![]() |
الفصـل الثـاني.
بقلم أميره مدحت
كامله على مدونة النجم المتوهج للروايات
أحيانًا لا يأتي الظلم من القاضي، ولكن من القانون.
قاد سيارتـه الفارهة –ماركة مرسيدس- خارج ذلك المكان المُظلم بسرعة هادئة، بعد أن أخذ "روڤان" إلى مكانها الأساسي؛ حيث المعتقل.
ذلك المكان الذي لا يعرف عنه أحد شيءٍ، فهو المكان الرئيسي لكل شخص أفتعل جريمة.
زاد من سرعة سيارته حتى وصل إلى وجهته المنشودة، ثم صفها بجوار الرصيف ليرتجل منها متجهًا إلى داخل قصرهِ، أقترب منه أحد أفراد حراسته وهو يمد يده لأخذ مفاتيح سيارته؛ كي يركنها قائلًا بإحترام شديد:
-المفاتيح يا باشا.
رمقه الفرعون بنظرة حادة وهو يخبره:
-لأ، متركنش العربية، أنا خارج تاني.
هز رأسه بالإيجاب وهو يهمس بإحترام دون أن يرفع رأسه:
-تحت أمرك.
هز الفرعون رأسه بهدوء قبل أن يتحرك بخطى ثابتة.. واثقة نحو مدخل القصر، وما أن دخل حتى قابلته كبيرة الخدم، التي إبتسمت له في هدوء بالغ قبل أن تخبره بجدية:
-يونس باشا وصل زي ما حضرتك أمرت، ومنتظر حضرتك في مكتبك.
أشار لها بإصبعيه بصيغة آمرة:
-تمام، مش عاوز حد يدخل علينا، مهما كان.
أومأت رأسها بالإيجاب قبل أن تتحرك سريعًا من أمامه؛ إلى مكان عملها وهو غُرفة الطعام، في حين تحرك فرعون نحو غرفة مكتبه، وما أن فتح الباب حتى وجد رفيقه الوحيد ينهض من مكانه يحدق فيه بعينين لامعتين من الذهول قبل أن يسأله:
-صحيح إللي أنا سمعته ده؟؟.. أهل القرية مسكوا روڤان مُتلبسة، وهي بتخون جوزها.
أغلق الفرعون الباب خلفه قبل أن يتقدم منه، وقد قست عيناه دون أن تتحرك عضلة في وجهه المتصلب لكنه قال بهدوء:
-أيوة، ومسكتها كمان قبل ما تحاول تنتـ.حر.
نظر له "يونس" بذهولٍ وهو يخلل أصابع يده في فروة شعره الكثيفة قبل أن يسأله بريبة:
-لأ، أنا مش قادر أصدق، أصل إزاي؟!.. و روڤان معروف عنها بإحترامها وهدوئها.
أجابه ببسمة ساخرة وهو يستقيم بوقفته مقابله:
-وليه لأ؟؟.. الدم إللي بيجري في عروقها هو نفس دم أبوها الخاين، تفتكر بقى مش هتطلع زيه؟!..
تنهد "يونس" بحرارة، قبل أن يسأله بشك:
-طب أنت هتعمل إيه دلوقتي؟؟..
رد بجدية رغم هدوء نبرته:
-في إيه بظبط؟!..
نظر له في يأس قبل أن يرد بعقلانية محذرًا إياه:
-أنت فاهم قصدي كويس، هي دلوقتي قصاد كل القُرى إللي حوالينا مجرمة زانية، ولو حد لمحها هتترجم لحد الموت بناءًا على القانون، بس إحنا أتعودنا دايمًا أن أحيانًا إللي بتشوفه العين ممكن يبقى غلط، وإذا كان في شك في البراءة بنقعد ندور لغاية ما بنتأكد من صحة إللي وصلناه، أو العكس.
سأله الفرعون بلهجة حادة تدل عن نفاذ صبره:
-عاوز تقول إيه يا يونس بظبط، وضح!!
رد عليه "يونس" بلهجة حادة رغم هدوء نبرته:
-عاوز أعرف منك إذا كنت هتسمعها زي ما هتسمع من جوزها نائل، ولا غضبك منها لمجرد أن ليها أب أذاك، هيمنعك تسمعها وتنتقم.
وقف الفرعون قبالته ليطالعه بنظرات قوية حادة مليئة بالهيبة المخيفة، زفر معقبًا ببطءٍ ومتعمدًا الضغط على كل كلمة يتلفظ بها:
-روڤان هعمل معاها زي ما بعمل مع أي مجرم بيقع تحت إيديا، هسمعها، وأتمنى أنها متتطلعش مظلومة، عشان لما تترجم ناري تبرد، وأقول حقي وحق أبويا وأمي جه.
بدا صوته عميقًا وهو يسأله بنفس الجدية:
-ولو طلعت مظلومة؟!..
أظلمت عيناه وتوحشت ملامحه بطريقة مخيفة وهو يُجيبـه:
-هبدأ أنتقم لنفسي ولأهلي، يعني سواء طلعت مظلومة أو لأ، في الحالتين هتشوف الجحيم.
إتسعت إبتسامتـه القاسية وهو يُضيف بقوةٍ:
-وعلى إيدي أنا.
صمت قليلًا بتعمد قبل أن يخبره بلهجة جادة:
-بس الأول عاوزك تيجي معايا، تمارس مهنتك كطبيب علم نفس، وتحللي كل حركة وكل كلمة هتقولها في مواجهتها معايا، لأن غضبي منها ومن أبوها ممكن ميخلونيش أشوف الحق.
اكتفى "يونس" بابتسامة لا تنم عن شيء ليقول بجدية:
-أنا مش مطمن يا فرعون على إللي أنت ناويه للبنت دي.
ألتمعت عينيه الماكرتين وهو يخبره بخبث:
-كل خير، هي خلاص بقت تحت إيدي.
*****
ركضت "رزان" من أمام إحدى السيدات القروية بعدما وصلت لذروة أهتياجها وعنفها وعصبيتها، فما أن علمت من تلك السيدة بتفاصيل حادثة رفيقة دربها الوحيدة "روڤان"، أهتاجت أكثر كونها على علم جنون وسـ.ادية "نائل"، فقد وصل به الأمر إرسالها إلى الموت حتى لا تكون ملكٍ لغيره، و لا تقوم بتنفيذ ما هددتـه به.
ظلت تركض "رزان" بغضب، وكلمات أهل القرية تضربها كالرصاص وهم يتحدثون عن "روڤان"، توقفت فجأة في مكانها وهي تسمع إحداهن تقول:
-طبعًا لازم تطلع ماشية على حلّ شعرها، مش كفاية يا بنتي أنها مش محجبة؟!.. جوزها كان مستحملها إزاي؟
ركضت نحوها "رزان" وهي تصرخ فيها بإهتياج:
-وهي عشان مش محجبة يا إنسانة يا جاهلة، تبقى ماشية على حل شعرها، أتقي ربنا في كلامك، ربنا وحده أعلم بإللي جوا النفوس.
هدرت إحداهن بغضب وهي ترمقها بإستحقار:
-طبعًا مش أنتي صاحبتها، لازم تدافعي عنها.
احتجت هاتفة بعصبيةٍ وهي تلوح بذراعها:
-وهفضل أدافع عنها، روفان إنسانة شريفة، والحق هيظهر، وساعتها هقطع لسانك ولسان كل واحدة فيكم قالت عنها كلام باطل.
نظرت لها السيدة بذهول وهي تنظر لصديقتها، قبل أن تغادر "رزان" من أمامهن راكضة نحو منزل "نائل"، حتى وصلت إليه.. بدأت بطرق الباب بقوة وهي تهدر بغضب:
-أفتح يا نائل، أفتح يا زفت يا (....)، أفتح بقولك.
فتح "نائل" الباب بذهول وهو ينظر لها بإحتقار قبل أن يقول:
-عاوزة يا بت أنتي، إيه إللي جابك هنا؟!..
قبضت على تلابيبه بعنف وهي تصرخ فيه بعصبية:
-بقى يا واطــ.ي يا حيـ.وان، تعمل في مراتك كدا، تلبسها قضية زنا عشان لا تتجوز غيرك في يوم ومتنفذش تهديدها، أنت معمول من إيه؟!..
أمسك قبضتي يديها بعنف ودفعها للخلف وهو يهدر بلهجة يملؤها الغيظ:
-إيه الهبل إللي أنتي بتقوليه ده؟!.. كل ده عشان تغطي على عملة صاحبتك المهببة؟!.. أسمعي بقى كويس أوي يا بت أنتي، صاحبتك أنا طلقتها خحلاص، وحقي عند فرعـون بذات نفسه.
ارتفع حاجبها للأعلى متسائلة بوجه مشتعل:
-وحقها منك؟!!.. دي لسة خارجة من المستشفى مبقالهاش يومين بسببك، ولا علشان الناس متعرفش بقرفك وعمايلك مستقوي نفسك علينا، أنا كنت شاهدة على كل حاجة عملتها من يوم ما أتجوزتها.
أرتبك "نائل" مع نظرات الناس، والذين بدأوا يجتمعوا أمام منزله يتابعون ما تقوله تلك الفتاة، في حين صرخت "رزان":
-إسمعوا يا ناس، الراجل إللي قدامكم ده، كان بيغتـ.صب مراته تحت مسمى الجواز، كان بيعذبها في ضرب، ودخلت المنستشفى 3 مرات وهي بين الحياة والموت، وهو إللي إللي عمل اللعبة دي كلها عشان متفضحوش.
هنا فقد "نائل" قدرته على ضبط انفعالاته، فهاج صارخًا وغير عابئ بتبعات ردة فعله:
-طب والله العظيم ما أنا سايبك يا بنت الـ(...) بقى بتتهميني إتهامات باطلة عشان صاحبتك الـ(...) إللي عاوزة الـ(...).
وبالفعل ركض نحوها يجذبها من حجابها لتصرخ "رزان" بعصبية وهي تقاومه، فتدخل ثلاثة رجال وهم يقولون:
-عيب كدا يا نائل، مش عشان مراتك عملت فيك كدا تمد إيدك على واحدة ست.
صرخت "رزان" بعصبية:
-والله ما أنا سكتالك، وحق صاحبتي هجيبه.
أقترب ثلاثة رجال من رجال الفرعون وهم يقولون بصرامة شديدة:
-إنتوا هتيجوا معانا للفرعون، يالا إتحركوا.
*****
ضوضاء وتشوش يُصاحبانها، أحاطا بعقلها، غمامة سوداء باهتة تزحف بعيدًا عن وعيها؛ لتبدأ ذاكرتها بإسترجاع اللحظات الأخيرة قبل أن تفقد الوعي، قاومت ثُقل جفنيها بفزعٍ؛ حينما وصل عقلها إلى آخر شيء حدث لها، وهو رؤيتها للفرعـون.
كانت الرؤية ما زالت مشوشة قليلًا من أثر المخدر وكأن كل الصور تتداخل بشكل مُموَّهٍ مُزعج يزيد من صداع رأسها، وقد تمكن منها الرعب قبل أن تفتح عينيها تمامًا، وتُدرك وضعها الصعب، نظرت حولها برعب وهي تنهض بسرعة قبل أن تقول:
-أنا إيه إللي جابني هنا؟!..
بعد دقائق كانت "روڤان" تتحرك كالممسوسة جيئة وذهابًا في تلك الغرفة الغريبة تنتظر أي شخص يأتي إليها، حتى فتح باب الغرفة فجأة، أنتفضت من مكانها وهي تلتفت برأسها لترى فرعون بطوله المهيب يقف عنده، مبتسمًا بقسوة، تلك القسوة التي سمعت عنها كثيرًا منه، ولكن الآن ستراها على يده.
وقف عنده يتطلع فيها بإبتسامة ساخرة قبل أن يهمس بثقة:
-أهلًا بيكي في المعتقل بتاعي يا روفان هانم.
دنى منها قليلًا قبل أن يهمس بهسيس خطير:
-تعرفي أنا كان نفسي أقابلك من زمان.
تراجعت "روڤان" للخلف قليلًا بخوف وهي تسأله:
-الفرعون بذات نفسه كان عاوز يقابلني؟!.. لـ.. ليه؟!..
هنا.. إبتسامة واسعة عرفت طريقها إلى شفتيه قبل أن يقول بلهجة قاسية أرجفتها:
-عشان تشوفي الجحيم على إيدي.
عرفت الدموع طريقها إلى عينيها وهي تقول بألم مبتسمة في وجع:
-هو واضح أن قدري ميعرفش غير الجحيم.
رفع حاجباه معًا، وهو يقترب منها أكثر، متمتمًا بصوت هادئ لم تخفي نغمات السخرية منها:
-لا بس على إيدي غيري.
أومأت مؤكدة بلهفة حازمة، وهو يقترب أكثر وأكثر حتى سقطت دون أن تشعر على الأريكة خلفها، شهقت بعنف تلقائي، ليميل هو عليها ببطء شديد، وعيناه قد توهجت رغم ظلامها، أبتلعت ريقها بتوتر وهي تهمس برعب وجسدها يرتجف بشدة:
-أنت هتعمل فيا إيه؟!..
لم تتغير ملامح الفرعون وهو ينظر إليها، إلا أن عينيه ألتمعتا ببريقٍ أكثر قسوة وهو يخبرها:
-زي ما قولتلك قبل ما يُغم عليكي، ومن شوية، هتتعاقبي خيانتك لجوزك، محاولة إنتـ.حار، وفي حاجة تالتة كمان بس خليها مفاجأة ده لو عيشتي أساسًا.
توسعت عيناها بهلع وهي تغمغم بصدمة:
-إيــه؟!.. يعني آآآ..
إلتوت شفتاه بما يشبه الإبتسامة السوداء وهو يخبرها بما أشبه فحيح الأفعى:
-يعني أهلًا بيكي في جحيم هــارون الكردي.
*****
#أحيا_بنبضها.
#أميرة_مدحت.
#يتبع..
1-إيه السر إللي مخلي الفرعون يكره روفان وأهلها؟!..
2-هيعمل معاها إيه بظبط؟! هيعمل توزان بين غضبه وجريمتها ولا هيدخلهم في بعض؟
3-يونس هيشوف روفان بنظرة إيه؟
4-رزان هتعمل إيه في مواجتها مع الفرعون ونائل؟!
5-أهل روفان هيعملوا إيه في قضية بنتهم؟!..
يتبع
كل ده هنعرفه مع الوقت، متنسوش تتفاعلوا يا حلوين، ويارب الفصل يعجبكم، رأيكم مهما كان.♥️♥️♥️