expr:class='data:blog.languageDirection' expr:data-id='data:blog.blogId'>

رواية متي تخضعين لقلبي الفصل السادس والسابع بقلم شيماء يوسف حصريه وجديده علي مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات


الفصل السادس.. والسابع

استيقظت حياة في صباح اليوم التالي والابتسامة تعلو ثغرها إذ عقدت النية على بدء خطتها الموضوعة بداية من اليوم فهي لم تنسى ولم تستسلم له، ولكن أول شيء عليها فعله عقد هدنة مع فريد، أو بالأدق ذلك ما سوف توهمه به، فهي لا تريد الاستمرار في معاملته على ذلك النحو الجاف حتى تنجح في صرف انتباهه عنها، فتجارب السنون الماضية علمتها جيدًا أنه كلما عاندت معه، كلما لفتت انتباهه أكثر وأكثر لها، وهذا أخر ما تود فعله تلك الأيام خاصةً وقد أصبحت تحت أنظاره دومًا.... 

فكرت أيضًا في البحث عن عمل حتى تستطيع الهرب من المنزل ومن صحبته أكبر وقت ممكن ولكنها تراجعت في أخر لحظة كي لا ترتبط بمسؤولية تمنعها من الهرب متى تحين لها الفرصة، وعليه قفزت من فراشها بسعادة بعدما نظمت داخل عقلها ما عليها فعله ورتبت كيفية فعله أيضًا، فقط يبقى التنفيذ... 


وبعد قليل هبطت إلى الاسفل بمزاج رائق نوعًا ما عن الأيام السابقة، وكأن صفحة ماءُها عادت للهدوء بعد زوابع الأحداث الماضية، ثم توجهت مباشرةً نحو غرفة الطعام وكأنها تعرف جدوله لا إراديًا، فوجدته جالسًا ينتظرها دون حديث أو بدء طعامه دونها، أنه حقًا دقيق في مواعيده كالألة ولا يتأخر عنها ولو لثانية، هذا ما فكرت بِه حياة بتعجب وهي تطالع جلسته على رأس الطاولة التي لا يجلس عليها سواهم، مرتديًا بذلة رسمية سوداء تتناسب جيدًا مع تفاصيل جسده، بينما يُعبث بتركيز بأحد هواتفه الموضوعة أمامه وقد رفع نظره بمجرد وصولها الغرفة، إذ وصله عبيرها إليه قبلها، ثم بهدوء أومأ لها إيماءة خفيفة برأسه دون تعقيب، بل ظل يتأملها بردائها البسيط، حيث كانت ترتدي بنطال من الجينز مع قميص من نفس النوع واللون، فعكس الأزرق الداكن جمال بشرتها وأظهر تناسق قوامها الرفيع، بينما ارتبكت هي بنظرتها أمام نظراته المتفحصة لها دون قصد منه فحقًا أخر ما يود فعله هو إرباكها عن قصد أو إثارة شعور عدم الراحة بداخلها، اللعنة على ذلك التوتر الذي ينتابها في حضوره حتى إن لم يفعل شيء وكأنها طفلة تقف في حضرة مُعلمها!، إنها لا تخشاه في المجمل ولكن وجوده بجوارها يوترها كثيرًا دون وضع يدها على السبب الحقيقي لذلك الشعور المتزايد كلما مرت الدقائق في صحبته... 

للحق أن حضوره بهيئته تلك ونظراته التي تُشبه نظرات الصقر ولا يفوتها حركة واحدة تستطيع إرباك أي  شخص ولم تكن هي استثناء تلك القاعدة، على كلًا حييته تحية الصباح بأقتضاب، ثم جلست على مقعدها لتناول فطورها في صمت رتيب خانق، بالطبع كانت عزة هي من تشرف على تقديم الطعام الأمر الذي زاد من امتعاضها، فيبدو أن البارحة وعلى الغذاء كان وجود السيدة عفاف استثناء وسيحرص فريد جيدًا على ألا يتكرر ثانية، لذا قررت تجاهلها وتجاهل نظراتها هي الأخرى والشروع في تناول طعامها متجنبة كل المؤثرات الخارجية حولها، فأبدًا لن تسمح لهم بالضغط عليها أو إفساد تعاليمها بسبب سوء معشرهم كما قررت البارحة.. 

تناولا الطعام بصمت ففريد كان هادئًا بطبيعته ولا يتحدث كثيرًا منذ صغره وهذا ما أسعدها كثيرًا، ففي الحقيقة أخر شئ تود فعله هو مشاركته أية أحاديث ودية مهما كان تافهة أو بسيطة... 

ك


ان هو أول من انتهى من تناول فطوره، ثم حدثها بنبرة منخفضة هادئة دائمًا ما كان ينتهجها ما لم يحدث ما يُثير غضبه، قائلًا وهو يتحرك من مقعده :

-حياة أنا في الشركة النهاردة لو احتجتي أي حاجة بلغيني... 


انهي جملته ثم اقترب من مقعدها، وأخفض رأسه نحوها يبتغي بفعلته التلقائية تلك تقبيل شعرها ولكنها فاجئته بانتفاضها كالملسوعة، قبل أن تبتعد عنه في حدة  غير عابئة بوجود مدبرة منزله التي تتابع المشهد بتركيز تام، فابتعد عنها في الحال بضيق ملاحظًا نظرة الرعب الواضحة التي كست قسماتها وعيناها، ثم هم بالخروج من الغرفة وقد بدأت علامات الغضب تظهر عليه، موقفًا سيره صوت مدبرة منزله تحدثه باحترام :

- فريد بيه لو حضرتك عندك وقت ممكن اتكلم معاك شويه... 


أجابها بنبرة غاضبة لم يحاول حتى إخفائها :

-لو حاجة بخصوص البيت أنا قلتلك بعد كده ترتبيها مع حياة هانم...


هزت له رأسها نافية قبل أن تجيبه في تصميم :

-لا يا فندم حاجة ملهاش دخل بالبيت.. دى حاجة شخصية...


نظر بنفاذ صبر إلى ساعة يده، ثم قال بهدوء :

-معاكي عشر دقايق تقولي فيهم عايزة إيه...


هزت له رأسها موافقة دون تعقيب، فأضاف بصوته العميق :

- تقدري تحصليني على مكتبى...


نطق أمره المقتضب ثم تابع سيره دون النظر إلى الخلف، ولو فعل لرأي تلك الواقفة تتابع ذلك الحديث والفضول يتأكلها، فما هذا الشيء الخاص الذي يجمع بينهم؟!، هل شكوكها بشأنهم صحيحة أم ماذا؟، عنفت نفسها بقوة لإخراج تلك الأفكار من رأسها فذلك ليس من شأنها فهي بالفعل لديها أمور أهم تهتم بها..ألا وهي حريتها... 


***********


في تلك الأثناء كانت تجلس كلًا من جيهان زوجة والده بجوار والده غريب على طاولة الطعام في فيلتهم الخاصة، قاطعة بسؤالها الصمت حين استفسرت بحقد واضح مع نبرتها المتعالية المعتادة :

-وعلى كده حلوة حبيبة قلب البيه ابنك؟!.. 


حدقها غريب بنظرة لوم قبل أن يجيبها بعدم اهتمام :

- مش مهم حلوة ولا وحشة المهم إنه كان عايزها ووصلها...


عقبت جيهان هاتفة في غيظ :

-طبعًا هو في حد مدلعه هنا غيرك!!.. وبعدين مالها نجوى يعني؟.. بنت حسب ونسب بس هقول إيه!!.. ذوقه بلدي شبهه أبوه.. بيحب الرمرمة...


سألها غريب بأستنكار لا يخلو من عتاب مبطن :

- ولازمته إيه الكلام ده دلوقتي يا جيهان؟!.. 


إجابته بحدة كأنها كانت تنتظر جملته لتبدأ الهجوم عليه :

-لازمته إنى عمري ما هنسى إنك في يوم جريت ورا حتة خدامة عشان تتجوزها عليا أنا.. جيهان هانم السكري... 


انهت جملتها الأخيرة وهي تشير بأصبعها نحو نفسها بغرور وثقة، فقال لها غريب مبررًا فعلته يبغي رضاها كما اعتاد الفعل منذ سنوات :

- أنتِ عارفة كويس إنى عملت كده عشان أجيب ولد يحافظ على كل ثروتي دي بعد ما الدكتور أكد إنك استحالة تحملي تاني بعد نيرمين... 


هاجمته على الفور بمجرد انتهاء جملته :

- أنت بتضحك عليا ولا على نفسك وعايزني اصدقك!!.. أنا عارفة كويس يا غريب أنك اخترت الخدامة بتاعتك عشان احلوت في عينيك وخصوصًا لما مقدرتش توصلها من غير جواز...


انهت جملتها وهي تُرميه بنظرات حانقة تكاد تلتهمه حيًا لو استطاعت، أما عن غريب فقد ظهر الارتباك جليًا فوق محياه ونبرته وهو يقاطع حديثها المهاجم له هاتفًا :

-جيهان!! أنتِ بتتكلمي في ماضي عدي عليه أكتر من عشرين سنة!!.. دي واحدة ميتة من سنين فاهمة!! سنين... 


كررها مرتين ليؤكد ما غفلت هي عنه، بينما صاحت به وهي تتحرك من مقعدها متأهبة وكأن الجلوس قبالته يلسعها :

-أيوة بتكلم فيه وهفضل أتكلم فيه طول مانت مفضل ابن الخدامة دي عليا وعلى بنتك.. لحد ما في يوم هيكوش على كل حاجة ويرمينا في الشارع!... 


صاح بها غريب مهددًا وضاربًا الطاولة بقبضة يده، فإلى وحيده وكفى :

-جيهان!! ابني ميعملش كده وبعدين هو اللي شايل الشركات كلها فوق كتافه والفلوس اللي عماله تدخل حسابك كل أول شهر وتزيد زي الرز دي من تعبه هو.. ومتفكريش إنى عشان سكتت على اللي عملتيه زمان ابقى نسيته.. ملكيش دعوة بفريد أنا بحذرك مش هسمحلك تأذي ابني تاني...


ارتبكت نظرتها قليلًا ولم تعقب بل اكتفت بالتوعد له داخليًا، فهي لن تكون جيهان السكري إن لم تُنهى عملها العالق منذ سنوات مضت. 


تركها غريب منتفضًا من مقعده بغضب هو الأخر وقد ساء صباحه بحديثها، وأثناء استعداده للخروج من المنزل صادف فتاتان متقاربتان في العمر، إحدهما تُشبه والدتها وزوجته بشعرها البني وبياض بشرتها ونحالة خصرها، والأخرى بشعر أشقر ووجه رفيع، ارتمت الأولى بداخل أحضانه تقبله قبل أن تُلقى عليه تحية الصباح بدلال معتاد، بينما حياهم غريب على عجل، ثم توجهه مباشرةً نحو الخارج، وبمجرد وصولهم إلى المدخل تحركت جيهان لاستقبالهم وهي تُتمتم بحبور مرحبة بضيفة ابنتها :

-نجوى حبيبة قلبي.. إيه الجمال ده كله.. البيت نور طبعًا... 


ثم وجهت حديثها لابنتها بعد التفاتها لها :

-ها يا نيرو يا حبيبة مامي.. قوليلي اتبسطتوا في النادي ولا إيه... 


إجابتها نيرمين بدلال مصطنع :

-ننبسط إزاى يا مامي ونجوى عاملة مناحة من أول إمبارح.. أوف بجد زهقتني... 


تحدثت نجوى على الفور مدافعة عن نفسها :

-يعني يرضيكي اللي حصل ده يا طنط!.. خلاص كده فريد اتجوز وراح من أيدي؟!... 


ربتت جيهان على ذراعها بحنان تحثها بذلك على الجلوس :

-تعالي بس نقعد هنا ونتكلم بالراحة...


هتفت نجوى بضيق قائلة في اعتراض :

-اقعد إيه يا طنط أنا بقولك فريد اتجوز وأنتِ تقوليلي اقعد!!... 


ابتسمت لها جيهان مشجعة وهي تقول بلؤم :

-تعالي بس واسمعي منى.. فريد مضاعش من إيديك ولا حاجة... 


التمعت عيون نجوى بأمل وهي تسألها مستفسرة :

-قصدك إيه يا طنطي؟؟... 


إجابتها جيهان بمكر مفسرة :

-قصدي إننا احنا التلاتة هنرتب سوا إزاي نطير بنت الخدامة دي من سكتنا.. أنتِ تتجوزي فريد حب حياتك وإحنا نطلع باللي إحنا عايزينه برضه... 


هنا تدخلت ابنتها نيرمين قائلة وعيونها تلمع بشر يوازي ما بدواخل والدتها :

-والطالعة الأولى دي بقى سيبوها عليا... 


سألتها والدتها مستفسرة بإعجاب :

- هتعملي إيه يعنى يا نيرو؟!... 


إجابتها ابنتها بخبث وهي تغمز لهم بعيونها :

-هعمل زيارة لست الحسن واعرف مايتها إيه بالظبط.. عشان نعرف إحنا بنلعب مع مين... 


وافقت والدتها فورًا على اقتراحها، بينما هزت نجوى رأسها بحماس موافقة على الحديث، عاقدة نوايا الغدر بداخلها، فبمجرد الحصول على فريد ستقوم بألقائهم جميعًا بالخارج... 


**********


انتهزت حياة فرصة جلوسها بمفردها في الحديث إلى صديقتها مريم للاطمئنان عليها من جهة ومعرفة أخبار محمود الصحية من جهةً أخرى، فهي لازالت تشعر بالذنب تجاهه بسبب ما حدث له وإقحامه في مشاكلها الخاصة وتود الاطمئنان على أحواله، هذا أقل ما تستطيع فعله بعدما تركته دون حتى اعتذار، لذا أمسكت بهاتفها وتحدثت مع صديقتها التي كانت تمازحها عن زواجها برجل أعمال وعن زفافها الفخم رغم بساطته، جارتها حياة في مزاحها قليلًا قبل أن تسألها بقلق مستفسرة :

-مريم.. متعرفيش محمود عامل إيه دلوقتي؟!... 


إجابتها مريم قائلة بغيظ، إذا كانت لا تستسيغه بأي طريقة ممكنة :

-ما تسيبك منه وتخليكي في جوزك!!.. عايزة إيه من سي محمود ده؟.. وبعدين أنا معرفش عنه حاجة من ساعة ما كنا سوا... 


عنفتها حياة قائلة في حدة :

-مريم أنا مش بهزر!!... 


ثم لانت نبرتها وهي تترجاها هامسة :

-مريم الله يخليكي حاولي تعرفي هو عامل إيه دلوقتي وتتطمني عليه وترجعي تطمنيني... 


-حــيـــاة!!!...

صدح صوته من خلفها بقوة جعلها تتنفض فزعًا، حتى إن الهاتف سقط من يدها تلقائيًا فور سماعها صوته ورؤيتها شرارات غضبه، أرادت الركض من أمامه بكل ما تملك من عزيمة وقوة ولكن كان لقدميها رأي أخر مخالف كليًا لها، فقد تسمرت قدميها فوق الأرضية أسفلها، ولم تستطع التحرك قيد أنملة، يكاد لهاث أنفاسها مع دوي ضربات قلبها يصم أذنه قبل أن يصله فيشفق عليها!... 

التفت تناظره بكليتها في رعب فلا مفر من المواجهة مهما تأخرت، فوجدته ينظر إليها بوجه لا يمكن تفسيره ولا تُريد تفسيره سلامةً لها!...

حسنًا أن كل تفكيرها الساذج على إنها لا تخشاه أصبح الآن مُحض هراء، إذ كان وجهه تلك اللحظة يكسوه الاحمرار من فرط الغضب والانفعال، بينما عيونه تُطلق سهام الشرر فتخترق نابضها وذلك العرق بجانب صدغه ينتفض بشكل متسارع وكأنه على وشك الانفجار، وبعد دقيقة من التحديق بها كأنه يؤجل قدر الإمكان حديثه، سألها بصوت أشبهه بالفحيح وهو يقترب منها على مهل :

-مين ده بالظبط اللي عايزة تطمني عليه!!!!... 


ازدردت ريقها بصعوبة وهى تطالعه برعب احتل كل قسماتها حتى إنها عجزت عن إطلاق صوتها والرد، وعندما لم يتلقى منها إجابه أعاد سؤاله مرةً أخرى وهو يضغط على كل حرف يخرج من فمه :

-أنا سألتك سؤال ومحتاج رد.. مين ده اللي عايزة تطمني عليه يا حياة؟!.. انــطــقــى... 


انهى كلمته الأخيرة بصراخ هادر جعلها تجفل وترتجف كورقة تصارع ريح ديسمبر بمفردها!.. 

وفي تلك اللحظة وهى تراه يتقدم منها بعيون جاحظة تدفق الأدرينالين داخل جسدها بقوة فتراجعت خطوة واحدة للوراء فى محاولة مبدئية للركض بعيدًا عنه، ولكنه أحبط محاولتها البائسة إذ كان يتحرك في اللحظة التالية فور استناجه نيتها، يقبض عليها بكل قوته، كمصارع تتوقف حياته على تكبيل غريمه وشل حركته.. 

ذراع واحدة تحاوط خصرها وتضغط فوقها بقوة، بينما ساقيه تحاوط ساقيها قبل أن تتشابك معًا لتكبيلها كشبكة عنكبوتية متداخلة.... 

ومن بين أنفاسها الشبهه محبوسة بداخل رئتيها رفعت يدها فوق ذراعيه لفك حصارها، وفي نفس الوقت حاولت دفع نفسها بعيدًا عنه فلن تكن هي إن لم تُصارع حتى في أسوأ مواقفها وأحلك لحظاتها!، ولكنه كان يضغط بعنف على مؤخرة ظهرها حتى شعرت إنها ستتأذى إذا حاولت أكثر، ورغم ذلك حافظت على مقاومتها مع محاولة عدم النظر في وجهه حتى لا ترى نظراته المرعبة، فاكتفت بخفض رأسها للأسفل وهى تتمتم أسمه بخفوت طالبة منه بصوت لا يكاد يزيد عن الهمهمة أن يتركها دون جدوى فغضبه كان في قمته، وبدلًا من تركها صاح بها هادرًا مع إزدياد ضغط قبضته على جسدها :

-أنتِ عايزة تجننيني صح!!.. لا وأقولك واتجنن ليه؟!.. أنا هريحك من حبيب القلب دلوقتي عشان متعرفيش توصليله أو تطمني عليه تاني... 


انهى جملته وأخرج هاتفه بيده الفارغة، ثم أخذ يعبث به في عنف، فشعرت بضغط دمها ينخفض ونبضها يكاد من معصمها يختفي من شدة  الرعب، آحقًا سيقدم على قتله!!.. ستُزهق روح بريئة بسبب تهورها وقسوته!! هتفت إليه متوسلة وهى تحرك يدها لتمسك يده وتمنعه قائلة في لهفة :

-فريد الله يخليك لا.. لا أنت بتعمل إيه.. هتموت إنسان بجد عشان بسأل عليه!.. أنا غلطانة مش هسأل عليه تاني والله بس سيبه.. فريـد.. 


تهدج صوتها أثناء نطق اسمه في المرة الأخيرة فخرج همسًا ضعيفًا وكأنها تستنجد به من نفسه، بل وكأن كل قواها قد خارت وتخلت عنها فجأة ولم يبقِ لها في لحظات الخطر ملجًأ سواه، ومع شعوره بكامل جسدها ينتفض تحت قبضته رغم محاولتها الضعيفة أن تبدو ثابتة في مواجهته، ضعف، ومتى لم يفعل في حضرتها!، فتوقف عن العبث بهاتفه قبل أن يحدثها بصياح يخرج من فم عاشق ذو قلب مُبتلى يائس يرجو من معذبته في صمت شرف القبول :

-عشان بتحبيه.. عرفتي ليه مش هخليه عايش.. عشان بتحبيه هو... 


لم تعرف ما الذي يجب عليها فعله في تلك اللحظة فلو عاندته سيقتله وهي أبدًا لن تترك شخص يلقى حتفه بسبب غضبها منه ومعركتها السقيمة معه، إذًا عليها التحرك سريعًا وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، فمواجهة الريح برأس مرفوع في بعض الأحيان هو قمة الحماقة، لذا هزت رأسها نافية تهادنه شبهه مغيبة وداخلها يرجو أن تُكلل محاولتها الهشة بالنجاح، أن تمتلك من التأثير عليه ما يُمكنها من الفوز، ثم وبعد أن سحبت نفسًا متقطعًا مراهنة على ارتجالها وحظها، رفعت كلتا يديها المرتجفتين تحيط وجهه المتشنج وتجبره على النظر إليها مُتمتة له بتوسل ورعب حقيقي :

-مش بحبه.. والله العظيم مش بحبه.. أنا عمري ما كدبت عليك ومش بكدب دلوقتي مش بحبه ومش هسأل عليه تاني.. مش هعمل أي حاجة تضايقك بس سيبه عشان خاطري... 


لانت نظراته وهو يرى ارتجاف يدها الناعمة المحيطة بوجهه ونظرتها المتوسلة مع ملامحها الباهتة التي على وشك الإغماء من شدة رعبها، فأنزل يده على مضض ووضع هاتفه مرةً أخرى داخل جيب سترته الداخلية دون تعقيب، وبالرغم من ارتخاء قبضته من فوقها وتركه مساحة لها كي تتحرك بحرية ألا إنها لم تتزحزح من مكانها، وكأن الشيء الوحيد الذي يحول بينها وبين سقوطها أرضًا هو جسده الذي يحاوطها... 

فهى تشعر وكأن قدميها كالهلام لا يقدران على حملها... 

حاولت تهدئة ضربات قلبها والسيطرة على ارتعاشة جسدها بسحب عدة شهقات متتالية حتى تستطيع الهرب من أمامه ولكنها لم تكن تجاوزت بعد صدمة وضعها لمحمود في دائرة الخطر من جديد فسكنت!.. 


لقد اختبرت بتصرفه ذلك مرحلة جديدة كليًا من الرعب، فمنذ إصرار والدها على انتقالهم من القصر إلي ذلك الحي المتواضع الذي يقع به منزلهم قد اعتادت على الصراخ والعنف من جميع قاطنيه إلى جانب عنف والدها وصياحه المعتاد، ولكن غضب فريد شيء أخر، غضب يحرق كل ما يقع في طريقه من الأخضر واليابس ويجعلها تشفق كثيرًا حتى على أعدائه... 

رفعت جفونها المسدلة تنظر إليه حتى تستطيع قراءة ما بداخلهما وإن كانت تلك مهمة مستحيلة، ولكنها إرادات  التأكد إذا كان صّدق حديثها أم هو فقط يجاريها؟!... 

بينما التقط هو نظرة العتب التي رمقته بها، نعم لم يُخطأ تفسير نظرتها، كانت عتاب خالص، زفر بضيق وهو يرى حالتها المُزرية تلك أمامه وبسببه هو... 

لعن نفسه سرًا فقد تفوق عليها فقط وأرعبها بسبب قوته الجسدية لا أقل ولا أكثر، لوى فمه بسخرية وهو يفكر يائسًا هل استطاع حقًا التفوق عليها في أي شيء!!... 

حتى قوته الجسدية تلك ونفوذه لا تُعطى له الافضلية، فالافضلية وحدها كانت ولازالت موجودة فقط داخل تلك النظرات التي تُصرعه أرضًا بنظرة توسل واحدة ترمقه بها... 

تنهد في عجز ثم رفع كلا كفيه يحاوط رأسها ويطبع قبلة رقيقة فوق جبينها وكأنها اعتذار حاولت هي بكل قوتها تحاشيها قبل أن يتركها وينصرف.


***********


حركت قدميها ببطء بعد خروجه ترتمى على أقرب مقعد يقابلها تاركة لدموعها المحبوسة العنان، لقد تلقت منذ قليل هزيمتها الثانية على يد ذلك الرسلان وخضعت له في أقل من أسبوعان، وفي المرتان تنازلت من أجل أشخاص آخرين غيرها، فكرت بحزن فيبدو أنه يعلم جيدًا نقطة ضعفها وان أيامها التالية معه أبدًا لن تمر بسلام.. 

ظلت هكذا طوال يومها تقبع بهدوء فوق أحد المقاعد في صالة الاستقبال، ساهمة، شاردة لم تتناول شيء ولم تتحدث مع أحد فتلك كانت طبيعتها التي لا يعرفها الكثيرين عنها، كانت شديدة التأثر ومرهفة الحس حتى وإن حاولت إخفاء ذلك عن الجميع وإظهار الصلابة والقوة من خلال تعاملها المتمرد، ولكنها كانت تتأثر بأقل صراخ أو حركة عنف تحدث أمامها والفضل في ذلك يعود إلى والدها الذي كان يملئ المنزل يوميًا بصراخه عليها بمجرد رؤيتها أمامه حتى وأن لم تفعل شيء!... 

حاولت السيدة عفاف إخراجها من حالتها تلك أو حثها على تناول الطعام ولكنها رفضت بشدة، وعند حلول المساء تفاجئت بامرأة تقارب فريد في السن بشعر بني ناعم وجسد رشيق طويل وعيون مشابهة للون عيناه تقتحم المنزل دون استئذان وتمشى بخطوات واثقة حتى توقفت أمام حياة تسألها بعجرفة واشمئزاز واضحين وهى تشير إليها بسبابتها :

-ها أنتِ بقى اللي اسمك حياة ولا في شغالة تانية هنا شبهك؟!...


نفضت حياة رأسها ثم نهضت من فوق مقعدها عاقدةحاجبيها معًا، بينما تكتف ذراعيها فوق صدرها في حركة معتادة منها عند الهجوم، ثم إجابتها قائلة بكبرياء :

-أيوة أنا حياة.. وبيتهيألي البيت ده له احترامه!!.. مش بندخل بيوت الناس كأننا حيوانات كده!!...


عقبت نيرمين مهاجمة ومتصنعة الضيق :

-يااااي.. حيوانات!!.. أيوه طبعًا ما أنا هستنى إيه من واحدة بنت خدامة وتربية خدامين... 


لوت حياة فمها بسخرية قبل أن تجيبها بنبرة هادئة تُثير بها غضبها :

-ياما في ناس لابسة كويس بس تربيتها أقل بكتير من تربية الخدامين اللي مش عجباكي دي.. وأنا قدامي مثال حي على كلامي أهو... 


شهقت نيرمين بصدمة وهى تضرب قدميها في الارض غيظًا قبل أن تقول لها :

-أنا مش هرد عليكي عشان أخلاقي متسمحليش.. أنا بس جاية اقولك إنك لو فاكرة أن كده كسبتي بجوازك من فريد وهتاخدى الجمل بما حمل تبقي غلطانة.. صدقيني على جثتي فلوسنا تطلع لابن الخدامة ومراته... 


فتحت حياة فمها لتسألها من أنتِ ولكن اوقفها صوت فريد الذي دلف من الخارج يسأل بعبوس وتأهب ناظرًا نحو شقيقته :

-نيرمين!! أنتِ بتعملى إيه هنا في بيتي وأنا مش موجود؟!... 


نظرت له أخته بغل قبل أن تجيبه قائلة بمرح تحاول تبديل ملامحها المتجهمة بخلق ابتسامة صفراء كاذبة :

-ولا حاجة.. كنت ببارك للهانم الجديدة على الجوازة الهنا دي.. مانت عارف أنت حتى مسمحتلناش نحضر الفرح فقلت أعرفها بأخت جوزها... 


تقدم فريد في اتجاههم يضع جسده حائلًا بينهم، قبل أن يقول لها بعبوس وحدة :

-محدش طلب منك تتعبي نفسك وتعرفي نفسك لحد مش عايز يعرفك أصلًا!.. ودلوقتى لو خلصتي كلامك اتفضلي من غير مطرود... 


حدجته بنظرة كره قبل أن تجيبه بعدم اهتمام :

- أنا كده كده كنت ماشية واللي عايزة أقوله خلص...


انهت جملتها ثم وجهت حديثها لحياة تسألها بتهديد مبطن :

- عايزة حاجة يا حياة هانم؟!.. متنسيش اللي قلته من شوية... 


نظرت حياة إليها مطولًا قبل أن تقول وهي تشير إليها وإلى فريد بإصبعها :

- عايزاكي تاخدي أخوكي في طريقك وتحلوا عنى...


ثم تركتهم وتحركت نحو غرفتها دون النظر خلفها. 


************


بعد عدة دقائق من ذلك اللقاء المُثير للأعصاب كانت حياة تجلس على طرف الفراش ويدها تتمسك بالشرشف تكاد تعتصره من فرط انفعالها، تنفست سريعًا عدة مرات متتالية، ثم استغفرت قليلًا مثلما اعتادت من والدتها في محاولة منها لتهدئة حنقها المتزايد من تلك العائلة التي يتسم جميع أفرادها بالوقاحة، قبل سماعها طرقات خفيفة متتالية فوق الباب المشترك بينهم، أرادت تجاهله وخصوصًا بعد ما حدث بينهم في الصباح ولكنها خشت أن يقتحم الغرفة عنوة إذا لم تجيبه، لذلك تحركت على مضض من جلستها واتجهت نحو الباب لتفتحه، ثم وقفت أمامه بهدوء لا يتناسب وغضبها الداخلي ترفع إحد حاجبيها بسؤال لم تفصح عنه، فالتوت شفتيه بنصف ابتسامة جانبية وهو يرى تأهبها أمامه فعلم بأستعدادها للهجوم في أي لحظة من الآن، ولأنه لايزال يحتفظ بجزء من غضبه منذ الصباح وزاده رؤيته تلك المسماة أخته سألها مباشرة دون مقدمات :

-كانت هنا ليه وعايزة إيه منك وقالتلك إيه بالظبط؟!... 


إجابته بلامبالاة متعمدة إثارة حنقه :

-ولا حاجة.. شوية كلام تافه ملهوش لازمة... 


رفع كلا حاجبيه معًا في استنكار، ثم كرر حديثها ببطء كأنه أُحجية يقوم بحلها :

-شوية كلام تافه ملهوش لازمة!!.. وأنتِ  بقى وشك كده عشان كلام تافه ملهوش لازمة؟!... 


هل يريد اللعب معها، أم عن غفلة منه رمى كرته في ملعبها؟!، حسنًا في كل الأحوال وبما أنه جاء إليها بقدمه إذًا لا ضير من التنفيس عن جزء من غضبها بوجهه، لذا إجابته بنبرة متهكمة تعمدت الضغط عليها :

-وأنت تفتكر إنى كده عشان كلامها؟!!... 


علم جيدًا ما ترمى إليه بحديثها، فرعبها وإن حاولت إخفاءه مازال واضحًا في حركات جسدها ونظرتها... 

رفع رأسه للأعلى محاولًا الاسترخاء، ثم زفر مطولًا بتعب قبل أن يعاود النظر إليها وقد تبدلت ملامحه إلى الرفق، ثم حدثها بنبرة مليئة بالحنان عكس ما كان منه في الصباح :

-حياة خليكي عارفة حاجة واحدة بس.. إنى مش هسمح لحد يأذيكي آياكان هو مين حتى لو كان أنا.. عشان كده كنت بسألك حصل إيه.. وعشان كده بلاش نظرة الخوف اللي في عيونك منى دي.. ده وعد منى..

 حياتي قبل آذيتك... 


ارتبكت نظرتها قليلًا وتوترت معها حركة جسدها، ولكنها سرعان ما تمالكت وإجابته أثناء التفاته بجسده عائدًا بعد تمام جملته إلى داخل غرفته، تقول بصوت ممتليء بالمرارة رغم هدوءه :

-فريد أنت إيه مفهومك عن الأذى؟!.. أنت متخيل أن الأذى يكون بالضرب بس؟!!... 


توقف عن السير والتفت يناظرها مرة أخرى بملامح وجه مصدومه نوعًا ما، فأضافت مستطردة بعد أن ازدردت ريقها وبدأ صوتها في التحشرج :

-يعنى أنت فاكر إني أقعد هنا مقفول عليا باب ورا باب وعلى كل باب حارس مش أذى؟!.. أو أنك تهددني بأخويا الصغير مش أذى؟!!.. أنك تقف في طريق أي حد بيحبني أو يعرفني وتستغله عشان أعملك اللي أنت عايزه ده مش قمة الأذى؟!!.. اللي بيحب حد يا فريد مبيقدرش يأذيه ولا يعذبه... 


صمتت بعد أن تغلبت الدموع عليها وتساقطت فوق وجنتيها بكثرة، أما عنه هو فوقف أمامها مصدومًا كالعاجز، لا يقوى على الحركة بعد سماعه جملتها الأخيرة التي اخترقت قلبه مباشرةً، فعندما نطقتها لم تتهادي لمسماعه بصوتها، بل سمعها بصوت والدته، وجاءه توسلها في تلك اللحظة مماثل لتوسل والدته له وهى توصيه بها خيرًا في تلك الليلة.. 

تراجع خطوات للوراء وهو لازال ينظر إليها كالأشباح التي لا روح فيها، بينما يده ارتفعت تلقائيًا نحو أزرار قميصه يحلها كالألة، ثم شرع في ارتداء  بنطاله الرياضي بعد أن تركته هي وأغلقت الباب المشترك بينهم، يتوجه مباشرةً نحو متنفسه، صالته الرياضية الواقعة في الطابق الأرضي.


*************


دلف إلى صالته الرياضية كالإنسان الألي، ثم ارتدى قفازاته بنفس الألية بينما ذكريات تلك الليلة المشئومة بصورتها الكريهة تتدفق تباعًا داخل عقله بوضوح، توجهه نحو الكيس الرملي المعلق والخاص بالملاكمة، ثم صرخ بألم حتى شعر بأحباله الصوتية أوشكت على الانقطاع، قبل أن يبدأ في لكم ما أمامه بكل ما أوتي من قوة يحاول إفراغ شحنته السلبية من خلال المجهود المتواصل، ومع كل لكمة يسددها كانت تظهر صورة أمام عينيه من الماضي. 


تذكر وهو ممدد تلك الليلة داخل فراشه برعب يترقب عودة والده من الخارج بأنفاس مكتومة، فهذا المساء المنتظر لقضاء ليلته بمنزلهم، مرهفًا سمعه فور سماعه وقع خطوات تقترب من باب غرفته، ثم ابتعدت مرة أخرى متوجهة إلى غرفه والدته، فعلم جيدًا صاحبها.... 

أغمض عينيه بقوة يحاول طرد تلك الفكرة التى تسيطر على عقله منذ الصباح، ثم طمأن نفسه داخليًا بعقلية طفل لم يتجاوز الثانية عشر من عمره بعد، لا لن لن يُصيبها مكروه، ظل يردد تلك الكلمات بداخله عل عقله يقتنع بها فيُرسل إشارات لباقي أجزاء جسده كي يهدأ، وبعد فترة من الصمت استعاد خلالها جزء قليل من هدوءه، بدأت  بعض الهمهمات الغير مفهومة تصل إليه دون أن تلتقط أذنه منها شيء واضح...

حدث نفسه مطمئنًا إياها أن تلك الليلة ربما تمضى على خير، خصوصًا وإن أثار الضرب المبرح من الليلة التى تسبق البارحة مازالت تغطي وجه والدته وعنقها بأكملهم، إلى جانب النوبة القلبية التى أصابتها في الصباح فبالتأكيد سيشفق والده على حالها ويتركها وشأنها.. حرك رأسه مؤكدًا فكرته بسذاجة طفل لم يتخلى عنه أمله بعد.. 

قبل أن يتصاعد منحنى تلك الهمهات حتى أصبحت صراخ واضح من والده، قفز فريد من فراشه، ثم توجهه إلى باب غرفته يفتحه بهدوء ومنه إلى حيث غرفة والديه يقف أمام بابها المغلق في رعب، رغم أن وجوده لم ولن يفيدها ولكنه كان يشعر هنا حيث وقف ببعض الراحة، وكأنها حماية وهمية، مستمعًا بوضوح إلى توسلات والدته الباكية تطلب من والده في ضعف :

-غريب الله يخليك اديني علبة الدوا خليني اخدها مش قادرة اتنفس...


صرخ به والده قائلًا في حنق :

-يا ساهلة.. عايزة تاخديها وتخفى عشان تسبيني وتروحي جري على عشيقك صح؟!... 


هزت رحاب رأسها نافية عدة مرات فزعة، تخبره من بين توسلاتها الملتاعة :

-مفيش حاجة من اللي في دماغك دي يا غريب.. متصدقش كلام جيهان.. أنا عمري ما خنتك ولا هخونك...


ازدردت لعابها في خوف، ثم أضافت في وهن من بين شهقاتها المتتالية مردفة :

-هخونك أزاي وأنا مش بطلع من البيت ومش بشوف حد خالص...

 

صرخ بها وقد جحظت عيناه إلى الخارج، ثم قال بشراسة وهو يقترب منها :

-مانا عارف عشان كده جبتيه يشتغل هنا مع الحراس بحجة أنه قريبك صح!!.. انطقي!... 


شهقت بفزع مصدومة من أثر كلماته المجحفة، ثم قالت وقد بدأن ملامح وجهها في الشحوب من فرط توترها وخفوت حركة قلبها :

-كدب.. والله كدب.. قلتلك المرة اللي فاتت ده راجل قريبي غلبان عنده أولاد ومراته طلبت منى إنى أساعده.. دى كل الحكاية والله... 


هز راسه نافيًا في شراسة يرفض تصديق حديثها، قائلًا بعد اقترابه منها في توعد :

-أنا هشرب من دمك وبعدين من دمه.. أنا غلطت أنى اتجوزت واحدة زيك ولازم أصلح غلطي ده دلوقتي... 


ثم انقطعت بعد ذلك الأصوات ألا من صوت صفع والده لها، وبعدها صراخ شديد متقطع تستنجد به من لطماته التي تهوى فوق جسدها الضعيف دون رحمة، ظل فريد واقفًا أمام الباب يضع كفيه فوق أذنه محاولًا منع صراخ والدته من الوصول إليه، حتى اختفى الصوت تمامًا وخرج غريب بملامح مرتبكة وهو يلهث من شدة المجهود، ناظره فريد بملامح مرتعبة قبل أن يقول وهو يزدرد ريقه في خوف :

-أنا عايز اشوف مامي...


حدجه غريب بنظرة حانقة ارعبته، قبل أن يهتف بتهديد واضح :

-مفيش حاجة اسمها مامي.. فاهمممم!!!.. أنت إيه اللي جابك هنا دلوقتي؟!!!.. يلا على اوضتك ومش عايز اسمعلك صوت أو اشوفك قدامي قبل الصبح.. يلااااااا... 


لم يطعه فريد بل ركض من خلفه نحو غرفة والدته، ثم قفز على فراشها ليطمئن عليها فوجدها نائمة فوقه بلا حراك بوجه ابيض شاحب وشفاه زرقاء، هتف باسمها عدة مرات ولكن دون جدوى، هزها بقوة حتى تستفيق ولكن أيضًا دون جدوى، إذ كان جسدها مرخى تمامًا بين كفيه، توسل إليها بصوت باكي أن تجيبه ولم يتلق منها أي رد، حمله غريب عنوة بتوتر من خصره وذهب به نحو غرفته وهو يصرخ بِه يطالبه بان يظل بها وإلا سوف ينال جزاءه هو الاخر، دثره جيدًا بغطاء الفراش حتى أعلى رأسه،بينما ظل فريد هناك منتظراً بجسد مرتجف حلول الصباح حتى يطمئن على والدته التي لم يصدر منها أي صوت منذ وقت ليس بالقليل.. 

و صباحًا لم يعلم حتى متى غالبه النوم ولكنه استيقظ فزعًا على هرج ومرج وكثير من الأصوات المتداخلة، فقز من فراشه ركضًا إلى الخارج ليجد طبيب العائلة يقف مع والده وهناك ثلاثة أشخاص أخرين يحملون على حمالة طبية والدته التي كانت مغطاة من أعلى رأسها حتى أخمص قدميها بغطاء أبيض ويتحركون بها نحو الدرج هبوطًا للطابق الأرضي وهم مطأطئين رؤوسهم وتبدو على ملامحهم علامات الأسف، فعلم أن أسوأ ما يخشاه قد تحقق على يد والده.

#متى_تخضعين_لقلبى


الفصل السابع


ضت الايام التاليه على كلاً من حياة وفريد على نفس المنوال ، تجنبت هى لقائه وتعمد هو الخروج باكراً والعوده بعد منتصف الليل ، وبالتالى كانت  تتناول هى وجباتها الثلاث يومياً بمفردها وتقضى ما تبقى من يومها بين البحث عن فرصه سفر مناسبه لأخيها لإخراجه من البلاد وما بين اكتشاف شئ جديد فى المنزل ، وفى احدى الايام عندما لاحظت عفاف حاله الملل التى اصابت حياة نصحتها بالتوجه إلى مكتب السيد فريد اذا كانت من محبى القراءه فغرفه مكتبه تحتوى على كم هائل من الكتب ، ابدت حياة ترحاب شديد بتلك الفكره وقررت اكتشافها على الفور ، دلفت داخل الغرفه بتوجس فمجرد تفكيرها انها ملكيه خاصه لفريد لا يستخدمها احد غيره اربكتها ولكن عفاف شجعتها انه ابداً لن يعارض على استخدامها لها ، ورغم ذلك قررت الدخول فقط للبحث عن شئ ما تقرأه ثم الخروج فوراً 

 كانت رائحته المميزه تملئ المكان ، هذا اول شئ خطر ببال حياة بمجرد دخولها قبل ان تقع عينيها على محتويات الغرفه ، فتحت عينيها بأنبهار فالغرفه تجسيد حى للكمال والدفء بخشبها باهظ الثمن مع مكتب عصرى ومقعد جلدى مريح ووثير مع الكثير من التحف العتيقه والاكسسورات الثمينة  ، اما ما جعل حياة تشهق بأعجاب هى تلك المكتبه التى كانت تحتل أركان الغرفه وتحاوط المكتب بنافذته وتمتد حتى السقف وتحتوى على مئات بل الالاف من الكتب المنظمه على حسب حقبتها الزمنيه ونوعها وتراثها ، تحركت حياة اول شئ نحو رف الادب العالمي فوجدته يحتوى على كثير من الكتب الفرنسيه ، زمت شفتيها معاً للأمام بتفكير وهى تلتقط احدى الكتب بتغليفها الجلدى العتيق بين يديها وتتأمله ، اذا لقد اتقن الفرنسيه فعلاً ، لقد كانت تتذكر كم تذمر فريد من كرهه لتلك اللغه وعدم قدرته على استيعابها وكم من خلافات نشبت بينه وبين والده بسبب ذلك الامر ولكن غريب كان دائماً يجبره على تلقى الدروس بحجه ان جميع تعاملاتهم مع شركات فرنسية وعلى ولى عهده ان يتقنها تمام الاتقان حتى يستطيع التعامل معهم فى المستقبل عند توليه اداره الشركات 

هل يعلم انها كرهت اللغه والبلد بأكملها من اجله !! فكم ألمها ان يكون صديقها المفضل مجبراً على فعل شئ ما بالاكراه وبناءاً عليه رفضت هى الاخرى تلك اللغه رغم انها أيضاً اضطرت اسفه بحكم دراستها ان تتعلمها  ولكنها أبداً لم تستغيثها فى طفولتها من اجله ، تنهدت بعمق من اثر تلك الذكرى واعادت الكتاب القيم إلى موضعه فوق الرف قبل ان يرن هاتفها داخل جيب ردائها ، التقطته تنظر به اولاً قبل ان تبتسم بفرح فيبدو ان مساعيها خلال الايام الفائتة قد أتى بثماره اخيراً ، أجابت بحماس على الطرف الاخر ثم استمعت له قليلاً قبل ان تجيبه بسعاده قائله:

-ايوه يا فندم تمام .. بالظبط زى ما بعت لحضرتك كده وان شاء الله الورق هيكون جاهز فى اقرب وقت .. 

صمتت قليلاً ثم اجابته بحرص :

-طبعاً طبعاً .. ان شاء هيسافر لحضرتك قريب ..


انهت المكالمه وأغلقت هاتفها ثم قفزت عده مرات بسعاده وفرح ، فاخيراً استطاعت التحصل على فرصه خارج البلاد لأخيها بمعاونه صديقتها فى الخارج التى ما ان علمت بالتحول الذى حدث فى حياتها وزواجها من شخص ثرى حتى أسرعت فى مساعدتها على الفور .. 


*****


فى تلك الأثناء كان فريد يجلس فى مكتبه بمقرعمله وشئ وحيد يستحوذ على تفكيره ، حياة خاصته ، لقد اشتاق إليها كثيراً فمنذ حديثهم الاخير سوياً وهو يتعمد عدم مواجهتها او الاحتكاك بها حتى يعيد ترتيب اموره ويمهلها بعض الوقت للاعتياد على فكره زواجهم ووجوده بجانبها ، فقد كان يقضى يومه كاملاً فى العمل ويذهب للمنزل فقط فى المساء عندما يتأكد من خلودها للنوم وبعد فتره يتسلل إلى غرفتها بهدوء دون علمها ليتأملها قليلاً قبل ان يخلد هو الاخر إلى نوم متقطع يظهر فى اغلبيته مقتطفات من الماضى الحزين 


قاطع تفكيره دخول والده العاصف لغرفته ، لوى فريد فمه متشدقاً قبل ان يقول بسخريه واضحه :

-مادام دخلت عليا دخله المخبرين دى يبقى فى مصيبه .. قول اللى عندك .. 

حدقه والده بنظره غيظ قبل ان يقول بحنق واضح :

-نفسى تبطل قله ادب وتحترمنى شويه !!!.. 

لوى فريد فمه متأففاً قبل ان يجيبه بتهكم مرير :

-معلش اصل محدش ربانى وانت عارف .. امى ماتت وانا صغير ومرات ابويا كان كل همها ازاى احصلها .. 


ارتبكت ملامح غريب من تلميحات فريد قبل ان يجيبه بنفاذ صبر هارباً من الصدام مع ابنه الوحيد :

-خلاص خلاص .. مش هى دى مشكلتنا دلوقتى .. انت ايه اللى عملته ده مع عيله الجنيدي .. 

اجابه فريد بغرور وهو يعود بجسده إلى ظهر مقعده ليجلس فى تعالى واضح ويضع ساق فوق الاخرى :

-عملت اللى المفروض يتعمل معاهم من زمان .. 


هز غريب راسه عده مرات بأسف قبل ان يقول بغضب جلى :

-انت بتستعبببط !!! مش هيسبوك بعد اللى عملته فيهم !! انت مش خايف على نفسك .. 

اجابه فريد وهو مازال محافظاً على نبرته الواثقه وهدوئه :

-اعلى ما فى خيلهم يركبوه .. يبقوا يورونى يقدروا على ايه وروحهم فى ايدى دلوقتى .. 


اجابه غريب متوسلاً :

-يابنى لو انت مش خايف على نفسك انا خايف عليك .. بلاش عند مع ناس زى دى!!.. 

قفز فريد من مقعده بغضب ثم توجهه نحو والده يقف امامه بشموخ وهو يضع يديه فى جيوب بنطاله قائلاً بشراسه :

-خلى خوفك لنفسك . وبعدين انا حلفت برحمه اغلى حاجه عندى انى ادفعه تمن اللى عمله قديم وجديد .. كفايه ان حسابه اتاخر لدلوقتى بسببك .. 


انهى جملته ثم التفت بجسده يتجه نحو النافذه لينظر منها بجسد متصلب ، سمع صوت والده يتنهد بيأس قبل ان يقول منهياً ذلك الحديث :

-خلاص اللى انت تشوفه اعمله .. بس ع الاقل زود عدد الحراسه معاك شويه.. اه واعمل حسابك الاسبوع الجاى حفله التجديد السنوى مع الشركه الفرنسيه .. والحفله هتكون على شرفك انت ومراتك عشان يتعرفوا عليها ..


ادار فريد جسده نحو والده بهدوء ثم رفع احدى حاجبيه مستنكراً قبل ان يجيبه ببرود :

-لا مش عايز .. 

صاح به غريب وقد سأم من تصرفات ابنه تجاهه الامباليه :

-هو ايه اللى مش عايز !!!! ده شغل ومستقبل شركات انت المسئول عنها !! الخميس الجاى الحفله فى الفيلا تكون موجود انت ومراتك ومش عايز اعتراض .. 

انهى جملته ثم تركه وانصرف صافقاً الباب خلفه بقوه .. 


****


انتظرت حياة حتى المساء وعوده اخيها للمنزل حتى يكون بكامل تركيزه قبل ان تقرر الاتصال بِه ، جلست فى غرفتها وعلى حافه فراشها ثم أمسكت هاتفها وانتظرت ان يأتيها الرد من الطرف الاخر ، كانت على وشك خوض كافه التفاصيل معه عندما سمعت وقع خطوات كثيره فى الخارج فلم تود المجازفة بأى حديث قد يفسد مخططها لذلك اثرت الحرص على حماسها فقالت لاخيها بنبره منخفضة  :

-بص الكلام مش هينفع فى التليفون انا لازم اشوفك بكره .. فضى نفسك وقابلنى فى البيت .. 


فى تلك اللحظه فُتح باب غرفتها بقوه ورأته يقف امامها يسألها بوجهه عابس وعيون مكفهره :

-انتى بتكلمى مين ؟!.. 

انتفضت هى على صوت اقتحامه لغرفتها ثم وضعت يدها فوق قلبها برعب قبل ان تمد يدها الممسكه بالهاتف نحوه وهى تقول برعب :

- محمد اخويا .. خد اتاكد بنفسك .. 

ارتبكت نظرته قليلاً وظهر التوتر على قسمات جسده قبل ان تلين نظرته ويدير جسده المتصلب لها خارجاً من غرفتها .


تنفست الصعداء بعد خروجه واغلقت الهاتف مع اخيها بتعجل ثم اخذت تذرع الغرفه ذهاباً واياباً بتوتر ، هزت رأسها عده مرات بتصميم لتشجع نفسها داخلياً ، ستذهب لتخبره ولن تتهاون فى حريتها فعهد تحكم والدها انتهى وابداً لن تعيد تلك التجربه معه ، فوالدها كان يمنعها من الخروج بمفردها الا من اجل الدراسه والعمل بالطبع بسبب العائد المادى للأخير حتى يرتاح من طلباتها ، اما عن خروجها مثل مثيلتها من الفتيات كان ممنوعاً عليها منعاً باتاً ففى منطقه ان البنت ذات الدين والُخلق الجيد مكانها فقط فى المنزل !!! 


على كلاً انها شاكره لسماحه لها باكمال دراستها دون تعنتات ، ولكن كل ذلك انتهى الان ولن تسمح لأحد اخر التحكم فى حياتها 


 ****


بعد قليل هبطت إلى الطابق الارضى بعدما استجمعت شجاعتها واستعدت لمواجهته تبحث بعينيها عنه ، فى الاسفل لمحت بعينيها مدبره منزله تخرج من غرفه مكتبه ممسكه بفنجان قهوه فارغ  فعلمت انه بداخلها لذلك توجهت على الفور تجاه الغرفه  ثم توقف امامها تسالها بهدوء قائله :

- فريد جوه ؟؟!!!.. 

اجابتها عزه بجفاء قائله :

-اها فريد بيه فى المكتب .. 


هزت حياة راسها عده مرات وتركيزها منصب على مواجهتهم وهى ترفع راسها بتحدى ممسكه بقبضه الباب وتهم برفع يدها الاخرى لتطرقه ، اوقفها صوت عزه مره  اخرى قائله بنبره خاليه :

-فريد بيه طلب محدش يزعجه !!! ..


نظرت إليها حياة من فوق كتفها وهى لازالت ممسكه بقبضه الباب ثم رفعت احدى حاجبيها لها بتحدى قبل ان تدير مقبض الباب وتدلف إلى الغرفه دون استئذان وهى توجه إليها ابتسامه مغيظه قبل ان تصفق الباب فى وجهها 


كان فريد يجلس خلف مكتبه عاقد حاجبيه معاً بشده وهو ينظر بتركيز فى شاشه كمبيوتره المحمول عندما سمع باب غرفته يُفتح ويُغلق دون استئذان انتفض من مقعده وهو يصيح قائلاً :

-مين اللى بي... 

انهى جملته بمجرد وقوع نظره على الباب ورؤيته لها تدلف الغرفه بتوجس ، لانت ملامحه المتجهمة قبل ان يتحرك فى اتجاهها يسألها بقلق :

-حياة !! فى حاجه حصلت ؟!... 


اخذت نفساً عميقاً قبل ان تبرر دخولها الهمجى ذلك قائله :

-مفيش وانا عارفه انى دخلت من غير ما اخبط ع الباب  .. بس هما قالولى بره انك مش عايز حد يزعجك .. وانا كنت هقولك حاجه واطلع على طول .. 


تبدلت ملامحه على الفور ثم اضاف بنبره حانيه وهو يتأمل نظرتها المرتبكة  رغم حركات جسدها المتصلبة  :

-حياة .. انا قصدى محدش يزعجنى منهم ..

اطرقت براسها للأسفل فى محاوله منها لكتم ابتسامه خفيفه كانت تهدد بالظهور على شفتيها من اثر ذلك الانتصار الصغير ولكنها سيطرت عليها بالاخير ثم تنحنحت عده مرات قبل ان تقول بنبره هجوميه استعداداً لما هو ات  :

- انا عايزه اروح لماما بكره أزورها .. وعلى فكره ده مش ....

قاطعها فريد قبل ان تكمل جملتها بنبره هادئه :

-مفيش مشكله شوفى عايزه تنزلى الساعه كام وبلغى السواق قبلها ..

فتحت فمها بأندهاش فقد كانت تعد نفسها لرفضه فسألته بأستنكار :

-ايه ده يعنى انت موافق انى اروح بسهوله كده ؟!!... 


ابتسم لها بأعجاب من سؤالها الطفولى ثم أجابها  قائلاً :

-مفيش مشكله زى ما قلتلك السواق هيوصلك وقت ما تحبى وانا بليل بنفسى هاجى اوصلك .. 

عقدت حاجبيها معاً ثم اجابته معترضه :

-بس انا مش عايزه حد يوصلنى !! انا بعرف امشى على فكره ولوحدى !! .. 


وضع فريد يديه فى جيوب بنطاله قائلاً بلا مبالاته المعتاده وهو يرمقها بنظره محذره :

-حياااة !! مش عايز مناقشه كتير ده اخر كلام عندى  !!! والقرار قرارك يا حد يكون معاكى يا لاء !! اختارى ؟!! . 


التفت بجسدها واتجهت نحو الباب وهى تضرب الارض بقدمها من شده الغيظ وتتمتم بكلمات حانقه لم تلتقط أذنه منها شئ ولكنه ابتسم لااراداياً من مظهرها الطفولى الغاضب ، تنحنح محاوله تنقيه حلقه والسيطره على رغبته فى احتضانها 

ثم تحدت بنبره آمره وهى على اعتاب الخروج قائلاً :

-اعملى حسابك الخميس الجاى فى حفله للشركه على شرفنا .. حضرى نفسك .. 


التفت تنظر له بعيون غاضبه قبل ان ترفع راسها بتحدى قائله :

-مش هروح .. اتفضل احضرها مع نفسك !!.. 

رأت التسليه واضحه فى بريق عينيه قبل ان يجيبها بنبره تهديد منخفضة :

-تمااام براحتك !! اهى فرصه برضه البسك بأيدى واشيلك لحد هناك .. 

شهقت بفزع  وفتحت فمها مندهشه من وقاحته معها  ثم اضافت بنبره حاده مرتبكه  :

-انت .. انت انسان مغرور .. ووقليل ذوق واناااااا ..

قاطعها بمرح مقلداً نبرتها وهو يلوى فمه بنصف ابتسامه ويتقدم منها حتى اصبح على خطوه واحده منها قائلاً :

-بتكرهينى عارف .. 

تشدقّت بحنق قائله بأشمئزاز :

-كويس انك عارف انى بكرهك وجداً كمان .. 


ومضت عينيه ببريق غريب وهو ينظر لداخل عينيها مباشرةً 

ثم أجابها وهو يمد كلتا ذراعيه يستند بهم فوق الجدار ليحكم حصارها ويمنع يدها من الامتداد لفتح الباب والخروج قائلاً بصوت أجش وعينيه تضيق فوق وجهها :

- عارفه يا حياة ايه اللى مصبرنى على كل اللى بتعمليه ده ؟!... 

لم تجيبه بل اغمضت عينيها بقوه تضغط عليهم محاوله تجاوز الشعور الذى بدء يتسلل إليها من انفاسه الحاره التى تقع عليها وهى تحرك راسها نافيه ببطء و تبتلع ريقها بصعوبه بالغه ، فأضاف وهو يقترب بوجهه اكثرمن وجهها :

-عشان العيون دى اللى فى كل مره بتشوفنى فيها بتقولى حاجه واحده بس .. " محتاجالك يا فريد " .. وانا وعدتهم من زمااان انى ما عمرى ما هتخلى عنهم .. 


فتحت عينبها بصدمه قبل ان تشرد بنظرها نحو الفراغ ويشحب وجهها ، انتهز هو فرصه صمتها واقترب منها يطبع قبله حانيه فوق وجنتها ، انتفضت بفزع من اثر قبلته وقد إعادتها لمسته للحياه ثم دفعته بكلتا يديها وهى تصرخ به بقوه قائله :

-متلمسنييييييش .. انت فاهم اوعى تقرب منى او تلمسنى تانى .. 


ثم استدارت برعب لتفتح الباب بيد مرتعشه وركضت إلى الخارج بجسد منتفض تاركه فريد يشعر بالصدمه من رد فعلها الغير مفهوم 


****


فى صباح البوم التالى كانت آمنه تجلس فوق الطاوله الصغيره تقوم بتحضير أشهى المأكولات وهى تدندن اغنيه قديمه بسعاده ، خرج عبد السلام من غرفتهم ينظر نحوها شرزاً قبل ان يتشدق جملته بغيظ :

- ايوه ياختى حضرى ما هى ست الحسن بتاعتك جايه النهارده .. 

حركت امنه راسها يميناً ويساراً فى حنق ثم استغفرت ربها وآثرت الصمت ولكنه تعمد استفزازها مضيفاً :

- ايه مش اللى عاجبك الكلام ولا بتكلم غلط ولا يمكن كلامى دلوقتى مبقاش جاى على هواكى بعد ما ناسبتى الباشا !! .. 

زفرت آمنه بضيق وهى تلوى فمها قبل ان تجيبه قائله :

-يا حول الله يارب .. انا عايزه اعرف انت ايه عايز تجر الشكل وخلاص !!! ما تسيب البت فى حالها مش كفايه من ساعه ما اتجوزت محدش عبرها ولا سأل عليها !!!.. 


قاطعها وقد بدءت نوبه صياحه المعتاده قائلاً بصوت يصم الاذان :

-مالها ياختى ما هى قاعده فى فيلا والخدم تحت رجليها هتعوز ايه تانى !! انا بقول بس بدل مانتى مهتمه بيها والاكل الحلو مظهرش غير بقدومها كنتى تعملى حاجه لابنى الغلبان الشقيان ده هو اولى !!.. 

قاطعته امنه بنفاذ صبر معترضه :

-وهى مش بنتك يا راجل !! وكمان لو كنت نسيت أفكرك مين اللى أنقذ ابنك الغلبان ده ..

قاطعها بصوته الجمهورى قائلاً ؛

-وهو مين اللى كان هيضيع ابنى غير الست بنتك وعمايلها ؟!!!! .. 

اجابته امنه بحنق :

-طب والوصلات اللى كانت عليك مين انقذك منها يا عبد السلام !!.. ياخى اتقى الله بقى وكفايه كده ..


مر كفه داخل شعر يحك قررتها بتفكير ثم تمتم بخفوت :

-عندك حق بس المره دى البت وقعت واقفه بجد .. شكلنا اتسرعنا المره اللى فاتت بس الحمدلله انها باظت .. 


صاحت به آمنه وهى ترميه بنظرات اشمئزاز واضحه قائله:

-عبد السلاااااام .. قفل ع السيره الهباب دى لمصلحتك .. وأتوكل على الله شوفْلَك حاجه تعملها خلينى اكمل شغلى .. 

رمقها بنظرات حانقه قبل ان يقول بغيظ :

-ادينى سايبهالك وماشى وهروح اقعد ع القهوه .. 

تمتمت امنه بخفوت قائله :

-فى ستين .... 

ثم عادت للتركيز على ما كانت تقوم به قبل مناقشتها معه .. 


***


انقضى يوم حياة سريعاً مع والدتها التى اهتمت بسؤالها عن ادق تفاصيل حياتها فحاولت حياة قدر المستطاع اعطائها اجابات منطقيه مختصره دون التطرق إلى اى مواضيع جانبيه فظنت آمنه ان ابنتها تتجنب الحديث معها فى اى شئ يخص زواجها خجلاً منها اما عن حياة فقد تنهدت براحه عندما توقفت والدتها عن سيل الاسئله التى غدقتها بها منذ وصولها ، صمتت قليلاً ثم سألتها بإستفسار وهى تلكز ابنتها من  مرفقها بمرح:

-صحيح قوليلى ؟!! عجبتك الهدوم اللى اخترنهالك ؟!.. 

قطبت حياة حاجبيها معاً بتركيز قبل ان تسألها مستفسره :

-هدوم ايه ؟!!. 

اجابتها آمنه بحماس والابتسامه تعلو ثغرها فخراً :

-الهدوم بتاعتك اللى هناك فى الفيلا .. 

ازدردت ريقها بعجاله ثم اضافت قائله :

-فريد حب يعملهالك مفاجأه .. كلمنى وقالى أقابله واختار معاه كل اللى بتحبيه عشان انا ادرى بذوقك يعنى .. حتى فستان الفرح سالنى لو بتحب حاجه معينه وافتكرت ساعتها الفستان اللى كنتى كل شويه تدوشينى بشكله وتورينى صور شبهه  وخلانى اقابل واحده مصممه كده ده اسمها .. ووصفتلها على قد ما اقدر .. بس الحق يا حياة ان الفستان طلع احلى من اللى كنتى بتوصيفه .. انا مرضتش احرقلك المفاجأه ساعتها بس دلوقتى اقدر اتكلم براحتى بقى .. 


هزت حياة رأسها ببطء فقد حلت لغز تلك الملابس الرائعه القابعه داخل خزانتها وحتى الان ترفض ارتدائها بسببه ، اعادها من شرود تفكيرها صوت اخيها يدلف إلى المنزل ، فقفزت على الفور تستقبله بسعاده وحماس ثم تمتمت لوالدتها بعجاله :

-مانا احنا فى الاوضه جوه .. متخليش حد يدخل علينا ..


ثم جذبت اخيها من مرفقه تدفعه نحو الغرفه بحماس ، فى الداخل قصت على اخيها الذى كان يستمع إليها بتركيز وحماس كافه تفاصيل تلك السفريه المنتظره ثم اطرق برأسه فى حزن متسائلاً :

-ماشى يا حياة بس انا هجيب مصاريف السفر دى منين ؟!.. انتى عارفه ان الشغل يادوب .. 

ربتت على كفه بحنوبقبل ان تجيبه بنبره مطمئنه :

-متشغلش بالك بكل ده انت عارف انى كنت محوشه شويه فلوس من شغلى وانا هتكفل بكل حاجه .. 

ثم مدت يدها داخل احدى جيوب بنطالها وأخرجت بطاقه إلكترونيه وضعتها فى كفه قبل ان تضيف :

-دى الفيزا بتاعتى ان شاء فيها اللى يكفى كل المصاريف خدها استخدمها وأتوكل على الله بس بالله عليك يا محمد فى اسرع وقت انا ما صدقت الفرصه دى تجيلى .. 


هز راسه لها متفهماً قبل ان يحتضنها ويطبع قبله حانيه على جبهتها ويقول :

-مش عارف اقولك ايه ع اللى بتعمليه معايا .. بس ان شاء الله هردلك كل فلوسك دى وزياده .. 

لكزته فوق وجنته برفق قبل ان تجيبه بمرح قائله :

-يا واد انت هتكبر عليا .. يلا قوم شوف وراك ايه تعمله معندناش ووووقت .. 

قفز اخيها على الفور فى حماس وهو يتمتم بسعاده :

-حاضر يا اجدع اخت فى الدنيا ..


ابتسمت حياة بسعاده لرؤيتها سعادته واضحه فوق ملامحه ثم أوقفته بصوتها الناعم ترجوه قائله :

-محمد متنساش انت وعدتنى ..  محدش يعرف حاجه لحد ما تسافر .. 


هز رأسه لها متفهماً قبل ان يخرج من غرفتها ويتركها تزفر براحه وسعاده من تحقيقها اول خطوه فى سبيل حريتها .


**** 


فى المساء هاتف فريد حياة يطلب منها الاستعداد للخروج فهو على وشك الوصول إليها ، ودعت والدتها التى اقتربت منها بحزن قائله:

-ملحقتش اشبع منك يا حياة كنتى خليكى شويه كمان معانا .. 

اجابتها حياة وهى تربت على كتف والدتها بحنان مبرره :

-معلش يا ماما فريد كلمنى و قالى انه خلاص فى الطريق وان شاء الله هبقى اجيلك تانى .. وانتى كمان ابقى تعالى زورينى بلاش تسبينى لوحدى هناك ..


كانت آمنه على وشك اجابتها عندما قطع حديثهم صوت والدها الذى كان يقف على عتبه المنزل يستمع لحديثهم قائلاً بسخريه :

-سبيها تروح لجوزها !! .. دلوقتى بقى فريد اللى كانت عامله دوشه ١٠ سنين وهى تقول مش عايزاه مش عايزاه دلوقتى مش قادره علي بعده .. 


التفت حياة بحده تنظر إليه وعلامات الحنق تبدو ظاهره على ملامحها قل ان تقرر اثاره غيظه  قائله بسخريه وهى تتحرك فى اتجاهه وتقف على مقربه منه :

-طب وانت زعلان ليه كده يا بابا .. يمكن عشان المره دى معرفتش تطلع غير بوصلات الامانه فالموضوع بالنسبالك خسران !!!!! .. 


صُدم عبد السلام من ردها فتلك كانت اول مره تقف حياة فى وجهه والدها ، صدح صوته بقوه يرج أركان المنزل صارخاً فيها بعنف  :

-انتى قليله ادب بنت ..... وشكلك افتكرتى انك اتجوزتى ومحدش هيقدر عليكى ..

ثم رفع كفه لاعلى فى محاوله لصفعها ولكن أوقفه صوت فريد الهااادر ممسكاً  بيده المرفوعه قائلاً وعلامات الغضب تبدو ظاهره على وجهه وعينيه :

-عبد السلام بيييييه !!!!! انا مراتى متربيه احسن تربيه ..


ثم قام بالضغط بقوه على كف والدها المرفوع حتى شعر بالاحمرار قد بدء يغزو وجه غريمه من شده الالم وأضاف بنبره غاضبه منخفضة وهو يضغط على شفتيه بقوه :

-ثم ان مش مرات فريد بيه رسلان اللى حد يفكر يمد ايده عليها حتى لو كان ابوها فاهم !!! .. 


ثم نفض يده بقوه شعر معها عبد السلام بذراعه على وشك الخروج من مفصله ، تحرك فريد من امام الباب يحتضن يد حياة التى وقفت خلف والدتها متسمره مما كان والدها على وشك فعله معها ومن رد فعل فريد ثم سحبها نحو الخارج وهو يقول بنبرته الآمرة :

-دادا آمنه .. لو عايزه تشوفى حياة هتلاقيها فى بيتى .. 

ثم سحبها للخارج نحو السياره دون النظر خلفهم .


دلفت حياة داخل السياره بهدوء دون ابداء اى رد فعل ، صفق فريد الباب خلفها بقوه ثم استدار ليحتل المقعد المجاور لها ويأمر سائقه بالتحرك ولازال ذلك العرق بجانب صدغه ينبض بقوه من شده الغضب ، زفر بقوه عده مرات فى محاوله منه لاستعاده جزء من هدوئه قبل ان يتحدث مع حياة التى لم تبدى اى رد فعل حتى الان ، هتف بأسمها بنبره حاول قدر الإمكان اخراجها طبيعيه وهو يمد يده ليحتضن كفها فى توجس متأهباً لرفضها ولكنها فاجأته بتقبل يده بهدوء غير معتاد ، هتف بأسمها مره اخرى بنفاذ صبر ولكن أيضاً لم يصدر منها  اى رد فعل فقط ضغطه خفيفه على يده المحتضنه يدها ثم استندت برأسها على النافذه وسمحت لنفسها بالعوده إلى سن السادسه ..

" تذكرت ذلك اليوم فى قصر غريب عندما كانت تتلوى تحت قبضه والدتها وهى تمشط لها شعرها قائله بطفوليه :

-يا ماما يلا بسرعه عشان الحق اروح لفريد قبل الدرس ما يبدء ..

ضحكت آمنه بمرح وهى تحاول جاهده إتمام مهمتها مع قله صبر طفلتها قائله بمرح :

-ايوه يا ست حياة .. كأن الدنيا دى مفيهاش غير فريد ليل ونهار عايزه تجرى عليه .. اتفضلى يا ستى روحيله ادينى خلصت ..

ركضت حياة على الفور فى اتجاه الباب المؤدى إلى الحديقه عندما أوقفتها يد والدها الغليظه تسحبها للداخل مره اخرى ويجرها خلفه بقسوه قائلاً :

-مفيش حاجه اسمها فريد تانى ..

ثم توجهه بحديثه لوالدتها :

-انتى يا ست آمنه معندكيش نخوه ولا احساس بتشجعى البت على قله الادب !! عايزاها تحط راسنا فى الطين !! 

سألته آمنه مستنكره عاقده حاجبيها معاً  :

-قله ادب ايه دى يا عبد السلام اللى بتتكلم عليها ؟!..


أجابها بصراخ وهو مازال ممسكاً بذراع حياة التى كانت تحاول جاهده الافلات من قبضته المؤلمه :

-ايوه قله ادب .. ليل ونهار سيباها قاعده لوحدها مع ابن الباشا ومحدش عارف بيعملوا ايه .. بتك دى مش هترتاح غير لما تجبلى العار وتخلى ناسى فى البلد يعايرونى بيها !.. 


شهقت آمنه بفزع وهى تضع يديها فوق فمها تحاول استيعاب حديث زوجها الغير متزن ثم اجابته بأستنكار ممزوج بإشمئزاز قائله :

-عار ايه  يا راجل!!! دول عيال !!! انت بتتكلم على بنتك اللى مكملتش ٦ سنين !!!! انت بتقول ايه ..


صاح بها بصوت جهورى افزع كلاً من حياة التى بدءت تبكى من شده الالم ووالدتها :

-ايوه هو ده اللى عندى واعملى حسابك تلمى هدومك انا خلاص جبت شقه ايجار ومن بكره هنتنقل ليها .. وأقسم بالله لو بوقك اتفتح او اعترضتى لارمى عليكى اليمين دلوقتى وارميكى فى الشارع انتى وعيالك !! ..


ازدرد ريقه بقوه قبل ان يضيف بتوعد :

-ومن بكره الحال المايل ده هيتعدل وهشوف البت دى اللى عايشه عيشه البشوات هتتربى ازاى ..


ثم نفض ذراع حياة من قبضته وخرج صافقاً باب الملحق خلفه بقوه ، انتظرت حياة خروجه ثم ركضت نحو الحديقه وهى لازالت تبكى حتى وجدت فريد يجلس بهدوء تحت شجرته المفضله ، هتفت بإسمه بصوت باكى تشتكى له من والدها قائله من بين شهقاتها المتلاحقة :

- فريد . بابا زعقلى .. وقالى .. قالى انى هجيبله العار .. وانه هيخلينى امشى وكمان بكره .. هنروح .. هنروح بيت جديد.. 


قاطعها صوت فريد الطفولى يهدئها وهو يمسح فوق شعرها بحنان قائلاً بأصرار :

-متخافيش يا حياة .. انا هحميكى منه ومش هخليه يعملك حاجه وبعدين انا دلوقتى هكبر وهتجوزك واخليكى تعيشى معايا انا وانتى وماما بس بعيد عنه وعن بابا .. 


هزت رإسها له بحماس موافقه وهى تمسح بكف يدها دموعها المنسابه فهى تثق به وتعلم انه بطلها وحاميها الاول ، تنهدت بعمق وهى تفكر فيبدو ان قوة ذلك الصغير لم تكفى لردع والدها عما انتوى القيام بِه وبالفعل فى اليوم التالى انفصلت حياة عن فريد دون حتى وداع .. 


افاقت من شرودها على توقف هدير السياره  وصوت فريد العميق يحثها على النزول ، دلفت إلى الداخل فوجدت الهدوء يعم ارجاء المنزل فاستنتجت ان ساعات العمل قد انتهت وذهب كل موظفيه إلى مخدعهم ، راقب فريد ردود افعالها الهادئه بقلق فهو يفضل حياة الثائرة عن تلك التى لا يصدر منها اى رد فعل ، رفع رأسه للاعلى ثم تنهد بتعب وهو يمرر يده داخل خصلات شعره ويضغط على شفتيه قبل ان يقول آمراً بنبره خرجت حاده دون وعى منه :

-حياة .. مفيش روح لهناك تانى .. فاهمه !! .. 

التفت تنظر إليه وعيونها تنطق بالشرر قبل ان تنفجر وتصرخ به بقوه وهى تدفعه بكلتا يديه للخلف قائله :

-ملكش دعوووووووه .. انت بالذات ملكش دعوه ... مش عايزه منك حاجه .. فاهم يعنى ايه مش عايزه منك حاجه .. متجيش دلوقتى تدينى أوامر .. روح واختفى زى ما اختفيت زمان .. حياة كبرت ومش محتاجالك فاهم !!! انا قادره ادافع عن نفسى لوحدددى متعملش فيها بطل ليا .. كنت فين زماااان .. كنت فين وانا عندى ١٤ سنه !!!! كنت فين وهو ... 

ابتعلت ما تبقى من الكلمات بداخلها وهى تشهق بقوه وجسدها يرتجف من شده  الغضب ، ظل فريد ينظر إليها بصدمه يحاول استيعاب حديثها وسبب ذلك الانهيار الغير مبرر ، تقدم خطوه منها يمد كلتا يديه ويحاول احتضانها ولكنه تفاجئ بها تلكمه فوق صدره بقوه وهى تصرخ بأستياء :

-متقريش منننننى .. قلتلك ميه مره متقربش منى .. فاهم .. ابعد عنى ومتقربش منى .. مش عايزه حد يقرب منى فيكم .. سيبونى فى حالى .. وانت ارجع مكان ما كنت مختفى مش عايزاك فى حياتى .. 


قاوم فريد لكماتها المتتالية وانهيارها وهو يشدد من احتضانه لها حتى استكانت وهدئت بين ذراعيه ثم قامت بمسح عبراتها المنهمره بكثره قبل ان  تدفعه برفق وهى تمتم بنبره منهمكه :

-انا كويسه لو سمحت سيبنى .. 

فك حصارها من بين ذراعيه وتركها لتتجه نحو الدرج وملامح وجهه يكسوها الصدمه يحاول عقله استيعاب كلماتها وما تفوهت به للتو .

تابعووووني 



تكملة الرواية من هنا


بداية الروايه من هنا




تعليقات



CLOSE ADS
CLOSE ADS
close