expr:class='data:blog.languageDirection' expr:data-id='data:blog.blogId'>

رواية "أحيا بنبضها". الفصل التاسع بقلم أميره مدحت كامله على مدونة النجم المتوهج للروايات

 

رواية "أحيا بنبضها".
الفصل التاسع بقلم أميره مدحت
كامله على مدونة النجم المتوهج للروايات 

البارت التاسع

الجزء التاسع 

"الفصل التاسـع". 


قلة من يفهم أن جنون الربيع إنما هو وليد حزن الخريف.


وقفت سيارة "يونس" أمام بوابة مشفى الكردي، ودعس على الأبواق حتى آتاه أحد أفراد الأمن هرعًا، فـ صرخ "يونس" في وجهه:

-عايز كرسي بسرعة معايا حالة، أنــجز.

ترجل "يونس" عن مقعده، ودار حول سيارته، قبل أن يفتح الباب ريثما يأتي المسفعين بمقعد متحرك، مرر ذراعه حول ظهرها، والآخر أسفل ركبتيها، ليحملها بحرصٍ متوجهًا نحو البوابة، قبل أن يضعها على المقعد، وتحرك معهم بوجهٍ قلق نحو قسم الطوارئ؛ كي يطمئن على حالتها المريبة.

وقف "يونس" وهو يحاول أن يسحب نفسًا عميقًا، محاولًا تهدئة نفسه، شعر بيد تربت على كتفه، فـ ألتفت بوجهه ليرى الطبيب وهو يخبره بلهجةٍ جادة:

-ماتقلقش يا يونس بيه، خير إن شاء الله.

أومئ "يونس" برأسه وهو يخبره بحدة:

-أنا عاوز تقرير مفصل عن حالتها.

سأله الطبيب وهو يتنهد:

-بس التقارير المفروض حد من أهلها بيستلمها وآآ..

قاطعــه "يونس" بلهجة صارمة رغم هدوء نبرته:

-هي ملهاش حد، فـ ياريت من غير كلام كتير، التقارير دي توصلي، عشان هبعتها للفرعون.

أرتبك الطبيب للحظةٍ وهو يقول بتخبط:

-آه الفرعون، تمام يا يونس بيه.

ثم تحرك بخطى عاجلة نحو غُرفة الطوارئ، في حين تحرك "يونس" عدة خطوات جالسًا على مقعدٍ حديدي، منتظر بقلبٍ مرتجف خروج أحد من الداخل ليطمئنه عليها، أغمض عينيه وهو يحاول أن يظل هادئًا، وما يدور في عقله هو سلامة "رزان" فقط لا غير.


*****


كانت خطواتـه سريعة، وهو يندفع  نحو غرفة "روفان" متعجلًا، إبتعد "راشد" عن باب الغرفة وهو ينظر له بتوترٍ، فـ دخل "هارون" الغرفة دون أن يطرق راكضًا نحوها، فـ وجد دموعها تنهمر من عينيها ببطءٍ، تئن بألم وهي تقبض على الوسادة بعنف، كأنها تخرج كل آلامها بتلك الطريقة، دنى منها وهو يسألها بإهتمام:

-مالك يا روفان؟!.. حاسة بإيه؟!..

ابتلعت غصة مسننة في حلقها وهي تُجيبـه بصعوبة وبطء:

-وجع جامد في بني، بس أنا أحسن دلوقتي.

ألتفت نحو "راشد" وهو يسأله بحدة:

-هي خدت الدوا بقالها أد إيـه؟!

رد عليه سريعًا وهو يدنو نحوه:

-من وقت ما قولتلي يا سيدنا، يعني لسة مكملتش عشر دقايق.

عاد ينظر إليها وهو يقول بهدوءٍ جاد:

-ماتقلقيش ده طبيعي، أنا زي ما شرحتلك وضعك عامل إزاي، وأول شهور الحمل بتبقى صعبة، فـ أنتي حاليًا مش محتاجة غير إنك تنامي على ضهرك، وتاكلي كويس، وتاخدي الأدوية والفيتامينات إللي وصفها الدكتور.

تنهد بعمق وعيناه قد تعلقت بدموعها، تحكم في يده بصعوبة شديدة لئلا تمتد لوجهها فتمسح دموعها، فقال بصوتٍ عميق:

-إمسحي دموعك يا روفان، ومتفكريش في حاجة، أنا موجود ومش هرتاح إلا لما أوصل للحقيقة، فـ إطمني.

تسائلت "روفان" بتعب وهي تنظر حياله:

-إنت ليه بتعمل معايا كدا؟!..

نظر نحوها مطولًا.. نظرة أربكتها وجعلت جسمها يقشعر، بينما أحاد بصره وهو يردد:

-لأن عندي إحساس بإنك بريئة.

صمتت قليلًا.. قبل أن تهمس له:

-ممكن أطلب منك طلب؟!..

عقد حاجبيه بإستغراب، فـ ضغطت على شفتيها بقوة وهي تقول له برجاءً:

-ممكن تخليني بكرا الصبح أخرج من الأوضة دي لدقايق.

تطلع إليها بثباتٍ، ولم يعلق بكلمةٍ، فاسترسلت قائلة:

-أنا لو فضلت هنا الشهور دي كلها ممكن أموت، أرجوك.

سألها "هارون" بهدوئه الحاد:

-تخرجي فين يعني؟!..

ردت عليه بتلهف:

-هنا في الجنينة تحت، إللي تابعة للمعتقل، بس نفسي أخرج منها ولو دقايق وإلا هيجرالي حاجة.

تطلع إليها بصمت، ثم أجابها "هارون" بثباتٍ وقد بدى الهدوء يتعمق بنبرات صوته:

-هكلم الدكتور بكرا الصبح، وهسأله إذا كان في خطر لو أتحركتي ولا لأ، لو الوضع تمام، فهما نص ساعة هتقعديهم برا.

التوى ثغرها للجانب بإبتسامة معلقة:

-شكرًا جدًا.

زفر أنفاسه الساخنة وهو يهمس لها بإقتضاب:

-لو عوزتي حاجة بلغي راشد، تصبحي على خير.

قفالها وتحرك نحو خارج الغرفة دون أن ينتظر الرد، وخلفه "راشد" الذي أغلق الباب بهدوءٍ حذر، فـ ألتفت "هارون" بجسده نحوه هاتفًا بصيغة آمرة:

-خليهم يبعتولها أكل، وتشوفوا طلباتها، وأي جديد يحصل تبلغني.

هز "راشد" رأسه بإيماءة خفيفة، وتابعه وهو ينصرف من المكان، تنهد بإرتياح وهو يفكر في تلك في كيفية خروج "روفان" من هنا دون أن يعلم الفرعون، فإن علم بما يفكر فيه فقط سيشنقه، ما بال لو تم تنفيذ الخطة التي يرسم لها مُنذ ساعات.


*****


مازال يجلس على هذا المقعد الحديدي اللامع بداخل المشفى، أثرت حرارة جسمه الحار حتى على المقعد، فـ أصبح دافئًا، نظر "يونس" لساعة يده وهو ينفخ بضيق.. ثم ردد:

-إيه كل ده؟!..

وإذ بالطبيب يخرج من الغرفة، ليقف وهو يسأله بتذمر:

-في إيه يا دكتور؟!.. كل ده تأخير جوا ليه؟!..

فدآه بدبلوماسية وهدوء وهو ينزع نظارته الطبية:

-متقلقش حضرتك، هي مش هتبات غير الليلة دي وبس، وتقدر تخرج بكرا.

سأله بحدة:

-طب وحالتها إيه؟!..

لم يخفي الطبيب الأمر، وصرح بحقيقة وضعها وما كشفت عنه الفحوصات:

-مبدائيًا هي متعرضة للضرب وده ظاهر على جسمها، ووشها، بس الإغماء إللي أتعرضتله كان نفسي مش عضوي، واضح أن في حاجة حصلت أدت لده، أو شوية تراكمات خلت عقلها ميتحملش ويدخل في غيبوبة مؤقتة.

كلماته أشعلت جذوة الكراهيه التي يكنها لـ" جلال" أضعافًا مُضاعفة، لمعت عيناله الناظرة نحو الباب ، وأراد لو يطلّ عليها طلّة واحدة، لو ينظر إليها نظرةٍ يرضى بها حاله؛ لكنه عاجزًا عن رؤيتها حتى، فسأل الطبيب وهو يحاول أن يهدأ:

-أقدر أشوفها أمتى؟!..

رد عليه بهدوءٍ جاد:

-إحنا هننقلها لأوضة عادية، وهناك تقدر تشوفها، عن إذنك يا يونس بيه.

مسح على وجهه بقوةٍ وهو يحاول أن يستدعى هدوئه الذي تتميز به دومًا عن الجميع، ظل يسحب نفسًا عميقًا ويزفره على مهل، وقد حسم أمره بعدم أنتقاله من هنا حتى تُفيق، ويستمع إلى حكايتها هي والمدعو "جلال" اللعين.


*****


في صباح اليوم التالي،

وأخيرًا سمح لها بالخروج لمدة نصف ساعة في تلك الحديقة الخلابة التابعة للمعتقل، جلب لها مقعدٍ مريح، مخبرًا إياها أن تجلس عليه إن أرادت، و"راشد" يحرسها بتوترٍ وقد عقد العزم على التنفيذ، فإن لم يفعل سيكون الثمن غاليًا.

ظلت "روفان" تسير بخطى هادئة وهي تبتسم بسعادة، تنظر لحولها وهي تهمس بذهول من روعة الزهور المنتشرة في المكان:

-إيه الجمال ده؟!.. ده أنا مكنتش عايشة.

رفعت عينيها تنظر للسماء وهي تهمس:

-اللهم ما لك الحمد ولك جزيل الشكر.

-للدرجة دي مبسوطة؟!..

أخترق صوت العميق أذنها، فـ ألتفت ببطء وهي تنظر له بعينين باسمتين قبل أن تهمس:

-أنا بقالي سنين ميتة، النهاردة بس حسيت إني لسة عايشة.

إبتسم "هارون" إبتسامة جانبية، وهو يسألها بغموضٍ:

-أومال هتعملي إيه لو ظخهرت براءتك؟!..

أنشرح صدرها من تلك الكلمة البسيطة، "براءة".. ورغم ذلك إبتسمت إبتسامة حزينة وهي تخبره:

-مش عارفة، بس حتى لو ظهرت براءتي، تفتكر الناس هترجع تعاملني زي الأول، ولا هعيش طول عمري منبوذة.

رد عليها بصوتٍ رجولي قوي:

-حاجات كتير هتتغير أوي يا روفان لو ده حصل، أدعي بس أنه يحصل.

همست برجاء وعيناها تلتمعان:

-يـارب.

نظر "هارون" حوله وهو يخبرها بهدوء:

-أسيبك تلحقي تتمعتي بوقتك.

هزت رأسها بالإيجاب قبل أن تتحرك نحو إحدى الزهور، في حين تحرك "هارون" عائدًا نحو المعتقل مشيرًا بإصبعيه لـ"راشد" بأن تكون عيناه عليها ولا يتركها، هز "راشد" رأسه قبل أن يخرج هاتفه ويعبث فيه قليلًا، وضعه على أذنه قبل أن يهتف فجأة وهو ينظر بإتجاه "روفان":

-أيوة يا باشا، أهيه قدامي، هفتحلها الباب الخلفي، وأخليها تهرب، والباقي عليكم، أنا ماليش فيه.

أنهى المكالمة وهو يتحرك نحوها مناديًا إياها:

-مدام روفان.

ألتفت له بوجهٍ مرتبك، لينظر حوله قبل أن يهمس لها:

-أنا عندي أستعداد أساعدك.

سألته بقلق:

-تساعدني إزاي؟!..

رد عليها بثقة:

-أني أهربك من هنا.

-أهــرب!

هتف لها بحدة فجأة:

-وطي صوتك، هتفضحينا، أيوة أهربك من هنا، هي دي الفرصة الوحيدة إللي قدامك.

أرتبكت "روفان" وهي تقول له بتخبط:

-وأهرب من الفرعون ليه؟!.. هو هيساعدني أجيب براءتي وآآآ..

قاطعها "راشد" بسخرية:

-يساعد مين يا حلوة، ده هو بس صابر عليكي عشان أنتي حامل، وبعدها هو مش بيدور على حاجة خحلاص من وقت ما التقارير ظهرت، وهو بيكدب عليكي زي ما هو متخيل أنك كدبتي عليه في حقيقة خيانتك.

صمت قليلًا وهو يقول لها بحزن:

-وبعدين أنا مش عاوز أقولك على كبيرة، وأنه ناويلك على إيه؟!..

ثم ساد الصمت لعدة ثواني، تنظر إليه بصدمة وشعور الرعب الحقيقي يتسلل إلى خلايا جسدهـا بعد أن قال:

-يعني مبدائيًا كدا الحمل ده مش هيكمل، ومتسألنيش إزاي، لأني مش هقدر أقول.

سألته بحدة مرتعبة:

-وليه هيعمل كدا؟!..

إبتسم بخبثٍ وهو يقول:

-عشان ميستناش الشهور دي كلها لغاية ما تولدي، لأ يخلص من حملك، وبعدها يتنفذ العقاب وهو رجمك، ده غير آآآ..

صمت قليلًا.. قبل أن تسأله "روفان" بلهجة ملتاعة وهي تضع يدها على بطنها:

-ده غير إيه يا راشد؟!.. أرجوك تتكلم.


*****


جلس الفرعون في مكتبه الأنيق، قبل أن يدخل إليه "سعيد" بعد أن طرق على باب عدة طرقات، وأذن له بالدخول، فخطى نحوه بتوتر دون أن يغلق الباب، حدجه  "هارون" بإستغراب وهو يسأله بهدوء:

-خير يا سعيد، عاوز تقول حاجة؟!..

رد عليه "سعيد" بلهجة قلقة:

-أيوة يا باشا، حاجة مهمة أوي، لازم أقولك عليها قبل ما المصيبة تحصل.

أعتدل في جلسته وهو يسأله بحدةٍ:

-مصيبة إيه؟!..

في نفس اللحظة، دخل أحد رجاله وخلفه سيدة في أواخر العشرينات، وهو يقول له بإحترام:

-آسف يا سيدنا، بس في واحدة من الصبح مُصره تقابل حضرتك.

أشار بيده أن تدخل، فدخلت بخطى بطيئة وهي تنظر له بعينين لامعتين من القلق، وتفرك يدها بتوترٍ بالغ، قطب جبينه بقوة وهو يردد:

-على ما أظن.. إنتي الدكتورة منى؟!..

تحركت نحوه بخطى سريعة تقف أمام مكتبه تقول بتلهف:

-أنا جيالك يا سيدنا، طالبة منك الحماية أنا وبنتي، وجاية أعترف بكل حاجة، المهم تحميني وتحمي بنتي من الراجل ده.

هب "هارون" واقفًا وهو يتحرك نحوها محاولًا بث الطمأنينة بداخلها:

-ماتخفيش، مفيش حد هيقدر يتعرضلك أنتي وبنتك، المهم فهميني مين الراجل ده إللي أحميكم منه، وجريمة إيه؟!..

ردت عليه الطبيبة "منى" وهي تبكي بحرقة:

-أنا الدكتورة إللي كشفت على مدام روفان مرتين.

توسعت عينيه وهو يسألها بحدة:

-إنتي؟!..

أختنقت دموعها بحلقها وهي تنظر إليه قبل أن تخبره بالحقيقة: 

-أيوة، مرة منهم كان بسبب الأعتداء بالضرب، والتانية وإللي كانت الأخيرة، كان جالها نزيف نتيجة آآآ.. 

صمتت قليلًا.. ليصرخ بها بصوته الصارم:

-نتيجة إيه؟!.. أتكلمـي؟!..

-جالها نزيف، وده كان نتيجة عنف شديد في العلاقة الحميمية أدى لتهتك في أنسجة المهبل، وواضح جدًا أنها مكنتش أول مرة يعملها، وده بإعترافها.

صاح به صارخًا بانفعال وقد استشاطت نظراته وبرزت عروقه الملتهبة:

-إزاي؟!.. إزاي بعد كل ده يجيلك قلب ووتزوري التقارير، أنتي عارفة أنها لو ماتت كان دمها هيكون في رقبتك، كنتي هتعيشي إزاي وأنتي عارفة أن في واحخدة ماتت بسببك أنتي وبسبب جُبنك؟!..

هتفت به بتهدج ودموعها تجري كالأنهار على وجنتيها:

-والله غصب عني، نائل جوزها جالي البيت من كام يوم ومعاه جركن فيه مايـة نار، وهددني إما أنفذله طلبه وأزور التقارير، أو يشوهني أنا وبنتي، أنا مخوفتش على نفسي أد ما خوفت على بنتي، وجيالك النهاردة وبقولك لو عاوز تسجني أسجني حتى لو هعيش عمري كله في المعتقل، لكن أحمي بنتـي، هي مالهـاش ذنب، أرجوك يا سيدنا.

احتج هاتفًا بعصبيةٍ وهو يلوح بذراعه:

-كنتي تقدري متنفذيش طلبه، وتجيلي أنتي وبنتك، وكنت هحميكم، وكان يوريني وقتها هيقدر يعمل إيه، بعد ما يقع تحت إيدي.

في نفس اللحظة، ركض أحد رجال الفرعون، وأقتحم المكتب وهو يقول بخوف:

-ألحــق يا سيدنا، مدام روفــان هربت.

ظل ينظر إليه عاقدًا حاجبيه بشدة، إلا أن الذهول كان ظاهرًا بعينيه ثم قال حانقًا بحدة:

-هربت!.. هربت إزاي منكم؟!..

مسح على خصلات شعره بقوة، قبل أن يركض بخطى متعجلة نحو خارج المكتب، ونار تحتقه من الداخل، والقلق ينهش قلبه بأنها ستقع بين إيدي ناس لا ترحم، في حين هتف "سعيد" بذهول:

عملتها يا راشد، روحت في داهية.


*****


كانت تركض بأقصى سرعتها، وهي تضع يدها على بطنها بتعب، ظلت تركض وهي تلتفت حولها خوفًا من إلحاق الفرعون بها، ودموعها تنهمر على وجنتيها بألم شديد على ما تُعيشه، تغمغم بكلمات غير مفهومة، وظلت تركض وتركض بأقصى قوة لديها ظنًا منها أنها تبتعد عن قدرها المحتوم.

لا تعلم إلى أين تركض، ولكن شهقت بعنفحينما وجدت نفسها أمام ميدان قريتها، إنتبهت إلى نفسها وهي تقف تتألم بأنينٍ مكتوم، وقبل أن تهرب وجدت صوتٍ عالي يصرخ بقوة:

-البت روفــان أهيــه، روفان هناك أهيه، أوعوا تسبوهــا.

شهقت بهلع وهي ترى الجميع يلتفت نحوها، فبدأت بمحاولة جديدة للهرب، ولكن حصى أرتطمت بظهرها، فوقفت تتألم وهي تصرخ بألم عنيف، وقبل أن تركض مرة ثانية، سمعت أحد رجال القرية يقول:

-يالا يا رجالة نغسل عارنا، نفذوا القانــون.

وبدأ كل شخص واقفًا ينحنى يأخذ الحصى ويلقي بها على "روفان"، مهما كان حجمها، يلقي بها عليها حتى وقعت على الأرض وهي تصرخ بهم وهي تقول:

-لأ، إسمعونــي.

ولكن لم يعبئ أحد بحديثها، وظل الجميع يلقون عليها الحصى، حتى بدأت تنزف الدماء في وجهها، وكتفيها، وظهرها لم تستطع أن تحركه من قوة الألم، وهي تصرخ بتشنجٍ وبكاءً يقطع نياط القلوب:

-يارب، يـارب أرحم ضعفــي.

وأستمر الوضع لدقائق صغيرة، قبل أن يتوقف الجميع ما رأى كل منهم سيارة الفرعون تقف على مقربة منها، ويترجل عنها وهو يصرخ بهم بالتوقف بلهجة عصبية مفرطة:

-وقفــوا يا أغبية.

ركض نحوها بفزع تملكه، ومرر ذراعه حول ظهرها وهو يهمس بإسمها بإضطراب:

-روفان، روفــان، قومي.

صرخت بعنف من قوة الألم بظهرها، فـ أرتجف قلبه وهو يرى كم من الدماء والكدمات الموجودة بوجهها وذراعيها، ما باله بجسدها الآن، حاولت "روفان" أن تتكلم وكان هذا الدفء المخدر يمضي بين ساقيها، يشعرها بخدر أعضائها، تمسكت بقمصيه وهي تهمس بصوت متقطع:

-أنا آسفة.

لم يفهم ما تقول، ولكن شحوب وجهها هذا يرعبه، تابعت بصوتٍ متحشرج:

-لو جرالي حاجة هاتلي حقي يا هــ..ارون، أرجوك.

أخفض "هارون" بصره ليرى الدماء تنزف بشدة ما بين ساقيها، فعجز عن التفكير وهو يهمس بإسمها بصدمة:

-روفان.

وهنا أستسلمت "روفان" لهذا الخدر ساقطة بين أحضانه، ورأسها مرتخية بين صدره وذراعه، راهبة إلى عالم ليس فيه أي نوع من العنف والشر.. ولا حتى قسوة، لم تستمع لنبضات قلبه السريعة، ولا لصوته الصارخ بإسمها بفزعٍ.

د

*****

أحيا_بنبضها.

أميرة_مدحت.


١-ايه رأيكم في اللي عملوه أهل القرية؟

٢-الفرعون عرف الحقيقة من الدكتورة هيعمل ايه معاها ومع روفان؟

٣-يونس هيعمل ايه لما يسمع حكاية رزان؟!

٤-روفان إيه اللي هيحصلها؟!

٥-رد فعل نائل إيه لما يعرف انها كانت حامل؟!

♥️

يتبع

الفصل العاشر من هنا


بداية الروايه من أولها هنا


تعليقات



CLOSE ADS
CLOSE ADS
close