![]() |
رواية "أحيا بنبضهـا".
"الفصل السـادس بقلم أميره مدحت"
كامله على مدونة النجم المتوهج للروايات
ما الحزن إلا قسوة يفرضها المرء على نفسه.
توقف كل شيء لوهلة، حتى أنفاسه.. دقات عقارب الساعة أيضًا توقفت، لحظات وهو يستوعب ما قيل توًا حتى إستطاع إدراك حجم الكارثة، أرتجفت أنامله من وقع هذه الكلمة وهو يفرك فروة رأسه بعنفٍ قبل أن يهمس بحدة:
-إنت متأكد يا دكتور من الكلام ده؟!..
أجابه الطبيب بصوتٍ جدًّ:
-طبعًا يا سيدنا، مدام روفان حامل، بس الحمل ده مبدائيًا وضعه خطير على حياتها.
أرتجفت أعصاب عينيه وهو يسأله:
-ليه؟!..
رد عليه بلهجة عملية:
-من الكشف عليها، قبل ما حضرتك تدخل، لاحظت أن جسمها ضعيف جدًا، ومن الكشف المبدائي واضح أن في نوع من العنف هي أتعرضتله.
توسعت عينيه وهو يدنو منه قبل أن يسأله بريبة:
-نوع العنف إيه بظبط؟!..
تنهد الطبيب بحرارة قبل أن يجيبه بجدية:
-مش هقدر أحدد ده للأسف، لكن إللي أكدلي ده أن في جروح شوفتهم في جسمها، و واضح أنها مش من فترة بعيدة.
نفخ "هارون" بضيق وهو يحيد بصره عنها، ثم ولاه ظهره وأردف:
-طب والحل؟!..
رد عليه بجدية تامة:
-المطلوب دلوقتي، أنها متقومش من على السرير خالص، لأن الحمل مش ثابت، على الأقل نعدي على 3 شهور، وبعدين ممكن تبدأ تتحرك.
ألتفت ينظر إليه من طرف عينه وهو يسأله:
-للدرجادي حالتها خطر؟!..
أومئ الطبيب رأسه بالإيجاب وهو يؤكد له:
-أيوة فوق ما حضرتك تتخيل، لأن زي ما وضحت في عنف واضح أنها أتعرضتله من فترة مش بعيدة أثر على ده، ده غير العامل النفسي، إللي واضح أنه تحت الصفر.
عقد ما بين حاجبيه بقوة وهو يسأله مرة أخرى:
-طب هي هتفضل نايمة لحد إمتى؟!..
رد عليه وهو يلقي نظرة أخيرة على مريضته:
-مش قبل بكرا الصبح.
حرك رأسه وهو يقول بصوت هادئ هدوء مريب:
-تمام، أتفضل أنت.
تحرك الطبيب يسحب حقيبته منصرفًا بهدوء، لم يكن "هارون" متضايقًا هكذا من قبل، حافظ بقدر أستطاعته على هذا المستوى من التعامل بهدوء لتفادي أي تهور غير محبوب الآن تحديدًا.. فصدر صوته خافتًا وهو ينطق عبارته الأخيرة بهمسٍ خطير:
-ميعني في إحتمال أن نائل يكون لعب لعبة حقيرة فعلًا؟!..
حدق أمامه بنظرات صارمة قبل أن يهتف بتشنجٍ ظاهر في نبرته:
-لو طلع له يد في ده، يستنى أيامه السودا، بس إزاي أتأكد؟!..
ألتفت بوجهه ينظر نحوها، قبل أن يتحرك نحوها يتطلع لوجهها الذابل المُصفر.. سحب مقعد بلاستيكي ووضعه بجوار الفراش ليجلس عليه بحذر؛ كي لا يصدر أي صوتٍ مزعج، ثم تثبتت عيناه عليها، غير شاعر بقيمة الوقت الذي يمر عليه وهو في هذه الحالة من التفكير والشرود.
*****
كادت تغادر عقب أن أبعد قبضتيه عنها، وعلى وجهها تعابير الصدمة جليّة، ولكنه أستوقفها بالإجبار خلف تلك الأشجار؛ حتى لا يراهم أحد، نظر حوله قبل أن يهدر بلهجة حادة كالسيـف:
-أنتي أتجننتي؟!.. إزاي تعملي كدا؟!.. أنتي كنتي هتقتليـه؟!..
كان جسدها يرتجف بعنفٍ وهي تنظر له بقهر قبل أن تقول:
-أيوة، كنت هعمل كدا.
ثم عادت تنظر له بذهول وهي تسأله بعدم تصديق:
-بس آآآ، إنت كنت بتراقبني؟!.. ما هو مستحيل تكون دي صدفة.
رد عليها بهدوء محاولاً أن يتمالك أعصابه:
أيوة كنت مراقبك، حركاتك في المستفى أكدتلي إنك ناوية على مصيبة، وإللي توقعته حصل.
ترقرقت الدموع في عيناها وهي تسأله بغضبٍ مفاجئ:
-وتراقبني ليه؟!.. مالك إنت بيا؟!..
أرتفع حاجبي "يونس" بإندهاش شديد وهو يسألها بإنفعال بيّن:
-لأ إنتي أكيد في حاجة في دماغك غلط، أنتي عارفة إنتي كنتي هتعملي إيه في نفسك؟!.. لمجرد أننا فشلنا في كشف أول حقيقة، تقومي بكل بساطة تروح تقتليه؟!..
تجمعت الدموع في مقلتيها وهي تقول:
-كان لازم أجيب حقها، نائل عمل زي ما ناس كتير عملت قبل كدا، وإنتوا مصدقينه، ومفيش حد هيعاقبه، وهيعيش حياته ويتجوز تاني ومش هيفتكر أبدًا الجريمة إللي عملها، روفان هتقتلوها من هنا، والدنيا هترجع زي الأول.. وتنسوها، ويوم ما تفتكروها هتقعدوا تشتموها، وهتموت ظُلم بجريمة عمرها ما فكرت ترتكبها.
لم يستطع منع نفسه من الصياح فيها بغضب أعماه:
-أنتي عارفة أنتي عقوبتك إيه دلوقتي؟!.. أنتي كدا هتترمي في السجن، ومحدش هيسأل فيكي، لا روفان ولا غيرها.
رفعت "رزان" بصرها المضطرب والذي يشوبه القلق نحوه، فـ فهم إلام تهدف نظراتها وعاد يقول بعدم تصديق:
-أنتي عاوزة تقنعيني إن ده السبب الوحيد، إللي خلاكي تفكري بالشكل ده.
مرت تلك القطرة الملتهبة من بين شعيرات أهدابها الطويلة وهي تردد بنبرة مرتجفة:
-يمكن ده مش السبب الوحيد، وفي سبب تاني وقوي، لكن إللي زي روفان حقهم مهدور من سنين يا يونس باشا، ومحدش عارف ولا مهتم.
اقترب "يونس" منها ليتمسك بكتفيها ليواجهها بحزم:
-في قانون يا رزان، ومهما كانت أسبابك مكنش ينفع تعملي كدا.
ارتفع حاجبها للأعلى متسائلة بوجه مشتعل:
-قانون؟!.. القانون ده إللي مخلي روفان مسجونة ومستنية موتها، مش مشكلة أموت أنا، بس أحس أني جبت حقها وحقي، وحق كل إللي زيها.
قطب جبينه بقوة وهو يعلق على كلمتها:
-حقك؟!..
حاولت التهرب من كلمته التي ستكشف له الكثير عن حياتها؛ تخلصت من قبضته وهي تُخبره بعينين دامعتين:
-أرجوك تسبني في حالي، إنت وإللي زيك مش فاهمين حاجة.
وتحولت ملامحه للجمود والتحجر وهو يرد معترضًا:
-أنا وإللي زيي؟!..
ردت عليه محتجة بقوة:
-أيوة، سواء إنت أو الفرعون، إسمكم يرعب الخلق كله، وبيرعبني أنا ذات شخصيًا، لكن في النهاية خوفنا جابنا لورا، إنت دلوقتي بتهددني بالعقوبة، لكن أنا مش فارق معايا، لأن كدا ولا كدا أنا ميتة.
حاول أن يضبط إيقاع تنفسه ليخرج صوته هادئًا وهو يجيبها بحدة علها تتخلى عن عنادها الأهوج:
-لو أنا ظالم كنت مسبتكيش واقفة تكلميني بالطريقة دي، ولو الفرعون ظالم مكنش ساب صاحبتك عايشة لغاية دلوقتي، وكان خلى أهل القرية يرجموها، وأكتفى بأن جوزها خرجها من بيتها بملاية السرير، والناس كلها شاهدة على ده.
أختنقت دموعها بحلقها وهي تنظر إليه قبل أن تسأله:
-طب أنت هتعمل فيا إيه دلوقتي؟!.. هتسجني؟!..
تنهد "يونس" محاولًا إستعادة هدوءه، قبل أن يُجيبها:
-لأ، مفيش سجن.
رفعت حاجباها للأعلى وهي تسأله بتلهف:
-ولا هتقول حتى للفرعون؟!..
أومئ رأسه بالإيجاب قبل أن يقول بلهجة قوية:
-أيوة، بس بشرط واحد.
سألته مستفهمة علها تستطيع فهم ما يدور في رأسه:
-شرط إيه؟!..
زفر بصوتٍ مسموع ليقول بعدها بتريث عقلاني متحايلاً عليها:
-إنك متتصرفيش من دماغك في القضية دي بذات، لو عايزة مقولش للفرعون على تصرفك المجنون، ولو عاوز براءة صاحبتك تظهر في أسرع وقت قبل محاكمتها، لأن القضية دي مش سهلة.
صمتت قليلاً.. فقال يحثها بجدية:
-موافقة؟!
تعلقت عيناها بـ عينيه لثوانٍ، كفكفت دموعها بظهر يدها وهي تخبره بصوتٍ خفيض:
-موافقة، وبعتذر على طريقتي.
تابعت "رزان" بصوتٍ مختنق:
-أنا بس مجروحة، وحاسة بكسرة روفان، لأني مجربة إحساس الغدر ده.
أتاها رده عائمًا في تلك الجزئية:
-ولسبب ده أنا مش هبلغ هسجنك، ولا هقول لأي حد على إللي حصل.
لمعت عيناه بحسم قبل أن يقول بإبتسامة واثقة:
-وماتقلقيش، أنا مش هرتاح إلا لما أوصل للحقيقة، مطلوب منك بس تمشي معايا في الطريق، لغاية ما نوصل للحقيقة الكاملة.
إبتسمت "رزان" قبل أن تسأله بإهتمام متلهف:
-طب دلوقتي هنعمل إيه؟!..
صمت قليلًا قبل أن يجاوب بجدية:
-أول حاجة، إننا لازم ولابد ندور على الدكاترة إللي أسماءهم موجودة في التارير، وبذات آخر دكتورة، لأن على حسب كلامك، أنها دخلت المستشفى آخر مرة وهي عندها نزيف نتيجة عنف.
هزت رأسها مؤكدة:
-أيوة، ده حقيقي بس هنوصلها إزاي؟!..
*****
ظل جالسًا هكذا لفترةٍ طويلة، يتأمل ملامح وجهها المُتعبة، تنهد تنهيدة حـارة نابعة من أعمق أعماق صدره، قبل أن يصل عقله إلى فكرة لم تأتي في باله من قبل، هب واقفًا فجأة من مكانه، وتحرك بخطجى سريعة.. مرعبة نحو خارج سجنها، وقف في الطرقة يهدر بغضبٍ مفاجئ:
-يا سعــيد، يا محســـن.
ركض كل منهما نحو "هارون" ما أن أستمعا إسمهما من صوته الغاضب، وقفا أمامه، قبل أن يقول "سعيد" بقلق:
-خير يا سيدنا؟!..
دنى "هارون" منهما، ثم هتف بها بنبرة متعصبة وقد برزت عروقه النابضة بقوة لتشير إلى انفجاره الوشيك:
-إنتوا قبضتوا على روفـان لما سمعتوا بإللي حصل، فين الشخص إللي خانت بيه جوزها؟!..
رد عليه "محسن" بقلق من تعبيرات وجهه المخيفة:
-والله يا سيدنا، إحنا خدناها، ودورنا على الراجل التاني، لكن مكناش لقيينه، ولما سألنا الأستاذ نائل.. رد علينا بأنه هرب، إحنا بس إللي كان يهمنا هي روفان نفسها.
أمتعضت ملامحه وهو يهدر بهما بذهولٍ:
-يعني يهمكم روفان؟!.. هي لوحدها أرتكبت الجريمة دي؟!.. ده إنتوا ليلتكم سودا.
تسائل "سعيد" بخوف وهو يشير بيده:
-يا سيدنا إحنا في القضية إللي زي دي بنتهم نجيب الست الأول وآآآ..
هنــا انفلتت أعصابه، فهدر صارخًا:
-يعني إيه الست الأول، التفكير الجاهل ده تنسوه، إنتوا عارفين أن مفيش فرق بين الراجل والست في العقاب، زي ما هي عملت، هو كمان لازم يتجاب.
سأله "سعيد" مرةٍ أخرى:
-سامحنا يا سيدنا، طب قولنا إيه المطلوب، وإحنا هنفذه حالًا.
قست ملامح وجه "هارون" قائلاً بلهجته غير القابلة للتفاوض:
-تجمعوا رجالتكم، وفي أسرع وقت يكون الراجل ده تكونوا جايبينه من قفـاه.
رد عليه "محسن" بلهجة يشوبها القلق:
-طب إزاي؟!.. وإحنا مش عارفين شكله؟!..
هنا.. بدأ عقله يصل إلى نقطة أخرى من الأسئلة التي لن تنتهي، فقال:
-جمعوا الرجالة، وإستنوا الأوامر مني.
هتف كلماته الأخيرة، وهو يعدل سترته، قبل أن ينصرف من أمامهم، وقد قست تعبيرات وجهه، بعدما بدأ عقله يُسير إلى المكان الصحيح.
في حين تابع شخص ما من بعيد ما يحدث بإهتمامٍ بالغ، أتسعت عيناه للحظة وهو يرى إندفاع "هارون" محاولًا البحث عن الحقيقة، وتحقيق العدالة، أنعقد حاجبيه بضيق، ثم أخرج هاتفه وعبث فيه قليلًا ووضعه على أذنه حتى أتاه صوت الطرف الآخر متسائلًا على ما أمر به، فـ أجاب بإنتباه:
-للأسف يا باشا، شكل كدا الفرعون مش هيقتل روفان.
رد عليه ذلك الشخص المجول بحدة:
-يعني إيه؟!..
رد عليه وهو يلتفت حوله كي يتأكد عدم مراقبة أحد له:
-يعني يا باشا، هارون بيدور على الحقيقية بإيديه وسنانه، أستحالة يعملها، وأنا قولت لحضرتك من أول يوم الكلام ده.
صمت طرف الآخر ثم سأله بجمود:
-تمام أقفل أنت.
وما أن أنهى المكالمة حتى ألتفت ذلك الراجل المجهول ينظر إلى تلك اللوحة التي بها العديد من الصور، إبتسم بشر دفين وهو يقترب من صورة "هارون" قبل أن يهمس بنبرة كالفحيح الأفاعي:
-مش هسمحلك تفضل مع روفان كتير، وإلا هتدمر في النُص.
تنهد بعمق قبل أن تلتمع عينيه ببريق مخيف قائلًا:
-مش هسمح أنكم تكشفوا الماضي، فـ عشان كدا أستنى مني هدية تحقيق عدالتك، وهي موتـك.
*****
-متخافش، محدش هيعرف يوصلك، ده فيها موتي.
هتف بتلك الكلمات "نائل" وهو يجلس على الأريكة، صمت قليلًا قبل أن ينفخ بضجر قائلًا:
-يووه، ما قولتلك يا عم حقك محفوظ، المهم متتصلش بيا اليومين دول، لأن الفرعون أنا مش مطمنله، وحاسس أنه شاكك فيا.
سكت للحظةٍ قبل أن يقول:
-حقك هتاخده كله، بس لما أطمن أن للفرعون، ويخلص على روفان، أنا مش عارف هو مش مصدقنا ليه؟!..
ألتفت "نائل" برأسه حينما إستمع إلى طرقات على باب منزله، فقال بضيق:
-خلاص، أقفل دلوقتي، وهرجعالك تاني، سلام.
أنهى المكالمة وهو يهمس بعدة كلمات غير مفهومة، قبل أن ينهض من مكانه، تحرك نحو باب منزله، وفتحه ليصنم في مكانه، وتتوسع عينيه بقلق ما أن رأه، إبتسم له الفرعون وهو يتقدم نحوه قائلًا بإبتسامة باردة:
-كنت معدي من هنا، أفتكرتك، قولت لازم أشرب معاك شاي.
ثم أتسعت إبتسامته الساخرة وهو يكمل:
-ولا معندكش شاي؟!..
*****
#أحيا_بنبضها.
#أميرة_مدحت.
1-الفرعون هيعمل إيه مع نائل؟ وهيقوله على حمل روفان؟
2-إزاي هيجيب المواصفات الراجل إللي المفروض روفان خانته معاه؟
3-يونس ورزان هيعوصلوا للدكتورة إزاي؟
4-نائل هيتصرف إزاي مع الفرعون؟
5-روفان هتعمل إيه لما تعرف خبر حملها؟
بجد يا شباب لو ملقتش تفاعل هعيط، يرضيكم اني اعيط؟♥️♥️♥️