أخر الاخبار

رواية وهبني القدر بدرا الفصل الثالث والرابع والخامس بقلم نسمه مالك جميع الفصول كامله

 رواية وهبني القدر بدرا الفصل الثالث والرابع والخامس بقلم نسمه مالك جميع الفصول كامله 

❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙

الصفحه الرئيسيه للروايات الكامله اضغطوا هنا  

❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️


رواية وهبني القدر بدرا البارت الثالث والرابع والخامس بقلم نسمه مالك جميع الفصول كامله 


رواية وهبني القدر بدرا الفصل الثالث والرابع والخامس بقلم نسمه مالك جميع الفصول كامله 

الفصل الثالث..

.. بسم الله الرحمن الرحيم.. لا حول ولا قوة إلا بالله..


وقف "بدر" برفقة "أيوب" ممسك بيده باقة ورد أبيض جمالها خلاب، تليقُ كثيرًا مع بدلته السوداء كليًا، ينتظر خروج عروسته على أحر من الجمر،


صدح صوت رنين هاتفه فمد يده و ألتقطه من جيب سرواله بلهفة ظنًا منه أنها زوجته التي تتصل به، أختفت ابتسامته و حل مكانها الغضب حين لمح رقم المتصل..


فتح على الفور و أردف بهدوء لا يخفى غضبه المشحون أبدًا..

"غريبة يعني شيلتي البلوك! أيه اللي فكرك بيا انهاردة يا شروق؟!"..


جاءه صوتها الباكي تهمس بصعوبة بالغة..

"طول الوقت فاكراك و عمري ما نسيتك يا بدر"..

اجهشت بالبكاء تبكي بنحيب مكملة..

"أنا عرفت إن فرحك انهاردة مكنش ينفع مقولكش مبروك.. مبروك يا حبيبي"..


أطبق جفنيه بقوة كمحاولة منه لكبح عبراته التي خانته و تجمعت بعينيه، زفر بضيق و هو يقول..

"بطلي عياط و حاولي تقولي حاجة تطمنيني بيها عليكي"..


حاولت السيطرة على بكائها..

"أطمن.. متقلقش عليا.. أنا كويسة و فرحانة بيك و ليك يا حبيبي "..

غمغمت بها بصوتٍ بدأ يرتجف..


تنهد" بدر" تنهيدة طويلة و هو يقول بتمني..

" كان نفسي تكوني معايا"..


انفجرت في نوبة بكاء أخرى و تحدثت بأسف قائلة..

" أنت عارف إني كنت بتمنى أكون معاك و جنبك.. بس مش هينفع و أنت عارف السبب"..


"طيب على الأقل متعمليش بلوك عشان اقدر أتصل اطمن عليكي".. قالها بنبرة راجية..


"هتحصل مشاكل أنت و أنا في غني عنها.. خلينا زي ما احنا كده أفضل"..


ساد الصمت بينهما للحظات قطعه "بدر" مغمغمًا..

" طيب يا شروق.. اتصلي أنتي بيا وقت ما تحبي و لو احتاجتي لي في أي وقت هتلاقيني دايمًا جمبك و في ضهرك"..


أنهى حديثه و أغلق الهاتف، لتسرع هي بوضعه على القائمة السوداء مجددًا و هي تبكي بكاء يقطع نياط القلوب..


كل هذا الحوار حدث أمام "أيوب" الذي التزم الصمت و أكتفي بالنظر ل" بدر " نظرة عتاب جعلته يتحدث بلهفة قائلاً..

" أوعى تظن فيا ظن سوء يا صاحبي إحنا مش عشرة يوم..  أنت عارفني كويس يا أيوب"..


ربت "أيوب" على كتفه برفق و تحدث برزانته المعتادة قائلاً.. 

"وعشان عارفك كويس مستني تفهمني أيه اللي سمعته ده يا بدر؟  و تقولي مين شروق دي؟!".. 


خفض "بدر" رأسه بخزي و إحراج ظهر على قسمات وجهه و هو يقول.. " هقولك يا أيوب.. هحكي لك كل حاجة "..


.......................... صلِ على الحبيب......


وقفت" هبة"تطلع لطالتها بالمرآة، فستانها الأبيض الرقيق ، حجابها الذي ذادها جمال فوق جمالها، وضعت لمسات بسيطة من مساحيق التجميل ظهرت جمال لون عينيها الزيتونية الفاتنة..

"اللهم بارك زي القمر يا هبة.. ألف ألف مبروك يا حبيبتي "..

أردفت بها "حبيبة" بصوتٍ تحشرج بالبكاء و هي تضمها بحب شديد، لتبادلها "هبة" عناقها هذا بحب أشد..

"الله يبارك فيكي يا حبيبة"..


أبتعدت عنها قليلاً و تحدثت بقلق قائلة..

"مالك يا حبيبتي.. حاسة إن فيكي حاجة.. أنتي متخانقة مع أيوب؟! "..


حركت" حبيبة " رأسها بالنفي و هي تقول..

" لا يا حبيبتي مافيش حاجة.. متقلقيش"..


ضيقت "هبة" عينيها و نظرت لها نظرة متفحصة مدمدمة بشك..

" اممم.. يعني مافيش حاجة يا حبيبة متأكدة و لا أخرج أسأل أيوب بنفسي؟!"..


ترقرقت العبرات بأعين" حبيبة" و تحدثت بابتسامة قائلة..

" كل الحكاية أني على أد ما أنا فرحانة بيكي يا حبيبتي بس قلقانة عليكي في نفس الوقت من نظرة الخوف و الحزن اللي شيفاها في عينيكي "..


عانقتها "هبة" بقوة و تحدثت بتعقل قائلة..

" لازم أخاف يا حبيبة.. المثل بيقول من خاف سلم.. أما الحزن فأنا و هو بقينا أصحاب خلاص "..


" بدر بيحبك بجد يا هبة و واثقة أنه هينسيكِ حزنك ده بحبه ليكي لأنك تستاهلي كل خير و فرحة و حب حقيقي يداوي كل جرح في قلبك"..غمغمت بها" حبيبة " و هي تهندم لها حجابها..


أبتسمت لها" هبة"  و أمسكت يدها ضغطت عليها برفق..

" كفاية إن ربنا رزقني بأحن أخت في الدنيا.. أنا محظوظة عشان عندي أخت زيك يا حبيبة".. 


هبطت دموعهما معًا فعانقا بعضهما من جديد، تستمد كل منهما قوتها من الأخرى ..


............................لا إله إلا الله وحده لا شريك له........


بمكان أخر..


بإحدى القرى الريفية التي تبعد مئات الكيلو مترات عن المدن، توقفت سيارة أجرة هبط منها شاب يتميز بطوله الفارهه و جسده المعضل، ثيابه مهندمة للغاية، قميص أبيض يظهر ضخامة ذراعيه، سروال من الجينز الغامق، حذاء رياضي أبيض اللون أيضًا،


مصفف شعره الفاحم الغزير بعناية، تفوح منه رائحة عطر تخطف الأنفاس من شدة جمالها..


يحمل حقيبة سفر كبيرة على كتفه، و حقيبة أخرى بها اللاب توب الخاص به، وقف مكانه لدقائق ينظر حوله باشتياق شديد، هنا بلدته، مسقط رأسه عاد لها بعد غياب أكثر من ثمانية سنوات..


غادر و هو بعمر السابعة عشر و قد عاد الآن و هو بعمر الخامسة و العشرون..


سار عدة خطوات حتى وصل لمنزل عائلته و وقف مكانه يتأمل التجديد الذي حل عليه حتى أصبح منزل حديث الطراز بفضل شغله و كفاحه هو، فقد كان منزل قديم أوشك على السقوط،


 يتذكر أخر ليلة قضاها بداخله قبل أن يتركه و يترك البلد بأكملها و يرحل لسنوات طويلة ..


فلاش باااااااااااك...


كان فتى صغير مازال في مرحلة البلوغ حين أمره جده بالزواج من ابنة عمه الطفلة الصغيرة التي لم تتم عامها الثالث عشر بعد،


حديث جده كان كالسيف على رقاب الجميع الذين خضعوا له و بالفعل تم عقد قرانه على من يعتبرها بمثابة شقيقته، 

لم يحمل لها أي مشاعر بقلبه غير الأخوة،لم يكن ينوي على الاقتراب منها مطلقًا كزوجة و أتفق معاها على هذا..


حتى استمع ذات مرة إلى حديثها عنه مع والدتها،

دوي صوت ضحكاتها كالنغمات الناعمة، تضحك بقوة حتي أدمعت عينيها مرردة بصعوبة..

"جبل.. جوزتوني جبل يا أمه!!!"..


رمقتها والدتها بنظرة مغتاظة، و لكزتها بقبضة يدها بكتفها بعنف و هي تقول..

"و ماله جبل يا ورد؟!.. راجل زي الفل و؟"..


قطعت حديث والدتها حين انفجرت بالضحك بقوة أكبر، ارتمت على الفراش بظهرها ممسكة بطنها بكلتا يدها، و أردفت بسخرية..

" بس متقوليش راجل بس.. دا لسه ورور خالص..محصلش شاب حتي"..


هنا صفعتها والدتها صفعة عنيفة على وجهها و هي تقول بغضب..

" أخرسي و إياك أسمعك تتكلمي عن جوزك بطريقة العفشة دي مرة تانية.. جبل كتب عليكي يعني خلاص بقى جوزك و ليه حقوق عندك"..


لم تبكي "ورد"  رغم أن الصفعة ألمتها، نهضت واقفة أمام والدتها و أشارت على جسدها و تحدثت بجرائة قائلة..

"أنتي شيفاني يا أمه.. شايفه طولي و جسمي عاملين إزاي.. أنا أطول من جوزي و اتخن منه كمان.. لدرجة اللي يشوفني يقول عليا أمه و هو ابني الصغير..و جبل عارف ده كويس عشان كده أتفق معايا إننا هنفضل أخوات زي ما كنا قبل ما يكتب عليا لأنه لو فكر بس يقرب مني هاكله علقة أموته في أيدي"..


حديثها جعل غضبه يتفاقم، و اقتحم عليهما الغرفة و تحدث بغضب عارم قائلاً..

" أخرجي و سبيني مع مراتي لوحدنا يا مرات عمي"..


شهقت" صباح" من هيئته التي بدت مخيفة، فأيقنت أنه سمع حديث ابنتها المتهور، لكن هيئته هذه اضحكت" ورد" التي تطلعت له بنظرة ساخرة جن جنونه منها أكثر..


"حقك عليا أنا يا جبل يا ابني.. ورد عيلة صغيرة لسه.. مش فاهمة اللي قالته"..


لم يبدي لحديثها أي إهتمام، اقترب منها و دفعها ببعض الحدة لخارج الغرفة، و أغلق الباب خلفها بالمفتاح، و استدار لتلك الواقفة تطلع له ببرود ثلجي، و بدأ يخلع ثيابه أمامها و هو يرمقها بنظرة يتطاير منها الشرر..

" بقي أنا ورور؟!.. أنا بقي هوريكي الورور ده هيعمل فيكي أيه؟!". 


انفجرت "ورد"  بالضحك ثانيةً و هي تُشير نحو ذراعيه مرددة..

"عضلاتك اللي عاملة زي عيدان الفجل مقوية قلبك أوي .. أبعد عني احسنلك يا جبل أنت مش قدي" ..


ألقى معطفه أرضًا و هجم عليها لكنها أذهلته بقوتها و دفعته بعيدًا عنها حتى سقط على الفراش، و هجمت هي عليه تلكمه لكمات متفرقة، و تقضم جسده بأسنانها حتى سالت الدماء من إحدي ذراعيه..


"شوفت أديني كلتك علقة و سيحت دمك أهو عشان تبقى تسمع الكلام لما قولتلك أنت مش قدي" ..


أبتعدت عنه و وقفت تتابعه بأنفاس لاهثه و هو ينهض ببطء واضعًا كف يده على جرح ذراعه يمنع تدفق الدماء، وقف أمامها و نظر لها نظرة مليئة بالكرهه لن تنساها أبدًا، و سار من أمامها لخارج الغرفة، و من ثم خرج من المنزل بأكمله و لم يعود من وقتها..


نهاية الفلاش باااااااااااك....


فاق من شروده على صوت رنين هاتفه فاسرع بالرد بلهفة قائلاً..

"ألو يا دكتور أيوب.. أنا وصلت البلد أطمن يا دكتور"..


"حمد لله على السلامة يا دكتور عبد الرحمن و لا أنت في البلد دلوقتي هقولك يا جبل و خلي دكتور عبد الرحمن ده في الكلية"..


ضحك "عبد الرحمن" و هو يقول..

"أنت بالذات تقولي الإسم اللي يعجبك يا دكتور أيوب .. أنا مديون لك بكل اللي وصلت ليه و عمري ما أنسى وقفتك جنبي لحد ما بقيت الأسطي جبل و الدكتور عبد الرحمن "..


أردف" أيوب " بمزاح قائلاً..

" طيب يا اسطي جبل مطولش أوي في الإجازة و تنسى الكلية بتاعتك و الصنايعية اللي شاغلين معاك.. مش هوصيك عليهم دول عايشين اليوم بيومه"..


قال " عبد الرحمن" ..

" أطمن يا دكتور.. أنا مش هطول هما يومين بالكتير و هرجع بإذن الله "..


 "ترجع بالسلامة يا جبل"..غمغم بها" أيوب " قبل أن يغلق معه، وضع" عبد الرحمن " الهاتف بجيب سرواله، و تقدم نحو باب المنزل و طرق عليه ليأتيه صوت" وفاء" والدته تقول بصراخ متلهف..

"دي خبطة والدي.. جبل..جبل والدي رجع.. يا ضنايا يا ابني"..


ارتمت في حضنه فور فتحها للباب، ليستقبلها هو ويضمها بقوة مقبلًا رأسها و يديها مرات متتالية، لتصيح هي بفرحة غامرة مرددة إسم زوجة إبنها..

"ورد.. بت يا ورد جوزك رجع من السفر يا بت"..


كانت بالطابق الأخير تنشر الملابس المبتلة حين وصل لسمعها صوت حماتها تخبرها بوصول زوجها الغائب،تغيرت هي الأخرى خلال تلك السنوات،اكتمل نموها، و فقدت الكثير من الوزن حتى أصبحت تمتلك جسد منحوت بمنحنيات فتاكة..


سارت بخطوات مرتجفة نحو الأسفل، و عينيها تبحث عنه حتى لمحته من ظهره يضم والدته التي لم يظهر منها شيئًا بسبب طوله المُهيب ، جحظت عينيها على أخرها حين أدركت أنها أصبحت قصيرة جداً بالنسبة له، لن تصل إلى كتفه حتي، أسرعت بالاختباء منه خلف إحدي الجدران مرددة بسرها.. 

"يا لهوي أيه العملاق اللي دخل علينا ده؟!"..


وقفت تسترق النظر تجاهه حتى أخيرًا رأت وجهه الذي زينته لحيته الكثيفة أخفت ملامحه الطفوليه و أعطته هيئة رجوليه باحتة..


انتهي الفصل..

واستغفروا لعلها ساعة استجابة..

الفصل الرابع..

وهبني القدر بدرًا..

✍️نسمة مالك✍️..


.. بسم الله الرحمن الرحيم.. لا حول ولا قوة إلا بالله..


داخل إحدي القاعات الصغيرة التي تتميز بالفخامة و الرقي، مّرت ساعات الفرح سريعًا بين الأهل و الاصدقاء، لكن كان "بدر" رغم فرحته إلا أن عينيه يظهر بها لمحة حزن لم يستطيع إخفائها خاصةً عن زوجته التي تمكن القلق من قلبها و ذاد خوفها أضعاف و هي تراه يتطلع بلهفة كل ثانية تجاه باب القاعة تاره و بين "أيوب" تاره أخرى و كأنه ينتظر قدوم شخصًا مهم للغاية بالنسبة له..


"مالك يا بدر.. أنت مستني حد؟!"..

همست بها "هبة" داخل أذنه أثناء رقصتهم الهادئة أخر فقرات الحفل، حاوط خصرها بكلتا ذراعيه و ضمها لصدره بقوة مردفًا بتنهيدة..

"نفسي فرحتي تكمل يا هبة"..


هنا ظنت أنه يقلق من قدوم طليقها فأبتسمت له برقة، و همست بيقين قائلة..

"بإذن الله هتكمل على خير"..


تعمق النظر داخل عينيها، يرمقها بنظراته المُتيمة بشوقٍ يفيض من عينيه، 

لحظات قليلة مّرت و هو يتمايل بزوجته على أنغام موسيقى هادئه، لتتوقف فجأة و يصدح صوت أغنية جعلت جسده يتصلب، و يضم "هبة"  له أكثر أثار الريبة بقلبها حين رأته يوجهه نظره تجاه" أيوب " الذي تفهم نظرته فهرول مسرعًا تجاه والد "بدر" و والدة "هبة" سحبهما برفق لخارج القاعة بأكملها لتلحق بهم "حبيبة"  مسرعة، و قد دب القلق بقلبها هي الأخرى..

"أيوب في أيه؟.. أنت واخد ماما و عمو أحمد رايح بيهم فين؟!"..


أجابها "أيوب"  بابتسامة مطمئنة قائلاً..

" هنطلع على بيت باباكي.. مامتك تجيب عشا العروسة و هنوديه على شقة جوزها و هنرجع على طول.. خليكي أنتي مع أختك و إحنا بأمر الله مش هنتأخر متقلقيش"..


ذهب "أيوب " بسيارته معاهم، و عادت" حبيبة" لداخل القاعة بملامح متعجبة من كلمات الأغنية المذاعة، لتندهش أكتر حين رأت" بدر " يجاهد حتى يسيطر على دموعه التي خانته و بدأت تهبط من عينيه التي تدور بانحاء المكان بلهفة شديدة..


" أنت الغالي يا أخويا، من بعد أمي و أبويا،

أنت الغالي يا أخويا من بعد أمي و أبويا،

أخويا حزام ضهري، أفديه بروحي و عمري،

أخويا حزام ضهري أفديه بروحي و عمري"..


ارتجف قلب "هبة" بذعر من هيئة زوجها الذي يمسح على وجهه بكف يده ليخفي دموعه، و فجأة تعالت شهقاته حين وقعت عينيه على امرأة خطت للتو من باب القاعة ترتدي الزي الشرعي كاملاً، لا يظهر منها أي شيء سوي عينيها التى تنهمر منها العبرات أسفل نقابها..


قبض على كف زوجته، و سحبها معه بخطي شبه راكضة نحو تلك المرأة التي ركضت هي الأخرى نحوه فاتحة ذراعيها له، ليرتمي داخل حضنها و يضمها بقوة أمام أعين زوجته التي بدأت تبكي لبكاءه..


"كنت واثق إني مش ههون عليكِ يا شروق و هتيجي فرحي"..

قالها "بدر"  بفرحة غامرة، لتجهش "شروق" في البكاء و تحدثت بصعوبة بالغة من بين شهقاتها الحادة قائلة.. 

"مبروك.. ألف مبروك يا حبيبي.. مبروك يا قلب أختك"..


اعتلت الدهشة ملامح "هبة"  و "حبيبة"  التي وقفت بجوارها، و نظروا لبعضهما بصدمة مرددين بنفس واحد..

" أخته ؟!!"..


أبتعد "بدر"  عن حضن شقيقته، و سحب "هبة" نحوهما، واضعًا إحدي ذراعيه حول كتف شقيقته و الأخر حول كتف زوجته و نظر لشقيقته و تحدث بفخر..

"هبة مراتي يا شروق"..

و من ثم نظر لزوجته و تابع بسعادة أضاءت وجهه و اخفت لمحت الحزن من عينيه قائلاً..

"شروق يا هبة تبقي أختي الكبيرة"..


تطلعت له "هبة" بدهشة فضغط على كتفها بأنامله برفق، و نظر لها نظره يخبرها بها أنه سيشرح لها كل شيء فيما بعد،


لتعانقها "شروق"  بحب حقيقي شعرت به "هبة" فبادلتها عناقها بودٍ ، ابتعدت عنها "شروق" بضعة انشات و نظرت ل "بدر" بفزع، فابتسم لها و هو يقول.. "متقلقيش بابا مش هنا.. أول ما الأغنية اشتغلت عرفت إنك جيتي فخليت واحد صاحبي ياخده بعيد عن القاعة"..


تنهدت "شروق " بارتياح قبل أن ترفع نقابها بحذر و تكشف عن وجهها ل "هبة"  التي ذُهلت من الشبة الشديد بين زوجها و شقيقته..

"مبروك يا هبة.. ألف مبروك يا مرات أخويا.. ربنا يبارك لكم في حياتكم و يعوض قلوبكم ببعض "..

قالتها و هي تخرج من حقيبة يدها علبة مخملية فتحتها ليظهر بها طقم كامل من الذهب مكون من أسورة، خاتم،  قرطين،  قلادة..


"لبس عروستك شبكتها يا بدر"..

أردفت بها بنبرة راجية، و هي تعطيها له و عينيها تستجديه بأن يقبلها منها..


ظهر الأسف على ملامح" بدر"، و أمسك يدها رفعها على فمه و قبلها بعمق مغمغمًا..

"حضورك فرحي يا شروق ده بالنسبالي أحلى و أكبر هدية"..


بكت "شروق" و هي تقول.. "بس أنا جايبة هدية لمرات أخويا و النبي عليه أفضل الصلاة والسلام قبل الهدية.. أوعى ترفضها لو ليا معزة في قلبك يا بدر.. و أطمن دي من فلوس شغلي أنا مش من فلوس جوزي".. 


أصر "بدر"على عدم أخذها منها، لتنظر هي ل" هبة" و تتحدث بنبرة متوسلة..

"قوليله يقبلها مني و ميكسفنيش يا هبة"..


تنقلت" هبة" بعينيها بينهما بحيرة، و همست لزوجها بصوتها الناعم الخجول قائلة..

" شكلها حزينة أوي.. متكسرش بخاطرها يا بدر "..


ساد الصمت المُطعم بالتنهيد حتى أخذها منها "بدر" على مضض، و لكنه لم يلبسها لزوجته، فتفمهت "شروق " أن والده لو رأي هذه الهدية على زوجة إبنه سيعلم بحضورها،


"أنا عندي طيارة كمان ساعة و لازم أمشي دلوقتي" ..

أردفت بها و هي تعانق" بدر" وتقبل كتفه مرات متتالية مكملة بغصة مريرة يملؤها الأسى..

"الحضن ده توصله لبابا يا بدر.. و بوس لي أيده و قلبه و عنيه"..


كانت "هبة" تبكي من شدة تأثرها بهما، لتنظر لها "شروق" و تتحدث بابتسامة متألمة..

" خلي بالك من بدر يا هبة.. زي ما هو هيخلي باله منك و هيحطك جوه قلبه"..


......................... صلِ على الحبيب......


مازالت" ورد" تقف مكانها تختلس النظر بعين واحدة على ما يحدث حولها، جميع من بالمنزل هرولوا تجاه "جبل" العائد بعد سنوات طويلة من الغياب يلقون عليه التحية، و يأخذوا منه الهدايا بتهليل و فرحة غامرة..


قبل يد جده العجوز "رضوان" مغمغمًا..

"واحشتني يا جدي"..


تطلع له "رضوان"بفخر، يرى نفسه و شبابه به، فهو أول أحفاده و عزيز قلبه بعد وفاة أبنائه واحد تلو الأخر ..

"تعالي في حضني يا جبل يا والدي"..

أنصاع "جبل" لطلبه على الفور، و عانقه بلهفة، ليربت "رضوان"  على ظهره بقبضة يده ببعض القوة مرددًا..

"راجل من ضهر راجل و إسم على مسمى يا جبل "..


"قول اللهم صلِ على النبي محمد يا أبا الحج.. ربنا يحفظك و يحميك من عين كل اللي شافك يا جبل يا أبن وفاء ولا صلي على محمد ".. قالتها "وفاء"  بقلب أم متلهف على إبنها..


جذبه جده اجلسه بجانبه على أريكته الخاصة، و تجمعت العائلة كلها من حولهم إلا تلك ال" ورد" ، والدته و شقيقاته البنات " علياء و هناء"، و و زوجة عمه" صباح " و بناتها" فردوس و زهور"..


" الله.. أمال فين ورد مرات ابنك يا أم جبل؟! "..

قالها "رضوان" ببوادر غضب،نظرت "وفاء"  ل "صباح" و غمزت لها في الخفاء و هي تقول..

"هي ورد لسه في الحمام يا صباح؟"..


أجابتها "صباح" بتوتر قائلة..

" ما أنتي عارفة أنها كانت بتغسل انهاردة من طالعة الشمس"..

لكزت ابنتها "فردوس"  و تابعت بأمر قائلة..

"قومي يا بت يا فردوس نادمي على أختك أوام، قوليلها جوزك وصل بالسلامة "..

ركضت الصغيرة مسرعة لتصدم ب" ورد"التي كتمت فمها بكف يدها على الفور حتى لا تفضح أمرها..


سحبت شقيقتها بحرص لداخل إحدي الغرف، و تحدث بهمس قائلة..

"بت يا فردوس روحي قوليلهم ورد دخلت شقتها و شكلها نامت عشان أنا خبطت عليها كتير مردتش عليا"..


أنصاعت الصغيرة لحديثها على الفور و همت بالركض من أمامها لكنها أمسكتها ثانيةً مرددة بغيظ..

"استني يا بت خليكي واقفة هنا شوية عشان يصدقوا إنك طلعتي وخبطي عليا "..


وقفت الصغيرة مكانها بستياء، بينما هي عادت للخارج و وقفت مكانها تستمع للحديث الدائر بين والدتها و زوجها..

" دي ورد هتفرح أوي يا جبل يا ابني بمجيتك والله .. إلا هي كان نفسها تجيلك نوبة مع جدها و حماتها و هما بيزروك في مصر بس أنت بقي مكنتش بتقولهم يجيبوها معاهم.. و أنت سيد العارفين إن الواحدة ميصحش تخطي برة عتبة البيت إلا بأمر جوزها"..


" و أديني جيت لحد عندكم بنفسي أهو يا مرات عمي".. قالها" جبل" بابتسامة مصطنعة، لتعود" فردوس"و تتحدث بعفوية طفولية قائلة..

" ورد قالتلي أقولكم أنها طلعت شقتها و نامت "..


تعالت الشهقات و كاد" رضوان " بالصياح في وجه" صباح" و توبيخها، ليوقفه" جبل" حين قال بهدوء يُحسد عليه..

" أنا عايز أطلق ورد يا جدي"..


رباااه!!


صدمة أخرست ألسنة الجميع و أعتلي الذهول وجوههم خاصةً" صباح " التي بهتت ملامحها و أغرقت الدموع وجنتيها ..


بينما "ورد" كانت تتوقع ما يدور بخاطره فلم تتفاجأ من جملته هذه، وقفت مكانها عاقدة ذراعيها أمام صدرها بملامح جامدة تستمع لما يُقال..

" تطلق ورد! .. ليه بس يا والدي؟".. أردف بها "رضوان" بهدوء ما قبل العاصفة..


نظر له "جبل" نظرة عتاب و تحدث بدهشة قائلاً..

"أنت بجد مش عارف ليه يا جدي؟!.. مش عارف إن ورد أنا بعتبرها زي علياء و هناء أخواتي!"..


خبط "رضوان" بعكازه على الأرض بغضب و هو يقول..

"لاااا  معرفش يا جبل غير إن ورد تبقي مراتك و عمرها ما كانت و لا هتكون أختك.. ورد بنت عمك لحمك و دمك اللي مكتوبة على إسمك من أول يوم جت فيه الدنيا لحد ما جوزتها ليك بأيدي و بقت مراتك جاي بعد السنين دي كلها و عايز تطلقها؟! "..


حاول" جبل"السيطرة على غضبه، و تحدث بتعقل قائلاً..

"يا جدي أنا مكسرتش كلمتك زمان لأني كنت لسه صغير و ورد كمان كانت عيله صغيرة و جوازنا ده كان غلط من البداية و أنا جاي انهاردة عشان أصلح الغلط ده لأن بصراحة كده أنا بحب واحدة زميلتي في الكلية و اتفقت معاها على الجواز"..


انبلجت إبتسامة ساخرة على ملامح "ورد" و حدثت نفسها قائلة..

" بتحب واحده عليا و أنا على ذمتك يا جبل يا ابن وفاء"..


اتسعت ابتسامتها بشررٍ مكملة بوعيد..

" إما علمتك الأدب مبقاش أنا ورد الجبل"..


رفعت يدها و فكت عقدة شعرها الأسود الغجري الطويل الذي يصل لأخر ظهرها، قرصت خديها بأصابعها عدة مرات حتى توردت وجنتيها أكثر بحمرة قانية أظهرت جمال بشرتها الحليبة، و عينيها السوداء الواسعة ذات الرموش الكاحلة..


خلعت عبائتها البيتية الواسعة، و بقت بمنامتها القطنية الحمراء التي تظهر جمال جسدها الممشوق، أخذت نفس عميق قبل أن تسير بخطي واثقة فاجأت الجميع بطالتها الساحرة إلا هو رمقها بنظرة خاوية من المشاعر، وقفت أمامه مباشرةً، نظرت لعينيه نظرة مليئة بالتحدي و هي تقول بإصرار..

"أنا كمان عايزاك تطلقني يا جبل"..


.................................. لا إله إلا الله وحده لا شريك له........


المرأة اذا وجدت الحنان و الأحترام في البديل نست الماضي عكس الرجل لا ينسى حبيبته مهما كان البديل أجمل، و هذا ما يحدث الآن مع "سيف" يقف على مسافة من منزل حبيبته الوحيدة " هبة" يتابعها بأعين تذرف دمعًا، و قلب ينزف دمًا و هي محمولة على ذراعي "بدر" زوجها..


الندم يمزق روحه بسكينٍ بارد، كم تمنى في تلك اللحظة أن يقتل ذلك ال بدر و يخطفها منه و يهرب بها، لكنه ذاق مرارة السجن مرة و لن يغامر و يدخله ثانيةً و يبتعد عنها،


"مش هسيبك يا هبة.. مش هسيبها ليك يا بدر الكلب".. ظل يرددها بصراخ مقهور داخل سيارته و هو يخبط على المقود بكل ما أوتي من قوة..


انتهي الفصل..

واستغفروا لعلها ساعة استجابة..

الفصل الخامس..

وهبني القدر بدرًا..

✍️نسمة مالك✍️..


.. بسم الله الرحمن الرحيم.. لا حول ولا قوة إلا بالله..


الحب الصادق ليس بكلمة ينطقها المحب، إنما هو رحمةٌ، عطفٌ، مشاعر، أحساس صادق يدخل السكينة و الطمأنينة قلب المحبوب،شمس بخيوط ذهبية تبعث دفئًا ليقينا من برد الشوق..


وقفت "هبة" داخل غرفة نومها الجديدة بمنزل زوجها "بدر"  في حيرة من أمرها، تنتقي شيء من الخزانة يناسب جسدها الهزيل، و لكن جميع الثياب بلا استثناء كبيرة جدًا عليها خاصةً أنها فقدت الكثير من وزنها في الفترة الأخيرة قبل زواجها..


تنقلت بعينيها بين إسدال صلاتها التي ترتديه، و بين القميص الأبيض الحريري المعلق على المشبك الخشبي، تنهدت بحزن و فكت حجابها ليظهر شعرها الذي أصبح بالكاد يصل لبداية كتفها بعدما قامت بقص نصفه، و غيرت لونه للون الكستنائي فأعطاها طالة جديدة كليًا في منتهي الرقة تُبهر كل من يراها..


خلعت اسدالها و تناولت القميص بيد مرتجفة أرتدته على الفور، لتسقط حمالات القميص الرفيعة من على كتفيها و من ثم سقط القميص هو الأخر من على جسدها أرضًا ، بقت واقفة بثيابها الداخلية البيضاء تضحك على حالها ضحكة يملؤها الوجع و عينيها تذرف الدموع بغزارة..


جلست فوق قميصها ضامة قدميها لصدرها و أجهشت بنوبة بكاء حاد محدثة نفسها بحسرة..

"عملت في نفسك كده ليه يا بدر.. أيه يجبرك على الجواز من واحدة مبقاش فيها لا حياة و لا روح و محسوبة على صنف الستات بالبطاقة بس"..


كان "بدر" بردهة المنزل ينتظرها للمرة الثانية بعدما صلي بها صلاتهما الأولى في أول ليلة بحياتهما معًا، و دلف هو للمطبخ جهز أشهى الطعام اعدته لهما حماته و"حبيبة"شقيقة زوجته، وضع الطعام على الطاولة و ظل ينتظر خروجها على أحر من الجمر..


بدء القلق يغزو قلبه حين طال الإنتظار، فسار تجاه الغرفة و طرق على الباب برفق مرددًا بلهفة..

"هبة.. أنتي كويسة؟"..


لم يأتيه رد منها، انقطعت أنفاسه حين استمع لصوت أنينها المكتوم، فقتحم الغرفة دون سابق إنظار، دار بعينيه يبحث عنها بنظرات مذعورة حتى وجدها على تلك الحالة التي جعلت نبضات قلبه تتسارع بجنون ،  هرول راكضًا نحوها و جلس جوارها أرضًا، و احتواها كلها داخل صدره بين ذراعيه مغمغمًا ..

"أيه اللي حصل؟!"..


سيطرت على بكائها قدر استطاعتها، و مدت يدها تجاه الروب المعلق بجوارها، فاسرع "بدر" بجلبه لها، و ساعدها على ارتدائه و هو يقول بحنو..

"ألبسي على مهلك.. متخفيش مني"..


" مش خايفة منك يا بدر.. خايفة عليك مني أنا و من حزني و كأبتي والله"..

همست بها بصوتها المتحشرج بالبكاء، و نهضت أمامه على ركبتيها لتتمكن من احتضان وجهه بين كفيها، فتأمل هو ملامحها و شعرها الذي يراه لمرته الأولى بافتنان..


زال دموعها بأصابعه بمنتهي الرفق، و أبتسم لها ابتسامته الجذابة و هو يقول..

" من فضلك متقوليش على مراتي كئيبة دي تاني لأني واثق أنها أكتر بنوتة فرفوشة و كلها حياة و شقاوة بس الظروف اللي مّرت بيها كانت صعبة عليها شويتين تلاتة و بإذن الله هنعديها سوا و ترجعي أحسن من الأول يا هبة"..


استندت بجبهتها على جبهته و همست بتمني.. 

"نفسي.. نفسي يا بدر أبقى كويسة عشانك أنت "..


لف يده حول خصرها و ضمها له بقوة و تحدث بفرحة غامرة قائلاً..

" أنسى أي حاجة و كل حاجة زعلتك في يوم و عيشي فرحة انهاردة معايا يا هبة.. انهاردة أحلى يوم في عمري كله عشان أنتي هنا معايا منورة بيتك و أختي حضرت فرحي "..


أبتسمت بستحياء و نظرت لعينيه التي تُشع فرحة و عشق حقيقي، و همست بنعومة..

" بصراحة اتخضيت لما لقيتك بتحضن واحدة غريبة و اتفاجأت لما قولت أنها أختك.. ليه معرفتنيش عليها قبل كده؟! "..


داعب أرنبة أنفها بأنفه، و تحدث بتنهيدة قائلاً..

" أكيد هجاوبك على السؤال ده بس مش دلوقتي ولا انهاردة خالص عشان عندي سؤال ليكي و عايزك تجاوبيني بصراحة"..


بلحظة جف حلقها و شحب لونها، و تطلعت له بنظرات يملؤها الخوف مرددة بتوتر..

" اسأل يا بدر و هجاوبك بصراحة"..


ضيق عينيه و ترمقها بنظرة متفحصة، شهقت بخفوت حين حملها فجأة على ذراعيه و انتصب واقفًا، و سار بها تجاه الفراش المتناثر عليه أروع و أجمل الورود، و تحدث بجدية مصطنعة..

" أبوكي عارف يا هبة إنك هتباتي عندي الليلة؟"..


تطلعت له بدهشة و من ثم قهقهت بقوة تضحك من قلبها لأول مرة منذ عدة سنوات، تعلقت بعنقه بغنج مدمدمة..

"اممم.. عارف إني هبات عندك الليلة"..


مال بها على الفراش، و رفع يده يمسد بأنامله الباردة على وجنتيها المتوهجة مغمغمًا..

" و كل ليلة و من اللحظة دي مش هتفارقي حضني أبدًا"..


شعر بأرتجاف جسدها بين يديه، و محاولتها للفرار منه، ليحكم سيطرته عليها محاوطها بجسده و تحدث بتعقل قائلاً..

" اسمعيني يا هبة أنا كنت ناوي أسيبك على راحتك و مقربش منك غير لما تكوني حابة قربي ده.. بس دلوقتي في اللحظة اللي بكلمك فيها دي أنا حابب أمحي أي زعل أو وجع جوه قلبك بطريقتي، و كمان بصراحة أنا بتمني قربك و عايزك و هتجنن عليكي يا هبة"..


ختم جملته و لثم شفتيها بقبلة كانت رقيقة في بادئ الأمر ليري رد فعلها و مدى تقبلها له، تراقص قلبه فرحًا حين ظلت ساكنة بين يديه،خضعت أمام فيض مشاعره الجياشه التي اغرقها بها و لم ترفض قربه..


................................ لا إله إلا الله وحده لا شريك له.........


صفعة كادت أن تهبط علي خد "ورد" لولا يد "جبل" التي أمسكت يد جده بلحظة الأخيرة..

"من أمتي عندنا حريم تقف قدام رجلها و تطلب الطلاق يا بنت ****!".. صاح بها "رضوان" و هو يدفع "جبل" بعنف، لكنه لم يهتز حتى و ظل ممسك بيده  حتى لا تطول تلك التي أصبحت كالفأر المبتل بسبب خوفها الشديد من جدها، مما دفعها للأختباء خلف ظهر" جبل" متشبثة بقميصه بكلتا يدها و تتحدث بصراخ قائله..

" ما هو يا جدو اللي قال الأول عايز يطلقني عايزني أقوله أيه يعني! لا ونبي مطلقنيش و خليني على ذمتك! أبويا الله يرحمه قالي اللي يبعني مشترهوش أسيبه يغور في ستين داهية تاخده و أكسر وراه زير كمان"..


نظر لها" جبل" نظرة يتطاير منها الشررٍ، لتصدمه هي أكثر حين ابتعدت خطوتين للخلف، و وضعت يدها بخصرها و رمقته بنظرة مستهزءة من أعلى لأسفل رافعة إحدي حاجبيها و هي تقول..

" أنا بقيت عليك و فضلت على ذمتك أكتر من سبع سنين و أنت رميني هنا و لا بتسأل عني حتى بمكالمة في التليفون.. كنت تتصل بيهم و تكلمهم كلهم واحد واحد و لما يدوني التليفون تقفل في وشي.. استحملت غيابك و صبرت على معاملتك ،و بعد كل ده جاي تقول إنك بتحب واحدة تانية و أنا لسه مراتك و على ذمتك و كمان عايز تطلقني عشانها ؟! "..


اقتربت منه و نظرت لعينيه بقوة أذهلته ،و هي تقول..

" و لا أنت بتعمل كل ده عشان ترد لي اللي عملته فيك في أول جوازنا؟ "..

خبطت بكف يدها على مكان الجرح التي سببته له بأسنانها و الذي ترك علامة دائمة بذراعه و غمزت له بعينيها مكملة..

" لدرجة دي العلقة اللي كلتهالك مقصرة فيك و مش قادر تنساها بعد كل السنين دي؟!"..


تعالت الشهقات من جميع الواقفين، و جحظت أعينهم بصدمة من جرائة" ورد" التي وصلت لحد الوقاحة، 

تفاقم غضب "رضوان" من حديثها المتهور الذي بسببه رأي إصرار "جبل" على موقفه تجاهها، فصاح بغضب عارم قائلاً..

" أبني الله يرحمه قصر في ربيتك و علمك البجاحة لحد ما عينك وسعت و شوكتك قوية و خلتك واقفه قدامي تردي عليا كلمة بكلمة وتغلطي في جوزك قدمنا "..

ختم حديثه و نظر لوالدتها نظرة تفهمت منها مقصده.. 

" حقك علي راسي يا أبا الحج أنت و جبل .. أنا هربيها بأيدي من أول و جديد ".. قالتها "صباح"  و هي تهجم على "ورد"  جذبتها من شعرها أسقطتها أسفل أقدام زوجها، ليلقي لها" رضوان "عكازه العاج ألتقطه بلمح البصر و هبطت به على جسد "ورد" بكل ما أوتت من قوة..


برغم خطائها بحقه إلا أنه هم بالدفاع عنها، ليوقفه جده الذي أمسكه بلهفة، و سحبه بعيدًا عنها و هو يقول بأمر..

"سيبها تربيها دي قليلة الرباية يا جبل"..


أستشاط "جبل" غضبًا فهدر بصوته الأجش قائلاً.

" ورد لسه على ذمتي يا جدي و مسمحش لحد يمد إيده عليها"..

هنا تركه "رضوان الذي أبتسم بخبث بعدما وصل لهدفه، و هو يرى" جبل"يهرول مسرعًا تجاه" صباح " التي كانت فقدت كل ذرة تعقل بها و كسرت العكاز على جسد ابنتها..


"كفاية يا مرات عمي هتموت في إيدك ".. قالها و هو يسيطر على إنفعالتها المتضاربة، حاولت "صباح" الافلات من يده و الهجوم على "ورد" الملقاة أرضًا بصمت أثار دهشته، لم تدافع عن نفسها، حتى أنها لم تبكي، ملتزمه الصمت، صمت مريب و نظراتها ثابتة عليه هو فقط..


"سيبني يا جبل.. سيبني اموتها و أخلص من شرها اللي عايزة تطلق و توقف حال أخواتها البنات".. تفوهت بها "صباح" بأنفاس متلاحقة كادت أن تنقطع من شدة إجهادها  و مع ذلك لم تكف عن محاولة الهجوم على ابنتها ثانيةً، مما أجبر "جبل" على جذب "ورد" من معصم يدها يحثها على النهوض، نهضت بالفعل بملامح يظهر عليها الألم، ليسرع هو و يخفيها خلف ظهره غير منتبه أنها أصبحت هكذا قريبة لقبضة "رضوان"  الذي قبض فجأة هو الأخر على حفنه سخيه من شعرها أدار وجهها له مردفًا.. 

"بقي أنتي مديتي إيدك على جوزك يا قادرة يا بنت ال****"..

ختم جملته و بغمضة عين كان لكمها لكمة قوية بقبضة يده الأخرى أسقطتها أرضًا فاقدة الوعي في الحال ..


لهنا و جن جنون" جبل " فصاح في الجميع بصوتٍ جوهري و هو يضرب بقدمه الأثاث من حوله حطمه تمامًا..

"هو أنا مش مالي عين حد فيكم.. شايفني *** مش راجل عشان تضربوا مراتي قدامي!!" ..


مال عليها رفعها بمنتهي الخفة من خصرها، و حملها بيد واحدة على كتفه ، و أنتصب بها واقفًا و تحدث قبل أن يغادر بها المكان.. "الله في سماه اللي هيمد إيده عليها تاني ما هرحمه و لا هعمله خاطر حتى لو كان مين بالذي"..


نظروا الجميع لبعضهم و رفعوا أيديهم على فمهم يكتمون ضحكاتهم..


بينما هرولت خلفه" وفاء" و الدته و هي تقول بلهفة..

" أطلع بيها على شقتكم يا جبل يا ابني"..

أنهت جملتها بزغروطة عالية أوقفته عن السير و استدار ينظر لها بفم مفتوح من صدمته بفعلتها هذه الغير متوقعة، فابتسمت له إبتسامة بلهاء تدل على شدة فرحتها به..

" بتزغرطي على خيبة أية يا أمه؟! ".. 


كانت تصعد معه على الدرج، حتى وصل للطابق الثالث، فمدت يدها و فتحت له الباب، دلف هو بزوجته للداخل، لتصدح "وفاء" بزغروطة أخرى جعلته يصطك على أسنانه بغيظ، فرمقته بنظره غضب طفولية و هي تقول..

"أيه يا واد يا جبل.. فرحانة بيك و برجعتك لبيتك و لمراتك يا ضنايا"..

همت بغلق الباب عليهما، لكنه سحبها من يدها برفق، و أغلق الباب مغمغمًا .. 

"أدخلي يا أمه فوقي البلوة اللي على كتفي دي على ما أخد دش من تراب السفر"..

كان يتحدث و هو يضعها على أقرب أريكة متعمد عدم النظر لوجهها نهائياً..


دار بعينيه يتفقد المكان من حوله، كانت الشقة مساحتها كبيرة للغاية، بها الأثاث الجديد الذي كان يرسله هو من مصر على ذوقه الخاص، سار للداخل عبر ممر طويل يؤدي لغرف النوم و دلف لداخل واحدة بها حمام، و بدأ يخلع ثيابه..


" و افوقها أنا ليه؟ ما تفوقها أنت بمعرفتك هي مراتي و لا مراتك!".. قالتها "وفاء"  و هي تبحث عنه حتى وجدته بإحدى الغرف يقف بسرواله الجينز عاري الصدر، أبعدت عينيها عنه و هي تُسمي بسرها، ليتحدث و هو يخرج هاتفه من جيب سرواله مغيرًا مجري الحديث..

"هرن على عليا أختي تطلع لي الشنطة عشان أخد منها غيار"..


" لا مترنش على حد أنت ليك غيرات هنا في الدولاب مراتك غسلها و مخليها زي الفل"..غمغمت بها "وفاء"  و هي ترمقه بنظره مندهشة حين رأته يضع الهاتف على أذنه و يتحدث بصوتٍ هاديء عكس هيئته قائلاً..

"أيه يا حبيبي.. أنا وصلت البلد متقلقيش.. هاخد دش سريع كده و هكلمك تاني.. أوعى تنامي"..


كانت" ورد " بالخارج بدأت تستعيد وعيها روايدًا روايدًا، تحاملت على نفسها و اعتدلت جالسة بوهن، كتمت آهة متألمة و هي تمسح الدماء التي تسيل من أنفها، لتداعب حواسها رائحة عبق زوجها التي ملئت ثيابها أرغمتها على الإبتسامة رغم الدموع التي تجمعت بعينيها،


شعرت بسعادة بالغة تغمرها حين تذكرت وقوفها خلف ظهره، و دفاعه عنها، و حمايته لها، كّبر الفتى المراهق الذي تزوجها و أصبح رجل يغزل منها ألف امرأة، يخدعها بتنهيدة أجبرها تنهض و تركض إليه و هي على علم أنه لا يبالي، 

سكب عطره على ثيابها، وتلك أفضل المكائد، و بقايا خصلة من شعره على كتفها تقتلها إشتياقًا لعناقه، أيقنت الآن إنه كان دومًا ظلها الظليل رغم فراقه.. 


سارت بلهفة حافية القدمين للداخل حين استمعت لصوته يأتي من الدخل يتحدث مع والدته..


"مين اللي كلمتها دي يا جبل؟!"..


اجابها ببساطة قائلاً..

"دى سارة.. حبيبتي اللي هاخدك معايا عشان أطلب ايديها"..


ضربت "وفاء" على صدرها بقوة مرددة..

"سارة حبيبتك! .. طيب و ورد مراتك يا ابني؟!"

أخذ نفس عميق زفره على مهلٍ، و تحدث بأسف قائلاً..

"ورد متنفعش تكون مراتي و لا أم عيالي يا أمي لأن تفكرنا مختلف عن بعض تمامًا، و لأني بحب واحدة غيرها و عمري ما حبيتها و لا هحبها"..

تعمد رفع صوته مؤكدًا على كل كلمة قالها حين رأي طيف  "ورد" التي تقف أمام باب غرفته..


............ صلِ على الحبيب.............


بإحدى الدول التى تعتبر وقر للبؤر الإرهابية ، وصلت"شروق" للتو إلى منزل زوجها المحاوط بمجموعة كبيرة من الرجال المسلحين، دلفت بخطي متعثرة، تجر قدميها المرتعشة جرًا..

"حمد لله على السلامة يا هانم"..

انتفضت بفزع حين استمعت لصوت زوجها الغاضب..


رسمت قوة زائفه على ملامحها قبل أن تبعد نقابها عن وجهها الذي يظهر عليه أثر البكاء، و تحدثت ببرود تُحسد عليه..

"الله يسلمك يا وليد"..


اقترب منها بخطي بطيئة كالأسد الذي يستعد للإنقضاض على فريسته، و هبط برأسه عليها ليتمكن من النظر لعينيه و تحدث بغضب من أسفل أسنانه قائلاً..

"برضوا عملتي اللي في دماغك و حضرتي فرح أخوكي؟؟"..

ليستطرد دون إعطائها فرصة للرد بصياح جوهري..

"أنتي عارفة عملتك دي كلفتني اييييييييييييه يا هانم عشان أقدر ارجعك ليا تاني؟!"..


صرخت بوجهه فجأة صراخ مقهور مرددة و هي تلكمه على صدره بكلتا يديها ..

"كنت سيبني يا أخي.. رجعتني لييييييييييييه.. كنت سيبني يمكن يقتلوني و أرتاح من اللي أنا فيه "..


سيطر عليها و ضمها لحضنه بقوة شل حركتها، و قبل رأسها قبلة عميقة مغمغمًا..

" أنا أسيب روحي و لا أسيبك أنتي يا شروق.. أنتي الهوا اللي بتنفسه.. أنا عايش بيكي"..


مالت برأسها على كتفه و بكت بكاء حاد مرددة بتقطع من بين شهقاتها..

" حبك دمرني و خسارني أبويا اللي عمالي عزا و خد عزايا عشان يعرفني أنه عمره ما هيسامحني"..


نظرت لعينيه بعينيها الغارقة بالدموع و تحدثت بتوسل قائلة.." عشان خاطري كفاية لحد كده و سلم نفسك يا وليد قبل ما يقتلوك"..


"و يرضيكي أسجن و منالش الشهادة!!"..


صرخت بهياج مرددة بحسرة..

" لييييييه بتعمل فيا كده.. لييه عايز تحرق قلبي أكتر ما هو محروق"..


ضمها من جديد و همس بلهفة داخل اذنها قائلاً "أهدي يا حبيبتي.. خلاص أهدي حقك عليا"..

ظل يربت على ظهرها حتى هدأت نوبة غضبها، و بكائها قليلاً..

" واحشتيني ".. همس بها و هو يخلع عنها حجابها، و يغمرها بوابل من قبلاته المتلهفة،


كانت تقاومه بضعف و هي تقول بنبرة عاشقة..

"أبعد عني أنا بكرهك"..


"اممم.. ما أنا عارف إنك بتكرهيني أوي أوي.. و أنا كمان بموت في كل حاجة فيكي"..

دمدم بها و هو يحملها بذراعيه، لف قدميها حول خصره، و إنهال على شفتيها بقبلة جامحة..


أنتهي الفصل..

واستغفروا لعلها ساعة استجابة..


تكملة الرواية من هنا


بداية الروايه من هنا

❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙

الصفحه الرئيسيه للروايات الكامله اضغطوا هنا  

❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
CLOSE ADS
CLOSE ADS
close