رواية وهبني القدر بدرا الفصل السادس والسابع والثامن والتاسع بقلم نسمه مالك جميع الفصول كامله
❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙
الصفحه الرئيسيه للروايات الكامله اضغطوا هنا
❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️
رواية وهبني القدر بدرا البارت السادس والسابع والثامن والتاسع بقلم نسمه مالك جميع الفصول كامله
![]() |
رواية وهبني القدر بدرا الفصل السادس والسابع والثامن والتاسع بقلم نسمه مالك جميع الفصول كامله
..بسم الله الرحمن الرحيم.. لا حول ولا قوة إلا بالله..
"يُقال أن الرجل يُحب ليسعد بالحياة، أما المرأة تحيا لتسعد بالحب"..
سطعت شمس نهار يومًا جديد، استيقظت "حبيبة" منذ بكرة الصباح، وقفت بمطبخها تطهو أشهى المأكولات و ألذ الحلويات خصيصًا لشقيقتها العروس، أنعشت المنزل بل المنطقة بأكملها برائحة الطعام الذكية التي تُسيل لعاب كل من يستنشقها،
برغم أنها تشعر بتعب يُهاجمها من حين لأخر، أجبرها على التقيأ أكثر من مرة لكنها لم تهتم، و تابعت ما تفعله حتى أنتهت من إعداد أصناف متنوعة من كل ما لذ و طاب..
"يا صباح الجمال على حبيبة قلب أيوب"..
قالها "أيوب" و هو يخطو لداخل المطبخ، و اقترب منها حاوطها بذراعيه، ظهرها مقابل صدره..
كانت واقفة مستندة بكلتا يدها على طاولة أمامها، غالقة عينيها تنتظر ليهدأ هذا الدوار الذي يُطيح برأسها كلما نهضت من مقعدها..
شعر "أيوب "بالقلق حين وجدها ملتزمة الصمت ، لم ترد عليه، و لا حتى إستدارت له، فمد يده و قبض على ذقنها بأطراف أصابعه يحثها على النظر له و هو يقول بلهفة..
"مالك يا حبيبة؟!"..
خرج صوتها لاهث، مجهد تقول بضعف..
"مش عارفه يا أيوب مالي انهاردة.. بدوخ و الدنيا بتلف بيا و رجعت كذا مرة و!! "..
توقفت عن الحديث فجأة، و لفت وجهها نظرت له بأعين جاحظة، لتجده يبتسم لها بعبث مرددًا..
"و أيه؟"..
أقترب بفمه من أذنها، و تابع بهمس بصوته المزلزل قائلاً..
"و متأخرة بقالها أسبوع مش كده؟ "..
تهربت من عينيه، و اعتدلت بوقفتها، دفنت نفسها داخل حضنه و هي تحرك رأسها له بالإيجاب بخجل شديد، ضمها له بقوة مردفًا بفرحة غامرة..
"شكلك عملتيها و هتخاوي أحمد و أيمن و تجبلنا بنوتة طعمة زي مامتها"..
رفعت رأسها و نظرت له نظرة عتاب أخفت السعادة التي غمرتها مدمدمة..
" اممم.. مامتها اللي أنت هتسيبها و تسافر من غيرها!!"..
طبع قبلة رطبة على خدها و تحدث برزانته المعهودة قائلاً..
"ممكن متفكريش في أي حاجة تضيقك أو تعكر مزاجك على أصبح كده من دلوقتي لأخر الشهر "..
عقدت حاجبيها و تحدثت بستفسار قائلة.."و اشمعني يعني لأخر الشهر؟! "..
أبتسم لها ابتسامته الجذابة و هو يقول..
" عشان أنا واخد أجازة أسبوعين ليكِ مخصوص"..
"بجد يا أيوب!".. صرخت بفرحة و هي تقفز بين يديه، ليلتقطها هو بلهفة و حملها من خصرها رفعها عن الأرض داخل حضنه مغمغمًا..
"أيوه بجد يا عيون أيوب.. بس هاخدك المستشفى معايا انهاردة عشان أطمن عليكي قبل ما أوديكي ل هبة"..
قالت" حبيبة "برجاء.. "لا يا أيوب بالله عليك وديني لأختي الأول .. أنا منمتش طول الليل من قلقي عليها بسبب اللي حصل إمبارح بعد ما أنت روحت توصل ماما و عمو أحمد"..
" أيه اللي حصل ؟! "..
وضعت أصابعها أسفل ذقنها بتعجب و هي تجيبه..
" بدر جوز أختي طلع عنده أخت إسمها شروق أكبر منه جت الفرح إمبارح وعرفنا عليها و الغريب أنها مشيت بسرعة من غير حتى ما تستني باباها و الأغرب أنه عمره ما جاب سيرتها لا ل هبة اللي اتفاجأت بيها إمبارح و حتى والده لما جه معاه يطلبوا ايديها قال لبابا إن بدر إبنه الوحيد بعد وفاة مراته و بنته!! "..
التزم" أيوب " الصمت مصطنع الدهشة بملامحه ولم يخبرها بحديثه مع" بدر" الذي استأمنه على سره..
" متعلميش أيه اللي في النفوس يا حبيبة و بعدين أنتي عارفة كويس المشاكل اللي بتكون بين الأهل.. المهم تطمني على أختك عشان أنا أطمن عليكي "..
أبتسمت له بدلال و هي تقول..
"طيب مش لازم نروح المستشفى.. هجيب إختبار من الصيدلية و نتأكد هنا"..
مسد على وجهها بأنامله بكل ما يملك من رفق، و همس بنبرته العاشقة قائلاً.. "هنزل أنا أجيب ليكي اللي أنتي عايزاه بس ادخلي أرتاحي شوية على ما أحضر لك فطار معتبر يعجب السيادة و بعد كده هعملك اللي أنتي عايزاه و برضوا هاخدك المستشفى عشان اطمن عليكي أكتر "..
زمت شفتيها و هي تقول..
"عارفة إنك مش هترتاح إلا لما تكشف عليا بنفسك يا دكتور أيوب.. بس أنا مليش نفس دلوقتي.. هدخل أخد شاور و بعدين أصحى الولاد و ماما زينب و نبقي نفطر كلنا سوا"..
شهقت بخفوت حين مال عليها وحملها بخفة على ذراعيه، و سار بها خارج المطبخ قاصدًا غرفتهما..
"حيث كده يبقي خليني أكشف عليكي دلوقتي عشان قلبي يطمن"..
............................. لا إله إلا الله وحده لا شريك له........
" بدر "..
فتح عينيه التي تضوي ببريق العشق، لوهلة ظن أنه استيقظ للتو من إحدي أحلامه برفقة معشوقة روحه، لكنه تنهد بارتياح و فرحة تغلف قلبه حين أيقن أن ما عاشه هذه المرة كان حقيقة و ليس حلم..
"هبة" زوجته هنا معه تحت سقف واحد ، يجمعهما فراش واحد..
غارقة في نومًا عميق داخل حضنه بين ضلوعه، تأملها بنظراته المُتيمة، يتفرس ملامحها، و يغمرها بقبلاته الرقيقة التي تُشبه رفرفة الفراشات على كل أنش بوجهها..
صدح صوت جرس الباب جعله يبتعد عنها على مضض، فتململت هي مدمدمة بأسمه أثناء نومها جعلت قلبه يخفق بجنون من شدة سعادته..
نهض مسرعًا ،و ارتدي ثيابه أرتداها على عجل، و سار لخارج الغرفة غالقًا بابها خلفه، مر بطريقه على الطعام الذي أعده ليلة أمس نسي أمره تمامًا، فكيف يشتهي للطعام و هو غارق في أنهار من العسل..
فتح باب الشقة ليجد شخصًا غريب حامل بيده صندوق هدايا كبير ..
"صباح الخير يا فندم.. أنا مندوب شحن و معايا أوردر بأسم مدام هبة محمد بلغها أنه مدفوع بالكامل و تقدر تستلمه بعد ما تمضي على وصل الإستلام بنفسها"..
"مين اللي باعته؟!".. قالها "بدر" بملامح بدت مخيفة، و قد ظن أن المدعو "سيف" هو من أرسله..
ليجيبه المندوب بعملية قائلاً..
"حضرتك اسم المرسل مكتوب في الإيصال تقدر مدام هبة بس اللي تقراه قبل ما تمضي"..
" في أيه يا بدر؟! "..
قالتها" هبة" التى ارتدت إسدالها و خرجت من غرفتها تبحث عن زوجها، وقفت بعيدًا عن فتحة باب الشقة..
نظر لها "بدر" نظرة لا تخفي غضبه الذي بدأ يتفاقم، ارتجف قلبها بين ضلوعها حين رد عليها بهدوء عكس قسمات وجهه..
" في أوردر جاي عشانك واقف على أمضتك "..
أنهى حديثه و مد يده للمندوب الذي اعطي له الإيصال المغلق و معه قلم، أخذهم منه و أعطاه لزوجته دون أن يفتحه..
حبست "هبة" أنفاسها قبل أن تمد يدها و تأخذه منه، و فتحته بتوتر نجحت في إخفاءه، لتتهلل أساريرها و تدون إمضاتها بلهفة و هي تقول..
" ده من حبيبة أختي"..
أقتربت من الباب وأعطت الإيصال للمندوب في يده، و أخذت من الصندوق وضعته على طاولة صغيرة خلف الباب، و إستدارت تطلع لزوجها الذي أغلق الباب وهو يتنهد بارتياح، و قد عادت ابتسامته الدافئة لملامحه الوسيمة..
"صباحية مباركة يا أجمل عروسة"..
توردت وجنتيها بحمرة قانية حين جذبها من خصرها و عانقها بقوة داخل صدره، لتبادله هي عناقه هذا بلهفة، و قد اختفت الفرحة الزائفة التي رسمتها على محياها، و تطلعت للصندوق الموضوع خلف ظهر زوجها بذعر شديد..
بينما رحل المندوب بدراجته البخارية، ليوقفه" سيف" الذي قطع عليه الطريق بسيارته و تحدث بنبرته الصلبة قائلاً..
"هاا.. عملت اللي قولتلك عليه بالظبط؟"..
"أطمن يا سيف باشا.. الأمانة وصلت و المدام لما قرت الوصل قالت إن أختها اللي بعته الاوردر"..
انبلجت إبتسامة أمل على ملامح "سيف" الذي أخرج من جيبه حفنه سخيه من المال واعطاها للمندوب و هو يقول..
"خد دول مش خسارة فيك.. بس لما أكلمك تسيب كل اللي في أيدك و تجيلي جري عشان الهدايا اللي جاية هتبقي كتير"..
......................................... صلِ على الحبيب......
داخل غرفة مظلمة أضاءتها أشعة الشمس، جلست "ورد" طول الليل بمفردها، لم يغمض لها جفن بعدما استمعت لحديث زوجها مع والدته، و كلماته الجارحة التي مزقت فؤادها..
لم تنطق بحرف واحد و سارت بخطي شبة راكضة لغرفة مقابل الغرفة المتواجد بها زوجها، و دلفت للداخل غالقة الباب خلفها بقوة كادت أن تحطمه،ظلت تطلع بصورة والدها الظاهرة على هاتفها ، و تردد بحسرة..
"الله يرحمك يا أبا.. معرفتش معني الإهانة و الذل إلا بعد موتك يا حبيبي"..
كانت مدللة أبيها، لم يجرُء أحد على مسها بكلمة واحدة حتى و لو كانت والدتها و جدها، كان والدها محاوطها بحمايته جعل شخصيتها قوية تُشبه الرجال بجرئتها،بينما هي أرادت تعويضه عن خلفه الولد الذي كان يتمناه،
ليبدأ هو في تلبية كل طلباتها مهما كانت من شدة حبه و فرحته بها، حتى خطفه الموت منها و هي بعمر الثانية عشر عام، ليقرر جدها تزويجها بأبن عمها "جبل" بعد وفاة والدها بعام واحد..
و برغم أنها كانت تظن أنها لا تكن لزوجها أي مشاعر بقلبها، ليأتي أسم تلك ال "سارة" لينفض الرماد الموضوع فوق نيران عشقها المتآجج تجاه رجلها التي لم تكن تعلم حتى بوجوده، لتضع قبضة يدها فوق قلبها الملتاع، و تهمس بسرها بملامح منذهلة..
"قلبك بيغلي ليه كده أنتي غيرانة عليه ولا أيه يا ورد؟! معقول أكون بحبك يا جبل!"..
انتفض قلبها و تسارعت نبضاته حتى كاد أن يغادر صدرها من عنف دقاته حين استمعت لصوت حمحمته، قفزت من مقعدها وقفت أمام المرآة تتأمل هيئتها، لتجحظ عينيها من أثر اللكمة الذي لكمها لها جدها التي حولت لون خدها من الأحمر إلى الأزرق..
شعرت بألم مبرح يفتك برأسها، و على جسدها بأكمله،فخلعت كنزة منامتها ببطء متأوه بألم بصوتٍ مكتوم، و من ثم سروالها و بقت بقميص قطني أسود قصير للغاية، لتلجمها الصدمة للحظات حين رأت فخذها المجروح جرح يشبة شق السكين و أيضًا تحول لون جسدها الحليبي للأزرق و الأحمر معًا بسبب ضربة قوية من العكاز أدت لكسره..
"أما دفعتك تمن العلقة اللي كلتها بسببك دي يا جبل يا ابن وفاء مبقاش أنا ورد الجبل"..
همست بها من بين أسنانها بوعيد، و هي تعدل منامتها حتى ترتديها مرة أخرى..
شهقت بخضة حين طرق باب الغرفة، و استمعت لصوته ينطق إسمها بنبرة دغدغت حواسها..
"ورد أنتي صاحية؟..لو صاحية أخرجي من فضلك عايز أتكلم معاكي "..
برغم أن أسلوبه مهذب و راقي جدًا معاها، إلا أنه لم يروقها بتاتًا، أثار غضبها جعلها تصطك على أسنانها كادت أن تهشمهم من شدة غيظها، ألقت منامتها أرضًا، و اندفعت نحو باب الغرفة وقفت خلفه و تحدثت دون أن تفتحه قائلة..
"بقي أنا تقولي من فضلك!! ليه شايفني لابسة بورنيته؟ ما تقولي يا آنسة ورد أحسن و لايق عليا أكتر كمان يا جووزززي"..
تعمدت الضغط على كل حرف بأخر كلمة بطريقة أفقدته أعصابه،لتطرق هي على الباب بكف يدها بغضب شديد مكملة..
"يا بتاااع ساااارة"..
هنا هو الذي عض على قبضة يده من لسانها السليط، دار حول نفسه عدة مرات هامسًا بسره..
"و دي أتكلم معاها إزاي بس ياربي ؟!"..
مسح على خصلات شعره الفاحم مكملاً بتمني..
" أنا نفسي أدخل أحدفك من الشباك و أريح البشرية من لسانك"..
أخذ نفس عميق زفره على مهلٍ كمحاولة منه ليهدأ، و تحدث بتعقل قائلاً..
"يا ورد أنا بتكلم معاكي بإحترام يبقي تردي عليا بإحترام و متحاوليش تختبري صبري عشان متغباش عليكي"..
ضحكت ضحكة خليعة جعلت عينيه تتسع على أخرها، مردفة بلامبالاة..
" هتتغابي عليا هتعمل أيه يعني؟ هتضربني مثلاً! مش هتلاقي في جسمي مكان بعد العلقة اللي كلتها بسببك"..
" بسبب لسانك اللي عايز قطعه.. و أخرجي بقي خلينا نتكلم بالعقل قبل ما المأذون يجي "..
رباااه!!!
شحب لونها فجأة ،و كأن قلبها توقف عن النبض بعد جملته هذه، لم تنتبه على حالها و هي تفتح الباب بلهفة لتصدمه بهيئتها الفاتنة التي حبست أنفاسه..
" و المأذون جاي ليه؟ "..
لم يقوي على رفع عينيه من عليها، و كأنها ألقت سحرها عليه، ابتلع لعابة بصعوبة قبل أن يُجيبها ..
"عشان هطلقك يا ورد"..
"و هو أنت اتجوزتني أصلًا عشان تطلقني يا جبل؟!"..
قالتها بنبرة ناعمة لم تنطق بها من قبل خاصته هو وحده بها،
شملها بنظرة متفحصة من عينيه التي أشتعلت بها نيران الرغبة تمكن من إخفاءها ببراعة،و تحدث بنبرة جادة لا تحمل الجدال قائلاً..
"أنتي بالنسبالي بنت عمي وبس"..
سارت نحوه حتى توقفت أمامه مباشرةً، و نظرت لعينيه بعينيها المُدمرة و تحدثت بنبرة يملؤها التحدي..
"و أنت بالنسبالي ابن عمي و جوزي"..
عقدت ذراعيها أمام صدرها الذي جعله على وشك فقدان صوابه ، فكور قبضة يده كمحاولة بائسة منه لتلجيم نفسه عنها حين تابعت بإصرار..
" جوزي يا جبل.. حقي اللي مش هفرط فيه بسهولة و هعمل اللي ميتعملش عشان أحافظ عليك"..
ساد الصمت بينهما لبرهةً، قطعه" جبل" مردفًا بأسف..
" أنا جاي من مصر مخصوص عشان أخلص حكايتنا دي و هرجع انهاردة لشغلي و دراستي و حبيبتي اللي مستنياني فياريت لو ليكي طلبات قبل الطلاق تقوليلي عليها هنا.. لأننا في الأخر أهل و مينفعش نتكلم قدام الناس الغريبة اللي هيشهدوا على طلاقنا "..
مدت يدها و ربتت على كتفه ببعض العنف مرددة ..
" يعني ده أخر كلام عندك؟! "..
رفع حاجبه لها بحركة جعلته بغاية اللطافة مغمغمًا..
" أه أخر كلام عندي"..
" تمام.. أنا كنت عايزة أحافظ على بيتي عشان ميتخربش زي ما بيقولوا بس مدام أنت مصمم و واخد قرارك يبقى تبعت تجيب المأذون".. قالتها و هي تستدير و تعود لداخل الغرفة، دون إرادة منه عض على شفتيه السفلية و هو يتابع تمايل خصرها بغنج كاد أن يطير اللُب من عقله..
"و لو على طلباتي فاطمن أنا مليش طلبات لأننا زي ما أنت قولت إحنا في الأخر أهل يا جبل"..
................................... سبحان الله العظيم.......
أصوات مرعبة تُصم الأذان بين طلق ناري حي، و قنابل، و أسلحة نارية متعددة، تكبيرات و صراخات بكلمات تُحث على الجهاد تستيقظ" شروق " عليهم كل صباح..
و أحيانًا تفتح عينيها على هجوم مسلح حقيقي من جماعات أخرى على عداوة مع جماعة زوجها،و ليس إحدي التدريبات مثل الآن..
رمشت بأهدابها، و فتحت عينيها ببطء لتجد إحدي خادمتها ممسكة بسلاح ناري مصوب على رأسها..
"اتشاهدي على روحك؟! "..
بلمح البصر و بمنتهي الإحترافية كانت استحوذت "شروق" على سلاحها و أطلقت عليها النار أسقطتها أرضًا في الحال، و انتفضت من فراشها ليظهر قميصها النبيذي الحريري ذو فتحة على طول قدمها تظهر الرابطة حول فخذها التي تحتوي على سلاح ناري سحبته هو الأخر، و وقفت خلف نافذة غرفتها تبحث عن زوجها الذي يقف في قلب المعركة ، و بدأت تطلق النار بدقة قناصة ماهرة على كل من يحاول إصابته ..
أستمر إطلاق النار المتبادل لفترة ليست بقليلة حتى قضوا على كل غريب دلف لمنطقتهم، و صدح صوت التهليل و التكبير دليل على إنتصارهم..
ركض "وليد" مسرعًا تجاه الغرفة المتواجده بها زوجته، اقتحمها و عينيه تبحث عنها بلهفة..
كانت تعيد تلقين خزانة أسلاحتها غير عابئة لوجوده..
"أنتي كنتي بتضربي نار من الشباك و أنتي بقميص النوم ده؟!"..هدر بها بصوتٍ يشبه زئير أسد غاضب..
تطلعت له بنظرات ذائغة تدل على خوفها من نوبة غضبه، و اجابته بصراخ قائلة..
"متقلقش محدش شافني.. كنت واقفة ورا الستارة"..
أقتربت منها و خطفها بعناق محموم ، يضمها بتملك مجنون مدمدمًا..
" اممم.. و بدافعي عني ليه لما أنتي بتكرهيني.. أنا علمتك عشان تعرفي تدفعي عن نفسك مش عني"..
"ما أنا بدافع عنك عشان أعيش يا وليد".. همست بها و هي تطلع له بنظرتها التي تُذيب قلبه المُتيم بها عشقًا، و تابعت بأنفاس متهدجة..
"أنا مقدرش أعيش من غيرك لو إتصابت أنا اللي هموت"..
"عشان كده عايز أخلف منك ولد يا شروق قبل ما أنفذ العملية اللي هنول فيها الشهادة بأمرالله "..
كانت تصيح بغضب عارم في وجهه كلما ذكر تلك الجملة و تمنع نفسها عنه قدر استطاعتها حتى لا تحمل منه، وإن حدث الحمل تتخلص منه قبل أن يعلم هو بوجوده، لكن اليوم أذهلته حين بادلته عناقه هذا، و أعلنت له استسلامها لطلبه، مما دفعه للشك بأمرها فقبض على عنقها فجأة، و ونظر لعينيها نظرة متفحصة و هو يقول ..
" أنتي في حد جندك يا شروق؟!"..
أنتهي الفصل..
تفاعل جبااااااااااااااااااار يشجعني على الكتابة..
واستغفروا لعلها ساعة استجابة..
الفصل السابع..
وهبني القدر بدرًا..
✍️نسمة مالك✍️..
.. بسم الله الرحمن الرحيم.. لا حول ولا قوة إلا بالله..
الحب هو أخف أسباب الذنب و أكثرها تبريرًا لطلب الغفران، و لذلك كلما ازداد حبنا تضاعف خوفنا من الإساءة إلى من نُحب، نسعى فقط إلى سعادته حتى و لو لم نكن جزءًا من هذه السعادة..
و هذا ما يفعله "بدر" مع زوجته "هبة" من وقت ما أصبحت زوجته حتى يري الفرحة تُزين ملامحها و يمحي الحزن عن قلبها و قد ظن إنه نجح في تحقيق هدفه، لكن أحيانًا تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن..
وصلت "حبيبة" برفقة زوجها لمنزل شقيقتها "هبة" التي ركضت مسرعة و عانقنها بقوة..
"هبة يا حبيبتي.. ألف ألف مبروك يا أحلى عروسة "..
قالتها "حبيبة" بحب شديد، و من ثم أطلقت وابل من الزغاريط جعلت حالة من البهجة و السرور تمليء المكان..
"نورتنا والله يا أيوب"..
أردف بها " بدر " و هو يفتح له الباب على مصراعيه،
ليدلف "أيوب" حامل على يده الكثير من الهدايا و الطعام التي اعدته زوجته بنفسها..
لتستغل "هبة" انشغال زوجها مع زوج شقيقتها، و سحبت "حبيبة" معاها إلى غرفة نومها..
"مالك يا هبة.. أنتي بتترعشي ليه كده! "..
رفعت "هبة" يدها وضعتها على جبهتها و هي تقول بضعف..
"سيف.. سيف يا حبيبة بعت لي أوردر هنا.. و شكله كده مش ناوي يسيبني في حالي"..
جحظت أعين "حبيبة" و أردفت بذهول قائلة.. "بعت لك أوردر هنا على بيت جوزك؟!"..
حركت "هبة" رأسها بالايجاب و هي تُشير لها بعينيها على البوكس الموضوع طاولة بمنتصف الغرفة..
تنقلت "حبيبة" بعينيها بين شقيقتها و بين هذا البوكس الذي أثار الريبة لقلبها و أردفت بتساؤل قائلة..
" و بدر عمل أيه لما عرف؟!"..
" بدر لسه معرفش.. أنا كدبت و قولت إن الاوردر ده أنتي اللي بعتاه".. همست بها "هبة" بندم..
"كدبتي يا هبة!!"..
تنهدت "هبة" بحزن و هي تقول..
"من خوفي على بدر والله يا حبيبة.. خوفت أقوله و أنا لوحدي يسيبني و يروح لسيف و يتخانق معاه .. قولت أستنى لما تيجي أنتي و جوزك و تبقوا معايا و أنا بقوله"..
زفرت" حبيبة"بضيق و هي ترمق البوكس بنظرات يتطاير منها الشرر.." و ياترى باعت لك أيه الحيوان ده؟ "..
قالتها و هي تسير نحو البوكس و بدأت بسحب الشريط الأسود المعقود به..
اقتربت" هبة" هي الأخرى ببطء،تطلع لما تفعله شقيقتها بنظرات ذائغة، و قد شعرت بقبضة قوية تعتصر قلبها على حين غرة..
فتحت "حبيبة" البوكس و ليتها لم تفعل، شهقت شهقة عالية حين رأت ما بداخله و أسرعت بضم "هبة" التي أصبحت بعالم أخر من هول ما رأت و بدأت تبكي بكاء حاد..
............. صلِ على الحبيب.......
كانت "ورد" تقف أمام المرآة تمشط شعرها الرطب بعدما أخذت حمام دافيء لعله يهدأ آلام جسدها، بينما قلبها ضجيجه لن و لم يهدأ إلا بالوصول لهدفها الذي يتلخص في شخص واحد هو زوجها "جبل"..
نهرت نفسها حين تذكرت تلك الليلة التي أساءت له فيها، و أعترفت أنها كانت مخطئه بحقه مرددة بندم..
"ذودها أوي معاك يا جبل و عندك حق في زعلك مني بس مش لدرجة إنك تطلقني! "..
صكت على أسنانها بغيظ مكملة.. "و لا تعرف واحدة تانية و تحبها عليا و كمان تقولها في وشي و تقهرني"..
مشطت شعرها الأسود الحريرية برفق و هي تبتسم بدلال مردفة بثقة.. "جبل مش ممكن يسيب ورد ده أنا مكتوبة على إسمه من وأنا في اللفة.. هو أكيد بيهددني بحكاية الطلاق دي عشان يخليني اتأسف له على غلطتي في حقه "..
خفق قلبها بخوف حين استمعت لصوت طرقات عنيفة على باب المنزل يليه صوت حماتها "وفاء" تصيح بغضب قائلة..
" مين اللي بعت جاب المأذون اللي تحت ده يا جبل؟! "..
" أنا يا أمي "..
قالها" جبل" و هو يرتدي قميصه الأبيض، تطلعت له" وفاء " بصدمة..
" أنت هتعمل اللي قولت عليه فعلاً يا ابني؟! عايز تطلق مراتك اللي رهنتها جنبك كام سنة و لما أخيرًا رجعتلها عايز تطلقها!!"..
قال" جبل"بهدوء ..
" يا أمي أنا قولتلك إن جوازي من ورد كان غلط، و لو فضلت على ذمتي هتبقي غلطة أكبر لأني بعتبرها زي أخواتي البنات و عمرها ما هتتنقل من المكانه دي خصوصًا إني بحب سارة و هتجوزها و أنا مش عايز أظلم بنت عمي معايا أكتر من كده"..
فتحت" وفاء " فمها لتتحدث، لكنها صمتت ثانيةً حين رأت "ورد" تقترب من" جبل" بلهفة ظاهرة على ملامحها المذعورة،
شعرها المبتل منسدل على ظهرها، ترتدي منامة صفراء بحالات رفيعه، و هوت شورت قصير، توقف" جبل" عن غلق أزرار قميصه حين لمح هيئتها التي جعلت جمرات من النار تشتعل بأعماق قلبه رغم جمود ملامحه..
هرولت "ورد" مسرعه حتي توقفت أمام زوجها مباشرةً، نظرت لعينيه بعينيها الواسعة و همست بصوتٍ مرتعش قائلة..
"أنت عايز تطلقني بجد يا جبل؟!"..
ألتزم الصمت و ظل يتطلع لها بنظرات خالية من المشاعر، لتغادر " وفاء" على الفور تاركة لهما بعض الخصوصية..
ساد الصمت بينهما طويلاً، تنتظر "ورد" إجابته بشق الأنفس، لكنه ظل ينظر لها بعينيه التي جعلت قلبها يرتجف بين ضلوعها حين لمحت بها نظرة عاتبة..
فقررت هي قطع الصمت و أردفت بصوتٍ تحشرج بالبكاء قائلة..
"أنت لسه زعلان مني عشان اللي عملته معاك زمان؟!"..
فركت كفيها ببعضهما و تهربت بعينيها منه..
"أنت عارف إني كنت عيلة صغيرة"..
اقتربت منه أكثر حتي أصبحت المسافة بينهما لا تُذكر ، و مدت يدها بستحياء و بدأت تغلق له باقي ازرار قميصه واحد تلو الأخر، و من ثم عادت النظر لعينيه من جديد لكن تلك المرة كانت نظرة يملؤها الشوق مرددة..
"أنا آسفة يا جبل على كل كلمة قولتها في حقك وقتها و زعلتك مني .. أنا بعترف لك إني غلطت في حقك"..
أهدته ابتسامتها الخلابة، و رفعت ذراعها المرمري وضعته على شفتيه و تابعت بغنج..
"و لو على العضة ردهالي و عضني و نبقي خالصين"..
أخذ "جبل" نفس عميق لتتسلل رائحتها المسكرة لأنفه و تشعل كل حواسه، قربها منه إلى هذا الحد الذي كاد أن يفقده صوابه، لكنه بقي ساكنًا يحاول تلجيم نفسه عنها..
"تعالي يا ورد"..
نطق بها أخيرًا و هو يقبض على كف يدها برفق، و سحبها خلفه نحو أقرب أريكه، جلس و أجلسها بجواره و تحدث بامتنان قائلاً..
"أنا مديون لك بالشكر يا بنت عمي.. اللي عملتيه معايا خلاني أسيب البلد و أقابل دكتور أيوب اللي غيرلي حياتي و بفضله بعد ربنا بقيت أدرس و أشتغل لحد ما بقيت الاسطي جبل و الدكتور عبد الرحمن"..
نظر لها بابتسامته الجذابة مكملاً .. "و رجعت دلوقتي عشان أديكي حريتك و أحلك من جوازة أنا و أنتي اتغصبنا عليها"..
بهتت ملامح" ورد" حين رأت مدى إصراره على طلاقها، فنهضت من مكانها فجأة و جلست على قدميه محاوطة عنقه بذراعيها متمتمة ببوادر بكاء..
" بس أنا مش عايزة أطلق منك يا جبل"..
فعلتها هذه شُلت حركته و حتي تفكيره، خاصة حين همست بنعومة.." لأني مينفعش أكون غير ورد الجبل"..
انتهى الفصل..
واستغفروا لعلها ساعة استجابة..
الفصل الثامن..
وهبني القدر بدرًا..
✍️نسمة مالك✍️..
.. بسم الله الرحمن الرحيم.. لا حول ولا قوة إلا بالله..
الزواج لابد أن يكون عن تراضٍ، معاملة حسنة، مشاركة طواعية، عذوبة بعد كبد النهار، وأمان على وسادة الثقة، وسلام بأطباق الرضا حتى نكون معًا بوجه الحياة ..
كان "بدر" جالسًا مع "أيوب" بغرفة الضيوف حين أستمع بقلبه قبل أذنه صوت بكاء زوجته، فنتفض من مقعده و هرول مسرعًا نحوها، بينما بقي "أيوب" بمكانه احتراماً لحرمة المنزل و اكتفي بطلب رقم زوجته التي مازالت مع شقيقتها بالداخل..
"في أيه يا هبة.. أيه اللي حصل يا حبيبة"..
قالها "بدر" و هو يقطع المسافة بينه و بين زوجته في خطوتين و جذبها بلهفة من حضن شقيقتها لداخل حضنه هو..
لم تنطق أي منهما على سؤاله، يبكيان بحرقة بكاء يقطع نياط القلوب، لتقع عينيه على الصندوق المفتوح المملوء بثياب و ألعاب أطفال ، هنا تأكد من شكوكه حول هذا الصندوق..
" دي هدوم سفيان.. ابني.. حبيبي اللي ملحقتش أشبع منه"..
همست بها "هبة" بصعوبة من بين شهقاتها الحادة، و هي تكافح بضراوة حتى تبتعد عن حضن زوجها، و بدأت تأخذ أغراض صغيرها و تستنشق رائحته فيهم، و تضمهم لصدرها بلهفة شديدة، و قد تبخرت كل قوتها الزائفة التي كانت تتحلى بها كل هذه السنوات..
كانت متماسكة فوق استطاعتها، لم تظهر حزنها لأحد، و ظلت تواسي والديها و شقيقتها على موت فلذة كبدها و هي في أشد الحاجة للمواساة، نجحت في الصمود كل تلك الفترة حتى جاء هذا الصندوق الذي كان بمثابة القشة التي قسمت ظهر البعير، جددت حزنها و حرقة قلبها على وحيدها فصرخت بانهيار مخيف مرددة..
"إبني مات يا حبيبة.. سفيان راح مني.. ااااه يا ابنى.. يا حرقة قلبي عليك يا ضنايا"..
حاول "بدر" السيطرة على حركاتها الهستيرية، ضم جسدها المتشنج بين ذراعيه ظهرها مقابل ظهره هامسًا بأذنها بنبرة متوسلة..
"هششش.. أهدي حبيبتي"..
كانت "هبة" في حالة هياج مرعب كمن فقدت عقلها حرفيًا مما دفع" حبيبة" بالركض لخارج الغرفة و هي تصرخ بأسم زوجها.." أيوب ألحق هبة.. ألحق أختي أبوس أيدك"..
"أية اللي حصلها يا حبيبة!!".. غمغم بها "أيوب" الذي احتوي زوجته محاوطًا خصرها بذراعه، يربت بكف يده على ظهرها كمحاولة منه لتهدئها..
"سيف اللي ربنا ينتقم منه بعتلها هدوم و لعب ابنها و حتي صوره و صورها و هي حامل فيه"..
قالتها و هي تسحبه معاها تجاه غرفة شقيقتها، ليوقفها" أيوب" و يتحدث بتعقل قائلاً..
" مينفعش أدخل عندها من غير ما جوزها يإذن يا حبيبة"..
صرخت "حبيبة" بوجهه قائلة بغضب ..
"أنت مش سامع صريخها.. أدخل أكشف عليها.. أديها أي حاجة تهديها يا أيوب بالله عليك "..
قال "أيوب" بهدوء و هو يجذبها برفق و عاد بها لغرفة الضيوف مرة أخرى ..
"سبيها تصرخ و تطلع كل اللي في قلبها و جوزها معاها لو احتاج لحد فينا هينادي علينا"..
كانت "هبة" تجلس أرضًا تضم ثياب صغيرها و صورته و تردد بهذيان..
" سفياان.. يا قلب أمك واحشتني يا ابني"..
بينما "سيف" جالسًا خلفها يضمها بذراعيه و حتي قدميه فأصبحت داخل جسده كلها، يقبل كتفها مرات و مرات بلا توقف، و يمسد بكف يده على موضع قلبها بحنان بالغ،ارتمت بثقل جسدها على صدره، و مالت برأسها على كتفه،
رفعت رأسها ومن ثم عينيها التي تنهمر منها العبرات، و نظرت له نظرة يملؤها الآلم و الحزن و الندم، و همست بتقطع بصوتٍ مبحوح قائلة..
" اآآأنا آسفة يا بدر كدبت عليك"..
رفع أنامله و زال دموعها بمنتهي الرقة، غمر وجنتيها المتوهجة بقبلاته الرطبة العميقة مغمغمًا..
"متتأسفيش .. عايزك تعيطي..تصرخي.. تطلعي كل اللي في قلبك بس و أنتي جوه حضني كده"..
ختم حديثه بضمها لصدره بقوة، اعتدلت هي و حاوطت خصره بكلتا يديها، دافنه وجهها بين حنايا صدره و أطلقت العنان لحزنها الذي جعلها تردد بصراخ مقهور..
"آآآآآآه يا ابني"..
......................... صلِ على الحبيب........
" جبل "..
أصبح بحاله يرثي لها بفضل دلال زوجته عليه الذي أيقظ شوقه لها، و للشوق سوءات، ارتجاف النبض، وتعثر الكلمات، ضياع الزفير بصدر يختنق، لنخفي عار الشوق، و نخصف عليه بخطوات الهرب ..
كان يستند بجبهته على جبهتها، و قد تعالت وتيرة أنفاسه و أوشك على ألتهام شفتيها اللتان يدعونه بألحاح ليقترب، لكنه سيطر على مشاعره ببراعة، و رسم الجمود على ملامحه و هو يقول ..
" أنا خت قرار و مش هينفع أرجع فيه يا ورد"..
شهقت "ورد" بخفوت حين حملها بخفه من خصرها فجأة بعدها عنه، و انتصب واقفًا يهندم قميصه و هو يقول بنبرة جادة لا تحمل الجدال..
"ألبسي و حصليني على تحت خلينا ننهي الحوار ده عشان أرجع لشغلي"..
نهضت "ورد" و اقتربت منه بخطوات غاضبة حتى توقفت أمامه مباشرة و تحدثت بهدوء مريب، هدوء ما قبل العاصفة..
"يعني ده أخر كلام عندك يا جبل؟!"..
لم ينظر لها "جبل" و مثل أنشغاله بأرتداء حزامه الجلدي حول خصره..
" أيوه أخر كلام عند!! "..
قطع حديثه و رفع رأسه نظر ل "ورد" بصدمة حين قبضت على ياقة قميصه فجأة و جذبته عليها حتى تلامست أنفهما و تحدثت بأنفاس متهدجة تلفح بشرته تُطيح بعقله قائلة..
"أنا مبعرفش أرتب و أذوق الكلام زي ما أنت بتعمل بس عايزاك تبقي عارف إنك حقي في الدنيا "..
نظرت لعينيه بتحدي و إصرار شديد مكملة..
"و أنا مبسبش حقي"..
أنهت جملتها واختفت من أمامه، ليلتقط هو أنفاسه التي سلبتها هي، يحاول يقنع نفسه أنه لا يحمل بقلبه لها أي مشاعره ، و أن قراره هو القرار الصحيح،
غادر الشقة على الفور حتى لا يُطيع قلبه و يدلف عنها و يخطفها بعناق محموم يحطم به عظامها، هبط لأسفل ليجد الجميع يجلسون بإنتظاره، يسيطر على الأجواء الحزن و الغضب و بكاء "صباح" والدة "ورد" تبكي بنجيب..
"يا جبل راجع نفسك يا ابني و متستعجلش ؟!"..قالها "رضوان" بنبرة راجية..
نظر له "جبل" وتحدث بأسف لحظة دخول "ورد" قائلاً..
"بالعكس أنا اتأخرت أوي أوي على القرار ده يا جدي و دلوقتي جه وقته عشان محدش يتظلم أكتر من كده لا ورد و لا البنت اللي بحبها و متفق معاها على الجواز و لا أظلم نفسي"..
لم ينتظر رد من أحد، و تابع حديثه قائلاً ..
" شوف شغلك يا مولانا"..
لتتعالي أصوات الهمسات، و البكاء لكن غطي على الجميع صوت" ورد" وهي تقول ..
"أنا مش عايزة أطلق من جوزي يا عم الشيخ.. بس هو اللي مصمم يطلقني"..
أردفت بها "ورد" بصعوبة من بين شهقاتها الحادة، قطعت قلوب جميع الحاضرين بنبرتها الحزينة، المنكسرة، حتى أن "جبل" كاد أن يصدق بكائها الزائف هذا،
لتتابع حديثها الذي كان كالصاعقة سقطت على رأس جميع الحضور، و خاصةً زوجها الذي تلفظ بأفظع الشتائم بسره حين قالت ببراءة مصطنعة...
" مع أني قولتله أني ستر وغطا عليه و راضية أعيش و أكمل معاه و أفضل على ذمته حتى لو فضلنا زي الأخوات العمر كله"..
هنا تحدث المأذون بعملية قائلاً..
"لو كلامك صحيح يا بنتي.. كده يعتبر مكتوب كتابك بس لأنك لسه بكر، و لو أنت طلقتها يا ابني مش هيبقي ليها عدة لأن المطلقة بعد العقد وقبل الدخول بائنة بينونة صغرى لا تعود لك إلا بعقد ومهر جديد وإذنها ورضاها
وليس لها عدة ولو عادت لك من غير عقد فهذ زواج باطل
ولو عادت لك بعقد جديد تحسب هذه الطلقة عليكما" ..
ضربت "ورد" بكف يدها على صدرها متمتمة..
"أوعى تطلقني يا جبل هتتحسب علينا طلقة"..
نهض المأذون و جمع أغراضه مردفًا بتعقل قبل أن يغادر .." مراتك باقية عليك يا ابنى.. أخذي الشيطان و شيل فكرة الطلاق من دماغك"..
أبتسم لها "جبل" إبتسامة أثارت الذعر بداخلها دفعتها للركض فجأة وسط دهشة الجميع، ركضت بأقصى ما لديها من سرعة و هي تردد..
"يااا لهووي هيتحول لتنين مجنح و هيبخ نار فينا كلنا و هتموتي يا ورد"..
تعالت الشهقات حين تفاجئوا ب" جبل"الذي نهض من مكانه و بدأ يفك حزامه الجلدي من حول خصره حتى خلعه و لفه على قبضة يده و ركض بخطوات واسعة خلف تلك ال "ورد" و هو يصيح بغضب عارم قائلاً..
"هتجري تروحي مني فيييين.. ده أنتي يوم أهلك أسود انهارده "..
دارت" ورد" حول نفسها ذهابًا وإيابًا تبحث عن مكان تختبئ منه فيه و هي تلطم خديها..
أنتهي الفصل..
واستغفروا لعلها ساعة استجابة...
الفصل التاسع..
وهبني القدر بدرًا..
✍️نسمة مالك✍️..
.. بسم الله الرحمن الرحيم.. لا حول ولا قوة إلا بالله..
مّر وقت ليس بقليل، حدث خلاله الكثير من الأشياء، ساءت حالة "هبة" للغاية و دخلت في حالة إنهيار تام ، لم يتركها زوجها خلال تلك الفترة الصعبة، ظل بجانبها طيلة الوقت حتى أنه أوفى بوعده و حقق لها أعظم أمانيها و أخذها إلى بيت الله الحرام ،فعلته هذه خففت عنها كثيرًا و لكنها للأسف لم تعود لطبيعتها إلى الآن..
الخوف مسيطر عليها دائمًا، أصبحت ترتعب من صوت جرس باب الشقة ظنًا منها أنه طليقها و أرسل لها شيئًا أخر يسود به حياتها،
من بعد تلك الليلة التي أرسل لها أغراض صغيرها، ظلت هي تبكي بنحيب حتى غرقت في نومًا مُتعب استيقظت منه باليوم التالي وجدت زوجها بجوارها، لكن و جهه و يده بهما علامات تدل على أنه خاض عراك شرس !
لم تُجرأ على سؤاله حينها لكنها تأكدت أنه لقن "سيف" درسًا قاسيًا لن ينساه لذلك لم يرسل لها شيئًا أخر من بعدها، أما "بدر" ألتزم الصمت و تعامل كأن لم يكن شيء، لا يشغله سوي رؤيتها بخير، يعمل كل جهده ليلمح ابتسامتها من جديد..
و لخاطره تحاول هي بشق الأنفس التعافي من حزنها ظاهريًا إلا أن بأعماقها صرخات مكتومة متألمة نابعة من قلب أحترق بقسوة،
نظرات زائغة من أعين كساها الحزن منذ سنوات،
رهبة، خوف، مشاعر مختلطة تسبب لها رجفة عنيفة بجسدها الهزيل..
لفت يديها حولها تحتضن نفسها متمتمة بسرها بصوتٍ متقطع..
"لا لا أهدي و بطلي خوف بقي.. بدر مش زي سيف أبدًا يا هبة"..
انتفضت بفزع، و زاد ارتجاف جسدها حين حاوطها "بدر" بذراعيه بحماية ظهرها مقابل صدره،
ولنكن أكثر صراحة فقد أخفاها بين ضلوعه و ساعده صغر حجمها على هذا كثيرًا..
مال برأسه عليها حتي أستقر بشفتيه على عظمة الترقوه، لثمها ببطء مدمدمًا..
" اممم معقوله لسه خايفة مني بعد كل دا يا هبة؟!"..
أطلقت آهة قوية، و هي تستدير بهدوء و تنظر له بابتسامة حزينة مردفة بأسف..
"مش أنا اللي خايفة"..
لفت يدها حول خصره، و ضمته بكل قوتها دافنة وجهها بصدره، وببكاء أكملت..
"قلبي اللي مرعوب من كتر الوجع اللي عاشه يا بدر"..
عانقها عناق محموم، و مد يديه حاوط وجهها بكفيه أجبرها على النظر لعينيه..
" أنا معاكي لحد ما أداوي قلبك و انسيكي أي وجع شوفتيه يا حبيبتي"..
همس بها من بين قبلاته المتفرقة على كامل وجهها..
همست "هبة" بغنج قائلة..
"حبيبتك!.. مش متعودة اسمعها منك رغم إنك بتثبتها لي في كل لحظة "..
أبتسم لها ابتسامته الجذابة، و داعب أرنبة أنفها بأنفه و هو يقول.. "من هنا و رايح أتعودي عليها.. لأنك أنتي لوحدك اللي حبييتي"..
تعمق النظر داخل عينيها و تابع بلهفة عاشق صادق ينبض قلبه بعشق حقيقي ظاهر بعينيه و بكل أفعاله معاها..
"سبحان من زرع حبك في قلبي.. بحبك يا هبة.. وعايزك تتأكدي أني دايمًا هكون معاكي في ضهرك.. متخفيش من أي حاجة و من بكره هتيجي معايا الكلية و ترجعي لدراستك و مذاكرتك و أنا هذاكرلك بنفسي لحد ما تنجحي و بتقدير كمان و تبقي أحلى و أجمل مهندسة هبة الزيني في الدينا كلها"..
لن تنكر أن نظراته لها و همسه بتلك الكلمة بكل هذا الشغف زلزلت قلبها بين ضلوعها جعلتها بعالم ثاني ، توردت وجنتيها بحمرة قانية، و أبتسمت له ابتسامتها التي تُذيب قلبه المُتيم بها عشقًا..
"هو أنا ينفع أقولك واحشتني يا بدر؟ "..
تهللت أساريره بسبب جملتها هذه التي كانت بمثابة ضوء أخضر يدعوه ليقترب منها ثانيةً بعدما تمنعت عنه غصبًا عنها بسبب سوء حالتها النفسية، كانت زوجة له ليومًا واحد فقط، و ظل هو صابر عليها بصدرٍ رحب كل هذه المدة، مقدرًا حزنها و ما مّرت به..
لف يده حول خصرها جذبها عليه حتى لصقها به، و قد اشتعلت بعينيه نيران رغبته بها، فهمس بأنفاس لاهثة تلفح برودة بشرتها، تُطيح بعقلها..
"ينفع طبعًا لأنك أنتي كمان واحشتيني أوي يا هبة.. قوليلي كل اللي في قلبك و اللي أنتي عايزاه بس وضحي واحشتك إزاي بالظبط؟"..
عضت على شفتيها بحركة تدل على خجلها منه لكنها أفقدته صوابه بها ، و تحكمه في سيطرته على نفسه معاها، فمال بوجهه على وجهها و همس بصوته المُدمر قبل أن يلتقط شفتيها بين شفتيه بلهفة قائلاً..
"أنتي واحشتيني كده!! "..
لم تمنع نفسها عنه كعادتها مؤخرًا،غلبها شوقها له فاستجابت لجنونه بها معلنة إستسلامها الكامل له قلبًا و قالبًا..
.................... لا إله إلا الله وحده لا شريك له...
"حبيبة"..
استيقظت للتو من نومًا مُتعب، ركضت مسرعة تجاه المرحاض و بدأت تتقيأ بقوة، و تأن بألم..
تعاني من القيأ الصباحي بسبب حملها..
ظلت تتقيأ حتى شعرت بدوار قوي يصيب رأسها، فتهاوي جسدها دون إرادة منها و ارتمت أرضًا تُصارع دوارها بوجه شاحب يتصبب عرقًا..
غزت الدموع عينيها، و انهمرت بغزارة على وجنتيها، و كتمت آهة ملتاعة محدثة نفسها..
"آآه كده يا أيوب.. هونت عليك تسافر و تسيبني لوحدي من غيرك كل الوقت ده"..
صدح صوت رنين هاتفها بنغمة زوجها الخاصة، و كأنه استمع لندائها بقلبه، حاولت النهوض أكثر من مرة لكن دوارها كان أقوى منها لم يمهلها، بل و هاجمها التقيأ من جديد فظلت تتقيأ حتى لم يتبقي شيئًا بمعدتها فبدأت تبثق الدماء..
لم يتوقف رنين هاتفها إلا بعد عدة مرات، ليصل لاذنها صوت رنين هاتف "زينب" حماتها تتحدث بفرحة غامرة قائلة..
"أيوب.. يا قلب أمك يا ضنايا واحشتني"..
"أنتي أكتر يا أم أيوب.. طمنيني عليكي و على أخواتي و حبيبة و الولاد عاملين ايه كلكم"..
قالها "أيوب" بقلق جمٍ ظاهر بنبرة صوته..
تنهدت "زينب" تنهيدة حزينة و تحدثت بعتاب قائلة..
" بقالك شهر ونص بعيد عننا و كل ما نتصل بيك نلاقي تليفونك مقفول أو واحدة ترد علينا تقولنا إنك في العمليات.. مراتك مش عارفة تتلم عليك بمكالمة تليفون حتى.. مش كفاية إنك سيبها في أول حملها و أنت عارف إن وحمها بيبقي صعب أوي و بيتعبها أخر تعب"..
صك "أيوب" على أسنانه كاد أن يهشمها و هو يقول.." عارف إني مقصر معاكم و مع حبيبة بالذات يا أمي و ليها حق تاخد على خاطرها مني بس أنتي عارفة إن غصب عني.. فهميها إن بعدي عنها مش بساهل عليا"..
صمت لبرهةً و تابع بنبرة راجية..
" و خليها ترد عليا.. أنا هتجنن من قلقي عليها "..
نهضت "زينب" من فراشها على مهلٍ، و سارت لخارج غرفتها متوجهه لغرفة" حبيبة" مردفة..
" طيب خليك معايا على ما أشوفها لك يمكن لسه نايمة يا ابني.. أنا هخبط عليها أهو اصحيها و أخليها ترد عليك"..
"و أنا معاكي مش هقفل".. غمغم بها" أيوب " بقلب تسارعت دقاته من شدة قلقه على زوجته معشوقة روحه..
طرقت "زينب" على باب الغرفة مرارًا و تكرارًا و هي تهتف بأسم زوجة ابنها.." حبيبة.. أنتي صاحية يا بنتي.. جوزك على التليفون عايز يصبح عليكي"..
نفذ صبر" أيوب" فتحدث بتوسل قائلاً.. أدخلي شوفيها يا أمي"..
فتحت" زينب" الباب و دارت بعينيها تبحث عنها، لتجد الفراش خالي، سارت تجاه حمام الغرفة و شهقت بقوة قبل أن تصل إليه حين لمحت قدم" حبيبة" الملقاه أرضًا، ضربت بكف يدها على صدرها وهي تقول بخضة.. "يا كبدي يا بنتي.. أيه اللي نابك يا حبيبة"..
جن جنون" أيوب " و بدأ يصيح بصوتٍ مرتعب..
" مالها حبيبة يا أمه.. ردي عليا قوليلي فيها أيه"..
كانت "زينب" ألقت الهاتف من يدها و مالت على "حبيبة" تضرب برفق على وجنتيها تحاول أفاقتها..
"فوقي يا حبيبة.. فوقي يا ضنايا أيه اللي جرالك بس يا بنتى؟! "..
أمسكت الهاتف و تحدثت بفزع قائلة.. "أيوب حبيبة واقعه في الحمام و وشها أصفر زي الليمونة"..
دار حول نفسه و هو يجذب شعر رأسه بعنف كاد أن يقتلعه من جذوره، و تحدث بأنفاس أوشكت على الانقطاع من شدة خوفه على زوجته.." أمي حاولي تطلعيها من الحمام و لبسيها اسدالها و أنا هقفل معاكي و أكلم عبد الرحمن ينزل يكشف عليها "..
" حاضر يا ابني.. هي فاقت أهي بس بترجع جامد أوي يا أيوب"..
لكم "أيوب" الحائط بقبضة يده لكمه أصابت أصابعه بعدة جروح، و أردف بهدوء عكس صخب قلبه.. "حاولي تأكليها بقسماته أو بسكوته تكون مملحة هتلاقي في كذا علبة في درج جنب السرير"..
" حاضر يا ابنى هحاول أكلها بس ابعتلي الواد عبد الرحمن أوام"..
أغلق" أيوب " الهاتف و أتصل برقم أخر و وضع الهاتف على أذنه ينتظر الرد بنفاذ صبر..
"دكتورنا الغالي اللي واحشني "..
" جبل أنت فين؟ "..
عقد" جبل"حاجبيه بتعجب و هو يجيبه.." أنا في البيت بجهز عشان عندي شغل هخلصه و بعدين هطلع على الكلية.. في حاجة يا اسطى أيوب؟! "..
" أنزل حالاً عندي البيت هتلاقي أمي مستنياك عشان تكشف على أم أحمد و أنا هفضل معاك على التليفون بلغني بحالتها بالظبط "..
هرول "جبل" بخطوات راكضة خارج الغرفة التي يقيم بها، تلك الغرفة التي كانت ل" أيوب " من قبل، الغرفة السرية بأخر طابق الذي كان يذاكر فيها بالخفاء حتى استطاع الحصول على الدكتوراه في جراحة القلب و الأوعية الدموية، و" جبل" يسير الآن على خطاه و قد اعتبرته"زينب" ابنها الرابع من شدة حبها له ..
.............................صلِ على محمد .......
"شروق"..
تقف داخل الحمام مستندة على الحائط، تنظر للسماء بأعين دامعة، تناجي ربها بقلبها يحقق امنيتها التي لطالما تتمناها بستماتة،
تفرك يديها ببعضهما بتوتر و هي تنظر في ساعة هاتفها، تنتظر مرور خمسة دقائق كما مدون على عبوة إختبار الحمل التي تقوم بفعله..
مرت تلك الدقائق ببطء شديد كما لو كانت سنوات طويلة،
كتمت أنفاسها و هي تسير بخطي مرتجفة نحو حافة حوض الاستحمام الموضوع عليه الإختبار، و نظر للنتيجة التي ظهرت بها شرطتين دليل على أنها تحمل بأحشائها جنين من زوجها الذي يقتله الشوق ليعيش تلك الفرحة و يصبح أب لطفل منها هي..
شهقت بقوة و قد تراخي جسدها فجلست على ركبتيها أرضًا تبكي و تضحك بآنٍ واحد، واضعة كف يدها على فمها تكتم صوتها..
"شروق.. أنتي جوه ؟"..
كان هذا صوت "وليد" الذي عاد للتو بعد غياب أكثر من أسبوع،
"وليد!!!"..صرخت بها و هي تنهض مسرعة، و اندفعت لخارج الحمام و من ثم لداخل حضنه مباشرةً، استقبلها هو بلهفة محاوطها بذراعيه، أخذ نفس عميق يملأ رئتيه بعبق رائحتها مدمدمًا..
"اممم واحشتيني يا نقطة ضعف وليد و مش عارف أمنع نفسي عنك حتى بعد اللي عملتيه فيا"..
لكمته بقبضة يدها علي ظهره، و حاولت الإبتعاد عن حصاره لها بجسده إلا أنها فشلت، فعبست بملامحها و تحدثت بغضب مصطتنع قائلة.. "ده على أساس إني لحقت أعمل فيك حاجة؟! .. ده أنت أول ما بصيت في عيني عرفت إن في حد جندني و أول ما سألتني اعترفت لك على طول و بقيت العميلة بتاعتك أنت و ببعت للظابط المعلومات اللي أنت عايز توصلها ليهم!!!"..
تطلع لها بنظراته المتفحصة، و تحدث بأسف قائلاً.. " بس في حلقة مفقودة لسه موصلتش ليها "..
ابتسم لها إبتسامة مزيفة مكملاً بثقة.." بس على مين ده أنا وليد العربي.. هوصل و هعرف دماغك دي هتودينا لفين بالظبط"..
رفعت يدها، و فكت عقدة شعرها فنسدل على ظهرها بهيئة خطفت أنفاسه ، حاوطت عنقه بدلال و مالت على كتفه برأسها و بمنتهي الخفة وضعت حبة دواء صغيرة كانت تخفيها داخل عقدة شعرها..
كان هو يضمها لصدره بشوقٍ و يده تجول بحرية على كامل جسدها.." عشر أيام بعيد عن حضنك.. بقيت أحافظ على حياتي عشانك.. بقيت أعد الساعات بالدقيقة عشان ارجعلك.. عملتي فيا أية بس.. عقلي هيطير مني بسببك"..
"و ياترى عملت أيه من غيري في العشر أيام دول؟!".. غمغمت بها بنعومة و هي تعبث بأزار قميصه..
اجابها بفخر و هو يغمر شفتيها بقبلة جامحة.." عملت صفقة سلاح كبيرة فيها نوع سلاح جديد لازم أعلمك تضربي عليه"..
بهتت ملامحه حين لاحظ شحوب وجهها الشديد، ارتمت بثقل جسدها عليه و قد أصبحت قدميها غير قادرة على حملها، نظرت له بأعين ذائغة، و أمسكت كف يده بيدها التي أصبحت باردة كالثلج وضعتها على بطنها، و همست بصوتٍ ضعيف متقطع..
"آاانا أسفة يا وليد"..
جحظت عينيه على أخرها بصدمة و قد أدرك أنها حامل منه و تقوم باجهاض الجنين كعادتها، لكن هذه المرة ربما يفقدانها هي الأخرى خاصةً أن الطبيب حذره بسبب خطورة حالتها المرة السابقة..
"شرروق.. لاااا متعمليش فيااا كده"..
صرخ بها و هو يحملها على ذراعيه، وضعها على الفراش،لكنها تمسكت بقميصه بقبضة يدها، و بكت بوهن أثناء همسها بأنفاس لاهثة بنبرة متوسلة.. "أنا محاولتش أجهض نفسي والله يا وليد..بالعكس نفسي أكون أم لطفل منك و مش عايزة أخسر ابننا المرادي..عشان خاطري وديني المستشفى.. خلينا نلحق ابننا"..
نظر لها كالتائهة خروجه بها يعتبر مهمة مستحيلة ، ليرتعد قلبه حين لمح دمائها ملئت الفراش، ضرب كل شيء عرض الحائط و قد توحشت نظرة عينيه و تحدث بصوته الأجش قائلاً..
" هوديكي المستشفى يا شروق بس استحملي شوية و أوعى تروحي مني"..
أحضر ثيابها و نقابها و البسهم لها، و من ثم حملها على يديه و هرول مسرعًا لخارج الغرفة و من ثم لخارج المنزل متوجهه نحو سيارته أمام أعين الجميع المتسعة على أخرها،
وضعها داخل السيارة بحرص شديد غالقًا حولها حزام الأمان ، و أسرع نحو مقعد السائق جلس به و قاد السيارة بأقصى سرعة ممكنة لخارج منطقته بأكملها..
تعلم أن ذهابه بها للمستشفى فيه خطورة كبيرة ، و من الممكن أن يتم القبض عليه و هذا هو ما تريده و ما سعت لفعله..
................... سبحان الله العظيم....
"ورد"..
ظلت مستيقطة طول الليل حتى أشرقت الشمس بنورها، و ارتدت أدنائها و حجابها و غادرت المنزل دون علم أي أحد، حسمت قرارها بالذهاب لزوجها العنيد الذي يأبى مسامحتها..
لأول مرة بحياتها تخرج بمفردها، و الأدهي أنها سوف تسافر من بلدها البعيدة جداً إلى مصر و هي حتى لا تعلم عنوان إقامته! ،
لم تكلف نفسها بالتفكير مرتين، أصبحت غير قادرة على تحمل شوقها له، ستذهب إليه و تعترف بما يجول في خاطرها، ستخبره أنه سيد قلبها و رجلها الوحيد منذ نعومة اظافرها..
"أركب لمصر منين يا عم الحج؟"..
قالتها "ورد" لرجل عجوز يقف بعربة طعام و هي تعطي له ثمن الطعام الذي ابتاعته منه..
اجابها الرجل ببشاشة قائلاً..
"اركبي يا بنتي عربية من هنا توديكي الموقف و في الموقف هتلاقي عربيات كتير بتحمل مصر"..
انصرفت من أمامه بعدما شكرته، و وقفت تنتظر مجيئ سيارة بشجاعة و فرحة غامرة رغم الكارثة التي فعلتها..
مّر أكثر من ساعتين حتى وصلت أخيرًا للموقف و استقلت أول سيارة ذاهبة إلى مصر، جلست بجوار النافذة مستندة برأسها عليها، تنظر للطريق بشرود تتذكر أخر مرة رأت فيه زوجها قبل أن يتركها و يعاود لعمله و دراسته..
.. فلاش باااااااااااك...
كان غضب "جبل" وصل لزروته بعد حديث زوجته الجارح أمام الجميع الذي مس رجولته، جعلته أقسم لو امسكها بيده في تلك اللحظة سيمزق لحمها بأسنانه..
"عاملة اتأسف لك و أقولك حقك عليا.. متزعلش مني و أنت قلبك جامد و لا همك أسفي و أني جيت على نفسي و براضي فيك عشان أحافظ على جوازنا و مصمم تطلقني و كمااان تقول للمأذون قدام الكل إنك بتحب واحدة تانية و متفق معاها تتجوزها عليا!!"..
عقدت ذراعيها أمام صدرها، حركت فمها للجانبين بحركة ساخرة مكملة بجمله كانت بمثابة سكب الزيت على نيران غضبه و غيظه منها..
" مش لما تتجوزني أنا الأول "..
كانت" وفاء" و بناتها و شقيقات" ورد" جميعهم ممسكين ب" جبل" يحاولون منعه عنها بشق الأنفس، بينما هو يجاهد بصعوبة بالغة ليسيطر على غضبه حتى لا يطول أحدًا منهم..
"انتي فعلاً ناقصة رباية و أنا بقي هربيكي من أول و جديد"..
قالها و هو يدفع الجميع عنه أسقاطهم أرضًا إلا والدته"وفاء" تجنبها عند قصد، فقالت بنبرة راجية..
" متاخدش على كلامها يا ابني.. دي مش فاهمة معني اللي بتقوله و لا تقصده"..
صعدت "ورد" على إحدي المقاعد وقفت عليه واضعة يديها في خصرها و صاحت بغضب طفولي قائلة..
"لا أنا فاهمة وقاصدة كل كلمة يا مرات عمي و كمان أنا متربية أحسن تربية يا سي جبل"..
ترقرقت عينيها بالعبرات و تابعت بصراخ قائلة..
" بس عايزاك تحط نفسك مكاني و تقولي هتحس بأيه لو أنا قولت للمأذون أني عايزه أطلق عشان بحب راجل تاني غير جوزي و متفقة معاه على الجواز؟! "..
لهنا و طفح الكيل، فقد كل ذرة تعقل كان يتحلى بها،و بلمح البصر كان تخطي الجميع قاطعًا المسافة بينه و بينها و هو يصيح بصوته الأجش..
" كل اللى فات كوم و اللي قولتيه دلوقتي ده نيلة سودة تانية و حطتيها فوق دماغك "..
هذه المرة لم يعطي لها فرصة الهروب منه، خطفها بذراعيه كخطاف رفعها على كتفه رأسًا على عقب، و اندفع بها لداخل شقتهم غالقًا الباب خلفه بالمفتاح..
كانت تحاول الافلات من بين براثنه بضراوة، لكنه أحكم امساكها، لم ترى أمامها سوي الاختباء منه فيه لتنجو بحياتها من نوبة غضبه بدلاً من الهروب منه الذي لن يجدي نفعًا..
بلمح البصر كانت لفت يديها و حتي قدميها حول خصره، و دفنت نفسها داخل حضنه و تحدثت بنبرة مرتعشة تدل على خوفها قائلة.. "الحقني يا عبد الرحمن جبل هيموتني"..
كانت تدفن وجهها بين حنايا صدره، كتمت صارخة متألمة حين قبض بكف يده على حفنه سخية من شعرها، و جذبها منه بقوة أجبرها على رفع رأسها و النظر له..
كانت عينيها مليئة بالخوف الحقيقي و قد توهجت وجنتيها، و ارتعشت شفتيها بهيئة جعلتها قابلة للالتهام، خاصةً حين همست بنبرة راجية..
"أوعى تطلقني يا جبل" ..
رفعت يدها وضعتها على لحيته، و جذبته عليها حتى تلامست انفهما مكملة بستحياء..
"أنا عايزة أفضل مراتك"..
ختمت جملتها و مست شفتيه بشفتيها بقبلة عديمة الخبرة فجرت بركان من الشوق بأوردته..
لم يشعر بنفسه و هو يتجاوب معاها و يقبلها برقة سريعًا ما تحولت لقبلة عميقة، أخذها في عناقٍ محموم ليجتاحها فورًا، مفرغًا فيها و عليها جام غضبه منها و هو يتناول شفاهها في قبلة عنيفة خالت بأنها سوف تزهق أنفاسها عن آخرها و هو يرتمي بها فوق الفراش ..
رنين هاتفه الذي صدح هو الذي اوقفه بأخر لحظة عن ما كان سوف يفعله، انتفض من عليها كمن لدغه عقرب، و كأنه استعاد وعيه الذي أوشك على فقدانه بسببها منذ ثوانٍ..
لم يتفوه بكلمة واحدة و لا حتى نظر لها قبل أن يأخذ أغراضه بأكملها و يغادر من أمامها كالرياح العاصفة قبل حتى أن تنهض من مكانها..
نهاية الفلاش باااااااااااك...
أغمضت"ورد" عينيها باشتياق شديد لزوجها، ف للشوق سوءات، ارتجاف النبض، وتعثر الكلمات، ضياع الزفير بصدر يختنق، لنخفي الشوق، و نخصف عليه بخطوات الهرب، و ها هي هربت من أجله و هي حتى لا تعلم كيف ستصل إليه ..
على صعيد أخر كان "جبل" بطريقه لمنزله بعد يومًا شاق بين عمله و دراسته حين صدح رنين هاتفه برقم والدته "وفاء" أخذ نفس عميق زفره على مهلٍ قبل أن يضغط زر الفتح ويرد عليها بهدوء قائلاً..
"أيوه يا أمي"..
أتاه صوتها الباكي تقول بصراخ..
"جبل الحقنا يا ابنى مش لاقين ورد من طالعة الشمس"..
سقط قلبه أرضًا و انقطعت أنفاسه و هو يقول بعدم استيعاب.. "يعني أيه مش لاقين ورد!!"..
انتهي الفصل..
واستغفروا لعلها ساعة استجابة..
❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙
الصفحه الرئيسيه للروايات الكامله اضغطوا هنا
❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️