القائمة الرئيسية

الصفحات

🌺🌺روايه حدث بالخطأ🌺🌺 بقلم♥ دينا العدوي سلسلة "حينما يتمرد القدر بقلم دينا العدوي البارت الخامس والسادس كامله على مدونة النجم المتوهج للروايات


 🌺روايه حدث بالخطأ🌺🌺             

  بقلم♥ دينا العدوي

سلسلة "حينما يتمرد القدر

بقلم دينا العدوي

البارت الخامس والسادس

كامله على مدونة النجم المتوهج للروايات 

♥ البارت الخامس ♥

كامله على مدونة النجم المتوهج للروايات 

الحب كلاعب كره مهاجم، راغب بالفوز

يهاجم القلب بضراوة، راغب بتسديد هدف 

وأقحام المشاعر به لأعلن فوزه

ومهما كانت دفعاتك قويه، يراوغ بجدارة 

ويتخطاها، محققًا هدفًه بلا تراجع

وهكذا كان حب سارة سدد هدفه 

وتمكن من اقتحامه والوصول لشغاف قلبه                      

أرجع رأسه للخلف مستندًا على مقعد سيارته بعدما اطمئن على دخولها للمنزل، أغمض عيناه محاولًا لجم مشاعره 

التي تراوده الآن، هاربًا من نظرات عينيها المموجة بالحزن والألم التي تطارده وتؤلمه، منذ ان وقعت عيناه عليها وملامحها تتغضن بكليهما، بات يدرك أنهم حطموها وقد سرقوا منها البسمة فيما مضى ، سرقوها بسرقتهم لرحمها وطفلها الموهومة بموته، تلك البسمه التي لا يراها إلا عند رؤياها لطفلهما وكأن قلبها يشعر به ويدرك ما لم يدركه عقلها، لذا لا يفوت على ذاته رؤيتها، يعشق تأمل وجهها المشع بنورًا يبهجه حينها، رغم المسافة بينهما، إلا أنها تسبب ذاك النبض الهادر لقلبه، يتمنى لو يذهب إليها ويخبرها بحقيقة أن عمران هو صغيرها وأنه هو والد طفلها، ذاك الرجل الذي جعلها حاملًا بطفله،  ذاك الرجل الذي دمر حياتها وسلب منها عذرية جسدها دون المساس بها، أو حتى رؤياها..                    

كم بات يكره ذاته من حينها، يجلدها بسياط الذنب التي تدمي روحه، تأوه بألم من سر بات يثقل كاهله، وضمير يمزقه، والاسوء نيران الغيرة التي تستعر بقلبه وتحرقه وعقله تموج به التخيلات المنفرة لغريمه مع من عشقها قلبه، ينال ما لم يناله، تخيلات يجن لها جنونه، وتحرقه 

لعنًا الماضي الذي لم يتمكن فيه من رؤيتها قبلًا وجعلها ملكًا له وحده، ولو أنه فعل والتقاها قبلًا، لما كان الان يحيي مع الألم المرافق لفراشه البارد الخالي منها، ونيرانه المستعرة لغيرته عليها، كلما عاد زوجها ألي البلدة ويدرك أنه الأن ينعم بدفيء قربها... 

صك على نواجذه بغضب واغتضنت ملامحه بالألم بينما قبض على كفيه وهو يطرقهما بقوة في مقدمة سيارته عند تلك الخاطرة،  لتعاود تلك الرغبة بالطفو للعلن كلما دفنها بأعماقه،  وكاد ان يفتح باب سيارته،  ليذهب لها يعلمها عن من يكون هو ويطالبها بحقه هو وطفلها فيها،  لكنه يخشى من ردت فعلها عليه حينها،  يخشى من نظرة عينيها حينها والتي قد تحمل رفض ونفور له قد تنحر روحه وتحطم قلبه، والوجل الاكبر يكمن في كلمات يخشي ان تنطقها شفاها وتبوح له بعشقها لغريمه، الذي يسرق منه ما هو له،                     

خاصةٍ لبقائها الأن معه رغم أدراكها بعقمه،  سبعة سنوات تحتمل من أجله ولم تفكر بتركه،  وهذا يأجج نيران ظنونه بعشقها له الذي لا يحتمل البوح به، يدرك أنه سيثور حينها وقد يصل به الأمر ألي خطفها وجعلها ملكه عنوه وهذا ما لا يريد فعله بها ولكنه لم يعد يحتمل، اليوم وبعد رؤيتها ولمسته الأولى لها يشعر بالانهزام أمام مشاعره المتأججة اتجاهها.....

هكذا اوشك على فعلها، لكنه نأث عن ذلك، مستعيد عقله من جديد، حتى تراجع كليًا، ما أن صدح صوت هاتفه فوجدها تلك التي تهتم بطفله بغيابه، فأجاب عليها قائلًا:-

  - ايوة يا زينب 

  - استاذ رُحيم حضرتك هتيجي أمتى؟، الشمس غربت وميعاد مرواحي فات وتأخرت..

زفر متذكرًا، فاردف معتذرًا قائلًا:-

  - معلشي يا زينب تأخرت عليكِ، كان عندي شيء ضروري، بس أنا خلاص في الطريق على بعد كم شارع بس دقايق وأكون عندك...

انهى حديثه وأغلق الهاتف مدركًا انه أنقذه من فعله هوجاء كاد أن يرتكبها، مدمرًا بها حياته وحياتها، فماذا سيحدث حينها اذا رفضت قربه وحسمت قرارها بالبقاء مع زوجها واخبرته برغبتها بطفلها، وهو لن يستطع أيلام قلبها بعد كل ما عانته ويحرمها منه اذا علمت به،  ولن يستطع تحمل أن تغضب منه ويرى بحدقتيها الكره له،  تلك الحدقتين التي يتمنى رؤية عشقه بهما، كما أنه لن يستطيع تركها هي وطفله لأخر!... 

اوقف سيل أفكاره عند هذا وقاد سيارته عائدًا للمنزل،  متخذ قرارًا بأنه لم يحن موعد أخبارها بعد... 

****  

شمسًا جديدة أشرقت، فأضاءت السماء الحالكة، لتغرد العصافير وتصدر ألحانها،  بينما تتسلل أشاعتها الدافئة بدلال عبر شرفة غرفته التي باتت غرفتيهما، لتسلط تمامًا على وجه الوسيم، رفرف بأهدابه متململ في فراشه، حتى ظهرت شمس عينيه المماثلة، وسريعًا ما تسرب إليه عبق رائحتها الذي نُثر بأنحاء الغرفة،  ليحرك وجهه اتجاه الطرف الاخر من الفراش راغبًا بالتأكد أن كل ما عاشه ليس حلمًا، ليجدها تنام بجواره حقًا كالطفل الصغير، حتى أن إحدى قدميها الأن تضعها فوق قدمه، وخصلاتها الفحمية الناعمة مشعثه حول وجهها بطفولية، جميله هي تلك الصغيرة، لقد أكتشف ان طريقة نومها تتنافى تمامًا مع شخصيتها الهادئة والتي تبدو كنسمه تطوف بين الأغصان،  فهي تتبدل تمامًا وتصبح كثيرة التحرك والتقلب أثناء نومها..                                                                

ارتسمت بسمه واسعه على محياه وهو لا يصدق انه تزوج منها بعد وظلا هكذا لدقائق مستمتع بمطالعتها بنظراته الحانية وأنامله تعيد ترتيب خصلاتها تلك، ليستمتع برؤية محياها البهي، حتى بدأت تتململ هي بالفراش وأفرجت جفونها عن مقلتيها، لتتفاجئ به بجوارها، اتسعت عيناها بصدمه للحظات وهي تبتعد قبل أن تتذكر أحداث أمس، لترتسم بسمه خجله على محياها وهي تأردف قائلة بينما تفرك عينيها بطفوليه اتسعت لها ابتسامته:-

  - صباح الخير يا آسر 

رفت شفتيه بسمه وأجابها بنبرته الحانية قائلًا:-

  - صباح النور والجمال يا جود 

  تابعت قائلة بعبوس وقد انتبهت أن قدميها كانت فوقه:-

  - أسفه يا آسر أكيد ضايقتك ومعرفتش تنام، باباي دايمًا كان بيقولي اني كتيره التحرك في نومي، واننا دايمًا كنت بزعجه لما بنام جانبه واكيد ازعجتك انت كمان..

أجابها قائلًا بنبرة متسليه لرفقتها:-

  - بالعكس يا جود نمت كويس جدًا وانتِ جانبي، ومبسوط جدًا انك هتنامي جانبي على طوال، وأني كل يوم هصحى  على الوش الجميل البريء دا وصباح الخير الحلوة دي، بس كأنك نسيتي صباح الخير بتتقال ازاي يا اميرة...

قطبت حجبيها بعدم فهم، وهي تطالعه ببلاهة، فأستطرد قائلًا:-

  - لما كنتِ تصحي وتقوليها لبابا، كانت بتكون حاف كده مفيش معها بوسه مثلًا!..

أطرقت رأسها خجلًا  وهتفت قائلة وهي تضع خصله خلف اذنيها:-

  - لا طبعًا كنت ببوسه 

  بتسلية اكبر تابع قائلًا:-

  - تمام وانا امبارح قولتلك اعتبريني زي بابا مؤقتًا،  معنى كده أن من حقي صباح الخير زي بتاعة بابا... 

   قال هذا وهو يعتدل محاولًا رفع جسده للجلوس بدل النوم وقد نجح، وأشار لها حتى تأتي وتمنحه قبلتها الصباحية، بينما هي كانت تطالعه بخجل وتردد حتى أشار لها بأصرار، فتقدمت نحوه بخطوات متباطئة، حتى وصلت اليه، وانحنت برفق تطبع قبله على وجنته وتبتعد مسرعة،

قهقهه هو عليها وهو يراها تفتح الخزانة وتخرج ثيابها، ثم استدارت له قائلة بأحراج وخشيه من أن يغضب منها:-

  - تحب اساعدك في حاجه قبل ما أخد الشاور بتاعي...

ابتسم لها مومئًا بالرفض قائلًا:-

  - لا أدخلي انتِ خدي الشاور بتاعك واطلعي..

  اومئت له بابتسامه سعيدة وهي تدلف المرحاض، لتنعم بحمامها الصباحي، حتى انتهت وخرجت مرتديه ثيابها بعد دقائق ووقفت أمام المرآه تبدأ بنزع المنشفة وتمشيط خصلاتها..

راقبها هو بسعادة للحظات ثم أشار لها عبر المرآه،  فاستدارت له تحرك رأسها بسؤال عما يريد، ابتسم وهو يحدثها قائلًا:-

  - تعالي، هاتي الفرشاة وتعالي... 

  طالعته باندهاش،  لكنها اذعنت له وآتت نحوه، رفع يده لها مطالبًا بها فأعطتها له، ليرفع يده الاخرى ويجذبها لتجلس على ساقه الممددة، بينما جزئه العلوي مستقيم، وبدأ بتمشيط خصلاتها بسعادة، يشعر وكانه حقًا والدًا لها ومسئولًا عنها، حتى انتهى تمامًا وطبع قبله على رأسها 

قائلًا:-

  - كده خلصت..

  ابتسمت بخجل وهي تنهض عن قدمه، فأردف قائلًا:-

  - تساعديني ارجع على الكرسي..

  أمأت له بابتسامه وجلبت الكرسي المتحرك جانب الفراش، بينما هو بدأ بأسقاط ساق تلو الاخر عن الفراش، ثم قام بالاستناد على الكمود بيد والأخرى عليها، حتى استطاع 

الجلوس على مقعده واعاد رفع ساقيه عليه وابتسم لها قائلًا:-

  - هاخد حمامي وننزل سوا..

   امأت برأسها له،  ليتابع حديثه قائلًا:-

  - طيب ممكن الاميرة تجيب لي لبس على زوقها النهاردة!.. 

  ابتسامه كانت اجابتها وهي تتوجه الى الخزانة وتخرج له ما اخترته، وجذبه منها شاكرًا، وحرك مقعده باتجاه المرحاض،  بينما هي توجهت نحو الشرفة، وقفت تطالع منزلها الحبيب الذي خسرته بشجن يعتمل قلبها وعبرات تدفق من مقآيها،  ظلت تطالعه بألم،  وعيناها تطالع حديقتها المزينة بأزهارها الجميلة التي نمت على يديها والتي من الأن لن تهتم بها كما كانت تفعل سابقًا،  ظلت تتأمله ولم تنتبه لمرور الوقت وانتهاء آسر وخروجه من المرحاض،  وعيناه تبحث عنها حتى وجدها بالشرفة، فوجه مقعده نحوها، شعر بما يعتمل قلبها وألمه كما ألمها، مدرك صعوبة خسارة منزلك الذي قضيت به سنوات عمرك، منزلك الشاهد على كل ذكرى من طفولتك ومراهقتك برفقة من تحب، فهو ايضًا خسر والدته ومنزله الجميل الهادئ، لكنه كان محظوظ برفقة والده له ومحبته، لذا سيكون لها تميمة حظها من الآن وسيكون لها كل ما تحتاج، لذا أردف قائلًا محاولًا التخفيف عنها:-

  - تعرفي انا لاحظت ايه يا جود!...

كفكفت دموعها واستدارت له بتساؤل، ما أن سمعت صوته

فتابع حديثه قائلًا:- 

لاحظت ان جنينة البيت عندنا للأسف محتاجه عناية، وان محدش في البيت مهتم بيها،  يعني طنط شاهي على طوال برا البيت وبابا في الشغل وتيام معاه وانا هنا بأوضتي،  بس قررت ان دا هيتغير، بما ان اميرة القصر هتعيش معانا هنا فلازم الجنينة بتاعته تليق بيها،  وعشان كده من هنا ورايح أنا وأنتِ هنهتم بيها ونزرع فيها كل الورود المفضلة عندك...

أمأت له برأسها موافقه، فأستطرد قائلًا:-

  - أيه رأيك نبدء من النهاردة بعد الفطار...

ابتسامه كانت إجابتها وهي تتقدم نحوه كما آشار لها، ومن ثم خرجا من الغرقة، مستقلين المصعد حتى الاسفل لتناول الافطار، ليقضوا بعد ذلك الوقت بالزراعة والاعتناء بالحديقة، وكم استمتع آسر برفقة جود، التي لم تقل سعادة عنه، فهو قادر على نزع الحزن من شغاف قلبها ورسم الابتسامة على محياها، وقد شعر هو الأخر بانه على قيد الحياة، بعدما كان مجرد جسد بالي بلا روحًا ..

مر اليوم سعيدًا على الجميع، ألتزمت فيه جود بدواء آسر وأعطته آياه، ليداهمه التعب والأرهاق ولجأ الى الراحة مجبرًا، فصعدا كليهما ألي الغرفة وتمدد على الفراش وهو يأن من ألم جسده، لكنه حاول أن لا يكون هذا جاليًا على ملامح وجهه، لكن دونًا عنه امتغضت ملامحه به، والتي لاحظته جود فتقدمت منه وبين يديها دواءه، راغبه بأعطائه أياه، لكن هتف باعتراض قائلًا:-

  - مش هقدر أخده يا جود، انا بتعب لما بخده، عشان كده كنت قررت اوقفه من زمان وحسيت بتحسن وامبارح والنهاردة لما اخدته رجعت أتعب تاني، بلاش تصرِ عليا لو سمحت!..

سومته بنظرة محتارة وهتفت قائلة:-

  - بس طنط شاهي وأنكل سليمان قالوا انك لازم تخدوا في ميعاده وأحنا لازم نسمع كلام الأكبر منا ..

جذبه منه ووضعه على الكمود، ثم اعاد جذبها هي بلطف لتجلس على قدميه وهتف قائلًا بنبره حانيه وكأنه يحدث طفلًا صغيرًا قائلًا:-

  - مش صح اننا نسمع الكلام دايمًا لو كان الأمر في ضرر لينا، في حاجات أحنا اللي لازم ناخد القرار فيها بنفسنا، وأنا قررت اوقف العلاج لما حسيت أني احسن من غيره، فأيه رأيك يكون دا سرنا الصغير، ولو حد سألك قولي انك بتديهولي...

اتسعت عيناها بصدمه وهتفت باعتراض قائلة:-

  - انت عايزني أكذب يا أسر!.. 

رفت ابتسامه على شفتيه منها ومن براءتها تلك، وقرر أن يجحم منها قليلًا، فكل تلك البراءة بهذا الزمن تضر، فأردف قائلًا وانامله تداعب خصلاتها الفحمية:-

  - ما تعتبرش كدبه، احنا بس بنخبي عنهم  عشان ما نزعجهمش، وحتى لو كذبه، فهي كذبه بيضه يا جود مش هتضر حد!،  فما تتسماش كذبه

  تمام!....

اومئت له وقد تداركت أن الكذب لا يكون خطأ، ان لم يأذى ويكون في سبيل اسعاد احدهم..

منحها ابتسامه راضيه طالت للحظه وهو يتأمل محياها البهية، حتى تدارك ذاته وأردف قائلًا:-

  - مش هتجيبِ الكتاب نقرأ شوية قبل ما ننام!..

  اومئت له وجلبته واعطته اياه، ثم هتفت قائلة:-

  - ثواني وجايه 

  - طالعها باستغراب، لكنه اماء لها، فذهبت من أمامه وخرجت من الغرفة وبعد بضعة دقائق وجدها تلُج الغرفة وبيديها كوبين من الحليب، وتخطو اتجاه، تمد يديها بأحدهما قائلة:-

  - طالما مش هتاخد الدوا يبقي تشرب اللبن لأنه مفيد وهيقوي عظامك...

قهقهه عالية صدحت من بين شفتيه، على طريقتها وضرفتها تلك، لكنه قرر مشاغبتها قليلًا، فقوس شفتيه بضيق مصطنع قائلًا:-

  - بس أنا مش عايز اشرب لبن يا جود 

زمت شفتيها بضيق لوهله لكنها هتفت قائلة بمهادنه وكأنها تحادث طفلًا :-

  - هتشربه يا آسر حالًا، عشان أنت شاطر وبتسمع الكلام، وانا مش هقبل يكون لا دوا ولا لبن!..                               

لم يستطع التظاهر أكثر امام طريقتها المضحكة تلك فأماء له بابتسامه واسعه وسعادة تنجلي على ملامحه وجذبه منها وبدأ بارتشافه وهي تطالعه بسعادة جمّ لاستجابته لها وكأنه فعلت أمرًا جلّ....  

جذبت منه الكوب ووضعته ما ان انتهى ثم توجهت للجهة الاخرى من الفراش لتستلقي، ليبدء هو بقراءة الكتاب لها حتى تغفو ويلحق هو الأخر بها...

وهكذا مرت عدة ايام مماثله، احداثها تسير على ذات الوتيرة عند جود وآسر، بينما ادم ونيرة في استعاد للسفر، لقدر مجهول غافلين عنه، وظافر الذي تكررت مقابلته  بـ نادين وهروبه من زوجته التي استشعرت أمرًا خاطئ به، جعلها تخبئ عنه حملها ولم تبوح به بعد، ووحدهما نادر وسيدرا من يعشين أيام مكللة بالسعادة، فحتى سارة حماتها تجعل من أيام حياتها سوداء، لرفضها الذهاب ألي الدجالة او الشيخة كما تدعي، وهي تحتمل لحتى عودة عمر في اجازته المعتاده لعله يجد حلًا ويقنعها بالعدول عما تريده، ولم ترغب بهاتفته وأخباره عبر الهاتف، حتى لا تشغله بهما، فيكفيها عمله الذي يرهقه وبعده عنهما مجبرًا، حتى يستطيع تأمين عيشهم وعلاجه الذي يحتاج مبالغ طائله لا يملكها، ولولا عمل سارة هي الأخرى لما استطاعوا العيش...

حتى أتى نهارًا، قرر فيه سليمان بمحادثة جود، فلا يجب التأخر أكثر من هذا، حتى لا ينتكس أسر، وينال المرض منه

لذا قام باستدعاء جود ألي مكتبه في فترة راحة آسر...

طرقت جود باب مكتبه فأذن الله بالدلوف، فعلت وتقدمت بخطوات خجله قائلة:-

  - حضرتك طلبتني يا عمو 

  اماء لها ببسمه مرتبكه وتقدم نحوها، يجذبها حيث الأريكة، هتف قائلًا وهو يحثها على الجلوس:-

  -ايوة يا جود كنت حابب اتكلم معاكِ في موضوع مهم،  اقعدي الأول  .. 

استجبت هي وجلست بجانبه، تنهد هو زافرًا وهتف قائلًا:-

  -جود الكلام اللي هقوله ليكِ دلوقت ياريت يكون سر بينا، ومحدش يعرفه غيري أنا وأنتِ وتيام، حتى آسر ما يعرفش عنه!... 

قطبت حجابيها بقلق وهي تومئ له برأسها، فتابع قائلًا:-

  - جود عايز أقولك أن التحاليل الاخيرة لآسر  كشفت مرضه بسرطان الدم وحياته بخطر، واذا ما أنقذنها هنخسره ويضيع مننا 

  رف القلق على محيها وتملكها الوجل وهي تطلق شهقة منصدمه من حديثه وعبراتها انسابت من مقآيها حزنًا ورفضًا لما يقوله...

حالته تلك أكدت لـ سليمان أنها تهتم لـ آسر وانها لن تعترض على مساعدتها له، لذا استطرد قائلًا:-

  -بس أنتِ الوحيدة اللي ممكن تنقذي حياته وتساعديه يخف...

رفعت وجهها نحوه قائلة من بين دموعها بنبره متهدجه:-

  - أنا!..

  أماء لها بتأكيد، فاستطردت قائلة:-

  - وأنا مستعده اعمل أي حاجه عشان هو يخف ويعيش، بس ازاي!..

  رنقها بنظرة سعيدة، مؤكدًا  لذاته انه احسن اختياره لها 

وأجابها قائلًا:-

  - انك تحملي بطفل منه يا جود...

  اتسعت عيناها بدهشه ورف الخجل على محياها من حديثه هذا،  بينما هو لم يدرك جهل جود وعدم استيعابها لحديثه وتابع قائلًا:-

  - هنلجأ للتلقيح الصناعي، وهنروح معمل كبير مشهور هنا وهو هيتم اللازم وتحملي بطفل آسر اللي هينقذ حياته..

انجلى على محياها التشتت وعدم الاستيعاب لثانيه، تابع قائلًا يضغط عليها قائلًا:-

  - موافقه يا جود تنقذي آسر، وتأكدي انك انتِ والطفل هو الأمر الوحيد ليه انه يعيش...

لوهله تخيلت حياتها دونه، فشعرت بالبرودة تجتاحها وأجتاح الألم والاستنكار قلبها، لذا اردفت قائلة دون تردد:-

  -أنا  هعمل اللي حضرتك عايزه مادام هينقذ آسر... 

أكلق زفره راحه وارتسمت بسمه على محياه،  وهو يجذب كفها الصغير بامتنان قائلًا:-

  - شكرًا يا بنتِ،  كنت واثق انك مش هتخذليني وهتنقذي آسر جوزك... 

  - أمأت له دون حديث، وصدمة مرضه واوشكها على خسارته ما تزال تأثر بها، فهي جربت الخسارة مره ولن تحتملها مره اخرى، ليتابع هو قائلًا:-

  - وزي ما اتفقنا آسر مش هيعرف عن خضوعك للتلقيح الصناعي وألا هيعاند ويرفض يا جود، ووقتها مش هنقدر ننقذه...

  هتفت سريعًا قائلة بعدما تذكرت حديث أسر أمس عن اخفاء الأمر مادام لن يضر ومن أجل اسعاد احدهم  ، وكأن حديثه قُدر له ان يخرج من فاهه بهذا الوقت، ليدركه عقلها الصغير، فـ أمئت له قائلة:-

  - أكيد مش هقوله يا أنكل مادام السر في مصلحته ومش هيضره...

رمقها بابتسامه قائلًا:-

  - تمام يا جود، انا هضطر أعرفه بمرضه عشان العلاج ومش هجيب سيرة التلقيح الصناعي ليكِ ودا هنبدء فيه عن قريب بأذن الله، بعد ما احدد ميعاد مع المركز وننفذ الجزء الخاص بآسر...

  امأت له وهي تقول:-

  - تمام يا أُنكل، انا جاهزة وقت ما حضرتك تحب..

  -نهض من على الأريكة وهو يقول:-

  - تمام روحي انتِ دلوقت عشان آسر ما يحس بغيابك ويشك وزي ما اتفقنا يا جود مش لازم آسر يعرف!.


استجابت له ونهضت من على الأريكة وغادرت مكتبه وهي تشعر بالألم من اجل أكتشفها مرض آسر وأنها قد تفقده، لكنها سوف تساعده مؤكدًا ان كانت تستطيع كما اخبرها والده، وتوجهت للحديقة شاعره بالاختناق....

🌺🌺روايه حدث بالخطأ🌺🌺                            بقلم  ♥ دينا العدوي  ♥ 

   ♥  البارت السادس ♥                                                                                        

"حامل بالخطأ"                          

سلسلة "حينما يتمرد القدر"                            

بقلمي "دينا العدوي"(ملاك)                          

البارت السادس                                                     

العشق قدر                            

قدر نافذ                            

يحاصر ويداهم                              

يتسلل بين الحنايا                             

فارضًا على القلب الوصاية                            

يجتاحه كأعصار يُثار                              

يشق طريقه حتى الأعماق                            

يصدع حصونه فينهار                             

ليكبله بالحب دون ان يختار                             

شعورًا هائج بالهزيمة، مصاحب للذة الانتصار                            

وما بين هذا وذاك، لزال القلب يحتار                             

فشغف العشق لعنه تلقى فتمنعك من الفرار                             

وتلزمك بالأذعن ولا يبيت لك أي قرار                             

وتلك هي الحكاية قدر رسم من البداية                             

لعشق يجتاح قلبك، يداوي جروح روحك                           

متخذًا منه وطنًا للنهاية..                          

ــــــــــــــــــــــــــــــ                            

القدر كلمه من خمسة أحرف، تبث الرعب بقلوبنا، دومًا نخشى المجهول الذي قُدر لنا، نتسأل ان كان القادم يتخلله السعادة، أم أن الحزن والألم سيكون مرافق لنا!، ولن نعلم وسنظل نحيي بخوف وترقب من القادم الذي كُتب علينا عيشه، ولا يمكننا تبديله، اقصى ما يمكننا فعله هو الابتهال والمنجاة لرب العالمين مرددين " اللهم إني لا أسألك رد القضاء ولكنِ أسألك اللطف فيه"....فالقدر نافذ وسيظل مجهول، مرعب لنا......                             

ـــــــــــــــــــــــــــــ                           

بغرفة مكتب والده يجلس أمامه على مقعده                            

بشرته شاحبه، نظراته فارغه، بدى مُحطم كليًا وصدى تلك الكلمات التي اخترقت مسمعه منذ لحظات يتردد بداخله، تهشم روحه وتشطر قلبه                             

"انت مصاب بالسرطان"                  

جملة من ثلاث كلمات لكنها بدت كـ طعنات غائره، صدمه ألجمته واهتاج وجيب قلبه وتقطعت أنفاسه حتى مرت لحظة، اثنان، ثلاث وعيناه تطالع والده بعتاب صامت                             

تبدد الى ثورة هائجة وهو يهتف متسائلًا وصدره يعلو ويهلك من فرط نبضات قلبه التي توشك على تهشيم عظام صدره:-                            

- أنت كنت عارف بمرضي دا من قبل جوازي ب جودي!.                            

لم يلقي جوابًا منه سوا الصمت الذي أكد له صحة جوابه وبلحظه كان دفع بيده كل ما يكمن على مكتب والده قائلا

- كنت عارف!، كنت عارف اني هموت ومع ذلك اصريت اني اتجوزها، عشان تدمر حياتها وتبقى أرملة بسنها دا 

ازاي عملت كده!، ازاي هانت عليك البريئة دي وازاي طوعك قلبك تعمل فيها كده!....

هنا وتبدد صمت سليمان وهتف قائلًا بصياح :-

- عشانك!، عشان أضمن حياتك، ربطك بيها ولسه هربطها بيك اكثر عشان تتعالج وتتمسك بالحياة، ومش ندمان يا آسر ولا هندم على اللي جاي لأني فهمك كويس وعارف إنك كنت هترفض تتعالج وتستسلم للموت أنه يخدك مني وانا لا يمكن اسمح اني أخسرك، وأعلم أن وجودها وسطينا مرتبط بوجودك وحياتك، إذا فقدتك هي مش هيكون ليها مكان هنا، أنت هتكون فرصة نجاتها زي ما هي هتكون فرصة نجاتك!، القرار ليك، هتقاوم وتتعالج علشانها، او تستسلم وتضيعها بعدك وكون متأكد من أني مش بقول كلام وخلاص يا آسر...

انتشر تأثير كلماته بالهواء، مثل حصاة ألقيت في مياه راكدة ، أهتاج لها غضب آسر وتغضنت ملامحه به وانصهرت شمس عيناه وبدت كـ بركان ثائر، وهو يطالعه باستنكار، حتى أن عروق وجهه وعنقه قد برزت من شدة غضبه، وهو يشعر بالآسر وكأن له نصيب من إسمه ليظل طيلة حياته أسير، عشرة سنوات من عمره قضاها أسير كرسيه المتحرك، لعنًا الحياة ورافضًا أياها والأن وقد بدأ يحبها ويرغب بها من أجلها، يداهمه المرض ويجتاحه...

ماذا يفعل ووالده يكبلهُ بها!، ويثق تمامًا أنه لا يهدد، بل كلامه نافذ، والأن هو بين شقي رحى، خياران لا ثالث لهما أما الموت وضياعها أو نجاة كليهما معًا...

ظلا غارقًا بأفكاره ونظرات عيناه لا تنزاح عن والده بتحدي سافر، تحدي لا يستطيع خوضه، ومع ذلك يرفض قلة حيلته وخضوعه المتكرر له فقط من أجلها، لا يدرك متى اجتاحته تلك البريئة وبات يشعر اتجاهها بالمسئولية، بات يخشى عليها كوالد يخشي على صغيرته من الأذى، يريد أن يطمئن قلبه عليها، يراقبها وهي تحبو وتخطو أولى خطواتها ويساندها حتى تنجح بالمضي قدمًا، لذا قراره قد حُسم ووالده يدرك هذا....

قطع سليمان ذاك الصمت والنظرات الواجمة بينهما قائلًا:-

- خلال أيام وهنبدأ العلاج، لكن قبل العلاج هنروح لمركز ال (.....) 

تبدلت نظراته وانفرجت عيناه وهتف قائلًا بتساؤل قلق-

- ليه هنروح هناك!...

ارتبك سليمان لوهله، ألا أنه أردف بثبات بكذبته الذي خطط لها للحصول على مبتغاه قائلًا:-

- عشان هيتم سحب منك عينات سائل منوي وهيتم تجميدها، لأن علاج السرطان ممكن يأثر على قدرتك على الانجاب بالمستقبل، فالطبيب اقترح عليا تجميد الحيوانات المنوية تحسبًا لأي ضرر غير متوقع، ولا انت عندك اعتراض ومش عايز تكون أب في يوم من الأيام..                           

كذب بمهارة يحسد عليها، بالطبع لن يخبره أن تلك العينات سوف تسحب حتى يتم تنقيحها ببويضات جود وزرعها برحمها فورًا حتى تحمل طفلهما، ذاك الطفل الذي سيقوم بأنقاذ والده من الموت المحاوط له..

اهتزت حدقتي آسر من كلمات والده وعدم قدرته على الأنجاب في المستقبل، هذا إذا تمكن بالنجاة من السرطان، وتسأل ان كان يرغب بالأنجاب أو لا!، ليداهمه فورًا ذاك الحلم الذي تمناه منذ سنوات عديدة، بيت دافئ وعائلة كبيرة تعوضه وحدته، كان يري ذاته بحديقة منزله الدافئ وحوله صغاره أبنتين وولدين يداعبهما ويلهو معهم، يراهم وهم يركضون حوله، لتخرج هي إليهم وتستدعيهم لتناول الطعام، ليفترشون ارض الحديقة ويبدئن بتناول الشطائر والعصائر التي اعدتها ويحثا الصغار على التناول حتى ينتهوا ويعودون للهو والركض، بينما هو يستلقى على قدميها وتداعب خصلاته بأناملها، يراقبا أطفالهما بسعادة ....

لتتبدد كل أحلامه وينشطر قلبه ويمسى عاجزًا، وتمر عليه سنون عجاف ولايزال ألي الأن قعيد لا يقوى على السير، أسير مقعدًا يعينه على الحركة ومهددً بالموت 

لكن ماذا إذا تمكن كليهما من النجاة ما أن تمكن من الانتصار على السرطان كما هو عازم من أجلها، ألا يريد طفلًا له، بل اطفال حينها، بالطبع يريد عائلة، عائلته الخاصة الذي حلم بها وإذا نجا سوف يسعى لتحقيق حلمه بها، لذا أماء له بصمت وحرك مقعده مغادرًا، إتجاه تلك البريئة التي ربُط مصير كليهما بالأخر والتي تقبع بالحديقة بانتظاره، مقررًا خوض المعركة من أجلها، وكذلك تأمين حياتها، أذا خسر في حربه الدؤوب مع المرض

**

ارتسمت بسمه حانيه ما أن رآها تزهو بين الزهور، وتضاهيهم جمالًا وهي تعتني بهم، لترتسم ابتسامه مماثله على محياها ما أن رأته وتقدمت بخطوات سريعة نحوه، تخبره بأنجازتها الأخيرة في الزراعة، وتثرثر عن رغبتها بان يسقيهم كليهما معًا ويراقبا نموهم سويًا حتى يمسوا أشجارًا كبيرة وقوية، كان يستمع الى ثرثرتها وحماسها الجاهل أنه ليس ألا ستار تتخفى وراءه من وجل فقدانه، وأمل تتشبث به لبقائه على قيد الحياة برفقتها، ليقرر هو الأخر العيش معاها ومن أجلها، سيحيا معًا حتى النهاية مهما كان مصيرهما، سيسعد ويسعدها معه، لذا وجد ذاته يجذبها لتجلس على قدمه ويرمقها ببسمه واسعه ونظرة عبث ورغبه باللهو معها تنجلي على ملامحه، مقررًا الاستمتاع سويًا بكل تلك اللحظات القادمة وكأنه سيموت بعدها، وبلحظه كان يدور بها بحلقات مستخدمًا كرسيه المتحرك وهي تتشبث به وتدوي صوت قهقهتاهم عاليًا، وزوجين من الأعين الحاقدة تراقبهما بكره وتوعد قريب بالقضاء على تلك السعادة والتخلص من كليهما، وهناك زوجين أخرين من الاعين تطلع بهم عبر نافذة مكتبه بابتسامه وابتهال بأن يشفى أبنه وينجو من مرضه، ويعيش كمثيله من العمر...

كان أحدهم يخطط ويتوعد والاخر يبتهل ويتمنى وهناك من قرر العيش مهما كان مصيره ولا احدًا منهم يدرك خفايا القدر لهم، ففي تلك اللحظة كانت تحط الطائرة التي تحمل بداخلها آدم ونيرة على الاراضي الهولندية، لتلفح كليهما نسمات هواء بارده قشعر لها بدنهما، ما أن طلوا من باب الطائرة، متوجهين ألي الفندق للراحة، فالغد سيذهبان للمركز للبدء بأول الخطوات اللازمة لجراحة طفل الانابيب كما قُرر من قبل وتحديد الموعد من قبل المركز المعني .              

***

بمصر كانت سناء بغرفتها جالسه على أحد الارائك، يعتريها الشعور بالبهجة، تتمنى نجاح تلك الجراحة وتتمكن أبنتها من حمل طفلًا منه، حتى تتمكن من السيطرة على هذه العائلة بعدها، فقط تتأكد من حمل ابنتها وحينها ستبدئ بمخططها للسيطرة على حقها وحق ولديها المسلوب كما تعتقد.....

***

ولجت الى غرفتها، وارتمت على فراشها تنتحب بقوة، وشعور بالقهر قد أجتاحها، قلبها يؤلمها وتكاد تموت مما تشعر به الأن، الدمع ينساب بغزارة من مقآيها، ورغبه بالصراخ تتملكها، تتسأل لما لم يشعر بها ويعشقها كما عشقه قلبها وأمتلئ به، ماذا ينقصها هي عنها حتى يعشقها هو وهي لا، حتى يكون معها كما لم يكن بجانبها قبلًا، راحه وسعادة تنجلي على محياه وابتسامه واسعه لم تراها إلا لمامًا، ابتسامه لم يخصها بها قبلًا؛ رغم سعيها لنيل عشقه...

كانت له بكل كيانها، تمنحه دون كلل أو ملل أو رغبة بمقابل، كانت ترضى بالقليل منه، وجوده الفاتر بقربها كان يكفيها رغم أنه يدميها من الداخل، إلا أنها ارتضت بقرب خالي من المشاعر اتجاهها رغم تأجج مشاعرها له، بماذا قصرت معه لتحصد منه الخيانة والوجع!..

لم تصدق حينما أتتها تلك الرسائل التي يخبرها مرسلها بخيانة زوجها لها، وأنه على علاقه بأخرى يقضي وقته معها وكان مرفق معها عنوان لمطعم ما، تخطتها وحذفتها ورفضت تصديقها، إلا أنها شعرت بتغيره معها بالأونه الاخيرة بات كثير الهروب منها، يخرج قبل استيقاظها ويعود بعدما يتأكد من غفوتها، واحمر الشفاه الذي وجدته على ياقة قميصه جعل الشكوك تتملكها لتقرر اليوم اتباع ذاك العنوان المرسل لمطعم ما... 

قادت السيارة بوجيب هائج وتمني بأن تكون خدعة وزوجها وحبيب عمرها لا يخون قلبها العاشق له، لتتحطم كل املها وينشطر قلبها ألي نصفين وهي تراه برفقتها، يتناولان الطعام وابتسامه واسعه تزين محياه، وتلك اللمعة بعيناه ويداها التي تلامست مع يده وعدم ممانعته لها، بل تغاضيه عن الامر وابقاءه لها لتنهار حينها وتغادر تجنبًا لرؤيته لها وهي غافلة عن ابتسامة الانتصار التي ارتسمت على محياه غريمتها، لتحقيق انتصارها وأخيرًا بعد عدة محاولات فاشله لم تستجب وتأتي حينما ترسل لها إحدى الرسائل كلما يلتقيا هي وهو بالخارج، وكل مره تنتظر مجيئها لكنها لا تأتي وتفشل مخططها، حتى المرة الماضية حينما تظاهرت بالتعثر وهي تودعه، لتطبع احمر شفاها على قميصه حتى تراها، ويبدو أنها نجحت ببث الشكوك بقلبها وانتصرت عليها هذه المرة وستحظى بظافر لها، ولن تخسر أمامها مجددًا.... 

بينما هي قادت سيارتها ألي المنزل وكادت أن تتعرض لأكثر من حادث من شدة انهيارها، لكن الله اراد نجاتها هي وصغيرها وحماها حتى تمكنت من الوصول، رغم العبرات التي اغشيت عينيها اثناء القيادة...                              

والآن ماذا ستفعل بعد ما رأته!، هل بمقدورها التخلي عنه!، وهل بمقدور قلبها أن يكف عن عشقه!، أنها تتألم ووهن قلبها أمام ما عاش لا يطاق، وهلة وصدح هاتفها بتنبيه لرسالة ما، جذبته لتجد ذات الرقم الذي ارسل لها الرسائل، قد أعاد ارسال اخرى على تطبيق الواتس آب، توقف الزمن حينها وهي تطلع لمحتوى تلك الرسالة، تقرأ كلماتها التي بدت كسياط من جمر ترجم قلبها ويدميها محتواه الذي كان:-

" لم يحبك ولن يحبك أبدًا، أنتِ كنتِ الصغيرة الذي جُبر على الزواج منها ونحر قلبه من أجل الزوج بها، أنه يحيي معكِ روح بلا جسد، انتِ تقتلينه بقربك وزواجك منه، انه لا يعشق الا انا وانتِ مجرد طفيله على حياتنا، علقه تسلب منه روحه حتى ذات يوم ستقتلع من فرط تعاسته معكِ، اعتقيه ويكفيكِ ايلامًا له وتعذيب لروحه "...

ليتوالى بعدها عدة صور تؤكد صحة تلك الرسالة، صور له مع ذات البنت التي رأتها برفقته، صور تم التقطها اثناء الجامعة، صور حميميه تصف مقدار ما كان بينهما..

الحزن اختلج قلبها وتهملج كـ حصانًا جامح في شريانها؛ حتى جرف أي أملًا بنيل عشقًا كان يومًا بقلبها، وجرف معه كل احلام ليالي شجيه قضتها تراه بها كأميرًا لها في سنون ربيعها الوردي، لقد انتزع منها روحها بقسوة، وقطف ازهار عشقه التي نمت بداخلها، كانت ترويها لتنمو وتشمله، والأن قد محي كل شيء وتبدد، حتى رغبتها بالحياة قد انتزعها، ليته رافضها قبلًا ولا منحها املًا زائف بعشقه، لتكتشف بعدها أنها تقتله بقربها وعشقها....

تمايلت دمعة قهر أخرى بعينيها، وكأن لا يكفيها ذرف دموع في سنون عشقه، والأن انتهى وقت الدموع فهي ليست أقصى مراحل الالم، بل الصمت السحيق الذي ستتبعه بعد الأن، لقد تملكها اليأس ولا من مقدرة للمحاربة، وهي تدرك انها خاسرة، وهي لن تحتمل شعور الأقلية وانها منبوذة منه، ممن عشقت وتتيمت، لذا آنت بألم وهي تدرك أن تلك لحظة النهاية، فأن كانت تمثل له التعاسة، فستنتزعها من حياته، لتعيد أليه ابتسامته التي سرقتها منه بقربها.. 

بخطوات يائسة، بائسه متمهلة نهضت من على الفراش اتجاه مرآتها، وبلحظه كانت هانت عليها روحها لتجذب زجاجه عطره وتلقيها بقوة على الأرضية الرخامية فتتحطم، لتنحني وتجذب شظيه راغبه بأنهاء حياتها التعيسة والقاتلة له، ستغادره هي وصغيرها، تلك النطفة بداخلها التي ستعد هي الأخرى أداة لنحره وجب وئده معها حتى تريحه وتقدم له سعادته 

*** 

في ذاك الوقت كان نادر وسيدرا يتناولان طعام الغداء في أحد المطاعم، ليتصادف هناك برؤية خطيب سيدرا السابق مما جعل نيران الغضب والغيرة تتأجج بقلبه وتنشب به، وجاهد للجم غضبه وغيرته لكنه لم يفلح خاصةٍ مع نظراته لها، وذاك الخوف بقلبه من أن تحن له، فهو من انتزاعها منه وسرقها لتكون له، كان كلاهما يعملان بالشركة معًا، فقد تعينت بها حديثًا ما ان توسط خطيبها من أجلها، ليوافق أدم عليها نظرًا لتفوقها العلمي، ليأتي هو ذات يوم للشركة بعدما ألح عليه آدم ووبخه لرفضه العمل بها، فقد كان يبغض المكاتب والأطقم الرسمية والابواب المغلقة، ويعشق الحرية، والانطلاق، والاهم كان عشقه الأوحد هو الملاكمة، لتقع عيناه عليها، وتسلب قلبه منه ويخضع لها، لتتكرر زيارته للشركة فقط من أجلها، وحينها بدء في محاولة التقرب منها، لتقابله بالصد والرفض وتعلمه بخطوبتها لأخر، لم يتقبل الرفض وأن تكون لغيره، وبدء كالمجذوب يطاردها، راغبًا بها وبنيل عشقها، عاقد العزم على جعلها له مهما صار ومن حسن حظه أن الأخر لم يعشقها بالقدر الكافي وتمالكه الشك اتجاهها، حينما وجده برفقتها أكثر من مره، أسفل بناية منزلها حيث كان ينتظرها، يعلن لها عن عشقه السافر، والشك حينما يتخلل أي علاقه ينهش بها ويدمرها، لتكون النهاية لصالحه، حينما أعلنا انفصالهما، ليكون لها بالمرصاد، منتهز تلك الفرصة لنيلها وقد نجح بعد معاناة في امتلاك قلبها، بعدما جاهد لتغير الكثير من طباعه التي تنفر منها، وكان بينهما اعتزاله عن عشقه الأول (الملاكمة) ليظفر بعشقها الذي بات شغفه ..                               

لذا لم يحتمل نظراته لها، وقد اوشك على أن ينقض عليه، لولا تدخلها وأجبارها له على المغادرة، بل وغضبها منه، والذي لا يدرك لما غضبت منه!، لما تبغض غيرته عليها!، أليس عليها أن تعتز بها وتسعد لها، لأن زوجها يعشقها ويغار، لما ليست كغيرها من النساء، انها ترهقه حقًا وهو يجاهد ليكون افضل من أجلها، لذا قاد سيارته عائدًا الى المنزل والصمت الغاضب سائد بينهما، ذاك الصمت والغضب الذي ينفرهما منها ولا يحتملهما، لذا جاهد لكِ ينتزعهما منها وبدء بتشغيل أحدى الاغنيات لاسترضائها، مما جعلها تكبح ابتسامه ملحه من الارتسام على محياها من أفعاله المراهقه التي تتنافى مع شخصيتها ولكنها باتت تعشقها وتعشقه رغم اختلافهما فهما كالماء والنار، متناقضة شخصيتهما تمامًا ومع ذلك العشق قد تأجج بقلبيهما....

**** 

في لحظة يأس تملكها الوهن وسيطر الشيطان عليها ليضاعف من شعورها باللوعة، الألم، والنبذ، كادت أن تشق معصمها، ليتم فتح باب الغرفة فجأه وكان هو، ليعود إليها وعيها وانتفضت حينها ملقيه الشظية بصدمه وتيهه وقد جرحتها جرح صغير...

انتبه هو لذاك الزجاج المهشم ومعصمها الذي نزف، هرع نحوها بوجل اعتراه من رؤية دمائها، ليجذب معصمها المجروح وهو يهدر قائلًا بنبرة تتغضن بالخوف:-

ـازاي أذيتِ نفسك كده يا ميار!،

ارتبكت وهتفت قائلًة بتلعثم:-

-وقع مني وتجرحت غصب عني 

تطلع بالجرح بتفقد قلق، حتى زفر بارتياح ما لعدم عمقه وهتف قائلًا:-

-الجرح دا لو اتعمق أكثر كانت هتكون مصيبه، الحمد لله إنك بخير يا حبيبتي... 

قال ما قال وهو يتحرك مسرعًا يجلب عدة الاسعاف ويجلسها على طرف الفراش ويبدأ بمداوة جرحها غافل عن نظراتها المعاتبة وجراح قلبها النازفة، وحالة التيه التي تعيشها... 

وهي الأخرى في دوامتها كانت غافله عن تلك اللمعة الجديدة بعينيه ونبرة صوته الناعمة، حتى انتهى ورفع رأسه نحوها، ليري العبرات تنساب من عينيها، ليضمها اليه ظنًا منه انها تتألم لجرحها، ولا يدرك أن ذاك الجرح الصغير لا يقارن بالصدع الذي أحدثه بقلبها، ربت علي ظهرها مهدئًا لها قائلًا بمشاعر صادقه تطفو للعلن لأول مره:-

عارف أنه وجعك يا قلب ظافر، معلشي حقك عليا أنا.. 

لم يكن يعتذر عن هذا الجرح، بل كان يعتذر عن كل ما فات، عن ذاك الفتور والغباء الذي عانت منه معه، حينما خُيل له أنه لم يعشقها، وقلبه كان متيم، غارق بها.. 

لكن غضبه ورفضه كان لأجبار جده عليها، ووالدته التي كانت تدفعه للزواج بها من أجل المال والمكانة، ليعتريه النفور والاشمئزاز من كل ما حوله ورغب بالهرب منهم ومن زيفهم ومؤامراتهم، لتتوجه تلك المشاعر النافرة بخطأ اتجاهها هي وعشقه توارى خلفها، عشقه الذي لم يدرك أنه أنبلج بداخله ما أن أنصت لاعترافها بعشقها له، هذا ما تأكد منه طيلة الأيام السابقة، بعد كل لقاء بـ نادين وبعد هذا السؤال الذي أعاد اقتحام رأسه أن كان سعيدًا أما لا!، ليكتشف أنه من كان يكبح سعادته وعشقه من الطفو للعلن، وأنه كان يسمح للوهم بالتسلل واستحواذ عقله.                                           

ليقرر ان ذاك اللقاء هو الأخير بينهما، معترفًا لها بعشقه لزوجته، وأنه يتمنى لها الخير والسعادة، لتبتسم له برقه متقبله حديثه وأناملها تعانق كفيه بتمني للسعادة زائف، حينما لمحت غريمتها قد وقعت بفخها وأخيرًا وجاءت، ليبادلها ببسمه ولمعه لأدراكه وأخيرًا لعشقه الكامن لزوجته، المتواري بأعماق قلبه، غافل تمامًا عن مكر الأنثى التي امامه وخديعتها له... 

وبمشاعر ثائره، متمردة، تمكنت منه واخيرًا بعد سنون عجاف من الكبت، وجد ذاته يرغب بوصال روحًا بها وليس وصال جسد، لذا برقه جذب وجهها الغارق بالدموع ورفعه حتي يتبين له اكثر، بعدما دثرته بصدره، تضاعف من انتحابها، وبرقه وعشق بدء يطبع قبله رقيقه على كلتا جفنيها، انحدرت ألي وجنتيها مزيل بشفتيه دموعها التي انسابت حزنًا منه دون علمه، وكأن شفتيه إرادة ملاطفتها والاعتذار دون عتاب، حتى تعانقت مع شفتيها بعتاب عنيف، راغب بنيل غفرانًا، غفران مُلح لذنب يدميه أنين، كان يجتاحها بعشق وليس رغبه جسد لأول مره منذ زواجهما، يتدارك مشاعره لها، ويترك لها العنان، هامسًا بكلمات عشق صادقه اختلجت وجدانها، وجعلت منها تنصهر بين يديه وهي تتوعد بأن تكون تلك اللحظة هي لحظة ضعفها الأخيرة بين يديه، تؤكد لذاتها أن هذا اللقاء ليس إلا وداعًا..... وداعًا يستحق كليهما أن يحظيا به، وداعًا آخير ولقاءً أخير ستمنحه به كما لم تمنحه قبلًا، ستغدقه بعنفوان مشاعرها ونيران عشقها وآلام روحها، لتكون ليلتهم الأخيرة عالقة بمخيلته لا تنسى..

بينما هو كان ينهال من شهد عشقها بلذة قد حرم ذاته منها قبلًا بأفكاره العقيمة، كان قلبه يتأجج عشقًا لها، عشق سيتلظى بها من بعد الأن كما تلظت وعانت منه قبلًا، وبعدما كانت من تسعى لنيل قربًا ووصالًا، سيسعى هو لنيل نظرة ولقاء، فقد بدء عهد حواء وانتقامها..

****

صباح يوم جديد كانت شمس متواريه خلف غيوم متلبده، طقسه مائل للبرودة، وعاصفه هوائية تتخلله، لم تمنع كلًا من أدم ونيرة من الذهاب ألي المركز الطبي لمعاينة نيرة قبل الجراحة، لذا تركا الفندق وتحرك آدم بالسيارة نحو المركز الذي طلب تأجيرها لتبقى بحوزته طيلة مكوثه هنا وتسهل من حركته، في ذات الوقت الذي تحرك تيام بـ جودي اتجاه المركز للمعاينة هي الاخرى، بعدما استغل هو والده فرصة ذهابه اليوم عند طبيب الاورام برفقة والده، اوقف تيام السيارة في الجهة المقابلة من المركز الطبي، وطلب من جود الترجل وانتظاره على اعتابه ريثما يقوم بركن سيارته، أماءت له جود وتحركت، في ذات الوقت الذي كان آدم قد انهى ركن سيارته والتحرك اتجاه المركز الذي سبقته نيرة ألي داخله.. 

كانت جود تقطع الطريق المروي الفاصل بين السيارة والمركز ولم تنتبه لتلك السيارة المسرعة التي كادت ان تصطدم بها، لولا اليد الغليظة التي جذبتها بعيدًا عنها، لتصطدم بعضلات صدره الصلبة بدلًا من السيارة، بعدما اطلقت شهقة مصدمه تزامنًا مع حديثه باللغة الإنجليزية قائلًا:-

هل انتِ بخير انستي!.

كان جسدها يرتجف رعبًا ولم تتمكن حتى من الابتعاد عنه، بل كانت تلتصق به كجرو مرتعب فبدت وكأنها تكمن بأحضانه، ويا لغرابة الامر هو الآخر لم يبعدها ولم ينفرها، بل تفهم ارتعدت جسدها وصدمتنا، فقد كانت على مشارف الموت قبل لحظات لولا أنقاذه لها، لتصبح مدينه له بحياتها، أو لينقذ هو حياته وسعادته القادمة من الضياع، وقبل أن يبتعدا ويتراءى له وجهها، كان تيم قد آتى مسرعًا وجذب جودي من أحضان ذاك الغريب، ألي أحضانه هو، لتنهار وتبكي حينها، فيربت على ظهرها، يخبرها انها بخير وأنه الان هنا ويعتذر لها عن تركه لها تعبر الطريق وحدها، وبداخله كاد قلبه ان يتوقف ارتعبًا مما حدث، فماذا كان سيحل لو أصابها مكروه، للحق اخيه بها وخسر كليهما لذا رفع رأسه بامتنان قائلًا بالإنجليزية:-

شكرًا جزيلًا لك سيدي لأنقاذها، لا تدرك ملذا كان يصيبنا أذا أصابها مكروه...

ابتسم له أدم بمجامله قائلًا:-لا داعي للشكر، فما حدث كان من واجبي، فقد اعتني بها!.. قال ما قال معتقدًا انه حبيبته أو زوجته، لا يدرك فهما بمدينه غريبه معتقداتهم مختلفة، ليومئ له تيام قائلًا:-

سأفعل سأهتم بها...

ليتحرك آدم مبتعدًا ولم يتثنى له رؤية وجهها بعد، فلم يحن اللقاء....

بينما ظلا كلًا من جودي وتيام موضعهم بعض الوقت قد هدأ كليهما وتحرك اتجاه المركز، لتخضع كلًا من نيرة وجودي للمعاينة ويتم اعطاءهما بعض العقاقير المنشطة والمحفزة للمبيضين وتحديد موعد الجراحة خلال يومين, لينتهي كلًا منهما ويغادرا الى إتجاهًا مختلفًا، ليبدو الأمر وكأن دروبهما لن تنقطع يومًا.... 


تكملة الرواية من هنا

     

تعليقات

التنقل السريع
    close