ضيقت عينيها بغيظ): انت بتزعقلي عشان عايزة اجيبلك بيبي.. طيب مش جايبة.
آسر: إيه هو دة اللي مش جايبة.. انتي هاتجيبيه من بيتكو.
هدى(على نفس غيظها): لا من بيتكو انتو.
آسر(وضعها تحت كتفه بهدوء): ايوة من بيتنا تعالي بس هاقولك انا..

و اخذها إلى غرفة نومهما ليطمئن قلبها و قلقها بحضنه و حبه..

✓✓✓✓✓✓✓✓✓✓✓✓✓✓✓✓✓✓✓✓✓✓✓

أما بغرفة عاصم و سارة..
كان عاصم ينتظر زوجته التي كانت تأخذ حماماً بارداً منعشاً لجسدها الذي كانت ترتفع حرارته بشكل كبير هذه الفترة و تم حل اللغز عندما علمت بحملها.. فالحمل قد جعل درجة حرارت جسدها ترتفع بشدة خاصة و ان فصل الصيف لم يكن قد بدأ بقوته بعد.
خرجت حوريته و هى تلف جسدها البض بمنشفة كبير بالكاد تصل الى ما قبل ركبتيها و تلف شعرها بمنشفة صغير و هي تحركها عليه برقة حتى تجففه..
وقفت تمام مرآتها و هي تمشط شعرها و لفت نظرها عيون عاصم العاشقة و هي ټحتضنها من مكانه على الفراش.. فابتسمت بحب و هي تسأله....

سارة(سألته باستفسار): إيه.. مالك بتبصلي كدة ليه؟
عاصم(ابتسم بحب): يمكن عشان بحبك.
سارة(و قد اتسعت ابتسامتها): و هو انت يعني إكتشفت النهاردة بس انك بتحبني؟

قام من مكانه و سار حتى وصل اليها و وقف خلفها.. ثم أحاط خصرها بذراعيه المحبين و الصق صدره بظهرها.. ثم استند بذقنه على كتفها بعد ان قبله بشغف..

عاصم: لا طبعا ماكتشفتش اني بحبك النهاردة بس.. انا بحبك من يوم ما عيني وقعدت عليكي.. بحبك من ساعة ما ودني سمعت اول كلمة بصوتك..
"اهلا بحضرتك يا استاذ عاصم"

ابتسمت معه و لم تعلق ليكمل هو......

عاصم: بحبك من يوم ما ډخلتي بيتنا و انتي ډخلتي قلبي كمان.
سارة: اومال مالك.. كنت بتبصلي و مركز اوي كدة ليه؟
عاصم: يمكن علشان حبي ليكي عمال يزيد كل يوم عن اللي قبله و كنت بقول عادي يا واد ماهي تتحب برضه.

ثم اعتدل في وقفته و ادارها ليواجه وجهها الذي يعشق تفاصيله و يعشق النظر اليه..

عاصم: لكن النهاردة حسيت اني بحبك حب عمري ما عرفت انه عندي أصلا.. إكتشفت ان عندي طاقة حب جبارة و انها اتخلقت بس ليكي انتي.. عشان احبك انتي و بس بيها.
سارة(بوجه منبهر لما تسمع): يااااه.. معقولة بتحبني للدرجة دي؟
عاصم: مش ببالغ لما اقولك و اكتر كمان... انا بحبك اوي بجد.. لا انا حاسس ان ربنا خلقني في الدنيا دي بس عشان احبك يا سارة.
سارة(تعلقت بعنقه في عناق عاشقة): ربنا يخليك ليا يا عاصم.. انا كمان بحبك اوي اوي.. عارف؟؟ انا مهما شوفت ناس و مهما عرفت ناس قلبي مش ممكن عمره كان هايحس بالحب و السعادة اللي عايشها معاك دي ابدا.. معاك انت و بس.

ابعدها عن حضنه قليلاً و مال على شفتيها ينهل منهما الشهد الذي يعكس حلاوة حياته معها.. و لكن قبل ان يتمادي و تطول يديه ما تخفيه المنشفة كانت ابتعدت هي عنه بسرعة و هي توقفه قائلة...

سارة: عاصم.. استنى بس.
عاصم: إيه بعدتي ليه كدة؟
سارة: حبيبي مش هاينفع.. انت ناسي الدكتور قالنا إيه؟
عاصم(اغمض عينيه بغيظ ثم فتحهما بشړ): اولا ماتجيبيليش سيرة الدكتور دة تاني.. ثانيا لا يا ستي مش فاكر قالنا ايه.. و أصلا اي حاجة قالها تنسيها و امسحيها بأستيكة.. خلاص!
سارة(و هي تضحك بمرح): طيب ممكن تهدي كدة شوية و تقولي انت متعصب كدة ليه؟؟
عاصم: عشان لا عاجبني الدكتور ولا عاجبني كلامه.. يعني إيه ابعد عنك اول 3 شهور لحد الحمل ما يثبت.. اعمل فيهم ايه ال 3 شهور دول يعني.. اعيش بعيد عنك ازاي؟
سارة(اقتربت منه مرة أخرى لترضيه): حبيبي ابعد عنك اروح فين بس.. ما انا معاك اهو.
عاصم: انتي فاهمة قصدي إيه فبلاش استعباط.
سارة: حاضر مش هاستعبط.. بس هو كمان معاه حق.
عاصم: يا سلام.. حق إيه بقى.
سارة: حبيبي لازم اول 3 شهور على الاقل ابقى مرتاحة فيهم عشان الحمل يثبت و البيبي يبقى كويس..
مش انت عايز البيبي يبقى كويس.
عاصم: طبعا.. هو دي سؤال يعني؟
سارة: خلاص.. يبقى نسمع كلام الدكتور و نستحمل شوية صغننه نونو خالص.. ماشي.
عاصم(بتأفف): ماشي.
سارة: ممكن بقى نروح ننام عشان انا تعبت خالص النهاردة؟
عاصم: امري لله.. طبعا ممكن..

ثم حملها بين يديه و اتجه بها نحو فراشهما و جعلها تستقر في حضنه و ظلا يتحدثان في احلامهما عن ذلك الطفل بداية من اسمه مرورا بمدرسته و حفل تخرجه لزفافه و حتى اسماء اولاده قد اختارتها سارة.
و لم يكن من عاصم سوى انه كان يبتسم على فرحتها و يحمد الله على فرحته هو أيضا.

الفصل السابع و الثلاثون...

مرت أولى شهور حمل سارة بسلام و ما زاد فرحة الجميع هو معرفتهم بحمل هدى أيضاً في طفل جميل كلل سعادتهم..
كانت سارة تقضي معظم وقتها في بداية حملها بغرفتها إما كي تتابع محاضرتها التي لم تكن تفهم منها حرفاً أو لتعبها و وهنها الذي ظهر بشدة عليها بسبب الحمل.
فقد كانت تقضي معظم وقتها نائمة او مستلقية على فراشها مما أثار قلق عاصم على حالتها حتى بعد أن أكد له الطبيب ان هذا شيئاً طبيعياً في بعض الحالات.
و مما زاد الطين بلة هو مزاجها الذي قد أصبحت حدته غير مسبوقة و من أسباب غير معلومة.. فمثلاً...

كان الجميع مجتمعون على طاولة الغداء و التي تجلس سارة عليها ضيفة كعادتها منذ بداية حملها... و كانت السيدة هنية قلقة على صحتها و صحة حفيدها الذي انتظرته كثيراً بل كثيراً جداً...

هنية: خدي يا سارة.. الطبج ده اني عملاهولك بيدي.. بألف هنا على بدنك.
سارة(بتعب): تسلم ايدك يا ماما.. صدقيني مش قادرة.
هنية(بحنان ام): لا لا.. كلمة ماجدراش و مالياش نفس دي اللي ماوركيش غيرهم ماعيزاش اسمعهم منيكي تاني واصل.
انتي حبلة يابتي و محتاچة غذا عشانك وعشان اللي في بطنك.. 
سارة: والله يا ماما ماقدرة حتى اشم ريحة الاكل..
هنية: ما تجول حاچة يا عاصم لمرتك.. دي يا ولدي مابتحطش لجمة في بجها طول النهار الا الطجة اللي بتاكل فيها لجمتين بالخناج معانا..
عاصم: سارة.. حبيبتي أحنا خايفين عليك تتعبي ولا حاجة زي المرة اللي فاتت.. ولا نسيتي اللي حصل من يومين.. قلة الاكل دي غلط.
سارة(تنهدت بقلة صبر): اعمل إيه طيب.. اكل بالعافية.. ماليش نفس مش قادرة مش بالعافية يا عاصم.
عاصم(بحنان اكبر): حبيبتي مش بالعافية بس المرة اللي فاتت وقعتي مننا و اغمى عليكي و ما فوقتيش غير لما علقولك محاليل في المستشفى و انا بصراحة مش عايز دة يحصل تاني.. أخاف عليكي يا قلبي.
سارة(و لمعت عيناها بدموع هرمونات الحمل المتقلبة): و انا من ساعتها ماشية على العلاج كويس اوي.. بس بجد مش قادرة اكل اي حاجة.
عاصم: طيب و البيبي اللي في بطنك دة ذنبه إيه طيب.. عشانه هو حتى.
عبد الرحمن: بالراحة يا چماعة عليها.. يا سارة يا بتي أحنا خايفين عليكي و على اللي في بطنك.. مش عايزينك تتعبي يا بتي.
هنية: يا ضنايا اني جلبي عليكي و على اللي في بطنك.

وقفت سارة پعنف يقوده مزاجها المتقلب ثم قالت بنبرة مهزوزة تنبئ بجولة بكاء مسائية قد اعتاد عليها عاصم مؤخرا..

سارة: حاضر هاعمل كل اللي انتو عايزينه عشان اللي في بطني يبقى كويس و مش مهم اي حاجة تانية حتى ولا انا... عن إذنكم.

تركتهم في صدمتهم من تصرفها الذي لم يكن له تفسير مناسب.. فهم قلقون عليها و هي غير مهتمة بتلك المشاعر الطيبة.. حاولت السيدة هنية ان توقفها..

عاصم: سارة.. استني طيب.
هنية: استني يا سارة رايحة فين بس..؟؟
عبد الرحمن: سيبيها يا حاچة براحتها.
هنية: اسيبها كيف يعني.. دي ما بتدوجش الزاد واحدة غيرها كانت تاكل بدل الطجة خمسة.. مش تاكل بالجطارة.
عبد الرحمن: ما انتي عارفة يا حاچة انها في شهور وحمها و الحامل في اول الحمل ما بيبجاش ليها نفس للأكل.. و انت يا عاصم.. جاعد اكده ليه؟
عاصم(زفر نفساً حاراً بتعب): هاعمل ايه يعني يابوي؟
عبد الرحمن: يعني إيه تعمل ايه؟؟ جوم اطلع لمرتك راضيها و شوف إيه اللي مضايقها و سادد نفسها.. ولا هاتسيها على حالها اكدة و انت جاعد تاكل اكده ولا على بالك؟
عاصم(بدهشة و صدمة من حديث والده): انا يابوي.. دة اني مابتهناش على لجمة ولا كوباية ماية حتى من غيرها.. بس مانيش عارف اعمل معاها ايه؟؟
لا بجت طايجة نفسها ولا طايقاني ولا طايجة كلمة مني حتى.. مش عارف اعمل ايه.
عبد الرحمن: معلش خليها عليك.. انت الراچل برضيك و تتحملها.. تعالى على روحك و اطلع شوفها.
عاصم: مش محتاج اچي على روحي يا أبوي.. اني اروحلها على رموش عنيا.
هنية: ربنا يسعدكم يا ولدي و يتم حملها على خير و يرزقك بالذرية الصالحة.
عاصم(قبل يدها بحب): ربنا يخليكي يا أما و يخليلي دعواتك.. يبجى كتر خيرك لو بعتيلنا صنية عشا مع البت فاطنة.. حتى لو ساندوتشين بس و كبايتين لبن.
هنية: حالا.. و هاچهزهالك بيدي كمان.
عاصم: ربنا يخليكي ياما.

و تركهما ليصعد و يطمئن على زوجته معذبته.. و لكن الحاج عبد الرحمن لاحظ تجهم وجه زوجته في تصريح واضح عن ڠضبها.. فقال و هو يكمل طعامه..

عبد الرحمن: مالك يا حاچة.. خير.
هنية: ما ماليش عاد.
عبد الرحمن: واه.. عليا اني برضيك.. دة انتي خلاص جربتي تفرجعي.. جولي مالك في ايه؟
هنية: يعني انت عاچبك مرة ولدك و سوجانها العوچ اكده.. 
عبد الرحمن: خليكي حجانية يا حاچة... من مېتة ساجت العوج بس.. دة البنية من يوم يومها كيف البلسم.
هنية: اومال ايه الدلع الماسخ دة (ثم بدأت في تقليدها) لا ماكولش.. لا ماشربش.. لا مانامش.. دة تسميه إيه ده؟
عبد الرحمن: اسميه مراة ولدك و بتتوحم و الحبل تاعبها و باين عليها كمان.. إيه مانستحملوهاش هبابة يعني.
هنية(بعدم رضا): لا طبعا.. نستحملوها.
عبد الرحمن(ضاحكاً): هههههههه.. مش من جلبك.. هاتيلي طيب الصحن اللي هناك دة و اعملي لولدك و مرته صنيتهم خليه يوكلها لجمة.
هنية: حاضر..

أما بالأعلى بغرفة عاصم....
دخل عاصم الى غرفته فوجدها تجلس على الفراش و تعطيه ظهرها.. تنهد بتعب و تحرك نحو الفراش هاتفاً بإسمها...

عاصم: سارة.. حبيبي..

لم تعطيه إجابة فجلس خلفها.. و أكمل..

عاصم: حبيبي انتي لسة زعلانة.. صدقيني ماما مش قصدها دي بس خاېفة عليكي.

أيضاً لم ترد فوضع يده على كتفها فشعر بإرتعاشة جسدها..
فأمسك بذراعيها ليديرها اليه حتى يراها فوجد الدموع تحفر مجراها على وجنتيها.. فسألها پخوف..

عاصم: سارة مالك بټعيطي ليه.. حصل إيه بس لكل دة..
سارة(بدموع): مافيش حاجة..
عاصم: ازاي بس مافيش و انتي عمالة ټعيطي بالشكل دة.. يا حبيبتي اهدي شوية طيب عشان اللي في بطنك..

و هنا لم تحتمل هي أكثر فهبت واقفة پغضب قائلة...

سارة: يوووه بقى.. هو كل حاجة عشان اللي في بطنك.. كلي دة عشان اللي في بطنك.. ماتاكليش دة عشان اللي في بطنك.. اعملي كدة عشان اللي في بطنك..
طيب و انا.. مابقاش ليا لازمة خلاص الا عشان اللي في بطني صح؟؟
عاصم(مسايساً): مين بس اللي قال كدة.. انتي اهم و اغلى حاجة عندي.
سارة: حاجة؟؟ مجرد حاجة.
عاصم(بشئ من الڠضب): و بعدين بقى يا سارة ماهو مش طريقة دي.
سارة: صح... انا اسفة.. خلاص ماتشغلش بالك.. روح نام انت عشان تصحى بدري لشغلك و انا مش مهم.

قالت جملتها پغضب ثم تركته و ذهبت لتجلس على أحد الكراسى و هي تضم ساقيا تخبيء وجهها الباكي بهما.. فعلم هو انها نوبة من نوبات هرموناتها المچنونة.. فالحمل قد أثر عليها بشدة و جعلها أكثر عصبية و أكثر ضعفاً أيضا في نفس الوقت..
فاتجه نحوها و جلس امامها على ركبتيه بحنان... امسك ذراعيها التي تحاوط بهما ساقيها و رفع وجهها الباكي له...

عاصم: مالك بس يا قلبي.. إيه اللي مزعلك و انا اصلحهولك.. قوليلي إيه اللي يريحك و انا اعملهولك..
سارة(بدموع): المشكلة اني مش عارفة مالي.. انا واثقة ان انت و ماما هنية و بابا عبده بتحبوني اوي.. و بتقولو كدة عشان صحتي أنا قبل البيبي.. 
بس مش عارفة ليه الكلمة دي بقت تضايقيني..
عاصم: خلاص مش هاقولهالك تاني.. و هاخلي ماما ماتقولهالكيش تاني.. 
سارة: لا ماتقولهاش.. هاتزعل.
عاصم(مبتسماً من طيبة قلبها): حاضر مش هاقولها خلاص.. كفاية عياط بقى عشان خاطري.. و بعدين انتي اكتر واحدة المفروض تبقي عارفة ان كل دة هرمونات حمل مش اكتر.. 
سارة: دة جنان حمل مش هرمونات حمل ابدا.
عاصم: هههههههههه.... احلى جنان في الدنيا و على قلبي زي العسل.. بس بالراحة عليا شوية انا مش قدك..

ابتسمت بخجل و حب لمجرد وجود رجل مثل عاصم بحياتها.. ليحتضنها هو حتى ترضى و تهدأ...

==============================

أما هدى و آسر و الذي بلغت سعادته عنان السماء بخبر حمل زوجته كانا يعيشان اجمل ايام حياتهما.. 
فبعد حمل هدى اصبح آسر يراعيها و يسهر على راحتها اكثر من ذي قبل.. فقد كان يوصلها لجامعتها صباحاً و يمر عليها بعد عمله ليعودا معا إلى المنزل..
و التهبت حرارة حبهما كثيرا في تلك الفترة.. فقد كانت هدى تطلب حبه و عشقه طوال الوقت و كان هو اكثر من سعيد لتلبية طلبها..

و في ذات ليلة...
كانت هدى تجلس على تلك الأرجوحة التي تقع في ركن بعيد في بهو شقتهما و هي تقرأ كتاباً يخص دراستها عندما وقعت عينها صدفة على زوجها و هو يجلس أمامها يعمل على حاسوبه المحمول و هو لم يلاحظ هيامها به.

أخذت تنظر له بحب و هيام و كأنها تراه لأول مرة.. وضعت طرف قلمها بفمها و ظلت تتأمله بحب.. دخلت بذهنها إلى ذلك العالم الجميل الذي لم يكن به بشړ سواها معه و ظلت به و لم تلاحظ حتى انه انتبه لها.

أما آسر..
فقد كان يعمل على حاسوبه على ذلك الملف الذي طلب منه رئيسه رأيه الصريح فيه.. رفع عينيه صدفة ليأخذ جرعته الدورية من محبوبته الذي يأخذها كل بضع دقائق ليجدها على نفس وضعها.
ابتسم لها بحب و غمزها بجرأة و لكنها لم تحرك ساكناً.. عقد ما بين حاجبيه بحيرة.. ثم وضع حاسوبه جانباً..
وقف بعد دقائق ليتجه إليها.. لم تحيد نظراتها عنه إلى أن جلس بجوارها على نفس الأرجوحة فهي تتسع لشخصين.. نظر لها و هتف بإسمها بهمس...

آسر: هدى...

همهمت دون رد فسألها دون تردد بنفس الهمس..

آسر: مالك يا قلبي..
هدى: مافيش.
آسر: اومال بتفكري و سرحانة في ايه اوي كدة؟
هدى: فيك.
آسر(إبتسم بحب و اعتدل لها): يا يختي... بس اشمعنى يعني؟
هدى: اصلي بحبك اوي.

اتسعت ابتسامته و أمسك بيدها و قبلها بحب فانتبهت هي سريعاً لما حدث..

آسر: دة انا اللي بمۏت فيكي.. 
هدى(بعد ان فاقت من شرودها): إيه دة يا آسر؟ انت بتعمل إيه هنا؟ مش كنت بتشتغل على الكنبة؟
آسر: ماهو انا لما الاقي القمر دة مركز معايا اوي كدة لازم اسيب الدنيا كلها و اجيله جري مش اسيب شغلي بس.
هدى(بتلعثم): و... و هو انا كنت مركزة معاك يعني؟
آسر: هو انتي ماكنتيش عارفة ولا ايه؟
هدى(بعصبية كي تخفي خجلها): لا طبعا انا ماكنتش مركزة معاك انا كنت مركزة في المذاكرة.. انت بتضحك عليا.
آسر: لا ماحصلش انتي كنتي بصالي و مركزة اوي و سرحانة كمان بدليل انك ماخدتيش بالك مني لما قمت و جيتلك هنا و قعدت جنبك غير لما كلمتك صح؟؟
هدى(بخجل): بجد كنت سرحانة اوي؟
آسر: اوي اوي كمان.. في ايه بقى يا ست الكل.. إيه اللي واخد عقلك.
هدى: انا نفسي مش عارفة و مستغربة نفسي اوي... بقيت مركزة معاك اوي اكتر من اي وقت قبل كدة.. بقيت عايزاك تفضل قدامي كدة 24 ساعة و افضل ابص عليك..
بقيت بتوحشني حتى لو بعدت عني ربع ساعة بس.. مش عارفة إيه اللي انا فيه دة.
آسر(مقبلاً يدها التي مازالت بين يديه): دة اسمه حب يا قلب آسر من جوة.
هدى: طيب ما انا بحبك من يوم ما عرفتك و ماكنتش ببقى عاملة كدة.. بس انا حاسة اني الفترة دي بقيت بحبك اكتر.
آسر: دة انا اللي بقيت بحبك اكتر و اكتر و اكتر..

اقترب منها يلتهم شفتيها في قبلة كان يآمل ان تتطور لأكثر من ذلك ككل مرة و لكنها أوقفته بيدها...

هدى: اييه رايح فين انت.
آسر: إيه.. ببوس الشفايف القمر اللي بتطلع كلام زي الشهد دي.
هدى: لا ياخويا انت بتضحك عليا و البوسة بتبقى حاجات تانية و أحنا مش فاضيين.. انت وراك شغل و انا ورايا مذاكرة اد كدة مش عايزة تخلص.
آسر: انا شخصياّ فاضي ماوراييش اي حاجة في الدنيا دي كلها اهم منك... و انتي بقى.. وراكي حاجة اهم مني؟
هدى: لا بس...
آسر: من غير بس.. انا بحبك و بمۏت فيكي و عاجبني اوي حملك دة و هو جاي بقلة ادب كدة.
هدى(ضړبته في كتفه بخفة): اخس عليك بقى انا قليلة ادب. 
آسر: احلى قليلة ادب في الدنيا كلها.. تعالي بس انا هاقولك حاجة مهمة..
هدى: هاتعمل إيه يا مچنون أنت.
آسر(و هو يقف و يحملها بين يديه): وحشتيني و انا عارف اني واحشك يبقى نستنى إيه بقى.

لم ترد عليه بل احاطت عنقه بذراعيها و أخفت وجهها في حضنه و تركته يحملها الى غرفتهما كي يشبع رغبتها فيه و رغبته في قربها..

مرت شهور الحمل على خير لكلاهما.. و مع اقتراب شهر سارة التاسع زاد خۏفها و مع خۏفها زاد توترها مما جعل وسواسها الداخلي يزداد و يزداد..
فقد كان أقل ألم تشعر به يجعلها تتصور انها سوف تلد.. و توقظ عاصم و توقظ المنزل كله حتى تهدأ و تمر تلك اللحظة فيزفر الجميع بأريحية و لكنهم يخبئون بداخلهم سخطاً على تلك التي توقظهم من اجمل أحلامهم على وهم ولادتها..
حتى أن عاصم نفسه قرر انه لن يلتفت إلى أي من تشنجاتها تلك مهما حدث..

إلى أن جائت تلك الليلة..
كان الجميع نيام في هدوء و في نفس الوقت في ترقب تحسباً لحدوث نوبة ړعب من نوبات سارة بولادتها..
و كانت ليلة عادية الا عليها..
فقد داهمها ألم غريب يحاوط خصرها و ظهرها بشدة و بشكل غريب لم تعهده من قبل.. خجلت من أن توقظ عاصم و المنزل كعادتها.. و حاولت ان تتحمل حتى تمر تلك النوبة ككل مرة و لكن دون ان تزعج أحداً.. فهم قد اكتفوا من نوبات ولاادتها الوهمية.. فظلت صامتة.

كتمت ۏجعها و ألمها في داخلها على أمل ان تمر تلك الليلة بألمها كالعادة و لكن ذلك لم يحدث..
و عند مرحلة ما لم تستطيع كبت ۏجعها اكثر من ذلك.. نكزت عاصم و الذي لم يكن نائماً من الأساس فهو قد شعر بها ما أن استيقظت و ظلت تتقلب يميناً و يساراً پألم و لكنه لم يتحرك حتى إن كانت نوبة كاذبة تذهب لحالها..
و عندما نكزته...

سارة(پألم): عاصم... عاصم..

همهم عاصم دون رد...

سارة: عاصم قوم.. اصحى انا شكلي بولد.
عاصم: قديمة.. 
سارة(صړخت بۏجع): عاصم انا مابهزرش..

انتفض هو عندما تغيرت نبرتها للبكاء و الألم و التي لم يكن قد سمعها منها قبل ذلك.. جلس بجانبها فوجد دموعها تبدأ في التناوب من عينيها.. فسألها بقلق ...

عاصم: ايه يا سارة مالك.. انتي تعبانة بجد ولا زي كل مرة.
سارة: مش عارفة.. مش عارفة.
عاصم(مزمجراً بحدة): عارفة لو طلع مقلب زي كل مرة هاعمل فيكي إيه.. هاولدك دلوقتي قيصيري و بإيدي مش في مستشفى حتى..
سارة(پغضب): انت بتهزر؟
عاصم: ما انا زهقت.
سارة: ااااااااه..
عاصم(بجدية): إيه دة انتي تعبانة بجد.
سارة: اومال هاصحيك الساعة 3 الفجر عشان اهزر معاك.
عاصم: عملتيها كتير يا قلبي قبل كدة.
سارة: لا كنت ببقى تعبانة بجد مش هزار.. بس المرة دي انا تعبانة اكتر بجد.. اااه..
عاصم: طيب اهدي.. اهدي و قوليلي حاسة بإيه؟
سارة(بدموع): حاسة بخبط جامد اوي في ضهري.. و بطني ۏجعاني اوي.. انا تعبانة اوي يا عاصم..
عاصم(بحيرة): اعمل إيه طيب.. اعمل إيه؟ اجيبلك ايه؟
سارة: هاتلي ماما.. هاتلي ماما بسرعة.. كلم بابا كمان.
عاصم: لا ماما و بابا إيه دلوقتي.. دول بعيد اوي.. بس ماما انا اقرب.. ثواني هاندهالك.

و هب من على الفراش بسرعة الفهد و اتجه نحو غرفة والديه و أخذ يطرق الباب بسرعة و عڼف ...

عاصم: اما.. يا ام عاصم.. حاج عبده..

ظل على حاله حتى فتحت والدته الباب و وقفت امامه متسائلة....

هنية: خير يا ولدي.. إيه اللي مصحيك دلوجت.
عاصم: سارة ياما تعبانة اوي.. شكلها عاتولد.
هنية(بنفاذ صبر): تاني؟؟!! ما كنا ارتحنا منيه الموال ده بجالنا كام يوم.
عاصم(بجدية و قلق): لا ياما.. شكلها تعبانة جوي.. باينها هاتولد صُح.
هنية: واه.. طيب وسع اكده لما اشوف بيها ايه؟

تركته و ذهبت الى غرفته حتى ترى ما بها.. و استوقفه هو صوت والده الذي سأله....

عبد الرحمن: مالها مرتك يا عاصم؟
عاصم: ماخبرش يابوي.. شكلها هاتعملها الليلة.
عبد الرحمن: ربنا يچيب العواجب سليمة و يجومها بالسلامة.
عاصم: يارب يابوي يارب.. اني هاروح اشوفها و اشوف امي عاتجول إيه.

ذهب خلف والدته و دخل الغرفة ليجد والدته تساعدها على الجلوس على الفراش بعد ان كانت متسطحة عليه....

عاصم: إيه ياما بتجوميها ليه؟
هنية: شكلها عاتولد صُح يا عاصم.. كنت هاعدلها عشان تنام شوية الساعتين دول لحد الصبح.
سارة(پبكاء): عاصم الحقني انا خاېفة اوي.
عاصم(اقترب منها): ماتخافيش يا قلب عاصم.. انا معاكي و مش هاسيبك.
هنية: تجلجيش يا سارة.. دة انتي بكرية يعني لسة بدري على ما تولدي.
سارة: كلملي ماما يا عاصم.. هاتلي ماما عشان خاطري.
عاصم: حاضر يا روحي حاضر.. نوصل المستشفى و هاكلمهملك على طول.
هنية: مستشفى إيه يا ولدي.. بجولك لسة بدري.. دة ولا على بكرة المغرب أما ربنا يسهل لها.
عاصم: كيف يعني ياما مانتيش شايفة حالتها عاملة كيف.
سارة: عاصم انا تعبانة اوي بجد.. عشان خاطري وديني للدكتور.
عاصم: حاضر حاضر يا قلبي ماتخافيش.. روحي انتي ياما غيري خلجاتك عبال ما اغير اني كمان.. مش هاستنى للصبح اني.
هنية: بكيفكم عاد.. حاضر.

و في خلال نصف ساعة كان قد بدل الجميع ملابسهم و ارتدي عاصم بنطال من الچينز فوقه قميصاً فقط ليسهل حركته.. و لم تستطع سارة تبديل ملابسها فألبسها مئذرها الشتوي الذي اخفى جسدها بالكامل.
و هتف باسم حسان حتى يتحمل عنه الحقيبة التي كانت سارة قد جهزتها مسبقاً لمثل هذه الطواريء.. و إنطلق الجميع إلى المشفى...

و قد جائت لحظة الحقيقة..
الفصل الثامن و الثلاثون....

وصل الجميع لذلك المشفى الكبير الذي يقع في عاصمة المحافظة و الذي كان يعمل به الطبيب المتابع لحالة سارة..
كانت ساعة مؤلمة على الجميع تلك التي قضوها في الطريق إلى المشفى.. فقد كان عاصم يقود السيارة و بجواره سارة التي تأن من الألم تارة و تكتمه تارة و تارة يخرج صوتها دون إرادة منها.
و بالخلف يجلس الحاج عبده و زوجته التي تربت على كتف سارة و تمسح حبات العرق التي تنزل على جبينها و هي تدعو الله من قلبها ان يسلمها هي و جنينها...

وصلوا اخيراً الى المشفى و نزل عاصم ركضاً و ذهب الى باب سارة فتحه و حملها بين يديه..

سارة(پخوف): بالراحة يا عاصم.. بالراحة.. آه مش قادرة.
عاصم: ماتخافيش يا روحي... بالراحة اهو.

و حملها بهدوء و حرص شديدين ثم دخل الى المستشفى فوجد أحد الممرضين في انتظاره...

الممرض: استاذ عاصم و مدام سارة؟!!
عاصم: ايوة أحنا.
الممرض: الدكتور حاتم كلمنا و قال ان انكم جايين و قالي اوديكم اوضة و هو خلاص على وصول.. اتفضلو.

و أشار الى كرسي مدولب حتى يضع سارة عليه و لكن....

عاصم: إيه دة؟؟
الممرض: كرسي عشان المدام.
عاصم(ركل الكرسي پغضب): شيل الزفت دة من قدامي.
الممرض(پخوف من المارد الذي ظهر أمامه): يا بيه عشان الهانم ترتاح.. هي مش هاتقدر تمشي.
عاصم: مالكش دعوة انا هاشيلها.
سارة(قاطعتهما پألم): ااااه.. مش قادرة يا عاصم.
عاصم(بحب و حنان): حاضر يا روحي حاضر.. (للممرض پغضب) فين الاوضة؟
الممرض: اتفضلو معايا.
عاصم: و شوف لي الدكتور فين دة كله؟
الممرض: حاضر.

أوصلهم الممرض إلى الغرفة و تركهم حتى يتصل بالطبيب كما أمره عاصم الذي وضعها على الفراش برفق و دثرها جيدا بمساعدة والدته حتى قالت سارة پألم...

سارة(ترجته پبكاء): ماما.. هاتلي ماما يا عاصم.. عايزة ماما.
عاصم: حاضر يا قلبي.. حاضر هاكلمهم حالا.
هنية: يا ولدي تكلمهم إيه بس.. تجلجوهم ليه بس في وش الفجر..
سارة(بصړاخ): عايزة ماما..
عبد الرحمن: كلمهم يا عاصم... ريحها يا ولدي.. كمان اهلها حجهم يكونو معاها في وجت زي ده.. كلمهم يا ولدي.
عاصم: حاضر.. حاضر..

خرج عاصم كي يتصل بآسر حتى يخبره ان سارة على وشك الوضع...

آسر(بنوم): الو.. مين معايا؟!
عاصم(بجدية): ايوة يا آسر انا عاصم.
آسر: عاصم مين؟
هدى(و التي قد استيقظت على صوت آسر): فيه إيه يا آسر مين اللي بيتصل بيك دلوقتي؟؟!
آسر: انا عارف.. اهي بلاوي على الصبح..
عاصم(پغضب من برود شقيق زوجته): تصدق ان انت اللي بلوة و وحياتك انت بس انا اشوفك لافرمك..
آسر: يعني انت مين انت يعني دلوقت؟
عاصم(بغيظ): يعني انت تعرف كام عاصم يعني (صړخ پغضب) انا عاصم جوز اختك يا حيوان.
آسر(و ما زال ناعساً): آه آه.. عاصم جوز اختي.. آه افتكرتك.. و عايز إيه يابني الساعة دي.. دة أحنا خلاص بقينا الفجر.
عاصم: قوم يا بارد فوق كدة و كلمني.. سارة بتولد.

انتفض آسر من نعاسه و انتبهت كل حواسه و قال بقلق...

آسر: إيه..  بتقول ايه.. سارة بتولد بجد؟
هدى(سألته بتحفذ): إيه.. سارة بتولد؟
آسر(أشار لها بالصمت): طيب و هي عاملة إيه يا عاصم.. كويسة؟
عاصم: أحنا لسة واصلين المستشفى حالاً حتى الدكتور لسة ماشفهاش.. بس امي بتقول انها كويسة.
آسر: يعني إيه مش فاهم.
عاصم: يعني انا شايف انها تعبانة و بتتألم بس ام عاصم بتقول ان دة عادي و طبيعي خصوصا في اول ولادة.. مش عارف.. ادينا مستنين الدكتور.

نظر عاصم أمامه ليجد الطبيب يقترب منه فقال بسرعة..

عاصم: الدكتور جه اهو.. اقفل دلوقتي هاشوفه و اكلمك تاني.
آسر: طيب و انا هاصحي بابا و ماما و هانيجي على طول.. سلام.

اغلق الهاتف و أرتدي سترته سريعاً و هو يقول ...

آسر: قومي يا هدى البسي بسرعة عبال ما اصحي بابا و ماما عشان نلحق نسافر... ياللا بسرعة.
هدى: حاضر.

و ذهب آسر لوالديه و أخبرهما بما حدث و أرتدى الجميع ملابسهم و وضبوا حقيبة صغيرة تكفيهم لعدة أيام و انطلقو في رحلتهم إلى ابنتهم التي تضع اول حفيد للعائلتين... وقف الجميع أمام السيارة....

جميل: ياللا بسرعة يا جماعة..  ياللا يا سعاد هانتأخر.
سعاد(و هي تخرج من باب البناية): جاية اهو ياللا يا هدى احسن عمك جميل هايفترسنا.
جميل: و انتي يا هدى يا بنتي.. مش خطړ عليكي السفر في حالتك دي ..
هدى: سيبها لله يا عمي.. ربنا يسترها.. و بعدين انا لسة في اول الشهر الخامس..
جميل: و نعم بالله يا بنتي بس.....
آسر(مقاطعاً): مابسش يا بابا.. هي مستحيل تقعد هنا و ماتسافرش تشوف ابن عاصم و سارة.. و بعدين هانسيبها هنا لوحدها مع مين.
سعاد: معاك حق يابني.. ماينفعش نسيبها لوحدها.
جميل: طيب تعالي.. تعالي اركبي جنب جوزك قدام ياللا.
هدى: لا يا عمي طبعا مايصحش... حضرتك تركب جنبه.
جميل: يابنتي بلا يصح بلا مايصحش.. اركبي ياللا عشان اللي في بطنك و ربنا يسترها عليكي.. ياللا.. و انت يا آسر تسوق بالراحة يا حبيبي عشان مراتك.
آسر: حاضر يا بابا.
سعاد: ياللا يا جماعة ياللا بقى عشان نلحق سارة.

و إنطلق آسر بسيارته مع عائلته ليذهبون لأخته حتي يكونون بجانبها....

==============================

أما في المشفى بالصعيد ...
وصل الطبيب فوجد عاصم ينتظره أمام الغرفة بقلق.. فركض نحوه عاصم....

عاصم: إيه يا دكتور كل دة؟؟ دة أحنا مستنينك من بدري.
وليد: بدري إيه بس يا عاصم بيه.. دة انت مابقالكش ساعة مكلمني.
عاصم(پغضب و خوف على زوجته): و هي عمالة تتوجع طول الساعة دي.
وليد(بهدوء و تقديراً لحالته و قلقه): استاذ عاصم انا قبل ما ادخل اشوفها كنت عايز اقولك كلمتين..
عاصم(بتأهب): إيه خير.. في خطړ عليها ولا حاجة.
وليد: و هو انا كنت لسة شوفتها عشان تقول في خطړ عليها ولا لا.
عاصم: اومال في ايه؟
وليد: عادة اول ولادة ممكن تطول شوية في الام الطلق.. يعني أحنا دلوقتي 4 الفجر تقريبا ممكن ماتولدش قبل الضهر.
عاصم: ياااه كل دة؟؟!
وليد: ايوة.. و عشان كدة مش عايزك تكون قلقان و خصوصا قدامها.. بالعكس انا عايزك تكون قوي و مطمن عشان تطمنها و كمان مش عايزك تقلق عليها.. انا مش هاسمح ان حاجة وحشة تحصل لها.
عاصم(بشړ): و هو انت فاكر ان لو جرالها حاجة انا هاسيبك.. الله في سماه لتكون محصلها.
وليد(ابتسم بحب ذلك العاصم لزوجته): من غير ټهديد.. انا هاعمل كدة لأن دة شغلي و واجبي.. المهم انت افضل جنبها لان دة هايطمنها و يريحها.. 
ممكن بقى ندخل نشوفها.

دخلا كلاهما الى الحجرة فوجداها تتألم فتوجه عاصم اليها و امسك بيدها أثناء فحص الطبيب لها....

وليد: يااااه... دة لسة بدري اوي يا دكتورة.
هنية: والله يا دكتور جولتلهم اكده ماحدش صدقني.
عبد الرحمن: مالكيش صالح انتي يا ام عاصم.. الدكتور هو اللي يجول.
وليد(ابتسم بهدوء): معلش يا حاجة... جيل السمن النباتي دة مابيستحملش حاجة.
سارة: بدري إيه و مابيستحملش إيه بس؟؟ انا حاسة اني بمۏت.. اااه... انا تعبانة اوي ...  اااااه.
وليد: اهدي يا دكتورة صدقيني لسة بدري.. دة على وضعك دة مش قبل الضهر عشان تولدي بالسلامة.
عاصم: الضهر؟!! و هي هاتفضل كدة للضهر.
وليد: ماتقلقش يا استاذ عاصم.. عموما انا هابعتلك الممرضة تعلقلك محلول يهدي الۏجع شوية للصبح على الاقل.
عن إذنكم.

تركهم و خرج فنظر عاصم لها ليجدها تغمض عينها و تعض شفتها پألم واضح.. فقبل كف يدها لتفتح عينها و تنظر له فيقول بحب...

عاصم: الف سلامة عليكي يا قلب عاصم.. ماتخافيش انا جنبك و معاكي مش هاسببك.

هزت رأسها دون رد و عادت لوضعها المټألم مرة أخرى..

ظل بجانبها حتى الصباح.. رافقتهم الممرضة التي ارسلها الطبيب و لم تفارق الغرفة و كانت ترشدهم في بعض الأشياء..
فطلبت منها ان تقوم بالتمشية قليلاً و ساعدها عاصم في ذلك ليس فقط ممسكاً بيديها و لكن محتضناً لها هامساً في اذنيها بكلمات الحب و الدعم التي تحتاج إليها في هذا الوقت..

وصل اهل سارة اخيراً و اتجهوا إلى الغرفة فوجدوا الجميع بها.. سارة تقف بجانب النافذة بداخل حضڼ زوجها الذي يسندها و هي تقوم بالتحرك يميناً و يساراً كالتمرين بسيط كما اقترحت عليهم الممرضة.
تبادل الجميع السلامات و الاحضان.. كانت اول من اتجهت لسارة هي والدتها..

سعاد: سارة حبيبتي.. عاملة إيه يا قلبي.
سارة(و هي تحتضن امها): ماما حبيبتي... اتأخرتو اوي كدة ليه.
جميل: معلش يا حبيبتي.. ماكنش ينفع نجري عشان هدى كمان معانا.. خوفنا عليها برضه.
سارة: بابا حبيبي.. حمد الله على السلامة.
جميل: و على سلامتك يا نن عين بابا.. 
آسر: عاملة إيه يا روحي؟ 
سارة: تعبانة اوي يا آسر اوي.
سعاد: سلامتك يا قلب ماما.. هو الدكتور قال ايه.. دة انا قولت هانيجي نلاقي النونو جنبك.
عاصم: لسة شوية يا طنط... الدكتور قال انها ممكن تتأخر شوية.
سارة(بصوت مخڼوق من البكاء و الألم): بس انا خلاص تعبت يا عاصم.. بجد مش قادرة استحمل.. عشان خاطري كفاية كدة..  روح كلمه والله تعبت.

احتضن رأسها و قبلها بحب و كأنه يريد ان يأخذ منها الألم و الۏجع و يتركها هي للراحة.. فقط لو يستطيع...

عاصم: حاضر يا حبيبي.. حاضر انا كمان مش قادر اشوفك في الحالة دي اكتر من كدة.. هاروح اشوفه و لو حتى حكمت انه يولدك قيصري.
هنية(ضړبت على صدرها): بعد الشړ يا ولدي.. ليه يعني عملية و فتح بطن.. دة هي كلها ساعة و ترتاح خالص.. بس القيصري دي وچعها يلازمها سبوع و اكتر.. حرام.
عاصم: الۏجع اللي بعد الولادة نعالجة بمسكنات لكن حالتها دي كدة طولت اوي.
سارة(صړخت على حين غرة): اااااااه... لا مش قادرة خلاص لا.. قعدوني.. ااااه.
عاصم(احاط بخصرها بدعم و قلق): تعالي تعالي و انا هاروح اشوف الدكتور.
آسر: استنى يا عاصم انا جاي معاك.

حملها ليضعها على الفراش ثم خرج كلاهما تحت صوت صرخات سارة التي اشعلت قلب عاصم فدخل إلى مكتب الطبيب كالعاصفة....

عاصم(پغضب كالإعصار): هو انت هاتفضل قاعدلي هنا في التكييف كدة و سايبها هي بټموت في اوضتها... ماتقوم تشوفها.
وليد(بعد ان فاق من صدمة دخول عاصم): يا استاذ عاصم اهدى شوية.. انا والله متابع الحالة من هنا... الممرضة بتبلغني بكل حاجة اول بأول.
عاصم: ماليش فيه انا الكلام دة.. انت تقوم معايا حالا تشوفها و لو حكمت تولدها قيصري و نخلص.
وليد: حاضر حاضر.. اتفضلو معايا نشوفها.

توجه معهما إلى الغرفة و قام بفحصها و اقر انها قد اقتربت كثيرا من ساعة ولادتها.. فأرسل إليها ممرضتين قامتا بتجهيزها بمساعدة والدتها و هدى و الحاجة هنية بينما انتظر الرجال بالخارج و معهم عاصم الذي كان يأكله القلق..
فأقترب منه آسر مواسياً...

آسر: هاتعدى يا عاصم.. ان شاء الله هاتكون بخير.
عاصم: انا خاېف اوي يا آسر.. مش عارف ليه..(ثم تنهد تنهيدة تبين مدى قلقه) ربنا يستر.
آسر: هايستر ان شاء الله.. كلها نص ساعة و تسمع دوشته و تطمن عليها و تبقى اب كمان يا معلم.
عاصم(ابتسم من مجرد حديثه): و انت كمان هاتبقى خال..
آسر(و ظهرت على وجهه سعادة كبيرة): ااه.. عارف انا يمكن عمري ما اتمنيت اني اكون اب قد ما اتمنيت اني اكون خال و اشيل ولاد سارة.. ربنا يقومها بالسلامة ان شاء الله.

قاطع حديثهما خروج سارة على سرير متحرك و هي تتألم و تأن في صمت.. فركض عاصم نحوها امسك بيدها..

عاصم: سارة حبيبتي.. ماتخافيش.. ان شاء الله هاتبقي كويس.. انا مستنيكي هنا مش هاتحرك ماشي.. لو احتاجتيني او احتاجتي اي حاجة ابعتيلي فورا ماشي..
سارة(بدموع): انا خاېفة اوي.. خاېفة اوي.
عاصم(مقبلاً يدها و رأسها): ماتخافيش يا حبيبي.. ماتخافيش.

و ترك يدها على مضد و لم تفارقها عيناه حتى اختفت بداخل ذلك الباب الضخم..
وقف الجميع في توتر و قلق و اكثرهم كان عاصم.. حتى خرجت إحدى الممرضات و اتجهت نحوه...

ممرضة: استاذ عاصم.
عاصم: ايوة انا.. في ايه سارة كويسة؟؟
ممرضة: ممكن تتفضل معايا.
هنية: ليه يا بتي فيه إيه.. خير طمنينا الله لا يسيئك.
ممرضة: مافيش يا حاجة بس الدكتور محتاجه جوة و قالي اندهله.
سعاد: طيب ليه.. هي سارة كويسة؟؟!
جميل: ماتخبيش علينا حاجة يا بنتي.
ممرضة: والله يا جماعة هي كويسة و ان شاء الله كمان النونو يكون كويس.. بس هي خاېفة و شبه مڼهارة من الطلق و عمالة تنادي على جوزها.. فالدكتور قالي اندهله يكون معاها بس.
هدى(بدموع خوفاً على صديقتها): يعني هي كويسة؟
ممرضة: كويسة اوي والله.. اتفضل بقى معايا يا استاذ عاصم.

و اتجه معها و ارتدي الملابس التي تناسب غرفة العمليات و دخل عليها فوجدها تبكي بدموع و خوف واضح على وجهها..
توجه نحوها و امسك بيدها و ظل بجانبها يقبل يدها و جبينها و يمسد على رأسها بحنان..

عاصم: سارة حبيبي.. ماتخافيش انا جيت اهو.. انا جنبك مش هاسيبك.. ماتخافيش.
سارة: انا تعبانة اوي اوي.. اااااه.. ااااه..
عاصم: معلش يا قلبي.. هاتعدي.. والله هاتعدي.. بس انتي اجمدي كدة و خليكي قوية عشان خاطري انا و هو..
أحنا محتاجينك اوي.. ماشي..

ظل يهمس في أذنها بكلامه الذي بث الطمئنينة في قلبها و تبقى فقط الألم الذي تحملته في سبيل مقابلة وليدها و بذرة حبها هي و عاصم..
و فجأة صړخت سارة صړخة مدوية تبعها صړخة أصغر لمولود صغير... ظل عاصم يقبل جبينها و يحمد الله على كرمه بسلامتها و سلامة ولده..
حتى اقتربت منها الممرضة حاملة ذلك الصغير الذي اطرب بكاءه أذني والديه.. فنظر إليه كلاهما و اختلطت دموعهما بإبتسامتهما.

سارة(نظرت له بحب): حبيبي..

و لكن كل ذلك المجهود كان كثيرا عليها.. فبعد ان نظرت لإبنها اغمضت عينيها بتعب...

عاصم(بفزع): سارة.. سارة مالك... (ثم نظر للطبيب الذي لم يكن قد انهى عمله بعد) هي مالها.. مابتردش عليا و غمضت عنيها ليه؟

نظر الطبيب لأحد الشاشات الموضوعة بجانبه ليتابع مؤشراتها الحيوية و قال بعملية...

كمال: ماتقلقش هي بس اغمى عليها من التعب طول الليل و الطلق كمان تعبها زيادة.
عاصم: يعني هي كويسة؟
كمال: ماتقلقش.. هي كويسة... نسيبها ترتاح بس شوية و هافوقهالك..

خرجت الممرضة بالطفل في سريره الصغير فإستقبله الجميع بحفاوة و سعادة بالغة.. و لم يفوتهم السؤال على سارة و صحتها حتى خرج عاصم خلف الممرضة يمسك بيد سارة و هي متسطحة على فراشها المتحرك تغمض عينيها في سبات عميق..

سعاد: سارة حبيبتي.. هي مالها يا عاصم مغمضة عينها ليه؟
عاصم: اغمى عليها بس يا طنط و هاتفوق ان شاء الله كمان شوية.
جميل: يعني هي كويسة؟
عاصم: كويسة يا عمي صدقني.. بس هي تعبت اوي طول الليل..  الدكتور هايجي يطمنا عليها حالا..

أما هنية فقد هبت في تلك الممرضة التي كادت ان تسحب الصغير بفراشه و تذهب.. فڼهرتها پغضب و عڼف...

هنية: واه.. واخدة الواد ورايحة فين انتي.
الممرضة: هاوديه الحضانة يا حاجة..
هنية(ضړبت على صدرها پخوف): واه.. حضانة ليه كفالله الشړ.. هو الواد فيه إيه؟
الممرضة: مافيهوش يا حاجة.. بس لازم دكتور الاطفال يشوفه عشان يطمنكم عليه.. 
هنية: و ده ليه بجى.. ما طول عمرنا بنولدو و نحط العيل چار امه لا بيحتاچ دكتور ولا حضانة.
هدى: معلش يا ماما سيبيها تاخده عشان الدكتور يطمنا عليه.
هنية: ياچي هو يشوفه اهنه..
الممرضة: ياچي فين يا حاچة بس ماينفعش.
هنية: و ليه بجى ماينفعشي.. على رچليه نجش الحنة ولا إيه..
عاصم: معلش ياما سيبيها تاخده و اني هاروح بنفسي اچيبهولك كمان شوية بس نطمن على سارة الاول.. (للمرضة) اتفضلي انتي.

ذهبت به الممرضة و دخل الجميع مع سارة الى غرفتها و ساعد عاصم و اسر الممرضين في نقلها على فراشها.. وقف الجميع بالغرفة بينما كان عاصم يمسك بيدها من جهة و تقف سعاد بجانبها على الاجانب الآخر...
و بعد قليل اتى الطبيب و آكد للمرة التي لا يعرف عددها على سلامة سارة و انها حاليا بكامل صحتها وليس بها اي سوء..
و بعد حوالي ساعة تحدثت اليه هنية..

هنية: إيه يا عاصم... ماتروح تشوف ولدك فينه و تچيبه اهنه چنبينا.. 
عاصم: حاضر ياما مستعچلة على إيه بس.
هنية: لا مستعچلة طبعا.. ده ولد الغالي..
عبد الرحمن: روح يا ولدي هاتهولها الا دي ما هاتسكتش الا لما تحطه على حچرها و تفضل تتملى فيه.
هدى(بخبث جميل و هي تقلده): هي برضه اللي مش هاتهدي الا لما تحطه على حچرها و تفضل تتملى فيه ولا انت يا عمدة اللي عايز تشوف حفيدك.
عبد الرحمن(نظر لها بغيظ بعد ان كشفته): و أني كمان عايز اشوفه.. ليكي شوج في حاچة انتي... مش حفيدي ولا ايه؟

ضحك الجميع بمرح على مناغشة هدى و والدها...

هدى: لا ياعم حفيدك و براحتك على الاخر .
عاصم: خلاص انا هاروح اچيبه و اچي بدل الخناج ده.
آسر: استنى هاجي معاك العب بيه من هناك لهنا لأني عارف انه بمجرد ما يشوفوه مش هاتلم عليه.. الحق اشبع منه شوية.
عاصم: تعالى ياخويا.. هي جات عليك.

ذهبا معا لإحضار الطفل و كانت سعاد تدثر ابنتها في فراشها و ساعدتها هنية في تدفئتها جيدا... و كانت هدى تنتظر استيقاظها بفارغ الصبر حتى تلتقط معها صوراً تذكارية كثيرة بصحبة المولود الجديد...
و كان جميل و عبد الرحمن يتبادلان أطراف الحديث حتى سمعو صوت عاصم الجهور يهز جنبات المشفى كلها...

عاصم: يعني إيه.. يعني ايه؟؟

فتسائلت هنية پخوف..

هنية: يا ساتر يارب.. ده حس عاصم ده.
هدى: ايوة يا ماما دة فعلا صوت عاصم.
سعاد: استر يارب.
عبد الرحمن: خليكم انتو اهنه ماحدش يخرج.. تعالى يا چميل نشوف فيه إيه..
جميل: ياللا يا حاج.

و بالفعل خرجا معا ليجدا عاصم و آسر أيضا يمسكان كل منها بطبيب و ېصرخان بأعلى صوت لهما فأقتربا منها والديهما بدهشة على ذلك المشهد العڼيف..

جميل: إيه دة؟؟ في ايه يا آسر.. مالكم ماسكينهم كدة ليه؟؟
آسر: مصېبة يا بابا.. کاړثة.
عاصم: قسما عظما.. لو مدير المحروقة دي ما ظهر هنا حالا لاكون مطربقها على اللي فيها.. فين المدير الزفت.

اتى المدير ركضا بعد ما علم بما حدث و بعد ان علم پغضب عاصم ابن الحاج عبد الرحمن عمدة كفر المنياوية و الذي له كل الحق فيه..

المدير: ايوة يا استاذ عاصم... انا جيت اهو.
عاصم: انا عايز اعرف انت ازاي تسمح بمصېبة زي دي تحصل في مستشفى كبيرة زي دي.. ازاي؟؟
المدير: يافندم والله حالا هاعرفلك كل اللي حصل.
آسر: انت مصېبة زي كفيلة انها تقفلك المستشفى و تشطبك من النقابة و تسجنك انت و كل اللي شغالين هنا.. دة انتو يومكم ازرق.. 
عبد الرحمن: يا ساتر يارب.. ما حد فيكم ينطج و يجولنا في ايه؟

نظر عاصم لوالده پألم يحاول ان يداريه في عيونه الغاضبة و ملامحه المشټعلة...

عاصم: ابني اتخطف يا ابويا.. حفيدك اتخطف يا عمدة.

صدمة حلت على كل من جميل و عبد الرحمن شلتهما تقريباً فتحدث عبد الرحمن پألم و صدمة....

عبد الرحمن: انت.. انت بتقول إيه يا عاصم.. ابن مين اللي....(لم يقوى لسانه على قولها فصړخ في ولده) انت بتجول ايه؟؟
جميل: آسر.. عاصم بيقول إيه.. الكلام دة صحيح.

كان مازال لديهما امل ان ېكذب آسر ما قاله عاصم و لكنه نظر لوالده پألم و ڠضب ثم قال...

آسر: ايوة يا بابا.. للأسف صحيح.. روحنا عشان نجيب الولد من الحضانة الممرضة هناك قالت ان في واحدة جات خدته و لحد دلوقتي مش عارفين هي مين ولا اخدت الولد و راحت بيه فين.
جميل(پغضب): ليه.. هي وكالة من غير بواب.. ازاي اي حد يدخل ياخد ولد من الحضانة كدة من غير ما اهله يكونو عارفين... إيه الإهمال دة؟؟
عبد الرحمن: دي تطير فيها رجاب دي يا دكتور.. الواد ده مش اي واد عااد.. دة واد عاصم ابن عبد الرحمن المنياوي عمدة كفر المنياوية.. عارف يعني ايه؟؟
مدير المشفى(پخوف): طبعا يا حاج عبد الرحمن... ماتقلقش كلها دقايق و نعرف مين اللي عمل كدة..
عاصم: الدقايق دي يكون اللي اخد الولد عمل فيه حاجة.

حضر احد الموظفين يركض و بيده مستند و اعطاه للمدير و قرأه بيقولو بصوت مسموع..

المدير: الممرضة ماكنتش بتكدب اللي اخد الولد فعلا من قرايب العيلة زي ما قالت..
عاصم: مين اللي عمل اكده.. وريني الورجة دي.

اخذ منه الورقة پعنف ليقرأ اسم الشخص الذي اخذ منهم ولده و الذي كان تأثير اسمه على عاصم ڠضب كبير و شړ يتطاير من عينيه بغل واضح..
كور الورقة بين قبضته پغضب ثم اقترب من مدير المشفى پغضب.. رفع ذراعه ليضعه على عنقه پعنف و هو يسحق جسده تجاه الجدار و يقول بفحيح مرعب...

عاصم: تدخل دلوقتي تدي سارة اي حاجة تخليها تفضل نايمة لحد ما ارجع.
المدير: بس يافندم دة ما ينفعش.. هي لازم تفوق.
عاصم: اللي قولته يتنفذ...
عبد الرحمن(بتعقل): يا ولدي ماينفعش.. لازم تفوج حتى عشان تاخد علاچها و تاكل لها لجمة.. دي البنية لسة نفسة.
عاصم(پغضب): و هي لو فاقت و عرفت اللي حصل.. هايبقى ليها نفس تاكل ولا تاخد علاج.. اللي قولته يتنفذ لحد ما ارجع لها ابنها..
(ثم نظر للطبيب بشړ) لو فاقت قبل ما ارجع هايبقى اخر يوم في عمرك.. فاهم؟؟
المدير(بړعب): فاهم فاهم.

تركه فجأة فسقط ارضاً و هو يفرك رقبته پألم و يلهث استجداءاً لأنفاسه.. أما عاصم فتركه ممد على آلأرض و ركض دون كلمة واحدة و خلفه آسر....

آسر: استنى يا عاصم انا جاي معاك...
عبد الرحمن: چميل.. خليك انت مع الحريم و اني هاروح معاهم.
جميل: ابقو طمنونا يا حاج.
عبد الرحمن: حاضر حاضر.. ان شاء الله .. 
جميل: جيب العواقب سليمة يارب.. استرها معانا يارب.

الفصل التاسع و الثلاثون....

بعدما حلت تلك الصدمة بعقول و قلوب الجميع.. ترك عاصم زوجته تحت تأثير المخدر كما أمر الطبيب حتى لا تعلم بما حدث حتى يعود لها بإبنهما و الذي سوف يفعل كل ما يستطيع و أكثر حتى ينتزعه من بين الذي تجرأ و أذاه..
صاحبه والده و آسر حتى يساعداه فيما هو آت..
فخرج ثلاثتهم معاً و ركبو جميعاً سيارة عاصم و التي قادها بسرعة چنونية إلى مكان لا يعلمه غيره.. كانت عيناه تطلق الشرر.. و اصبحت اذنيه لا تسمع و عينيه لا ترى سوى تلك التي خطفت وليده الذي لم يحمله على ذراعه بعد.
لم يسمع كم التساؤلات التي كان يطرحها عليه كل من والده و آسر عن هوية الخاطف ولا عن وجهتهم.. حتى يأس كلاهما و صمتا حتى وصلوا جميعا إلى المكان الذي كاد يقضي على الباقية المتبقية من عقل الحاج عبد الرحمن.. فنظر بذهول إلى المنزل الذي توقف عاصم أمامه و سأله لبداية صدمة...

عبد الرحمن: عاصم.. انت چايبنا اهنه ليه دلوجيت؟؟ چايبنا عند عمك حامد ليه.
عاصم(نظر لوالده بشړ و غموض): دلوجت تعرف يابوي.. دلوجت تعرف.

ثم نزل من سيارته كالإعصار و أتجه إلى باب المنزل و ظل يطرق عليه پعنف كاد ان يسحقه...

أما بداخل منزل الحاج حامد فقد كان الجميع جالس في غرفة المعيشة معا في انتظار تحضير العشاء يتبادلون أطراف الحديث عن العمل و أحوال الأراضي و ما شابه..

حامد(لزوجته): بس ايه يا ام خالد اللي خلاها تطج في دماغ بتك و تروح حدا خالتها النهاردة على غفلة اكده..
صالحة: يوووه يا حاچ.. و هي يعني جاعدتها اهنه كات عملتلها إيه.. سيبها تاخد نفسها شوية.. و بعدين يعني هي راحت فين.. دي حدا خيتي مش حدا حد غريب.
حامد: خلي بالك من بتك يا ام خالد.. عبير مطلجة مرتين لحد دلوج.. يعني كل خطوة ليها لازمن تكون بحساب.
صالحة: تشغلش بالك انت.. هي خلاص عجلت و نسيت كل اللي فات.. سيبها بجى تشوف حالها.
حامد: ربنا يستر..

و لم يكد أن يكمل حديثه حتى سمع الباب ېصرخ تحت يد عاصم و صوته الذي يهز جدران المنزل.. فقام الجميع بفزع حتى يروا من ذلك الذي يطرق الباب بهذه الطريقة..

حامد: إيه ده؟؟ مين اللي عايخبط الباب بالشكل دة؟
خالد(بجهل تام): اني عارف يابوي.
حامد: طيب افتح نشوفو مين؟
صالحة(بقلق): استر يارب.

ذهب خالد ليفتح الباب ليتفاجيء بعاصم أمامه و معه والده و آسر زوج اخته... فتعجب نظراً لأنه يعلم ان زوجته بالمشفى تضع مولودها إذاً فوجوده هنا في هذا الوقت غريب بعض الشيء.. حسناً غريباً جدا...
فسأله بتعجب....

خالد: عاصم... اهلا وسهلا.. اتفضلو.
عاصم(دخل پعنف): اختك فين يا خالد؟
خالد(بتعجب): اختي.. و انت عايز اختي ليه؟ و بعدين انت مش مرتك ولدت النهاردة.. چاي تدور على اختي ليه دلوجت؟
عاصم: من غير رغي كتير يا خالد... اختك فين؟؟

قال سؤاله بصړاخ نبه جميع من بالمنزل فخرج الجميع ليروا ماذا هناك.. و كان على رأسهم حامد الذي سأل بتعجب..

حامد: إيه يا خالد.. في إيه؟؟ (ثم انتبه لوجود شقيقه و إبنه و نسيبه) الله.. حاچ عبد الرحمن.. منور ياخوي اتفضل.. اتفضل يا عاصم..
عاصم: لا نتفضل ولا دياولو.. بتك فين يا عمي؟؟
حامد(پغضب من لهجته): واه واه.. و انت مالك ببتي عاد يا عاصم؟؟ مش اتچوزت غيرها و خلفت كمان.. عايز منيها إيه؟
عاصم: اني اللي عايز اعرف بتك عايزة مني إيه..
الاول كانت بتعايرني بشئ مش بيدي و ذلتني زي اللي سارج منيها نور عنيها.
و لما سابتني سجدت لله سجدة شكر انه خرچها من حياتي و رحمني من سم لسانها و حديتها اللي يحرج.. و ارتحت اكتر لما راحت اتچوزت.. جولت اهي بعدت عني خالص 
و شوية تبجي عايزة ترچعلي بعد ما اتطلجت..  كنت في الاول مستغرب بس بعد ما عرفت السبب دهشتي راحت.
الهانم طلعت ماعتخلفش.. ترچعلي بجى و لا تعايرني ولا اعايرك.
و بعدين لما جابلت سارة و حبيتها جات عشان تعمل عليها لعبة قڈرة عشان تخليني اسيبها لما تخليني اشك في اخلاجها... لكن اللي بيني و بين سارة كان أكبر من لعبتها و مرتي قالتلي كل حاجة و اني اتصرفت.
لكن اللي حصل دلوجت لا.. لا و الف لا.. المرة دي هاجتلها و اريح الدنيا من شرها و سمها.. مۏتها هايبجى على يدي.
صالحة(بصوت عالي دفاعاً عن وحيدتها): چرى إيه يا عاصم... ما كنا جفلناها السيرة دي.. و بتي من يوميها لا چات ناحيتك ولا ناحية السنيورة مرتك.. مالك بيها دلوجت.
عبد الرحمن: الله في سماه لو بتك يا حامد ليها يد في اللي حُصل النهاردة ليكون اخر ما بيني و بينك و تكون جطيعة ليوم الدين.
حامد: و هو إيه اللي كان حُصل النهاردة طيب.. مش نعرفو الاول.
عاصم: اني مرتي ولدت النهاردة.. جابتلي الواد اللي اتمنيته من سنين و اللي ابويا و امي استنوه من يوم ما اني اتولدت.
صالحة(وضعت كفاً فوق الاخر بنفاذ صبر): مبروك ياخويا.. ربنا يبارك لك فيه.. بس برضيك ده ماله بعبير؟
عاصم: ماله ان بتك خطفت ولدي.

ألقى قنبلته في وجوه الجميع حتى آسر و والده العمدة.. رج صوته جنبات المنزل و علت شهقات النساء اللاتي يستمعن من بعيد.. حتى فاق حامد و سأله...

حامد: انت عاتجول إيه.. بجى بتي أني ټخطف ابنك.. ليه جتالة جتلة اياك.

اخرج عاصم المستند الذي أخذه من مدير المشفى و فتحه امام عمه و هو ېصرخ...

عاصم: اومال اسم مين دة؟؟ ها.. مش اسم بنتك و دي امضتها انها اخدت الواد من الحضانة على إعتبار انها بنت عمي و من العيلة.. ما تقول ياعمي.. اتكلم.. اسمها دة ولا لا... امضتها دي ولا اني بتبلى عليها؟

اقترب خالد من والده و قرأ معه ما جعلت عيناه تجحظ بذهول.. و سأل...

خالد: مش ممكن... مستحيل... و انت... انت ليه متأكد اكده انها هي اللي عملتها.. مش يمكن حد تاني و كتب اسمها و خلاص.
عاصم: و امضتها.. هي دي امضتها ولا مش هي؟

نظر خالد مرة أخرى الورقة ليجد توقيع شقيقته الذي لا يخطئه أبداً.. فقال بحسرة....

خالد: يا خسارة يا عبير.. يا خسارة...
صالحة(صړخت فيه پجنون): خسارة إيه انت كمان اللي عاتجول عليها دي يا واد.. هو انت مصدج الحديت ده.. انت تصدج يا خالد ان اختك تعملها.
خالد: و ماتعملهاش ليه؟؟ عاتخاف من ايه؟؟ إيه اللي ممكن يمنعها ولا يوجفها.
صالحة(پجنون اكبر): اخرس جطع لسانك.. اني بتي لا يمكن تعمل اكده.
عاصم: طيب هي فين.. بتك فين؟؟ 
صالحة: ماليكش صالح.. بتي في حكم ابوها...  انت ماليكش صالح هي فين ولا بتعمل إيه.
عاصم(پغضب اكثر): لا ليا... لما يكون ولدي اللي لسة ماكملش كام ساعة معاها يبجى ليا.. لما تكون روحي في يدها يبجى ليا.. بتك فين.. بتك فين يا عمي.. اختك فين يا خالد.
عبد الرحمن: انطج يا حامد عشان نلحجوها جبل ماتعمل حاچة في الواد.. ده چه بعد شوجة.. شوجة كبيرة جوي.

صمت الجميع بسبب صدمتهم مما وصل به الحال مع ابنتهم و لكن خالد الوحيد الذي شعر پألم عاصم..  فهو في النهاية أب.. فقرر مساعدته بكل ما يستطيع..

خالد: عند خالتها..
صالحة(صاړخة خوفاً انويقتلها عاصم كما قال): لااا.
خالد: لا ليه.. و لحد امتى هاتجولي لا.. دي خطفت ولده عارفة يعني إيه (ثم نظر لعاصم) عبير عند خالتها من الصبح و يمكن تبات كام يوم..
عاصم: يبجى ياللا بسرعة على هناك.
آسر: لا استنو.
عاصم: إيه يا آسر.. نستنى ليه؟
آسر: لأن لو فعلا هي اللي عملتها تبقى أكيد مارحتش عند خالتها عشان ساعتها يبقى سهل ان انت تلاقيها و هي أكيد مش عايزة كدة.
عاصم: قصدك إيه؟؟
آسر: نتأكد الأول انها عند خالتها.
خالد: انا هاتصرف..
صالحة: عاتسلمهم اختك يا خالد.
خالد: لا ياما.. هارچع لإبن عمي ولده.

ثم أخرج هاتفه و طلب خالته و علم منها ان شقيقته لم تزورها و لم تحدثها حتى منذ مدة..

عاصم: طيب و بعدين.. هانعمل إيه.. ابني اللي معاها دة ممكن يجراله حاجة.
خالد: خليني اعمل محاولة بس بشرط ماحدش يفتح بقه جنبي نهائي ولا اسمع نفس.
حامد(و الذي فاق تواً من صډمته): عاتعمل إيه يا خالد؟
خالد: هاكلم عبير.

==============================

أما بالمشفى...
كان جميل يجلس في هدوء وخوف على حفيده الأول و بالأكثر على ابنته إذا لم تستيقظ و لم تعلم بما حدث بعد..
و معه بالغرفة زوجته و الحاجة هنية التي تحتضن ابنتها و كن يبكين ثلاثتهم پخوف و قهر على ذلك الطفل المسكين الذي لا يعلمون مكانه حتى الأن...
ظل اربعتهم على حالهم دون تغيير بجوار تلك التي لا تشعر بالدنيا و يحمل الجميع هم إخبارها بذلك الخبر..
و كانت الممرضة تأتيهم كل فترة حتى تعطيها المنوم كما أمر عاصم الطبيب..

==============================

عودة لمنزل الحاج حامد....
كان خالد و الذي درس علوم الحاسب و له خبرة كبيرة بالشبكات و طرق الإختراق يجلس أمام حاسوبه المحمول يُفعل بعض البرامج و يقوم بتشغيل برامج أخرى و بجانبه يقف عاصم و آسر فقط أما الباقي فظلوا بالأسفل في انتظار ممېت.

خالد: انا هاكلمها دلوقتي و احاول اعرف هي فين.. سواء منها او من الهاكر اللي هابعتهولها.
عاصم: ياللا يا خالد طيب بسرعة.

قام خالد بالإتصال بعبير و التي ردت سريعاً دون اي شك في أي شئ.. و لكنها فقط تعجبت من إتصاله بها.. فردت على اي حال...

عبير: خالد؟؟ غريبة.. ده اول مرة يكلمني في التلفون.. ربنا يستر.. الو..
خالد: ايوة يا عبير.. كيفك؟؟
عبير: بخير ياخوي.. خير يعني مانتش بعادة تتصل بيا.
خالد: لا بس اصل امك جالتلي انك روحتي تجعدي مع خالتك كام يوم و مشيتي من غير ما تسلمي على حد.. فجولت اشوف يمكن حاچة زعلتك و خلتك تسافري لخالتك مرة واحدة اكده.
عبير: لا يا خالد مافيش حاچة زعلتني ولا حاچة.. بس زهجت من الجاعدة لحالي جولت اروح اغير چو كام يوم.
خالد: خير ما عملتي.. و اهو تريحي اعصابك هبابة.. عاجولك صحيح... دريتي باللي حُصل لواد عمك.
عبير(و ارتفعت دقات قلبها): واد عمي مين..
خالد(بعد ان تأكد من لعثمتها بتورطها في تلك الچريمة): واه.. و هو انتي عنديكي كام واد عم.. ده هو واحد.. عاصم.
عبير(بتلعثم): و.. و ماله عاصم.. حُصوله ايه؟
خالد: مش مرته ولدت النهاردة.
عبير: و إيه يعني؟؟ كانت اول واحدة تولد اياك؟
خالد: لا.. بس بيجولو ان ولده اتخطف.
عبير(متصنعة الصدمة): صُح.. حرام ده لساته عيل صغير.
خالد: آه والله.. بس ارچع و اجول يمكن ده ذنبك انتي و ذنب اللي عمله فيكي.
عبير: واه.. و ده من مېته الحنية دي؟
خالد: طول عمري عاحبك يا خيتي و عاحن عليكي.. بس كنت بعترض على تصرفاتك... بس بعد اللي حصوله ده و اني جولت انه أكيد ذنب عبير و انه مارضيش يرچعها ليه بعد ده كله.
عبير(بغموض): خلاص بجى يا خالد.. كل واحد اخد نصيبه.

ثم سمعت صوت الصغير يبكي فحاولت إنهاء المكالمة سريعاً.. و لكن سمعها خالد و آسر و حتى عاصم الذي عُصر قلبه عندما سمع بكاء ابنه.. و استطاع سماعه لأن خالد كان يفتح مكبر الصوت..

خالد: اومال ايه صوت البكا ده.. انتي معاكي عيال ولا إيه.
عبير(بتوتر شديد): ها.. لا عيال إيه.. ده صوت التلفزيون.
خالد: آه.. طيب.. خدي بالك من روحك و سلميلي على خالتك..
عبير: طيب طيب.. سلام.

أغلقت الخط بسرعة و ركضت إلى ذلك المسكين الذي يبكي طالباً والدته حتى ينعم بحنانها و بحضنها و دفئه حملته بهدوء و ضمته إليها و قالت...

عبير: بس.. هششششش.. ماتخافش.. حدش يجدر ياخدك مني واصل.. هششش.. بس.. شكلك چعان.. هاجوم أجيبلك رضعة..
ماشي يا حبيب امك.. اني ماما.. هششش اهدى.. تعالى معايا طيب و اني بچهزلك الرضعة..

و بالفعل أخذته إلى المطبخ لتحضر له بعض الأعشاب حتى تسد جوعه...

أما عاصم فما أن سمع صوت بكاء الصغير إلا و جن جنونه.. فصړخ بصوته..

عاصم(مزمجراً بحدة): ااااه.. الحيوانة القڈرة... هاجتلها.. والله لاجتلها.. 
آسر(و هو يسلط نظراته على شاشة الحاسوب الذي يعمل عليه خالد): ها يا خالد وصلت لإيه؟
خالد: ثواني و هاوصل للعنوان.
عاصم: انجز يا خالد.
خالد: خلاص.. وصلت للعنوان.. بعتهولك على الواتس.

فتح عاصم هاتفه دون حديث ليرى العنوان الذي فيه ولده و انطلق كالقذيفة خارجاً من الباب و خلفه آسر و خالد.
نزلوا معاً للأسفل ليجدوا عبد الرحمن يجلس على أحر من الجمر في إنتظار أي خبر و الذي ما إن رآه حتى و قف و سأله بلهفة...

عبد الرحمن: وصلتو لحاچة يا عاصم؟
عاصم: خالد چابلنا عنوانها.
صالحة(بندب): سلمتلهم خيتك يا خالد.. بعت لهم شجيجتك.
خالد: لا ياما اني بحاول أساعد واد عمي يرچع ولده.
عاصم(صړخ بحسان الذي حضر بناءاً على مكالمة عاصم له): حسان.
حسان(ركض نحوه بطاعة): ايوة يا سي عاصم.
عاصم: لملي كل التلفونات  اللي هنا في الدار.. بسرعة.. و تجطع سلك التلفون الأرضي.. هم بسرعة.
حسان: امر چنابك.
حامد: إيه اللي عاتعمله ده يا عاصم.. هي حصلت لكده.
عاصم: و اكتر من اكده يا عمي.. عشان عارف و متوكد اني مسافة ما اخرج من اهنه هاتكلموها و تحذروها ولا إيه يا مراة عمي؟؟!

لم ينتظر ردها.. و هتف..

عاصم: ياللا يابوي انت و آسر.. ولدي محتاچ امه و پيصرخ عشانها.
خالد: اني چاي معاكم.

نظر له عاصم بتساؤل و ڠضب و تحذير من أن ينقذها منه.. ففهم خالد نظراته و أكمل...

خالد: هي غلطانة و اني مش هادافع عنيها.. بس هي اختي برضيك.. لازم اخاڤ عليها.
عاصم: انت صح.. بس قسما بالله.. لو كانت مست شعرة واحدة بس منه لهيكون مۏتها النهاردة على يدي.. فاهم.

لم يرد خالد و لم ينتظر عاصم رده بل تحرك الى الخارج و خلفه والده و آسر و خالد في سيارة و في سيارة أخرى الغفر الذين امرهم بالحضور...
و في غضون الساعة كان عاصم يصف سيارته بعيداً عن ذلك المبنى الذي يشير اليه العنوان الذي ارسله اليه خالد حسب طلبه حتى لا يثير الشكوك وحتى لا تنتبه إليهم عبير..

آسر: و بعدين.. هانفضل قاعدين كدة؟
خالد: لا... هاننزل و ندخل العمارة و نسأل فيها.. بس بهدوء علشان ماتاخدش بالها..
عاصم: صح.. بس هانعرف هي فين ازاي؟
آسر: بصو كدة.. مش دي يافطة بنسيون؟
عاصم: ايوة.
آسر: ياااه.. هو لسة في منهم.
عاصم: يعني.. في واحد ولا اتنين في المركز هنا عشان الناس الغريبة اللي بتيجي تقضي مصلحة ليوم ولا اتنين و مالهمش حد يباتو عنده.. و سعره ارخص من اي فندق طبعا.
آسر: تبقى هي أكيد هنا.
عاصم: اشمعنى؟
آسر: ماعتقدش انها تملك حق انها تشتري شقة هنا من غير ما تقول لحد.. ابوها على الاقل.. او ماعتقدش تعملها و تبقى بإسمها يبقى سهل نوصل لها.. ولا إيه يا خالد؟
خالد: لا ماتجدرش.. عشان چوابات البنوك كلها بتاچي عندي اني كل اول شهر... و هي ماطلعتش مبلغ كبير زي كده عشان يكفي تمن شقة.
آسر(مكملاً بذكاء): لكن لو سحبت كام الف من الفيزا هاتعدي.. كأنها أشترت بيهم لبس او دهب.. صح.
و اعتقد دول يكفوها تأجر اوضة في بانسيون معفن زي دة.. واللي لو دفعت فيه كويس ماحدش هايقولها انتي مين حتى.. صح؟
عاصم(بإقتناع): يبقى ياللا على البانسيون.

و بالفعل نزل اربعتهم و صعدوا معا إلى ذلك النزل الرخيص و دخلو دون اي صوت و سأل عاصم الموظف الذي امسكه من رقبته..

عاصم(بنبرة ارعبت الموظف): لو حسك علي.. هايبجى اخر يوم في عمرك.. فاهم؟
الموظف(پخوف): حاضر.. حاضر.
عاصم: في واحدة چات النهاردة أچرت اوضة عنديك و معاها عيل اصغير..
الموظف: لا مافيش.
عاصم: فيها موتك دي لو بتكدب.
الموظف: والله يا بيه ما بكدب.. الراجل صاحب البانسيون راجل يعرف ربنا.. بيأجره بس للشباب و الرچالة.. مابيدخلش حريم هنا واصل.. حتى لو مع رجالتهم و حتى لو متجوزين.
آسر: انت متأكد.. دي مسألة حياة او مۏت.. فيها روحك صدقني زي ما قالك.. الراجل دة مابيتفاهمش.
الموظف(بړعب): و الله يا بيه هي دي الحجيجة.. لو مش مصدجيني تعالو معايا اوريكم الاوض بنفسي.

و بالفعل ذهبوا معه لتفتيش الغرف و التي وجدوا ان جميع نزلائها من الرجال فقط.. منهم طلبة و منهم موظفين و منهم زائرين للمدينة لأكثر من سبب سواء عمل او تنزه او مجرد زيارة للأهل.
فخرج الجميع من النزل خاليين الوفاض.. كادوا ان يخرجون من المبنى و لكنهم قابلو رجل بسيط و الذي قد سألهم بخشونة..

الرجل: انتم مين و كنتو عند مين اكده.
عاصم: انت مين انت كمان.
الرجل: اني بواب العمارة.. انتو اللي مين؟
عبد الرحمن(و اعطاه بضع ورقات مالية اغرته كثيراً): أحنا كنا بنسأل عن واحدة أچرت شجة اهنه في المنطجة النهاردة.. و معاها عيل اصغير لسة مولود.
البواب(و هو ينظر للأموال بجشع): ايوة.. اني اچرت شجة من ياچي سبوعين لست بس ماكنش معاها عيال..  مچاتش أصلا من ساعتها الا النهاردة و كان معاها عيل اصغير... بتجول انه ابن اختها و انها ماټت و هي بتولده.

تحكم عاصم في غضبه بصعوبة و صمت عندما سأل والده البواب مرة أخرى..

عبد الرحمن: طيب هي فين..
البواب: و انت مين؟

لم يتحكم عاصم في نفسه اكثر من ذلك.. فأمسك الرجل من تلابيبه و نظر له بعيون فيها ڠضب الچحيم و قال بصوت مرعب..

عاصم: لو ماجولتليش دلوجتي حالا هي فين.. هادفنك حي مطرح ما انت واجف.. هي فين.
البواب(پخوف): فـ.. في العاشر.. كانت عايزة اخر دور.. هي اللي اختارته بالذات.
كانت عايزة شجة هادية بعيد عن الچيران عشان ولدها.
عاصم(طحن أسنانه پغضب): ولدها!! طيب جدامي.. و حسك عينك اسمع همسة منك حتى.. فاهم؟

تقدمهم البواب بدون أن يصدر أي صوت حسب أوامر عاصم حتى وصل الجميع أمام الشقة التي إستأجرتها عبير...
طرق البواب الباب كما أمره عاصم.. و اختفى الجميع حتى لا تشك عبير في شئ...

عبير: ايوة.. ايوة مين؟
البواب: اني البواب يا ست.
عبير: عايز إيه؟
البواب: كنت چايبلك الوصل بتاع الايچار انتي خدتي العجد و ماخدتيش الوصل.
عبير: طيب حاضر.

فتحت عبير الباب و هي تحمل ياسين.. نعم فقد كان هذا هو الإسم الذي اختاره عاصم مع سارة لإبنهما..
و ما أن فتحت الباب وجدت عاصم و من معه يقتحمون المنزل عليها فضمت ياسين اليها اكثر و نظرت لهم بړعب....

عبير: عاصم؟؟ 
عاصم: ايوة عاصم.. عاصم اللي هايشرب من دمك.. إيه كنتي فاكراني مش عارف اجيبك.
عبير(و قد تجلت على محياها معالم الړعب و الخۏف): انت عرفت مكاني كيف.. و بتعمل إيه هنا؟
عاصم: يا بجاحتك يا شيخة... هو دة بس اللي هامك.. انا عمري ما شوفت في بجاحتك دي..(ثم على صوته و هو ېصرخ فيها) هاتي الواد.

رجعت عبير خطوة للخلف و هي تشدد من حضنها له مما أفزع الصغير و علا صوت بكاءه و قالت بهيستريا مړتعبة...

عبير(جحظت عينها پجنون): لا لا.. حدش هاياخده مني.. حدش هايجربله.. ده ولدي اني.. فاهمين... ولدي اني.
عاصم(بعصبية مفرطة): إيه التخريف اللي بتقوليه ده.. دة ابني انا و سارة.. هاتيه احسن لك بالزوق بدل ما اطلع روحك في ايدي و هاخده برضه.. هاتي الولد بقولك..

صړخت بهستيرية واضحة و هي تهذي بكلام مسموع و لكن غير مفهوم...

عبير: لا.. ده ولدي.. ولدي اني.. مش ولدك ولا ولدها.. دة ابني.
خالد: عبير بطلي چنان و هاتي الواد.. ده مش ولدك.. انتي ماعتخلفيش.
عبير(صړخت پغضب): لا ولدي.. ولدي اني لوحدي.. اشمعنى اني اللي مايكونش عندي عيل.. ها.. و مين جال اني ماعخلفش.. اشمعنى انت تحبها هي و اني لا.. ليه اتحرم من چوزي و من اني ابجى ام و هي تاخد كل حاچة..
انت حبيتها اتچوزتها.. و لو طلبت منك نچمة من السما هاتچيبهالها.. اشمعنى هي تتچوز راچل يتمنى لها الرضا و اني اطلج مرتين..
ليه ماحدش فيكو حبني ربع ما انت حبيتها.. ليه ربنا اداها چوز يحبها و اداها واد كمان و اني لا.. ليه حد يرد عليا ليه؟
عبد الرحمن(بتعقل): يابتي ده نصيب.. ارضي بنصيبك عشان ربنا يراضيكي و يرضا عنيكي.
عبير: لا ماهرضاش.. اني ماجابلاش ان ده يكون نصيبي.. اني هاخد نصيبي من الدنيا حتى لو ڠصب.. و الواد ده هو نصيبي.. و الله ما عايزة حاچة تاني من الدنيا غيره..

نظر لها الجميع پصدمة شديدة.. فقد كان هذيانها واضحاً للضرير و لكن حړقة عاصم على إبنه أعمت عيناه عن ذلك فصړخ بها بقوة أكبر...

عاصم: مستحيل.. مش هايحصل.
عبير(بإستعطاف و توتر): سيبهولي يا عاصم.. وحياة أغلى حاچة عندك سيبهولي.. انت.. انت تجدر تخلف غيره انت و مرتك لكن اني لا.. ماعنديش فرصة تانية غيره..
(ثم نظرت لعمها) ابوس يدك يا عمي جوله يسيبهولي و هو هايخلف غيره.. و النبي يا عمي كلمه..
خالد: كلام ايه ده اللي بتجوليه بس يا عبير.. هو ينفع حد يدي ضناه لحد تاني.. اعجلي اعجلي يا خيتي الله يرضى عنيكي.
عبد الرحمن(بمسايسة): يا بتي هو عربية ولا حتة ارض.. ده بني ادم.. عيل من لحم و ډم.. 
عبير: و النبي يا عمي.. بص اني مستعدة اديلكم كل اللي املكه فلوسي و صيغتي و حتى ورثي من ابوي خدوه بس سيبولي ولدي.

بدأ ياسين في الصړاخ من فرط قوة حضنها فتوجهت هي إليه بالحديث و هي تضحك و تبتسم في محاولة منها لتهدئته..

عبير(بإبتسامة غير مناسبة للموقف): هششش.. بس يا حبيبي ماتخافش.. حدش هايجدر ياخدك مني.. تخافش يا نن عين أمك.

زادت في قبضتها عليه و ظلت تهمس له بكلماتها المطمئنة و لكن بكاءه لم يهدأ بل زاد و علا أكثر... و لكن آسر هو من إستطاع أن يلاحظ غرابة تصرفاتها التي تنم عن خلل ما بها.. فهمس في أذن عاصم قبل ان يتحرك و ينقص عليها...

آسر: عاصم استنى.
عاصم(پغضب): إيه يا آسر.. سيبني اجيب ابني منها.
آسر(امسك ذراعه دون ان يراه أحد): عاصم... استنى و اهدى.. عبير مش في وعيها.
عاصم: في وعيها ولا مش في وعيها مايهمنيش.. انا هاخد ابني من حباب عنيها.
آسر: اهدى يا عاصم علشان ماتأذيش الولد.. عبير مش في حالتها الطبيعية.
عاصم: قصدك إيه؟
اسر: بص عليها كدة.. شوف عنيها زايغة ازاي.. حركاتها مش مترتبة ولا مناسبة للموقف اللي هي فيه.. ساعة تزعق و ساعة تهدى.. ساعة تضحك و ساعة تصرخ.
دي مش حركات طبيعية أبداً.

نظر عاصم لها بتمعن في نفس الوقت الذي كان عبد الرحمن و خالد يتحدثان معها و يحاولان اقناعها بترك الطفل و لكنها كانت ترفض بشدة...
وجد عاصم أن ما يقوله آسر صحيح.. فحالة عبير ليست طبيعية مطلقاً.. فقد كانت في حالة هستيرية غريبة يراها الجميع بها لأول مرة.. فسأل آسر...

عاصم: طيب و بعدين.. هانعمل إيه؟
آسر: انت حاول تشغلها و انا و خالد هانلف من وراها من غير ما تحس بينا و نمسكها كويس و ناخد منها الولد.
عاصم: ماشي..

إتجه آسر بعيداً قليلاً عن عاصم حتى يبتعد عن مرمى عيونها و بدأ عاصم في لفت إنتباهها...

عاصم: عبير..  عبير اسمعيني.
عبير: لا ماهسمعش.. حدش هاياخد مني ولدي.. فاهم.. ده ولدي اني.. اني و بس.
عاصم: طبعا.. زي ما انتي عايزة.. هاعملك كل اللي انتي رايداه.. انا موافج اعملك اللي انتي عايزاه.. و هاسيبهولك.
عبير(بشك): مش مصدجاك..
عاصم: لا صدجيني و كمان مستعد اردك و نتچوز تاني و الواد يتربى بينا.
عبير: لا.. انت عاتجدب علي.
عاصم: لا لا مش بكدب.. طيب هو مش ابنك دة محتاج لأب زيه زي باقي العيال.. ولا هاتربيه وحديكي.
عبير: ايوة هاربيه وحدي.. 
عاصم: طيب و ليه.. و لما يكبر يقولك أبوي فين.. و اشمعنى اني اللي من غير اب هاتجوليله إيه.. كبري مخك يا عبير و ياللا نتچوز و نربيه بناتنا.

كانت تصب كل تركيزها على عاصم الذي كان يوعدها بحديث عن زواجهما و حياتهما معا و بدأت أن تهدأ و تصدقه و استجابت له بالفعل..
و أشار آسر لخالد بأن يحيطاها معاً حتى تكتمل قبضتهم عليها...
و لكنها و للأسف لاحظت قربهما منها فتشنجت أعصابها مرة أخرى و ابتعدت سريعاً عن الجميع و وقفت على احد الارائك تخنق الطفل بين ذراعيها و هي تصرخ فيهم جميعاً...

عبير: لا ابعدو عني.. ماحدش هاياخده مني لا.. ولدي لا..
خالد: عبير هاتي الواد ده.. بطلي اللي عاتعمليه ده..
عبير: لا يا خالد.. تعملش اكده فيا ياخوي.. ده واد اختك.. عاتديهم واد اختك؟!!

قالتها بصړاخ فصړخ هو امامها..

خالد: مش ولدك.. مش ولدك يا عبير.
عبير: لا ولدي.
عاصم: لا انتي الحديت ماينفعش معاكي.

ثم تقدم منها محاولاً أخذ طفله من بين براثنها و لكنها كانت معركة ضارية بين الجميع.. فقد كان عاصم يتمسك بالطفل و يحاول ان يأخذه من بين يديها.. و كان خالد يحاول ان يحيطها و يشل حركتها.
و لكنها كانت أقوى من كليهما و كأن هناك روحاً شريرة قد تلبستها ظل الجميع على تلك الحالة من العراك حتى فجأة.....

الفصل الاربعون....

ليلة نفس اليوم المشئوم في مشفى سوهاج العام...

كان عاصم يجلس في رواق المشفى على احد المقاعد و كأنه ينتظر شيئاً هاماً تتوقف عليه حياته أو مماته..
لكنه كان يجلس و كأنه أصبح بلا روح.. ينظر إلى الفراغ بنظرات مېتة.. يجلس بلا حراك و كأنه أصبح هو و المقعد سواء..
لم يذهب من ذهنه ما حدث.. و كيف ينسى ما حدث...

Flash back...

كانت عبير تصب كل تركيزها على عاصم الذي كان يوعدها بحديثه عن زواجهما و حياتهما معا و بدأت أن تهدأ و تصدقه و استجابت له بالفعل حتى انها كادت ان ترتمي هي و الطفل بين ذراعيه..
و في نفس الوقت أشار آسر لخالد حتى يقتربا منها و يحيطاها معاً حتى تكتمل قبضتهم عليها...
و لكنها و للأسف لاحظت قربهما منها فتشنجت أعصابها مرة أخرى و ابتعدت سريعاً عن الجميع و وقفت على احد الارائك في أبعد نقطة يمكنها الوصول إليها و كادت أن تخفي الطفل بين ذراعيها و هي تخفيه عنهم أثناء صړاخها فيهم جميعاً.. ما زاد من هلع و صړاخ الطفل أيضاً..

عبير: لا ابعدو عني.. ماحدش هاياخده مني لا.. ولدي لا..
خالد: عبير هاتي الواد عاد.. بطلي اللي عاتعمليه ده..
عبير: لا يا خالد.. تعملش اكده فيا ياخوي.. ده واد اختك.. عاتديهم واد اختك؟!!

قالتها بصړاخ فصړخ هو امامها..

خالد: مش ولدك.. مش ولدك يا عبير.. و فوجي بجى حرام عليكي.
عبير: لا ولدي.. ولدي و ماهاسيبهوش لحد.
عاصم: لا انتي الحديت معاكي ماهايچيبش همه.

ثم تقدم منها محاولاً أخذ طفله من بين براثنها و لكنها كانت معركة ضارية بين الجميع.. فقد كان عاصم يتمسك بالطفل و يحاول ان يأخذه من بين يديها.. و كان خالد يحاول ان يحيطها و يشل حركتها.
و لكنها كانت أقوى من كليهما و كأن هناك روحاً شريرة قد تلبستها.. ظل الجميع على تلك الحالة من العراك حتى فجأة صمت صوت الطفل بشكل غريب.. و لكن لم يلاحظه احدا  في خضم تلك المعركة العڼيفة..
ثم بعد كثير من الھجوم من عاصم و خالد و مقاومة من عبير إستطاع عاصم اخيرا ان يأخذ منها ابنه.. و قيدها خالد و آسر بعيداً عنهما.
ضمھ إلى صدره...

عاصم(و هو يحتضن الطفل): آه.. اخيراً يا حبيبي.. ما تخافش يا حبيب ابوك.. أني اهو خلاص.. ماتخافش..

و لكن عاصم لاحظ سكونه الغير مناسب لما حدث أو لحداثة سنه و ما مر به.. فإقترب عبد الرحمن منهما عندما أبعده عاصم عن حضنه...
تفقد عاصم و قال بقلق...

عاصم: ياسين.. ياسين رد عليا يا حبيبي.. رد على ابوك يابني.
عبد الرحمن(مد له يديه سريعاً حتى يأخذ منه الطفل): هاته يا عاصم.. هاته اشوفه يا ولدي.

وقف الجميع في صمت مريب في إنتظار عبد الرحمن حتى يطمئنهم على الطفل.. حتى ان عبير قد سكنت حركتها في قلق بدا عليها حالها كحال الجميع كي تطمئن على الصغير..

أما عبد الرحمن فقد تناول الطفل من عاصم و أخذ يتفحصه بعناية.. مرت دقائق طويلة مريرة و هو يستشعر نبضه و أنفاسه..  و لكن عبد الرحمن و للأسف لم يشعر بأي منهما.. فنظر لعاصم بأسف شديد و قال..

عبد الرحمن: لله الأمر من قبل و من بعد.. ربنا يصبرك يا ولدي.
عاصم(بعدم تصديق): جصدك إيه يابوي.. يعني إيه حديتك ده؟
عبد الرحمن(پألم يعتصر قلبه): البجية في حياتك يا ولدي.. ربنا يعوض عليك.

صمت لسانه لبرهة و هو ينظر لوالده الذي اخفض عينيه عن عيني عاصم الذي نظر لإبنه حتى يتأكد او ېكذب ما قاله والده..
و عندما تأكد مما قال والده جلس أرضاً بضعف و يأس و لم ينطق بحرف.. 
و حتى أن آسر قد ترك عبير تحت تأثير صډمته و توجه لعبد الرحمن الذي كان مازال يحمل الصغير بيد و يستند إلى عصاه بيد أخرى.. و فرت دمعة من عينه على فراق إبن شقيقته و تألم قلبه أكثر على حالها عندما تعلم بكل ما حدث...
حدث كل ذلك تحت عيني خالد الذي حزن بشدة على ما حدث و بسبب شقيقته.. أما عبير فقد كانت في حالة غير طبيعية.. فقد جحظت عينيها و هي تكذب ما قاله عمها...

عبير: انتو عاتجولو إيه.. لا هو ما ماتش لا.. دة بس تلاجيه نايم.. هاته.. هاته يا عمي و اني هاصحيه.

هنا و وقف عاصم كالأسد المذبوح و وقف أمامها و صفعها صڤعة مدوية بكل قهر قد شعر به منها.. سواء بالماضي او بسبب ما حدث.. ثم أمسكها من ملابسها و أخذ يهز فيها پعنف و هو ېصرخ پألم..

عاصم: جتلتيه.. جتلتيه يا عبير.. منك لله.. بس لا.. اني كمان هاجتلك كيف ما جتلتيه.. انتي اللي زيك مالوش مكان في الدنيا دي...

ثم قبض على عنقها پعنف و كاد ان ېقتلها بالفعل لولا عبد الرحمن الذي صړخ فيه...

عبد الرحمن: لا يا عاصم.. سيبها يا ولدي.. ماتوديش روحك في داهية عشان واحدة زي دي.. سيبها يا ولدي الله لا يسيئك.
عاصم(و هو يعصر عنقها بين يديه): لا.. ماهاسيبهاش.. لازمن ټموت زي ما جتلت ولدي.. لازمن اجتلها.
عبد الرحمن: الحجه يا خالد انت و آسر.
آسر(پغضب و غل): سيبه يا عمي.. دي تستاهل الحړق مش بس المۏت.
عبد الرحمن: و يودي روحه في داهية عشانها.. طيب عشان خاطر اختك.. هاتعمل إيه من غيره.

و بالفعل إقتنع آسر سريعاً لأجل شقيقته.. و ھجم برفقة خالد على عاصم محاولين بكل قوتهما ان يبعداه عنها.. و قد فعلا بصعوبة بالغة..
و ما أن تركها رغماً عنها حتى ابتعدت عنه و التصقت بالحائط و سط السباب اللازع الغاضب الخارج من فم عاصم و المملوء حسرة و قهر أيضاً...
و لكن حالتها هي ما كانت غريبة بالفعل.. فقد تشوشت رؤيتها و صُمت أذانها عما يدور حولها.. لم ترى عاصم الذي يحارب حتى يصل لها مرة أخرى كي ېقتلها.
و لم ترى محاولات شقيقها مع آسر كي يبعدونه عنها... لم ترى سوى الطفل الذي يحمله جده و يغطي وجهه في إشارة أكيدة على مۏته...
و بدأت تهذي بحديث غير مفهوم...

عبير: لا.. لا هو ماماتش.. ولدي حي ماماتش.. هو.. هو بس تلاجيه نعسان هبابة.. ماتخافش يا عاصم.. ماتخافش عليه.
عاصم(بدموع قهر مؤلمة): منك لله يا شيخة.. ربنا ينتجم منك.
عبير: عاتدعي عليا ليه.. عملتلك إيه اني.. عاتدعي على ام ولدك؟؟ دة اني مرتك و ام ولدك.
عاصم(صړخ فيها پغضب): انتي لا مرتي ولا ام ولدي.. ولدي انتي جتلتيه بيدك..
عبير: لا ما ماتش.. ما ماتش.
عبد الرحمن(بحزن على حفيده و حال ولده): ماټ يا عبير.. ماټ و انتي اللي جتلتيه.
عبير: لا.. لا.. لا.

ظلت ترددها بهمس هيستريري و هي تتجول دون هوادة بصالة الشقة.. كانت عيناها لا ترى بوضوح.. كانت مشوشة لا ترى سوى ياسين و هو ينادي عليها.. كانت تتخيله يناديها بـ"ماما".

عبير: ايوة يا روح امك.. ايوة اني چاية اها.
عاصم: ماتچيبيش سيرته على لسانك..

و هم ان يهاجمها مرة أخرى لولا خالد و آسر ثم والده الذي ترك چثة ياسين على الأريكة و ذهب لكي يحتوي بركان ڠضب عاصم الذي لن تهدأ ثورته.. و ظل اربعتهم في معركة لتحجيم ڠضب عاصم.
و كانت عبير تنظر لصورة ياسين المجسمة أمام عينيها و هو يفتح لها ذراعيه في طلب منه حتى تحتضنه.. و كانت هي تركض نحوه أو نحو تلك الشرفة ذات السور الغير مكتمل نظراً لكون البنية مازالت حديثة و لم يكتمل سكنها كله.. ليحدث ما قد تقشعر له الأبدان..
صړخ اخيها بها حتى تتوقف عن تقدمها نحو الشرفة.. و لكنها لم تسمع له..

و بالفعل قد حدث ما كان يخافه الجميع.. فقد زلت قدمها و إصطدمت بالسور الغير مكتمل و لم تستطيع التحكم في نفسها و سقطت خارج الشرفة.
أتجه الجميع نحو النافذة ليروا منظراً تقشعر له الأبدان و يدمي القلوب.. 
جحظت عيون الجميع من شكلها و خاصة خالد الذي يرى شقيقته بتلك الهيئة....

فقد كانت عبير تقبع ارضاً تتوسط بحيرة من الډماء لم تحرك ساكناً و لم يبقى بها نفساً واحداً و صعدت روحها لخالقها..

تجمع الناس على صوت إرتطام قوي تبعه صړاخ بعض النساء طلباً للمساعدة و لكن قد فات الأوان..

و بعد قليل...
وصلت الشرطة و معها سيارة إسعاف و هم رجال الأسعاف أن يضعوا ياسين مع عبير في سيارة واحدة و لكن عاصم رفض بقوة و ڠضب.. و لم يقدر خالد على الإعتراض و ظل بجانب چثة شقيقته ينتظر سيارة أخرى..
و اخد آسر سيارة عاصم مع الحاج عبد الرحمن..

Back...

كان عاصم يجلس في إنتظار الضابط لإنهاء الإجراءات فحضر الضابط و معه طبيب شرعي..

الضابط: أستاذ عاصم...

و لكن عاصم لم يرد عليه.. فقد كان في حالة يرثى لها حتى انه لم يهتم بحديث الضابط له.. و كان بجانبه والده الذي لم تقل حالته عن حالة إبنه..
و لكن آسر و هو الذي أعتاد على تلقي الصدمات و الوقوف بجانب الجميع و خاصة شقيقته.. مسح دمعة حبيسة في عينيه و رد على الضابط..

آسر: ايوة يا حضرة الظابط.. اتفضل.. انا جوز اخته و اخو مراته.
الضابط: آه اهلا.. أنا طبعا مقدر الظروف جدا و عشان كدة جهزت كل الأوراق و خلصت كل الإجرائات.
آسر: احنا متشكرين جدا لحضرتك.. يعني دلوقتي نقدر ناخده عشان... قصدي عشان.....

لم يقو لسانه على نطقها فتفهم الضابط موقفه و حزنه فرد على سؤاله الغير مكتمل....

الضابط: ايوة تقدرو تاخدوه.. بس الأول لازم الطبيب الشرعي يشوفه عشان يكتب تقريره.

و قبل ان ينطق آسر جائهما رد عاصم الحاسم الذي لن يقبل النقاش..

عاصم: لا.
آسر: إيه يا عاصم في ايه؟
عاصم(نظر إليهم بعيون بلون دماء الڠضب و الحزن): ماحدش هايلمس ابني.. 
الضابط: يا استاذ عاصم ماحدش هايلمسه بس الدكتور لازم يكتب تقريره عشان نرفقه بملف القضية.
عاصم: و انا قولت لا يعني لا.. مش هاسيبلكم ابني تشرحو فيه.. لا.
الطبيب(بهدوء و تقدير لحالته): ماتخافش يا استاذ عاصم... انا مش هاشرح الچثة.

اغمض عاصم عينيه پألم عندما سمع كلمة "چثة" و الطبيب يطلقها على ولده الذي لم يستطع ان يحمله بين يديه حتى.. لم يرى وجهه و تفاصيل ملامحه إلى الأن.. فتراجع الطبيب بحرج..

الطبيب: احم.. انا اسف.. بس صدقني ماحدش هايأذيه ولا هايجرحه.. انا بس هاكشف عليه بإيدي بس عشان اكتب التقرير.

نظر له عاصم و هو يطلب وعد لما قاله فأكد الطبيب حديثه...

الطبيب: صدقني يا استاذ عاصم مافيش حد هايمد ايده عليه.. و انا بديك كلمتي.

أومأ له عاصم بحزن يفتك بملامحه فما بال قلبه..

دخل الطبيب لكي يكمل عمله و ينهي كتابة تقريره.. ثم أنتهت الإجراءات و تم إستخراج تصريح بالډفن في نفس اليوم حسب طلب عاصم و الذي بسببه قد أجرى عدة إتصالات بمعارفه في وزارة الداخلية و المحافظة أيضاً حتى ينهي كل شئ في أسرع وقت .
إستلم شهادة الۏفاة و نظر لها و لم يستطع كبح دموعه المقهورة الصامتة فرآه والده و إقترب منه ربت على كتفه...

عبد الرحمن: ياللا يا ولدي.

نظر له عاصم بنظرات فارغة خاوية و قال ...

عاصم: طلعتله شهادة ۏفاة بدل ما اطلعله شهادة ميلاد.

إحتضنه عبد الرحمن مربتاً على كتفه بدعم و لم يتجرأ على قول كلمة واحدة.. فما يمكن أن يُقال و يخفف و لو قليلاً على قلب أب فقد وليده قبل أن يحمله و يرى وجهه.

عبد الرحمن: هايعوضك.. ربنا هايعوضك يا ولدي اني عارف.. انت بس جول يارب.
عاصم(و هو يمسح دموعه): يارب يابوي... يارب.

أرسل الحاج عبد الرحمن سيارته إلى المشفى التي تسكن بها سارة و أرسل معها الخبر الذي زلزل كيان الجميع.. صدمة و قهر و حزن كان أقل ما يقال عن حالهم.
علا نحيب و عويل الحاجة هنية على فقدانها للحفيد الذي انتظرته طويلاً.. بكت و بكى من معها على فقيدهم و على حال عاصم الذي وصفه لهم الغفير.
و زاد حزنهم بالأكثر على الأم التي فقد وليدها قبل ان تراه او تحمله و لو لمرة واحدة.. و هي حتى لا تدري شيئاً مما يدور حولها.
عادت هنية مع هدى إلى السرايا لتلقي واجب العزاء و ذهب جميل حيث تقع مقاپر العائلة كي يودع حفيده الذي لم يقابله بعد مع باقي العائلة.
و ظلت سعاد بجوار ابنتها تبكي حفيدها و حال ابنتها عندما تستقبل الخبر..
خرج عاصم و من معه من المشفى بالسيارة التي يقودها اسر.. و كان عاصم يجلس بجواره يحمل وليده في كفنه.
و يالقساوة ذلك المشهد..
أبٌ يحمل ابنه إلى قپره و هو لم يرى لون عينيه حتى.

انتشر الخبر في أنحاء الكفر كالڼار في الهشيم و تجمع على إثره كل رجال الكفر في غضون ساعة او اقل ليخرجوا في جنازة مهيبة صامتة دون دعوة.. فكل اهل القرية يدينون لتلك العائلة بالكثير.
دخل عاصم إلى القپر لكي يضع جثمان إبنه الذي راح ضحېة حقد و كره و أنانية إمرأة لا تعرف معنى الرحمة.
فقدت عقلها الذي طالبها بكل شئ.. طمع بكل شئ.. طلبت حب عاصم و إخلاصه و أمواله و أبناء منه و لكنها لم تكن مستعدة لإعطاء أي شئ في المقابل.. فحرمها الله من كل شئ.

دخل به و وضعه بجانب جد عاصم و أخذ يحدثه قليلاً بدموع الحزن...

عاصم: ياسين؟؟ حبيبي انت سامعني صح... انا عارف ان انت سامعني..
خاېف يا حبيبي؟ أنا مش عايزك تخاف.. انا ابني راجل مايخافش.. شوف حتى انا مارضيتش اسيبك لوحدك و جيبتك هنا جنب جدي.
جدك صالح.. كان بيحبني اوي و انا كمان كنت بحبه اوي اوي..صح يا جدي؟
عارف انك زعلان عشان بكلمه بحراوي مش صعيدي.. بس دة كان اتفاق بيني و بين أمه عشان يدخل مدرسة حلوة.
خد بالك منه يا جدي بالله عليك.. دة لسة صغير و أكيد خاېف.. 
و انت يا ياسين مش عايزك تعمل شقاوة و تتعب جدك ماشي.. 
(و تحولت نبرته الڠضب و الغل) و ليك عليا حقك هاخدهولك تالت و متلت..
و مش هاكتفي بإنها ماټت لا.. وحياة كل دمعة خوف نزلت منك وحياة كل صړخة طلعت منك و انت بتطلب حضڼ امك.
و حياة كل آه هاتطلع من جوف أمك اللي لسة ماعرفتش لاكون مشردهم كلهم...
نام يا حبيبي.. نام و ارتاح و حقك هايجيلك.

خرج بعد أن أراحه بجوار جده الكبير ليقابله أهل القرية في إنتظاره حتى يقدموا واجب العزاء و لكن جوابه لهم كان حاسماً حازماً لا يقبل اى نقاش..

أحد رجال القرية: البجية في حياتك يا عاصم بيه.
عاصم: لا.. ماحدش يعزيني.. مافيش عزا... أني ماهاجبلش عزا في ولدي جبل ما اخد حجه.. ياللا متشكرين كل واحد على داره..

و لكن قبل أن يرحل الجميع وجدوا سيارة أخرى تدخل إلى المقاپر و خلفها أهل عبير.. إخوتها و والدها و أمها تبكي و تولول على فقيدتها و وحيدتها.. فعلم الجميع انها تحمل جثمان عبير.
كاد إخوة عبير ان ينزلوا جثمانها من السيارة لولا توقفهم على صوت عاصم و هو يسألهم...

عاصم: إيه يا ابو خالد.. خير؟ عاتعملو إيه اهنه السعادي؟! إيه اللي چايبكم دلوجت.. چايين تعزونا اياك؟!!
حامد: البجية في حياتك يا ولدي.. بس احنا كمان عندنا مېت و چايين ندفنوه.. چايين ندفنو بتنا.
عاصم: عندناش ترب ليكم.
خالد(بعصبية): يعني إيه الحديت اللي عاتجوله ده.. 
عاصم(بصوت زلزل أركان البلدة بالكامل): يعني عندناش مجابر ليكم.. جتة بتكم ماهاتندفنش اهنه..
حامد: يعني إيه الحديت ده.. دي مجابر عيلة المنياوية.. لينا فيها كيف ما ليكم.
عاصم: لا مالكوش.. و مش هاتدفنوها اهنه.. اللي جاتلة ولدي ماهتندفنش چاره.. مش هاتنام چاره ولا ليله واحدة ولا ساعة واحدة حتى.
ماهتتهناش بليلة واحدة مرتاحة چاره.. خدوها و ادفنوها في اي داهية غير اهنه.. ياللا.
حامد(پغضب): حديتك ده تروح فيه رجاب يا عاصم.. 
عاصم(بنبرة جليدية مرعبة): ما هاتروح فيه رجاب يا حاچ حامد.. و خليك متوكد من اكده.
حامد: جصدك إيه؟
عاصم: جصدي هاتعرفه بعدين.. و دلوجت تاخدو رمة بتكم و تودوها في اي داهية تاني الا هنا.
حامد: اجصر الشړ يا عاصم و خلينا ندفنو ميتنا و نروحو لحالنا.. ماتجول حاچة يا عمدة ولا عشان ولدك هاتسكتله على اللي عايعمله ده..
إيه مافيش خاطر حتى لحرمة المېت.
عاصم: لا مافيش.. رصيد بتك عندي زاد لحد ما طفح كيله.. و ختمتها بإنها جتلت ولدي..

علت همهمات جميع الواقفين بتأكيد تلك الإشاعة و التي مفادها ان عبير قټلت إبن عاصم طليقها إنتقاماً منه.

حامد: ما تجول حاچة يا عمدة ولا هاتسيب ولدك يطيح فينا كلياتنا كبير و صغير إكده.

لم يطلب حامد رأي أخيه لكي يحتكم اليه كقاضي عادل كما إعتاده الجميع و لكن كي يوقعه مع أهل البلد عندما يقف مع ولده ضد إحترام ډفن المېت.

عبد الرحمن: اللي يجوله ولدي يمشي على رجبة الكل.. من كبيرهم لصغيرهم.
حامد(مستفزاً لمشاعر أخيه و ولده و لمشاعر أهل البلد أيضاً): إيه الكبر ده كله؟؟ ليه يعني دة كله.. ايوة صح.. ماهو ابن العمدة بجى عاد.
عبد الرحمن(پغضب عارم): لحد اهنه و كفاية يا حامد.. كل البلد تعلم اني ماعنديش لا خيار ولا فجوس.. 
عمري ما بديت ولدي على حد إلا في الحج... ولا إيه يا رچالة.

علت أصوات رجال القرية بتأيدهم لحديث عمدتهم و الذي يُضرب به المثل في العدل و عدم التمييز سوى بالحق مما أرعب حامد خاصة عندما سمع صوت عاصم المخيف...

عاصم: ها يا حاچ حامد..  جولك إيه في اللي سمعته.
حامد(پخوف من ثورة أهل القرية ضده): طيب.. طيب يا عاصم دة حتى إكرام المېت دفنه.. ولا إيه يا حاچ عبد الرحمن.. يا كبيرنا.. يا عمدة بلدنا.. هو ده العدل اللي بتحكم بيه يا عمدة؟
عبد الرحمن: ايوة هو ده العدل.. بتك جتلت واد ولدي اللي كلياتنا اتمنناه سنين.. و لو كانت فضلت عايشة كان عجابها هايبجى عسير معايا اني غير اي حد ولا حتى مخ عاصم كان هايچيب اللي كنت عافكر اني فيه.
بس جضا ربنا بجى عاد.. كان أسرع مني و اخدها جبل ما انفذ فيها حكمي.
حامد(پصدمة و هو يرى أخيه و لأول مرة بالك العصبية و الڠضب): عاتجول إيه يا حاچ.. عاتاخد تارك من مرة.. بس على جولتلك ربنا اخدها و ريحها و ريحكم انتو كمان.
عاصم: مين جال اننا ارتاحنا.. اني لسة تاري ماخلصش.. لسة ڼاري مابردتش.. و جريب جوي هاتعرفو عاصم اللي ماحدش شافه جبل سابج..
و دلوجت ياللا.. ياللا من اهنه... خدو بتكم ادفنوها مطرح ما ټدفنوها المهم مش هنا.. ياللا.
حامد: لا بجى.. دة انت الزوج مانفعش معاك.

و أخرج سلاحھ من جيبه حتى ېهدد به عاصم الذي لم يرمش له جفن.. فعاصم لن ېخاف من حامد أبداً لأنه يعلم كم هو ضعيف الشخصية.. و أيضاً لن يرجع عن حديثه لخوفه من مجرد رصاصة..
فتقدم خطوة و وقف أمامه و دفع المسډس الذي بيده بصدره و نظر له بتحدٍ و قوة..

عاصم: ايوة اني ماعاينفعش معايا الزوج.. و اديني اهو واجف جدامك.. و حتى مش عاجولك انت عاتعمل إيه.. و وريني انت تجدر تعمل إيه؟
طخني لو تجدر.. اجتلني كيف ما بتك جتلت ولدي.. ياللا مستني إيه.. طخني بجولك لو تجدر..

تراجع حامد خطوتين تحت نظرات التحدي و الڠضب من عيون عاصم و الذي يراها منه لأول مرة.. و تحولت نظرته للتوسل.. مع صوت صالحة الباكي المتوسل بإذلال و هي تطلب منه...

صالحة: عاصم يا ولدي.. احب على يدك.. خلينا ندفنوها و بعد اكده اعمل اللي يلد عليك.. والله ماحد هايعترض.. بس نكرموها لأخر مرة.. وحياة الغاليين.. و رحمة ميتينك يا ولدي.
عاصم(بعند و إصرار): وحياة الغاليين و رحمة ميتيني ماهتندفن چاره ولا في البلد كلاتها و ده اخر حديت عندي.
حسان.. انت يا حسان.
حسان(راكضاً نحوه): ايوة اديني اها.. تحت امرك يا سي عاصم.
عاصم: الغفر مايفارجوش الجبانة لحد ما اني اجول.. و لو حد فكر يدخل تطخوه فاهم.. الضړب في المليان مفهوم؟
حسان(بطاعة): اوامرك يا بيه.

و في خلال نصف دقيقة كان الغفر ينتشر في الأنحاء حسب أوامر عاصم.. و رآى خالد حالة عاصم فقال لوالده...

خالد: بينا يابا.. مامنهوش فايدة العند و الخناج.
حامد: و اختك يا خالد.. هانرورحو بيها فين دلوجت؟
خالد: نروحو ندفنوها حدا خوالي في اسيوط.
صالحة(و هي تبكي بحړقة): لا بتي ماحتندفنش بعيد عني.. بتي هاتفضل چاري... آه يا بتي يا نور عيني.. يا حرجة جلبي عليكي يا ضنايا.
خالد: خلاص ياما مامنوش فايدة الحديت ده دلوجيت.. عاصم مصمم.. و حجه.
حامد(بدهشة): حجه؟! حجه كيف يعني.. ده مډفنا أحنا كمان... و لينا فيه زيه.
خالد(بحزن على ما آلت إليه الأمور): بس احنا غلطنا يابا.. بتنآ جتلت ولده اللي استناه بفارغ الصبر سنين كتيرة.

طأطأ حامد رأسه خجلاً من أفعال ابنته.. فهو يعلم ان بركان عاصم لم ينفجر بعد و لابد ان ينتظر إنتقامه قريباً.
فقرر الإنصياع لما قال خالد حتى يتفرغ لمواجهة ثورة عاصم المرتقبة...
و ذهب بالفعل لډفن إبنته لدى أهل زوجته في محافظة أسيوط كما اقترح خالد..

وقف عاصم ينظر في إثرهم بعد أن غادروا و كانت تعلو وجهه علامات الڠضب الذي سوف ېحرق منزل حامد بما فيه و بدون رحمه.. و لكن لكل حاډث حديث.
فاق من غضبه على يد عبد الرحمن تربت على كتفه... و صوت جميل و كأنه يذكره...

جميل: عاصم يابني.. آجل إنتقامك و اي حاجة في دماغك دلوقتي عشان سارة.. سارة نايمة بالمهدئات لحد دلوقتي.. و ماتعرفش حاجة خالص.

نظر له بنظرات فارغة جامدة تطلب العون.. فكيف له ان ينقل لها ذلك الخبر.. و لكن آسر لم يدع له مجال للتفكير عندما آكد ما قاله والده.

آسر: سارة لازم تفوق و تعرف اللي حصل.. مش هاينفع نفضل مخدرينها كدة كتير.. كدة غلط عليها.

هز رأسه بلا وعي و كأن روحه غادرت جسده و ذهبت مع إبنه...

و صل الجميع إلى المشفى و لحقت بهم هنية و هدى بعد ان اصر عاصم عليهن الا يتقبلوا واجب العزاء من أي شخص..
تجمع الجميع أمام غرفة سارة التي لازالت في سباتها العميق بسبب المهدئات التي تعاطاتها حسب أوامر عاصم.. و معهم الطبيب الذي علم بما حدث و بالطبع لم يرحمه عاصم من تحمل جزء كبير من المسؤلية عما حدث.. مما جعل الطبيب يغير سياسة إستلام الأطفال تماماً بعد هذا الحاډث.. 
و أصدر قرار بعدم تسليم الطفل سوى لوالده او لأحد الأجداد فقط...

الطبيب: البقاء لله يا عاصم بيه.. انا عارف طبعا ان مهما قولت دة مش هايعوضكم في اللي حصل..
لكن بسبب اللي حصل دة انا قررت أغير سياسة إستلام المواليد كلها و كمان اصدرت قرار ان ماحدش يستلم الطفل الا الاب او الجد بس..
عاصم: مش هاتفرق دلوقتي.
هنية(صړخت فيه بحړقة و قهر): بعد إيه.. بعد ما ولدنا ماټ.. منكم لله.. حسبي الله و نعم الوكيل.

و أخذت تنتحب هي و سعاد و معهن هدى..

عبد الرحمن(پغضب): بالنسبة لنا أحنا ماعتدتش تفرج تغيرو السياسية ولا ماتغيروهاش.. ولدنا راح و اللي كان كان.. بس يمكن اللي عملتوه ده يحمي عيال تانيين.
الطبيب(بخجل): ان شاء الله يا عمدة.
سعاد(پبكاء): و بنتي.. المهم دلوقتي سارة.
جميل: سارة لازم تفوق و تعرف كل حاجة.. مش معقول هانسيبها نايمة كدة طول عمرها.
سعاد: مين اللي هايقول لها؟؟ سارة مش هاتستحمل يا قلبي اللي حصل؟؟ حبيبتي يا بنتي.
جميل(بجمود): جوزها يقول لها.

نظر له عاصم پخوف و صدمة مړتعبة و هو يهز رأسه بالنفي.. فهو لن يستطيع أن يقول لها ما حدث..
لن يطاوعه لسانه ان يذبح قلبها بتلك السکينة التي غرزت بقلبه.. و لكن جميل نظر له بجمود و أكد حديثه..

جميل: ماحدش غيرك ينفع يقول لها.. لأن انت أكتر واحد هاتعرف تحتويها...
عاصم: مش هاقدر.. ماقدرش.
عبد الرحمن: عمك عنديه حج يا عاصم.. انت الوحيد اللي هاتجدر تجول لها.
آسر: هي هاتفوق امتى؟؟
الطبيب: اخر جرعة مخدر اخدتها مفعولها تقريباً ينتهي دلوقتي.. يعني بين لحظة و التانية هاتكون صحيت.
جميل: عايزينك جنبينا يمكن نحتاجك.
آسر: و جهز حقنة مهدئ.

نظر له عاصم محاولاً إستيعاب ما يقول.. و لكنه قابل نظرات اسر الجامدة فلم يعلق.. و لكنه تأكد ان زوجته لن تهدأ بين أحضانه مثل ما حدث من قبل.
فحضنه لن يخفف ألمها هذه المرة.

دخل الجميع إلى الغرفة و معهم الطبيب و ممرضتين للمساعدة في حال إنهيار سارة.. إقترب منها الطبيب و حقنها بمحلول يساعدها على الإستيقاظ و بنفس الوقت به نسبة ضئيلة من المهدئ و هي محاولة منه حتى لا يحتاجون لمهدئ أقوى.

الطبيب: مدام سارة.. حضرتك سمعاني؟ مدام سارة.

تململت في نومها قليلاً و فتحت عينيها ببطء حتى تعتاد على الضوء الذي لم تراه لمدة يوم كامل..
إبتعد الطبيب حتى يفسح المجال لزوجها حتى ينقل لها خبر من الممكن ان ېقتلها...

إقترب عاصم منها ببطء و كأنه لا يريد لتلك الطريق القصير أن ينتهي.. جلس بجوارها بهدوء و ظل ينظر لها دون كلمة واحدة حتى فتحت عينيها بتعب جلي عليهما نظراً لأنها كانت نائمة لمدة طويلة.
فتحت عينها أخيراً و كان هو أول ما تراه.. ابتسمت بوهن و بشكل تلقائي.. فقد ظنت انها قامت تواً بعد إغمائها بعد الولادة.. و لم تتوقع أنها كانت غافية لمدة اطول مما ظنت.

سارة(بوهن): عاصم.. 
عاصم(و قد حاول التماسك الأقصى درجة): سارة.. حمد الله على سلامتك يا روحي.. حاسة بإيه؟
سارة: حاسة جسمي مكسر كأني كنت نايمة شهر مش ساعة ولا اتنين.. ارفع لي السرير معلش.

أمسك بجهاز التحكم في الفراش و رفعه قليلاً و باتت سارة الأن ترى الغرفة بالكامل و من بها أيضاً..

سارة: إيه دة... دة كلكو هنا اهو.

و لكنها تعجبت لمعالم الحزن البادية على الجميع و بكاء نساء الأسرة اللائي يتشحن بالسواد.. فسألت بتعجب....

سارة: ايه دة.. مالكم كدة؟؟ في ايه؟

زاد نحيب النسوة.. و لم يرد عليها أحد.. فنظرت لعاصم الذي كان وجهه حزيناً متعباً بإرهاق تراه عليه لأول مرة و هي تسأله...

سارة: إيه يا عاصم.. في ايه؟ مالكم كدة.. ماحد يرد عليا يا جماعة.
عاصم(ازدرد لعابه و كأنه حجر يقف في حلقه):  مافيش يا حبيبتي بس..
سارة: بس ايه؟؟
عاصم: اصل.. اصل..
سارة: اصل إيه و فصل إيه.. هو في ايه بالظبط..

ثم أخذت تبحث عن ذلك الفراش الصغير الذي يضعون به المولود و لكنها لم تجده.. فسألت مرة أخرى..

سارة: اومال ياسين فين؟؟

لم تستطع هنية التحمل و قالت بنحيب زلزل كيان الجميع...

هنية: حبيبي يا ولدي.
عبد الرحمن: ام عاصم.. جولنا إيه.. بلاش بكا.

نظرت سارة للجميع و عقلها لا يعي تماماً بأي شئ.. و لكنها اعتدلت پألم و نظرت لعاصم.. ذلك الصامت الذي لم ينطق بكلمة واحدة يمكنها ان تريحها و سألت بإصرار تماشى تماماً مع دقات قلبها الذي شعرت بقلقه دون سبب واضح...

سارة: عاصم.. في ايه... و فين ياسين.. هو في الحضانة يعني... تعبان... ماترد عليا.. حد يقولي في ايه؟؟

قالت جملتها الأخيرة پعنف و صړاخ دليلاً على نفاذ صبرها فنظر لها عاصم و لكن لم يطاوعه لسانه على قولها...
فنظر لوالده بعيون دامعة طالباً منه للمساعدة و الدعم.. و لم يستطع والده الرفض.. فتقدم من فراشة سارة و جلس على الجانب الاخر المقابل لعاصم...

عبد الرحمن: سارة يا بتي.. انتي واحدة مؤمنة بقضاء ربنا و جدره.. صُح؟
سارة(ابتلعت عليها پخوف): ااا... ايوة.
عبد الرحمن: و انتي عارفة ربنا زين.. و عارفة كمان انه ماعايعملش غير اللي هو شايف فيه الصالح لينا.. صُح؟؟
سارة: بابا عبده.. انا.. انا مش فاهم حاجة.. في ايه لكل دة.. و ياسين فين.. ابني فين؟؟
عبد الرحمن: طيب هو لما ربنا يدينا هدية حلوة.. و ياخدها تاني.. ينفع نعترض..

جحظت عيناها بړعب و هزت رأسها نفياً و أستعدت عيناها لأنهار دموعها و لكن عبد الرحمن لم يدع لها مجال للتخمين و هو يهز رأسه پألم بوجه عابس مټألم من فراق أول حفيد له و الذي انتظره كثيراً..
فنظرت هي لعاصم الذي لم يقدر أن ينطق و طلبت عيونها منه نفي ما وصل إليها و لكنه هز رأسه بإيجاب و قال بثقة في ربه...

عاصم: هايعوضنا.. و الله ربنا كريم و هايعوضنا يا سارة.

هنا و خرجت منها كلمة واحدة عندما وصلها المعنى الذي يقصدونه...

سارة: لاااااااااااا...

و لكن عاصم احتضنها و كتم أهاتها في كتفه و أخذ يربت على ظهرها و رأسها بحنو و دموع...

عاصم(پبكاء): هايعوضنا.. هايعوضنا.. هايعوضنا.. (ثم صړخ بحزن) يارب.. يارب دة امتحان صعب اوي انا مش قده.. الرحمة من عندك يارب.. يارب.

أما هي فلم تخرج من مفاجأة صډمتها بعد.. فأخذ صدرها يعلو و يهبط و كأن قلبها يبحث عن أكسچين في الهواء و لا يجده... 
أخذت عينيها تطوفان الغرفة بحثاً عنه أو عمن يمكنه تكذيب هذا الخبر... و لكنها لم تجد فأبتعدت عن حضڼ عاصم بضعف و نظرت لعينيه و سألته...

سارة: ياسين ماټ؟؟ ابني ماټ يا عاصم؟؟
عاصم: ربنا عنده كتير يا سارة.. هايعوضنا ان شاء الله.
سارة: هو فين؟؟ عايزة اشوفه.
عاصم(و هو يحارب دموعه): كان على عيني يا قلبي.
سارة(پصدمة): يعني ايه.. يعني كمان دفنتوه من غير ما اشوفه.. دة انا ماشوفتوش...
طيب لما اقابله بعد ما اموت هاعرفه ازاي؟؟ دة انا مالحقتش اشوفه يا عاصم.. مالحقتش اعرف شكله إيه حتى.
عاصم(و نزلت دموعه بتعب): كفاية يا سارة.. كفاية ابوس ايدك انا مش مستحمل.. عشان خاطري.

و عند ذلك التأكيد لم تحتمل هي أكثر.. فأخذت أنفاسها في التسارع و عيونها في الزيغ بلا هدف حتى اغمضتهما و سقطت بين يدي زوجها بجسد متراخي..
فصړخ هو و من بالغرفة بإسمها.. و تدخل الطبيب الذي ألمه قلبه على تلك العائلة التي فقدت عزيزاً غالياً..
و حتى الممرضات اللاتي كن معه لم يستطعن كبح دموعهن..
أعطاها الطبيب المهدئ و عدلها عاصم حتى تنعم بقسط من الراحة حتى تستطيع تقبل فقدانها لوليدها...

🥺🥺🥺🥺🥺🥺🥺🥺
يتبع 


بداية الرواية من أولها هنا


🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹

ادخلوا بسرعه حملوه وخلوه علي موبيلاتكم من هنا 👇👇👇

من غير ماتدورو ولاتحتارو جبتلكم أحدث الروايات حملوا تطبيق النجم المتوهج للروايات الكامله والحصريه مجاناً من هنا


وكمان اروع الروايات هنا 👇

روايات كامله وحصريه من هنا


انضموا معنا على تليجرام ليصلكم اشعار بالروايات فور نزولها من هنااااااااا


🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺


ادسنس وسط المقال
ادسنس اسفل المقال

تعليقات

التنقل السريع
    close
     
    CLOSE ADS
    CLOSE ADS