اعلان اعلى المواضيع
روايه لا تترك يداي بقلم هند رفاعي حصريه علي مدونه النجم المتوهج للرويات والمعلومات الفصل الثالث
"ده بقى يا عمي حكاية مريم كلها. من ساعة لما شوفتها امبارح لغاية لما وصلنا هنا. وده كل اللي قالته لي عن ظروفها. هينفع تساعدها؟"
قال خالد لعمه إبراهيم بعدما قص عليه قصة مريم وكل ما علمه عنها.
"يا ابني مش عارف اقولك ايه. هي ظروفها صعبة. لو على الفلوس مش مشكلة عندي. تيجي تشتغل هنا او حتى لو مش عاوزة تشتغل انا متكفل بمصاريفها. لكن كل المشكلة في المكان اللي هتعيش فيه. صعب انها تعيش معنا هنا. ده بنت برضه وانت عارف ولاد عمك شباب. ما ينفعش تعيش معنا هنا. انا ممكن اشوف لها حتة تعيش فيها." +
"يا عمي هتعيش ازاي لوحدها؟ ده عندها 13 او 14 سنة بس. وبنت يعني محتاجة حماية. ما ينفعش تعيش لوحدها. لما تبقى هنا في البيت هتكون تحت حمايتك."
"كلامك صح يا ابن اخوي لكن وجودها هنا برضك غلط."
"طيب أقولك على حاجة. لو ينفع تعيش هنا سنة او اتنين اظن هي صغيرة لسة ومفيش مشكلة انها تعيش هنا معك ومع ولاد عمي زي اختهم. ولما تكبر نشوف لها جوازة ولا حتى تكون كبرت وتقدر تدافع عن نفسها تعيش لوحدها. لكن نسيب عيلة 13 سنة تعيش لوحدها صعب يا عمي."
صمت إبراهيم برهة متفكرا فيما قاله خالد ثم أومأ برأسه موافقا على إقتراحه.
"إحنا نخليها هنا لما نشوف لها حل تاني. لكن ما تزعلش مني يا ابن اخوي لو لاقيت منها اي حاجة عفشة مش هاخليها تقعد هنا واصل."
"حقك يا عمي."
"كويس يا ابني اننا نعمل الخير ونساعد الناس لكن برضك مهم اننا نحافظ على نفسنا. واحنا برضك ما نعرفلهاش اصل من فصل ده بنت من الشارع برضك."
"خلاص يا عمي فعلا عندك حق. وانا ما اقدرش اضمنها. انا ما اعرفهاش. انا بس كنت باشتري منها مناديل وكانت امي بتعطف عليها مش اكتر. اول مرة اتكلم معها واعرف ظروفها امبارح بس. والواحد المفروض يحذر ولا يخون."
"خلاص نادي على أم صالح علشان اقول لها تاخد بالها منها وتراقبها زين."
خرج خالد ونادى على زوجة عمه وتركهما يتحدثان معا.
"أيه اللي بتقوله ده يا أبو صالح. أزاي تسيب بنت زي ده تعيش هنا وسطنا. أحنا لا نعرف لها اصل من فصل. مش يمكن تكون بنت حرام؟"
"يا حاجة بلاش تسيئي الظن. الله اعلم بأهلها وبظروفها. هي هتقعد هنا لفترة بس. لغاية لما اشوف لها حل. ما ينفعش يا حاجة ارمي بنت في سنها تعيش لوحدها. ولا اقدر ائتمن اي حد تاني عليها. انت بس راقبيها كويس. لو عملت اي حاجة ولا مدت ايديها على اي حاجة نطردها على طول. لكن لو فضلت بأدبها خلاص خليها لغاية لما نشوف لها اي حد يتجوزها ويسترها في بيته."
"وده مين اللي هيرضى يتجوزها؟ ده بنت من الشارع. الله اعلم أهلها كانوا ايه. ولا هي اتعلمت ايه من عيشة الشوارع. احنا حتى ما نعرفش اذا كانت بنت بنوت ولا... استغفر الله العظيم."
"بس بقى يا سعاد. بلاش نخوض في اعراض الناس. الله اعلم بحالها. ما نعرفش شافت واتعذبت قد ايه في الشارع. البنت عندها 13 سنة لكن اللي يشوفها واللي يسمعها يقول عندها 20 سنة من الهم. هنبقى احنا والزمن عليها. ارحموا من في الارض." +
"خليك انت برحمتك وبقلبك الطيب ده لما نشوف هيودينا على فين. ربنا يستر وما تعمللناش مصيبة في الدار."
"إن شاء الله خير. طول ما احنا بنعامل ربنا عمره ما يخذلنا أبدا."
"اروح انا اجهز الغدا."
"روحي وقولي لها على اللي اتفقنا عليه."
"حاضر."
خرجت سعاد من الغرفة وذهبت للمطبخ. وجدت مريم جالسة في المطبخ على الارض مترقبة لقرارهم. وقفت مريم لحظة دخول سعادعينيها تملأها الرجاء، وقلبها يخفق من الخوف. نظرت لها سعاد بنظرات تحذيرية وقالت لها:
"بصي يا مريم. عمك الحاج وافق انك تقعدي هنا لغاية لما نشوف لك صرفة. لكن خدي في بالك عينك تزوغ هنا ولا هنا ولا ايدك تتمد على حاجة اقطعها لك وارميك بعدها في الشارع للكلاب ينهشوك. فاهمة ولا لأ."
"كتر الف خيرك يا ست الحاجة. ربنا يبارك لكم ويجازيكم خير ويبعد عنكم ولاد الحرام."
أنحنت مريم تقبل يد سعاد وهمست سعاد.
"ما ولاد الحرام دخلوا بتنا خلاص." 1
سمعتها مريم وتجاهلت ما سمعته. اعتدلت مريم في وقفتها وقالت لها سعاد:
"تعالي جهزي معي الغذا. قولي لي بتعرفي تطبخي؟"
"بصراحة لأ. أنا عمري ما طبخت ولا دخلت مطبخ قبل كدة. لكن ما تقلقيش انا هاتعلم بسرعة. قولي لي بس اعمل ايه وانا هاعمله على طول."
"كمان هنعلمك؟"
"ربنا يجازيك خير يا ست الحاجة."
"طيب خدي خرطي البصل ده."
وقفت مريم مع سعاد تساعدها وتتعلم منها الطبخ.
* * *
وقت الغذاء جلس إبراهيم، أولاده وخالد. سعاد ومريم كانا يجهزان السفرة. لاحظ خالد يد مريم مربوطة بقماشة ملوثة بالدماء. فسألها:
"ايه ده يا مريم مال ايدك؟"
نظرت مريم للاسفل وأجابته بصوت مضطرب.
"مفيش."
"مفيش ازاي. ايه اللي عورك كدة؟"
أجابته زوجة عمه:
"عادي يا خالد العلام مش بالسهل وهي اول مرة تدخل المطبخ. ياما هتتعور وتتحرق كمان."
"بس لازم تاخد بالها."
أكد عمه على كلامه.
"ابقي خدي بالك يا بنتي."
"حاضر يا سيدي الحاج."
بعدما وضعت مريم وسعاد الاكل توجهت للمطبخ. فنادها خالد.
"رايحة فين يا مريم مش هتاكلي معنا؟"
نظرت مريم لسعاد تستأذنها. فقالت سعاد لخالد: +
"سيبها براحتها يا خالد. هي بتتكسف تاكل معنا."
نظر إبراهيم نظرة حانية لمريم وقال لها:
"اغرفي لك جوا وكلي يا بنتي. خليك براحتك خالص."
ذهبت مريم لتأكل في المطبخ وتركتهم يستمتعوا بالطعام معا.
* * *
في الليل
استيقظ خالد من نومه عطشان وجد زجاجة المياه في غرفته فارغة فتوجه للمطبخ ليحضر زجاجة أخرى. دخل المطبخ في الظلام دون ان ينير المكان فتعثر في شيء في الظلام.
"أيه ده؟"
كانت مريم نائمة على ارض المطبخ فاستيقظت من نومها وجلست.
"خالد؟ محتاج حاجة؟"
انار خالد الاضواء ثم سألها:
"أنت نايمة هنا ليه؟ الدنيا برد عليك. كمان ما ينفعش تنامي كدة في المطبخ."
وقفت مريم أمامه تفرك النوم عن عينيها وسألته:
"محتاج حاجة يا خالد."
"كنت عاوز ماية. لكن لاقيتك نايمة هنا. انت ما ينفعش تنامي في مكان مفتوح كدة. البيت فيه شباب. لازم تنامي في مكان مقفول عليك."
"عادي أنا كنت بنام في الشارع. الحمد لله ان في حيطان ساتراني. وست الحاجة قالت لي انام هنا علشان مفيش مكان تاني. انت نايم في غرفة الضيوف. ومفيش اي مكان تاني في البيت انام فيه. كتر الف خيرهم على اللي بيعملوه معي."
"انت هتنامي في غرفة الضيوف. ما ينفعش تنامي هنا."
"ما ينفعش. الحاجة لو عرفت اني نمت معك في نفس الغرفة هتزعق لي."
"لا انا هأنام مع هشام وانت هتنامي في غرفة الضيوف. واسمعي الكلام ومش عاوز نقاش تاني. تعالي ورايا."
تبعته مريم لغرفة الضيوف.
"أنا هاخد موبايلي بس وحاجتي معي. لما اخرج اقفلي على نفسك كويس الباب. وما تناميش في اي مكان مفتوح تاني. كلامي مفهوم ولا لأ؟"
"حاضر."
"ناوليني الشاحن من على التربيزة جنبك."
اخذت مريم الشاحن واعطته لخالد. لاحظ خالد تعبيرات الالم على وجهها وهي تعطيه الشاحن بيدها المجروحة. نظر ليدها وجدها مازالت تنزف منذ الظهيرة.
"ايه ده انت ايدك لسة بتنزف؟"
"الجرح مش راضي يبطل كل ما اربطه ينزل دم تاني."
"فكي الرباط ده وريه لي."
فكت مريم الرباط و فحص خالد الجرح بعينه.
"ايه ده. الجرح غويط قوي. كان محتاج غرزة او اتنين. ده عاوز تنظيف كويس ومرهم مضاد حيوي. دقيقة واجيب لك الحاجة."
بحث خالد في درج الادوية ووجد ما يحتاج لتضميد جرح مريم.
"خدي طهري الجرح وحطي مرهم وبعدين اربطيه بالشاش."
أخذت مريم منه المطهر ونظرت له متسائلة "اطهره ازاي يعني؟"
"هاتي."
أخذ خالد بيدها للسرير وجعلها تجلس عليه وسحب كرسي وجلس امامها. أخذ المطهر وغمس فيه قطعة قطن ثم حاول تنظيف الجرح بها. نظر لها خالد بتعجب. فسألته مريم:
"أيه؟"
"هو المطهر مش بيحرقك؟"
"عادي."
"اصل مع جرح بالشكل ده وبقاله فترة من غير ما يطهر المفروض تصرخي من الوجع."
"عادي انا متعودة على الوجع. في الشارع بنتعور كتير بنربطها وخلاص لا بنطهر ولا ننظف وادينا بنخف."
"بس لو الجرح تلوث ممكن يعمل مشكلة لا قدر الله."
"محمود مرة ايده ضربت واضطروا يقطعوها له."
"محمود مين؟"
"واحد من اللي بسرحوا معنا. ولد اصغر مني بسنة ولا اتنين. ايده كانت اتعورت وهو بيساعد عم اسماعيل في ورشته. فضلت تعباه تجيب صديد وقرف. وبعد فترة راح المستشفى وقطعوها له."
"خير. اديك عارفة لو الجرح ما نظفش هيحصل ايه."
انتهى خالد من تضميد جرحها وتركها لتنام في غرفته.
"تصبحي على خير. اقفلي الباب كويس واتغطي حلو."
"حاضر. تصبح على خير."
ترك خالد الغرفة وتأكد من مريم انها اوصدت الباب بعد خروجه. ذهب لينام مع ابن عمه في غرفته. ونامت مريم لأول مرة في حياتها على سرير.
يتبع
ادسنس وسط المقال
تعليقات
إرسال تعليق