expr:class='data:blog.languageDirection' expr:data-id='data:blog.blogId'>

روايه لا تترك يداي بقلم هند رفاعي حصريه علي مدونه النجم المتوهج للرويات والمعلومات الفصل6|7

روايه لا تترك يداي بقلم هند رفاعي حصريه علي مدونه النجم المتوهج للرويات والمعلومات الفصل6|7



أنهت مريم تنظيف المنزل وتحضير الطعام لعائلة إبراهيم، ثم دخلت غرفتها وبدأت تستمع لآيات القرآن بحرص وتمعن لتحفظها. كانت هائمة في عالم آخر غير عالمنا. مغمضة العينين وسماعات الأذن ملتصقة بأذنيها، تردد الآيات التي تسمعها بصوت ملائكي عذب. تستمتع بالهدوء والصفاء النفسي الذي يمدها به ذكر الله. تستمع بكيانها كله وتحلق في السماء الروحانية التي يأخذها إليها صوت المقرئ المزلزل لوجودها. لم تدرك لعيون الشر التي تراقبها برغبة خبيثة ولا بمن انتهك خصوصيتها ودخل غرفتها دون إستئذان.
+
فزعت مريم عندما فتحت عينيها ورأته يقف أمامها بجوار الباب يتفحصها بعينيه الثاقبتان. قفزت مريم من مجلسها بسرعة وصاحت

"بسم الله الرحمن الرحيم."

"أيه شوفت عفريت؟"

"لا يا سي هشام مش قصدي. لكن ما حستش بكم لكا رجعتوا."

أقترب هشام منها خطوة وقال لها

"أنا هنا من ربع ساعة."

رجعت مريم خطوتين للوراء لتحافظ على المسافة بينهم. وأشارت لباب لتستأذنه يخرج من غرفتها

"عن أذنك أروح أشوف ست الحاجة لو عاوزة مني حاجة."

"ستك الحاجة لسة ما رجعتش. أنا رجعت لحالي."

سألته مريم بصوت واضح

"عاوز مني حاجة؟"

"جعان. حطي لي أكل."

"حاضر. عن اذنك أعدي أجهز لك الأكل أنت وبكر."

"أتفضلي."

خرج هشام من غرفتها وخرجت مريم لتنفذ طلبه. بعدما تخطته متوجهة للمطبخ نادها

"على فكرة بكر مش هنا."

استدارت له مريم متسائلة

"راح يلعب مع علي ابن شيخ الغفر."

"يعني أجهز لك لوحدك الأكل؟"

"أيوة مفيش حد غيري أنا وأنت هنا."

شحب وجه مريم عندما سمعته يقول هذه الكلمات ورأته يغمز لها بعينه. فسألته بصوت مضطرب من الخوف والقلق الذي دب في قلبها

"أمال ستي الحاجة هتيجي أمتى؟"

"الله أعلم يمكن بالليل. أصل صالح جاب ولد. وأكيد أمي وأبوي فرحانين بأول حفيد وقاعدين معه ومش هيسبوه."

رف قلب مريم من الرعب فقالت بصوت مهزوز ومرتعب

"هأروح أجهز لك الأكل."

و أسرعت للمطبخ تحضر الطعام. بعد ربع ساعة خرجت مريم من المطبخ فوجدت المنزل ساكن تماما. اسرعت للباب الرئيسي وفتحته وتركته مفتوح. ثم نادت على هشام لتعطيه الأكل. +

"سي هشام. الأكل جاهز."

سمعت صوته من غرفته المغلقة يجيبها

"هاتيه هنا."

تسمرت مريم في مكانها وهي تحمل صينية الطعام الثقيلة على يديها الضعيفة. بعد ثواني رأت باب غرفته يفتح وظهر هشام واقف بجوار باب غرفته ويشير لها لتدخل.

"دخلي الأكل هنا."

نفذت مريم كلامه وأدخلت الصينية وضعتها على منضدة في غرفته وعادت مسرعة خرجت من الغرفة دون أن تنطق بكلمة. وقفت على الباب عندما سمعته يحدثها.

"أيه يا بنتي. بتجري كدة ليه؟ هو أنا هأكلك؟"

"لا أبدا يا سي هشام. لكن ما يصحش أدخل غرفتك."

"يا بنتي تعالي كلي معي. تلاقيكي ما اكلتيش حاجة من الصبح."

"لا شكرا أنا أكلت من شوية."

"تعالي طيب علشان مش بحب أكل لوحدي."

"معلش مش هاقدر. لما تخلص أكل نادي علي أشيله."

جرت مريم لغرفة الضيوف وأغلقت الباب.

جلست مريم في غرفة الضيوف وهي قلقة من تصرفات هشام. بعد نصف ساعة سمعته يناديها. لم تجبه فهي أرادت أن تنتظر في الغرفة بعيدة عنه حتى يأتي الحاج إبراهيم وزوجته من المستشفى. نادى هشام عليها عدة مرات ثم سمعت طرق شديد على الباب. فسألته من الداخل

"نعم يا سي هشام محتاج مني حاجة؟"

أجابها بصوته الغاضب

"أنا خلصت أكل من بدري تعالي شيلي الصينية."

أقتربت مريم من الباب ولم تفتحه

"سيبها وأنا هأبقى أشيلها بعدين."

"تعالي شيليها دلوقت علشان عاوز أنام ومش هينفع تدخلي بعدين تشيليها."

"معلش طلعها برا بس ونام أنت وأنا هاشيلها بعدين."

طرق هشام الباب بعنف وصاح فيها من خارج الغرفة

ما تفتحي الباب وتكلميني عادي."

"مش هاقدر أخرج إلا لما يجي سيدي الحاج."

"أنت أتجننتي. بقولك أطلعي. عاوز أشرب شاي. أطلعي أعملي لي شاي." +

"ربنا يستر عرضك. أستني بس شوية لما يرجعوا وأنا هاعمل لك الشاي."

لم يستجب هشام لرجائها ودفع الباب بقوة فتحه عنوة. جرت مريم لركن في آخر الغرفة.

"أطلع برا أرجوك يا سي هشام."

دخل هشام الغرفة بخطوات ثابتة واثقا أنه لا يوجد من يمنعه عن هدفه. فالمنزل كله خالي ولا يوجد أي مفر لفريسته الضعيفة. 2

"تبقي عايشة في بيت أبويا بتأكلي من خيرنا وتطرديني برا بيتي."

"لا يا سي هشام مش قصدي. أرجوك أطلع برا بس لغاية لما سيدي الحاج يرجع."

أقترب منها أكثر وأكثر

"وأن ما طلعتش هتعملي ايه؟"

نظرت مريم حولها يمينا ويسارا تبحث عن أي شيء تدافع به عن نفسها. وجدت قلة فخار موضوعة على حرف الشباك فمسكتها بيدها وهددت بها هشام.

"أرجوك يا سي هشام أطلع برا."

ضحك هشام على عجزها وضعفها ولم يبالي لتهديدها.

"أنت فاكرة أنك هتخوفيني بالبتاعة اللي في ايدك ده؟"

ألقت مريم بالقلة على هشام فأصابته في رأسه وتهشمت القلة على الأرض. ترنح قليلا من فعل الصدمة ومسك برأسه. أزاح العمة التي حمت رأسه من الصدمة وألقاها على الأرض. أستغلت مريم إنشغاله عنها وفرت هاربة خارج الغرفة ولخارج المنزل وهي تنظر للخلف خوفاً منه. اصطدمت بأحد ما قبل أن تصل لباب المنزل. نظرت للأعلى ووجدت خالد سندها بيده حتى لا تفقد توازنها وتسقط.

"مريم في ايه؟"

"ألحقني يا خالد."

"في أيه يا بنتي مالك."

"أمسك الحرامية ده يا خالد. ظبطتها بتسرق من دولاب عمك الفلوس ولما مسكتها ضربتني على رأسي وجريت." قال هشام الخارج اًمن غرفة مريم مترنح

"نعم؟"

ذهلت مريم من الإتهام الذي إفتراه هشام عليها. فقالت لخالد موضحة الحقيقة ودموعها تنهمر من عيونها.

"لا يا خالد ما تصدقهوش. ده حاول بالعافية يقعدني معه ولما رفضت كسر الباب ودخل علي وأنا لوحدي. ضربته وجريت."

تنقلت عين خالد بين هشام ومريم بغضب. ثم توجه لغرفة الضيوف وفحص الباب. وجد أثار كسر الباب على قفل الباب. فاقترب من هشام ولكمه لكمة قوية في وجهه. سقط على أثرها هشام. صاح فيه خالد بغضب عارم. +

"يا كلب يا نجس. أنت اللي اتهجمت عليها وكسرت عليها الباب."

نهض هشام ولكم خالد في وجهه وسال الدم من فمه.

"بتضربني علشان بنت الشوارع ده."

مسكه خالد من ياقته وسدد له ضربة ثانية في بطنه

"بنت الشوارع أنظف منك ومن أمثالك."

تحرر هشام من قبضة خالد وركله بركبته في بطنه صرخ خالد من الألم بسببها.

"في أيه يا هشام أنت وخالد."

جلجل صوت الحاج إبراهيم في أرجاء المنزل فتوقف الشابان عن العراك في الحال.

جرت سعاد لإبنها تطمئن عليه بعدما لاحظت الدم يسيل من فمه وأنفه. صاحت في خالد

"في أيه يا خالد؟ بتضرب إبن عمك ليه؟"

"يا مرات عمي انت ما تعرفيش أيه اللي حصل."

صاح إبراهيم بغضب

"فهمنا أنت أيه اللي حصل؟"

لاحظت سعاد مريم وهي مكورة في ركن من أركان القاعة تبكي بصمت. ففهمت ما حدث بين الشابان.

"يا عمي أنا جيت لاقيت..."

قاطعته سعاد ومنعته من أن يكمل حديثه.

"خلاص يا خالد. اللي حصل حصل. أنتم أخوات. ومصارين البطن بتتعارك."

ثار فيها زوجها

"سيبيه يا أم صالح يفهمني أيه اللي حصل بينهم."

ترنح إبراهيم قليلا واستند على الحائط. جرت عليه سعاد وسندته.

"يا حاج سكرك هيعلى. أنت صاحب مرض. خلاص هم اتصافوا خلاص. ادخل أنت ريح. اليوم كان طويل ومتعب."

"يا مرات عمي أنا لازم أقول له اللي حصل."

"يا خالد أنت مش شايف عمك مش قادر يقف أزاي. أنت عاوز تموته."

فضل خالد الصمت فلم يرد أن يرهق عمه ويزيد عليه مرضه. أخذت سعاد زوجها لغرفتهم ودخل هشام وخالد غرفتهم. وبعد عدة دقائق عندما هدأت مريم دخلت غرفة الضيوف.

بعد ساعة

خرجت سعاد من غرفتها وتوجهت لغرفة الضيوف. دخلت الغرفة وجدت مريم جالسة على السرير تحتضن ركبتيها وتبكي. أقتربت منها سعاد وجلست أمامها. أنتبهت مريم لوجود سعاد ووقفت في الحال. +

"عاوزة حاجة يا ستي الحاجة؟"

"أه. عاوزاك تخبريني بالظبط ايه اللي حصل وأنا وسيدك الحاج مش هنا."

"حاضر."

وقفت سعاد واقتربت منها ومسكت رأسها من الخلف وهزتها بعنف.

"وأياك تكذبي ولا تخبي علي حاجة. هأحط وشك الحلو ده في نار الفرن."

"حاضر يا ستي. هاقولك كل حاجة."

قصت مريم كل ما حدث لها من لحظة وجود هشام في غرفتها حتى لحظة دخول إبراهيم وزوجته المنزل.

غضبت سعاد جدا مما سمعت. صفعت مريم على وجهها يمينا ويساراً

"كنت عارفة انك هتجيبي لي البلاوي في الدار. كنت عارفة انك غراب البين. أنت لا يمكن تقعدي هنا لحظة واحدة. أنا مش هاصبر عليك تاني. أنت لازم تمشي من هنا."

دفعت سعاد مريم لخارج الغرفة. تعالت صيحات مريم وبكاؤها. جاء خالد مسرعا.

"في أيه يا مرات عمي؟ بتضربيها ليه؟"

"البنت ده مش لازم تقعد في البيت تاني. لازم تمشي من هنا. هتجيب لي مصيبة في الدار."

حرر خالد مريم من قبضة سعاد وابعدها هنا. وقف هو حائلاً بينهما.

"وهي ذنبها ايه بس؟ هي عملت ايه؟"

"لا ذنبها ولا ما ذنبهاش. ده لازم تمشي من هنا."

"خلاص يا مرات عمي. أنا هاخدها من هنا. أنا هاتصرف. بكرة هأخدها وأنا مسافر مصر. مش هتقعد هنا تاني. أصبري عليها بس لبكرة."

"أنا مش عاوزاها هنا واصل. مش طيقاها هنا."

"خلاص يا مرات عمي. استحملي بس لبكرة. هي ليلة واحدة وهترتاحي منها خالص."

نظرت سعاد لهم نظرة غضب وتركتهم ودخلت لإبنها في غرفته. أخذ خالد مريم لغرفة الضيوف وحاول تهدئتها. أجلسها على الأريكة وجلس بجوارها

"أهدي خلاص يا مريم بطلي عياط بقى."

"أنا مش عارفة أنا ذنبي أيه. والله ما عملت حاجة غلط."

"خلاص أهدي ولا يهمك."

"هأروح فين أنا دلوقت؟ هأعمل ايه؟"

"أنا مش هاسيبك. هأخدك مصر وهشوف لك مكان تعيشي فيه مرتاحة."

"وأنت ذنبك أيه؟ كتر ألف خيرك جبتني هنا وساعدتني. وأديك أتذيت بسببي."

"ما تقوليش كدة؟ سيبيها على الله أنت بس وإن شاء الله هندبر مكان كويس لك. أنا مش ممكن أسيبك ترجعي تاني للشارع."

"أرجوك يا خالد كفاية لحد كدة. أنت عملت معي اللي مفيش حد في الدنيا عمله لي. أنا مش ممكن أطلب منك أكتر من كدة. كفاية المشاكل اللي حصلت لك بسببي."

"يا بنتي من يوم ما جبتك هنا وأنت مسئوليتي. خلاص بقى بطلي عياط وقومي اتوضي وصلي ركعتين. أدعي ربنا وأرمي حمولك عليه. وإن شاء الله هيحلها هو ويدبرها أحسن من أي تفكير نفكره أحنا."

"بس يا خالد."

"خلاص بقى. قولت ايه؟ قومي اتوضي وصلي وسيبيها على الله."

"حاضر."

الفصل السابع
دخلت سعاد غرفتها ووجدت إبراهيم مستيقظ وجالس على السرير.

"يعني ما نمتش يا حاج."

"أنام أزاي بس يا أم صالح؟ عرفت أيه اللي حصل بين الأولاد؟"

"أيوة يا حاج عرفت كل حاجة."

"طيب ما تفهميني. خالد عمره ما مد ايده على حد. أنا مش مستوعب انه يضرب ابن عمه ويسيحه دم." +

جلست سعاد بجواره وقالت.

"أنا مش هاقول لك أي حاجة. أنت مش بتصدق حديتي. أنا هاجيب لك ابنك هنا يحكي لك اللي حصل بنفسه."

"خلاص ناديه يجي يقول لي اللي حصل ايه." 3

خرجت سعاد من الغرفة وعادت بعد دقيقتين ومعها هشام. وقف هشام مطأطأ الرأس أمام والده.

"قول لي يا هشام. أيه اللي خلاك تمد أيدك على ابن عمك وهو كمان يمد ايده عليك؟"

أجابه هشام دون أن يرفع رأسه بصوت منخفض.

"مش عارف أقول لك ايه يا أبا الحاج. أنا خجلان قوي."

وقف إبراهيم وأقترب من أبنه وقال له.

"ما تنطق يا ولا. أيه اللي حصل خلاكم تضربوا بعض كدة."

"أنا زهقت من قاعدة المستشفى. فخرجت أشم شوية هوا بالعربية. بعد شوية كدة قولت أكيد زمانكم روحتوا البيت. فرجعت على هنا على طول. دخلت لاقيت البيت ساكت خالص. أستغربت لأن المفروض أن مريم وبكر هنا حتى لو أنتم لسة في المستشفى. قربت من غرفة الضيوف أشوفها موجودة ولا لأ. سمعت صوتها زي ما يكون بتستنجد بحد. عمالة تقول سيبني. عمك الحاج هيجي دلوقت. وكلام زي كدة. أنا قلقت عليها. خبطت على الباب الصوت اتكتم خالص. فضلت اخبط علي الباب وأنادي عليها مفيش أي رد منها. كسرت الباب لاقيت خالد."

صمت هشام للحظة وشاح بوجهه بعيد عن عيون والده. أقترب منه والده ومسكه من ياقته وسأله بحدة

"لاقيت أيه أنطق أتكلم."

"لاقيت خالد حاضنها بالعافية وكاتم بقها بايده علشان ما تطلعش صوت. دمي غلي ضربته وضربني وبعدين انتم جيتوا." 2

"مش ممكن. خالد ابن اخوي ما يعملش كدة واصل. الكلام ده مش ممكن."

"قولت لك ما صدقتنيش. شوف بقى اللي بيحصل في بيتك. إبن أخوك كان هينجس بيتك يا حاج."

جلس إبراهيم على السرير عينيه زائغتين ويقلب كفا بكف.

"أنا مش مصدق وداني. خالد متربي كويس. مش ممكن يعمل كدة."
جلست سعاد بجواره أشارت لهشام ليخرج من الغرفة ويتركهم واقتربت من إبراهيم وقالت له.

"وفيها ايه يتصدق ولا لأ. ده شاب صغير في عز صحته وفورة الشباب. ولا له اب ولا ام يصدوه. مستني منه ايه. وكمان هيسافر مصر ويعيش هناك لوحده في الشقة. شوف بقى هيعمل ايه هناك. إذا كان في بيت عمه ووسطنا وعمل كدة. أمال هناك لوحده بعيد عننا وعن عيوننا هيعمل ايه بقى. مش بعيد أنه يشغل الشقة في الحرام." +

فز إبراهيم في جلسته وثار عليها 2

"أخرصي يا ولية. مش ناقص كلامك السم ده. أنا اللي في مكفيني."

"خلاص هأخرص أهه. على رأي المثل. يا داخل بين البصلة وقشرتها. أنا ايه اللي دخلني بينك وبين ابن اخوك." 4

رقدت سعاد على السرير وضعت الغطاء فوق رأسها ونامت وتركت زوجها طول الليل تنهشه الظنون والأفكار.

* * *

في الفجر، أرتدى إبراهيم عباءته وتوجه للخروج ليصلي الفجر جماعة مثل كل يوم. توقف عند الباب عندما سمع صوت ابن أخيه يناديه.

"أستناني يا عمي. أنا جي معك أصلي."

وقف إبراهيم مكانه دون أن يلتفت لخالد. أسرع خالد خطاه ووصل لعمه. وذهبا معا لصلاة الفجر. بعد الصلاة تردد خالد قبل أن يصارح عمه بنيته لأخذ مريم معه للقاهرة.

"أنت زعلان مني يا حاج؟"

أشاح إبراهيم وجهه للطرف الآخر ولم يجيبه.

"في ايه بس يا عمي؟ زعلان مني ليه؟"

"أنت عارف يا خالد اللي حصل إمبارح."

"هي مرات عمي حكت لك؟"

"قالت لي كل حاجة هي وهشام. أنا مش مصدق اللي قالوه."

"ما تزعلش نفسك يا حاج. وزة شيطان. الواحد فينا ضعيف قدام شيطانه" 2

"أنا مش عاوز اللي حصل منك ده يحصل تاني أبدا."

ظن خالد أن عمه يتحدث عن ضربه لهشام.

"حاضر يا عمي. أوعدك مش هيحصل تاني. زي ما قولت لك هي وزة شيطان. وأنا ما قدرتش أمسك نفسي. أنا أسف."

"خلاص مش عاوزة نتحدت في الموضوع ده تاني. قفل على السيرة العفشة ده."

"حاضر يا عمي."

أكملا طريقهما في صمت. عندما وصلا للمنزل كانت سعاد ومريم يجهزان الفطار. نادت سعاد على خالد للمطبخ.

"خالد تعالى شيل معي شوال الطحين ده."

"حاضر يا مرات عمي."

دخل خالد المطبخ وسألها

"فين شوال الدقيق يا مرات عمي." +

"سيبك بس من الدقيق وقول لي. هتاخد البلوة ده معك وأنت مسافر."

"بلوة أيه يا مرات عمي؟"

"البلوة اللي أنت بليتنا بها. مريم."

نظر خالد لمريم كانت واقفة أمام الموقد ودموعها تنهمر من عيونها مستمعة لحديثهم. تنهد خالد وقال لزوجة عمه

"أيوة يا مرات عمي. هأخد مريم معي إن شاء الله. هقول لعمي دلوقت."

"كويس. علشان أنا مش هسمح لها تبات ليلة واحدة تاني هنا. كفاية قوي اللي حصل بسببها." 2

"عاوزة حاجة مني ولا اروح أنا يا مرات عمي."

"لا لكن ما تنساش تفاتح عمك في الموضوع."

"حاضر."

ألقى خالد نظرة ليطمئن مريم قبل أن يخرج من المطبخ. بعد دقائق قليلة جلس الجميع على طاولة الطعام وبدأوا في تناول إفطارهم. قرر خالد أن يخبر عمه بقراره الخاص بمريم.

"عمي كنت عاوز أستأذنك في حاجة."

"خير يا خالد؟"

"أنا هأخد مريم معي مصر."

ترك إبراهيم الخبز من يديه ونظر لخالد بصدمة.

"نعم؟ أنت بتقول أيه؟"

"بقول يا عمي أني هأخد مريم معي مصر. أنا هأشوف لها مكان تقعد فيه هناك في مصر."

"وليه بقى إن شاء الله؟"

"أنا هأرتاح أكتر لما تبقى هناك تحت عيني."

"ترتاح أزاي يعني؟ أنت مش كنت هتسافر لحالك النهاردة؟ ولسة امبارح الصبح موصيني عليها. ليه بقى دلوقت عاوز تأخدها معك؟"

"أيوة يا عمي لكن ده كان قبل اللي حصل إمبارح."

"ما علشان اللي حصل إمبارح ما ينفعش تاخدها معك."

"يا عمي."

"بلا عمي بلا هباب. أنا قولت كلمة ومش هتنيها. أنت ما ينفعش تأخد مريم معك."

قام إبراهيم وتركهم جميعا مذهولين من ثورته. قامت سعاد وتبعته لغرفته. دخلت الغرفة وجدت إبراهيم جالس على الأريكة ورأسه بين يديه.
"أستغفر الله العظيم. أستغفر الله العظيم."

"مالك يا حاج. معصب نفسك ليه بس؟"

"أكتمي خالص. مش عاوز أسمع حسك." +

"أستهدى بالله بس كدة. وحد الله وفكر بهداوة."

زفر إبراهيم ثم مسح على وجهه بيده وقال

"لا إله إلا الله محمد رسول الله."

"بس أهدى كدة وقول لي. أنت رفضت ليه أنه ياخد البنت معه؟"

"أنت لسة بتسألي يا حرمة. بعد اللي حصل إمبارح وبتسألي."

"ما علشان اللي حصل إمبارح بقولك وافق أنه ياخدها معه. لكن أشرط عليه الأول أنه يعقد عليها."

"نعم؟ أنت بتقولي أيه؟ بقى خالد يتجوز ده؟"

"القلب وما يهوى يا حاج. هو عجبته البنت. خلاص جوزها له. بدل ما يعمل حاجة في الحرام. يعني أنت لو منعته من البنت ده. هتمنعه أزاي من اللي هيشوفه في مصر؟ على الأقل لو أتجوزها تصونه من الحرام وتساعده على شيطانه."

"لكن مش ده يا أم صالح. البنت لا نعرف لها أصل من فصل. أنا كان نفسي أجوزه أحسن واحدة في الدنيا ده كلها. ده الغالي ابن الغالي. كنت عاوزه يكمل علامه وبعدين يقعد ويختار ويتشرط. ما كنتش اعرف أنه مستعجل قوي كدة."

"بصراحة البنت عاشت معنا ثلاث شهور دلوقت وما شوفناش منها العيبة. عارف لو يوم ما جابها هنا وقال اتجوزها كنت أنا اللي أقولك ترفض. لكن البنت فعلا كويسة وغلبانة. وانت بنفسك يا حاج قولت كذا مرة الله اعلم بظروفها. والواد عشقها. خلاص يبقى يتجوزوا."

"جواز أيه بس يا حاجة. هو الواد جاب سيرة جواز. هو قال لي هاخدها معي. ما جابش سيرة الجواز أبدا ولا يفكر فيه."

"هو لسة صغير. مش بيفكر في جواز ولا مسئولية. عاوز يبقى حر يعمل كل اللي هو عاوزه. أنت عمه. أنت اللي توعيه وتفهمه. هو مش عاوز يتجوز. عاوز يعيش حياته بالطول والعرض. وده غلط. لازم تقف له وتفهمه."

"فكرك كدة يا حاجة؟" 2

"طبعا يا حاج."

"اللي فيه الخير يعمله ربنا."

* * *

مريم سمعت ما دار بين خالد وعمه وعلمت برفض عمه على سفرها معه للقاهرة. وقفت تبكي في المطبخ وهي تغسل الأطباق وتقوم بأعمال المنزل. دخل خالد المطبخ ووجدها تبكي.

"مريم بتعيطي ليه؟"

مسحت مريم دموعها وواجهته

"عاوز حاجة يا خالد؟"

"كنت عاوز كوباية شاي. لكن قولي لي بتعيطي ليه؟"

"هأعمل لك الشاي حالا."

استدارت مريم ملأت أبريق الشاي بالماء ووضعته على الموقد.

"ماشي لكن ما جاوبتنيش."

أجابته مريم دون أن تلتفت إليه

"مفيش يا خالد."

"لا في. قولي حصل حاجة تاني النهاردة. هشام ضايقك تاني."

شعرت مريم بقلقه عليها وغضبه لذكر ما حدث في الليلة السابقة فألتفتت إليه تطمئنه على الفور.

"لا خالص أنا ما شوفتوش من إمبارح."

سألها خالد بهدوء وحنان

"أمال أيه اللي مزعلك؟"

"أنا سمعت اللي حصل بينك وبين سيدي الحاج."

"آه."

صمت خالد قليلا وهرب بعينيه من نظراتها. بعد عدة ثواني نظر لها وقال بثقة.

"أنت ما تقلقيش خالص. أنا هاتصرف. مهما حصل مش هسيبك هنا لوحدك. حتى لو حصلت أني أتخانق مع عمي."

فزعت مريم مما سمعت وقالت له.

"لا أرجوك. أنا مش قلقانة على نفسي ولا اللي ممكن يحصل لي. أنا مضايقة أني كنت السبب في خلاف بينك وبين عمك. أنا شوفت قد أيه عمك بيحبك وأنت بتحبه. وأضايقت جدا النهاردة لما شوفته زعل منك وقام."

"ما تقلقيش. سيبها على ربنا وإن شاء الله هتتحل بدون أي مشاكل. أرمي حمولك على الله وكله هيبقى خير إن شاء الله."

"ونعم بالله."

"هو الشاي ده جملي ولا أيه. ده ما كانتش كوباية شاي ده اللي هنفضل ساعة مستنينها."

أبتسمت مريم والتفتت للموقد وأخذت أبريق الشاي وصبت له كوب.

"خلاص خلاص. الشاي اهه جاهز. وأسفة على التأخير."

أخذ منها خالد كوب الشاي ونظر لها بغضب مصطنع وقال لها

"ناس ما تجيش إلا بالعين الحمرا." وأستدار وخرج من المطبخ تاركا مريم ضاحكة.

يتبع
تعليقات



CLOSE ADS
CLOSE ADS
close