expr:class='data:blog.languageDirection' expr:data-id='data:blog.blogId'>

رواية لهيب الروح الحلقه 16/17/18/19/20/21/22 بقلم هدير دودو حصريه وجديده

رواية لهيب الروح الحلقه 16/17/18/19/20/21/22 بقلم هدير دودو حصريه وجديده 

رواية لهيب الروح الحلقه 16/17/18/19/20/21/22 بقلم هدير دودو حصريه وجديده 

استمع جواد إلى حديثها بصدمة وقد ازدادت ملامحه حدة وغضب لكنه تنهد بصوت مرتفع محاولًا السيطرة على ذاته أمامها، ظل يطالعها بعدم تصديق عالمًا سبب تفوهها بذلك الحديث لكنه لازال غاضبًا لا يعلم كيف استطاعت التفوه بتلك الكلمات القاسية الناهية لعشقهما.. 


سار من أمامها بخطوات واسعة غاضبة يود الفرار من أمامها بدلًا من لهفته لرؤيتها، محاولًا أن يسيطر على غضبه العارم من حديثها. 


أسرعت تحاول ملاحقته ومنعه من الذهاب بخطوات شبه راكضة مغمغمة باسمه بحزن


:- جـ... جواد... جـ... جواد استنى طيب. 


لم يلتفت نحوها ولم يبالي بهتافها باسمه بل استكمل طريقه بخطوات سريعة يفر من أمامها حتى لا ينفجر بها بعد طلبها في الإبتعاد عنه. 


وقفت باكية بعنف والحزن يملأ قلبها لما يحدث بينهما، اقتربت جليلة منها التي رأتها محتضنة أياها بهدوء عندما رأت هيئتها الباكية، مغمغمة بهدوء


:- اهدي ياحبيبتي متعيطيش محصلش حاجة. 


تمتمت بنبرة حزينة ضعيفة خرجت من بين شفتيها مهزوزة بقلق


:- سـ... سابني ومشي. 


لم تفهم جليلة سبب ماحدث بينهما، لكنها حاولت تهدئتها بتعقل وحنان 


:- لا يارنيم هو دايمًا كدة لما بيتعصب بيمشي حتى لما بزعل أنا وهو، متزعليش انتي بس واهدي ياحبيتي بلاش عياط هو هيهدا وهيرجع زي ما بيعمل على طول. 


ساعدتها بحنان حتى تدلف غرفتها وظلت معها تحاول تهدئتها لكنها لازالت مستمرة في البكاء بضعف غمغمت بحنان مربتة فوق ظهرها


:- خلاص بقى عشان خاطري متعيطيش طب هو مزعلك في ايه وازعلهولك أنا لما يرجع وبلاش عياط كفاية. 


اجابتها نافية بحزن متلعثمة من بين دموعها التي لم تتوقف للآن 


:- أ... انا اللي مزعلاه، هـ... هو سابني عشان أنا زعلته. 


ابتسمت جليلة بهدوء مردفة بمرح 


:- دة بيهدا على طول مش هيكمل حاجة وهتلاقيه رجع وهو اللي بيصالحك، جواد مفيش حد أطيب ولا أحن منه والله اهدي بقى وبلاش عياط بقى. 


اومأت لها برأسها أمامًا بهدوء محاولة منع دموعها لكنها فشلت واجهشت في دوامة مريرة من البكاء بلا توقف، حاولت جليلة تهدئتها إلا أنها استمعت الى صوت فاروق الجهوري الذي يردف باسمها متسائلًا عنها بعض احدى العاملات في المنزل التي دلفت وأخبرتها باحترام 


:- فاروق بيه عاوز حضرتك. 


نهضت لتذهب إليه مسرعة متمتمة لرنيم بهدوء


:- هروح عشان اشوفه يا حبيبتي ارتاحي انتي شوية واهدي والله هتلاقي جواد جاي هادي ومفيش حاجة هو مش بيزعل من اللي بيحبهم. 


همهمت تجيبها بخفوت هادئ، متمنية أن يكون حديثها صحيحًا ويعود جواد سريعًا، لاعنة ذاتها على حديثها القاسي معه، وفكرة الأنفصال التي اكدتها لكنها  تفعل كل ذلك عنوة عنها، لا تريد أن تتسبب في ظلمه معها وتحرمه من أن يكون أب كما كان يريد، استمعت الى حديث والدته الغير راضية عما فعل، على الرغم من أنها وقفت بجانبها الآن بحنان وهدوء لكنها تعلم شعورها الحقيقي، هي ستتسبب حرمانه وظلمه، هي عالمة جيدًا بصعوبة شعور الحرمان الذي يعاني منه قلبها، منذُ أن كانت صغيرة كانت تحلم باليوم التي ستصبح مسؤولة عن طفلها، وتعتني بكل ما يريده، وعندما آتى اليوم المنتظر منذُ سنوات طويلة، افتقدته بأبشع طريقة يتخيلها عقلها، فشلت عن حمايته من ظلم وقسوة زوجها وافتقدت معه أمومتها للأبد. 


ظلت كما هي تبكي وتتذكر تلك الذكري الأليمة المتواجدة في عقلها التي لم تُمحى إلى الآن وقد شرد عقلها في بعض الذكريات المؤلمة عندما كانت تُهان بأبشع الطرق الجـسدية والنفسية، لكنها الآن تعيش حياة سعيدة معه عالمة جيدًا أن سعادتها لن تدوم. 


لا تعلم كم مرّ عليها وهي لازالت حالتها هكذا تبكي وعقلها يخيل لها العديد من الذكريات المؤلمة حتى تفاجأت بجواد الذي ولج الغرفة للتو، ألقى نظرة سريعة عليها متفحصًا هيئتها، راى دموعها التي تسيل بلا توقف، وعينيها البنيتان المتورمان من فرط البكاء كان سيذهب يحتضنها بحنان، لكنه قرر أن يقسى عليها قليلًا حتى تتعلم لتنهي تلك الفكرة من عقلها؛ لذلك تجاهل هيئتها تمامًا كأنه لم يراها. 


أسرعت مقتربة منه بلهفة تطالعه بعدم تصديق، ملتقطة أنفاسها بصعداء لعودته مرة أخرى، وتمتمت بضعف خافت


:- جـ.... جواد أنتَ جيت بجد. 


جاهد بصعوبة بالغة حتى لا يرد عليها مغمغمًا ببرود حاد ساخرًا


:- انتي شايفة إيه؟! 


ابتلعت ريقها بتوتر وأجابته بضعف متلعثمة بقلق محاولة إنهاء غضبه منها


:- أ.... أنا مكنش قصدي حـ... حاجة. 


لم يبالي بحديثها بل سألها بحدة مشددًا فوق كل كلمة يتفوهها 


:- انتي قولتي إيه قبل ما امشي عيدي كلامك كدة


طالعته بخوف من تنفيذ حديثها متخيلة فكرة ابتعاده عنها كم هي قاسية لها ولقلبها، ستعود مرة أخرى إلى بئر ظلماتها القاسي عليها، ظلت صامتة كما هي لم تتفوه بأي شي تطالعه ببنيتيها بصمت تام. 


فأعاد حديثه عليها مرة أخرى بنبرة مشددة حادة 


:- سألتك قولتي إيه قبل ما امشي ردي عليا وقولي كلامك تاني. 


تنهدت بصوت مرتفع ملتقطة انفاسها بصعداء وأجابته بتوتر تعيد حديثها مرة أخرى بخوف


:- ا... انا قولتلك عاوزة اتطلق، بـ... بس قولت كدة عشانك والله. 


لم يهتم بحديثها بل أجابها بجدية تامة تعكس مدى غضبه منها


:- عشاني ليه عيل صغير أنا، بس ماشي هعملك اللي عاوزاه يا رنيم. 


تطلع داخل عينيها وغمغم متسائلًا ليتأكد من حديثها


:- عاوزة تطلقي يا رنيم بجد؟ 


لم تستطع النظر داخل عينيه فتطلعت بعيدًا بضعف وغمغمت ترد عليه بضعف ونبرة باكية ضعيفة خرجت من بين شفتيها بصعوبة


:- جـ.... جواد أنتَ عاوز إيه د... دلوقتي


أعاد سؤاله عليها مرة أخرى بنبرة هادئة قليلًا عندما رأى حالتها


:- ردي عليا يارنيم، عاوزة تسيبيني بجد؟


حركت رأسها نافية بضعف وبدأت تبكي بنبرة مرتفعة ملقية ذاتها داخل حضنه بضعف متمتمة بخفوت وضعف بعدما ارتفعت شهقاتها عاليًا بانهيار داخل حضنه الدافئ الآمن


:- لـ... لا يا جواد... لأ متنسيبنيش بس أنا سمعت كلام طنط جليلة ليك حـ... حسيت إن هي معاها حق أنا بظلمك معايا وبحرمك من حاجة مهمة أي حد بيتمناها. 


شعر بحزنها جيدًا فشدد من احتضانه عليها عالمًا بحقيقة مشاعرها فغمغم بتعقل هادئ محاولًا ان يجعلها تثق به قليلًا وتعلم كم يهواها ومتيم بها، لا يريد شئ سوى وجودها معه فقط وقد وصل إليها بعد عناء


:- وانتي كمان اكيد سمعتي ردي عليها يارنيم كل دة ملوش عندي أهمية أنا عارف من البداية قولتلك أن دة شئ عادي، انتي بس لو تثقي فيا هتفهمي أن أنا عاوزك انتي فعلا مش عاوز غيرك، بس انتي لسة مش واثقة فيا. 


تطلعت أرضًا بخجل هي تثق به لكن ما رأته ليس سهلًا فأهلها واقرب الناس إليها قد تخلوا عنها كيف ستستطع أن تثق به بسهولة مثلما يطلب، أغمضت عينيها الباكية بضعف متمتمة بخجل 


:- ا... أنا بثق فيك ياجواد بس مش قادرة حاسة أني بظلمك معايا. 


التقطت أنفاسها بصعداء لوهلة وغمغمت بأسف وضعف


:- ا... أنا اسفة مكنش قصدي و... والله مش عاوزاك تبعد عني، بس برضو عاوزاك تبقى احسن واحد. 


طبع قبلة رقيقة فوق كفها بحنان مغمغمًا بشغف هادئ


:- أنا هبقى أحسن واحد فعلا طول ما أنتي معايا متفكريش تبعدي عني تاني. 


ابتسمت بخجل تستند رأسها فوق صدره مستمعة لنبضاته العاشقة لها لتنعم من حنانه وعشقه لها الذي دومًا يعترف به بأفعاله قبل حديثه، تعلم أن معها رجل حقًا رجل يود حمايتها من أي شئ يزعجها، والأهم أنه يريدها معه ويحبها، لم يخجل من إظهار حبه لها أمام اي شخص، استمعت إلى حديثه مع والديه في مرات مختلفة وفي كل مرة تجده يعترف باحتياجه لها ولوجودها وحبه لها الشديد. 


ظل يربت فوق ظهرها بحنان حتى هدأت بين ذراعيه فغمغم بمرح 


:- على فكرة أنتي كدة بتضحكي عليا وبتاكلي حقي في الزعل دة، أنا راجع بدري عشانك. 


ضحكت بسعادة مغمغمة بهدوء وخجل بعدما دفنت وجهها في عنقه 


:- هـ... هو أنا قولت حاجة، ما أنا ساكتة اهو. 


أسرع ملتقطًا شفـ تيها بين خاصته بعشق ولهفة مغمغمًا بسعادة وهي بين يديه


:- تصدقي صح الحق عليا أنا غلطان، بس هصلح غلطي حالًا. 


اعتلت ضحكاتها بصخب بسعادة تبادله شعوره وعشقه بفرح لكونها معه وأخيرًا، كم تمنت منذُ زمن أن تصبح معه لكنها ظنت أن كل ذلك أمنيات مستحيلة، وها هي تحققها الآن بسعادة أكثر مما تتخيل. 


                          ❈-❈-❈


بعد مرور أسبوع... 


جلست مديحة مع ابنتها غمغمت أروى متسائلة بحدة وغيظ 


:- إيه ياماما أخرة حوار جواد والزفتة دي امتى ولا أونكل كان بيضحك عليكي؟ 


أجابتها نافية بثقة تامة موزعة نظراتها الماكرة 


:- لا طبعا فاروق عمره ما كان بيضحك عليا، قريب أوي هيطلقها والله. 


طالعتها ابنتها متذمرة بملل وعدم رضا معترضة لحديثها الدائم الذي بلا نتيجة


:- مش ملاحظة إنك دايما بتقولي كدة ومفيش حاجة حصلت، بعدين انتي واثقة من أونكل فاروق كدة ليه ما ممكن يسيبه ما أنتي شوفتي جواد اهو مطلقهاش رغم انها مبتخلفش.


فكرت مديحة في حديثها لكنها عادت مرة أخرى مغمغمة بجدية وإصرار على حديثها 


:- لأ يا اروى فاروق عمره ما هيرجع في كلمة قالهالي وأنا واثقة من اللي بقوله وعارفة كويس أنا بعمل ايه. 


غمغمت بعدم رضا ولازالت مندهشة في طريقة والدتها وثقتها التامة به 


:- ماما أنتي متاكدة من كلامك وإيه اللي هيخلي أونكل يسمع كلامك كدة، بعدين جواد مش بيسمع غير كلام نفسه وانتي عارفة كدة. 


شردت بذاكرتها لذكري قوية فعلتها في الماضي واجابت ابنتها بشرود غير واعية لما تتفوهه 


:- اللي بيني أنا وفاروق كبير جدا يخليه ينفذ وعده ليكي وزيادة وهيغصب على ابنه وهيجوزهولك مهما حصل، لا جواد ولا جليلة حتى هتقدر تمنعه أنا عارفة أنا بقولك إيه. 


قطبت أروى جبينها متعجبة لحديث والدتها الغير مفهوم وتسائلت بدهشة


:- انني قصدك ايه ياماما بالكلام دة ايه اللي بينك وبين أونكل فاروق. 


فاقت مديحة مسرعة قبل أن تتفوه بشئ زاجرة ذاتها بعنف، وأجابتها بتوتر 


:- مـ.... مفيش يا أروى ايه اللي بتقوليه دة هو بيعمل كدة عشان خاطر أخوه غير كدة ولا كان سأل فينا. 


رمقتها بعدم اقتناع بذلك الحديث الأبله الذي تبدل منذُ وهلة وغمغمت تتحدث مرة أخرى بشك


:- انتي اللي قولتي أن في حاجة بينك وبينه ياماما أنا مقولتش حاجة، أنا بس عاوزة اعرف. 


صاحت بها بعنف وحدة أخرستها تمامًا على الرغم من توترها بداخلها


:- إيه يا اروى تعرفي إيه انتي اتجننتي ماقولتلك مفيش حاجة، أنا غلطانة إني عاوزة اجوزك جواد عشان تأمني مستقبلك. 


لم تعقب على حديث والدتها بل طالعتها بصمت وهي متأكدة أن هناك شئ ما والدتها تخفيه عنها فنهضت مديحة بغضب تاركة إياها لاعنة ذاتها على حديثها التي تفوهت به بالخطأ. 


                          ❈-❈-❈


دق جواد الباب الخاص بغرفة شقيقته مستاذنًا منها بهدوء بعدما سمحت له أن يدلف


:- ادخل ولا مش فاضية دلوقتي؟ 


اتسعت ابتسامتها عندما رأته وأجابته بمرح مرحبة بوجوده


:- انت بالذات تدخل في اي وقت. 


اقترب محتضنها بحنان مقبلًا رأسها وجلس بجانبها مبتسما وسألها بمكر 


:- انتي قولتيلي اسمه خالد ايه قولي تاني كدة؟ 


أسرعت تجيبه بحماس وقلق بداخلها خوفًا مما سيفعله شقيقها لأنها ستستمع إلى حديثه على الفور 


:- خالد ابراهيم محمد ياجواد أنت لحقت تنسى اسمه. 


أجابها ضاحكًا بمرح وثقة مرتسم فوق ملامحه الجادة الهادئة


:- عيب عليكي أخوكي برضو ينسى حاجة مهمة زي دي، أنا سألت عنه زي ماقولتلك. 


لم تستطع أن تخفي فضولها وتوترها  فأسرعت متسائلة بلهفة عاشقة حقيقية علمها جواد على الفور


:- بجد ياجواد؟! وطلع إيه كويس صح زي ماقولتلك؟ 


ابتسم بتعقل ابتسامة هادئة لهيئة شقيقته الجديدة عليه، وأجابها بثقة هادئة متعقلًا


:- اه طلع كويس ومحترم كمان والأهم من دة كله أن شكلك بتحبيه بجد.


ابتسمت سما بخجل متطلعة أرضًا بصمت شاعرة بدقات قلبها تتسارع بعنف، لم تستطع التفوه بحرف واحد، فرفع جواد وجهها إلى أعلى مازحًا معها


:- بتحبيه جامد على كدة، انتي كبرتي امتى كدة يابت دة أنتي لسة كنتي عيلة صغيرة بتجري في البيت. 


ضحكت بمرح ولازالت شاعرة بالخجل متمتمة بتوتر خافت


:- يـ... ياجواد بس بقى متكسفنيش على فكرة مراتك هي كمان بتتكسف أكتر مني. 


شاركها الضحك بمرح مغمغمًا بغرور زائف


:- لأ انا مراتي تعمل اللي يعجبها وتتكسف براحتها دي مرات حضرة الظابط جواد الهواري انتي فاكرة ايه. 


أجابته بغرور هي الأخرى ضاحكة


:- وأنا كمان أخت الظابط جواد الهواري على فكرة، بعدين الواحد هيغير من رنيم بقى. 


احتضنها بحنان مربتًا فوق ذراعها، فانتهزت الفرصة متمتمة بضعف خافت وهي شاعرة بالخجل الشديد داخلها متلعثمة في حديثها بعدم انتظام خوفًا مما سيحدث في حياتها القادمة 


:- طـ... طيب ياجواد يعني أنتَ هتساعدني بجد، عـ... عشان يعني بعد كدة نتجوز بس لما اخلص اخر سنة وهو يظبط حاله. 


تنهد بصعداء وأجابتها بتعقل هادئ واتزان


:- اه هساعدك وهقف معاكي كمان، طالما هو كويس وطموح وشاريكي والأهم أنك بتحبيه بجد ياسما. 


ابتسمت بارتياح وعادت ابتسامتها تزين ثغرها شاكرة ربها لوجوده معها دومًا، لكن سرعان ما تذكرت امر هام هو الذي سيمنع كل شئ فغمغمت بتوتر وضعف


:- بـ... بس ياجواد بـ... بابا... بابا مش هيرضى اكيد مهما حصل. 


ابتسم بهدوء ليطمئنها عندما لاحظ تغيرها المباغت خوفًا من رد فعله القاسي مع الجميع 


:- متخافيش بابا أنا هقف قصاده مش هيقدر يعمل حاجة ولا أنتي مش واثقة في اخوكي. 


ضحكت بسعادة لوقوفه الدائم معها لكن قبل أن تتفوه بأي كلمة وجدت فاروق يقتحم الغرفة صائحًا بغضب حاد 


:- اه انتي لازم تثقي فيه ماهو هيعمل اللي على هواكي واللي عاوزاه حتى لو غصب عن ابوكي وعن الكل فلازم يبقى حبيبك بقى تعملي اكتر من كدة ماهو مقويكي. 


تشبتت بذراع جواد بخوف متمتمة بضعف متلعثمة


:- لـ... لا والله يـ... يابابا مش كدة، بس جواد شايف ا... اني معملتش حاجة غلط فعشان كدة واقف معايا بس


صاح بها بحدة غاضبة اخرستها تمامًا


:- انتي هتردي عليا ماتحترمي نفسك وطول منا بتكلم مش عاوز اسمع صوتك سمعتي. 


اومأت برأسها أمامًا بصمت خوفًا من حديث والدها الصارم الذي يعكس مدى غضبه منها وعدم رضاه عما تريده ويتمناه قلبها. 


وجه بصره نحو جواد يرمقه بنظرات حادة مغمغمًا بقسوة غاضبة مشددًا فوق كل حرف بتفوهه


:- أنت بقى هتساعدها بتاع إيه أنت مالك بيها، طريقتك دي مش هتنفع معايا خاصة لـسما بالذات، ولا أنت عشان وقعت في جوازة اي كلام عاوز تعمل كدة معاها وتكوش على كله فالأخر دة أنتَ مش سهل. 


حاول جواد السيطرة على غضبه هو الأخر مردفًا بجدية حازمة محاولًا انهاء الحديث الثقيل على قلبه بضراوة، وكأنه لم يتحدث مع والده، ففي الحقيقة لم تكن علاقتهما كوالد وابنه 


:- مالها جوازتي أنا فرحان بيها وعمري ماكنت هبقى مبسوط زي دلوقتي، وأنا هساعد سما عشان هي اختي ودة واجبي وانا عمري ما هبقى زيك واحرمها من حاجة عاوزاها خاصة لو مش هتضرها. 


ازدادت نظرات فاروق حدة مغمغمًا بلهجة مشددة حازمة يملأها الغضب


:- أنت فاكر أنك هتبان احسن بكلامك دة، أنتَ عمرك ماهتعرف مصلحة بنتي اكتر مني ماتفوق لنفسك، انت بس بتدور على مصلحتك مش اكتر من كدة. 


طالعه جواد بتحدي غاضب من نظرته به، شاعرًا أنه يتعامل مع شخص غريب لم يعلمه ليس والده، وهتف  بحدة هو الاخر


:- انا اللي بيهمني سعادة اختي بس أنت للأسف اللي بيهمك اي حاجة تانية غير سعادتنا، وانا فعلا هقف معاها وهعملها كل اللي عاوزاه طالما صح ومغلطتش واديني معرفك. 


تطلع نحو شقيقته وواصل حديثه بنبرة اهدأ 


:- ارتاحي انتي ياسما نبقى نكمل كلامنا بعدين ياحبيبتي لما نبقى لوحدنا. 


ظلت صامتة كما هي بخوف لا تعلم ماذا يجب عليها أن تفعل او تتحدث وهي في أمر هكذا، كانت نظرات فاروق حادة غاضبة كأنها ستقـ تله لكن جواد لم يبالي ووقف يطالعه بجدية يخبره بنظراته انه لن يفعل شئ خاطئ ليصمت لأجله. 


سار فاروق تاركًا الغرفة بخطوات واسعة غاضبة مقررًا ألا يصمت في ذلك الأمر بل سيفعل كل شئ حتى يجعله مستحيل.. 


غمغمت سما بتوتر وخوف بعدما ذهب والدها


:- جـ... جواد بابا شكله مش هيسكت باين عليه أنه مش هيوافق خالص مهما حاولنا. 


ابتسم لها بثقة لتهدأ وتطمئن عندما رأي حالتها الخائفة وأجابها باتزان


:- متخافيش اللي عاوزه ربنا هو اللي هيحصل اهدى بس وعاوزك تركزي في دراستك اهم حاجة. 


ابتسمت له بهدوء وحنان فسار هو الآخر تارك الغرفة ليتركها ترتاح شاعرًا بالدماء تغلي داخل عقله من والده القاسي الحاد الطباع، الذي دومًا يتعامل معه بقسوة دون النظر لمشاعر مَن حوله. 


ولج جواد الغرفة بغضب وجسد متشنج ذو عروق بارزة، فرمقته رنيم بدهشة متعجبة لحالته التي تبدلت تمامًا بعد عودته من غرفة شقيقته. 


اقتربت منه بهدوء جالسة بجانبه متسائلة بتعقل 


:- في إيه مالك ياجواد؟ ايه اللي زعلك كدة ما انت كنت راجع كويسة؟ 


ابتسم بهدوء أمامها حتى لا يجعلها تشعر بشئ مغمغمًا بلا مبالاه


:- مفيش حاجة يا رورو متشغليش أنتي بالك بس. 


رمقته بعدم اقتناع وكادت تتحدث لتفهم ما به لكنها وجدته يضع رأسه فوق ساقها بهدوء لينعم من حنانها واقترابها منه الدائم، بدأت تمرر يدها بين خصلات شعره بحنان متسائلة بقلق 


:- جـ... جواد أنت متأكد انك كـ... كويس بجد؟ في إيه مزعلك؟ 


تناول كفها طابعًا فوقه قبلة حانية بهدوء 


:- متخافيش أنا كويس اهو خليكي معايا بس. 


اومأت تنفذ ما يريده بخوف من حالته، ظلت صامتة لكنها تشعر بالقلق خوفًا من أن يكون به شئ، لكنها ستتحدث معه في وقت آخر لتفهم ما به، وقبل أت يمر شئ وجدته يتحدث هو مغمغمًا بحزن 


:- مش عارف هو عاوز ايه ولا بيعمل معايا كدة، دة أنا ابنه، هو في أب بيعمل كدة في ابنه. 


أجابته بحزن شديد متذكرة تطابق حديثه وأفعال والده بافعال والديها القاسية عليهما 


:- في ياجواد في اكتر من كدة بكتير، في بيرموا عيالهم ولا بيسألوا فيهم حتى، انا اكتر واحدة مجربة. 


اعتدل في جلسته عندما شعر بدموعها التي تسيل فوق وجنتيها بحزن محتضنها مغمغمًا بحنان


:- انا جوزك واهلك وكل حاجة ليكي سيبك من الكل اعملي زيي، خليكي قوية زي جوزك حبيبك. 


ابتسمت لطريقته معها وسندت رأسها فوق صدره مغمغمة بشغف لتجعله ينسى كل شئ يحزنه


:- انت عارف ان انت الحاجة الوحيدة الحلوة في حياتي كلها، مش عاوزاك تزعل ابدا. 


صمتت لوهلة بحزن وغمغمت متسائلة بحزن ودموعها تسيل فوق وجنتيها بصمت


:- تفتكر كـ... كنت هبقى أم كويسة و.. ولا ربنا عـ... عمل كدة عشان هبقى أم وحشة. 


ابتسم بهدوء ليخفف عنها مقبلًا كفها بحنو بعد استماعه لحديثه الذي يقطع أنياط قلبه 


:- والله ما في أم ولا ست في الدنيا كلها احلى منك، دة أنا محظوظ أوي عشان ربنا جمعني بيكي. 


حديثه يجعلها تنسي كل حزنها تنسي ذاتها باكملها تود أن تنعم باقترابه منها وحنانه عليها فقط، لم ينتظر بل اقترب بشـ فتيه طابعًا اياهم فوق خاصتها بعشق لينال من جمالها الساحر الذي يسلبه عقله، بادلته عشقه بسعادة أصبحت تحب جميع تفاصيلهم الخاصة وطريقته الدائمة معها..


                      ❈-❈-❈


في الصباح... 


ولجت مديحة المكتب الخاص بفاروق مغمغمة بجدية غاضبة تظهر عدم رضاها ونفاذ صبرها 


:- فاروق مش كفاية كدة، أنا اروى بدأت تزعل وتزهق وأنا كمان، وابنك عايش حياته مع البت دي كأنه ماصدق، لأمتى هيفضل كدة ماخلاص يرميها ونخلص. 


تنهد بجدية وعقله يفكر في أمر آخر، وغمغم يجيبها ببرود 


:- هو لحق يامديحة ما تهدي شوية هو هيزهق منها بس اصبري، بعدين لما يلاقيني عاوزه يسيبها هيتمسك بيها أكتر لكن كدة هيزهق ويرميها من نفسه. 


مصمصت شفتيها بضيق مردفة بتهكم ساخرًا


:- اه بنتي تقعد مستنياه لغاية مايزهق وأنت مش هتدخل، بس دة مش كلامنا يافاروق ولا اتفاقنا أنت بترجع في اتفاقك كدة ودة هيزعلنا كلنا. 


هدر باسمها بعنف حاد أخرسها مشددًا فوق حديثه، عالمًا جيدًا ماتعنيه بحديثها الماكر


:- مـديـحـة بلاش الأسلوب دة أنتي عارفة كويس أوي أنه مش معايا، أنا فاروق الهواري اللي يقف قدامي امحيه من على وش الأرض مينفعش تنسي كلامي لانك بتغلطي لما تنسي إنك بتتعاملي مع فاروق الهواري. 


لم تتراجع عن حديثها مثلما تفعل دومًا بل ردت عليه بجدية هي الأخرى


:- أنا منستش حاجة بس أنت بتظلم بنتي بعد ما اتفاقنا وخلصنا الاتفاق دة من زمان. 


هب واقفًا بجسد متشنج غاضب مغمغمًا بعصبية ضارية مسيطرة عليه 


:- أنا مش فايق لكلامك بتاع كل شوية أنا لسة عند كلامي وبنفذه، شوفي مين اللي منفذش كلامه بقى وبيقول كلام عالفاضي. 


قطبت مابين حاجبيها بدهشة متسائلة بعدم فهم


:- منفذتش إيه وقولته على الفاضي؟ مانا عملت كل حاجة من زمان؟


تنهد بصعداء ناهيًا ذلك الحديث بحزم مشدد


:- أنا مش قصدي كدة، انتي مش قولتي هتبعدي سما عن موضوع الواد النصاب دة منفذتيش ليه كنتي بتثبتيني؟ 


ضحكت ببرود بعدما علمت مايريده مغمغمة بجدية وبرود


:- ماهي بعدت عنه اهو بعدين انت مكبر الحوار على الفاضي دة برصاصة كان زمانه خلص. 


لازال رافضًا تلك الفكرة مغمغمًا بتعقل جاد


:- ملوش لازمة اننا نعمل حاجة زي دي، بعدين جواد كان بيسأل عنه يعني لو الواد حصله حاجة جواد هيعرف ومش هيسكت وقتها. 


ازدادت ضحكتها ساخرة بعدما طالعته بدهشة من طريقته الغير معتادة، وغمغمت متسائلة بمكر لتشعل النيران بداخله كعادتها


:- إيه يافاروق مالك شايفاك متغير، عامل حساب لجواد كدة ليه من امتى وأنت بتفكر كدة 


أجابها بحدة وشموخ ولازال متمسكًا برأيه بتعقل


:- دة الصح واللي لازم يحصل مينفعش اتصرف بالسرعة دي انتي اللي مش فاهمة وبتتعاملي بتهور من غير ما تفكري في اللي بتعمليه. 


رمقته بعدم رضا عندما رأته يقلل منها، وأجابته بغيظ غاضب


:- لأ وماله ابقى اغير طريقتي زي ما أنت عملت. 


لم يهتم بحديثها الذي بلا فائدة وسألها مردفًا بجدية ونفاذ صبر  


:- سيبك من دة كله يامديحة هتعرفي تتصرفي في حوار سما زي ماقولتي ولا اشوف حل تاني. 


التمعت عينيها بشر وابتسامة ماكرة تشبهها زينت محياها مغمغمة بثقة وخبث مقررة انتهاز تلك الفرصة جيدًا


:- لا هعرف اعتبره حصل وبعد عنها أنا هتصرف بطريقتي احسن تلاقي جليلة هي كمان بقت واقفة معاها وتجوزها. 


لم يعقب على حديثها فرمقته بغيظ وخرجت من الغرفة متمتمة بجدية


:- خلص حوار ابنك دة بسرعة عشان أروى زعلانة. 


خرجت من الغرفة تاركة إياه يفكر بصمت لما سيفعله مع أولاده الغير متفقين معه في شئ، هما حقًا يشبهون جليلة في جميع صفاتها وحنانها وهدوءها وقلبها الطيب، هي مَن زرعت بهم جميع الصفات الجيدة بالرغم من تضادها مع صفاته تمامًا وها هو الآن معترض على أفعالهم دومًا ويحاول إفسادها.. 


                            ❈-❈-❈


بعد مرور يومين... 


جلست رنيم مع جليلة متمتمة بهدوء عندما رأت معاملتها الجيدة لها في الفترة السابقة وحنانها الدائم في التعامل معها 


:- انتي طيبة أوي ياطنط جليلة جواد طالع زيك في حاجات كتير. 


احتضنتها جليلة بسعادة مربتة فوق ظهرها بحنان وأجابتها بفخر مبتسمة


:- جواد فعلا واخد كتير مني ربنا يحفظه لينا، ومش عاوزاكي تزعلي من أي حاجة حصلت أنا زي مامتك ولو عاوزة أي حاجة قوليلي. 


ابتسمت بارتياح غير مصدقة أنها زوجة فاروق، كيف لها ان تتزوج من شخص مثله هي تختلف عنه في كل شئ، لجواد كل الحق لتعلقه بها وخوفه الدائم عليها، ابتسمت تجيبها بهدوء 


:- شكرا بجد ياطنط انتي جميلة اوي، كـ... كنت خايفة بصراحة احسن تكوني زعلانة مني عشان اللي حصل. 


ربتت فوق كفها بحنان لتطمئنها مردفة بتعقل هادئ هي الأخرى مراعية كل كلمة تتفوهها حتى لا تجرحها


:- لا ياحبيبتي طبعا هزعل منك ليه، دة أنا محظوظة أن جواد اتجوز واحدة زيك، وبعدين دي حياتكم اعملوا فيها اللي يعجبكم جواد مبيعرفش يسمع لأي حد مهما حصل. 


أنهت حديثها طابعة قبلة رقيقة فوق رأسها وكأنها تتحدث مع سما ابنتها، تعاملها برفق ولين تخشى أن تزعجبها بأي كلمة عالمة بشعورها جيدًا. 


في تلك الأثناء أتت سما التي غمغمت بمرح عندما رأت ذلك المشهد


:- الله بقى دة الحب كله رنيم هتاخده الواحد يغير منك أنا مستحملة جواد بس يبقى جواد وماما. 


ضحكت رنيم مبتعدة عن جليلة بهدوء ولأول مرة تشعر بالدفء والأمان، الأطمئنان والسعادة، منذُ أن تزوجت وهي تشعر كأن حياتها تبدلت تمامًا إلى أخرى، تنال قدر من السعادة كبير لم تشعر به من قبل طيلة حياتها، هناك العديد من الأشياء الجيدة التي تبدلت في حياتها المظلمة كل شئ تبدل بوجودها مع جواد. 


ظلت جالسة مع تتحدث مع والدته وشقيقته بارتياح ومرح الى أن عاد جواد من الخارج وسار بصمت وخطوات واسعة متجهًا إلى غرفته من دون أن يفعل شئ، قطبت جبينها بدهشة غير عالمة مابه وغمغمت بهدوء مستأذنة منهم


:- عن أذنكم هطلع عشان اشوف جواد. 


ابتسمت جليلة باستحسان تحثها على الذهاب إليه خاصة بعد علمها بأن هناك شئ ما يزعج ابنها. 


صعدت رنيم الغرفة وجدته يبدل ثيابه بملامح جادة تؤكد ظنها بأن هناك شئ ما لايرام. 


سارت مقتربة منه بهدوء محتضنه أياه من الخلف متسائلة باهتمام وقلق لأجله


:- في إيه ياجواد مالك؟ ايه اللي حصل ومزعلك كدة؟ 


تنهد بصوت مرتفع مغمغمًا بجدية تامة لم تعتاد عليها منه


:- مفيش يارنيم سيبيني لوحدي دلوقتي شوية مشاكل في الشغل.


وجدته يبتعد عنها متجاهلًا وجودها معه وجلس بصمت، طالعته بذهول متعجبة لفعلته الغير معتادة واقتربت منه مرة أخرى جالسة بجانبه واحتضنته بهدوء متسائلة 


:- إيه اللي حصل ياجواد في إيه؟ 


ابتسم على فعلتها بهدوء لكنه غمغم بجدية 


:- مفيش شوية مشاكل في الشغل وأنا بحب ابقى لوحدي هفوق واحكيلك. 


اومأت برأسها مبتعدة عنه بهدوء لتجعله يرتاح كما يحب، وغمغمت مقترحة 


:- طب تحب انزل اعملك قهوة مش أنتَ بتحب تشربها بليل واجهزلك الأكل. 


لم يرفض طلبها لانه كان يحتاجه فهمهم موافقًا بهدوء 


:- ماشي بس متتأخريش اعملي القهوة بس مش عاوز حاجة تاني. 


أسرعت تنفذ طلبه منها بدقة لعلها تستطع فهم مايحدث معه ولما هو منزعج هكذا؟


صعدت مرة أخرى الغرفة بعدما انتهت من أعداد القهوة الخاصة به التي كانت تهتم بها وكأنها تفعل شئ مستحيل، متذكرة مدحه الدائم لها عندما تعدها لأجله في كل مرة. 


تناولها منها بهدوء عندما رآها وبدأ يرتشفها مغمغمًا بحنان طابعًا قبلة رقيقة فوق كفها


:- تسلم ايدك بجد احلى قهوة بشربها لما تبقي انتي اللي عاملاهالي. 


ابتسمت بسعادة متطلعة أرضًا بخجل فأسرع يضمها داخل أحضانه بشغف فحاولت التخلص من خجلها الدائم متسائلة اياه بنبرة خافتة متلعثمة


:- ا.. ايه بقى كان مالك راجع متضايق اوي؟ 


شدد من ضمه لها بين ذراعيه وأجابها متنهدًا بجدية 


:- مفيش شوية ضغط في الشغل وشغال على قضية صعبة اليومين دول. 


ابتسمت مردفة بهدوء محاولة التخفيف عنه بعدما شعرت بكم الجهد والضغط الذي يشعر به 


:-متقلقش ياحبيبي ربنا معاك. 


لم يستطلع منع ذاته خاصة وهي بين يديه، فاسرع ملتقطًا شفتيها بحنان ورغبة ملتهفة وهو كل مرة يقترب منها يشعر وكأنها مرتهما الأولى، هي قادرة على تحويل كل ما به، رؤية عينيها تفقده صوابه وعقله تمامًا، هي ساحرة تسحره كل يوم في عشقها، تحدث مغمغمًا بصوت اجش وهي تلتقط أنفاسها اللاهثة


:- هو أنا قولتلك أنك وحشاني اوي انهاردة. 


حركت رأسها نافية بخجل وأجابته بتوتر خافت


:- لـ... لا بس احنا كنا بنتكلم دلوقتي. 


ضحك بصخب ويديه تعبث في ملابسها ليحررها منهم مغمغمًا بمرح


:- لا كلام إيه دة شغل عندي، بس مفيش أحلى من الكلام دة وحياة عنيكي اللي مدوخني دول. 


رمشت بأهدابها عدة مرات بخجل مستسلمة لعشقه لها بل تبادله بشغف وعشق هي الأخرى، لتدلف معه في رحلة عاشقة سعيدة لقلبها، يكن هو المتحكم بجميع تفاصيلها بما يشاء..


                      ❈-❈-❈


في الصباح الباكر... 


انتهزت مديحة تلك الفرصة الذهبية التي آتت إليها دون مجهود منها، وتوجهت نحو غرفة رنيم منتهزة عدم وجود أحد معها في المنزل بعد ذهاب الجميع إلى أماكن مختلفة. 


وجدت مديحة رنيم لازالت نائمة غير واعية بشئ تطلعت نحوها بحقد والشر يتطاير من عينيها الملتهمة لجسدها الشبه عـ اري أمامها بكره، أسرعت مقتربة منها صافعة إياها بقوة ضارية لتجعلها تستيقظ بغل جاعلة الدماء تسيل من فمها. 


فتحت رنيم عينيها متألمة بوجع واضعة يدها فوق وجنتها ولازالت لم تستجمع مايحدث لها إلى أن آتى إليها صوت مديحة الماكر 


:- إيه ياختي نايمة ولا على بالك فاكرة أنك ارتاحتي مني شكلك متعرفيش أنا مين، أنا اللي مش هتخلصي مني غير لما أخد روحك بأيدي. 


طالعتها بصدمة جمّدت جميع أطرافها وظلت ثابتة مكانها بذهول وأسرعت تغطي ذاتها بشرشف الفراش متمسكة به لتحمي ذاتها شاعرة بالخوف من نظرات مديحة المصوبة نحوها بكره، تشعر أنها كالفريسة التي سقطت إليها لتفترسها وتفعل بها ما يشاء، ستفعل هي ذلك حقًا مستغلة غياب الجميع. 


حاولت رنيم الزحف إلى الخلف مبتعدة عنها لعلها تستطع الهروب من نظراتها لكن كانت مديحة تقترب منها بشر مبتسمة تطالعها بنظرات أرعبت تلك المسكينة التي لا تعلم ماذا ستفعل لتهرب؟! 

#الفصل_السابع_عشر

#لهيب_الروح

#هدير_دودو 


خشيت رنيم من هيئة مديحة المرعبة والتي شعرت كأنها ستقـ تلها، فأسرعت محاولة الأستغاثة بجواد الذي أصبح مصدر الأمان والثقة إليها في تلك الفترة التي مضت عليها بسعادة وارتياح، أسرعت صائحة باسمه بصوت مرتفع خائف 


:- جـواد ياجـواد أنتَ فين؟ جواد.. 


ظلت تكرر فعلتها عدة مرات بقلب مرتجف خوفًا من نظرات مديحة المثبتة عليها بطريقة أرعبتها جعلت قلبها يهوى داخلها. 


أتاها صوتها الضاحك الشامت مغمغمة بمكر وهي تجذبها من خصلاتها بقوة


:- ولا في جواد هنا ولا غيره مفيش معاكي غيري أنا بس، ولا فاكراه هيفضل معاكي على طول ماتفوقي لنفسك انتي مجرد لعبة بيتسلى بيها وبكرة يزهق وتترمي في الشارع. 


شعرت بالرعب يمتلك من قلبها مبتلعة تلك الغصة القوية التي تشكلت في حلقها من إهانتها وحديثها عن مخاوفها الكبيرة مما سيحدث لها، لكنها خشيت من نظراتها المصوبة نحوها وكأنها ستقتلها فاسرعت صائحة لوالدة جواد بنبرة خافتة مرتعبة


:- طـ.... طنط جليلة يا طنط جليلة انتي فين؟ 


عادت مديحة تجيبها بفرحة ضاحكة مجددًا 


:- مش قولتلك مفيش غيري هنا مش مصدقه ياحيلة امك انتي، محدش هنا غيري هطلع عليكي القديم والجديد.


قامت  بالقبض فوق شعرها جاذبة إياها عنوة عنها بقوة ضارية صائحة بغضب حاد


:- قومي يلا ياختي عشان تنزلي تخدميني واعرفك مقامك ياسنيورة. 


حاولت رنيم التمسك بالغطاء بقوة متمتمة من بين دموعها بخوف


:- سـ... سيبيني ابعدي عني حرام عليكي انتي عاوزة مني ايه؟ 


صفعة قوية غاضبة يملأها الغل والحقد هوت بها مديحة فوق وجنتها مغمغمة بعدها بلهجة مشددة غاضبة


:- حرمة عليكي عيشتك إيه ما تفوقي لنفسك يابت انتي فاكرة انك حاجة ولا نسيتي اللي اقدر اعمله فيكي. 


صرخت رنيم متألمة من قوة الصفعة واضعة يدها فوق وجنتها باكية بخوف مما ستفعله بها وغمغمت متسائلة بضعف  


:- طـ... طب أنتي عـ.. عاوزة ايه؟ 


أجابتها الأخرى بغضب عارم لازال يسيطر عليها 


:- هتعرفي اللي عاوزاه والله ما هخليكي تتهني يوم واحد من دلوقتي. 


جذبتها من شعرها بقوة تجرها خلفها 


:- قومي يلا عشان تخدميني زي ما كنتي بتعملي هناك ولا هتنسي أصلك الو**. 


تمسكت رنيم بشرشف الفراش بقوة وتمتمت بنبرة باكية خافتة


:- طـ... طيب هقوم والله بس استني ثانية هلبس هدومي وانزل. 


رمقتها بنظرات محتقرة ودفعتها بقوة إلى الخلف وتمتمت بأمر حاد


:- دقيقة والاقيكي تحت قدامي في المطبخ المكان اللي يناسبك ويليق بواحدة زيك. 


ابتلعت الغصة القوية التي تشكلت داخل حلقها من إهانتها لها التي تجرح قلبها، لكنها بلا رحمة حقًا متجردة من معانٍ الرحمة والأنسانية، أغمضت عينيها الباكيتان بضعف وبدأت ترتدي ثيابها مسرعة خوفًا من أن تدلف عليها في أي وقت مثلما فعلت. 


التقطت هاتفها بعدما انتهت من ارتداء ملابسها وحاولت الأتصال على جواد لتستنجد به لكن باءت محاولاتها بالفشل عندما انتهت مكالمتها من دون رد تمتمت بخوف مترجية من ربها أن يرد لتستطع الاستنجاد به 


:- لـ... لأ يا جواد عشان خاطري رد عليا. 


بدأت تبكي بضعف عندما كررت فعلتها وحصلت على نفس النتيجة عالمة أنها قد سقطت فريسة لبراثن مديحة الغاضبة التي لن ترحمها بل ستثأر لكل  ماحدث الفترة الماضية،  لكن هي ما ذنبها، لم تؤذيها فلماذا ستدفع نتيجة شئ لم تفعله؟!  


لم تجد حل أمامها سوى النزول أسفل كما طلبت والخضوع لطلباتها حتى تنتهي من شرها الذي لابد منه، خاصة بعدما تأكدت من عدم وجود جواد معها فبمَن ستحتمي؟! 


خرجت بخطوات متعثرة بطيئة خائفة بعدما انتهت من ارتداء ثيابها قلبها يرتجف بداخلها ما أن فتحت باب الغرفة حتى وجدتها أمامها تقف منتظرة خروجها وقبل أن تتفوة بشئ وجدتها تقبض فوق شعرها بقوة ضارية وبدأت تجرها خلفها بلا رحمة غير مهتمة لصرخاتها المتألمة المستغاثة. 


القتها في المطبخ بعنف ولم تبالِ بوجعها بل طالعتها بازدراء تحتقرها وغمغمت بحدة ولهجة آمرة مشددة


:- حالا الاقيكي منضفة المطبخ كله عشان دة مقام الناس ال*** اللي زيك. 


اجتمعت الدموع داخل مقلتيها بحزن لأهانتها الدائمة، يتعاملون معها وكأنها آلة لم تشعر، بل يتسابق الجميع لحزنها وجرح قلبها، وأجابتها بنبرة ضعيفة مستسلمة لطلباتها بعد علمها بعدم وجود أحد وأنها الآن فريستها التي هوت في براثنها 


:- حـ... حاضر. 


بالفعل بدأت تنفذ طلباتها التي لن تنتهي، غمغمت بتعب بعد فعلها العديد من الجهد 


:- خـ... خلصت كدة كل اللي قولتيه. 


ضحكت بمكر عندما لاحظت تعبها بوضوح وأجابتها ببرود


:- اعمليلي حاجة اشربها انتي فاكرة اني هسيبك ترتاحي. 


أجابتها رنيم معترضة بخفوت وضعف 


:- بـ... بس أنا مش قادرة ممكن تخلي أي حد أنا تعبت بجد  


صاحت بها بحدة وغضب عارم بعدما نهضت مقتربة منها قابضة فوق شعرها بقوة مؤلمة


:- انتي هتردي عليا ولا إيه ماتفوقي ومتنسيش نفسك أنتي هنا مجرد خدامة لا أكتر ولا أقل حتى مفكيش حاجة حلوة. 


لم تستطع رنيم أن تتحمل إهانتها المستمرة لها فغمغمت ترد عليها بضيق بعدما نفذ صبرها تمامًا


:- أنا مخدتش رايك فيا. 


شعرت بالغضب العارم يشتعل بداخلها بعد ردها عليها فأسرعت تهوى فوق وجنتها بصفعة قوية وكررت فعلتها عدة مرات تزداد كل الصفعة عن التي تسبقها. 


اعتلت صرخات رنيم المتألمة الباكية بعدما شعرت بتورم وجنتيها فقد اصبحت لا تشعر بشئ من قوة صفعاتها المتتالية دون رحمة متوعدة لها مقررة استغلال الأمر اسوأ استغلال دون الأهتمام لأمر تلك التي ستمـ وت في يديها..


في نفس الوقت كان جواد قد وصل إلى المنزل ويبحث عن رنيم بعدما رأي إتصالاتها العديدة وحاول الأتصال بها لكن كانت محاولاته بلا جدوى. 


استوقف احدي العاملات في المنزل متسائلًا بجدية وقلق 


:- فين رنيم هانم مش موجودة في اوضتها ولا برة؟ 


شحب وجه العاملة بتوتر وغمغمت تجيبه متلعثمة بارتباك 


:- هـ....هـي جوة في المطبخ مع مديحة هانم ومديحة هانم طلبت مننا نخرج. 


اسرع متوجه نحو المطبخ بخطوات سريعة خوفًا من أن تفعل بها زوجة عمه شئ خاصة بعدما وصل إلى مسامعه صوت آنينها الخافت الباكي، وصوت زوجة عمه المرتفع وجد زوجة عمه ترفع يدها عاليًا تنوى استكمال صفعها ورنيم تقف في حالة منهكة واثر صفعات زوجة عمه يبدو فوق وجهها، فأسرع يقبض فوق يدها بقوة مانعًا اياها من صفعها مغمغمًا بعصبية 


:- انتي بتعملي ايه؟ هو ايه الجنان دة أنتي فاكرة أن أنا هسكت على اللي بيحصل دة!؟ 


أنهى حديثه دافع إياها إلى الخلف بقوة مما جعلها تسقط أرضًا فرمقته بنظرات غاضبة مشتعلة متوعدة له.. 


أرتفع صوت بكاء رنيم عاليًا عندما رأته وأسرعت تقف خلفه تحتمي به من مديحة وأفعالها التفت ضمها بقوة مردفًا بحنان ليجعلها تهدأ 


:- خلاص ياحبيبتي اهدي عشان خاطري أنا معاكي ومش هسيبك تاني اهدى


ظلت تبكي بضعف متشبتة في قميصه بقوة كأنها تخبره أنها تريده معها دومًا تخشى ذهابه وابتعاده عنها فهي من دونه لا شئ لم يهتم أحد بها وبمشاعرها، كأنها فريسة سقطت إليهم ليفعلون بها ما يريدوا. 


احتضنها بضراوة يود أن يخبرها أنه سيظل معها هو لن يقوى على تركها، طبع قبلة رقيقة فوق كفها المتمسك بثيابه مكررًا حديثه مرة أخرى بهدوء وتعقل


:- أنا معاكي اهدي متخافيش وكفاية عياط. 


اومأت برأسها أمامًا ولازالت تائهة لا تعلم ماذا يجب أن تفعل؟! تود فقط البكاء والذهاب من ذلك المنزل لا تريد أن تجتمع مع مديحة وابنتها، تشعر عندما تراها أن روحها تترك جسدها، الهواء يأتي إليها بصعوبة، وجميع كوابيسها وذكرياتها السيئة تضرب عقلها بقوة، تكره تلك العائلة وتود الأبتعاد عنها، لم تعتبره يومًا ابن لهذه العائلة وهو يثبت لها دومًا صحة مشاعرها، لم يجعلها لم تندم على بقائها معه. 


لم تستطع مديحة أن ترى ذلك المشهد وتصمت بل صاحت به غاضبة بعصبية بعدما غلت الدماء بداخلها


:- ماخلاص ياختي انتي هتمثلي مموتكيش انا مانتي متعودة على كدة. 


أسرعت تقبض فوق ذراعها بقوة جعلتها تتألم لتبعدها عن جواد المتمسك بها داخل أحضانه، فكان جواد الأسرع ودفعها بعيد عنها بقوة غاضبًا مما تفعله معها وصاح بها بحدة ولهجة صارمة


:- انتي ازاي تعملي كدة محدش ليه حق أنه يمد ايده عليها مهما كان مين، ودلوقتي رنيم مراتي يعني تخصني أنا ملكيش دعوة بيها. 


صمت لوهلة وتابع حديثه بنبرة تزداد ارتفاع وغضب متوعد بضراوة لما فعلته معها


:- قسما بالله اللي حصل دة ما هيعدي أنا مراتي محدش عمره يمد ايده عليها مهما كان مين. 


رمقته بغيظ ضاحكة وأجابته بسخرية وهي موجهة نظراتها الحادة نحو رنيم التي شعرت بالخوف بسببها 


:- في إيه ياجواد ما تتعدل أنت فاكر أن انا هخاف كدة، بعدين انا البت دي اعمل فيها اللي يعجبني وهي متعودة على كدة وساكتة من أيام ماكانت مرات ابني مش مراتك بتقعد تحت رجلي زي الكـ ـلبة ولا عمرها فتحت بوقها بحرف. 


صاح بها بغضب عارم هزّ ارجاء المنزل عاكسًا مدى غضبه الشديد من حديثها المهين لرنيم الجارح لها بضراوة كيف لها أن تفتخر بشئ هكذا؟! ربت فوق يد رنيم التي لازالت متمسكة به بقوة 


:- هي دلوقتي مراتي وأنا مسمحش أن حد يتكلم معاها بنص حرف مش يمد إيده عليها، اللي كان بيحصل زمان وفرحانة بيه دة خلاص خلص وقسما بالله ماهسكت على اللي حصل. 


ضحكت باستهزاء تخفي خلف ضحكتها الماكرة شعورها الغاضب الحقيقي واجابته ببرود جعل غضبع يزداد هو الاخر


:- مراتك اه بس كانت مرات ابني قبلك كان متجوزها وبيعمل فيها اللي عاوزه كله حتى اسألها كان بيحصل فيها ايه ما تحكيله ابني الراجل كان بيعمل ايه معاكي. 


لم يستطع جواد التحكم في انفعالاته فصاح بها بغضب مشدد قوق كل حرف يتفوهه بغضب 


:- الرجولة مش كدة انتي فاهماها غلط معلماها ليه غلط ولاخر مرة هقولك الزمي حدودك مع رنيم لأن أنا من دلوقتي مش هسكت لحد وشكلك متعرفيش أنا اقدر اعمل إيه. 


نهضت هي الأخرى صائحة أمامه بعد غلت الدماء داخلها


:- أنتَ هتهددني ماتفوق لنفسك أنت هتشوف نفسك عليا أنا.. 


وجدت جليلة التي عادت للتو تقف على أعتاب المطبخ تشاهد وتستمع الى حديث ابنها من دون أن تفهم سبب مايحدث فأسرعت مقتربة منها بمكر 


:- تعالي ياجليلة تعالي شوفي ابنك اللي متربي بيقول ايه، بيغلط فيا عشان حتة البت دي ماتفهميه اللي ممكن يحصل. 


قطبت جليلة حاجبيها بدهشة وسألت ابنها بعدم فهم 


:- في أيه ياجواد مالك وايه اللي حصل لدة كله؟ 


قص عليها كل شئ في ايجاز بضيق لتتضح لها رؤية الأمر ويزيل حديث مديحة الخاطئ الماكر


:- في انها بتمد ايدها على مراتي في غيابي وبتهزقها بتعاملها كانها خدامة وانا مش هسمح أن أي حد يضايقها بكلمة. 


تنهدت جليلة بحزن وتطلعت نحو حالة رنيم المثيرة للشفقة وقبل أن تتحدث تحدثت مديحة بلا مبالاه وبرود 


:- اتفرجي على تربية ابنك شايفة بيقول إيه، ليه دة كله عشان حتة البت دي. 


لم تُعجب بطريقة حديثها المهينة لرنيم فدافعت عن ابنها بتعقل وهدوء لم يرضي تلك الماكرة التي كانت تنتظر رد اقوى 


:- دي مراته يا مديحة ومينفعش أنك تعملي معاها كدة ولا أنك تمدي ايدك عليها وتقللي منها هي معملتش حاجه لحد ومش مسموح لأي حد أنه يضايقها هي زيها زي الكل. 


ضحكت مديحة بصوت مرتفع بعدما أستمعت إلى ردها وباغتتها بحديثها الغير جيد 


:- لا بقولك إيه مش انتي اللي هتقوليلي اعمل ايه ومعملش ايه انتي ملكيش دعوة خليكي زي ما انتي ياجليلة احسن عشان نفضل حبايب. 


رمقتها بعدم فهم من جزء حديثها الأخير لكنها غمغمت مبدية رفضها لحديثها الملئ بالغرور والتقليل من ابنها وزوجته


:- الموضوع مبقاش كدة وجواد معاه حق الصراحة انتي مينفعش انك تمدي ايدك عليها لا انتي ولا غيرك أنا مش واقفة معاه لأ انا واقفة مع الحق. 


أجابتها مغمغمة بتهكم ساخرًا وخبث


:- دة انتي اكتر واحدة واقفة معاه بس مش عليا ياجليلة فوقي لنفسك لما يجي فاروق الموضوع مش هيعدي وهتشوفي انتي وابنك اللي بتأيديه ومرات ابنك اللي صعبانة عليكي. 


تركتها وسارت متوجهة نحو غرفتها بعصبية مفرطة كأن عقلها سينفجر من ضراوة الغضب الشاعرة به، تود أن تجعله يندم على فعلته ويترك رنيم لتستطع تحقيق ماتريد، لكنها تتوعد لرنيم مقررة عدم الصمت بل ستحاول الأنتقام منها ايضًا.. 


اقتربت جليلة من رنيم مربتة فوق ظهرها بحنان وغمغمت بهدوء 


:- معلش ياحبيبتي حقك عليا بس والله كنت في مشوار مهم واللي حصل دة عمره ما هيتكرر تاني اطلعي ارتاحي، روح ياجواد معاها وشوية وابقى انزل عشان محتاجة اتكلم معاك.


ابتسمت رنيم بخفوت لاجل حنان جليلة الدائم  وسارت بصحبة جواد بصمت وخطوات متعثرة مجهدة مما حدث لها اليوم، لا تعلم متى سترتاح وتيتعد عن الاذى المعرضة له!؟ لمتى ستظل تستمع إلى إهانتها لم تنكر فرحتها برد جواد على كل كلمة تزعجها لكن لما...؟! لما لم ترد هي وتجعلها تصمت؟! لما تنتظر جواد لتحتمي به!؟ والأهم لمتى ستظل هكذا؟ كانت دموعها تسيل بصمت حزينة عما يحدث لها تود الفرار من ذلك المنزل سريعًا. 


ظلت جالسة في الغرفة بصمت ودموعها لازالت تسيل فوق وجنتيها، تجلس بعقل شارد حزينة تود الفرار من تلك العيشة المرهقة لقلبها ولها. 


اقترب جواد يحتضنها بحنان يربت فوق شعرها عالمًا  ما تشعر به جيدًا لكنه لت يصمت ويدعها تبكي هكذا أسرع مغمغمًا بحنان هادئ


:- خلاص عشان خاطري بلاش عياط وربنا ماهسيبهم هجيبلك حقك بس متعيطيش. 


التقطت أنفاسها بصعداء وتطلعت نحوه بضعف مقررة عدم بقائها هنا 


:- جواد أنا عاوزة امشي من هنا شوف أي مكان أنا موافقة بيه بس مش عاوزة افضل هنا. 


صمت لوهلة مفكرًا في حديثها واومأ برأسه أمامًا بجدية 


:- حاضر يا رنيم هشوف وهنمشي اديني شوية وقت. 


أكدت عليه طلبها مرة أخرى بهدوء ليسرع في تنفيذه


:- بس بسرعة يا جواد عشان خاطري مش حابة أفضل هنا كتير. 


طبع قبلة حانية فوق كفها بحنان وتحدث بمرح 


:- حاضر هنمشي بسرعة يس وحياة عنيكي كفاية عياط مش عاوز اشوف دموعك تاني وأنا والله ماهسكت  ليهم 


ابتسمت بخفوت لحنانه الدائم معها، لم تتخيل يومًا أن تجد مَن يحبها بكل الحب الذي يحمله لها، كأنه يربت فوق قلبها بحبه، يؤكد لها دومًا أنه يستحق قلبها بالفعل وضعت رأسها فوق صدره بهدوء تود أن تنعم بالاطمئنان الذي يصيبها دومًا بوجوده. 


ابتسم هو الآخر عندما تطلع نحوها بملامحها الهادئة المتيم بها، عينيها البنية كالقهوة الذي يعشقها، وخصلات شعرها المتناثرة فوقه نتيجة لاقترابها، كم تمنى اقترابها هكذا من قبل لسنوات طويلة حتى أصبح لا يطيق الانتظار، لقد احترق قلبه بلهيب الاشتياق ولازالت لم تهدأ الي الآن بالرغم من وجودها معه وزواجه منها الذي تم بالرغم من استحالته. 


كاد يلتقط شفتيها في قبلة عاشقة لكنها ابتعدت عنه بتوتر رافضة فعلته وغمغمت بتوتر بعدما تذكرت فعلة مديحة التي اخترقت غرفتها فجاة بطريقة مهينة


:- لـ.... لأ ياجواد مش قادرة انهاردة ممكن وكمان بصراحة أنا مش هبقى متطمنة وأنا هنا. 


لم يود أن يضغط عليها بل ابتسم أمامها  بحنان محتضن أياها بضراوة عاشق متيم بحبها يهوى جميع تفاصيلها، يرى حقًا انها نادرة لم يوجد مثلها في العالم حاول أن يجيبها بثقة هادئة ليجعلها تطمئن 


:- مش عاوزك تقلقي طول منا معاكي يارنيم وانا هفضل معاكي دايما عمري اصلا ما اقدر ابعد عنك لحظة واحدة. 


ابتسمت بهدوء هي الأخرى لحديثه الذي يداوي جروحها، يشفي روحها من كل اذى، ويمحي الحزن من قلبها يعيد لها كل شئ كما تتمنى دومًا، أجابته بخجل ونبرة خافتة


:- شـ... شكرا ياجواد. 


❈-❈-❈


كانت جليلة تطالع مديحة بعدم رضا وتحدثت بامتعاض وضيق 


:- مينفعش كدة يامديحة دي دلوقتي مرات جواد وجواد عمره ماهيسمح لحد يزعلها والصراحة معاه حق مراته كرامتها من كرامته مينفعش تقللي منها. 


رمقتها الاخرى بغضب وملامح وجه متوعدة غير راضية عن حديثها صائحة بغضب 


:- انتي مالك ياجليلة بتدافعيلها أوي كدة ليه وبعدين مش انتي اللي هتعرفيني اعمل وايه ومعملش ايه انتي شكلك ناسية انا مين. 


تنهدت بضيق من حديثها ولأول مرة تتخلى عن صمتها وترد عليها بحدة مشددة 


:- بدافع لمرات ابني انتي اللي شكلك ناسية انها مرات ابني وزي بنتي فملكيش حق انك تتكلمي معاها كدة انا من حقي أعرفك طول ما انتي غلطانة. 


ظلت تطالعها بغضب متوعدة لها واجابتها بحدة والغيظ يملأها من حديث جليلة الصارم


:- لما يجي فاروق بقى نشوف ليا حق اتكلم ولا مليش عشان شكلك خلاص مش واعية لكلامك. 


لم تدعها تتحدث بل دفعتها بقوة الي الخلف وسارت نحو غرفتها بخطى واسعة غاضبة والدماء تغلي داخل عروقها وحديث جليلة يرن داخل اذنيها غمغمت بتوعد غاضب 


:- ماشي ياجليلة أنا هوريكي هعرفك مقامك قسما بالله لاندمك على كل كلمة قولتيها. 


أسرعت تهاتف فاروق ونيرانها متأهبة بقوة تحرقها من ضراوة غضبها المشتعل ظلت تكرر اتصالاتها عليه فرد عليها بضيق حاد


:- ايوة يامديحة في إيه أنا في الشغل مش فاضي دلوقتي الدنيا كلها فوق دماغي. 


لم ترد على حديثه بل صاحت به بضيق هي الأخرى 


:- أنت تسيب كل حاجة وتيجي دلوقتي حالا عشان تشوف جليلة مراتك. 


انهلع قلبه خوفًا من أن يكون قد أصابها شئ وأسرع متسائلًا بقلق وخوف عليها


:- مالها جليلة تعبانة ولا فيها حاجة. 


لم ينتظر ردها بل استكمل حديثه بعصبية 


:- ماتقولي يامديحة مالها جليلة فيها إيه اخلصي. 


شعرت بالغيرة والحقد عليها تعلم جيدًا بحبه الكبير لها بالرغم من كل ماحدث وفعلت هي، تستمع إلى نبرة صوته الخائفة القلقة التي لم تظهر كثيرًا، تحقد عليها بشدة لما هي تنال كل ذلك الحب والأهتمام منه؟! قادرة على الحفاظ على عائلتها بالرغم من كثرة الصعاب والمشاكل التي تحدث بينهم! 


غمغمت تجيبه بحدة مشددة فوق كل حرف تتفوهه بخبث 


:- لا هي كويسة والسنيورة اللي أنت خايف عليها اوي دي هزقتني واتكلمت معايا بقلة ذوق وزعقتلي انسانة قليلة الذوق


قطب جبينه بعدم تصديق لذلك الحديث الأبله التي تتفوه به، عالمًا جيدًا مدى صبر جليلة وكيفية تعاملها في جميع الأمور بصبر وهدوء، فغمغم بذهول حاد متعجبًا 


:- انتي بتقولي ايه جليلة واعدلي كلامك عنها يامديحة هي مين دي اللي قليلة الذوق، أنا عارف مراتي كويس وواثق ان عمرها ماتعمل كدة. 


ازداد غضبها عن السابق كثيرًا وأجابته بتهكم وسخرية


:- واهي عملت كدة مراتك اللي أنتَ عارفها عملت كدة وهزقتني وكل دة عشان المحروس ابنك و*** اللي جوزتهاله زي ماهو عاوز. 


لازالت تتحدث بحديث مشفر لم يفهمه، فسأل بحدة 

وجدية 


:- انا مش فاهم حاجة يامديحة قولي اللي حصل على طول بدل كلامك دة. 


سردت له كل ماحدث على طريقتها الخاصة الماكرة التي ضمنت من خلالها وقوفه معها كما تريد..


❈-❈-❈


في المساء... 


عاد فاروق بعد يوم منهك في العمل توجه نحو غرفته مباشرة بخطى واثقة وشموخ كعادته وجد جليلة تجلس في انتظاره ابتسمت بهدوء عندما ظلف الغرفة ونهضت مقتربة منه


:- حمدلله على سلامتك انا قاعدة مستنياك لما ترجع. 


اومأ برأسه أمامًا من دون أن يرد عليها فسألته بقلق 


:- في حاجة حصلت معاك في الشغل شكلك متضايق؟ 


اجابها نافيًا بجدية لهجة مشددة حازمة ولازال غاضب من حديث مديحة الذي يرن داخل عقله بشدة


:- لا مفيش ولو فيه هتعملي ايه انتي المهم تريحي جواد والباقي مش مهم عندك ماهو لو كان شغال معايا كان شال من عليا كتير بس انتي روحتي عملتيله اللي يعجبه هو بس وأنا مش مهم. 


التقطت أنفاسها بصعداء محاولة اكتساب بعض الهدوء للرد على حديثه الدائم الذي تستمع إليه يوميًا منه وأجابته بضيق وملل


:- فاروق خلاص هو اتخرج واشتغل وخلاص واعتقد كلامك دة دلوقتي ملوش لازمة ومش هيفيد بحاجة غير أنك بتزعق معايا كل يوم بسببه. 


لم يعجبه ردها وعدم صمتها تلك المرة مثلما تفعل دومًا فصاح بها بغضب عارم


:- انتي كمان مش عاجبك كلامي انا بقيت مضغوط في الشغل جبت واد زي مجيبتش مش مطالعاه خايف عليا ولا عاوز مصلحة العيلة مطلعاه عاوز مصلحة نفسه بس، لا وفوق دة كله بتردي عليا ومش عاجبك مش كفاية جوزتيه للبت دي ولا هنعرف نشوف عيل ليه طول ماهو ماسك فيها، وكمان واقفة معاها وبتدافعي عنها انهاردة هو في ايه ياجليلة ماتتعدلي. 


غمغم  بكل الغضب الذي كان يشعر به من دون النظر لها ولتأثيره عليها، طال صمتها لعدة لحظات محاولة استيعاب حديثه وردت عليه بعدها بعدم رضا 


:- أنا اللي اتعدل يافاروق أنا زي مانا أنت بقى مالك وبعدين أنا مغلطتش لما دافعت عن رنيم لو حد غلط فهي مديحة اللي مش محترمة مرات جواد وكمان بتهزقها ومدت ايدها عليها، وكمان كلمتها بهدوء واحترام عرفتها أن ميصحش تعمل كدة لو هي راحت اشتكت ليك كان المفروض تقولها انها فعلا غلطانة مهما كنت مش راضي عن الجوازة دي بس رنيم دلوقتي مرات ابنك وأنا بحبها وبعتبرها زي بنتي سما هي معملتش حاجة غلط. 


لم يعجبه حديثها وردها عليه الذي يزداد تلك المرة بل ضرب فوق سطح المنضدة بقوة ضارية وصاح بحدة مشددة لتصمت عما تتفوهه 


:- واحدة زي دي عمرها ما تبقى زي بنتك فوقي ياجليلة لو مش فاهمة تعالي افهمك وايه مرات ابني اللي بتقوليها جواد هيطلقها غصب عنه مش بمزاجه وهيتجوز اروى فاهمة ولا لأ


خشيت من حدته معها الشديدة فلم تستطع الرد عليه خوفًا من أن يزداد من غضبه عليها فصمتت بعدم رضا لكنها وجدته لازال ينتظر منها رد وكرر جملته الأخيرة بحزم مشدد


:- فاهمة  اللي قولته ولا لأ


حاولت أن تسيطر على ذاتها وتهدأ قليلًا حتى لا تجعله يصمم في تنفيذ مايقوله وأجابته بهدوء مصطنع على عكس ما بداخلها


:- نتكلم بعدين يافاروق مش دلوقتي. 


تركها وسار نحو المرحاض مبرطمًا بعصبية بعدة كلمات لم تصل إلى مسامعها بينما هي الأخرى جلست تلتقط أنفاسها باضطراب وقلق خوفًا من تنفيذ ما قاله لها الآن عالمة مدى تأثيره على ابنها وكيف سيستقبل ذلك الحديث.. 


في الخارج كانت مديحة تقف تستمع إلى ذلك الحديث والمشاجرة التي تمت بينهما مثلما كانت تتمنى تستمع بقلب يتراقص من الفرحة لتحقيقها ما تريده الان مقررة ألا تترك جليلة تشعر بالسعادة ستظل تعكر صفو حياتها بحيلها الماكرة. 


❈-❈-❈


في الصباح.. 


استيقظت رنيم على يد تضمها بقوة ابتسمت بسعادة شاعرة بالأرتياح والأمان من وجوده بجانبها دفنت وجهها في عنقه بابتسامة رائعة تخطف قلب من ينظر إليها وجدته يهمس داخل اذنيها بنبرة عاشقة وقلب تمكن منه العشق حتى أصبح ينبضه


:- بحبك وهفضل أحبك لغاية ما أموت. 


ارتبكت من حديثه الذي يجعلها تخجل لا تعلم متى استيقظ لكنها ابتسمت وتسارعت دقات قلبها من حديثه العاشق الذي دومًا يغمرها به وأجابته بلهفة بعدما استمعت إلى نهايته


:- بعد الشر عليك متقولش كدة أنا عاوزاك معايا على طول عشان أنا كمان مقدرش استغنى عنك.. 


ضحك عاليًا واجابها بجراءة اعتادت عليها منه منذ بداية زواجهما 


:- ولا أنا اقدر ابعد عنك وحياة عنيكي دول دة أنا واقع موقعاني ياجامدة من أول ما شوفتك.


صمت والتقط شفتيها في قبلة عاشقة شغوفة يبث لها من خلالها جميع مشاعره  نحوها ولهفته عليها التي لم تنقص وهلة واحدة منذُ أن وقع بصره عليها ورآها ولوعته التي تشتعل وتزداد في كل لحظة تمر عليه لم يريد شئ سوى اقترابها. 


ابتعد عندما شعر بحاجتها للهواء وغمغم يواصل حديثه بوقاحة


:- كان نفسي اعمل كدة من اول ما شوفتك عشان تعرفي أني استحملت كتير اوي. 


ابتسمت بخجل وأشاحت بصرها مبتعدة عنه بتوتر وتمتمت تجيبه بحزن عندما تحدث عن الأبتعاد والتحمل فلا أحد تحمل مثلما تحملت هي، تحملت ابتعاده وحزن قلبها ووجعها وقهرتها التي كانت تُفعل عن عمد من عائلة بلا رحمة وقلب


:- مش اكتر من اللي أنا استحملته ياجواد أنا شوفت كتير اوي محدش يقدر عليه. 


ازداد من ضمها نحوه عندما شعر بحزنها الشديد التي عكسته نبرة صوتها ودموعها التي التمعت داخل عينيها بوميض من الحزن فأجابها بحنان وتعقل


:- عارف ومستنيكي تحكيلي عن اللي استحملتيه وشوفتيه عشان امحيلك كل دة من عقلك والله بس مش عاوز اضغط عليكي عارف أن هيجي يوم وتشاركيني حزنك دة بمزاجك ولما تكوني حابة وأنا مستنيكي في أي وقت تحبي فيه. 


تود أن تصرخ وتخبره بكل شئ لكنها تخشى تهديد والده العالمة جيدًا بقدرته في تنفيذه عنوة عن الجميع لذا ستضطر التمسك بصمتها وحزنها وحدها، سيظل بداخلها ولن تستطع البوح عنه لمَن أحبت ليشاركها فابتسمت باصطناع وأجابته بهدوء


:- أنا بقول تلحق تقوم تشوف شغلك عشان متتأخرش ويبقى بسببي يقولوا من ساعة ماحضرة الظابط اتجوز ومش عارف يظبط شغله ولا مهتم بيه. 


ابتسم بسعادة ورد يجيبها بمرح ضاحكًا 


:- وحياة عينيكي دول حضرة الظابط ما عارف يظبط نفسه من أول ماشافهم يظبط شغله ازاي. 


اصطنعت الجدية ومدت شفتيها الي الأمام مغمغمة بجدية زائفة 


:- لا ملهمش حق هعاقب عنيا دول طالما هما السبب 


طبع قبلة رقيقة فوق شفتيها وأجابها معترضًا 


:- لا طبعا ملكيش دعوة بيهم عينك دي تخصني زي ما كل حاجة فيكي تخصني كدة. 


ضحكت بصوت مرتفع دوت في ارجاء الغرفة بأكملها  اشعلت بداخله العديد من النيران المتلهفة لاقترابها وتحدثت بعدها بهدوء


:- طب يلا ياجواد عشان متتأخرش على الشغل. 


اعترض على حديثها بعدم رضا محركًا راسه نافيًا فكرة ابتعاده عنها الان


:- لا طبعا هي بعد الضحكة دي فيها قوم انا عاوز حاجة تانية. 


ادعت عدم الفهم وسألته بمكر


:- عاوز ايه طيب بعد الضحكة دي! 


وضح لها مقصد حديثه بوقاحة كعادته 


:- عاوز اصطباحة انهاردة مخدتش حاجة. 


ضحكت مرة أخرى وحاولت الأفلات من يده التي تعبث في ثيابها وأجابته نافية


:- لا ياجواد خليك لما تيجي قوم يلا عشان تلحق الشغل. 


تحدث بمرح ملتقطًا شفتيها بنهم وعشق


:- لا طبعا مش كفاية امبارح مقدرش اقعد كدة كتير أخد الاصطباحة الجامدة دي عشان أعرف اشوف الشغل. 


ضحكت بخفوت وخجل وبدأت تبادله مشاعره العاشقة بجنون كما اعتادت دومًا بمشاعر حقيقية تزداد بينهما لكنها فجأة تسمرت بين يديه  توقفت عما تفعله فطالعها بذهول عندما شعر بها وسألها بعدم فهم


:- في إيه يارورو مالك في حاجة وجعاكي؟ 


حركت رأسها نافية وأجابته بتوتر وخوف متلعثمة بعدما أتى إلى عقلها أحداث مما حدثت معها أمس على يد مديحة التي اقتحمت غرفتها بلا خجل


:- لـ... لا مفيش حاجة وجعاني بـ... بس عاوزاك تقوم... تقفل الباب بالمفتاح معلش ياجواد أحسن حد يدخل فجأة. 


تعجب من حديثها التي لم تتفوهه من قبل وطمأنها بهدوء 


:- لأ متخافيش محدش يقدر يدخل اوضتنا مفيش حاجة. 


تخلت عن صمتها متمسكة عن طلبها بأصرار وخوف 


:- لـ... لأ ياجواد ماهي طنط مديحة دخلت امبارح عليا بعد ما مشيت ومكنتش جاهزة فقوم اقفل الباب بالمفتاح عشان خاطري محتاجة ابقى متطمنة. 


رمقها بذهول وصدمة من حديثها الذي جعل الدماء تغلي داخل عقله الذي لازال يحاول استيعاب حديثها، كيف لزوجة عمه أن تدلف عليها غرفتها بعد ذهابه متوعد لها، نهض يلبي طلبها التي كانت محقه فيه بعدما حدث لها أمس، وحاول ألا يبدي غضبه أمامها فابتسم يطمئنها بحنان


:- متقلقيش ياحبيبتي أنا هتصرف عمر ما دة هيتكرر تاني. 


سندت رأسها فوق صدره متنهدة بارتياح وسعادة


:- ربنا يخليك ليا ياجواد أنت كل حاجة بالنسبالي. 


شدد من احتضانه لها بقوة ثم تحدث بعدها بمرح ليجعلها تعود كما كانت


:- انتي عاوزة تاكلي حقي ولا ايه دة ركزي كدة معايا جامد. 


ضحكت بسعادة مجيبة إياه بمرح وعادت كما كانت بعدما نجح في أن يمحي توترها وخوفها بمهارة


:- منا مركزة اهو معاك. 


ذهب معها في رحلة طويلة من العشق والحب، الشغف والسعادة، رحلة كان يتمنى ذهابها منذُ سنوات انهمك بها قلبه بلوعة العشق المتأهبة التي استطاعت أن تدمره وها هي الان تعيده له.. 


❈-❈-❈


كانت أروى تتحدث مع مديحة بدلال زائد


:- أنا هقول لأونكل فاروق على العربية اللي عجبتني بجد مش قادرة اقعد من غيرها. 


ابتسمت مديحة مفتخرة بابنتها التي تتعامل مثلها وأجابتها بغرور 


:- اه طبعا شكلها فعلا حلو قوليله وهو هيجيبهالك على طول. 


عرضت صورة السيارة لسما التي كانت تجلس بجانبها معقبة بفخر 


:- ايه رأيك فيها ياسما شوفتي تجنن ازاي هتجنن عليها من ساعة ماشوفتها. 


ابتسمت سما وتحدثت بهدوء بعدما تطلعت نحو صورة السيارة الباهظة 


:- فعلا حلوة اوي بس اعتقد ان بابا مش هيوافق لاني لسة من قريب طالبة منه يغيرلي عربيتي مرديش وقال أن الدنيا معاه مش أحسن حاجة. 


التوى ثغر أروى بعدم رضا وردت على حديثها بحدة وضيق 


:- يعني إيه لأ طبعا هيجيبهالي اونكل فاروق دايما بيجيبلي كل اللي أنا عاوزاه. 


اومأت سما برأسها أمامًا وأجابتها بعدم اهتمام وبرود بعدما رأت طريقة حديثها معها الغير لائق


:- براحتك يا أروى ابقي قوليله وشوفيه أنا عرفتك اللي قاله ليا الأسبوع اللي فات. 


تطلعت نحو والدتها وصاحت بغضب 


:- يعني ايه ياماما يعني مش هعرف اجيب العربية اللي عاوزاها شايفة سما بتقول ايه اونكل فاروق هيقولي لأ كدة اتصرفي أنا عاوزاها. 


اعتلى ثغر مديحة ابتسامة ماكرة تشبهها وغمغمت بمكر مشيرة نحو ذاتها بغرور


:- لا طبعا يا أروى متقوليش كدة هيجيبهالك ياحبيبتي اول مانقوله  فاروق بيسمع كلامي على طول. 


جذب حديثها الماكر ذهن جليلة التي كانت تستمع الي كل ذلك بصمت من دون أن تتدخل لكنها شعرت بالغضب من جملة مديحة الأخيرة منذُ متى وفاروق يستمع الي أحد هي زوجته وتقنعه بما تريد بصعوبة بالغة هل حقًا سيلبي ما تطلبه مديحة على الفور مثلما تقول. 


نفضت تلك الأفكار من عقلها سريعًا محاولة إقناع ذاتها بأن كل ذلك لن يحدث هي فقط استخدمت تعبير خاطئ لتعبر عما تريد، تركت الجميع بصمت تام وسارت متوجهة نحو غرفتها. 


❈-❈-❈


في المساء.. 


كانت مديحة تجلس تنتظر عودة فاروق لتخبره بما تريده ابنتها ولتثبت لجليلة صحة حديثها عالمة جيدًا ما آتى الى عقلها بعد سماعها لكلمتها الخبيثة التي ألقتها عن عمد. 


طالعها فاروق الذي عاد للتو بدهشة من جلستها في ذلك الوقت المتأخر وغمغم متسائلًا بجدية وخشونة


:- في حاجة تاني يامديحة ولا حصل وأنا مش موجودة. 


حركت رأسها نافية ونهضت مقتربة منه مغمغمة بجدية هي الأخرى


:- لأ محصلش حاجة بس كنت مستنياك عاوزة اتكلم معاك في حاجة مهمة. 


اومأ برأسه بجدية ليحثها على قول ماتريد سريعًا 


:- ماشي يامديحة قولي ايه هي الحاجة المهمة دي بس بسرعة. 


رمقته بغيظ شديد عالمة لما يريد التخلص من حديثها مسرعًا فأجابته بحدة 


:- أروى عاوزة عربية جديدة لسة نازلة هاتهالها. 


اعتدل في وقفته أمامها مغمغمًا بجدية وأجابها بخشونة وحزم مشدد


:- بعدين يامديحة شهرين ولا حاجة ونبقى نشوف الحوار دة لأنه مش مهم زي ماقولتي. 


اعترضت مسرعة على الوقت الذي حدده وتمتمت بخبث 


:- لا طبعا أروى هتزعل جامد مش كفاية معملتش بإتفاقنا وابنك اتجوز البت دي وسيبت بنتي أنا فالأخر ومش عاوز تفرحها بعد دة كله يافاروق. 


تنهد بضيق بعد استماعه لحديثها الدائم وغمغم بضيق لينتهي من أمرها


:- خلاص يامديحة هشوفها بكرة واجيبلها العربية اللي عاوزاها خلاص كدة. 


ابتسمت بانتصار لتحقيق ماتريده وعينيها تلتمع بالشر عالمة جيدًا نتيجة ماستفعله على جليلة التي ستثبت لها تأثيرها القوي على أفعال فاروق بينما فاروق قد تركها وسار بخطى واسعة من أمامها متوجه نحو غرفته حيث تجلس جليلة وتنتظره بابتسامة حانية جعلته يبتسم متناسيًا كل شئ يزعجه أمام حنانها الدائم.. 


❈-❈-❈


بعد مرور أسبوعين... 


ولجت أروى بسعادة بعد أن قام فاروق بشراء السيارة لها كما تريد، تحدثت قائلة لسما بفخر وغرور 


:- شوفتي يا سما أونكل فاروق جابلي العربية زي ماطلبت منه أنا وماما قولتلك هو ميقدرش يرفض ليا طلب. 


تطلعت سما نحوها بحزن بعد رفض والدها لطلبها وتنفيذه لأبنة عمها لكنها حاولت إخفاء حزنها وغمغمت بابتسامة زائفة 


:- مبروك يا أروى. 


ضحكت الأخرى ببرود وأكملت بمكر ساخرة منها


:- الله يبارك فيكي عقبالك بقى لما تجيبي العربية اللي عاوزاها بس اونكل اكيد مش هيجيبهالك دلوقتي دة لسة جايبلي. 


رمقتها بضيق وأجابتها ببرود هي الأخرى مقررو أن تتعامل معها بنفس الطريقة


:- عادي يا اروى جواد حبيبي يقدر يجيبهالي في أي وقت أحبه دة هو نفسه يجيبلي أي حاجة اتمناها. 


طالعتها بغيظ ولم ترد عليها سارت من أمامها متأفأفة بغضب وعدم رضا وأسرعت سما متوجهة نحو غرفة والدتها تدق فوق الباب مستأذنة منها فسرعان ما همهمت جليلة سامحة لها أن تدلف. 


قطبت جبينها عندما رأتها تدلف بوجه حزين فاسرعت تسألها باهتمام 


:- في ايه يا سما مالك ياحبيبتي؟ 


أسرعت تسرد لها ما يزعجها بحزن من فعلة والدها التي باغتها به دون أن تتوقعها


:- شوفتي ياماما بابا عمل ايه راح جاب لأروى العربية اللي عاوزاها طب وأنا، أنا كنت طالبة منه من الأول. 


حلت الصدمة فوق جليلة وشعرت بالحزن هي الأخرى وقد ضرب عقلها بعد الأفكار الغير جيدة لكنها نفضتها جميعها لتستطع التعامل مع حزن ابنتها مقررة أن تتحدث معه عندمت يأتي وتنهي ما يحدث. 


ابتسمت أمام ابنتها بحنان محتضنة اياها وغمغمت بهدوء 


:- ياحبيبتي متزعليش نفسك هو تلاقيه معرفش يقولها لأ عشان ميزعلهاش عصام لسة متوفي ملحقش فعشان كدة معرفش يقولها لا.


ظلت تحاول الا تجعلها تحزن لكن بداخلها هي منزعجة بشدة، مقررة ألا تصمت مثلما تفعل دومًا بل تلك المرة سيختلف الامر ولن تجعله يمرئ من دون أن تتحدث فيه ولازال يراود عقلها بعض الأفكار التي ستتأكد منها عندما تتحدث معه.. 


❈-❈-❈


داخل الغرفة الخاصة برنيم وجواد كانت تجلس في انتظار عودته لكن قطعها صوت رنين الهاتف الخاص بها برقم مجهول لم تعلمه لكنه قد دق عليها صباحًا ايضًا، قطبت جبينها بدهشة لكنها قررت أن تترك الأمر ولم تعطيه اهتمام. 


وجدت رنيم الهاتف يرن بطريقة متواصلة جعلتها ترد عنوة عنها متسائلة بهدوء بالرغم من شعورها بعدم الارتياح والقلق الذي بزداد من فرط الاتصالات المتكررة على مدار يومها 


:- الو مين معايا؟! 


لم يصل اليها رد من أحد كل مايصل اليها صوت أنفاس فغمغمت تكرر سؤالها بنبرة أقوي بحدة وجدية تامة


:- مين معايا لو مردتش هقفل. 


همهم الطرف الآخر ببرود


:- ايوة.. 


شعرت بدقات قلبها تتسارع بقلق وقد تأكد خوفها فتمتمت بصوت متوتر قلق


:- مـ.... مين معايا أ...انت مين؟! 


آتاها صوته الساخر الضاحك بمرح


:- لأ لأ كدة ازعل بقى مش عارفاني ياست رنيم. 


بعد غمغمته لأسمها بتلك الهيئة تأكدت من ظنونها عالمة هويته بالطبع لكنها ادّعت عدم المعرفة وسألت بتوتر


:- لـ... لأ معرفش مين معايا؟ 


بالرغم من علمه عن معرفتها مَن هو لكنه قرر أن يكشف لها ذاته بنبرة متبجحة 


:- محسن ياست رنيم محسن اللي كنتي عاوزاني اقتل جوزك واهو اللي عاوزاه حصل.. 


صدمة قد جمدت أطرافها تمامًا وسقطت عليها كالصاعقة، جعلت الهاتف يسقط من يدها بعدم تصديق متمنية أن تكون في حلم وما استمعت إليه للتو لم يحدث، عالمة أن بظهوره سيفتح أبواب قد ظنت أنها غلقتها، عالمة أن عودته ستحول حياتها إلى جحيم لا تعلم كيف ستتخلص منه ومن مطاردته لها التي ستستمر بالطبع، لكنه اعترف بشي هام ضرب عقلها بقوة وجعلت قلبها سيتوقف تمامًا، هل حقًا هو مَن قام بقتله مقابل المال كما طلبت منه؟! 

#الفصل_الثامن_عشر

#لهيب_الروح 

#هدير_دودو 

بعد أن طال صمتها تحت تأثير الصدمة التي حلت عليها ولم تكن تتوقعها وكأنها في عالم آخر في استماعها لحديثه، غمغم محسن ببرود 


:- ايه ياست رنيم انتي معايا ولا ايه؟ سكتي مرة واحدة مكنش المتوقع يعني. 


ردت عليه بصوت خافت متعجبة خرج الحديث من فمها بصعوبة بالغة بعدما قد فقدت التحكم في اعصابها تمامًا.


:- و... إيه اللي كنت متوقعه مني بعد ما اسمع كلامك. 


ضحك ببرود واستفزاز جعلها تستشاط ويزداد غضبها لكنه لم يبالي بكل ذلك مغمغمًا بتبجح 


:- تفرحي وتديني حقي عشان نفذت اللي عاوزاه وخلصتك منه على حسب اتفاقنا ناقص تنفذي انتي اللي عليكي بقى. 


صاحت به بغضب بعدما تخلت عن هدوءها الدائم غير مصدقة مايقوله 


:- لا طبعا أنت اتجننت أنا قولتلك لا خلاص متنفذش، ليه عملت كدة قولتلك لا الغي كل حاجة وكمان كنت عاوز تحبسني والبس أنا الموضوع. 


لم يهتم بحديثها الذي بلا أهمية بالنسبة له بل أجابها بطمع وحدة مشددة


:- بقولك ايه كل كلامك دة ميهمنيش أنا اللي يهمني حاجة واحدة حقي. 


تسائلت بعدم فهم بعدما قد توقف عقلها تمامًا 


:- حـ... حق ايه اللي أنت عاوزه؟ 


ضحك بصخب بعد سؤالها الأبله مغمغمًا بحدة وعصبية شديدة ساخرًا منها


:- حقي اللي هيبقى الضعف حقي من ورثك بعد موت عصام بعد ماخلصتك منه ومن عذابه وحقي كمان من جوازك اللي بيه ضمنتي حق تاني ولولايا مكنتيش عرفتي تتجوزي تاني كان زمانك مرمية مع عصام بيموتك كل يوم ويحكيلنا بفخر اللي بيعمله.


أغمضت عينيها بضعف لاعنة ذاتها على فكرتها المندفعة التي فعلتها من قبل دون تفكير في شئ لكن الان الأمر مختلف من قبل كانت تكره حياتها لا تجد ما تعيش لاجله بعد فقدانها كل شئ، لكنها الان تعيش في حياة جديدة تود التمسك بكل ما بها والعيش فيها بسعادة بين طيات عشقه، سالت دموعها فوق وجنتيها بضعف وغمغمت بنبرة باكية خافتة عندما وصل الي مسامعها صوت جواد مع والدته 


:- هـ... هنتكلم بعدين يامحسن بعدين بس متتصلش تاني أنا هتصل بيك. 


ضحك ببرود لشعوره باقترابه لتحقيق مايريده مغمغمًا بسخرية 


:- معاكي لغاية بعد بكرة تكوني مظبطة كل حاجة ومكلماني غير كدة متزعليش لما اجي افضحك عشان اخد من غيرك بفلوس لأن معايا أدلة تستاهل ضدك. 


شعرت بالصدمة وارتجف جسدها بأكمله وغمغمت بضعف بنبرة متلعثمة خائفة 


:- ا...أدلة..أنت بتهددني، هكلمك يامحسن والله بس اقفل دلوقتي هكلمك اوعي تعمل أي حاجة. 


أغلقت الهاتف مسرعة خوفًا أن يدلف جواد في أي وهلة ويستمع إلى شئ شاعرة بصدمة لا تعلم كيف تتخطاها وكيف ستتعامل مع ذلك الأمر الوخيم وعن أي دليل ضدها يتحدث هو، هي لم تفعل شئ ليصبح هناك دليل ضدها كيف ستتصرف في ذلك المأزق الذي سيفتك بروحها تمامًا؟! وماذا تفعل إذا نفذ تهديده لها؟! 


حاولت التوقف عن التفكير في كل ذلك ومسحت دموعها بيد مرتعشة من هول الصدمة محاولة إخفاء كل ما تشعر به حتى لا يشك بها ويعلم شئ مما تخفيه. 


وجدته حقًا يدلف الغرفة من قبل أن تتخلص من أفكارها السوداء التي تضرب عقلها بشدة وتجعلها تخاف، رأته يتطلع نحوها بنظرات متعجبة مقطب جبينه بدهشة لحالتها الغير جيدة شعرت بنظراته فنهضت مسرعة توليه ظهرها بتوتر وارتباك وغمغمت بخوف على الرغم من محاولتها لإظهار الأمر له بصورة طبيعية


:- جـ... جواد أنت جيت امتى؟ 


لازالت نظراته الثابتة معلقة نحوها بعدم فهم واقترب منها حتى أصبح يقف خلفها مباشرة وأردف متسائلًا بهدوء وقلق لأجلها


:- لسة جاي من شوية، في حاجة أنتِ حد عملك حاجة وأنا مش موجود؟ 


حركت رأسها نافية ولازالت لم تتطلع نحوه عالمة أنه سيكشف أمرها مسرعًا عندما يراها وأجابته بخفوت 


:- لـ... لأ لأ ياجواد مفيش حاجة أنا كويسة. 


جذبها من ذراعها بحنان ليجعلها تتطلع نحوه وسألها مرة أخرى بعدم اقتناع ظنًا منه أن أحد من المنزل قد ازعجها


:- في إيه يارنيم هو ايه اللي كويسة أنتي مش شايفة شكلك، ايه اللي حصل؟ 


حاولت الأفلات من قبضته فوق ذراعها لكنها فشلت فتطلعت أرضًا بتوتر وغمغمت بكذب 


:- مـ... مفيش ياجواد مفيش حاجة أنا بس تعبانة شوية مش أكتر. 


ظل يرمقها بعدم اقتناع لحديثها الأبله الذي من المستحيل تصديقه، فتمتمت متلعثمة بضعف وقد تضاعف خوفها من نظراته المثبتة نحوها 


:- جـ.... جواد اوعى أيدك بتوجعني قولتلك مـفيش حاجة. 


ترك ذراعها مبتعدًا عنها بعض خطوات إلى الخلف وغمغم بحنان رافعًا وجهها الى أعلى ليجعلها تنظر داخل عينيه وتطمئن 


:- طب مين مزعلك وخايفة تحكيلي كدة؟ 


التقطت أنفاسها بصعداء وعادت تتطلع أرضًا وغمغمت بارتباك بعدما شعرت أن حصون قوتها ستنهار تود الصراخ بضراوة تصرخ وتقص عليه مايحدث معها لكن هل حقًا سيصدق حديثها؟ بالطبع لا تعلم أنه سيتخلى عنها وتهدم كل شئ بينهما، لن تتحمل أن يحدث معها هكذا، أغمضت عينيها ضاغطة فوقهما بضراوة وغمغمت بضيق بعدما سارت بعض الخطوات مبتعدة عنه


:- جواد لو سمحت سيبني أنا تعبانة بس انهاردة سيبني أنام وارتاح وهبقى كويسة مفيش حاجة حصلت متقلقش. 


لازال تحت تأثير دهشته من تغيرها المباغت منذُ عودته فعندما تركها في الصباح كانت في حالة جيدة ماذا حدث الآن معها، متأكد أن هناك شئ حدث معها تخفيه عنه فكرر حديثها متعجبًا بعدم اقتناع


:- تنامي! عاوزة تنامي دلوقتي؟ 


تطلع نحو ساعته ليظهر لها أن الوقت لم يتأخر فهو مَن عاد اليوم مبكرًا عن عادته فلما تود النوم الآن؟! عالمًا أنها في الحقيقة تود الهروب منه لكن لا يعلم لماذا؟!


علمت مايشير إليه فأومأت برأسها أمامًا وهمهمت تجيبه بضعف ونبرة مهزوزة متوترة


:- ا... أه ياجواد تعبانة وعاوزة أنام. 


تطلع نحوها لعدة لحظات ثم ابتعد من أمامها ليدعها تذهب الي الفراش وتنام وعقله يفكر في أفعالها الغير مألوفة، لا يعلم ماهو الأمر الذي حدث معها وتخفيه ظنّ أن زوجة عمه قد أزعجتها مثلما فعلت من قبل عقله قد انشغل في أمرها كثيرًا وأمامه العديد من الأفكار لا يعلم أيهم الصواب؟! 


بينما رنيم فقد توجهت نحو الفراش بالفعل وأغمضت عينيها مسرعة حتى لا ترى نظراته لها التي ستكشفها، قلبها كاد يتوقف عن النبض وتفارق الحياة من الخوف لما سيفعله جواد إذا علم شئ عما كانت تنوى فعله. 


تطلب من ربها المساعدة والوقوف معها هي قد تراجعت عن تلك الفكرة ولم تكمل في تنفيذها مثلما كانت تريد فلما تُعاقَب الان؟! لماذا بعد أن وجدت مَن تتمسك بالحياة لأجله وشعرت بمذاق السعادة والفرحة التي دقت باب قلبها، وضعت يدها فوق فمها محاولة كتم صوت شهقاتها حتى لا تصل إلى مسامعه ويعلم بأمر بكائها فحينها لن يصمت ولن يتركها..


نهض جواد مقررًا التوجه نحو غرفة شقيقته ليعلم منها ما الذي حدث اليوم في غيابه معتقدًا أن تغيرها سببه أحد مَن في المنزل. 


دق الباب الخاص بغرفة شقيقته بهدوء وسرعان ما وصل إليه صوتها الهادئ سامحة له أن يدلف، ولج الغرفة بهدوء لكنه تفاجأ عندما رأى ملامحها الحزينة وأثار الدموع المعلقة في عينيها فطالعها بدهشة لا يعلم ماذا حدث مع الجميع اليوم؟ وأسرع مقترب جالسًا بجانبها مغمغمًا بهدوء واهتمام شديد


:- في إيه مالك انتي زعلانة ليه ومعيطة كمان ايه اللي حصل؟ 


حاولت أن تعطيه سبب كاذب حتى لا ينزعج وأجابته بهدوء


:- مـفيش حاجة ياجواد أنا بس متضايقة عادي أنتَ محتاج حاجة ياحبيبي. 


شعر بالعصبية من إجابتها هي الأخرى المطابقة لإجابة رنيم فغمغم بجدية وضيق 


:- هو ايه اللي مفيش حاجة مانتي زعلانة اهو وبتعيطي كمان، كل ما اسأل حد يقولي مفيش حاجة، بعدين من امتى بتخبي على جواد اخوكي حبيبك. 


تعجبت من حديثه لكنها اجابته بهدوء 


:- مـ.. مفيش حاجة ياجواد متشغلش بالك ياحبيبي أنا كويسة. 


اقترح سبب لحزنها بجدية وحزم وقد اعتدل في جلسته أمامها 


:- أنتي بتكلمي خالد دة لسة وهو اللي مزعلك كدة؟ 


أسرعت تحرك رأسها نافية وغمغمت بصدق 


:- لا والله ياجواد مش بكلمه من ساعة ما قولتلي لأ وهو كمان محترم رغبتي أنا زعلانة عشان بابا. 


رمقها بعدم فهم وسألها باهتمام وضيق من طريقة والده التي لن تتغير مع الجميع


:- ماله فاروق بيه الهواري عمل إيه تاني؟ 


تنهدت بصوت مرتفع وغمغمت تجيبه بتوتر وحزن


:- كـ... كنت طالبة منه اغير عربيتي من فترة قالي أن الشغل مش متظبط معاه وهيشوف الموضوع دة بعدين وهيجيبهالي من نفسه قولت ماشي جت أروى كلمته على عربية اغلى من بتاعتي كمان وفضلت تقنعه هي وطنط مديحة راح جابها ليها عشان كدة زعلانة محسسني أني مش مهمة ومش فارقاله. 


احتضنها بحنان مربتًا فوق ظهرها محاولًا التخفيف عنها عالمًا شعورها من فعلة والده الخاطئة في حقها وتحدث بحنان وتعقل


:- بس كدة دة اللي مزعلك ومخلي الأميرة بتاعت عيلة الهواري كلها تعيط اعتبري احدث عربية عندك من الصبح وكنتي قوليلي من وقتها كنت هجيبهالك ولا تزعلي نفسك وتعيطي. 


ابتسمت بسعادة لحنانه عليها وأجابته بتوتر محاولة شرح الأمر حنى لا يفهمها خطأ


:- أ... انا والله ياجواد مش زعلانة أن اروى جابت لا أنا بس زعلت عشان طلبت منه من الأول وهو مجابليش وهي لما طلبت جابلها على طول لكن مش قصدي حاجة تاني. 


طبع قبلة رقيقة فوق جبهتها بعدما فهم ماتود أن توصله له وغمغم بجدية


:- عارف ياحبيبتي بعد كدة شوفي اللي انتي عاوزاه وقوليلي فورًا. 


ابتسمت بسعادة شاكرة ربها على وجود شقيق مثله في حياتها، وتحدثت مردفة بحنان


:- ربنا يخليك ليا ياجواد ومتحرمش منك. 


شدد من احتضانه لها وسألها بجدية هادئة بعدما تذكر الأمر الذي جاء من أجله


:- صحيح يا سما هو في حد زعل رنيم انهاردة ولا قالها حاجة تضايقها.


شعرت بالدهشة من سؤاله وحاولت التذكر أن كان حدث لها شئ على مدار يومها ثم أجابته نافية 


:- لأ ياجواد محدش اتكلم معاها هي منزلتش غير خمس دقايق تشوف ماما وباقي اليوم فضلت في اوضتها 


ازدادت دهشته في الأمر بعد جواب شقيقته الغير متوقع وكرر سؤاله بطريقة تزداد دقة 


:- يعني محدش اتعامل معاها ولا بابا ولا أروى ولا مرات عمك. 


ابتسمت من طريقته المهتمة بزوجته بضراوة وأجابته بنفس الأجابة 


:- لا والله ياجواد محدش كلمها هي اصلا منزلتش غير لماما بس حتى بابا مش موجود طول اليوم. 


وجدته صمت وعقله يفكر في الأمر بحيرة شديدة فغمزت له بعينيها بمرح 


:- مالك ياجواد هو ايه اللي حصل احكيلي اساعدك شاغل بالك جامد كدة ليه. 


ضربها بخفة فوق رأسها وأخبرها الأمر مسرعًا دون تفاصيل 


:- مفيش بس رجعت لقيت رنيم متغيرة وزعلانة وبسألها مالك عمالة تقول مفيش بفكر مالها دي قولت يمكن حد من البيت زعلها. 


ضحكت بسعادة وواصلت مزحها معه 


:- ايوة بقى جت اللي تلفف جواد باشا حوالين نفسه وتخليه محتار جامد كدة. 


شاركها الضحك وغمغم بنبرة عاشقة وقد تجمع في عقله صورة رنيم العاشق لها حقًا


:- والله دي ملففاني من زمان يا سما موقعة أخوكي وقعة صح فيها بس مش عارف في ايه انهاردة أنا واثق أن في حاجة. 


حاولت أن تشاركه تفكيره وهتفت مقترحة بعد تفكير 


:- مش يمكن ياجواد حد من أهلها كلمها او وحشوها يعني أنا عارفة أن علاقتها بيهم مش كويسة فزعلت بسبب كدة ومش عارفة تحكيلك. 


حاول أن يقنع ذاته بحديث شقيقته بالرغم من علمه أنه خاطئ لكنه غمغم بجدية مربتًا فوق كتفها


:- ممكن بردو بس كفاية كلام كدة ويلا عشان تنامي بكرة في جامعة.


همهمت تجيبه بهدوء بينما هو سار نحو الخارج عاد مرة أخرى الي غرفته ووجد رنيم نائمة بالفعل بعدما فعلتها بصعوبة لتتحرر من أفكارها التي تجعل قلبها يهوى بداخلها وقف لعدة لحظات متأملًا اياها بجمالها الساحر له الذي يجذبه نحوها عنوة عنه، بشرتها البيضاء الصافية وخصلات شعرها البنية المتناثرة حولها شفتيها التي تجذبه دومًا، عينيها بالرغم من غلقها لهما لكنه لم يستطع نسيانهما، هو أمام عينيها ينسى عالمه بأكمله، ينسى مَن هو؟! وما أسمه؟ وكأن عقله قد توقف تمامًا بعد رؤيتها هو حقًا عاشق لها.. 


                                ❈-❈-❈


بعد منتصف الليل.. 


كانت جليلة لازالت تجلس تنتظر عودة فاروق بملامح وجه حادة غاضبة وعقلها يصور لها بعض الأفكار الغير جيدة وحديث مديحة السام يرن داخل أذنيها كأنه قِيل للتو. 


وجدته قد عاد ولج الغرفة بخطوات شامخة يملأها الثقة كعادته لكنها لم تنتظر ليجلس بل نهضت تقف قبالته وغمغمت بجدية حادة تلك المرة


:- كويس أنك رجعت أنت قاعدة مستنياك عشان اتكلم معاك يافاروق المرة دي كفاية سكوت لغاية كدة. 


لم يفهم معنى حديثها وطريقتها الحادة معه التي لم تتعامل بها من قبل وجلس ببرود متسائلًا بعدها بجدية ولهجة مشددة كعادته لينهي أي حديث لم يعجبه


:- في ايه ياجليلة هو ايه الجنان اللي بتقوليه دة؟ سكوت ايه ما تتكلمي. 


علمت أنه يريد أن ينهي حديثها لكنها لن تنهيه بل أجابته بحدة وغضب 


:- هتكلم يا فاروق هتكلم وهيبقى ليا حق طول ما أنت بجد بتسمع كلمتها زي ماقالت وكلنا ماشيين برأيها وكلامها من غير مانحس. 


ادّعى عدم الفهم من حديثها وغمغم متسائلًا هو الاخر بنبرة تزاد حدة وغضب


:- كلام إيه وكلمة مين أنا امتى بسمع لحد ياجليلة ماتعدلي كلامك عشان أفهم في ايه لكل دة. 


تطلعت داخل عينيه بنظرات مشتعلة يتوهجها الغضب وأجابته بغضب على عكس طبيعتها معه الدائمة 


:- لا يافاروق عندها هي بالذات وبتنفذ كلامها دايما اللي مديحة عاوزاه وبتقوله بيحصل ليه كل دة فهمني. 


صاح بها بحدة وعصبية جنونية وقد تخلى عن بروده بعد استماعه لحديثها الذي لا يعلم من أين توصلت إليه


:- افهمك ايه انتي اتجننتي ماتعقلي كدة وبلاش جنان هو ايه اللي بتقوليه دة جايياه منين. 


لم تهتز تلك المرة وتتراجع عن حديثها بل أجابته بضيق غاضب


:- تقدر تفهمني ليه جبت لأروى العربية بعد ما مديحة كلمتك دة أنت قولت لسما بنتك انك مش فاضي دلوقتي مديحة قالت انها هتخليك تجيبها عشان بتسمع كلامها يافاروق وجبتها فعلا بعد كلامك معاها


قد وضحت له الرؤية كاملة عالمًا لماذا أصرت عليه بتلك الطريقة وجعلته يحضرها لأروى سريعًا، يعلم كم هي ماكرة جعلت الأمر يصل لجليلة بالصورة التي تريدها لتظهر الأمر بطريقة خبيثة وقد نجحت في فعلها حقًا عالمًا مدى غضب جليلة من الأمر الذي سيحاول إنهاءه بطريقته الحادة المعتادة لتصمت وتتوقف عن تفكيرها في حديث مديحة السام الذي سيسيطر عليها فيجب إنهاءه تمامًا قبل أن يصل بها الأمر نحو جهة أخرى. 


حاول التمسك في إنفعالاته أمامها وغمغم بجدية مشددًا فوق كل حرف يتفوهه أمامها 


:- بسمع كلام مين ياجليلة ماتفوقي لكلامك دة انا فاروق الهواري محدش يقدر يقف قصادي انتي واعية للي بتقوليه. 


لم تقتنع بحديثه بل أصرت إلى استكمال حديثها إلى النهاية فتمتمت بضيق مكررة سؤالها بنبرة تزداد وضوحًا تبرز جيدًا ما تشعر به وما يدور داخل عقلها


:- أه واعية للي بقوله يافاروق لو زي مابتقول فعلا ليه جبت العربية لأروى لما مديحة قالتلك. 


رمقها بنظرات مشتعلة بالغضب معلنًا غضبه الشديد من حديثها الذي لم ياتي يومًا في ذهنه ان تقوله وأجابها بثبات وثقة تامة


:- جبتلها العربية عشان بعوضها عن عملة ابنك اللي مدلعاه، وكمان موت عصام أخوها البنت نفسيتها بايظة على الأخر بسبب ابنك قولت أعوضها شوية غلطت ياجليلة. 


لم تعقب على حديثه وهمهمت بجدية ولازال شعور الغضب يعصف بها


:- لا مغلطتش بس خلاص اعتقد أن هما بقوا كويسين يقدروا يرجعوا بيتهم. 


طالعها بذهول متعجبًا حديثها وصاح بها بعصبية حازمة


:- انتي اتجننتي بجد ماتعقلي كلامك هو ايه اللي يروحوا بيتهم دي مرات اخويا وبنت اخويا اسيبهم لوحدهم ازاي. 


أسرعت تشرح له الأمر بضيق كما ترى نافية حديثه بل توضح ما يحدث منهم


:- لا متجننتش بس تعبت مش عارفة اخد راحتي في بيتي زي ما متعودة مديحة بتتصرف بطريقتها وانا تعبت مش هستحمل كدة. 


فهم على الفور أن مديحة قد فعلت لها شئ جعلها تغضب هكذا عالمًا جيدًا أن جليلة لم تفعل ذلك ولن تقول ذلك الحديث من دون شئ. 


وقف أمامها بشموخ بنظرات غاضبة مشتعلة وغمغم بحدة ولهجة حازمة مشددًا فوق كل حرف بتفوهه 


:- جليلة اقفلي كلامك دة خالص وانسيه عشان عمره ما هيحصل  مينفعش خالص اسيبهم لوحدهم أنتي عاوزة الناس تتكلم علينا، وهكلم مديحة متتدخلش في حاجة تاني. 


علمت أنه لن ينفذ ماتريده بعد استماعها لحديثه فغمغمت بضيق هي الأخرى


:- خلاص يافاروق  يبقى امشي انا وبراحتك طالما زعلان اوي كدة وشايف اني بقول حاجة صعبة. 


قام بالضغط فوق فوق ذراعها بقوة بعدما قد وصل لأعلى ذروة في غضبه وهدر بها بعنف وحدة أخرستها 


:- مش بقولك اتجننتي على الأخر تمشي فين ما قولت خلاص هكلمها ومش هتدخل في حاجة عاملة حوار ليه تاني. 


ثبتت نظراتها المليئة بالحزن وعدم رضا وعقبت بجدية ولازالت لم تصمت مثلما يريد


:- وتقولها كمان ملهاش دعوة برنيم مرات جواد كفاية اللي هي بتعمله لغاية كدة. 


تركها وصاح بغضب ضاربًا سطح المنضدة بقوة ضارية والغضب ملأ أوداجه بضراوة


:- اه يعني الحوار مش على العربية ولا عشان بتتدخل ومتضايقة لا الحوار كله عشان رنيم وابنك بقى. 


تطلعت أمامها بغضب وعادت الى الخلف خوفًا من غضبه الشديد وتمتمت بجدية هادئة تشرح له الأمر لتجعله يهدأ قليلًا


:- لا مش عشان رنيم ولا جواد بس دة من ضمن الحاجات اللي بتضايقني وعاوزاك تقولها عليها كمان. 


لم يرد عليها بل رمقها لعدة لحظات بنظرات تزداد غضب عن كل مرة تراه بها مما جعلها تشعر بالخوف قليلًا من رد فعله عليها لكنها حاولت أن تدّعي الثبات حتى تركها وخرج من العرفة بخطوات واسعة يملأها الغضب تركها خلفه لازالت تفكر شاعرة بعدم الاطمئنان بعدما قد دلف الشك قلبها أصحت تتذكر عدة مواقف جمعتهم وتحللها بطريقة غير جيدة، تفمر فقط وعقلها في كل مرة يخبرها  بعدم الاطمئنان لمديحة  وأفعالها. 


لم ينكر فاروق هو الآخر غضبه من مديحة وأفعالها التي ستنتهي بمعرفة جليلة للحقيقة الغير ظاهرة والتي يفعل المستحيل من أجل إخفائها، عالمًا الآن ما يدور داخل عقل زوجته من أفكار سامة يجب محيها والتخلص منها متوعدًا لمديحة المتسببة في كل ذلك الآن مقررًا عدم ترك الأمر حتى لا تكرره مرة أخرى وينكشف من خلالها ما عاش طوال حياته يخفيه عن الجميع بمساعدتها.. 


                           ❈-❈-❈


في الصباح... 


اقتحم فاروق غرفة مديحة بغضب عارم ووجه مكهفر مما جعلها تنتفض مطالعة إياه بذهول وعلامات التوتر تبدو فوق قسمات وجهها، تمتمت متسائلة بنبرة متلعثمة وعدم فهم


:- ا... ايه يافاروق في إيه؟ 


لم يرد عليها بل استكمل خطواته نحوها ليقف قبالتها بالتحديد وغمغم بقسوة حادة 


:- انتي عارفة في ايه كويس اوي، بقولك ايه يامديحة طريقتك أنا عارفها كويس بس عند جليلة تقفي وتعدلي نفسك. 


شعرت بالغضب هي الأخرى بعد حديثه بتلك الطريقة عنها وعن جليلة أمامها فصاحت هي الأخرى أمامه بغضب


:- ماتعدل أنت كلامك يافاروق ولا هي السنيورة بتاعتك مسخناك عليا وأنت ماشي وراها أنا مجيتش جنبها اصلا. 


هدر بها بعنف حاد ضاغطًا فوق كل حرف يتفوهه مطالعها بنظرات مشتعلة والشرر يتطاير من عينيه


:- مـديـحـة... اتعدلي أحسنلك وكلامك عن جليلة يتعدل ومتتكلميش معاها في أي حاجة متخصكيش وبالنسبة لأن فاروق بيسمعلك دي ليها حساب تاني مش هتيجي فالاخر واحدة زيك تهد كل اللي بعمله. 


أجابته بحدة هي الأخرى حدة تحمل بين طياتها بعض التهديد ووقفت أمامه بتحدي صارم


:- كل حاجة بتعملها أنا اللي مساعداك فيها ولو عاوزة اهدها فعلا ههدها وأنت عارف أني اقدر معنديش حاجة أخاف منها ولا أخاف عليها بس أنت عندك. 


فهم جيدًا معنى حديثها وتهديدها له الذي جعل غضبه منها يزداد أصدر هدير حاد غاضب، فصاح بها بعنف 


:- مش أنا اللي هتهدد يامديحة أنا معوضك عن اللي حصل وزيادة لكن متنسيش نفسك معايا والزمي حدودك لو طريقتي معاكي نستك مين هو فاروق الهواري فلازم تفتكري دلوقتي. 


رمقته بعدم رضا وسألته بضيق متعجبة طريقته التي تحولت معها حقًا 


:- كل دة ليه بتعمل كل دة دلوقتي عشانها! 


اومأ برأسه أمامًا مؤكدًا حديثها ببرود ولا مبالاه لنظراتها المعلقة عليه


:- اه عشانها يامديحة ومستعد أعمل اي حاجة غير كدة عشانها وانتي من زمان عارفة كدة كله عندي إلا جليلة. 


شعرت بالغيظ والغيرة من حديثه الذي يفضلها فيه عن الجميع فغمغمت بغضب


:- ولما هي عندك كدة مكنتش عارف قيمتها ليه زمان عرفتها دلوقتي. 


أجابها بصرامة حازمة مصححًا لها حديثها 


:- أنا عارف قيمتها من زمان اوي وأنتي اكتر واحدة عارفة كدة زي ما عارفة برضو اللي حصل زمان كان سببه ايه. 


رمقته بغيظ وتبادله نظراته المثبتة نحوها فقابلها بلامبالاه وغمغم بنبرة تحذيرية حادة


:- ابعدي عن جليلة بالذات، بتعملي كل اللي عاوزاه بس تيجي عندها وتقفي عشان دة مش من مصلحتك لأنك عمرك ماهتعرفي تكسبيها.. 


لم ينتظر ردها الذي لن يهمه وسار متوجهًا نحو الخارج بلا مبالاه كأنه لن يفعل شئ لكن داخله يعصف به بركان من الغضب من حديثه مع مديحة التي ذكرته مباشرة بما فعله الحقيقة التي دومًا يحاول أن يمحيها من ذاكرته وحياته بأكملها عالمًا أن مهما فعل لن تُمحى مثلما يريد لكنه يحاول بقدر المستطاع إخفاءها عن الجميع وبخاصة زوجته التي لن يستطع الإبتعاد عنها حقًا هي ستظل الأهم في حياته.. 


❈-❈-❈


استيقظ جواد من نومه الذي حصل عليه بصعوبة شديدة بعد انغماسه في التفكير الشديد لأمر رنيم مود معرفة ما بها!؟ ولما هي هكذا!! ماذا يزعجبها هو يهتم بشدة لأمرها، لكنه تفاجأ بها تدّعي النوم مسرعة عندما شعرت به يستيقظ فسرعان ماتحولت ملامحه الى أخرى غاضبة حادة بعد فعلتها فأردف بسخرية لاذعة تحمل حدة وصرامة مشددة


:- نايمة انتي كدة والمفروض اصدق! 


لم تستطع أن تكمل  فيما تفعله فسرعان ما فتحت عينيها ببطء وخوف متمتمة بنبرة متلعثمة يملأها التوتر والخوف 


:- لـ.... لأ مش كدة أنا صـ... صاحية بس حاسة أني تعبانة كمان شوية فقولت أنام تاني، أ... انت عاوز حاجة مني؟ 


لم يعجبه حديثها المتاكد من كذبه لكنه حاول أن يتمسك بهدوءه معها ليحثها على التحدث وفهم ما بها 


:- محتاج بس اعرف في ايه مالك ايه اللي تاعبك كدة من امبارح. 


التف نحوها ليستطع أن يرى مابها ويجعلها تطمئن عندما تراه لكنها وقام باحتضانها بحنان مربتًا فوق ظهرها


:- قولتيلي مالك بقى، ايه اللي مزعلك جامد كدة من امبارح. 


اشاحت بصرها مبتعدة عن نظراته المثبتة عليها وغمغمت بتوتر مرتبكة


:- مـ.. مفيش ياجواد في إيه هو أنا في تحقيق ولا ايه، أنا قولتلك من امبارح أن مفيش حاجة. 


شعر بالدهشة متعجبًا من طريقتها الحادة معه فاعتدل في جلسته أمامها ليصبح قبالتها مباشرة وغمغم بحدة مشددة


:- هو في ايه لكل دة مين قال انك في تحقيق انتي مراتي ومن حقي افهم في ايه مالك؟ محققتش معاكي بس انتي فعلا متغيرة من امبارح وأنا عاوز اعرف ايه اللي حصل لكل دة؟ 


أجابته بتوتر جاهدت إخفاءه عنه لكنها حمقاء فهو يعلم جميع تغيراتها وما الذي تريد أن تخفيه فقط ينقصه أن يعلم ماهو الشئ الذي جعلها تتحول فجأة


:- مفيش حاجة تستاهل كل دة ياجواد تعبانة شوية وعاوزة ارتاح. 


ظل لفترة طويلة مثبت بصره عليها مرسلًا لها نظرات مشتعلة غاضبة، ونهض من جانبها بغضب متوجه نحو المرحاض صافعًا الباب خلفه بغضب. 


بينما رنيم ظلت متسمرة في مكانها بحزن شاعرة أن قلبها سيتوقف من فرط الخوف بعد مهاتفة محسن لها التي جعلت حياتها تنقلب رأسًا على عقب، لا تعلم كيف ستحل تلك المشكلة الكبيرة التي سقطت بها وكيف ستخرج وتنقذ ذاتها من ذلك المأزق التي وُضعت فيه!؟ تشعر أن عقلها سينفجر من فرط التفكير والخوف المتواجد داخلها، تخشى معرفة جواد وابتعاده عنها حاولت أن تهرب بالنوم مثلما فعلت أمس  لتهرب من نظراته التي تشعر أنها ستكشف أمرها فلم تجد حل أمامها سوى الهروب حتى يذهب لتستطع وجود حل تساعد به ذاتها لإنهاء الأمر.. 


                           ❈-❈-❈


بعد مرور يومين... 


ولج فاروق الغرفة حيث توجد جليلة فهو قد عاد مبكرًا عن عادته لأجلها جلس بجانبها بهدوء وجدها لم تتطلع نحوه تجلس كما هي في صمت كأنه لم يدلف فأسرع يتحدث بحنان وجدية شارحًا لها الأمر


:- حقك عليا متزعليش والله عملت كدة عشان خاطر أروى مش عشان حاجة تانية زي ما أنتي فاهمة أنا كلمتها وعرفتها حدودها هنا كويس. 


ظلت كما هي صامتة فأسرع متناولًا كفها طابعًا فوقه قبلة عاشقة شغوفة معتذرًا لها بهدوء


:- متزعليش طيب شوفي اللي عاوزاه هعملهولك بس متفضليش زعلانة كدة هو أنا عندي أغلى منك. 


ارتسم فوق وجهها ابتسامة هادئة حنونة تفعلها دومًا وتمتمت بتعقل مجيبة إياه 


:- أنت عارف أن انا مش عاوزة حاجة وبسكت كتير على كل اللي بيحصل بس فعلا هي كانت اتخطت حدودها بطريقة مش لطيفة انا مش عاوزة حاجة غير أنك تكون كويس أنت وجواد وسما ميهمنيش غير سعادتكم. 


جذبها داخل حضنه في حنان محتضنها بشغف مقبلًا رأسها بحنان طريقة خاصة به لن تظهر سوى معها 


:- واحنا كلنا منقدرش نستغنى عنك أولهم أنا وانتي عارفة كدة كويس. 


سندت رأسها فوق صدره بحنان شاعرة بالأرتياح لوجوده معها وهدوءه الذي لم يتكرر كثيرًا وتمتمت بجدية هادئة


:- ولا أنا اقدر ابعد عنك لحظة والله مش نفسي بس غير في حاجة واحدة أنت وجواد تبقـ... 


قطع حديثها الذي سيأخذ منحنى آخر لا يريده هو حتى لا يفسد جلستهم الهادئة فأردف بجدية


:- بعدين ياجليلة بلاش كلام دلوقتي سيبيها لظروفها أحسن. 


طالعته بعدم رضا حاولت ألا تظهره حتى لا ينزعج مأومأة برأسها أمامًا تمتمت معقبة


:- ليه يافاروق دة ابنك عمر ماحد هيخاف عليك زيه والله ولا حد هيخاف عليه قدك بس الفكرة أن افكاركم مش متفقة مع بعض. 


تطلع بعيد عنها قليلًا وربت فوق ظهرها بحنان 


:- بلاش كلام دلوقتي عشان أنا عاوز أصالحك كنت قاعد اليومين دول والله حاسس أن يومي كله ناقص من غيرك. 


شعرت بالسعادة والرضا من حديثه بالرغم من أنه لا يتحدث هكذا معها كثيرًا لكنها عالمة جيدًا بمدى حبه الشديد لها وتفضيله لها عن الجميع دومًا يؤكد لها ذلك في أفعاله.. 


❈-❈-❈


تطلعت رنيم نحو هاتفها الذي لم يتوقف لحظة واحدة، محسن يكرر إتصاله عليها من أرقام مختلفة فهو قد تركها المدة التي حددتها له وهي لم تتصل عليه إلى الآن، هي خائفة من التحدث معه خائفة مما سيقوله لها عندما تهاتفه، رمقها جواد بدهشة متعجب تجاهلها لرنين هاتفها المتواصل فغمغم متسائلًا بخشونة وجدية تامة 


:- شوفي موبايلك هو مين اللي بيتصل كتير كدة. 


شعرت بالتوتر وقد هربت الدماء من جسدها بأكمله وتمتمت بخوف مترددة في حديثها الذي خرج من فاهها بصعوبة شاعرة بثقل كبير فوق قلبها


:- مـ.... مفيش... مفيش حد مهم عادي. 


علم بمهارته ودهاء أنها تخفي شئ عنه فنهض بمكر متوجه نحو الشرفة الخاصة بالغرفة مدّعي إنشغاله في أمر هام أمامه. 


اسرعت ملتقطة هاتفها مستغلة عدم وجوده معها مقررة أن تغلقه تمامًا ليطمئن قلبها قليلًا لكنها فكرت أن ظنون جواد ستزداد حولها أكثر بعد تصرفاتها المريبة الحمقاء التي تحدث نتيجة ضغط متواصل عليها.


لم تجد حل سوى أن تجيب عليه وتترجاه ألا يكرر اتصاله الآن التفتت حولها بتوتر للتتأكد من عدم وجود جواد حولها وأنه لازال في الداخل بقلب سيتوقف من سرعة ضرباته الخائفة وأجابت عليه بنبرة مرتعشة خائفة


:- ا...الو يامحسن عاوز إيه دلوقتي مينفعش تتصل دلوقتي خالص اقفل وهكلمك أنا والله. 


أجابها الاخر متبجحًا بسخرية ووقاحة


:- لا والله ياست رنيم كان في منه وخلص مش هياكل معايا الكلام دة تاني، أنا استنيتك واديتك فرصة وخلصتيها كدة جه دور حقي اللي مش هسكت عنه. 


سالت دموعها فوق وجنتيها بضعف متمتمتة بنبرة باكية مرتعشة متوسلة إليه بخفوت 


:- مـ...محسن والله هكلمك بكرة بس اقفل دلوقتي جواد موجود مينفعش نتكلم هكلمك بعدين صدقني لو متكلمتش وقتها اعمل اللي يعجبك. 


التمعت فكرة أخرى خبيثة تضرب عقله فهتف بمكر بعدما ضغط فوق شفتيه الرفيعة بتفكير


:- لو هستنى يبقى الوضع هيختلف وقتها تجيلي بيتي. 


أسرعت مغمغمة باعتراض رافضة حديثه بخوف 


:- لـ... لا طبعا أنت بتقول ايه استنى وهكلمك أنا.


اعتلت صوت ضحكاته في الهاتف بطريقة مقززة وغمغم ببرود وتهكم ليبتزها وينجح في الضغط عليها


:- مفيش بعدين طالما كدة أنا مستنيكي تحت البيت عشر دقايق لو منزلتيش هطلع واحكي للكل وبالدليل ونروح في داهية مع بعض أنا مش باقي على حاجة. 


شعرت بالصاعقة جمّدت أطراف جسدها تمامًا أغمضت عينيها متمنية موتها تمامًا لترتاح مما تعيشه الان وتمتمت تكرر حديثه بضعف خافت


:- تـ... تحت البيت ازاي ا... انا مش هينفع انزل اقابلك دلوقتي خـ... خالص، جـ.. جواد هنا والله هقابلك بعدين لما يمشي. 


وجدت صوت جواد يصدح من خلفها مغمغمًا بحدة قاسية والشرر بتطاير من عينيه بغضب بعدما قد برزت عروقه شاعرًا بنيران تزداد اشتعالًا بداخله 


:- مين دة اللي عاوزة تقابليه من ورايا بعدين.. 


سقط الهاتف من يديها من هول الصدمة شاعرة بأنفاسها تُسلب منها عنوة عنها وكأن الهواء حولها قد نفذ، منكمشة على ذاتها برعب بعدما رأت نظراته الحادة المصوبة نحوها، نظراته التي لم تراها من قبل مثبتة عليها وكأنه سيفعلها حقًا ويقوم بقـ تلها... 


#الفصل_التاسع_عشر

#لهيب_الروح 

#هدير_دودو 

التفاعل ضعيف فضلًا نعمل لايك على الفصل وهنتظر كومنتاتكم♥


                              ❈-❈-❈❈-❈-❈❈-❈-❈❈


وقفت رنيم متطلعة نحو جواد بأعين متّسعة من هول الصدمة وضربات قلبها تتسارع وكأنه سيتوقف تاركة هاتفها الذي سقط فوق الفراش كرر سؤاله لها مرة أخرى بنبرة تزداد غضب 


:- مقولتليش مين ده يا رنيم اللي عاوزة تقابليه من ورايا انطقي


تخلت عن صمتها الذي طال وأجابته بنبرة ضعيفة خافتة لا تعلم كيف خرجت من شفتيها بعد هذا الضغط الشاعرة به متحاشية النظر في عينيه التي تود إفتراسها بغضب عارم


:- مـ... مفيش ياجواد د... ده.


قطعها صائحًا بغضب حاد مُشددًا فوق حديثه الذي يعكس مدى الغضب الذي يعصف بداخله بعد استماعه لحديثها الذي أكد ظنونه حولها 


:- ده إيه ما تتكلمي يا رنيم مين دة؟ 


التقطت أنفاسها بصعداء محاولة السيطرة على ذاتها قليلًا لتستطع الرد عليه وإيجاد حل للهروب من ذلك المأزق التي سقطت فيه، فتمتمت بتوتر بعدما وجدت حل لا تعلم كيف توصل عقلها إليه حتى تتخلص من سؤاله


:- د... ده صاحب أخويا محمد كـ... كان جاي يقولي أنه محتاج فلوس وباعته ليا وأنا مش عـ... عارفة أعمل إيه معاه. 


طالت نظراته نحوها ثم أسرع يحتضنها بحنان عندما شعر حرجها وخجلها مغمغمًا بحنان رافعًا وجهها إلى أعلى ليجعلها تنظر داخل عينيه يود إخبارها أنه لا يجعلها تخجل منه هي زوجته وجميع طلباتها واجب عليه 


:- أنتي زعلانة عشان كده بقالك يومين وعاملة ده كله. 


أيدت حديثه مسرعة بعدما علمت أنه صدق ما تفوهت به فتمتمت بحزن لكذبها عليه 


:- أ... أيوة يا جواد كنت م... مكسوفة عشان اللي حصل ومش عارفة أعمل إيه ولا أساعده إزاي. 


أسرع مربتًا فوق ظهرها بحنان ليقلل من توترها الشديد الذي شعر به، وعقّب مغمغمًا بتعقل هادئًا 


:- أنتي غلطانة كان المفروض تقوليلي طبعا يا رنيم أنا جوزك يا حبيبتي وأي حاجة محتاجاها هتبقى عندك طبعًا. 


اومأت برأسها أمامًا بصمت غير راضية لكذبها عليه لم تعتاد على فعل هكذا معه، تود إنهاء الأمر تمامًا وتخبره بكل شيء يحدث معها وتبتعد عنه تاركة حياتها تمامًا، وجدته يحضر حفنة من المال يعطيها لها معقبًا بجدية


:- تعالي يلا ننزل عشان نديله الفلوس دي ولينا كلام تاني بعدين. 


شعرت بالخوف عندما أخبرها أنه سينزل معها لمقابلة محسن، تشعر أن قلبها سيهوى داخلها من ضراوة الخوف، لا تعلم هل سيصمت محسن أو يكشف كذبها أم سيقص له الأمر بأكمله، كانت تتمنى لو أنها تمتلك بعض الشجاعة لتقص له الامر منذُ البداية لكنها تخشى رد فعله عندما يعلم، فأردفت بتوتر


:- أ... أنت هتنزل معايا ليه؟ خليك وأنا هنزل لوحدي. 


رمقها بنظرات حادة أخرستها تمامًا عن ذلك الحديث الأبله مردفًا بحدة حازمة 


:- يلا يا رنيم ننزل أو ممكن أنزل انا لوحدي وخليكي أنتي. 


حركت رأسها نافية برعب وغمغمت بخوف بدا في نبرة صوتها بوضوح


:- لـ... لأ لأ طبعا يا جواد لازم أنزل معاك مينفعش تنزل لوحدك يلا ننزل.


رمقها بعدم ارتياح لكنه سار معها إلى أسفل ظلت تلتف حولها حتى تراه وتستطع الوصول إلى مكانه لكنها فشلت ظنت أنه ذهب فعادت مرة أخرى بجانب جواد وأردفت بتوتر 


:- ش... شكله مشي يا جواد خلاص سيبه يلا نطلع. 


لم يهتم لحديثها فظل كما هو كأنه لم يستمع إليها وتحدث بنبرة آمرة جادة


:- هاتي موبايلك أتصل بيه نشوف هو فين.


تمسكت بقوة فوق هاتفها كأنه سيأخذه عنوة عنها وأسرعت تتصل هي على محسن داعية ربها أن تجده ذهب سرعان ما رأته يرد عليها بسخرية لاذعة 


:- ايه ياست رنيم فكرتي في كلامي كويس واتعقل بالسرعة دي كان لازمته ايه من الأول تعمل كـ.. 


تمتمت هي مسرعة تقاطع حديثه ليصمت خوفًا من استماع جواد لشيء من ذلك الأحمق


:- أ... أنت فين قرب شوية على البيت أنا وجواد مستنينك عشان تاخد الفلوس. 


شعر محسن بالذهول متعجبًا من حديثها بعد ذكر اسم جواد فيه هل قامت بسرد الأمر له ليساعدها، ظل يفكر في حديثها شاعرًا بعدم الاطمئنان فتمتم متسائلًا بعدم فهم متبجحًا بها كعادته


:- أنتي عملتي ايه يا رنيم بقولك ايه أنتي لو اتكلمتي أنا هقلب جامد وهتزعلي فالآخر بلاش تجربيني مانتي مش هتخرجي منها والبس أنا الحوار كله اللي أنتي السبب فيه.. 


لا تعلم كيف تشرح له الأمر فهو الذي سيكشف الأمر بأكمله بحديثه المندفع دون جدوى حاولت أن توصل له الأمر بذكاء 


:- أنا اتصرفت في مبلغ بسيط مش زي ما محمد أخويا عاوز ابعتهوله ومعلش تاعبينك معانا. 


تتحدث بالألغاز معنى ذلك أنها لم تخبر جواد الهواري بشئ بدأ يفكر في الأمر بذكاء محاولًا ربط الأمور ليفهم معنى حديثها ثم غمغم بمكر بعدما نجح في استجماع خيوط حديثها ليتضح له الأمر كاملًا 


:- لا إذا كان كده ماشي يا ست رنيم بس باقي المبلغ يوصل على طول عشان أنا خلقي ضيق أوي ومش بسكت كتير. 


أغلقت الهاتف بضيق دون أن ترد عليه متطلعة بطرف عينيها نحو جواد والخوف مسيطر عليها تود أن تجهش في بكاء دون توقف لكن كيف ستفعلها في وجوده؟ تشعر أنها محاطة من جميع الجهات لا تجد حل سوى الخضوع والإستسلام مثلما اعتادت دومًا، تلعن ذاتها عن فعلتها الحمقاء التي فعلتها دون حساب لحياتها القادمة، ظلت صامتة هكذا تفكر بشرود بملامح منهكة فقد مضى عليها أسوأ أسبوع في حياتها منذُ بداية زواجها، هي تعتبر زواجها من جواد بداية حياتها الفعلية لكنها عالمة أنه لن يسامحها بسهولة حين يعلم أمر هكذا. 


قطعت شرودها مسرعة زاجرة ذاتها بعنف عندما رأت محسن اقتربت منه بصحبة جواد التي كانت متشبتة في ذراعه بقوة خوفًا من نظرات محسن السيئة التي شعرت أنها تفترسها تود أن تحتمي بجواد كما اعتادت. 


اعطى جواد لمحسن المال مغمغمًا بجدية وخشونة تامة وعينيه ترمقه بغضب ملاحظًا نظراته نحو رنيم وخوفها هي الأخرى منه


:- خد المبلغ ده وصله، وبعد كدهولو أخوها عاوز حاجة قوله يكلمها هو وهتبعتهاله. 


ارتسم فوق ثغر محسن ابتسامة ماكرة خبيثة متطلعًا نحو رنيم موزعًا عليها نظراته المليئة بالمكر لكنها تفهمها جيدًا وأجاب على جواد بجدية هو الآخر


:- أكيد طبعًا ياباشا هبقى أقوله عاوزة حاجة يارورو. 


جخظت عينيها من هول الصدمة لفعلته الحمقاء التي ستتسبب لها في العديد، شاعرة بغضب جواد الشديد بجانبها فرفع وجه محسن بغضب ليجبره على النظر نحوه بدلًا من رنيم ضاغطًا فوق فكه بين يديه بقوة مغمغمًا بضيق غاضب


:- قولت ايه يا بابا سمعني صوتك تاني كده عشان قسمًا بالله أنا ما ليا خلق. 


اعتدل محسن سريعًا وتراجع عن حديثه مردفًا بتوتر


:- مفيش يا باشا مبقولش حاجة عن اذنك عشان الحق أمشي. 


سار من أمامه بسرعة هاربًا من نظراته الغاضبة تارك رنيم تقابلها بمفردها وضعت يدها فوق كتفه بهدوء تحدثت به أيضًا مدعية عدم الفهم


:- في إيه يا جواد مالك شكلك متضايق؟ 


نفض يدها بعيدًا وصاح بها بحدة والشرر يتطاير من عينيه نحوها فانكمشت على ذاتها بخوف وصمتت أسرع يتحدث هو بحدة ونبرة مشددة صارمة


:- اطلعي فوق يلا عشان نعرف نتكلم كويس.


سارت تنفذ ما قاله بالرغم من خوفها من حديثها معه، لأول مرة تود الهروب منه ومن الحديث معه مثلما تفضل دومًا، تخشى أن يجعلها تعترف بما تخفيه تحت تأثيره عليها، كانت غير مطمئنة خاصة لحديثه الأخير الصارم معها وتحوله بعد ذهاب محسن الذي سيحول حياتها إلى جحيم بسبب عودته الآن وإصراره لمقابلتها وتناول حقه كما أخبرته من قبل.. 


جلست في صمت تام منتظرة ما سيقوله لها محاولة تهدئة ذاتها حتى تجعل الأمر يمرئ بسلام، وجدته لم يتحدث هو الآخر فقطبت جبينها متعجبة من صمته   وتمتمت بتوتر محاولة تخطي الخوف المتواجد بداخلها


:- جـ....جواد كنت عاوز تقول حاجة قولتلي هنتكلم فوق.


اومأ برأسه أمامًا مؤكدًا حديثها ثم صاح بغضب حاد منفجرًا بها لأول مرة


:- اه يا رنيم عاوز أتكلم عاوز أقولك أن تعبت من طريقتك، أنتي إزاي بتتعاملي كده ساكتة ومش عاوزة تقوليلي ليه ساكتة أسألك مالك مترديش، في ايه لكل دة الطريقة دي غلط أنا جوزك يعني أول واحد تجري تحكيله اللي عندك مش تسكتي وتخليني ألف حوالين نفسي محدش هيخاف عليكي قدي هو أنا هضرك يعني. 


شحب وجهها بشدة ما أن استمعت إلى حديثه القاسي عليها، ظلت تفكر في كل كلمة تفوه بها، وعقلها يردد حديثه هل حقًا تعب منها ومن صمتها الزائد كما أخبرها، والأهم هل سيظل بجانبها عندما يعلم ما اتفقت عليه مع محسن لكن كيف سيظل معها وهو لم يعلم ما الذي حدث لها، لا يعلم كيف كان عصام يفعل بها، كيف سلب منها حياتها هو وعائلته بأكملها، يطلب منها التخلي عن صمتها والتحدث وهي عاشت طوال حياتها ممتنعة عن الحديث لم تفعل شيء سوى الصمت، عندما كانت تتخلى عنه كانت تُعاقب بأبشع الطرق المتجردة من الرحمة، هل يود منها نسيان كل ذلك في لحظة كيف ستفعلها؟!.. 


ظلت تطالعه بصمت كما هي لكنه لم يتحمل صمتها الذي طال فأسرع مغمغمًا بحدة 


:- ما تردي عليا أنا هضرك لو حكيتي ليا حاجة بدل ما تتعاملي مع الواد ال*** ده لوحدك. 


حركت رأسها نافية وتحدثت أخيرًا متخلية عن صمتها تجيبه بخوف ورهبة كبيرة تملأ قلبها وازدادت خاصة بعد رؤيتها لمحسن 


:- لـ... لأ ياجواد مش هتضرني أنا بس كنت مكسوفة أقولك مش خايفة منك. 


لم يود أن يضغط عليها بحديثه بعدما تطلع نحو حالتها فغمغم بنبرة جادة صارمة بشدة تعكس مدى رفضه وغضبه مما حدث


:- بعد كده متقابليش الواد ده تاني مهما حصل  ومتخبيش حاجة عليا يا رنيم تقوليلي كل حاجة مضايقاكي لازم تتعودي على كده وتشاركيني كل حاجة تخصك.


اومأت برأسها أمامًا وتمتمت بنبرة خافتة 


:- مـ...ماشي يا جواد.


شعر باحتياجها إليه وخوفها فأسرع يضمها داخل حضنه بحنان محتضن إياها بضراوة يود أن يجعلها تشعر بالأمان في وجوده حتى تهدأ بعدما شعر بخوفها الضاري عليها الذي سبب ارتجاف جسدها الخائف. 


                            ❈-❈-❈


في الصباح... 


قبل ذهاب جواد إلى عمله استوقفه نداء أروى المردفة باسمه بدلال زائد وقف مردفًا بجدية وخشونة


:- نعم يا أروى في حاجة؟! 


تكره تعامله الجاد معها، لا تعلم لما يحدثها دومًا بحدة وكأنه يفعلها عنوة عنه، تلعنه سرًا متوعدة له ستجعله يندم على أفعاله، حاولت أن تخفي شعورها وغضبها منه متمتمة بهدوء زائف وغرور


:- مش عاوزاك تزعل مني ملاحظة أنك من آخر موقف بينا وأنت بتتجاهلني بجد سوري يا جواد أنا مكنتش عارفة أنا بعمل إيه مش عاوزاك تزعل مني. 


رمقها بعدم اهتمام أومأً برأسه أمامًا وأجابها ببرود وعدم اكتراث للأمر الذي قد نساه تمامًا 


:- مفيش داعي لده كله يا أروى خلاص زي سما مابتغلط محصلش حاجة المهم أنك عرفتي غلطك. 


ابتسمت باصطناع وأسرعت تحتضنه معقبة ببرود 


:- خلاص بقى كده مفيش زعل بدأنا خلاص صفحة جديدة. 


وقفت رنيم تطالع ذلك المشهد من الشرفة بأعين مشتعلة من الغضب لا تعلم لماذا يقف الآن وهي داخل حضنه، عقلها قد آتى إليه العديد من الأفكار السيئة التي نفضتها وأسرعت مهرولة إلى أسفل حيث يقف معها بخطى سريعة لتستطع ملاحقته  وهو واقف معها بالفعل وجدته يضحك على شيء ما اردفته تلك الماكرة لتجعلها تستشاط غضبًا محترقة بنيران الغيرة المتأهبة بداخلها. 


أردفت تقطع حديثهما بغيظ مشددة فوق كل حرف تتفوهه بضيق 


:- في حاجة يا حبيبي مش كنت مستعجل عشان تلحق تروح الشغل. 


أسرعت مقتربة منه دافعة تلك الماكرة إلى الخلف لتلتصق هي به بدلًا عنها بغيرة لاحظها جواد عندما رأى تعبيرات وجهها النارية ونظراتها الغاضبة فاسرع يحتضنها بحنان يخفي ضحكته بمهارة 


:- اه طبعا يا حبيبتي مستعجل والله بس قولت اشوف أروى كانت عاوزاني في إيه قبل ما أمشي. 


رمقته بعدم رضا وأسرعت تحثه على الذهاب مسرعًا ليختفي من أمامها


:- طب يلا يا حبيبي عشان تلحق ترجع بسرعة بليل أنت عارف مش بنام غير لما ترجع ياحبيبي. 


طبعت قبلة رقيقة فوق وجنته شاعرة بلذة الإنتصار على تلك الواقفة التي ترمقها بنظرات غاضبة مشتعلة عالمة ما تريد أن توصله رنيم لها لاعنة إياها سرًا.. 


شدد من احتضانها بقوة كعادته لم يخجل يومًا أن يظهر حبها أمامهم مبتسمًا بسعادة لغيرتها عليه ورد عليه عليها بهدوء 


:- حاضر يا حبيبتي أنا همشي أهو خلي بالك من نفسك. 


همهمت مجيبة إياه بخفوت وعينيها معلقة نحو أروى التي تطالعها بنظرات حادة كأنها ستقتلها متوعدة لها بمكر، حاولت ألا تعطي وجودها إهتمام وودعت جواد بابتسامة رائعة يعشقها جعلته يبتسم هو الآخر وسار بخطى واسعة متعجلًا للذهاب إلى عمله..


كادت تذهب هي الأخرى تعود إلى غرفتها كما كانت لكن استوقفتها تلك التي قبضت فوق ذراعها بقوة غارزة أظافرها بها بحقد مغمغمة بغضب والدماء تغلي داخلها بعدما رأت نظراته اللامعة الرائعة التي رمقها بها 


:- أنتي فاكراه هيفضل يحبك كده كتير بكرة يزهق منك وهتترمي زي الكلبة محدش هيعبرك فوقي لنفسك يابت 


تألمت رنيم بسبب قبضتها القوية لها فدفعتها بغضب إلى الخلف لتجعلها تتركها بعدما امتعضت ملامح وجهها وأجابتها بحدة 


:- جواد عمره ما يعمل كده جواد بيحبني بجد ووقف قدام الكل عشان يتجوزني. 


ضحكت ببرود محاولة أن تخفي غيظها وأجابتها بغضب لم تنجح في إخفاءه


:- عشان كدة هو اللي وقفني وعاوزني فوقي لنفسك يا رنيم ومتحلميش كتير أنتي مجرد فترة وهيزهق وفالآخر يوم ما هيكمل هيكمل مع واحدة زيي جواد مش لحد غيري خليكي عارفة ده كويس. 


شحب وجه رنيم وصمتت بصدمة وعقلها يفكر في حديثها فرمقتها أروى الماكرة بشماتة تخفي خلفها غضبها من حديثها العالمة بصحته وتمسك جواد بها مهما حدث فهي قد رأت ما فعله مع والده لأجل الزواج بها.. 


حاولت رنيم أن تنفض حديثها السام من عقلها وألا تفكر فيه محاولة تذكير ذاتها بحبه الذي يزداد كل يوم  وتشعر به دومًا، وسارت هي الأخرى نحو الداخل بخطى متعثرة بطيئة تعجبت جليلة التي رأتها معقدة ما بين جبينها بدهشة لهيئتها الحزينة الشاحبة فأسرعت تستوقفها بهدوء لتطمئن عليها 


:- رنيم استني يا حبيبتي. 


توقفت رنيم مسرعة ملتقطة أنفاسها بصعداء لعلها تنجح في إخفاء حزنها وهمهمت بهدوء ترد عليها


:- أيوة يا طنط حضرتك عاوزة مني حاجة. 


ابتسمت بهدوء مربتة فوق ظهرها بحنان شاعرة بحزنها وأجابتها نافية 


:- لأ يا حبيبتي مش عاوزة حاجة كنت بشوف مالك شايفاكي داخلة زعلانة في حاجة حصلت ولا إيه؟ 


ترددت كثيرًا بين أن تسرد عليها حديث أروى الذي أزعجها أم تصمت كما اعتادت لكنها لم تستطع منع ذاتها فأردفت تخبرها بضيق 


:- مفيش يا طنط بس كنت بكلم أروى لقيتها بتقولي أن جواد مسيره هيزهق مني وهيتجوزها هي في الآخر عشان هي اللي من مقامه. 


شعرت بحزنها وخجلها وهي تتحدث فأسرعت تجذبها داخل حضنها بحنان وأجابتها بهدوء وتعقل لتمحي ذلك الحديث عن ذهنها


:- لا طبعًا يا حبيبتي ده هي تلاقيها بتهزر معاكي ولا عاوزاكي تتضايقي جواد بيعتبرها زي أخته وهو من زمان قلبه مشافش غيرك ولا عمره اتمنى حد غيرك بلاش تخلي كلام يأثر عليكي ويزعلك لازم تكوني واثقة في جواد. 


اتسعت ابتسامتها بعد استماعها لذلك الحديث الذي يبدي مدى أهميتها لديه وحبه لها الكبير الذي ازداد بمرور الزمن سرعان ما أشرقت بنيتيها بسعادة نادرة الحدوث متخيلة عن مرارة أيامها وحزنها المتواجد في قلبها دومًا وتعكسه عينيها دون حديث، وحاولت أن تبرر لها موقفها بتوتر 


:- لـ... لا والله يا طنط أ... أنا بثق في جواد طبعًا بس اتضايقت من كلامها. 


احتضنتها جليلة بهدوء وغمغمت بحنان 


:- أكيد طبعًا يا حبيبتي ولو عاوزة أي حاجة تعالي قوليلي في أي وقت حتى لو جواد مزعلك هو عشان ظابط فاكرة أن محدش هيعرف يكلمه هو بس لو ضايقك بكلمة تعاليلي وأنا ازعلهولك.


ابتسمت رنيم متعجبة لحالها لأول مرة تجد من يتعامل معها بهذا الحنان واللطف التي حُرمت منه لم تجد الحنان مع والدتها منذ صغرها وهي تراها تفضل شقيقها عنها تعطيه هو الحب والدلال وهي تتلقى القسوة والغضب وفي النهاية اختارت تعاستها دون اهتمام لها ولأمرها ذهبت إلى بيت يزداد قسوته كل مكان به شاهد على بكائها وصرخاتها المتألمة المقهورة من أشخاص انتزعت الرحمة من قلوبهم، لكنها الآن تجد كل ما سُلب منها على يد والدته التي تتمنى وجود أم مثلها في حياتها وكأن ربها أراد تعويضها عما رأته من ظلم وقهر، حزن ووجع، ضعف وألم... سيتبدل كل ذلك إلى سعادة وفرح شعرت بهما على يده.. 


                          ❈-❈-❈


في المساء... 


عاد جواد من عمله سريعًا متلهفًا لرؤيتها بعدما رأى تحول حالها صباحًا وعادت ابتسامتها مرة أخرى تزين ثغرها وتمحي الحزن المتواجد عليه. 


وجدها جالسة فوق الفراش بصمت فأسرع يحتضنها من الخلف هامسًا داخل أذنيها بمرح ويده تمر على جسدها بلهفة عاشق أحترق من لهيب اشتياقها لابتعادها عنه في تلك الأيام الماضية لعدم تحسن مزاجها


:- قاعدة بتفكري فيا صح للدرجادي بتحبيني. 


لأول مرة تتخلى عن خجلها الدائم وباغتته بردها العاشق 


:- لو مش هحبك أنت هحب مين يعني أنا قلبي معرفش حاجة اسمها حب غير على إيدك من زمان أوي. 


ابتسم بشغف وطالعها بعدم تصديق ثم شدد من أحتضانه عليها وتابع مرحه معها


:- أيوة بقى ده إحنا اتطورنا خالص تتحسدي النهاردة الصبح الاقيكي غيرانة عليا ومولعة ودلوقتي بتقولي كلام جامد يستاهل مكافأة حلوة. 


سرعان ما اعتدلت أمامه في جلستها وغمغمت بضيق بعدما تذكرت غضبها منه لما حدث صباحًا 


:- أيوة صح الصبح كويس إنك فاكر واقف مع أروى وبتضحك من قلبك كدة ليه وهي بتضحك بصوت عالي. 


ازداد ابتسامته اتساعًا مستمتعًا بغيرتها عليه عالمًا بنيران الغيرة التي حرقت قلبه سنوات عديدة


:- لا ده حصل تطور خالص محتاجين نشوفه ونشوف الغيرة دي.


تطلعت بعينيها بعيدًا هاربة من نظراته المصوبة نحوها شاعرة بالخجل وغمغمت بتوتر


:- لـ.. لأ طبعاً أنت بتقول ايه أنا مش بغير أنا بس بتكلم معاك. 


أمسك وجهها بهدوء ليجعلها تتطلع نحوه وعاد عليها سؤاله مرة أخرى باصرار 


:- لا بلاش كدب دة أنا ظابط بعرف أكشف الكدب خدي بالك فقولي الصراحة عشان معاقبكيش بتغيري عليا؟ 


رمقته بتوتر لحديثه عن الكذب خوفًا من أن يقصد شيء آخر لكذبها عليه في الفترة الماضية التقطت أنفاسها بتوتر وظلت صامتة شاعرة بعدم الإرتياح والقلق فرمقها بتعجب قاطب جبينه وسألها بمرح


:- ايه مالك بتحاولي تهربي من الإجابة ولا إيه


أدعت عدم الفهم وتسائلت بقلة فطنة مصطنعة


:- سؤال ايه دة اللي ههرب منه أنت مقولتش حاجة بعدين أنا أصلًا مش بكلمك وزعلانة منك. 


ضحك صاخبًا عالمًا أنها تحاول مخادعته وعدم البوح بمشاعرها لكنه اصرّ وعاد سؤاله مرة أخرى 


:- بتغيري عليا الأول وبعدين نبقى نشوف حوار الزعل دة. 


لم تستطع الكذب تلك المرة وتخبئة مشاعرها فاعترفت له بغيرة شديدة متحررة من خجلها الدائم 


:- أيوة طبعًا يعني لو مكنتش هغير عليك هغير على مين ما أنت جوزي حبيبي لما الاقيك واقف مع واحدة وبتضحك من قلبك كده مش عاوزني اغير. 


ابتسم بسعادة لحديثها الذي يرضيه بضراوة هو عاش طوال حياته منتظر استماع ذلك الحديث منها هي بالتحديد، مرر يده بين خصلات شعرها البنية الناعمة وعينيه تطالع كل أنش بوجهها بشغف عينيها البنية المتناسبة مع ملامحها الهادئة العاشق لها فأجابها بنبرة عاشقة شغوفة


:- أيوة جوزك حبيبك اللي بيعشقك وعمره ما بيضحك غير معاكي. 


دفعته بعيد عنها بملامح وجه متذمرة غير راضية 


:- آه عشان كده واقف تضحك الصبح بتقولك ايه يضحكك جامد كده مش بتضحك دلوقتي ليه يعني. 


ضحك على طريقتها وشدد من احتضانها التقط شفتيها بين خاصته بعشق جارف 


:- أنا مبعرفش اضحك غير معاكي أنتي. 


ابتسمت بسعادة بنظراته الشغوفة لها التي تجعلها تسعد بضراوة فاسرع مغمغمًا بمرح وصوت أجش نتيجة اقترابه منها الشديد وتأثيرها عليه الذي يفشل مقاومته 


:- أنا عاوز حقي بقى عشان ضحكتي عليا بقالك كم يوم وبتنامي وتسيبيني هاخد حقي جامد بقى. 


ضحكت هي الأخرى متحررة من جميع حزنها أمامه نتيجة اقترابه منها الذي يسلبها عقلها تمامًا وتمتمت بلهفة ودلال 


:- أنتَ وحشتني على فكرة اليومين دول. 


وزع قبلات متفرقة على وجهها بعشق وهو سعيد لإعترافها وحديثها العاشق الذي غمرته به، وغمغم بنبرة عاشقة بعد انهيار جميع حصونه أمامها


:- لا ده أنا مقصر بقى جامد ولازم أعمل شغلي أنتي عارفاني بحب أعمل كل حاجة مظبوطة أوي


اعتلت صوت ضحكاتها بصخب وأجابته بدلال زائد ويدها تعبث في ثيابه 


:- آه بس التقصير بسببي أنا مش أنت عشان كده مش هتكلم المرة دي. 


غمزها بإحدي عينيه بمكر وغمغم يزعجها بمرح ليجعل جميع حصونها تنهار مثلما فعلت به


:- ده أنتي كمان واقعة بقى مش أنا بس بس أنتي واقعة وساكتة. 


سندت رأسها فوق صدره واعترفت له بشجاعة وجراءة لا تعلم من أين حصلت عليها 


:- أنا واقعة من زمان فعلا من أول ما شوفتك وأنت موقعني من قبل ما تحبني أصلًا. 


ضحك ملتقط شفتيها بنهم موبخًا ذاته بمرح


:- لا ده أنا غلطان جامد مليش حق هعاقب نفسي. 


اعتلت ضحكاتهم معًا بعشق وكل منهما نسى كل شئ حولهما يجعلها بمهارة وعشق تنسي جميع ماكان يزعجها ويجعلها تحزن دلفت معه إلى عالمه الخاص الملئ بالعشق والحب المتواجد بصدق داخل قلوبهما.. 


                          ❈-❈-❈


في الصباح.. 


احتلت الصدمة والحزن ملامح وجه رنيم عندما رأت رقم محسن الجديد ينير شاشة هاتفها ارتعشت بخوف شاعرة بدقات قلبها تتسارع برعب سيطر عليها لا تعلم ماذا ستفعل معه؟! 


علمت أن تجاهلها له لن يعود عليها سوى بالضرر فأسرعت تجيبه بيد مرتعشة وملامح وجه شاحب من فرط الخوف المتواجد داخلها تمتمت بنبرة متلعثمة مهزوزة 


:- ا... الو أيوة يا محسن. 


أجابها بوقاحة وحديثه يملأه السخرية 


:- ايه أنتي يا رنيم لو فاكرة أني هسكت يبقى في أحلامك ماهو مش بعد ما قتلته وريحتك منه هطلع من ده كله على الفاضي.


سالت دموعها فوق وجنتيها وتمتمت بخوف من بين شهقاتها المستمتع باستماعهم 


:- ا...أنا قولتلك لأ خلاص متعملش كده مش أنا قولتلك لا متقتلهوش بعدين أنت كنت عاوز تخليني أنا اللي عملتها.


أجابها بسخرية ونبرة لعوبة ليجعلها تخاف وتنفذ ما يريده سريعًا


:- وأنتي معملتيهاش يعني! خلي بالك أني اقدر ارجعك تاني وتاخدي فيها إعدام بجد. 


حاولت السيطرة على ذاتها لتمنعها بصعوبة بالغة من الإنهيار حاولت أن تلتقط أنفاسها متمتمة بتوتر


:- ا...أنا قولتلك خـ...خلاص والله قولتلك بلاش تعملها ليه عملت كده.. 


صاح بها بحدة مشددة أخرستها 


:- بقولك ايه أنا الكلام ده كله ميهمنيش الفلوس تبقى عندي ولا اوريهم الدليل اللي عندي وارجعك تاني مكان ما خرجتي بس المرة دي محدش هيعرف يطلعك منها. 


أسرعت تتحدث بخوف بعدما انكمشت على ذاتها وتراجعت مسرعة برعب


:- لـ... لأ لأ هديك والله شوف أنت عاوز كم وهجمعهملك صدقني. 


التمعت عينيه بطمع وأجابها ببرود وتسلية لحالتها الخائفة منه 


:- أنتي عارفة عاوز كم واتفقنا عليه من قبل ما انفذ فلوسي تبقى عندي يا رنيم عشان أنا زعلي وحش وبزعل بسرعة. 


انتفضت متلعثمة بتوتر وبعدما انقبض قلبها داخل صدرها وهوى خوفًا من تنفيذ تهديده 


:- لـ... لا خلاص هتلاقي الفلوس عندك بس متعملش حاجة، هجيبهالك كلها. 


أغلق الهاتف دون أن يرد عليها لكنه تركها تجلس تفكر بقلب مقبوض ووجه شاحب تفكر فيما ستفعله لتجمع إليه المال الذي طلبه، كيف ستحصل على ذلك المبلغ في تلك المدة القصيرة أغمضت عينيها بضعف داعية ربها أن يقف معها لاعنة ذاتها عن تلك الفكرة التي تدمر حياتها الآن.. 


ظلت تفكر في طريقة لتحصل من خلالها على ما تريده مقررة أن تنفذ أي شيء حتى تتخلص منه، تود أن تعيش حياتها دون خوف تعيش معه تنعم من عشقه الذي يغمرها به دومًا. 


لكن هناك غصة قوية في قلبها تذكرها أن هناك مَن مات لأجلها بالرغم من كل مافعله بها لكنها لم تود أن يحدث ذلك وتكن هي المتسببة في موته، هي طلبت منه أن يتراجع لكنه نفذ خطته لأجل تحقيق مطامعه وفي النهاية يخبرها أنه فعل ذلك بسبب فكرتها.. 


كانت تبكي بضعف وجسدها يرتعش وكل تفكيرها تركز في شيء واحد كيف ستحضر المال الذي يطلبه منها مقررة الحصول عليه بأي طريقة لتنهي ما يحدث لها وتتخلص من ذلك الخوف المسيطر عليها..


                          ❈-❈-❈


في المساء 


كانت جليلة تبحث عن قلادتها التي أحضرها فاروق له من قريب، لكن جميع بحثها كان دون جدوى نزلت أسفل بهدوء وبدأت تسأل الخادمات عنها 


:- في حد شاف عقد فوق كان في أوضتي. 


كانت إجابتهم جميعهم بعدم معرفتهم عنه شيء، تطلع فاروق ونحوها وسألها بجدية 


:- يعني إيه يا جليلة راح فين ده أنا لسة جايبهولك. 


أجابته بهدوء محاولة تهدئته لتنهي الأمر


:- معرفش يا فاروق هدور عليه ممكن أكون مش فاكرة أنا مكانه هشوفه. 


قبل أن تصعد نحو غرفتها أسرعت أروى تتحدث ببرود


:- يا طنط جليلة استني من شوية لقيت رنيم بتخرج من أوضتك وهي خايفة وعمالة تتلفت حواليها مش أنتي شوفتيها يا سما كمان. 


شعرت سما بالتوتر بعدما فهمت معنى حديث أروى فأجابتها بتوتر متلعثمة


:- مش فاكرة يا أروى مخدتش بالي مش فاكرة


صاح بها والدها بحدة مشددة وعينيه مثبتة عليها بغضب 


:- هو إيه اللي مش فاكرة ده قولي الحقيقة يا سما شوفتيها البت دي خارجة من أوضة أمك ولا لأ. 


أجابته بتوتر وخوف بعدما رأت غضبه


:- ا... اه هي كانت خارجة من عند ماما وماما تحت بس مشوفتش حاجة تاني والله يابابا. 


تمتمت مديحة هي الأخرى بمكر مستمتعة لما يحدث دون تدخل منها


:- هي دايمًا كانت بتعمل كده عندنا إحنا كمان فأكيد هي اللي خدت العقد بتاعك ياجليلة. 


حاولت جليلة تهدئة الأمر مغمغمة بهدوء بعدما تمسكت بذراع فاروق مانعة إياه من فعل ما يريده


:- خلاص يا فاروق سيبها محصلش حاجة أكيد مش هي اللي عملت كده ممكن أكون شايلاه في مكان تاني مش فاكراه. 


لم يستمع إلى حديثها بل سار بحدة متوجه نحو غرفة رنيم بحدة والغضب يملأه متجاهل هتافات جليلة المحاولة تهدئته وإنهاء الأمر بهدوء دون مشاكل لكنه اقتحم غرفة رنيم بعصبية فأسرعت تطالعه بخضة ووجه شاحب بخوف متمتمة بتوتر


:- فـ...في ايه هـ...هو في حاجة يا طنط جـ...جواد مش موجود. 


وقف الجميع خلف فاروق ليطالع ما يحدث باستمتاع صاح بها فاروق بغضب ولهجة حازمة مشددة


:- لا ملوش حق لازم يجي عشان يشوف مراته الحرامية. 


تطلعت أمامها برعب وسألته مدعية عدم الفهم 


:- نـ... نعم بافاروق بيه قصدك ايه... ا... أنا معملتش حاجة. 


ضحكت مديحة بشماتة وأجابتها بخبث 


:- أنتي اتكشفتي خلاص وكلنا عرفنا اللي عملاه.


شعرت بالخوف خاصة بعد حديث مديحة المبهم التي لم تعلمه لكنها سرعان ما فهمت الأمر عندما بدأ فاروق يبحث داخل غرفتها وقفت تتطلع إليه بوجه شاحب خائفة مما يفعله وما يجعلها تخاف أكثر هو عدم وجود جواد ليقف معها وينهي الأمر مثلما يفعل دومًا لكنها الآن ستواجههم بمفردها وهي خائفة منهم.. 


تمتمت جليلة بتوتر وخوف من رد فعل فاروق 


:- خـ... خلاص يا فاروق كفاية كده رنيم معملتش حاجة أنا اللي مش فاكرة حطته فين. 


أكدت أروى ما رأته بسعادة مستمتعة لهيئة رنيم الخائفة والتي ستنكشف الآن


:- يا أونكل أنا شوفتها حتى سما كمان قالت أنها شافتها. 


ظل فاروق يبحث عن القلادة حتى وجدها في النهاية بين ثيابها رفعها أمامها بغضب ونظرات نارية موجهة نحوها جعلتها تنكمش على ذاتها برعب.

#الفصل_العشرون

#لهيب_الروح 

#هدير_دودو 


وقفت رنيم تتطلع نحو القلادة بصدمة غير مصدقة ما تراه أمامها فهو قد أخرجها من بين ثيابها أمام الجميع لكنها لم تفعلها هي بالطبع لن يصل بها الأمر إلى هذا الحد مهما حدث لها. 


استمعت إلى صوت فاروق الجهوري الحاد متسائل زوجته وعينيه مثبتة نحوها بضراوة كأنه سينقض عليها ويقتلها بعد اكتشافه لفعلتها كما يري


:-  مش ده العقد بتاعك يا جليلة اللي كان ضايع يعني أروى مبتكدبش البت دي هي اللي خدته


اجتازته وتوجهت بجانب جليلة بأعين باكية ولازالت تحت تأثير الصدمة وتمتمت بضعف محاولة الدفاع عن ذاتها وإنكار حديثه عنها 


:- والله يا طـ... طنط مخدتش حاجة والله ماخدته أنا جيت آه الاوضة زي ما بيقولوا بس عشان أتكلم معاكي لما ملقتكيش خرجت على طول والله ما عملت حاجة أنا أول مرة اشوف العقد دلوقتي


ربتت جليلة فوق كتفها بحنان لتجعلها تهدأ لكن قبل أن تردف بحرف وجدت فاروق يجذبها بقوة لتقف أمامه صائحًا بها بحدة ولهجة حازمة جعلتها ترتعب مما سيفعله معها 


:- أنتي تخرسي خالص اللي زيك منسمعش صوته وكلامك معايا أنا مش جليلة، هي متعرفش تتعامل مع حرامية زيك الأشكال دول أنا اللي بتعامل معاها. 


ابتلعت تلك الغصة القوية التي تشكلت داخلها لإهانته لها وحاولت التحدث بنبرة متلعثمة خائفة لتنفي ما يتفوه به وقد تحولت ملامح وجهها تعكس مدى الخوف المتواجد داخلها جسدها يرتعش بتوتر


:- أ... أنا مش حرامية ومسرقتش حاجة والله ماخدته ومعرفش هو جه هنا إزاي معرفش والله. 


صاح بها بحدة ودفعها بقوة إلى الخلف مما جعلها تسقط أرضًا 


:- أنتي تخرسي خالص متخلقش اللي يرد عليا العقد وطالع قدام الكل من وسط حاجتك وهدومك يعني مخبياه بعد ما سرقتيه.. 


بكت بشدة بعدما رأت الجميع يؤكد حديثه وتفشل في الدفاع عن ذاتها لم تجد حل سوى أن تحضر جواد لينهي كل ما يحدث، أسرعت متوجهة بجسد مرتعش متمسكة بهاتفها أمام الجميع وتمتمت بخوف 


:- ا... أنا معرفش حاجة أنا هتصل بجواد معرفش ده جه إزاي بس أنا والله ماسرقته والله ماخدت حاجة.


شعر فاروق بالدماء تغلي بداخله وغضبه منها يزداد ظنًا من أنها تهدده بمهاتفتها بجواد فجذب الهاتف من يدها بعصبية ألقاه أرضًا بقوة وغمغم بحدة غاضبة مشددًا فوق حديثه 


:- عاوزة جواد يعمل ايه مع واحدة حرامية زيك عاوزاه يجي يقف قصادنا عشانك زي ما بيعمل كل مرة بس المرة دي أنتي حرامية مش ظالمينك زي ماحصل قبل كده أنتي سرقتي أمه وتلاقيكي بتسرقيه هو كمان


طالعته بصدمة فأسرعت جليلة مقتربة منه وتدخلت بتوتر لإنهاء الأمر بعدما رأت مدى الغضب المتواجد به والشرر المتطاير نحوها عالمة أنه فقد سيطرته على ذاته بعدما تملك الغضب منه 


:- فاروق اهدى عشان خاطري خلاص محصلش حاجة ممكن اتاخد بالغلط عادي خلاص مفيش حاجة. 


ردت رنيم على حديثه المهين لها بغضب بعدما علمت هي الأخرى أن الصمت لن يعود عليها بالنفع بل سيجعله يستغل صمتها مستكمل إهانتها 


:- أنا مش حرامية وعمري ما سرقت حاجة من طنط أما حاجات جواد فده جوزي وحقي محدش له أنه يتدخل طالما جواد متكلمش ووالله العقد بتاع طنط أنا ماخدته ومعرفش جه هنا ازاي.. 


استشاط غضبًا بعد استماعه لحديثها ودفع جليلة التي كانت تقف في المنتصف بينهما ثم جذبها من ذراعها بقوة صائحًا بها بغضب


:- اخرسي خالص أنتي واقفة تردي عليا فوقي لنفسك مبقاش اللي زيك هو اللي يتكلم أنتي واقفة قدام فاروق الهواري اللي يقدر يمحيكي من على وش الدنيا كلها. 


لم تصمت بعد حديثه هي الأخرى مقررة التحرر من مخاوفها لتسترد كرامتها التي تُهان دومًا فتمتمت ترد عليه بحدة هي الأخرى


:- أبعد عني أنا مش عاوزة أتكلم معاك وأي كلام عاوز تقولهولي يبقى مع جواد غير كده محدش ليه دعوة بيا أنا كنت محترمة حضرتك عشان خاطر جواد بس بعد اللي حصل لأ خلاص أنا قولت للكل أن العقد ده معرفش عنه حاجة أنت اللي مش مصدق أعمل اللي يعجبك. 


لم يقدر أن يبقى صامتًا بعد حديثها الذي تجاوز جميع حدوده لم يستطع أحد في تلك العائلة أن يرد عليه وها هي الآن فعلتها تقف ترد عليه متبجحة كما يرى، تخطت جميع الحواجز والقوانين الخاصة به وبتلك العائلة قوانينه التي قام هو بفرضها على الجميع، دومًا لا أحد يناقشه في أي قرار يتخذه لم يشعر بذاته سوى وهو يرفع يده عاليًا ويهوى بها فوق وجنتها بغضب صائحًا بها بحدة حازمة متوعدًا لها 


:- شكلك لسه لغاية دلوقتي متعرفيش مين هو فاروق الهواري ويقدر يعمل ايه وجه الوقت اللي تعرفيه بقى محدش هينقذك من ايدي عشان تتجرأي وتردي عليا ولا حتى جواد نفسه. 


كانت تطالعه بصدمة واضعة يدها فوق وجنتها حيثُ صفعها، كيف استطاع أن يفعلها لم تتخيل أن يصل به الأمر إلى هنا، ألجمت الصدمة لسانها تمامًا ولم تستطع أن تتحدث وترد عن حديثه المباغت للجميع. 


شهقت جليلة بعدما رأت فعلته الغير متوقعة، وطالعته بصدمة هي الأخر وقد هوى قلبها بداخلها خوفًا مما سيحدث بينه اليوم وبين جواد عالمة جيدًا أنه لم يصمت بعد ما حدث لزوجته، لكن قبل أن تتحدث باغتها فاروق بفعلته وهو يقوم بجذب رنيم بقوة من ذراعها خلفه متمتمًا بحديث غاضب حاد


:- ملكيش مكان في البيت ده من دلوقتي أنتي هتطلعي بره اللي زيك ميقعدش هنا وأنا بنفسي اللي همشيكي. 


بكت رنيم بضعف وخوف بعدما رأت تحوله الشديد وإصراره لطردها خارج المنزل بمفردها، أسرعت جليلة خلفه بخطوات واسعة لتلاحقه متمتمة باسمه مترجية إياه بضعف وحزن


:- فاروق.... فاروق استنى عشان خاطري خلاص كفاية كده سيبها يافاروق سيبها مينفعش. 


لم يبالي بهتافها وتوسلاتها له بأن يتركها سار مستكملًا طريقه ولازال يجرها خلفه ثم دفعها بقوة فسقطت أرضًا طالعها بازدراء وكأنه يخبرها بنظراته ان ذلك المكان هو المستحق لأمثالها حتى تظل متذكرة مكانها الحقيقي بالنسبة له، أغمضت عينيها باكية بضعف بعد فهمها لنظراته وإهانتها الدائمة منه ومن جميع العائلة 


استمعت إليه يتحدث إلى الحراس الواقفين يشاهدون مايحدث بصدمة وعدم تصديق 


:- اللي هيتدخل ويساعدها يعتبر نفسه مطرود من هنا. 


أسرعت جليلة تقترب منها لتساعدها لكن استوقفها قبضة فاروق فوق ذراعها بقوة يمنعها من فعل ما تريده ويجذبها معه إلى الداخل بخطوات غاضبة مغمغمًا بغضب حازم


:-ملكيش دعوة أنتي يا جليلة ابعدي عن الأشكال دي. 


همهمت معترضة على أفعاله بعد شعورها بالحزن لما فعله بها وخوفها من رد فعل جواد التي مهما فعلت وحاولت معه لن يصمت تلك المرة تعلم أن الأمر في منزلها سيزداد سوء 


:- فاروق مينفعش نسيب البنت بره أنت بتقول ايه دي مرات ابنك اعتبرها زي سما


لم يهتم بحديثها بل صاح بها بحدة مشددة ليجعلها تصمت 


:- جليلة قولت خلاص البت دي مش هتدخل تاني ولا عمرها هتكون زي بنتك أنتي بتقارني ايه بإيه دي ولا حاجة مجرد واحدة متسواش وغلطت فيا لازم تتأدب الكلام خلص على كده 


قبل أن ترد عليه وتدافع عن رنيم وجدته يسير من أمامها بغضب وجسد متشنج ثم التفت نحوها مرة أخرى وتابع بنبرة تحذير حادة


:- إياكي تطلعي برة للبت دي فاهمة يا جليلة. 


طالعته بعدم رضا محركة رأسها نافية بيأس من إصراره لتنفيذ ما يريده فعاد حديثه مرة أخرى بغضب 


:- فـاهـمـة اللي قولته يا جليلة مفيش خروج للبت دي. 


أجابته مردفة بضعف وقلة حيلة عالمة أنها إذا خالفت حديثه سيفعل شيء أكبر مما فعله والأمر يزداد سوء عما به فلم تجد سوى أن تنفذ طلبه عنوة عنها


:- حـ... حاضر يا فاروق خلاص. 


في الخارج كانت مديحة تقف مع ابنتها وكل منهما يرمق رنيم بنظرات شامتة فرحين لما حدث لها، تمتمت مديحة تحدثها بمكر وشماتة بعد اقترابها منها وعينيها تلتمع بالفرحة


:- هي دي أخرة اللي زيك في عيلة الهواري أنتي اللي حلمتي مع جواد فاكراه هيقدر يعملك حاجة فينه بقى وأنتي بتطردي كدة. 


ضحكت أروى باستمتاع لكل ما يحدث أمامها وكأنها تشاهد مسرحية ممتعة ترمقها بشماتة سعيدة لما حدث لها وسارت بخطوات شامخة مغرورة أغمضت رنيم عينيها بحزن وأعين باكية تود الصراخ تريده تريد جواد مسرعًا لا تعلم كيف سيفعلها لكنها تريده بجانبها هي تواجه تلك العائلة بمفردها وهي غير قادرة عليهم. 


تحاملت على ذاتها ونهضت بعد أن توجه الجميع إلى الداخل تود أن تتصل به لتخبره ما حدث له، تريده بجانبها الآن لكنها لم تجد هاتفها بعد أن ألقاه، وقفت تتطلع نحو الحراس الذين يقفون حولها كانت ستطلب منهم المساعدة لكنها تذكرت تهديده لها عالمة أن مهما حدث لن يخالفوا حديثه بسبب صرامته مع الجميع وخوفهم منه.. 


كانت جليلة تجلس بوجه شاحب حزين خائفة مما سيحدث رمقتها مديحة بفرحة وغمغمت ببرود ماكر لتخدعها


:- خلاص يا جليلة أهدي محصلش حاجة لكل الزعل ده البت فعلًا محتاجة تتربى عشان أنتي دلعتيها زيادة عن اللازم واللي زي دي مينفعش معاه كده اللي عمله فاروق هو الصح. 


اعترضت على حديثها بعدم رضا وأجابتها مردفة بهدوء حزين وتعكس نبرتها مدى القلق المتواجد داخلها لما سيحدث بين ابنها وزوجها 


:- لـ.. لأ طبعا يا مديحة ده مش الصح حتى لو رنيم غلطانة بس اللي عمله فاروق هو كمان غلط وجواد ليه حق في اللي هيعمله دي مراته مهما حصل ومينفعش تتطرد بره بيته. 


تفاجأت بفاروق من خلفها مغمغمًا بغضب حاد مشددًا فوق حديثه يصحح حديثها الأحمق كما يرى


:- بيتي ده مش بيته يا جليلة ده بيت فاروق الهواري وابنك اللي عاوز يعمله يعمله هو أنا هخاف ما تعدلي كلامك شوية. 


لم تُعجب بحديثه وطريقته معها لكنها فضّلت الصمت حتى لا تجعل الأمر يزداد سوء في المنزل وفاروق سيزداد من عناده وغضبه فصمتت كما تفعل دومًا صمتت بضعف وضيق فكل ما يحدث لم يعجبها لكنها غير قادرة على تغيير شيء دوما تسعى لتغيير فاروق وطريقته الحادة الغاضبة لكنها فشلت في فعل ذلك.. 


ظلت رنيم في مكانها كما هي تبكي بضعف وقلة حيلة لا تجد مكان تذهب إليه الآن هي حقًا بلا مأوى، لكن ماذا ستفعل؟! كيف ستتخلص من كل ذلك؟! تشعر بظلمة وقسوة الحياة عليها دون أن تعلم السبب، دومًا تُسلب منها السعادة قبل أن تشعر بمذاقها، وكأن الحزن والوجع والقهر كُتبوا عليها طوال حياتها. 


عاد جواد ليلًا بعد أن أنهى عمله حاول الإتصال برنيم عدة مرات لكنه لم يصل لشيء ولا أحد في المنزل يجيبه، كان يعلم أن هناك شيء حدث لم يعلمه، لكن قبل أن يفكر كثيرًا فما حدث تفاجأ برنيم التي تنتظره في الخارج بوجه باكي وحالة غير جيدة كان ينظر إليها ولا يعلم ما بها ولماذا تقف في الخارج.


انطلقت نحوه مسرعة ما أن رأته وألقت ذاتها داخل حضنه وارتفع صوت بكاءها وشهقاتها عاليًا وقد انهارت جميع حصونها وما بداخلها، لا تفعل شيء سوى البكاء تتمسك في قميصه بضراوة وتبكي لا تريد الخروج من داخل حضنه مكانها الوحيد الآمن المتأكدة أنه لن يحدث لها شيء سيء  وهي معه.. 


ظل يربت فوق ظهرها بحنان محاولًا تهدئتها حتى يفهم ما الذي حدث، متمتمًا بهدوء وحنان


:- أهدي بس وفهميني ايه اللي حصل وأنا هتصرف بس أهدي وبلاش عياط. 


ظلت مستمرة في بكائها بضعف متمتمة بكلمة واحدة متعلثمة غير مفهومة


:- ا... أنا مـ... مش حـ... حرامية مش حرامية والله. 


لم يكن يفهم لماذا تتمتم بتلك الكلمات؟! لكنه ظل يحاول تهدئتها مؤكدًا حديثها بهدوء


:- أهدي يا حبيبتي أهدي أنا عارف طبعا فهميني بس اللي حصل وأنتي ايه اللي طلعك بره كده 


قصت عليه ماحدث بإيجاز ونبرة خافتة وهي ترتعش داخل أحضانه كان يستمع إليها بغضب غير مصدق ما تقوله، هل حقًا حدث لها ذلك على يد والده الذي لم يهتم بصورته أمام زوجته الآن، كان يقف بجسد متشنج غاضب وقد برزت عروقه أغمض عينيه بقوة ولازال يستمع إليها بقلب يحترق بغضب. 


ظل صامت لعدة لحظات بعد أن انتهت من حديثها ثم تحدث بنبرة غاضبة حازمة مستنكر ما استمع إليه


:- أنا هتصرف هما إزاي يعملوا كده حقك هجيبه منهم كلهم أهدي وبلاش عياط. 


شدد من احتضانه عليها بحنان ليجعلها تهدأ طالعته وتمتمت بخوف وضعف


:- هـ...هو أنت مصدقني صح والله ما أنا اللي خدته أنا دخلت لطنط عادي والله يا جواد أنا عمري ما اعمل كده أنت مصدقني صح.


اومأ برأسه أمامًا بهدوء يخبرها أنه يعلم كل ما تقوله يعلم أنها لن تفعل هكذا، سار بها نحو الداخل، كانت تسير بخطوات متعثرة بطيئة خائفة مما سيحدث... 


دلف المنزل بوجه مكهفر غاضب، قبل أن يستكمل طريقه وجد فاروق يجلس في بهو المنزل بصحبة الجميع وكأنه ينتظر قدومه كانت تقف تتشبت في قميصه بخوف وقف فاروق قبالته مغمغمًا بغرور حاد مشيرٕا بسبابته نحو رنيم بطريقه مهينة ويرمقها بنظراته الغاضبة التي اخترقتها وجعلت خوفها يزداد 


:- مين اللي دخل البت دي هنا تاني مش قولت متدخلش تاني غير لما تتربى وتعرف هي بتتعامل مع مين وتعرف مقامها كويس. 


وقف جواد قبالته مقتربًا منه بغضب ونظراته مصوبة نحوه بعدم رضا معلن غضبه التام من فعل والده الذي دومًا يتجاهل وجوده 


:- ليه عاوز تطلعني صغير ومصمم كمان رغم إن أنا بحترمك ليه بتعمل كده؟! 


طالعه باستهزاء دون أن يعير حديثه اهتمام وغمغم بحدة غاضبة موجه حديثه نحو رنيم التي ترتعش بضعف وخوف


:- أنا مش قولتلك اللي زيك ميدخلش هنا تاني. 


قبل أن ترد عليه صاح جواد بغضب بعدما فشل في السيطرة على ذاته أمام طريقة والده المقللة من شأنه كان يرمقه بنظرات غاضبة حادة بعدما برزت عروقه أمامه 


:- أنا بكلمك رد عليا أنت ليه بتعمل كده عاوز ايه، ليه مصمم على اللي بتعمله عاوز توصل لإيه مش بتحترمني ليه المفروض أعمل ايه لما تمد ايدك على مراتي أنا مش هسكت أنت اتخطيت كل حاجة بعد اللي عملته ده. 


ضحك فاروق بسخرية وأجابه ببرود ولا مبالاه


:- أنت عاوز ايه غلطت وبأدبها عشان تتعلم بعد كده ترد على فاروق الهواري واللي أنت واقف بتدافع عنها حرامية.. 


ضحك ببرود وتابع حديثه مجددًا بلهجة ساخرة مشيرًا نحوها باحتقار 


:- مرات الظابط جواد الهواري حرامية وزعلان أني طردتها ده أنا المفروض احبسها. 


أجابه الآخر غاضبًا معترض على حديثه بلهجة مشددة بحزم وقد توهجت عينيه لتظهر مدى الغضب المتواجد داخله


:- هي مش حرامية وأنا واثق فيها، رنيم متعملش كده وأنت ولا غيرك ليك الحق أنك تمد ايدك على مراتي مهما حصل مراتي محدش يحاسبها غيري. 


مسكه فاروق من أطراف قميصه بغضب ورد على حديثه بحدة وعصبية شديدة


:- ما تفوق لنفسك يا جواد أنا أبوك أنا فاروق الهواري اعمل اللي يعجبني لا أنت ولا عشرة زيك يقدروا يعملولي حاجة ولا يقفوا قصادي. 


رمقه جواد بنظرات حادة بعدما انتفخت اوداجه بغضب وصاح أمامه يرد على حديثه المتعجرف 


:- لا أقدر طالما الموضوع يخص مراتي يبقى أقدر ده حقها مش حقي وإن كنت بسكت في اللي بتعمله معايا ده ميدكش الحق إنك تعمل كده في مراتي.. 


حاولت جليلة التدخل ممسكة بيد فاروق بضعف وتمتمت بنبرة باكية متوسلة إليه


:- فـ... فاروق خلاص خلاص عشان خاطري كفاية كده وغلاوتي عندك. 


تطلعت نحو جواد وتابعت حديثها مجددًا محاولة إنهاء الأمر


:- جواد عشان خاطري يا حبيبي خلاص مش هتحصل تاني. 


وجهت بصرها نحو رنيم الباكية وتحدثت بضعف


:- خلاص يا حبيبتي متزعليش حقك عليا واللي حصل والله ما هيتكرر تاني. 


صاح فاروق بغضب بعد استماعه لحديثها الموجه لرنيم


:- أنتي بتعملي ايه اللي زي دي متتكلميش معاهم وهي مش هتفضل هنا دة آخر كلام عندي. 


غمغم جواد يرد على حديثه بكبرياء متطلع أمامه بحدة 


:- لا أنا ولا مراتي هنقعد هنا تاني كلامي دلوقتي مش عشان أقعد هنا أو لا كلامي في اللي عملته أنت مينفعش تمد ايدك على مراتي هي متجوزة راجل ولازم أجيب حقها. 


لطمت جليلة فوق صدرها بقوة صارخة معترضة بعد استماعها لرد جواد 


:- جواد يا حبيبي تمشي فين خلاص يا فاروق اسكت اللي حصل يا حبيبي مش هيتكرر تاني بس اهدى عشان خاطري


صاح بها فاروق بحدة لتصمت 


:- جـلـيـلـة.... اسكتي خالص ومتدخليش. 


تطلع نحو جواد ببرود مغمغمًا بلا مبالاه


:- لو عاوز تمشي أمشي ميهمنيش خد الحرامية وأمشي من هنا. 


ضرب جواد المنضدة التي أمامه بعصبية وضيق مغمغمًا بحدة 


:- مراتي مش حرامية وهمشي فعلا لا أنا ولا هي عاوزين نقعد في البيت ده. 


وجه حديثه بهدوء نحو رنيم الواقفة تبكي بصمت لا تصدق ما تراه أمامها يقف أمام والده لأجلها لم يهتم بحديثه ويثق بها هي 


:- اطلعي يا رنيم جهزي الحاجة بتاعتنا عشان نمشي.  


تمسكت جليلة به متمتمة بضعف وقد بدا التعب فوق وجهها محاولة التدخل لإنهاء قراره


:- جواد تمشي ايه يا حبيبي والله اللي حصل ما هيتكرر تاني محدش هيكلم رنيم كلمة بس أهدى بس أنا مقدرش أبعد عنك. 


لم ينكر حزنه على والدته وخوفه عليها عالمًا طريقة والده القاسية الحادة بعض الأحيان معها أغمض عينيه بضيق واحتضنها بحنان مردفًا بإصرار بعد شعوره بإهانة زوجته


:- ولا أنا اقدر هاجيلك على طول متقلقيش أنا عمري ما أبعد عنك بس مينفعش نقعد هنا أنا ورنيم بعد اللي حصل. 


تابع حديثه متطلع نحو رنيم التي لازالت واقفة كما هي في مكانها


:- يلا يا رنيم اطلعي جهزي حاجتنا عشان نلحق نمشي. 


رمقه فاروق بغيظ شاعرًا بالضيق كونه اختار زوجته وفضلها عليه وعلى والدته، لم يتخيل يومًا أن يترك المنزل نهائيًا لكنه ظل كما هو يقف بشموخ وبرود يظهر اللا مبالاه فوق ملامحه وغمغم بكبرياء وعند 


:- اطلعي يا سما معاها عشان تتأكدي أنها بتاخد حاجتها بس مش حاجات تانية.. 


ابتلعت رنيم تلك الغصة القوية التي تشكلت داخلها من إهانته لها، شعر بها جواد هو الآخر وانفلتت مشاعره فاقدًا السيطرة على ذاته بعد حديث والده الذي جعله يستشاط غضبًا ملقيًا كل ما كان أمامه أرضًا صائحًا بغضب وتوعد 


:- أنت بتقول ايه اللي بتقوله ده جنان أنا مراتي متعملش كده دي أحسن من الكل أنت اللي هتفضل كده زي ما أنتَ عاوز ايه هسيبلك البيت كله وأمشي كفاية لغاية هنا خلاص. 


توجه نحو رنيم يحتضنها بحنان شاعرًا بالحزن لأجلها مشدد من احتضانه لها كأنه يخبرها أنه يشعر بها، مستنكر أفعال والده التي تجعله يشعر بالخجل.. 


كانت مديحة تقف تشاهد كل ذلك بتسلية وكأنها ترى مسرحية أمامها، تستمع إلى إهانة رنيم بابتسامة واسعة تزداد اتساعًا بعدما تستمع إلى شهقاتها الباكية وترى دموعها التي تسيل بلا توقف.. 


كانت أروى مثلها تقف فرحة تشاهد نتائج فعلتها الماكرة التي فعلتها بصمت دون علم أحد، لم تنكر إنزعاجها من طريقة جواد الحادة لأجلها طريقته التي تثبت حبه الشديد لها، لأول مرة لم يهتم لحديث والدته ويفعل كل ذلك لأجلها، حقدها يزداد ضد رنيم لكنها تقف ترى دموعها باستمتاع متوعدة لها أكثر، مقررة أن تفعل المستحيل لتجعله يتركها، ستحصل في النهاية على جواد وتفوز عليها.. 


لم تتحمل جليلة كل ما يحدث، ترى الأمر يزداد سوء بين زوجها وابنها وذلك آخر ما تريده، كانت تشعر بالدوار يلتف بها دون أن تستمع إلى شيء مما يدور، لا تفهم ما يحدث لها لكنها شعرت بغيمة سوداء حلت أمام عينيها وسقطت أرضًا غير شاعرة بما يدور حولها. 


صرخت سما بصدمة وخوف متمتمة بنبرة باكية بعد رؤيتها لوالدتها الساقطة أرضًا


:- جـ... جواد الحق ماما عشان خاطري. 


تطلع الجميع نحوها بخوف لكن فاروق كان أول مَن اندفع نحوها يحملها برعب وقد تحولت ملامحه سريعًا بعد رؤيته لها ساقطة أرضًا. 


توجه بها سريعًا نحو غرفتهما شاعرًا بقلبه يتوقف من فرط خوفه عليها أسرع جواد يتصل على الطبيب الخاص بها الذي آتى مسرعًا، كان يشعر هو الآخر بالقلق والخوف على والدته، وقفت رنيم بجانبه بعدما شعرت بما يدور داخله وخاصة أن كل ما حدث كان بسببها، تمتمت بتوتر وهدوء


:- متقلقش يا جواد هتبقى كويسة والله متزعلش هتطمن عليها حقك عليا أنا السبب في ده كله


لم يشعر بذاته سوى وهو يحتضنها بضراوة مشددًا عليها يعبر لها بفعلته عن مدى احتياجه لها في ذلك الوقت، أجابها بصوت أجش حزين


:- متقوليش كده مفيش حاجة وهي بإذن الله هتبقى كويسة هنتطمن عليها. 


تركها وتوجه نحو شقيقته التي تقف تبكي بشدة احتضنها بحنان مغمغمًا به محاولًا أن يجعلها تهدأ قليلًا


:- كفاية عياط يا سما متقلقيش هي هتبقي كويسة. 


مسح دموعها بحنان فابتسمت من بين دموعها وأجابته بنبرة حزينة باكية


:- جـ... جواد متمشيش وتسيبنا عشان خاطري أنا وماما والله ما هنخلي بابا يعمل حاجة تاني بس عشان خاطري بلاش ماما مش هتقدر تستحمل ولا أنا. 


تطلع نحو رنيم وهو عاجز عن رفض طلب شقيقته المُحقة فهمت نظراته جيدًا ولم تقوى هي الأخرى على الرفض فأومأت لها أمامًا بصمت، أجاب شقيقته بحنان وهدوء


:- متقلقيش مش همشي خلاص أنا مقدرش ابعد عنك أنتي وماما. 


شعرت أروى بالغيظ بعد فشل مخططها التي لم تستفد منه بعد كل ما فعلته عاد الأمر مرة أخرى لما كان عليه، بينما مديحة كانت تشعر بالنيران متأهبة من قلبها بعد رؤيتها لخوف فاروق الشديد الذي تحول بعد سقوط جليلة، غضبه وكل شيء كان يشعر به اختفى ليحل محله الخوف والقلق عليها مؤكدًا لها بحبه الشديد لجليلة بالرغم من جميع أفعاله.. 


ذهب الطبيب بعد أن أخبر فاروق بحالتها مؤكدًا ابتعادها عن أي ضغط وأي شي من الممكن أن يؤثر عليها بالسلب.. 


كاد جواد يدلف ليطمئن عليها لكن استوقفه فاروق الذي منعه بغضب يرى أن مرضها كان بسببه


:- أنت عاوز ايه مش قولت إنك هتمشي وتسيبها وعملت فيها كده أمشي وسيبها يلا واقف عاوز ايه منها ليه عاوز تدخلها.


لم يهتم بحديثه مسيطرًا على ذاته لأجل والدته وأجابه بهدوء وجدية


:- أنا هدخل اتطمن عليها أكيد مش هسيب أمي وهي تعبانة كده


تمتمت سما بتوتر لتنهي الأمر 


:- خـ... خلاص يا بابا عشان ماما متزعلش.. 


دلف جواد لوالدته يطمئن عليها بينما رنيم فعادت مرة أخرى إلى غرفتها بضيق، كانت تود الذهاب من ذلك المنزل لكنها شعرت بتمسكه بوجوده مع والدته خاصة احتياجها له وحزنها على ابتعاده عنها..


ظل يتحدث معها ثم خرج بعدما وجد والده يدلف ليطمئن عليها هو الآخر، سار متجه نحو غرفته  وجدها جالسة تبكي بضعف فاحتضنها بحنان مغمغمًا بأسف


:- حقك عليا متزعليش والله هنمشي بس شوية عشان ماما تكون اتحسنت.


احتضنته بضراوة وتمتمت بهدوء من بين شهقاتها


:- لـ... لا خلاص عادي كفاية اللي عملته تحت عشاني المهم طنط جليلة تبقى كويسة. 


التقط كفها بحنان طابعًا قبلة رقيقة فوقه ومسح دموعها بحنان مردفًا بمرح 


:- مبحبكيش تعيطي عاوز أشوف عيونك الحلوة دول. 


ابتسمت بخجل من بين دموعها فالتقط شفتيها في قبلة عاشقة مردفًا بعشق 


:- الواحد بيموت فيكي أنتي وعيونك دول. 


ضحكت بخجل ودفنت وجهها في عنقه متمتمة بخفوت


:- بس بقى كفاية كده أنت عارف أن أنا بتكسف. 


ظل يتحدث معها بمرح ليجعلها تخرج عن حالة الحزن المسيطرة عليها وهو حزين لرؤيتها بتلك الهيئة الشاحبة.. 


                             ❈-❈-❈


بعد مرور عدة أيام.. 


كانت تجلس رنيم ممسكة هاتفها الجديد تتطلع إلى رسالة التهديد التي تصل إليها يوميًا شعرت بالضيق أغمضت عينيها بضعف وارتشعت يدها لا تعلم ماذا تفعل هي لن تستطع أن تجمع له المال الذي يطلبه تشعر أنها تائهة لا تعلم ماذا تفعل أتعترف لجواد أفضل؟! 


لكنها تخشى رد فعله عندما يعلم بالطبع سيكذبها لن يصدق ما ستقوله  لن يصدق دافعها لتفكيرها في شيء مثل هذا الأمر بأكمله مُخفى عنه. 


قلبها يرتعش بداخلها مهما حاولت أن تدعي القوة، تلعن ذاتها على فكرتها الحمقاء التي تدفع ثمنها الآن، ذلك الشخص لن يتركهها سوى عندما يحصل على المال الذي يريده وهي لم تمتلك شئ فكيف ستحضره له؟! وكيف ستتخلص من آذاه الملاحق لها باستمرار اطلقت تنهيدة حارة بضعف محاولة إلتقاط أنفاسها بصعوبة.. 


أغمضت عينيها باكية بضعف وجسدها يرتعش لا تعلم ماذا تفعل، لكنها فجأة شعرت بالتعب يجتاح جسدها، أغلقت عينيها بتعب ملتقطة أنفاسها بصعوبة متمسكة بالفراش لتجلس فوقه لكنها لم تشعر بشيء آخر حولها وقد غابت عن وعيها تمامًا..  


                          ❈-❈-❈


في نفس الوقت علم جواد أن هناك شخص ما يريد مقابلته، فأعطى الإذن له أن يدلف. 


وقف محسن يطالعه مقررًا تنفيذ خطته للحصول على المال متغلبًا على خوفه من الأمر. 


قطب جواد جبينه بدهشة عندما رآه متعجبًا من وجوده وسأله بخشونة وجدية حازمة


:- أنت!! أنت عاوز ايه؟! مش أنت.. 


قبل أن يستكمل سؤاله غمغم محسن يجيبه بجراءة مبتسمًا بمكر 


:- أنا محسن مش صاحب أخوها زي ما كدبت وقالتلك أنا من طرف عصام اللي قتلته هي وجه وقت الحقيقة تبان..


#الفصل_الواحد_والعشرون

#لهيب_الروح 

#هدير_دودو 


لايك فضلًا ياحبايبي♥


ركب جواد سيارته بعقل مشتت شارد لا يعلم كيف جعله يسير بتلك السهولة، لكن ما علمه جعله مشتت لا يعلم ماذا يفعل بعد معرفته الحقيقة؟! هل خدعته ببراءتها وحبه لها الذي جعله يفقد صوابه ولا يرى الحقيقة؟! هل ما يراه منها ستار تخفي خلفه حقيقتها الكاذبة بمهارة؟! 


عاد بذاكرته متذكرًا كل كلمة تفوه بها محسن، متذكر تلك الكلمات التي حُفرت في عقله عنها. 


وقف محسن يكشف عن هويته الحقيقية ببرود ومكر مقررًا تنفيذ خطته إلى نهايتها  


:- أنا محسن كنت صاحب عصام الله يرحمه مش زي ما قالتلك هي كدبت عليك عشان تخبي الحقيقة.. 


لم يفهم جواد حديثه عن أي حقيقة يتحدث ذلك؟! ولماذا كذبت رنيم عليه عندما أخبرته أنه صديق شقيقها، هتف متسائلًا بخشونة حادة ولهجة حازمة


:- حقيقة ايه اللي تخبيها؟ 


تغلب على خوفه أمامه ملتقط أنفاسه بصعداء واستكمل خطته مجيبًا عليه بخبث 


:- أن هي اللي قتلت عصام الهواري، مرات حضرتك يا باشا هي اللي قتلاه. 


هب جواد بعصبية مقتربًا منه وأمسكه من أطراف قميصه صائحًا به بحدة غاضبة ليتوقف عن تلك الثرثرة الكاذبة


:- اخرس خالص وبلاش جنان اللي بتقوله دة قسما بالله اوديك في داهية. 


لكمه في وجهه بقوة جعلت الدماء تسيل من أنفه واستكمل حديثه بحدة وغضب أكبر متوعدًا له 


:- فوق لنفسك يلا شكلك نسيت أنت فين ولو مش عاوز تطلع من هنا عيد كلامك دة تاني. 


ضغط فوق شفتيه الرفيعة بغضب وتحدث مغمغمًا باستفزاز وبرود وهو يضحك على غير المتوقع


:- لو كدة يا باشا يبقى مش هنطلع من هنا أنا والمدام، بس أنا ضامن خروجي عشان معملتش حاجة لكن هي بقى اللي عملت، هي خططت ونفذت كل حاجة. 


لكمه مرة أخرى بحدة وصاح به بنبرة جنونية غاضبة 


:- متجيبش سيرتها على لسانك وقتها والله ماهتشوف نور الشمس تاني من اللي هيحصل فيك.. 


حاول محسن أن يسيطر على حديثه لينفذ ما يريده، وأجابه بتعقل 


:- ياباشا طب اسمع اللي عندي اسمعني الأول وبعدها ابقى احكم.


اومأ برأسه أمامًا سامحًا له بالتحدث فانتهز محسن تلك الفرصة التي آتت إليه، وتحدث بمكر


:- بص ياباشا أنا كان ليا فلوس عند عصام عشان بينا شغل وهو كان واكلها عليا جيت مرة اروحله البيت شوفت المدام عرفتها أنا مين وعاوز ايه راحت قالتلي اسيبني من فلوسي دول شوية فكة واركز معاها هي في مصلحة أحلى والمصلحة دي قتل عصام عشان تورث وترتاح كمان لانها مش بتحبه. 


استمع جواد إلى حديثه بعدم تصديق مغمغمًا بعصبية حادة بعدما برزت عروقه بغضب وتحولت ملامحه أصبحت تزداد حدة كان الشرر يتطاير من عينيه المصوبة نحوه يود قتله ليتوقف عن ذلك الحديث


:- هو انا المفروض اصدق واحد زيك ليه شايفني عيل ماتفوق لنفسك والكلام دة ميتكررش بينك وبين نفسك حتى تنساه خالص. 


ضحك باستفزاز وارتسم فوق شفتيه ابتسامة ساخرة ثم أجابه بجدية متبجحًا 


:- أنا مبقولش اي كلام أنا معايا دليل على كلامي وهوريهولك عشان تصدق اللي بقوله وتعرف مين اللي قتل عصام بيه الهواري. 


رمقه بعدم اقتناع مغمغمًا بسخرية هو الآخر ولازال لم يصدق ما يتفوهه ذلك الأحمق واثقًا أنها لم تفعل شئ هكذا


:- وأنتَ بقى بتوريني كل دة وبتسلم نفسك بايع نفسك للدرجادي!! دة فيها إعدام


طالعه بعينيه الماكرة وغمغم مسرعًا بخبث للدفاع عن ذاته بعدما قد أخرج له بعض الأوراق 


:- لا ياباشا أنا بعرفك انها اتفقت معايا بس، لكن أنا منفذتش هي بقى اللي جابت الناس دول وعملت الحوار دة كله عشان تبعد الشك عنها بعد كدة أنا في الوقت دة كنت تعبان محجوز في المستشفى واهو الورق اللي يثبت كدة


وضع الأوراق أمامه مبستمًا بانتصار مقررًا الإنتقام لفعلتها وعدم إهتمامها به ظنًا منها انه لن يستطع أن يتخذ تلك الخطوة لكنه فعلها ونفذ كل ما بها بتفكير شيطاني ماكر لتصبح أمامه هي القاتلة المتسببة في كل ذلك.. 


بدأ جواد يتطلع في الأوراق متأكدًا من صحة حديثه لكنه حاول أن يثق بها نافيًا ظنونه التي دارت داخله بعد استماعه لحديثه، غمغم بخشونة وجدية تامة ولازال عقله يرفض تصديقه


:- اللي بتقدمه دة ملوش علاقة برنيم وكلامك دة تنساه نهائي احسنلك.. 


غمغم كلمته الأخيرة بوعيد حاد مزمجرًا بغضب. 


ظل يعبث في هاتفه لبضع دقائق وسرعان ما صدح صوت رنيم المسجل وهي تقول بنبرة حادة صائحة به بغضب


"أنا هبعتلك المكان اللي قال عليه دة تيجي تعمل اللي قولتلك عليه اقتله بقى عاوزة اخلص ولا أنت مش عاوز تاخد الفلوس، هديك قولتلك كل اللي عاوزه بس عصام يموت" 


فتح مكالمة أخرى دارت بينهما فمنذُ أن اتفقت معه وأخبرته بما تريد كان يسجل جميع المهاتفات التي تمت مبتسمًا بمكر منتصر بعدما تطلع نحو ملامح وجه جواد التي تحولت تمامًا إلى الغضب والصدمة أحمرت عينيه بضراوة مستمع لصوتها الغاضب وإصرارها الشديد على التنفيذ مسرعًا للتخلص منه 


" احنا اتفاقنا واضح مفيش فلوس من غير بعد موت عصام لما اورث ابقى اديلك غير كدة ملكش حاجة عندي عصام لازم يموت وياريت تنفذ بسرعة محتاجة أخلص بسرعة مش قادرة استحمل "


ظل جواد في حالة من الصمت تحت تأثير صدمته مما استمع إليه كان سيكذبه لكنه يعلم جيدًا أنه مسجل بصوتها وكذبها عليه في أمر ذلك الشخص وتوترها الدائم عندما تستمع إلى رنين هاتفها أكد له كل ذلك..


حاول أن يتماسك وجذبه بغضب مغمغمًا بحدة 


:- أنت جاي عاوز ايه عاوز تفهمني أنك موافق تتسجن ماهو حتى لو الكلام طالع منها أنت كمان مشترك فيه.


انتهز الفرصة وشرح له الأمر بمكر وهو يطالعه باستفزاز منتصر عليه نافيًا حديثه 


:- مشترك في ايه يا باشا لا مش كدة أنا كنت في المستشفى محجوز هي اللي لما لقتني اتأخرت عليها اتفقت مع غيري اصل الناس دلوقتي تعمل اي حاجة عشان الفلوس.


ضرب فوق سطح مكتبه بعنف وصاح يسأله بغضب حاد يعميه


:- وأنت عاوز ايه بقى مرة واحدة ضميرك صحي وجاي تبلغ عنها. 


أجابه بطمع وخبث شاعرا بالفرحة لنجاح خطته التي تسير مثلما خطط لها 


:- لا أنا ضميري بيرتاح بمبلغ حلو وانسى الموضوع كله وأسلمك التسجيلات تعمل فيها زي ماتحب يا باشا الحوار كله هيبقى برة عني. 


وضع ورقة صغيرة مدون بها رقمه فوق المكتب وغمغم بخبث منتهزًا حالة جواد السيئة والتي لازالت الصدمة تؤثر عليه 


:- دة رقمي كلمني ياباشا لو هنتفق على الفلوس ولا نشوف حد تاني يدفع؟! 


لم ينتظر رد جواد بل سار نحو الخارج بخطوات واسعة ليهرب من ذلك المكان الذي آتى إليه بعد تفكير كبير لكن قادته مطامعه لاستغلال الأمر حتى يحصل على المال بعد تراجعها معه، التقط أنفاسه بصعداء وارتياح مقررًا الأنتظار حتى يرد عليه.. 


عاد جواد بذاكرته وجد ذاته أمام المنزل لا يعلم كيف وصل لكنه يشعر بالضيق بعد علمه للذي تخفيه غمغم بغضب موبخًا ذاته


:- غبي ازاي اسيب الواد دة يمشي!! 


أغمض عينيه بضعف شاعرًا بالعجز والحزن لا يعلم ماذا يجب عليه يفعل؟! خاصة أنه تاكد أنها صاحبة الصوت وحديث محسن صادق، برزت عروقه بغضب ملتقط أنفاسه بصوت مرتفع وترجل من سيارته بخطوات غاضبة وجسد متشنج مسيطر على ذاته بصعوبة ليخفي الأمر عن الجميع. 


يشعر بالتشتت هناك شئ بداخله يخبره أنها لم تفعلها لكن الحقيقة تثبت له غير ذلك؟! كيف يستطع الإبتعاد عنها بعدما بنى احلامه السعيدة معها، كيف سيجبر قلبه على الإبتعاد عن مَن أحب؟! قرر إخفاء الأمر عن الجميع حتى يتأكد ويعلم ماذا سيفعل؟ اطلق تنهيدة حارة حارقة لقلبه، وسار متوجه نحو الداخل.. 


                          ❈-❈-❈


في نفس الوقت كانت رنيم في الغرفة تجلس بجانب جليلة بعد ذهاب الطبيب، بدأت تسعتيد وعيها وتعود للواقع، ابتسمت جليلة ما أن رأتها وغمغمت بسعادة محتضة إياها 


:- مبروك يا حبيبة قلبي يتربى في عزك أنتيِ وجواد.


لم تفهم رنيم ماتعنيه فحديثها يعني أمر واحد، حركت رأسها نافية بعدم تصديق لتلك الفكرة التي آتت داخل عقلها، فهذه الفكرة بالنسبة لها مستحيلة زجرت ذاتها بعنف وسألتها بنبرة خافتة مجهدة 


:- قصدك إيه يا طنط هو في إيه؟ 


اجابتها مبتسمة بسعادة مشددة من احتضانها 


:- مبروك ياحبيبتي الحمل ربنا يكملك بخير.


رمقتها بذهول ولازالت لم تصدق حديثها بالطبع هُناك أمر خاطئ، سألتها مرة أخرى بنبرة متلعثمة بعدم تصديق وهي تحت تأثير الصدمة مما استمعت إليه 


:- ا... أنتي متأكدة يـ.. ياطنط من اللي حضرتك بتقوليه يـ... يعني أنا حـ....حــامــل؟! 


كانت تسألها بصدمة هل هي حقًا ستصبح أم مرة أخرى لطفلها هي وجواد؟! كيف يحدث ذلك وهي غير قادرة على الإنجاب مرة أخرى بعد فقدان طفلها؟ 


هل ستكون مسؤولة عنه حقًا تحمله داخل احشائها من جديد؟! تشعر بمشاعر جديدة بداخلها مشاعر قد انتهت بفقدان طفلها الأول المرتبط بذكريات سيئة تكرهها، ستعود لها مشاعرها من جديد بطفلها منه، هي ستكون أُمًا لابنها هي وجواد، الحلم التي تمنته وكان مستحيلًا يتحقق الآن.. 


وضعت يدها تمررها فوق بطنها بسعادة وحنان ولازالت غير مصدقة، دموعها تسيل فوق وجنتيها بسعادة من بين ابتسامتها التي زينت وجهها وقد نست كل شئ بسبب ذلك الخبر. 


كانت مديحة تقف تطالعها بحقد شاعرة بالغضب من حملها الذي سيصعب عليها هي وابنتها الأمر كيف ستجعله يتركها بعد حملها لابنه، وكيف ستقنع فاروق بتنفيذ الأمر وهي تحمل حفيده الذي يتمناه... 


اطلقت تنهيدة غاضبة وهي تقف ترمقها بنظرات حادة تخترقها بغضب تنهدت بصوت مرتفع وسارت نحو الخارج بصحبة أروى التي لم تقل عنها غضبًا  وتلعنها بداخلها متوعدة بغضب.. 


وصل جواد الغرفة وهو لازال غاضب توقف أمام الغرفة ملتقط أنفاسه بصعداء ثم ولج الغرفة بوجه مكهفر غاضب، تفاجأ بوالدته التي احتضنته بسعادة مهللة بفرحة لتهنئه


:- الف مبروك ياحبيبي يتربى في عزك. 


لم يفهم مقصد حديثها وقبل أن يسألها استمع الى رنيم التي تمتمت بسعادة ضاحكة 


:- جواد أنا حـامـل هتبقى أب ياحبيبي وأنا كمان هبقى ماما بجد.


قطب جبينه بصدمة وظل كما هو لم يبدى رد فعله بل أجاب على والدته بجدية


:- الله يبارك فيكي ياماما. 


احتضنته بسعادة وسارت نحو الخارج مردفة بحنان


:- شكلك تعبان هسيبك ترتاح شوية مبروك ياحبايبي ربنا يكمل على خير يارب. 


سارت نحو الخارج تاركة إياه يقف يطالعها بنظرات حادة فطالعته بتعجب وتمتمت متسائلة بتوتر


:- في حاجة يا جواد أنت مش فرحان؟ 


كانت لا تفهم سبب غضبه ونظراته المصوبة نحوها التي لم تنجح في تفسيرها فعادت سؤالها مرة أخرى بنبرة متلعثمة خائفة


:-  جواد في ايه مالك أنت مش فرحان أن انا حامل؟ 


طالعها باستهزاء وغمغم بتهكم ساخرًا 


:- هي دي كمان كانت كدبة جديدة من ضمن كدبك.


قطبت جبينها بذهول متعجبة بعدما تأكدت أن هناك شئ ما حدث معه لكنها توقعت رد فعل آخر غير ذلك حزنت بسبب ردوده المباغتة الغير متوقعة لكنها حاولت أن تهدأ لأجله وتمتمت بهدوء


:- جـواد أنت بتقول ايه ياحبيبي مش فاهمة أنا بقولك أن حامل في ايه مالك حصل حاجة معاك في الشغل. 


غمغم بقسوة وعينيه معلقة نحوها بحدة والشرر يتطاير من عينيه بغضب متذكرًا فعلتها وكذبها عليه


:- مش مهم تفهمي كدة كدة الحمل دة هينزل


ظلت عدة لحظات ترمقه بصدمة وعدم تصديق تكذب أذنيها وقد شحب وجهها بخوف وتمتمت متسائلة بدهشة


:- جــ... جـواد أنت بتقول ايه؟!! 


كرر حديثه مرة أخرى بنبرة تزداد حدة وقسوة غير مبالي لحالتها الضعيفة التي أمامه


:- زي ماسمعتي الحمل دة هينزل مش عاوزه.. 


بدأت تجتمع بعض الذكريات المؤلمة داخل عقلها ولازالت تحت تأثير الصدمة مما استمعت إليه لكنها حاولت السيطرة على ذاتها قليلًا وتمتمت معترضة بحزن باكية


:- بــ... بس أنا عاوزاه ياجواد دة ابننا مش هنزله. 


صاح أمامها بحدة غاضبة ولازال يرمقها بنظرات مشتعلة بالغضب لا يصدق أنها استطاعت خداعه بتلك الطيبة التي تظهرها أمامه كيف نجحت وفعلتها لازال لا يعلم كيف فعلتها


:- أنا مباخدش رأيك ولا طلبته عشان تقوليه الحمل دة هينزل ومش بمزاجك.


رمقته بذهول مستنكرة ماتفوه به، لا تعلم منذُ متى وهو قاسٍ معها هكذا لأول مرة تراه يحدثها بتلك الطريقة الحادة لكنها أجابته متعجبة بدهشة


:- أنت بتقول ايه هو ايه اللي مش بمزاجي أنا امه ياجـواد أنا اللي حامل فيه!! 


ابتعد بعينيه عن نظراتها وأردف بإصرار وبرود دون أن يعطي حديثها اهتمام كأنه لم يستمع إلى ما تردفه


:- بكرة هنروح لدكتور ينزله يا رنيم خلاص أنا مش عاوز منك عيال.


حديثه كان كالخنجر الذي غُرز في قلبها بقسوة، وضعت يدها فوق بطنها بحماية خوفًا من أن يفعلها عنوة عنها كما حدث من قبل، لن تدعه يفعل ذلك هذا مستحيل!! ستحمي طفلها تلك المرة وتتمسك به إن كلفها الأمر حياتها ستتنازل عنها لكن عنه هو مستحيل، خشيت بضراوة عندما رأت إصراره وجديته في تنفيذ ما يقوله.. 


مَن أمامها هو نسخة من عصام ليس جواد التي أحبته بالطبع مستحيل، هو يثبت لها تلك المرة أنه ابن لتلك العائلة القاسية هو جـواد الهـواري ابن العائلة القاسية التي سلبتها روحها وأنفاسها، يود قتل ابنها مرة أخرى كما حدث معها من قبل!... 


بدأت بعض الذكريات السيئة تداهم عقلها متغلبة عليه ترتجف برعب وكأنها تعيشها الآن، ترى هيئة عصام التي تحولت، تشعر بضرباته المبرحة التي سُددت لها بقوة قاتلة، تستمع إلى سبه لها لتمسكها بطفلها، كانت تبكي بضراوة وكأنها تعيش تلك اللحظة الآن، تبكي وتمتم ببعض الكلمات الغير مفهومة، جسدها يرتجف بخوف....لم تريد شئ الآن سوى طفلها فقط.. 


لم يستطع جواد أن يمنع ذاته من الإقتراب منها بعدما رأى حالتها التي تسوء لكن قبل أن يحتضنها أو يفعل شئ، ارتفعت صرخاتها المرتعبة بخوف تعترض اقترابه تلك المرة، تعترض على حدوث شئ كانت تتمناه


:- لـ.... لأ لأااا مش هسيبك تقتله تاني، أنت زيه ويهم كلهم أنا كنت غلط.... بس مش هسيب ابني يموت ابعد عني عاوز تموته زي ماهو عمل أنا بكرهك وبكرهكم كلكم بكره العيلة دي كلها بس برضو لـ.... لأ ابني محدش هيقرب منه المرة دي مش هسمح أني اخسره ابدا.


شعر بالشفقة تجاهها متعجبًا حديثها الملئ بالألغاز لكنه فهم منه شئ واحد أنها فقدت طفلها الأول بالإجبار عنوة عنها لذا تخشى من تكرارها مرة أخرى، حاول أن يغمغم بهدوء لتهدأ قليلًا


:- طب اهدي خلاص مش هعمل حاجة ولا هيحصل حاجة اهدي بس.


لم تستمع إلى حديثه عقلها فقط يعيد لها تلك الذكري المؤلمة التي توقف انفاسها تمامًا، عادت حديثها بإصرار ولكن نبرة تزداد ضعف ودموعها تسيل فوق وجنتيها بقهر وحزن مميت تستوقفه وتمنعه من الإقتراب منها 


:- لـ... لا خليك بعيد ابعد عني أنا وابني، محدش هيعمله حاجة المرة دي لا محدش هيقدر.


وضعت يديها فوق بطنها متمسكة بثيابها بحماية ولازالت تبكي، لم يستطع أن يتحدث بعد رؤيته لحالتها اومأ براسه أمامًا مبتعدًا عنها وهو يحلل كل كلمة تفوهت بها أمامه مقررًا البحث خلف حديثها لعله يصل إلى حقيقة أخرى تختلف عند الحقيقة السوداء التي توصل إليها، كان يتطلع نحو حالتها بحزن يمنع ذاته بصعوبة من الأقتراب منها وتهدئتها حتى لا يجعل حالتها تسوء.. 


                            ❈-❈-❈


داخل الغرفة الخاصة بأروى كانت تجلس بصحبة مديحة تشعر أنها ستنفجر من الغضب المتواجد داخلها مستنكرة خبر حمل رنيم الذي جعلها تشعر بغضب عارم كاد يفتك بها مستشعرة صعوبة وصولها لجواد بوجود طفل يربط بينه وبين تلك الحية المتخفية التي تدعى رنيم وتود قتلها. 


صاحت بغضب لوالدتها التي لم تقل عنها غضب


:- ازاي يا ماما!! ازاي الحيوانة دي حامل مش هي مش بتخلف ايه اللي جد؟! 


رفعت كتفيها إلى أعلى ببرود والدماء تغلى بداخلها هي الأخرى وأجابتها بغضب حاد 


:- مش عارفة ازاي حملت دة عصام بنفسي كان مأكدلي انها مش بتخلف ايه اللي حصل انتي عارفة دة معناه ايه لينا؟! 


اومأت رأسها أمامًا وأجابت والدتها بنيران مشتعلة بداخلها بعدما شعرت بفشل جميع مخططاتها القادمة بعد ذلك الخبر الذي باغت الجميع 


:- مفيش طلاق للبت دي وجواد هيتمسك بيها اكتر دة متمسك وهي مبتخلفش امال لما تجيبله ابنه هيعمل ايه كل حاجة باظت بسببها بوظت كل حاجة بحملها دة احنا لازم نتصرف مش هنقعد نتفرج عليها وهي بتاخد الحاجة اللي عاوزاها. 


صمتت لوهلة ملتقطة أنفاسها بغضب وغمغمت بغرور غاضب


:- أنا اللي المفروض ابقى مرات جواد مش هي كل حاجة باظت كدة بسببها.. 


صاحت مديحة بها بحدة أخرستها مقررة عدم الأستسلام هي تمتلك المفاتيح بأكملها تتلاعب بها بمكرها وخداعها إذا غُلق باب أمامها ستدلف من باب آخر بحيلة أخرى لتتحكم في النهاية بجميع الأمور 


:- اسكتي خالص مفيش حاجة هتقف ولا هتبوظ أنا هتصرف... هتصرف وهرجع كل حاجة زي ماهي بلاش كلامك دة في مليون طريقة نتصرف بيها وموضوع جواد بقى أصعب بس مش مستحيل لازم عشان نعمل كل حاجة في العيلة تتجوزي جواد دي هتحصل لو فيها إيه.. 


كانت تتحدث بغضب والشرر يتطاير من عينيها وهي تفكر فيما ستفعل لتفتح طريق جديد تسير فيه وتصل من خلاله إلى أطماعها التي تزداد صعوبة..


لم تفهم أروى ما تقصده والدتها كانت تطالعها بعدم فهم تنتظرها لتشرح حتى تفهم فسألتها بعدم فهم


:- يعني ايه ياماما هنعمل ايه ولا هنتصرف ازاي انتي في حاجة معينة في دماغك؟! 


أجابتها مؤكدة حديثها بخبث وغضب يتطاير من عينيها التي تحولت 


:- هتعرفي يا أروى هتعرفي أنا هعمل ايه وازاي هحل الموضوع من تاني أنا بس عاوزكي تتفرجي على اللي هعمله، الأول بس اعرف البت دي حملت ازاي وحامل ولا لأ وهتشوفي خطة جديدة هتلفههم حوالين نفسهم.. 


عقبت على حديثها بشر أكبر وغضب يزداد وإصرار لتنفيذ ماتريده


:- الظاهر أن جه الوقت اللي مخبياه يظهر عشان العيلة دي تتربى.. 


ظلت أروى كما هي تطالعها بعدم فهم وإندهاش لكنها تثق في والدتها وتعلم أنها ستفعل شئ يقلب أحوال المنزل رأسًا على عقب حتى تنال ثأرها وتنفذ ما تريده، هي بالطبع تعلم تفكير والدتها، بدأت تلتقط أنفاسها بصعداء وهدوء منتظرة ما ستفعله والدتها.. 


                          ❈-❈-❈


في الصباح... 


استيقظ جواد على صوت دقات هادئة فوق الباب، شعر بالدهشة من الأمر الذي جدّ فهو اعتاد ألا أحد يأتي إليهما  صباحًا نهض بجدية وسار مقتربًا نحو الباب تفاجأ بوالدته مبتسمة تحمل بعض أنواع الطعام الشهي وغمغمت بحنان


:- خد ياحبيبي دول عشان رنيم تفطر هي مش بتحب تنزل تحت اكلها كويس ياجواد هي ضعيفة لوحدها. 


تناولها عنها ورد عليها بهدوء مبتسم لحنان والدته وإهتمامها بجميع الأمور 


:- حاضر يا أمي تسلم ايدك ياحبيبي تعبتي نفسك هصحيها أهو.. 


تمتمت بسعادة ونبرة مهللة بالفرح بعد تحقيق ما كانت تتمناه دومًا وتتمناه أي أم حنونة مثلها


:- دة أنا نفسي اتعبلك يا حبيبي أنت وابنك واهو جاتلي الفرصة المهم خلي بالك منها ومتزعلهاش أنا هنزل عشان الحق اجهز حاجات ابوك.


همهم بحنان يرد عليها وتوجه نحو الداخل لينفذ ما قالته والدته والإعتناء بها لحالتها الضعيفة وقف أمامها يطالعها بنظرات عاشقة وهي نائمة كالملاك البرئ تسلبه صوابه لا يصدق أنها تستطع فعل أمر هكذا، هي نقية، ذات قلب طيب، حنونة لم تستطع أن تفعلها لكن كيف وجميع الأدلة ضدها، هو تأكد من كل شئ أخبره به ذلك الشخص أمس، يصدق قلبه ومشاعره أم يصدق الأدلة والحقيقة التي توصل إليها!؟..


يعلم أن مايفعله خطأ بشدة لكنه لم يستطع كيف يبعدها عنه بعدما التقى بها بصعوبة عليه أن يتحدث معها ليحسم الأمر بدأ يهزها برفق متمتمًا باسمها بحنان 


:- رنـيـم يلا يا رنـيـم اصحي عشان تاكلي عشان الحمل. 


بعد عدة محاولات استيقظت بوجه شاحب حزين لكن حالتها كانت أهدى وأفضل، أغلقت عينيها بضعف مبتعدة عنه متحاشية النظر نحوه أشار نحو الطعام مغمغمًا بجدية


:- يلا عشان  تاكلي عشان الحمل. 


استنكرت اهتمامه بها وبطفلها قطبت جبينها متعجبة وسألته بعدم فهم ونبرتها يملأها العتاب واللوم، الحزن والخذلان، الوجع والقهر من قسوته


:- أنت مهتم بيه كدة ليه مش قولت مش عاوزه في ايه بقى دلوقتي


نبرتها آلمت قلبه وجعلته يشعر بالحزن، لكنه حاول السيطرة على ذاته قليلًا وأجابها بهدوء وتعقل


:- انتي قولتي عاوزاه وطول ماهو لسة موجود احنا لازم نهتم بيه طبعا. 


لم تقتنع  بحديثه ولازالت تشعر بالريبة وعدم الأرتياح بعدما رأت إصراره أمس على قتله تمتمت بخوف ونبرة متلعثمة متوترة


:- أنت حـ.... حاططلي حاجة فيه صح عشان تموته زي ماقولت.. 


وبخها بحدة لما تتفوه به مغمغمًا بجدبة تامة 


:- لا طبعا انتي بتقولي إيه أنا هعمل كدة ازاي كلي يا رنيم يلا. 


رمقته بعدم تصديق خاصة بعد رؤيتها لإصراره أمس على إجهاض الطفل دون الأهتمام لموافقتها فلما لا؟! لما لم يفعلها بحيلة ليخدعها أغمضت عينيها محركة رأسها نافية ولازالت متمسكة برفضها لتناول ذلك الطعام.. 


تنهد بضيق وازدادت ملامحه غضبًا وبدأ يتناول أمامها من جميع أنواع الطعام ليجعلها تتأكد من سلامته معقبًا بضيق 


:- اهو يا رنيم مفيهوش حاجة كلي. 


بدأت تتناول الطعام بعدم شهية لكنها تفعلها لأجل الحفاظ على سلامة طفلها القادم التي مقررة أن تفعل المستحيل لأجله ستحارب الجميع وهو أولهم لن تجعل ما حدث ماضيًا يتكرر مرة أخرى.. 


لاحظت نظراته نحوها فتطلعت نحوه بعدم فهم لأول مرة تفشل عن فهم نظراته، لا تعلم لماذا تغير فجأة دون أن تفعل شئ، توقفت عن الطعام ملتقطة أنفاسها بصعداء لتحث ذاتها على التحدث وغمغمت بتوتر 


:- جـواد أنت ليه مش عاوز الطفل؟! ليه عاوزنا ننزله!! 


أجابها بسخرية وتهكم مرير والحزن يبدو بوضوح في نبرته وعينيه مثبتة نحوها 


:- مش أحسن ما يجي يلاقي أمه محبوسة.. 


شعرت بالخوف من حديثه وحركت رأسها نافية عدة مرات وظلت نظراتها تدور حوله بعدم فهم فتابع حديثه يوضح لها مؤكدًا ما يريده وما فهمته


:- ايوة ينزل احسن ما يجي يلاقي امه محبوسة عشان قتلت جوزها... مش أنتي السبب في موته برضو.


رمقته بتوتر متعجبة حديثه المباغت والذي كان على عكس ما توقعت، احتلت الصدمة ملامحها علمت أن محسن بالطبع هو مَن أخبره بذلك الحديث كما يهددها دومًا بالطبع هو مَن أخبره لا أحد سواه يعلم ذلك الأمر الوخيم والقرار السريع الخاطئ التي اتخذته بدافع أمومتها وحبها لطفلها التي حُرمت منه، لكنه كيف اعترف على ذاته كانت تنظر له فقط وهي صامته.. 


لا يعلم لماذا ازداد غضبه بصمتها الذي يؤكد ما يقوله صاح بها غاضبًا بأعين حادة ولأول مرة تختفي نظرات العشق من عينيه المشتعلة بغضب حاد


:- ما تتكلمي هتفضلي ساكتة كدة كتير قولي ليه عملتي كدة قتلتيه ليه؟! 


كانت ستخبره بالحقيقة لكنها خشيت على طفلها من أن يحدث له شئ، التقطت أنفاسها بتوتر وتمتمت بنبرة متلعثمة كاذبة


:- لـ...لأ يا جواد أنا معملتش كدة.. أنا مقتلتوش ولا عاوزة كدة اللي قالك عليا كدة بيكدب. 


علم  أنها كاذبة فقد يبدو ذلك من نبرتها فتحدث بمكر  وعينيه مثبتة عليها 


:- عشان كدة كدبتي وقولتي أن محسن صاحب أخوكي  مش اللي اتفقتي معاه على قتل عصام لو كل دة كدب ليه ادتيله فلوس. 


انهارت باكية بحزن وخوف وجسدها يرتعش بضعف وتمتمت بنبرة متلعثمة برعب


:- ا... أنا معملتش كدة مش أنا اللي قتلته كل اللي بتقوله دة كدب.


ضغط عليها لتخبره بالحقيقة فغمغم بحدة مشددة


:- لا مش كدب دي الحقيقة انتي اللي بتنكري فاكرة أن دة في مصلحتك قولي الحقيقة انتي السبب في موته... انتي اللي اتفقتي على كدة. 


أغمضت عينيها بضراوة وبكت بعنف ولازالت تحرك رأسها نافية بضعف مغمغمة بنبرة مهزوزة خافتة 


:- لـ... لأ لأ يا جواد مش أنا السبب بيكدب والله كلهم بيكدبوا أنا مــ... معملتش حاجة. 


نهضت هاربة من أمامه متوجهة نحو المرحاض بحزن وانهارت باكية في الداخل بضعف تضم جسدها مرتعشة بخوف لا تعلم ماذا سيحدث لها؟!  وضعت يدها فوق بطنها تمررها بحنان وحزن يقطع أنياط قلبها المتألم.. 


وقف في الخارج يتطلع نحو أثرها بحزن يعلم أنها كاذبة تخفي عنه الحقيقة لكنه يعلم أنها لن تستطع أن تفعل شئ هكذا دون سبب قوى يدفعها لفعله يجب عليه أن يكشف الحقيقة كاملة ليستطع تحديد القاتل الحقيقي، هل حقًا هي مَن فعلتها أم لا؟! بالطبع إذا أخبرته الحقيقة كاملة دون كذب ستجعل مهمته أسهل كثيرًا لكنه قرر البحث بذاته بمهارة ليعلمها ويحدد حينها الحقيقة المخفية...


يود أن يذهب يحتضنها يود أن يخبرها بحبه الكبير لها لكنه منع ذاته بصعوبة مقررًا السيطرة على عواطفه التي تقوده نحوها يود التفكير قليلًا بعقله والعمل بمهارة وعملية متناسيًا تمامًا ظنونه بها سيبحث عن الحقيقة لن يهدأ سوى عندما يصل إليها، يريد الوصول لقاتل ابن عمه الأكبر وسيفعلها بعمليته.. 


                        ❈-❈-❈


في المساء.. 


دلفت مديحة غرفة المكتب المتواجد بها فاروق سارت بخطوات غاضبة فرمقها بغضب هو الآخر وعدم رضا لطريقتها المتبجحة التي ازدادت في الفترة الأخيرة، ويجب أن يضع حد لها لتتوقف عن أفعالها. 


صاح بها بحدة وعدم رضا مزمجرًا بغضب وعينيه مثبتة عليها بضيق حاد


:- ايه يا مديحة داخلة كدة ليه في ايه مش فاضي أنا ورايا شغل مهم. 


لوت فمها بتهكم ساخرًا وتمتمت بسخرية مستهزءة بحديثه الغير هام بالنسبة لها


:- هو في إيه مالك كل شوية شغل شغل بعدين أنا جيالك في حاجة أهم من دة كله


قطب جبينه بعدم فهم وسألها بجدية حازمة 


:- حاجة ايه دي المهمة أوي؟ 


أجابته بحدة هي الأخرى مشددة فوق حديثها لتذكره بما تريد


:- أروى بنتي ايه هتفضل متعلقة كدة وابنك عايش براحته مع السينيورة اللي اتجوزها واتحداك لأمتى. 


تنهد بضيق من تكرار حديثها الذي بلا فائدة في ذلك الوقت وأجابها بجدية تامة 


:- مش هينفع نعمل حاجة دلوقتي هي حامل مش زي ما قولتي مبتخلفش.. 


شعرت بعدم تمسكه بالأمر مثلما كان في البداية بدأ يتقبل فكرة زواج ابنه منها وخاصة بعد علمه بخبر حملها وتحقيق الأمر الذي كان ينتظره،  تشعر بنيران تشتعل بداخلها وصاحت به بحدة 


:- هو ايه اللي مش هينفع أروى بنتي تعمل إيه يعني والدكتور اللي أنت جبته وقتها هو اللي قال انها مبتخلفش مجبتش حاجة من عندي. 


صمتت لوهلة ملتقطة أنفاسها وتابعت حديثها مجددًا بوعيد غاضب


:- احنا في بينا اتفاق وعليك تنفذه أنا منفذة اتفاقي من زمان مش جاي دلوقتي وترجع لورا وتتراجع في الوقت المهم ولا مش قادر على ابنك فتيجي على بنتي لأ دة أنا اقلبلك البيت دة كله واهده علينا كلنا ولا يهمني حاجة وأنت عارف أن اقدر اعملها كويس


هب واقفًا أمامها بغضب يرمقها بنظرات حادة صائحًا بلهجة مشددة قوية


:- مـــديــــحــــة!! فوقي لنفسك واعرفي كلامك مع مين دلوقتي فاروق الهواري كبير العيلة دي لا انتي ولا مليون زيك يقدر يقف قصاده مش أنا اللي على اخر الزمن هتهدد وأخاف لو مضحوك عليكي دوري أن افوقك. 


لم تصمت وتخاف من حديثه القوى تلك المرة فصمتها سيعني موافقتها هي الأخرى على بقاء تلك الزيجة، وهذا يعني تنازلها عما تريد فأجابته بغضب 


:- لأ يا فاروق ولا أنا سهلة وفي ايدي اعمل كتير اوي ليك ولجليلة عشان تبـ... 


قاطعها بغضب طغى عليه يحذرها من الخطأ التي ستتفوهه ضاربًا سطح المكتب بحدة 


:- إياكي تجيبي سيرة جليلة في اللي بينا، جليلة بعيد ومحدش يقدر يمسها بحرف واحد.


ضحكت باستهزاء وبرود ساخرة منه وقد اشعل حديثه تلك النيران التي تحاول كبتها بداخلها لكنه اليوم أشعلها بصراحته وشراسته في الدفاع عنها 


:- ولما هي غالية اوي كدة وأنت بتحبها للدرجة دي خونتها ليه يا فاروق وخلفت من غيرها!! 


كانت جليلة تقف في الخارج تضع يدها فوق فمها بقوة مانعة شهقتها المصدومة ودموعها تسيل بصمت محاولة كتم صوتها تمامًا وهي تستمع إلى تلك الحقيقة التي لم تأتي يومًا على بالها لوهلة واحدة.. 

لا يوجد حديث يعبر عما بها!! أي كلمات تصف حالتها بعد خداعها في مَن أحبت على مدار سنواتها، جميع حياتها كذب استطاع أن يخدعها ويدّعي الحب،  هذا هو الحب التي تعيش لأجله وتتحمل كل ما يحدث لها، ماذا فعل في النهاية بها وبقلبها وبحبها جميعهم قد دُمروا مصطحبين لسعادتها وابتسامتها معًا.. 


هل هو خانها حقًا مع أخرى وأنجب منها كما استمعت؟! هل ذلك الحديث حقيقة حقًا؟! إذا كيف ذلك! كيف استطاع أن يفعلها بها!!...

#الفصل_الثاني_والعشرون 

#لهيب_الروح 

#هدير_دودو 

صاح فـاروق بعنف مقتربًا من مديحة يرمقها بنظرات حادة غاضبة تعكس مدى الغضب المتواجد بداخله


:- مـديـحـة!! انتي عارفة أنها كانت غلطة وعارفة كويس أوي مين سببها لكن أنا عمري ما أخون جليلة ولا عمري هشوف غيرها.. 


شهقت بطريقة مقززة ووقفت أمامه تبادله نظراته بحقد وغيرة لجليلة المتمسك بها بتلك الطريقة القوية وردت عليه بغضب 


:- ولما أنت عاوزها أوي كدة قربتلي زمان ليه طالما بتحبها ومش بتشوف غيرها شوفت ليه، ومش بس كدة أنا حملت منك أنت عارف كويس أوي عصام يبقى ابن مين بس أنت جبان مقدرتش تعترف بيه. 


ازدادت ملامحه غضبًا لاعنًا تلك الفكرة النادم عليها يود التخلص منها واخفاءها دومًا، كل ذلك حدث نتيجة خطأ واحد لا يعلم كيف ارتكبه هو حقًا يحب زوجته بصدق لا يعلم ماذا حدث حينها ليرتكب ذلك الخطأ الذي دام معه طوال حياته؟! كان دومًا يريد إخفاءه عن الجميع، صاح بها بنبرة جنونية هزت أرجاء الغرفة لتتوقف عن حديثها


:- أنتي عارفة كويس أنها كانت غلطة أنا لحد دلوقتي مش فاكر ولا عارف حصلت ازاي لكن أنا عمري ما شوفتك ولا بصيتلك يامرات أخويا، وعصام كنتي عاوزاني اعترف بيه ازاي انتي اتجننتي شكلك لكن أنا عمري ما سيبته دايما واقف معاه في غلطاته  بعدين أنا عوضتك عن كل دة، طول حياتك وأنا بعوضك.


ضحكت بسخرية تخفي خلفها غضبها من حديثه عنها بتلك الطريقة وتمتمت بتهكم ساخرة وهي تقف قبالته 


:- مبصتليش ولا عمرك شوفتني بس قربت مني وخونت أخوك، وفين التعويض دة أنت بنفسك اتفقت أن بنتي هتتجوز ابنك مش قادر عليه دي بقى مش مشكلتي مش بعد كل دة هتسيبني وتخلع ايدك وهو يقعد مع السنيورة اللي عاوزها، رنيم أنت جبتها لعصام عشان يسكت بيها لكن مش عشان تاخد حق بنتي، وجليلة اللي أنت ماسك فيها دي أول ما تعرف الحقيقة هتسيبك عمرها ماهتكمل معاك. 


دفع المنضدة بقوة غاضبة مغمغمًا بلهجة مشددة حادة محذر إياها 


:- سيرة جليلة متتجابش على لسانك مرة تانية، تيجي عندها وتحطي ألف خط أنتي عارفة أنها عندي غير الكل.


غمغمت بغيرة تعميها وهي ترى أنها مَن تستحق كل ما تتمتع به جليلة التي تنعم بكل شئ بينما هي تخسر كل ذلك واحدة تلو الأخرى 


:- وأنتَ فاكر أنك بتحبها بجد لا الكلام دة تضحك بيه عليها هي مش أنا، أنت عمرك ماحبيت جليلة أنت بس عاجبك أنها مستحملاك بعد كل اللي بتعمله دة كله واحدة غيرها كانت سابتك من زمان. 


لم يهتم بحديثها الخاطئ لأنه يحبها بالفعل بل تطلع مسرعًا بقلق نحو أعتاب الباب الخاص بالمكتب بعدما وصل إليه صوت آنينها الخافت تفاجأ بها تقف بالفعل ومن الواضح أنها استمعت إلى كل شئ دار.. 


كانت تقف تبكي واضعة يدها فوق فمها لتمنع صوت بكاءها، لأول مرة تراه بتلك الهيئة لا تصدق أنه فعل بها هكذا، كيف استطاع أن يفعلها؟! 


همس باسمها بنبرة خافتة وبدا الخوف فوق ملامحه بعد اتيان اللحظة التي يخشاها دومًا، قلبه يرتجف ولا يعلم ماذا سيفعل؟! دومًا كان يفكر فيما سيفعله عند معرفتها للحقيقة ولم يتوصل لشئ 


:- جــلــيـلــة!! 


تطلعت مديحة نحو الخلف مسرعة بابتسامة واضحة لتراها وترى هيئتها كم تمنت رؤيتها بتلك الهيئة كانت تتراجع عن إخبارها بالحقيقة خوفًا من رد فعل فاروق الذي سيقلب الدنيا بأكملها رأسًا على عقب، لكنها الآن علمت الحقيقة وعلمت مكانة مديحة الحقيقية، حاولت أن تخفي سعادتها وبدأت ابتسامتها تتلاشى مدعية الصدمة.. 


أسرع فاروق يقترب منها مغمغمًا بتوتر وخوف 


:- جليلة انتي فاهمة غلط صدقيني أنا هفهمك بس اهدي. 


كاد يحتضنها لتهدأ قليلًا بعدما رأى جسدها الذي يرتعش وملامحها المصدومة يخشى أن يحدث لها شئ سئ، لكنها باغتته بدفعتها القوية التي جعلته يرتد إلى الخلف مبتعدًا عنها بعض الخطوات وغمغمت بضعف من بين دموعها 


:- طـلـقـنـي يا فاروق طلقني كفاية كدة. 


سارت من أمامه متوجهة نحو غرفتها، لم تستطع أن تظل أمامه تتطلع إليه بعد كل ما فعله بها، هي اليوم وفي تلك اللحظة اكتشفت حقيقة أخرى لزوجها، جميع حياتها معه السابقة كانت كذب استطاع أن يخدعها بحبه الغير المتواجد، كيف تتطلع نحوه وهو مَن قام بفعل كل ذلك بها؟! هو اليوم سبب تدمير قلبها وحياتها تمامًا بعد علمها بالحقيقة التي أخفاها طيلة السنوات الماضية استطاع أن يخدعها بمهارة دون الإهتمام بمشاعرها.. 


بدأت تلملم اشياءها مقررة الرحيل من ذلك المنزل التي كانت تبنيه بسعادة وابتسامة وهو في نفس الوقت كان يدمره دون النظر لكل ما تفعله، تود الذهاب من المكان الذي تحطم به قلبها.. 


وقف فاروق تحت تأثير الصدمة بعد استماعه لحديثها ونبرة صوتها التي آلمت قلبه، تطلع نحو مديحة بنظرات حادة تعكس مدي الغضب الذي يشعر به بسببها يسبها بداخله ولا يعلم ماذا سيفعل مع جليلة، لأول مرة يراها بتلك الهيئة ولأول مرة تقرر الإبتعاد والإنفصال.. 


سار خلفها متوجه نحو غرفته ليستطع التحدث معها وإقناعها بالبقاء معه، يود أن يخبرها انه يحبها حقًا، كل ما حدث... حدت بالخطأ دون إدراك منه. 


تفاجأ بها عندما رآها تضع ثيابها في الحقيبة وتعد ذاتها للرحيل أسرع مقتربًا منها يمسكها من ذراعها بحنان لتتوقف عما تفعل مغمغمًا بتوتر


:- جليلة انتي فاهمة غلط والله الموضوع مش زي ما سمعتي اديني فرصة افهمك. 


تحاشت النظر نحوه لأول مرة لم تطيق رؤيته، وتمتمت بجدية تلك المرة


:- لا أنا دي المرة الوحيدة اللي أنا فاهمة فيها صح بقى، مش هسمحلك تضحك عليا المرة دي خلاص يا فاروق كل حاجة اتعرفت ابعد عني وطلقني اللي بتعمله دلوقتي مش هيفيد بحاجة بعد اللي عرفته. 


ظل ممسكًا بها وغمغم بتوتر خوفًا من فكرة ذهابها وابتعادها عنه 


:- جليلة طب اسمعيني الأول نتفاهم الأول وبعدها هسيبك تعملي اللي عاوزاه اللي سمعتيه دة مش الحقيقة والله اسمعيني.. 


دفعته بعيد عنها وصاحت به بغضب مبتعدة عنه عدة خطوات إلى الخلف 


:- ابعد عني يا فاروق كفاية اللي عرفته مش عاوزة اسمع حاجة كفاية لغاية كدة كفاية اوي وابعد عني كل اللي عيشته معاك دة كان كدب. 


لم تستطع منع ذاتها من البكاء مرة أخرى اجهشت في دوامة بكاء مريرة شاعرة بالشفقة على حالها وحياتها، فقد عاشت عمرها بأكمله في حياة كاذبة يخدعها طوال الوقت كيف فعلها؟! ماذا فعلت هي لتتلقى منه ذلك!!.. 


أجابها نافيًا بجدية مغمغمًا بصدق وحزن عالمًا أنه قد جرحها بشدة 


:- لأ والله يا جليلة أنا بحبك بجد والله محبتش قدك اللي حصل دة كان زمان غلطة والله وندمان عليها من زمان انا عمري ما بصيت لواحدة غيرك صدقيني يا جليلة والله ما بكدب عليكي


ابتسمت من بين دموعها ابتسامة مريرة بحزن تبدي مدى القهر والحزن المتواجد داخلها وتمتمت بنبرة خافتة حزينة لكنها تحاول أن تتماسك وتدعي القوة لترد على حديثه التي لم تصدقه


:- عشان كدة روحت خونتني، بس ازاي ازاي قدرت تعملها مع مرات أخوك، طب سيبك مني أنا مش مهم محبتنيش لكن أخوك أنت خونته ازاي، وكمان عصام يبقى ابنك أنت ايه؟! 


صمتت لوهلة ملتقطة أنفاسها بصعوبة  وتابعت حديثها مستنكرة بدهشة


:- ازاي قدرت تعمل دة كله، تكتب ابنك باسم اخوك عملتها ازاي أنت استحالة تكون فاروق جوزي اللي حبيته واستحملت كل حاجة عشانك.. 


حركت رأسها نافية عدة مرات وبكت بعنف متمتمة بنبرة خافتة بضعف


:- مستحيل... مستحيل تكون نفس الشخص اللي اتجوزته وحبيته مستحيل.. 


حاول تهدئتها خوفًا من أن يحدث شئ لها، أسرع يحتضنها مربتًا فوق ظهرها بحنان مغمغمًا بهدوء 


:- طب اهدي بس عشان خاطر العيال بلاش أنا اهدي أحسن يحصلك حاجة. 


رمقته باستهزاء ساخرة منه مغمغمة بتهكم غاضبة نادمة على كل يوم في حياتها مرّ وهو معه


:- وانت بتهمك أوي مصلحة العيال سيبني امشي يا فاروق وابعد عني أنت طول عمرك بتتعامل معاهم غلط ولا اهتميت لمصلحة حد منهم دايما بسكت وبحاول اطلعك عكس كدة بس في الحقيقة أنت مش بتحب غير نفسك ومصلحتك أنا ظلمت نفسي وظلمت العيال دول معايا لما خليتك أب ليهم. 


رمقها بذهول متعجب لأول مرة يشعر أنها تراه بتلك النظرة، هل هو حقًا يفعل هكذا؟! لم يهتم سوى بذاته هذا نفس الحديث الذي يردفه جواد دومًا وهو لم يعطيه اهتمام ها هي الآن تخبره نفس الحديث، غمغم بعدم تصديق وذهول


:- جليلة انتي بتقولي ايه أنا بحبك انتي وهما وانتي عارفة  أنكم اهم حاجة عندي أنا بعمل كل دة عشانكم.. 


ضحكت بسخرية مستهزءة حديثه الغير صحيح، مغمغمة بضيق حاد


:- بلاش الكلام دة خلاص عشان عرفته لأ يا فاروق أنت لو بتعمل حاجة فبتعملها عشان نفسك زي ما كنت بتيجي على ابنك عشان نفسك وعاوز تجوزه غصب أنت أناني متستاهلش ولا حد من العيال دول ولا حتى أنا سيبني امشي وطلقني.. 


وقف في ذهول تام بعد استماعه لحديثها لا يعلم هل هذا صحيح بالفعل، هو فعل بهم كل ذلك لأجل ذاته ليس لأجلهم لأول مرة يرى الحقيقة في أعينهم لكن كيف سينفذ طلبها هو لم يقوى على فكرة الإبتعاد عنها حاول التأثير عليها بهدوء وتعقل


:- جليلة مينفعش تمشي عشانهم هيقولوا ايه انتي عارفة أنهم مش هيسكتوا.. 


طالعته بحزن تام أنهك عينيها الباكية شاعرة بالوهن، وتمتمت بضعف خافت


:- لا متقلقش مش هفضحك قدامهم ودة مش عشانك دة عشان عيالي ملهمش حق يشوفوا ابوهم بالنظرة دي بسبب اختياري الغلط.. 


رمقها ينظرات حزينة يملأها الندم مقتربًا منها بحزن لاعنًا ذاته على كل أفعاله ممسكًا يدها بحنان مغمغمًا بصدق وصوت أجش نادم 


:- جليلة أنتي عارفة أنتي ايه عندي، والله يا جليلة ما بحب قدك. 


جذبت يدها منه بعنف تزجره بغضب وتمتمت بسخرية تحمل بين طياتها حزن وقهر متواجد في قلبها ينهكه بعدما تلقت أكبر صدمة دمرت قلبها 


:- كنت فاكرة إنك بتحبني بس خلاص اللي حصل خلاني اكتشف الحقيقة كلها وعرفت قيمتي كويس عندك. 


نفى حديثها مسرعًا وتحدث بصدق ولوعة بالرغم من غضبه لرؤيتها بتلك الهيئة وجهها الشاحب كشحوب الموتى وعينيها المتورمة من فرط البكاء لتلك الحقيقة الشديدة عليها التي علمتها اليوم 


:- والله ابدا مفيش اغلى منك عندي كل اللي حصل زمان كانت غلطة والله غلطة وندمت عليها 


تمتمت بغضب مبتعدة عنه محركة رأسها بنفي 


:- عشان كدة عاوز ابنك يشيل غلطتك ويصلحها هو لما يتجوز أروى غصب عنه أنت قاسي وظالم أنا غلطت لما كملت معاك كل اللي حصل كان غلط ولازم يتصلح.


وقف لعدة لحظات متطلع أرضًا بخجل من أفعاله الخاطئة، لكنه كيف سيتركها تذهب هو لن يقوى على تركها، حاول التأثير عليها بجدية وتعقل محاولًا استمالة عقلها 


:- جليلة مينفعش خالص عشانهم حتى مش عشان هيقولوا ايه، انتي عارفة لو عرفوا حاجة هيحصل إيه وقتها. 


رمقته بخذلان وضعف شاعرة بتخاذله معها وتمتمت بجدية مقررة تنفيذ ما تريده والتوقف مع ذاتها تلك المرة بدلًا من تفكيرها في الجميع 


:- ياما فكرت فيهم واستحملت كتير عشانك وعشانهم فالآخر أنت عملت إيه ولا عملت اعتبار لدة كله المرة دي لأ بقى. 


دفعته بقوة إلى الخلف وحملت حقائبها متجهة نحو الخارج مقررة الذهاب وترك المنزل الذي سلب منها روحها وحياتها وفي النهاية تلقت الخيانة والحزن والقهر منه.. 


تفاجأت سما بهيئة والدتها فأسرعت مقتربة منها معترضة طريقها بقلق خوفًا من أن يصيب والدتها شئ وتمتمت متسائلة بعدم فهم 


:- في إيه يا ماما مالك؟! انتي رايحة فين هو ايه اللي حصل هاتي الشنط دي. 


تناولت منها الحقائب وهى ترمق والدها منتظرة منه التحدث فأجابتها جليلة بإصرار بنبرة حزينة ضعيفة 


:- هاتي يا سما أنا ماشية خلاص اوعي كفاية لغاية كدة. 


رمقتها بذهول متعجبة طريقة والدتها لكنها علمت أن بالطبع والدها قد فعل شئ كما يفعل دومًا فاحتضنتها بحنان وتمتمت بتوتر


:- تمشي فين ياحبيبتي عاوزة تسيبيني أنا وجواد ده هو بيمشي ومتطمن على مراته عشان أنتي موجودة ياحبيبتي هو إيه اللي حصل بس. 


انهارت باكية في أحضان ابنتها شاعرة بالتشتت كيف تخبرها بما يوجد بداخلها بالطبع لن تشوه صورة والدها أمامها مهما حدث لكنها لا تعلم كيف ستتركها هي وجواد وتذهب مبتعدة عنهما، ظلت سما تحاول تهدئتها مردفة بحنان


:- اهدي طيب عشان خاطري تعالي معايا في اوضتي خليكي معايا ومتعيطيش عشان خاطري خلاص محصلش حاجة. 


سارت معها بضعف وهي لازالت مشتتة لا تعلم ماذا تفعل بالطبع هما لن يتركونها تذهب دون معرفة سبب مفسر لكل ما يحدث وهي لن تقوى على إخبارهم الحقيقة لن تدع الأمر يصل إلى هنا فماذا يجب عليها أن تفعل؟! لكنها أيضًا لن تتحمل كل ذلك بمفردها، لن تستطع أن تكمل مع فاروق بعد معرفتها بالحقيقة... 


                         ❈-❈-❈


صعدت مديحة نحو غرفتها بخطى واسعة مرتسم فوق وجهها ابتسامة واسعة لم تصدق أن حدث ما تتمناه تستمع إلى صياح جليلة وبكاءها بعد أن حدثت الفرصة التي كانت تتمناها وآتى اليوم التي ظهرت به الحقيقة التي تتمناها منذُ أن حدث ذلك اليوم تشعر بتراقص قلبها فرحةً بكل ماحدث شامتة لما فعلته في ذلك المنزل الذي تكرهه بشدة. 


دلفت أروى لوالدتها وهي تشعر بالدهشة لسعادة والدتها المرتسمة فوق وجهها سألتها بعدم فهم 


:- في ايه يا ماما وايه اللي بيحصل بين أونكل فاروق وطنط جليلة؟ 


اتسعت ابتسامتها وضحكت بغرور ثم تمتمت بمكر غامض


:- مفيش كل اللي عملاه جليلة ده عشان عرفت الحقيقة اللي كان مسيرها هتبان، كان لازم تفوق وتعرف مكانها الحقيقي هنا وفي حياته. 


ظلت أروى تطالعها ولم تفهم حديث والدتها فسألتها مرة أخرى 


:- حقيقة ايه!؟ وايه اللي عرفته طنط جليلة خلاها تقلب كدة في ايه يا ماما مش فاهمة؟ 


لم تجيبها مديحة وتشرح لها الأمر كما تريد فتمتمت ببرود ولا مبالاه


:- مش مهم سيبك من ده كله المهم أن حصل اللي أنا عاوزاه في الآخر.. 


طالعتها بعدم رضا وتمتمت بغضب حاد فهي الأخرى مثلها تشبهها في جميع صفاتها الخبيثة السيئة فامرأه مثل مديحة لن يوجد بها صفات حميدة بعد كل ما تفعله هي كل ما يقودها مطامعها وتحقيق أهدافها وجعلت ابنتها مثلها كل منهما لم يريد سوى مصلحته فقط


:- طيب يا ماما فين بقى اللي أنا عاوزاه انتي مش قولتي هتتصرفي وتظبطي الموضوع بتاعي في ايه دلوقتي بقى.


رمقتها بنظرات حادة وتمتمت بحدة غاضبة مشددة فوق حديثها


:- مين قال اني سيباه ولا مش عارفة اتصرف أنا عاوزة الموضوع دة يتم قبلك وأكتر منك بكتير. 


سألتها أروى مرة أخرى وهي تبادلها نظراتها الغاضبة بغضب أكبر 


:- يعني إيه ياماما هتعملي إيه في الآخر؟! 


صمتت لبرهة وتابعت حديثها بغضب حاد ماكر متوعدة لرنيم والشر يتطاير من عينيها 


:- يعني اللي جاي دور رنيم وهتشوفي عاوزاكي تتفرجي على اللي مجهزاه ليها. 


التمعت بعض الأفكار الخبيثة التي تأتي في عقلها مقررة تنفيذها للتخلص من رنيم ووجودها في ذلك المنزل حتى تستطع التخلص منها في حياة جواد تمامًا ثم التخطيط بعد ذلك لحياة ابنتها معه كما كانت ترسم من البداية.. 


                           ❈-❈-❈


تجلس رنيم بمفردها في الغرفة منتظرة عودة جواد بعدما رتبت أفكارها واتخذت قرارها بعد تفكير طويل مقررة الإبتعاد عنه وعن تلك العائلة، ستذهب وتعيش مع طفلها دون الإحتياج إلى أحد، ستفعل كل شئ حتى توفر له حياة آمنة هادئة بعيدة عن تلك العائلة القاسية، فقد سلبوا منها كل شئ عنوة عنها متلذذين بعذابها لن تدع ما حدث لها يحدث لطفلها لن تكرر خطأها مرة أخرى وتجازف به فتخسره مثلما فعلت من قبل. 


لم يمر عليها وقت طويلًا وعاد جواد قبل أن يجلس تفاجأ بها تقف قبالته مغمغمة بجدية وقوة زائفة بعدما التقطت أنفاسها بصعداء لتحث ذاتها على التحدث مبتعدة عن عينيه حتى لا تضعف أمامه


:- جواد أنا عاوزة اتطلق كفاية لغاية كده. 


شعر بالصدمة من حديثها المباغت لكنه حاول السيطرة على إنفعالاته بمهارة لا يريد أن يجعلها تشعر به، وغمغم متسائلًا بتعقل هادئ مندهش


:- هو إيه اللي كفاية بالظبط؟! 


رمقته بضعف شاعرة بتخاذله معها وعدم تمسكه بها فتمتمت بخفوت 


:- يعني كفاية اللي حصل ليا لحد كدة خلاص كفاية أنا عاوزة اتطلق وابعد أنا وابني اللي مش عاوزه. 


رمقها بحدة وقد احمرت عينيه بغضب وسار ملتفًا نحوها بطريقة ادهشتها وجعلتها تنكمش على ذاتها  بخوف وغمغم بنبرة حادة مشددة


:- والمفروض اطلقك واسيبك تبعدي وأنا مش متأكد أنتي اللي ورا موت عصام ولا لأ مفيش أي خطوة هتخطيها غير لما اتأكد أنك ملكيش دعوة واعرف مين اللي عملها حق عصام الهواري مش هيروح.. 


ضحكت بسخرية من بين وجعها وهي ترى حقيقة أخرى له لم تكن تراها منه، لم تصدق أنه نفس الشخص الذي أحبته، التقطت أنفاسها بصعداء محاولة إخفاء الوجع والقهر المتواجد في قلبها كيف تحول هكذا أم أن هذه هي حقيقته ويخفيها عنها؟! تمتمت بتوتر وضعف


:- أنا قولتلك معملتش حاجة مش عاوز تصدق براحتك بس ابعد عني أنا عاوزة اتطلق وابعد عنك وعن العيلة دي كلها كفاية اللي شوفته لغاية كدة على ايدكم. 


مسك كتفيها بقوة يهزها بعنف وصاح مزمجرًا بغضب حاد ويريد الوصول من خلالها إلى الحقيقة بالضغط عليها لتعترف له


:- إيه اللي حصلك اتكلمي وقولي انتي ساكتة ليه حصلك ايه على ايد العيلة دي ولا هتفضلي ضعيفة وساكتة.. 


لأول مرة لم تصمت أغمضت عينيها بقوة وتمتمت بانهيار باكية بعنف متذكرة جميع وجعها وحياتها المسلوبة كيف كانت تُعامل وكأنها نكرة ليس لها الحق لفعل أي شئ وهو من كل عقله يسألها عما حدث لها على يد تلك العائلة، كيف يتحدث هو بتلك السهولة دون النظر لكل ما مرت به 


:- هقولك يا جواد شوفت كل وجع وقهر وذل شوفت أن انا مش انسانة مجرد لعبة البيه بيتسلى بيها مليش حق اتكلم شوفت ابني اللي ملحقتش افرح واحس بوجوده وهو بيتقتل بطريقة بشعة محدش بستحملها شوفت حاجات كتيرة هتفضل موجودة جوايا مش هقدر انساها عاوزة تعرف إيه ولا إيه كل ندبة موجودة على جسمي ليها قصة طويلة ودموع ووجع وأنت اخرهم مكافهمش أن قلبي يبقى سليم لا جيت تكسره عشان أنت ابن العيلة دي أنت بتثبت كل لحظة ليا أنك جواد الهواري ابن فاروق الهواري مش الشخص اللي أنا حبيته جيت تدمر الحاجة الوحيدة اللي باقيالي بس اتطمن.... اتطمن يا باشا دمرتها وعملت اللي أنت عاوزه كفاية كدة بقى طلقني وارحمني.. 


سقطت أرضًا بضعف شاعرة أن قدميها لم تعد تتحملها بعدما استطاعت أن تحول جميع أفكارها وذكرياتها إلى حديث تعبر به عن مشاعرها المتواجدة وكادت الفتك بروحها وتوقف قلبها تمامًا كانت تكرر كلماتها الأخيرة دون وعي منها


:- طـ.... طلقني طلقني وارحمني يا جواد... كفاية كدة.


ظل هو واقف مكانه متسمرًا بعد رؤيته لكم الوجع والحزن المتواجد بها والتي تخفيه دومًا تلك المرة الأولى التي تتحدث فيها، ظل عقله يكرر كل كلمة تفوهتها محاولًا فهم معناها وما سببها، عالمًا أنها صادقة في حديثها هو ليس ابله كان يعلم بطريقة زوجة عمه وابنتها القاسية معها عندما كان يذهب بصحبة والدته، كما أنه يرى آثار الجروح القوية وندباتها المتواجدة على جسدها إلى الآن، اقترب منها جالسًا بجانبها أرضًا وغمغم بحنان هادئ لتهدأ قليلًا محتضن جسدها المرتعش 


:- اهدي طيب عشان خاطري اهدي وأنا هتصرف وهحل كل حاجة هعرف كل حاجة والله ما حد هيئذيكي طول ما أنا موجود صدقيني. 


تخبره بعينيها أنه قد فعلها بها دون أن يمنع أحد، هو الآن من تسبب في آذاها ووجعها، هو ليس غيره، فهم جيدًا مغزي نظراتها شاعرًا بالغضب من ذاته مقررًا تعويضها وحل الأمر بطريقة جيدة ترضيها هي أولًا


:-أنا آسف صدقيني كل حاجة هتتحل عمري ما هسيبك ولا اقدر اعملها مفيش حد بيسيب روحه يا رنيم وانتي روحي وحياتي أنا آسف هصلح كل غلطي. 


بدأت تهدأ قليلًا بين يديه مغمغمة بخفوت نافية الأمر عنها


:- أ... أنا معملتهاش ومقتلتش عصام ولا كنت السبب في موته مش أنا اللي علمتها روح دور على اللي عملها بعيد عني والله ما كملت في حاجة ولا عملتها.. 


رمقها بعدم فهم متسائلًا بجدية هادئة حتى لا يزعجها بعدما هدأت قليلًا وعينيه مثبتة عليها بدقة جيدًا ليكتشف الأمر بمهارة 


:- أمال ايه اللي حصل!.. فهميني وانا هتصرف صدقيني بس احكيلي اللي حصل خليكي واثقة فيا مش هسيبك بس محتاجك تساعديني واعرف اللي حصل منك الأول.. 


اومأت برأسها أمامًا مقررة أن تخبره بالحقيقة كاملة ليستطع البحث عن القاتل الحقيقي متمنية أن يصدق حديثها وقبل أن تتمتم وتتحدث بشئ استمع كل منهما بصوت دقات هادئة فوق الباب وصدح صوت سما الهادئ الذي قطع جلستهما الهامة


:- جواد أنت موجود يا حبيبي. 


نهض مسرعًا وسار نحو الباب يفتحه ليرى ماذا تريد شقيقته التي ارتمت مسرعة داخل حضنه فشعر بالقلق عليها وسألها بخوف 


:- في ايه يا سما مالك ياحبيبتي حصل حاجة؟! 


أومأت برأسها أمامًا خوفًا على حالة والدتها الحزينة ولم تخبرها شئ، فأجابته بتوتر وقلق 


:- ايوة يا جواد ماما شكلها زعلانة مع بابا من الصبح وكانت عاوزة تمشي لولا أنا منعتها عشان تفضل تعالى شوفها واتكلم معاها.


قطب جبينه بدهشة متعجبًا من حديثها الذي لأول مرة يستمع إليه وغمغم بعدم تصديق 


:- ماما كانت عاوزة تمشي!! للدرجة دي شكله عمل حاجة كبيرة تعالي أنا جاي اتكلم معاها واشوفها.


استحسنت حديثه فأيدته متمتمة بهدوء ولازالت قلقة على حالة والدتها الصامتة التي تبكي فقط منذُ أن دلفت معها ولازالت لم تفهم هي سبب لكل ما حدث


:- ياريت يا جواد عشان هي لسة بتعيط وأنا خايفة عليها تتعب. 


سار معها متوجه نحو والدته شاعرًا بالقلق عليها يود أن يطمئن عليها ويعلم ما حدث لها اليوم وما فعله والده ليجعلها تتخذ ذلك القرار التي لم تفكر به من قبل بالرغم من كل ما حدث. 


بينما رنيم فجلست فوق الفراش بضعف تفكر فيما دار بينهما ولا تعلم ماذا فعلت؟! هل كانت ستخبره بالحقيقة؟! هي تود أن تخبره بها منذ البداية لكنها تخشى أن يحدث له شئ لازالت تتذكر حديث فاروق القاسي الصارم تتذكر هيئته القوية وهو يقف يهددها ويمنعها من إخباره بالحقيقة.. 


ظلت تفكر في حيرة ولازالت لم تتخذ قرارها تلعن ذاتها وضعفها الكبير الذي يدفعها لفعل كل ذلك، التقطت أنفاسها بصعداء محاولة تهدئة ذاتها لأجل الحفاظ على حياة طفلها الذي ينمو بداخلها، ستفعل المستحيل للتمسك به عنوة عن الجميع، لن تتنازل عنه تلك المرة.. 


                          ❈-❈-❈


دلف جواد بصحبة سما لوالدتهما وجدها لازالت تجلس باكية في صمت شعر بالقلق عليها فاقترب محتضنها بحنان وسألها بهدوء 


:- في ايه يا حبيبتي مالك مين مزعلك كدة وانا اجيبلك حقك منه انتي عارفة كله الا انتي عندي. 


لم تستطع منع بكاءها أمام حديثه، تشعر بصدمة قوية ضربت عقلها بضراوة كالصاعقة، انهارت أمامه باكية متمتمة بضعف خافت 


:- مـ.... مفيش يا حبيبي شوية مشاكل بيني أنا وفاروق وزعلني وأنت عارف مش متعودة منه على كدة. 


لم يقتنع بحديثها التي تتفوهه فهيئتها تدل أن الأمر أكبر من ذلك، حاول أن يتحدث بهدوء لتهدأ أولًا 


:- انتي عارفة هو على طول كدة، اهدي بس وبلاش تعيطي وأنا هتصرف. 


حركت رأسها نافية مسرعًا وتمتمت بنبرة مرتعشة بقلق خوفًا من أن يعلم شئ


:- لأ لأ يا جواد متدخلش أنت في الموضوع. 


شعر بالتعجب من حديثها ورفضها بتلك الطريقة القاطعة عالمًا بمدى جدية الأمر الذي تمّ بينهما لكن قبل أن يتحدث تمتمت هي بعدما تداركت الأمر وعللت سبب حديثها بتوتر


:- أنا بقول كدة عشان ميسيبش الموضوع كله ويمسك فيك أنت مش عاوزة ده يحصل


اومأ برأسه أمامًا ولم يعقب على حديثها بالرغم من علمه أنها تخفي الحقيقة لكنه لم يود أن يضغط عليها احتضنها بحنان وأردف بهدوء


:- خلاص يا حبيبتي محصلش حاجة مش هتدخل زي ما انتي عاوزة. 


استحسنت حديثه مبتسمة بضعف من بين دموعها وحزنها الكبير بعدما تلقت أكبر صدمة شاعرة أن حياتها السابقة بأكملها كذبة لم تستطع السيطرة على ذاتها أمامه وتمتمت بخفوت 


:- جـ.... جواد أنا عاوزة امشي عاوزة ابعد شوية اريح جو مش قادرة أفضل هنا. 


أشار لشقيقته حتى تنتظر في الخارج ليستطع التحدث معها ومعرفة الحقيقة بالفعل فعلت سما ما طلبه منها وتركت الغرفة بهدوء وهي تشعر بالقلق على والدتها، غمغم جواد بجدية هادئة حتى لا يزعجها 


:- من امتى وأنتي بتحبي كدة ولا بتفكري أنك تمشي ماهو دايمًا بيغلط وانتي دايما بتسامحيه وهو بيصالحك على طول إيه اللي حصل المرة دي خلاكي تقولي كدة. 


تشعر بالسخرية من حديث ابنها، هو يقول هكذا دون أن يعلم ما الحقيقة تود أن تخبره بها لكنها لا تريد أن يجعله ينصدم في والده وتزداد علاقتهما سوء، التقطت أنفاسها بصعداء محاولة منع ذاتها أن تجهش في بكاء شديد يجعله يتأكد من صحة حديثه ويصر على معرفة الحقيقة فتمتمت بتوتر خافت


:- مـ... مفيش يا جواد بس حاسة أن أنا تعبت عاوزة ارتاح شوية متشغلش بالك أنا بس محتاجة ارتاح بعيد عن هنا.


طبع قبلة رقيقة فوق كفها بحنان معقبًا بهدوء


:- طب خلاص متزعليش نفسك بعدين تبعدي عن هنا ايه دة بيتك أنا اصلا قاعد هنا عشانك.


ابتسمت بهدوء لابنها الذي دومًا يكون بجانبها خاصة أنها تحتاجه في تلك الفترة القاسية عليها، فكرت قليلًا في فكرة ذهابها لكنها وجدت أنها ستكون خاطئة هي ستتخلى عن ابنائها كيف تفعلها؟! في النهاية لا أحد سيتحمل الأمر سواهما لذا قررت أن تتحمل حزنها وتقوي قلبها قليلٕا بعدما أخرجت فاروق من تفكيرها تمامًا مقررة أن تتركه يفعل ما يريد هي فقط تسعى لأجل ابنائها اللذان سيحملان نتيجة اختيارها الخاطئ لزوجها ستعيش فقط لأجلهما. 


تمتمت ترد على حديث جواد بهدوء بعدما مسحت دموعها 


:- خلاص يا حبيبي متقلقش المهم روح أنت عشان مراتك عشان تعبانة هي كمان وأنا هرتاح شوية. 


لم يضغط عليها بل جلس متحدث معها في عدة أمور محاولًا أن يجعلها تخرج من حالتها السيئة وحزنها ثم سار في النهاية متوجه نحو غرفته وهي ظلت جالسة كما هي تفكر في حالها وماذا ستفعل؟! تفكر بذهن مشتت شارد ولازالت لم تقرر مصيرها.. 


ولج جواد غرفته بعقل قلق على والدته عالمًا أن ما حدث تلك المرة أمر هام ليس مثلما قالت مقررًا أن يعلم ما حدث ويساعدها لكن الآن عليه أن يستكمل  حديثه الهام مع رنيم ليعلم منها الحقيقة كاملة.


تفاجأ بها نائمة منكمشة على ذاتها غير شاعرة بأي شئ مما يحدث حولها لم يمنع ذاته من ضمها داخل أحضانه بحنان عاشق يضمها بضراوة غير قادر على ابتعادها عنه هو يعشقها حقًا عشقها كالدماء الذي يسير داخل عروقه لن يستطع العيش من دونه، التقط شفتيها بحرارة عاشق أشعلت نيران الهوى قلبه وجعلته غير قادر عن الابتعاد عنها، فكلما ابتعد كلما ازداد لهيبها ولوعتها في قلبه تجعله يهواها حتى وصل لأقوي مراحل العشق لها، نسى جميع مشاعره وجميع أفكاره لم يستطع أن يرى سواها الآن وهي داخل أحضانه وبين يديه كما تمنى عقله منذُ أن وقع عينيه عليها ورآها قلبه أولًا..


                                  ❈-❈-❈


في منتصف الليل.. 


ترجل جواد من سيارته المتوقفة أمام منزل عمه رحمه الله محاولًا الوصول من خلال ذلك المكان إلى الحقيقة بعد تفكير طويل مقررًا البحث جيدًا لعله يصل لشئ يجعله يعلم الأمر وما كان يحدث معها وهل هي بريئة كما بخبره عقله أم يصدق عقله الذي أمامه بعض الأدلة الدالة على أنها الفاعلة الحقيقية لتلك الجريمة التي حدثت لابن عمه.. 


ظل يبحث في المنزل بمهارة ودقة مشددة توجه نحو غرفتها معه لعله يصل من خلالها لشئ لكن باءت جميع محاولاته بالفشل بعدما وجد الغرفة لم تنفعه في شئ لم يجد بها شئ وكأن هناك مَن قام بالتخلص  من كل ما بها.. 


تنهد بيأس وضيق شديد بعدما شعر بفشله في تحقيق تلك الفكرة التي آتت في عقله ولم يستطع أن ينتظر الصباح لتنفيذها والتأكد من براءتها، حاول أن يفكر قليلًا مقررًا أن يفعل محاولة أخرى لعلها تنجح توجه نحو غرفة المكتب الخاصة بعصام ابن عمه وبدأ يبحث به بدقة شديدة لكنه تفاجأ بوجود هاتف عصام وحاسوبه لا يعلم كيف وصلوا إلى هُنا لكنه قرر أن يفتحهما مسرعًا وتفاجأ مما رآه، وقف يشاهد كل ذلك بأعين متسعة بعدم تصديق محركًا رأسه نافيًا بصدمة.. 

يتبع 


بداية الرواية من هنا


🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹

ادخلوا بسرعه حملوه وخلوه علي موبيلاتكم من هنا 👇👇👇

من غير ماتدورو ولاتحتارو جبتلكم أحدث الروايات حملوا تطبيق النجم المتوهج للروايات الكامله والحصريه مجاناً من هنا


وكمان اروع الروايات هنا 👇

روايات كامله وحصريه من هنا


انضموا معنا على تليجرام ليصلكم اشعار بالروايات فور نزولها من هنااااااااا


🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺


تعليقات



CLOSE ADS
CLOSE ADS
close