القائمة الرئيسية

الصفحات

🌺🌺روايه حدث بالخطأ🌺🌺 بقلم♥ دينا العدوي ♥ البارت الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر كامله علي مدونة النجم المتوهج للروايات


 🌺🌺روايه حدث بالخطأ🌺🌺       

   بقلم♥ دينا العدوي  ♥

البارت الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر 

كامله علي مدونة النجم المتوهج للروايات 

البارت الحادي عشر                                                 

**

ولجت حميدة ألي المنزل وجلست على احد الارائك،  تلتقط انفاسها الهاربة منها، فقد هرولت الى هنا بقلق ينتابها مما حدث معها اليوم ، مجيء الشرطة وذاك الضابط الذي أخذ زوجة ولدها وأبلغها رسالة تهديد له،  تشعر بارتياب من أبنها وكيفية اخباره بما حدث معها ومع زوجته التي اخذها ذاك الضابط وذهب، باعثًا له رسالة تهديد واضحه، حائرة عن ماهية علاقته بـ سارة ولما يهدد أبنها، سريعًا ما  تذكرت رؤيهما معًا سابقًا وحديث زوجة علي ابن جارتها حسنيه عن رؤيتها لها تترجل من سيارة ضابط بالقسم أمام المدرسة سابقًا، وبدأت ترابط المواقف معًا حتى شهقت تضرب بكفها على صدرها ما أن اضحت مخيلتها خاطرة أن ذاك الضابط هو عشيق لزوجة ابنها وخشيت على وليدها منه وهي تسب وتلعنها تتعنت بوصفها بأبشع الألفاظ، حتى استيقظ عمر ودلف يأخذ حمامًا وخرج لصالة المنزل باحثًا عنهما، وجد حميدة جالسه على الأريكة، فـ جال ببصره باحثًا عن زوجته، ليجد السكون يعم المنزل، فأردف متسألًا لوالدته:-

  - هي ساره فين!، وانتم جيتم أمتى!..

  انتبهت حميدة وأخيرًا له، وطالعته بنظرات ريبه وتردد بالبوح له عما صار، فصمتت قليلّا، إلا أن شحوب وجهها وصمتها ارتاب له، فهتف بها للمرة التأليه عن زوجته وهو يشرع بالبحث عنها بالمطبخ إلا أنها اوقفته قائلة:-

  - مش هنا، السنيورة اخدها الضابط اللي متوالفه معاه وراح بيها.. 

طالعها عمر بعدم استيعاب لوهله، حتى تقدم منها هادرًا بها بصوت جهور:-

  - انتِ بتقولي ايه وظابط مين!، فين ساره يا امي!، مراتي اللي اخدتيها معاكِ للشيخة راحت فين!.. 

انتفضت من على الأريكة قائلة:-

  - قولتلك الضابط اللي راحه وجايه معاه خدها ومشي.. 

اهتاج النبض بداخله وتغضنت ملامحه بالغضب وهو يهدر بها بينما جن تمامًا وجذب ذراعها بقسوة قائلًا:-

  - ضابط مين!، وأخد مراتي فين!،  اسمه أيه الظابط دا.. 

  نفضت ذراعها  من بين يديه وهي تصيح به، فترك ذراعها وهو ينتظر اجابتها، رامقًا أياها بنظرات غاضبه، فشرعت بسرد ما حدث له.. 

جن حنونه ما أن  انتهت وتركها مغادرًا المنزل عازمًا على الذهاب للقسم لمعرفة آين زوجته وهوية ذاك الضابط ولم يخطر بباله أن يعاد فتح الماضي ويقتحم حياتهم وان ذاك الضابط ليس إلا رحيم شبح من الماضي آتى ساعيًا للانتقام واسترداد ما هو له.....

***

وصل رحيم ألي منزله،  ترجل من السيارة وحمل سارة بين يديه صاعدًا بها الى شقته،  ضغط جرس المنزل وانتظر لثواني حتى فتحت له مربية ابنه،  فولج ألي  الداخل حاملًا إياها،  لتطالعه المربية باندهاش وتسأُل عن هوية تلك المرأة،  بينما هرع إليه طفله الذي توقف ما أن وجد والده يحمل أمرأه  ويلج بها الى احدى الغرف،  فلحق به وبصره مثبت على تلك المرأة التي يدثرها والده بالفراش،  وسريعًا ما تبسم وجهه وانشرح قلبه ما أن ادرك هويتها أنها معلمته المحببة والمفضلة سارة، فهتف قائلًا  لوالده:-

  - باباي هي mis سارة هنا ليه.. 

  انتهى رحيم من وضعها وطالعها بنظرة متألمة لثانيه، ثم استدار لولده وتقدم منه منحني إلي  مستواه قائلًا:-

  - عمران حبيبي مش أنا قولتلك انك ليك مامي تانية،  هي اللي ولدتك وانها متعرفش انك موجود، لأن مامي نرمين خدتك منها وأنت بيبي لأنها كمان كانت بتحبك... 

أماء له عمران وهو يطالعه محاولًا تذكر ما سرده له والده سابقًا، حينما بكى له واشتكى عن رغبته بعودة والدته وان يكون له أمًا مثل رفاقه،  فشرع بسرد له عن وجود أم أخرى له،  سيبحثان عنها ويرجعها إليه، وبفرحة طفل صغير،  شعر بالسعادة الغامرة لوجود امًا اخرى له ولن يُعد يتيمًا بعد الأن واكتفى بما سرده له والده من تفاصيل ولم يهتم بسؤاله كيف ولما!، وبدى ما قال له والده مقنعًا، فطالعه بلهفه وانتظار لتكملة حديثه،  فتابع رحيم حديثه ما ان لمح نظرات الترقب من صغيره قائلًا:-

  - ميس سارة هي مامتك يا عمران.. 

اختلجت السعادة قلبه الصغير وأشرقت ملامحه ببسمه وهو يهتف قائلًا  بينما يقفز موضعه:-

  - ميس سارة بتكون مامي اللي بتدور عليها،  انا فرحان أوي يا بابي لأني بحبها أوي أوي،  هي كده خلاص هتعيش معانا ومش هتسيبنا تاني... 

أماء له رحيم بتأكيد له ولذاته انها من الان لهما ولن يسمح لها بتركهما أبدًا... 

ثم جذبه للخارج وهتف به قائلًا:-

  - مامي تعبانة وهتنام شوية يا عمران،  يلا أنت روح اوضتك العب فيها على ما تصحى.. 

  أماء له عمران بابتسامه  وقام بتقبيله وكاد ان يذهب، إلا أنه عاد وتوجه حيث الفراش ورفع انامله ومسد علي وجنتي سارة بحنان قائلًا:-

  - انا فرحان أوي إنك مامي وانك وهتعيشي معانا.. 

  ثم قبلها وابتعد مغادرًا الغرفة، وذاك المشهد زعزع ثبات رحيم وأختلج له نبضه تأثرًا، وتوجه نحو الفراش وجلس على طرفه يطالع تلك الغارقة بنومها ولا تعي بتلك النار المستعرة بداخله وتلك الآلام التي تصاحبها فقط من أجلها هي فقط منتظر آفاقتها وثورتها الوشيكة ولحظة الحقيقة، ألا أنه لم يستطع الانتظار اكثر وتلك النار تنشب بداخله وتحرقه، فانتفض من جانبها مقررًا العودة الى القسم ومعرفة حقيقة ما أصابها.... 

***

ولج عمرو ألى القسم بخطوات وئيده، غاضبه، ثائره، 

توجه نحو الضابط المداوم قائلًا بحده وصوت جهور:-

  - أنا بدور على مراتي، في ضابط هنا اخدها... 

انتفض الضابط من على مقعده ورمقه بنظرة حاده قائلًا:-

  - أنت بتعلي صوتك على مين يا روح أمك .. 

لجم عمر من غضبه ومسح على وجه وهتف قائلًا:-

  - يا باشا مش القصد أنا بس قلقان على مراتي، أمي قالت لي أن في ظابط خدها ومشي..

أعاد الضابط الجلوس وهو يهتف قائلًا:-

  - يبقي تتنيل تتكلم عدل وتحترم المكان اللي أنت فيه 

  أماء له عمر وهو يهتف قائلًا:-

  - أسف يا باشا بس طمني على مراتي..

  اعتدل الضابط وهتف قائلًا:-

  - ومراتك اتخدت في إيه عشان أعرف وأجاوبك.. 

  أجابه عمر قائلًا:-

  - كانت هي وأمي عند الشيخة اللي على اطراف البلدة وفي قوة داهمت المكان وضابط خدها معاه وهي مغمي عليها... 

رمقه الضابط بنظرة احتقار وهتف قائلًا:-

  - الشيخة!، مراتك كانت عند الشيخة،  قصدك الدجالة اللي بندور عليها من فترة، الدجالة اللي بتخدع الجاهلة اللي زيك وتدنس شرفهم...

  طالعه عمرو بتوجس وعدم استيعاب وأردف قائلًا:-

  -- قصدك إيه يا باشا!.. 

أجابه الضابط قائلًا:-

  - قصدي أننا قبضنا على الدجالة وشريكها اللي بيساعدها على حمل الستات اللي بتجيلها بعد ما تخدرهم،  أظن فهمت كده بيعمل إيه وأكيد مراتك كانت من ضمن الضحايا والضابط اخدها على المشفى.. 

   كلماته كانت كـ نصال حاده وبارده تتراشق بقلبه فتدميه آنين، لا يستعب ما نطق الضابط من كلمات كالجمر، هل بعث زوجته بيديه ألى هكذا مكان، هل بعثها لتنتهك به وهو نائم مطمئن، غلى الدم بعروقه وثار نبضه و تهدجت انفاسه وشعور بالوهن يعتمل جسده وهو يطالعه بنظرات مشتتة، رافضه، لحظات مرت وهو على تلك الحالة، حتى اردف بصوت متهدج قائلًا:-

  - ومراتي فين!،  وانقذتوها ولا!، ومين الضابط اللي إنقاذها...


                              


ليخترق مسمعه صوت حاد وخشن قائلًا:-

  - أنا اللي أخدتها..

استدار بلهفه يطالع المتحدث، لتتسع عيناه وتلجمه الصدمة 

وهو يري شبح من الماضي أمامه ليهتف حروف اسمه بتهدج واستنكار:-

  - رحيم باشا!.. 

🌺🌺روايه حدث بالخطأ🌺🌺              


              بقلم            ♥ دينا العدوي  ♥


 البارت الثاني عشر

                                    

                                          


بسم الله الرحمن الرحيم

حدث بالخطأ 

سلسلة "حينما يتمرد القدر"

بقلم "دينا العدوي

البارت الثاني عشر 

🌺🌺🌺

في قانون حبه كل شيء مباح 

لا من مبادئ ولا من اخلاق 

فالحب يحرقها ويحولها إلى رماد 

هو احبها وأرادها وافتعل ما يجب لتكون له حتى ظفر بها، لم يرى أنه مخطئ يومًا، بل يرى ذاته عاشق سعى لنيل قرب من نبض لها القلب، حتى لو بأقذر الأفعال، لم يخطر بباله يومًا يأتي محمل بخفايا الماضي الذي ظن أنه دفن بالأعماق، متناسي أن الحقيقة لابد أن تأتي يومًا وتكشف ولينال المذنب عاقبة أفعاله الدنيئة وها هو آتى يومه.. 

ـــــــــــــــــــــــــــــــ


                      


تغلفت روحه بالوجل ما أن وقع بصره على شبح ماضيه القذر متجسد أمامه كـ رحيم، ارتعدت أوصاله وتهدجت أنفاسه من رؤيته هنا أمامه، خشية من انكشاف ماضيه، اجتاحت تساؤلات وجوده أفكاره نافيًا خاطرة مجيئه من أجله، بل متيقن من ذلك، لذا تماسك ظاهريًا  حتى يتأكد له نقيض ذلك وهتف قائلًا بنبرة مهزوزة رغم محاولته جعلها طبيعية:-

  - رحيم باشا انت بتعمل إيه هنا، ومراتي فين!


                      


لحظات مضت والصمت السحيق هو السائد بينهما وعيناه مثبت نظرها عليه بأجيج نيران تستعر بقلب رحيم وغضبه كدخان يتبخر من كل انشًا به كلما يتذكر خطايا ماضيه معها وظلم حاضره لها، متوعد بالقصاص منه لها وانتشالها من ظلماته فأردف قائلًا بكلمات مبهمة تختصر ما يجول بأعماقه:-

  -جاي أرجع اللي يخصني  !.. 


                      


ثم تركه وتحرك اتجاه الزنزانة الحديدية مشيرًا له ان يتبعه، بينما عمرو ارتعد جسده بعنفوان وصدى كلماته تتردد بداخله، للحظات تيبس جسده موضعًا رافضّا مقصدها، حتى استعاد السيطرة على وجله و تحرك خلفه..


                      


شمر رحيم عن ساعديه ما ان توقف أمام باب الزنزانة التي يقبع بداخلها الشاب الاسمر، مشير للعسكري أن يفرج عن بابها له، ليشرع بتنفيذ مطلبه ويقوم بفتحها،  ببنما هو حرك عنقه يمينًا ويسارًا ثم توجه الى الداخل  ..

انتفض الشاب الاسمر واقفًا من موضعه رغم أنات جسده متقهقر بعيدًا عنه منكمشًا على ذاته بوجلًا منه، إلا ان رحيم لم يرحمه، وقبض عليه من ياقة قميصه وتحرك به

حيث الخارج قاذفًا اياه ارضًا، ليسقط امام قدمي عمر،  حاول الشاب الاعتدال ولف جسده حتى يطالع رحيم  رامقًا اياه بنظرات ذعر..

أشار رحيم للعسكر بالخروج، فخنعوا له، وعيناه الصقرية ترمق كليهما بغل وكره، فكلاهما أذياها،  عيناه كانت تشع بريق غاضب متناثر على ملامحه المتجهمة ولسانه يتحدث قائلًا  :-

- قولي بقا بحياة امك انتم عملتوا فيها إيه.!. 


                      


ارتعد الشاب الاسمر  وشرع بالزحف للخلف مرتعدًا ما أن انتبه لتقدمه، كل هذا وعمر يطالعه بعدم استيعاب ووجل يتسرب بين حناياه، الا أن اقترب رحيم من الشاب الاسمر وانحنى يجذبه ليقابله وهو يفح من بين شفتيه:-

  - عملت فيها ايه انطق!.. 

  نفى الشاب الاسمر برأسه سريعًا قائلًا:-

  --والله ما عملنا فيها حاجه يا باشا،  هي اغمي عليها من الجن اللي كان لبسها.. احتدت نظرات رحيم وقضم شفتيه بغل وبلحظه كان يركله بركبتيه بمعدته بقسوة قائلًا:-

  - انت هتستهبل ياض جن إيه!، اوعى تكون فاكر اننا مش كشفين عميلكم المهببه والقذرة،  بتعديك على الستات وحملهم منك،  دا انت مطلوب يا روح امك انت وهي ومعمولكم كذا قضية...

  ثم شرع بلكمه مره اخرى متابعًا:ـ

  - فأخلص كده وجيب من الآخر وارحم نفسك مني..

  انحنى الشاب يحاوط بكلتا يديه معدته متألمًا،  حتى استمع لهدر رحيم فرفع رأسه متلعثمًا:-

  - لا انا ما اعتدش على حد يا باشا والله الموضوع مش زي ما انت فاهم، انا ما بلمسهمش انا بس مهمتي تتلخص في اني اديها نطفتي وهي بتتولى زراعتها فيهم بالصوفة أما أنا ما لمستش ولا وحده..

صاح رحيم به قائلًا:-

  - آه يا ولاد الكلب يا اوسا* يا انجا* بتنكر لمسك ليهم وعادي تدمر شرفهم وتحملهم منك، أهو حساب كل الستات  كوم وهي كوم تاني وحقها مش هسيبه من أي كلب آذاها..


  كانت كلماته ذات مغزى التقطه عمر بهلع وأدراك لاكتشاف أمره، بينما تضاعف ارتعاد جسد الشاب وهو يطالع ظلام عيناه الغاضب وتهدج قائلًا:-

- احنا والله ما عملنا لها حاجه ما لحقنا،  يدوبك كنا بنمددها على الكنبة وحضرتك دخلت، والله ما لمسناها يا باشا...

لمح الصدق بعين الشاب، صدق اطفئ نيران غضب وأشعل نيران اخرى بصدره وفكره يقوده مباشرة الي غريمه الذي اتجه بصره تلقائيا له ينثر به رياح غضبه، و تلك التخيلات تعاود اجتياح رأسه، تخيلات تطيح به وبتعقله، تشق قلبه وتؤلمه، حتى علقت كلمات بحلقه، كلمات حروفها من سجيل، ثقيلة على لسانه تحرقه،  لكن وجب نطقها والتأكد منها، فأندفع بخطوات وئيده نحوه بعدما رفث الشاب الأسمر بقدمه وتوجه نحو عمر مباغتًا اياه بلكمه تهدئ من اعاصير قلبه وعقله وهو يهتف قائلًا قاذًفا تلك الكلمات المندلعة كحمم بركانيه من فاهه قائلًا:-

  - حصل بينكم حاجه قبل ما تروح للمكان دا!.  

صدم عمر من لكمة رحيم له،  وانحنى بجزعه متألمًا واضعًا كفه على موضع لكمته، وسرعان ما تصلب ما أن وصل صدى كلماته لمسمعه، ولم ينبث بحرف وهو يطالعه بمقلتين متسعه مستنكر سؤاله، بينما رحيم طالعه وشرار الحنق يتناثر من فاه وعيناه كالسيال يهدر به قائلًا:-

  - ما تنطق 

  ارتعد جسد عمرو من نبرة صوته وأماء له مؤكدًا، اهتاج النبض بصدره، تعالى وهبط من شدة ثورانه نقيض لذاك الصمت السائد بينهما لوهله، فتلك الأماءه كانت كالنصل يغرس بقلبه لتعيد احياء تلك التخيلات برأسه وذاك البغض نحوه يتضاعف ويتناثر بذرات الهواء من حوله يحثه على الانتقام من كل لحظه كان بها معها ولم يحظى هو بها، حتى استسلم لذاك الشعور الذي يغمره وانساق خلفه ملبيًا لتلك الرغبة التي اشتعلت بجسده تحثه على الانتقام منه مما اصابها ومما اوشك ان يصيبها،  حتى بات اسير غضبه، وخطى تلك الخطوة الفاصلة بينهما، ويداه عرفت طريقها، لينهال عليه باللكمات وهو يهتف قائلًا:-

  - كنت هتضيعها مرة تانية يا حيوان، ما كفاك اللي عملته فيها زمان يا قذر أنت، عشان تبعتها لمكان زي دا، عارف لولا  أن لحقتها بالصدفة كان حصلها أيه!، بس لا مش هسمحلك تدمرها مره تانيه، هتطلقها يا عمر فاهم، انا سبق وقولتك اني جاي ارجع اللي يخصني وهي كل اللي يخصني..


                                  


              

                    


اهتاج عمرو ما أن انصت لأخر كلماته، وقام بصد لكمته بل وبادله بأخرى وهو يجهر:-

- قول كده بقى!، ان مراتي حليت في عينيك وعايزها،  انسى يا رحيم باشا، سارة مراتي ملكي ومستحيل أطلقها..


رجمه بسيل كلماته والتي بدت كجمر احرقه، وتعاظم غضبه وتناثر كدخان يتبخر من كل انشا به وهو يصد تلك اللكمة التي عاجله بها، وقبض على ذراعه بعنف وأداره خلفه بقوة ألمته، وهو يزداد من ضغطه عليها مستنكرًا إعلان تملكه لها وجهر به قائلًا:-

  - مش ملكك ولا هتكون ملكك، سارة تخصني أنا، من حقي أنا، ومكانها معايا أنا وابنها مش مع حقير زيك،  هتطلقها غصب عنك وإلا قسمًا بربي البسك تهمه وارميك في السجن تقضي باقي عمرك فيه ومش هكون ندمان يا عمر.. 


ألقى كلماته وهو يشدد بقسوة عاصرًا ذراعه بين قبضة يده، وعيناه قد تشبعت بالغضب وارتسمت به، متجاهلًا محاولة عمر في التملص منه، كل هذا جعل الشاب الاسمر الملقي ارضًا يرتعد بوجل من هيئته تلك،  بينما رحيم كان غضبه قد تملكه، حتى تهشم عظمها بين قبضته،  ليأن عمر بألم لم يُهدئ من حنق رحيم وغضبه عليه،  بل انه جذبه بقسوة خلفه وألقى به في تلك الزنزانة المنفرجة وأغلق بابها عليه، 


صدمة اعترت عمرو من فعلته تلك وصاح به ليتركه،  إلا ان رحيم فح من شفتيه وهو يتجه اتجاه الشاب الاسمر ويلقى به في الزنزانة المجاورة قائلًا:-

  - مش هتطلع من هنا إلا وأنت مطلقها وإلا وربي لهلبسك قضية... 


جن عمر تمامًا من فعلة رحيم وما تفوه به،  واخذ يطرق على القضبان الحديدية مهددًا له، ويطالبه بأن يعتقه إلا إن رحيم تجاوزه ولم يهتم له وخرج،  فقد حان وقت استيقاظ سارة وعليه التواجد حينها حتى لا تهلع...


  ما ان خرج حتى أمر العساكر بالولوج وتحدث للضابط الاخر الاقل منه رتبه قائلًا:-

  - الو** اللي انا حبسته في الزنزانة دا  تسيبه فيها يا احمد وعاوز العساكر يروقوا..

  ثم صمت قليلًا وتابع:-

  - ولا اقولك سيبوا لي أنا

  - ثم صمتت قليلًا وتابع قائلًا

  أنا هروح دلوقت والصبح ننقل الاوس** من هنا ونعرضهم للنيابة...

  أماء له الضابط، معلنًا تقبله، فذاك الشاب لم يعجبه منذ أن رأه ويستحق، فيبدو ان هناك أمر جلّ بينهما  جبر ضابط مثل رحيم باقتراف فعلته تلك، بينما خرج رحيم من المركز واستقل سيارته عائدًا الى المنزل، عازمًا على بلوغه قبل افاقتها...

*****

تسلل عمران من غرفته بعدما اجبرته المرأة التي تعتني به على النوم حتى ترحل، متوجه ألي غرفة والده، راغبًا برؤية سارة  شاعرًا بالسعادة التي امتلكته ما أن اتضح له انها والدته، راغبًا بالتقرب منها واستشعار الدفيء بقربها الذي حرم منه منذ فراقه عن نرمين والدته وهو يشعر بالظمأ للحب والحنان والاحتواء، لذا وصل الى الغرفة وتسلل الى الفراش حاول رفع ذراعها قليلًا واندس بجسده الصغير في احضانها، تململت هي من نومتها وبدأت في استعادت وعيها، بينما هو كان يطالعها بنظرات أعين مترقبه وابتسامه ترتسم على محياه تعكس فرحته الغامرة، رفع انامله ومررها على وجنتيها وطبع قبله بها، قائلًا:-

  - مامي يلا أصحي عشان تلعبي معايا..

  بينما هي كانت بدنيا اخرى تلك اللمسات الصغيرة وتلك القبلة وهمسه بلقب ماما  انتشى لها قلبها ورفرف وكأنها بحلم جميل تاقت له، حتى بدأت الجفون بأطلاق سراح مقلتيها، بتشوش جالت حدقتيها بالأنحاء حتى اتضحت لها الرؤية، حينما وقعت عيناه على الصغير المبتسم، فانتفضت جالسه على الفراش تطالعه بعدم استيعاب، وبصرها يدور بالأنحاء بتشتت عن مغزى وجودها هنا، حتى اتسعت بسمة الصغير واردف بحماس قائلًا:-

  - اخيرًا صحيتي يا مامي، أنا فرحان اوي إنك وأخيرًا جيتي..

  انهى كلماته وقام بألقاء ذاته بأحضانها.. 

  بدت ضائعة حينها،  تطالع ما حولها بذهول وتيه،  أين هي!، وكيف جاءت ألي هنا، حتى انطلقت كلمات الصغير من فاهه تزامنًا مع ارتماءه بأحضانها والتي ضاعفت من حيرتها وتشتتها خاصةٍ مع تلك المشاعر التي داهمتها حينها، وكل هذا كان يشعرها بأنها غارقة بأحد احلامها مؤكدًا، لكن ذاك الدفيء الذي بدأت بالشعور به، وتلك النبضات التي تعالت من خفاقها تؤكد لها انها لا تحلم، اخذ عقلها ينبها بأخر ذكرياتها عند تلك الشيخة وآخر ما رأته كان وجهها، أنتابها الذعر فجأه وحاولت النهوض لكن الطفل يقيدها، لتعاود الانتباه له وتحدثت  اخيرًا بما يدور من صخب بدواخلها، في محاولة لإزالة طلاء الحيرة من فوق جدار روحها:-

  - عمران حبيبي أنا فين!، ومين جابني هنا!. 


            


              

                    


  لتضاعف كلمات الصغير من حيرتها وذعرها وهو يهتف بها قائلًا  بتلك النبرة المغلفة بالسعادة:-

  - بابي هو اللي جابك هنا وقالي أن وأخيرًا لقاكِ وأنك هتعيشي معانا ومش هتبعدي عنا تاني ابدًا، بس هو راح مشوار ورجع تان... 

تعجبت من كلماته تلك،  مستنكر اياها،  وهمت بمحاولة إبعاد الصغير عن احضانها بتروي،  مقررة المغادرة،  وانهاء ذاك الجنون وتلك التيه، محاولة الفهم، إلا أن الصغير رفض ان ينسل منها،  لتأردف هي قائلة:-

  - عمران حبيبي أنا لازم امشي من هنا،  أنا مش عارفه إيه اللي جابني هنا وازاي!، والكلام اللي بابا قاله دا مش صح،  أنا مش ماما ولا هبقى هنا انا لازم امشي ضروري.. 


  إلا أن عمران لم يعتقها وزاد من ضمها، واعتمله الشعور بالوجل من ذهابها، واردف بنبرة مغلفه بالحزن والألم قائلًا:-

  - لا انتِ مامي ومش هتبعدي عني تاني، بابي مستحيل يكذب عليا، هو قالي انك مش عارفه أن أنا موجود، وانك هتفرحي لما تلاقيني، والله هكون مؤدب ومش هكون شقي يا مامي بس ما تمشيش وتسبيني زي مامي نرمين...


حروف ذاك الاسم التي نطقه، اخترقت مسامعها كالسهام، تلقي بها ببركة من ذكريات الماضي المؤلمة، التي تغلفت بها روحها، وحتى الان لم تتحرر منها، هناك شيء مريب لا تستعبه ودموع الصغير وتشبثه بها وما نطقه شتتها، ارتجافه داهمت جسدها وهي تحاول تهدئة الصغير  والنهوض، لعلها تتدارك ما يحدث حولها،  إلا ان نحيبه شعرت بانه اختراق قلبها وألمه بقوة، فارتفعت اناملها تمسد على خصلاته بأمر من قلبها، حتى مرت لحظات وشعرت بالارتباك لما تشعر به وذاك الألم الذي يداهم قلبها، حتى أن عبراتها انسابت من مقآيها قهرًا لما فقدته، فقررت الهرب من ذاك الالم الذي لا يتركها وشأنها، فحاولت مهاتفة الصغير بنبره هادئة تقنعه بالذهاب، قائلة:-

- طيب يا عمران انا لازم امشي دلوقت وبعدين نتكلم لما نشوف باباك..

انهت حديثها وقد نجحت بأن تنسل منه، وانتفضت مسرعة من على الفراش إلا أنها بدأت بالشعور بدوار يداهمها مرافق لارتعدت جسدها وتلك السخونة بجفونها، إلا انها تحاملت ووصاله السير حتى باب الغرفة، لكنها لم تستطع التقدم اكثر، حيث تفاجئت بمن يعيق طريقها ويقف على اعتاب الغرفة يطالعها بنظرات مبهمة، نظرات أجفلتها، وما أن كادت ان تنطق حتى لمحت عمرات يمر بجانبها ويلقي بذاته في احضانه والده قائلًا بنبرة شجن وعبرات منسابة على  وجنتيه:-

  - بابي ألحق ماما عايزة تمشي، ارجوك ما تخليها تمشي انت وعدتني وانا ما صدقت لقيتها...

رفع رحيم ذراعه اليمنى ومسد على رأس عمران قائلًا دون ان يحيد ببصره عنها:-

  - عمران حبيبي روح اوضتك دلوقتِ دا ميعاد نومك، وما تخافش ماما مش هتمشي من هنا، هتقوم من النوم تلاقيها هنا جانبك ..

رفع عمران انامله وجفف وجنتيه وقد ارتسمت بسمه على محياه من حديث والده الذي طمئن قلبه، واستطرد قائلًا:-

  - وعد يا بابي 

بنبرة جامده واعين لم تنزاح مثقال ذرة عنها هتف قائلًا:-

  -وعد يا حبيبي..

اماء له عمران وغادر، بعد ان ألتفت برأسه اتجاها ببسمه، بينما هي قد لجمت من لسانها من اجل الصغير، حتى غادر الغرفة واندفعت نحوه وهي محامله بعواصف الغضب قائلة:-

  - أيه اللي أنت بتقوله للولد دا، وازاي تقوله أني مامته وأني هعيش هنا وبعدين أنا إيه اللي جابني هنا أصلًا!..


            


              

                    


لم ينطق حرفًا واحده وظل يراقبها بنظرات اعين شرار الحنق ينبعث منها، كلما خيل له عقله ما اوشك ان يصيبها، عيناه الباردة امتزجت بالغضب منها، بينما هي لا تدري لما اعتراها الرعب منه ومن هيئته تلك خاصة عندما فح من شفتيه قائلًا:-

  - عايزة تعرفي ازاي جبتيك هنا!، بس أنا بقى اللي عايز افهم ازاي تكوني في مكان زي دا يا مربية الاجيال الفاضلة..

كسى الخجل والارتباك ملامحها وسرعان ما تحولت لذعر وهي تلمح تقدمه منها بخطوات وئيده وذاك الغضب يطل من عينيه ولاتدرك لما!، كانت تتراجع للخلف وهو يتقدم منها، وهي تدرك أنه يحاصرها بتلك الغرفة، عيناها جالت بارتياب بينه وبين بابها الذي يقبع خلفه، مقررة محاولة الهرب منه إلا انها تصنمت حينما هدر بها وهو يجذب ذراعها بقسوة قائلًا:-

  - هتفضلي كده لحد امتى يا سارة  بتوقعي نفسك في كوارث، انتِ عارفه أنا لو ملحتقيش المرة دي كمان، كان هيحصل فيكِ أيه، كنتِ هتكونِ منتهكه للمرة الثانية وحامل بطفل من أب مجهول..


اتسعت عيناها بصدمه وتطلعت به بعدم استيعاب لما قاله مستنكره اياه مع شعور بالذهول والارتباك لمعرفته بما حدث معها بالماضي، وكأنه تدارك تخبطها، فتابع قائلًا بنبرة سخرية:-

  - الدجالة اللي حضرتك بتروحيها، معها راجل شريكها وكل الستات اللي بتروح لها بتطلع حامل منه..

شهقت بصدمه شاعره بالفزع وهي لا تعلم بما اصابها، لانت ملامحه وتابع مطمئنًا لها قائلًا:-

  - ما تخافيش محدش فيهم لمسك انا لحقتك في آخر لحظه واخدتك للمشفى واطمنت انك بخير وجبتك على هنا..

إلا أن قست ملامحه مره أخرى وهو يتذكر كلام الطبيبة له، بينما هي زفرت بارتياح وعبراتها تنساب بكثره على وجنتيها، بينما تسارع وجيب قلبها وجلًا مما اوشك أن يصيبها..

عبراتها ألمت قلبه، الذي هدر نبضه لقربها، قلبه الذي يخوض صراعًا معه لترك العنان لمشاعره ورغبة انامله بأن ترتفع وتزيل عبراتها ويجذبها إلى احضانه مطمئنًا لها،  خاصةٍ لسماعه بكلمات الشكر والامتنان التي أردفت بها من بين شهقاتها:ـ

  - شكرًا انك انقذتني، أنا مش عارفه كان ممكن يحصلي إيه وكان فين عقلي لما روحت للمكان دا..

عيناه كانت مثبته عليها بنظرات حانيه، وشوق ولهفه لقربها 

، بينما هي كانت منهارة لما اوشك ان يصيبها، وان تعيد تلك التجربة القاسية مجددًا، بينما هو واخيرًا قرر أن يترك العنان لمشاعره وترك انامله ترتفع وتلامس بشرتها الناعمة برقة تزيل عبراتها، رجفه أصبته حينها وكأنه صعق بالكهرباء التي زادت من هدر قلبه الملتاع بعشقها، بينما هي انتفضت مبتعدة عنه ووجلًا قد تمكن منها وهي تلمح نظراته تلك وتذكرت حديثه مع الصغير، فأصابها الارتياب منه، مقررة الهرب الان وتحدثت بما اوقد نيران بداخله قائلة:-

  - أنا انا بشكر حضرتك لثاني مرة، بس أنا لازم امشي اكيد جوزي قلقان عليا..

  ثم قطبت جبينها بتذكر قائلة وهي غافلة عن نظراته عينه التي بدت كاللهيب الحارق وغضبه الذي بدى كدخان يتبخر من كل انشاً به:-

  - هو صحيح ماما حميدة فين!، وجوزي عارف أننا هنا ولا إيه!، أنا لازم أروح اكيد عمر قلقان ــــــــ

  لم تكاد أن تكمل حديثها حتى تلجم لسانها عند هدر بها بغضب جمّ قائلًا:-

  - أياكِ تنطقِ اسمه تاني مره يا ساره فاهمه، الوس* دا هيتمحي من حياتك نهائيًا وزي ما سمعتي من شوية انتِ مكانك هنا معايا أنا وعمران ...

ارتعد جسدها وانتفض بقوة واعتراها الغضب مما يهذر به هذا المجنون الماثل امامها و شرار الحنق تناثر من فاها وعيناها كالسيال وجهرت:-

  - لا دا انت  اكيد مش طبيعي أنا لازم أمشي من هنا...

  انهت حديثها وتحركت اتجاه الباب، الا انها تخشبت موضعها حينما أردف قائلًا:-

  - هتمشي وتتخلي عن ابنك يا سارة، ابنك اللي ما صدق لقاكِ، هتحرميه من حضنك وحنانك..

شيئًا ما بقلبها ثار وهي تتذكر الصغير ونظراته لها ولامسته الحانية، وقلبها الذي يثور النبض بداخله عند رؤياه وتلك المشاعر الحانية له، إلا أنها استنكرت ما تشعر به، لا تستعبه أبدًا، تشعر بعاصفة هوجاء بداخلها، رافضه ما يفعله بالصغير وتعليقه بأوهام، لذا استدارت له ترمقه بنظرة غضب مقرره الهدر به بكلمات مناسبه، لتنال صدمه أقوى وأعنف منه حينما استطرد حديثه متابعًا:-

- سارة عارف انك مرتبكه بس انتِ لازم تعرفي أنا مين!.

ثم تنهد وأخرج نفسًا مثقلًا قبل أن يطلق سراح كلماته العالقة منذ اشهر بحلقه قائلًا:-

- انا رحيم زيدان جوز نرمين وأبو ابنك عمران، ابنك اللي خدعوكِ واُهاموكِ انه اتولد ميت، بس ربنا أراد انه يرجع لحضنك.

أطرفت بعينيها عدة مرات بينما جسدها متخشب من فرط الصدمة وهي تنصت لسيال كلماته، لا تستعب ولا تصدق أنها أضحت ضحيه لخدعتهم مره أخرى وحرمت من طفلها كل تلك السنين، ارادت ان تكذب ما قاله لكن قلبها صدقه، فيكفيه احساسه اتجاه الصغير وذاك الشعور الحاني نحوه 

حفر الحزن وديانًا على اخاديد وجهها ممتلئًا بعبرات مقآيها 

وظلت على حالها وعيناها تبوح بصخب دواخلها في تلك اللحظة وسرعان ما تحولت عبراتها الى نحيب وانفعال قائلة بنبرة راجية:-

  - انت مش بتكدب عليا صح وبتحاول تخدعني، عمران ابني انا!..

  أماء لها مؤكدًا ورؤية انهيارها تؤلمه، قائلًا بتنهيدة:-

  - ابنك يا سارة والله العظيم وتقدري تتأكدي بنفسك من كلامي..

  أنهى حديثه وهو يتقدم نحوها مخرجًا اوراقًا مطوية وقام بفتحها وقدمها لها قائلًا:-

- دي قسيمة جوازي أنا ونرمين واللي تحتها شهادة ميلاد عمران في أمريكا يا سارة، اللي كان المفروض بخانة الام تكون انتِ يا سارة!، بس قدروا يخدعوكِ..

جذبت الاوراق بكف يرتعد، وتطلعت بها وسيال عبراتها لا يتوقف، حتى تحول لشهقات المت قلبه، ورغبه حارقه لضمها وتهدئتها تتملكه، استجاب لها بضعف يتولد اتجاهها وحدها، وبلحظه كان يجذبها إليه بقوه ضاممًا اياها قائلًا:-

  - ساره اهدي ارجوكِ، ابنك خلاص رجعلك وهيبقي في حضنك بلاش دموع..

كانت تائهه لا تستعب حرمانها من صغيرها إلا انها بلحظة تداركت ما فعله وانتفضت بجسدها تدفعه عنها بكل قوة وقسوة ومشاعرها اتجاه بزخت له، ورمقته بنظرات كره واضحه وذكريات الماضي تتقاذف بداخلها، والتي كانت كالنصال تتراشق بقلبه وتؤلمه، وتعالت آنات قلبه بقوة لها، فأراد الاقتراب وتبرئ ذاته امامها، لا يحتمل تلك النظرات التي يجب توجيهها اتجاه اخر وليس هو، لذا تهدج قائلًا:-

  - سارة ارجوكِ بلاش نظرات الكره والاشمئزاز دي بتقتلني 

  لم تعيره أدنى اهتمام وتشدقت قائلة ساخرة من ذاتها وغباءها الذي حرمها من صغيرها كل السنين دي:ـ 

-معقول ابني عايش كل السنين دي وانا فاكره ميت وبتعذب على فراقه وببكي عليه، ابني عايش وأنا صدقت خدعتكم بكل غبائي...

ثم تابعت حديثها وهي تطالعه بذات النظرات الكارهة:ـ

  - ابني فين انا هاخد ابني وأمشي من هنا، وأياك تحاول تمنعني!..

  تنهد مثقلًا واردف قائلًا:-

  - اهدي يا سارة عشان نتكلم وافهمك كل اللي حصل، صدقيني انا مش همنعك عن ابنك وألا انا ليه هنا في البلد دي الا عشانك انتِ، عشان ارجعلك ابنك...

  انتبهت لكلماته أخيرًا وتذكرت وجود صغيرها بقربها لعدة اشهر وهي لا تعلمه، رغم بزوخ مشاعرها نحوه منذ اول يوم وجدته، وكم عذبتها تلك المشاعر، فرفعت رأسها نحوه

مجددًا واردفت قائلة:

  - أنت كنت هنا من شهور فاتت، وابني كان قدام عيني وأنت ما قولتليش ليه أنه ابني!، ليه استنيت لدلوقتِ!..

  صاح بها قائلًا بانفعال، لا يحتمل نظرات اللوم والكره التي ترمقه بها قائلًا:-

  - عشان كنت خايف من المواجهة دي يا سارة وخايف من اللي قولتيه دلوقت..

  تطلعت به بعدم استيعاب، بينما هو تابع مقررًا البوح بما يختلج صدره:-

  - اول ما عرفت مكانك، جيت هنا للبلد دي، عندي فضول اعرف مين هي أم أبني، شكلها، اخلاقها، كنت بعربيتي واقف قدام بيتك مستني خروجك للمدرسة، لما عرفت انك مدرسه فيها، لحد ما ظهرتِ زي الجنيه اللي خطفت قلبي من اول نظرة، قلبي لقيته دق بقوة، بقوة غريبه مش معهوده وحسيت اتجاهك بألفه، وألمتني نظراتك الحزينة، وفي لحظة تهور قررت أكون هنا جانبك واعرفك اكثر، قدمت طلب نقل ولأول مره في حياتي استخدم الواسطة واطلبها من عمي عشانك انتِ يا سارة، عشان ما يتأخروا في ميعاد نقلي او يترفض، ونقلت ورق رحيم من مدرسته لهنا، حياتي كلها غيرتها عشانك انتِ، قررت اكون قريب منك انا وابنك واعرفك اكثر وتعرفي ابنك، حبيت اعرف إذا هتحسي بيه او لا، ومن جوايا متأكد انك هتحسي، وما خيبتيش املي، تعرفي اني دايمًا كنت حواليكِ من غير ما تحسي، كنت بستمتع بمراقبتك من بعيد وحزنك بيألمني، كنت بتمني اشوف ضحكتك مره، لحد ما ظهرت مع عمران وبس وقتها تمنيت انها تترسم بسببي أنا، اكثر من مره قررت اقولك، لكن تراجعت لأني خفت يا سارة، خفت من اللي قولتيه دلوقت، خفت من انك تفكري تخدي ابني وتبعدي وتحرميني منكم، وللأسف ما كنت هقدر امنعك لأني بحبك يا سارة، ما كنتش هقدر اكون سبب حزنك، وأمنعك عن ابنك وفي نفس الوقت مش هستحمل بعدك انتِ وأبني وتكونوا مع راجل غيري، تقدري تسميها أنانيه مني، بس انا مش شايفها كده، دا حقي انتِ وعمران حقي أنا....

كانت تستمع له بذهول لما يقوله، مستنكره أياه لا تصدقه ابدًا، اليس هو من رفضها ورفض الزواج منها من اجل الصغير، اليس هو من تأمر معهم وخدعها، كيف له أن يقول ما قاله الآن، كانت الافكار تتقاذف بعقلها، وتهديها ألي استنتاج واحد وهو الخديعة، نعم من المؤكد انهم يخططان لخدعاها مره اخرى، ثمة أمر مريب يحدث، لا يمكن أن يكون غير ذلك، لذا حركت رأسها باستنكار، رافضه لتلك النظرات التي تطل من عينيه لها  وصدحت منها ضحكه متألمة قائلة:-

  - دي خدعه تانية صح!، خدعه بتخططوا لها، تمثل عليا الحب وتقولي أن ابني عايش، وياتري المرة دي عايزين مني إيه!..

  ألمه قلبه بقوة أن تظن أنه يخدعها، أن تظلمه هكذا، وتنكر حبه لها، لذا لم يشعر بذاته وهو يقطع تلك الخطوات بينهما ويجذبها من ذراعيه بقوه وتحرك بها ضاربًا بجسدها الحائط بخفوت حتى لا يؤلمها وقيد ذراعيها التي حاولت ابعده بها قائلًا بقسوة ونظرات غاضبه:-

  - اياكِ تشككِ بحبي يا سارة، أياكِ تتهميني بالكذب والخداع انا هنا ضحيه زيي زيك، والدليل وجودي هنا، انا لو عايز أبعد ابنك ما كنت جيت لهنا ومعاكِ دلوقتِ، ما كنت جبتك لبيتي واعترفت لك بحقيقة وجود أبنك..

ثم لانت نظراته وتحدث بنبرة خافته:-

  - سارة أنا حبيتك وبحبك وحابب نكون عيلتنا ونعيش باقي العمر سوا، ويكون عندنا اخوات لعمران، سارة انا من اول ما شفتك وانا بحلم يكون عندي بنت منك، بنت شبهك 

  بنت تكون نتيجة قربنا ومشاعرنا المتبادلة.. 

كان يتحدث وعيناه على شفتيها التي تاق ويتوق لها 

بينما هي هذا القرب والنظرات والكلام أربكها لوهله، إلا أن فكرة الخديعة اعادة اختراقها مجددًا بقوة، فنازعت للابتعاد عنه وهي تهتف قائلة بقهقهة ساخرة:-

  - آه قول كده بقى يا حضرة الضابط انكم مش مكتفين بطفل واحد وحابب يكون عندكم بنت تانية، وطبعًا ما فيش غير سارة الساذجة اللي هنقوم بالمهمة لتاني مره، بس المرة دي مش هتكون حمل بالخطأ، لا المرة دي هتكون بخدعة حب ومشاعر وان ضميرك صحي يا حرام وحابب تعوضني، بس أنسى يا حضرة الضابط سارة الغبيه بتاع زمان انتهت..


            


              

                    


تؤلمه بقوة مرة اخرى بحديثها، تستمر بألحاق الظلم به كما لحق بها، لكنه يتفهمها ويستعب أن لا تصدقه بتلك السهولة، منذ عشقها وادرك ان الوصول لها صعب وعليه ان يخطو على الجمر الملتهب حتى يصل وسيفعل من اجل نظرة عشق منها، ظلا للحظات يطالعها وكم رغب بمعاقبة تلك الشفاه التي تنطق بما يغضبه ويؤلمه، لكنه لن يفعل، ليس غصبًا وليس وهي ملك لأخر، بل وهي ملكًا له، ترغب به، حينها سيعاقبها بل وسيتفنن بعاقبها..

لذا تركها وابتعد عنها، مواليًا ظهره لها، حتى يهدأ من اجيج مشاعره ورغبته بها، مستعيد قناع البرود الذي يجب ان يتحلى بها، بينما هي وأخيرًا بدأت بالتنفس ما ان افلتها، فقد شعرت به وكأنه يحبس أنفاسها بذاك القرب...

لتستمع له ينطق بنبرة ساخرة قائلًا:-

  - فعلًا  سارة الغبيه انتهت، ما كنتش على وشك تضيع نفسها لتاني مره، ودلوقت غبيه لأنها مش قادرة تدرك مشاعري القوية اتجاهها... 

ثم استدار لها متابعًا حديثه قائلًا:-

- بس هصبر عليكِ يا سارة، لأن حاسس ومقدر اللي أنتِ فيه، دلوقت لازم تاكلي وترتاحي وهجيب لك عمران ينام في حضنك وانا هنام في اوضته وبكره نكمل كلامنا وتعرفي من الظالم ومين المظلوم!..

طالعته بغضب مما يقوله، واردفت قائلة:-

  - انا مش هقعد هنا ولا ثانيه، انا هاخد ابني وامشي من هنا...

رفع انامله يمسد بها على وجهه بغضب منها ولما تقوده أليه لما هي تصر على اغضابه، وجعله يبيح بكل ما بداخله، لا يريد أن يكشف كل الاوراق لها في ذات الوقت ويؤلمها، لما تصر على ان يؤلمها ويخبرها بحقيقة الوغد الاخر، حسنًا هي ما ارادت وهو سيفعل لينهي هذا الحديث ويغلقه وتدرك أن مكانها معه وليس مع غيره، لذا اردف قائلًا:-

  -ويا ترى هتخدي ابنك وتروحي على فين يا سارة، علي بيت الوس* اللي كان متفق معهم عليكِ، الحقير اللي قبض تمن انه يتستر على جريمتهم و يتجوزك ويضمن لهم سكوتك هتروحي لبيته بعد ما تعرفي أنه كان عارف ان ابنك عايش وساكت رغم أنه شايف عذابك...

كانت تستمع لسيال كلماته، تلك الكلمات التي بدت كنصال تتراشق بقلبها بقوة فتدميه انين بلا رحمه، وقد لطخ وجهها بمياه عينيها وانطفئ برماد حزنها، وشهقة عالية اندلعت من قلبها دفنتها بكفوفها محاولة استيعاب ما خر من اشواك على قلبها، رافضه له، لا تصدقه، فاندفعت نحوه وهي محامله بعواصف الغضب بينما تجهر قائلة:-

  - كداب انت كداب، عمر يستحيل يعمل كده!، عمر هو اللي انقذني منهم وتجوزني عشان يحميني، ليه بتعمل فيا كده، ليه بتحاول تفقدني الثقة بيه، مستحيل يكون خدعني، مستحيل عمر يكون عمل كدا فيا...

كانت تضربه بقبضتيها بقوه وهي تتحدث بانهيار، رافضه تمامًا ما قاله، تؤكد لذاتها كذبته، بينما هو ظلا موضعه لم يتزحزح، تاركًا لها وقتًا، متدارك صدمتها بمن ضحت لأجله بسنون عمرها وحرمانها من الأمومة، ليقرر واخيرًا التحرك وتهدئتها واثبات كلامه بحقائق ملموسه، فعليه اليوم والآن اغلاق صفحة ذاك الحقير، فاسرع بتقيد يديها خلف ظهرها وضمها بقوة محاولًا تهدئتها قائلًا:-

  - سارة اهدي عارف انك مصدومة ومستوعب انك مش هتصدقيني بسهولة، بس انا عندي الاثبات،  بس بالأول عايزك تهدي، بلاش تأذي نفسك، هو واحد حقير ما يستهلش دموعك وحزنك واوعدك اني هاخد حقك منه زي ما ربنا اخد حقك من اللي ظلمك معاه..

  كانت شهقاتها تتعالي وهي تتلوى بين يديه، تنازع للتحرر منه، إلا أنه لم يأبى تركها، حتى لاحظ انها لن تستكين بين احضانه وأن ما فعله خاطئ، لذا فك وثاق ذراعيه حول جسدها وتركها، ليتحرك نحو الخزانة ويخرج منها ملفًا به عدة اوراق واقترب يعطيه لها قائلًا:-

  - الاوراق دي بتثبت كلامي، عندك ورقه بحساب جوزك اللي تحول ليه مبلغ نص مليون جنيه لحسابه تزامنًا مع فترة حملك، ومبلغ نص مليون تاني تزامن مع جوزكم، و صورة عقد امتلاكه لمعرضة سيارات من ثلاث سنوات، اللي هدد بيه نرمين وأبوها أنه هيفضحهم اذا ما ساعدوه فيه

وطبعًا نفذوا ليه اوامره خوفًا من انه يكشف الحقيقة 

كانت تطالع الأوراق التي يحركها امامها واحده تلوى الاخرى بقهر، فلم تستطع التحمل وشعور الخذلان يتملكها، لم تثق بأحد إلا وخانها بقسوة،  خارت قواها وسقطت على عقبيها 

وهي تشهق بقوة وألم يتملكها لما عانته طيلة حياتها، سنون،  عمرها معه وهي تقاسي  وتحتمل ما لا يحتمل فقط من أجل تسديد دينها له، فقد ظنته ضحى من اجلها حينما تزوجها  وسترها إلا انه قبض ثمن فعلته بل وخدعها وقبض ثمن بيعها..

بينما هو كان يتابع الحسرات والخيبات التي تشعر بها وتتراقص بوضوح سافر على ملامح وجهها بألم وانحنى نحوها، برغبه لرفعها فلا يحب رؤية انكسارها، فعليها ان تقوى من أجلها وأجل صغيرها، إلا أن الصغير اقتحم الغرفة بثانيه وقد تسرب لمسمعه صوتهم العالي حتى استمع لبكائها وشهقاتها فلم يحتمل واقتحم الغرفة متوجه اليها ببكاء لرؤيتها هكذا وأنامله ترتفع  تزيل عبراتها من على وجنتيها قائلًا:-

  - مامي بلاش تعيطي عشان خاطري،  لو مش عايزة تبقي معايا وتمشي خلاص امشي بس ما تعيطيش، وبابي مش هيمنعك، بس ارجوكِ اسكتي...

مجيء الصغير واقترابه منها هو ما هون عليها ألمها، حتى انصتت لكلماته فألمتها بقسوة، فرفعت ذراعيها تضمه اليها بقوة قائل من بين عبراتها:-

  - ابدًا يا حبيبي، ماما مش بتعيط عشان عايزة تمشي وتسيبك، ماما بتعيط عشان حرموها منك وما صدقت لقيتك ومن النهاردة مش هبعد عنك تاني ابدًا...

ابتسم الصغير بسعادة قائلًا:-

  - بجد يا مامي من النهاردة هتكونِ معايا وهنام في حضنك..

أماءت له بعبرات منسابة وبسمه، وقد تناست كل شيء بقربه، فقط هو من ستكتفي به بتلك الحياة..

بينما رحيم كان يراقبهم وبسمة سعادة مرتسمه على شفتيه لما يراه، وتحرك من الغرفة محاولًا لملمة مشاعرة المبعثرة لرؤية هذا المشهد، متوجه حيث المطبخ ليحضر بعض الطعام لها...

بعد مرور بعض الوقت دلف الى الغرفة مجددًا حاملًا الطعام بين يديه، ليجد ساره ماتزال على الارض جالسه مستنده بظهرها على الحائط والصغير بأحضانها، تقدم نحوهما واردف قائلًا:-

  - عمران حبيبي ماما ما اكلتش حاجه وعايزنها تاكل، إيه رايك إنك تأكلها بأيدك وتأكل معها

  أماء له الصغير بسعادة واعتدل، بينما سارة ترمقه بنظرات كارهه، استوعبها رغم آلامها، مدرك انها لن تغفر له بسهول وتتقبله،  بل أنها ستلقي بالذنب كله على عاتقه، وكم رغب بالحديث معها، لكن ليس الآن فقد لتهدئ وينتهي من ذاك الحقير ويتمكن من الحصول على حريتها منه، لتكون له ومعه هي وصغيره..

بينما الصغير قد جذب قطعه من اللحم ورفعها اتجاه فاها، بنظرات رجاء، فلم تستطع أن ترفضها منه وتناولتها، لتتسع ابتسامة كليهما، رحيم والصغير الذي ظلا يطعمها، بينما هي من اعتدلت وبدأت اطعامه تحت نظرات رحيم الفرحة، حتى انتهوا وغفا الصغير بين يديها، لينهض هو بينما يجذب الطعام الباقي من امامهم الى الخارج ثم يعود وينحني ليحمل الطفل منها، إلا انها شددت في ضمه بوجلًا منه تفهمه، فأردف قائلًا:-

  - اهدي يا سارة ما تخافيش مش هخده منك، انا بس هحطه في السرير عشان تناموا وترتاحوا..

  امأت له براسها نافيه وهي تحاول النهوض به، فسعدها هو حتى لا تقع، الا انها نهرته بحده حينما حاول لمسها، فتراجع، بينما هي تمكنت من النهوض وتوجهت حيث الفراش لتضع الصغير..

مسد رحيم على خصلاته باستياء منها، ثم تحدث قائلًا:-

  - نامي يا سارة وارتاحي وبكره نتكلم في الماضي اللي هنقفله بعده نهائيًا ونفكر في مستقبلنا وبس...

  لم تعيره ادنى اهتمام وكأنها لم تنصت لحديثه، ليتنهد هو بآسي متفهم صعوبة طريقه إليها، وغادر الغرفة، بينما هي تمددت على الفراش وهي تأخذ الصغير بأحضانها وتقبل وجنتيه، وظلت تتأمل ملامحه وعينيه الشبيهة لها، متناسيه كل شيء غير وجوده معها..

بينما رحيم تمدد على فراش الصغير، عاقدًا ذراعيه اسفل رأسه، محملقا بسقف الغرفة، شاردًا بحياته القادمة معها وكيفية استمالة قلبها نحوه حتى غفا مطمئنًا انها بقربه وبمنزله....

****

في الصباح بمدينة هولندا، استيقظت جود وارتدت ملابسها وتسللت من الغرفة متوجه للأسفل، حيث ينتظرها  تيام للذهاب الى المشفى، حيث اليوم يعد هو خره المراحل، فسوف سيتم زراعة البويضات الملقحة برحمها 

اقترب منها سليمان والد آسر الذي كان ينتظرها هو الآخر برفقة تيام، والذي ما ان اقتربت منه حتى تقدم نحوها وعانقها وقبل جبينها قائلًا:-

  - شكرًا يا جودي على وجودك وجوازك من آسر ومحاولة انقاذه..

  أمأت له ببسمه وخجل، لا تدرك ما عليها أن تقول له، فكيف تصيغ له أنها فقط تدرك ان بداخلها  راغبه بأنقاذه وبقاءه على قيد الحياة بقربها، فهو وحده من أشعرها بالاهتمام والانتماء من بعد والدها ووجوده كان داعم لها...

بينما هو تفهم خجلها وصمتها وحثها على التحرك للخارج ومن خلفهم تيام حتى السيارة، ليصعدوا أليها متوجهين حيث المشفى ونظرات شاهي تلاحقهم من شرفة المنزل بعدم استيعاب وحيرة لمكان ذهابهم، فأسرعت الى الداخل تستقل الدرج هابطه للأسفل متوجه للخارج حيث سيارتها لعلها تلحق بهم...

وصلت السيارة ألي المشفى واستقلوا المصعد للأعلى،  متوجهون حيث الغرفة التي يتم تجهيزها فيها، دلفت جود الى الغرفة ومعها إحدى الممرضات لتجهيزها، بينما انتظر بالخارج كلًا من سليمان وابنه...

**

في ذات اللحظة بالغرفة المجاورة كانت نيرة مستقليه على الفراش وأدم بجانبها، كلهما يشعر بالتوتر، خاصةٍ حينما دلفت الممرضة لتجهيز ها للجراحة، والتي طلبت من أدم الخروج حينها الا انه اصر البقاء بجانب جوزته حتى تنتهي، وبالفعل انتهت كلتا الفتاتين وتحركت كلًا منهما اتجاه غرفة الجراحة والتي يمتلك المركز العديد منها ومن الاطباء المختصين بها، وجميعهما يتشاركون بمعمل واحد....

بينما ظلا الرجال بالخارج، ينتظرون بغرفة الانتظار بترقب 

سليمان وتيام جالسون على المقاعد يبتهلون الى الرحمن بالدعاء لعله يستجيب وتنجح الجراحة وتحمل جود الطفل الذي سوف ينقذ والده، بينما ادم كان يقطع الممر  ذهابًا وايابًا بتوتر، منتظر انتهاء الجراحة، وبالفعل بعض مرور الوقت، خرج الطبيبين واعلميهما بنجاح جراحة كلتا الفتاتين بذات اللحظة وان الزراعة تمت بنجاح..

غمرت السعادة قلوبهما، وأدم الذي لحق بزوجته التي سحبوها اتجاه الغرفة، بينما سليمان قرر العودة للمنزل حيث ابنه حتى يكون بمواجهته حينما يستيقظ طالبًا من تيام البقاء مع جود ريثما يعود مع أخيه الذي ذهب لأعلامه بحمل زوجته بطفله...

بسم الله الرحمن الرحيم 

حدث بالخطأ 

سلسلة "حينما يتمرد القدر" 

بقلم "دينا العدوي 

البارت الثالث عشر 

🌺🌺🌺 

هوى قلبي ساجدًا عند رؤياكِ 

يعلن لكِ أنه بات أسير هواكِ 

وعيناي باتت لا ترى سواكِ 

بالقلب انفجر عشقك حتى بات يجري بأوصالي 

ولا من فرار منه، فأما امتلاك لهواكِ يبدد أشواقي 

او دمارًا سيلحق بي إذا أخترتِ فراقًا... 

انتِ لعنة اصيب بها قلبي وانتِ أيضًا تميمة حظًا 

فأيهما لي أنت ستكونين.. 

لا تخافي وأقتربِ بيقين صدق أعلان هواكـِ 

وأعدك حينها بقلب يرأف بكِ ويكون لكِ وطنًا وأمانًا  

سأبقى هنا وأن طال الانتظار، سأسير بدربك حتى النهاية 

لأجدك بأخره تعلنين عشقكِ لي وانتماءك.... 

# رحيم.... 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 


هبت نسائم الفجر مغبرة بأتربة الأمس،  تروي حكاية ألم وجرح لم يندمل بعد، فها هي بالفراش مسهده، يجافيها النوم،  تتأمل ملامح صغيرها البريء بحبًا سافر وألمًا يمتزج به... 

بدأت وساوس الشيطان الرجيم لها، يقتحم أفكارها بضراوة يصور لها بشاعة ماضيها وما عانته به، يذكرها كم تألمت وحرمت من الصغر، وأنها ولدت وكبرت بلا حنان أمًا كما مثيلها ويُغفلها عن نعمة اخرى حظت بها حينما رفض والدها الاقتران بأخرى من أجلها ومنحها الحنان والاهتمام كله... 


ويذكرها كيف تعرضت للظلم والخديعة، وكيف أنتهك جسدها وانقهرت بغياب صغيرها وظنها بموته، كيف تحطم قلبها لشظايا وعانت لسنوات تبكي وتنتحب على فراقه،  تتسأل ما المغزى من فراقها عن صغيرها كل تلك السنوات 

ما ذنبها لتهلك بالحياة،  هل أذنبت يومًا!.. 


كان يجيد ما اشتهر به وهو الوسوسة، يريها النصف الفارغ من الكأس، يذكرها بما قاست وينسيها النعم التي حظت بها كوجود صغيرها الأن بين يديها، وأنه لم يحرمها منه ولو فرقهما قليلًا، ألا انه أعاده ألي احضانها، فقط يريدها أن تغضب، تنقم، وتكفر.. 


إلا أن وساوسه لا تفلح مع قلب عامر بالأيمان، فما أن دوى صوت المؤذن عاليًا،  حتى أخترق قلبها وليس مسامعها فقط، حينها انتفضت مستعيذه بأسم الله منه، وذكرت ذاتها أن الله لم ولن يريد بعباده سوءٍ أو شرٍ وأن لكل شيء سبب،  كما أنها تذكرت أن الانبياء كانوا أشد الناس أبتلاءٍ ومع ذلك كانوا اشدهم أيمانًا، وبالفور تذكرت نعمة عثورها على صغيرها وقربه الأن، لتمتم بالحمد والشكر... 


من ثم نهضت بخفه من الفراش، بعدما قبلت صغيرها ودثرته جيدًا بالفراش، متوجها ألي المرحاض، حتى تتوضأ وتؤدي فريضتها وتضرع الى الرحمن... 


بعد مرور بعض الوقت انتهت من أداء فريضتها وظلت على وضعها تسبح بالحمد، شارده بمن خانها وخدعها وصدقته،  تشعر بالقهر بسنون حياتها معه، لتذرف مقآيها عبرات الحزن والألم، إلا انها رفعت أناملها وأزالتها، مقرره محيه من حياتها نهائيًا والخلاص منه،  عليها الحصول على الطلاق منه في اسرع وقت،  وتستقل بصغيرها بعيدًا عن الجميع.. 


                                  


              

                    


انتهت من حيرة زخم افكارها ونفضتها متخذه القرار الافضل من بينهم،  ونهضت عائدة ألي صغيرها،  تجذبه ألي احضانها براحه واطمئنان لقربها منه،  ولم تشعر بذاتها وهي تغلق عينيها وتغفو قليلًا، فأخيرًا سرقها النوم... 

***** 

دوى صوت المنبه عاليًا كما تم ضبطه على موعد صلاة الفجر،  ليتململ رحيم في فراش عمران الصغير على جسده والغير مريح،  فهو لا يتناسب مع بنيته الضخمة، تأفف شاعرًا ببعضًا من الألم وهو يغلق رنين المنبه،  من ثم نهض بتثاقل الى المرحاض حتى يتوضأ ويؤدي فرضه... 


وبالفعل ما هي إلا لحظات وكان يفترش الأرض وقد انهى صلاته وبدأ بالدعاء الى الرحمن أن يقشع عنه الظلم، وان يحسن من صورته في عينيها،  ويزرع بقلبها حبه و عشقه،  وترضى بقربه، وان لا يكتب له فراقًا عنهما، بل يدعوه للفوز بعائلة سعيدة متقاربه... 


من ثم نهض وبدأ بممارسة الرياضة قليلًا كما اعتاد حتى انتهى،  فقد جفاه النوم، واعتراه الأرق من التفكير بالقادم من حياته معها،  حتى دقت الساعة تمام الثامنة حينها دلف الى المطبخ وقام بتجهيز الفطور لهما،  ووضعه على الطاولة وما ان انتهى حتى دلف الى غرفة واقترب من الفراش يتطلع بهم بمشاعر متضاربة للحظات، من ثم همس بأسمها عدة مرات،  وهو يقبض على كفيه بقوة، حتى يسيطر على رغبته بلمسها،  حتى انتفضت سارة تطالعه بذعر ما ان وصل همسه لمسمعها، قائلة:- 

  - انت بتعمل إيه هنا!، وعايز أيه!.. 

  ليسرع بتهدئتها قائلًا:- 

  - سارة اهدي ما تخافيش،  أنا حبيت اعرفك اني نازل رايح شغلي واني حضرت لكم الفطار، وان بلاش مدرسه النهاردة ليكِ أنتِ وعمران.. 

  ثم تابع حينما لم يجد منها رد قائلًا:- 

  - تمام أنا همشي ولو عوزتي اي حاجه رقمي على فون عمران،  لولا ان ورايا شغل مهم ما كنت سبتكم... 


ليتنهد مستغفرًا حينما لم يجد منها رد، واستدار متحرك للخارج، لكنه تصنم ما أن وصل لمسمعه صدى كلماتها قائلة:- 

  - أنا عايزة اتطلق من عمر.. 

  التوى ثغره ببسمه وتراقص وجيب قلبه سعادة وحلق في سماء الفرحة،  ظلا لوهله هكذا حتى استعاد جموده وتعابيره الباردة واستدار لها يدعي الثابت،  لكن نظرات عينه برزت مشاعره قائلًا:- 

  - من غير ما تقولي يا سارة أنا ناوي على كده،  مش هسيبه إلا ما يطلقك،  لأن ببساطه مكانك هنا معايا انا وابنك... 

  التمعت عينيها بشراسه ورمقته بنظرة كارهه وهسهست قائلة:- 

  - انا مكاني مع أبني وبس، أنا هنا على ما اضبط اموري واخد سلفه وأجر شقه نعيش فيها أنا وهو... 

  تنهد بأنفاس مثقله، وصمت للحظات قبل أن يأردف قائلًا:- 

  - سارة الكلام دا سابق لأوانه،  انا عندي كلام كتير هيغير من نظرتك ليا وهيثبتلك ان مكانك انتِ وعمران معايا،  صدقيني عمران يستحق اننا نكون له العيلة اللي بيتمناها،  وانتِ تستحقِ العوض عن سنين القهر والظلم اللي عشتيها وأنا استحق قربك وهثبت لك دا،  بس لما ارجع لأن مجبور اروح عشان انهي القضية دي،  وصدقيني القرار الاول والاخير هيكون ليكِ، مش هغصبك على حاجه...   


            


              

                    


أنهى حديثه وغادر الغرفة بل الشقة كلها ووقف على اعتاب بابها بتردد ما أن يحكم غلقها بالمفتاح ضمانًا له بألا تحاول اخذ الصغير والهرب،  إلا انه اختار أن يوثق بها، فلا يريدها أن تشعر بغير ذلك، لذا تركه وتحرك آلي الاسفل يحادث الحارس أن ينتبه، ويحدثه ان صار شيئًا ما، وبداخله يدعو أن لا تفعل وتحطم ثقته بها، ثم استقل سيارته وغادر 

** 

بينما بالأعلى نهضت سارة بعدما تأكدت من مغادرته وخرجت من الغرفة، متوجه حيث باب الشقة،  تتأكد منه وجدته لم يحكم غلقه،  لتداهمها فكرة اخذ الصغير والهرب،  وبالفعل اسرعت عائده للغرفة،  توقظ الصغير، الذي نهض يفرك عينيه ناعسًا،  وتوجهت اتجاه الخزانة لأخراج ثيابه إلا أنها توقفت تنهر ذاتها عما تفعله،  فكيف لها ان تحرم صغيرها من ولده وايضًا الى أين ستأخذه وهي بلا منزل او مال،  وليس لديها أحد،  هل سوف تسير به بالطرقات، كما أنه وعدها أن يدعها تفعل ما ترغبه وانه لن يحرمها من صغيرها ولكن هل تثق بما يقول هو!،  لا تعلم بداخلها تشعر بالارتباك وفقدان الثقة بالجميع ولكن عليها التفكير في صغيرها وكيف سيحيي، لذا قرار هروبها خطأ بل عليها البقاء والمواجهة من اجل اكتساب حقها،  لذا تراجعت حيث الصغير جالسًا على الفراش تضمه وتقبله، تاركه تسهيل امور حياتها لله وحده.... 


**** 

في الصباح بمدينة هولندا، استيقظت جود وارتدت ملابسها وتسللت من الغرفة متوجه للأسفل، حيث ينتظرها  تيام للذهاب الى المشفى، حيث اليوم يعد هو آخر المراحل، فسوف سيتم زراعة البويضات الملقحة برحمها 

اقترب منها سليمان والد آسر الذي كان ينتظرها هو الآخر برفقة تيام، والذي ما ان اقتربت منه حتى تقدم نحوها وعانقها وقبل جبينها قائلًا:- 

  - شكرًا يا جودي على وجودك وجوازك من آسر ومحاولة انقاذه.. 

  أمأت له ببسمه وخجل، لا تدرك ما عليها أن تقول له، فكيف تصيغ له أنها فقط تدرك ان بداخلها  راغبه بأنقاذه وبقاءه على قيد الحياة بقربها، فهو وحده من أشعرها بالاهتمام والانتماء من بعد والدها ووجوده كان داعم لها... 


بينما هو تفهم خجلها وصمتها وحثها على التحرك للخارج ومن خلفهم تيام حتى السيارة، ليصعدوا أليها متوجهين حيث المشفى ونظرات شاهي تلاحقهم من شرفة المنزل بعدم استيعاب وحيرة لمكان ذهابهم، فأسرعت الى الداخل تستقل الدرج هابطه للأسفل متوجه للخارج حيث سيارتها لعلها تلحق بهم... 


وصلت السيارة ألى المشفى واستقلوا المصعد للأعلى،  متوجهون حيث الغرفة التي يتم تجهيزها فيها، دلفت جود الى الغرفة ومعها إحدى الممرضات لتجهيزها، بينما انتظر بالخارج كلًا من سليمان وابنه... 

** 

في ذات اللحظة بالغرفة المجاورة كانت نيرة مستقليه على الفراش وأدم بجانبها، كلهما يشعر بالتوتر، خاصةٍ حينما دلفت الممرضة لتجهيزها للجراحة، والتي طلبت من أدم الخروج حينها، الا أنه اصر البقاء بجانب جوزته حتى تنتهي، وبالفعل انتهت كلتا الفتاتين وتحركت كلًا منهما اتجاه غرفة الجراحة والتي يمتلك المركز العديد منها ومن الاطباء المختصين بها، وجميعهما يتشاركون بمعمل واحد.... 


            


              

                    


بينما ظلا الرجال بالخارج، ينتظرون بغرفة الانتظار بترقب 

سليمان وتيام جالسون على المقاعد يبتهلون الى الرحمن بالدعاء لعله يستجيب وتنجح الجراحة وتحمل جود الطفل الذي سوف ينقذ والده، بينما ادم كان يقطع الممر  ذهابًا وايابًا بتوتر، منتظر انتهاء الجراحة، وبالفعل بعض مرور الوقت، خرج الطبيبين واعلميهما بنجاح جراحة كلتا الفتاتين بذات اللحظة وان الزراعة تمت بنجاح.. 


غمرت السعادة قلوبهما، وأدم الذي لحق بزوجته التي سحبوها اتجاه الغرفة، بينما سليمان قرر العودة للمنزل حيث ابنه حتى يكون بمواجهته حينما يستيقظ طالبًا من تيام البقاء مع جود ريثما يعود مع أخيه الذي ذهب لأعلامه بحمل زوجته بطفله...  

**** 

بينما بالأسفل كانت شاهي تسير بطرقات المشفى، حتى وجدت ضالتها وكانت احدى الممرضات التي عللت لها سر وجود "جود" هنا،  شعرت بالصدمة ومدت الارض من اسفلها،  ومالت بجسدها على الحائط تتكأ عليه، حتى لا تسقط، لا تستوعب فشل مخططها، فلا يمكن ان تحمل جود أبن آسر، لا يجب ان يكون لأسر ولد،  كيف فعلوا هذا بغفله عنها،  كيف لم تعلم ما يضمرونه، متى وخفي شيء عنها!،  كيف تمكنوا!،  هل ثقتها الزائدة بنفسها هي من غفلتها عما يحاك من خلف ظهرها!، عليها أن تجد حلًا مسرعًا،  والتخلص من ذاك الحمل، ابن آسر لن يولد ويرى الحياة،  بل ستنهي وجوده،  والآن عليها ان تطمث حقيقة علمها،  حتى تزيل الشبهة عنها، لحين ايجاد الفرصة المناسبة للخلاص منه،  لذا تحركت مسرعة تتوارى بداخل إحدى الغرف، ما أن لمحت سليمان قادم باتجاهها.. 

بينما هو لم يراها وغادر الى القصر حيث ولده مدركًا صعوبة المواجهة، وما سوف ينال من توبيخ على فعلت،  لكنه مستعد له،  فيكفيه انه قد ضمن علاجه... 

*** 

تململ آسر بالفراش، رفرف بأهدابه عدة مرات قبل ان يستيقظ كليًا، طالع فراغ الفراش بجانبه بحاجب معقودًا وبصره يتجه لساعة الحائط بانشداه،  استند بكفيه على الفراش يسحب جسده ليجلس قليلًا وبصره يجول بحثًا عنها بأنحاء الغرفة والشرفة الا انها لم تكن، استرق السمع للمرحاض،  لكن لا من صوت فتيقن خلوه منها، حاول النهوض كما اعتاد مؤخرًا بالاعتماد على ذاته، فقد شعر بتحسن كبير، منذ اوقف تلك الأدوية التي كانت تسبب له خمولًا واسترخاء الأعصاب ورغبه عارمه بالنوم وبعد عدة محاولات واهيه تمكن من ان يستقل مقعده المتحرك. ودلف الى المرحاض بعدما جلب ثياب مناسبه للخروج من غرفته،  وخرج مستقل المصعد المقابل لغرفته هبوطًا للأسفل، لم يجد أحدًا بالمنزل، كل ما قابله كان السكون،  استدعى الخادمة وسألها عن جود التي اخبرته بذهابها مع والده وتيام، توتر وجيبه واعتراه التوتر وخيم القلق على ملامحه 

وهو يأمرها بجلب هاتفه له،  نفذت الامر وجلبته، وما ان اوشك على الاتصال،  حتى انصت لصوت احتكاك سيارة والده بالخارج، وولوجه المنزل بعدها، اندفع نحوه يحرك مقعده قائلًا بنبرة قلقه:- 

  - في إيه يا بابا!،  وجود فين كانت معاكم.. 

سحب شهيق ثم زفير، واردف بنبره جوفاء:- 

  - جود مراتك في المركز، بترتاح بعد ما انهت عملية طفل الانابيب وهي دلوقت حامل بابنك... 

صمت سحيق ساد لوهله بينهما،  صمت نتج عن صدمه هائلة أصابته وهو يتطلع به بعدم استيعاب،  حتى تهدج مستنكرًا:- 

  - جود مالها!..  عملية إيه!...  وحامل بأبني ازاي.. 

  أجابه سليمان بجمود يروي له ما خبأه عنه:- 

  - انت عارف انك مريض سرطان وعلاجك هو طفل من صلبك يا آسر، ووجود جود من البداية كان للسبب دا، أنها  تحمل حفيدي اللي هينقذ ابني من الموت، العينات اللي اخذنها منك كانت لتلقيح بويضاتها ومش للتجميد زي ما فهمتك... 


            


              

                    


  انتفض جسد أسر برفض،  مستنكر ما قال،، لوهلة كان يشعر بالتيه، محاولا استيعاب ما خر من اشواك على قلبه، حتى بدأ يتدارك ما بصق به والده من كلمات كالسياط رجم بها قلبه، الذي شعر بألم غائر، بات غضبًا هادر، حتى تمالكه هذا الغضب وتفاقم حتى بات كالدخان يتبخر من كل انشًا به وهو يطالعه بأعين حمراء من شدته يجهر:- 

  - عملت فيها إيه!، ازاي تعمل في مراتي كده بدون اذنٍ،  مين أداك حق تعمل فيها كده!.. 


كان يتحدث وهو يدور بمقعده كالأسد الحبيس، يطرق على مقعده بغضب شاعرًا بالعجز والألم ينهش به كلما تداهم مخيلته ما فعله بها .... 


فرت دمعه من مقلتيه المًا على حالها، رامقًا والده بنظرات كارهه، نافره، لم يتقبلها وبالمقابل صاح به:- 

  - قولتلك قبل كده حياتك عندي هي الأهم، وهعمل أي حاجه عشان تخف وتعيش.. 

  ثم صمت لوهله، و بصق كلماته التاليه محاولًا تهدئته قائلًا:- 

- وبعدين ليه محسسني إني أذتها، أنا مجبرتها على حاجه خيرتها وهي وافقت وقررت تساعدك، ومنحتها فرصة تكون أم.. 


رمقه بنظرات غاضبه وشرار الحنق تناثر من فاهه وعيناه كالسيال وجهر:- 

- عملت فيها إيه!، انت بجد بتسأل عملت فيها أيه!، أنت ازاي كده،  غير انها طفلة لسه!، أنت سلبت منها براءتها وحق من حقوقها انها تكون زي أي بنت تعيش أجمل لحظات حياتها وتحمل من الراجل اللي بتحبه بصورة طبيعية، أنت ازاي بقية قاسي وظالم كده، هي اكيد ما وافقت، انت استغليت براءتها وجهلها، ضغطت عليها لدرجة انها خبت عني، بس انا مش هسمح لك تدمرها والحمل دا والطفل دا مش عايزه، هي لسه صغيره على الوضع دا، لسه قدامها حياتها، ودراستها  ... 


صاح به سليمان قائلًا:- 

  -انت تجننت طفل إيه اللي ينزل!، انت عايز تقتل ابنك بأيدك!، أنا يستحيل اسمحلك تضيع نفسك وابنك، فووق يا آسر،  اللي حصل حصل وخلاص،  وأنت ما قدمك غير انك ترضى وتتعالج عشان ابنك ومراتك، دول لازم يكونوا اكبر حافز ليك عشان تقاوم وتتعالج.. 


اغلق عينيه شاعرًا بالضيم، القهر، والعجز، وأن ليس أمامه  غير الخنوع، فما حدث لا يمكن الرجوع به،  جود الأن حاملًا بطفله، طفله الذي لن يستطيع قتله وهو من حلم به وظن انه حُرم من تلك النعمة، لكن يكفي عذاب وظلم وعجز، عليه أن يقوى ويصح فقط من اجلهما،  حتى  ينتشلها من ذاك الظلم والتسلط عليها،  هي تمنحه الكثير منذ رؤيتها،  وهي تمنحه بسمه ولحظات صفاء حينما تقع عيناه عليها، ثم منحته رغبه بالحياة والمقاومة حينما باتت زوجته،  والآن تمنحه طفلًا ظن أنه لن يكون يومًا  .. 

لذا فرج عن مقلتيه بقوة وعزم على المضي من اجلهما، وجهر:- 

  - انا عايز اروح لمراتي دلوقت، وديني ليها... 

قال ما قال وهو يتحرك بمقعده للخارج، ليومئ له سليمان ويلحق به عائد ألي المشفى 

  **** 

بغرفة المشفى، كان آدم جالس بجانب نيرة التي ما تزال تحت تأثير المخدر، يحتضن كفيها بكفيه ويطالعها بنظرات حانيه، يليها بسمه ارتسمت على شفتيه سعادة، لأدراكه انها ه 

وف يصبح أبًا وأخيرًا رضت عنه محبوبته، وثمرة عشقهما سوف تنمو برحمها، لكنه كان يغفل عن خبايا القدر وتمرده، عازمًا على اعادة الامور الى نصابها الصحيح، ومنحه سعادة ظن انها بقربها.... 

***** 

توقفت السيارة امام المشفى وترجل سليمان منها وتحرك اتجاه آسر يعينه على الترجل والجلوس على المقعد،  ثم تحركوا الى الداخل، مستقلين المصعد حتى الدور المعني 

وجد تيام جالس امام غرفة، فادرك انها تخصها، فأندفع صوبها واقتحمها، بعدما رمق تيام بنظرة خائبة، وجدها ما تزال غافيه، تحرك بمقعده حتى وصل نحوها، تأملها بحسرات على ما فعلوا بها ولم يكن بجانبها، كانت وحيدة تتألم ولم تجد من يخفف عنها ويربت على كفيها بدعم، شرد بتلك الليلة وما كانت تعانيه من الم حاد بمعدتها وهو من ظنه ناتج عن تلك الألآم النسائية، رق قلبه عليها ورفت من العين دمعه شجن وجذب كفيها وقام بلثمه هامسًا بالأسف لها:- 

- اسف يا جود، اسف اني بخذلك ومش قادر احميكِ وامنعهم عن أذاكِ، بس اوعدك هحارب المرض وهنتصر عشانك، هوفيكِ كل ديونك... 

ثم صمت لوهله، حتى رفت بسمه حاتيه على شفتيه وهو يترقب تململها وانفراج عينيها، سريعًا ما ازالها ورسم العبوس، يطالعها بنظرات بارده.. 

بينما هي ما ان افرجت جفونها عن اسر مقلتيها، حتى جالت بعينيها حولها، ليقع بصررها عليه، فمنحته بسمه 

لطالما كانت كنسمه ربيعيه على صحراء قلبه القاحلة، إلا أنه تلك المرة لم يبادلها الابتسام وقرر معاقبتها على خداعها له، كيف خبأت عنه امرًا كهذا، جعلهما يستغلانها.. 

ما أن تبينت عبوس وجهه، تداركت غضبه منها وسببه، 

توتر وجيب قلبها وطالعته بنظرات صغير يرجو العفو عنه، فعتابها بكلماته قائلًا:- 

  - ليه كذبتِ وخبيتِ عني يا جود، معقول تكذبي عليه وتعرضي نفسك للألم دا.. 

  اجابته بما الجم لسانه وادرك انه يتعامل مع طفله، عليه ان يحرص فما يقوله لها ويفهمها أياه بشكل صحيح قائلًة:- 

  - بس دي كذبه بيضه مش بتأذي، وانت قولت عادي نكذب لو مش هناذي الشخص اللي كذبنا عليه، وان طالما خايفين عليه وبنعمل لمصلحته يبقي مش كذب.. 


  صمت وفي صمته رجم ذاته، وهو يتنهد بألم عليها لشدة براءتها والتي ستهلكها ان لم تجد من يرافقها ويرشدها دائمًا ويدعمها حتى تنضج وتقوى وتتعايش بتلك الحياة الظالمة ولا يدري أن القادم من حياتها سيعلمها الكثير والكثير...  


            


              

                    


تناست هي كل شيء، ورسمت بسمه واسعه على محياها البهي، اردفت قائلة وهي تمسد بيدها الأخرى على معدتها:- 

  - يعني كده في هنا بيبي صغنن يا آسر، بيكون ابنك 


  "أبنك" تلك الكلمة اطربت مسامعه وخفق لها وجيبه، كما هي جميلة والشعور بها سيكون أروع، دونًا عنه ارتسمت بسمه حانيه وهو يرفع انامله المرتجفة تلامس معدتها قائلًا:- 

  - ايوة هتا في أبنك يا جود.. 

  ولا يدرك أنه قد صح قوله، براحمها يوجد طفلها هي، طفل سيرفق ويجمع، ولكن ما سيكون مصيره هو في قصتها، هل سينتهي ويتلاشى!، أما ان له قصه أخرى ستبدأ!، او لعله سيحيها مجددًا ويكملها من حيث توقفت!، فقد تمرد القدر واعاد الامور كما يجدر بها ان تكون.... 


على اعتاب الغرفة كان يقف كلًا من تيام وسليمان يتابعان ما يحدث بسعادة تنجلي على محياهما، وقد صدق إحساس سليمان حينما ايقن أن ولده سيبيت كالبحر الهائج نعم، لكن سرعان ما ستهدئ أمواج غضبه وتستكين، حينما يداهنه شعور الأبوة الذي هو على دراية به، وكان الجميع غافل عن تلك الأعين التي تلمع بشراسه وحقد وتوعد... 

*** 

فتنه انتشرت بالبلدة، ما أن بزغ فجر اليوم،  فقد تناثرت الكلمات من فاه الى فاهًا أخر،  عن حقيقة المشعوذة الخادعة وبما تقترفه من انحطاط وتدنيس لنسائهم، حتى اندفع بعضًا من الرجال عائدين صوب منازلهم،  يتأكدن من عدم ذهاب زوجاتهم لتلك المشعوذة،  منهم من خشت  وانكرت ومنهم من اعترفت بذهابها،  ومنهم من سحب زوجته لعندها بيدها مثيل هذا الرجل بمنتصف عقده الخامس الذي يرتدي جلبابًا وملامح وجهه خشنة وحادة وشنب غليظ  الذي يسير عائدًا صوب منزله ما أن استدعته زوجته الاولى،  حيث ارسلت له احد الرجال بموجب عودته لأمرًا جلّ،  فما أن ولج المنزل جهرًا:- 

  - في اية يا وليه بتندهي عليا ليه، خبر ايه عاد.. 

  بنظرة شامته احكمت اخفاءها اردفت حسيبة قائلة:- 

  - خبر اسود يا حج،  شرفك ادنس بالوحل يا حج،  الشيخة اللي خدنا مرتك الصغيرة ليها عشان تحمل،  طلعت بتعمل حاجات شينه، وبيقولوا انها استغفر الله العظيم،  بتحمل النسوان من رجال معها،  يعني حمل مراتك ممكن يكون من الرجل اللي معاها واحنا مش داريين. 

صاح بها وهو يلطم وجنتيها بكف يده بغلظه قائلًا:- 

  - إيه اللي انتِ بتقوليه دا،  انتِ تجننتِ عاد،  عشان تنطقي بالكلام دا،.. 

  ثم اقترب منها اكثر، برغبة الانقضاض عليها، إلا أنها هربت مسرعة من أمامه وهي تهتف قائلًا:- 

  - مش انا اللي بقول، دا البلدة كلها بتقول، وبيقولوا كمان انه اتقبض عليها هي والرجل وهما دلوقت بالمركز،  اندلّ لهناك وتأكد من كلامي  ... 

  - تجهمت ملامح الرجل واشتدت شراسه وهو يقبض على خصلاته بقوة قائلًا:- 

  -- عارفه لو طلعتِ بتكدبِ عليا، هعمل فيكِ إيه.. 

اردفت قائلة بنبرة مغلفة بالتشفي منه، لقهرها والزواج بمن هي بعمر ابنته الكبرى لانجاب ذكرًا،  وقد نجحت في تأجيج نيران الغضب بداخله:- 


  - قول لو طلعت صادقه وقتها هتعمل إيه، وشرفك ادنس ومرتك حامل من وحد غيرك، عارف لو الكلام دا انتشر في البلدة، هيكون وضعك ايه وهيقولوا عليك ايه.. 


  انهت حديثها وقد نجحت في ان تنسل من بين براثنه، ملقيه بجمر كلماتها بجوفه، ليتحرك مسرعًا  اتجاه المركز للتأكد من كلماتها مغلق باب الدار بقوة من خلفه، انتفضت على أثرها "بوسة" زوجته الصغيرة البالغة من العمر ثمانية عشر عامًا والتي تزوج منها بالقوة بعدما ارغم والدها على القبول مقابل الدين الكبير الذي استدانة منه لعلاج زوجته  المريضة، وهدده بالسجن، إلا انه رفض الخنوع له حينها وتزويج ابنته الذي حلم بتعليمها ورؤيتها طبيبه يفخر بها، لتتأزم حالته اثر ضغطه عليه ويصاب بنوبة قلبيه 

يفقد حياتها اثرها، تاركًا زوجته وابنتيه تحت رحمته، لينجح بالزواج منها أخيرًا، لكنها لم تستلم ورفضته، لكنه لم يرحمها واخذها بالقوة في كل مرة، الا انها اقسمت على عدم حمل كفلة، وكانت والدته تسرب لها الحبوب المانعة للحمل  والتي كشفها ذات مرة ولقنها ضربًا مبرحًا ومنع زيارة والدتها، فلم يكون بمقدورها غير اللجوء للوصفات القديمة المنزلية لعلها تنجح مثل ارتشافها للقليل من زيت الخروع، او تناول الكثير من مشروب القرفة والجنزبيل وحتى البقدونس،  او استخدام طرق متابعه منذ زمن،  لا تثق في صحتها او ضررها، لكن رغم ذلك كانت تفعلها لو بمخاطرة عليها حتى لا تحمل طفل يبقيها معه،  فيتركها ظنًا منه انها عاقر،  حتى جاءت تلك الشيخة وحدثته عنها والدته،  فقرر اخذها والذهاب ألي  هناك،  وخنعت لهما بعد ضرب مبرح منهم،  لينتهي الامر بخبر حملها عقب ذهابها بعدة اسابيع،   وقد حاولت التخلص منه حينها،  لكنها لم تستطع،  فبالنهاية هو صغيرها، كم ظنت انها ستغضبه وتنفره،  حتى شعرت به برحمها،  فخانها قلبها وتعلق به  واخبرها انه ليس له ذنب،  حتى اليوم ومنذ ساعة تحديدًا حينما ولجت لها زوجته الاولى تنثر من فاها تلك الكلمات التي اخبرته بها منذ قليل،  وانها من المؤكد ان تلك المرأة فعلت معها ما فعلته مع غيرها من النسوة وانها استباحت جسدها وجعلتها تحمل من غريب،  ليعيد عقلها ذكريات ذاك اليوم وتتذكر غيابها عن الوعي واستيقاظها بعد عدة دقائق،   لا تعلم ما حل بها اثناءها،  وعند  تلك الخاطرة انتابها شكًا كبيرًا بان زوجها ليس والد الصغير،  خاصةٍ لاستمرارها على الطقوس التي تتبعها عقب كل اقتراب بينهما،  او بالأصح اغتصاب،  فلم يكن يومًا بالتراضي بينهما،  بل كان بعد ضربًا مبرح وانتهاك منه لها، إلا انها  كانت تصر رغم ألامها التي تلحق بها عقبها على فعلها،  لذا ارتعد جسدها بقوة وجلًا وهي تتكوم في إحدى اركان الغرفة تضم قدميها الى جسدها بحماية لذاتها ولصغيرها وترقب للقادم، فأن صح قول ضرتها، فستهلك لا محال... 

**** 

اوقف رحيم سيارته أمام المركز،  ليجد جمع من الرجال يتراص أمام المركز ويصيحون،  ترجل من السيارة وتوجه نحوهم،  ليستمع لما يتحدثون عنه،  ليعلم بانتشار ما حدث بالأمس،  ليحمد ربه مجددًا على عودته ووجوده من اجل سارة وألا كانت العواقب وخيمه اما انتهاكٍ لها او فضحها وكلا الأمرين سيؤذيها بقوة ولن يتقبلهما،  ولكان عاتب ذاته وعاقبها بقسوة،  لينتبه له احد الرجال ويلتفت له هو والبقيه مستفسرين عما سمعوه وعن مكان وجود تلك المرأة والرجل الذي معها،  فقد عزموها على عاقبها بشدة،  حاول رحيم ردعهم الا انهما رفضوا الذهاب واعتصموا امام المركز،  وكان من بينهم حسين الذي جاء للتأكد من حديث زوجته وصدم من صحته وانتهاك حرمة نساء بيته،  بل ونزع الامل من داخله،  فلمعت عيناه بشراسه وقسوة وتوعد وشرع بحث الجميع على الانتقام من هذين دون البوح بانه احدى الضحايا ولأن الامر ليس بهين وكبير ومع شعورهم بالعار ورفضهم لرجولتهم المهدورة انصعوا له واتخذ قرار المعاقبة بذاتهم لهم، فقد تجمع ايضًا جمع من النسوة، منتظرين ظهور تلك المرأة التي دنست شرف بعضًا من نساء بلدتهم،  بينما رحيم امر العساكر بالانتباه وولج للداخل،  فوجد الضابط احمد يقوم بالتجهيز لترحيلهم،  وبعد دقائق  معدودة خرج الضابط احمد بهما،  بينما توجه رحيم ألى  حيث عمر المحجوز بالداخل،  إلا انها تراجع عقب سماعه لصيحات عالية بالخارج،  وجد الرجال قد تغلبوا على العسكر وقاموا بجذب الرجل وانهالوا عليه بالضرب المبرح وكذلك فعلوا النسوة،  فاسرع بمحاولة انقاذهما من براثنه،  رغم راغبته بترك كلهما بين براثنه،  وقد نجح بمساعدة العسكر واسرع بإنقاذهما وجبرهم على الصعود ألي السيارة 

متجه بهما الى اقرب مشفى،.... 


            


              

                    


وما أن وصل بهما الى الداخل،  حتى علم بحرج وضعهم الصحي وضرورة بقائهما،  لذا اكر بحراسه مشدده عليهما وتحرك عائدًا الى  المركز،  بعدما هاتف الحارس الكامن امام منزله يطمين على عدم ولوج او خروج احدًا من المنزل.. 


ثم عاد الى المركز، تنهد بثقل قبل ان يجلس على مقعده  قليلًا، وقام بجذب هاتفه والاتصال على ركان، يعلمه بما حدث وبتلك الفتنه المنتشرة بالبلدة والتي يجب حلها مسرعًا، فقد علم بتدهور الحالة في البلدة وكم هناك العديد من حالات العنف المنزلي الغير مبلغ عنها نتيجة للشكوك بعض الرجال بذهاب زوجتهم لتلك الدجالة وانهما بالطبع لن يقبلوا تدخل الشرطة، لذا عليه اعلام ادام كبير البلدة بذلك لإيجاد حل ومحادثة الاهالي، لذا زفر قليلًا وانتظر أجابته، لعدة لحظات... 


كان ركان جالسًا أمام ميار الجالسة على فراش المشفى يرغم ميار على تناول الطعام، والتي تتأفف رافضه بالمقابل، الا انه يصر عليها، حتى صدح رنين هاتفه، فتجاهلها، إلا انها اردفت قائلة:- 

  - رد يا ركان ممكن يكون في حاجه مهمه، انت هنا معايا من امبارح ورفض تمشي وتشوف شغلك. 

  - اجابها بنبرة حانيه، مغلفة بالحب قائلًا:- 

  -- مفيش حاجه اهم منك انتِ والطفل يا ميار، عايزك تخلصي اكلك كله.. 

ازدردت ريقها بالتوتر وهي تجذب منه الشوكة قائلة:- 

  - انا هاكل لوحدي وأنت قوم رد على فونك يا ركان... 

  خنع لها مع اصرارها، ووجله من اكتشاف مشاعره والذي لا يعلم انها قد ادركتها وانتهى الامر، ونهض اتجاه نافذة الغرفة وأجاب مُرحبًا عندما علم انه رحيم.... 

تنهد رحيم وهو يضع انامله على انفه بتعب وهتف قائلًا:- 

  - ركان الوضع هنا ما يطمنش وصعب، انا اسف يا صاحبي بس لازم ترجع ضروري وكمان لازم تكلم  دكتور أدم يرجع لان هو الوحيد القادر على حل المشكلة دي... 


تنهد ركان وهو يطالع ميار التي تتناوله طعامه، والتي ما ان انتبهت لنظرته له حتى رفت بسمه على شفتيها وعي تتناوله قطعه من الدجاج وتشير له بانها تأكل، لذا أجابه قائلًا:- 

  - تمام يا رحيم أنا هتصرف، واسف يا صاحبي متقل عليك وسيبك لوحدك... 


  اردف رحيم قائلًا:- 

  - ولا يهمك يا ركان، لولا ان الموضوع مهم ما كنت اتصلت،.. 

  اجابه ركان قائلًا:- 

  - عارف يا صاحبي.. 

  اردف رحيم متذكرًا:- 

- صحيح ميار اخبرها ايه!.. 

اجابه متنهدًا وبصره عليها:- 

  - الحمد لله بقيت احسن، 

  تمتم رحيم بالحمد وتابع قائلًا:- 

  - تمام أنا هسيبك دلوقت، لان جد امور لما ترجع هحكيلك عنها، حاول ما تتأخر وكلم أدم... 

اجابه قائلًا:- 

  - تمام يا رحيم هقفل معاك واكلمه... 

  - ثم اغلق الخط وعاد بخطواته ل ميار المنصتة لحديثه والتي اردفت قائلة:- 

  - أنا بقيت كويسه وحابه ارجع معك للبيت يا ركان، مش ههرب اكثر من كده، لازم ابلغ الكل بقرار انفصالي عن ظافر... 

  صمت ولم يعرف بما يجيب، عقله وقلبه افكارهما متنافره، كلًا منهما يحثه على امر، وهو الحائر بالمنتصف، لا يريد ان يبيت وغد مستغل، وهناك طفل صغير بالمنتصف، وايضًا هناك هي وسعادتها، لذا اماء لها بعد صمت دام للحظات قائلًا:- 

  - هسأل الدكتور الاول يا ميار ولو في غلط عليكِ مفيش تحرك من هنا وتركها وغادر اتجاه غرفة الاطباء وهو يرفع هاتفها لمحادثة ادم واخبارها بكل ما جرى... 

  ** 

صدح رنين هاتف أدم الماكث برفقة زوجته الغافية، نظر لهاتفه فوجده ركان،  فتأكد من ان هناك امر جلّ لأتصاله ويجدر به الأجابه،  لذا تركها وخرج للإجابة عليه، مرورًا بالغرفة المنفرج بابها والتي تقبع بداخلها جود وبجانبها آسر، الذي دلف لتوه للمرحاض، ليقع بصره للحظه على ذاك الجسد الانثوي الجالس على الفراش برأسٍ منحني، لم يتثنى له تحديد ملامحه لتواريه خلف خصلات فحمي،  والتي تحتضن رحمها ويبدو انها تحادث صغيرها، لترتسم على شفتيه بسمه وهو يحيد ببصره عنها وقد تدارك انها احدى المريضات التي خضعت للجراحة وقد نجحت وها هي سعيدة بصغيرها.... 

يتبع 

من احداث البارت القادم 

توقف ضاغطً على فرامل سيارتة ما ان انتبه لتلك التي تهرول راكضه باتجاه، وكاد ان يسحق جسدها بسيارته، لتتجهم ملامحه وهو يرمقها بنظرات غضب جلّ، ثم  سرعان ما حاد ببصره عنها وقد تبدلت نظراته الى اخرى حانيه وقلقه.... 


تكملة الرواية من هنا

تعليقات

التنقل السريع
    close